الأضرار والأخطار المترتبة على نشر الشائعات المغرضة بين أفراد المجتمع

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 101

‫واألخطار‬ ‫األضرار‬

‫المترتبة على نشر‬


‫المغرضة‬ ‫الشائعات‬
‫بين أفراد المجتمع‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫العالمين‪،‬‬ ‫رب‬ ‫هلل‬ ‫الحمد‬
‫والصالة والسالم على أشرف‬
‫األنبياء والمرسلين نبينا‬
‫وصحبه‬ ‫آله‬ ‫وعلى‬ ‫محمد‬
‫أجمعين‪.‬‬
‫أيها اإلخوة واألخوات سيتحدث‬
‫كل من فضيلة الشيخ الدكتور‬
‫إبراهيم بن ناصر الحمود‬
‫والشيخ محمد بن سعد السعيد‬
‫بن‬ ‫فهد‬ ‫الدكتور‬ ‫والشيخ‬
‫سليمان الفهيد عن موضوع هام‬
‫دا وهو األضرار واألخطار‬ ‫جًِّ‬
‫المترتبة على نشر الشائعات‬
‫المغرضة بين أفراد المجتمع‪.‬‬

‫إبراهيم‬ ‫الشيخ‬ ‫كلمة‬


‫الحمود‬
‫وأسباب‬ ‫الشائعة‬ ‫مفهوم‬
‫انتشارها في المجتمع‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد‬
‫هلل رب العالمين الذي خلق‬
‫اإلنسان في أحسن تقويم‪ ،‬وشق‬
‫سمعه وبصره وهداه النجدين‪،‬‬
‫وأشهد أال إله إال هللا وحده ال‬
‫األولين‬ ‫إله‬ ‫له‬ ‫شريك‬
‫واآلخرين‪ ،‬وأشهد أن محمً‬
‫دا‬
‫عبده ورسوله‪ ،‬بعثه هللا رحمة‬
‫للعالمين‪ ،‬صلى هللا عليه وعلى‬
‫ًا‬
‫تسليم‬ ‫وسلم‬ ‫وصحبه‬ ‫آله‬
‫ًا إلى يوم الدين‪.‬‬ ‫كثير‬
‫أما بعد‪ ،‬إن موضوعنا يهم كل‬
‫مسلم ومسلمة‪ ،‬وله صلة وثيقة‬
‫بحياة المسلم وأخالقه‪ ،‬ويؤثر‬
‫المسلمين‬ ‫َْ‬
‫دة‬ ‫َح‬
‫و‬ ‫في‬ ‫ًا‬
‫لب‬‫سَْ‬
‫من‬ ‫هذا‬ ‫ويتضح‬ ‫وتآلفهم‪،‬‬
‫عنوان موضوعنا‪ ،‬وال يخفى أن‬
‫الشائعات لها خطر عظيم على‬
‫الفرد والمجتمع‪ ،‬وال َ‬
‫تخْف‬
‫َى‬
‫أهمية هذا الموضوع في حياة‬
‫كما‬ ‫فالشائعة‬ ‫المسلمين‪،‬‬
‫تعلمون آفة من اآلفات التي‬
‫تعمل على تقويض المجتمع‬
‫ونشر الفوضى واالضطراب بين‬
‫ِّص لي من هذا‬‫ُص‬
‫ِ‬ ‫أفراده‪ ،‬وقد خ‬
‫الموضوع أحد جوانبه المهمة‬
‫َ‬
‫حقيقة‬ ‫لنا‬ ‫ِر‬‫َو‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫تص‬ ‫التي‬
‫ِن لنا أسباب‬‫َي‬
‫ِّ‬ ‫الشائعات وُ‬
‫تب‬
‫انتشار الشائعة بين أفراد‬
‫المجتمع‪.‬‬
‫تعريف الشائعة‪:‬‬
‫ُ‬
‫أقول وباهلل التوفيق‪ :‬الشائعة‬
‫ُ‪ ،‬إذا ذاع‬ ‫ِن شاع الخَب‬
‫َر‬ ‫م‬
‫وانتشر‪ .‬ففيها معنى االنتشار‬
‫والتكاثر‪ ،‬وقد تعددت األقوال‬
‫وبيان‬ ‫حقيقتها‬ ‫بيان‬ ‫في‬
‫مفهومها وتحديدها‪ ،‬فقيل‪ :‬هي‬
‫نبأ مجهول المصدر‪ ،‬سريع‬
‫االنتشار‪ ،‬ذو طابع استفزازي‬
‫في الغالب‪ .‬وقيل‪ :‬هي مجموع‬
‫سريعة‬ ‫خاطئة‬ ‫سلوكيات‬
‫َْ‬
‫لبلة‬‫الب‬ ‫ِير‬
‫تث‬‫ُ‬ ‫االنتشار‪،‬‬
‫والفتنة في المجتمع‪ .‬وقيل‪:‬‬
‫در‬ ‫ُْ‬
‫تص‬ ‫َِّ‬
‫ِلة َ‬
‫ل‬ ‫مض‬ ‫َ َّ‬
‫الة ُ‬ ‫هي معلومة ض‬
‫ٍ‪ ،‬ثم تنتقل إلى‬ ‫من فرد‬
‫أفراد‪ ،‬ثم إلى المجتمع‪ ،‬فهي‬
‫وهي‬ ‫الضالل‪،‬‬ ‫على‬ ‫محمولة‬
‫َّقة تعمل‬ ‫مَ‬
‫لف‬ ‫مجموعة أخبار ُ‬
‫على نشر الفوضى بين الناس‪.‬‬
‫ُّ‬
‫ِم‬ ‫َعة َ‬
‫يت‬ ‫َن‬
‫ْط‬‫مص‬‫وقيل‪ :‬هي رواية ُ‬
‫ِّ وسيلة متعارف‬ ‫ُُلها بأي‬
‫ِ‬ ‫َ‬
‫تناو‬
‫ن النظر لمصدرها‪.‬‬ ‫عليها‪ ،‬دوَ‬

