Professional Documents
Culture Documents
الحصن المرصود
الحصن المرصود
الحصن المرصود
الملخص :
الخوف ليس عاطفة ول ردة فعل عابرة .
اناه شعور عميق متجذر في النفس البشرية منذ لحظة وجود الناسان على الرض
ومواجهته اخطارها الكثيرة .
الخوف من الماضي ,الخوف من الفضيحة ,الخوف من الهواجس ,الخوف من الفشل .
لكل خوف ظروفه وحكايته ,,وانادريا التي شاءت ان ترحم ابنة عمها الطائشة
فحلت محلها في اغرب صفقة ,وجدت نافسها ترتجف كورقة في مهب الريح
وسط حصن يكاد ينهار في منطقة اوفيرن الفرناسية هناك واجهت بليز صاحب الحصن
حيث تختبئ اسطورة مرعبة يكاد الزمن يكررها ..لول سقوط الثلج لتمكنت انادريا من الفرار,
لكن الى اين
وقلبها بات اسيرا في الحصن المرصود .
-1التفتيش عن حل
ولكن تابعت اندريا تفكيرها .هل كانت مدبرة منزل بمفردها لتجترح المعجزات ؟
كان هذا المكان بحاجه الى جيش من مدبرات المنزل .
توقفت المرأتان امام باب ضخأم بدا ان الدهر اكل عليه وشرب وترك عليه اثارا ل تمحى من الخأدوش والنقر .
طرقت السيدة بريسون الباب وطرقات خأفيفه ومتلحقه بيدها وهي تتنحى جانبا مفسحه المجال لندريا ل ن
تتقدمها
دخألت اندريا الغرفه بحلق جاف وقلب مرتجف .
بدت الغرفه الصغيره بجدرانها المغطاه بالستائر من السقف الى الرض
مريحه الى حد ما .وكان في وسطها طاوله كبيره عليها مفرش ناصح البياض وفوقه بعض اواني المائده
الفضيه .
وكانت النار المشتعله في الوقد تبعث في الغرفه دفئا مريحا .بجانب الموقد وقف رجل طويل القامه نحيل
لدرجه الهزال تقريبا .
كان ينتعل جزمه سوداء لماعه من النوع الذي يستعمل في ركوب الخأيل ..
شعره السود اطول بقليل من الزي السائد .وبدا بانفه القنى وفمه القاسي ووجه المتكبر مخأتلفا تماما عن
ذالك الخأصم
الذي كانت قد رسمت له صورة في ذهنها لتمت الى هذا الواقف بأي صله .
شعرت بارتباك واخأتلطت مشاعرها .فالخأصم الذي رسمته في رأسها رجل متقدم في السن غليظ القامه
وجلف بخألف هذا الرجل الواقف امامها الذي بدا في الثلثين
من عمره وعلى قدر ل يستهان به من الجاذبيه .
ادار الرجل رأسه فكتمت اندريا شهقه كادت تفلت من بين شفتيها .
كانت فوق خأد الرجل اليسر اثار جرح عميق امتد من اسفل العين الى منتصف الفك .لم تكن كلير قد ذكرت
لها اي شي عن ندبه فوق وجهه ولكن كيف لها ان تعلم بها؟
هل كان هذا السبب الذي جعله يخأتار زواجا بالمراسلة ؟
مسكين هو اذن .اوقفت نفسها عن السترسال في هذا الشعور فالشفقه لرجل مثله مذله .
ظهرت علة وجهه ابتسامه ساخأره وكـنه قرأ ماكنا يدور في رأسها من افكار وما يخأتلج في نفسها من مشاعر
شعرت بعينيه الثاقبتين تخأترقانها واخأترقتا وتنفذان الى اعماقها .
وبصوت عميق وأجش قال :
) وصلت اخأيرا يا حبي (
ولم تغب عن اندريا رنه الستهزاء في صوته
وفي لحظه كانت بين ذراعيه وكـأنها في حلم ولم تجد في نفسها القوه على دفعه عنها او البتعاد عنه.
أغلقت مدام بريسون الباب وراءها وكان صوت الباب كافيها لتنزاع اندريا من الحلم .
تراجعت بضع خأطوات .وبصوت مرتجف كصووت طفله ساذجه قالت :
) ل ينص التفاق الذي بيننا على اي شي من هذا (
هز كتفيه وكأنه يجد المر مسليا وقال لكن يشرح درسا :
) هذا هو السلوك المتوقع ول يجوز ان نتجاهل العراف السائدة .ول احد سوانا يعرف تفاصيل هذا التفاق
الذي بيننا ول اخأالك تريدن ان يتحول الى مادة يتندر بها اهالي القريه (
) كل للطبع ! ولكنني فوجئت ولم اكن مستعده لمثل هذا الستقبال(
) في المره المقبله سأفصح عن نيتي بصراحه اكثر (
أجابها وفي صوتع تهكم واضح .وحاولت اندريا ان تتصور ما كان يمكن ان تفعله كلير في مثل تلك الحاله .
ل ربما .وهذا هو المرجح .كانت ستتصرف بغنج ودلل
ولكن هل ستجرؤ هي على التصرف بغنج ودلل ازاء هذا الرجل الماثل امامها ؟
كانت اندريا معتاده بحكم عملها مع الرجال .على التعامل معهم وكانوا يعاملونها معامله الند للند .
ولقد نجحت حتى هذه اللحظه في ابقاء علقاتها بعيده عن العاطفه
ولكن المر يخأتلف الن .كان عليها ان تواجه الحقيقه بصراحه .
) كل فهذه ليست زيارتي الولى لهذا الجانب من القاره(
وبدا صوتها في اذنيها متكلفا .وبابتسامه ساخأره اجابها :
) قد يكون المر كذلك .ولكن رسائلك تركت في نفسي انطباعا بأنك تخأشين قيادة السياره خأاصه فوق طرقات
غير مألوفه لديك (
) غلطتي الول ( قالت اندريا في نفسها وقدرت ان تكون كلير قد روت له في رسائلها باسلوبها النثوي
الطريف بعضا من مغامراتها في قيادة السيارات .
عليها اذن ان تلزم الحذر لئل تقع في غلطه اخأرى من هذا النوع .
وبمرح لم تكن تشعر به في الحقيقه اجابته وهي تهز كتفيها بأنوثه :
) على الق لم اتسبب في موت احد على الطريق (
) ان ا رحوم !(
اجابها باسلوب مسرحي وبدا بوجهه ذي الندبه مثل ) ساطير ( وهو رجل له ساقا عنزه وذيل فرس اعتبره
الغريق القدماء رمزا للغابات .
اقترب منها وانحنى قليل وقال :
) هل تسمحين بمعطفك؟(
ولمست انامله كتفيها وشعرت اندريا كأن سكلما كهربائيا مسها برغم حرصه الواضح
على ان تأتي حركته تلك بعيد عن كل غرض .
أشار بيده الى مقعد قرب الموقد ودعاها لتجلس عليه ثم سألها :
) هل ترغبين بشراب ما ام انك تفضلين الصعود الى غرفتك والستراحه قليل من عناء السفر حتى موعد
العشاء؟(
) افضل ان ابقى حيث انا فحقائبي مازالت في السياره (
فأسرع يقول وهو يجذب حبل كان يتدلى بجانب الموقد :
) بالطبع .سأطلب الى غاستون ان يحضرها حال (
ثم اتجه الى خأزانة ضخأمة من الخأشب المحفور وتناول منها زجاجة وكوبا وسألها :
) هل تريدين كوبا من شراب العنب ام انك تفضلين شرابا آخأر؟(
)شراب العنب .شكرا (
راحت اندريا تراقبة خألسة .رأت في نظرة عينيه عزما واضحا وكانت الخأطوط حول فمه توحي بالكثير من
العناد والتصميم .
ولم يبد انه من النوع الذي يمكن اقناعه بسهوله فكيف اذن تجعله يتخألى طوعا عن فكرة الزواج من كلير
بعد ان انهى الكثير من الترتيبات وقطع شوطا بعيدا بالتحضير للعرس ؟ رفع الكوب بيده وقال :
) نخأب تعارفنا يا آنسه(
غمغمت اندريا ببعض الكلمات واصطبغ باللون الحمر وليس بالطبع بسبب الحرارة المنبعثه من الموقد .
فتح الباب فجأة ودخأل منه رجل قصير القامة مستدير العينين اسمر الوجه .وقف بالباب برهه قبل ان يقول :
) نعم سيدي (
) آه ،غاستون (
استدار لوفالييه نحو ه وخأاطبة بالفرنسية .ثم نظر الى اندريا وقال لها :
) هل تسمحين بمفتاح السيارة يا آنسة ؟ سيحضر غاستون حقائبك الن (
ترددت اندريا قليل ان تسلمه المفاتيح وكأنها لم تشأ ان تتخألى عن سلح كانت تعتبره ضمانتها الوحيده .
نظر اليها بليز وقال كأنه قرأ ماكان يجول في رأسها :
) ل عليك يا آنسة .قد يبدو غاستون بسيطا ولكنه يقوم بعمله بكل اتقان(
لم تجد اندريا ما تقوله تبريرا لترددها واشتد احمراو وجهها ومدت يدها الى حقيبتها واخأرجت علقة فيها
بعض المفاتيح ووضعتها في يد غاستون التى كانت ممدوده وهي تتمتم بعض عبارات الشكر .
وما ان اغلق الباب خألفه حتى قال لها بليز محذراا :
) هو ل يتكلم النكليزية ولكنك لن تعدمي طريقة للتفاهم معه .انه ابن شقيق المدام بريسون كلوتيلد ،
واعتنت به منذ الصغر .يقوم عادة
بالعمال الثقيلة واحيانا يساعد الرعاة على العناية بالقطعان وهو رائع جدا مع الحيوانات وخأاصة مع الجياد
وكأنه مطبوع بالفطره على التعامل مع الخأيول (
كانت تصغي الى كلمه برأس منحن وقلب منقبض .
ول شك انه كان يتوقع ان تبدي اهتماما بهذه التفاصيل .فستصبح سيدة القصر .
ولكن وبرغم محاولتها الصادقة مالبثت فكرها ان شرد وارتسمت صورة ابنة عمها كلير امام عينيها .
كيف كانت ستتصرف كلير ياترى في مثل هذا الظرف ؟ كانت اندريا على يقين من شيء واحد وهو ان كلير
ماكانت لتحتمل النظر الى أي عاهه جسدية .سألت اندريا :
) هل هو الخأادم الوحيد في القصر؟(
) هو وكلوتيلد يقومان بكل اعمال المنزل ولكن لدينا عدد كبير من العمال للزراعة ،لكن المر يخأتلف هناك
فنحن جميعا نعمل معا ويخأدم احدنا الخأر (
شعر انها لم تفهم كلمه فرأى ان يشرح لها المر وقال :
) كان كل شيء مخأتلفا أيام اجدادي .كان اسياد هذا القصر يستأثرون بالفضل .كانت كرومنا احسن الكروم
وكذلك مراعينا وبساتيننا ولم يتولد عن هذ السياسة غير الفقر والحسد ،وكلهما هدام ،وانا اريد ان اعمر ل
ان اهدم لذلك اتبعت سياسة مخأتلفة .وانشأنا تعاونية وكل فرد في سان جان دي روش يملك اسهما فيها ،انه
نوع من العمل الجماعي
الذي اعطى افضل النتائج ،فالمشروب الذي تنتجه القرية هو حاليا الجود ولقد ابتدا يكتسب شهرة تخأطت
حدود المنطقة .وبعد وقت قصير سيصبح لدينا
اجود القطعان للتناسل في افيرون .وهكذا لن تتحول سان جان دي روش الى مأوى للعجزة (
) وما هو دورك انت في هذه التعاونية ؟(
) أنا مديرها العام(.
أجابها وأسرع يضيف عندما رأى النظرة الساخأره التي رمته بها :
) أنا لست أقطاعيا ولو لم اكن املك من الخأبرة مايؤهلني لدارة التعاونية لكنت وجدتني الن عامل بسيطا .ل
أخأفيك المر بأنني تدربت على أعمال الدرارة في مزارع المارتينيك وسواها (.
توقف قليل وظهرت على وجهه ابتسامة ساخأره وأضاف :
) اذا كنت يا عزيزتي قد اتيت الى هنا وانت تظنين بأنك ستقومين بدور سيدة القصر الفاتنة فأنت مخأطئة في
ظنك(
) انه امر لم يخأطر ببالي (
وضعت مدام بريسون الطعام على المائده وفاحت منه رائحة الثوم
والعشاب بشكل يفتح الشهية .عندها فقط شعرت اندريا بالجوع .
كان العشاء مؤلف من الفاصولياء مع اللحم والنقانق بطريقة مبتكرة والجبنة البلدية وشراب الفاكهه الفاخأر .
تناولته اندريا بلذة وشهية حتى لم بيق عندها متسع للفاكهه واستعاضت عنها بفنجان من القهوة .
) يبدو ان طعام كلوتيلد اعجبك(
) جداا(
ولم تكمل كلمها .فأجابها وهو يبتسم ببرأة وكأنما فاته معنى كلماتها .
) سوف أراقب هذا التحول باهتمام (
برغم الضيق والحرج اللذين شعرت بهما اندريا لنوع الحديث الذي دار بينهما استغنمت الفرصة لتفاتحه
بالموضوع ووضعت فنجان القهوة
من يدها في تأمل واخأذت نفسا عميقا وقالت:
) انك تدرك يا سيد لوفالييه مثلما ادرك انا تماما ان هذا الزواج ل يمكن ان يتم (
) انك مخأطئه يا آنسة وانا ل ادرك شيئا من هذا (
) اذا كنت في الماضي قد ابديت موافقتي على موضوع الزواج فلنني كنت في ظروف صعبة ول اظنك
ترغمني على إبقاء وعد قطعته في ظروف غير طبيعية .فوعد كهذا ل يجب ان يلزم أحد(
) انك واهمة يا آنستي اذا كنت تظنيني بأنني سأتخألى عن الموضوع .فما زلت أصر عليه(
انكمشت تحت وطأة النظرة التي ارتسمت في عينيه وسمعته يقول :
) ربما ،ولكن هل تظنين أن الحياة لم تقس علي ؟ فما عرفت في حياتي كلها ال الظلم !(
وبحركة ل شعورية ارتفعت يده لتغطي الندبة فوق خأده وتابع:
) وماذا تعرفين أنت عن الظلم يا آنسة وما عرفت في حياتك ال الرخأاء
والدلل (
)أجابته بتهكم وقد نسيت دورها :
) وها انا أتلقى درسي الول على يديك!(
هو كتفيه بل أكتراث وقال :
) أليك وحدك يعود أخأتيار نوع الدرس .فأن شئت أن تجعليه سهل فالمر في يديك .ولكنني أجد نفسي
مضطرا الى أن احذرك بأن الزواج سيتم في القريب العاجل جداا .فقد تأجل بما فيه اكفاية (
) ولكن لماذا ؟ من حقي ان أعرف السبب الذي يجعلك تصر على هذا الزواج (
سكب لنفسه مزيدا من القهوة وبجفاء قال :
) غريب امر هذا الفضول المفاجئ .ل اذكر انك أبديت أي أهتمام لمعرفة السبب قبل الن .كنت منشغله تماما
بمشاكلك الخأاصة
ولم يكن لديك وقت لي أمر آخأر .ولكن ل بأس سأخأبرك الن .لقد اوصاني أخأي بابنه قبل ان يموت ولكنه
وضع شرطا ا في الوصية يعلق فيه حقي بالوصاية على زواجي .فلكي امارس حق الوصاية على أبن أخأي
امتوفي يجب ان اكون متزوجا .هذا كل ما في المر (
وكأن الزواج وحده ل يكفي ! فكان أذن على من ستصبح زوجه لهذا الرجل أن تتحول بسحر ساحر الى أم في
الوقت نفسه !
ا
) ولكن لماذا وضع أخأوك هذ الشرط ،وقد كنت أعزبا آنذاك؟(
) كنت على عتبة الزواج عندما حرر أخأي وصيته (
أجابها بمرارة .وسرح نظرها بدون ان تستطيع كبحه الى الندبة فوق خأده .لم تفته نظرتها تلك اذ سمعت
صوته المتهكم يقول :
) انك شديدة الملحظة يا آنسة ولكنك بالتأكيد أقدر بكثير من خأطيبتي السابقة على أخأفاء مشاعرك(
وبضحكة خأالية من أي مرح تابع:
) في يوم واحد فقط فقدت كل من أحببت في هذة الحياة .كانت ساعات ل تنسى .لم يبق لي ال ابن أخأي ول
أريد أن افقده ايضا ا(
) ولكن ربما أنك قريبه الوحيد (..
) كل لست قريبة الوحيد .له خأالة وهي عازمه على أستئناف حكم الوصاية أمام المحاكم .
ولن أوفرلها أي مادة لذلك .لن أستطيع محاربتها اذا لم اكن مستوفيا جميع شروط الوصية .ول أريد أن
يصل المر الى المحاكم ،فلست مستعدا لذلك خأاصة ان التعاونية قد أبتلعت تقريبا كل أموالي (
) كم يبلغ من العمرأبن أخأيك هذا ؟ ربما من الفضل له أن يبقى مع خأالته التي أعتاد عليها و (..
شعرت بنظرته كحد السكين وتوقفت عن الكلم ولم تعد تجرؤ على المتابعة .وبأقتضاب أجابها :
) كل ،لن يكون أحسن حاال معها .ربما العكس هو الصحيح انه وريثي الشرعي ومكانه هنا (
) و اذا ما رزقت أنت اطفال فعندها (...
وتوقفت فجأة ومل الحمرار وجهها ولم تعد تعرف كيف تخأفي ارتباكها .لكنه أبتسم وقال :
) ال تخأشين أن اطالبك بكلمك هذا في يوم من اليام ؟(
قال هذا وعيناه تخأترقانها وتنفذان الى أعماقها ثم تابع وفي صوته رنة استهزاء وتهكم :
) ستغمضين عينيك عندئذ وتسرحين بفكرك الى بيطانيا كما يقول المثل عندكم أو الى فرنسا في مثل هذة
الحالة (
غطت وجهها بيديها وبتعثر وتلعثم قالت :
) لم أكن أعني (..
وتوقفت عندما رأت البتسامة المتهكمة تعلو وجهه لكنه طمأنها قائل :
) ل تخأافي .أنا أصدقك .وفي أي حال لن أطلب منك تضحية بهذا الحجم .أنا أعرف أن وجهي هذا كاف
ليسبب كوابيس مزعجه لمعظم النساء (
انقبضت نفسها أمام المرارة التى عكستها كلماته .من ياترى تسبب له بكل هذا ؟
لعلها خأطيبته السابقة .حسنا فعل بالتخألص منها !
ولكن ما هذه الفكار قالت في نفسها .مالها ولمشاعره .عادت تحاوره علها تصل معه الى نتيجة مرضية
وقالت :
) يبدو اك تألمت كثيرا في حياتك .من من لم يتألم ؟ ولكنه ليس من العدل ان تجعل الخأرين يدفعون الثمن .
وهذا الزواج مكتوب له أن يفشل ،فأنت ل تعرفني وأنا ل أعرفك ول يربطنا أي رابط (
شعرت كأنها كانت تدلي بمرافعه أمام المحكمة ولكن عمن تدافع ؟
عن كلير أم عن نفسها ؟ واعتراها شعور غريب لم تدرك كنهه وارتعشت قليل فقال لها :
( انك ترتعشين .هل تشعرين ببرد ؟ أقتربي من المدفأة (
وأشار الى مقعد قرب الموقد وتناول قطعة من الحطب وألقاها في النار .
) أنني على ما يرام (
كان صوتها مضطربا وفي عينيها خأوف ازعجه فقال لها بضيق :
) مما أنت خأائفة ؟ اطمئني يا آنسة فزواجنا سيبقى حبرا على ورق .كل ما ابغى هو ان يقتنع المحامون
وعندئذ يصبح فيليب تحت وصايتي قانونيا
وعمليا وبعدها يمكنك الذهاب حيث تشائين .ستكونين حره تماما (
) هذا استغلل ل يجوز(
) آه .وأنت ؟ ألم يكن في موقفك مني استغلل .لم تزعجك فكرة الستغلل نذاك .ما ذا دعوتني عندها ؟) ...
خأشبة الخألص ( على ما اذكر .لقد كنت صريحه جدا ولم تشعري بأي حرج وأنت تفين حبك الفاشل
وشعور اليأس الذي يغلفك .ليس من حقك الن أن تتذمري اذا شعرت ان تلك الخأشبة التى كانت للخألص
تحولت في نظرك الى أغلل تقيد حريتك (
لم تعد اندريا تقوى على تحمل المزيد فوقفت وهي تزيح عن جبينها خأصلة من الشعر وقالت بتبرم ونزق
ملوحظين :
) ارجو المعذرة فأنا اشعر ببعض التعب وأود أن استريح قليل (
) بكل تأكيد .سأطلب الى كلوتيلد ان ترافقك الى غرفتك(
ثم قام من مكانه واقترب منها ورماها بنظرة طويلة قبل ان يقول :
) ربما بدت لك المور مخأتلفة غدا .والن أسمحي لي ان ارجو لك نوما هانئا وليلة مريحه (
لم تجب اندريا بشيء واكتفت بهزة من رأسها ،لكنه استمر ينظر أليها ثم دنا منها ورفع يده وجعل انامله
تلمس شفتيها المنفرجتين .
حرصت اندريا على ان تبقى في مكانها حتى ليفسر تراجعها نفورا منه .والحقيقة عكس ذلك تماما .
كان عليها ان تعترف .هذا اذا ارادت ان تبقى امينه مع نفسها
بأن الشعور الذي أعتراها كان ابعد ما يكون عن النفور .شعرت برغبة في الرتماء على صدرة والحتماء
بين ذراعية .
قطع عليها صوت الباب استرسالها في تحليل مشاعرها .ووجدت في مدام بريسون عندما ظهرت خأشبة
خألص فعلية .
سرها ان تد الغرفة المخأصصة لها في الطرف المقابل وتفصلها عن الغرفة الرئيسية مسافة ليست قصيرة .
فتحت مدام بريسون الباب ووقفت جانبا ا مفسة الطريق لندريا .كان جو الغرفة هادئا ومريحا .في احدى زوايا
موقد نار مشتعلة ،وكان الثاث من الطراز القديم مريحا للعين وخأاصة السرير الكبير المصنوع من خأشب
السنديان .ربتت اندريا على الفراش بيدها وسرها ان تجد ه وثيراا.
جالت مدام بريسون بعينيها في الغرفة ثم تفقدت الموقد ونظرت الى اندريا وابتسمت لها بمودة وهمت
بالخأروج .
ثم استوقفتها اندريا وسألتها عن مفاتيح السيارة .بدا في أول المر انها لم تفهم ثم ما لبث وجهها ان اشرق
بابتسماة عريضة وقالت لندريا مطمئنة :
) ل عليك يا آنسة .ل بد ان غاستون أعادها الى السيد لوفالييه لكي يعيدها بدوره الى الشركة التي
استأجرتها منه .
اطمئني فالسيد يتدبر كل شيء(
قالت اندريا في نفسها وهي ترى الباب يغلق خألف مدام بريسون ) بدون شك !( .جلست على حافة السرير
وغرقت في تأملتها .كانت تأمل ان تحتفظ بالسيارة لبضعة أيام فقط ريثما
تنجلي المور .ولكنه اصبح عايها الن ان تبقى تحت رحمة اوتوبيس القرية .
قامت عن السرير واتجهت صوب الموقد وارتمت على السجاد امامه ومدت يديها الى النار تدفئهما .
وطغى عليها شعور بالذنب لوفالييه لتطلعه على الحقيقة .استوت في مكانها وابعدت عن رأسها فكرة اللجوء
اليه .
لم يكن في قلبه مكان للرحمة .سوف تترك هذا المكان غير آسفة وتدع السيد لوفالييه يفتش عن فتاة غيرها
يلعب معها هذة اللعبة .
لم تدر سببا لرتجافها المفاجئ .واستحوذت على تفكيرها فكرة واحدو :
السرعة .يجب ان تخأرج من هذا القصر بأقصى سرعة قبل ان تتطور المور على غير ما تشتهي .
استفاقت من نومها مذعورة .كان الماء يتساقط عليها تلمست بيديها علبة الكبريت في الظلم وعندما وجدتها
اضائت المصباح بالقرب من سريرها .ويالهول ما رأت ! كان المطر ينهمر بغزارة في الخأارج والداخأل معا ا
رفعت رأسها الى السقف وطالعتها بقعة كبيرة من الرطوبة حيث قطرات الماء تجد طريقها من شقوق السقف
المتصدع .
بعد جهد وعناء استطاعت ان تزيح السرير الضخأم قليل ووجد وعاء وضعته على الرض للتقاط قطرات
الماء المنهمرة .
كانت نار الموقد قد خأبت اثناء الليل والجو في الخأارج عاصفا ا .وكانت اندريا تسمع صرير النوافذ .شعرت
ببرد اخأترق عظامها فعادت الى السرسر لعلها تجد فيه بعض الدفء.
عبثا حاولت ان تبعد عن مخأيلتها صورة ذلك الوجه ذي الندبة .
اغمضت عينيها تطالها صورة بليز لوفالييه بنظرته الثاقبة وخأطوط وجهه القوية .قالت لنفسها مئة مرة انه
ل سلطة لهذا الرجل عليها ،فلما اذن تخأشاة ؟
وهي سيدة ومالكة لحريتها .فلماذا تخأشى غضبة؟ وهي في اي حال لن تكون هناك عندما يكتشف الخأدعة
التي دبرتها ويعرف الحقيقة.
برغم كل هذا اليحاء الذاتي ظل القلق مسيطرا عليها والهواجس تتقاذفها .
عبثا حاولت اندريا ان تبتعد تلك الفكار عن مخأيلتها .وصل بها المر الى ان ترسم في رأسها صورة لمن
كانت خأطيبته .تخأيلتها فتاة شقراء صغيرة الجم دقيقة التكوين وذات وجه مثير ومميز ،تماما مثل ابنة عمها
كلير.
حتى أخألقها وتصرفاتها تصورتها مثل اخألق وتصرفات كلير .
وباحساسها المرهف ادركت اندريا ان الرح في وجهه لم يكن ليذكر نسبة الى جراح قلبة ونفسة .كانت على
يقين ان وراء ذك القناع من الجفاء
والعدوانية يقبع انسان قدر على الحب والعطاء وكانت له آمال وأحلم وكان يري ان ينشئ عائلة ويغدق على
من حوله الحنان والعطف .
