الحصن المرصود

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 60

‫الحصن المرصود‬

‫الملخص ‪:‬‬
‫الخوف ليس عاطفة ول ردة فعل عابرة ‪.‬‬
‫اناه شعور عميق متجذر في النفس البشرية منذ لحظة وجود الناسان على الرض‬
‫ومواجهته اخطارها الكثيرة ‪.‬‬
‫الخوف من الماضي ‪ ,‬الخوف من الفضيحة ‪ ,‬الخوف من الهواجس ‪ ,‬الخوف من الفشل ‪.‬‬
‫لكل خوف ظروفه وحكايته ‪ ,,‬وانادريا التي شاءت ان ترحم ابنة عمها الطائشة‬
‫فحلت محلها في اغرب صفقة ‪ ,‬وجدت نافسها ترتجف كورقة في مهب الريح‬
‫وسط حصن يكاد ينهار في منطقة اوفيرن الفرناسية هناك واجهت بليز صاحب الحصن‬
‫حيث تختبئ اسطورة مرعبة يكاد الزمن يكررها ‪ ..‬لول سقوط الثلج لتمكنت انادريا من الفرار‪,‬‬
‫لكن الى اين‬
‫وقلبها بات اسيرا في الحصن المرصود ‪.‬‬

‫‪ -1‬التفتيش عن حل‬

‫) أرجوك يا اندريا يجب ان تساعديني ‪،‬فليس لي سواك(‪.‬‬


‫) انا ل اعرف شيئا عما تتكلمين ‪ ،‬ول اريد أن اعرف ‪ .‬فنحن لم نعد اطفال ‪ ،‬ربما كان بامكاني انقاذك في‬
‫الماضي من مشاكلك مع تاني والخأت بتيديكت غير انك الن فتاة ناضجة وعليك ان تتدبري امورك بنفسك (‬
‫) ل تقسي علي يا آندي(‬
‫قالت كلير بانكساار ‪.‬‬
‫) حان الوقت لكي يقسو عليك احد ‪ ،‬افسدك عمي ماكس من فرط التدليل وانت تدركين هذا (‬
‫امتلت عينا كلير الكبيرتان بالدموع واحنت رأسها وتمتمت ‪:‬‬
‫) أعلم هذا ‪ ،‬ولكنك أملي الوحيد وعليك أن تساعديني (‬
‫) هراء (‬
‫صرخأت اندريا بصوت ارداته معبرا وتابعت ‪:‬‬
‫) ومهما يكن من أمر ‪ ،‬نصيحتي اليك ان تذهبي الى بيتر وتخأبرية بالمر ‪.‬‬
‫فأنت ستزفين اليه بعد ستة اسابيع ولن يمكنك اخأفاء اي شي عنه عندئذ (‬
‫انقطع صوت اندريا فجأة عندما رأت كلير تغطي وجهها بيديها وتجهش بالبكاء واجتاحها شعور بالقلق وقامت‬
‫عن مقعدها واتجهت الى المقعد حيث تجلس كلير واحاطتها بذراعيها وقالت ‪:‬‬
‫) ليس المر بهذا السوء ياعزيزتي (‬
‫) بل انه كذلك ‪ ،‬انا في ورطه رهيبه ! وقد ل يكون هناك زواج وهذا سيجعل ابي فريسة للمرض مره اخأرى ‪.‬‬
‫انا متأكدة من ذلك (‬
‫) يحسن ان تخأبريني بالمر اذن (‬
‫كانت كلير بجمال باهر تصعب مقاومته كما كانت على اقتناع تام من ان بيتر وحده قادر على اساعدها ‪ .‬وكان‬
‫هذا هو المهم في نظر اندليا ولو انها على يقين من ان بيتر ما تقدم طالبا الزواج من كلير لو لم تكن ابنة‬
‫ماكسويل ويستون بالذات ‪.‬‬
‫) حسنا ‪ .‬ماذا يجري اذن (‬
‫فتنهدت كلير من اعماقها وهي تقول ‪:‬‬
‫) هناك شخأص اخأر (‬
‫لم تصدق اندريا اذنيها واذ كانت من اخألص كلير لبيتر برغم ما عرفته عن نزواتها الكثيره ومغامرتها التي ل‬
‫تحصى ‪.‬‬
‫) هل اعرفه (‬
‫) كل انه فرنسي (‬
‫) احسب انك التقيته عندما كنت عند مارتين في باريس (‬
‫قالت اندريا وهي تحاول عبثا ان تسترجع في ذاكرتها ماكانت تذكرة لها كلير في رسائلها القليلة ثم تابعت ‪:‬‬
‫) انه ليس جاك ياكلير ‪ ،‬ام انه جاك ( ؟‬
‫سارعت كلير تنفي هذا ثم قالت وفي صوتها وعينيها امتعاض شديد ‪:‬‬
‫) غير انه السبب في كل ما حصل ‪ .‬لو لم أكن ماخأوذة به آنذاك ماكنت‬
‫لتورط مع هذا اللوفالييه (‬
‫) اسمه لوفالييه اذن وكيف التقيت به ( ؟‬
‫) لم التقه بعد (‬
‫اجابتها كلير ورمتها بنظره شفافه جعلتها تغمض عينيها وتطلب من ا ان يهبها نعمة الصبر ثم قالت ‪:‬‬
‫) ل يعقل ان يقع النسان في حب شخأص ل يعرفه (‬
‫) انا ل احبه قلت لك اني لم اره ابدا ‪ .‬ولكن عندما تخألى عني جاك من اجل هذة اللعينه جاني ‪ ،‬شعرت برغبه‬
‫في الموت ولم يبق لي شي معنى وعندما عرض على لوفالييه الزواج ‪ ،‬خأيل لي ان ا ارسل لي من يصوت‬
‫كبريائي ويحفظ كرامتي ( ‪.‬‬
‫) وكيف يعرض عليك الزواج شخأص غريب ل تعرفينه ( ؟‬
‫) ليس هذا ما حصل بالضبط تراسلنا قبل ذلك ‪ .‬انه احد اقرباء مارتين ‪ ،‬ولكن عائلتها ل تتحدث عنه كثيرا‬
‫ويعتبرونه كالخأروف الضال ‪ ،‬كان يقيم في مكان ما في الخأارج وعندما ورث هذا القصر في اوفيرن عاد‬
‫واتصل بعائلة مارتين حامل غصن الزيتون على ما اعتد ‪ .‬لكنهم تجاهلوا بادرته ‪ .‬وعندما لم يجبه احد قررنا‬
‫انا ومارتين ان نبعث له برسالة على سبيل المزاح ‪ .‬ولكنه لم يتأخأر في الجابه‬
‫اذ وصلت رسالته في البريد التالي ‪ .‬كانت رسالة لطيفة ولكن بدا واضحا انه وجد المر مسليا وكـأنه ادرك ما‬
‫كنا نرمي اليه ‪ .‬ولكن مارتين لم تعد تجسر على متابعة المراسلة فتوقفت عن الكتابة خأوفا من ان تكتشف‬
‫عائلتها هذا المر وتحرمها من العطلة الرياضية التي كانت موعودة بها ‪ .‬فكتبت الرسالة الثانية بنفسي‬
‫وارسلتها له ‪ .‬وهكذا ابتدانا نتبادل الرسائل واخأبرته امور كثيرة حتى انني اخأبرته عن جاك وشعرت براحة‬
‫كبرى بعد ان افضيت له بما في نفسي‬
‫وكان هذا سهل لنني لم اكن اعرفه ولم اشعر باي حرج ‪ ..‬بعد هذا عرض على الزواج (‬
‫) لكن لماذا ؟ هل ذكر لك سببا ؟ ام اشفق عليك ؟ (‬
‫سألتها اندريا ميتفسرة ‪:‬‬
‫) اجابت كلير ببرود ‪:‬‬
‫) كل ‪ ،‬ولقد اوضح هذا المر جيدا وجاء عرضه اقرب الى عرض عمل ‪ .‬قال انه كان بحاجه الى زوجه وذلك‬
‫لتسوية قضية قانونية ‪ .‬لم يذكر‬
‫نوع القضية ولكنه قال ان بوسع احدنا ان يساعد الخأر فهو بحاجه الى زوجة وانا بحاجه الى من ينتشلني‬
‫من حالة اليأس والضياع التى كنت اتخأبط فيها ولقد ألمح بأنني انا التى اوحت له بهذا التدبير (‬
‫) كانت عليك ان تضعي حدا لهذه القضية بطريقة ما (‬
‫خأيم صمت ثقيل قطعت كلير بقولها ‪:‬‬
‫) لقد قبلت عرضه !(‬
‫ولم تسمح لعينيها ان تلتقيا عيني اندريا الكستنائيتين ‪.‬‬
‫) ماذا فعلت يا كلير ؟(‬
‫) ل تنظري الي هكذا ‪ .‬قلت لك انني كنت في حالة يأس كان هذا الحل الوحيد امامي ‪ .‬وكيف اثبت لجاك بأنني‬
‫لم اعد اكترث لمره (‬
‫وبعد صمت قصير تابعت ‪:‬‬
‫) انها الحقيقة ‪ .‬ليتني فقط ادركتها آنذاك (‬
‫) هذا جنون (‬
‫) شعرت بطمأنينة غريبه بعد ذلك وكنت بالفعل عازمه على المضي في هذا المر الى النهاية وبدا ان زواج‬
‫العقل هو افضل زواج ‪ .‬ثم ارسل لي بعض الوراق لوقعا وبعض المال ايضا لشراء جهاز العرس ‪ .‬لم اكن قد‬
‫اخأبرته اي شي عن والدي وظن انني كنت اقيم مع عائلة مارتين على ما اعتقد (‬
‫) وماذا فعلت بالمال ؟ (‬
‫سألتها اندريا وهي تحاول ان تستوعب القصة ‪.‬‬
‫) لم انفقه بالطبع ‪ ... .‬أعترف انني كنت على وشك انفاقه لول النوبة القلبية التي اصابت والدي في ذاك‬
‫الوقت ‪ .‬وعندما ارسلت والدتي في طلبي نسيت كل شيء اخأر (‬
‫قامت كلير عن مقعدها واتجهت الى مكتب صغير من طراز ويجنسي كان في زاوية الغرفة ودلت اليه بيدها‬
‫وقالت ‪:‬‬
‫) المال كله هنا ‪ .‬يمكنك ان تعديه اذا شئت (‬
‫) ل داعي لذلك دعينا من المال الن واخأبريني باقي القصة ‪ .‬لبد هناك المزيد )‬
‫) ولكنك تعرفين القصة ‪ .‬التقيت بيتر بعد ذلك وفي الحال وقع احدنا في غرام الخأر وتبخأر بليز من راسي‬
‫تماما ولم يعد يخأطر في بالي ال كحلم مزعج (‬
‫) ومتى افقت من هذا الحلم (‬
‫سألتها اندريا بتهكم ‪.‬‬
‫تناولت حقيبة يدها البيضاء واخأرجت منها رزمة من الوراق والرسائل وقالت ‪:‬‬
‫) عندما وصلتني هذة ! وصلني الظرف الول بواسطة مارتين ‪ .‬كان يحتوي على جميع التفاصيل المتعلقة‬
‫بالزواج ‪ .‬لم اجبه بالطبع واعتقدت بان عدم اجابتي ستجعله يتخألى عن المر ظنا منه بان الرساله لم‬
‫تصلني (‬
‫) وهذا مالم يحصل بالطبع (‬
‫) كل وصلتني الرسالة الثانية فورا وليس بواسطة مارتين ‪ .‬ولبد انه قام ببعض التحريات واكتشف عنواني‬
‫بطريقة ما ‪ .‬كان في الرسالة مبلغ من لمال قال انه ثمن تذكرة سفر وطلب مني ان اخأبره موعد صولي الى‬
‫باريس لكي يقوم ببعض الترتيبات لستقبالي ويرسل سيارة تنقلني الى سان جان دي روش حيث يوجد قصرة‬
‫‪.‬‬
‫كان علي بالطبع ان اجيبه ‪ .‬ادعيت المرض ومرت عدة اسابيع بدون ان اتلقى منه اي شيء وراودني امل‬
‫بانه تخألى عن الفكره وكنت في ذلك الوقت قد اعلنت خأطوبتي الى بيتر وكان كل شي رائعا ‪ .‬كان لم يدم هذا‬
‫النعيم طويل اذ وصلتني رسالة اخأرى ‪ .‬كانت مخأتلفه عن رسائلة السابقه ‪.‬‬
‫كانت بغيضة ‪ .‬ذكر فيها انه وثق بأني تماثلت الى الشفاء وان الزواج يجب ان يعقد في اقرب وقت (‬
‫احنت كلر رأسها قليل وتنهد قبل ان تتابع ‪:‬‬
‫) لم يكن بوسعي ان اتجاهل تلك الرسالة ‪ .‬كان على ان اجيب فكتبت اقول له بأنني غيرت رأيي وانني لم اعد‬
‫راغبه في الزواج منه (‬
‫) هل اتيت على ذكر بيتر ؟(‬
‫) كل ‪ ،‬لم اخأبره لحس الحظ (‬
‫قالت ذلك وتجهمت ملمحها واخأذت من بين الرسائل واحدة ناولتها لندريا وهي تقول ‪:‬‬
‫) لنني تلقيت هذة منه ‪ .‬لبد انه ارسلها حالما استلم رسالتي (‬
‫فتحت اندريا الرسالة وراحت تقرأ‪:‬‬
‫) يؤسفني يا انسه هذا التراجع المفاجئ في موقفك وعدم ؤغبتك في تنفيذ العقد الذي بيننا ‪ .‬وعلي ان اخأبرك‬
‫الن بانه لم يعد بامكاني التراجع واراني مضطرا لتخأاذ الجراءات القانونية ضدك لنك نكثت بالوعد ولم‬
‫تنفذي التفاق الذي بيننا ‪ .‬وارى من المناسب تذكيرك بان بين يدي وثيقة تحمل توقيعك وتظهر موافقتك (‬
‫كانت الرسالة مطبوعه على اللة الكاتبة والتوقيع واضحا‪.‬‬
‫طوت اندريا الرسالة وهي تشعر بانقباض شديد وبعد تفكير قالت ‪:‬‬
‫) اعتقد انه يعني ما يقول (‬
‫وتوقفت عن الكلم عندما رأت النظره المتألمة في عيني ابنة عمها لكنها عادت وسألتها ‪:‬‬
‫) وهل يستطيع ان يقاضيك لمجرد النكوث بوعد ؟(‬
‫) ل ادري ‪ ،‬لكنه بالتأكيد قادر على اثارة فضيحة كبرى حتى لو لم يكن في نيته ان يرفع المر الى القضاء ‪.‬‬
‫وانت تعلمين ان اصحاب الصحف لن يترددوا في نشر مثل هذة الخأبار خأاصة لنها تتعلق بوالدي ‪ .‬ول يجوز‬
‫يا اندي ان اعرض ابي لمثل هذا المر ‪ .‬اذا تسرب اي شي من هذا للصحف فان ابي سيصاب بنوبة قلبية‬
‫اخأرى تكون القاضية هذة المره ‪ .‬ولطالما حذرنا الطبيب بوجوب تجنبه النفعال والغضب (‬
‫وما ان انهت كلير كلمها هذا حتى انفجرت ببكاء مرير تقطر له قلب اندريا التى راحت تهون عليها المر‬
‫وتواسيها ‪.‬‬
‫) هل ستساعديني يا اندي ؟(‬
‫) ل ادري ماذا بامكاني فعله ‪ .‬ولكنني لن اضن عليك بالمساعدة (‬
‫) يجب قبل كل شي ان نستعيد الرسالة التى تقول له فيها انني موافقه على الزواج منه (‬
‫قالت كلير وهي تستوى في مقعدها ويعود اليها تفاؤلها ثم اضافت ‪:‬‬
‫) وهذا العقد ! كيف وقعته ؟ لبد انني لم اكن وقتها في كامل قواي العقليه (‬
‫) بالتأكيد (‬
‫اجابتها اندريا بنبرة جافة واضافت ‪:‬‬
‫) وما عساك ان تفعلي ؟ هل ستطلبين اليه ان يعيد اليك رسائلك لتتحققي اذا كان بالفعل تشكل رابطا قانونيا ‪.‬‬
‫اؤكد لك انه لن يتقبل هذا (‬
‫) لن يتقبل هذا بالطبع لذلك يجب ان تذهبي بنفسك الى سان جان دي روش وتسرقينها منه ‪ .‬لبد انه يحتفظ‬
‫بها في مكان ما في قصره (‬
‫فغرت اندريا فمها مصعوقه وصرخأت ‪:‬‬
‫) لقد جننت ‪ .‬لن اذهب (‬
‫) ولكنه الحل الوحيد ‪ .‬هل تريدينني ان اذهب بنفسي ؟ قد يرغمني عندئذ على اي شي (‬
‫) ولكنه بالتأكيد سيفرش الرض بالسجاد ل ستقبالي انا ! (‬
‫اجابتها اندريا بتهكم ‪.‬‬
‫) ربما فعل هذا اذا اعتقد انك انا (‬
‫قالت كلير ‪:‬‬
‫) انك فعل مجنونه (‬
‫قالت اندريا واضافت بعد تفكير ‪:‬‬
‫) وهل تظنين بانني سأهرع الى فرنسا لمجرد سرقة بعض الرسائل من شخأص انت فرشت دربه بالورود‬
‫وقطعت له الوعود الكاذبة ؟‬
‫انت ذاتك تقولين بانك اذا ذهبت الى هناك قد يرغمك على اي شيء ‪ .‬وماذا عني انا ؟‬
‫الن يرغمني انا على اشياء ظنا منه انني انت ؟(‬
‫) كل ‪ .‬كل ( !‬
‫اجابتها كلير مهدئه وكأنها تطلعها على تفاصيل خأطة موضوعه ‪:‬‬
‫) اذا حصل هذا فما عليك ال ان تطلعيه على الحقيقة وتقولي له من انت (‬
‫حملقت اندريا في وجهها مشدوهه ثم قالت ‪:‬‬
‫) لقد وضعت الخأطة بحذافيرها (‬
‫) بالفعل استحوذت هذة القضية على كل تفكيري ولم اكن لفكر بشيء سواها ‪ .‬وفي اي حال لن يمكنني‬
‫الذهاب بنفسي ‪ .‬كيف سأبرر غيابي لبيتر ؟‬
‫اصبح زواجنا وشيكا وعلي ان اقوم ببعض التحضيرات ‪ .‬لم تعد القضية تتحمل اي تأخأير فقد يحضر هذا‬
‫اللوفالييه الى لندن وعندما سيعلم الجميع‬
‫ويقع ما كنا نخأشاه‬
‫انهت كلير كلمها وهي ترتجف وكمن امرا كان غائبا هن ذهنة وادارت الى اندريا عينين متوسلتين وقالت ‪:‬‬
‫) سوف يتخأل عني بيتر ان هو عرف بالمر ‪ .‬وسوف تشجعه امه على تركي فهي تكرهني ‪ .‬آه يا أندي سوف‬
‫انتحر ان انا خأسرت بيتر (‬
‫نظرت اليها اندريا ببرود وقالت ‪:‬‬
‫) بدل ان تنتحري يمكنك عندئذ ان تتزوجي من هذا اللوفالييه ‪ .‬الم تراودك فكرة الزواج منه في الماضي (‬
‫) ظننتك ستقدرين موقفي لكنك دون قلب !(‬
‫) انا اقدر وضعك لكن المر ليس بهذة البساطة ‪ .‬فأنت تطلبين مني اقتراف جريمة ‪ .‬السرقة جريمة يا‬
‫عزيزتي (‬
‫) ولكن هذة الرسائل تخأصني انا ‪ .‬انها لي كيف يكون استرجاع شيء يخأصني سرقة ؟(‬
‫) حبذا لو كان المر كذلك بنظر القانون (‬
‫لوحت كلير بيدها وكأن جميع النظمة والقوانين في بريطانيا وفي فرنسا يجب ان تخأضع لمنطقها هي وقالت‬
‫باصرار ‪:‬‬
‫) انا كتبت هذة الرسائل وانا ابغي استرجاعها ‪ .‬وانت وحدك تستطيعين ان تقومي بهذا العمل (‬
‫) وكيف بال عليك توصلت الى هذة النتيجة ؟ ‪ .‬وهل في العائلة نزعة كامنة الى الجريم لم تظهر حتى الن ؟(‬
‫) كل ‪ .‬كل ولكنك يااندريا خأبيرة في حقل العلقات العامة ولك دراية في معاملة الشخأاص ذوي المراس‬
‫الصعب وسمعتك تقولين لوالدتي السبوع الفائت بانك لك الحق في عطلة (‬
‫قالت هذا وهي تتفرس في وجه ابنة عمها ولما وجدت ان ملمحها ظلت جامدة ل تلين تابعت تقول ‪:‬‬
‫) افعلي هذا من اجل ان لم يكن من اجلي انا ‪ .‬انت تعلمين انه يعتبرك كابنته تماما (‬
‫قاطعتها اندريا والحمرار يكسو وجهها ‪:‬‬
‫) ل انسى ابدا فضل والدك على مصاريف دراستي ‪ .‬لم يكن عليك ان تذكريني بذلك ولكن البتزاز على ما يبدو‬
‫مرض ينتقل بالعدوى (‬
‫ونهضت اندريا من مكانها وتناولت معطفها وحقيبة يدها وهمت بالنصراف ‪:‬‬
‫) لقد اغضبتك (‬
‫قالت لها كلير ثم اضافت معتذرة ‪:‬‬
‫) لم يكن ذلك قصدي ولكنني قلقة جداا يا اندي (‬
‫) اعلم ذلك ل بد ان تجد حل ‪ .‬واعدك بأن اعمل ما بوسعي (‬
‫) هناك حل ‪ ،‬بوسعي ان اطلب اليه الذهاب الى الجحيم ‪ .‬ولكن تصوري يا اندي ما سيحصل ‪ .‬لن يتردد في‬
‫اقامة الدعوى امام المحاكم وسيصل هذا الخأبر الى الصحف وهذا سوف يدمر ابي وهو الحريص على ابقاء‬
‫حياتنا الخأاصة بعيدة‬
‫عن الفضوليين (‬
‫وازدادت علينا اتساعا عندما خأطرت لها فكرة لم تكن في حسابها وصرخأت ‪:‬‬
‫) حتى جاك سيصيبه بعض الرذاذ اذا ما اخأتار هذا اللوفالييه ان ينشر رسائلي على المل (‬
‫كانت اندريا مضطربه وهي تهبط الدرج المؤدي الى قاعة الستقبال في الطابق السفلي ‪ .‬ولقد صفعتها الحقيقة‬
‫في كلم كلير ‪ .‬كان والدها قد توفي وهي في سن صغير ومالبثت امها ان تبعته فاحتضنتها عمها‬
‫وجعل من منزله منزل لها لم تعرف سواه منذ وفاة والديها‬
‫وكان عنها ماكس وزوجته ماريان بمثابة الب والم لها ولم يدعاها تحتاج الى شيء‬
‫وقفت اندريا عند اسفل الدرج وراحت تفتش في حقيبتها عن مفاتيح سيارتها ‪ .‬وراحت الفكار تدور في‬
‫رأسها‬
‫كانت في لندن عندما اصابت عمها النوبة الولى وكانت قريبه منه ومن زوجته التى لزمته طوال فترة مرضه‬
‫ولذلك تدرك خأطورة وضعه الصحي‬
‫اكثر من كلير ولطالما سمعت الطباء ينصحونه بالبتعاد عن كل ما من شأنه ان يعكر صفاءه‬
‫وجدت مفاتيحها وراحت تنقلها من يد الى اخأرى بصورة آليه وعيناها مسمرتان على الرض ل تريان شيئا لو‬
‫ان بيتر كان شخأصا مخأتلفا لذهب اليه طالبة منه النصح ولكنه بما عرف عنه من تزمت وتمسك بالتقاليد‬
‫ستصدمه اخأبار كلير هذة وتجعله يصدق تلميحات امه عن عدم صلح كلير كزوجه له ‪.‬‬
‫وكانت اندريا تعلم في قرارة نفسها ان الليدي كريجي لم تكن متحامله على كلير بل حماقات كلير العديده لفته‬
‫للنظر وقصتها مع جاك واحده من عشرات القصص ‪.‬‬
‫ولم يكن عمها ماكس ول زوجته ماريان على علم بمغامرات كلير ‪.‬‬
‫قطع عليها تفكيرها صوت باب انفتح ‪ .‬رفعت اندريا عينيها ورأت امرأه عمها ماريان تخأرج منه ‪ .‬توقفت‬
‫عندما رأتها وقالت ‪:‬‬
‫) ها انت يا عزيزتي ‪ .‬كم هي انانيه ابنتي كلير لنها تستأثر بك طوال الوقت ‪ .‬اوى عمك ماكس باكرا الى‬
‫فراشة هذا اليوم وانا وحدي ‪ .‬ابقي معي بعض الوقت ريثما نتناول معا شراب الشكول الساخأن (‬
‫نزلت اندريا عند طلب امرأة عمها مرغمة ‪ .‬كانت تعلم كم هي متوقدة الذكاء وشديدة الملحظه وكان على‬
‫اندريا ان تتقن دورها جدا لئل تلحظ ماكن يعتريها من مشاعر وقلق تناولت من يدها فنجان الشكول وراحت‬
‫تشربه ببطء وسمعتها تسألها ‪.‬‬
‫) هل كنتما تتحدثان عن العرس ؟ كنا انا وعمك ماكس في حديث طويل اليوم ‪.‬‬
‫قال لي انه سعيد جدا لكون كلير ابنتنا الوحيده ‪ .‬فلن يكون من السهل عليه ان يواجه مره اخأرى ما يوافق‬
‫العراس من صخأب وتحضير (‬
‫توقفت امرأ عمها عن الكلم ونظرت اليها بشغف وابتسمت وهي تقول بتحبب‪:‬‬
‫) انت وحدك مستثناه من هذا يا عزيزتي وعلى فكرة متى سيصل الدور اليك ؟(‬
‫اجابت اندريا بارتباك وتلعثم ‪:‬‬
‫) ليس في الفق احد الن ‪ .‬بوسع العم ماكس ان يطمئن ‪ .‬فأمامه سنوات طويله من الهدوء على ما يبدو (‬
‫امعنت ماريان النظر جيدا في اندريا ولم تملك ال ان تلحظ القوام الرشيق والخأصر الناحل والبشره الناعمه‬
‫والشفتين الممتلئتين وقالت ‪:‬‬
‫) انا ل افهم شباب هذا العصر ‪ .‬عندما كنت في سنك كان الشباب يتلقفون الفتيات الجميلت امثالك (‬
‫) لكنني ل اريد ان يتلقفني احد ! فانا ل انوي التخألي عن وظيفتي (‬
‫) احمد ا على ان كلير سوف تستقر اخأيرا ‪ .‬كنا قلقين عليها ‪ .‬لم نكن نريد ان نتدخأل في حياتها ولكنها كانت‬
‫دائما تجعلنا نقلق ‪ .‬لكن شعرنا‬
‫بالراحة عندما وقع اخأتيارها على بيتر ‪ .‬وانا اعرف رأيك فيه ياعزيزتي ولكنه يناسبها تماما صدقيني (‬
‫) انا على يقين من هذا المر ‪ .‬غير انني اتمنى احيانا لو انه كان اكثر ‪ ....‬ماذا اقول ‪(....‬‬
‫) تعبيرا (‬
‫اسعفتها امرأة عمها بالكلمة التى كانت تبحث عنها ثم تابعت‬
‫) كنت في بادئ المر اشاطرك هذا التفكير ولكنني الن اصبحت اتساءل عن جدوى اظهار العواطف ‪ .‬المهم‬
‫ان كلير في غاية السعاده وهي تقول عن بيتر انه خأجول وتكون على حق ‪.‬‬
‫وفي اي حال هذا يفسر سلوكه المتحفظ احيانا (‬
‫) ربما انت على حق (‬
‫قالت اندريا وهي تضع الكوب من يدها ‪ .‬ثم استفسرت عن صحة عمها قائله ‪:‬‬
‫) وكيف هو عمي اليوم ؟(‬
‫) بخأير يمكنني ان امنحه شهادة حسن سلوك ‪ ،‬فهو يحاول جاهدا ان يبتعد عن كل ما من شأنه ان يثير‬
‫عواطفه ويشغل باله (‬
‫توقفت ماريان عن الكلم برهه واخأفضت صوتها وكـأنها على وشك ان تبوح بسر خأطير ثم تابعت ‪:‬‬
‫) ليس من المفروض ان ابوح بهذا المر ولكنني سأقول لك شيئا اتمنى ان يبقى سرا بيننا ‪ .‬هناك كلم عن‬
‫منحه لقب فارس في الدورة المقبله وهذا امر طالما حلم به وتمناه (‬
‫) هذا رائع (‬
‫صرخأت اندريا بفرح ‪ .‬وكان فرحها صادقا وعارما ‪.‬‬
‫ثم توجهت الى امرأة عمها تطمنها ان سرها في مأمن وقالت ‪:‬‬
‫) اطمئني فلن انبس ببنت شفه ولكن هل هذا القرار نهائي ؟(‬
‫) تقريبا (‬
‫قالت لها ماريان وتابعت ‪:‬‬
‫) هذا اذا لم يحدث ما يفسد عليه المر وهذا احد السباب التى من اجلها رحبت بفكرة زواج كلير من بيتر ‪.‬‬
‫انت تعلمين كم عمك محافظ وكم هي اراؤه حول الشرف صارمه ‪ .‬انه ل يساوم ابدا في مواضيع الخألق‬
‫والصول والدب ‪.‬‬
‫ول يمكن ان يرضى عن اي سلوك مناف للخألق‬
‫كنت دائما اخأشى ان تقدم كلير على عمل فضائحي وتصل اخأبارها الى الصحف ‪.‬‬
‫والصحف ل ترحم كما تعلمين ولن يفوت اصحابها فرصة نشر اي مادة مثيره ‪ .‬وعندئذ سوف يضطر عمك‬
‫ماكس الى رفض اللقب (‬
‫) غير معقول !(‬
‫قالت اندريا بقناعة ثم تابعت ‪:‬‬
‫) ل يجوز ان يستمر عمي ماكس في اعتبار نفسه مسؤول عن حماقات الخأرين ‪.‬‬
‫كلير امرأة ناضجه ومسؤوله عن اعمالها (‬
‫) كلير هي كلير ستظل كما هي حتى لو اصبحت جدة ‪ .‬وماكس متشدد جداا في هذة الناحيه وهو يؤمن بأن‬
‫الفراد في المراكز العامه عليهم‬
‫ان يكونوا المثل الصالح (‬
‫نظرت اندريا الى امرأه عمها مليا وقررت بينها وبين نفسها ان تعمل المستحيل‬
‫ولتحميها من كل ما يمكن ان يؤدي الى حرمانها من هذا الصفاء الذي كانت تتمتع به ‪.‬‬
‫ابتسمت اندريا وهي تنهض عن مكانها مستأذنه امرأه عمها بالنصراف ‪.‬‬
‫****‬
‫حمدت اندريا ربها الف مره لن المسافه الطويله التى قطعتها من باريس الى هذا المكان كانت كافيه لتعتاد‬
‫قيادة السيارة في مثل هذة الطرق الضيقة والوعرة ‪.‬‬
‫كانت يداها تتشبثان بالمقود باصرار وهي تصعد في السيارة منعطفا بعد آخأر ‪.‬‬
‫رفعت بصرها الى السماء ورأت الغيوم السوداء تتجمع فيها عاكسه على الرض‬
‫جوا مكفهرا يقبض الصدر‪.‬‬
‫كان الطقس رائعا وهي في طريقها من باريس ‪ .‬وانستها شمس الخأريف الذهبيه ماكانت سمعته عن طقس‬
‫افيرون العاصف ‪ .‬وكانت قد قرأت في مكان ما‬
‫وصفا يقول ان الطبيعه في افيرون كانت في حرب دائم مع نفسها ‪ .‬واوحى لندريا منظر السماء في تلك‬
‫اللحظه بان الحرب كانت وشيكة ‪.‬‬
‫انقبضت اساريرها وهي تنظر الى خأريطه الطريق ‪ .‬وادركت ان بليز لوفالييه لم يكن ينوي تقديم اي تسهيلت‬
‫!‬
‫وتنازلت لزوجه المستقبل وال لما طلب منها المجيء بمفردها الى هذا المكان المقفر‬
‫اعتبرت اندريا هذا المر بمثابة انذار ‪ .‬فكم يلزمها من الشجاعه والثقه بالنفس لتستطيع العيش في هذة‬
‫المنطقه الجبلية ذات البراكين الخأامده ‪.‬‬
‫والتى بدت بيوتها كأنها شيدت من الحمم الطبيعيه من حولها تنطق القساوه والبأس وكان عليها ان تذكر‬
‫نفسها بانها لن تعيش في هذا المكان كل حياتها ‪.‬‬
‫وعلت نفسها ابتسامه ماكره وهي تتخأيل كلير مكانها ماذا كانت ستفعل وهي ترى الوادي السحيق‬
‫وهذة الطرق الضيقة الوعره ؟‬
‫كانت بدون شك ستفقد اعصابها وتحرن في وسط الطريق رافضه التقدم ‪.‬‬
‫اعادتها الخأريطه الى الواقع المؤلم ‪ .‬كان امامها بضع كيلومترات قبل ان تصل الى حيث تقصد‬
‫عل صوت في داخألها يطلب اليها العوده من حيث اتت ‪.‬‬
‫يمكنها ان تترك السياره في كليرمون فران وتستقل القطار الى باريس‪.‬‬
‫ولكن ماذا سيحل بعمها ماكس وبأمرأة عمها ماريان ؟‬
‫امن اجل كلير وحدها اقدمت على هذة المغامره ؟‬
‫حبذا لو استطاعت ان تشاطر كلير رأيها فيما يتعلق بالوراق ‪ .‬اذ كانت على قناعه تامه بان اندريا سوف تعثر‬
‫عليها حالما تصل ‪.‬‬
‫ولكن لم يكن هذا شعور اندريا ابدا ‪.‬‬
‫ولم تملك ال التسليم بما قالت كلير ‪ .‬كانت تحفظ كلمات رسالة لوفالييه الخأيره عن ظهر قلب لكثرة ما‬
‫قرأتها ‪.‬‬
‫من يظن نفسه هذا الرجل ؟ وهل كان ليرضى ان تشاطره الحياة زوجه ل تكن له اي عاطفه ول يربطها به ال‬
‫وعد سخأيف قطعته على نفسها‬
‫في لحظه طيش ؟ لم تكن تذكر ال انه بحاجه الى زوجه من اجل تسويه قانونيه ‪.‬‬
‫كانت كلير قد اتلفت جميع رسائله الولى ولم تحتفظ ال ببعضها وكانت هذه خأاليه من اي ذكر لهذا الموضوع‬
‫كما انه لم يأت فيها على ذكر مارتين وعائلتها ابدا ‪.‬‬
‫وفي اي حال كيف يرضون عنه وهو ل يتورع عن البتزاز؟‬
‫كانت اندريا كلما تقدمت شبرا يزداد قلها ويشتد الضطراب في نفسها ‪.‬‬
‫انه ضرب من الجنون هذا العمل الذي كانت مقدمه عليه ‪.‬‬
‫انها ل تعرف شيئا عن هذا الرجل الذي كان بانتظارها ‪.‬‬
‫ربما كان مجرما فارا اخأتار هذا المكان النائي للبتعاد عن الناس ‪.‬‬
‫وان لم يكن كذلك فهو بالتأكيد شخأص منبوذ ل يقوى على مواجهة الناس لذلك فضل العزله في هذة الرض‬
‫المقفره‬
‫وال لماذا يرضى بزواج بالمراسله ‪.‬‬
‫لقد قال هو ذاته لكلير بانه يكتفي بزواج صوري ‪ .‬فلماذا ياترى ؟‬
‫بدا المطر يتساقط ويحجب الرؤية امامها ولم تكن المساحات لتساعد‬
‫كثيرا واكتمل المشهد ‪ :‬طقس عاصف وسماء ممطره وطريق مجهوله !‬
‫حاولت اندريا ان تتصور رده فعل بليز لوفالييه عندما وصلته رسالة كلير الخأيره التى تعلمه فيها بعزمها على‬
‫المضي في المر وتخأبره عن موعد‬
‫وصولها ‪ .‬توقعت كلير واندريا ان تصلهما رساله منه ربما فيها تبجح وشماته ‪.‬‬
‫لكنه خأيب ظنهما ولم يبعث باي رسالة ولذلك راود اندريا امل بأن يكون قد اهمل ايضا ارسال السياره وفي‬
‫تلك الحالة ستجد اندريا العذر المقبول لتعود من حيث اتت ‪.‬خأاب ظنها للمره الثانيه ‪.‬‬
‫ربما اهمل لوفالييه الجابه عن الرساله تلقاها ولكن ترتيباته كانت بدون ريب غايه في الدقه ‪.‬‬
‫اكفهر الجو فجأه وغابت الشمس وراء الغيوم واسودت السماء وارعدت ولو كانت اندريا تؤمن بالخأرافات‬
‫لعتبرت ذلك نذير شؤم‪.‬‬
‫عندما وصلت اندريا اخأيرا الى سان جان دي روش كان المطر ينهمر بغزاره وهي تشعر بألم في اكتافها‬
‫وتشنج في عنقها وساعديها من القياده السياره على تلك الطريق الكثيرة النحناءات والنعطافات غير‬
‫المألوفه‪.‬‬
‫لم تكن القريه تخأتلف عن غيرها من القرى التى مرت بها في طريقها ‪.‬‬
‫مجموعه من البيوت شيدت حول ساحه مربعه في وسطها ينبوع ماء‪.‬‬
‫واستوقف نظر اندريا برج ابيض ارتفع بشموخ فوق كل البيوت وبدا كانه يناطح السحاب ‪.‬‬
‫وكانت الطريق من الساحه تتجه صعودا بشكل حاد ‪.‬‬
‫لم يخأطئ من اطلق على هذة القريه اسمها ‪ .‬قالت انرديا لنفسها‬
‫اذ بدت وكأنها نحتت في الصخأر ورأت في خأيالها صوره القصر كجسم كبير جاثم فوق اعلى قمه‪ .‬تحته‬
‫البيوت كلها ‪.‬‬
‫تابعت طريقها والف فكره في رأسها وفجأه رأت في الضؤ المنبعث من سيارتها بناء متداعيا‪.‬‬
‫تمهلت قليل ومدت رأسها من النافذة لتتبين المشهد بوضوح اكثر ‪.‬‬
‫بدا كأحد البيوت التى تشيد عاده قرب بوابات القصور وتخأصص للحراس وخأييل لنريا انها لمحت وجها في‬
‫احدى النوافذ ‪.‬‬
‫ولكن مالها ولهذا البناء المتداعي ‪ .‬تابعت تقدمها وفجأه اوقفت السياره واطفأت المحرك وحدقت مشدوهه‬
‫بالمشهد الذي ارتسم امامها‬
‫قصر في افيرون !‬
‫هذا ماقالته كلير ‪ .‬ولم تكن الصورة التى رسمتها اندريا في ذهنها لتطابق في اي شيء هذه الخأربه المتداعيه‬
‫التى ينطق كل حجر فيها بسنوات من الهمال ‪.‬‬
‫كان البناء ضخأما ومؤلفا من عد اجنحه وفي وسطها برج جميل ‪.‬‬
‫وكان المشهد اشبه بصورة في احدى اساطير القرون الوسطى‪.‬‬
‫وبدت جميع الجنحه ما عدا واحد مهدمه‬
‫وفي حال يرثى لها ‪ .‬حتى ذالك الجناح الوحيد‬
‫الذي بدا صالحا نوعا ما للسكن كانت ابوابه مخألعه وسطحه تنقصه الحجاره ونوافذه مكسره ‪.‬‬
‫بدا المكان مهجودرا تماما واوشكت اندريا ان تعود بسيارتها لول انها رات خأيطا من الدخأان يتصاعد من‬
‫احدى مداخأن القصر‬
‫غمرها شعور بالسف ‪ .‬كيف وصل هذا القصر المهيب الى هذة الدرجه من الهمال ؟‬
‫وهل كان يظن لوفالييه ان ترضى كلير وهي من اعتادت حياة الرفاهيه والترف ان تمضى فصل الشتاء في‬
‫هذة المنطقه وفي هذا القصر بالذات ‪.‬‬
‫سوف تكون بدون شك كزهره الوركاديا التى انتقلت فجأة من خأط الستواء الى القطب الشمالي ‪.‬‬
‫اطفأت اندريا اضواء السياره على امل ان يبدد الظلم صورة واقعا الليم ‪.‬‬
‫استرسلت في تأملتها وهي جالسه داخأل السيارة ‪.‬‬
‫هل كان يعلم ياترى بليز لوفالييه لن كلير كانت الوريثه الوحديه لماكسويل ويستون ولذلك كان يصر على‬
‫الزواج منها بأي ثمن ؟‬
‫لعله كان يحسب ان الموال التى ستؤول الى كلير وفي يوم من اليام سوف ترد له المجد الذي غاب ؟‬
‫اجتاحها موجه من الغضب هزت كيانها ‪ .‬ستعرف كيف تتغلب على هذا الرجل الذي كان يهدد استقرار آل‬
‫ويستون ‪ .‬ضغطت بيدها‬
‫على بوق السياره واخأتزن السكون صوت الزمور معلنا قدومها‬
‫انفتح الباب الكبير وظهرت على عتبتع امرأه تحمل مظله سوداء كبيره‪.‬‬
‫تاملتها اندريا وهي تجتاز الساحه المفروشه باوراق الخأريف وتسرع لملقاتها ‪.‬‬
‫رفعت اندريا رأسها بشموخ وتناولت حقيبه يدها ‪.‬‬
‫تقدمت المرأة من باب السياره وفتحته ‪.‬‬
‫وما ان وطئت قدما اندريا الرض ‪ .‬حتى حمل الريح الوشاح الذي كانت تلف به عنقها وشعرها وكان عليها‬
‫ان تتمسك بباب السياره لئل تقع‪.‬‬
‫) اهل بك في سان دي جان ورش (‬
‫قالت المرأه مرحبه وهي تحاول ان تقيها بمظلتها من المطر المتساقط بغزارة ‪.‬‬
‫شكرتها اندريا بصوت خأافت وكانتا قد وصلتا قرب الباب عندما تذكرت اندريا فجأه حقيبتها فهتفت ‪:‬‬
‫) نسيت حقيبة ملبسي (‬
‫وارادت العوده الى السياره لحضارها لكن المرأه اوقفتها وافهمتها ان شخأصا اسمه غاستون يحضرها في‬
‫وقت لحق وان ) السيد( هو الن في انتظارها ‪.‬‬
‫) وهذا بالطبع امر فظيع ان ينتظر السيد ( قالت اندريا في نفسها وهي تعبر الباب ‪.‬‬
‫كان حدس اندريا في محله اذ كانت القاعه التى دخألتها اسوأ حال من البناء الخأارجي ‪.‬‬
‫وفي الصدر موقد كبير بدا خأامدا ل نار فيه ول دفء ينبعث منه ‪.‬‬
‫وفي الجهة المقابلة استرعى انتباه اندريا قنديل قديم فوق طاولة من خأشب السنديان وعلى الحائط فوق‬
‫الطاوله‬
‫رأت اندريا صفوفا من الرفوف على شكل خأزانه وعرضت فيها مجموعه من البنادق المخأتلفه النواع ‪.‬‬
‫وعلى الرض بضع قطع من السجاد لم تغب جودتها عن اندريا‬
‫برغم القدم الذي اعتراها ‪.‬‬
‫وضعت المرأة المظله في مشجب وقرب الباب فيه عدد من العصي القديمه ثم استدارت الى اندريا وعلى‬
‫وجهها ابتسامه‬
‫عريضه وقدمت نفسها على انها السيدة بريسون مدبرة المنزل ‪ .‬جالت بعينيها في ارجاء المكان وكـأنها‬
‫تعتذر عن حالته العامه التى ‪ .‬لحظت اندريا بتهكم انها لم تكن خأير دعايه لمقدرتها على ادراة شؤون البيت ‪.‬‬