‫وأقرب ما قيل في بيان مفهوم‬


‫الشائعة وتحديدها ومفهوم‬
‫حقيقتها أنها أقاويل وأخبار‬
‫بقصد‬ ‫الناس‬ ‫يتناقلها‬
‫ْ أو غير‬
‫َ‬ ‫ً‬
‫صحيحة كانت‬ ‫اإلرجاف‪،‬‬
‫ٍ‪.‬‬
‫صحيحة‬
‫بالنظر إلى تلك التعاريف‬
‫مفهوم‬ ‫بيان‬ ‫في‬ ‫السابقة‬
‫الشائعة نجد أنها متقاربة‬
‫من حيث المعنى وإنِ اختلفت‬
‫ألفاظها‪ ،‬فالشائعة قد تكون‬
‫ٍ‪ ،‬لكنه غير موثوق‬
‫ٍ‬ ‫َ مصدر‬‫ذات‬
‫ًا فيه‪،‬‬‫فيه ‪ ،‬أو يكون موثوق‬
‫َّ‬
‫وبدل‪ ،‬سواء‬ ‫َّر‬
‫لكن القائل غي‬
‫كان هذا التغيير أو التبديل‬
‫ٍ أو‬‫بالنقص أو الزيادة‪ ،‬بقصد‬
‫ٍ‪ ،‬فجاءت على خالف‬ ‫بغير قصد‬
‫آفة‬ ‫قيل‪:‬‬ ‫وقد‬ ‫الواقع‪.‬‬
‫األخبار رواتها‪.‬‬
‫ُل‬
‫ِي‬ ‫اْ‬
‫بت‬ ‫لقد‬ ‫اإلخوة‪،‬‬ ‫أيها‬
‫بتلقف‬ ‫الناس‬ ‫من‬ ‫َام‪1‬‬
‫ِئ‬‫ف‬
‫الروايات وافتعال األحاديث‬
‫في هذا الزمن بشكل الفت‬
‫من كانت‬ ‫للنظر واالنتباه‪ ،‬وَ‬
‫ه فهو أبعد الناس عن‬ ‫َ‬
‫حالُ‬ ‫هذه‬
‫التقوى‪.‬‬