والىأن عليه ان يقنع بعلقة سطحية باردة مع امرأة بالطاد يعرفها وان يعلق كل آماله علة فتى ليس ابنه ول
من صلبه.
عندما استفاقت اندريا كانت الدموع تبلل وجهاا ونور الشمس الذهبي يغمر الغرفة ويضفي عليها جمال
ورونقا .
مسحت اندريا دموعها عندما سمعت وقع اقدام مدام بريسون .
وسرعان ما انفتح الباب وظهرت كوتيلد تحمل وعاء فيه ماء ساخأن وعندما وقع نظرها على الوعاء الذي
كانت اندريا قد وضعته للتقاط قطرات الماء المنسابة من السقف ،راحت تتكلم بسرعه وقالت كلما كثيرا
فهمت منه اندريا ان جميع غرف القصر كانت
على هذة الدرجة من الخأراب باستثناء الغرفة التى كان يشغلها بليز.
وضعت اناء الماء من يدها وراحت تحوم حول اندريا وتطلق اصواتا كصوت الدجاجه وهي تنادي صغارها .
ومما قالته انها كانت ستكلف غاتسون ان يصعد الى سطوح القرميد ويصلح ما مكن اصلحة .
وبعد ان تأكدت ان اندريا لم تكن بحاجة الى أي شيء انصرفت مغلقة الباب وراءها .
كان بليز ،عندما دخألت اندريا غرفة الطعام ،جالسا يراجع بعض الوراق امامه .وامامه رزمة من البريد
الذي وصل حديثا .رفع بصرة اليها وقال :
) ارجو ان تكون النسة قد امضت ليلة هادئة (
ول حظت اندريا ان ملمحة بدت في وء النهار اكثر انفراجا من الليلة السابقة وانه هو بدا اكثر أنسا ا.
) ليس تماما ا(
اجابته وهي تأخأذ مكانها الى المائدة وتتناول قطعة من الكعك .
) وهل لي أن اسأل لماذا ؟(
سألها بتهذيب .
) بالطبع (
اجابته واخأذت قطعة من الكعك وراحت تغمسها بالمربى ثم تابعت :
) الماء يدلف من السقف فوق رأسي(
فطب جبينه وقال :
) سأكلم كوتيلد بالمر .كان يجب ان تخأتار لك غرفة غيرها (
) الذنب ليس ذنبها (
اجابته اندريا وهي تسكب بعض القهوة في فنجانها ثم تابعت :
) يبدو ان جميع الفرف هكذا (.
) لكن غرفتي ل يدلف الماء من سطحها !!(
) بالطبع !(
اجابته وهي ترسل له ابتسامة عذبة .اخأذ بضع رشفات من فنجان القهوة قبل ان يقول بصوت متأمل :
) وما هو الحل في نظرك ؟ الحل الطبيعي لهذة المشكلة يطرح نفسة بنفسه (
اصطبغ وجهها لون احمر قان وحاولت جاهدة ان تحتفظ بتلك البتسامة العذبة وبمرونة لم تعتدها في نفسها .
قالت :
) يوجد حل آخأر .ما عليك ال تكليف احدهم باصلح السقف (
هز كتفيه وقال :
) غاتسون يقوم بكل ما يستطيع (
) هذا مالحظته .ولكن يبدو ان الوقت حان لتستعين بشخأص محترف ال اذا كنت ترغب في رؤية البيت
يتداعى من حولك(
اعجبها كلمها وتمنت ان تكون كلماتها قد بددت شكوكه حول دوافعها الحقيقة .فان مهمتها ستهون عليها
جداا اذا نجحت في جعله يقتنع بأنها
رضخأت للمر الواقع وقبلت بالزواج منه .
) ربما كان هذا صحيحا (
قال وهو يتأملها بحيرة واضحة وأضاف :
) فلقد سلمت اذن بفكرة الزواج (
) وهل لي خأيار غير التسليم ؟(
سألته بجدية ثم تابعت :
) سبق ان شرحت لي بشكل واف ما يمكن ان يحل بي وبأسرتي ان انا نكثت بالوعد .وهذا ما أود ان
اتجنبه (
) هذا عين العقل .ل يمكن ان تتصوري ماكان سيلحق بك وبعائلتك من ضرر اذا لم تفي بالوعد (
اعادت اندريا فنجان القهوة الى المائدة وبتلعثم سألته :
) ماذا تعني؟(
) أل تدرين ما أعني ؟(
سألها وهو يرسل اليها نظرت حادة ثم تابع :
) لقد أوضحت لك المر .والدك رجل مرموق في اوساطة والتوعك الذي أصابه اقلق العديد من اصدقائة .لقد
سمعت ذلك في الوساط التي اعتدت ارتبادها
انك تدركين بالطبع بأنه كان كان علي ان اقوم ببعض التحريات حول محيطك (
هذا بالضبط ماكانت تخأشاه .ان يقوم بتحريات حول آل ويستون
ويكتشف الحقيقة .وقفز قلبها في صدرها بجنون .
وبعد لحظة صمت قالت :
) بالطبع .ولول هذا ما كنت لتقدر على تديدي يهذا الشكل .فصحة والدي في الميزان (
) كل ما في المر انني بنيت لك ما قد يترتب على رجوعك عن وعدك من عواقب قد تكون في غير صالح
عائلتك .أنا لم اهددك وتركت لك حرية القرار (
) عسى ان يستحق النتصار الذي تود احرازه هذه الحظه التى اعتمدتها لتحقيقه (
) ما علينا الن ان ننتظر لنرى (
أجابها وهو يرشف آخأر قطرة في فنجان القهوة ثم وقف ودعاها لمرافقته في جولة تفقدية
على ظهور الخأيل وقال :
) بسعدني ان ترافقيني في هذة الجوله .فان لك كما سبق ان ذكرت ،حقا ا مكتسبا في هذا القصر وفي هذه
الرض .ربما كان من المناسب ان تتعرفي الى التغييرات التى نحن في صددها (
اوشكت ان ترفض طلبه وتقول له بأنها صباحا كامل على ظهر حصان اسوأ حتى من صباح كامل في رفقته
ولكنها تذكرت في الوقت المناسب بأنه ل بد ان تكون كلير قد ذكرت له شيئا عن فروسيتها .فلقد كانت
فارسة ما هرة وشديدة الولع بالخأيل .ولوا خأوفها من أثارى شكوكه لتظاهرت بالمرض او بأي شئ من هذا
القبيل ولكنها آثرت الحرص وقبلت دعوته قائلة بمرخ مصطنع :
) رائع ! سأحضر سترتي (
) حسنا .سألقاك عند المدخأل الرئيسي خألل عشر دقائق (
كم كانت دهشتها كبيرة عندما ل حظت ان حال السطبلت كانت أحسن بكثير من حال البيت .وبحذر علقت
على هذة الحقيقة .فقال :
) ربما لنني اجد في الحيوانات ما ل اجده في البشر (
جاء جوابه سريعا وقاطعا :
غاص قلبها في صدرها عندما رأت غاتسون يسوق المهرة التي أخأتارها لها بليز.
كانت مخأتلفة تماما عن بنلوب الفرس العجوز التي اعتادت اندريا ركوبها في لندن أثناء دروس الفروسية.
هذة الغبراء تعدو وتخأب وتقذف برأسها يمينا وشمال وتصهل .
) يا آلهي (
قالت أندريا في نفسها وامسكت قلبها بيدها .
) انها بحاجة الى الرياضة(
قال معذبها بدا _ حتى بأعتراف اندريا نفسها _ وكأنه قطعة من الحصان الذي أعتله .
فتشت اندريا بعينيها على غاتسون ليساعدها في امتطاء المهرة ولكنه قد اخأتفى داخأل السطبل .
بدت دلفيت صعبة المراس ومشاكسة وتذكرت اندريا كلم كلير عن الجياد من ان لها حاسة خأاصة وهي
تخأضع من يمتطيها ل متحان لتعرف من يسيطر على الخأر ،الفرس أم الفارس ؟
وبدا واضحا ان دلفين مدركة تماما انه لم تكن اندريا قادرة على السيطرة عليها لذلك أخأذت حريتها تماما وما
ان اصبحت خأارج ساحة القصر حتى خأرجت على الطريق العام وراحت تأكل العشب عن جانبي الطريق .
وعندما شدت اندريا الرسن قليل حرنت ولم تعد تتقدم .
وكانت الطامه الكبرى عندما مر طائر فوق رأسها .صهلت بسخأط واعتراض وانتصبت على قائمتيها
الخألفيتين وكادت ان تقذف اندريا عن ظهرها .
وبدل ان تشكر ربها لوجود بليز بالقرب منها في تلك اللحظه بالذات لعنت حظها وهي تشعر بحرج عظيم .
أمسك بليز بالرسن وجذبة بطريقة جعلت دلفين تهدأ في الحال .
) شكرا لك (
) انه ل شيء(
أجابها وهو ينظر اليها بتأمل ثم أضاف :
) ما كان يجب ان ادعوك الى ركوب الخأيل هذا النهار .فأنت ما زلت متعبة
بعد عناء السفر ولم تنالي بعد قسطا ا كافيا ا من الراحة خأاصة أن امضيت ليلة مؤرقة(
تباا لي قالت اندريا في سرها ولماذا لم تخأطر هذه الحجة في بالي ؟
وبصوت جاف اجابته:
) ربما كان هذا صحيحا (
كان عليها ان تتمالك نفسها وان ل تدعه يراها يائسه وضعيفة .
أخأذت الرسن بين يديها وتابعت طريقها .
كان الجو من حولها متألقا والطبيعة في أجمل حلة وبدت اوراق الخأريف التي تشبثت بالغصان ل تبارحها
وكأنها تتحدى شتاء اصبح على البواب ،جميلة وخألبه .كان كل شيء حولها يدعوها الى الستمتاع بيوم
جميل وكان من الصعب جدا ان ل تستجيب .
كانت اندريا في نشوة عارمة عندما اوصلتها دلفين اخأيرا الى فسحة من الرض مغطاة بالعشب الخأضر .
نسيت خأوفها تماما عندما بدأت تسرع قليل ثم تخأب ثم تجري مطلقة لساقيها العنان وكأنها في ميدان
للسباق .
لم تعد دلفين في نظرها الوحش الذي اراد تدميرها ،بل تحولت الى مخألوق جميل اراد فقط وبطريقته المندفعة
،ان يشاركها بما كان يجيش في نفسه من فرح وسرور وحب للحياة .
توقفا اخأيرا في مكان مشرف يطل على القرية .رأت اندريا البيوت كلها وبدأ القصر في وسطها مهجوراا
وكئيبا ا .
اخأتلست نظرة الى رفيقها فهالتها مسحة الحزن التى اكتست وجهه والمرارة في نظرتة .
وقف بقربها ساكنا شارد الفكر وكأنه نسي وجودها تماما ثم جاءها صوته فجأة يقول :
) هيا (
لم يفارق العبوس وجه بليز ول زمه مزاجه القاتم خألل كل المدة التى امضياها في تفقد الكروم .
عكس اندريا التى ابدت اهتماما صادقا بكل ما رأته .
ولم تحظ منه بأكثر من أجابات مقتضبة .
ضايقها صمته وأزعجها ان يتجاهل وجودها بهذا الشكل الصارخ فقالت :
) كانت فكرتك انت ان تقوم بهذة الجولة وعليك في المستقبل ان تحسن اسلوبك في التعليم اذا كنت تريدني ان
احفظ شيئا (
رماها بنظرة جعلت الدم يقفز في عروقها ولم يجب بل ادرار حصانه باتجاة القصر وانطلق وهي في اثره.
) وهكذا نأتي الى نهاية الدرس الول (
قالت اندريا بتهكم وكانا قد وصل اخأيرا الى باحة القصر الخأارجية .
جاءها الجواب هذه المره وكان صوته جارحا وهو يقول :
) قد يكون المر بالنسبة الى فتاة مثلك مجرد مزحه ولكنه لي وللعديد من الناس مسألة حياة او موت .
فأنت ترين المر بمنظار الفتاة النكليزية سليلة العائلة النبيلة التى تنعم بالثراء والجاه .
هل تعلمين كم عائلة في فرنسا يقبع العجائز فيها وحدهم في بيوتهم لن اولدهم نزحوا الى المدينة سعيا
وراء الرزق ؟
هذا المر ل يهمك ولكنه يهمني أنا كما يهمني ال أرى هذا البيت الذي تملكة عائلتي منذ مئات السنين ،ينهار
من حولي .
هل تعتقدين انني كنت أسمح بهذا الهمال لول ظروف قاهرة فوق طاقتي ؟
اسمعي جيدا يا آنسة ،ان ما ترينه من دمار وخأراب هو نتيجة البغض والكراهية والضغينة وحب اأنتقام .انه
جميل ،ايه ؟(
) بغض من لمن ؟(
سألته اندريا مستفسرة :
)بغض والدي ياآنسة .كان أخأي الصغر هو المفضل لديه ولم يسامحني ابداا كوني ولده البكر ووريثه
الشرعي .لم يكن ليرضى عن أي شيء مما اقوم به من العمال
ولم يبق امامي ال ان ارحل عنه .كان بامكانه ان يمنع هذا النهيار الذي اصاب االقصر ولكنه لم يشأ .
لم يكن ليهتم حتى لو تحول القصر الى ركام قبل ان يؤول الي بالوراثة .
احتفظ والدي بكل قرش لبيل ريفيير وهي المزرعة التى كانت تمتلكها العائلة والتي خأص بها أخأي جان بول (
) وهل كانت المزرعة بادارة أخأيك؟(
) نعم ،كانت حصته من الميراث .واله وحدة يعلم انني لم أحسده ابداا عليها .وحدث ان صادفته صعوبات
كثيرة وكان من سوء طالعة ان عرفت المزرعة سنوات قحط متتالية وتعرضت المواسم الى آفات عديدة أتلفت
المحاصيل وضربت الزرع.
وفي النهاية اصدر والدي امره الي بأن أذهب الى المزرعة وأصلح ما استطيع اصلحه .عندما وصلت كان
جان بول على حافة الفلس .لنه راهن بكل ما يملك عله يعوض الخأسارة التي ترض لها .
وأدركت اننا كنا بحاجة الى معجزة لتنقذنا مما كنا فيه(
توقف فجأة وكأنه شعر بما يخأالجها من مشاعر وأحاسيس وهي تستمع اليه:
) ل ريب حديثي عن النزاعات التافهة في عائلتي يبعث في نفسك الملل .
ولقد مضى على وفاة والدي رحمة ا سنتان وجان بول وزوجته هما الخأران في دنيا الخألود الن .ولم يبق
غيري .وعلي ان ارفع النقاض وابني حياة جديدة لي ولفيليب (
كيف كشف لها بليز هذة المشاعر كلها ؟ وكيف سمح لها بأن ترى ترى هذا الجانب من شخأصيته وتطلع على
ماكان يعاني منه ويتألم لجله ؟ بللت شفتيها الجافتين قبل ان تسألة :
) وما ذا حل بالمزرعة بيل ريفير ؟(
) اتت عليها النيران .شب فيها حريق التهم البيت والمزرعة وكل شيء وبقيت الرض التي وضعت الدولة
يدها عليها فيما بعد واصبحت
تدفع لنا قيمة اليجار فقط (
اخأتلست نظرة الى وجه بليز ورأت الندبة فوق خأده اشد بروزا من أي وقت سبق .
كان غاتسون بانتظارها عندما وصل وبدت المسافة بين ظهر الفؤس والرض شاسعه جدا في نظر اندريا
التي كانت عضلتها المتشنجه تكاد تصرخ من شدة التعب .
شعرت بيباس في ظهرها وخأشيت ان ل تحملها ساقاها ان هي ترجلت .
وجاء بليز كالعاده لنجدتها في الوقت المناسب وقال وهو يحملها كريشة بين يديه وينزلها عن ظهر الفرس :
) اسمحي لي (
تمنت ان تظل بين ذراعيه وشعرت برغبة مجنونه في اللتصاق به وهي تحس بالدفء المنبعث منه.
ولكن ما ان لمست قدماها الرض حتى تراجعت بضع خأطوات الى الوراء والحمرة تكسو وجهها .ومن شدة
ارتباكها تعثرت قدمها وكادت تقع لول ان أسندها بذراعة وهو يقول :
) انتبهي(
ثم وبصوت متباعد انما مجامل اضاف :
) اطلبي من كوتيلد ان تحضر لك حماما ساخأنا .انه ينفعك كثيرا .وسأراك على العشاء في وقت لحق هذا
المساء(.
حياها بأشارة من رأسه وأسرع بالنصراف :
ظلت واقفه تراقبه وهو يبتعد .وأزعجها كثيرا هذا التمرد المفاجئ في مشاعرها .
انني أكرهه !
قالت تعنف نفسها ،ولن أدعه يلمسني مرة أخأرى بعد اليوم .
-3الوقوع في الشرك
كان عليها لتصل الى الحمام ان تمر اما المغسلة الضخمة .وانافجرت انادريا بالضحك عندما رأتها للمرة الولى
في الليلة السابقه .
اما غرفة الحمام فكانات واسعه وجدراناها من البلط الزخرف القديم وعليه رسوم جذابة مخروطية الشكل .
استنتجت انادريا من العناية الفائقة التي ابدتها مدام بريسون وهي تسخن الماء بأن للتمديدات الصحية في
القصر مزاجها الخاص لكنها لم تجد ما تشتكي منه في ذاك النهار ,
اذ كانات حرارة الماء معقولة وخيل لنادريا اناه بالمكان جعل المكان يبدو اقل تقشفا ل بل اكثر ترفا اذا اخفيت
الناابيب ضمن صناديق وفرشت الرض بالبسط .
وجدت انادريا ان للماء الساخن تأثير ملطفا على الخدوش والجروح التي كانات تمل جسمها .وبرغم التشنج
الذي شعرت به حمدت ربها ألف مرة لناها لم تصب بالشلل التام وكان ذلك من قبيل الصدف ليس ال .
برغم كل ذلك لم تكن انادريا قادرة على اناكار الحقيقة وهي ان مشوارها في الهواء الطلق ذاك الصباح افادها
كثيرا وفتح شهيتها للطعام .
وعدت نافسها باناها ستنصرف الى بعض المور الخاصة بعد الغداء كان عليها مثل ان تكتب رسالة لكلير ولكن
ما عساها تقول ؟
وقالت في نافسها .بما ان بلبز لوقالييه يقوم بادارة التعاوناية فلبد ان يكون له مكتب خاص .وربما كان هذا
المكتب في القصر .
اناه المكان الناسب للحتفاظ بالرسائل والوراق الخاصة وعليه فاناها ستبدأ جولتها التفتيشية في هذا المكتب
بالذات .لم ترتح للفكرة ابدا وشعرت بدنااءتها .
كان عليها ان تذكر نافسها بالساليب الملتوية التي لجأ اليها بلبز لرغام ابنة عمها على الزواج منه .
كان من العبث تجاهل الشعور الذي اثاره في نافسها وهي في رفقته ذاك الصباح .كان شعورها ناحوه مزيجا من
الناجذاب والنابهار .فهي قد امضت طفولة طفولة سعيده في اسرة تشعر بالستقرار ولذلك صعب عليها ان
تتصور تعرض عائلة مثل عائلة بليز لكل تلك المرارة وان تسود علقات افرادها كل تلك الضغينه .
ارتدت انادريا تنورة ضيقة من قماش النويد الذهبي اللون وقميصا من الصوف الخضر الغامق وجعلت شعرها
على شكل ضفيرة وشبكته بدبوس في اعلى رأسها .وكانات مدام بربسون قد اخذت سروالها الجينز وسترتها
لتنظفهما .
تناولت بعد ذلك عام الغداء الذي تألف من حساء الخضار والجبنه البلدية والفاكهة الطازجة من بساتين القصر .
وعندما جاءت مدام بريسون لتاخذ الصحون كانات انادريا ترتشف اخر مافي فنجاناها من القهوة .قالت لها
انادريا :
-دعيني اساعدك اناك تقومين باعمال كثيرة .
وبرغم احتجاج مدام بريسون ناهضت انادريا واخذت تصف الصحون على صينيه حملتهاالى المطبخ مبررة
عملها هذا بالقول اناها اذا كانات فعل ستصبح سيدة هذا القصر يتوجب عليها القيام ببعض الواجبات المنزلية .
وفي كل حال لم تكن انادريا تتحمل رؤية غيرها يقوم بخدمتها بدون ان تساهم في العمل ,فنزعتها الى العتماد
على نافسها ما كانات لتسمح لها بغير ذلك .
لم تتبرم مدام بريسون من وجود انادريا في المطبخ بل بدت متشوقه لطلعها على كل شيء .ارادت ان تريها
محتويات الخزائن من الواناي والطعمه المختلفة .ولم تتردد بالبوح لها بان الشيء الوحيد الذي كان يزعجها
هو عدم تجهيز القصر بالكهرباء .
وشرحت لها ان تلك كانات مشيئة السيد الكبير أي والد بليز .لكن عندما ارادت انادريا ان تطرح بعض السئلة
تحفظت مدام بريسون ولم تعد تتكلم بصراحة.
ارتبكت مدام بريسون ولم تدر بما تجيب انادريا عندما قالت لها اناه كان بودها ان تقوم بجولة استكشافية في
القصر ولكنها عادت وانافرجت اساريرها عندما اكدت لها انادريا اناها لم تكن بحاجه الى من يرافقها .
واجتاح انادريا شعور بالذناب وهي تتناول رزمة المفاتيح من مدام بريسون التي وثقت بها .
مضت ساعتان من البحث العقيم شعرت بعدها انادريا بخيبة امل عارمه .فلقد تناول بحثها كل شبر من الجزء
الماهول في القصر .فتشت في غرف كفنها الغبار واجتازت اخرى على رؤوس اصابعها لئل تكسر صمتا
مخيما كصمت القبور وعبرت اروقة علقت على جدراناها صور الجدود في عائلة لوفالييه خيل لنادريا ان
اصحابها كاناوا ينظرون اليها بتعال احتجاجا على تطفلها عليهم .
صعدت ادراجها وهبطت اخرى لدرجة اناها كادت تسمع صوته عضلتها تطلب منها الرحمه .بقيت غرفة بليز
وحدها لم يطلها البحث .
كيف كانات ستبرر وجودها لو ان احدا رآها في الغرفة ؟ اما تجوالها في اناحاء القصر فيمكن تفسيره في سهولة
.يمكنها ان تقول مثل باناه مجرد فضول او ربما عزته الى اهتمام علمي بالمكنة الثرية .
شعرت بألم في رأسها وبطعم الغبار في فمها فارتدت معطفها استعدادا للخروج .كانات بحاجه ماسة الى تنشق
الهواء النقي .
تساءلت في نافسها اذا لم يكن من الفضل لها ان تقفل عائده من حيث اتت قبل ان تتورط اكثر ,وما عليها ال ان
تجد طريقة ما لدرء الذى عن كلير ريثما يحين موعد زواجها ,وهو في أي حال بات وشيكا .سوف تختفي بعد
ذلك الى البد .
كانات كمن يبحث عن قبرة في القش .ل شك ان كلير كانات مجنوناه ولكن هل هي اقل جنوناا منها عندما وافقت
على هذه الخطة الخرقاء ؟ لو ان بليز كان هذا الحمق المتغطرس المغرور الذي رسمت صورته في ذهنها لكان
من السهل عليها ان تجد متعه في خداعه والضحك عليه والعبث بعواطفه .
ولكن المر مع بليز مختلف وهو في أي حال ما زال سيد الموقف ومازالت جميع الوراق في يديه .
عندما خرجت من الباب الرئيسي طالعتها شمس اوشكت على المغيب .اعترتها قشعريرة فدست يديها في
جيبها .لبد ان للقصر حديقة ما لكن ستجدها حتما كناية عن ادغال .
توقفت في وسط الساحه وناظرت حولها .كانات الكآبه تمل نافسها وبحركة ل شعورية اقتلعت بعض العشاب
والحشائش وقذفت بها باتجاه البناء القائم قرب بوابة القصر فارتطمت باحدى النوافذ صوب ناافذه تفتح ويطل
منه وجه .
اناه الوجه الذي كانات قد راته يوم وصولها .رفعت يدها الى فمها في ضيق ولكن بعد فوات الوان .
كان الوجه الذي اطل من النافذه ملتحيا ودودا وفوق انافه ناظارتان بدون اطار .
ارسل اليها ناظرة استهجان وألم وقال بالفرناسية ولكن بلكنة اناكليزية :
-معذرة يا آناسة ,أي خدمة ؟
-اناا آسفة لم اكن اعلم ان احدا يقيم هنا .
-وانات ايضا اناكليزية !
قالها باستهجان وغبطة وحلت ابتسامة مشرقة مكان النظرة المندهشة المتألمه .ثم تابع :
-يالها من صدفة .لبد اناك سائحه ضللت الطريق .فهذا المكان ل يقصده السواح .
-كل .
اجابته انادريا وهي تنظر الى القصر بعينين ناصف مغمضتين بسبب الشمس في وجهها ,وكأم تدافع عن ولدها
القبيح سمعت نافسها تقول :
-لكنه جميل !
-هل ترغبين بكوب من الشاي ؟
بسبب فضولها قررت قبول الدعوة وتوجهت صوب البيت.
رات انادريا مضيفها عن كثب عندما فتح الباب لستقبالها ,ذلك الباب الكبير المزدان بمسامير ذات رؤوس
ضخمة وناافرة .
وبدا عن قرب اصغر سنا مما قدرت ربما كان اكبر منها بسنه او سنتين على الكثر .كان مربوع القامه يرتدي
ثيابا عرفت انادريا حال اناها مستعملة سابقا .فسرواله الجينز وسترته وحذاؤه كلها كانات تنطق بماض سحيق .
-الن وودهاوس .
قال مقدما نافسه ومد يده مصافحا ووجدت انادريا يده ثابته وقوية واعجبها ذلك .
-انادريا ويستون .
-ياللغرابة اسماناا يبدآن بالحرف نافسه .يبدو ان هذا لقاء رتبه القدر .تفضلي بالدخول واحترسي وانات
تصعدين الدرج .من هان يا آناسة .تفضلي هذه غرفة الجلوس واناا علميا اقيم فيها ولذلك ترينها في فوضى .
كلمة فوضى ل تكفي قالت انادريا في نافسها عبارة فوضى عارمة قد تفي بالغرض .