‫ولكن تابعت اندريا تفكيرها ‪ .‬هل كانت مدبرة منزل بمفردها لتجترح المعجزات ؟‬
‫كان هذا المكان بحاجه الى جيش من مدبرات المنزل ‪.‬‬
‫توقفت المرأتان امام باب ضخأم بدا ان الدهر اكل عليه وشرب وترك عليه اثارا ل تمحى من الخأدوش والنقر ‪.‬‬
‫طرقت السيدة بريسون الباب وطرقات خأفيفه ومتلحقه بيدها وهي تتنحى جانبا مفسحه المجال لندريا ل ن‬
‫تتقدمها‬
‫دخألت اندريا الغرفه بحلق جاف وقلب مرتجف ‪.‬‬
‫بدت الغرفه الصغيره بجدرانها المغطاه بالستائر من السقف الى الرض‬
‫مريحه الى حد ما ‪ .‬وكان في وسطها طاوله كبيره عليها مفرش ناصح البياض وفوقه بعض اواني المائده‬
‫الفضيه ‪.‬‬
‫وكانت النار المشتعله في الوقد تبعث في الغرفه دفئا مريحا ‪ .‬بجانب الموقد وقف رجل طويل القامه نحيل‬
‫لدرجه الهزال تقريبا ‪.‬‬
‫كان ينتعل جزمه سوداء لماعه من النوع الذي يستعمل في ركوب الخأيل ‪..‬‬
‫شعره السود اطول بقليل من الزي السائد ‪ .‬وبدا بانفه القنى وفمه القاسي ووجه المتكبر مخأتلفا تماما عن‬
‫ذالك الخأصم‬
‫الذي كانت قد رسمت له صورة في ذهنها لتمت الى هذا الواقف بأي صله ‪.‬‬
‫شعرت بارتباك واخأتلطت مشاعرها ‪ .‬فالخأصم الذي رسمته في رأسها رجل متقدم في السن غليظ القامه‬
‫وجلف بخألف هذا الرجل الواقف امامها الذي بدا في الثلثين‬
‫من عمره وعلى قدر ل يستهان به من الجاذبيه ‪.‬‬
‫ادار الرجل رأسه فكتمت اندريا شهقه كادت تفلت من بين شفتيها ‪.‬‬
‫كانت فوق خأد الرجل اليسر اثار جرح عميق امتد من اسفل العين الى منتصف الفك ‪ .‬لم تكن كلير قد ذكرت‬
‫لها اي شي عن ندبه فوق وجهه ولكن كيف لها ان تعلم بها؟‬
‫هل كان هذا السبب الذي جعله يخأتار زواجا بالمراسلة ؟‬
‫مسكين هو اذن ‪ .‬اوقفت نفسها عن السترسال في هذا الشعور فالشفقه لرجل مثله مذله ‪.‬‬
‫ظهرت علة وجهه ابتسامه ساخأره وكـنه قرأ ماكنا يدور في رأسها من افكار وما يخأتلج في نفسها من مشاعر‬
‫شعرت بعينيه الثاقبتين تخأترقانها واخأترقتا وتنفذان الى اعماقها ‪.‬‬
‫وبصوت عميق وأجش قال ‪:‬‬
‫) وصلت اخأيرا يا حبي (‬
‫ولم تغب عن اندريا رنه الستهزاء في صوته‬
‫وفي لحظه كانت بين ذراعيه وكـأنها في حلم ولم تجد في نفسها القوه على دفعه عنها او البتعاد عنه‪.‬‬

‫‪ - 2‬عروس رغما ا عنها‬

‫أغلقت مدام بريسون الباب وراءها وكان صوت الباب كافيها لتنزاع اندريا من الحلم ‪.‬‬
‫تراجعت بضع خأطوات ‪ .‬وبصوت مرتجف كصووت طفله ساذجه قالت ‪:‬‬
‫) ل ينص التفاق الذي بيننا على اي شي من هذا (‬
‫هز كتفيه وكأنه يجد المر مسليا وقال لكن يشرح درسا ‪:‬‬
‫) هذا هو السلوك المتوقع ول يجوز ان نتجاهل العراف السائدة‪ .‬ول احد سوانا يعرف تفاصيل هذا التفاق‬
‫الذي بيننا ول اخأالك تريدن ان يتحول الى مادة يتندر بها اهالي القريه (‬
‫) كل للطبع ! ولكنني فوجئت ولم اكن مستعده لمثل هذا الستقبال(‬
‫) في المره المقبله سأفصح عن نيتي بصراحه اكثر (‬
‫أجابها وفي صوتع تهكم واضح ‪ .‬وحاولت اندريا ان تتصور ما كان يمكن ان تفعله كلير في مثل تلك الحاله ‪.‬‬
‫ل ربما ‪ .‬وهذا هو المرجح ‪ .‬كانت ستتصرف بغنج ودلل‬
‫ولكن هل ستجرؤ هي على التصرف بغنج ودلل ازاء هذا الرجل الماثل امامها ؟‬
‫كانت اندريا معتاده بحكم عملها مع الرجال ‪ .‬على التعامل معهم وكانوا يعاملونها معامله الند للند ‪.‬‬
‫ولقد نجحت حتى هذه اللحظه في ابقاء علقاتها بعيده عن العاطفه‬
‫ولكن المر يخأتلف الن ‪ .‬كان عليها ان تواجه الحقيقه بصراحه ‪.‬‬
‫) كل فهذه ليست زيارتي الولى لهذا الجانب من القاره(‬
‫وبدا صوتها في اذنيها متكلفا ‪ .‬وبابتسامه ساخأره اجابها ‪:‬‬
‫) قد يكون المر كذلك ‪ .‬ولكن رسائلك تركت في نفسي انطباعا بأنك تخأشين قيادة السياره خأاصه فوق طرقات‬
‫غير مألوفه لديك (‬
‫) غلطتي الول ( قالت اندريا في نفسها وقدرت ان تكون كلير قد روت له في رسائلها باسلوبها النثوي‬
‫الطريف بعضا من مغامراتها في قيادة السيارات ‪.‬‬
‫عليها اذن ان تلزم الحذر لئل تقع في غلطه اخأرى من هذا النوع ‪.‬‬
‫وبمرح لم تكن تشعر به في الحقيقه اجابته وهي تهز كتفيها بأنوثه ‪:‬‬
‫) على الق لم اتسبب في موت احد على الطريق (‬
‫) ان ا رحوم !(‬
‫اجابها باسلوب مسرحي وبدا بوجهه ذي الندبه مثل ) ساطير ( وهو رجل له ساقا عنزه وذيل فرس اعتبره‬
‫الغريق القدماء رمزا للغابات ‪.‬‬
‫اقترب منها وانحنى قليل وقال ‪:‬‬
‫) هل تسمحين بمعطفك؟(‬
‫ولمست انامله كتفيها وشعرت اندريا كأن سكلما كهربائيا مسها برغم حرصه الواضح‬
‫على ان تأتي حركته تلك بعيد عن كل غرض ‪.‬‬
‫أشار بيده الى مقعد قرب الموقد ودعاها لتجلس عليه ثم سألها ‪:‬‬
‫) هل ترغبين بشراب ما ام انك تفضلين الصعود الى غرفتك والستراحه قليل من عناء السفر حتى موعد‬
‫العشاء؟(‬
‫) افضل ان ابقى حيث انا فحقائبي مازالت في السياره (‬
‫فأسرع يقول وهو يجذب حبل كان يتدلى بجانب الموقد ‪:‬‬
‫) بالطبع ‪ .‬سأطلب الى غاستون ان يحضرها حال (‬
‫ثم اتجه الى خأزانة ضخأمة من الخأشب المحفور وتناول منها زجاجة وكوبا وسألها ‪:‬‬
‫) هل تريدين كوبا من شراب العنب ام انك تفضلين شرابا آخأر؟(‬
‫)شراب العنب ‪ .‬شكرا (‬
‫راحت اندريا تراقبة خألسة ‪ .‬رأت في نظرة عينيه عزما واضحا وكانت الخأطوط حول فمه توحي بالكثير من‬
‫العناد والتصميم ‪.‬‬
‫ولم يبد انه من النوع الذي يمكن اقناعه بسهوله فكيف اذن تجعله يتخألى طوعا عن فكرة الزواج من كلير‬
‫بعد ان انهى الكثير من الترتيبات وقطع شوطا بعيدا بالتحضير للعرس ؟ رفع الكوب بيده وقال ‪:‬‬
‫) نخأب تعارفنا يا آنسه(‬
‫غمغمت اندريا ببعض الكلمات واصطبغ باللون الحمر وليس بالطبع بسبب الحرارة المنبعثه من الموقد ‪.‬‬
‫فتح الباب فجأة ودخأل منه رجل قصير القامة مستدير العينين اسمر الوجه ‪ .‬وقف بالباب برهه قبل ان يقول ‪:‬‬
‫) نعم سيدي (‬
‫) آه ‪ ،‬غاستون (‬
‫استدار لوفالييه نحو ه وخأاطبة بالفرنسية ‪ .‬ثم نظر الى اندريا وقال لها ‪:‬‬
‫) هل تسمحين بمفتاح السيارة يا آنسة ؟ سيحضر غاستون حقائبك الن (‬
‫ترددت اندريا قليل ان تسلمه المفاتيح وكأنها لم تشأ ان تتخألى عن سلح كانت تعتبره ضمانتها الوحيده ‪.‬‬
‫نظر اليها بليز وقال كأنه قرأ ماكان يجول في رأسها ‪:‬‬
‫) ل عليك يا آنسة ‪ .‬قد يبدو غاستون بسيطا ولكنه يقوم بعمله بكل اتقان(‬
‫لم تجد اندريا ما تقوله تبريرا لترددها واشتد احمراو وجهها ومدت يدها الى حقيبتها واخأرجت علقة فيها‬
‫بعض المفاتيح ووضعتها في يد غاستون التى كانت ممدوده وهي تتمتم بعض عبارات الشكر ‪.‬‬
‫وما ان اغلق الباب خألفه حتى قال لها بليز محذراا ‪:‬‬
‫) هو ل يتكلم النكليزية ولكنك لن تعدمي طريقة للتفاهم معه ‪ .‬انه ابن شقيق المدام بريسون كلوتيلد ‪،‬‬
‫واعتنت به منذ الصغر ‪ .‬يقوم عادة‬
‫بالعمال الثقيلة واحيانا يساعد الرعاة على العناية بالقطعان وهو رائع جدا مع الحيوانات وخأاصة مع الجياد‬
‫وكأنه مطبوع بالفطره على التعامل مع الخأيول (‬
‫كانت تصغي الى كلمه برأس منحن وقلب منقبض ‪.‬‬
‫ول شك انه كان يتوقع ان تبدي اهتماما بهذه التفاصيل ‪ .‬فستصبح سيدة القصر ‪.‬‬
‫ولكن وبرغم محاولتها الصادقة مالبثت فكرها ان شرد وارتسمت صورة ابنة عمها كلير امام عينيها ‪.‬‬
‫كيف كانت ستتصرف كلير ياترى في مثل هذا الظرف ؟ كانت اندريا على يقين من شيء واحد وهو ان كلير‬
‫ماكانت لتحتمل النظر الى أي عاهه جسدية ‪ .‬سألت اندريا ‪:‬‬
‫) هل هو الخأادم الوحيد في القصر؟(‬
‫) هو وكلوتيلد يقومان بكل اعمال المنزل ولكن لدينا عدد كبير من العمال للزراعة ‪ ،‬لكن المر يخأتلف هناك‬
‫فنحن جميعا نعمل معا ويخأدم احدنا الخأر (‬
‫شعر انها لم تفهم كلمه فرأى ان يشرح لها المر وقال ‪:‬‬
‫) كان كل شيء مخأتلفا أيام اجدادي ‪ .‬كان اسياد هذا القصر يستأثرون بالفضل ‪ .‬كانت كرومنا احسن الكروم‬
‫وكذلك مراعينا وبساتيننا ولم يتولد عن هذ السياسة غير الفقر والحسد ‪ ،‬وكلهما هدام ‪ ،‬وانا اريد ان اعمر ل‬
‫ان اهدم لذلك اتبعت سياسة مخأتلفة ‪ .‬وانشأنا تعاونية وكل فرد في سان جان دي روش يملك اسهما فيها ‪ ،‬انه‬
‫نوع من العمل الجماعي‬
‫الذي اعطى افضل النتائج ‪ ،‬فالمشروب الذي تنتجه القرية هو حاليا الجود ولقد ابتدا يكتسب شهرة تخأطت‬
‫حدود المنطقة ‪ .‬وبعد وقت قصير سيصبح لدينا‬
‫اجود القطعان للتناسل في افيرون ‪ .‬وهكذا لن تتحول سان جان دي روش الى مأوى للعجزة (‬
‫) وما هو دورك انت في هذه التعاونية ؟(‬
‫) أنا مديرها العام(‪.‬‬
‫أجابها وأسرع يضيف عندما رأى النظرة الساخأره التي رمته بها ‪:‬‬
‫) أنا لست أقطاعيا ولو لم اكن املك من الخأبرة مايؤهلني لدارة التعاونية لكنت وجدتني الن عامل بسيطا‪ .‬ل‬
‫أخأفيك المر بأنني تدربت على أعمال الدرارة في مزارع المارتينيك وسواها (‪.‬‬
‫توقف قليل وظهرت على وجهه ابتسامة ساخأره وأضاف ‪:‬‬
‫) اذا كنت يا عزيزتي قد اتيت الى هنا وانت تظنين بأنك ستقومين بدور سيدة القصر الفاتنة فأنت مخأطئة في‬
‫ظنك(‬
‫) انه امر لم يخأطر ببالي (‬
‫وضعت مدام بريسون الطعام على المائده وفاحت منه رائحة الثوم‬
‫والعشاب بشكل يفتح الشهية ‪ .‬عندها فقط شعرت اندريا بالجوع ‪.‬‬
‫كان العشاء مؤلف من الفاصولياء مع اللحم والنقانق بطريقة مبتكرة والجبنة البلدية وشراب الفاكهه الفاخأر ‪.‬‬
‫تناولته اندريا بلذة وشهية حتى لم بيق عندها متسع للفاكهه واستعاضت عنها بفنجان من القهوة ‪.‬‬
‫) يبدو ان طعام كلوتيلد اعجبك(‬
‫) جداا(‬
‫ولم تكمل كلمها ‪ .‬فأجابها وهو يبتسم ببرأة وكأنما فاته معنى كلماتها ‪.‬‬
‫) سوف أراقب هذا التحول باهتمام (‬
‫برغم الضيق والحرج اللذين شعرت بهما اندريا لنوع الحديث الذي دار بينهما استغنمت الفرصة لتفاتحه‬
‫بالموضوع ووضعت فنجان القهوة‬
‫من يدها في تأمل واخأذت نفسا عميقا وقالت‪:‬‬
‫) انك تدرك يا سيد لوفالييه مثلما ادرك انا تماما ان هذا الزواج ل يمكن ان يتم (‬
‫) انك مخأطئه يا آنسة وانا ل ادرك شيئا من هذا (‬
‫) اذا كنت في الماضي قد ابديت موافقتي على موضوع الزواج فلنني كنت في ظروف صعبة ول اظنك‬
‫ترغمني على إبقاء وعد قطعته في ظروف غير طبيعية ‪ .‬فوعد كهذا ل يجب ان يلزم أحد(‬
‫) انك واهمة يا آنستي اذا كنت تظنيني بأنني سأتخألى عن الموضوع ‪ .‬فما زلت أصر عليه(‬
‫انكمشت تحت وطأة النظرة التي ارتسمت في عينيه وسمعته يقول ‪:‬‬
‫) ربما ‪ ،‬ولكن هل تظنين أن الحياة لم تقس علي ؟ فما عرفت في حياتي كلها ال الظلم !(‬
‫وبحركة ل شعورية ارتفعت يده لتغطي الندبة فوق خأده وتابع‪:‬‬
‫) وماذا تعرفين أنت عن الظلم يا آنسة وما عرفت في حياتك ال الرخأاء‬
‫والدلل (‬
‫)أجابته بتهكم وقد نسيت دورها ‪:‬‬
‫) وها انا أتلقى درسي الول على يديك!(‬
‫هو كتفيه بل أكتراث وقال ‪:‬‬
‫) أليك وحدك يعود أخأتيار نوع الدرس ‪ .‬فأن شئت أن تجعليه سهل فالمر في يديك‪ .‬ولكنني أجد نفسي‬
‫مضطرا الى أن احذرك بأن الزواج سيتم في القريب العاجل جداا ‪ .‬فقد تأجل بما فيه اكفاية (‬
‫) ولكن لماذا ؟ من حقي ان أعرف السبب الذي يجعلك تصر على هذا الزواج (‬
‫سكب لنفسه مزيدا من القهوة وبجفاء قال ‪:‬‬
‫) غريب امر هذا الفضول المفاجئ‪ .‬ل اذكر انك أبديت أي أهتمام لمعرفة السبب قبل الن ‪ .‬كنت منشغله تماما‬
‫بمشاكلك الخأاصة‬
‫ولم يكن لديك وقت لي أمر آخأر ‪ .‬ولكن ل بأس سأخأبرك الن ‪ .‬لقد اوصاني أخأي بابنه قبل ان يموت ولكنه‬
‫وضع شرطا ا في الوصية يعلق فيه حقي بالوصاية على زواجي ‪ .‬فلكي امارس حق الوصاية على أبن أخأي‬
‫امتوفي يجب ان اكون متزوجا ‪ .‬هذا كل ما في المر (‬
‫وكأن الزواج وحده ل يكفي ! فكان أذن على من ستصبح زوجه لهذا الرجل أن تتحول بسحر ساحر الى أم في‬
‫الوقت نفسه !‬
‫ا‬
‫) ولكن لماذا وضع أخأوك هذ الشرط ‪ ،‬وقد كنت أعزبا آنذاك؟(‬
‫) كنت على عتبة الزواج عندما حرر أخأي وصيته (‬
‫أجابها بمرارة ‪ .‬وسرح نظرها بدون ان تستطيع كبحه الى الندبة فوق خأده ‪ .‬لم تفته نظرتها تلك اذ سمعت‬
‫صوته المتهكم يقول ‪:‬‬
‫) انك شديدة الملحظة يا آنسة ولكنك بالتأكيد أقدر بكثير من خأطيبتي السابقة على أخأفاء مشاعرك(‬
‫وبضحكة خأالية من أي مرح تابع‪:‬‬
‫) في يوم واحد فقط فقدت كل من أحببت في هذة الحياة ‪ .‬كانت ساعات ل تنسى ‪ .‬لم يبق لي ال ابن أخأي ول‬
‫أريد أن افقده ايضا ا(‬
‫) ولكن ربما أنك قريبه الوحيد ‪(..‬‬
‫) كل لست قريبة الوحيد ‪ .‬له خأالة وهي عازمه على أستئناف حكم الوصاية أمام المحاكم ‪.‬‬
‫ولن أوفرلها أي مادة لذلك ‪ .‬لن أستطيع محاربتها اذا لم اكن مستوفيا جميع شروط الوصية ‪ .‬ول أريد أن‬
‫يصل المر الى المحاكم ‪ ،‬فلست مستعدا لذلك خأاصة ان التعاونية قد أبتلعت تقريبا كل أموالي (‬
‫) كم يبلغ من العمرأبن أخأيك هذا ؟ ربما من الفضل له أن يبقى مع خأالته التي أعتاد عليها و ‪(..‬‬
‫شعرت بنظرته كحد السكين وتوقفت عن الكلم ولم تعد تجرؤ على المتابعة ‪ .‬وبأقتضاب أجابها ‪:‬‬
‫) كل ‪ ،‬لن يكون أحسن حاال معها ‪ .‬ربما العكس هو الصحيح انه وريثي الشرعي ومكانه هنا (‬
‫) و اذا ما رزقت أنت اطفال فعندها ‪(...‬‬
‫وتوقفت فجأة ومل الحمرار وجهها ولم تعد تعرف كيف تخأفي ارتباكها ‪ .‬لكنه أبتسم وقال ‪:‬‬
‫) ال تخأشين أن اطالبك بكلمك هذا في يوم من اليام ؟(‬
‫قال هذا وعيناه تخأترقانها وتنفذان الى أعماقها ثم تابع وفي صوته رنة استهزاء وتهكم ‪:‬‬
‫) ستغمضين عينيك عندئذ وتسرحين بفكرك الى بيطانيا كما يقول المثل عندكم أو الى فرنسا في مثل هذة‬
‫الحالة (‬
‫غطت وجهها بيديها وبتعثر وتلعثم قالت ‪:‬‬
‫) لم أكن أعني ‪(..‬‬
‫وتوقفت عندما رأت البتسامة المتهكمة تعلو وجهه لكنه طمأنها قائل ‪:‬‬
‫) ل تخأافي ‪ .‬أنا أصدقك ‪ .‬وفي أي حال لن أطلب منك تضحية بهذا الحجم ‪ .‬أنا أعرف أن وجهي هذا كاف‬
‫ليسبب كوابيس مزعجه لمعظم النساء (‬
‫انقبضت نفسها أمام المرارة التى عكستها كلماته ‪ .‬من ياترى تسبب له بكل هذا ؟‬
‫لعلها خأطيبته السابقة ‪ .‬حسنا فعل بالتخألص منها !‬
‫ولكن ما هذه الفكار قالت في نفسها ‪ .‬مالها ولمشاعره ‪ .‬عادت تحاوره علها تصل معه الى نتيجة مرضية‬
‫وقالت ‪:‬‬
‫) يبدو اك تألمت كثيرا في حياتك ‪ .‬من من لم يتألم ؟ ولكنه ليس من العدل ان تجعل الخأرين يدفعون الثمن ‪.‬‬
‫وهذا الزواج مكتوب له أن يفشل ‪ ،‬فأنت ل تعرفني وأنا ل أعرفك ول يربطنا أي رابط (‬
‫شعرت كأنها كانت تدلي بمرافعه أمام المحكمة ولكن عمن تدافع ؟‬
‫عن كلير أم عن نفسها ؟ واعتراها شعور غريب لم تدرك كنهه وارتعشت قليل فقال لها ‪:‬‬
‫( انك ترتعشين ‪ .‬هل تشعرين ببرد ؟ أقتربي من المدفأة (‬
‫وأشار الى مقعد قرب الموقد وتناول قطعة من الحطب وألقاها في النار ‪.‬‬
‫) أنني على ما يرام (‬
‫كان صوتها مضطربا وفي عينيها خأوف ازعجه فقال لها بضيق ‪:‬‬
‫) مما أنت خأائفة ؟ اطمئني يا آنسة فزواجنا سيبقى حبرا على ورق ‪ .‬كل ما ابغى هو ان يقتنع المحامون‬
‫وعندئذ يصبح فيليب تحت وصايتي قانونيا‬
‫وعمليا وبعدها يمكنك الذهاب حيث تشائين ‪ .‬ستكونين حره تماما (‬
‫) هذا استغلل ل يجوز(‬
‫) آه ‪ .‬وأنت ؟ ألم يكن في موقفك مني استغلل ‪ .‬لم تزعجك فكرة الستغلل نذاك ‪ .‬ما ذا دعوتني عندها ؟‪) ...‬‬
‫خأشبة الخألص ( على ما اذكر ‪ .‬لقد كنت صريحه جدا ولم تشعري بأي حرج وأنت تفين حبك الفاشل‬
‫وشعور اليأس الذي يغلفك ‪ .‬ليس من حقك الن أن تتذمري اذا شعرت ان تلك الخأشبة التى كانت للخألص‬
‫تحولت في نظرك الى أغلل تقيد حريتك (‬
‫لم تعد اندريا تقوى على تحمل المزيد فوقفت وهي تزيح عن جبينها خأصلة من الشعر وقالت بتبرم ونزق‬
‫ملوحظين ‪:‬‬
‫) ارجو المعذرة فأنا اشعر ببعض التعب وأود أن استريح قليل (‬
‫) بكل تأكيد ‪ .‬سأطلب الى كلوتيلد ان ترافقك الى غرفتك(‬
‫ثم قام من مكانه واقترب منها ورماها بنظرة طويلة قبل ان يقول ‪:‬‬
‫) ربما بدت لك المور مخأتلفة غدا‪ .‬والن أسمحي لي ان ارجو لك نوما هانئا وليلة مريحه (‬
‫لم تجب اندريا بشيء واكتفت بهزة من رأسها ‪ ،‬لكنه استمر ينظر أليها ثم دنا منها ورفع يده وجعل انامله‬
‫تلمس شفتيها المنفرجتين ‪.‬‬
‫حرصت اندريا على ان تبقى في مكانها حتى ليفسر تراجعها نفورا منه ‪.‬والحقيقة عكس ذلك تماما ‪.‬‬
‫كان عليها ان تعترف ‪ .‬هذا اذا ارادت ان تبقى امينه مع نفسها‬
‫بأن الشعور الذي أعتراها كان ابعد ما يكون عن النفور ‪ .‬شعرت برغبة في الرتماء على صدرة والحتماء‬
‫بين ذراعية ‪.‬‬
‫قطع عليها صوت الباب استرسالها في تحليل مشاعرها ‪ .‬ووجدت في مدام بريسون عندما ظهرت خأشبة‬
‫خألص فعلية ‪.‬‬
‫سرها ان تد الغرفة المخأصصة لها في الطرف المقابل وتفصلها عن الغرفة الرئيسية مسافة ليست قصيرة ‪.‬‬
‫فتحت مدام بريسون الباب ووقفت جانبا ا مفسة الطريق لندريا ‪ .‬كان جو الغرفة هادئا ومريحا ‪ .‬في احدى زوايا‬
‫موقد نار مشتعلة ‪ ،‬وكان الثاث من الطراز القديم مريحا للعين وخأاصة السرير الكبير المصنوع من خأشب‬
‫السنديان ‪ .‬ربتت اندريا على الفراش بيدها وسرها ان تجد ه وثيراا‪.‬‬
‫جالت مدام بريسون بعينيها في الغرفة ثم تفقدت الموقد ونظرت الى اندريا وابتسمت لها بمودة وهمت‬
‫بالخأروج ‪.‬‬
‫ثم استوقفتها اندريا وسألتها عن مفاتيح السيارة ‪ .‬بدا في أول المر انها لم تفهم ثم ما لبث وجهها ان اشرق‬
‫بابتسماة عريضة وقالت لندريا مطمئنة ‪:‬‬
‫) ل عليك يا آنسة ‪ .‬ل بد ان غاستون أعادها الى السيد لوفالييه لكي يعيدها بدوره الى الشركة التي‬
‫استأجرتها منه ‪.‬‬
‫اطمئني فالسيد يتدبر كل شيء(‬
‫قالت اندريا في نفسها وهي ترى الباب يغلق خألف مدام بريسون ) بدون شك !( ‪ .‬جلست على حافة السرير‬
‫وغرقت في تأملتها ‪ .‬كانت تأمل ان تحتفظ بالسيارة لبضعة أيام فقط ريثما‬
‫تنجلي المور ‪ .‬ولكنه اصبح عايها الن ان تبقى تحت رحمة اوتوبيس القرية ‪.‬‬
‫قامت عن السرير واتجهت صوب الموقد وارتمت على السجاد امامه ومدت يديها الى النار تدفئهما ‪.‬‬
‫وطغى عليها شعور بالذنب لوفالييه لتطلعه على الحقيقة ‪ .‬استوت في مكانها وابعدت عن رأسها فكرة اللجوء‬
‫اليه ‪.‬‬
‫لم يكن في قلبه مكان للرحمة ‪ .‬سوف تترك هذا المكان غير آسفة وتدع السيد لوفالييه يفتش عن فتاة غيرها‬
‫يلعب معها هذة اللعبة ‪.‬‬
‫لم تدر سببا لرتجافها المفاجئ ‪ .‬واستحوذت على تفكيرها فكرة واحدو ‪:‬‬
‫السرعة ‪ .‬يجب ان تخأرج من هذا القصر بأقصى سرعة قبل ان تتطور المور على غير ما تشتهي ‪.‬‬
‫استفاقت من نومها مذعورة ‪ .‬كان الماء يتساقط عليها تلمست بيديها علبة الكبريت في الظلم وعندما وجدتها‬
‫اضائت المصباح بالقرب من سريرها ‪ .‬ويالهول ما رأت ! كان المطر ينهمر بغزارة في الخأارج والداخأل معا ا‬
‫رفعت رأسها الى السقف وطالعتها بقعة كبيرة من الرطوبة حيث قطرات الماء تجد طريقها من شقوق السقف‬
‫المتصدع ‪.‬‬
‫بعد جهد وعناء استطاعت ان تزيح السرير الضخأم قليل ووجد وعاء وضعته على الرض للتقاط قطرات‬
‫الماء المنهمرة ‪.‬‬
‫كانت نار الموقد قد خأبت اثناء الليل والجو في الخأارج عاصفا ا ‪ .‬وكانت اندريا تسمع صرير النوافذ ‪ .‬شعرت‬
‫ببرد اخأترق عظامها فعادت الى السرسر لعلها تجد فيه بعض الدفء‪.‬‬
‫عبثا حاولت ان تبعد عن مخأيلتها صورة ذلك الوجه ذي الندبة ‪.‬‬
‫اغمضت عينيها تطالها صورة بليز لوفالييه بنظرته الثاقبة وخأطوط وجهه القوية ‪ .‬قالت لنفسها مئة مرة انه‬
‫ل سلطة لهذا الرجل عليها ‪ ،‬فلما اذن تخأشاة ؟‬
‫وهي سيدة ومالكة لحريتها ‪ .‬فلماذا تخأشى غضبة؟ وهي في اي حال لن تكون هناك عندما يكتشف الخأدعة‬
‫التي دبرتها ويعرف الحقيقة‪.‬‬
‫برغم كل هذا اليحاء الذاتي ظل القلق مسيطرا عليها والهواجس تتقاذفها ‪.‬‬
‫عبثا حاولت اندريا ان تبتعد تلك الفكار عن مخأيلتها ‪ .‬وصل بها المر الى ان ترسم في رأسها صورة لمن‬
‫كانت خأطيبته ‪ .‬تخأيلتها فتاة شقراء صغيرة الجم دقيقة التكوين وذات وجه مثير ومميز ‪ ،‬تماما مثل ابنة عمها‬
‫كلير‪.‬‬
‫حتى أخألقها وتصرفاتها تصورتها مثل اخألق وتصرفات كلير ‪.‬‬
‫وباحساسها المرهف ادركت اندريا ان الرح في وجهه لم يكن ليذكر نسبة الى جراح قلبة ونفسة ‪ .‬كانت على‬
‫يقين ان وراء ذك القناع من الجفاء‬
‫والعدوانية يقبع انسان قدر على الحب والعطاء وكانت له آمال وأحلم وكان يري ان ينشئ عائلة ويغدق على‬
‫من حوله الحنان والعطف ‪.‬‬
‫والىأن عليه ان يقنع بعلقة سطحية باردة مع امرأة بالطاد يعرفها وان يعلق كل آماله علة فتى ليس ابنه ول‬
‫من صلبه‪.‬‬
‫عندما استفاقت اندريا كانت الدموع تبلل وجهاا ونور الشمس الذهبي يغمر الغرفة ويضفي عليها جمال‬
‫ورونقا ‪.‬‬
‫مسحت اندريا دموعها عندما سمعت وقع اقدام مدام بريسون ‪.‬‬
‫وسرعان ما انفتح الباب وظهرت كوتيلد تحمل وعاء فيه ماء ساخأن وعندما وقع نظرها على الوعاء الذي‬
‫كانت اندريا قد وضعته للتقاط قطرات الماء المنسابة من السقف ‪ ،‬راحت تتكلم بسرعه وقالت كلما كثيرا‬
‫فهمت منه اندريا ان جميع غرف القصر كانت‬
‫على هذة الدرجة من الخأراب باستثناء الغرفة التى كان يشغلها بليز‪.‬‬
‫وضعت اناء الماء من يدها وراحت تحوم حول اندريا وتطلق اصواتا كصوت الدجاجه وهي تنادي صغارها ‪.‬‬
‫ومما قالته انها كانت ستكلف غاتسون ان يصعد الى سطوح القرميد ويصلح ما مكن اصلحة ‪.‬‬
‫وبعد ان تأكدت ان اندريا لم تكن بحاجة الى أي شيء انصرفت مغلقة الباب وراءها ‪.‬‬
‫كان بليز ‪ ،‬عندما دخألت اندريا غرفة الطعام ‪ ،‬جالسا يراجع بعض الوراق امامه ‪ .‬وامامه رزمة من البريد‬
‫الذي وصل حديثا ‪ .‬رفع بصرة اليها وقال ‪:‬‬
‫) ارجو ان تكون النسة قد امضت ليلة هادئة (‬
‫ول حظت اندريا ان ملمحة بدت في وء النهار اكثر انفراجا من الليلة السابقة وانه هو بدا اكثر أنسا ا‪.‬‬
‫) ليس تماما ا(‬
‫اجابته وهي تأخأذ مكانها الى المائدة وتتناول قطعة من الكعك ‪.‬‬
‫) وهل لي أن اسأل لماذا ؟(‬
‫سألها بتهذيب ‪.‬‬
‫) بالطبع (‬
‫اجابته واخأذت قطعة من الكعك وراحت تغمسها بالمربى ثم تابعت ‪:‬‬
‫) الماء يدلف من السقف فوق رأسي(‬
‫فطب جبينه وقال ‪:‬‬
‫) سأكلم كوتيلد بالمر ‪ .‬كان يجب ان تخأتار لك غرفة غيرها (‬
‫) الذنب ليس ذنبها (‬
‫اجابته اندريا وهي تسكب بعض القهوة في فنجانها ثم تابعت ‪:‬‬
‫) يبدو ان جميع الفرف هكذا (‪.‬‬
‫) لكن غرفتي ل يدلف الماء من سطحها !!(‬
‫) بالطبع !(‬
‫اجابته وهي ترسل له ابتسامة عذبة ‪ .‬اخأذ بضع رشفات من فنجان القهوة قبل ان يقول بصوت متأمل ‪:‬‬
‫) وما هو الحل في نظرك ؟ الحل الطبيعي لهذة المشكلة يطرح نفسة بنفسه (‬
‫اصطبغ وجهها لون احمر قان وحاولت جاهدة ان تحتفظ بتلك البتسامة العذبة وبمرونة لم تعتدها في نفسها ‪.‬‬
‫قالت ‪:‬‬
‫) يوجد حل آخأر ‪ .‬ما عليك ال تكليف احدهم باصلح السقف (‬
‫هز كتفيه وقال ‪:‬‬
‫) غاتسون يقوم بكل ما يستطيع (‬
‫) هذا مالحظته ‪ .‬ولكن يبدو ان الوقت حان لتستعين بشخأص محترف ال اذا كنت ترغب في رؤية البيت‬
‫يتداعى من حولك(‬
‫اعجبها كلمها وتمنت ان تكون كلماتها قد بددت شكوكه حول دوافعها الحقيقة ‪ .‬فان مهمتها ستهون عليها‬
‫جداا اذا نجحت في جعله يقتنع بأنها‬
‫رضخأت للمر الواقع وقبلت بالزواج منه ‪.‬‬
‫) ربما كان هذا صحيحا (‬
‫قال وهو يتأملها بحيرة واضحة وأضاف ‪:‬‬
‫) فلقد سلمت اذن بفكرة الزواج (‬
‫) وهل لي خأيار غير التسليم ؟(‬
‫سألته بجدية ثم تابعت ‪:‬‬
‫) سبق ان شرحت لي بشكل واف ما يمكن ان يحل بي وبأسرتي ان انا نكثت بالوعد ‪ .‬وهذا ما أود ان‬
‫اتجنبه (‬
‫) هذا عين العقل ‪ .‬ل يمكن ان تتصوري ماكان سيلحق بك وبعائلتك من ضرر اذا لم تفي بالوعد (‬
‫اعادت اندريا فنجان القهوة الى المائدة وبتلعثم سألته ‪:‬‬
‫) ماذا تعني؟(‬
‫) أل تدرين ما أعني ؟(‬
‫سألها وهو يرسل اليها نظرت حادة ثم تابع ‪:‬‬
‫) لقد أوضحت لك المر ‪ .‬والدك رجل مرموق في اوساطة والتوعك الذي أصابه اقلق العديد من اصدقائة ‪ .‬لقد‬
‫سمعت ذلك في الوساط التي اعتدت ارتبادها‬
‫انك تدركين بالطبع بأنه كان كان علي ان اقوم ببعض التحريات حول محيطك (‬
‫هذا بالضبط ماكانت تخأشاه ‪ .‬ان يقوم بتحريات حول آل ويستون‬
‫ويكتشف الحقيقة ‪ .‬وقفز قلبها في صدرها بجنون ‪.‬‬
‫وبعد لحظة صمت قالت ‪:‬‬
‫) بالطبع ‪ .‬ولول هذا ما كنت لتقدر على تديدي يهذا الشكل ‪ .‬فصحة والدي في الميزان (‬
‫) كل ما في المر انني بنيت لك ما قد يترتب على رجوعك عن وعدك من عواقب قد تكون في غير صالح‬
‫عائلتك ‪ .‬أنا لم اهددك وتركت لك حرية القرار (‬
‫) عسى ان يستحق النتصار الذي تود احرازه هذه الحظه التى اعتمدتها لتحقيقه (‬
‫) ما علينا الن ان ننتظر لنرى (‬
‫أجابها وهو يرشف آخأر قطرة في فنجان القهوة ثم وقف ودعاها لمرافقته في جولة تفقدية‬
‫على ظهور الخأيل وقال ‪:‬‬
‫) بسعدني ان ترافقيني في هذة الجوله ‪ .‬فان لك كما سبق ان ذكرت ‪ ،‬حقا ا مكتسبا في هذا القصر وفي هذه‬
‫الرض ‪ .‬ربما كان من المناسب ان تتعرفي الى التغييرات التى نحن في صددها (‬
‫اوشكت ان ترفض طلبه وتقول له بأنها صباحا كامل على ظهر حصان اسوأ حتى من صباح كامل في رفقته‬
‫ولكنها تذكرت في الوقت المناسب بأنه ل بد ان تكون كلير قد ذكرت له شيئا عن فروسيتها ‪ .‬فلقد كانت‬
‫فارسة ما هرة وشديدة الولع بالخأيل ‪ .‬ولوا خأوفها من أثارى شكوكه لتظاهرت بالمرض او بأي شئ من هذا‬
‫القبيل ولكنها آثرت الحرص وقبلت دعوته قائلة بمرخ مصطنع ‪:‬‬
‫) رائع ! سأحضر سترتي (‬
‫) حسنا ‪ .‬سألقاك عند المدخأل الرئيسي خألل عشر دقائق (‬
‫كم كانت دهشتها كبيرة عندما ل حظت ان حال السطبلت كانت أحسن بكثير من حال البيت ‪ .‬وبحذر علقت‬
‫على هذة الحقيقة ‪ .‬فقال ‪:‬‬
‫) ربما لنني اجد في الحيوانات ما ل اجده في البشر (‬
‫جاء جوابه سريعا وقاطعا ‪:‬‬
‫غاص قلبها في صدرها عندما رأت غاتسون يسوق المهرة التي أخأتارها لها بليز‪.‬‬
‫كانت مخأتلفة تماما عن بنلوب الفرس العجوز التي اعتادت اندريا ركوبها في لندن أثناء دروس الفروسية‪.‬‬
‫هذة الغبراء تعدو وتخأب وتقذف برأسها يمينا وشمال وتصهل ‪.‬‬
‫) يا آلهي (‬
‫قالت أندريا في نفسها وامسكت قلبها بيدها ‪.‬‬
‫) انها بحاجة الى الرياضة(‬
‫قال معذبها بدا _ حتى بأعتراف اندريا نفسها _ وكأنه قطعة من الحصان الذي أعتله ‪.‬‬
‫فتشت اندريا بعينيها على غاتسون ليساعدها في امتطاء المهرة ولكنه قد اخأتفى داخأل السطبل ‪.‬‬
‫بدت دلفيت صعبة المراس ومشاكسة وتذكرت اندريا كلم كلير عن الجياد من ان لها حاسة خأاصة وهي‬
‫تخأضع من يمتطيها ل متحان لتعرف من يسيطر على الخأر ‪ ،‬الفرس أم الفارس ؟‬
‫وبدا واضحا ان دلفين مدركة تماما انه لم تكن اندريا قادرة على السيطرة عليها لذلك أخأذت حريتها تماما وما‬
‫ان اصبحت خأارج ساحة القصر حتى خأرجت على الطريق العام وراحت تأكل العشب عن جانبي الطريق ‪.‬‬
‫وعندما شدت اندريا الرسن قليل حرنت ولم تعد تتقدم ‪.‬‬
‫وكانت الطامه الكبرى عندما مر طائر فوق رأسها ‪ .‬صهلت بسخأط واعتراض وانتصبت على قائمتيها‬
‫الخألفيتين وكادت ان تقذف اندريا عن ظهرها ‪.‬‬
‫وبدل ان تشكر ربها لوجود بليز بالقرب منها في تلك اللحظه بالذات لعنت حظها وهي تشعر بحرج عظيم ‪.‬‬
‫أمسك بليز بالرسن وجذبة بطريقة جعلت دلفين تهدأ في الحال ‪.‬‬
‫) شكرا لك (‬
‫) انه ل شيء(‬
‫أجابها وهو ينظر اليها بتأمل ثم أضاف ‪:‬‬
‫) ما كان يجب ان ادعوك الى ركوب الخأيل هذا النهار ‪ .‬فأنت ما زلت متعبة‬
‫بعد عناء السفر ولم تنالي بعد قسطا ا كافيا ا من الراحة خأاصة أن امضيت ليلة مؤرقة(‬
‫تباا لي قالت اندريا في سرها ولماذا لم تخأطر هذه الحجة في بالي ؟‬
‫وبصوت جاف اجابته‪:‬‬
‫) ربما كان هذا صحيحا (‬
‫كان عليها ان تتمالك نفسها وان ل تدعه يراها يائسه وضعيفة ‪.‬‬
‫أخأذت الرسن بين يديها وتابعت طريقها ‪.‬‬
‫كان الجو من حولها متألقا والطبيعة في أجمل حلة وبدت اوراق الخأريف التي تشبثت بالغصان ل تبارحها‬
‫وكأنها تتحدى شتاء اصبح على البواب ‪ ،‬جميلة وخألبه ‪ .‬كان كل شيء حولها يدعوها الى الستمتاع بيوم‬
‫جميل وكان من الصعب جدا ان ل تستجيب ‪.‬‬
‫كانت اندريا في نشوة عارمة عندما اوصلتها دلفين اخأيرا الى فسحة من الرض مغطاة بالعشب الخأضر ‪.‬‬
‫نسيت خأوفها تماما عندما بدأت تسرع قليل ثم تخأب ثم تجري مطلقة لساقيها العنان وكأنها في ميدان‬
‫للسباق ‪.‬‬
‫لم تعد دلفين في نظرها الوحش الذي اراد تدميرها ‪ ،‬بل تحولت الى مخألوق جميل اراد فقط وبطريقته المندفعة‬
‫‪ ،‬ان يشاركها بما كان يجيش في نفسه من فرح وسرور وحب للحياة ‪.‬‬
‫توقفا اخأيرا في مكان مشرف يطل على القرية ‪ .‬رأت اندريا البيوت كلها وبدأ القصر في وسطها مهجوراا‬
‫وكئيبا ا ‪.‬‬
‫اخأتلست نظرة الى رفيقها فهالتها مسحة الحزن التى اكتست وجهه والمرارة في نظرتة ‪.‬‬
‫وقف بقربها ساكنا شارد الفكر وكأنه نسي وجودها تماما ثم جاءها صوته فجأة يقول ‪:‬‬
‫) هيا (‬
‫لم يفارق العبوس وجه بليز ول زمه مزاجه القاتم خألل كل المدة التى امضياها في تفقد الكروم ‪.‬‬
‫عكس اندريا التى ابدت اهتماما صادقا بكل ما رأته ‪.‬‬
‫ولم تحظ منه بأكثر من أجابات مقتضبة ‪.‬‬
‫ضايقها صمته وأزعجها ان يتجاهل وجودها بهذا الشكل الصارخ فقالت ‪:‬‬
‫) كانت فكرتك انت ان تقوم بهذة الجولة وعليك في المستقبل ان تحسن اسلوبك في التعليم اذا كنت تريدني ان‬
‫احفظ شيئا (‬
‫رماها بنظرة جعلت الدم يقفز في عروقها ولم يجب بل ادرار حصانه باتجاة القصر وانطلق وهي في اثره‪.‬‬
‫) وهكذا نأتي الى نهاية الدرس الول (‬
‫قالت اندريا بتهكم وكانا قد وصل اخأيرا الى باحة القصر الخأارجية ‪.‬‬
‫جاءها الجواب هذه المره وكان صوته جارحا وهو يقول ‪:‬‬
‫) قد يكون المر بالنسبة الى فتاة مثلك مجرد مزحه ولكنه لي وللعديد من الناس مسألة حياة او موت ‪.‬‬
‫فأنت ترين المر بمنظار الفتاة النكليزية سليلة العائلة النبيلة التى تنعم بالثراء والجاه ‪.‬‬
‫هل تعلمين كم عائلة في فرنسا يقبع العجائز فيها وحدهم في بيوتهم لن اولدهم نزحوا الى المدينة سعيا‬
‫وراء الرزق ؟‬
‫هذا المر ل يهمك ولكنه يهمني أنا كما يهمني ال أرى هذا البيت الذي تملكة عائلتي منذ مئات السنين ‪ ،‬ينهار‬
‫من حولي ‪.‬‬
‫هل تعتقدين انني كنت أسمح بهذا الهمال لول ظروف قاهرة فوق طاقتي ؟‬
‫اسمعي جيدا يا آنسة ‪ ،‬ان ما ترينه من دمار وخأراب هو نتيجة البغض والكراهية والضغينة وحب اأنتقام ‪ .‬انه‬
‫جميل ‪ ،‬ايه ؟(‬
‫) بغض من لمن ؟(‬
‫سألته اندريا مستفسرة ‪:‬‬
‫)بغض والدي ياآنسة ‪ .‬كان أخأي الصغر هو المفضل لديه ولم يسامحني ابداا كوني ولده البكر ووريثه‬
‫الشرعي ‪ .‬لم يكن ليرضى عن أي شيء مما اقوم به من العمال‬
‫ولم يبق امامي ال ان ارحل عنه ‪ .‬كان بامكانه ان يمنع هذا النهيار الذي اصاب االقصر ولكنه لم يشأ ‪.‬‬
‫لم يكن ليهتم حتى لو تحول القصر الى ركام قبل ان يؤول الي بالوراثة ‪.‬‬
‫احتفظ والدي بكل قرش لبيل ريفيير وهي المزرعة التى كانت تمتلكها العائلة والتي خأص بها أخأي جان بول (‬
‫) وهل كانت المزرعة بادارة أخأيك؟(‬
‫) نعم‪ ،‬كانت حصته من الميراث ‪ .‬واله وحدة يعلم انني لم أحسده ابداا عليها ‪ .‬وحدث ان صادفته صعوبات‬
‫كثيرة وكان من سوء طالعة ان عرفت المزرعة سنوات قحط متتالية وتعرضت المواسم الى آفات عديدة أتلفت‬
‫المحاصيل وضربت الزرع‪.‬‬
‫وفي النهاية اصدر والدي امره الي بأن أذهب الى المزرعة وأصلح ما استطيع اصلحه ‪ .‬عندما وصلت كان‬
‫جان بول على حافة الفلس ‪ .‬لنه راهن بكل ما يملك عله يعوض الخأسارة التي ترض لها ‪.‬‬
‫وأدركت اننا كنا بحاجة الى معجزة لتنقذنا مما كنا فيه(‬
‫توقف فجأة وكأنه شعر بما يخأالجها من مشاعر وأحاسيس وهي تستمع اليه‪:‬‬
‫) ل ريب حديثي عن النزاعات التافهة في عائلتي يبعث في نفسك الملل ‪.‬‬
‫ولقد مضى على وفاة والدي رحمة ا سنتان وجان بول وزوجته هما الخأران في دنيا الخألود الن ‪ .‬ولم يبق‬
‫غيري ‪ .‬وعلي ان ارفع النقاض وابني حياة جديدة لي ولفيليب (‬
‫كيف كشف لها بليز هذة المشاعر كلها ؟ وكيف سمح لها بأن ترى ترى هذا الجانب من شخأصيته وتطلع على‬
‫ماكان يعاني منه ويتألم لجله ؟ بللت شفتيها الجافتين قبل ان تسألة ‪:‬‬
‫) وما ذا حل بالمزرعة بيل ريفير ؟(‬
‫) اتت عليها النيران ‪ .‬شب فيها حريق التهم البيت والمزرعة وكل شيء وبقيت الرض التي وضعت الدولة‬
‫يدها عليها فيما بعد واصبحت‬
‫تدفع لنا قيمة اليجار فقط (‬
‫اخأتلست نظرة الى وجه بليز ورأت الندبة فوق خأده اشد بروزا من أي وقت سبق ‪.‬‬
‫كان غاتسون بانتظارها عندما وصل وبدت المسافة بين ظهر الفؤس والرض شاسعه جدا في نظر اندريا‬
‫التي كانت عضلتها المتشنجه تكاد تصرخ من شدة التعب ‪.‬‬
‫شعرت بيباس في ظهرها وخأشيت ان ل تحملها ساقاها ان هي ترجلت ‪.‬‬
‫وجاء بليز كالعاده لنجدتها في الوقت المناسب وقال وهو يحملها كريشة بين يديه وينزلها عن ظهر الفرس ‪:‬‬
‫) اسمحي لي (‬
‫تمنت ان تظل بين ذراعيه وشعرت برغبة مجنونه في اللتصاق به وهي تحس بالدفء المنبعث منه‪.‬‬
‫ولكن ما ان لمست قدماها الرض حتى تراجعت بضع خأطوات الى الوراء والحمرة تكسو وجهها ‪ .‬ومن شدة‬
‫ارتباكها تعثرت قدمها وكادت تقع لول ان أسندها بذراعة وهو يقول ‪:‬‬
‫) انتبهي(‬
‫ثم وبصوت متباعد انما مجامل اضاف ‪:‬‬
‫) اطلبي من كوتيلد ان تحضر لك حماما ساخأنا ‪ .‬انه ينفعك كثيرا ‪ .‬وسأراك على العشاء في وقت لحق هذا‬
‫المساء‪(.‬‬
‫حياها بأشارة من رأسه وأسرع بالنصراف ‪:‬‬
‫ظلت واقفه تراقبه وهو يبتعد ‪ .‬وأزعجها كثيرا هذا التمرد المفاجئ في مشاعرها ‪.‬‬
‫انني أكرهه !‬
‫قالت تعنف نفسها ‪ ،‬ولن أدعه يلمسني مرة أخأرى بعد اليوم ‪.‬‬