‫‪ 1‬الفِئام الجماعة من الناس‪ .‬لسان العرب‪ :‬فأم‬


‫انتشار‬ ‫على‬ ‫ساعد‬ ‫وقد‬
‫الشائعات في وقتنا الحاضر‬
‫ددها عن‬ ‫َُّ‬
‫تع‬‫ُّع الوسائل وَ‬ ‫َو‬
‫تن‬‫َ‬
‫ِِّ المباشر بوسائله‬ ‫طريق البث‬
‫المختلفة‪ ،‬بحيث تصل الشائعة‬
‫ِهت إليه في زمن‬ ‫ُج‬
‫ِّ‬ ‫إلى َ‬
‫من و‬
‫ًا‬
‫ٍ‪ ،‬والشائعة ليست دائم‬ ‫قياسيِّ‬
‫َّقة‪،‬‬
‫لف‬ ‫مَ‬
‫ة ُ‬ ‫ًَّ‬
‫ِص‬‫با أو ق‬ ‫ًا كاذً‬ ‫خبر‬
‫ة تستحق‬ ‫ًَّ‬
‫ِعي‬ ‫َاق‬
‫وإنما قد تكون و‬
‫الكتمان‪ ،‬وغير قابلة للنشر‪،‬‬
‫َا في نشرها من الخطر‬ ‫لم‬‫ِ‬
‫والضرر على الفرد والمجتمع؛‬
‫من‬ ‫ًا‬
‫كثير‬ ‫تستهدف‬ ‫ألنها‬
‫الحاالت والجوانب‪ ،‬فهي تؤثر‬
‫السياسية‬ ‫الحالة‬ ‫على‬
‫واالجتماعية واالقتصادية‪.‬‬
‫بحرب‬ ‫يسَم‬
‫َّى‬ ‫ُ‬ ‫ما‬ ‫وهناك‬
‫الشائعات‪ ،‬وهذا أثره كبير‪،‬‬
‫وخطره شديد في عالقات الدول‬
‫وهي تسمى‬ ‫بعضها مع بعض‪،‬‬
‫أو الحرب‬ ‫الحرب النفسية‪،‬‬
‫المعنوية‪.‬‬
‫والشائعات ليست وليدة هذا‬
‫اليوم‪ ،‬وإنما هي معروفة‬
‫دم اإلنسان‪ ،‬لكنها أخذت‬ ‫َِ‬
‫بق‬
‫َو‬
‫ُّر‬ ‫َ‬
‫تط‬ ‫مع‬ ‫وتزداد‬ ‫تتطور‬‫َ‬
‫الحضارات القديمة والحديثة‪،‬‬
‫د فيما نلحظ‬‫هٌ‬
‫مشاَ‬
‫وهذا شيء ُ‬
‫اآلن من الشائعات التي نسمع‬
‫بها بين فترة وأخرى في شتى‬
‫الوسائل‪.‬‬
‫ْ تاريخ األنبياء‬ ‫من يقرأ‬‫وَ‬
‫مع‬ ‫وقصصهم‬ ‫السالم‬ ‫عليهم‬
‫قومهم في القرآن الكريم‬
‫ْ أثر الشائعات وخطرها‬ ‫ِك‬
‫در‬‫يْ‬
‫َ‬
‫على الدعوة إلى هللا‪ ،‬فمثال –‬
‫على سبيل المثال‪ ،‬ال الحصر –‬
‫نوح عليه السالم رماه قومه‬
‫بالضالل والجنون قال هللا تعالى‬
‫َ ف‬
‫ِي‬ ‫َاك‬ ‫نا َلن‬
‫َر‬ ‫َِّ‬
‫حكاية عنهم‪ ﴿ :‬إ‬
‫ِينٍ ﴾ [سورة األعراف ‪:‬‬ ‫مب‬ ‫َالل‬
‫ٍ ُّ‬ ‫ض‬
‫اآلية ‪ ]60‬وفي موضع آخر‪﴿ :‬‬
‫َ ﴾‬ ‫ُْ‬
‫دجِر‬ ‫َاز‬‫و‬ ‫ٌ‬
‫ُون‬
‫ْن‬ ‫َ ُ‬
‫الوا َ‬
‫مج‬ ‫َق‬
‫و‬
‫[سورة القمر ‪ :‬اآلية ‪.]9‬‬
‫مه‬ ‫همه قوُ‬ ‫وهود عليه السالم َّ‬
‫اتَ‬
‫هللا‬ ‫قال‬ ‫والكذب‬ ‫بالسفاهة‬
‫نا‬ ‫َِّ‬
‫تعالى حكاية عنهم‪ ﴿ :‬إ‬
‫ُّكَ‬ ‫ُن‬ ‫َظ‬‫نا َلن‬‫َِّ‬
‫َإ‬‫ٍ و‬
‫هة‬‫َاَ‬‫ِي سَف‬‫َ ف‬ ‫َر‬
‫َاك‬ ‫َلن‬
‫َ ﴾ [سورة األعراف‬ ‫ِب‬
‫ِين‬ ‫َاذ‬
‫َ الك‬ ‫ِن‬ ‫م‬
‫‪ :‬اآلية ‪ ]66‬حتى وصل بهم األمر‬
‫إلى أن اتهموه في عقله –‬
‫عياذا باهلل – يقول هللا جل وعال‬
‫ُول‬
‫ُ‬ ‫نق‬‫ِن َّ‬
‫ًا‪ ﴿ :‬إ‬ ‫حكاية عنهم أيض‬
‫ِسُوٍ‬
‫ء‬ ‫َا ب‬‫ِن‬‫هت‬‫لَ‬‫ْضُ آِ‬
‫بع‬‫َ َ‬‫َاك‬‫َر‬
‫ْت‬‫ِالَّ اع‬
‫إ‬
‫﴾ [سورة هود ‪ :‬اآلية ‪.]54‬‬
‫وموسى عليه السالم قالوا‬
‫عنه‪ :‬ساحر‪ .‬وقد حكى هللا جل وعال‬
‫وذكر ذلك على لسان فرعون‪﴿ :‬‬
‫َن‬‫د أ‬‫ِيُ‬ ‫ٌ ُ‬
‫ير‬ ‫ِيم‬‫َل‬
‫ٌ ع‬ ‫هَ‬
‫ذا َلسَاحِر‬ ‫ن َ‬‫َِّ‬
‫إ‬
‫ِ‬
‫ِه‬‫ْر‬
‫ِح‬‫ِس‬
‫ب‬ ‫ُم‬
‫ِك‬ ‫َر‬
‫ْض‬ ‫ْ أ‬ ‫ُم ِّ‬
‫ِن‬
‫م‬ ‫َك‬ ‫يخْر‬
‫ِج‬ ‫ُ‬
‫[سورة‬ ‫﴾‬ ‫ُوَ‬
‫ن‬ ‫مر‬‫ُْ‬ ‫َ‬
‫تأ‬ ‫َا‬‫َاذ‬‫َم‬‫ف‬
‫الشعراء ‪ :‬اآلية ‪.]35 – 34‬‬
‫ونبينا محمد صلى هللا عليه‬
‫وسلم خاتم األنبياء وسيد‬
‫المرسلين لم يسلم من تلك‬
‫َّقة‪،‬‬‫لف‬‫َُ‬ ‫الشائعات الكاذبة ْ‬
‫الم‬
‫ِي بحادثة اإلفك‪،‬‬ ‫ُل‬
‫بت‬‫فقد اْ‬
‫وكلنا يعلم هذه الحادثة‪،‬‬
‫وكادت أن تؤثر في بعض‬
‫َّ‬
‫أن هللا جل وعال‬ ‫النفوس‪ ،‬لوال‬
‫َّأ‬
‫بر‬‫َّن كذبهم‪ ،‬وَ‬ ‫بي‬‫فضحهم وَ‬
‫عائشة رضي هللا عنها من فوق سبع‬
‫لى‬‫َْ‬ ‫َها بآيات ُ‬
‫تت‬ ‫َّأ‬
‫بر‬‫سماوات‪َ ،‬‬
‫ِنا هذا‪.‬‬ ‫إلى يوم‬
‫كذلك لما أشيع مقتل النبي‬
‫َ‬
‫ثر‬‫ََّ‬
‫صلى هللا عليه وسلم يوم أحد أ‬
‫ذلك على صفوف المجاهدين‪،‬‬
‫واألمثلة على هذا كثيرة‪،‬‬
‫ولعل من يأتي من إخواني‬
‫يتحدث عنها إجماال وتفصيال‪.‬‬
‫وقد جاء التحذير – أيها‬
‫اإلخوة – من تلقف الشائعات‬
‫ًا في قول‬ ‫والترويج لها صريح‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫ها َّ‬
‫الذ‬ ‫يَ‬‫َُّ‬
‫هللا جل وعال‪ ﴿ :‬يا أ‬
‫َأ‬
‫ٍ‬ ‫َب‬
‫ِن‬‫ٌ ب‬ ‫َاس‬
‫ِق‬ ‫ْ ف‬ ‫ُم‬
‫ءك‬‫َاَ‬‫ِن ج‬ ‫ُوا إ‬ ‫آَ‬
‫من‬
‫ما‬ ‫َو‬
‫ًْ‬ ‫ُوا ق‬ ‫ِيب‬ ‫تص‬‫َن ُ‬ ‫ُوا أ‬ ‫َي‬
‫َّن‬ ‫َت‬
‫َب‬ ‫ف‬
‫ما‬ ‫لى َ‬ ‫ََ‬
‫ع‬ ‫ُوا‬‫ِح‬ ‫ُص‬
‫ْب‬ ‫َت‬
‫ٍ ف‬ ‫ه َ‬
‫الة‬ ‫ََ‬
‫ِج‬‫ب‬
‫[سورة‬ ‫﴾‬ ‫َ‬
‫ِين‬ ‫ِم‬
‫ناد‬‫َ‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫لت‬‫َْ‬
‫َع‬‫ف‬
‫الحجرات ‪ :‬اآلية ‪ ]6‬فسمى هللا‬
‫ًا‪ ،‬وال‬ ‫َاس‬
‫ِق‬ ‫ناقل الشائعة ف‬
‫يخفى دور الفاسق في اإلفساد‬
‫ٌّ على من سمع‬ ‫َق‬‫في األرض‪ ،‬وح‬
‫الشائعة أن يتثبت وأن يتأكد‬
‫من صحة الخبر‪ ،‬وعليه أن‬
‫يسأله نفسه هل في إعالنه‬
‫مصلحة أم أن المصلحة في‬
‫الكتمان؟!‬
‫من‬ ‫التحذير‬ ‫جاء‬ ‫ولقد‬
‫الشائعة في السنة المطهرة‬
‫ًا كما في قول النبي صلى‬ ‫أيض‬
‫َر‬
‫ِْ‬
‫ء‬ ‫َى ب ْ‬
‫ِالم‬ ‫َف‬
‫هللا عليه وسلم‪ )) :‬ك‬
‫َ ((‪.‬‬‫ِع‬ ‫ُل‬
‫ِّ َ‬
‫ما سَم‬ ‫ِ‬ ‫َ ب‬
‫ِك‬ ‫ِث‬‫َِّ‬
‫د‬ ‫يح‬ ‫َْ‬
‫نُ‬‫با أ‬‫َذ‬
‫ًِ‬‫ك‬
‫‪2‬‬