جالت بعينيها بأرجاء الغرفة الصغيرة لم يكن أي شيء في موضعه .كان السرير الصغير قرب الحائط من النوع
الذي يطوي وعليه اغطية وكيس النوم .
وبالقرب منه رأت انادريا فرناا على الغاز من النوع الذي مجمل باليد وصندوقا خشبيا فيه معلبات مختلفة وفي
وسط الغرفة طاولة مستديرة عليها عشرات الواناي الفخارية منها ما كان ناظيفا ومنها ما كان غير نايف وعليها
كذلك اوراق مبعثره وكتب وآلة كاتبه تحمل باليد .
راح آلن يفتش بين الغراض على الطاولة وهو يقول :
-لقد قمت بغسل بعض الواناي امس او لعله قبل ذلك ولبس في هذا المكان ماء .علي ان احمله من السطبل
وفي أي حال ليس لي ان اتذمر فهو ل يتقاضى مني أي اجر لقاء اقامتي علي ان اتكيف مع البيئة وان لم
استطع فمعناه اناني غير امل للتقدم في هذه الحياة .
-هل انات كاتب ؟
-ربما اصبحت كاتبا ذات يوم اما الن فاناني اقوم يبحث من اجل كتابة اطروحتي وهي تدور حول حياة
فيرسنجيتوركس .اناه كما تعلمين من هذه المنطقه .
عادت الى رأسها ذكريات المدرسه يوم كان عليها ان تعارك كتب التاريخ الكلسيكية واجابت :
-اعرف ذلك ومازلت اذكر قوله ..تقسم بلد الغال الى 3اقسام .
-ناعم .معظمالناس يعرفون هذه البداية ولكنني معجب بنهاية القصه .احسب اناني اشعر بضعف تجاه
الخاسرين بشكل عام .لم اكن يوما من المعجبين بشخصية يولبوس قيصر فاناا اجده موضوعيا جدا لدرجة
التجرد من كل عاطفة واذا ما استعرضنا الحداق تجد عدوه اللدود ذلك القائد الفرناسي العظيم الذ اناهزمت
جيوشه امام جيوش القيصر بعد حصار مرير ,قادما اليه عبر التلل حامل درعه المذهب معلنا استسلمه لم
يجد قيصر ما يقوله امام هذا المشهد المؤثر سوى بضع كلمات جافة اسمعيه يصف بلساناه ما دار بينهما .
وتناول كتابا وراح يقرأ منه :
-جلس قيصر امام المعسكر قرب التحصينات واقتبد القاده الـ 3الى حيث كان يجلس والقى فيرسنجيتوركس
سلحه وسلم نافسه .
عندما اناتهى من القراءه راح يهز رأسه بألم ثم قال :
-ال تجدينه مجردا من العاطفه ؟
-بالتاكيد .
اجابت وهي تضحك ثم قالت :
-وهذا ينطبق كذلك على عبارته المشهورة ,لقيت اتيت لقد رأيت لقد اناتصرت .غير اناني اجده واقعيا في قوله
باناه علينا ان ناسلم بالقدر وناحني رؤوسنا امام ماهو مكتوب علينا ,وافهم ايضا لماذا انات تفضل
فيرسنجيتوركس عليه .فالبطل الشعبي الذي باباء وكبر حتى اما الهزيمة جدير بالحترام .
انافرجت اساريره واجابها وو يبتسم :
-هذا هو شعوري ايضا .هل رأيت تمثاله في ملبرمون فيران ؟ يا الهي اناه ضخم ..اين الشاي لشك اناك
تشعرين بالعطش ولكني اخشى اناه ليوجد لدي غير الحليب المجفف مع الشاي .
جلس الن على السرير الصغير قبالتها ونار اليها بسرور ظاهر وقال :
-اناه امر رائع ان التقي بشخص يتكلم الناكلزية واناا ل اتفن الفرناسية ومع ان السيد لوفالييه يتكلم الناكليزيه
بطلقه لكنه يحب المخالطه ولذلك ل تسنح الفرص لتبادل الحديث معه ال ناادرا .
اجابته بتحفظ جعله يجفل ويسرع بالقول :
-يا الهي ,لقد اسأت التعبير فاعذروناي .وعلى فكرة هل انات من وصل بالسيارة ليلة امس ؟ وهل تقيمين في
القصر ؟ لبد اناك احدى صديقاته .
حدقت انادريا في الرض قبل ان تجيبه !
-ذلك صحيح الى حد ما .
خيم صمت طويل وعندما رفعت انادريا عينيها اخيرا رأت الحمرة تكسو وجه آلن واسرع يقول :
-ل اريد ان ابدو متطفل .
-الواقع اناني هنا في عمل وعلي ان افاوض السيد لوفالييه بشأن مسألة مشتركه .
انافرجت اساريره كاناه سمع خبرا افرحه فقال :
-الحقيقة اناه ليبدو عليك اناك من النوع الذي ...ماذا اقول ...لساناي يخزناني مرة اخرى .ما اريد قوله هو اناه
زير ناساء وهو يفضل النساء اللواتي يضاهينه في هذا الميدان وليبدو عليك اناك منهن .
وكاناه خشي ان تاخذ كلمه على غير محمل فأسرع يضيف :
-هذا ل يعني اناك لست جذابه .
-شكرا لك ايها السيد اللطيف !
قال بيؤس :
-اوه ...اناك تدركين ما اعني بدون شك .
رات انادريا ان تغير مجرى الحديث فسألته عن الطروحه التي كان يحضرها وعن المعلومات التي جمعها اثناء
اقامته في هذا الجزء من فرناسا وعلمت منه اناه مضى على وجوده في سان جان دي روش سته اسابيع ويتوقع
البقاء شهرا آخر .وقال :
-ربما استطعنا تناول العشاء معنا اناا لست معدما تماما كما قد يتراى لك فلي بعض المال وهناك مكان في
كرودون التنقل ليس مشكله بوجود سيارتك .
-لم تعد السيارة معي .
-وماذا حل بالسيارة ؟
-كانات سيارة مستاجره ربما عادت الن الى كلبر مون فران .
-اناه امر مؤسف .هناك جان لوك غابرييه ولديه دراجه نااريه ربما اعارناا ايها .ل تخشى سنتدبر المر .
-هذا رائع .
قالت انادريا وحاولت ان تتصور بليز لوفالييه عندما يتناهى الى سمعه ان زوجة المستقبل كانات تجوب المنطقه
على المقعد الخلفي من دراجه ناارية مستعاره .امر واحد كانات واثقه منه لن تكون الدراجه اكثر ازعاجا بالنسبه
اليها من دلفين .
ناظرت الى ساعتها وطار صوابها وصرخت :
-يالسماء علي ان اذهب لم اشعر بالوقت يمر .
-ساتصل بك في القريب .
قال لها وهو يواكبها للباب وبعد ان قطعت اكثر من ناصف الساحه سمعت صوته يقول :
-الى اللقاء يا انادريا .
-رباه .
صرخت بجزع وعادت اليه مسرعه .لم يكن قد اغلق الباب بعد عندما وصلت انادريا فنظر اليها باستغراب وقال
:
-هل ناسيت شيئا ؟
-ناعم . .ناسيت ان اطلب اليك ان تناديني كلير ان لم يكن عندك من ماناع .
حدق فيها وكاناه خشي ان تكون فقدت عقلها .ول عجب قالت انادريا في نافسها وكان عليها ان تجد تبريرا
معقول فتابعت بتلعثم :
-اناا ل استعمل اسمي الحقيقي في العمل .وهذا يعود لسباب مهنية بحته ول يعرفني السيد لوفاليه ال بأسم
كلير ومناداتي بأسم غيره قد يسبب تشويشا ان بغنى عنه تكفيني مشاكل اللغة .
لحظت انادريا بارتياح ان ناظرة الحيرة فارقت وجهه فمشاكل التصال بلغة غير الناكليزية كانات بالنسبة اليه
امرا يستطيع ادراكه والتعاطف معه .
-سوف اتذكر ذلك .
قال وهو يرميها بنظرة متفحصه ثم اضاف :
قال وهو يرميها بنظرة متفحصه ثم اضاف :
-ل يروقني هذا التغيير في السم .فاسم كلير ل يناسبك ابدا .
اسرعت انادريا بالناصراف وراودتها فكرة وهي تجتاز الساحه .لوكانات كلير مكاناها لوجدت الموقف مثيرا وهي
التي تهوى التمثيل واجواء المغامرات والقصص الغريبه .
كانات مدام بريسون تذرع القاعه ذهابا وايابا وعندما وصلت انادريا اخيرا وحالما وقعت عيناها عليها قالت
بقلق:
-اين كنت يا آناسه سأل عنك السيد عدة مرات .
-يا الهي .
قالت انادريا باستهتار وتابعت بتهكم :
-وهل سأعدم رميا بالرصاص
تصنعت انادريا مرحا لم تكن تشعر به بالحقيقة عندما دخلت الغرفه كان بليز لوفاليه واقفا قرب النافذه يدخن
سيكاره وكان ناظره شاردا ووجهه متجهما .
-اين كنت ؟
-كنت في جولة استكشافية .
-وهل ذلك يتطلب كل هذا الوقت ؟
سألها وهو ينفث الدخان بضيق وتبرم .
-لماذا تسأل ؟
سألته وهي تتصنع البراءة وتابعت :
-لبد اناك اشتقت لرؤيتي .
خيم بعد هذه المبادلة بالحديث صمت ثقيل قطعه بليز وهو يقول بصوت لم تخدعها رقته :
-احذري يا عزيزتي ,قد تجدين اثارتي امرا مسليا الن ولكن العواقب لن تكون على المستوى نافسه من
الثارة .
بدا في ناظرها كالشيطان وكان على انادريا ان تستجمع كل شجاعتها لتستمر في المواجهة وقالت وهي نافسها
غير مقتنعه بصدق كلمها :
-ان تهديداتك ل تقلقني اناا ول اكترث لها ,واي امر اسوأ من ارغامي على الزواج ؟ ولقد رضخت للمر الواقع
.
-ال يوجد اسوء من الزواج ؟
سألها بتهكم واطلق ضحكة خافته جعلت الدم يجمد في عروقها ثم تابع :
-يبقى ان تتعلمي الكثير يا عزيزتي كلير برغم كل هذه الحنكة التي تتبجحين بها .
مالذي قالته كلير في رسائلها يا ترى سألت انادريا نافسها وشعرت بيديها تنفض بدون ارادتها واغاظها اناه
رآها .ثم سألها فجأه ونابرة طبيعيه :
-وهل اعجبك القصر ؟
ولم تملك انادريا ان تلحظ تقلب مزاجه .اذ كان مثل طقس اوفيرن يصعب التنبؤ به .وباحساسها المرهف
وشعورها المتطير ادركت ان وراء هذا الهتمام المفاجئ امرا ل تعرفه .فربما يعرف الحقيقة ويريد ان يتسلى .
-اناه مثير
-ولكن لبد اناك وجدت الزيارة لبيت الحارس اكثر اثارة .
ادركت انادريا سبب لعبة القط والفأرة التي كان يلعبها معها وبوضوح واعتداد اجابته :
-كانات زيارة ممتعه جدا .اشكر لك اهتمامك ولكنني اتساءل لماذا لم تخبرناي بوجود نازيل فيه .
-ربما لناني واثق من مقدرتك على استكشاف هذه المور بنفسك .
ولم ينقذها من المأزق الذي وجدت نافسها فيه ال دخول مدام بريسون الغرفة حاملة معها طعام العشاء .التقطت
انادريا الملعقة بيدها وقالت متابعه الحديث :
-مازلت اجهل سبب عدم ذكر هذا المر امامي وانات تعلم بدون شك ان وجود احد ابناء وطني على قاب قوسين
مني يثير اهتمامي .
-ربما كان هذا هو السبب .
-ياللوقاحه !.
صرخت وبساتنكار سألته :
-وماذا تعني بالضبط يا سيدي ؟
-اعني ياجميلتي ان سلوك مدام لوفالييه في المستقبل يجب ان يكون فوق الشبهات بصرف النظر عن حماقات
الماضي .
صمتت برهة قبل ان تجيبه بصوت مضطرب :
-هذه اهاناه !
-لماذا ؟ هل لناني اشير الى امور انات نافسك لم تبقها سرا؟ اكملي عشاءك الن فاناك ناحيلة جدا .
-يؤسفني اناي ل اروقك يا سيدي وانات من اعتاد اجمل النساء !
-ل تدعي هذا يزعجك يا عزيزتي .
اجابها بلطف لم تعتده ورفع حاجبيه ونابرة ل تخلو من الدعابه اضاف :
-ل شك باناك جذابة بدون هذه الثياب !
-لكن ليس بالنسبة اليك بالطبع !
-آه ,لم اكن ادري اناك ترغبين في ارضائي ,ليس على هذا النحو في أي حال .
اجابها وهو ينحني ليسكب في كوبها مزيدا من عصير الفاكهة الطازجه وتابع :
-يمكنك ان تنزعي هذه الثايب اذا كنت حقا ترغبين في معرفة رأيي .
-وانات يمكنك ان تذهب الى الجحيم !
قالت وهي تدفع طبق الحساء وتريق بعضا من محتوياته على المفرش البيض .
-لقد كنت هناك وعدت لتوي !
اجابها بنبرة جعلت موجة الغضب التي اجتاحتها تتحسر فجأه ويحل مكاناها شعور لم تدرك كنهه
مرت فتره من الصمت قبل ان يوجه اليها أي كلم ثم وبدون مقدمات وكان الدقائق الخيرة لم تكن وكاناه يتابع
حديثا عاديا ,سألها :
-وكيف وجدت المؤرخ الشاب ؟
-اناه يبدو ملما بالموضوع الذي اختاره .
اجابته وهي تجبر نافسها على ان تحذو حذوه وتتكلم بهدوء ثم تابعت :
-اخشى اناني لم استطع مجاراته في الحديث .
واسرعت تضيف على طريقة كلير :
-وفي أي حال ليس موضوع حرب الغال هو المفضل لدي .
-كل ؟ربما لن تقنية الرومان العسكرية ل تروق لكل الناس ولكن الدرس الذي تلقاه القيصر على ايدي اهل
اوفيرن مفيد وعليك ان تحفظيه وهو ان الخصم من اهل اوفيرن هو خصم مر .
لم تستطعم انادريا بالعشاء الفاخر الذي قدمته لهما مدام بريسون وعندما اقبلت هذه لتاخذ الطباق كانات فكرة
الهرب مستحوذه تماما على ذهنها وكانات قد وصلت الى الباب عندما اوقفها صوت بليز يسألها :
-الى اين انات ذاهبة ؟
-الى غرفتي .
اجابته وهي ترسل اليه من عينيها العسليتين ناظرة شفافه ثم استطردت :
-اناني اشعر بالتعب .
-اجلسي من فضلك هناك بعض المور اود ان احدثك بشأناها .
-مالذي تريد ان تقوله لي ياسيدي ؟
-اود قبل كل شيء ان اعطيك هذا .
ونااولها علبة صغيرة من المخمل اخذتها منه بشكل آلي وفتحتها .شهقت عندما رات الخاتم في داخلها الذي
كان يستقر على قاعده غلفت بقماش الساتان .لم تكن قد رات لذلك الخاتم مثيل .
كان الحجر الكبير في وسطه من الياقوت الحمر النادر وحوله احجار من الماس على شكل زهرة غريبه وكان
يشع ببريق يخلب البصار .
-ماهذا
-اناه خاتم الخطوبة الخاص بعائلة لوفالييه .
اجابها بلهجة من نافذ صبره وبنبرة آمرة اضاف :
-ضعيه في اصبعك .
-كل .
صرخت وهي تغلق العلبة باناامل مرتعشه .
ضاقت عيناه بشكل ينذر بالخطر واجابها :
-لطفا ,اطيعيني .
-ل استطيع ليس من حقك ان تطلب هذا .
-ماهو من حقي وما هو ليس من خقي ,موضوع سنبحثه في وقت اكثر ملءمه .والن ضعي الخاتم حول
اصبعك .
-من المفروض ان يكون هذا الخاتم عربون حب وليس بيننا أي حب !
كتم في نافسه لعنه كادت تفلت من بين شفتيه وقال :
-حسنا ,اذا كان ذلك ما تريدين فل بأس .
ولم تدر انادريا ماذا كان يدور في خلده وراته يقوم من مكاناه ويتجه صوبها .اخذ يدها بين يديه وتامل الناامل
الرقيقة مليا قبل ان يرفعها الى شفتيه ويطبع على راحتها المنبسطه قبلة دافئة بعثت في جسمها قشعريرة عذبة
,وشعرت ببرودة الخاتم وهو ينزلق في اصبعها .
ظلت ساكنه ل تتحرك وعيناها مغمضتان حتى بعد ان شعرته يبتعد عنها .عندما فتحت عينها اخيرا كان يقف
قرب الموقد مسندا ذراعه على حافته في الوضع نافسه كما راته عندما التقيا لول مرة .
كان شارد الفكر وعلى وجهه ارتسم حزن عميق .عندما رآها تنظر اليه قال بعصبية :
-آمل ان يكون هذا قد حقق بعض توقعاتك .
-لم اكن اتوقع شيئا .
اجابته بصدق واحنت رأسها بأسى وهي تقول :
-ولكنك بالتأكيد تستطيع ان تحسبه اناتصارا اخر ايها السيد .والن هل اصبح بامكاناي الناصراف ؟
-دقيقه واحده من فضلك ...ستعقد زواجنا بعد غد .
شعرت انادريا بقواها تخور واعترتها رجفه شديده وبصوت بدا غريبا حتى في اذنايها سألته محاولة كسب
الوقت :
-ولم العجلة؟ هل يجب ان يتم الزواج بهذه السرعه ؟
-ناعم ,لقد ابلغني المحامون ان سيمون عازمه على الطعن بوصية جان بول ولهذا السبب علي ان اكون
مستعدا لها .
-ولكن هناك بعض الشكليات القاناوناية .ال يلزمك بعض الوقت لتمامها ؟ .
-يبدو ان ذاكرتك ضعيفه يا آناسه .هل ناسيت اناني اتممت جميع الترتيبات منذ اسابيع ؟
حبست انادريا أناة كادت تفلت من شفتيها يبدو ان كلير لم تكن صريحة معها واخفت عليها مدى تورطها .ولكن
لسوء الحظ ادركت انادريا ذلك متأخر .
ومع هذا لم تشأ ان تضيع وقتها في تحديد المسؤوليات والقاء التهم .كان عليها ان تفكر بروية واتزان وان
تجعله يعتقد اناها رضخت للمر الواقع واستسلمت لمصيرها .
-ليتك انازرتني قبل الن .فما زلت بحاجه الى بعض المشتريات .
-ل ارى مشكله ,فبوسع غاستون ان ياخذك الى كلير مون فران غدا .
-شكرا لك .
ناهضت من مكاناها وهو تتمتم تحية المساء واناسحبت .توجهت الى الطابق العلوي حيث غرفتها وكان عليها ان
تمر من امام باب غرفة بليز.
وعندما وصلت وقفت تتأمله والفكار تتقاذفها .لبد ان رسالة كلير في مكان ما وراء هذا الباب الموصد.
وارتفع صوت في داخلها يحذرها ويقول لها باناها ليست مدينة لكلير بهذا المقدار .ولكن ماذا عن عمها وامراة
عمها ؟
اليس من واجبها ان تحميهما من خيبة امل كبيرة كانات باناتارهما ان هي اخفقت في المهمه التي ارتضت القيام
بها ؟
ادارت وجهها وناظرت الى الوراء .لم تر احدا ول حتى بليز .ولكن لماذا يصعد الى غرفته الن؟ الم تره يستعد
لقضاء السهرة في الطابق الرضي وقد احضر زجاجة شراب وكوبا ؟
ظهر على شفتيها طيف ابتسامه اناها فرصتها ويجب ان تغتنمها .خلعت حذاءها واجتازت المسافة بين الدرج
والغرفه على رؤوس اصابعها وهي تشعر بحرج كبير وبسخف موقفها .
ادارت مسكة الباب برفق فانافتح بسهوله .وبحذر بالغ دخلت واغلقت الباب وراءها وجالت بنظرها في ارجاءها
.
لم تكن الغرفة بالحجم الذي تصورته .وربما بدت اصغر مما هي فعل لضخامة السرير الذي احتل معظمها .
ناظرت انادريا الى السرير بارتباك .ترى كم من الجيال تعاقبت على هذا السرير ؟وكم شهد من الولدات ومن
الوفيات ؟
على احد الكراسي رات انادريا ثياب الركوب لتي كان يرتديها ذاك الصباح ملقاة باهمال .شعرت بدافع غريب
يدفعها لترتيبها في الخزاناه حيث مكاناها الطبيعي ولكنها اوقفت نافسها عن هذا العمل .بدت المنضده ذات
الدراج العديده افضل مكان لحفظ الرسائل .
اتجهت اليها وجلست على كرسي صغير امامها وراحت تفتح الدراج واحدا بعد الخر .وكانات خيبتها تزداد كلما
اناتهت من تفتيش احدها .بقي واحد لم تستطع فتحه .
وبما ان جميع الدراج التي فتحتها كانات تحتوي ثيابا داخليه ظنت انادريا ان الثياب داخل ذلك الدرج ثمينه جدا
وال لماذا يقفل عليها بالمفتاح ؟
حاولت ان تخلعه وراحت يدها تعبث بقبضته .تسمرت فجأة في مكاناها وشعرت ان شخصا يراقبها .رفعت يدها
وفي المرآة امامها التقت عيناها بعيني بليز .
-كان علي ان اخيب ظنك يا آناسه فجميع اوراقي الخاصه مع المحامي في كليرمون فران .واظنك تبحثين عن
رسالة ابنة عمك .
ظنت لول وهلة ان اذنايها كانات تلعبان عليها حيل .غير ان ابتسامة الشماته التي ارتسمت فوق شفتيه جعلتها
تدرك معنى ما قال .وبصوت مضطرب واجهته قائلة :
-كنت على علم طوال الوقت ؟ كيف عرفت ؟
-لقد علمت منذ وطئت قدماك هذا المكان .وهل كنت تظنين اناني اقوم بكل التحريات حول ابنة عمك ومحيطها
وعائلتها واستثني شكلها ؟ والفرق بينكما يا عزيزتي شاسع .
-ولكنك لم تبد اناك تعرف !
-وجدت المر مسليا .احببت ان اعرف مدى استعدادك للمر بهذه اللعبة .ولكن رضوخك المفاجئ اثار
شكوكي .
-سأغادر هذا المكان في الحال .هل تسمح لغاستون بتوصيلي الى كلير مون فران ؟
-ولكنك ستجدين جميع المتاجر مغلقه في هذه الساعه المتأخره .
-وما دخل المتاجر ؟
-ل يمكن ان تكون ذاكرتك في مثل هذا الضعف ! هل ناسيت ؟ سنتزوج بعد غد .
-هل جننت ؟
-بل اناني مازلت في كامل قواي العقلية .لم يتغير أي شيء .مازلت بحاجه الى زوجة وربما ابنة عمك غير
مستعده لللتزام بوعدها فستحلين انات مكاناها يا انادريا .اليس هذا اسمك ؟
-اناك لن تستطيع !
-بل استطيع فجميع التحريات التي اجريتها اظهرت ان عمك ينظر اليك كابنة ثاناية .اليس هذا صحيحا ؟
وعندما لم يتلق أي جواب تابع حديثه قائل :
-اعتقد ان تورطك في فضيحه علنيه سوف يسيء الى عمك تماما كما لو كنت ابنته وانات بالتاكيد ل ترغبين
في الساءه اليه والى صحته .
-ليس هناك من فضيحه حول اسمي .فأناا لم اتورط في أي شيء ولم اقطع وعودا خطية او غير خطية .
-هناك عدة اناواع من الفضائح يا عزيزتي هناك ظروف قد تجعلك تتمنين الزواج من أي اناسان حتى مني اناا .
وليس هذا هو المهم .المهم اناني اعدك باناك اذا لم تتزوجي مني بعد يوم غد فاناني سوف اجر اسم عائلتك الى
المحاكم والصحف البريطاناية .وفي يدي ورقه رابحه هي فيليب فاناتم معشر الناكليز تاخذون بقصص الطفال .
-ارجوك يابليز ذلك كفيل بتحطيم عمي ماكس وتحطيم كل اماله واحلمه .
-المر بيدك يا انادريا افعلي ما طلبته منك واقبلي بأن تكوناي زوجتي ولو الى حين .
-وهل ستدعني اذهب بعدها ؟
تفرس في وجهها واطال النظر الى الشفتين المرتعشتين والى العينين الغارقتين في الدموع واكتسى وجهه
بمسحة من الكآبة والحزن واحنى رأسه وقال :
-حسنا يا آناسه .سنه او ربما اقل من عمرك لقاء سعادة طفل .هل اناتفقنا ؟
-اتفقنا .
اجابته وجاء صوتها كرجع الصدى .
-4مأزق من صنع يديها
اوت انادريا الى فراشها منهكة وسرعان ما غلبها النعاس وراحت في سبات عميق .
وعندما استفاقت في صباح اليوم التالي كان شعاع الشمس يغمر الغرفة بنور ذهبي والسيدة بريسون تقف
بجاناب سريرها وتحمل بين يديها صينية كبيرة .
-يا الهي .
قالت انادريا وهي تجلس في سريرها وتبعد شعرها عن وجهها :
-لبد اناني اطلت النوم اكثر مما ينبغي .اعتذر اذا كنت قد سببت لك ازعاجا .
تغضن وجه السيده بيرسون بابتسامة عريضة وبكلم كثير افهمت انادريا بأن أي جهد تبذله تجده قليلبالنسبة
الى عروس السيد لوفالييه .
لم تكن انادريا شديدة الحماس لملقاة ذاك النهار ولكن برغم كل ماكان يخالجها من شعور بالقلق وجدت الكعك
الساخن الذي احضرته السيدة كلوتيلد بريسون لذيذ المذاق وتناولته بشهية .
-هل ترغب الناسة ان احضر لها الحمام ؟
سألتها مدام بريسون التي كانات تحوم حولها باهتمام واردفت :
-لم يبق متسع من الوقت .
-متسع من الوقت لماذا ؟
سألتها انادريا وهي ترجع فنجان القهوة الى الصينية رمتها كلوتيلد بنظرة عاتبة وقالت :
-للذهاب الى كلبرمون فران مع السيد لوفالييه .اناه ينتظرك منذ الصباح وهو سيصحبك لشراء ما يلزمك .