‫‪ -3‬الوقوع في الشرك‬
‫كان عليها لتصل الى الحمام ان تمر اما المغسلة الضخمة ‪ .‬وانافجرت انادريا بالضحك عندما رأتها للمرة الولى‬
‫في الليلة السابقه ‪.‬‬
‫اما غرفة الحمام فكانات واسعه وجدراناها من البلط الزخرف القديم وعليه رسوم جذابة مخروطية الشكل ‪.‬‬
‫استنتجت انادريا من العناية الفائقة التي ابدتها مدام بريسون وهي تسخن الماء بأن للتمديدات الصحية في‬
‫القصر مزاجها الخاص لكنها لم تجد ما تشتكي منه في ذاك النهار ‪,‬‬
‫اذ كانات حرارة الماء معقولة وخيل لنادريا اناه بالمكان جعل المكان يبدو اقل تقشفا ل بل اكثر ترفا اذا اخفيت‬
‫الناابيب ضمن صناديق وفرشت الرض بالبسط ‪.‬‬
‫وجدت انادريا ان للماء الساخن تأثير ملطفا على الخدوش والجروح التي كانات تمل جسمها ‪.‬وبرغم التشنج‬
‫الذي شعرت به حمدت ربها ألف مرة لناها لم تصب بالشلل التام وكان ذلك من قبيل الصدف ليس ال ‪.‬‬
‫برغم كل ذلك لم تكن انادريا قادرة على اناكار الحقيقة وهي ان مشوارها في الهواء الطلق ذاك الصباح افادها‬
‫كثيرا وفتح شهيتها للطعام ‪.‬‬
‫وعدت نافسها باناها ستنصرف الى بعض المور الخاصة بعد الغداء كان عليها مثل ان تكتب رسالة لكلير ولكن‬
‫ما عساها تقول ؟‬
‫وقالت في نافسها ‪ .‬بما ان بلبز لوقالييه يقوم بادارة التعاوناية فلبد ان يكون له مكتب خاص ‪ .‬وربما كان هذا‬
‫المكتب في القصر ‪.‬‬
‫اناه المكان الناسب للحتفاظ بالرسائل والوراق الخاصة وعليه فاناها ستبدأ جولتها التفتيشية في هذا المكتب‬
‫بالذات‪ .‬لم ترتح للفكرة ابدا وشعرت بدنااءتها ‪.‬‬
‫كان عليها ان تذكر نافسها بالساليب الملتوية التي لجأ اليها بلبز لرغام ابنة عمها على الزواج منه ‪.‬‬
‫كان من العبث تجاهل الشعور الذي اثاره في نافسها وهي في رفقته ذاك الصباح ‪ .‬كان شعورها ناحوه مزيجا من‬
‫الناجذاب والنابهار ‪ .‬فهي قد امضت طفولة طفولة سعيده في اسرة تشعر بالستقرار ولذلك صعب عليها ان‬
‫تتصور تعرض عائلة مثل عائلة بليز لكل تلك المرارة وان تسود علقات افرادها كل تلك الضغينه ‪.‬‬
‫ارتدت انادريا تنورة ضيقة من قماش النويد الذهبي اللون وقميصا من الصوف الخضر الغامق وجعلت شعرها‬
‫على شكل ضفيرة وشبكته بدبوس في اعلى رأسها ‪ .‬وكانات مدام بربسون قد اخذت سروالها الجينز وسترتها‬
‫لتنظفهما ‪.‬‬
‫تناولت بعد ذلك عام الغداء الذي تألف من حساء الخضار والجبنه البلدية والفاكهة الطازجة من بساتين القصر ‪.‬‬
‫وعندما جاءت مدام بريسون لتاخذ الصحون كانات انادريا ترتشف اخر مافي فنجاناها من القهوة ‪ .‬قالت لها‬
‫انادريا ‪:‬‬
‫‪ -‬دعيني اساعدك اناك تقومين باعمال كثيرة ‪.‬‬
‫وبرغم احتجاج مدام بريسون ناهضت انادريا واخذت تصف الصحون على صينيه حملتهاالى المطبخ مبررة‬
‫عملها هذا بالقول اناها اذا كانات فعل ستصبح سيدة هذا القصر يتوجب عليها القيام ببعض الواجبات المنزلية ‪.‬‬
‫وفي كل حال لم تكن انادريا تتحمل رؤية غيرها يقوم بخدمتها بدون ان تساهم في العمل ‪ ,‬فنزعتها الى العتماد‬
‫على نافسها ما كانات لتسمح لها بغير ذلك ‪.‬‬
‫لم تتبرم مدام بريسون من وجود انادريا في المطبخ بل بدت متشوقه لطلعها على كل شيء‪ .‬ارادت ان تريها‬
‫محتويات الخزائن من الواناي والطعمه المختلفة ‪ .‬ولم تتردد بالبوح لها بان الشيء الوحيد الذي كان يزعجها‬
‫هو عدم تجهيز القصر بالكهرباء ‪.‬‬
‫وشرحت لها ان تلك كانات مشيئة السيد الكبير أي والد بليز‪ .‬لكن عندما ارادت انادريا ان تطرح بعض السئلة‬
‫تحفظت مدام بريسون ولم تعد تتكلم بصراحة‪.‬‬
‫ارتبكت مدام بريسون ولم تدر بما تجيب انادريا عندما قالت لها اناه كان بودها ان تقوم بجولة استكشافية في‬
‫القصر ولكنها عادت وانافرجت اساريرها عندما اكدت لها انادريا اناها لم تكن بحاجه الى من يرافقها ‪.‬‬
‫واجتاح انادريا شعور بالذناب وهي تتناول رزمة المفاتيح من مدام بريسون التي وثقت بها ‪.‬‬
‫مضت ساعتان من البحث العقيم شعرت بعدها انادريا بخيبة امل عارمه ‪ .‬فلقد تناول بحثها كل شبر من الجزء‬
‫الماهول في القصر ‪ .‬فتشت في غرف كفنها الغبار واجتازت اخرى على رؤوس اصابعها لئل تكسر صمتا‬
‫مخيما كصمت القبور وعبرت اروقة علقت على جدراناها صور الجدود في عائلة لوفالييه خيل لنادريا ان‬
‫اصحابها كاناوا ينظرون اليها بتعال احتجاجا على تطفلها عليهم ‪.‬‬
‫صعدت ادراجها وهبطت اخرى لدرجة اناها كادت تسمع صوته عضلتها تطلب منها الرحمه ‪ .‬بقيت غرفة بليز‬
‫وحدها لم يطلها البحث ‪.‬‬
‫كيف كانات ستبرر وجودها لو ان احدا رآها في الغرفة ؟ اما تجوالها في اناحاء القصر فيمكن تفسيره في سهولة‬
‫‪ .‬يمكنها ان تقول مثل باناه مجرد فضول او ربما عزته الى اهتمام علمي بالمكنة الثرية ‪.‬‬
‫شعرت بألم في رأسها وبطعم الغبار في فمها فارتدت معطفها استعدادا للخروج ‪ .‬كانات بحاجه ماسة الى تنشق‬
‫الهواء النقي ‪.‬‬
‫تساءلت في نافسها اذا لم يكن من الفضل لها ان تقفل عائده من حيث اتت قبل ان تتورط اكثر ‪ ,‬وما عليها ال ان‬
‫تجد طريقة ما لدرء الذى عن كلير ريثما يحين موعد زواجها ‪,‬وهو في أي حال بات وشيكا ‪ .‬سوف تختفي بعد‬
‫ذلك الى البد ‪.‬‬
‫كانات كمن يبحث عن قبرة في القش ‪ .‬ل شك ان كلير كانات مجنوناه ولكن هل هي اقل جنوناا منها عندما وافقت‬
‫على هذه الخطة الخرقاء ؟ لو ان بليز كان هذا الحمق المتغطرس المغرور الذي رسمت صورته في ذهنها لكان‬
‫من السهل عليها ان تجد متعه في خداعه والضحك عليه والعبث بعواطفه ‪.‬‬
‫ولكن المر مع بليز مختلف وهو في أي حال ما زال سيد الموقف ومازالت جميع الوراق في يديه ‪.‬‬
‫عندما خرجت من الباب الرئيسي طالعتها شمس اوشكت على المغيب ‪ .‬اعترتها قشعريرة فدست يديها في‬
‫جيبها ‪ .‬لبد ان للقصر حديقة ما لكن ستجدها حتما كناية عن ادغال ‪.‬‬
‫توقفت في وسط الساحه وناظرت حولها ‪ .‬كانات الكآبه تمل نافسها وبحركة ل شعورية اقتلعت بعض العشاب‬
‫والحشائش وقذفت بها باتجاه البناء القائم قرب بوابة القصر فارتطمت باحدى النوافذ صوب ناافذه تفتح ويطل‬
‫منه وجه ‪.‬‬
‫اناه الوجه الذي كانات قد راته يوم وصولها ‪ .‬رفعت يدها الى فمها في ضيق ولكن بعد فوات الوان ‪.‬‬
‫كان الوجه الذي اطل من النافذه ملتحيا ودودا وفوق انافه ناظارتان بدون اطار ‪.‬‬
‫ارسل اليها ناظرة استهجان وألم وقال بالفرناسية ولكن بلكنة اناكليزية ‪:‬‬
‫‪ -‬معذرة يا آناسة ‪ ,‬أي خدمة ؟‬
‫‪ -‬اناا آسفة لم اكن اعلم ان احدا يقيم هنا ‪.‬‬
‫‪ -‬وانات ايضا اناكليزية !‬
‫قالها باستهجان وغبطة وحلت ابتسامة مشرقة مكان النظرة المندهشة المتألمه ‪.‬ثم تابع ‪:‬‬
‫‪ -‬يالها من صدفة ‪ .‬لبد اناك سائحه ضللت الطريق ‪ .‬فهذا المكان ل يقصده السواح ‪.‬‬
‫‪ -‬كل ‪.‬‬
‫اجابته انادريا وهي تنظر الى القصر بعينين ناصف مغمضتين بسبب الشمس في وجهها ‪ ,‬وكأم تدافع عن ولدها‬
‫القبيح سمعت نافسها تقول ‪:‬‬
‫‪ -‬لكنه جميل !‬
‫‪ -‬هل ترغبين بكوب من الشاي ؟‬
‫بسبب فضولها قررت قبول الدعوة وتوجهت صوب البيت‪.‬‬
‫رات انادريا مضيفها عن كثب عندما فتح الباب لستقبالها ‪ ,‬ذلك الباب الكبير المزدان بمسامير ذات رؤوس‬
‫ضخمة وناافرة ‪.‬‬
‫وبدا عن قرب اصغر سنا مما قدرت ربما كان اكبر منها بسنه او سنتين على الكثر‪ .‬كان مربوع القامه يرتدي‬
‫ثيابا عرفت انادريا حال اناها مستعملة سابقا ‪ .‬فسرواله الجينز وسترته وحذاؤه كلها كانات تنطق بماض سحيق ‪.‬‬
‫‪ -‬الن وودهاوس ‪.‬‬
‫قال مقدما نافسه ومد يده مصافحا ووجدت انادريا يده ثابته وقوية واعجبها ذلك ‪.‬‬
‫‪ -‬انادريا ويستون ‪.‬‬
‫‪ -‬ياللغرابة اسماناا يبدآن بالحرف نافسه ‪ .‬يبدو ان هذا لقاء رتبه القدر ‪ .‬تفضلي بالدخول واحترسي وانات‬
‫تصعدين الدرج ‪ .‬من هان يا آناسة ‪.‬تفضلي هذه غرفة الجلوس واناا علميا اقيم فيها ولذلك ترينها في فوضى ‪.‬‬
‫كلمة فوضى ل تكفي قالت انادريا في نافسها عبارة فوضى عارمة قد تفي بالغرض ‪.‬‬
‫جالت بعينيها بأرجاء الغرفة الصغيرة لم يكن أي شيء في موضعه ‪ .‬كان السرير الصغير قرب الحائط من النوع‬
‫الذي يطوي وعليه اغطية وكيس النوم ‪.‬‬
‫وبالقرب منه رأت انادريا فرناا على الغاز من النوع الذي مجمل باليد وصندوقا خشبيا فيه معلبات مختلفة وفي‬
‫وسط الغرفة طاولة مستديرة عليها عشرات الواناي الفخارية منها ما كان ناظيفا ومنها ما كان غير نايف وعليها‬
‫كذلك اوراق مبعثره وكتب وآلة كاتبه تحمل باليد ‪.‬‬
‫راح آلن يفتش بين الغراض على الطاولة وهو يقول ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد قمت بغسل بعض الواناي امس او لعله قبل ذلك ولبس في هذا المكان ماء‪ .‬علي ان احمله من السطبل‬
‫وفي أي حال ليس لي ان اتذمر فهو ل يتقاضى مني أي اجر لقاء اقامتي علي ان اتكيف مع البيئة وان لم‬
‫استطع فمعناه اناني غير امل للتقدم في هذه الحياة ‪.‬‬
‫‪ -‬هل انات كاتب ؟‬
‫‪-‬ربما اصبحت كاتبا ذات يوم اما الن فاناني اقوم يبحث من اجل كتابة اطروحتي وهي تدور حول حياة‬
‫فيرسنجيتوركس‪ .‬اناه كما تعلمين من هذه المنطقه ‪.‬‬
‫عادت الى رأسها ذكريات المدرسه يوم كان عليها ان تعارك كتب التاريخ الكلسيكية واجابت ‪:‬‬
‫‪ -‬اعرف ذلك ومازلت اذكر قوله ‪ ..‬تقسم بلد الغال الى ‪ 3‬اقسام ‪.‬‬
‫‪ -‬ناعم ‪ .‬معظمالناس يعرفون هذه البداية ولكنني معجب بنهاية القصه ‪ .‬احسب اناني اشعر بضعف تجاه‬
‫الخاسرين بشكل عام‪ .‬لم اكن يوما من المعجبين بشخصية يولبوس قيصر فاناا اجده موضوعيا جدا لدرجة‬
‫التجرد من كل عاطفة واذا ما استعرضنا الحداق تجد عدوه اللدود ذلك القائد الفرناسي العظيم الذ اناهزمت‬
‫جيوشه امام جيوش القيصر بعد حصار مرير ‪ ,‬قادما اليه عبر التلل حامل درعه المذهب معلنا استسلمه لم‬
‫يجد قيصر ما يقوله امام هذا المشهد المؤثر سوى بضع كلمات جافة اسمعيه يصف بلساناه ما دار بينهما ‪.‬‬
‫وتناول كتابا وراح يقرأ منه ‪:‬‬
‫‪ -‬جلس قيصر امام المعسكر قرب التحصينات واقتبد القاده الـ ‪ 3‬الى حيث كان يجلس والقى فيرسنجيتوركس‬
‫سلحه وسلم نافسه ‪.‬‬
‫عندما اناتهى من القراءه راح يهز رأسه بألم ثم قال ‪:‬‬
‫‪ -‬ال تجدينه مجردا من العاطفه ؟‬
‫‪ -‬بالتاكيد ‪.‬‬
‫اجابت وهي تضحك ثم قالت ‪:‬‬
‫‪ -‬وهذا ينطبق كذلك على عبارته المشهورة ‪ ,‬لقيت اتيت لقد رأيت لقد اناتصرت ‪ .‬غير اناني اجده واقعيا في قوله‬
‫باناه علينا ان ناسلم بالقدر وناحني رؤوسنا امام ماهو مكتوب علينا ‪ ,‬وافهم ايضا لماذا انات تفضل‬
‫فيرسنجيتوركس عليه ‪ .‬فالبطل الشعبي الذي باباء وكبر حتى اما الهزيمة جدير بالحترام ‪.‬‬
‫انافرجت اساريره واجابها وو يبتسم ‪:‬‬
‫‪ -‬هذا هو شعوري ايضا ‪ .‬هل رأيت تمثاله في ملبرمون فيران ؟ يا الهي اناه ضخم ‪ ..‬اين الشاي لشك اناك‬
‫تشعرين بالعطش ولكني اخشى اناه ليوجد لدي غير الحليب المجفف مع الشاي ‪.‬‬
‫جلس الن على السرير الصغير قبالتها ونار اليها بسرور ظاهر وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬اناه امر رائع ان التقي بشخص يتكلم الناكلزية واناا ل اتفن الفرناسية ومع ان السيد لوفالييه يتكلم الناكليزيه‬
‫بطلقه لكنه يحب المخالطه ولذلك ل تسنح الفرص لتبادل الحديث معه ال ناادرا ‪.‬‬
‫اجابته بتحفظ جعله يجفل ويسرع بالقول ‪:‬‬
‫‪ -‬يا الهي ‪ ,‬لقد اسأت التعبير فاعذروناي ‪ .‬وعلى فكرة هل انات من وصل بالسيارة ليلة امس ؟ وهل تقيمين في‬
‫القصر ؟ لبد اناك احدى صديقاته ‪.‬‬
‫حدقت انادريا في الرض قبل ان تجيبه !‬
‫‪ -‬ذلك صحيح الى حد ما ‪.‬‬
‫خيم صمت طويل وعندما رفعت انادريا عينيها اخيرا رأت الحمرة تكسو وجه آلن واسرع يقول ‪:‬‬
‫‪ -‬ل اريد ان ابدو متطفل ‪.‬‬
‫‪ -‬الواقع اناني هنا في عمل وعلي ان افاوض السيد لوفالييه بشأن مسألة مشتركه ‪.‬‬
‫انافرجت اساريره كاناه سمع خبرا افرحه فقال ‪:‬‬
‫‪ -‬الحقيقة اناه ليبدو عليك اناك من النوع الذي ‪ ...‬ماذا اقول ‪ ...‬لساناي يخزناني مرة اخرى ‪ .‬ما اريد قوله هو اناه‬
‫زير ناساء وهو يفضل النساء اللواتي يضاهينه في هذا الميدان وليبدو عليك اناك منهن ‪.‬‬
‫وكاناه خشي ان تاخذ كلمه على غير محمل فأسرع يضيف ‪:‬‬
‫‪ -‬هذا ل يعني اناك لست جذابه ‪.‬‬
‫‪ -‬شكرا لك ايها السيد اللطيف !‬
‫قال بيؤس ‪:‬‬
‫‪ -‬اوه ‪ ...‬اناك تدركين ما اعني بدون شك ‪.‬‬
‫رات انادريا ان تغير مجرى الحديث فسألته عن الطروحه التي كان يحضرها وعن المعلومات التي جمعها اثناء‬
‫اقامته في هذا الجزء من فرناسا وعلمت منه اناه مضى على وجوده في سان جان دي روش سته اسابيع ويتوقع‬
‫البقاء شهرا آخر ‪ .‬وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬ربما استطعنا تناول العشاء معنا اناا لست معدما تماما كما قد يتراى لك فلي بعض المال وهناك مكان في‬
‫كرودون التنقل ليس مشكله بوجود سيارتك ‪.‬‬
‫‪ -‬لم تعد السيارة معي ‪.‬‬
‫‪ -‬وماذا حل بالسيارة ؟‬
‫‪ -‬كانات سيارة مستاجره ربما عادت الن الى كلبر مون فران ‪.‬‬
‫‪ -‬اناه امر مؤسف ‪ .‬هناك جان لوك غابرييه ولديه دراجه نااريه ربما اعارناا ايها ‪ .‬ل تخشى سنتدبر المر ‪.‬‬
‫‪ -‬هذا رائع ‪.‬‬
‫قالت انادريا وحاولت ان تتصور بليز لوفالييه عندما يتناهى الى سمعه ان زوجة المستقبل كانات تجوب المنطقه‬
‫على المقعد الخلفي من دراجه ناارية مستعاره‪ .‬امر واحد كانات واثقه منه لن تكون الدراجه اكثر ازعاجا بالنسبه‬
‫اليها من دلفين ‪.‬‬
‫ناظرت الى ساعتها وطار صوابها وصرخت ‪:‬‬
‫‪ -‬يالسماء علي ان اذهب لم اشعر بالوقت يمر ‪.‬‬
‫‪ -‬ساتصل بك في القريب ‪.‬‬
‫قال لها وهو يواكبها للباب وبعد ان قطعت اكثر من ناصف الساحه سمعت صوته يقول ‪:‬‬
‫‪ -‬الى اللقاء يا انادريا ‪.‬‬
‫‪ -‬رباه ‪.‬‬
‫صرخت بجزع وعادت اليه مسرعه ‪ .‬لم يكن قد اغلق الباب بعد عندما وصلت انادريا فنظر اليها باستغراب وقال‬
‫‪:‬‬
‫‪ -‬هل ناسيت شيئا ؟‬
‫‪ -‬ناعم ‪ . .‬ناسيت ان اطلب اليك ان تناديني كلير ان لم يكن عندك من ماناع ‪.‬‬
‫حدق فيها وكاناه خشي ان تكون فقدت عقلها ‪ .‬ول عجب قالت انادريا في نافسها وكان عليها ان تجد تبريرا‬
‫معقول فتابعت بتلعثم ‪:‬‬
‫‪ -‬اناا ل استعمل اسمي الحقيقي في العمل ‪ .‬وهذا يعود لسباب مهنية بحته ول يعرفني السيد لوفاليه ال بأسم‬
‫كلير ومناداتي بأسم غيره قد يسبب تشويشا ان بغنى عنه تكفيني مشاكل اللغة ‪.‬‬
‫لحظت انادريا بارتياح ان ناظرة الحيرة فارقت وجهه فمشاكل التصال بلغة غير الناكليزية كانات بالنسبة اليه‬
‫امرا يستطيع ادراكه والتعاطف معه ‪.‬‬
‫‪ -‬سوف اتذكر ذلك ‪.‬‬
‫قال وهو يرميها بنظرة متفحصه ثم اضاف ‪:‬‬
‫قال وهو يرميها بنظرة متفحصه ثم اضاف ‪:‬‬
‫‪ -‬ل يروقني هذا التغيير في السم ‪ .‬فاسم كلير ل يناسبك ابدا ‪.‬‬
‫اسرعت انادريا بالناصراف وراودتها فكرة وهي تجتاز الساحه ‪ .‬لوكانات كلير مكاناها لوجدت الموقف مثيرا وهي‬
‫التي تهوى التمثيل واجواء المغامرات والقصص الغريبه ‪.‬‬
‫كانات مدام بريسون تذرع القاعه ذهابا وايابا وعندما وصلت انادريا اخيرا وحالما وقعت عيناها عليها قالت‬
‫بقلق‪:‬‬
‫‪ -‬اين كنت يا آناسه سأل عنك السيد عدة مرات ‪.‬‬
‫‪ -‬يا الهي ‪.‬‬
‫قالت انادريا باستهتار وتابعت بتهكم ‪:‬‬
‫‪ -‬وهل سأعدم رميا بالرصاص‬
‫تصنعت انادريا مرحا لم تكن تشعر به بالحقيقة عندما دخلت الغرفه كان بليز لوفاليه واقفا قرب النافذه يدخن‬
‫سيكاره وكان ناظره شاردا ووجهه متجهما ‪.‬‬
‫‪ -‬اين كنت ؟‬
‫‪ -‬كنت في جولة استكشافية ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل ذلك يتطلب كل هذا الوقت ؟‬
‫سألها وهو ينفث الدخان بضيق وتبرم ‪.‬‬
‫‪ -‬لماذا تسأل ؟‬
‫سألته وهي تتصنع البراءة وتابعت ‪:‬‬
‫‪ -‬لبد اناك اشتقت لرؤيتي ‪.‬‬
‫خيم بعد هذه المبادلة بالحديث صمت ثقيل قطعه بليز وهو يقول بصوت لم تخدعها رقته ‪:‬‬
‫‪ -‬احذري يا عزيزتي ‪ ,‬قد تجدين اثارتي امرا مسليا الن ولكن العواقب لن تكون على المستوى نافسه من‬
‫الثارة ‪.‬‬
‫بدا في ناظرها كالشيطان وكان على انادريا ان تستجمع كل شجاعتها لتستمر في المواجهة وقالت وهي نافسها‬
‫غير مقتنعه بصدق كلمها ‪:‬‬
‫‪ -‬ان تهديداتك ل تقلقني اناا ول اكترث لها ‪ ,‬واي امر اسوأ من ارغامي على الزواج ؟ ولقد رضخت للمر الواقع‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬ال يوجد اسوء من الزواج ؟‬
‫سألها بتهكم واطلق ضحكة خافته جعلت الدم يجمد في عروقها ثم تابع ‪:‬‬
‫‪ -‬يبقى ان تتعلمي الكثير يا عزيزتي كلير برغم كل هذه الحنكة التي تتبجحين بها ‪.‬‬
‫مالذي قالته كلير في رسائلها يا ترى سألت انادريا نافسها وشعرت بيديها تنفض بدون ارادتها واغاظها اناه‬
‫رآها ‪ .‬ثم سألها فجأه ونابرة طبيعيه ‪:‬‬
‫‪ -‬وهل اعجبك القصر ؟‬
‫ولم تملك انادريا ان تلحظ تقلب مزاجه ‪ .‬اذ كان مثل طقس اوفيرن يصعب التنبؤ به ‪ .‬وباحساسها المرهف‬
‫وشعورها المتطير ادركت ان وراء هذا الهتمام المفاجئ امرا ل تعرفه ‪ .‬فربما يعرف الحقيقة ويريد ان يتسلى ‪.‬‬
‫‪ -‬اناه مثير‬
‫‪ -‬ولكن لبد اناك وجدت الزيارة لبيت الحارس اكثر اثارة ‪.‬‬
‫ادركت انادريا سبب لعبة القط والفأرة التي كان يلعبها معها وبوضوح واعتداد اجابته ‪:‬‬
‫‪ -‬كانات زيارة ممتعه جدا ‪ .‬اشكر لك اهتمامك ولكنني اتساءل لماذا لم تخبرناي بوجود نازيل فيه ‪.‬‬
‫‪ -‬ربما لناني واثق من مقدرتك على استكشاف هذه المور بنفسك ‪.‬‬
‫ولم ينقذها من المأزق الذي وجدت نافسها فيه ال دخول مدام بريسون الغرفة حاملة معها طعام العشاء ‪ .‬التقطت‬
‫انادريا الملعقة بيدها وقالت متابعه الحديث ‪:‬‬
‫‪ -‬مازلت اجهل سبب عدم ذكر هذا المر امامي وانات تعلم بدون شك ان وجود احد ابناء وطني على قاب قوسين‬
‫مني يثير اهتمامي ‪.‬‬
‫‪ -‬ربما كان هذا هو السبب ‪.‬‬
‫‪ -‬ياللوقاحه !‪.‬‬
‫صرخت وبساتنكار سألته ‪:‬‬
‫‪ -‬وماذا تعني بالضبط يا سيدي ؟‬
‫‪ -‬اعني ياجميلتي ان سلوك مدام لوفالييه في المستقبل يجب ان يكون فوق الشبهات بصرف النظر عن حماقات‬
‫الماضي ‪.‬‬
‫صمتت برهة قبل ان تجيبه بصوت مضطرب ‪:‬‬
‫‪ -‬هذه اهاناه !‬
‫‪ -‬لماذا ؟ هل لناني اشير الى امور انات نافسك لم تبقها سرا؟ اكملي عشاءك الن فاناك ناحيلة جدا ‪.‬‬
‫‪ -‬يؤسفني اناي ل اروقك يا سيدي وانات من اعتاد اجمل النساء !‬
‫‪ -‬ل تدعي هذا يزعجك يا عزيزتي ‪.‬‬
‫اجابها بلطف لم تعتده ورفع حاجبيه ونابرة ل تخلو من الدعابه اضاف ‪:‬‬
‫‪ -‬ل شك باناك جذابة بدون هذه الثياب !‬
‫‪ -‬لكن ليس بالنسبة اليك بالطبع !‬
‫‪ -‬آه ‪ ,‬لم اكن ادري اناك ترغبين في ارضائي ‪ ,‬ليس على هذا النحو في أي حال ‪.‬‬
‫اجابها وهو ينحني ليسكب في كوبها مزيدا من عصير الفاكهة الطازجه وتابع ‪:‬‬
‫‪ -‬يمكنك ان تنزعي هذه الثايب اذا كنت حقا ترغبين في معرفة رأيي ‪.‬‬
‫‪ -‬وانات يمكنك ان تذهب الى الجحيم !‬
‫قالت وهي تدفع طبق الحساء وتريق بعضا من محتوياته على المفرش البيض ‪.‬‬
‫‪ -‬لقد كنت هناك وعدت لتوي !‬
‫اجابها بنبرة جعلت موجة الغضب التي اجتاحتها تتحسر فجأه ويحل مكاناها شعور لم تدرك كنهه‬
‫مرت فتره من الصمت قبل ان يوجه اليها أي كلم ثم وبدون مقدمات وكان الدقائق الخيرة لم تكن وكاناه يتابع‬
‫حديثا عاديا ‪ ,‬سألها ‪:‬‬
‫‪ -‬وكيف وجدت المؤرخ الشاب ؟‬
‫‪ -‬اناه يبدو ملما بالموضوع الذي اختاره ‪.‬‬
‫اجابته وهي تجبر نافسها على ان تحذو حذوه وتتكلم بهدوء ثم تابعت ‪:‬‬
‫‪ -‬اخشى اناني لم استطع مجاراته في الحديث ‪.‬‬
‫واسرعت تضيف على طريقة كلير ‪:‬‬
‫‪ -‬وفي أي حال ليس موضوع حرب الغال هو المفضل لدي ‪.‬‬
‫‪ -‬كل ؟ربما لن تقنية الرومان العسكرية ل تروق لكل الناس ولكن الدرس الذي تلقاه القيصر على ايدي اهل‬
‫اوفيرن مفيد وعليك ان تحفظيه وهو ان الخصم من اهل اوفيرن هو خصم مر ‪.‬‬
‫لم تستطعم انادريا بالعشاء الفاخر الذي قدمته لهما مدام بريسون وعندما اقبلت هذه لتاخذ الطباق كانات فكرة‬
‫الهرب مستحوذه تماما على ذهنها وكانات قد وصلت الى الباب عندما اوقفها صوت بليز يسألها ‪:‬‬
‫‪ -‬الى اين انات ذاهبة ؟‬
‫‪ -‬الى غرفتي ‪.‬‬
‫اجابته وهي ترسل اليه من عينيها العسليتين ناظرة شفافه ثم استطردت ‪:‬‬
‫‪ -‬اناني اشعر بالتعب ‪.‬‬
‫‪ -‬اجلسي من فضلك هناك بعض المور اود ان احدثك بشأناها ‪.‬‬
‫‪ -‬مالذي تريد ان تقوله لي ياسيدي ؟‬
‫‪ -‬اود قبل كل شيء ان اعطيك هذا ‪.‬‬
‫ونااولها علبة صغيرة من المخمل اخذتها منه بشكل آلي وفتحتها ‪ .‬شهقت عندما رات الخاتم في داخلها الذي‬
‫كان يستقر على قاعده غلفت بقماش الساتان‪ .‬لم تكن قد رات لذلك الخاتم مثيل ‪.‬‬
‫كان الحجر الكبير في وسطه من الياقوت الحمر النادر وحوله احجار من الماس على شكل زهرة غريبه وكان‬
‫يشع ببريق يخلب البصار ‪.‬‬
‫‪ -‬ماهذا‬
‫‪ -‬اناه خاتم الخطوبة الخاص بعائلة لوفالييه ‪.‬‬
‫اجابها بلهجة من نافذ صبره وبنبرة آمرة اضاف ‪:‬‬
‫‪ -‬ضعيه في اصبعك ‪.‬‬
‫‪ -‬كل ‪.‬‬
‫صرخت وهي تغلق العلبة باناامل مرتعشه ‪.‬‬
‫ضاقت عيناه بشكل ينذر بالخطر واجابها ‪:‬‬
‫‪ -‬لطفا ‪ ,‬اطيعيني ‪.‬‬
‫‪ -‬ل استطيع ليس من حقك ان تطلب هذا ‪.‬‬
‫‪ -‬ماهو من حقي وما هو ليس من خقي ‪ ,‬موضوع سنبحثه في وقت اكثر ملءمه ‪ .‬والن ضعي الخاتم حول‬
‫اصبعك ‪.‬‬
‫‪ -‬من المفروض ان يكون هذا الخاتم عربون حب وليس بيننا أي حب !‬
‫كتم في نافسه لعنه كادت تفلت من بين شفتيه وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬حسنا ‪ ,‬اذا كان ذلك ما تريدين فل بأس ‪.‬‬
‫ولم تدر انادريا ماذا كان يدور في خلده وراته يقوم من مكاناه ويتجه صوبها ‪ .‬اخذ يدها بين يديه وتامل الناامل‬
‫الرقيقة مليا قبل ان يرفعها الى شفتيه ويطبع على راحتها المنبسطه قبلة دافئة بعثت في جسمها قشعريرة عذبة‬
‫‪ ,‬وشعرت ببرودة الخاتم وهو ينزلق في اصبعها ‪.‬‬
‫ظلت ساكنه ل تتحرك وعيناها مغمضتان حتى بعد ان شعرته يبتعد عنها ‪ .‬عندما فتحت عينها اخيرا كان يقف‬
‫قرب الموقد مسندا ذراعه على حافته في الوضع نافسه كما راته عندما التقيا لول مرة ‪.‬‬
‫كان شارد الفكر وعلى وجهه ارتسم حزن عميق ‪ .‬عندما رآها تنظر اليه قال بعصبية ‪:‬‬
‫‪ -‬آمل ان يكون هذا قد حقق بعض توقعاتك ‪.‬‬
‫‪ -‬لم اكن اتوقع شيئا ‪.‬‬
‫اجابته بصدق واحنت رأسها بأسى وهي تقول ‪:‬‬
‫‪ -‬ولكنك بالتأكيد تستطيع ان تحسبه اناتصارا اخر ايها السيد ‪ .‬والن هل اصبح بامكاناي الناصراف ؟‬
‫‪ -‬دقيقه واحده من فضلك ‪ ...‬ستعقد زواجنا بعد غد ‪.‬‬
‫شعرت انادريا بقواها تخور واعترتها رجفه شديده وبصوت بدا غريبا حتى في اذنايها سألته محاولة كسب‬
‫الوقت ‪:‬‬
‫‪ -‬ولم العجلة؟ هل يجب ان يتم الزواج بهذه السرعه ؟‬
‫‪ -‬ناعم ‪ ,‬لقد ابلغني المحامون ان سيمون عازمه على الطعن بوصية جان بول ولهذا السبب علي ان اكون‬
‫مستعدا لها ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن هناك بعض الشكليات القاناوناية ‪ .‬ال يلزمك بعض الوقت لتمامها ؟ ‪.‬‬
‫‪ -‬يبدو ان ذاكرتك ضعيفه يا آناسه‪ .‬هل ناسيت اناني اتممت جميع الترتيبات منذ اسابيع ؟‬
‫حبست انادريا أناة كادت تفلت من شفتيها يبدو ان كلير لم تكن صريحة معها واخفت عليها مدى تورطها ‪ .‬ولكن‬
‫لسوء الحظ ادركت انادريا ذلك متأخر ‪.‬‬
‫ومع هذا لم تشأ ان تضيع وقتها في تحديد المسؤوليات والقاء التهم ‪ .‬كان عليها ان تفكر بروية واتزان وان‬
‫تجعله يعتقد اناها رضخت للمر الواقع واستسلمت لمصيرها ‪.‬‬
‫‪ -‬ليتك انازرتني قبل الن ‪ .‬فما زلت بحاجه الى بعض المشتريات ‪.‬‬
‫‪ -‬ل ارى مشكله ‪ ,‬فبوسع غاستون ان ياخذك الى كلير مون فران غدا ‪.‬‬
‫‪ -‬شكرا لك ‪.‬‬
‫ناهضت من مكاناها وهو تتمتم تحية المساء واناسحبت ‪ .‬توجهت الى الطابق العلوي حيث غرفتها وكان عليها ان‬
‫تمر من امام باب غرفة بليز‪.‬‬
‫وعندما وصلت وقفت تتأمله والفكار تتقاذفها ‪ .‬لبد ان رسالة كلير في مكان ما وراء هذا الباب الموصد‪.‬‬
‫وارتفع صوت في داخلها يحذرها ويقول لها باناها ليست مدينة لكلير بهذا المقدار‪ .‬ولكن ماذا عن عمها وامراة‬
‫عمها ؟‬
‫اليس من واجبها ان تحميهما من خيبة امل كبيرة كانات باناتارهما ان هي اخفقت في المهمه التي ارتضت القيام‬
‫بها ؟‬
‫ادارت وجهها وناظرت الى الوراء ‪ .‬لم تر احدا ول حتى بليز ‪ .‬ولكن لماذا يصعد الى غرفته الن؟ الم تره يستعد‬
‫لقضاء السهرة في الطابق الرضي وقد احضر زجاجة شراب وكوبا ؟‬
‫ظهر على شفتيها طيف ابتسامه اناها فرصتها ويجب ان تغتنمها ‪ .‬خلعت حذاءها واجتازت المسافة بين الدرج‬
‫والغرفه على رؤوس اصابعها وهي تشعر بحرج كبير وبسخف موقفها ‪.‬‬
‫ادارت مسكة الباب برفق فانافتح بسهوله ‪ .‬وبحذر بالغ دخلت واغلقت الباب وراءها وجالت بنظرها في ارجاءها‬
‫‪.‬‬
‫لم تكن الغرفة بالحجم الذي تصورته ‪ .‬وربما بدت اصغر مما هي فعل لضخامة السرير الذي احتل معظمها ‪.‬‬
‫ناظرت انادريا الى السرير بارتباك ‪ .‬ترى كم من الجيال تعاقبت على هذا السرير ؟وكم شهد من الولدات ومن‬
‫الوفيات ؟‬
‫على احد الكراسي رات انادريا ثياب الركوب لتي كان يرتديها ذاك الصباح ملقاة باهمال ‪ .‬شعرت بدافع غريب‬
‫يدفعها لترتيبها في الخزاناه حيث مكاناها الطبيعي ولكنها اوقفت نافسها عن هذا العمل ‪ .‬بدت المنضده ذات‬
‫الدراج العديده افضل مكان لحفظ الرسائل ‪.‬‬
‫اتجهت اليها وجلست على كرسي صغير امامها وراحت تفتح الدراج واحدا بعد الخر ‪.‬وكانات خيبتها تزداد كلما‬
‫اناتهت من تفتيش احدها ‪ .‬بقي واحد لم تستطع فتحه ‪.‬‬
‫وبما ان جميع الدراج التي فتحتها كانات تحتوي ثيابا داخليه ظنت انادريا ان الثياب داخل ذلك الدرج ثمينه جدا‬
‫وال لماذا يقفل عليها بالمفتاح ؟‬
‫حاولت ان تخلعه وراحت يدها تعبث بقبضته ‪ .‬تسمرت فجأة في مكاناها وشعرت ان شخصا يراقبها ‪ .‬رفعت يدها‬
‫وفي المرآة امامها التقت عيناها بعيني بليز ‪.‬‬
‫‪ -‬كان علي ان اخيب ظنك يا آناسه فجميع اوراقي الخاصه مع المحامي في كليرمون فران ‪ .‬واظنك تبحثين عن‬
‫رسالة ابنة عمك ‪.‬‬
‫ظنت لول وهلة ان اذنايها كانات تلعبان عليها حيل ‪ .‬غير ان ابتسامة الشماته التي ارتسمت فوق شفتيه جعلتها‬
‫تدرك معنى ما قال ‪ .‬وبصوت مضطرب واجهته قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬كنت على علم طوال الوقت ؟ كيف عرفت ؟‬
‫‪ -‬لقد علمت منذ وطئت قدماك هذا المكان ‪ .‬وهل كنت تظنين اناني اقوم بكل التحريات حول ابنة عمك ومحيطها‬
‫وعائلتها واستثني شكلها ؟ والفرق بينكما يا عزيزتي شاسع ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكنك لم تبد اناك تعرف !‬
‫‪ -‬وجدت المر مسليا ‪ .‬احببت ان اعرف مدى استعدادك للمر بهذه اللعبة ‪ .‬ولكن رضوخك المفاجئ اثار‬
‫شكوكي ‪.‬‬
‫‪ -‬سأغادر هذا المكان في الحال ‪ .‬هل تسمح لغاستون بتوصيلي الى كلير مون فران ؟‬
‫‪ -‬ولكنك ستجدين جميع المتاجر مغلقه في هذه الساعه المتأخره ‪.‬‬
‫‪ -‬وما دخل المتاجر ؟‬
‫‪ -‬ل يمكن ان تكون ذاكرتك في مثل هذا الضعف ! هل ناسيت ؟ سنتزوج بعد غد ‪.‬‬
‫‪ -‬هل جننت ؟‬
‫‪ -‬بل اناني مازلت في كامل قواي العقلية ‪ .‬لم يتغير أي شيء‪ .‬مازلت بحاجه الى زوجة وربما ابنة عمك غير‬
‫مستعده لللتزام بوعدها فستحلين انات مكاناها يا انادريا ‪ .‬اليس هذا اسمك ؟‬
‫‪ -‬اناك لن تستطيع !‬
‫‪ -‬بل استطيع فجميع التحريات التي اجريتها اظهرت ان عمك ينظر اليك كابنة ثاناية ‪ .‬اليس هذا صحيحا ؟‬
‫وعندما لم يتلق أي جواب تابع حديثه قائل ‪:‬‬