‫وفي حديث آخر عند أبي‬


‫ُل‬
‫ِ‬ ‫َّج‬ ‫َُّ‬
‫ة الر‬‫ِي‬ ‫ْسَ َ‬
‫مط‬ ‫ِئ‬‫داود‪ )) :‬ب‬
‫أوقدت‬ ‫فكم‬ ‫((‪،3‬‬ ‫َع‬
‫َموا‬ ‫ز‬
‫الكلمة الخبيثة من فتنة!‬
‫وكم أهلكت من أمة! ال سيما‬
‫إن كان مستثمروها من الفساق‬
‫ِجون للباطل تحت‬ ‫َو‬
‫ِّ‬ ‫الذين ُ‬
‫ير‬
‫‪ 2‬أخرجه مسلم (‪ ، 10/1‬رقم ‪)5‬‬
‫‪ 3‬أخرجه أحمد (‪ ، 401/5‬رقم ‪ ، )23451‬وأبو داود (‪ ، 294/4‬رقم ‪ ،)4972‬وصححه األلباني‬
‫شعار حرية الكلمة‪ ،‬وأي حرية‬
‫هذه حين يجد أهل الباطل‬
‫أكاذيبهم‪،‬‬ ‫لترويج‬ ‫ًا‬
‫لك‬‫مسَْ‬‫َ‬
‫ِفون الكلم عن مواضعه من‬ ‫ِّ‬
‫َر‬ ‫ُ‬
‫يح‬
‫والتضليل‪،‬‬ ‫التمويه‬ ‫أجل‬
‫بالباطل‬ ‫َّ‬
‫الحق‬ ‫ِسون‬
‫لب‬‫َْ‬ ‫في‬
‫ويكتمون الحق وهم يعلمون‬
‫ْر الشائعات‬ ‫ِب‬
‫إن من يتولى ك‬
‫وقلب‬ ‫األكاذيب‬ ‫وترويج‬
‫الحقائق ال يعرف قدر مسئولية‬
‫الكلمة‪ ،‬فالحرية أيها اإلخوة‬
‫ال تعني الخوض في الباطل‪،‬‬
‫فاإلنسان مسئول أمام هللا عز‬
‫وجل عما يقول وعما يفعل‪،‬‬
‫ْل‬
‫ٍ‬ ‫َو‬
‫ِن ق‬‫ُم‬
‫ِظ‬ ‫يْ‬
‫لف‬ ‫ما َ‬‫قال تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫د ﴾ [سورة‬ ‫ِيٌ‬‫َت‬
‫ٌ ع‬ ‫َق‬
‫ِيب‬ ‫ِ ر‬
‫يه‬ ‫ِالَّ َلَ‬
‫دْ‬ ‫إ‬
‫ق ‪ :‬اآلية ‪.]18‬‬
‫َ‬ ‫َِّ‬
‫ن السَّم‬
‫ْع‬ ‫وقال جل من قائل‪ ﴿ :‬إ‬
‫َْلئ‬
‫ِكَ‬ ‫ُو‬
‫ُّ أ‬‫ُل‬ ‫َاَ‬
‫د ك‬ ‫ُؤ‬ ‫َ ْ‬
‫الف‬ ‫َ و‬ ‫َر‬
‫َص‬ ‫َ ْ‬
‫الب‬‫و‬
‫ال ﴾ [سورة‬ ‫ُوً‬ ‫ه َ‬
‫مسْؤ‬ ‫ُْ‬
‫َن‬‫ن ع‬ ‫َاَ‬‫ك‬
‫اإلسراء ‪ :‬اآلية ‪.]36‬‬
‫فكم من كلمة قالت‪ :‬لصاحبها‬
‫دعني‪ .‬وقد قال رسول هللا صلى هللا‬
‫َْ‬
‫د‬ ‫َب‬ ‫ْ‬
‫الع‬ ‫َّ‬
‫ِن‬‫عليه وسلم ‪ « :‬إ‬
‫َانِ َّ‬
‫اَّللِ‬ ‫ْو‬
‫ِض‬‫ْ ر‬‫ِن‬‫ِ م‬‫َة‬ ‫َل‬
‫ِم‬ ‫ُ ب ْ‬
‫ِالك‬ ‫لم‬‫ََّ‬
‫َك‬ ‫َلي‬
‫َت‬
‫ها‬ ‫َِ‬ ‫ُ َّ‬
‫اَّللُ ب‬ ‫َع‬‫ْف‬
‫ير‬‫باالً َ‬
‫ها َ‬ ‫ِي َلَ‬‫لق‬‫يْ‬‫الَ ُ‬
‫ُ‬
‫لم‬ ‫ََّ‬
‫َك‬ ‫د َلي‬
‫َت‬ ‫َْ‬
‫َب‬ ‫ْ‬
‫الع‬ ‫َِّ‬
‫ن‬ ‫َإ‬‫َاتٍ‪ ،‬و‬ ‫َج‬
‫در‬‫َ‬
‫ِي‬ ‫لق‬‫يْ‬‫اَّللِ الَ ُ‬
‫ِ َّ‬ ‫ْ سَخَط‬ ‫ِن‬‫ِ م‬ ‫َة‬
‫ِم‬‫َل‬ ‫ب ْ‬
‫ِالك‬
‫َّم‬
‫َ‬ ‫هن‬‫ََ‬
‫ِى ج‬ ‫ها ف‬ ‫َِ‬‫ِى ب‬ ‫هو‬‫يْ‬‫باالً َ‬‫ها َ‬ ‫َلَ‬
‫»‪ 4‬نعوذ باهلل وما قرب إليها‬
‫من قول أو عمل‪.‬‬
‫وقد قال الشاعر‪:‬‬