ظلت انادريا ساكنه برهة ,ثم دفعت صينية الطعام جانابا وشكرتها وقالت لها بقاتضاب وبدون مقدمات :
-ل اريد الذهاب .ارجو ان تبلغي ذلك السيد فأناا اشعر بألم في رأسي .
-ولكن يا اناسه ,الغي السيد بعض المواعيد المهمه ليضع نافسه تحت تصرفك هذا النهار .وبالضافة الى هذا
فان كليرمون فران مدينه جميله والطريق اليها ممتعه كما ان الهواء النقي يريحك من الصداع .
-اعتقد اناني اعرف ماهو ناافع لي .
اجابتها انادريا بعصبية وشعرت بأن تصرفها كان صبيانايا ولكنها لم تبال فلن يضيرها في شيء ان تبدو كطفلة
اذا كان ذلك يخلصها من قضاء يوم كامل مع بليز لوفالييه .وتابعت :
-اشكريه بالنيابة عني .يمكنك ايضا ان تعتذري منه اذا كان هذا يريحك ولكن عليك ان تقولي له اناني لن اذهب
معه الى أي مكان بالضافة الى ذلك فقد غيرت رأيي ولست بحاجه الى أي شيء .
بدا واضحا ان تصرف انادريا لم يرق للسيده بيرسون التي اربكها ما يبدر من سيده القصر العنيده فحملت
الصينيه واناصرفت .
راحت انادريا تتقلب في فراشها وتضغط على الوساده بعصبيه .اناها تعرف لماذا يصر بليز على اصطحابها الى
كليرمون فران .اناه يريد رؤيتها تتعذب .
اراحت رأسها على ذراعيها وحدقت في الفراغ بعينين ل تريان شيئا .استقر ناظرها على الخاتم حول اصبعها
وبدون ازاده منها شعرت باصابعها تطبق على راحة يدها التي قبلها بليز في الليلة السابقة .
سمعت طرقا على الباب فاستدارت في فراشها وجعلت نافسها في مواجهته .لم تكن على استعداد لسماع
محاضرة اخرى من السيدة بريسون في محاولة جديدة لقناعها بمرافقة السيد .وبنزق قالت :
-ادخل .
ودخل بليز باقمته المديدة واتجه ناحو السرير بخطوات سريعه ووقف برهة ينظر اليها قبل ان يقول :
-الى متى علي ان اناظر ؟
شعرت انادريا وكاناها تذوب تحت وطأة ناظراته وبحركة غريزية تناولت الغطاء ولفته حول كتفيها وبصوت
مضطرب قالت :
-بامكاناك ان تذهب ساعة تشاء ايها السيد .الم توصل لك السيده بريسون رسالتي ؟
مط شفتيه بشكل فهمت منه انادريا مقدار الحترام الذي يكنه لتلك الرسالة وقال بجفاء :
-يحسن بك ان تسرعي فأمامنا رحلة طويلة قبل ان ناصل الى كليرمون فران .
-تبين لي اناي لست بحاجه الى شيء واوضحت هذا للسيده .وفي أي حال شكرا لك .والن اريد من فضلك ان
اخلد الى الراحة .
اجابت انادريا وعيناها تنطلقان بالخيبة التي كانات تشعر بها .
لم يتفوه بأي كلمة واتجه ناحو الخزاناة الضخمة وفتحها وراح يستعرض الثياب المعلقة بداخلها .ولم تملك
انادريا ال ان تلحظ كم بدت ثابها هزيلة بالنسبة الى الخزاناة الضخمة .بعد برهة سمعته يسألها :
-واين ثوب الزفاف ؟ اناي ل اراه .
-ثوب الزفاف ؟
سألته انادريا مشدوهة وبدا السؤال حتى في اذنايها فارغا وسخيفا .
للمرة الثاناية مط شفتيه وبفظاظة قال :
-وهل انات بحاجه الى تذكير اخر ؟ قلت لك سيعقد الزواج غدا ويلزمك ثوب للماناسبة.
-اناا ل ارى ضرورة لذلك اناها في أي حال ليس زواجا تقليديا .
-اناك تخدعين نافسك يا آناسة .
قال لها ويداه على خاصرتيه ثم اقترب من السرير وراج يتأملها وقال :
-سوف يكون احتفال تقليديا الى ابعد الحدود .وزواجي بالنسبة الى اهل القرية هو حدث بحد ذاته .وعليك ان
تؤدي دور العروس السعيده باتقان اول في كرودون حيث يتم توقيع عقد الزواج المدناي وبعد ذلك في كنيسة
القرية حيث ستجري مراسم الحتفال الديني .لن يكون ذلك صعبا عليك فأنات تجيدين التمثيل .وسوف ترتدين
بالطبع ثوبا ابيض وطرحة بيضاء كأي عروس في يوم عرسها وهذا في أي حال ما يتوقعته اهل القرية ولن
ناخيب امالهم .
-لن افعل شيئا من هذا .
صرخت في وجهه وصدرها يعلو ويهبط من شدة النافعال ,ثم اضافت وكاناها تبرر انافجارها :
-وهذا في رايي منتهى الرياء !
-لماذا لن اللون البيض ل يصلح لحالتك ؟
لم تعد تحتمل المزيد وصرخت في وجهه بضراوة :
-ايها الـ ....اخرج من غرفتي .
-لي كل الحق بوصفي خطيبك ان ابقى في الغرفة .
قال لها بهدوء ووجد من المناسب ان يذكرها ببعض الحقوق والواجبات المترتبه على الخطيبين فتابع :
-للخطيب ما للزوج تقريبا من حقوق يا عزيزتي وناصيحتي لك ان ل تدعي هذه الحقيقة تغيب عن بالك .والن
ارتدي ثيابك فلقد اضعنا من الوقت مافيه الكفاية .
وبحركة مفاجئة سحب الغطاء بدون ان يترك أي مجال للمقاومة .اطلقت صرخه غضب واسرعت يداها الى
قميص ناومها المغضن لكنه اتجه الى الخزاناه وعاد يحمل بيد يديه طقمها القمحي اللون ويضع قطع من الثياب
الداخليه وقذف بالجميع بدون شكليات ول مراسم على السرير ثم ناظر الى ساعته وقال لها :
-اماك 5دقائق لتكوناي جاهزة سأوافيك في الطابق الرضي وارجو ان ل تقولي لي بعد ذلك باناني لم احذرك .
وبعدما خرج شعرت اناه ليس امامها أي خيار فهرولت الى الحمام واغتسلت بسرعه وراحت تحضر نافسها كما
طلب خشية ان ينفذ تهديداته .
لم يقرع الباب هذه المره وعندما دخل كانات انادريا في كامل ثيابها ما عدا وشاحا من الحرير الوردي كانات
تحاول ان تلفه حول عنقها .
التقت عيناها بعينيه في المرآة وبرغم العبوس الذي كان ما ال يكسو وجهه لمحت ناظرة اعجاب وقال :
-هل انات جاهزة ؟
-لم يبق شيء ال ان اصفف شعري .
اجابته بصوت مرتعش وتمنت ال يكون قد لحظ ذلك .اقترب منها ووقف خلفها تماما وتناول الفرشاة وراح
يمررها على شعرها الغزير برفق ثم اخذ بعض الخصلت بين اناامله ورفعها حتى بان عنقها كله ثم تركها
تنساب كالشلل على كتفيها وقال :
-اتركيه منسدل هكذا .
وللمرة الثاناية في تلك اللحظات القليلة التقت ناظراتهما في المرآة .
تناولت حقيبة يدها بيد مرتجفة وقلب واجف وقالت :
-هل ناذهب ؟
-كما تريدين .
وكان في صوته وعلى وجهه لغز حيرها .رمى الفرشاة من يده ووقف جانابا مفسحا لها الطريق لتتقدمه .لم
تكن متاكده من ان ساقيها قادرتان على حملها لكنها سرعان ما تمالكت نافسها ورفعت رأسها بشموخ وسارت
امامه .
لم يدم هذا الهدوء طويل فما ان وصل الى الباحة الخارجية حتى وقعت عيناها على ما جعلها تصرخ من الغيظ .
كانات السيارة التي جاءت بها من باريس جاثمة اما الباب وسألها وكاناه يلهو :
-لو اناني فقط كنت اعلم اناها مازالت هنا ,اليس هذا ما تقولينه الن في سرك ؟
وجدت ان الصمت ابلغ جواب فصعدت في المقعد المامي بدون ان تجيب لكنها لم تتمالك ناظرة متوعده رمته
بها .
كان عليها ان تقر بمهارته في قيادة السيارة فالمنعطفات والناحناءات الخطرة التي جعلت قلبها يقفز الى حلقها
وهي في طريقها الى سان جان دي ووش لم تكن شيئا بالنسبة اليه .
لم تستطع انادريا ان تصمد طويل امام الجمال المتدفق من كل شيء حولها واناهارت مقاومتها واسترخت في
مقعدها تنعم بالدفء المنبعث من اشعة الشمس التي غمزت وجهها وعنقها .اختلست ناظرة الى بليز ...
هل كان عاقد العزم على الستمرار في الصمت ؟ با لقوة ارادته ! قالت في نافسها ويا لضعف ارادتي !
شعرت بغصة وهي تنظر الى وجهه ذي التقاطيع القوية والخطوط الشامخة ولم تترى الندبة من حيث كانات
جالسه .
واعتقدت اول المر ان اهتمامه كان منصبا على الطريق امامه ولكن سرعان ما صدمتها تلك المسحة من
الحزن التي عاد وجهه واكتسى بها فادارت ناظرها اليه ولم تعد تحوله عنه .
-بما تحدقين يا آناسه ؟ هل تتساءلين لماذا ل اخضع لجراحة تجميليه ؟
-لم يخطر هذا المر في بالي اطلقا ولكن الن وبما اناك اخترت ان تفتح الموضوع فأناي اسألك بالفعل لماذا ؟
-ربما لناني اود ان احتفظ بما يذكرناي . ....
-يذكرك بماذا ؟
-بان ل شيء يدوم وخاصة تلك المشاعر التي ناسميها حبا .
-ولكنها ناظرة متشائمة وفيها الكثير من عدم الثقة .
-اناه درس تعلمته من الحياة .
ثم غرق في صمت غريب لم تجرؤ على اختراقه وجلست قربه ساكنه وشرد فكرها في متاهات بعيده وراحت
الفكار تتقاذفها ,لم كل هذه المرارة ؟ ابسبب الوقوف على عتبة زواج لم يتم ؟ ام بسبب خطبة تافهة جعلته
يحكم على ناساء الرض كلهن من خللها ؟
لبد ان حبه لها قد ترك في نافسه اثارا ل تمحى وال لماذا يغرق في كل ذلك الحزن وتلك المرارة ؟ مخطئ هو
اذا ظن ان الندبة في وجهه تقلل من جاذبيته وهل يعقل ان ل يكون قد شعر باناجذابها ناحوه ؟
وباحساسها المرهف شعرت اناديا ان الندبة فوق خده لم تكن شيئا بالنسبة للجروح في نافسه والتي لشفاه له
منها ربما ال بقدر كبير من الحنان والعاطفة .هي بالطبع لن تكون هناك لتمنحه ايها .
كم احزناتها تلك الفكرة وكم حاولت عبثا ان تذكر نافسها باناها ليست سوى سجينه في قصره .ولكن كان عليها
ان تواجه الحقيقة فهي لن تكون حرة بعد اليوم .
اوقف بليز السيارة في شارع جانابي هادئ .وكان عليهما ان يذهبا سيرا على القدام الى شارع المرفأ حيث
المتاجر الفخمة .ارادت انادريا ان تتمهل امام بعض الواجهات التي تعرض الشياء الثرية ال ان بليز استمر
يسير بسرعه ولم يتح لها مجال للتوقف وكان عليها ان تركض تقريبا لتجاريه في مشيته السريعه.
وعندما وصل اخيرا الى المكان المنشوده كانات انادريا تلهث من شدة التعب استقبلتهما عند المدخل امرأة في
العقد الـ 4من العمر ذات عينين نااعستين وانااقة مفرطه .
غرقت السيده في حديث هامس مع بليز وكان واضحا ان انادريا بالذات كانات موضوع هذا الحديث وازعجها جدا
ان تكون مستثناه من الحوار المفروض ان يعنيها هي قبل سواها .أولم يكن ايضا من الذوق السليم ان
يشركاها معهما ؟
بعد ان فرغا من الحديث رمت المرأة انادريا بنظرة متأملة قبل ان تقول لها بكل تهذيب :
-اتبعيني من فضلك يا آناسة .
وتقدمتها الى غرفة فسيحة غطيت جدراناها بالمرايا وماهي سوى لحظات حتى اقبلت على الغرفة صبيه تحمل
على ذراعها عددا من اثواب الزفاف البيضاء ملفوفة في اوراق شفافة .
كان على اناريا ان تسجل موقفا فقالت في الحال وهي تشير بيدها الى الفساتين :
-ل اريد ثوبا ابيض .
لم تكن انادريا ترغب في السماح لي كان ان يجعل منها دمية للعرض .وثوب الزفاف البيض يحمل معاناي لم
تكن موجوده في العلقة التي تربطها ببليز .ومهما يكن من امر فهي لن ترتدي ثوبا ابيض .
ولكن كيف وجدت نافسها بعد قليل وكاناها مسلوبة الرادة في فستان ابيض رائع امر لم تستطع انادريا تفسيره .
وعندما جربت اخيرا ثوبا من قماش الورغنزا الشفاف عادت وارسلت المساعده لتأتيها بالطرحه لترى
الصورة الكاملة التي ستبدو بها .
ظلت السيده قربها تساعدها وتضع لمسات هنا واخرى هناك الى ان بدت راضيه عن الصورة امامها ثم وبحنان
ناظرت الى انادريا وقالت :
-والن اناظري الى نافسك بالمرآة .
ناظرت في المرآة من هي تلك الصبية الممشوقة القوام التي تسبح في غيمة بيضاء سماوية ؟
بعد ذلك ازاحت السيده ستارا فاصل وبرفق دفعت انادريا امامها الى حيث كان يجلس بليز ..
يجب ال يراناي بثوب الزفاف قالت في نافسها ,فذلك ناذير شؤم وارادت ان تتراجع لكنها عادت وتذكرت ان هذا
الرمز البسيط لم يكن ال واحدا بين عشرات من تقاليد الزواج المحببه والتي لم تكن تعنيها في شيء فهما
بالنتيجة يحضران لتمثيليه ليس ال .
وقع بصره عليها كانات عيناه باردتين تحت حاجبين معقودين وبدا ناافذا الصبر عصبيا .ربما لم يعجبه
الفستان ,قالت انادريا في نافسها ,او ربما شعر بسخف المهزلة التي كان مقدما عليها او ربما ,وهذا هو الهم
تذكر خطيبته السابقه وهي تختال بثوب الزفاف البيض .
اومأ برأسه اخيرا الى السيده التي ظلت واقفه تنتظر اشارة منه وتمت :
-رائعه .
وتوقف قليل ثم اضاف :
-قدمي للناسة كل ما تحتاجه ول تنسي الحذاء .
تقدمت منه وثوبها يبعث حفيفا كحفيف اوراق الشجر ,ووضعت يدها على زناده وقالت له بتوسل :
-ارجوك يابليز .اصغي الي ل يمكنني ول يجوز ان ارتدي هذا الثوب .
-ولم ل ؟
سألها بصوت ل تعبير فيه وكانات ناظرته اليها ل تختلف عن ناظرة أي اناسان الى تمثال جميل في واجهة احد
المتاجر وتابع :
-اناه يلئمك تماما .
-اناها ليست ملءمة او عدم ملءمة .
اجابته ثم اخفضت صوتها عندما لحظت ان صاحبة المحل كانات تراقبهما بفضول وتابعت :
-اذا كان يلئمني فهو بالتأكيد ل يلئم المناسبة .
وهذا الثوب تابعتفي سرها يمثل كل ما تفتقر اليه في هذا الزواج .اناه رمز السعاده والحلم الوردية والحب
واين هو الحب في علقتنا هذه ؟
-اظن اناه مناسب جدا ,وسوف ترتدينه غدا وتظهرين امام المدعوين في الصورة التي يتوقعوناها ,لتجزعي
يا عزيزتي اعتبريه ان اردت زيا مبتكرا لحفلة تنكرية ترتدينه لبضع ساعات فقط ثم تتخلصين منه الى البد .
لم تنجح انادريا في اقناعه بان ارتداء هذا الثوب بالذات هو ضرب من ضروب الخياناه واناه ل يجوز ان يشوها
رمزا من رموز الحب والجمال بالنفاق .فلقد اصر على موقفه معتبرا كلمها عاطفيا وبدون منطق .
بعد ان فرغا من مشترياتهما واصبحت العلب والصناديق جميعهما في السيارة ,اقترح بليز وبدون أي مقدمات
ان يريها الماكن الثرية والسياحية في المنطقة .
توجها الى ساحة دوليل المشهورة بالنبع في وسطها حيث القى بطرس الناسك عظة الحرب الصليبية الولى .
بعد ذلك قاما بزيارة الكاتدرائية السوداء ذات الطراز القوطي ,وجدتها انادريا في غاية الفخامة ولكنها لم
تستطع ان تقاوم شعورا بالناقباض اعتراها فجأة وردته الى الحالة النفسية التي كانات فيها .
بعد ذلك تناول طعام الغداء على شرفة مطعم روبات الفخم والذي يشرف ايضا على المدينة القديمة .ولدهشتها
اكتشفت انادريا اناه كان باستطاعتها ان تنعم حقا بالطعام وبالشراب وباشعة الشمس وحتى بقليل من
السترخاء .
ناظر اليها بليز بعينين ناصف مغمضتين بسبب وهج الشمس وقال :
-ما الذي يسعدك ؟
وكان مستلقيا على كرسيه باسترخاء .
-ل يهم .
اجابت بسرعه وشعرت بالخجل لناها سمحت لخيالها ان يطير بها بعيدا وكاناها خالية البال .
-كما تشائين .
تمنت لو اجابته فالعلقة بينهما كانات متوتره بدون ان يظن باناها كانات تتعمد عدم اشراكه في افكارها .تنهدت
وهي تسترجع في ذاكرتها جولتهما ذاك الصباح وكيف اقتصر الحديث بينهما على بضع كلمات مقتضبه
وتنهدت في اعماقها .
الى متى كان سيستمر في حرب الصمت هذه ؟ الم يكن عليهما ان يتحدثا بشأن مستقبلهما ؟ وهل يعقل ان يتم
الزواج في اليوم التالي بدون ان يتوصل الى تفاهم ناهائي حوله ؟ استرقت اليه ناظرة ورأته يدخن سيكارته
ويحدق في الدخان المنبعث منها وكأن ل شيء اخر في الدنايا يستحق التفاته من غير ذلك الدخان .
كانات الشرفة تغص بالزبائن حتى في ذلك الوقت المتأخر من الفصل واوحت اليها الجموع المحتشده فكرة
مجنوناه وهي اناه بامكاناها ان تختفي بينهم .
ولم يكن بليز قد دفع حساب الغداء بعد .يمكنها ان تتظاهر باناها تريد ان تغسل يديها وبعدها تتدبر امرها .
وتبلورت الفكرة في رأسها :سنذهب الى احد فنادق كيرمون فران بالذات اذ لن يخطر بباله البحث عنها في
المدينه نافسها فهو سيظن اناها غادرتها بأسرع وقت .
ناظرت الى بليز وراته ينقل بصره في ارجاء المكان بحثا عن النادل .ناهضت من مكاناها وقالت :
-اعذرناي لبضع دقائق فقط .
-بالطبع .
اجابها وهو ينهض بدوره يناولها حقيبة يدها وبنبرة مهذبة تابع :
-ويؤسفني ان اعلمك بأناني سمحت لنفسي بأن اخذ جواز سفرك عندما كنت تجربين الثواب في المتجر فلنقل
اناه تدبير احتياطي فقط وعلى هذا فاناني ادعوك الى التخلي عن فكرة مجنوناه قد تراودك لناها يا عزيزتي لن
يكتب لها النجاح .
حاولت جاهده ان تخفي خيبة المل التي اصابتها وقالت :
-لم يكن ذلك ضروريا ايها السيد فلقد استسلمت لقدري .
-اتمنى ان يكون ذلك صحيحا فلربما لم يكن هذا الزواج المحنة التي تتصورين .
وبغضب ويأس صرخت في وجهه بكلم جارح لم يكن من عادتها ان تسمح لنفسها به وقالت :
-وهل تخشى ان تتخلى عنك خطيبتك للمرة الثاناية ؟ هل تعتقد ان البتزاز والتهويل هما الطريق الوحيد
للحصول على عروس ؟ وهل هذا التهديد بتدمير عائلتي هو من شيم عائلتك الكريمه وهل انات فخور بعملك هذا
؟
-ما الذي ترمين اليه من خلل هجومك ؟ اذا كنت تستدرجينني لقذف جواز سفرك في وجهك وارسلك الى
الجحيم فانات لم تحسبي الحساب وعلي ان اخيب املك .وسيكون من دواعي سروري ان اعلمك اصول المعاملة
وحسن التصرف عندما تصبحين زوجتي .
شعرت انادريا بارتباك شديد عندما رأت عيون الزبائن تنتصب عليهما في فضول وبتلعثم قالت :
-لربما كان من الفضل ان ناتابع حديثنا في مكان غير هذا .
لكنه اجابها وبشكل قاطع :
-ل ارى سببا لكمال الحديث .
وبنقرة من اصابعه على الطاولة امامه هرع اليه النادل ودفع بليز الحساب واناطلقا ويده على ذراعها كالكماشة.
-اناك تؤلمني .
-ليته كان عنقك !
اجابها بنبرة جعلتها تنظر اليه بدهشة واستنكار واجابته وهي تتظاهر بشجاعه لم تكن تشعر بها بتاتا :
-هذا لسان حالي فعندها اتخلص منك على القل !
كاناا يسيران في محاذاة سياج من الشجر .استدار ناحوها فجأة ودفعها حتى التصق ظهرها بالسياج وشعرت
باغصان الشجر واوراقها تنكسر وتخدش جسمها من خلل قماش ثوبها الناعم .وبصوت ارسل الرعب الى
قلبها وهو يصر بأسناناه :
-قلت بأناني سألقنك درسا بعد الزواج .ولكنك بحاجة الى درس سريع كما يبدو .
وقبل ان تستوعب تماما ما كان يقصد بكلمه هذا كان يمسك بكتفيها ويهزها بعنف ثم يجذبها ناحوه ويطوقها
بذراعين قويتين جعلت انافاسها تنحبس ...
شعرت انادريا بدوار في رأسها ولم تعد ساقاها قادرتين على حملها واعترتها رجفة شديده ولم تنجح في كبح
استجابتها العفوية التي كانات ملى بالمشاعر .
وجاء صوته وكأناه من عالم اخر يقول بل مبالة :
-غاستون في اناتظارناا اذا كنت جاهزه يا آناستي .
ومد يده واناتزع من بين خصلت شعرها الحرير بعض اوراق الشجر وبدون مقدمات التقط خصلة من شعرها
ورفعها بيده ولم يتركها ال بعد ان رفعت بصرها ناحوه والتقت ناظراتهما .اطال النظر في عينيها وقال :
-ل تستفزناي بعد اليوم .
ثم اخذ ذراعها برفق وتابعا سيرهما .
كانات رحلة العودة مختلفة تماما عن رحلة الصباح .اذ وجدت انادريا نافسها محشورة بين بليز الذي تولى
القياده وبين غاستون الذي جلس الى يمينها والرجلن في حديث معظمه بالفرناسية وكان يدور حول امور
زراعيه واخرى تتصل بالقصر والتعاونايه وكاناها كيس من التبن بينهما او حتى كاناها غير موجوده
عندما توقفت اخيرا الناد روفر في باحة القصر الخارجية كانات انادريا بالفعل منهكة فنزلت من السيارة بثقل
متجاهلة يد بليز التي مدها اليها ليساعدها على الهبوط استوقفها بنبرة آمره وسألها :
-هل تودين ان يحمل غاستون الغراض الى غرفتك ؟
كان بودها ان تقول له بالضبط ما توده ان يفعل بها ولكنها فضلت ان تلوذ بالصمت درءا لفورة اخرى من
غضبه المحموم شكرته ببضع كلمات مقتضبه وتابعت سيرها .
وجدت انادريا السيده بريسون في المطبخ وكانات منهمكة في تلميع وتنظيف اعداد هائلة من الواناي الزجاجية
والفضيه والكواب والطباق .
كان واضحا اناها تحضر لحفلة الستقبال التي ستقام في اليوم التالي .لم تدر ما تقول وبتلعثم واضطراب افهمت
السيده اناها اعتقدت ان الستقبال سيقتصر على الخصاء فقط .
غير ان السيده لم تأبه لكلمها وراحت تطمئنها بان ما تشعر به من عصبيه وضيق هو امر طبيعي ويسمى
بحالة اعصاب العروس وجميع العرائس يشعرن به .
كانات جميع العلب والصناديق في الغرفة عندما صعدت انادريا اليها كان بودها ان تتجاهلها ,ولكن قلبها لم
يطعها خاصة فيما يتعلق بذلك الثوب الرائع .
كان عليها ان تخرجه من علبته وتعلقه فهو ل يستحق ان يتغضن داخل العلبة وبنفس حزينه وقلب واجف
اخرجته من علبته واخذت الكليل والطرحه ووضعتهما على المنضده .
اعتراها حزن مفاجئ ففي مرات سابقه التي كان يسرح فيها خيالها كانات تتخيل نافسها يوم عرسها محاطه
بجميع افراد عائلتها .
سمعت طرقا على الباب وظنت اناها السيده بريسون ولم تشأ ان ان تجيب فلقد كانات بالفعل في حالة من الرهاق
النفسي والعصبي والجسمي الشديد .وقالت في نافسها ان السيده بريسون لن تلبث ان تتصرف ظنا منها ان
انادريا مستغرقه في النوم .
وبدل ان ينصرف الطارق كما توقعت فتح الباب ودخل الغرفة .ولم تكن الخطوات التي سمعتها انادريا قطعا
للسيده بريسون .عضت انادريا على شفتيها واخذت نافسا عميقا وظلت ساكنه بل حراك .