‫‪ -‬اعتقد ان تورطك في فضيحه علنيه سوف يسيء الى عمك تماما كما لو كنت ابنته وانات بالتاكيد ل ترغبين‬
‫في الساءه اليه والى صحته ‪.‬‬
‫‪ -‬ليس هناك من فضيحه حول اسمي ‪ .‬فأناا لم اتورط في أي شيء ولم اقطع وعودا خطية او غير خطية ‪.‬‬
‫‪ -‬هناك عدة اناواع من الفضائح يا عزيزتي هناك ظروف قد تجعلك تتمنين الزواج من أي اناسان حتى مني اناا ‪.‬‬
‫وليس هذا هو المهم ‪ .‬المهم اناني اعدك باناك اذا لم تتزوجي مني بعد يوم غد فاناني سوف اجر اسم عائلتك الى‬
‫المحاكم والصحف البريطاناية ‪ .‬وفي يدي ورقه رابحه هي فيليب فاناتم معشر الناكليز تاخذون بقصص الطفال ‪.‬‬
‫‪ -‬ارجوك يابليز ذلك كفيل بتحطيم عمي ماكس وتحطيم كل اماله واحلمه ‪.‬‬
‫‪ -‬المر بيدك يا انادريا افعلي ما طلبته منك واقبلي بأن تكوناي زوجتي ولو الى حين ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل ستدعني اذهب بعدها ؟‬
‫تفرس في وجهها واطال النظر الى الشفتين المرتعشتين والى العينين الغارقتين في الدموع واكتسى وجهه‬
‫بمسحة من الكآبة والحزن واحنى رأسه وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬حسنا يا آناسه ‪ .‬سنه او ربما اقل من عمرك لقاء سعادة طفل‪ .‬هل اناتفقنا ؟‬
‫‪ -‬اتفقنا ‪.‬‬
‫اجابته وجاء صوتها كرجع الصدى ‪.‬‬
‫‪ -4‬مأزق من صنع يديها‬
‫اوت انادريا الى فراشها منهكة وسرعان ما غلبها النعاس وراحت في سبات عميق ‪.‬‬
‫وعندما استفاقت في صباح اليوم التالي كان شعاع الشمس يغمر الغرفة بنور ذهبي والسيدة بريسون تقف‬
‫بجاناب سريرها وتحمل بين يديها صينية كبيرة ‪.‬‬
‫‪ -‬يا الهي ‪.‬‬
‫قالت انادريا وهي تجلس في سريرها وتبعد شعرها عن وجهها ‪:‬‬
‫‪ -‬لبد اناني اطلت النوم اكثر مما ينبغي ‪ .‬اعتذر اذا كنت قد سببت لك ازعاجا ‪.‬‬
‫تغضن وجه السيده بيرسون بابتسامة عريضة وبكلم كثير افهمت انادريا بأن أي جهد تبذله تجده قليلبالنسبة‬
‫الى عروس السيد لوفالييه ‪.‬‬
‫لم تكن انادريا شديدة الحماس لملقاة ذاك النهار ولكن برغم كل ماكان يخالجها من شعور بالقلق وجدت الكعك‬
‫الساخن الذي احضرته السيدة كلوتيلد بريسون لذيذ المذاق وتناولته بشهية ‪.‬‬
‫‪ -‬هل ترغب الناسة ان احضر لها الحمام ؟‬
‫سألتها مدام بريسون التي كانات تحوم حولها باهتمام واردفت ‪:‬‬
‫‪ -‬لم يبق متسع من الوقت ‪.‬‬
‫‪ -‬متسع من الوقت لماذا ؟‬
‫سألتها انادريا وهي ترجع فنجان القهوة الى الصينية رمتها كلوتيلد بنظرة عاتبة وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬للذهاب الى كلبرمون فران مع السيد لوفالييه ‪ .‬اناه ينتظرك منذ الصباح وهو سيصحبك لشراء ما يلزمك ‪.‬‬
‫ظلت انادريا ساكنه برهة ‪ ,‬ثم دفعت صينية الطعام جانابا وشكرتها وقالت لها بقاتضاب وبدون مقدمات ‪:‬‬
‫‪ -‬ل اريد الذهاب ‪ .‬ارجو ان تبلغي ذلك السيد فأناا اشعر بألم في رأسي ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن يا اناسه ‪ ,‬الغي السيد بعض المواعيد المهمه ليضع نافسه تحت تصرفك هذا النهار ‪.‬وبالضافة الى هذا‬
‫فان كليرمون فران مدينه جميله والطريق اليها ممتعه كما ان الهواء النقي يريحك من الصداع ‪.‬‬
‫‪ -‬اعتقد اناني اعرف ماهو ناافع لي ‪.‬‬
‫اجابتها انادريا بعصبية وشعرت بأن تصرفها كان صبيانايا ولكنها لم تبال فلن يضيرها في شيء ان تبدو كطفلة‬
‫اذا كان ذلك يخلصها من قضاء يوم كامل مع بليز لوفالييه ‪ .‬وتابعت ‪:‬‬
‫‪ -‬اشكريه بالنيابة عني ‪ .‬يمكنك ايضا ان تعتذري منه اذا كان هذا يريحك ولكن عليك ان تقولي له اناني لن اذهب‬
‫معه الى أي مكان بالضافة الى ذلك فقد غيرت رأيي ولست بحاجه الى أي شيء ‪.‬‬
‫بدا واضحا ان تصرف انادريا لم يرق للسيده بيرسون التي اربكها ما يبدر من سيده القصر العنيده فحملت‬
‫الصينيه واناصرفت ‪.‬‬
‫راحت انادريا تتقلب في فراشها وتضغط على الوساده بعصبيه ‪ .‬اناها تعرف لماذا يصر بليز على اصطحابها الى‬
‫كليرمون فران ‪ .‬اناه يريد رؤيتها تتعذب ‪.‬‬
‫اراحت رأسها على ذراعيها وحدقت في الفراغ بعينين ل تريان شيئا ‪ .‬استقر ناظرها على الخاتم حول اصبعها‬
‫وبدون ازاده منها شعرت باصابعها تطبق على راحة يدها التي قبلها بليز في الليلة السابقة ‪.‬‬
‫سمعت طرقا على الباب فاستدارت في فراشها وجعلت نافسها في مواجهته ‪ .‬لم تكن على استعداد لسماع‬
‫محاضرة اخرى من السيدة بريسون في محاولة جديدة لقناعها بمرافقة السيد ‪ .‬وبنزق قالت ‪:‬‬
‫‪ -‬ادخل ‪.‬‬
‫ودخل بليز باقمته المديدة واتجه ناحو السرير بخطوات سريعه ووقف برهة ينظر اليها قبل ان يقول ‪:‬‬
‫‪ -‬الى متى علي ان اناظر ؟‬
‫شعرت انادريا وكاناها تذوب تحت وطأة ناظراته وبحركة غريزية تناولت الغطاء ولفته حول كتفيها وبصوت‬
‫مضطرب قالت ‪:‬‬
‫‪ -‬بامكاناك ان تذهب ساعة تشاء ايها السيد‪ .‬الم توصل لك السيده بريسون رسالتي ؟‬
‫مط شفتيه بشكل فهمت منه انادريا مقدار الحترام الذي يكنه لتلك الرسالة وقال بجفاء ‪:‬‬
‫‪ -‬يحسن بك ان تسرعي فأمامنا رحلة طويلة قبل ان ناصل الى كليرمون فران ‪.‬‬
‫‪ -‬تبين لي اناي لست بحاجه الى شيء واوضحت هذا للسيده ‪ .‬وفي أي حال شكرا لك ‪ .‬والن اريد من فضلك ان‬
‫اخلد الى الراحة ‪.‬‬
‫اجابت انادريا وعيناها تنطلقان بالخيبة التي كانات تشعر بها ‪.‬‬
‫لم يتفوه بأي كلمة واتجه ناحو الخزاناة الضخمة وفتحها وراح يستعرض الثياب المعلقة بداخلها ‪ .‬ولم تملك‬
‫انادريا ال ان تلحظ كم بدت ثابها هزيلة بالنسبة الى الخزاناة الضخمة ‪ .‬بعد برهة سمعته يسألها ‪:‬‬
‫‪ -‬واين ثوب الزفاف ؟ اناي ل اراه ‪.‬‬
‫‪ -‬ثوب الزفاف ؟‬
‫سألته انادريا مشدوهة وبدا السؤال حتى في اذنايها فارغا وسخيفا ‪.‬‬
‫للمرة الثاناية مط شفتيه وبفظاظة قال ‪:‬‬
‫‪ -‬وهل انات بحاجه الى تذكير اخر ؟ قلت لك سيعقد الزواج غدا ويلزمك ثوب للماناسبة‪.‬‬
‫‪ -‬اناا ل ارى ضرورة لذلك اناها في أي حال ليس زواجا تقليديا ‪.‬‬
‫‪ -‬اناك تخدعين نافسك يا آناسة ‪.‬‬
‫قال لها ويداه على خاصرتيه ثم اقترب من السرير وراج يتأملها وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬سوف يكون احتفال تقليديا الى ابعد الحدود ‪ .‬وزواجي بالنسبة الى اهل القرية هو حدث بحد ذاته ‪ .‬وعليك ان‬
‫تؤدي دور العروس السعيده باتقان اول في كرودون حيث يتم توقيع عقد الزواج المدناي وبعد ذلك في كنيسة‬
‫القرية حيث ستجري مراسم الحتفال الديني ‪ .‬لن يكون ذلك صعبا عليك فأنات تجيدين التمثيل ‪ .‬وسوف ترتدين‬
‫بالطبع ثوبا ابيض وطرحة بيضاء كأي عروس في يوم عرسها وهذا في أي حال ما يتوقعته اهل القرية ولن‬
‫ناخيب امالهم ‪.‬‬
‫‪ -‬لن افعل شيئا من هذا ‪.‬‬
‫صرخت في وجهه وصدرها يعلو ويهبط من شدة النافعال ‪ ,‬ثم اضافت وكاناها تبرر انافجارها ‪:‬‬
‫‪ -‬وهذا في رايي منتهى الرياء !‬
‫‪ -‬لماذا لن اللون البيض ل يصلح لحالتك ؟‬
‫لم تعد تحتمل المزيد وصرخت في وجهه بضراوة ‪:‬‬
‫‪ -‬ايها الـ ‪ ....‬اخرج من غرفتي ‪.‬‬
‫‪ -‬لي كل الحق بوصفي خطيبك ان ابقى في الغرفة ‪.‬‬
‫قال لها بهدوء ووجد من المناسب ان يذكرها ببعض الحقوق والواجبات المترتبه على الخطيبين فتابع ‪:‬‬
‫‪ -‬للخطيب ما للزوج تقريبا من حقوق يا عزيزتي وناصيحتي لك ان ل تدعي هذه الحقيقة تغيب عن بالك ‪ .‬والن‬
‫ارتدي ثيابك فلقد اضعنا من الوقت مافيه الكفاية ‪.‬‬
‫وبحركة مفاجئة سحب الغطاء بدون ان يترك أي مجال للمقاومة ‪ .‬اطلقت صرخه غضب واسرعت يداها الى‬
‫قميص ناومها المغضن لكنه اتجه الى الخزاناه وعاد يحمل بيد يديه طقمها القمحي اللون ويضع قطع من الثياب‬
‫الداخليه وقذف بالجميع بدون شكليات ول مراسم على السرير ثم ناظر الى ساعته وقال لها ‪:‬‬
‫‪ -‬اماك ‪ 5‬دقائق لتكوناي جاهزة سأوافيك في الطابق الرضي وارجو ان ل تقولي لي بعد ذلك باناني لم احذرك ‪.‬‬
‫وبعدما خرج شعرت اناه ليس امامها أي خيار فهرولت الى الحمام واغتسلت بسرعه وراحت تحضر نافسها كما‬
‫طلب خشية ان ينفذ تهديداته ‪.‬‬
‫لم يقرع الباب هذه المره وعندما دخل كانات انادريا في كامل ثيابها ما عدا وشاحا من الحرير الوردي كانات‬
‫تحاول ان تلفه حول عنقها ‪.‬‬
‫التقت عيناها بعينيه في المرآة وبرغم العبوس الذي كان ما ال يكسو وجهه لمحت ناظرة اعجاب وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬هل انات جاهزة ؟‬
‫‪ -‬لم يبق شيء ال ان اصفف شعري ‪.‬‬
‫اجابته بصوت مرتعش وتمنت ال يكون قد لحظ ذلك ‪ .‬اقترب منها ووقف خلفها تماما وتناول الفرشاة وراح‬
‫يمررها على شعرها الغزير برفق ثم اخذ بعض الخصلت بين اناامله ورفعها حتى بان عنقها كله ثم تركها‬
‫تنساب كالشلل على كتفيها وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬اتركيه منسدل هكذا ‪.‬‬
‫وللمرة الثاناية في تلك اللحظات القليلة التقت ناظراتهما في المرآة ‪.‬‬
‫تناولت حقيبة يدها بيد مرتجفة وقلب واجف وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬هل ناذهب ؟‬
‫‪ -‬كما تريدين ‪.‬‬
‫وكان في صوته وعلى وجهه لغز حيرها ‪ .‬رمى الفرشاة من يده ووقف جانابا مفسحا لها الطريق لتتقدمه ‪ .‬لم‬
‫تكن متاكده من ان ساقيها قادرتان على حملها لكنها سرعان ما تمالكت نافسها ورفعت رأسها بشموخ وسارت‬
‫امامه ‪.‬‬
‫لم يدم هذا الهدوء طويل فما ان وصل الى الباحة الخارجية حتى وقعت عيناها على ما جعلها تصرخ من الغيظ ‪.‬‬
‫كانات السيارة التي جاءت بها من باريس جاثمة اما الباب وسألها وكاناه يلهو ‪:‬‬
‫‪ -‬لو اناني فقط كنت اعلم اناها مازالت هنا‪ ,‬اليس هذا ما تقولينه الن في سرك ؟‬
‫وجدت ان الصمت ابلغ جواب فصعدت في المقعد المامي بدون ان تجيب لكنها لم تتمالك ناظرة متوعده رمته‬
‫بها ‪.‬‬
‫كان عليها ان تقر بمهارته في قيادة السيارة فالمنعطفات والناحناءات الخطرة التي جعلت قلبها يقفز الى حلقها‬
‫وهي في طريقها الى سان جان دي ووش لم تكن شيئا بالنسبة اليه ‪.‬‬
‫لم تستطع انادريا ان تصمد طويل امام الجمال المتدفق من كل شيء حولها واناهارت مقاومتها واسترخت في‬
‫مقعدها تنعم بالدفء المنبعث من اشعة الشمس التي غمزت وجهها وعنقها ‪ .‬اختلست ناظرة الى بليز ‪...‬‬
‫هل كان عاقد العزم على الستمرار في الصمت ؟ با لقوة ارادته ! قالت في نافسها ويا لضعف ارادتي !‬
‫شعرت بغصة وهي تنظر الى وجهه ذي التقاطيع القوية والخطوط الشامخة ولم تترى الندبة من حيث كانات‬
‫جالسه ‪.‬‬
‫واعتقدت اول المر ان اهتمامه كان منصبا على الطريق امامه ولكن سرعان ما صدمتها تلك المسحة من‬
‫الحزن التي عاد وجهه واكتسى بها فادارت ناظرها اليه ولم تعد تحوله عنه ‪.‬‬
‫‪ -‬بما تحدقين يا آناسه ؟ هل تتساءلين لماذا ل اخضع لجراحة تجميليه ؟‬
‫‪ -‬لم يخطر هذا المر في بالي اطلقا ولكن الن وبما اناك اخترت ان تفتح الموضوع فأناي اسألك بالفعل لماذا ؟‬
‫‪ -‬ربما لناني اود ان احتفظ بما يذكرناي ‪. ....‬‬
‫‪ -‬يذكرك بماذا ؟‬
‫‪ -‬بان ل شيء يدوم وخاصة تلك المشاعر التي ناسميها حبا ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكنها ناظرة متشائمة وفيها الكثير من عدم الثقة ‪.‬‬
‫‪ -‬اناه درس تعلمته من الحياة ‪.‬‬
‫ثم غرق في صمت غريب لم تجرؤ على اختراقه وجلست قربه ساكنه وشرد فكرها في متاهات بعيده وراحت‬
‫الفكار تتقاذفها ‪ ,‬لم كل هذه المرارة ؟ ابسبب الوقوف على عتبة زواج لم يتم ؟ ام بسبب خطبة تافهة جعلته‬
‫يحكم على ناساء الرض كلهن من خللها ؟‬
‫لبد ان حبه لها قد ترك في نافسه اثارا ل تمحى وال لماذا يغرق في كل ذلك الحزن وتلك المرارة ؟ مخطئ هو‬
‫اذا ظن ان الندبة في وجهه تقلل من جاذبيته وهل يعقل ان ل يكون قد شعر باناجذابها ناحوه ؟‬
‫وباحساسها المرهف شعرت اناديا ان الندبة فوق خده لم تكن شيئا بالنسبة للجروح في نافسه والتي لشفاه له‬
‫منها ربما ال بقدر كبير من الحنان والعاطفة ‪ .‬هي بالطبع لن تكون هناك لتمنحه ايها ‪.‬‬
‫كم احزناتها تلك الفكرة وكم حاولت عبثا ان تذكر نافسها باناها ليست سوى سجينه في قصره ‪ .‬ولكن كان عليها‬
‫ان تواجه الحقيقة فهي لن تكون حرة بعد اليوم ‪.‬‬
‫اوقف بليز السيارة في شارع جانابي هادئ ‪ .‬وكان عليهما ان يذهبا سيرا على القدام الى شارع المرفأ حيث‬
‫المتاجر الفخمة ‪ .‬ارادت انادريا ان تتمهل امام بعض الواجهات التي تعرض الشياء الثرية ال ان بليز استمر‬
‫يسير بسرعه ولم يتح لها مجال للتوقف وكان عليها ان تركض تقريبا لتجاريه في مشيته السريعه‪.‬‬
‫وعندما وصل اخيرا الى المكان المنشوده كانات انادريا تلهث من شدة التعب استقبلتهما عند المدخل امرأة في‬
‫العقد الـ ‪ 4‬من العمر ذات عينين نااعستين وانااقة مفرطه ‪.‬‬
‫غرقت السيده في حديث هامس مع بليز وكان واضحا ان انادريا بالذات كانات موضوع هذا الحديث وازعجها جدا‬
‫ان تكون مستثناه من الحوار المفروض ان يعنيها هي قبل سواها ‪ .‬أولم يكن ايضا من الذوق السليم ان‬
‫يشركاها معهما ؟‬
‫بعد ان فرغا من الحديث رمت المرأة انادريا بنظرة متأملة قبل ان تقول لها بكل تهذيب ‪:‬‬
‫‪ -‬اتبعيني من فضلك يا آناسة ‪.‬‬
‫وتقدمتها الى غرفة فسيحة غطيت جدراناها بالمرايا وماهي سوى لحظات حتى اقبلت على الغرفة صبيه تحمل‬
‫على ذراعها عددا من اثواب الزفاف البيضاء ملفوفة في اوراق شفافة ‪.‬‬
‫كان على اناريا ان تسجل موقفا فقالت في الحال وهي تشير بيدها الى الفساتين ‪:‬‬
‫‪ -‬ل اريد ثوبا ابيض ‪.‬‬
‫لم تكن انادريا ترغب في السماح لي كان ان يجعل منها دمية للعرض ‪ .‬وثوب الزفاف البيض يحمل معاناي لم‬
‫تكن موجوده في العلقة التي تربطها ببليز ‪ .‬ومهما يكن من امر فهي لن ترتدي ثوبا ابيض ‪.‬‬
‫ولكن كيف وجدت نافسها بعد قليل وكاناها مسلوبة الرادة في فستان ابيض رائع امر لم تستطع انادريا تفسيره ‪.‬‬
‫وعندما جربت اخيرا ثوبا من قماش الورغنزا الشفاف عادت وارسلت المساعده لتأتيها بالطرحه لترى‬
‫الصورة الكاملة التي ستبدو بها ‪.‬‬
‫ظلت السيده قربها تساعدها وتضع لمسات هنا واخرى هناك الى ان بدت راضيه عن الصورة امامها ثم وبحنان‬
‫ناظرت الى انادريا وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬والن اناظري الى نافسك بالمرآة ‪.‬‬
‫ناظرت في المرآة من هي تلك الصبية الممشوقة القوام التي تسبح في غيمة بيضاء سماوية ؟‬
‫بعد ذلك ازاحت السيده ستارا فاصل وبرفق دفعت انادريا امامها الى حيث كان يجلس بليز ‪..‬‬
‫يجب ال يراناي بثوب الزفاف قالت في نافسها ‪ ,‬فذلك ناذير شؤم وارادت ان تتراجع لكنها عادت وتذكرت ان هذا‬
‫الرمز البسيط لم يكن ال واحدا بين عشرات من تقاليد الزواج المحببه والتي لم تكن تعنيها في شيء فهما‬
‫بالنتيجة يحضران لتمثيليه ليس ال ‪.‬‬
‫وقع بصره عليها كانات عيناه باردتين تحت حاجبين معقودين وبدا ناافذا الصبر عصبيا ‪ .‬ربما لم يعجبه‬
‫الفستان ‪ ,‬قالت انادريا في نافسها ‪ ,‬او ربما شعر بسخف المهزلة التي كان مقدما عليها او ربما ‪ ,‬وهذا هو الهم‬
‫تذكر خطيبته السابقه وهي تختال بثوب الزفاف البيض ‪.‬‬
‫اومأ برأسه اخيرا الى السيده التي ظلت واقفه تنتظر اشارة منه وتمت ‪:‬‬
‫‪-‬رائعه ‪.‬‬
‫وتوقف قليل ثم اضاف ‪:‬‬
‫‪ -‬قدمي للناسة كل ما تحتاجه ول تنسي الحذاء ‪.‬‬
‫تقدمت منه وثوبها يبعث حفيفا كحفيف اوراق الشجر ‪,‬ووضعت يدها على زناده وقالت له بتوسل ‪:‬‬
‫‪ -‬ارجوك يابليز ‪ .‬اصغي الي ل يمكنني ول يجوز ان ارتدي هذا الثوب ‪.‬‬
‫‪ -‬ولم ل ؟‬
‫سألها بصوت ل تعبير فيه وكانات ناظرته اليها ل تختلف عن ناظرة أي اناسان الى تمثال جميل في واجهة احد‬
‫المتاجر وتابع ‪:‬‬
‫‪ -‬اناه يلئمك تماما ‪.‬‬
‫‪ -‬اناها ليست ملءمة او عدم ملءمة ‪.‬‬
‫اجابته ثم اخفضت صوتها عندما لحظت ان صاحبة المحل كانات تراقبهما بفضول وتابعت ‪:‬‬
‫‪ -‬اذا كان يلئمني فهو بالتأكيد ل يلئم المناسبة ‪.‬‬
‫وهذا الثوب تابعتفي سرها يمثل كل ما تفتقر اليه في هذا الزواج ‪ .‬اناه رمز السعاده والحلم الوردية والحب‬
‫واين هو الحب في علقتنا هذه ؟‬
‫‪ -‬اظن اناه مناسب جدا ‪ ,‬وسوف ترتدينه غدا وتظهرين امام المدعوين في الصورة التي يتوقعوناها ‪ ,‬لتجزعي‬
‫يا عزيزتي اعتبريه ان اردت زيا مبتكرا لحفلة تنكرية ترتدينه لبضع ساعات فقط ثم تتخلصين منه الى البد ‪.‬‬
‫لم تنجح انادريا في اقناعه بان ارتداء هذا الثوب بالذات هو ضرب من ضروب الخياناه واناه ل يجوز ان يشوها‬
‫رمزا من رموز الحب والجمال بالنفاق ‪ .‬فلقد اصر على موقفه معتبرا كلمها عاطفيا وبدون منطق ‪.‬‬
‫بعد ان فرغا من مشترياتهما واصبحت العلب والصناديق جميعهما في السيارة ‪ ,‬اقترح بليز وبدون أي مقدمات‬
‫ان يريها الماكن الثرية والسياحية في المنطقة ‪.‬‬
‫توجها الى ساحة دوليل المشهورة بالنبع في وسطها حيث القى بطرس الناسك عظة الحرب الصليبية الولى ‪.‬‬
‫بعد ذلك قاما بزيارة الكاتدرائية السوداء ذات الطراز القوطي ‪ ,‬وجدتها انادريا في غاية الفخامة ولكنها لم‬
‫تستطع ان تقاوم شعورا بالناقباض اعتراها فجأة وردته الى الحالة النفسية التي كانات فيها ‪.‬‬
‫بعد ذلك تناول طعام الغداء على شرفة مطعم روبات الفخم والذي يشرف ايضا على المدينة القديمة ‪.‬ولدهشتها‬
‫اكتشفت انادريا اناه كان باستطاعتها ان تنعم حقا بالطعام وبالشراب وباشعة الشمس وحتى بقليل من‬
‫السترخاء ‪.‬‬
‫ناظر اليها بليز بعينين ناصف مغمضتين بسبب وهج الشمس وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬ما الذي يسعدك ؟‬
‫وكان مستلقيا على كرسيه باسترخاء ‪.‬‬
‫‪ -‬ل يهم ‪.‬‬
‫اجابت بسرعه وشعرت بالخجل لناها سمحت لخيالها ان يطير بها بعيدا وكاناها خالية البال ‪.‬‬
‫‪ -‬كما تشائين ‪.‬‬
‫تمنت لو اجابته فالعلقة بينهما كانات متوتره بدون ان يظن باناها كانات تتعمد عدم اشراكه في افكارها ‪ .‬تنهدت‬
‫وهي تسترجع في ذاكرتها جولتهما ذاك الصباح وكيف اقتصر الحديث بينهما على بضع كلمات مقتضبه‬
‫وتنهدت في اعماقها ‪.‬‬
‫الى متى كان سيستمر في حرب الصمت هذه ؟ الم يكن عليهما ان يتحدثا بشأن مستقبلهما ؟ وهل يعقل ان يتم‬
‫الزواج في اليوم التالي بدون ان يتوصل الى تفاهم ناهائي حوله ؟ استرقت اليه ناظرة ورأته يدخن سيكارته‬
‫ويحدق في الدخان المنبعث منها وكأن ل شيء اخر في الدنايا يستحق التفاته من غير ذلك الدخان ‪.‬‬
‫كانات الشرفة تغص بالزبائن حتى في ذلك الوقت المتأخر من الفصل واوحت اليها الجموع المحتشده فكرة‬
‫مجنوناه وهي اناه بامكاناها ان تختفي بينهم ‪.‬‬
‫ولم يكن بليز قد دفع حساب الغداء بعد‪ .‬يمكنها ان تتظاهر باناها تريد ان تغسل يديها وبعدها تتدبر امرها ‪.‬‬
‫وتبلورت الفكرة في رأسها ‪:‬سنذهب الى احد فنادق كيرمون فران بالذات اذ لن يخطر بباله البحث عنها في‬
‫المدينه نافسها فهو سيظن اناها غادرتها بأسرع وقت ‪.‬‬
‫ناظرت الى بليز وراته ينقل بصره في ارجاء المكان بحثا عن النادل ‪ .‬ناهضت من مكاناها وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬اعذرناي لبضع دقائق فقط ‪.‬‬
‫‪ -‬بالطبع ‪.‬‬
‫اجابها وهو ينهض بدوره يناولها حقيبة يدها وبنبرة مهذبة تابع ‪:‬‬
‫‪ -‬ويؤسفني ان اعلمك بأناني سمحت لنفسي بأن اخذ جواز سفرك عندما كنت تجربين الثواب في المتجر فلنقل‬
‫اناه تدبير احتياطي فقط وعلى هذا فاناني ادعوك الى التخلي عن فكرة مجنوناه قد تراودك لناها يا عزيزتي لن‬
‫يكتب لها النجاح ‪.‬‬
‫حاولت جاهده ان تخفي خيبة المل التي اصابتها وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬لم يكن ذلك ضروريا ايها السيد فلقد استسلمت لقدري ‪.‬‬
‫‪ -‬اتمنى ان يكون ذلك صحيحا فلربما لم يكن هذا الزواج المحنة التي تتصورين ‪.‬‬
‫وبغضب ويأس صرخت في وجهه بكلم جارح لم يكن من عادتها ان تسمح لنفسها به وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬وهل تخشى ان تتخلى عنك خطيبتك للمرة الثاناية ؟ هل تعتقد ان البتزاز والتهويل هما الطريق الوحيد‬
‫للحصول على عروس ؟ وهل هذا التهديد بتدمير عائلتي هو من شيم عائلتك الكريمه وهل انات فخور بعملك هذا‬
‫؟‬
‫‪ -‬ما الذي ترمين اليه من خلل هجومك ؟ اذا كنت تستدرجينني لقذف جواز سفرك في وجهك وارسلك الى‬
‫الجحيم فانات لم تحسبي الحساب وعلي ان اخيب املك‪ .‬وسيكون من دواعي سروري ان اعلمك اصول المعاملة‬
‫وحسن التصرف عندما تصبحين زوجتي ‪.‬‬
‫شعرت انادريا بارتباك شديد عندما رأت عيون الزبائن تنتصب عليهما في فضول وبتلعثم قالت ‪:‬‬
‫‪ -‬لربما كان من الفضل ان ناتابع حديثنا في مكان غير هذا ‪.‬‬
‫لكنه اجابها وبشكل قاطع ‪:‬‬
‫‪ -‬ل ارى سببا لكمال الحديث ‪.‬‬
‫وبنقرة من اصابعه على الطاولة امامه هرع اليه النادل ودفع بليز الحساب واناطلقا ويده على ذراعها كالكماشة‪.‬‬
‫‪ -‬اناك تؤلمني ‪.‬‬
‫‪ -‬ليته كان عنقك !‬
‫اجابها بنبرة جعلتها تنظر اليه بدهشة واستنكار واجابته وهي تتظاهر بشجاعه لم تكن تشعر بها بتاتا ‪:‬‬
‫‪ -‬هذا لسان حالي فعندها اتخلص منك على القل !‬
‫كاناا يسيران في محاذاة سياج من الشجر ‪ .‬استدار ناحوها فجأة ودفعها حتى التصق ظهرها بالسياج وشعرت‬
‫باغصان الشجر واوراقها تنكسر وتخدش جسمها من خلل قماش ثوبها الناعم ‪ .‬وبصوت ارسل الرعب الى‬
‫قلبها وهو يصر بأسناناه ‪:‬‬
‫‪ -‬قلت بأناني سألقنك درسا بعد الزواج ‪ .‬ولكنك بحاجة الى درس سريع كما يبدو ‪.‬‬
‫وقبل ان تستوعب تماما ما كان يقصد بكلمه هذا كان يمسك بكتفيها ويهزها بعنف ثم يجذبها ناحوه ويطوقها‬
‫بذراعين قويتين جعلت انافاسها تنحبس ‪...‬‬
‫شعرت انادريا بدوار في رأسها ولم تعد ساقاها قادرتين على حملها واعترتها رجفة شديده ولم تنجح في كبح‬
‫استجابتها العفوية التي كانات ملى بالمشاعر ‪.‬‬
‫وجاء صوته وكأناه من عالم اخر يقول بل مبالة ‪:‬‬
‫‪ -‬غاستون في اناتظارناا اذا كنت جاهزه يا آناستي ‪.‬‬
‫ومد يده واناتزع من بين خصلت شعرها الحرير بعض اوراق الشجر وبدون مقدمات التقط خصلة من شعرها‬
‫ورفعها بيده ولم يتركها ال بعد ان رفعت بصرها ناحوه والتقت ناظراتهما ‪ .‬اطال النظر في عينيها وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬ل تستفزناي بعد اليوم ‪.‬‬
‫ثم اخذ ذراعها برفق وتابعا سيرهما ‪.‬‬
‫كانات رحلة العودة مختلفة تماما عن رحلة الصباح ‪ .‬اذ وجدت انادريا نافسها محشورة بين بليز الذي تولى‬
‫القياده وبين غاستون الذي جلس الى يمينها والرجلن في حديث معظمه بالفرناسية وكان يدور حول امور‬
‫زراعيه واخرى تتصل بالقصر والتعاونايه وكاناها كيس من التبن بينهما او حتى كاناها غير موجوده‬
‫عندما توقفت اخيرا الناد روفر في باحة القصر الخارجية كانات انادريا بالفعل منهكة فنزلت من السيارة بثقل‬
‫متجاهلة يد بليز التي مدها اليها ليساعدها على الهبوط استوقفها بنبرة آمره وسألها ‪:‬‬
‫‪ -‬هل تودين ان يحمل غاستون الغراض الى غرفتك ؟‬
‫كان بودها ان تقول له بالضبط ما توده ان يفعل بها ولكنها فضلت ان تلوذ بالصمت درءا لفورة اخرى من‬
‫غضبه المحموم شكرته ببضع كلمات مقتضبه وتابعت سيرها ‪.‬‬
‫وجدت انادريا السيده بريسون في المطبخ وكانات منهمكة في تلميع وتنظيف اعداد هائلة من الواناي الزجاجية‬
‫والفضيه والكواب والطباق ‪.‬‬
‫كان واضحا اناها تحضر لحفلة الستقبال التي ستقام في اليوم التالي ‪ .‬لم تدر ما تقول وبتلعثم واضطراب افهمت‬
‫السيده اناها اعتقدت ان الستقبال سيقتصر على الخصاء فقط ‪.‬‬
‫غير ان السيده لم تأبه لكلمها وراحت تطمئنها بان ما تشعر به من عصبيه وضيق هو امر طبيعي ويسمى‬
‫بحالة اعصاب العروس وجميع العرائس يشعرن به ‪.‬‬
‫كانات جميع العلب والصناديق في الغرفة عندما صعدت انادريا اليها كان بودها ان تتجاهلها ‪ ,‬ولكن قلبها لم‬
‫يطعها خاصة فيما يتعلق بذلك الثوب الرائع ‪.‬‬
‫كان عليها ان تخرجه من علبته وتعلقه فهو ل يستحق ان يتغضن داخل العلبة وبنفس حزينه وقلب واجف‬
‫اخرجته من علبته واخذت الكليل والطرحه ووضعتهما على المنضده ‪.‬‬
‫اعتراها حزن مفاجئ ففي مرات سابقه التي كان يسرح فيها خيالها كانات تتخيل نافسها يوم عرسها محاطه‬
‫بجميع افراد عائلتها ‪.‬‬
‫سمعت طرقا على الباب وظنت اناها السيده بريسون ولم تشأ ان ان تجيب فلقد كانات بالفعل في حالة من الرهاق‬
‫النفسي والعصبي والجسمي الشديد ‪ .‬وقالت في نافسها ان السيده بريسون لن تلبث ان تتصرف ظنا منها ان‬
‫انادريا مستغرقه في النوم ‪.‬‬
‫وبدل ان ينصرف الطارق كما توقعت فتح الباب ودخل الغرفة ‪ .‬ولم تكن الخطوات التي سمعتها انادريا قطعا‬
‫للسيده بريسون ‪.‬عضت انادريا على شفتيها واخذت نافسا عميقا وظلت ساكنه بل حراك ‪.‬‬
‫ومن حسن الصدف اناها كانات مستلقية على السرير وظهرها للباب مرت دقائق خالتها زمنا وخشيت ان يعرف‬
‫اناها لم تكن مستغرقة في النوم ان هي اتت بأدناى حركة ولذلك قطعت تقريبا نافسها وحرصت على ان تظل في‬
‫الوضع نافسه ‪ .‬اخيرا سمعت وقع خطواته تبتعد والباب يغلق بهدوء وراءه ‪.‬‬
‫ظلت ساكنه ل تأتي بحركة حتى بعد ان ترك الغرفة ‪ .‬ولم تنهض من سريرها ال عندما شعرت بقشعريرة‬
‫وارادت ان تخلع ثيابها وترتدي ثياب النوم الى فراشها على الستلقاء يريحها ‪ .‬وعندما مدت يدها لتتناول‬
‫قميص النوم لمست انااملها شيئا وجدته عندما التقطته رزمة صغيره ملفوفة على شكل هدية ‪ .‬كانات على يقين‬
‫ان تلك العلبة الصغيرة لم تكن من بين المشتريات ‪.‬‬
‫ناظرت اليها بحيرة‪ .‬كانات متأكده اناها اخرجت جميع مشترياتها من الصناديق ولم تكن هذه من بينها فمن اين‬
‫اتت اذن وماذا كانات تحتوي ؟‬
‫راحت تقلبها بين يدها ‪.‬كانات علبة صغيرة خفيفة الوزن وكان حولها شريط معقود بشطل جذاب ‪.‬امن اجل هذا‬
‫دخل بليز غرفتها ؟ بدا هذا المر صادرا عنها بالذات ‪ ,‬صعب التصديق ‪ .‬ولكن لم ل ؟ هل كانات تعرفه وتعرف‬
‫حقيقته ؟ طرحت هذا السؤال على نافسها وهي تتذكر عناقه الدافئ في حديقة الفندق ذاك الصابح ‪.‬‬
‫لم تستطع ان تكبح فضولها ففتحت العلبة لترى ماكان بداخلها ‪ .‬امتلت يداها فجأة بقماش نااعم ‪ .‬قربته من‬
‫النافذه فوجدت ان ما امتلت به يداها كان قميصا للنوم من قماش الداناتيل البيض تأملته بعينين مشدوهتين ‪.‬‬
‫ما معنى هذه الهدية الحميمة ؟ تساءلت في نافسها وماذا كان يقصد من وراء هذه البادرة ؟ فالتناقض بين هذه‬
‫الهدية وما ترمز اليه وبين التدبير العمل الذي شرحه لها ووعدها به كبير جدا ‪.‬‬
‫ربما اراد ان يحذرها باناه لن يتخلى عن حقوقه الزوجية وباناها ل يجب ان تثق بوعوده السابقه حول الزواج‬
‫صوريا ‪.‬واذا كان المر كذلك فما الذي كان ينتظرها يا ترى ؟‬
‫وبعد ان اعتقدت بان المور ابتدأت تتوضح في ذهنها جاء بهديته تلك بقلب المور رأسا على عقب ويبعث في‬
‫نافسها هواجس كانات تأمل في طيها ‪.‬ومرة اخرى وقعت فريسة افكارها وهواجسها ‪.‬‬
‫كان عليها ان تدوس على قلبها وان تتجاهل تلك المشاعر والحاسيس التي راحت تجيس في نافسها ان كانات‬
‫تبغى الخروج من هذه المعركة بادناى حد من الكرامة والكبرياء ‪.‬‬
‫وكان عليها من اجل ذلك ان تجد طريقة ما تفهمه باناها لن تسمح له باكثر من الشكليات الرسمية المتعلقة بهذا‬
‫الزواج وبأناها لن تسمح له بأكثر من الشكليات الرسمية المتعلقه بهذا الزواج وباناها لن تدع عناقه الدافئ‬
‫يشوش تفكيرها السليم مهما كان الثمن ‪.‬‬
‫انادفعت من غرفتها والقميص بين يديها ‪ .‬وجدت غرفة بليز غارقة في الظلم المزدوج الضخم ثم اناهالت على‬
‫القميص تمزيقا حتى اصبح قطعا بين يديها ورمته على سريره واناطلقت تعدو وكأن الشيطان في اثرها ‪.‬‬
‫‪ -5‬العروس والسطورة ‪:‬‬