‫‪ 4‬أخرجه البخاري (‪ ، 2377/5‬رقم ‪)6113‬‬


‫َ‬
‫ِن‬ ‫َا سَليم‬
‫ًا م‬ ‫ْي‬‫تح‬ ‫َْ‬
‫ن َ‬‫َ أ‬
‫مت‬‫ُْ‬
‫ِذا ر‬
‫إ‬
‫ََّ‬
‫دى‬ ‫الر‬
‫ُ‬
‫ِن‬‫َي‬
‫ِّ‬ ‫ُكَ ص‬
‫ْض‬ ‫َع‬
‫ِر‬ ‫ْفور‬
‫ٌ و‬ ‫مو‬‫ُكَ َ‬ ‫َد‬
‫ِين‬‫و‬
‫ٍ‬
‫ءة‬ ‫ِسَو‬
‫َْ‬ ‫ن ب‬ ‫ْكَ الِّ‬
‫ِسَاُ‬
‫ل‬ ‫ِن‬‫ْ م‬‫َن‬
‫ِق‬‫ْط‬
‫ين‬‫َال َ‬
‫ف‬
‫َْلسُن‬
‫ُ‬ ‫َّاسِ أ‬
‫ِلن‬ ‫ٌ و‬
‫َل‬ ‫ْآت‬ ‫ُُّ‬
‫لكَ سَو‬ ‫َك‬‫ف‬

‫الشائعات‬ ‫انتشار‬ ‫أسباب‬


‫وداوفعها‪:‬‬
‫بين‬ ‫الشائعة‬ ‫انتشار‬ ‫إن‬
‫أفراد المجتمع له دوافع‬
‫كثيرة‪ ،‬وهذه الدوافع قد‬
‫تكون دوافع نفسية وسياسية‬
‫واقتصادية‪،‬‬ ‫واجتماعية‬
‫وتتعرض الشائعة في أثناء‬
‫التحريف‬ ‫إلى‬ ‫التداول‬
‫والتبديل والتغيير والزيادة‬
‫والنقص‪.‬‬
‫ولنذكر أهم أسباب انتشار‬
‫الشائعة – وهذا على سبيل‬
‫المثال ال الحصر لئال يطول‬
‫تلك‬ ‫من‬ ‫–‬ ‫المقام‬ ‫بنا‬
‫األسباب‪:‬‬
‫الهوى‬ ‫اتباع‬ ‫األول‪:‬‬ ‫السبب‬
‫الهوى‪.‬‬
‫والمقصود بالهوى هوى النفس‬
‫مارة بالسوء إال ما رحم‬ ‫األََّ‬
‫ربي‪ ،‬فصاحب الهوى يعمل على‬
‫َى نفس‬
‫ِه‪ ،‬ولو‬ ‫نشر ما يوافق َ‬
‫هو‬
‫كان على حساب إلحاق الضرر‬
‫بغيره‪ ،‬فهو ال يهمه إال مصلحة‬
‫نفسه فقط‪ ،‬وإشباع غريزته‬
‫السيئة‪ ،‬وال يهمه ما يحصل‬
‫بعد ذلك من خطر على البشر‪،‬‬
‫ولهذا أنكر هللا جل وعال على من‬
‫تبارك‬ ‫فقال‬ ‫صنيعه‪،‬‬ ‫هذا‬
‫َ‬
‫اتخَذ‬
‫منِ َّ‬ ‫َ َ‬ ‫يت‬‫َْ‬
‫َأ‬‫َر‬‫َف‬‫وتعالى‪ ﴿ :‬أ‬
‫لى عْ‬
‫ِلم‬
‫ٍ‬ ‫ََ‬ ‫ه َّ‬
‫اَّللُ ع‬ ‫لُ‬ ‫َض‬
‫ََّ‬ ‫َأ‬
‫ه و‬‫َاُ‬ ‫ه َ‬
‫هو‬ ‫هُ‬‫َِلَ‬
‫إ‬
‫﴾ [سورة الجاثية ‪ :‬اآلية‬
‫ِع‬
‫ِ‬ ‫َّب‬
‫تت‬ ‫ََ‬
‫ال َ‬‫‪ ،]23‬وقال جل وعال‪ ﴿ :‬و‬
‫ِ َّ‬
‫اَّللِ ﴾‬ ‫ِيل‬‫َن سَب‬ ‫ِلكَ ع‬‫ُضَّ‬
‫َي‬‫َى ف‬
‫هو‬‫الَ‬
‫[سورة ص ‪ :‬اآلية ‪.]26‬‬
‫َن يعمل على نشر الشائعة‬ ‫فم‬
‫دون النظر في العواقب إنما‬
‫يعمل ذلك لموافقة هوى نفسه‪،‬‬
‫وال يخفى علينا خبر هوى‬
‫النفس األََّ‬
‫مارة بالسوء‪.‬‬