ومن حسن الصدف اناها كانات مستلقية على السرير وظهرها للباب مرت دقائق خالتها زمنا وخشيت ان يعرف
اناها لم تكن مستغرقة في النوم ان هي اتت بأدناى حركة ولذلك قطعت تقريبا نافسها وحرصت على ان تظل في
الوضع نافسه .اخيرا سمعت وقع خطواته تبتعد والباب يغلق بهدوء وراءه .
ظلت ساكنه ل تأتي بحركة حتى بعد ان ترك الغرفة .ولم تنهض من سريرها ال عندما شعرت بقشعريرة
وارادت ان تخلع ثيابها وترتدي ثياب النوم الى فراشها على الستلقاء يريحها .وعندما مدت يدها لتتناول
قميص النوم لمست انااملها شيئا وجدته عندما التقطته رزمة صغيره ملفوفة على شكل هدية .كانات على يقين
ان تلك العلبة الصغيرة لم تكن من بين المشتريات .
ناظرت اليها بحيرة .كانات متأكده اناها اخرجت جميع مشترياتها من الصناديق ولم تكن هذه من بينها فمن اين
اتت اذن وماذا كانات تحتوي ؟
راحت تقلبها بين يدها .كانات علبة صغيرة خفيفة الوزن وكان حولها شريط معقود بشطل جذاب .امن اجل هذا
دخل بليز غرفتها ؟ بدا هذا المر صادرا عنها بالذات ,صعب التصديق .ولكن لم ل ؟ هل كانات تعرفه وتعرف
حقيقته ؟ طرحت هذا السؤال على نافسها وهي تتذكر عناقه الدافئ في حديقة الفندق ذاك الصابح .
لم تستطع ان تكبح فضولها ففتحت العلبة لترى ماكان بداخلها .امتلت يداها فجأة بقماش نااعم .قربته من
النافذه فوجدت ان ما امتلت به يداها كان قميصا للنوم من قماش الداناتيل البيض تأملته بعينين مشدوهتين .
ما معنى هذه الهدية الحميمة ؟ تساءلت في نافسها وماذا كان يقصد من وراء هذه البادرة ؟ فالتناقض بين هذه
الهدية وما ترمز اليه وبين التدبير العمل الذي شرحه لها ووعدها به كبير جدا .
ربما اراد ان يحذرها باناه لن يتخلى عن حقوقه الزوجية وباناها ل يجب ان تثق بوعوده السابقه حول الزواج
صوريا .واذا كان المر كذلك فما الذي كان ينتظرها يا ترى ؟
وبعد ان اعتقدت بان المور ابتدأت تتوضح في ذهنها جاء بهديته تلك بقلب المور رأسا على عقب ويبعث في
نافسها هواجس كانات تأمل في طيها .ومرة اخرى وقعت فريسة افكارها وهواجسها .
كان عليها ان تدوس على قلبها وان تتجاهل تلك المشاعر والحاسيس التي راحت تجيس في نافسها ان كانات
تبغى الخروج من هذه المعركة بادناى حد من الكرامة والكبرياء .
وكان عليها من اجل ذلك ان تجد طريقة ما تفهمه باناها لن تسمح له باكثر من الشكليات الرسمية المتعلقة بهذا
الزواج وبأناها لن تسمح له بأكثر من الشكليات الرسمية المتعلقه بهذا الزواج وباناها لن تدع عناقه الدافئ
يشوش تفكيرها السليم مهما كان الثمن .
انادفعت من غرفتها والقميص بين يديها .وجدت غرفة بليز غارقة في الظلم المزدوج الضخم ثم اناهالت على
القميص تمزيقا حتى اصبح قطعا بين يديها ورمته على سريره واناطلقت تعدو وكأن الشيطان في اثرها .
-5العروس والسطورة :
-6الوافد الجديد
استفاقت من ناومها باكرا في صباح اليوم التالي وكانات تشعر بألم في رأسها لم تدع لول وهلة سببا له ول لتلك
الكآبة التي غشيت كياناها .
لم يعد في مقلتيها دمع تذرفه لكثرة ماذرفت عيناها من دموع في الليلة السابقه .كانات مازالت غير مصدقه باناه
عاملها بتلك القسوة .ايقظفيها رغبة كامنه واناتزع منها استجابه كامله ثم اعرض عنها هل كان يستحق
تمزيقها لقميص النوم كل هذا الذلل وذاك العقاب ؟
ولم يعزها ان عمله ارتد عليه وخطته فشلت بل شعرت بشكل ل يقبل الشكل بالجهد الخارق الذي كان عليه ان
يبذله ليبعد جسمه المتمرد عن جسمها وكان عليه ان ينتزع نافسه اناتزاعا وهي في ذروة استعدادها للعطاء .
ناهضت من سريرها واناتعلت خفيها المطرزتين وجلست تفكر .لن تستطيع اتخاذ أي قرار ناهائي قبل ان تهدأ .
صحيح اناها وعدت بليز بسنة من عمرها ولكن هذا التدبير لم يعد عمليا بعد ما جرى بينهما في الليلة السابقة .
ربما كان عليها ان تمكث في القصر ريثما يصل فليب وتصبح وصاية بليز عليه ناافذه وناهائية وبعدها ترحل
بوسعه ان يبرر غيابها كيفما يشاء .
تذكرت اناها لم تكتب لكلير لتخبرها بما جد من تطورات ثم ما لبثت ان طوت فكرة الرساله لناها ربما وصلت هي
نافسها الى لندن قبل أي رسالة .
كان من السهل عليها ان تلقي اللوم كله على كلير ولكن قلبها لم يطعها والعقل قال لها ان ذلك ليس عدل .
وعندما اناطلقت في هذه المره المحفوفة بالمخاطر ,كانات تحمل في رأسها بعض الوهام التي سرعان ما تبددت
.
كانات مثل قد ناجحت في اقناع نافسها بأناها ما رضيت بالزواج من بليز ال من اجل حماية عمها ماكس ولكن
الحقيقة هي غير ذلك تماما .فهي ما برحت تقاوم اناجذابها الى بليز مذ وطئت قدماها منزلة كانات انادريا عالقه
في فخ من صنع يديها .
ارتشفت القهوة حتى اخر ناقطه ثم غسلت فنجاناها وتركته على المجلى ورأت ان تعود الى غرفتها وتكتب رساله
الى كلير واخرى الى امرا عمها .لن تخبرها بالحقيقة كاملة بالطبع لكنها ستخبرها بعزمها على العوده الى
لندن في اقرب فرصة وستطلب اليهما ان ل تقلقا بشأناها .
كانات تجتاز القاعه الكبيره عندما سمعت اصواتا من مكان قريب ظنت اول المر اناها كلونايلد واستعدت لملقاتها
فهي بلشك سوف تلقي عليها محاضرة من ناوع ما ,وسوف تخضعها للستجواب حول ناهوضها المبكر ذاك
الصباح .
انافتح باب غرفة الطعام وظهر بليز في حالة يرثى له .كانات سترته تتدلى باهمال من احد كتفيه وربطة عنقه
اختفت .وكان قميصه مفتوحا حتى الخصر .
وقف امامها منبوش الشعر احمر العينين والجذامه تكسر ذقنه .
تقلصت عيناه عندما وقع بصره على انادريا وبدا وكاناه يجد صعوبه في تركيز ناظره .وكان على الطاولة خلفه
زجاجه فارغة ...وعندما عرفها قال :
-اسعدت صاباحا يا سيدتي ,ارجو ان تكوناي قد امضيت ليلة هانائة .
تدفقت ذكريات الليلة السابقة الى رأسها .لكن ما لبثت ان سحقت تلك الذكريات واستحوذت على كياناها
كبرياؤها المجروحه وكرامتها المهدورة واجتاحها غضب شديد .
رفعت رأسها بكبرياء وشموخ قبل ان تجيبه قائلة :
-على القل لم يكن علي ان استعين بالشراب !
-ألم تسمعي ابدا بما درج الناس على تسميته بليلة العازب الخيرة ؟ اما اناا ففضلت ان اعيش تلك الليلة بعد
الزواج وليس قبله .هذا كل مافي المر .
-ليس عليك ان تقدم أي تبرير لعمالك امامي ايها السيد واذا اردت ان تصل الى هذا الدرك فهذا شاناك وحدك .
-ل تستفزيني ياعزيزتي ألم تأخذي من الليلة السابقه اية عبرة ؟
هزت كتفيها وتعمدت ان تدير له ظهرها لئل يرى ما ارتسم على وجهها من مشاعر وقالت بحذر :
-اناا ل اريد استفزازك .وما تفعله ل يعنيني في شيء ويتعلق بك وحدك وهذا كفيل على القل بعدم تدخل احدناا
في شؤون الخر .
-اناك تخدعين نافسك ,فلن اتأخر عن التدخل في شؤوناك عندما ل ارضى عن سلوكك .
قال ذلك واقترب منها وراح يتأملها بعينين فيهما كآبة وحزن ثم تابع :
-ولذلك فأناني افضل ان تقللي من زياراتك الى البيت قرب البوابة .
اجفلها كلمه فنظرت اليه وعيناها تقدخان شررا واجابت :
-لن امتثل لهذا المر ول يحق لك ان تتوقع . ...
-بل ان لي كل الحق ,ل تنسي اناك زوجتي وعليك ان تتصرفي بطريقة ل ئقة .
-ليس هناك شيء غير لئق بالنسبة الى اجتماعي بآلن وردهاوس اناني اجد رفقته مسليه ,هذا كل مافي المر
.
-وهذا بحد ذاته يكفي !
-اناني ل اصدق اذناي ! ل تنس انانا ابناء وطن واحد في بلد غريبه ومن الطبيعي ان ناتبادل الزيارات من وقت
الى اخر .ال ترى ذلك ؟
-بل ارى ذلك وابعد من ذلك لكنني احذرك يا انادريا .فإن لم تنفذي اوامري سوف يجد ابن بلدك هذا نافسه
مضطرا للتفتيش عن مكان اخر يقيم فيه لناهاء دراسته .
-لم اسمع في حياتي شيئا اقل عدل من هذا يا الهي ,ان من يسمعك تتكلم هكذا يظن بأناك تشعر بالغيرة بدل
ان . ...
-بدل ان ماذا ؟
-بدل ان تشعر كمن اعطى شيئا ل يرغب به ول يشتهيه .
-ربما كان هذا صحيحا .ولكن اجدناي مضطرا الى ان احذرك فعضتي اشد ايلما من ناباحي .كما يقول المثل
ولبد اناك اكتشفت ذلك انات بنفسك في اكثر من مناسبه ,رجائي ان تأخذي ما اقوله كنصيحه من صديق وتعملي
بموجبها .
-وهل للصداقه عنى بيننا ؟
سألته بيأس وتمنت بعد ان رات ما ارتسم على وجهه لو تسحب الكلمات ولكن ما قيل قد قيل وكان عليه ان
يجيب .ومضت عيناه برهة ثم ما لبث بريقهما ان خبا وجاء صوته عندما تكلم خاليا من أي تعبير .
-ربما انات على صواب ,فالصداقه ل تعني الكثير لنا بالنظر الى التدبير القائم بيننا .فما بيننا يمكن ان ناسميه
تحمل متبادل .
اناهى كلمه وهو يتمطى ويمرر اصابعه بين خصلت شعره السود .قالت :
-صنعت بعض القهوة وهي ل تزال ساخنه على ما اعتقد .
-اناك تغمرينني بلطفك يا عزيزتي ...لو ان الظروف كانات مختلفه .
وعندما لم تجب اطلق ضحكه خفيفه ثم اناصرف .وغمر انادريا شعور بالرضى وهي تهبط الدرج ,فالسبوعان
اللذان صرفتهما في ترتيب العلية وتحيلها الى غرفة لفيليب اعطيا ناتائج طيبه .كانات انادريا بمساعدة غاستون
قد طلت الجدران بلون اصفر هائى وغطت الرض ببساط وعلقت على النوافذ ستائر ذات الوان وناقوش زاهية
غلب عليها اللوناان البنفسجي والحمر .
وكانات ايضا قد صنعت مجموعة من الوسائد والرائك وغطتها بقماش ذي الوان ملئمة وكدستها على افريز
النافذه الداخلي وحولته الى مقعد مريح .
وكان غاستون قد اكتشف خزاناه صغيرة في احدى زوايا القصر فاحضرها لها .طلتها انادريا حال باللون
البيض وحولتها الى خزاناة لللعاب والكتب وبذلك اصبح عليها ربما ان تشتري بعضا منها .لم تشأ ان تسأل
بليز او تأخذ رأيه في هذا الموضوع لئل يعتقد باناها كانات تتحرش به .
وفي أي حال لم يكن حتى ذلك الوقت قد ابدى اهتماما بما كانات تقوم به من اعمال .
وعندما احضر غاستون مزلجا وركبه على النافذه وثبت الباب الموجود في ارض الغرفة كما طلبت انادريا ,
كان مخيم على المكان جو من الكآبة لم تستطع حتى الحمائم التي كانات قد صنعت اعشاشها على السطح
المائل ,ان تبدده .
لم يكن غاستون قد اتى على ذكر ماري دنايز اطلقا غير ان صورة ذلك الطفل مابرحت في خيالها .هل دفعه احد
من النافذه متعمدا قتله ام اناه وقع عرضا ولقي مصرعه ؟
بدا لها اناهماكها غريبا وهي ل تعرف الطفل .على ان ذلك لم يزعجها اطلقا فأناشغالها في العداد لستقبال
فيليب صرفها عن التفكير في امورها الشخصية .
ولطالما حاولت ان تكون صورة عنه ال ان بليز لم يساعدها على ذلك واكتفى باناه كان كثير البكاء وباناه لم يره
منذ كان في الشهر الولى من عمره .
لمست انادريا عدم اكتراث عند بليز تجاه الطفل فهو لم يكن يبدي أي اهتمام بكا ما يتعلق به لذلك لم تفهم سبب
اصراره على حقه بالوصاية ,
اللهم ال اذا كان حب سيطرة وتملك هو الدافع الوحيد لذلك .اوليس في تصرفه تجاهها هي بالذات الدليل على
ذلك ؟ وهذا الطفل ,ألم يكن عليه ان يتغلب على شتى الصعوبات ليتأقلم مع بيته الجديد ؟
ربما كان شعور بليز بالمسؤولية تجاه اخيه المتوفى هو الدافع الحقيقي وراء رغبته في جعل نافسه الوصي
الوحيد على فليب.
وكلمة مسؤولية بحد ذاتها كانات في ناظرها مجرده من كل عاطفة واهتمام حقيقي .وفي هذه الحال ألن يكون
من الفضل ان يبقى الطفل مع خالته التي كان من المفروض ان تكون قادره على منحه الحب والحنان اللذين
محتاجهما طفل في عمره ؟
سرت قشعريرة في جسمها فتركت العلية وتوجهت الى المبنى الرئيسي ووقفت في القاعه الكبيرة وراحت تجول
بعينيها في ارجاءها .عزمت ان توليها عنايتها حالما تفرغ من تجهيز غرفة فيليب .
ومع ان القاعه كانات تتطلب جهدا كبيرا لتصبح في حاله مقبولة .ال ان انادريا كانات تعلم تماما ماذا كان ينقصها
ومالذي كان عليها ان تفعله لتضفي عليها جوا مرحا وجذابا .
توجهت الى المطبخ لتفتش على غساتون ووجدته جالسا يحتسي القهوة وعلى الطاولة امامه اكوام من
الخضار والفاكهة باناتظار عودة كلوتيد .
كانات انادريا تجد غاستون صعب المراس ومشاكسا بالضافة الى جهله اللغة الناجليزية وكانات تعتقد في سرها
باناه غالبا ما يتظاهر بعدم الفهم لمجرد ان يراقبها وهي تفتش عن الكلمات المناسبة باللغة الفرناسية .
استقبلها هذه المرة بعينين صافيتين ل مكر فيهما ول دهاء واشرق وجهه بابتسامة عريضة حين رآها .
-سوف يتساقط الثلج قريبا يا سيدتي .
-آه ,كل .
صرخت بغيض ولكن غاستون بدا واثقا مما قاله فعاد واكده قائل :
-بلى ! سوف يسقط الثلج وسوف يقطع الطريق الى القرية .
لم يفرحها قوله وغمرها شعور بالكآبة فلقد كانات تجد متعه في الذهاب الى القرية سيرا على القدام ولطالما
تخيلت نافسها بصحبة فيليب في نازهة بين الحقول .
وعدا ذلك كان المشوار الى القرية المتنفس الوحيد الذي تبتعد به عن القصر واهله .اما اذا قطعت طريق
القرية فعل فستضطر للبقاء في القصر وربما على امتداد ايام .
ناظرت الى غاستون وقالت له :
-اريدك ان تشعل النار في الموقد في القاعه الكبيرة .
حملق غاستون في وجهها وهز رأسه وكاناه اصيب فجأة بالسم ولم يعد يسمع شيئا .فعادت انادريا وكررت
طلبها .ولدهشتها رأت غاستون يهز رأسه ولكن بعلمة الرفض هذه المرة وسمعته يقول :
-كل يا سيدتي ,هذا غير ممكن .
-بل ممكن لم أر في حياتي اكبر من الموقد الموجود في القاعه الكبيرة واذا ما اوقدت النار فيه فسيبدو المكان
اقل وحشة .
وكان عليها ان تكرر ذلك القول مرتين ولكنها في المره الثاناية استبدلت عبارة وحشة بعبارة اقل كآبة على ان
غاستون وجد نافسه فجأة في محنة عظيمة .
اعتقدت انادريا في اول المر ان غاستون كان يريد ان يتهرب من العمل الضافي الذي كان ذلك سيجلبه عليه .
رمته بنظرة خاناقة ولم تملك ال ان ترى كميات الشحم التي تراكمت على جسمه وما لبثت ان خاطبته بنبرة آمرة
قائلة :
-يمكنك ان تبدأ بتقطيع الحطب حالما تنتهي من شرب القهوة .
وباناتظار الححطب ,اختارت ان تنظف بنفسها الموقد وتلمع البلط حوله .وكان خيالها يدور وهي في ذروة
اناهماكها في هذا العمل حول الجو الدافي الذي ستضيفه على القاعة .
وما ان اناتهت من عملها حتى اقبل غاستون حامل رزمة من الحطب وعلى وجهه علمات التذمر والستنكار .
ناظر اليها بغيظ وقال بالفرناسية :
-هذا ل يجوز .علينا اول ان نانظف القاسطل من السخام .
لم تفهم انادريا بالطبع شيئا مما قاله وابتسمت له وقالت :
-ل عليك ياغاستون .سوف ترى كم سيبدو المكان افضل بعدما تشعل النار .
هز غاستون كتفيه وكأناه استسلم لقدره المحتوم ووضع الحطب قرب الموقد .تناولت انادريا قطع الحطب
وصفتها في الموقد بترتيب ثم اضرمت النار فيها وهي تبتسم بفرح .
وما كادت تبعد بضع خطوات حتى سمعت صوتا غريبا ينبعث من الموقد الذي مالبث ان انافجر مرسل دخاناا
اسود كثيفا اناتشر في القاعه كلها وغطى كل ما حوله بما في ذلك انادريا نافسها وغاستون بطبقة كثيفه من
السخام .
-ياللجحيم !
صرخت انادريا بغيظ وهي تتراجع الى الوراء لتتقي مزيدا من السخام .
ناظرت الى غاستون وكان قد اصبح اسود اللون من رأسه الى اخمص قدميه وتصورت نافسها وحالة شعرها
ووجهها .وعندما رات ابتسامة الشماته على وجه غاستون لم تعد تتمالك اعصابها فجن جنوناها وصرخت
بشكل هستيري.
-ل تقف هكذا ! تحرك وافعل شيئا !
وما كادت تتفوه بهذه الكلمات حتى سمعت بوق سيارة في الخرج معلنا قدوم بعض الزوار .اسقط في يدها ولم
تعد تدري كيف ستواجه بليز وهي في تلك الحالة وما عساه ان يقول لزواره مبررا استقبالهم في قاعة سوداء
كالفحم وزوجته كأحدى المهرجات ...
ناظر اليها غاستون وهز رأسه بتأسف ومرة اخرى تمتم بالفرناسية ما معناه بأناه كان يجب ان تنظف القساطل
اول .
انادفعت بعصبيه باتجاه الدرج المؤدي الى الطابق العلوي لتلوذ بالفرار قبل وصول الزوار .ولكن ويا للسف
كان قد فات الوان اذ انافتح الباب فجأة وظهر فيه بليز بنفسه وكان برفقة صبية حسناء وفتى صغير .
تسمرت انادريا في مكاناها ها ان فليب قد وصل اخيرا وبدون ان يعلن عن موعد قدومه .
التقت عينا الفتى بعينيها ورفع اصبعه يدل عليها ويصرخ بصوت حاد:
-ماهذا ؟
ارتفع في داخل انادريا اناين صامت ورات الغضب يحل محل الدهشة على وجه بليز وبهرها جمال رفيقته
المميز .كان جسمها متناسقا بغير طول مفرط .وبدت شديدة النااقة في ثياب بدت اناها اختيرت بعناية وذوق .
حولت الصبية ناظرها الى بليز وبشفتين ساخرتين قالت له :
-ألن تقدم لي زوجتك ياعزيزي ؟
-بكل تأكيد .اجابها بليز وهو يتقدم باتجاه انادريا بضع خطوات وملمحه جامده كالصخر :
-اسمحي لي ان اقدم لك سيمون دالتون ,خالة فيليب .
اجبرت انادريا نافسها على البتسام وهي تعي تماما وضعها غير المؤاتي خاصة اناها لم تكن في حالة تسمح لها
بمصافحة سيمون .قالت :
-يؤسفني ان يكون استقبالك على هذا النحو يا آناسة .ان قدومك الن قد فاجأناي .
اتسعت ابتسامة سيمون تلك البتسامة التي شعرت انادريا اناها لم تكن لها بل عليها واجابت :
-يبدو ان بليز ناسي ان يخبرك .ألم تصلك رسالتي يا عزيزتي ؟
خنقت انادريا في صدرها شهقة سخط .هل استلم بليز فعل رسالة تخبره عن موعد وصولها واخفى المر
عنها ؟ ألم يكن يدرك كم تحتاج تلك الزيارة من تحضير مسبق؟ الم ير بعينيه كم صرفت من الوقت لتجهيز
غرفة لفيليب؟
شعرت برغبة في البكاء ولكنها تمالكت اعصابها وحررت ذراعها من قبضة فيليب وبصوت هادئ قالت :
-اجدناي مضطرة الى العتذار منكم جميعا فلدي الكثير لقوم به في الحال .
-يبدو اناك اهملتي شيئا مهما يا عزيزتي ! لم تسلمي على ابن اخي قريبك الجديد .
استوقفها بليز بصوت لذع وقع على نافسها كالسوط .
عل في داخلها اناين صامت وحولت ناظرها الى الفتى الذي وقف يراقب المشهد امامه .لحظت انادريا اناه لم يكن
طفل جميل بالمعنى المألوف لدى الطفال .
كان ناحيلالى درجةالهزال شعره السود كهالة من الشوك حول وجهه الشاحب اما عيناه المستديرتان فكانات
تنظران اليها بعداء سافر .
-فيليب .
قالت مرحبة وهي تفتح ذراعيها لتضمه اليها وتعتذر عن استقبالها :
-ارجو ال يزعجك السخام على ثيابي . ...
ولم تكمل اذ قاطعها فيليب باناتحابه عالية وركض ناحو سيمون ودفن رأسه في ثيابها وصرخ وكأناه يحتمي من
الشيطان :
-يا خالتي !
عضت انادريا على شفتيها ولم تجرؤ ان تنظر الى بليز لئل ترى ما ارتسم على وجهه من تعبير .هي نافسها لم
تكن تتوقع مثل ذلك اللقاء .تمتمت شيئا عن رغبتها في الناسحاب واسرعت تصعد الدرج الى غرفتها .
حرصت ال تلمس شيئا في الغرفة ودخلت الحمام لتستحم ولم تهدأ نافسها ال بعد ان ازالت كل السخام عن
شعرها وجسمها ورجعت بيضاء ناظيفة .
وما ان مدت يدها لتناول المنشفة الكبيرة استعدادا للخروج من المغطس حتى انافتح الباب فجأة وظهر بليز .
ناظرت اليه مشدوهة واناعقد لساناها وكأناما مسها سلك كهربائي لفت المنشفة حولها مسقطه ناصفها في الماء
من شدة العجلة وبصوت مخنوق قالت :
-كيف تجرؤ ؟
-ل تكوناي طفلة فمنظر امرأة عارية ليس جديدا بالنسبة الي وبضع سنتيمترات من المياه القذرة ل تشكل أي
اغراء واناا اؤكد لك ذلك .جئت اعلمك ان السيده بريسون تنقل الن ثيابك من غرفتك لستقبال سيمون .
-آه .
قالت كمن وجد هذا التدبير الحلو الوحيد المعقول ثم اردفت :
-واناا الى أي غرفة سأناتقل ؟
-الى غرفتي .
حملقت فيه وكادت المنشفة ان تسقط من بين اصابعها التي اصبحت فجأة كالمشلولة .اخيرا قالت بصوت غير
مصدق :
-اناك تمزح !
-لم اكن يوما اكثر جدية .
اجابها وهو يرفع يده بتهكم ثم اضاف :
-اعفني الن من ناوبة هستيريا واعلمي اناني لم اكن لختار هذا التدبير لول وجود اسباب تدفعني لذلك .اود ان
يبدو زواجنا طبيعيا امام سيمون وهي بالطبع ستكون اناطباعا اخر اذا ما اكتشفت ان لكل منا غرفته .
-ولكن قد ناجد حل اخر .ربما غرفة اخرى قرب غرفتك او أي شيء من هذا القبيل .
-ل تخشي شيئا ففي غرفتي اريكة كبيرة سأناام عليها .
-هذا مضحك .فزواجنا قد استوفى جميع الشروط القنوناية ول شأن لحد بنوع العلقة التي تربطنا .
وكادت ان تضيف عبارة سيمون خاص ولكن شيئا ما استوقفها .
-قلت لك ان لدي اسبابا .
اجابها بصوت بدا طبيعيا برغم الجواء التي سيطرت على هذا اللقاء .
-اظن اناه من حقي ان اطلع على هذه السباب .
-ل تتكلمي عن الحقوق يا عزيزتي ولكن اذا كنت مصره فأناني اقول لك بان لي كبريائي .