‫أرجعت اندريا كوب الشراب بدون ان تمسه ‪.‬‬


‫كانت السماء متجهمة والمطر ينهمر بغزارة كحراب من فضة ‪ .‬اسندت‬
‫جبينها الملتهب الى الزجاج النافذة وشعرت ببرودة مريحة ‪.‬‬
‫كانت تشعر بانزعاج شديد من دبابيس الشعر التي كانت تسبب لها وخأزا في رأسها ‪،‬‬
‫كما كانت الطرحة تزعجها كذلك‪.‬‬
‫وأخأير اا وجدت نفسها في الغرفة وحدها اذ خأرج بليز ليودع الكاهن وطبيب القرية وهما آخأر الضيوف‪.‬‬
‫وكانت اندريا ذلك الصباح قد وقفت بين الضيوف تبتسم تارة وتصافح اليدي الممدودة تارة أخأرى ‪ ،‬وتتمتم‬
‫بكلمات الشكر مرة ثالثة‬
‫حتى كاد رأسها ينشق الى نصفين بسبب الجهد الذي بذلته ‪.‬‬
‫سمعت الباب الخأارجي يغلق وتحفزت لملقاة بليز الذي مالبث ان دخأل الغرفة بقامتة المديدة ‪ .‬وبدا في طقمة‬
‫السود وقميصة الناصع البياض‬
‫مفرط الناقة جذاباا ‪ .‬لكنه كان اكثر تباعدا وتحفظا من عادته ‪.‬‬
‫وخأيم على الغرفة صمت ثقيل قطعته اندريا بقولها ‪:‬‬
‫) هل ذهب جميع الضيوف ؟(‬
‫) نعم(‬
‫أجابها وهو يرفع حاجبيه مستفهما وتابع‪:‬‬
‫) ولم تسألين ؟ ل بد انك متشوقة للنفراد بي !(‬
‫شعرت اندريا بالدم يصعد الى رأسها ولكي تخأفي ارتباكها اجابته بشيء من الغطرسة والستفزاز قائلة‪:‬‬
‫) وهل يعقل هذا (‬
‫) احذري يا اندريا !(‬
‫صرخ بوجهها وعيناه تضيقان ونظرته تبعث في جسدها ارتعاشا ا وقشعريرة ‪.‬‬
‫لم يكن قد تسنى لهما حتى تلك اللحظة ان يتحدثا على انفراد ولذلك لم يكن لدى انريا ادنى فكرة حول ردة‬
‫الفعل التي اثارها في نفسه‬
‫وتمزيق قميص النوم الذي اهداها اياه الليلة السابقة ‪ .‬على ان اندريا شعرت وهي تقف بقربه في مبنى‬
‫المحافظة ذاك الصباح وبعدها في الكنيسة الرعائية‬
‫الصغيرة في القرية‪ .‬بعاطفة تهز كيانها هزا وكأنه عاجز عن السيطرة الكلية عليها وذلك برغم حرصه على‬
‫الظهور بمظهر المتمالك اعصابه والمسيطر على الموقف تماما ‪.‬‬
‫وعندما انحنى وليطبع قبلة الزواج التقليدية على جنتها بعد ان اعلنهما الكاهن زوجين بالكاد ل مست شفتاه‬
‫خأدها وكانت عيناه المغمضتان تحجبان عنها ما كان يجيش في داخأله من أحاسيس‪.‬‬
‫لم تكن اندريا مطمئنة لكل تلك اللمبالة التى أظهرتها بل على العكس فقد اثارت في نفسها شكوكا وتوجسا‬
‫وجعلتها تشعر بالندم على ما بدر منها ازاء قميص النوم في الليلة السابقة ‪.‬‬
‫ربما كان عليها ان تخأفيه فقط في احد الدراج وتناسى وجوده ل ان تتصرف كما فعلت ‪.‬‬
‫ولكن ماذا ينفع الندم بعد فوات الوان ؟‬
‫ولم تر مناسبا ان تشرح المر له وتعتذر لئل تزيد الطين بلة ‪.‬‬
‫ولم يبق امامها اذن ال ان تتجاهل المر كلة وتطلب من المولى ان يلهمه هو كذلك ان يغض النظر ‪.‬‬
‫اشتد الصداع في رأسها ولم تعد تقوى على تحمل الطرحه والدبابيس اكثر من ذلك ‪.‬‬
‫فانتزعتها عن رأسها وتركت شعرها ينساب حول وجهها وعنقها وعلى كتفيها عل ذلك يريحها ويخأفف من‬
‫ألم رأسها ‪.‬‬
‫ظنت انها سمعت شهقه مكتومه صادرة عن بليز ولكنه كان عندما نظرت اليه جامدا كالصخأر ووجهه كلوح‬
‫اردوازي ممسوح ‪.‬‬
‫أخأرج من جيبه علبة سكائر وأخأذ سيكارة وأشعلها بهدوء وتأمل ‪.‬‬
‫وكان على اندريا ان تبلل شفتيها الجافتين قبل ان تستطيع التكلم وقالت‪:‬‬
‫) هل تتوقع ضيوفا بعد؟ ام انه اصبح باستطاعتي ان أبدل ثيابي الن ؟(‬
‫) كل ‪ .‬ولكن لما العجلة؟ أنت فاتنه في هذة الثياب ونحن الن وحدنا (‬
‫) ربما ‪ .‬ولكنني ل اشعر بالراحة ‪ ،‬وليس هناك ما يوجب بقائي في هذا الثوب ‪.‬‬
‫فلقد انتهى الدور واعتقد بأنني قمت به خأير قيام ‪ ،‬والن أود ان اعود الى حقيقتي (‬
‫) وما هي حقيقتك تلك التى تودين استرجاعها ؟ أنت الن يا عزيزتي السيدة اندريا لوفالييه ويجب ان ل تغيب‬
‫هذة الحقيقة عن ذهنك(‬
‫) وهل يعقل ان انسى؟(‬
‫تمتمت وعيناها على الخأاتم حول اصبعها ورفعت يدها ودلت عليه وهي تقول ‪:‬‬
‫) واذا ما نسيت فان هذا كفيل بتذكيري !(‬
‫) ولكنه للسف مؤقت(‬
‫اجابها وهو ينتزع سترته ويضعها باهمال على احد الكراسي ثم تابع ‪:‬‬
‫) علي ان اجد طريقة تجعلك تشعرين بحقيقة هويتك الجديدة يا سيدتي (‬
‫وضعتها كلماته تلك في حالة استنفار وحذر لكنها اجبرت نفسها على الحتفاظ بهدوء اعصابها وقالت‪:‬‬
‫) لدي فكرة(‬
‫) حقا‪ ،‬انك تحيرينني يا سيدتي وماهي فكرتك تلك؟(‬
‫) أنا اعلم ان زواجنا شكلي فقط ‪ .‬ولكن هل سينطبق هذا التدبير الشكلي على مركزي في المنزل ايضا؟(‬
‫) ل افهم ‪ .‬عم تتكلمين ؟(‬
‫) قالت لي السيدة بريسون انها تريد بعض الوقت لتنصرف الى اشغال البرة وبأنك وعدتها بذلك بعد الزواج ‪.‬‬
‫فاذا كانت حقا هذة ارادتك ‪ ،‬فهل يعني ذلك انني سأكون‬
‫مسؤولة هنا واتمتع بصلحيات ربة المنزل ؟(‬
‫) وأي صلحيات تريدين؟(‬
‫سألها وفي عينيه لغز محير ‪.‬‬
‫) هناك تغييرات عديدة يحتاجها القصر وفي نيتي اول ان اجعل الجناح الذي نشغله‬
‫اقل قفراا وأكثر رونقا ا(‬
‫توقفت قليل ‪ ،‬وعندما لم تحط منه بأي جواب تابعت وكأنها تدفع عن نفسها تهمه ‪:‬‬
‫) لدي بعض المال ‪ .‬وأريد فقط ان اعرف اذا كنت ستطلق يدي في هذة المور ام انه علي ان اعرض المر‬
‫عليك قبل تنفيذه ؟(‬
‫) يجب ان تحصلي على موافقتي في المور الكبيرة فقط ‪ .‬ولكنني ل اريدك ان تنفقي من مالك ‪ ،‬فأنا لست‬
‫معدما كما تظنين !(‬
‫) لم يخأطر هذا المر في بالي ‪ .‬ما اردت ال المساعدة فقط (‬
‫) انا ل ارفض مساعدتك ‪ .‬كل ما في المر انني ل اريد منك ان تجعليها تقتصر على المور العملية فقط(‬
‫قال ذلك واقترب منها ووضع يده تحت ذقنها ورفع وجهها اليه وراح يتأملها ‪ .‬وفجأة ظهرت على وجهه‬
‫ابتسامة عريضة عندما رأى ما ارتسم على وجهها من علمات التمرد والتحفز ‪ .‬ثم تابع‪:‬‬
‫) اعتقد انه من الفضل ان تبدأي عملك بتجهيز غرفة لفليب ‪ .‬فلقد اصبح بامكاني ان اضمه الي الن وكلفت‬
‫المحامي‬
‫ان يجري اتصالت مع سيمون وذلك لنزع وصايتها عنه ونقلها الي ‪ .‬وعلى هذا فان قدومه الينا‬
‫اصبح وشيكا ا(‬
‫) حسنا ‪..‬كم عمره؟(‬
‫) خأمس سنوات تقريبا(‬
‫أجابها وبعد تفكير قصير أردف‪:‬‬
‫) أل يزعجك وجود طفل ل تعرفينه؟(‬
‫) أنا مشغوفة بالطفال(‬
‫وأربكها ان ترى ما ارتسم في عينيه من أهتمام ‪ ،‬وعندها اجابها برقه قائلا‪:‬‬
‫) سوف اتذكر ذلك دائما (‬
‫) هل اصبح بامكاني الذهاب الن؟(‬
‫) اذا كنت مصرة‪ ،‬لكن يجب ان احذرك بأن كلوتيلد تتوقع منك تصرفا ا غير هذا ‪.‬‬
‫فهي من عائلة شديدة التمسك بالتقاليد وربما كان عليك ان تنتظري منها محاضرة طويلة حول واجباتك‬
‫كزوجة ‪ ،‬فهي ل تقبل أي مزاح في هذا الموضوع ‪،‬‬
‫ولم تكن راضية اطلقا عندما رفضت السماح لها بنقل ثيابك الى غرفتي وساءها جدا هذا التدبير(‬
‫) وماذا قلت لها غير ذلك؟(‬
‫) قد ل يسرك ما قلته لها ‪ .‬هل أنت متأكدة انك ترغبين في سماعه؟(‬
‫صرخأت بانفعال ‪:‬‬
‫) حقا!(‬
‫واندفعت خأارجه ‪ .‬هدأت قليل عندما وجدت نفسها أخأيرا وحدها في غرفتها ‪.‬‬
‫خألعت ثوب الزفاف وارتدت سروال من القماش الجينز وسترة‬
‫وشعرت انها أكثر حصانة عما كانت فيه في ثوب الزفاف الشفاف والذي يحمل الكثير من الغراء‪.‬‬
‫تأملت صورتها في المرآة ورأت كيف يظهر هذا السروال تقاطيع جسمها بكل وضوح ‪ .‬فهالها ما وصلت اليه‬
‫حالتها من تعقيد فهي لم تكن يوما بحاجة الى تحليل ما قد يثيره‬
‫لباسها في الخأرين من تأثير‪.‬‬
‫تناولت فرشاة الشعر وراحت تسرح شعرها المتساقط على كتفيها ثم وضعت بعض الحمره فوق خأديها‬
‫الشاحبتين‪ ،‬وعادت تتأمل صورتها في المرأة ‪ .‬أرضتها الصورة المنعكسة نوعا ما‪.‬‬
‫ألهت اندريا نفسها بترتيب غرفة الطعام‪ .‬كانت بدون شك الغرفة الكثر استعمال في البيت كله ومن الطبيعي‬
‫اذن ان تبدأ بها ‪ .‬تأملت الستائر الذهبية التى بهت لونها وخأبا رونقها‬
‫بمرور الزمن‪ .‬ل بد انها كانت في منتهى الجمال والفخأامة ذات يوم ‪ ،‬ولن يكون من السهل اطلقا ايجاد‬
‫القماش نفسه وان وجد فل شك بأن ثمنه سيكون باهظا جدا نظرا لخأيوط الذهبية التى كانت تتخألله ‪.‬‬
‫ربما حالفها الحظ ووجدت قماشا قريبا منه ول بأس ان كان أقل فخأامه وجودة‪ ،‬وعندها يمكنها ان تستبدل ما‬
‫يلي من الستائر وربما بعض اغطية الكراسي ايضا‪.‬‬
‫حملت بعض الكواب الفارغة وتوجهت الى المطبخ حيث كانت كوتيلد تحضر طعام العشاء ‪ .‬نظرت الى اندريا‬
‫باستنكار ولم تقل شيئا ‪ .‬ولكن عندما اخأبرتها اندريا انها كانت ستجهز غرفة فيليب ‪ ،‬أثنت عليها‬
‫وعرضت ان ترافقها في جولة عامة على غرفة الطابق العلوي ‪.‬‬
‫ادركت اندريا حتى قبل ان تنتهي من استعراض الغرف في القصر ‪ ،‬حجم المسؤولية التي جلبتها لنفسها‬
‫وارتضت بها‪.‬‬
‫لم تار غرفة واحدة تصلخ لطفل الخأامسة من عمرة فجميع الغرف كانت كبيرة جدا واثاثها من النوع الفخأم‬
‫والطراز القديم الذي ل يمكن ان يرتاح اليه الطفال‪.‬‬
‫لم يبد ان السيدة بريسون فهمت ماكانت اندريا ترمي الية ‪.‬‬
‫فجميع الغرف في نظرها كانت صالحة وأي واحده منها تليق بالسيد فيليب وةلم توافقها ابدا على ان الثاث‬
‫الضخأم والستائر القاتمة اللوان تشكل عائقا‪.‬‬
‫قالت اندريا وهي تبعد عن وجهها خأصلة من الشعر تهدلت عليه ‪:‬‬
‫) ال يوجد في القصر كلة غرفة اصغر قليل من هذة التي استعرضناها الن؟(‬
‫وكانت الغرفة الخأيرة في جولتها السواء حجما واثاثا‪.‬‬
‫فأي طفل في الخأامسة كان ول بد سيخأتفي في ذلك السرير الضخأم ‪.‬‬
‫عادت اندريا وكررت السؤال نفسة قائلة‪:‬‬
‫) ماذا قلت‪ ،‬ال يوجد غرفة أصغر من تلك؟(‬
‫بسطت كلوتيلد يديها وكأنها تستلم وأخأبرت اندريا ان جميع غرف الطابق العلوي كانت غير صالحه للستعمال‬
‫وهي في أي حال تقل ضخأامة عن غرف الطابق السفلي ‪.‬‬
‫) وماذا عن البرج ؟(‬
‫) لم تطأه قدم منذ وفاة السيد الكبير ‪ .‬ويقال انه غير آم‪(،‬‬
‫) أريد أن ألقي نظرة عليه(‬
‫كانت جميع البواب المؤدية الى ذلك الجزء من القصر موصدة ‪،‬‬
‫واستغرق التفتيش عن المفاتيح وقتا طويل ‪ .‬وعندما فتح الباب الكبير اخأيرا محثا صريرا لم تتمالك اندريا‬
‫شعورا غريبا اجتاح كيانها ‪.‬‬
‫صعدت الدرج اللولبي المؤدي الى الطابق العلوي ووجدت نفسها في غرفة فسيحة عارية تماما ‪.‬‬
‫تفحصت الرض بقدميها فوجدتها صلبة ‪ .‬نظرت حولها بتفاؤل ‪.‬‬
‫فهذه الغرفة المستديرة ذات الجدران المنحنيه تبدو ملئمة جداا‪.‬‬
‫وارتسمت الصورة النهائية في رأسها ‪.‬‬
‫كانت ستخأتار اثاثا بسيطا وحديثا والوانا مبهجه للنظر وكانت ستفرش بسطا ا ذات الوان زاهية وقابلة للغسيل‬
‫اما الغرفة السفلى فستحولها للمطالعة واللعب بعد ان تكون قد افرغتها من محتوياتها بالطبع ‪.‬‬
‫برز رأس كوتيلد من الباب الفقي في أرض الغرفة وقالت لها وفي صوتها قلق وخأوف ‪:‬‬
‫) احذري ياسيدتي (‬
‫) ل عليك‪ .‬الغرفة سليمه ول يوجد اي خأطر ‪ .‬أل تظنين انها تصلح لفيليب ؟ انها بنظري مثالية لطفل في‬
‫سنة(‬
‫تجهم وجه السيدة بريسون وتمتمت بكلم لم تفهم منه اندريا شيئا‪.‬‬
‫) ما المر ؟(‬
‫سألتها اندريا بانزعاج وتابعت‪:‬‬
‫) ل تقولي لي الن ان البرج تسكنه الرواح أو أي شيء من هذا القبيل !(‬
‫هزت السيدة بريسون رأسها بالنفي ولكن النظرة الحادة لم تفارق عينيها وقالت‪:‬‬
‫) ان أرواح الموات من آل لوفالييه ترقد بسلم ياسيدتي ‪ .‬لمن هناك بعض الشائعات والقاويل (‬
‫) حول هذا البرج بالذات؟(‬
‫بدا واضحا ان كوتيلد لم تكن تجد هذا الموضوع مسليا وقالت باقتضاب‪:‬‬
‫) حصلت مآسي هنا (‬
‫) لكل بيت قديم نصيبه من المآسي ‪ .‬وربما عرف سكان هذا القصر أوقاتا سعيدة ايضا‪.‬‬
‫الشقاء والسعادة يتساويان بالنتيجة ويلغي الواحد منهما الخأر ‪ .‬ال توافقين؟(‬
‫لم يبد ان السيدة بريسون اقتنعت بهذا الكلم ‪ .‬ولكن اندريا لم تأبه لذلك واقتربت من ادى النوافذ ومدت رأسها‬
‫من بين اللواح المكسوة‬
‫بالغبار والسخأام وسرح نظرها الى البعيد ‪.‬‬
‫كان منظر الطبيعة خألبا وبدت بيوت القرية كلها من تحتها ورأت النهر‬
‫يتلل في قعر الوادي السحيق ‪ .‬قررت ان تضع اريكه او ربما وسادة على افريز النافذة و تحولة الى مقعد‪.‬‬
‫وتمنت لو تحتفظ بهذة الغرفة لنفسها ‪ ،‬لكنها كانت متأكدة من ان بليز ل يمكن ان يرضى بذلك فالغرفة كانت‬
‫بعيدة وعزولة عن باقي اجزاء القصر‪.‬‬
‫قطع عليها حبل تفكيرها صوت كلوتيلد التي قالـت؛‬
‫) ال تعتقدين انه يحسن ان تبحثي المر مع السيد لوفالييه قبل اتخأاذ أي قرار؟(‬
‫حدقت فيها اندريا و‪:‬نها عادت فجأة الى دنيا الواقع وقالت لها ‪:‬‬
‫) سأخأبره بالتأكيد‪ .‬ولكنني ل اتصور بأنه سيمانع ‪ .‬فهذا المكان افضل من أي مكان آخأر في القصر ‪.‬‬
‫انه دافئ ومريح واعتقد ان شكله غير العادي سيسعد طفل في الخأامسة من عمره ‪ .‬انه يروقني كثيرا(‬
‫قالت هذا ثم عادت الى النافذة تحاول فتحها ‪ .‬كان خأشبها قديما ومتيبسا ومفصلتها تعلوها الصدأ‪،‬‬
‫وخأافت اندريا ان تكسرها ان هي ضغطت بقوة اكثر‪.‬‬
‫ولكن بعد قليل شعرت بالمفصلت تلين قليل بين يديها ومالبثت النافذة ان انفتحت‬
‫على مصراعيها مرسلة اصوات احتجاج حادة‪.‬‬
‫نظرت اندريا الى كوتيلد بانتصار وزهو وقالت‪:‬‬
‫) هذا كل ما يحتاجه هذا المكان ‪ .‬الهواء النقي وبعض التغيير ‪ .‬ال توافقين؟(‬
‫كانت اندريا تزيل بمنديلها ما علق من غبار وسخأام على يديها عندما سمعت صفيرا منبعثا من مكان ما في‬
‫باحة القصر‪.‬‬
‫نظرت الى اسفل والتقت عينيها بعيني الن الذي كان هو الخأر ينظر الى أعلى ‪.‬‬
‫) ما الذي تفعلينه عندك؟ هل تقومين بدور رابونزل ؟(‬
‫) شيء من هذا القبيل ‪ .‬ولكن للسف ان شعري ليس طويل لجعلة حبل تتسلق عليه!(‬
‫) أظن ان الدرج عملي أكثر ول يسبب الما ا لحد ‪ .‬هل هناك درج ؟ وهب يمكنني أن أصعد أليك؟(‬
‫وقبل ان تجيبه ‪ .‬سمعت اندريا السيدة بريسون تتنحنح وراءها ‪ .‬من الواضح انها لم تكن‬
‫تقر مثل ذا الحديث من عروس في يوم عرسها ‪ .‬ولذلك قالت له‪:‬‬
‫) هناك بعض التعقيدات ‪ .‬سأنزل أنا اليك(‬
‫هبطت الدرج ببطء ويدها على الحائط لتحفظ توازنها مما جعل بصرها يستقر على الخأاتم الذهبي العريض‬
‫الذي كان يزين اصبع يدها اليسؤى‪.‬‬
‫ماذا كانت ستقول للن ولم يمض بعد ثمان وأربعون ساعة على تأكيدها له بأنها كانت في مهمة عمل ل‬
‫يربطها ببليز غير علقة عمل ؟‬
‫كان عليها ان تمر بالبناء الرئيسي قبل ان تخأرج الى الباحة لموافاته كما وعدته ‪ ،‬فتركت السيدة بريسون في‬
‫البرج وطلبت اليها ان توصد البواب كما كانت ‪.‬‬
‫ما ام وقع بصره عليها حتى سألها والمل يعلو وجهه ‪:‬‬
‫) هل تريدين فنجانا من الشاي؟(‬
‫) كل ‪ ،‬شكرا (‬
‫اجابته وهي تحاول ان تجد الكلمات المانسبة لتخأبره بما جيد بدون ان تصدمه بالحقيقة ‪ .‬استقر رأيها اخأيرا‬
‫على ان تخأبره بطريقة مباشرة‬
‫وصريحه فقالت‪:‬‬
‫) أكثرت من الطعام والشراب اليوم(‬
‫) هل كنتم تحتفلون؟(‬
‫) شيء من هذا القبيل (‬
‫اجابته وهي تخأرج يدها من جيبها وتريه الخأاتم في اصبعها ‪.‬‬
‫) يا آلهي !(‬
‫قال كمن صعق وانتزع نظارتيه عن عينيه ومسح زجاجها بطرفه سترته‬
‫وسألها مضدوها ‪:‬‬
‫) ومتى حدث هذا ؟(‬
‫) هذا الصباح ‪ .‬ربما بدا لك ذلك غريبا(‬
‫) انه ل يعنيني في شيء(‬
‫اجابها بتهذيب شديد واستدار لينصرف ‪.‬‬
‫) بحق الجحيم(‬
‫صرخأت اندريا وهي تمسكه من ذراعه لتوقفه عن النصراف ثم اضافت ‪:‬‬
‫) أما زال عرضك قائم بخأصوص فنجان الشاي قائما؟ أود ان اشرح لك المر !(‬
‫) بالطبع انه قائم‪ .‬ولكن ل لزوم لي شرح‪ .‬انها حياتك وأنت حرة ول شأن لي بها ‪ .‬ولكنني بصراحه‬
‫ل استطيع ان اتصورك مع هذا الرجل السمر !(‬
‫توقف قليل وعل الحرار وجنتيه ثم قال ‪:‬‬
‫) المعذرة ‪ .‬ربما لم يكن من الئق ان ادعو السيد لوفالييه بهذا اللقب امامك مع ان التسميه تلئمه جدا (‬
‫)صحيح (‬
‫اجابته وهي ترجع يدها الى جيب سروالها وتتقدمه بضع خأطوات باتجاه غرفته ‪.‬‬
‫ووبعد ان شربا الشاي نظر اليها آلن بامعان ثم قال‪:‬‬
‫) أرجو ان ل يكون هناك اي ضير من سلوكنا هذا ‪ .‬فالمفروض انك في شهر العسل ‪.‬‬
‫وكيف يتركك تغيبين عن عينيه ولو للحظه واحدة؟(‬
‫) عندما قلت انني هنا في مهمه ‪ ،‬لم يكن ذلك مغاير للحقيقة ‪ .‬وليس بيننا أي علقة حب لكي تعتبر هذا تطفل‬
‫(‬
‫وما ان تفوهت بهذه الكلمات حتى شعرت بضخأامة اللم الذي سببته لها ‪ .‬ولم تجد ال الشاي ملذا لها في تلك‬
‫اللحظه فراحت تشربه وكأن رأحتها‬
‫تكمن في هذا السائل الذي حرق فمها ‪.‬‬
‫) لن أتظاهر بانني فهمت شيئا ‪ ،‬فانا بالواقع لم افهم ولكنني اعرف امرا واحدا وهو انني ل اريد ان يهجم‬
‫العريس‪.‬‬
‫فاقدا اعصابه ‪ ،‬ليقطعني اربا!‬
‫هل تعلمين ان الجريمة العاطفيه ل تزال دفاعا عن النفس في فرنسا ؟(‬
‫تبسمت اندريا وهي تهز رأسها ولم تجب ‪.‬‬
‫عاد آلن الى الكلم وقال ‪:‬‬
‫) ولكنك لم تخأبريني ماذا كنت تفعلين في البرج كنت اظنه منطقة محرمة!(‬
‫) لم تبد كوتيلد اي حماس للفكرة ولكنها لم تقل لي أي شي من هذا (‬
‫) ل استغرب عدم حماسها للفكرة فربما كانت تخأشى ان تلتقي مع ماري دنيز وجها لوجه !(‬
‫اجابها وعندما رأى الدهشة التي ارتسمت على وجهها اضاف ‪:‬‬
‫) الم يذكر لك احد شسئا عن ماري دنيز؟(‬
‫) لم اسمع بهذا السم قبل الن!(‬
‫اجابته اندريا بضيق ثم سألته ‪:‬‬
‫) ومن هي ماري دنيز؟(‬
‫عشرات الحتمالت في رأسها قبل ان يأتيها جواب آلن ‪ .‬هل كانت ماري دنيز الخأطيبة التي عاملت بليز بهذه‬
‫القسوة ؟ اخأيرا سمعته يقول ‪:‬‬
‫) لو ولدت قبل مئتي سنة لكنت عرفت ماري دنيز ‪ .‬يبدو انها كانت زوجة كبير عائلة لوفاليييه في ذاك‬
‫الوقت ‪.‬‬
‫وكان للعائلة اذ ذاك لقب تخألوا عنه ابان الثورة الفرنسية فيما بعد(‬
‫توقف آلن قليل ورمى اندريا بنظرة ثاقبة قبل ان يتابع قصته‪:‬‬
‫) ويقال ان زواج ماري دنيز من زوجها كان مدبرا ولم يكن احدهما قد رأى الخأر قبل الزواج‪.‬‬
‫وعندما وجدا نفسيهما وجها لوجه يوم الزفاف شعرا بنفور متبادل بحسب الشائعه الرائجه اليوم‪.‬‬
‫وبعدها بقليل رجع الماركيز الى فيرساي لكن لم يصطحب ماري دنيز معه وتركها في القصر لتنعم وحدها‬
‫بلقبها الجديد (‬
‫) وهل تمتعت باللقب ؟(‬
‫) يبدو انها كانت فتاة جريئة ومليئة بالحيوية فما لبثت بعد ان تركها زوجها ان وجدت عزاءها في احدهم ‪،‬‬
‫فحملت في غياب زوجها وولدت صبيا ‪.‬‬
‫ول بد انه كان للماركيزة أعداء لن احدهم على ما يبدو نقل الخأبر للماركيز الذي هرع الى القصر عند سماعه‬
‫النبأ وكان قدومه غير متوقع ‪.‬‬
‫ولكن وعلى ما يبدو ‪ ،‬هناك ما دفع الماركيزة الى اتخأاذ الحيطة فعندما وصل الى القصر لم يكن الطفل فيه بل‬
‫كان مع حاضنته في مكان آمن في الخأارج‬
‫وبدا كل شيء طبيعيا ‪ .‬والفلحون في اعمالهم كالمعتاد الزوجة ) الوفية( بانتظاره ‪.‬‬
‫بقي عدة أيام في القصر ثم رجع الى باريس معتقدا بان الخأبر كان دسيسة مغرضة ول صحة له(‬
‫) وكيف عرفت كل هذا ؟(‬
‫) الم اقل لك انني جئت الى هنا لدرس تاريخ المنطقة؟ وهذه احدى القصص التي يتبرع الناس بسردها‬
‫بدو اي مقابل ‪.‬‬
‫سمعت مايزيد عن عشر روايات حولها لكنها جميعا متشابهه من حيث الوقائع‪.‬‬
‫فجميع القصص مثل تقول ان والد الطفل الحقيقي بقي مجهول ‪.‬‬
‫منهم من قال انه احد المالكين في الجوار ومنهم من ذهب الى القول بانه احد الفلحين ومنهم من قال بانه‬
‫كان رئيس عمال الماركيز(‬
‫) يبدو انها كانت ‪ ،‬رحمها ا ‪ .‬ذات نشاط واسع(‬
‫) انما ليس كما تتصورين ‪ .‬فبعد ولدة الطفل لم يعد احد يسمع بأي فضيحة ‪.‬‬
‫ويقال بأنها كانت سيدة محبوبه وذات شعبية واسعه ‪ ،‬تحسن معاملة الخأدم اكثر من زوجها وفي المرات‬
‫القليلة التى كان يأتي الماركيز‬
‫لزيارتها كانت دائما ترسل الطفل الى مكان آمن حتى يحين موعد انصرافة (‬
‫) الم يكتشف الماركيز امر هذا الطفل ابدا ؟(‬
‫) بلى (‬
‫أجابها آلن بأسى وتابع‪:‬‬
‫) يبدو ان كان لماري دنيز عدو لدود ‪ .‬ربما ذلك الشخأص نفسة الذي اخأبر الماركيز عن الطفل في المرة‬
‫الولى وفي احد اليام تظاهر الماركيز بالسفر ثم فاجأ زوجته بعودته في اليوم نفسه‪.‬‬
‫وعندما وصل الى القصر كانت ماري دنيز مع طفلها في البرج ‪.‬‬
‫كانت تداعبه وتدندن له الحانا رقيقة‪ .‬ولما رأت زوجها الماركيز يدخأل من الباب‬
‫فجأة‪ ،‬حاولت ان تتقدم منه بعذر مقبول فادعت انه ابن احدى الخأادمات وبانها تدربه ليصبح خأادمها المخألص‬
‫في المستقبل ‪.‬‬
‫وهكذا علم الماركيز بالمر ‪.‬‬
‫) وماذا قال لها عندها ؟(‬
‫) لم يقل شيئا‪ ...‬تظاهر بأنه صدقها واستمر يؤدي دور الزوج المطمئن خألل اسبوع كامل كان اثناءه يتفقد‬
‫املكه الشاسعه‬
‫ويقيم الحفلت ويبادل فلحيه الحاديث الودية ‪ .‬وماري دنيز قامت بدورها كذلك‪ .‬لم تعد تخأفي ابنها لكنها‬
‫حرصت على ابقائه بعيدا عن الماركيز ظنا منها ان مال تراه العين ل يمكن‬
‫ان يؤذي القلب ‪ .‬وفي احد اليام صعدت الى البرج ووجدت الباب موصدا والمفتاح في ثقبه ‪.‬‬
‫ارادت بالطبع ان تعرف السبب فقال لها زوجها ان المكان غير آمن لن طفل احدى الخأادمات وقع من احدى‬
‫النوافذ ومات في الحال ‪.‬‬
‫صرخأت اندريا وهي تحدق فيه مصعوقة ‪:‬‬
‫) يا آلهي ‪ ..‬وما ذا فعلت بعد ذلك؟(‬
‫) وما الذي بامكانها فعله ؟ لم يكن بوسعها ان تثبت شيئا ‪ .‬كان عليها ان تستمر في التظاهر ‪ .‬ولم تستطع ان‬
‫تندبه او ان تلبس عليه ثياب الحداد ‪.‬‬
‫وعندما ذهب الماركيز الى باريس اصطحبها معه ولم يعودا بعد ذلك الى سان جان دي روش ‪ .‬وبعد بضع‬
‫سنوات تناهى الى السماع ان الثنين ارسل الى المقصلة في عهد الرهاب‪.‬‬
‫وانتقل القصر الى احد ابناء عم الماركيز اذ لم يكونا قد انجبا أولدا ‪ .‬ومنذ ذلك الحين ساد العتقاد بأن البرج‬
‫يجب ان يظل مقفل وال عادت اليه ماري دنيز لتجد ابنها (‬
‫كانت اندريا ترتجف ‪ ،‬وقالت تخأاطب نفسها ‪:‬‬
‫) قالت لي السيدة انه ل اشباح في المكان(‬
‫) بالطبع ل يوجد اشباح انها مجرد قصة وامل ان ل اكون قد اخأفتك(‬
‫) كل لكنني كنت عازمه على تحويل البرج الى غرفة لطفل صغير ننتظر قدومه ليعيش معنا ‪ .‬انه ابن شقيق‬
‫زوجي ولكنني ‪ ،‬ربما غيرت رأيي(‬
‫) لست أدري(‬
‫قال آلن وهو يشغل نفسه بابريق الشاي ثم تابع ‪:‬‬
‫) ربما تكون اعادة المكان الى الستعمال افضل حل يضع حدا لهذه الخأرافة(‬
‫لم تقتنع اندريا بهذا الكلم ولكنها ادركت اليبب الذي جعل السيدة‬
‫بريسون تصر على ضرورة اخأذ رأي بليز في الموضوع ‪.‬‬
‫نهضت اندريا من مكانها واستأذنت بالنصراف وهي تقول ‪:‬‬
‫) يحسن بي ان اذهب الن وشكرا على ضيافتك واود ن ادعوك الى تناول العشاء معنا في اليام القليلة‬
‫القادمة(‬
‫) ليس في المستقبل القريب ‪ .‬ربما في وقت لحق (‬
‫عندما عادت اندريا الى القصر ‪ ،‬كانت كوتيلد تروح وتجيء في القاعه الكبرى وعلى وجهها‬
‫علمات الستنكار ‪ .‬وعندما وقع نظرها على اندريا اسرعت تسألها ‪:‬‬
‫) هل تريد السيدة ان احضر لها الحمام ؟(‬
‫ادركت اندريا انه بالنسبة الى مدبرة المنزل ‪ ،‬كان شهر العسل في اوجه وما سؤالها عن تحضير الحمام ال‬
‫كتذكير مهذب بأنه عليها ان تبدل ثيابها استعداد للعشاء‪.‬‬
‫اوشكت اندريا ان تقول لها بانها تفضل البقاء كما هي ‪.‬‬
‫لكنها عدلت عن فكرتها وهي تشعر انها لن تربح شيئا اذا عارضت السيدة بريسون‪.‬‬
‫أطالت اندريا النظر الى صورتها في المرآة ‪ .‬بدا كل شيء ولو في الظاهر ‪ .‬على ما يرام ‪ ،‬كان شعرها‬
‫الكستنائي معقوصا خألف اذنيها وحوله شريط رقيق من لون الثوب وتدلى من اذنيها زوج اقراط ذهبية‬
‫دقيقة الصنع ‪ .‬على ان الشحوب الذي مل وجنتيها افشى حقيقة امرها ‪ .‬وبدت عيناها شديدتي التساع في‬
‫وجهها الشاحب‬
‫وحول فمها ارتسمت علمات الرهاق الشديد ‪ .‬واطلقت تنهيدة من اعماقها فلم تكن تود ان تظهر امام بليز في‬
‫هذه الصورة التي توحي بالضعف والستسلم ‪.‬‬
‫لكنها عادت وتذكرت انه ليس في القصر كهرباء ومن المحتمل اذن ال يلحظ بليز شحوب وجهها والهالت‬
‫السوداء تحت عينيها ‪.‬‬
‫وقفت اندريا في باب الغرفة التي تحولت بقدرة قادر الى عش غرامي يوحي كل ما فيه بالحب والحنان ‪.‬‬
‫حتى القناديل العادية وغير المثيرة استعيض عنها بشموع اضفى نورها على الغرفة جوا رومانطيقيا لطيفا ‪.‬‬
‫ترددت اندريا قبل ان تدخأل وراودتها فكرة الهروب ‪ .‬ارادت ان تحتمي في غرفتها لكن العقل قال لها ان تبقى‬
‫وتحاول ان تظهر بمظهر من ل بلحظ شيئا غير عادي‪.‬‬
‫وأهم شيء‪ ،‬قال لها عقلها ‪ .‬وهو ان ل تدع بليز يرى النفعالت التى كانت مرتسمه على وجهها ‪.‬‬
‫اثارت اعصابها هذه الخألوه التي فرضت عليها ‪ .‬ليتها اقنعت بليز باصطحابها الى مكان عام‪ .‬الى مطعم‬
‫كرودون مثل الذي اخأبرها عنه آلن ‪.‬‬
‫او ليتها اقنعته بدعوة عدد من الصدقاء لتناول العشاء معهما ‪.‬‬
‫ولكن من الذي كان سيلبي الدعوة؟‬
‫كان الجميع سيرفضون افساحا في المجال للعروسين‪.‬‬
‫الم تقرأ كل ذلك في العيون الفضولية وفي الوجوة المترقبة؟‬
‫قطع جبل تفكيرها صوت خأفيف انبعث من مكان ما في الغرفة ‪.‬‬
‫رفعت اندريا رأسها لترى بليز واقفا بقرب الريكه ‪ .‬كان وجهه في الظل ولذلك لم تستطع اندريا ان تقرأ ما‬
‫ارتسم على ملمحه من مشاعر واحاسيس ‪.‬‬
‫) أخأفتني (‬
‫) ربما كأس من الشراب يصلح المور (‬
‫) شكراا لك(‬
‫تمتمت بصوت غير مسموع وهي تتناول الكوب الذي احضره لها وتأخأذ بضع رشفات منه بدون ان تستطعم‬
‫مما فيه‪.‬‬
‫كانت يداها ترتجفان بشدة الى درجة انها خأشيت ان تسكب على ثوبها ‪.‬‬
‫ولكن لم يبد ان بليز ل حظ أي شيء من عصبيتها ‪.‬‬
‫) اخأبرتني كوتيلد بانك ترغبين في تحويل البرج الى غرفة لفيليب (‬
‫اخأتلست اليه نظرة سريعه علها ترى في وجهه ما لم تستطع ان تتبينه من صوته ولكنها لم تنجح في معرفة‬
‫حقيقة مشاعرة في هذا الشأن فاجابته‬
‫بحذر‪:‬‬
‫) بدت فكرة ل بأس بها اول ولكنني لم اعد متأكدة الن من صلحيتها(‬
‫) هل لي ان اعرف السبب الذي جعلك تغيرين رأيك؟(‬
‫) اعتقد ان المر واضح‪ .‬سمعت قصة ماري دنيز(‬
‫) آه ‪ ..‬اذن أخأبرك احدهم هذة القصة القديمة(‬
‫) أل تصدقها أنت؟(‬
‫) لكل بيت عريق نصيبه من القصص‪ .‬ولكن ل يجب ان نبالغ في أهميتها ‪ .‬فمن الصعب جدا بعد كل هذه‬
‫السنين ان تفصل الحقيقة عن الخأيال(‬
‫) هل امضي في مشروعي الول أذن؟ اعترف لك بأن الفكرة بدت جذابه الى ان تحدثت مع السيدة بريسون‬
‫بشأنها ‪ .‬عندا فقط ساورتني الشكوك(‬
‫لثاث‬‫) أود ان اطلي الجدران من الداخأل باللون الصغر الباهت ففيه جمال ودفء ‪ .‬وأود ان تباع بعض ا ا‬
‫البسيط وسريرا حديث الطراز يصلح لطفل صغير(‬
‫) افعلي ما ترينه مناسبا وسأطلب الى غاتسون ان يفحص الرض والسقف والنوافذ ‪ .‬ربما كان من الفضل‬
‫ان نحدد النوافذ فذلك اسلم ‪ .‬ال تعتقدين؟(‬
‫) ل اريد ان يشعر فيليب انه في سجن‪ .‬ربما كان من النسب ان تطلب الى غاتسون ان يضع مزلجا للوقاية‬
‫فل تعود تفتح النافذة ال من القسم العالي ‪.‬‬
‫فيها ومن اجل التهوية فقط ‪ .‬وفي أي حال فإن تحديد النافذة من شأنه ان يثبت الرواية المتداولة وانا اعتقد‬
‫انه علينا ان نتجاوزها ل ان نحييها (‬
‫كان هناك طبق من القريدس حضر بطريقة مبتكرة وآخأر من الدجاج المحمر اضافة الى الحساء الصافي الذي‬
‫لم تذق اندريا بجودته في حياتها‬
‫وهكذا لم تدع كلوتيلد لونا من الوان الطعام ال وقدمته لهما ذاك المساء‪...‬‬
‫تناولت اندريا الطعام بشهية ادهشتها ‪ .‬وعندما وصل طبق الحلوى لم يكن عندها متسع للمزيد ‪ ،‬وفي أي حال‬
‫لم تكن تستطيع تناول الحلوى حتى لو ارادت ‪ .‬اذ شعرت بغصة في نفسها‬
‫جعلت صدرها ينقبض فابعدت الطبق عنها ‪:‬‬
‫) ما المر ؟(‬
‫) ل شيء ربما اني اكثرت من الطعام (‬
‫استرخأى بليز على كرسية وعلى وجهه السمر الجذاب تعبير مبهم وقال‪:‬‬
‫) كوتيلد سيدة من الطراز القديم‪ .‬فهي تعتقد ان الطعام الجيد الشراب الجيد ضروريان للحب الجيد (‬
‫وضعت اندريا الكوب من يدها ولم تجب ‪.‬‬
‫وبعد فترة صمت قال ‪:‬‬
‫) انك تبدين صامته والصمت يعني القبول والموافقه ‪ ،‬اليس هذا ما يقولة بنو قومك؟(‬
‫) اعتقد ان هذا الحديث بعيد عن الذوق السليم خأاصة في هذا الظرف للذات(‬
‫أجابته وهي تحملق في وجهه ‪ .‬لكنه لم يأبه لحملقتها واجابها‪:‬‬
‫) ل اعرف ال اننا اصبحنا زوجين شرعيين اليوم ‪ .‬واعرف ايضا انك تبدين فاتنه وانه ل يفصل بيني وبينك‬
‫في هذه اللحظه ال هذه الطاولة اللعينه(‬
‫ازاحت كرسيها بنفاد صبر وبصوت مرتجف قالت‪:‬‬
‫) هناك اشيئاء كثيرة تفصل بيننا ايها السيد‪ .‬كل ما بيننا انك قدمت لي عرضا وارغمتني على القبول به‪.‬‬
‫هذا كل ما في المر !(‬
‫) انك تخأدعين نفسك ياسيدتي ‪ .‬فأنا لم اقدم لك أي عرض ‪ ،‬العرض الذي تتكلمين عنه‬
‫قدمته لبنه عمك كلير وليس لك!(‬
‫حملقت اندريا في وجهه مشدوهه وقلبها يكاد يقفز من صدرها ونهضت من مكانها وقالت بقناعة لم تكن‬
‫تشعر بها ‪:‬‬
‫) هذه مغالطه وانت تدرك ذلك ‪ .‬فلقد اعلنت موافقتي على عرض قانوني ول ارى اي فرق بين هذا المر‬
‫والتدبير الذي اتفقت عليه مع كلير(‬
‫) ل اريد الدخأول معك في أي جدل حول هذا الموضوع ‪ .‬بل اود ان ابين لك ان هناك فرقا كبيرا ‪ ،‬فأنا لم اضم‬
‫ابنه عمك كلير بين ذراعي ولم اشعر بجسمها يرتعش ولم ار الرغبة في عينيها (‬
‫شعرت اندريا بالكلمات تخأنقها ‪ .‬خأانها النطق ‪ ،‬واخأيرا صرخأت في وجهه‪:‬‬
‫) كيف تجرؤ على التفوه بهذا الكلم ؟ ليس لك الحق في ذلك(‬
‫) انت منحتني حقوقا كثيره يا اندريا عندما قبلت ان تصبحي زوجتي ويهمني تأكيد ذلك(‬
‫وراح ينظر اليها بعينين نصف مغمضتين واجتاحتها هستيريا شديدة وبدا لها وجهه في ضوء الشموع‬
‫كوجه الشيطان ‪ .‬واخأيرا استطاعت ان تقول بعد صمت طال ‪:‬‬
‫) سأنصرف الن ايها السيد ربما وجدتك غدا في حال افضل(‬
‫تعمدت ان تسير ببطء ل ان تعدو باتجاة الباب وعندما مرت بقربه طنت انه سيمسك بها فجفلت ‪ .‬غير انه لم‬
‫يأت بأي حركة بل أطلق ضحكة خأفيفه وهو يراها تتوارى خألف الباب‪.‬‬
‫كانت قد اصبحت في منتص الدرج عندما سمعت خأطوات وراءها ‪.‬‬
‫ارادت ان تجري فتعثرت قدنها بذيل فستانها الطويل وفي أقل من لمح البصر وجدت نفسها وجها لوجه مع‬
‫بليز ‪.‬‬
‫لم تعد الكهرباء تجدي فهمست بأسمه متوسلة ولكنه لم يبال ‪ .‬ضمها الى صدرة وعانقها بحنان‪.‬‬
‫كان عناقه رقيقا ناعما ل فظاظة فيه‪ .‬ول ابتذال ‪ .‬فأنهارت مقاومتها وشعرت بدوار في رأسها وكادت تهوي‬
‫على الرض لو لم تتمسك بسترته ‪.‬‬
‫غمرها خأجل عارم ولم تقو على النظر اليه فأغمضت عينيها مشيحه وجهها عنه ‪ .‬ارادته ان ينظر اليها ويمل‬
‫عينيه لكنه لم يفعل ‪.‬‬
‫رأته يجتاز الغرفة بخأطى ثابته وسمعت الباب يغلق وخأطواته تبتعد ‪.‬‬