‫السبب الثاني‪ :‬الجهل‪.‬‬


‫ونعني الجهل بعواقب األمور‪،‬‬
‫فمن أراد أن يقدم على عمل ال‬
‫د نظر‬
‫ٍ‬ ‫ُْ‬‫بع‬‫بد أن يكون عنده ُ‬
‫ِيَ إليه‬ ‫يؤِّ‬
‫د‬ ‫ليعلم ما يمكن أن ُ‬
‫هذا العمل من المفاسد؛ إذ ال‬
‫يليق به أن يقتصر على فهمه‬
‫القاصر‪ ،‬فقد يظن اإلنسان أن‬
‫األكاذيب‬ ‫من‬ ‫ينشره‬ ‫ما‬
‫لمة ال‬ ‫مسََّ‬
‫واألقاويل حقائق ُ‬
‫تقبل الجدل‪ ،‬لكن في الحقيقة‬
‫َّقة‪ ،‬فالجهل‬ ‫مَ‬
‫لف‬ ‫هي أكاذيب ُ‬
‫بعواقب األمور من أهم دوافع‬
‫في‬ ‫الشائعات‬ ‫انتشار‬
‫المجتمع‪ ،‬وأحيانا قد يؤدي‬
‫يطلق‬ ‫أن‬ ‫إلى‬ ‫جهله‬ ‫به‬
‫ُزاح‬ ‫ْ‬
‫الم‬ ‫باب‬ ‫من‬ ‫الشائعة‬
‫والدعابة‪ ،‬إن أولئك الذين‬
‫يطلقون الشائعات على سبيل‬
‫المزاح والدعابة ال تلبس‬
‫شائعاتهم أن تتلقفها اآلذان‬
‫للفساد‬ ‫المحبة‬ ‫الصاغية‬
‫ثم‬ ‫الناس‪،‬‬ ‫بين‬ ‫واإلفساد‬
‫انتشار‬ ‫تنتشر‬ ‫ما‬ ‫سرعان‬
‫النار في الهشيم‪ ،‬تسابق‬
‫الريح من هنا وهناك حتى تعم‬
‫من كانت هذه حاله‬ ‫اآلفاق‪ ،‬وَ‬
‫وهذه مهنته وال يتمعر وجهه‬
‫من الخوض في الباطل يكون من‬
‫الذين خلعوا ربقة الحياء من‬
‫أعناقهم؛ ألن كل همه إثارة‬
‫المشاكل وخلق القالقل بين‬
‫الناس‪.‬‬

‫السبب الثالث‪ :‬النفاق‪:‬‬


‫إن النفاق سبب من أسباب‬
‫اإلرجاف‪ ،‬قال جل وعال في‬
‫َه‬
‫ِ‬ ‫ينت‬‫ْ َ‬ ‫ِن َّلم‬ ‫﴿ َلئ‬ ‫اآلية‪:‬‬
‫ِم‬‫ِه‬
‫لوب‬‫ُُ‬‫ِي ق‬‫َ ف‬
‫ِين‬‫الذ‬‫َ َّ‬
‫ن و‬‫ُوَ‬ ‫َاف‬
‫ِق‬ ‫ُن‬‫الم‬
‫َة‬
‫ِ‬ ‫ِين‬‫َد‬
‫ِي الم‬ ‫ن ف‬ ‫ُوَ‬ ‫ْجِف‬
‫ُر‬ ‫َ ْ‬
‫الم‬ ‫َضٌ و‬ ‫مر‬‫َّ‬
‫ُ َ‬
‫ونكَ‬ ‫َاو‬
‫ِر‬ ‫ال ُ‬
‫يج‬ ‫َّ َ‬
‫ثم‬ ‫ْ ُ‬ ‫ِه‬
‫ِم‬ ‫َّكَ ب‬
‫ين‬ ‫ْر‬
‫َِ‬ ‫َلن‬
‫ُغ‬
‫ال ﴾ [سورة‬ ‫ِيً‬ ‫َل‬‫ِال ق‬ ‫ها إ‬ ‫ِيَ‬‫ف‬
‫األحزاب ‪ :‬اآلية ‪.]60‬‬