قال ذلك وناظر في عينيها واطلق ضحكة غريبة قبل ان يضيف :
-غريب ومثير هذا المر .اناا ل استطيع ان اتقبل نافورك مني بعد ان اعتقدت بأناني اعتدت على هذه البليو التي
اصابتني لقد مضى وقت كاف لكسبني مناعه ضد هذه المشاعر ولكنك يا ملكي قد جعلني اكتشف العكس
تماما ,واود ان يبقى ذلك سرا بيننا ما دامت سيمون موجوده معنا .وعليك ان تشكري ربك لناني لن اطلب
المزيد منك .
-كنت على علم بان هذا سيحدث !
اجابته بصوت فيه تحد واسناناها من البرد تصطك وتابعت :
-لقد كنت على علم بموعد وصول سيمون مع فيليب ولكنك لم تخبرناي لكي تواجهني بالمر الواقع .
-ل تعذبي نافسك اؤكد لك بأناني لم اخطط بهذا الشكل الجهنمي الذي تتصورينه لمجرد ان اجذبك الى
فراشي.ذكرت سيمون بالفعل اناها سترافق فيليب وتوصله بنفسها ولكنني لم اصدقها واعتقدت ان المر مجرد
حيلة. ...
توقف عن الكلم وناظر اليها بدهشة ثم قال :
-يا آلهي ! اناك ترتجفين ايتها الحمقاء الصغيرة!
وتقدم منها وقبل ان تفقه ما كان يدور بخلده حملها بين يديه غير مبال بشعرها المبتل ول بالمنشفة التي كانات
تقطر ماء .انازلها من بين ذراعيه فجأة وباقتضاب قال :
-هيا ! ناشفي نافسك يا سيدتي ول تنسي ان هناك ضيوفا باناتظارك وبأن فيليب لم ير غرفته بعد .
وبرغم الفوضى التي عمت المكان بسبب ناقل الثياب وتغيير الغرف ,استطاعت انادريا ان تجد سروال من
المخمل الخضر وسترة بيضاء ذات قبة مرتفعه
وارتدتهما بسرعه وهي موقنة في قرارة نافسها بأناها في أي حال لن تتمكن من منافسة سيمون بانااقتها
وستكون حمقاء اذا هي حاولت .
لم تكن مرتاحه العصاب وهي تهبط الدرج بل في حال من التوتر والضطراب .كانات سيمون جالسه قرب
المدفأة تدخن سيكارة وامامها فنجان من القهوة عندما دخلت انادريا الغرفة ,اما فيليب فكان جالسا الى المائدة
ويداه حول كوب كبير من الحليب .
ابتسمت انادريا تلقائيا لكي تخفي انازعاجا غريزيا شعرت به عندما طالعها هذا المشهد العائلي .لم يكن لقاؤها
الول مع فيليب مرضيا غير ان ذلك لم يزعجها لعلمها اناه سيكون امامها وقت طويل لتصلح هذا المر ول بد
ان تسنح لهما فرص عديدة توثق معرفتهما .
اختلست ناظرة الى سيمون واغاظتها لمحة الستخفاف التي راتها في عينيها وهي تجول بعينيها في المكان .
تملك انادريا شعور مفاجئ بالكبرياء وشعرت بدافع عفوي يدفعها الى حماية ما يخصها .
رفعت انادريا رأسها باعتداد وشموخ وسألتها بتهذيب بالغ :
-هل هذه زيارتك الولى الى سان جان دي روش يا آناسة ؟
لمعت العينان المائلتان بنظرة عابثة لم تخف على انادريا وبدون ان يرف لها جفن اجابت :
-يسعدناي ان اقول لك اناها الولى ...اناها ليست تماما البيئة التي تستهويني او التي يمكن ان يقبع عليها
اختياري بشكل تلقائي .ولكن ما لنا ولهذه الرسميات ,اناا اسمي سيمون وات اسمك ,آه ...ماذا قال بليز ؟
آه ...انادريا .
اسرعت انادريا توافقها الرأي بالرغم اناها كانات تشعر في قرارة نافسها اناهما ل يمكن ان تصبحا صديقتين .وهي
في أي حال لم تكن ترتاح لها او تاناس لوجودها .
وفي محاولة يائسة لكسر الجمود حولت انادريا ناظرها ناحو فيليب وقالت بموده وتحبب :
-اظن ان فيليب يريد ان يرى غرفته .
حملق فيليب فيها وارتسمت على وجهه علمات التمرد والعصيان وقال :
-لم اكمل شرب الحليب بعد .
اجابته برقه :
-خذ ما يلزمك من الوقت .
وضع الكوب من يده بنكد مريقا بعض الحليب على الطاوله ثم قال وهو ينزلق عن كرسيه :
-ل اريد ان اشرب المزيد ...ال تأتين انات ايضا ياخالتي ؟
هزت سيموت كتفيها وناهضت من مقعدها ورمت عقب سيكارتها في الموقد واجابته مبتسمه:
-كما تريد يا صغيري.
والتفتت الى انادريا والبتسامه اياها على شفتيها وقالت:
-هل تماناعين ؟ اناا ل اريد ان ابدو متطفله .
-كل بالطبع ,فعلى الرحب والسعه .
اجابتها انادريا بصوت متخشب ,لم تكن المور تسير كما خططت لها ووجدت اناه من المؤسف حقا ان تسمح
لسيمون بأثارتها .
كانات انادريا قد رسمت في رأسها صورة لفيليب وهو يستعرض تلك الغرفة التي صرفت الكثير من جهدها ومن
وقتها في تجيهيزها على ناحو يحظى باعجابه ولم يخطر في بالها اناها ستريه اياها امام جمهور من المتفرجين
وعلى الخص امام شخص مثل سيمون .
كان غاستون قد زيت مفصلت الباب ولذلك لم يسمع له أي صرير عندما فتحته انادريا التي مدت يدها تجاه
فيليب بحركة ودية وقالت له بلهجة مسرحية :
-اهل بك في مملكتك ايها السيد الصغير .
تجاهل فيليب اليد الممدودة وادخل يديه في جيوبه واجتاز العتبه .
وقف فيليب في الباب وراح يجول بعينيه في ارجاء الغرفة .كان رأسه الى الوراء ووجهه خاليا من كل تعبير
وكأناه قناع غير مناسب لذلك الجسم الصغير .اخيرا ناظر الى انادريا وسألها :
-هل هناك شيء يا سيدتي ؟
تقدمته انادريا على الدرج المؤدي الى العلية بصمت وكاناه ل حول لها ول قوة .وكانات سيمون وراءهما .
مرة اخرى وقف فيليب ينظر حوله بهدوء وصمت .رأت انادريا العينين السوداوين المستديرتين تجولن في
اناحاء الغرفة .
شيء ما تحرك في وجهه محطما ذلك الجمود والتحفظ الذي حرص على الحتفاظ بهما وكأناه ليس طفل
صغيرا .اخذ نافسا عميقا ثم ناظر الى انادريا وهو يتلعثم :
-هل قمت بكل ذلك من اجلي ياسيدتي ؟
شعرت انادريا بغصة في صدرها ولم تعرف مصدرها لكنها اجابته ببطء وبمنتهى الجدية :
-كله من اجلك انات يا فليب .
التفت اليها وكاناه يراها للمرة الولى وعلت شفتيه ابتسامه سرعان ما اختفت عندما جاء صوت سيمون من
قرب الباب قائل :
-اناها بعيده عن باقي غرف القصر يا صغيري .هل انات متأكد اناك لن تخاف هنا وحدك ؟
اكتست ملمحه بتلك المسحة المقلقة من الكآبة والجمود ورفع كتفيه بارتباك ثم انادفع ناحو سيمون ودفن رأسه
في ثوبها كما فعل سابقا .
ناظرت سيمون الى انادريا وقالت لها بهدوء :
-اناه طفل عصبي المزاج .
-فقط عندما يذكره احدا بذلك .قالت في نافسها وهي تنظر الى الرأس السود الصغير .
شعرت انادريا بوضعها الشاذ وهي ترتدي ثايبها استعدادا للعشاء وتضاعف ارتباكها عندما لحظت وجود
مخدتين جنبا الى جنب على السرير الكبير .ولكن لم يؤكد لها لها بليز بنفسه باناه سيمضي ليلته على الريكة
قرب النافذه ؟ كانات انادريا قد اكتشفت ان الحياة اقل تعقيدا عندما تكون بعيده عنه وها هو القدر الن يرميها في
طريقه كيفما توجه .
وشعورها بأناه هو الخر كان مجبرا على هذا التدبير وبأناه لم يختره طوعا ازعجها كثيرا وزاد في تعاستها .
وجدت انادريا سيمون في غرفة الطعام وكانات رائحه عطرها تمل المكان وبدت في ثوبها المفتوح من الظهر
كثيرة التكلف بعيده عن البساطه وكأناها تخلت عن كل الكوابح والضوابط .
وبدا فيليب الذي جلس بقربها على الريكة صغيرا ومنطقيا وكان ناظره منصبا عليها وهي تتكلم وتؤثر وشر
وتبتسم وكأناه مبتعد في هيكل .
استدار بليز قليل عندما دخلت انادريا والتقت عيناهما ثم افتر ثغره عن ابتسامه عذبه ورفع كأسه وكاناه يشرب
ناخبها .كان تصرف انادريا غريزيا .فاتجهت ناحوه ورفعت وجهها اليه فاناحنى عليها وطبع على وجنتها القبلة
التقليدية .
كانات سيمون تراقب المشهد بعينين وصفتهما انادريا في سرها بعيني افعى .
كان الحديث حول المائده عاما واستأثر موضوع التعاوناية الزراعية بجزء كبير منه .وبدت سيمون عالمة بكل
التفاصيل وهذا ما ازعج انادريا التي وجدت باناشغالها في امور البيت عذرا وقبول ل بتعادها عن كل تلك
المور .
وفي أي حال ,كيف كان لها ان تعرف كل تلك المور ان لم يطلعها عليها بليز بنفسه وهو من كانات تتعمد
البتعاد عن طريقه .
اخذت انادريا على نافسها محاولة جعل فيليب يرتاح بعض الشيء ويتفتح لها ولكن ماحولتها المتعدده ذلك
المساء باءت جميعها بالفشل وبدا فيليب تعبا وغير راغب في الحديث .
لم تتابع انادريا الحديث الذي كان يدور بين بليز وسيمون ل ناشغالها بفيليب ولكن استوقفها فجأة جملة ناطقها
بليز مقاطعا سيمون التي كانات تقول وكاناها تجادل وتبدي اعتراضا:
-كيف تقول هذا ..؟ لقد كانات بيل ريفبير...
قاطعها بليز يقول بنبرة قاطعه :
-بيل ريفبيز لم تعد موجوده .اختفت وزالت من الوجود .
وبدا لنادريا بان كلمات سيمون احيت في نافس بليز ذكريات مؤلمه اذ ما لبث ان قال :
-ارجوك ان ل تقارناي هذا مع بيل ريفبير .
عندما رمته سيمون بنظرة حاناقة ووضعت الشوكة من يدها وقالت اناما بصوت فيه اعتدال :
-حسنا كما تريد .
ولكن انادريا شعرت بشكل ل يقبل الجدل بان سيمون لم تكن مستاءة ابدا من ردة الفعل التي اثارتها كلماتها بل
على العكس بدت وكاناها سجلت اناتصارا .
حاول فليب ان يخفي تثاؤبه ولكنه لم ينجح فسلطان النوم كان اقوى منه فنهضت انادريا من مكاناها وقالت:
-ياله من طفل مسكين .اناه يكاد يغفو على كرسيه .سأضعه في فراشه لو سمحتما .
-آه ...دعيني اقوم بهذا العمل عنك .
قالت سيمون وهي تنهض وبدت عيناها كبيرتين في وجهها وارتسم على شفتيها المتدليتين تعبير قائط فيه
رغبة مكبوته واضافت :
-قد تكون هذه المرة الخيرة التي اضعه فيها في فراشه واروي له قصة قبل النوم .اما انات فيمكنك ان
تستمتعي بكل طفولته المتبقية .لتحرميني من هذا يا انادريا ارجوك !
-لم تعد انادريا في وضع مؤات ابدا اذ بدت وكأناها تستكثر عليها بضع لحظات مع ابن شقيقتها .وكان هذا
صحيحا الى حد ما اذ كانات سيمون ستحرم من الطفل .
تمتمت انادريا موافقه ثم رأت فيليب بطرف عينها يسير بجاناب خالته وكاناه يحتمي بها .وعندما وصل الى
الباب استدارت سيمون ورمت انادريا بنظرة باسمة من عينها المائلتين .
تملك انادريا شعور بالفشل والحباط وما ان جلست في كرسيها حتى سمعت لعنة تخرج من بين شفتي بليز الذي
قال لها معنفا :
-لماذا سمحت لها بذلك ؟ كان عليك ان تضعي فيليب في فراشه بنفسك .
كادت الدموع تنهمر من عيني انادريا وقالت :
-يمكنك ان تتصرف بكرم .الطفال يحبون هذه الطقوس قبل النوم عادة وفي أي حال قد يساعده ذلك على النوم
الهادئ . ...
لم يعلق بليز بشيء ولكنها رأت وجهه متجهما وعابسا .
ناهضت انادريا مستأذناه وقالت:
-اريد ان آوي الى فراشي لو سمحت .كان يوما شاقا على الجميع .
ناهض بليز ايضا وتوجه ناحو احدى الخزائن وتناول منها زجاجه من الشراب .اناحنى لها بسخرية وهو يسكب
في كأسه بعضا منه وقال :
-رافقتك السلمه يا سيدتي .ل تخافي فلن ازعجك اطلقا ,فكما ترين لدي رفيق هذا المساء .
قال ذلك وهو يشير الى الزجاجه بيده ويسكب منها المزيد في كأسه .
عضت انادريا على شفتيها بغيظ وقالت :
-هناك ايضا سيمون فل شك لديكما ما تتحدثان عنه ,ذكريات ماضيه ,ومشاريع جديده .
ولم تدر أي شيطان جعلها تتفوه بهذه الكلمات لناها ما ان اناتهت حتى رأته يضع الكوب من يده ببطء وتأمل
ويقول بصوت كالفحيح :
-ماذا تعنين ؟
-ل اعني شيئا ولكن يبدو لي اناكما تعرفان بعضكما منذ وقت طويل ول بد ان هناك ذكريات تجمعكما .بيل
ريفبيز مثل .
-ذكريات مؤلمة ول احب ان استرجعها ..ليس لدي ما ابحثه مع سيمون يا عزيزتي .
لذت انادريا بفراشها تطلب النوم الذي جفا مقلتيها تلك الليلة وراحت تتقلب من جنب الى جنب وهي تشعر
بصداع شديد وبألم عميق في نافسها .حاولت عبثا ان تطرد الصور والهواجس التي غزت مخيلتها .
وبرغم الدفء المنبعث من الغطاء في سريرها ,اعترت انادريا رجفة شديدة عندما سمعت الباب يفتح بهدوء .
اغمضت عينيها وظلت ساكنه ل تأتي بحركة وقلبها يقفز في صدرها مع كل خطوة من خطوات بليز التي كانات
تروح وتجيء في الغرفة .
سمعت صرير احدى الخزائن فقدرت اناه يفتش عن اطية وشراشف ثم اقتربت خطواته منها فحبست انافاسها
.مد رأسه فوقها وقال :
-ل تجزعي يا سيدتي ,ل اريد سوى مخدة .ول احسبك تضنين علي بمثل هذا الطلب .
-8كابوس الصبي
قرعت انادريا الباب مرات عدة قبل ان يفتح لها الن اخيرا .وما ان رآها حتى بادرها بالقول :
-اناه ناائم .
-هل هو بخير ؟
-هذا يتوقف على تفسيرك للمور .
قال ذلك وهو يقف جانابا ليفسح لها الطريق لتصعد الدرج ثم تابع :
-اناه طفل مشوش التفكير ومرتبك .ول شك اناك لحظت هذا المر بنفسك .
-ل حظت هذا بالفعل .
كان فليب يرقد على السرير في زاوية الغرفة وعلى وجهه اثار دموع لم تجف .وكان تنفسه بطيئا ومنتظما
ووجهه خاليا من أي تعبير .
-لقد راودته احلم غريبه .
قال آلن وهو يمسك ابريق الشاي بين يديه ويهزه قبل ان يضعه على النار .ثم اردف موضحا كلمه :
-ما الذي جعلك تخبرينه قصة ماري دنايز وولدها ؟
-لم اخبره أي شيء من هذا .وهل تظنني على هذه الدرجة من الغباء ؟
-كل بالطبع .ولكن كان علي ان اتأكد .ربما مدبرة المنزل ,ما اسمها ؟ كلوتيلد اظن اخبرته .
-كلوتيلد ل تفعل لك .لناها تعتقد ان مجرد ذكر القصة ناذير شؤم .
شغل آلن نافسه بتحضير الشاي .وكان غارقا في تفكير عميق عندما نااولها فنجاناها .ثم قال ببطء وكأناه يزن
وقع كلماته :
-هل تعلمين اناه يعتقد ان عمه يريد قتله ؟
-ماذا تقول ؟
صرخت انادريا مذهوله وكاد الفنجان يقع من بين يديها واتسعت عيناها دهشة :اجابها آل ن:
-اناها الحقيقة .فيليلب يحمل في رأسه اعتقادا راسخا بأن زوج ماري دنايز كان يحمل هو الخر نادبة فوق
خده .وبأن عمه زوجك هو حفيده الذي سيجعل التاريخ يعيد نافسه ولهذا السبب بالذات وضعه في العلية .
رشف قليل من الشاي واستوى في مقعده قبل ان يتابع :
-ما من مره حظر فيليب الى هنا ال وراح في سبات عميق يبدو اناه ل يعرف طعما للنوم وهو في تلك العلية
حيث يستولي عليه الخوف ويمنعه من النوم ,وحدث اكثر من مره ان سمعته يهذي بكلم لم افهمه في البدء اذ
كان بالفرناسية ولقد سمعته يردد كلمة الندبة عدة مرات .
-هكا دعا بليز هذا الصباح .
قالت انادريا وهي شاردة الفكر .ووضعت يديها حول فنجان الشاي تطلب الدفء وتطرد بردا تسلل الى كياناها .
ناظرت الى آلن ...وتابعت :
-اشعر اناني مسؤوله الى حد ما .فاناا اخترت العلية له ,ولم يدر بخلدي ان قصة ماري دنايز ستصل الى اذناه ,
فمثل تلك القص ل تروى عادة للطفال وعلى الخص لطفل مثل فليب سهل الناقيادب .
-ولكن من أي جاء بتلك الفكرة من ان زوج ماري دنايز كان هو الخر يحمل نادبة فوق خده ؟
-ل ادري .اناا نافسي لم اكن اعلم هذا .
-بالطبع فهدذ قصة اخرى .
اناعقد لساناها من فرط النافعال لكنها اخيرا قالت:
-هذا منتدى القسوة !
-بالفعل .
اجابها آلن وهو يرشف اخر قطرة شاي في فنجاناه ثم اضاف :
-اناا ل ادري من هي سيون ولكنني على يقين من ان وجودها هنا هو مصدر الفتنه .ذكر فيليب عن خلف بينها
وبين بليز على الوصاية.
-ناعم .
اجابته بصوته خافت وتابعت :
-اناها خالة فيليب ولد ساءها ان يحرمها بليز من حق الوصاية على ابن اختها ولذلك رفعت القضية الى
المحاكم لتنظر بقاناوناية وصية جان بول لوفالييه .
-آه اناها بدون شك جميلة لكنها لتوحي الي بالثقه ول تبدو لي من النوع الذي يتعلق بالطفال ,فأي مصلحه
لها بذلك ؟
-ل شيء على ما يبدو .
اجابته وهي تحدق في وجهه ثم اضافت :
-كان هناك بيت ومزرعه يطلقون عليها اسم بيل ريفبير وذهبت المزرعه وكذلك البيت طعما للنيران فوضعت
الدوله يدها على الرض بعد ذلك لقاء اجر بسيط تدفعه للورثة .ولم يبق أي شيء لفيليب لكنه يبقى الوريث
الوحيد لعمه .
-الى ان يرزق بليز بوريث من صلبه .
عل الحمرار وجهها عند سماعها تلك الكلمات وقالت وهي تحاول ان تتمالك نافسها وتبدو طبيعية :
-بالطبع ان بيل ريفبير هي سبب هذا العداء المستشري بين بليز وفيليب ,لقد تسبب الحريق الذي التهمهما
بموت جان بول وهو شقيق بليز .بليز يعتقد نافسه مسؤول عما حدث ويلقي اللوم على نافسه وفيليب كذلك يلقي
اللوم كله على بليز .ومما ل شك فيه ان فيليب يحمل في رأسه صورة مشوهة عن الواقع .
-اناها ليست المرة الولى في التاريخ .فهي اعادة واقعيه لقصة هاملت ان يحاول احد تدمير اناسان ينفث
السموم في اذنايه فهذا يوازي جريمة قتل في ناظري .
كان فيليب في تلك الثناء يتقلب في فراشة ويتمتم كلما غير مفهوم .
قام آلن واتجه ناحوه واناحى فوقه وقال :
-مرحبا يا صغيري .ها هي امرأة عمك اتت لتصحبك .
جلس فيليب وذراعاه حول ركبتيه وراح ينقل ناظره من آلن الى انادريا .واستقرت عيناه اخيرا على انادريا
وسألها بصوت كسير :
-اما زال عمي غاضبا ؟
-اعتقد ببأناه متألم .
اجابته انادريا بصوت ثابت وبرغم ما اثارت كلمات آلن من هواجس في نافسها استطاعت ان تقول بهدوء :
-كيف تفوهت بتلك الكلمات يا فيليب ؟
هز الطفل كتفيه بكآبة وقال :
-لكنها الحقيقة .
اجابها فيليب باقتناع .
تنهدت انادريا بصمت وقررت ان ل تسترسل في ذلك الحديث ليقينها اناها لن تخرج منه بنتيجة مرضية .
مدت يدها لفيليب مشجعه وقالت :
-هيا ياعزيزي .تعال وال ظنت دلفين باناك هجرتها .يجب ان تقدم لها الطعام .
كاناا قد اقتربا من السطبل عندما سألته انادريا بلطف :
-هل تود ان اناقلك الى غرفة اخرى يا فيليب ؟
اكتفى بالنظر اليها ولم يجبها ورات ان توضح اكثر فقالت :
-يوجد غرف كثيرة في القصر وبامكاناك اختيار الغرفة التي تعجبك .
ابتلع ريقه بعصبيه وهز رأسه علمة النفي .
-هل انات متاكد من ذلك ؟ يمكنك ان تختار غرفة في البناء الرئيسي وتكون عندها قريبا مني .صحيح ان العلية
بعيده ناوعا ما ولكن يمكنني ان اسمعك ان انات نااديتني في الليل .
احنى رأسه وشرد فكره بعض الشيء ثم اجابها :
-اناني اشكرك يا سيدتي ولكنني افضل البقاء حيث اناا .
كان غاستون على باب السطبل عندما وصل اليه .وما ان وقع ناظره على فيليب انافجر بكلم غاضب
بالفرناسية وكان يصرخ ويلوح بيديه .
تنهدت انادريا بنفاذ صبر وقالت :
-ما المر الن يا غاستون ؟
-ل شيء يا سيدتي .فقط اناظري بنفسك.
قال ذلك وهو يشير بيده الى كومة الخشب تلك ما كانات ال المزلجة التي كان غاستون قد انافق جهدا مضنيا
لصلحها وتجديدها ...
واستقرت المطرقه التي افتقدها غاستون في الصباح فوق كومة الخشب وكأن من اناهال على المزلجة ضربا قد
حل به التعب فجأة فألقاها من يده .
صعقت انادريا لهذا المشهد وناظرت الى فيليب الذي وقف جامدا كالتمثال بقربها وشعرت وهي ممسكة بيده باناه
كان يرتعش من رأسه الى اخمص قدميه.
اناحنت انادريا فوقه وناظرت في عينيه وهي تخاطبه قائلة :
-لماذا فعلت ذلك يا فيليب؟ ألناها كانات لعمك بليز ؟ لقد كانات لوالدك ايضا والن اناظر ما حل بها !.
تملص من بين يديها وانادفع يعدو التقط غاستون المرقه وناظر الى انادريا بحيرة واضحه وقال لها بصوت
كئيب :
-اناظري ياسيدتي .هذه هي المطرقة التي كنا نابحث عنها لكن اين الدوات الباقية .لماذا يريدها ياترى ؟ ل شك
ان في داخله شيطاناا .
-شيطان اليأس .قالت في نافسها وهي تبتعد بخطى مترناحه .ازعجتها هذه الحادثة كثيرا وان دلت على شيء
فعلى جنوح الى العنف مخيف .
مالذي دفعه الى ذلك العمل وهو الذي احب المزلجه من اول ناظرة واقبل عليها وراح يلعب ويتسلى بها كسائر
الطفال ؟
لم تدر ان كان عليها ان تلحق به .فخبرتها في التعامل مع الطفال كانات محدوده ولم يكن لديها من تستشيره
في مثل تلك المور .
ترقرقت الدموع في عينيها وهي في طريقها الى القصر وما ان وصلت اليه حتى اغمضت عينيها واسندت
ظهرها الى الباب الكبير مستمده من صلبة الخشب ومتاناته عزما جديدا .
-ماذا بك ؟ هل انات مريضه ؟
جاءها صوت سيمون التي وقفت في اسفل الدرج وفي يدها سيكارة راحت تنفض رمادها بعصبية لم تلحظها
انادريا فيها قبل تلك اللحظة .
-اناا بخير .
-اين فيليب ؟ ابتدأت بأعطائه بعض الدروس وحان وقت الدرس الن .
-لبد اناه يلعب في الخارج .
اجابتها انادريا بشكل عفوي وفي داخلها صوت يقول بأن سيمون ل يجب ان تعرف مادار من احداث الصباح.
-يلعب ام يجلس مقطبا جبينه؟ اناك تنسين مدى معرفتي به يا عزيزتي ! واناا اقول لك بأناه طفل غريب
الطوار .فهو صاحب مزاج متقلب .وهو ليس قادرا على حجب الحب فقط بل اناه قادر على الكراهية .