‫‪ -6‬الوافد الجديد‬
‫استفاقت من ناومها باكرا في صباح اليوم التالي وكانات تشعر بألم في رأسها لم تدع لول وهلة سببا له ول لتلك‬
‫الكآبة التي غشيت كياناها ‪.‬‬
‫لم يعد في مقلتيها دمع تذرفه لكثرة ماذرفت عيناها من دموع في الليلة السابقه ‪ .‬كانات مازالت غير مصدقه باناه‬
‫عاملها بتلك القسوة ‪ .‬ايقظفيها رغبة كامنه واناتزع منها استجابه كامله ثم اعرض عنها هل كان يستحق‬
‫تمزيقها لقميص النوم كل هذا الذلل وذاك العقاب ؟‬
‫ولم يعزها ان عمله ارتد عليه وخطته فشلت بل شعرت بشكل ل يقبل الشكل بالجهد الخارق الذي كان عليه ان‬
‫يبذله ليبعد جسمه المتمرد عن جسمها وكان عليه ان ينتزع نافسه اناتزاعا وهي في ذروة استعدادها للعطاء ‪.‬‬
‫ناهضت من سريرها واناتعلت خفيها المطرزتين وجلست تفكر ‪ .‬لن تستطيع اتخاذ أي قرار ناهائي قبل ان تهدأ ‪.‬‬
‫صحيح اناها وعدت بليز بسنة من عمرها ولكن هذا التدبير لم يعد عمليا بعد ما جرى بينهما في الليلة السابقة ‪.‬‬
‫ربما كان عليها ان تمكث في القصر ريثما يصل فليب وتصبح وصاية بليز عليه ناافذه وناهائية وبعدها ترحل‬
‫بوسعه ان يبرر غيابها كيفما يشاء ‪.‬‬
‫تذكرت اناها لم تكتب لكلير لتخبرها بما جد من تطورات ثم ما لبثت ان طوت فكرة الرساله لناها ربما وصلت هي‬
‫نافسها الى لندن قبل أي رسالة ‪.‬‬
‫كان من السهل عليها ان تلقي اللوم كله على كلير ولكن قلبها لم يطعها والعقل قال لها ان ذلك ليس عدل ‪.‬‬
‫وعندما اناطلقت في هذه المره المحفوفة بالمخاطر ‪ ,‬كانات تحمل في رأسها بعض الوهام التي سرعان ما تبددت‬
‫‪.‬‬
‫كانات مثل قد ناجحت في اقناع نافسها بأناها ما رضيت بالزواج من بليز ال من اجل حماية عمها ماكس ولكن‬
‫الحقيقة هي غير ذلك تماما ‪ .‬فهي ما برحت تقاوم اناجذابها الى بليز مذ وطئت قدماها منزلة كانات انادريا عالقه‬
‫في فخ من صنع يديها ‪.‬‬
‫ارتشفت القهوة حتى اخر ناقطه ثم غسلت فنجاناها وتركته على المجلى ورأت ان تعود الى غرفتها وتكتب رساله‬
‫الى كلير واخرى الى امرا عمها ‪ .‬لن تخبرها بالحقيقة كاملة بالطبع لكنها ستخبرها بعزمها على العوده الى‬
‫لندن في اقرب فرصة وستطلب اليهما ان ل تقلقا بشأناها ‪.‬‬
‫كانات تجتاز القاعه الكبيره عندما سمعت اصواتا من مكان قريب ظنت اول المر اناها كلونايلد واستعدت لملقاتها‬
‫فهي بلشك سوف تلقي عليها محاضرة من ناوع ما ‪ ,‬وسوف تخضعها للستجواب حول ناهوضها المبكر ذاك‬
‫الصباح ‪.‬‬
‫انافتح باب غرفة الطعام وظهر بليز في حالة يرثى له ‪ .‬كانات سترته تتدلى باهمال من احد كتفيه وربطة عنقه‬
‫اختفت ‪ .‬وكان قميصه مفتوحا حتى الخصر ‪.‬‬
‫وقف امامها منبوش الشعر احمر العينين والجذامه تكسر ذقنه ‪.‬‬
‫تقلصت عيناه عندما وقع بصره على انادريا وبدا وكاناه يجد صعوبه في تركيز ناظره ‪ .‬وكان على الطاولة خلفه‬
‫زجاجه فارغة ‪ ...‬وعندما عرفها قال ‪:‬‬
‫‪ -‬اسعدت صاباحا يا سيدتي ‪ ,‬ارجو ان تكوناي قد امضيت ليلة هانائة ‪.‬‬
‫تدفقت ذكريات الليلة السابقة الى رأسها ‪ .‬لكن ما لبثت ان سحقت تلك الذكريات واستحوذت على كياناها‬
‫كبرياؤها المجروحه وكرامتها المهدورة واجتاحها غضب شديد ‪.‬‬
‫رفعت رأسها بكبرياء وشموخ قبل ان تجيبه قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬على القل لم يكن علي ان استعين بالشراب !‬
‫‪ -‬ألم تسمعي ابدا بما درج الناس على تسميته بليلة العازب الخيرة ؟ اما اناا ففضلت ان اعيش تلك الليلة بعد‬
‫الزواج وليس قبله ‪ .‬هذا كل مافي المر ‪.‬‬
‫‪ -‬ليس عليك ان تقدم أي تبرير لعمالك امامي ايها السيد واذا اردت ان تصل الى هذا الدرك فهذا شاناك وحدك ‪.‬‬
‫‪ -‬ل تستفزيني ياعزيزتي ألم تأخذي من الليلة السابقه اية عبرة ؟‬
‫هزت كتفيها وتعمدت ان تدير له ظهرها لئل يرى ما ارتسم على وجهها من مشاعر وقالت بحذر ‪:‬‬
‫‪ -‬اناا ل اريد استفزازك ‪ .‬وما تفعله ل يعنيني في شيء ويتعلق بك وحدك وهذا كفيل على القل بعدم تدخل احدناا‬
‫في شؤون الخر ‪.‬‬
‫‪ -‬اناك تخدعين نافسك ‪ ,‬فلن اتأخر عن التدخل في شؤوناك عندما ل ارضى عن سلوكك ‪.‬‬
‫قال ذلك واقترب منها وراح يتأملها بعينين فيهما كآبة وحزن ثم تابع ‪:‬‬
‫‪ -‬ولذلك فأناني افضل ان تقللي من زياراتك الى البيت قرب البوابة ‪.‬‬
‫اجفلها كلمه فنظرت اليه وعيناها تقدخان شررا واجابت ‪:‬‬
‫‪ -‬لن امتثل لهذا المر ول يحق لك ان تتوقع ‪. ...‬‬
‫‪ -‬بل ان لي كل الحق ‪ ,‬ل تنسي اناك زوجتي وعليك ان تتصرفي بطريقة ل ئقة ‪.‬‬
‫‪ -‬ليس هناك شيء غير لئق بالنسبة الى اجتماعي بآلن وردهاوس اناني اجد رفقته مسليه ‪ ,‬هذا كل مافي المر‬
‫‪.‬‬
‫‪ -‬وهذا بحد ذاته يكفي !‬
‫‪ -‬اناني ل اصدق اذناي ! ل تنس انانا ابناء وطن واحد في بلد غريبه ومن الطبيعي ان ناتبادل الزيارات من وقت‬
‫الى اخر ‪ .‬ال ترى ذلك ؟‬
‫‪ -‬بل ارى ذلك وابعد من ذلك لكنني احذرك يا انادريا ‪ .‬فإن لم تنفذي اوامري سوف يجد ابن بلدك هذا نافسه‬
‫مضطرا للتفتيش عن مكان اخر يقيم فيه لناهاء دراسته ‪.‬‬
‫‪ -‬لم اسمع في حياتي شيئا اقل عدل من هذا يا الهي ‪ ,‬ان من يسمعك تتكلم هكذا يظن بأناك تشعر بالغيرة بدل‬
‫ان ‪. ...‬‬
‫‪ -‬بدل ان ماذا ؟‬
‫‪ -‬بدل ان تشعر كمن اعطى شيئا ل يرغب به ول يشتهيه ‪.‬‬
‫‪ -‬ربما كان هذا صحيحا ‪ .‬ولكن اجدناي مضطرا الى ان احذرك فعضتي اشد ايلما من ناباحي ‪ .‬كما يقول المثل‬
‫ولبد اناك اكتشفت ذلك انات بنفسك في اكثر من مناسبه ‪ ,‬رجائي ان تأخذي ما اقوله كنصيحه من صديق وتعملي‬
‫بموجبها ‪.‬‬
‫‪ -‬وهل للصداقه عنى بيننا ؟‬
‫سألته بيأس وتمنت بعد ان رات ما ارتسم على وجهه لو تسحب الكلمات ولكن ما قيل قد قيل وكان عليه ان‬
‫يجيب ‪ .‬ومضت عيناه برهة ثم ما لبث بريقهما ان خبا وجاء صوته عندما تكلم خاليا من أي تعبير ‪.‬‬
‫‪ -‬ربما انات على صواب ‪ ,‬فالصداقه ل تعني الكثير لنا بالنظر الى التدبير القائم بيننا ‪ .‬فما بيننا يمكن ان ناسميه‬
‫تحمل متبادل ‪.‬‬
‫اناهى كلمه وهو يتمطى ويمرر اصابعه بين خصلت شعره السود‪ .‬قالت ‪:‬‬
‫‪ -‬صنعت بعض القهوة وهي ل تزال ساخنه على ما اعتقد ‪.‬‬
‫‪ -‬اناك تغمرينني بلطفك يا عزيزتي ‪ ...‬لو ان الظروف كانات مختلفه ‪.‬‬
‫وعندما لم تجب اطلق ضحكه خفيفه ثم اناصرف ‪ .‬وغمر انادريا شعور بالرضى وهي تهبط الدرج ‪ ,‬فالسبوعان‬
‫اللذان صرفتهما في ترتيب العلية وتحيلها الى غرفة لفيليب اعطيا ناتائج طيبه ‪ .‬كانات انادريا بمساعدة غاستون‬
‫قد طلت الجدران بلون اصفر هائى وغطت الرض ببساط وعلقت على النوافذ ستائر ذات الوان وناقوش زاهية‬
‫غلب عليها اللوناان البنفسجي والحمر ‪.‬‬
‫وكانات ايضا قد صنعت مجموعة من الوسائد والرائك وغطتها بقماش ذي الوان ملئمة وكدستها على افريز‬
‫النافذه الداخلي وحولته الى مقعد مريح ‪.‬‬
‫وكان غاستون قد اكتشف خزاناه صغيرة في احدى زوايا القصر فاحضرها لها ‪ .‬طلتها انادريا حال باللون‬
‫البيض وحولتها الى خزاناة لللعاب والكتب وبذلك اصبح عليها ربما ان تشتري بعضا منها ‪ .‬لم تشأ ان تسأل‬
‫بليز او تأخذ رأيه في هذا الموضوع لئل يعتقد باناها كانات تتحرش به ‪.‬‬
‫وفي أي حال لم يكن حتى ذلك الوقت قد ابدى اهتماما بما كانات تقوم به من اعمال ‪.‬‬
‫وعندما احضر غاستون مزلجا وركبه على النافذه وثبت الباب الموجود في ارض الغرفة كما طلبت انادريا ‪,‬‬
‫كان مخيم على المكان جو من الكآبة لم تستطع حتى الحمائم التي كانات قد صنعت اعشاشها على السطح‬
‫المائل ‪ ,‬ان تبدده ‪.‬‬
‫لم يكن غاستون قد اتى على ذكر ماري دنايز اطلقا غير ان صورة ذلك الطفل مابرحت في خيالها ‪ .‬هل دفعه احد‬
‫من النافذه متعمدا قتله ام اناه وقع عرضا ولقي مصرعه ؟‬
‫بدا لها اناهماكها غريبا وهي ل تعرف الطفل ‪ .‬على ان ذلك لم يزعجها اطلقا فأناشغالها في العداد لستقبال‬
‫فيليب صرفها عن التفكير في امورها الشخصية ‪.‬‬
‫ولطالما حاولت ان تكون صورة عنه ال ان بليز لم يساعدها على ذلك واكتفى باناه كان كثير البكاء وباناه لم يره‬
‫منذ كان في الشهر الولى من عمره ‪.‬‬
‫لمست انادريا عدم اكتراث عند بليز تجاه الطفل فهو لم يكن يبدي أي اهتمام بكا ما يتعلق به لذلك لم تفهم سبب‬
‫اصراره على حقه بالوصاية ‪,‬‬
‫اللهم ال اذا كان حب سيطرة وتملك هو الدافع الوحيد لذلك ‪ .‬اوليس في تصرفه تجاهها هي بالذات الدليل على‬
‫ذلك ؟ وهذا الطفل ‪ ,‬ألم يكن عليه ان يتغلب على شتى الصعوبات ليتأقلم مع بيته الجديد ؟‬
‫ربما كان شعور بليز بالمسؤولية تجاه اخيه المتوفى هو الدافع الحقيقي وراء رغبته في جعل نافسه الوصي‬
‫الوحيد على فليب‪.‬‬
‫وكلمة مسؤولية بحد ذاتها كانات في ناظرها مجرده من كل عاطفة واهتمام حقيقي ‪ .‬وفي هذه الحال ألن يكون‬
‫من الفضل ان يبقى الطفل مع خالته التي كان من المفروض ان تكون قادره على منحه الحب والحنان اللذين‬
‫محتاجهما طفل في عمره ؟‬
‫سرت قشعريرة في جسمها فتركت العلية وتوجهت الى المبنى الرئيسي ووقفت في القاعه الكبيرة وراحت تجول‬
‫بعينيها في ارجاءها ‪ .‬عزمت ان توليها عنايتها حالما تفرغ من تجهيز غرفة فيليب ‪.‬‬
‫ومع ان القاعه كانات تتطلب جهدا كبيرا لتصبح في حاله مقبولة ‪ .‬ال ان انادريا كانات تعلم تماما ماذا كان ينقصها‬
‫ومالذي كان عليها ان تفعله لتضفي عليها جوا مرحا وجذابا ‪.‬‬
‫توجهت الى المطبخ لتفتش على غساتون ووجدته جالسا يحتسي القهوة وعلى الطاولة امامه اكوام من‬
‫الخضار والفاكهة باناتظار عودة كلوتيد ‪.‬‬
‫كانات انادريا تجد غاستون صعب المراس ومشاكسا بالضافة الى جهله اللغة الناجليزية وكانات تعتقد في سرها‬
‫باناه غالبا ما يتظاهر بعدم الفهم لمجرد ان يراقبها وهي تفتش عن الكلمات المناسبة باللغة الفرناسية ‪.‬‬
‫استقبلها هذه المرة بعينين صافيتين ل مكر فيهما ول دهاء واشرق وجهه بابتسامة عريضة حين رآها ‪.‬‬
‫‪ -‬سوف يتساقط الثلج قريبا يا سيدتي ‪.‬‬
‫‪ -‬آه ‪ ,‬كل ‪.‬‬
‫صرخت بغيض ولكن غاستون بدا واثقا مما قاله فعاد واكده قائل ‪:‬‬
‫‪ -‬بلى ! سوف يسقط الثلج وسوف يقطع الطريق الى القرية ‪.‬‬
‫لم يفرحها قوله وغمرها شعور بالكآبة فلقد كانات تجد متعه في الذهاب الى القرية سيرا على القدام ولطالما‬
‫تخيلت نافسها بصحبة فيليب في نازهة بين الحقول ‪.‬‬
‫وعدا ذلك كان المشوار الى القرية المتنفس الوحيد الذي تبتعد به عن القصر واهله ‪ .‬اما اذا قطعت طريق‬
‫القرية فعل فستضطر للبقاء في القصر وربما على امتداد ايام ‪.‬‬
‫ناظرت الى غاستون وقالت له ‪:‬‬
‫‪ -‬اريدك ان تشعل النار في الموقد في القاعه الكبيرة ‪.‬‬
‫حملق غاستون في وجهها وهز رأسه وكاناه اصيب فجأة بالسم ولم يعد يسمع شيئا ‪ .‬فعادت انادريا وكررت‬
‫طلبها ‪ .‬ولدهشتها رأت غاستون يهز رأسه ولكن بعلمة الرفض هذه المرة وسمعته يقول ‪:‬‬
‫‪ -‬كل يا سيدتي ‪ ,‬هذا غير ممكن ‪.‬‬
‫‪ -‬بل ممكن لم أر في حياتي اكبر من الموقد الموجود في القاعه الكبيرة واذا ما اوقدت النار فيه فسيبدو المكان‬
‫اقل وحشة ‪.‬‬
‫وكان عليها ان تكرر ذلك القول مرتين ولكنها في المره الثاناية استبدلت عبارة وحشة بعبارة اقل كآبة على ان‬
‫غاستون وجد نافسه فجأة في محنة عظيمة ‪.‬‬
‫اعتقدت انادريا في اول المر ان غاستون كان يريد ان يتهرب من العمل الضافي الذي كان ذلك سيجلبه عليه ‪.‬‬
‫رمته بنظرة خاناقة ولم تملك ال ان ترى كميات الشحم التي تراكمت على جسمه وما لبثت ان خاطبته بنبرة آمرة‬
‫قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬يمكنك ان تبدأ بتقطيع الحطب حالما تنتهي من شرب القهوة ‪.‬‬
‫وباناتظار الححطب ‪ ,‬اختارت ان تنظف بنفسها الموقد وتلمع البلط حوله ‪ .‬وكان خيالها يدور وهي في ذروة‬
‫اناهماكها في هذا العمل حول الجو الدافي الذي ستضيفه على القاعة ‪.‬‬
‫وما ان اناتهت من عملها حتى اقبل غاستون حامل رزمة من الحطب وعلى وجهه علمات التذمر والستنكار ‪.‬‬
‫ناظر اليها بغيظ وقال بالفرناسية ‪:‬‬
‫‪ -‬هذا ل يجوز ‪ .‬علينا اول ان نانظف القاسطل من السخام ‪.‬‬
‫لم تفهم انادريا بالطبع شيئا مما قاله وابتسمت له وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬ل عليك ياغاستون ‪ .‬سوف ترى كم سيبدو المكان افضل بعدما تشعل النار ‪.‬‬
‫هز غاستون كتفيه وكأناه استسلم لقدره المحتوم ووضع الحطب قرب الموقد ‪ .‬تناولت انادريا قطع الحطب‬
‫وصفتها في الموقد بترتيب ثم اضرمت النار فيها وهي تبتسم بفرح ‪.‬‬
‫وما كادت تبعد بضع خطوات حتى سمعت صوتا غريبا ينبعث من الموقد الذي مالبث ان انافجر مرسل دخاناا‬
‫اسود كثيفا اناتشر في القاعه كلها وغطى كل ما حوله بما في ذلك انادريا نافسها وغاستون بطبقة كثيفه من‬
‫السخام ‪.‬‬
‫‪ -‬ياللجحيم !‬
‫صرخت انادريا بغيظ وهي تتراجع الى الوراء لتتقي مزيدا من السخام ‪.‬‬
‫ناظرت الى غاستون وكان قد اصبح اسود اللون من رأسه الى اخمص قدميه وتصورت نافسها وحالة شعرها‬
‫ووجهها ‪ .‬وعندما رات ابتسامة الشماته على وجه غاستون لم تعد تتمالك اعصابها فجن جنوناها وصرخت‬
‫بشكل هستيري‪.‬‬
‫‪ -‬ل تقف هكذا ! تحرك وافعل شيئا !‬
‫وما كادت تتفوه بهذه الكلمات حتى سمعت بوق سيارة في الخرج معلنا قدوم بعض الزوار ‪ .‬اسقط في يدها ولم‬
‫تعد تدري كيف ستواجه بليز وهي في تلك الحالة وما عساه ان يقول لزواره مبررا استقبالهم في قاعة سوداء‬
‫كالفحم وزوجته كأحدى المهرجات ‪...‬‬
‫ناظر اليها غاستون وهز رأسه بتأسف ومرة اخرى تمتم بالفرناسية ما معناه بأناه كان يجب ان تنظف القساطل‬
‫اول ‪.‬‬
‫انادفعت بعصبيه باتجاه الدرج المؤدي الى الطابق العلوي لتلوذ بالفرار قبل وصول الزوار ‪ .‬ولكن ويا للسف‬
‫كان قد فات الوان اذ انافتح الباب فجأة وظهر فيه بليز بنفسه وكان برفقة صبية حسناء وفتى صغير ‪.‬‬
‫تسمرت انادريا في مكاناها ها ان فليب قد وصل اخيرا وبدون ان يعلن عن موعد قدومه ‪.‬‬
‫التقت عينا الفتى بعينيها ورفع اصبعه يدل عليها ويصرخ بصوت حاد‪:‬‬
‫‪ -‬ماهذا ؟‬
‫ارتفع في داخل انادريا اناين صامت ورات الغضب يحل محل الدهشة على وجه بليز وبهرها جمال رفيقته‬
‫المميز ‪.‬كان جسمها متناسقا بغير طول مفرط ‪ .‬وبدت شديدة النااقة في ثياب بدت اناها اختيرت بعناية وذوق ‪.‬‬
‫حولت الصبية ناظرها الى بليز وبشفتين ساخرتين قالت له ‪:‬‬
‫‪ -‬ألن تقدم لي زوجتك ياعزيزي ؟‬
‫‪ -‬بكل تأكيد ‪.‬اجابها بليز وهو يتقدم باتجاه انادريا بضع خطوات وملمحه جامده كالصخر ‪:‬‬
‫‪ -‬اسمحي لي ان اقدم لك سيمون دالتون ‪ ,‬خالة فيليب ‪.‬‬
‫اجبرت انادريا نافسها على البتسام وهي تعي تماما وضعها غير المؤاتي خاصة اناها لم تكن في حالة تسمح لها‬
‫بمصافحة سيمون ‪ .‬قالت ‪:‬‬
‫‪ -‬يؤسفني ان يكون استقبالك على هذا النحو يا آناسة ‪ .‬ان قدومك الن قد فاجأناي ‪.‬‬
‫اتسعت ابتسامة سيمون تلك البتسامة التي شعرت انادريا اناها لم تكن لها بل عليها واجابت ‪:‬‬
‫‪ -‬يبدو ان بليز ناسي ان يخبرك ‪ .‬ألم تصلك رسالتي يا عزيزتي ؟‬
‫خنقت انادريا في صدرها شهقة سخط ‪ .‬هل استلم بليز فعل رسالة تخبره عن موعد وصولها واخفى المر‬
‫عنها ؟ ألم يكن يدرك كم تحتاج تلك الزيارة من تحضير مسبق؟ الم ير بعينيه كم صرفت من الوقت لتجهيز‬
‫غرفة لفيليب؟‬
‫شعرت برغبة في البكاء ولكنها تمالكت اعصابها وحررت ذراعها من قبضة فيليب وبصوت هادئ قالت ‪:‬‬
‫‪ -‬اجدناي مضطرة الى العتذار منكم جميعا فلدي الكثير لقوم به في الحال ‪.‬‬
‫‪ -‬يبدو اناك اهملتي شيئا مهما يا عزيزتي ! لم تسلمي على ابن اخي قريبك الجديد ‪.‬‬
‫استوقفها بليز بصوت لذع وقع على نافسها كالسوط ‪.‬‬
‫عل في داخلها اناين صامت وحولت ناظرها الى الفتى الذي وقف يراقب المشهد امامه‪ .‬لحظت انادريا اناه لم يكن‬
‫طفل جميل بالمعنى المألوف لدى الطفال ‪.‬‬
‫كان ناحيلالى درجةالهزال شعره السود كهالة من الشوك حول وجهه الشاحب اما عيناه المستديرتان فكانات‬
‫تنظران اليها بعداء سافر ‪.‬‬
‫‪ -‬فيليب ‪.‬‬
‫قالت مرحبة وهي تفتح ذراعيها لتضمه اليها وتعتذر عن استقبالها ‪:‬‬
‫‪ -‬ارجو ال يزعجك السخام على ثيابي ‪. ...‬‬
‫ولم تكمل اذ قاطعها فيليب باناتحابه عالية وركض ناحو سيمون ودفن رأسه في ثيابها وصرخ وكأناه يحتمي من‬
‫الشيطان ‪:‬‬
‫‪ -‬يا خالتي !‬
‫عضت انادريا على شفتيها ولم تجرؤ ان تنظر الى بليز لئل ترى ما ارتسم على وجهه من تعبير ‪ .‬هي نافسها لم‬
‫تكن تتوقع مثل ذلك اللقاء ‪ .‬تمتمت شيئا عن رغبتها في الناسحاب واسرعت تصعد الدرج الى غرفتها ‪.‬‬
‫حرصت ال تلمس شيئا في الغرفة ودخلت الحمام لتستحم ولم تهدأ نافسها ال بعد ان ازالت كل السخام عن‬
‫شعرها وجسمها ورجعت بيضاء ناظيفة ‪.‬‬
‫وما ان مدت يدها لتناول المنشفة الكبيرة استعدادا للخروج من المغطس حتى انافتح الباب فجأة وظهر بليز ‪.‬‬
‫ناظرت اليه مشدوهة واناعقد لساناها وكأناما مسها سلك كهربائي لفت المنشفة حولها مسقطه ناصفها في الماء‬
‫من شدة العجلة وبصوت مخنوق قالت ‪:‬‬
‫‪ -‬كيف تجرؤ ؟‬
‫‪ -‬ل تكوناي طفلة فمنظر امرأة عارية ليس جديدا بالنسبة الي وبضع سنتيمترات من المياه القذرة ل تشكل أي‬
‫اغراء واناا اؤكد لك ذلك ‪ .‬جئت اعلمك ان السيده بريسون تنقل الن ثيابك من غرفتك لستقبال سيمون ‪.‬‬
‫‪ -‬آه ‪.‬‬
‫قالت كمن وجد هذا التدبير الحلو الوحيد المعقول ثم اردفت ‪:‬‬
‫‪ -‬واناا الى أي غرفة سأناتقل ؟‬
‫‪ -‬الى غرفتي ‪.‬‬
‫حملقت فيه وكادت المنشفة ان تسقط من بين اصابعها التي اصبحت فجأة كالمشلولة ‪ .‬اخيرا قالت بصوت غير‬
‫مصدق ‪:‬‬
‫‪ -‬اناك تمزح !‬
‫‪ -‬لم اكن يوما اكثر جدية ‪.‬‬
‫اجابها وهو يرفع يده بتهكم ثم اضاف ‪:‬‬
‫‪-‬اعفني الن من ناوبة هستيريا واعلمي اناني لم اكن لختار هذا التدبير لول وجود اسباب تدفعني لذلك ‪ .‬اود ان‬
‫يبدو زواجنا طبيعيا امام سيمون وهي بالطبع ستكون اناطباعا اخر اذا ما اكتشفت ان لكل منا غرفته ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن قد ناجد حل اخر ‪ .‬ربما غرفة اخرى قرب غرفتك او أي شيء من هذا القبيل ‪.‬‬
‫‪ -‬ل تخشي شيئا ففي غرفتي اريكة كبيرة سأناام عليها ‪.‬‬
‫‪ -‬هذا مضحك‪ .‬فزواجنا قد استوفى جميع الشروط القنوناية ول شأن لحد بنوع العلقة التي تربطنا ‪.‬‬
‫وكادت ان تضيف عبارة سيمون خاص ولكن شيئا ما استوقفها ‪.‬‬
‫‪ -‬قلت لك ان لدي اسبابا ‪.‬‬
‫اجابها بصوت بدا طبيعيا برغم الجواء التي سيطرت على هذا اللقاء ‪.‬‬
‫‪ -‬اظن اناه من حقي ان اطلع على هذه السباب ‪.‬‬
‫‪ -‬ل تتكلمي عن الحقوق يا عزيزتي ولكن اذا كنت مصره فأناني اقول لك بان لي كبريائي ‪.‬‬
‫قال ذلك وناظر في عينيها واطلق ضحكة غريبة قبل ان يضيف ‪:‬‬
‫‪ -‬غريب ومثير هذا المر ‪ .‬اناا ل استطيع ان اتقبل نافورك مني بعد ان اعتقدت بأناني اعتدت على هذه البليو التي‬
‫اصابتني لقد مضى وقت كاف لكسبني مناعه ضد هذه المشاعر ولكنك يا ملكي قد جعلني اكتشف العكس‬
‫تماما ‪ ,‬واود ان يبقى ذلك سرا بيننا ما دامت سيمون موجوده معنا ‪.‬وعليك ان تشكري ربك لناني لن اطلب‬
‫المزيد منك ‪.‬‬
‫‪ -‬كنت على علم بان هذا سيحدث !‬
‫اجابته بصوت فيه تحد واسناناها من البرد تصطك وتابعت ‪:‬‬
‫‪ -‬لقد كنت على علم بموعد وصول سيمون مع فيليب ولكنك لم تخبرناي لكي تواجهني بالمر الواقع ‪.‬‬
‫‪ -‬ل تعذبي نافسك اؤكد لك بأناني لم اخطط بهذا الشكل الجهنمي الذي تتصورينه لمجرد ان اجذبك الى‬
‫فراشي‪.‬ذكرت سيمون بالفعل اناها سترافق فيليب وتوصله بنفسها ولكنني لم اصدقها واعتقدت ان المر مجرد‬
‫حيلة‪. ...‬‬
‫توقف عن الكلم وناظر اليها بدهشة ثم قال ‪:‬‬
‫‪ -‬يا آلهي ! اناك ترتجفين ايتها الحمقاء الصغيرة!‬
‫وتقدم منها وقبل ان تفقه ما كان يدور بخلده حملها بين يديه غير مبال بشعرها المبتل ول بالمنشفة التي كانات‬
‫تقطر ماء ‪.‬انازلها من بين ذراعيه فجأة وباقتضاب قال ‪:‬‬
‫‪ -‬هيا ! ناشفي نافسك يا سيدتي ول تنسي ان هناك ضيوفا باناتظارك وبأن فيليب لم ير غرفته بعد ‪.‬‬
‫وبرغم الفوضى التي عمت المكان بسبب ناقل الثياب وتغيير الغرف ‪ ,‬استطاعت انادريا ان تجد سروال من‬
‫المخمل الخضر وسترة بيضاء ذات قبة مرتفعه‬
‫وارتدتهما بسرعه وهي موقنة في قرارة نافسها بأناها في أي حال لن تتمكن من منافسة سيمون بانااقتها‬
‫وستكون حمقاء اذا هي حاولت ‪.‬‬
‫لم تكن مرتاحه العصاب وهي تهبط الدرج بل في حال من التوتر والضطراب ‪ .‬كانات سيمون جالسه قرب‬
‫المدفأة تدخن سيكارة وامامها فنجان من القهوة عندما دخلت انادريا الغرفة ‪ ,‬اما فيليب فكان جالسا الى المائدة‬
‫ويداه حول كوب كبير من الحليب ‪.‬‬
‫ابتسمت انادريا تلقائيا لكي تخفي انازعاجا غريزيا شعرت به عندما طالعها هذا المشهد العائلي ‪ .‬لم يكن لقاؤها‬
‫الول مع فيليب مرضيا غير ان ذلك لم يزعجها لعلمها اناه سيكون امامها وقت طويل لتصلح هذا المر ول بد‬
‫ان تسنح لهما فرص عديدة توثق معرفتهما ‪.‬‬
‫اختلست ناظرة الى سيمون واغاظتها لمحة الستخفاف التي راتها في عينيها وهي تجول بعينيها في المكان ‪.‬‬
‫تملك انادريا شعور مفاجئ بالكبرياء وشعرت بدافع عفوي يدفعها الى حماية ما يخصها ‪.‬‬
‫رفعت انادريا رأسها باعتداد وشموخ وسألتها بتهذيب بالغ ‪:‬‬
‫‪ -‬هل هذه زيارتك الولى الى سان جان دي روش يا آناسة ؟‬
‫لمعت العينان المائلتان بنظرة عابثة لم تخف على انادريا وبدون ان يرف لها جفن اجابت ‪:‬‬
‫‪ -‬يسعدناي ان اقول لك اناها الولى ‪ ...‬اناها ليست تماما البيئة التي تستهويني او التي يمكن ان يقبع عليها‬
‫اختياري بشكل تلقائي ‪ .‬ولكن ما لنا ولهذه الرسميات ‪ ,‬اناا اسمي سيمون وات اسمك ‪ ,‬آه ‪ ...‬ماذا قال بليز ؟‬
‫آه ‪ ...‬انادريا ‪.‬‬
‫اسرعت انادريا توافقها الرأي بالرغم اناها كانات تشعر في قرارة نافسها اناهما ل يمكن ان تصبحا صديقتين ‪.‬وهي‬
‫في أي حال لم تكن ترتاح لها او تاناس لوجودها ‪.‬‬
‫وفي محاولة يائسة لكسر الجمود حولت انادريا ناظرها ناحو فيليب وقالت بموده وتحبب ‪:‬‬
‫‪ -‬اظن ان فيليب يريد ان يرى غرفته ‪.‬‬
‫حملق فيليب فيها وارتسمت على وجهه علمات التمرد والعصيان وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬لم اكمل شرب الحليب بعد ‪.‬‬
‫اجابته برقه ‪:‬‬
‫‪ -‬خذ ما يلزمك من الوقت ‪.‬‬
‫وضع الكوب من يده بنكد مريقا بعض الحليب على الطاوله ثم قال وهو ينزلق عن كرسيه ‪:‬‬
‫‪ -‬ل اريد ان اشرب المزيد ‪ ...‬ال تأتين انات ايضا ياخالتي ؟‬
‫هزت سيموت كتفيها وناهضت من مقعدها ورمت عقب سيكارتها في الموقد واجابته مبتسمه‪:‬‬
‫‪ -‬كما تريد يا صغيري‪.‬‬
‫والتفتت الى انادريا والبتسامه اياها على شفتيها وقالت‪:‬‬
‫‪ -‬هل تماناعين ؟ اناا ل اريد ان ابدو متطفله ‪.‬‬
‫‪ -‬كل بالطبع ‪ ,‬فعلى الرحب والسعه ‪.‬‬
‫اجابتها انادريا بصوت متخشب ‪ ,‬لم تكن المور تسير كما خططت لها ووجدت اناه من المؤسف حقا ان تسمح‬
‫لسيمون بأثارتها ‪.‬‬
‫كانات انادريا قد رسمت في رأسها صورة لفيليب وهو يستعرض تلك الغرفة التي صرفت الكثير من جهدها ومن‬
‫وقتها في تجيهيزها على ناحو يحظى باعجابه ولم يخطر في بالها اناها ستريه اياها امام جمهور من المتفرجين‬
‫وعلى الخص امام شخص مثل سيمون ‪.‬‬
‫كان غاستون قد زيت مفصلت الباب ولذلك لم يسمع له أي صرير عندما فتحته انادريا التي مدت يدها تجاه‬
‫فيليب بحركة ودية وقالت له بلهجة مسرحية ‪:‬‬
‫‪ -‬اهل بك في مملكتك ايها السيد الصغير ‪.‬‬
‫تجاهل فيليب اليد الممدودة وادخل يديه في جيوبه واجتاز العتبه ‪.‬‬
‫وقف فيليب في الباب وراح يجول بعينيه في ارجاء الغرفة ‪ .‬كان رأسه الى الوراء ووجهه خاليا من كل تعبير‬
‫وكأناه قناع غير مناسب لذلك الجسم الصغير ‪ .‬اخيرا ناظر الى انادريا وسألها ‪:‬‬
‫‪ -‬هل هناك شيء يا سيدتي ؟‬
‫تقدمته انادريا على الدرج المؤدي الى العلية بصمت وكاناه ل حول لها ول قوة ‪ .‬وكانات سيمون وراءهما ‪.‬‬
‫مرة اخرى وقف فيليب ينظر حوله بهدوء وصمت ‪ .‬رأت انادريا العينين السوداوين المستديرتين تجولن في‬
‫اناحاء الغرفة ‪.‬‬
‫شيء ما تحرك في وجهه محطما ذلك الجمود والتحفظ الذي حرص على الحتفاظ بهما وكأناه ليس طفل‬
‫صغيرا ‪ .‬اخذ نافسا عميقا ثم ناظر الى انادريا وهو يتلعثم ‪:‬‬
‫‪ -‬هل قمت بكل ذلك من اجلي ياسيدتي ؟‬
‫شعرت انادريا بغصة في صدرها ولم تعرف مصدرها لكنها اجابته ببطء وبمنتهى الجدية ‪:‬‬
‫‪ -‬كله من اجلك انات يا فليب ‪.‬‬
‫التفت اليها وكاناه يراها للمرة الولى وعلت شفتيه ابتسامه سرعان ما اختفت عندما جاء صوت سيمون من‬
‫قرب الباب قائل ‪:‬‬
‫‪ -‬اناها بعيده عن باقي غرف القصر يا صغيري ‪ .‬هل انات متأكد اناك لن تخاف هنا وحدك ؟‬
‫اكتست ملمحه بتلك المسحة المقلقة من الكآبة والجمود ورفع كتفيه بارتباك ثم انادفع ناحو سيمون ودفن رأسه‬
‫في ثوبها كما فعل سابقا ‪.‬‬
‫ناظرت سيمون الى انادريا وقالت لها بهدوء ‪:‬‬
‫‪ -‬اناه طفل عصبي المزاج ‪.‬‬
‫‪ -‬فقط عندما يذكره احدا بذلك ‪ .‬قالت في نافسها وهي تنظر الى الرأس السود الصغير ‪.‬‬
‫شعرت انادريا بوضعها الشاذ وهي ترتدي ثايبها استعدادا للعشاء وتضاعف ارتباكها عندما لحظت وجود‬
‫مخدتين جنبا الى جنب على السرير الكبير ‪ .‬ولكن لم يؤكد لها لها بليز بنفسه باناه سيمضي ليلته على الريكة‬
‫قرب النافذه ؟ كانات انادريا قد اكتشفت ان الحياة اقل تعقيدا عندما تكون بعيده عنه وها هو القدر الن يرميها في‬
‫طريقه كيفما توجه ‪.‬‬
‫وشعورها بأناه هو الخر كان مجبرا على هذا التدبير وبأناه لم يختره طوعا ازعجها كثيرا وزاد في تعاستها ‪.‬‬
‫وجدت انادريا سيمون في غرفة الطعام وكانات رائحه عطرها تمل المكان وبدت في ثوبها المفتوح من الظهر‬
‫كثيرة التكلف بعيده عن البساطه وكأناها تخلت عن كل الكوابح والضوابط ‪.‬‬
‫وبدا فيليب الذي جلس بقربها على الريكة صغيرا ومنطقيا وكان ناظره منصبا عليها وهي تتكلم وتؤثر وشر‬
‫وتبتسم وكأناه مبتعد في هيكل ‪.‬‬
‫استدار بليز قليل عندما دخلت انادريا والتقت عيناهما ثم افتر ثغره عن ابتسامه عذبه ورفع كأسه وكاناه يشرب‬
‫ناخبها ‪ .‬كان تصرف انادريا غريزيا‪ .‬فاتجهت ناحوه ورفعت وجهها اليه فاناحنى عليها وطبع على وجنتها القبلة‬
‫التقليدية ‪.‬‬
‫كانات سيمون تراقب المشهد بعينين وصفتهما انادريا في سرها بعيني افعى ‪.‬‬
‫كان الحديث حول المائده عاما واستأثر موضوع التعاوناية الزراعية بجزء كبير منه ‪ .‬وبدت سيمون عالمة بكل‬
‫التفاصيل وهذا ما ازعج انادريا التي وجدت باناشغالها في امور البيت عذرا وقبول ل بتعادها عن كل تلك‬
‫المور ‪.‬‬
‫وفي أي حال ‪ ,‬كيف كان لها ان تعرف كل تلك المور ان لم يطلعها عليها بليز بنفسه وهو من كانات تتعمد‬
‫البتعاد عن طريقه ‪.‬‬
‫اخذت انادريا على نافسها محاولة جعل فيليب يرتاح بعض الشيء ويتفتح لها ولكن ماحولتها المتعدده ذلك‬
‫المساء باءت جميعها بالفشل وبدا فيليب تعبا وغير راغب في الحديث ‪.‬‬
‫لم تتابع انادريا الحديث الذي كان يدور بين بليز وسيمون ل ناشغالها بفيليب ولكن استوقفها فجأة جملة ناطقها‬
‫بليز مقاطعا سيمون التي كانات تقول وكاناها تجادل وتبدي اعتراضا‪:‬‬
‫‪ -‬كيف تقول هذا ‪ ..‬؟ لقد كانات بيل ريفبير‪...‬‬
‫قاطعها بليز يقول بنبرة قاطعه ‪:‬‬
‫‪ -‬بيل ريفبيز لم تعد موجوده ‪ .‬اختفت وزالت من الوجود ‪.‬‬
‫وبدا لنادريا بان كلمات سيمون احيت في نافس بليز ذكريات مؤلمه اذ ما لبث ان قال ‪:‬‬
‫‪ -‬ارجوك ان ل تقارناي هذا مع بيل ريفبير ‪.‬‬
‫عندما رمته سيمون بنظرة حاناقة ووضعت الشوكة من يدها وقالت اناما بصوت فيه اعتدال ‪:‬‬
‫‪ -‬حسنا كما تريد ‪.‬‬
‫ولكن انادريا شعرت بشكل ل يقبل الجدل بان سيمون لم تكن مستاءة ابدا من ردة الفعل التي اثارتها كلماتها بل‬
‫على العكس بدت وكاناها سجلت اناتصارا ‪.‬‬
‫حاول فليب ان يخفي تثاؤبه ولكنه لم ينجح فسلطان النوم كان اقوى منه فنهضت انادريا من مكاناها وقالت‪:‬‬
‫‪ -‬ياله من طفل مسكين ‪ .‬اناه يكاد يغفو على كرسيه ‪ .‬سأضعه في فراشه لو سمحتما ‪.‬‬
‫‪ -‬آه ‪ ...‬دعيني اقوم بهذا العمل عنك ‪.‬‬
‫قالت سيمون وهي تنهض وبدت عيناها كبيرتين في وجهها وارتسم على شفتيها المتدليتين تعبير قائط فيه‬
‫رغبة مكبوته واضافت ‪:‬‬
‫‪ -‬قد تكون هذه المرة الخيرة التي اضعه فيها في فراشه واروي له قصة قبل النوم ‪ .‬اما انات فيمكنك ان‬
‫تستمتعي بكل طفولته المتبقية ‪ .‬لتحرميني من هذا يا انادريا ارجوك !‬
‫‪ -‬لم تعد انادريا في وضع مؤات ابدا اذ بدت وكأناها تستكثر عليها بضع لحظات مع ابن شقيقتها ‪ .‬وكان هذا‬
‫صحيحا الى حد ما اذ كانات سيمون ستحرم من الطفل ‪.‬‬
‫تمتمت انادريا موافقه ثم رأت فيليب بطرف عينها يسير بجاناب خالته وكاناه يحتمي بها ‪ .‬وعندما وصل الى‬
‫الباب استدارت سيمون ورمت انادريا بنظرة باسمة من عينها المائلتين ‪.‬‬
‫تملك انادريا شعور بالفشل والحباط وما ان جلست في كرسيها حتى سمعت لعنة تخرج من بين شفتي بليز الذي‬
‫قال لها معنفا ‪:‬‬
‫‪ -‬لماذا سمحت لها بذلك ؟ كان عليك ان تضعي فيليب في فراشه بنفسك ‪.‬‬
‫كادت الدموع تنهمر من عيني انادريا وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬يمكنك ان تتصرف بكرم‪ .‬الطفال يحبون هذه الطقوس قبل النوم عادة وفي أي حال قد يساعده ذلك على النوم‬
‫الهادئ ‪. ...‬‬
‫لم يعلق بليز بشيء ولكنها رأت وجهه متجهما وعابسا ‪.‬‬
‫ناهضت انادريا مستأذناه وقالت‪:‬‬
‫‪ -‬اريد ان آوي الى فراشي لو سمحت ‪ .‬كان يوما شاقا على الجميع ‪.‬‬
‫ناهض بليز ايضا وتوجه ناحو احدى الخزائن وتناول منها زجاجه من الشراب ‪ .‬اناحنى لها بسخرية وهو يسكب‬
‫في كأسه بعضا منه وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬رافقتك السلمه يا سيدتي ‪ .‬ل تخافي فلن ازعجك اطلقا ‪ ,‬فكما ترين لدي رفيق هذا المساء ‪.‬‬
‫قال ذلك وهو يشير الى الزجاجه بيده ويسكب منها المزيد في كأسه ‪.‬‬
‫عضت انادريا على شفتيها بغيظ وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬هناك ايضا سيمون فل شك لديكما ما تتحدثان عنه ‪ ,‬ذكريات ماضيه ‪ ,‬ومشاريع جديده ‪.‬‬
‫ولم تدر أي شيطان جعلها تتفوه بهذه الكلمات لناها ما ان اناتهت حتى رأته يضع الكوب من يده ببطء وتأمل‬
‫ويقول بصوت كالفحيح ‪:‬‬
‫‪ -‬ماذا تعنين ؟‬
‫‪ -‬ل اعني شيئا ولكن يبدو لي اناكما تعرفان بعضكما منذ وقت طويل ول بد ان هناك ذكريات تجمعكما ‪.‬بيل‬
‫ريفبيز مثل ‪.‬‬
‫‪ -‬ذكريات مؤلمة ول احب ان استرجعها ‪ ..‬ليس لدي ما ابحثه مع سيمون يا عزيزتي ‪.‬‬
‫لذت انادريا بفراشها تطلب النوم الذي جفا مقلتيها تلك الليلة وراحت تتقلب من جنب الى جنب وهي تشعر‬
‫بصداع شديد وبألم عميق في نافسها ‪ .‬حاولت عبثا ان تطرد الصور والهواجس التي غزت مخيلتها ‪.‬‬
‫وبرغم الدفء المنبعث من الغطاء في سريرها ‪ ,‬اعترت انادريا رجفة شديدة عندما سمعت الباب يفتح بهدوء ‪.‬‬
‫اغمضت عينيها وظلت ساكنه ل تأتي بحركة وقلبها يقفز في صدرها مع كل خطوة من خطوات بليز التي كانات‬
‫تروح وتجيء في الغرفة ‪.‬‬
‫سمعت صرير احدى الخزائن فقدرت اناه يفتش عن اطية وشراشف ثم اقتربت خطواته منها فحبست انافاسها‬
‫‪.‬مد رأسه فوقها وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬ل تجزعي يا سيدتي ‪ ,‬ل اريد سوى مخدة ‪ .‬ول احسبك تضنين علي بمثل هذا الطلب ‪.‬‬
‫‪ -8‬كابوس الصبي‬
‫قرعت انادريا الباب مرات عدة قبل ان يفتح لها الن اخيرا ‪ .‬وما ان رآها حتى بادرها بالقول ‪:‬‬
‫‪ -‬اناه ناائم ‪.‬‬
‫‪ -‬هل هو بخير ؟‬
‫‪ -‬هذا يتوقف على تفسيرك للمور ‪.‬‬
‫قال ذلك وهو يقف جانابا ليفسح لها الطريق لتصعد الدرج ثم تابع ‪:‬‬
‫‪ -‬اناه طفل مشوش التفكير ومرتبك‪ .‬ول شك اناك لحظت هذا المر بنفسك ‪.‬‬
‫‪ -‬ل حظت هذا بالفعل ‪.‬‬
‫كان فليب يرقد على السرير في زاوية الغرفة وعلى وجهه اثار دموع لم تجف ‪ .‬وكان تنفسه بطيئا ومنتظما‬
‫ووجهه خاليا من أي تعبير ‪.‬‬
‫‪ -‬لقد راودته احلم غريبه ‪.‬‬
‫قال آلن وهو يمسك ابريق الشاي بين يديه ويهزه قبل ان يضعه على النار ‪ .‬ثم اردف موضحا كلمه ‪:‬‬
‫‪ -‬ما الذي جعلك تخبرينه قصة ماري دنايز وولدها ؟‬
‫‪ -‬لم اخبره أي شيء من هذا ‪ .‬وهل تظنني على هذه الدرجة من الغباء ؟‬
‫‪ -‬كل بالطبع ‪ .‬ولكن كان علي ان اتأكد ‪ .‬ربما مدبرة المنزل ‪ ,‬ما اسمها ؟ كلوتيلد اظن اخبرته ‪.‬‬
‫‪ -‬كلوتيلد ل تفعل لك‪ .‬لناها تعتقد ان مجرد ذكر القصة ناذير شؤم ‪.‬‬
‫شغل آلن نافسه بتحضير الشاي ‪ .‬وكان غارقا في تفكير عميق عندما نااولها فنجاناها ‪ .‬ثم قال ببطء وكأناه يزن‬
‫وقع كلماته ‪:‬‬
‫‪ -‬هل تعلمين اناه يعتقد ان عمه يريد قتله ؟‬
‫‪ -‬ماذا تقول ؟‬
‫صرخت انادريا مذهوله وكاد الفنجان يقع من بين يديها واتسعت عيناها دهشة ‪ :‬اجابها آل ن‪:‬‬
‫‪ -‬اناها الحقيقة ‪ .‬فيليلب يحمل في رأسه اعتقادا راسخا بأن زوج ماري دنايز كان يحمل هو الخر نادبة فوق‬
‫خده ‪ .‬وبأن عمه زوجك هو حفيده الذي سيجعل التاريخ يعيد نافسه ولهذا السبب بالذات وضعه في العلية ‪.‬‬
‫رشف قليل من الشاي واستوى في مقعده قبل ان يتابع ‪:‬‬
‫‪ -‬ما من مره حظر فيليب الى هنا ال وراح في سبات عميق يبدو اناه ل يعرف طعما للنوم وهو في تلك العلية‬
‫حيث يستولي عليه الخوف ويمنعه من النوم ‪ ,‬وحدث اكثر من مره ان سمعته يهذي بكلم لم افهمه في البدء اذ‬
‫كان بالفرناسية ولقد سمعته يردد كلمة الندبة عدة مرات ‪.‬‬
‫‪ -‬هكا دعا بليز هذا الصباح ‪.‬‬
‫قالت انادريا وهي شاردة الفكر ‪ .‬ووضعت يديها حول فنجان الشاي تطلب الدفء وتطرد بردا تسلل الى كياناها ‪.‬‬
‫ناظرت الى آلن ‪ ...‬وتابعت ‪:‬‬
‫‪ -‬اشعر اناني مسؤوله الى حد ما ‪ .‬فاناا اخترت العلية له ‪ ,‬ولم يدر بخلدي ان قصة ماري دنايز ستصل الى اذناه ‪,‬‬
‫فمثل تلك القص ل تروى عادة للطفال وعلى الخص لطفل مثل فليب سهل الناقيادب ‪.‬‬
‫‪ -‬ولكن من أي جاء بتلك الفكرة من ان زوج ماري دنايز كان هو الخر يحمل نادبة فوق خده ؟‬
‫‪ -‬ل ادري ‪ .‬اناا نافسي لم اكن اعلم هذا ‪.‬‬
‫‪ -‬بالطبع فهدذ قصة اخرى ‪.‬‬
‫اناعقد لساناها من فرط النافعال لكنها اخيرا قالت‪:‬‬
‫‪ -‬هذا منتدى القسوة !‬
‫‪ -‬بالفعل ‪.‬‬
‫اجابها آلن وهو يرشف اخر قطرة شاي في فنجاناه ثم اضاف ‪:‬‬
‫‪ -‬اناا ل ادري من هي سيون ولكنني على يقين من ان وجودها هنا هو مصدر الفتنه‪ .‬ذكر فيليب عن خلف بينها‬
‫وبين بليز على الوصاية‪.‬‬
‫‪ -‬ناعم ‪.‬‬
‫اجابته بصوته خافت وتابعت ‪:‬‬
‫‪ -‬اناها خالة فيليب ولد ساءها ان يحرمها بليز من حق الوصاية على ابن اختها ولذلك رفعت القضية الى‬
‫المحاكم لتنظر بقاناوناية وصية جان بول لوفالييه ‪.‬‬
‫‪ -‬آه اناها بدون شك جميلة لكنها لتوحي الي بالثقه ول تبدو لي من النوع الذي يتعلق بالطفال ‪ ,‬فأي مصلحه‬
‫لها بذلك ؟‬
‫‪ -‬ل شيء على ما يبدو ‪.‬‬
‫اجابته وهي تحدق في وجهه ثم اضافت ‪:‬‬
‫‪ -‬كان هناك بيت ومزرعه يطلقون عليها اسم بيل ريفبير وذهبت المزرعه وكذلك البيت طعما للنيران فوضعت‬
‫الدوله يدها على الرض بعد ذلك لقاء اجر بسيط تدفعه للورثة ‪ .‬ولم يبق أي شيء لفيليب لكنه يبقى الوريث‬
‫الوحيد لعمه ‪.‬‬
‫‪ -‬الى ان يرزق بليز بوريث من صلبه ‪.‬‬
‫عل الحمرار وجهها عند سماعها تلك الكلمات وقالت وهي تحاول ان تتمالك نافسها وتبدو طبيعية ‪:‬‬
‫‪ -‬بالطبع ان بيل ريفبير هي سبب هذا العداء المستشري بين بليز وفيليب ‪ ,‬لقد تسبب الحريق الذي التهمهما‬
‫بموت جان بول وهو شقيق بليز ‪ .‬بليز يعتقد نافسه مسؤول عما حدث ويلقي اللوم على نافسه وفيليب كذلك يلقي‬
‫اللوم كله على بليز ‪ .‬ومما ل شك فيه ان فيليب يحمل في رأسه صورة مشوهة عن الواقع ‪.‬‬
‫‪ -‬اناها ليست المرة الولى في التاريخ ‪ .‬فهي اعادة واقعيه لقصة هاملت ان يحاول احد تدمير اناسان ينفث‬
‫السموم في اذنايه فهذا يوازي جريمة قتل في ناظري ‪.‬‬
‫كان فيليب في تلك الثناء يتقلب في فراشة ويتمتم كلما غير مفهوم ‪.‬‬
‫قام آلن واتجه ناحوه واناحى فوقه وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬مرحبا يا صغيري ‪ .‬ها هي امرأة عمك اتت لتصحبك ‪.‬‬
‫جلس فيليب وذراعاه حول ركبتيه وراح ينقل ناظره من آلن الى انادريا ‪ .‬واستقرت عيناه اخيرا على انادريا‬
‫وسألها بصوت كسير ‪:‬‬
‫‪ -‬اما زال عمي غاضبا ؟‬
‫‪ -‬اعتقد ببأناه متألم ‪.‬‬
‫اجابته انادريا بصوت ثابت وبرغم ما اثارت كلمات آلن من هواجس في نافسها استطاعت ان تقول بهدوء ‪:‬‬
‫‪ -‬كيف تفوهت بتلك الكلمات يا فيليب ؟‬
‫هز الطفل كتفيه بكآبة وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬لكنها الحقيقة ‪.‬‬
‫اجابها فيليب باقتناع ‪.‬‬
‫تنهدت انادريا بصمت وقررت ان ل تسترسل في ذلك الحديث ليقينها اناها لن تخرج منه بنتيجة مرضية ‪.‬‬
‫مدت يدها لفيليب مشجعه وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬هيا ياعزيزي‪ .‬تعال وال ظنت دلفين باناك هجرتها ‪ .‬يجب ان تقدم لها الطعام ‪.‬‬
‫كاناا قد اقتربا من السطبل عندما سألته انادريا بلطف ‪:‬‬
‫‪ -‬هل تود ان اناقلك الى غرفة اخرى يا فيليب ؟‬
‫اكتفى بالنظر اليها ولم يجبها ورات ان توضح اكثر فقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬يوجد غرف كثيرة في القصر وبامكاناك اختيار الغرفة التي تعجبك ‪.‬‬
‫ابتلع ريقه بعصبيه وهز رأسه علمة النفي ‪.‬‬
‫‪ -‬هل انات متاكد من ذلك ؟ يمكنك ان تختار غرفة في البناء الرئيسي وتكون عندها قريبا مني ‪ .‬صحيح ان العلية‬
‫بعيده ناوعا ما ولكن يمكنني ان اسمعك ان انات نااديتني في الليل ‪.‬‬
‫احنى رأسه وشرد فكره بعض الشيء ثم اجابها ‪:‬‬
‫‪ -‬اناني اشكرك يا سيدتي ولكنني افضل البقاء حيث اناا ‪.‬‬
‫كان غاستون على باب السطبل عندما وصل اليه ‪ .‬وما ان وقع ناظره على فيليب انافجر بكلم غاضب‬
‫بالفرناسية وكان يصرخ ويلوح بيديه ‪.‬‬
‫تنهدت انادريا بنفاذ صبر وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬ما المر الن يا غاستون ؟‬
‫‪ -‬ل شيء يا سيدتي ‪ .‬فقط اناظري بنفسك‪.‬‬
‫قال ذلك وهو يشير بيده الى كومة الخشب تلك ما كانات ال المزلجة التي كان غاستون قد انافق جهدا مضنيا‬
‫لصلحها وتجديدها ‪...‬‬
‫واستقرت المطرقه التي افتقدها غاستون في الصباح فوق كومة الخشب وكأن من اناهال على المزلجة ضربا قد‬
‫حل به التعب فجأة فألقاها من يده ‪.‬‬
‫صعقت انادريا لهذا المشهد وناظرت الى فيليب الذي وقف جامدا كالتمثال بقربها وشعرت وهي ممسكة بيده باناه‬
‫كان يرتعش من رأسه الى اخمص قدميه‪.‬‬
‫اناحنت انادريا فوقه وناظرت في عينيه وهي تخاطبه قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬لماذا فعلت ذلك يا فيليب؟ ألناها كانات لعمك بليز ؟ لقد كانات لوالدك ايضا والن اناظر ما حل بها !‪.‬‬
‫تملص من بين يديها وانادفع يعدو التقط غاستون المرقه وناظر الى انادريا بحيرة واضحه وقال لها بصوت‬
‫كئيب ‪:‬‬
‫‪ -‬اناظري ياسيدتي‪ .‬هذه هي المطرقة التي كنا نابحث عنها لكن اين الدوات الباقية‪ .‬لماذا يريدها ياترى ؟ ل شك‬
‫ان في داخله شيطاناا ‪.‬‬
‫‪ -‬شيطان اليأس ‪ .‬قالت في نافسها وهي تبتعد بخطى مترناحه ‪ .‬ازعجتها هذه الحادثة كثيرا وان دلت على شيء‬
‫فعلى جنوح الى العنف مخيف ‪.‬‬
‫مالذي دفعه الى ذلك العمل وهو الذي احب المزلجه من اول ناظرة واقبل عليها وراح يلعب ويتسلى بها كسائر‬
‫الطفال ؟‬
‫لم تدر ان كان عليها ان تلحق به ‪ .‬فخبرتها في التعامل مع الطفال كانات محدوده ولم يكن لديها من تستشيره‬
‫في مثل تلك المور ‪.‬‬
‫ترقرقت الدموع في عينيها وهي في طريقها الى القصر وما ان وصلت اليه حتى اغمضت عينيها واسندت‬
‫ظهرها الى الباب الكبير مستمده من صلبة الخشب ومتاناته عزما جديدا ‪.‬‬
‫‪ -‬ماذا بك ؟ هل انات مريضه ؟‬
‫جاءها صوت سيمون التي وقفت في اسفل الدرج وفي يدها سيكارة راحت تنفض رمادها بعصبية لم تلحظها‬
‫انادريا فيها قبل تلك اللحظة ‪.‬‬
‫‪ -‬اناا بخير ‪.‬‬
‫‪ -‬اين فيليب ؟ ابتدأت بأعطائه بعض الدروس وحان وقت الدرس الن ‪.‬‬
‫‪ -‬لبد اناه يلعب في الخارج ‪.‬‬
‫اجابتها انادريا بشكل عفوي وفي داخلها صوت يقول بأن سيمون ل يجب ان تعرف مادار من احداث الصباح‪.‬‬
‫‪ -‬يلعب ام يجلس مقطبا جبينه؟ اناك تنسين مدى معرفتي به يا عزيزتي ! واناا اقول لك بأناه طفل غريب‬
‫الطوار ‪ .‬فهو صاحب مزاج متقلب ‪ .‬وهو ليس قادرا على حجب الحب فقط بل اناه قادر على الكراهية ‪.‬‬
‫غطت انادريا عينيها بيديها وبصوت وكأناه آت من مكان بعيد قالت ‪:‬‬
‫‪ -‬ما هذه اللعبة التي تلعيبها يا سيمون ؟ ما الذي تريدينه بالضبط ؟‬
‫‪ -‬ليس هناك أي لعبة يا عزيزتي انادريا صدقيني كل مافي المر اناني رغبت في ان اجعلك ترين المور على‬
‫حقيقتها ل ادري ما الذي قاله لك بليز ولكن ال ترين اناه من الفضل لفيليب ان يظل معي ؟‬
‫وفجأة ارتسمت على وجهها ابتسامة ساحرة واسدلت على عينيها ستارا من الرموش الطويلة السوداء‬
‫وتوجهت الى انادريا تقنعها قائلة‪:‬‬
‫‪ -‬من السخف ان ناكون اناا وانات على خصام ‪,‬فاذا اقنعت بليز بالتخلي عن فيليب اخذته وخرجنا من حياتكما في‬
‫الحال ‪ .‬اما اذا بقي معكما فسوف ترين كيف ستتضاعف مشاكلك بعد ذهابي ‪.‬‬
‫‪ -‬اناك حقا مقنعه‪ .‬لكن يجب ان تقنعي بليز وتتكلمي معه في هذا الموضوع واعتقد بأناه مصمم على الحتفاظ‬
‫بفليب مهما كان الثمن ‪.‬‬
‫رمت سيمون بعقب سيكارتها على الرض وداست عليه بقدمها وقالت بلؤم‪:‬‬
‫‪ -‬لقد ابتدأ فعل يدفع الثمن ! وكان الستحقاق باهظا ‪ .‬أليس كذلك؟‬
‫توقفت قليل لتتأكد من وقع كلمها على انادريا ثم تابعت ‪:‬‬
‫‪ -‬حتى اناا استطيع ان اشفق على بليز ليس بقليل عليه ان يضطر للحتفاظ بزوجه ل يربطه بها أي رابط غير‬
‫ذلك الطفل! لشك ان زواجكما كان زواجا قسريا واناا لم اناخدع به على الطلق ‪.‬‬
‫‪ -‬اظنك تعنين زواجا اضطراريا ‪ .‬ولكنك على خطأ يا آناسه ربما كانات البداية هكذا لكنني اصبحت احب بليز‬
‫واعتقد اناه ابتدأ يبادلني هذا الحب ‪.‬‬
‫‪ -‬مشاعرك نابيلة وآسرة يا سيدتي ‪ .‬غير اناك ساذجه وتسمحين لعواطفك ان تتغلب عليك ‪ .‬اناا ل أشك لحظة في‬
‫ان بليز يسره ان يجعلك تعتقدين هذا فهو ل يستطيع البقاء عازبا ‪ .‬لن يدعك تتذمرين ولن يكون لديك ما‬
‫تشتكين منه اناه عاشق ممتاز هذا ان استطعت ان تتغلبي على نافورك من وجهه ‪ .‬اناا شخصيا لم استطع !‬
‫‪ -‬ماذا تعنيني بكلمك ؟‬
‫‪ -‬ال تعرفين حقا ؟ فلقد كنا اناا وبليز خطيبين ‪.‬‬
‫‪ -‬قبل الحريق الذي التهم بيل ريفبير ؟‬
‫‪ -‬بالطبع ‪ .‬وعندما اخرجوه ورأيت ما حل بوجهه اعترف بأناني جننت ولم استطع النظر اليه وفي الحال تملكني‬
‫شعور غريب وهو اناني لن ادعه يلمسني ثاناية ‪ .‬كان هذا بالطبع مؤلما لكلينا ‪ .‬ولكن في النهاية كان اسهل علي‬
‫من محاولة اخفاء نافوري ومشاعري فيما تبقى لنا من حياة معا ‪ .‬لقد كان ذلك مستحيل ‪...‬الن ربما فهمت‬
‫السبب في اصرار بليز على حرماناي من الوصاية على فيليب هذه طريقته للناتقام مني لناني فسخت‬
‫الخطوبة ‪ ...‬كان من الممكن ان اكون الن سيدة لوفالييه ! اليس هذا غريبا؟ اتدرين اناه مازال يريدناي ؟ لكنني‬
‫قطعت عليه الطريق ليس بسبب الندبة فقط ولكنك زوجته وتستحقين ولءه ولهذا عليك ان تشكريني ‪.‬‬
‫‪ -‬شكرا لك ‪.‬‬
‫اجابتها انادريا بصوت متخشب واسأذنات بالناصراف ‪.‬‬
‫‪ -‬تفضلي ‪.‬‬
‫اجابتها سيمون بالفرناسية وهي تقف جانابا لتفسح لها الطريق ‪ ,‬ثم استوقفتها فجأة قائلة ‪:‬‬
‫‪ -‬دقيقة من فضلك ‪ ,‬لقد منحتك بليز وان الن مدينه لي وعليك ان تمنحيني فيليب في المقابل ‪.‬‬
‫استدارت انادريا لتواجهها مستجمعه كل ما تبقى لها من رباطة جأش وقوة اعصاب واجابتها ‪:‬‬
‫‪ -‬اناا ل ادين لك بشيء يا آناسة ‪ .‬اما فيما يخص فيليب فاناك ل تستحقينه وبليز ايضا ل يستحقه ‪.‬‬
‫الن فقط اتضحت امامها الصورة كاملة وكان عليها ان تتخذ قرارها النهائي ‪.‬‬
‫دخل غاستون غرفة الطعام ليشعل ناار الموقد وما ان رأته انادريا حتى سألته اذا كان قد رأى فيليب واستطاعت‬
‫ان تبتسم له بمرح عندما اخبرها بأناه قد رآه مع خالته يقومان بنزهة ‪.‬‬
‫اشتد هطول المطر مع هبوط الظلم وغمرت المياه كل شبر في الخرج وابتدأ الثلج يذوب ‪.‬‬
‫ظنت ان الغتسال بالماء الساخن سيريح اعصابها ولكنها خرجت من الحماما باعصاب مشدودة وكأوتار الكمان‬
‫وجلست امام المرآة تسرح شعرها وتترقب خطوات بليو في الرواق ‪.‬‬
‫سقطت الفرشاة من يدها عندما وصل اخيرا وكاناها اصيبت بالشلل وارادت ان تكمل زينتها لكن يديها‬
‫المرتجفتين لم تسعفاناها ‪.‬‬
‫التقت ناظارتهما في المرآة كان يبتسم وظنت انادريا ان قلبها سيتوقف عن الخفقان كانات في وجهه رقة وفي‬
‫ناظرته حنان ‪.‬‬
‫اجتاز الغرفة بخطوات سريعه وعندما اصبح بجانابها اناحنى فوقها وطبع على عنقها قبله افقدتها توازناها ثم‬
‫اتبعها باخرى جعلت الدنايا تدور من حولها ‪.‬‬
‫‪ -‬ثوب اسود ؟ هل انات في حداد يا جميلتي ؟‬
‫ارادت ان تصرخ في وجهه وتقول اناها كانات فعل في حداد على ما تبقى لهما من ايام معا لكنها فضلت الصمت‬
‫في هذا الموضوع واجابته‪:‬‬
‫‪ -‬ظننته انايقا ال يعجبك ؟‬
‫‪ -‬لست متأكدا من اعجابي به ‪ ,‬ولكن اعتقد ان فيه ما يعوض عن سواد لوناه ‪.‬‬
‫ارتعدت فرائصها وهي تشعر بأناامله فقال لها مطمشنا ‪:‬‬
‫ل ترتجفي هكذا ياعزيزتي ‪.‬‬
‫وكان في صوته حنين وفي ناظراته رغبة ثم اضاف ‪:‬‬
‫‪ -‬لبد اناك علمت وانات تردين ثيابك هذا المساء بأناني سأجعلك تخلعينها لحقا ‪.‬‬
‫اناتزعت نافسها من بين ذراعيه وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬ولكن ليس الن ليس هكذا يا بليز ‪ ,‬فالعشاء سيكون جاهزا بعد قليل والجميع باناتظارناا ‪.‬‬
‫‪ -‬فلينتظروا ‪.‬‬
‫‪ -‬كل ارجوك يا بليز دعني ‪.‬‬
‫جمد في مكاناه ثم رفع رأسه ببطء واطال النظر اليها وفي عينيه بريق غريب كاد يفقدها اعصابها ثم قال ‪:‬‬
‫‪ -‬اذا كانات هذه مشيئتك يا سيدتي فليكن ‪.‬‬
‫وجدت سيمون وحدها في غرفة الطعام واكنت تقف قرب النافذه وتروتدي ثوبا ابيض فابتسمت بمكر وكأناها‬
‫شاهدت جميع فصول المسرحية التي دارت بينها وبين بليز منذ لحظات ‪:‬‬
‫ناظرت انادريا حولها وقالت ‪:‬‬
‫‪ -‬اين فيليب؟‬
‫‪ -‬اناه في غرفته وسيتناول العشاء فيها ‪.‬‬
‫اجابتها سيمون واتجهت الى خزاناة جانابية وسكبت لنفسها مقبل ورفعت الكوب بحركة ساخرة وكأناها تشرب‬
‫ناخب انادريا وقالت لها ‪:‬‬
‫‪ -‬اهل بك ‪ .‬اعتقد بأن فيليب اخذ بردا اثناء نازهة الثلج‪.‬‬
‫لم تجيبها انادريا في الحال وبعد قليل من الوقت قالت‪:‬‬
‫‪ -‬في هذه الحال سأصعد اليه لتفقده ‪.‬‬
‫‪ -‬كما تشائين ‪ .‬قد تجدينه مستغرقا في النوم الن وسيكون عليك ان توقظيه ‪.‬‬
‫‪ -‬اعدك بأناني لن اوقظه ‪.‬‬
‫دخلت انادريا العلية ورأت فيليب مستلقيا على ظهره واحدى ذراعيه خارج الغطية ‪ .‬كان تنفسه منتظما ولكنها‬
‫عندما لمست جبينه وجدته ساخنا بعض الشيء‪ .‬وكان على المنضده قرب سريره قنديل صغير ‪.‬‬
‫سمعت اصواتا من غرفة الطعام وايقنت اناه بليز ‪ .‬اخذت نافسا عميقا ودخلت الغرفة ‪ .‬كانات سيمون تقف قبالة‬
‫بليز وتكاد تلتصق به ثم رفعت يدها ببطء واثارة واحاطت يده التي كانات ممسكة الكأس ‪.‬‬
‫رجع بليز عدة خطوات الى الوراء عندما رأى انادريا تدخل الغرفة وبتهذيب وذوق سألها وهو يرسل اليها ناظرة‬
‫فيها تحذير واضح ‪:‬‬
‫‪ -‬هل تودين كأسا من الشراب يا سيدتي ؟‬
‫قبلت انادريا عرضه وشكرته وخطر لها ان تعتذر لقطع خلوتهما وتنسحب لكنها عادت وآثرت الحكمة والصمت‬
‫حفاظا على كرامتها ‪.‬‬
‫‪ -‬اناك شديدة الشحوب يا عزيزتي ‪.‬‬
‫جاءها صوت سيمون وكاناه من واد سحيق وسمعتها تضيف باهتمام مصطنع ‪:‬‬
‫‪ -‬ارجو ال تكوناي تعرضت للبرد مثل فيليب ‪.‬‬
‫‪ -‬ل اظن ذلك ‪ ...‬ولكنني اشعر بصداع هذا المساء ‪.‬‬
‫تناولت انادريا الطعام بشكل آلي وبدون شهية وكانات عينا بليز تراقباناها عن كثب ثم ما لبث ان قال بتهكم ‪:‬‬
‫‪ -‬هل فقدت شهيتك الى الطعام يا عزيزتي ؟‬
‫ولم يغب عن بالها ما تضمنته كلماته من معنى فأحمر وجهها وزاد ارتباكها ‪ .‬وما ان وصلت السيده بريسون‬
‫بالقهوة حتى وجدت انادريا الفرصة مؤاتيه لتستأذن بالناصراف ببضع كلمات متقطعه ‪.‬‬
‫لو كان بالباب قفل لوصدته وتحدت غضبه ‪ .‬ولكن بغياب القفل لم يكن بوسعها ال ان تحضر الريكة مثل كل‬
‫مساء وان لم يستعملها هو فلن تتردد هي في الناتقال اليها ‪.‬‬
‫اسرعت ترتدي قميص النوم برغم الصوت الذي عل في داخلها يدعوها ال تفعل ‪ .‬ارتدت المبذل فوقه وشدت‬
‫خصرها الناحل بالحزام وجلست تنتظر قدومه وابقت القناديل مشتعله فلم تكن مهيأة لليلة مع بليز في الظلم ‪.‬‬
‫اناحنت فوق الريكة تسوي تقضبا لم يكن هناك وفجأة رأت بليز يقف وظهره الى الباب ‪.‬‬
‫تسمرت في مكاناها مصعوقه ‪.‬كيف دخل الغرفة بدون ان تسمع وقع خطواته ؟‬
‫تعلقت عيناه بعينيها في صمت وبعد قليل قال ‪:‬‬
‫‪ -‬هذا الصابح ضممت الى صدري امرأة ارادتني بقدر ما اردتها ! اين ذهبت تلك المرأة ؟ ومن هي هذه الطفلة‬
‫التي تقف امامي الن وتظهر لي كل هذا العداء ؟‬
‫‪ -‬ما تقوله ل يمت الى العدل بصله !‬
‫‪ -‬ل يهمني مفهومك لما هو عدل وحق ‪ .‬كل ما ابغيه هو جواب بسيط لسؤال بسيط ‪ ,‬اناا هنا لسأل عن المرأة‬
‫التي عرفتها هذا الصباح ‪ .‬هل هي موجودة ؟‬
‫تحول ناظره الى الريكة وعندما استوعب الصورة وما كانات توحيه ضاقت عيناه وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬ما معنى هذا ؟‬
‫‪ -‬ل تعقد المور يا بليز ‪ .‬لم يتغير أي شيء بعد‪.‬‬
‫‪ -‬كل شيء تغير وانات تعرفين ذلك ‪ .‬لقد اناتهت المسرحية يا عزيزتي وانات زوجتي وستقاسمينني فراشي ‪.‬‬
‫اناتظر برهة ثم خلع قميصه وقال وهو يفتح ذراعه ويدعوها اليها ‪:‬‬
‫‪ -‬ال تأتين ؟‬
‫وعندما لم تتحرك قال ‪:‬‬
‫‪ -‬ل تجعليني آتي بك بالقوة يا انادريا ‪.‬‬
‫‪ -‬اناي اكرهك ‪.‬‬
‫‪ -‬ل فرق ‪.‬‬
‫‪ -‬كان المر يختلف هذا الصابح ‪.‬‬
‫‪ -‬هذا الصابح كانات العاطفة الصادقه تجمع بيننا لكن هذه الليلة ولسباب اجهلها اخترت ان يجمعنا الواجب ‪.‬‬
‫القرار لك ياعزيزتي ‪.‬‬
‫‪ -‬اناك تطلب الكثير‪ .‬لست بالنسبة اليك ال زوجة تقوم بمهمتها انات بنفسك قلت ذلك واذا كنت تبغي المزيد فلماذا‬
‫ل تطلبه من سيمون يبدو اناها لنات تجاهك ‪.‬‬
‫ارتدت ملمحه تعبيرا شيطانايا وقال وهو يصر بأسناناه ‪:‬‬
‫‪ -‬لن اضربك ‪ ,‬كل ولكن في الصابح ستكوناين قد تلقيت درسا لن تنسيه ‪.‬‬
‫شق السكوت صوت بعيد ظنت انادريا اناه صادر عنها ولكن ‪....‬‬
‫‪ -‬فيليب ‪.‬‬
‫صرخت وبها رعب غريب ‪ .‬وبقفزة سريعه كان بليز على قدميه وهرع خارجا ‪.‬‬
‫كانات الصرخات تصم الذان وعندما وصلت انادريا الى العلية اخيرا وجدة السيدة بيرستون في الغرفة وكانات قد‬
‫سبقتهما اليها واناحنت فوق فراش فيليب تحاول عبثا ان تكلمه ‪.‬‬
‫كان جاثما على طرف السرير وجسده الصغير يرتعد من رأسه الى اخمص قدميه وكانات عيناه تنطقان بالرعب‬
‫وكذلك شفتاه ‪.‬‬
‫التفتت اليهما السيدة بريستون وقالت بآلم ‪:‬‬
‫‪ -‬سيدتي ‪ ,‬سيدي ‪.‬‬
‫‪ -‬اسكت يا فيليب ‪ ,‬ما بك ؟‬
‫قال له بليز وهو يقترب من فراشه وينحني فوقه مادا ذراعيه ليلتقطه بينهما ‪ .‬اناتفض فيليب برعب ورمى نافسه‬
‫على قدمي انادريا وتشبث بساقيها وبصوت متهدج ووجه بللته الدموع راح يصرخ ‪:‬‬
‫‪ -‬صاحب الندبة ‪,‬صاحب الندبة ‪ ,‬لقد اتى ليأخذناي ‪ .‬اجعليه يذهب ارجوك !‬
‫‪ -‬اسكت يا عزيزي ‪.‬‬
‫قالت انادريا وهي تنحني فوقه وتربت على رأسه بحنان واضافت ‪:‬‬
‫‪ -‬اناا هنا الن ‪ .‬لن يؤذيك شيء ‪ .‬لقد كنت تحلم ؟‬
‫‪ -‬كان هنا ‪ .‬اتى ليأخذناي ‪ .‬كان سيقتلني ولم اجد مكاناا اختفي فيه ‪.‬‬
‫‪ -‬ما ذها الهراء ؟‬
‫قال بليز بضيق وقلق وهو يذرع الغرفة ‪ .‬وما ان سمع فيليب صوته حتى اطلق صرخة اخرى وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬صاحب الندبة ها هو !‬