‫والنفاق مرض القلب‪ ،‬وهو سبب‬


‫الويالت والنكبات‪ ،‬فما من‬
‫فتنة إال وكان للمنافقين يد‬
‫فيها‪ ،‬وما حادثة اإلفك من‬
‫ذلك ببعيد‪ ،‬وهي خير شاهد‬
‫هللا‬ ‫وصف‬ ‫وقد‬ ‫ذلك‪،‬‬ ‫على‬
‫بالعداوة‬ ‫المنافقين‬
‫للمؤمنين‪ ،‬ومن يرد إلحاق‬
‫األذى ونشر الفوضى فهو عدو هلل‬
‫ولرسوله وللمؤمنين‪ ،‬كما قال‬
‫ُّ‬
‫دو‬ ‫َُ‬‫ُ الع‬ ‫هم‬‫جل وعال عن حالهم‪ُ ﴿ :‬‬
‫نى‬ ‫ََّ‬ ‫َّ‬
‫اَّللُ أ‬ ‫ُ‬
‫هم‬ ‫تَ‬
‫لُ‬ ‫َاَ‬
‫ْ ق‬ ‫ُْ‬
‫هم‬‫ذر‬‫َْ‬
‫َاح‬‫ف‬
‫ن ﴾ [سورة المنافقون ‪:‬‬ ‫ُوَ‬‫َك‬
‫ْف‬ ‫ُ‬
‫يؤ‬
‫اآلية ‪ ]4‬فهم أهل إرجاف وكذب‬
‫دون‪،‬‬ ‫ُْ‬
‫يب‬‫ُون ما ال ُ‬ ‫يخْف‬
‫وبهتان‪ُ ،‬‬
‫والحقيقة أن هذه الشائعات‬
‫المغرضة إنما تصدر ممن ال‬
‫خالق له‪.‬‬

‫السبب الرابع‪ :‬الفراغ‪.‬‬

‫إن الفراغ القاتل يؤدي بال‬‫َّ‬


‫شك إلى ترويج الشائعات بطرق‬
‫ووسائل مختلفة‪ ،‬ومن هذه‬
‫الطرق وسائل االتصال الحديثة‬
‫كاإلنترنت والجوال ويكون ذلك‬
‫والتهكم‪،‬‬ ‫التسلية‬ ‫بغرض‬
‫ولذلك شواهد كثيرة من رسائل‬
‫ًا باهلل‪.‬‬
‫“البلوتوث” عياذ‬

‫كثير من الشائعات تنقل عن‬


‫طريق البلوتوث‪ ،‬وتنقل عن‬
‫في‬ ‫الدردشة‬ ‫مواقع‬ ‫طريق‬
‫اإلنترنت وهذه المواقع ما هي‬
‫إال ويالت على البشر‪ ،‬وخاصة‬
‫الشباب منهم الذين جعلوها‬
‫وأفكارهم‬ ‫آلرائهم‬ ‫ًا‬
‫مسرح‬
‫الهدامة‪ ،‬فهم يتناقلون فيها‬
‫والزور‬ ‫والقال‪،‬‬ ‫القيل‬
‫والبهتان‪ ،‬وخدش الحياء‪ ،‬ال‬
‫شك أن هذا سوء استخدام‬
‫للفراغ الذي هو نعمة من هللا‬
‫َّ َّ‬
‫اَّللُ بها على‬ ‫َّة َ‬
‫من‬ ‫ِن‬ ‫جل وعال وم‬
‫اإلنسان‪ ،‬وكما جاء في الحديث‬
‫الشريف الذي قال فيه رسول هللا‬
‫َانِ‬ ‫َت‬
‫ْم‬‫ِع‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪« :‬ن‬
‫َّاسِ‪،‬‬‫َ الن‬ ‫ٌ م‬
‫ِن‬ ‫َث‬
‫ِير‬ ‫َا ك‬
‫ِم‬ ‫ٌ ف‬
‫ِيه‬ ‫ُون‬ ‫ْب‬ ‫َ‬
‫مغ‬
‫ُ (»‪)5‬‬
‫َاغ‬‫َر‬ ‫َ ْ‬
‫الف‬ ‫َُّ‬
‫ة و‬ ‫ِّح‬
‫ِ‬
‫الص‬

‫وال يخفى علينا أن تجريح‬


‫اآلخرين ونشر معايبهم في تلك‬
‫ًا من الغيبة‬ ‫د أيض‬‫َُّ‬
‫يع‬‫الوسائل ُ‬
‫المحرمة؛ ألن الغيبة هي ذكرك‬
‫أخاك بما يكره‪ ،‬فمن ينقل‬
‫هذه األقاويل الملفقة عن‬
‫طريق تلك الوسائل ويذكر‬
‫معايب أخيه فهذا من الغيبة‬
‫المحرمة‪ ،‬وهللا جل وعال يقول‪﴿ :‬‬
‫ًا ﴾ [سورة‬‫ْض‬
‫بع‬‫ُم َ‬
‫ُك‬‫ْض‬‫بع‬‫َب َّ‬
‫ْت‬ ‫ََ‬
‫ال َ‬
‫يغ‬ ‫و‬
‫الحجرات ‪ :‬اآلية ‪ ]12‬ويزداد‬
‫خطرها وإثمها إذا تحولت هذه‬
‫الغيبة إلى شائعة وانتشرت‬
‫بين الناس على وجه التشهير‬
‫والفضيحة‪ ،‬وال حول وال قوة إال‬
‫باهلل‪.‬‬

‫السبب الخامس‪ :‬الرغبة في حب‬


‫الظهور‪.‬‬

‫إن حب الظهور مرض نفسي‪ ،‬وهو‬


‫من الحيل العقلية التي يلجأ‬
‫إليها ضعاف النفوس من أجل‬
‫حساب‬ ‫على‬ ‫أنفسهم‬ ‫إبراز‬
‫اآلخرين‪ ،‬يعني يعمل الواحد‬
‫منهم على إبراز نفسه بنشر‬
‫هذه الشائعات وإن كان فيها‬
‫َا‬
‫لم‬ ‫ضرر على غيره نتيجة ِ‬
‫يعانيه من الفشل في حياته‬
‫ِّ‬
‫ِض‬
‫يعو‬ ‫دا أن ذلك ُ‬‫َق‬
‫ًِ‬ ‫ْت‬
‫مع‬‫العامة‪ُ ،‬‬
‫ما يشعر به من نقص‪ ،‬وال شك‬
‫أن هذا اعتقاد غير صحيح‪،‬‬
‫ًَ‬
‫ءا‬‫مر‬‫ومسلك باطل‪ ،‬فرحم هللا اْ‬
‫َْ‬
‫در نفسه‪.‬‬‫َف ق‬
‫عر‬