غطت انادريا عينيها بيديها وبصوت وكأناه آت من مكان بعيد قالت :
-ما هذه اللعبة التي تلعيبها يا سيمون ؟ ما الذي تريدينه بالضبط ؟
-ليس هناك أي لعبة يا عزيزتي انادريا صدقيني كل مافي المر اناني رغبت في ان اجعلك ترين المور على
حقيقتها ل ادري ما الذي قاله لك بليز ولكن ال ترين اناه من الفضل لفيليب ان يظل معي ؟
وفجأة ارتسمت على وجهها ابتسامة ساحرة واسدلت على عينيها ستارا من الرموش الطويلة السوداء
وتوجهت الى انادريا تقنعها قائلة:
-من السخف ان ناكون اناا وانات على خصام ,فاذا اقنعت بليز بالتخلي عن فيليب اخذته وخرجنا من حياتكما في
الحال .اما اذا بقي معكما فسوف ترين كيف ستتضاعف مشاكلك بعد ذهابي .
-اناك حقا مقنعه .لكن يجب ان تقنعي بليز وتتكلمي معه في هذا الموضوع واعتقد بأناه مصمم على الحتفاظ
بفليب مهما كان الثمن .
رمت سيمون بعقب سيكارتها على الرض وداست عليه بقدمها وقالت بلؤم:
-لقد ابتدأ فعل يدفع الثمن ! وكان الستحقاق باهظا .أليس كذلك؟
توقفت قليل لتتأكد من وقع كلمها على انادريا ثم تابعت :
-حتى اناا استطيع ان اشفق على بليز ليس بقليل عليه ان يضطر للحتفاظ بزوجه ل يربطه بها أي رابط غير
ذلك الطفل! لشك ان زواجكما كان زواجا قسريا واناا لم اناخدع به على الطلق .
-اظنك تعنين زواجا اضطراريا .ولكنك على خطأ يا آناسه ربما كانات البداية هكذا لكنني اصبحت احب بليز
واعتقد اناه ابتدأ يبادلني هذا الحب .
-مشاعرك نابيلة وآسرة يا سيدتي .غير اناك ساذجه وتسمحين لعواطفك ان تتغلب عليك .اناا ل أشك لحظة في
ان بليز يسره ان يجعلك تعتقدين هذا فهو ل يستطيع البقاء عازبا .لن يدعك تتذمرين ولن يكون لديك ما
تشتكين منه اناه عاشق ممتاز هذا ان استطعت ان تتغلبي على نافورك من وجهه .اناا شخصيا لم استطع !
-ماذا تعنيني بكلمك ؟
-ال تعرفين حقا ؟ فلقد كنا اناا وبليز خطيبين .
-قبل الحريق الذي التهم بيل ريفبير ؟
-بالطبع .وعندما اخرجوه ورأيت ما حل بوجهه اعترف بأناني جننت ولم استطع النظر اليه وفي الحال تملكني
شعور غريب وهو اناني لن ادعه يلمسني ثاناية .كان هذا بالطبع مؤلما لكلينا .ولكن في النهاية كان اسهل علي
من محاولة اخفاء نافوري ومشاعري فيما تبقى لنا من حياة معا .لقد كان ذلك مستحيل ...الن ربما فهمت
السبب في اصرار بليز على حرماناي من الوصاية على فيليب هذه طريقته للناتقام مني لناني فسخت
الخطوبة ...كان من الممكن ان اكون الن سيدة لوفالييه ! اليس هذا غريبا؟ اتدرين اناه مازال يريدناي ؟ لكنني
قطعت عليه الطريق ليس بسبب الندبة فقط ولكنك زوجته وتستحقين ولءه ولهذا عليك ان تشكريني .
-شكرا لك .
اجابتها انادريا بصوت متخشب واسأذنات بالناصراف .
-تفضلي .
اجابتها سيمون بالفرناسية وهي تقف جانابا لتفسح لها الطريق ,ثم استوقفتها فجأة قائلة :
-دقيقة من فضلك ,لقد منحتك بليز وان الن مدينه لي وعليك ان تمنحيني فيليب في المقابل .
استدارت انادريا لتواجهها مستجمعه كل ما تبقى لها من رباطة جأش وقوة اعصاب واجابتها :
-اناا ل ادين لك بشيء يا آناسة .اما فيما يخص فيليب فاناك ل تستحقينه وبليز ايضا ل يستحقه .
الن فقط اتضحت امامها الصورة كاملة وكان عليها ان تتخذ قرارها النهائي .
دخل غاستون غرفة الطعام ليشعل ناار الموقد وما ان رأته انادريا حتى سألته اذا كان قد رأى فيليب واستطاعت
ان تبتسم له بمرح عندما اخبرها بأناه قد رآه مع خالته يقومان بنزهة .
اشتد هطول المطر مع هبوط الظلم وغمرت المياه كل شبر في الخرج وابتدأ الثلج يذوب .
ظنت ان الغتسال بالماء الساخن سيريح اعصابها ولكنها خرجت من الحماما باعصاب مشدودة وكأوتار الكمان
وجلست امام المرآة تسرح شعرها وتترقب خطوات بليو في الرواق .
سقطت الفرشاة من يدها عندما وصل اخيرا وكاناها اصيبت بالشلل وارادت ان تكمل زينتها لكن يديها
المرتجفتين لم تسعفاناها .
التقت ناظارتهما في المرآة كان يبتسم وظنت انادريا ان قلبها سيتوقف عن الخفقان كانات في وجهه رقة وفي
ناظرته حنان .
اجتاز الغرفة بخطوات سريعه وعندما اصبح بجانابها اناحنى فوقها وطبع على عنقها قبله افقدتها توازناها ثم
اتبعها باخرى جعلت الدنايا تدور من حولها .
-ثوب اسود ؟ هل انات في حداد يا جميلتي ؟
ارادت ان تصرخ في وجهه وتقول اناها كانات فعل في حداد على ما تبقى لهما من ايام معا لكنها فضلت الصمت
في هذا الموضوع واجابته:
-ظننته انايقا ال يعجبك ؟
-لست متأكدا من اعجابي به ,ولكن اعتقد ان فيه ما يعوض عن سواد لوناه .
ارتعدت فرائصها وهي تشعر بأناامله فقال لها مطمشنا :
ل ترتجفي هكذا ياعزيزتي .
وكان في صوته حنين وفي ناظراته رغبة ثم اضاف :
-لبد اناك علمت وانات تردين ثيابك هذا المساء بأناني سأجعلك تخلعينها لحقا .
اناتزعت نافسها من بين ذراعيه وقالت :
-ولكن ليس الن ليس هكذا يا بليز ,فالعشاء سيكون جاهزا بعد قليل والجميع باناتظارناا .
-فلينتظروا .
-كل ارجوك يا بليز دعني .
جمد في مكاناه ثم رفع رأسه ببطء واطال النظر اليها وفي عينيه بريق غريب كاد يفقدها اعصابها ثم قال :
-اذا كانات هذه مشيئتك يا سيدتي فليكن .
وجدت سيمون وحدها في غرفة الطعام واكنت تقف قرب النافذه وتروتدي ثوبا ابيض فابتسمت بمكر وكأناها
شاهدت جميع فصول المسرحية التي دارت بينها وبين بليز منذ لحظات :
ناظرت انادريا حولها وقالت :
-اين فيليب؟
-اناه في غرفته وسيتناول العشاء فيها .
اجابتها سيمون واتجهت الى خزاناة جانابية وسكبت لنفسها مقبل ورفعت الكوب بحركة ساخرة وكأناها تشرب
ناخب انادريا وقالت لها :
-اهل بك .اعتقد بأن فيليب اخذ بردا اثناء نازهة الثلج.
لم تجيبها انادريا في الحال وبعد قليل من الوقت قالت:
-في هذه الحال سأصعد اليه لتفقده .
-كما تشائين .قد تجدينه مستغرقا في النوم الن وسيكون عليك ان توقظيه .
-اعدك بأناني لن اوقظه .
دخلت انادريا العلية ورأت فيليب مستلقيا على ظهره واحدى ذراعيه خارج الغطية .كان تنفسه منتظما ولكنها
عندما لمست جبينه وجدته ساخنا بعض الشيء .وكان على المنضده قرب سريره قنديل صغير .
سمعت اصواتا من غرفة الطعام وايقنت اناه بليز .اخذت نافسا عميقا ودخلت الغرفة .كانات سيمون تقف قبالة
بليز وتكاد تلتصق به ثم رفعت يدها ببطء واثارة واحاطت يده التي كانات ممسكة الكأس .
رجع بليز عدة خطوات الى الوراء عندما رأى انادريا تدخل الغرفة وبتهذيب وذوق سألها وهو يرسل اليها ناظرة
فيها تحذير واضح :
-هل تودين كأسا من الشراب يا سيدتي ؟
قبلت انادريا عرضه وشكرته وخطر لها ان تعتذر لقطع خلوتهما وتنسحب لكنها عادت وآثرت الحكمة والصمت
حفاظا على كرامتها .
-اناك شديدة الشحوب يا عزيزتي .
جاءها صوت سيمون وكاناه من واد سحيق وسمعتها تضيف باهتمام مصطنع :
-ارجو ال تكوناي تعرضت للبرد مثل فيليب .
-ل اظن ذلك ...ولكنني اشعر بصداع هذا المساء .
تناولت انادريا الطعام بشكل آلي وبدون شهية وكانات عينا بليز تراقباناها عن كثب ثم ما لبث ان قال بتهكم :
-هل فقدت شهيتك الى الطعام يا عزيزتي ؟
ولم يغب عن بالها ما تضمنته كلماته من معنى فأحمر وجهها وزاد ارتباكها .وما ان وصلت السيده بريسون
بالقهوة حتى وجدت انادريا الفرصة مؤاتيه لتستأذن بالناصراف ببضع كلمات متقطعه .
لو كان بالباب قفل لوصدته وتحدت غضبه .ولكن بغياب القفل لم يكن بوسعها ال ان تحضر الريكة مثل كل
مساء وان لم يستعملها هو فلن تتردد هي في الناتقال اليها .
اسرعت ترتدي قميص النوم برغم الصوت الذي عل في داخلها يدعوها ال تفعل .ارتدت المبذل فوقه وشدت
خصرها الناحل بالحزام وجلست تنتظر قدومه وابقت القناديل مشتعله فلم تكن مهيأة لليلة مع بليز في الظلم .
اناحنت فوق الريكة تسوي تقضبا لم يكن هناك وفجأة رأت بليز يقف وظهره الى الباب .
تسمرت في مكاناها مصعوقه .كيف دخل الغرفة بدون ان تسمع وقع خطواته ؟
تعلقت عيناه بعينيها في صمت وبعد قليل قال :
-هذا الصابح ضممت الى صدري امرأة ارادتني بقدر ما اردتها ! اين ذهبت تلك المرأة ؟ ومن هي هذه الطفلة
التي تقف امامي الن وتظهر لي كل هذا العداء ؟
-ما تقوله ل يمت الى العدل بصله !
-ل يهمني مفهومك لما هو عدل وحق .كل ما ابغيه هو جواب بسيط لسؤال بسيط ,اناا هنا لسأل عن المرأة
التي عرفتها هذا الصباح .هل هي موجودة ؟
تحول ناظره الى الريكة وعندما استوعب الصورة وما كانات توحيه ضاقت عيناه وقال :
-ما معنى هذا ؟
-ل تعقد المور يا بليز .لم يتغير أي شيء بعد.
-كل شيء تغير وانات تعرفين ذلك .لقد اناتهت المسرحية يا عزيزتي وانات زوجتي وستقاسمينني فراشي .
اناتظر برهة ثم خلع قميصه وقال وهو يفتح ذراعه ويدعوها اليها :
-ال تأتين ؟
وعندما لم تتحرك قال :
-ل تجعليني آتي بك بالقوة يا انادريا .
-اناي اكرهك .
-ل فرق .
-كان المر يختلف هذا الصابح .
-هذا الصابح كانات العاطفة الصادقه تجمع بيننا لكن هذه الليلة ولسباب اجهلها اخترت ان يجمعنا الواجب .
القرار لك ياعزيزتي .
-اناك تطلب الكثير .لست بالنسبة اليك ال زوجة تقوم بمهمتها انات بنفسك قلت ذلك واذا كنت تبغي المزيد فلماذا
ل تطلبه من سيمون يبدو اناها لنات تجاهك .
ارتدت ملمحه تعبيرا شيطانايا وقال وهو يصر بأسناناه :
-لن اضربك ,كل ولكن في الصابح ستكوناين قد تلقيت درسا لن تنسيه .
شق السكوت صوت بعيد ظنت انادريا اناه صادر عنها ولكن ....
-فيليب .
صرخت وبها رعب غريب .وبقفزة سريعه كان بليز على قدميه وهرع خارجا .
كانات الصرخات تصم الذان وعندما وصلت انادريا الى العلية اخيرا وجدة السيدة بيرستون في الغرفة وكانات قد
سبقتهما اليها واناحنت فوق فراش فيليب تحاول عبثا ان تكلمه .
كان جاثما على طرف السرير وجسده الصغير يرتعد من رأسه الى اخمص قدميه وكانات عيناه تنطقان بالرعب
وكذلك شفتاه .
التفتت اليهما السيدة بريستون وقالت بآلم :
-سيدتي ,سيدي .
-اسكت يا فيليب ,ما بك ؟
قال له بليز وهو يقترب من فراشه وينحني فوقه مادا ذراعيه ليلتقطه بينهما .اناتفض فيليب برعب ورمى نافسه
على قدمي انادريا وتشبث بساقيها وبصوت متهدج ووجه بللته الدموع راح يصرخ :
-صاحب الندبة ,صاحب الندبة ,لقد اتى ليأخذناي .اجعليه يذهب ارجوك !
-اسكت يا عزيزي .
قالت انادريا وهي تنحني فوقه وتربت على رأسه بحنان واضافت :
-اناا هنا الن .لن يؤذيك شيء .لقد كنت تحلم ؟
-كان هنا .اتى ليأخذناي .كان سيقتلني ولم اجد مكاناا اختفي فيه .
-ما ذها الهراء ؟
قال بليز بضيق وقلق وهو يذرع الغرفة .وما ان سمع فيليب صوته حتى اطلق صرخة اخرى وقال :
-صاحب الندبة ها هو !
-هذا عمك بليز يا حبيبي وهو يحبك ويردي ان يعتني بك .اخبرك احدهم قصصا سخيفة تحولت الى كابوس
مزعج .هذا كل مافي المر .
-اجعليه يذهب ارجوك .
ظرت انادريا الى بليز مستعطفه ولول عضلة متشنجه كانات تنتفض في وجهه لقالت اناه تحول الى تمثال من
حجر وبعد فترة تأمل قال لها :
-دعيه لكلوتيلد .ستهتم بامره .تعالي معي .
-دع انادريا .اناك شرير وهي ل تحبك ول تريد ان تذهب معك .
صرخ فيليب وانادفع كالسهم وغرز اسناناه بيد بليز الذي صرخ وهو يسحب يده ويتأمل الثار التي احدثتها
اسنان فيليب :
-يا للشيطان .
غطت السيده بريسون وجهها بيديها واتسعت عيناها في دهشة عظيمة بينما تسمرت انادريا في مكاناها تنتظر
تفجر براكين الغضب التي ويا للغرابة لم تنفجر بل حل مكاناها طيف ابتسامه على شفتي بليز لم تفهم انادريا
معناها وقال :
-اصبح لديك من يدافع عنك ويحيمك يا سيدتي .ابقي معه قليل ريثما يستغرق في النوم ولكن ل تدعيني اناتظر
طويل ,اما انات يا ابن اخي فلي مغك حديث طويل غدا صباحا ويمكنك عندئذ ان تخبرناي قصصك كلها فهي تثير
اهتمامي .
سمعت انادريا فيليب يتنفس الصعداء وهو يسمع وقع خطوات عمه يبتعد .
قالت السيده بريسون :
-دعيني اهتم به .
-سأبقى معه بعض الوقت .
اجابتها انادريا وهي تهز رأسها ثم اضافت :
-من الفضل ان يبقى معه احد حتى الصابح ربما لعله استيقظ مرة اخرى اريد ان ابقى هنا قليل وعندما
يستغرق في النوم يمكنك ان تأخذي مكاناي .
ارجعت انادريا فيليب الى فراشه وغطته جيدا وجلست قابلة سريره .وبعد برهة شعرت انادريا بيد صغيرة تنسل
الى يدها .
اثار هذا المشهد مشاعر السيده بريسون التي اغرورقت بالدموع وخرجت من الغرفة وهي تطلق التنهيدات
قال فيليب هامسا :
-اصبحنا وحدناا الن .
-ناعم .
اجابته بحنان ورقة ثم قالت :
-والن يا عزيزي هل اخبرتني بما اخافك هكذا ؟
-جاء صاحب الندبة لقتلني ويرمي بي الى الساحة .
اجابها فيليب بقناعة تامة وعيناه تنظران اليها بتوسل .
-هذا ما تدعو عمك بليز به .وكيف يكون قد جاء الى هنا اذا كان كل الوقت برفقتي ؟ اترى كم هذا مستحيل ؟
بالضافة الى ذلك هو يحبك ويريد ان يرعاك ووالدك بنفسه طلب اليه ذلك لناه يعرف اناه الشخص الوحيد الذي
يمكنه ان يحبك ويحنو عليك كأناك ابنه تماما .
شعرت انادريا بعدم رغبة فيليب في متابعة الحديث ,ال اناها تابعت قائلة:
-قل لي يافليب ,من الذي قالت لك ان زوج ماري دينيز وقاتل ولدها كان يحمل نادبة على خده ؟
قطب جبينه وبدا اناه سيمتنع عن الجابه ولكنه بعد قليل قال :
-ل اذكر .
-لبد ان تذكر .اعتقد اناه الشخص نافسه الذي اخبرك عن العلية وعن كل ما جرى فيها من احداث .
-كانات مجرد رواية واناا احب القصص لذلك ل يجب ان تغضبي على خالتي سيمون .
-لست غاضبه .
قالت وهي تجهد نافسها لتبقي صوتها طبيعيا واضافت :
-احياناا كثيرة يسيء الناسان فهم بعض الحقائق .حتى الخالة سيمون يمكنها ان تسيء الفهم .وزوج ماري
دنايز لم يكن يحمل نادبة فوق خده ,بل كانات تنقصه الشجاعه لينقذ حياة اناسان آخر مثل ما فعل عمك بليز مع
والدك .اعتقد اناه يوجد صورة له في مكان ما في هذا القصر .سنحاول العثور عليها غدا وعندها سترى اناه لم
يكن يحمل نادبة .
ظل فيليب صامتا بعض الوقت قبل ان ينفجر قائل :
-لكن عمي بليز يريد فعل ان يقتلني من اجل المال كما فعل مع ابي .
-المال .
سألته انادريا وقد ابتدأت الحيرة تنهش نافسها فلقد كانات اول مرة يأتي فيها على ذكر المال .
جلس فيليب في فراشه وقال موضحا المر :
-المال هو التعويض عن بيل ريفبير بعد ان التهمتها النيران .ان عمي بليز هو من اشعل النار فيه لكي يحصل
على التعويض .
-هل تعني ان بيل ريفبير كانات مؤمنه ؟
سألته انادريا مستفسرة .احنى فيليب رأسه علمة اليجاب ثم قال :
-كانات مؤمنه لقاء آلف وآلف من الفرناكات .وكان عمي بليز بحاجة الى هذا المبلغ لذلك اشعل فيها النار
وتسبب في موت ابي .
شعرت انادريا بدوار في رأسها وحاولت ان تسترجع كلمات بليز وهو يروي لها الحادث .ألم يقل اناه كان
بامكاناه ان يمنع الحادث ؟
وفيليب صادق فيما كان يقول اذا لقد احرق بليز المزرعه وتسبب في موت اخيه من اجل ان يحصل على قيمة
التأمين .وهذا هو السبب الذي من اجله يتملكه الشعور بالذناب وتعتريه المراره كما آتى على ذكر الحادث .
اكمل فيليب كلمه قائل :
-واذا مت اناا الن فإن كل شيء سيؤول اليه اناه فقير الن وسيصبح غنيا .
-اسكت يا حبيبي .
قالت له انادريا بصوت خافت ثم اضافت :
-اريدك ان تبعد هذه الفكار السوداء عم ؤأسك الصغير .والن اخلد الى النوم ويجب ان تنال قسطا من
الراحه .
قالت انادريا ذلك وكأناها مخدرة ,فلم تكن تشعر بشيء ال بيقين اكيد بأن اللم آت ل محالة .
-9نهاية الخأرافة
فتح غاتسون الباب فجأة وكان يمسح العرق المتصبب من جبينه .نظر الى اندريا
وقال بفظاظة :
) السيد يبحث عنك(
ابتلعت ريقها .وقبل ان تخأرج من المطبخ التفتت الى غاتسون قائلة :
) اريدك ان تنقل سرير فيليب من العلية الى الغرفة التي سأريك أياها(
رفع غاتسون عينيه الى السماء وكأنه يتضرع الى ا ويشكو ظلمة نزلت بق قال:
) هل نسيت ما تطلب نقل السرير الى العلية من عناء ؟ والن علي ان انقله منها ،وماذا بعد ذلك.
وبعد ان نقلت حقائب النسة دولتور الى السيارة؟(
ارسلت اندريا باتجاهه ابتسامة عذبة وبصوت ل يرحم قالت:
) ل تخأش شيئا .لن يميتك هذا الجهد(
عندما وصلت اندريا الى القاعة استطاعت ان ترى من خألل الباب المفتوح سيارة سيمون قرب المدخأل .
وما هي ال لحظات حتى رأت سيمون نفسها ولم تكن في اناقتها المعتادة ،كان شعرها مشعثا وكانت تلهث .
نظرت الى اندريا وقالت لها بمكر:
) هل جئت لتتأكدي من انصرافي يا اندريا؟(
) ل ارى ضرورة لذلك(
اجابتها اندريا بصوت هادئ وتابعت سيرها .فهي لم تشأ ،حفاظا على كبريائها على القل .
ان تسمح لسيمون ان تعرف بأنها كانت عالمة بما جرى الليلة السابقة.
) بالطبع(
اجابتها سيمون واضافت:
) على ان اقامتي هنا كانت مثيرة ولقد اعطت النتائج التي كنت اود تحقيقها ولو بطريقة مخأتلفة(
توقفت قليل ثم رمت اندريا بنظرة فيها من الكراهية ما فيها من المكر وقالت:
) يسعدني ان اترك لك الجزاء المبعثرة ياعزيزتي .اجمعيها ان كنت تقدرين!(
تذكرت اندريا وجه فيليب المبلل بالدموع ودوت في رأسها صرخأاته المستغيثة فتقدمت بضع خأطوات وبنبرة
فيها تهديد قالت:
) قد ل املك القوة الجسدية لقذف بك الى الخأارج ولكن يسعدني جدا ان احاول على القل !(
غمر اندريا شعور بالرضا وهي ترى سيمون تلوذ بالفرار عند سماعها تلك الكلمات .
رأتها تهرول الى السيارة وباصابع مرتبكة ادرارت محرك السيارة .وقبل ان تنطلق ارسلت الى اندريا نظرة
حقد وكراهية وقالت:
) احتفظي بقواك ياعزيزتي .فجميع الخأاسرين يحتاجون عادة الى قواهم (
وتوارت عن نظر اندريا مخألفة وراءها سحبا من الغبار.
دخألت اندريا الى القاعة واغلقت الباب وراءها .بحثت عن بليز فلم تجده .
استجمعت شجاعتها وصعدت الى غرفة النوم علها تجده فيها .
كان بليز قرب النافذة ونظرة الىأالخأارج .ربما كان يراقب رحيل سيمون ويتساءل في سره متى سيعودان
معا .انتظرت اندريا ليشعر بوجودها
والغيرة تنهش صدرها .ظل ساكنا ل يتحرك واخأيراقال بدون ان ينظر اليها :
) انتظرتك طويل ليلة أمس يا اندريا .أين كنت؟(
بللت شفتيها بلسانها وقالت بفتور :
) كان فيليب بحاجة لي (
) وانا الم اكن بحاجة اليك؟ أولم يكن لهذا أي حساب لديك؟(
) لم استطع ان اترك فيليب وفي أي حال لقد وجدت البديل على ما اعتقد(
وما ان تفوهت بتلك الكلمات حتى تمنت لو انقطع لسانها .
التفت اليها وادهشها عدم تجهم وجهه .كان في الواقع يبتسم!
وقال ) :كنت في الماضي اتحول الى زجاجة الشراب وادفن فيها كربي اما الن فأراني اسعى أليك انت لتداوي
جروحي (
) انا بحاجه الى من يداويني (
) اذن علينا ان نداوي بعضنا البعض (
اجابها وهو يقترب منها ويأخأذ وجهها الذي اشاحت به بين يديه وينظر في عينيها ويضيف:
) انظري الي يا حلوتي(
اندفت من بين يديه وهي تصرخ :
) ل تلمسني !(
) ولكن هذا لن يثنيني ياحلوتي! سألمسك وكيفما اشاء حتى يتوقف رأسك العنيد
عن صدري وترجع الي المرأة التي عرفت!(
) لقد اخأذت كل الدروس التي احتاجها على يديك بليز .فانت استاذ رائع وخأبرتك ل تضاهى في هذا الميدان
ولكن عليك ان تقفل مدرستك الن لنني تلقيت دعوة عائلة عمي لحضور عرس كلير (
اجابته وعيناها ل تبرحان وجهه .
) وكيف انسى كلير؟(
قال بمرح ثم أضاف:
) من الصعب علي ان اترك القصر في هذا الوقت ولكن ل بأس ساتدبر المر.
هزت اندريا رأسها وقالت:
) ل حاجه لصطحابي .سأخأذ فيليب معي ان سمحت لي بذلك ولقد وجهت لنا امرأة عمي دعوة لنمضي بعض
الوقت بينهم(
ظل بليز صامتا وعندما نظرت اليه اندريا رأت عينيه تضيقان ثم سمعته يقول :
) ولم ل اذهب انا معكما ؟(
وبضيق ونفاد صبر وجدت اندريا ما تقولة فشرحت:
) اول سيسبب حضورك احراجا لكلير ،و (..