‫‪ -‬هذا عمك بليز يا حبيبي وهو يحبك ويردي ان يعتني بك ‪ .‬اخبرك احدهم قصصا سخيفة تحولت الى كابوس‬
‫مزعج ‪ .‬هذا كل مافي المر ‪.‬‬
‫‪ -‬اجعليه يذهب ارجوك ‪.‬‬
‫ظرت انادريا الى بليز مستعطفه ولول عضلة متشنجه كانات تنتفض في وجهه لقالت اناه تحول الى تمثال من‬
‫حجر وبعد فترة تأمل قال لها ‪:‬‬
‫‪ -‬دعيه لكلوتيلد ‪ .‬ستهتم بامره ‪ .‬تعالي معي ‪.‬‬
‫‪ -‬دع انادريا ‪ .‬اناك شرير وهي ل تحبك ول تريد ان تذهب معك ‪.‬‬
‫صرخ فيليب وانادفع كالسهم وغرز اسناناه بيد بليز الذي صرخ وهو يسحب يده ويتأمل الثار التي احدثتها‬
‫اسنان فيليب ‪:‬‬
‫‪ -‬يا للشيطان ‪.‬‬
‫غطت السيده بريسون وجهها بيديها واتسعت عيناها في دهشة عظيمة بينما تسمرت انادريا في مكاناها تنتظر‬
‫تفجر براكين الغضب التي ويا للغرابة لم تنفجر بل حل مكاناها طيف ابتسامه على شفتي بليز لم تفهم انادريا‬
‫معناها وقال ‪:‬‬
‫‪ -‬اصبح لديك من يدافع عنك ويحيمك يا سيدتي ‪ .‬ابقي معه قليل ريثما يستغرق في النوم ولكن ل تدعيني اناتظر‬
‫طويل ‪ ,‬اما انات يا ابن اخي فلي مغك حديث طويل غدا صباحا ويمكنك عندئذ ان تخبرناي قصصك كلها فهي تثير‬
‫اهتمامي ‪.‬‬
‫سمعت انادريا فيليب يتنفس الصعداء وهو يسمع وقع خطوات عمه يبتعد ‪.‬‬
‫قالت السيده بريسون ‪:‬‬
‫‪ -‬دعيني اهتم به ‪.‬‬
‫‪ -‬سأبقى معه بعض الوقت ‪.‬‬
‫اجابتها انادريا وهي تهز رأسها ثم اضافت ‪:‬‬
‫‪ -‬من الفضل ان يبقى معه احد حتى الصابح ربما لعله استيقظ مرة اخرى اريد ان ابقى هنا قليل وعندما‬
‫يستغرق في النوم يمكنك ان تأخذي مكاناي ‪.‬‬
‫ارجعت انادريا فيليب الى فراشه وغطته جيدا وجلست قابلة سريره‪ .‬وبعد برهة شعرت انادريا بيد صغيرة تنسل‬
‫الى يدها ‪.‬‬
‫اثار هذا المشهد مشاعر السيده بريسون التي اغرورقت بالدموع وخرجت من الغرفة وهي تطلق التنهيدات‬
‫قال فيليب هامسا ‪:‬‬
‫‪ -‬اصبحنا وحدناا الن ‪.‬‬
‫‪ -‬ناعم ‪.‬‬
‫اجابته بحنان ورقة ثم قالت ‪:‬‬
‫‪ -‬والن يا عزيزي هل اخبرتني بما اخافك هكذا ؟‬
‫‪ -‬جاء صاحب الندبة لقتلني ويرمي بي الى الساحة ‪.‬‬
‫اجابها فيليب بقناعة تامة وعيناه تنظران اليها بتوسل ‪.‬‬
‫‪ -‬هذا ما تدعو عمك بليز به ‪ .‬وكيف يكون قد جاء الى هنا اذا كان كل الوقت برفقتي ؟ اترى كم هذا مستحيل ؟‬
‫بالضافة الى ذلك هو يحبك ويريد ان يرعاك ووالدك بنفسه طلب اليه ذلك لناه يعرف اناه الشخص الوحيد الذي‬
‫يمكنه ان يحبك ويحنو عليك كأناك ابنه تماما ‪.‬‬
‫شعرت انادريا بعدم رغبة فيليب في متابعة الحديث ‪ ,‬ال اناها تابعت قائلة‪:‬‬
‫‪ -‬قل لي يافليب ‪ ,‬من الذي قالت لك ان زوج ماري دينيز وقاتل ولدها كان يحمل نادبة على خده ؟‬
‫قطب جبينه وبدا اناه سيمتنع عن الجابه ولكنه بعد قليل قال ‪:‬‬
‫‪ -‬ل اذكر ‪.‬‬
‫‪ -‬لبد ان تذكر‪ .‬اعتقد اناه الشخص نافسه الذي اخبرك عن العلية وعن كل ما جرى فيها من احداث ‪.‬‬
‫‪ -‬كانات مجرد رواية واناا احب القصص لذلك ل يجب ان تغضبي على خالتي سيمون ‪.‬‬
‫‪ -‬لست غاضبه ‪.‬‬
‫قالت وهي تجهد نافسها لتبقي صوتها طبيعيا واضافت ‪:‬‬
‫‪-‬احياناا كثيرة يسيء الناسان فهم بعض الحقائق ‪ .‬حتى الخالة سيمون يمكنها ان تسيء الفهم ‪ .‬وزوج ماري‬
‫دنايز لم يكن يحمل نادبة فوق خده ‪ ,‬بل كانات تنقصه الشجاعه لينقذ حياة اناسان آخر مثل ما فعل عمك بليز مع‬
‫والدك ‪ .‬اعتقد اناه يوجد صورة له في مكان ما في هذا القصر ‪ .‬سنحاول العثور عليها غدا وعندها سترى اناه لم‬
‫يكن يحمل نادبة ‪.‬‬
‫ظل فيليب صامتا بعض الوقت قبل ان ينفجر قائل ‪:‬‬
‫‪ -‬لكن عمي بليز يريد فعل ان يقتلني من اجل المال كما فعل مع ابي ‪.‬‬
‫‪ -‬المال ‪.‬‬
‫سألته انادريا وقد ابتدأت الحيرة تنهش نافسها فلقد كانات اول مرة يأتي فيها على ذكر المال ‪.‬‬
‫جلس فيليب في فراشه وقال موضحا المر ‪:‬‬
‫‪ -‬المال هو التعويض عن بيل ريفبير بعد ان التهمتها النيران ‪ .‬ان عمي بليز هو من اشعل النار فيه لكي يحصل‬
‫على التعويض ‪.‬‬
‫‪ -‬هل تعني ان بيل ريفبير كانات مؤمنه ؟‬
‫سألته انادريا مستفسرة ‪ .‬احنى فيليب رأسه علمة اليجاب ثم قال ‪:‬‬
‫‪ -‬كانات مؤمنه لقاء آلف وآلف من الفرناكات ‪ .‬وكان عمي بليز بحاجة الى هذا المبلغ لذلك اشعل فيها النار‬
‫وتسبب في موت ابي ‪.‬‬
‫شعرت انادريا بدوار في رأسها وحاولت ان تسترجع كلمات بليز وهو يروي لها الحادث ‪ .‬ألم يقل اناه كان‬
‫بامكاناه ان يمنع الحادث ؟‬
‫وفيليب صادق فيما كان يقول اذا لقد احرق بليز المزرعه وتسبب في موت اخيه من اجل ان يحصل على قيمة‬
‫التأمين ‪ .‬وهذا هو السبب الذي من اجله يتملكه الشعور بالذناب وتعتريه المراره كما آتى على ذكر الحادث ‪.‬‬
‫اكمل فيليب كلمه قائل ‪:‬‬
‫‪ -‬واذا مت اناا الن فإن كل شيء سيؤول اليه اناه فقير الن وسيصبح غنيا ‪.‬‬
‫‪ -‬اسكت يا حبيبي ‪.‬‬
‫قالت له انادريا بصوت خافت ثم اضافت ‪:‬‬
‫‪ -‬اريدك ان تبعد هذه الفكار السوداء عم ؤأسك الصغير ‪ .‬والن اخلد الى النوم ويجب ان تنال قسطا من‬
‫الراحه ‪.‬‬
‫قالت انادريا ذلك وكأناها مخدرة ‪ ,‬فلم تكن تشعر بشيء ال بيقين اكيد بأن اللم آت ل محالة ‪.‬‬

‫‪ -9‬نهاية الخأرافة‬
‫فتح غاتسون الباب فجأة وكان يمسح العرق المتصبب من جبينه ‪ .‬نظر الى اندريا‬
‫وقال بفظاظة ‪:‬‬
‫) السيد يبحث عنك(‬
‫ابتلعت ريقها ‪ .‬وقبل ان تخأرج من المطبخ التفتت الى غاتسون قائلة ‪:‬‬
‫) اريدك ان تنقل سرير فيليب من العلية الى الغرفة التي سأريك أياها(‬
‫رفع غاتسون عينيه الى السماء وكأنه يتضرع الى ا ويشكو ظلمة نزلت بق قال‪:‬‬
‫) هل نسيت ما تطلب نقل السرير الى العلية من عناء ؟ والن علي ان انقله منها ‪ ،‬وماذا بعد ذلك‪.‬‬
‫وبعد ان نقلت حقائب النسة دولتور الى السيارة؟(‬
‫ارسلت اندريا باتجاهه ابتسامة عذبة وبصوت ل يرحم قالت‪:‬‬
‫) ل تخأش شيئا ‪ .‬لن يميتك هذا الجهد(‬
‫عندما وصلت اندريا الى القاعة استطاعت ان ترى من خألل الباب المفتوح سيارة سيمون قرب المدخأل ‪.‬‬
‫وما هي ال لحظات حتى رأت سيمون نفسها ولم تكن في اناقتها المعتادة ‪ ،‬كان شعرها مشعثا وكانت تلهث ‪.‬‬
‫نظرت الى اندريا وقالت لها بمكر‪:‬‬
‫) هل جئت لتتأكدي من انصرافي يا اندريا؟(‬
‫) ل ارى ضرورة لذلك(‬
‫اجابتها اندريا بصوت هادئ وتابعت سيرها ‪ .‬فهي لم تشأ ‪ ،‬حفاظا على كبريائها على القل ‪.‬‬
‫ان تسمح لسيمون ان تعرف بأنها كانت عالمة بما جرى الليلة السابقة‪.‬‬
‫) بالطبع(‬
‫اجابتها سيمون واضافت‪:‬‬
‫) على ان اقامتي هنا كانت مثيرة ولقد اعطت النتائج التي كنت اود تحقيقها ولو بطريقة مخأتلفة(‬
‫توقفت قليل ثم رمت اندريا بنظرة فيها من الكراهية ما فيها من المكر وقالت‪:‬‬
‫) يسعدني ان اترك لك الجزاء المبعثرة ياعزيزتي ‪ .‬اجمعيها ان كنت تقدرين!(‬
‫تذكرت اندريا وجه فيليب المبلل بالدموع ودوت في رأسها صرخأاته المستغيثة فتقدمت بضع خأطوات وبنبرة‬
‫فيها تهديد قالت‪:‬‬
‫) قد ل املك القوة الجسدية لقذف بك الى الخأارج ولكن يسعدني جدا ان احاول على القل !(‬
‫غمر اندريا شعور بالرضا وهي ترى سيمون تلوذ بالفرار عند سماعها تلك الكلمات ‪.‬‬
‫رأتها تهرول الى السيارة وباصابع مرتبكة ادرارت محرك السيارة‪ .‬وقبل ان تنطلق ارسلت الى اندريا نظرة‬
‫حقد وكراهية وقالت‪:‬‬
‫) احتفظي بقواك ياعزيزتي ‪ .‬فجميع الخأاسرين يحتاجون عادة الى قواهم (‬
‫وتوارت عن نظر اندريا مخألفة وراءها سحبا من الغبار‪.‬‬
‫دخألت اندريا الى القاعة واغلقت الباب وراءها ‪ .‬بحثت عن بليز فلم تجده ‪.‬‬
‫استجمعت شجاعتها وصعدت الى غرفة النوم علها تجده فيها ‪.‬‬
‫كان بليز قرب النافذة ونظرة الىأالخأارج ‪ .‬ربما كان يراقب رحيل سيمون ويتساءل في سره متى سيعودان‬
‫معا ‪ .‬انتظرت اندريا ليشعر بوجودها‬
‫والغيرة تنهش صدرها ‪ .‬ظل ساكنا ل يتحرك واخأيراقال بدون ان ينظر اليها ‪:‬‬
‫) انتظرتك طويل ليلة أمس يا اندريا ‪ .‬أين كنت؟(‬
‫بللت شفتيها بلسانها وقالت بفتور ‪:‬‬
‫) كان فيليب بحاجة لي (‬
‫) وانا الم اكن بحاجة اليك؟ أولم يكن لهذا أي حساب لديك؟(‬
‫) لم استطع ان اترك فيليب وفي أي حال لقد وجدت البديل على ما اعتقد(‬
‫وما ان تفوهت بتلك الكلمات حتى تمنت لو انقطع لسانها ‪.‬‬
‫التفت اليها وادهشها عدم تجهم وجهه ‪ .‬كان في الواقع يبتسم!‬
‫وقال‪ ) :‬كنت في الماضي اتحول الى زجاجة الشراب وادفن فيها كربي اما الن فأراني اسعى أليك انت لتداوي‬
‫جروحي (‬
‫) انا بحاجه الى من يداويني (‬
‫) اذن علينا ان نداوي بعضنا البعض (‬
‫اجابها وهو يقترب منها ويأخأذ وجهها الذي اشاحت به بين يديه وينظر في عينيها ويضيف‪:‬‬
‫) انظري الي يا حلوتي(‬
‫اندفت من بين يديه وهي تصرخ ‪:‬‬
‫) ل تلمسني !(‬
‫) ولكن هذا لن يثنيني ياحلوتي! سألمسك وكيفما اشاء حتى يتوقف رأسك العنيد‬
‫عن صدري وترجع الي المرأة التي عرفت!(‬
‫) لقد اخأذت كل الدروس التي احتاجها على يديك بليز ‪ .‬فانت استاذ رائع وخأبرتك ل تضاهى في هذا الميدان‬
‫ولكن عليك ان تقفل مدرستك الن لنني تلقيت دعوة عائلة عمي لحضور عرس كلير (‬
‫اجابته وعيناها ل تبرحان وجهه ‪.‬‬
‫) وكيف انسى كلير؟(‬
‫قال بمرح ثم أضاف‪:‬‬
‫) من الصعب علي ان اترك القصر في هذا الوقت ولكن ل بأس ساتدبر المر‪.‬‬
‫هزت اندريا رأسها وقالت‪:‬‬
‫) ل حاجه لصطحابي ‪ .‬سأخأذ فيليب معي ان سمحت لي بذلك ولقد وجهت لنا امرأة عمي دعوة لنمضي بعض‬
‫الوقت بينهم(‬
‫ظل بليز صامتا وعندما نظرت اليه اندريا رأت عينيه تضيقان ثم سمعته يقول ‪:‬‬
‫) ولم ل اذهب انا معكما ؟(‬
‫وبضيق ونفاد صبر وجدت اندريا ما تقولة فشرحت‪:‬‬
‫) اول سيسبب حضورك احراجا لكلير ‪ ،‬و ‪(..‬‬
‫قاطعها قائل‪:‬‬
‫) اريد الحقيقة اندريا (‬
‫) حسنا(‬
‫اجابته وتابعت‪:‬‬
‫) الحقيقة انني اريد ان ابتعد عنك لبعض الوقت وفيليب كذلك بحاجة لن يبتعد فهو ليس سعيدا هنا كما تعلم(‬
‫) ولكن هنا بيته ول بيت له سواه(‬
‫) صحيح! وهو مال يمكنك ان تنساه(‬
‫امسكها بليز من كتفيها وهزها بعنف وغرزت اظافره في جلدها وبصوت كالفحيح قال‪:‬‬
‫) وماذا تعنين بذلك يا زوجتي العزيزه؟(‬
‫اغرورقت عيناها بالدموع ولم تجب فصرخ فيها ‪:‬‬
‫) اجيبيني (‬
‫واشتد قبضة يده على زنادها فصرخأت بدورها ولكن من اللم وقالت‪:‬‬
‫) خأذ المال يابليز ودعنا نذهب ‪ .‬اعدك باننا لن نزعجك ثانية ‪ .‬بوسعي ان اعيل فيليب وربما عدت الى‬
‫وظيفتي القديمة(‬
‫وتوقفت بدون ان تكمل فالتعبير الذي ارتسم على وجهه افقدها النطق تقريبا‪.‬‬
‫) أي مال؟(‬
‫سألها بهدوء‪.‬‬
‫) قيمة التأمين على بيل ريفيير(‬
‫اجابته وكانت قد ابتدأت تشعر بوهن وضعف واضافت‪:‬‬
‫) فيليب يعرف كل شيء وهو لذلك يخأافك ‪ .‬هو ليس واثقا من ان موت والده كان حادثا ويظن انه سيكون‬
‫الضحية التالية واذا استطعت ان ابعده‬
‫عن هذا المكان فلربما نسي المر واستعاد طفولته مع الزمن (‬
‫شحب وجهه ورأت اندريا الشرر يتطاير من عينيه واليأس يغلفه واخأيرا قال بصوت اجش‪:‬‬
‫) لو ان احدا غيرك قال هذا لقتلته !(‬
‫ودفعا عنه باشمئزاز فترنحت وكادت تقع ثم تابع‪:‬‬
‫) لست وحدك من استلم رسالة هذا الصباح يا سيدتي (‬
‫قال هذا واخأرج من جيب سترته ظرفا كبيرا ولوحه بوجهها وتابع‪:‬‬
‫) يسعدني ان اترجم لك ما ل تستطيعين فهمه بالفرنسية ولكنني اريدك ان تقرأي ما بداخأله (‬
‫اخأذت الظرف منه واخأرجت منه رسالة راحت تقرأها ‪ .‬واحتوى الظرف اوراقا كثيرة وصورا ومستندات‬
‫ووثائق رسمية ورسالة تحمل توقيعا غريبا‪.‬‬
‫استطاعت ان تفهم العبارات وسألها بليز مشيرا الى الرسالة باصبع مرتجفه ‪:‬‬
‫) هل تريدين اية مساعدة ؟ انها كما ترين من شركة التأمين وهو يقولون فيها بان الشركة قد خأتمت التحقيق‬
‫وان لديهم الدليل بان الحريق‬
‫الذي التهم ) بيل ريفيير( كان مفتعل وهم لذلك لن يدفعوا اي تعويض ‪ .‬اظن انني قلت لك في السابق انه لم‬
‫يبق شيء من بيل ريفيير ال قيمة اليجار الذي تدفعه الدولة‪.‬‬
‫هذا كل ما يملك فيليب بالضافة طبعا الى سقف بيتي فوق رأسه وعاطفتك اللمتناهية(‬
‫) انهم يعرفون اذن بان الحريق كان مفتعل (‬
‫) بالطبع يعرفون فهم ليسوا اغبياء ولو ان جان بول كان في حاة طبيعية لدرك هذا هو الخأر ولم يراهن بكل‬
‫ما يملك على تلك المحاولة البائسة وخأسر بالنتيجه كل شيء حتى حياته(‬
‫اذن لقد كان جان بول اي والد فيليب من اشعل الحريق ‪ .‬صفعتها الحقيقة المره ولكنها ي الوقت نفسه احيت‬
‫في نفسها املا كادت تفقده‪.‬‬
‫) كما ترين فان جان بول هو الذي اشعل النار وكان همي الوحيد ان ل يكتشف فيليب هذه الحقيقة ‪ .‬ولطالما‬
‫اقنعت نفسي ان كرهه لي هو من وحي سيمون التي ارادت ان تتنتقم مني على ابشع صورة(‬
‫) انا اسفه واعرف انك مازلت تحبها(‬
‫) ماذا؟(‬
‫) اعرف انك تحب سيمون وانك امضيت الليلة السابقة معها (‬
‫) يا آلهي! هل يجب ان اتحمل كل هذا الفتراء وهذا التشوية لسمعتي؟‬
‫اذن انت تظنين انني هرعت الى سيمون عندما انكرت علي حقي!!(‬
‫قذف برأسه الى الوراء واطلق ضحكة مرحه وتابع‪:‬‬
‫) كل ياعزيزتي ‪.‬فعندما يرى النسان لمحة من السماء فانه ل يعود الى الجحيم ‪ .‬عندما تأكدت بانك لن تعودي‬
‫خأرجت اتنزه سيرا على قدمي وتوغلت في التلل‬
‫وشعرت بانني تحررت اخأيرا من كل العفاريت التي كانت تسكن رأيي وعدت لفتح صفحة جديدة في حياتي ‪.‬‬
‫وعندما استلمت هذة الرسالة اعتبرتها كأشارة من السماء لكي أضع كل الماضي وراء ظهري ول اتطلع ال‬
‫الى مستقبل مشرق ‪.‬‬
‫لقد اتضحت الحقيقة كلها اخأيرا وآمل ان تأتي يوم استطيع ان اطلع فيليب عليها وابرئ ساحتي(‬
‫ابتسم عندما رأى النظرة التي ارتسمت في عيني اندريا وهي تصغي اليه ثم تابع‪:‬‬
‫) هل تظنين انها تخألت عني من أجل هذا؟(‬
‫ورفع يده ولمس الندبة فوق خأده وتابع‪:‬‬
‫) قد يكون في هذا بعض الحقيقة ولكن الواقع ان سيمون تخألت عني عندما ايقنت بانني لن اجاريها في لعبتها‬
‫القذرة واكتم الحقيقة عن شركة التأمين ‪ .‬لقد بذلت جهدا كبيرا لتقنعني كما فعلت مع جان بول‬
‫ثم اخأذت فيليب على أمل ان تحصل على المال بواسطته(‬
‫قال هذا ورفع الرسالة بيده واضاف‪:‬‬
‫) اما الن فان الحال يخأتلف(‬
‫اعاد الظرف الى جيبه بعد ان وضع الوراق في داخألة وكانت علمات التعب مرتسمه على وجهه ‪ ،‬وعيناه‬
‫زائغتين ولم يأت بأي حرة يستدل منها بانه كان سيسلمها وتابع حديثه باعياء واضح وقال‪:‬‬
‫) لم اعرف في حياتي آلما كالذي عرفته ليلة زفافنا عندما اشحت بوجهك عني‪ .‬ظننت وقتها ان ليس في الدنيا‬
‫افظع من ذلك ولكنني اكتشفت آلما أشد وادهى‪.‬‬
‫اذهبي الى لندن يا اندريا ‪.‬‬
‫لن اوقفك عن بناء حياة جديدة لك ‪ .‬اما بالنسبة الى فيليب فانه سيبقى معي هنا ‪.‬‬
‫هذا هو مكانه الطبيعي ‪ .‬لن يكون المر سهل ولكنني الن على القل اعرف ما علي ان احاربه(‬
‫) بليز(‬
‫نطقت باسمه متوسله ووضعت يدها على ذراعه لكنه تراجع الى الوراء وكان افعى لسعته وقال‪:‬‬
‫) انا ل اريد شفقتك يااندريا ‪ .‬كنت آمل ان احصل على حبك في يوم من اليام ولقد كنت طويل البال صبورا‬
‫ولم اكرهك على عمل لم تريدي ان تقومي به ‪ ،‬وانا اعرف انك تخأافين مني (‬
‫) انا ل اخأاف منك يا بليز‪ ،‬ال ترى؟ لقد اخأطأت في حقم وانا آسفه لذلك(‬
‫) ل تدعينا نتكلم عن الخأطاء ياعزيزتي ‪ .‬فـأنا ايضا اخأطأت في حقك عندما ارغمتك على الزواج مني ‪.‬‬
‫ولكنني على استعداد الن لن اصلح غلطتي ‪ .‬لن أتمسك بوعدك على البقاء سنه ‪.‬يمكنك ان تذهبي ساعة‬
‫تشائين‪(.‬‬
‫تنهدت اندريا بألم وفي اللحظه ذاتها تناهى الى اذنيها وقع خأطوات سريعه ومتلحقة وادركت بغريزتها بأن‬
‫شيئا ما ليس على مايرام(‬
‫) بليز‪(...‬‬
‫ابتدأت تقول عندما فتح الباب فجأة وظهر غاتسون لهثا وقال‪:‬‬
‫) فيليب غير موجود يا سيدي ‪ .‬لم نعثر عليه في أي مكان وثيابه ل تزال مكانها (‬
‫خأرجت من بين شفتي بليز عبارات ضيق وغضب وانطلق يعدو وهو يسأل ‪:‬‬
‫) هل ذهب مع النسة دولتور؟(‬
‫هز غاتسون كتفيه وأجاب ‪:‬‬
‫) وضعت الحقائب في سيارتها يا سيدي ولكن لم يراها احد تنطلق(‬
‫) انا رأيتها(‬
‫اجابت اندريا وتابعت‪:‬‬
‫) لكنني لم أ ار فيليب ‪ .‬ربما خأبأته بين الحقائب في السيارة فلقد بدا تصرفها غريبا(‬
‫التفت بليز الى غاتسون وقال له بصوت فيه الحاح ‪:‬‬
‫) أسرع واحضر سيارة الند روفر وسنلحق بها ‪ .‬ليمكن ان تكون قد ابتعدت كثيرا فالطريق مازالت شبه‬
‫مقفله في بعض الماكن (‬
‫) هل يمكننب مرافقتكما ؟(‬
‫سألته اندريا متوسله‪.‬‬
‫) كل(‬
‫اجابها بدون ان ينظر اليها ثم اضاف‪:‬‬
‫) لقد ذكرت امس انه لم يكن في اتم الصحة ومن الفضل اذن ان تبقي هنا وتحضري له فراشة وتستدعي‬
‫الطبيب ‪ .‬اطلبي الى صديقك النكليزي ان يذهب الى القرية‬
‫ويستدعي الطبيب حال(‬
‫خأرج بليز من الغرفة وغاتسون في اعقابه وما ان اصبحت اندريا وحدها حتى استبدت بها افكار مقلقه ‪.‬‬
‫خأشيت على فيليب من الحقد والكراهية‬
‫التي كانت تمل قلب سيمون واغمضت عينيها وكأنها تطرد صورة سكنت رأسها وارعبتها ‪.‬‬
‫كل قالت في نفسها ‪ .‬حتى سيمون ل يمكنها ان تلحق الذى بطفل صغير ‪ .‬فهي لم تأخأذه ال لمجرد التحدي‬
‫والنتقام‪.‬‬
‫كانت السيدة بريسون اول من اكتشف اخأتفاء فيليب ‪ .‬فلقد ذهبت لتوقظة ككل صباح لكنها وجدته مستغرقا في‬
‫نوم هادئ ‪ ،‬فقررت ان تدعه ينام بعض الوقت وعندما رجعت اليه كان قد اخأتفى وكان ما يبدو ما زال في‬
‫ثياب النوم‬
‫في ثياب النوم لن ثياه موضوعه قرب السرير بترتيب ‪.‬‬
‫) ياصغيري المسكين(‬
‫ظلت السيدة بريسون تردد وهي تفرك يديها بقلق وقالت‪:‬‬
‫) سيشعر بالبرد حتما‪ .‬مالذي يجول في رأس اأنسة دولتور ياترى؟(‬
‫اتجهت اندريا الى سرير فيليب وراحت تشغل نفسها في ترتيبه ‪.‬شعرت بجو العلية الخأانق‬
‫لول مرة منذ وطئت قدماها هذا المكان ‪ .‬وادركت انها ساعدت سيمون من حيث لتدري باخأتيارها هذة العلية‬
‫لفيليب‪،‬‬
‫فأيةمكان افضل منها يوفر لسيمون الجو المناسب لتنسج خأيوط المؤامره وتنصب الشرك وتنفث السم في‬
‫أذني ذاك الطفل المسكين؟؟‬
‫لبد انها كانت على علم بقصة ماري دنيز بحكم التصاقها بعائلة لوفالييه لمدة طويلة‪.‬‬
‫فجأة تناهى الى اذنيها نشيج غريب وكأنه بكاء طفل ‪ .‬تسمرت في مكانها وارهفت السمع‪.‬‬
‫ظنت اول المر ان خأيالها المحموم جعلها تسمع اصواتا غير موجودة لكن النحيب عاد هذة المره ايضا وكأنه‬
‫من مكان قريب‪.‬‬
‫سمعته خأافتا ويائسا ثم انقطع‪.‬‬
‫وقفت تحدق في ارجاء تلك الغرفة المستديرة ونادت )فيليب( عدة مرات‪.‬‬
‫ركعت على الرض ونظرت تحت السرير ‪ .‬فتحت الخأزانة وفتشتها لكنها لم تر ذلك الجسم الصغير الذي كانت‬
‫تبحث عنه‪.‬‬
‫عاد النشيج ملحاحا ثم تحول الى انين متواصل لبرهة من الزمن ثم انقطع‪ .‬بدا لندريا ان الصوت صادر من‬
‫مكان ما فوق رأسها‪.‬‬
‫همت بالخأروج ولكن وبشكل ل يقبل اي خأطأ استوقفها صوت منبعث من فوق رأسها‪.‬‬
‫دفعت الباب بيدها بقوة لكنه بقى ثابتا ‪ .‬مرت باناملها فوق المسامير وفجأة تلوت ملمحها بألم عندما اخأترقت‬
‫نسرة من الخأشب جلدها‪.‬‬
‫انتزعتها باسنانها وعادت تتأمل الباب ‪ .‬استغرب ان تجد الخأشب حول المسامير خأشنا وغير مصقول فلقد كان‬
‫غاتسون يفتخأر دائما باتقانه العمال‬
‫التي يقوم بها وهذا العمل غير متقن ابداا وكان بامكانها هي ان تقوم بافضل منه بكثير لو كانت لديها الدوات‬
‫اللزمة ‪.‬‬
‫استوقفتها كلمة ) ادوات ( واسترجعت في ذاكرتها صورة سيمون وهي جالسة على حافة‬
‫الطاولة في المستودع وبين يديها مفك راحت تقلبه وتتسلى به‪.‬‬
‫تذكرت المشهد جيدا لنه كان لفت تظرها التنافر الواضح بين يدي سيمون‬
‫الغضتين وبين المفك الكبير‪.‬‬
‫أولم يفقد غاتسون بعض الدوات وينهم فيليب بأخأذها ؟‬
‫أولم ينف فيليب علقته بأي من تلك الدوات؟‬
‫ضغطت بيديها على صدغيها طلبا لبعض الصفاء في ذهنها ‪.‬‬
‫تذكرت فجأة سلوك فيليب الشاذ كلما اتى على ذكر سيمون ‪.‬‬
‫هل كان يعلم ياترى انها هي من اخأفى الدوات وكتم ذلك المر ولء منه لها؟‬
‫والمزلجة؟ من لذي انهال عليها بالضرب هكذا ولم يتركها ال كومه من ركام؟‬
‫كان من السخأف الصاق هذه التهمه بطفل صغير وهو عمل عنيف يعجز عنه من كان اكبر من فيليب واقوى ‪.‬‬
‫ايقنت اندريا ان في المر سراا وان عليها ان تكتشفه‪.‬‬
‫راحت تقرع باب السقف بيديها وتنادى فيليب باسمه‪.‬‬
‫ظنت انها سمعت صوتا خأافتا وكان هذا كافيا بالنسبة اليها‪.‬‬
‫هبت الدرج كالصاروخ واصطدمت بآلن الذي كان قد وصل لتوه‪.‬‬
‫) هدئي من روعك(‬
‫قال لها آلن وهو يسندها بذراعه واضاف‪:‬‬
‫) الطبيب في طريقة آلن(‬
‫) انه فوق في مكان ما فوق العلية‪ .‬علينا ان نخأرجه في الحال ‪ .‬تلزمنا بعض الدوات(‬
‫قالت اندريا بصوت متقطع وكأنها تزدرد الكلمات وتابعت‪:‬‬
‫) وضعته فوق واوصدت الباب!(‬
‫) لبد انك تمزحين ! ومن يقدم على مثل هذا الجرام؟(‬
‫) هي(‬
‫) انتظري هنا ربما استطعت ان اجد مخأل او فأسا او أي شيء من هذا القبيل(‬
‫) حسنا حاول ان تجد مفكا كبيرا ‪ .‬هذا ما يلزمنا ‪ .‬كان المفك معها ولقد رأيته بنفسي بين يديها ولكنني لم‬
‫ادرك آنذاك ماكانت عازمه عليه(‬
‫) وكيف لك ان تدركي ‪ .‬انه عمل شيطاني ل يخأطر في بال احد‪ .‬عودي‬
‫اليه الن وكلمية حتى لو لم يجب ‪ .‬قولي له اننا سنخأرجه او اي شيء آخأر‪.‬‬
‫فهو يثق بك‪.‬‬
‫حعت اندريا الى العلية وتسلقت الدرج المؤدي الى الباب السحري في السقف وحشرت نفسها تحت الباب‬
‫مباشرة حتى كاد فمها‬
‫يلتصق بخأشبة وراحت تناديه وتغني وتروي له الحكايات المسلية ولم تسمع ال صدى صوتها‪.‬‬
‫) هل حالفك الحظ؟(‬
‫سألها آلن الذي عاد بدون ان يوفق في ايجاد المفك ولكنه يحمل بين يديه فأسا‪:‬‬
‫) انه ل يجيب(‬
‫قالت وعيناها على الفأس ثم اضافت بقلق ظاهر‪:‬‬
‫) ربما كان فوق الباب مباشرة فكيف ستكسره أذن(‬
‫) كلمية وقولي له ان يبتعد عن الباب قدر المكان وباننا سنحاول فتح الباب ونخأرجه(‬
‫اطاعته اندريا بشكل آلي وكانت تشعر بخأدر في جسمها ثم نزلت عن الدرج بسرعه بينما استعيد آلن ليكيل‬
‫الضربات الى الباب ‪.‬‬
‫كامن الخأشب عتيقا وابتدا يتداعى تحت وطأة ضربات آلن ‪.‬‬
‫) ساحدث فتحه فيه‪ .‬هل تظنين انه بامكانك ان تدخألي منها(‬
‫سألها آلن وهو يلهث من الجهد الذي بذله‪.‬‬
‫) سأتدبر امري‪ .‬أسرع(‬
‫) لن تجدي المر مريحا من المفروض ان اصعد بدل منك(‬
‫) كل انا اصغر حجما منك واستطيع ان ادخأل من فتحة صغيرة(‬
‫حشرت نفسها في الفتحه وشعرت بنسرات الخأشب تخأدش جلدها وعلق سروالها باحداها‪.‬‬
‫كان الدم يسيل من يديها عندما وصلت اخأيرا الى حيث يرقد فيليب فاقد الوعي‪.‬‬
‫ركعت بجانبه وتحسست جسمه الصغير فوجدته باردا كالثلج ‪.‬‬
‫خألعت سترتها ولفتها حوله وصرخأت تنادي آلن وتخأبره بانها وجدته فليسرع الى كوتيلد ويطلب اليها ان‬
‫تحضر بعض‬
‫الغطية الدافئة وشرابا ساخأنا وقالت‪:‬‬
‫) سأبقى معه بانتظار الطبيب ‪ .‬وأرجوك آلت ان تسأل كوتيلد ان تحضر له الحمام(‬
‫سمعت خأطوات آلن تبتعد ‪ .‬اخأذت فيليب بين ذراعيها وانحنت عليه وراحت تفرك يديه وقدميه العاريتين‪.‬‬
‫كانت اطرافه كالجليد ‪ .‬ضمته اليها بشدة لتعطية بعضا من دفئها ‪ .‬ارتعش بين ذراعيها وفتح عينيه ونظر‬
‫اليها ظنت اندريا لول وهلة انه لم يعرفها‪.‬‬
‫) فيليب(‬
‫نادته وهي تنحني فوقه وتضغط بشفتيها على شعره المشعث وقالت‪:‬‬
‫) انا اندريا ‪ .‬انظر اليي(‬
‫ومضت عيناه وقطب جبينه وسألها بحيره‪:‬‬
‫) هل أنتهت اللعبة؟(‬
‫) اللعبة؟(‬
‫سألته اندريا مستفهمه فاجابها شارحا لها ما التبس عليها‪:‬‬
‫) كانت الخأالة سيمون تقوم بدور ماري دنيز وكان علي ان ل ادع ذا الندبة يجدني لذلك اصعدتني الى هنا‬
‫وذهبت ‪.‬‬
‫شعرت بالبرد وانتابني رعب شديد عندما شعرت ان غيابها قد طال(‬
‫) بالطبع انتهت اللعبة(‬
‫اجابته اندريا وهي تشعر بغصة في صدرها وتابعت‪:‬‬
‫) والن يمكنك ان تأوي الى فراشك بعد ان تتناول شيئا ساخأنا(‬
‫) حسنا(‬
‫اجابها ثم نظر اليها وسألها بدهشة‪:‬‬
‫) اندريا لماذا انت بدون ثياب؟(‬
‫) لنك ترتدي سترتي وانت تبدو مضحكا فيها ‪.‬انظر كم هي الكمام طويلة واذا ما رفعت القبه يخأتفي فيليب‬
‫تماما (‬
‫اجابته بمزح ورفعت قبة السترة حتى غطت رأسه كله‪.‬‬
‫اطلق بدوره ضحكة خأافته وقال‪:‬‬
‫) فعل انه أمر مضحك ‪..‬وجودي هنا(‬
‫) بالفعل (‬
‫) اندريا ‪ ،‬انا ل اريد القيام بأي دور في قصة ماري دنيز بعد اليوم ‪ .‬اتعرفين انها حطمت مزلجتي؟(‬
‫) من الذي كسر المزلجة؟ ماري دنيز ام الخأالة سيمون؟(‬
‫سألته اندريا وقد لحظت كيف اخأتلطت عليه المور فراح يخألط الواقع مع الخأيال(‬
‫) ل ادري (‬
‫اجابها بعينين نصف مغمضتين ثم تابع‪:‬‬
‫) كان يلتبس علي المر في كثير من الحيان ‪ .‬قالت لي الخأالة سيمون انها هي ماري دنيز وكيف يمكنها ان‬
‫تكون ماري دنيز والخأالة سيمون في الوقت نفسه؟(‬
‫) هي ليست ماري دنيز ول يمكن ان تكون ماري دنيز كما ليمكن لعمك بليز ان يكون من تسمية ‪ :‬ذا الندبه(‬
‫اجابته وقد ابتدأ ت بالفعل باصلح مايمكن اصلحه وعندما لم يجبها بشيء قررت ان ترجئ هذا الحديث لوقت‬
‫لحق‪.‬‬
‫سمعت اصواتا ووقع خأطوات في الغرفة تحتها فنادت‪:‬‬
‫) آلن ‪ ،‬اصعد الدرج وسأناولك فيليب(‬
‫حملته بين يديها بحذر بالغ واتجهت صوب الفتحة وركعت قربها وقالت‪:‬‬
‫) اسمع ايها البطل! لقد علق هذا الباب السخأيف ولذلك علينا ان نخأرج من الفتحة ‪ .‬يمكنك ان تتظاهر بانك‬
‫رزمه بريدية سيتناولها مني آلن ‪.‬‬
‫ضحك فيليب من اعماقة وكان على اندريا ان تقاوم رغبة بضمة اليها والتشبث به بين ذراعيها ‪.‬لكنها بدل من‬
‫ذلك قالت‪:‬‬
‫) هيا‪ .‬احذر نسرات الخأشب وتذكر ان الرزمه لتلتوي ‪.‬نعم هكذا‪..‬عافاك(‬
‫كانت تثرثر هكذا وهي تنزله من الفتحة‪.‬‬
‫) سأتناوله انا(‬
‫جاءها صوت بليز وشعرت بفيليب يتشنج بين ذراعيها ‪ .‬اطلق تنهيدة عميقة وفجأة اخأتفت التشنجات ‪ .‬وماهي‬
‫ال ثوان وكانت يدا بليز القويتان تتناولنه منها وتنزلنه بحذر وثقة‪.‬‬
‫) هيا يا صغيري(‬
‫سمعته اندريا يقول ثم تابع‪:‬‬
‫) سيلقي الطبيب عليك نظرة سريعة الن وسنصعد انا واندريا لنراك بعد قليل ‪ .‬هيا(‬
‫سمعت فيليب يتمتم شيئا لم تفهمه وخأرجت من بين شفتيها صلة صامتة وشعرت فجأة بالبرد ‪ .‬نظرت من‬
‫الفتحة ورأت غاتسون يحمل فيليب وينطلق به‪.‬‬
‫) هل تريدين ان تنتظري لفتح الباب؟(‬
‫سألها بليز‪.‬‬
‫) كل(‬
‫اجابته واسنانها تصطك من البرد وتابعت‪.‬‬
‫) اظن بانني ل ابالي بالنسرات فأنا أشعر ببرد شديد(‬
‫انزلت قدميها وشعرت بيدين تسددان خأطواتها على السلم‪.‬‬
‫انزلقت اخأيرا من الفتحة وعلقت احدى النسرات بذراعها فسال دمها ‪.‬‬
‫ساعدها بليز على النزول ‪ .‬رأت آلن واقفا والفأس بيده‪.‬‬
‫) عافاك(‬
‫قال لها ما ان وقع بصره عليها واصطبغ وجهه بلون احمر قان‪.‬‬
‫تخأيلت الصورة التي بدت فيها امامهما ‪ .‬سروال من قماش الجينز ممزق ومتسخ وصدرية من الدانتيل ل‬
‫تغطي شيئا‪.‬‬
‫شكرته ثم خأيم على الغرفة صمت قطعه آلن بصوت حرص ان يأتي طبيعيا حين قال‪:‬‬
‫) يجب ان اذهب لكن علي قبل ذلك ان اعيد الفأس الى مكانه(‬
‫اطلق ضحكة مرحه وانصرف وهو يصفر لحنا شجيا‪.‬‬
‫وما ان توارى عن نظرها حتى قالت اندريا بلطف‪:‬‬
‫) كان في غاية اللطف (‬
‫) اعتقد انه واقع في الحب(‬
‫اجابها بليز بهدوء ‪ .‬بلعت ريقها بعصبيه واجابته‪:‬‬
‫) كل ‪ ،‬ل اظن ذلك(‬
‫) لكنك لست خأبيره في هذه المور وانت ل تميزين الحب الصادق عندما يعرض عليك‪ .‬اليس كذلك يا‬
‫صغيرتي؟(‬
‫لم يكن لديها ما تجيب فلزمت الصمت‪.‬‬
‫بعد قليل قال‪:‬‬
‫) لقد وجدنا سيمون ‪ .‬وكانت قد انحرفت بسيارتها على الطريق وارتطمت بحائط(‬
‫) هل لحق بها أي أذى ؟(‬
‫) كل انها حريصه جدا حين تكون المسألة مسألة بقاء ‪ .‬لم تكن بحاجة الى اقناع كثير لتخأبرنا اين وضعت‬
‫فيليب ‪ .‬زعمت انها مجرد مزحة ولكنها لم تعد تعتبرها مزحه عندما لمسن انني لست على استعداد لرجاعها‬
‫الى هنا او حتى الى توصيلها الى اقرب كاراج(‬
‫) تعني انك تخأليت عنها هناك؟(‬
‫) ل بد ان يجدها احد عاجل ام أجل ‪ .‬وكما قلت لك هي حريصه جدا على حياتها وقادرة على الحتفاظ بها‬
‫بعكس فيليب ‪ .‬وعلي ان اشكرك لن سرعة خأاطرك هي التي اسعفته في الوقت المناسب(‬
‫) لست بحاجة الى شكر‪ .‬انا احبه وسأفتقده كثيرا(‬
‫اجابته بصوت خأنقته العبرات‪.‬‬
‫خأيم بعد ذلك صمت مشحون قطعته اندريا بسيل من الكلمات فراحت تقولها بسرعه لئل تخأونها شجاعتها‬
‫فتتوقف ‪ .‬قالت‪:‬‬
‫) اعرف ان ل شئ يمكن ان يمحو اساءتي اليك يابليز‪ .‬لم يكن لها أي مبرر ولكن اريدك ان تعرف انني‬
‫أسفه ‪ .‬وهناك شيء اخأر ‪ .‬لقد قلت بانني سببت لك ألما عندما اغمضت عيني واشحت بوجهي ليلة زواجنا ‪.‬‬
‫أريدك أن تعرف ان هذا غير صحيح ‪ .‬فأنا لم اجدك منفراا أبدا‪ .‬بل على العكس(‬
‫) اذن لماذا اغمضت عينيك عندما عانقتك(‬
‫) لنني كنت خأجلة (‬
‫رفع حاجبيه وقال بمرح وهو يمد يده‪:‬‬
‫) اذن اعطني سترتي من فضلك(‬
‫) لتكن خأبيثا(‬
‫قالت له وهي تتشبث بالستره ثم سألها‪:‬‬
‫) هل فعل تخأجلين عندما انظر أليك؟(‬
‫) كل ال اذا كان المنظر لمجرد تلقين درس او لنك تريد وداعي ‪ .‬ففي الحالتين اجد المر رهيبا ول يحتمل(‬
‫) وان قلت لك بانك اجمل مافي الدنيا بالنسبة الي ول فرق ان كنت على ظهر جواد تمتطيه او كان السخأام‬
‫يكسوك او كنت مرتديه ثيابك او كنت نصف عاريه فانا اريد ان اظل انظر اليك طوال عمري‪ .‬وهل تظنين‬
‫بانني سأسمح لك بالبتعاد عني؟(‬
‫) اوه بليز(‬
‫اجابته والدموع تنهمر من عينيها ثم اكمل ‪:‬‬
‫) لست اعرض عليك الكثير فأنت تعرفين وضعي ووجود فيليب معنا منشأنه ان يعقد بعض المور وانت‬
‫تعرفين شعوره نحوي(‬
‫) سوف تتحسن المور عندما ل يعود طفل وحيدا(‬
‫اجابته بابتسام ثم قالت‪:‬‬
‫) اوه بليز كم أحبك(‬
‫وانزلقت الستره عن كتفيها عندما فتحت ذراعيها ل ستقباله بينهما واغمضت عينيها ‪.‬‬
‫بعد وقت طويل سألها ورأسه يستريح على صدرها‪:‬‬
‫) هل آلمتك؟(‬
‫رفعت اندريا يدها وازاحت عن جبينه بعض الخأصلت من شعره واجابته بحنان ورقه‪:‬‬
‫) لم الحظ(‬
‫وتذكرت فيليب وقالت‪:‬‬
‫) علينا ان نذهب للطمئنان على فيليب(‬
‫) فيليب بخأير وهو الن موضع اهتمام لم يعتده عنايه لم يألفها مع سيمون‪.‬‬
‫ل تتعجلي مغادرة برجنا العاجي يا اندريا ففي الدنيا ويلت ومآس كثيرة كما اكتشفت ذلك بنفسك(‬
‫) لكننا لن نسمح للدنيا ان تنال منا بعد الن(‬
‫) بالطبع(‬
‫قال لها وهو يتكئ على كوعه ثم تابع‪:‬‬
‫) على انه ل يجب ان تتوقعي المعجزات ‪ .‬ل اريدك ان تتألمي بعد اليوم(‬
‫) كيف اتألم وأنت بقربي تداويني؟(‬
‫واذا بها تذوب بين ذراعيه طائعه مخأتاره ‪.‬‬
‫فأخأيراا وجدت ملذها في هذا المكان حيث تهب العواصف‪.‬‬

‫تمت‬

You might also like