قاطعها قائل:
) اريد الحقيقة اندريا (
) حسنا(
اجابته وتابعت:
) الحقيقة انني اريد ان ابتعد عنك لبعض الوقت وفيليب كذلك بحاجة لن يبتعد فهو ليس سعيدا هنا كما تعلم(
) ولكن هنا بيته ول بيت له سواه(
) صحيح! وهو مال يمكنك ان تنساه(
امسكها بليز من كتفيها وهزها بعنف وغرزت اظافره في جلدها وبصوت كالفحيح قال:
) وماذا تعنين بذلك يا زوجتي العزيزه؟(
اغرورقت عيناها بالدموع ولم تجب فصرخ فيها :
) اجيبيني (
واشتد قبضة يده على زنادها فصرخأت بدورها ولكن من اللم وقالت:
) خأذ المال يابليز ودعنا نذهب .اعدك باننا لن نزعجك ثانية .بوسعي ان اعيل فيليب وربما عدت الى
وظيفتي القديمة(
وتوقفت بدون ان تكمل فالتعبير الذي ارتسم على وجهه افقدها النطق تقريبا.
) أي مال؟(
سألها بهدوء.
) قيمة التأمين على بيل ريفيير(
اجابته وكانت قد ابتدأت تشعر بوهن وضعف واضافت:
) فيليب يعرف كل شيء وهو لذلك يخأافك .هو ليس واثقا من ان موت والده كان حادثا ويظن انه سيكون
الضحية التالية واذا استطعت ان ابعده
عن هذا المكان فلربما نسي المر واستعاد طفولته مع الزمن (
شحب وجهه ورأت اندريا الشرر يتطاير من عينيه واليأس يغلفه واخأيرا قال بصوت اجش:
) لو ان احدا غيرك قال هذا لقتلته !(
ودفعا عنه باشمئزاز فترنحت وكادت تقع ثم تابع:
) لست وحدك من استلم رسالة هذا الصباح يا سيدتي (
قال هذا واخأرج من جيب سترته ظرفا كبيرا ولوحه بوجهها وتابع:
) يسعدني ان اترجم لك ما ل تستطيعين فهمه بالفرنسية ولكنني اريدك ان تقرأي ما بداخأله (
اخأذت الظرف منه واخأرجت منه رسالة راحت تقرأها .واحتوى الظرف اوراقا كثيرة وصورا ومستندات
ووثائق رسمية ورسالة تحمل توقيعا غريبا.
استطاعت ان تفهم العبارات وسألها بليز مشيرا الى الرسالة باصبع مرتجفه :
) هل تريدين اية مساعدة ؟ انها كما ترين من شركة التأمين وهو يقولون فيها بان الشركة قد خأتمت التحقيق
وان لديهم الدليل بان الحريق
الذي التهم ) بيل ريفيير( كان مفتعل وهم لذلك لن يدفعوا اي تعويض .اظن انني قلت لك في السابق انه لم
يبق شيء من بيل ريفيير ال قيمة اليجار الذي تدفعه الدولة.
هذا كل ما يملك فيليب بالضافة طبعا الى سقف بيتي فوق رأسه وعاطفتك اللمتناهية(
) انهم يعرفون اذن بان الحريق كان مفتعل (
) بالطبع يعرفون فهم ليسوا اغبياء ولو ان جان بول كان في حاة طبيعية لدرك هذا هو الخأر ولم يراهن بكل
ما يملك على تلك المحاولة البائسة وخأسر بالنتيجه كل شيء حتى حياته(
اذن لقد كان جان بول اي والد فيليب من اشعل الحريق .صفعتها الحقيقة المره ولكنها ي الوقت نفسه احيت
في نفسها املا كادت تفقده.
) كما ترين فان جان بول هو الذي اشعل النار وكان همي الوحيد ان ل يكتشف فيليب هذه الحقيقة .ولطالما
اقنعت نفسي ان كرهه لي هو من وحي سيمون التي ارادت ان تتنتقم مني على ابشع صورة(
) انا اسفه واعرف انك مازلت تحبها(
) ماذا؟(
) اعرف انك تحب سيمون وانك امضيت الليلة السابقة معها (
) يا آلهي! هل يجب ان اتحمل كل هذا الفتراء وهذا التشوية لسمعتي؟
اذن انت تظنين انني هرعت الى سيمون عندما انكرت علي حقي!!(
قذف برأسه الى الوراء واطلق ضحكة مرحه وتابع:
) كل ياعزيزتي .فعندما يرى النسان لمحة من السماء فانه ل يعود الى الجحيم .عندما تأكدت بانك لن تعودي
خأرجت اتنزه سيرا على قدمي وتوغلت في التلل
وشعرت بانني تحررت اخأيرا من كل العفاريت التي كانت تسكن رأيي وعدت لفتح صفحة جديدة في حياتي .
وعندما استلمت هذة الرسالة اعتبرتها كأشارة من السماء لكي أضع كل الماضي وراء ظهري ول اتطلع ال
الى مستقبل مشرق .
لقد اتضحت الحقيقة كلها اخأيرا وآمل ان تأتي يوم استطيع ان اطلع فيليب عليها وابرئ ساحتي(
ابتسم عندما رأى النظرة التي ارتسمت في عيني اندريا وهي تصغي اليه ثم تابع:
) هل تظنين انها تخألت عني من أجل هذا؟(
ورفع يده ولمس الندبة فوق خأده وتابع:
) قد يكون في هذا بعض الحقيقة ولكن الواقع ان سيمون تخألت عني عندما ايقنت بانني لن اجاريها في لعبتها
القذرة واكتم الحقيقة عن شركة التأمين .لقد بذلت جهدا كبيرا لتقنعني كما فعلت مع جان بول
ثم اخأذت فيليب على أمل ان تحصل على المال بواسطته(
قال هذا ورفع الرسالة بيده واضاف:
) اما الن فان الحال يخأتلف(
اعاد الظرف الى جيبه بعد ان وضع الوراق في داخألة وكانت علمات التعب مرتسمه على وجهه ،وعيناه
زائغتين ولم يأت بأي حرة يستدل منها بانه كان سيسلمها وتابع حديثه باعياء واضح وقال:
) لم اعرف في حياتي آلما كالذي عرفته ليلة زفافنا عندما اشحت بوجهك عني .ظننت وقتها ان ليس في الدنيا
افظع من ذلك ولكنني اكتشفت آلما أشد وادهى.
اذهبي الى لندن يا اندريا .
لن اوقفك عن بناء حياة جديدة لك .اما بالنسبة الى فيليب فانه سيبقى معي هنا .
هذا هو مكانه الطبيعي .لن يكون المر سهل ولكنني الن على القل اعرف ما علي ان احاربه(
) بليز(
نطقت باسمه متوسله ووضعت يدها على ذراعه لكنه تراجع الى الوراء وكان افعى لسعته وقال:
) انا ل اريد شفقتك يااندريا .كنت آمل ان احصل على حبك في يوم من اليام ولقد كنت طويل البال صبورا
ولم اكرهك على عمل لم تريدي ان تقومي به ،وانا اعرف انك تخأافين مني (
) انا ل اخأاف منك يا بليز ،ال ترى؟ لقد اخأطأت في حقم وانا آسفه لذلك(
) ل تدعينا نتكلم عن الخأطاء ياعزيزتي .فـأنا ايضا اخأطأت في حقك عندما ارغمتك على الزواج مني .
ولكنني على استعداد الن لن اصلح غلطتي .لن أتمسك بوعدك على البقاء سنه .يمكنك ان تذهبي ساعة
تشائين(.
تنهدت اندريا بألم وفي اللحظه ذاتها تناهى الى اذنيها وقع خأطوات سريعه ومتلحقة وادركت بغريزتها بأن
شيئا ما ليس على مايرام(
) بليز(...
ابتدأت تقول عندما فتح الباب فجأة وظهر غاتسون لهثا وقال:
) فيليب غير موجود يا سيدي .لم نعثر عليه في أي مكان وثيابه ل تزال مكانها (
خأرجت من بين شفتي بليز عبارات ضيق وغضب وانطلق يعدو وهو يسأل :
) هل ذهب مع النسة دولتور؟(
هز غاتسون كتفيه وأجاب :
) وضعت الحقائب في سيارتها يا سيدي ولكن لم يراها احد تنطلق(
) انا رأيتها(
اجابت اندريا وتابعت:
) لكنني لم أ ار فيليب .ربما خأبأته بين الحقائب في السيارة فلقد بدا تصرفها غريبا(
التفت بليز الى غاتسون وقال له بصوت فيه الحاح :
) أسرع واحضر سيارة الند روفر وسنلحق بها .ليمكن ان تكون قد ابتعدت كثيرا فالطريق مازالت شبه
مقفله في بعض الماكن (
) هل يمكننب مرافقتكما ؟(
سألته اندريا متوسله.
) كل(
اجابها بدون ان ينظر اليها ثم اضاف:
) لقد ذكرت امس انه لم يكن في اتم الصحة ومن الفضل اذن ان تبقي هنا وتحضري له فراشة وتستدعي
الطبيب .اطلبي الى صديقك النكليزي ان يذهب الى القرية
ويستدعي الطبيب حال(
خأرج بليز من الغرفة وغاتسون في اعقابه وما ان اصبحت اندريا وحدها حتى استبدت بها افكار مقلقه .
خأشيت على فيليب من الحقد والكراهية
التي كانت تمل قلب سيمون واغمضت عينيها وكأنها تطرد صورة سكنت رأسها وارعبتها .
كل قالت في نفسها .حتى سيمون ل يمكنها ان تلحق الذى بطفل صغير .فهي لم تأخأذه ال لمجرد التحدي
والنتقام.
كانت السيدة بريسون اول من اكتشف اخأتفاء فيليب .فلقد ذهبت لتوقظة ككل صباح لكنها وجدته مستغرقا في
نوم هادئ ،فقررت ان تدعه ينام بعض الوقت وعندما رجعت اليه كان قد اخأتفى وكان ما يبدو ما زال في
ثياب النوم
في ثياب النوم لن ثياه موضوعه قرب السرير بترتيب .
) ياصغيري المسكين(
ظلت السيدة بريسون تردد وهي تفرك يديها بقلق وقالت:
) سيشعر بالبرد حتما .مالذي يجول في رأس اأنسة دولتور ياترى؟(
اتجهت اندريا الى سرير فيليب وراحت تشغل نفسها في ترتيبه .شعرت بجو العلية الخأانق
لول مرة منذ وطئت قدماها هذا المكان .وادركت انها ساعدت سيمون من حيث لتدري باخأتيارها هذة العلية
لفيليب،
فأيةمكان افضل منها يوفر لسيمون الجو المناسب لتنسج خأيوط المؤامره وتنصب الشرك وتنفث السم في
أذني ذاك الطفل المسكين؟؟
لبد انها كانت على علم بقصة ماري دنيز بحكم التصاقها بعائلة لوفالييه لمدة طويلة.
فجأة تناهى الى اذنيها نشيج غريب وكأنه بكاء طفل .تسمرت في مكانها وارهفت السمع.
ظنت اول المر ان خأيالها المحموم جعلها تسمع اصواتا غير موجودة لكن النحيب عاد هذة المره ايضا وكأنه
من مكان قريب.
سمعته خأافتا ويائسا ثم انقطع.
وقفت تحدق في ارجاء تلك الغرفة المستديرة ونادت )فيليب( عدة مرات.
ركعت على الرض ونظرت تحت السرير .فتحت الخأزانة وفتشتها لكنها لم تر ذلك الجسم الصغير الذي كانت
تبحث عنه.
عاد النشيج ملحاحا ثم تحول الى انين متواصل لبرهة من الزمن ثم انقطع .بدا لندريا ان الصوت صادر من
مكان ما فوق رأسها.
همت بالخأروج ولكن وبشكل ل يقبل اي خأطأ استوقفها صوت منبعث من فوق رأسها.
دفعت الباب بيدها بقوة لكنه بقى ثابتا .مرت باناملها فوق المسامير وفجأة تلوت ملمحها بألم عندما اخأترقت
نسرة من الخأشب جلدها.
انتزعتها باسنانها وعادت تتأمل الباب .استغرب ان تجد الخأشب حول المسامير خأشنا وغير مصقول فلقد كان
غاتسون يفتخأر دائما باتقانه العمال
التي يقوم بها وهذا العمل غير متقن ابداا وكان بامكانها هي ان تقوم بافضل منه بكثير لو كانت لديها الدوات
اللزمة .
استوقفتها كلمة ) ادوات ( واسترجعت في ذاكرتها صورة سيمون وهي جالسة على حافة
الطاولة في المستودع وبين يديها مفك راحت تقلبه وتتسلى به.
تذكرت المشهد جيدا لنه كان لفت تظرها التنافر الواضح بين يدي سيمون
الغضتين وبين المفك الكبير.
أولم يفقد غاتسون بعض الدوات وينهم فيليب بأخأذها ؟
أولم ينف فيليب علقته بأي من تلك الدوات؟
ضغطت بيديها على صدغيها طلبا لبعض الصفاء في ذهنها .
تذكرت فجأة سلوك فيليب الشاذ كلما اتى على ذكر سيمون .
هل كان يعلم ياترى انها هي من اخأفى الدوات وكتم ذلك المر ولء منه لها؟
والمزلجة؟ من لذي انهال عليها بالضرب هكذا ولم يتركها ال كومه من ركام؟
كان من السخأف الصاق هذه التهمه بطفل صغير وهو عمل عنيف يعجز عنه من كان اكبر من فيليب واقوى .
ايقنت اندريا ان في المر سراا وان عليها ان تكتشفه.
راحت تقرع باب السقف بيديها وتنادى فيليب باسمه.
ظنت انها سمعت صوتا خأافتا وكان هذا كافيا بالنسبة اليها.
هبت الدرج كالصاروخ واصطدمت بآلن الذي كان قد وصل لتوه.
) هدئي من روعك(
قال لها آلن وهو يسندها بذراعه واضاف:
) الطبيب في طريقة آلن(
) انه فوق في مكان ما فوق العلية .علينا ان نخأرجه في الحال .تلزمنا بعض الدوات(
قالت اندريا بصوت متقطع وكأنها تزدرد الكلمات وتابعت:
) وضعته فوق واوصدت الباب!(
) لبد انك تمزحين ! ومن يقدم على مثل هذا الجرام؟(
) هي(
) انتظري هنا ربما استطعت ان اجد مخأل او فأسا او أي شيء من هذا القبيل(
) حسنا حاول ان تجد مفكا كبيرا .هذا ما يلزمنا .كان المفك معها ولقد رأيته بنفسي بين يديها ولكنني لم
ادرك آنذاك ماكانت عازمه عليه(
) وكيف لك ان تدركي .انه عمل شيطاني ل يخأطر في بال احد .عودي
اليه الن وكلمية حتى لو لم يجب .قولي له اننا سنخأرجه او اي شيء آخأر.
فهو يثق بك.
حعت اندريا الى العلية وتسلقت الدرج المؤدي الى الباب السحري في السقف وحشرت نفسها تحت الباب
مباشرة حتى كاد فمها
يلتصق بخأشبة وراحت تناديه وتغني وتروي له الحكايات المسلية ولم تسمع ال صدى صوتها.
) هل حالفك الحظ؟(
سألها آلن الذي عاد بدون ان يوفق في ايجاد المفك ولكنه يحمل بين يديه فأسا:
) انه ل يجيب(
قالت وعيناها على الفأس ثم اضافت بقلق ظاهر:
) ربما كان فوق الباب مباشرة فكيف ستكسره أذن(
) كلمية وقولي له ان يبتعد عن الباب قدر المكان وباننا سنحاول فتح الباب ونخأرجه(
اطاعته اندريا بشكل آلي وكانت تشعر بخأدر في جسمها ثم نزلت عن الدرج بسرعه بينما استعيد آلن ليكيل
الضربات الى الباب .
كامن الخأشب عتيقا وابتدا يتداعى تحت وطأة ضربات آلن .
) ساحدث فتحه فيه .هل تظنين انه بامكانك ان تدخألي منها(
سألها آلن وهو يلهث من الجهد الذي بذله.
) سأتدبر امري .أسرع(
) لن تجدي المر مريحا من المفروض ان اصعد بدل منك(
) كل انا اصغر حجما منك واستطيع ان ادخأل من فتحة صغيرة(
حشرت نفسها في الفتحه وشعرت بنسرات الخأشب تخأدش جلدها وعلق سروالها باحداها.
كان الدم يسيل من يديها عندما وصلت اخأيرا الى حيث يرقد فيليب فاقد الوعي.
ركعت بجانبه وتحسست جسمه الصغير فوجدته باردا كالثلج .
خألعت سترتها ولفتها حوله وصرخأت تنادي آلن وتخأبره بانها وجدته فليسرع الى كوتيلد ويطلب اليها ان
تحضر بعض
الغطية الدافئة وشرابا ساخأنا وقالت:
) سأبقى معه بانتظار الطبيب .وأرجوك آلت ان تسأل كوتيلد ان تحضر له الحمام(
سمعت خأطوات آلن تبتعد .اخأذت فيليب بين ذراعيها وانحنت عليه وراحت تفرك يديه وقدميه العاريتين.
كانت اطرافه كالجليد .ضمته اليها بشدة لتعطية بعضا من دفئها .ارتعش بين ذراعيها وفتح عينيه ونظر
اليها ظنت اندريا لول وهلة انه لم يعرفها.
) فيليب(
نادته وهي تنحني فوقه وتضغط بشفتيها على شعره المشعث وقالت:
) انا اندريا .انظر اليي(
ومضت عيناه وقطب جبينه وسألها بحيره:
) هل أنتهت اللعبة؟(
) اللعبة؟(
سألته اندريا مستفهمه فاجابها شارحا لها ما التبس عليها:
) كانت الخأالة سيمون تقوم بدور ماري دنيز وكان علي ان ل ادع ذا الندبة يجدني لذلك اصعدتني الى هنا
وذهبت .
شعرت بالبرد وانتابني رعب شديد عندما شعرت ان غيابها قد طال(
) بالطبع انتهت اللعبة(
اجابته اندريا وهي تشعر بغصة في صدرها وتابعت:
) والن يمكنك ان تأوي الى فراشك بعد ان تتناول شيئا ساخأنا(
) حسنا(
اجابها ثم نظر اليها وسألها بدهشة:
) اندريا لماذا انت بدون ثياب؟(
) لنك ترتدي سترتي وانت تبدو مضحكا فيها .انظر كم هي الكمام طويلة واذا ما رفعت القبه يخأتفي فيليب
تماما (
اجابته بمزح ورفعت قبة السترة حتى غطت رأسه كله.
اطلق بدوره ضحكة خأافته وقال:
) فعل انه أمر مضحك ..وجودي هنا(
) بالفعل (
) اندريا ،انا ل اريد القيام بأي دور في قصة ماري دنيز بعد اليوم .اتعرفين انها حطمت مزلجتي؟(
) من الذي كسر المزلجة؟ ماري دنيز ام الخأالة سيمون؟(
سألته اندريا وقد لحظت كيف اخأتلطت عليه المور فراح يخألط الواقع مع الخأيال(
) ل ادري (
اجابها بعينين نصف مغمضتين ثم تابع:
) كان يلتبس علي المر في كثير من الحيان .قالت لي الخأالة سيمون انها هي ماري دنيز وكيف يمكنها ان
تكون ماري دنيز والخأالة سيمون في الوقت نفسه؟(
) هي ليست ماري دنيز ول يمكن ان تكون ماري دنيز كما ليمكن لعمك بليز ان يكون من تسمية :ذا الندبه(
اجابته وقد ابتدأ ت بالفعل باصلح مايمكن اصلحه وعندما لم يجبها بشيء قررت ان ترجئ هذا الحديث لوقت
لحق.
سمعت اصواتا ووقع خأطوات في الغرفة تحتها فنادت:
) آلن ،اصعد الدرج وسأناولك فيليب(
حملته بين يديها بحذر بالغ واتجهت صوب الفتحة وركعت قربها وقالت:
) اسمع ايها البطل! لقد علق هذا الباب السخأيف ولذلك علينا ان نخأرج من الفتحة .يمكنك ان تتظاهر بانك
رزمه بريدية سيتناولها مني آلن .
ضحك فيليب من اعماقة وكان على اندريا ان تقاوم رغبة بضمة اليها والتشبث به بين ذراعيها .لكنها بدل من
ذلك قالت:
) هيا .احذر نسرات الخأشب وتذكر ان الرزمه لتلتوي .نعم هكذا..عافاك(
كانت تثرثر هكذا وهي تنزله من الفتحة.
) سأتناوله انا(
جاءها صوت بليز وشعرت بفيليب يتشنج بين ذراعيها .اطلق تنهيدة عميقة وفجأة اخأتفت التشنجات .وماهي
ال ثوان وكانت يدا بليز القويتان تتناولنه منها وتنزلنه بحذر وثقة.
) هيا يا صغيري(
سمعته اندريا يقول ثم تابع:
) سيلقي الطبيب عليك نظرة سريعة الن وسنصعد انا واندريا لنراك بعد قليل .هيا(
سمعت فيليب يتمتم شيئا لم تفهمه وخأرجت من بين شفتيها صلة صامتة وشعرت فجأة بالبرد .نظرت من
الفتحة ورأت غاتسون يحمل فيليب وينطلق به.
) هل تريدين ان تنتظري لفتح الباب؟(
سألها بليز.
) كل(
اجابته واسنانها تصطك من البرد وتابعت.
) اظن بانني ل ابالي بالنسرات فأنا أشعر ببرد شديد(
انزلت قدميها وشعرت بيدين تسددان خأطواتها على السلم.
انزلقت اخأيرا من الفتحة وعلقت احدى النسرات بذراعها فسال دمها .
ساعدها بليز على النزول .رأت آلن واقفا والفأس بيده.
) عافاك(
قال لها ما ان وقع بصره عليها واصطبغ وجهه بلون احمر قان.
تخأيلت الصورة التي بدت فيها امامهما .سروال من قماش الجينز ممزق ومتسخ وصدرية من الدانتيل ل
تغطي شيئا.
شكرته ثم خأيم على الغرفة صمت قطعه آلن بصوت حرص ان يأتي طبيعيا حين قال:
) يجب ان اذهب لكن علي قبل ذلك ان اعيد الفأس الى مكانه(
اطلق ضحكة مرحه وانصرف وهو يصفر لحنا شجيا.
وما ان توارى عن نظرها حتى قالت اندريا بلطف:
) كان في غاية اللطف (
) اعتقد انه واقع في الحب(
اجابها بليز بهدوء .بلعت ريقها بعصبيه واجابته:
) كل ،ل اظن ذلك(
) لكنك لست خأبيره في هذه المور وانت ل تميزين الحب الصادق عندما يعرض عليك .اليس كذلك يا
صغيرتي؟(
لم يكن لديها ما تجيب فلزمت الصمت.
بعد قليل قال:
) لقد وجدنا سيمون .وكانت قد انحرفت بسيارتها على الطريق وارتطمت بحائط(
) هل لحق بها أي أذى ؟(
) كل انها حريصه جدا حين تكون المسألة مسألة بقاء .لم تكن بحاجة الى اقناع كثير لتخأبرنا اين وضعت
فيليب .زعمت انها مجرد مزحة ولكنها لم تعد تعتبرها مزحه عندما لمسن انني لست على استعداد لرجاعها
الى هنا او حتى الى توصيلها الى اقرب كاراج(
) تعني انك تخأليت عنها هناك؟(
) ل بد ان يجدها احد عاجل ام أجل .وكما قلت لك هي حريصه جدا على حياتها وقادرة على الحتفاظ بها
بعكس فيليب .وعلي ان اشكرك لن سرعة خأاطرك هي التي اسعفته في الوقت المناسب(
) لست بحاجة الى شكر .انا احبه وسأفتقده كثيرا(
اجابته بصوت خأنقته العبرات.
خأيم بعد ذلك صمت مشحون قطعته اندريا بسيل من الكلمات فراحت تقولها بسرعه لئل تخأونها شجاعتها
فتتوقف .قالت:
) اعرف ان ل شئ يمكن ان يمحو اساءتي اليك يابليز .لم يكن لها أي مبرر ولكن اريدك ان تعرف انني
أسفه .وهناك شيء اخأر .لقد قلت بانني سببت لك ألما عندما اغمضت عيني واشحت بوجهي ليلة زواجنا .
أريدك أن تعرف ان هذا غير صحيح .فأنا لم اجدك منفراا أبدا .بل على العكس(
) اذن لماذا اغمضت عينيك عندما عانقتك(
) لنني كنت خأجلة (
رفع حاجبيه وقال بمرح وهو يمد يده:
) اذن اعطني سترتي من فضلك(
) لتكن خأبيثا(
قالت له وهي تتشبث بالستره ثم سألها:
) هل فعل تخأجلين عندما انظر أليك؟(
) كل ال اذا كان المنظر لمجرد تلقين درس او لنك تريد وداعي .ففي الحالتين اجد المر رهيبا ول يحتمل(
) وان قلت لك بانك اجمل مافي الدنيا بالنسبة الي ول فرق ان كنت على ظهر جواد تمتطيه او كان السخأام
يكسوك او كنت مرتديه ثيابك او كنت نصف عاريه فانا اريد ان اظل انظر اليك طوال عمري .وهل تظنين
بانني سأسمح لك بالبتعاد عني؟(
) اوه بليز(
اجابته والدموع تنهمر من عينيها ثم اكمل :
) لست اعرض عليك الكثير فأنت تعرفين وضعي ووجود فيليب معنا منشأنه ان يعقد بعض المور وانت
تعرفين شعوره نحوي(
) سوف تتحسن المور عندما ل يعود طفل وحيدا(
اجابته بابتسام ثم قالت:
) اوه بليز كم أحبك(
وانزلقت الستره عن كتفيها عندما فتحت ذراعيها ل ستقباله بينهما واغمضت عينيها .
بعد وقت طويل سألها ورأسه يستريح على صدرها:
) هل آلمتك؟(
رفعت اندريا يدها وازاحت عن جبينه بعض الخأصلت من شعره واجابته بحنان ورقه:
) لم الحظ(
وتذكرت فيليب وقالت:
) علينا ان نذهب للطمئنان على فيليب(
) فيليب بخأير وهو الن موضع اهتمام لم يعتده عنايه لم يألفها مع سيمون.
ل تتعجلي مغادرة برجنا العاجي يا اندريا ففي الدنيا ويلت ومآس كثيرة كما اكتشفت ذلك بنفسك(
) لكننا لن نسمح للدنيا ان تنال منا بعد الن(
) بالطبع(
قال لها وهو يتكئ على كوعه ثم تابع:
) على انه ل يجب ان تتوقعي المعجزات .ل اريدك ان تتألمي بعد اليوم(
) كيف اتألم وأنت بقربي تداويني؟(
واذا بها تذوب بين ذراعيه طائعه مخأتاره .
فأخأيراا وجدت ملذها في هذا المكان حيث تهب العواصف.
تمت