‫الشعور‬ ‫السادس‪:‬‬ ‫السبب‬


‫بالكراهية لآلخرين‪.‬‬

‫إن الشعور بالكراهية لآلخرين‬


‫من لهم نفوذ ومكانة‬ ‫وخاصة َ‬
‫في المجتمع سبب في زرع‬
‫َو‬
‫ِّ‬
‫ِج‬ ‫فيعمل ُ‬
‫مر‬ ‫‪،‬‬ ‫الشائعات‬
‫الشائعة على نشرها من باب‬
‫لذلك‬ ‫والبغضاء‬ ‫الكراهية‬
‫اإلنسان ذي النفوذ حتى يسيء‬
‫إلى سمعته بين الناس‪ ،‬وذلك‬
‫َم هللا من‬
‫ِع‬‫َى عليه من ن‬
‫ير‬‫َا َ‬
‫لم‬‫ِ‬
‫المكانة والمنزلة‪ ،‬وهذا يعد‬
‫من باب الحسد على هذه‬
‫النعمة‪ ،‬فيأخذ في ترويجع‬
‫الشائعات الكاذبات عنه حتى‬
‫يسيء إلى سمعته‪ ،‬ويكون هذا‬
‫االنتقام‬ ‫باب‬ ‫من‬ ‫أحيانا‬
‫لنفسه بإلحاق الضرر بأخيه‪.‬‬

‫وخالصة القول أن هذه األسباب‬


‫يجمعها سبب واحد‪ ،‬وهو ضعف‬
‫الوازع الديني‪ ،‬فإن اإليمان‬
‫َر في قلب العبد فإنه‬ ‫َق‬‫متى و‬
‫ال يرضى بأذية ألخيه المسلم‪،‬‬
‫ِي صاحبه على‬ ‫َِّ‬
‫ب‬ ‫ير‬‫فاإليمان ُ‬
‫األخالق الفاضلة‪ ،‬أما إذا خف‬
‫ميزان اإليمان في قلب العبد‬
‫ًا باهلل – فعندئذ يصبح‬
‫– عياذ‬
‫ِن شأنه‬‫العبد عرضة لكل ما م‬
‫اإلساءة واإلفساد‪ ،‬ومن ذلك‬
‫تلقف‬ ‫واإلساءة‬ ‫اإلفساد‬
‫َّ‬
‫الشائعات ونشرها‪ ،‬فال شك أن‬
‫ضعف الوازع الديني هو رأس‬
‫هذه‬ ‫نشر‬ ‫في‬ ‫كله‬ ‫األمر‬
‫الشائعات الكاذبة‪.‬‬

‫اللهم احفظ بالدنا من حقد‬


‫الحاقدين ونوايا المغرضين‪،‬‬
‫واحفظ قلوبنا من النفاق‪،‬‬
‫الخيانة‪،‬‬ ‫من‬ ‫وأعيننا‬
‫وألسنتنا من الكذب‪ ،‬اللهم‬
‫وارزقنا‬ ‫ًّا‬
‫َق‬ ‫ح‬ ‫الحق‬ ‫أرنا‬
‫اتباعه‪ ،‬وأرنا الباطل باطالً‬
‫اللهم‬ ‫اجتنابه‪،‬‬ ‫وارزقنا‬
‫اهدنا ألحسن األخالق ال يهدي‬
‫ألحسنها إال أنت‪ ،‬واصرف عنا‬
‫سيئ األخالق ال يصرف عنا سيئها‬
‫إال أنت‪ ،‬وأوصي نفسي وجميع‬
‫إخواني المسلمين بتقوى هللا‬
‫بقول‬ ‫وأذكرهم‬ ‫وجل‪،‬‬ ‫عزو‬
‫ْ‬
‫من‬ ‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪َ« :‬‬
‫ِ اآلخِر‬
‫ِ‬ ‫َو‬
‫ْم‬ ‫َ ْ‬
‫الي‬ ‫ُ ب َّ‬
‫ِاَّللِ و‬ ‫ْم‬
‫ِن‬ ‫ن ُ‬
‫يؤ‬ ‫َاَ‬‫ك‬
‫ْ (»‪)6‬‬
‫ُت‬ ‫َص‬
‫ْم‬ ‫َو‬
‫ْ ِ‬
‫لي‬ ‫ًا أ‬ ‫َي‬
‫ْر‬ ‫ُل‬
‫ْ خ‬ ‫َق‬
‫لي‬‫َْ‬
‫ف‬

‫أحسن هللا إليكم‪ ،‬وبارك فيكم‬


‫على ما أدليتم به وتفضلتم‬
‫به‪ ،‬ال شك بعد هذا العرض من‬
‫الشيخ عن الشائعة وعن أسباب‬
‫انتشارها أصبح في أذهاننا‬
‫مدى أخطارها وأضرارها على‬
‫المجتمع‪ ،‬وال شك أنها كثيرة‪.‬‬

‫كلمة الشيخ محمد السعيد‬


‫الفرد‬ ‫على‬ ‫خطر الشائعات‬
‫والمجتمع‬

‫الحمد هلل‪ ،‬والصالة والسالم على‬


‫رسول هللا‪ ،‬وعلى آله وصحبه ومن‬
‫وااله‪ ،‬أما بعد‪ ،‬أيها األحبة‬
‫في هللا أحييكم بتحية اإلسالم‬
‫الطيبة تحية أهل الجنة‪،‬‬
‫تحية فيها سالم‪ ،‬السالم عليكم‬
‫ورحمة هللا وبركاته‪ ،‬لقد تفضل‬
‫الدكتور‬ ‫الشيخ‬ ‫فضيلة‬
‫أسباب‬ ‫ببيان‬ ‫إبراهيم‬
‫الشائعات‪ ،‬فجاء من المناسب‬
‫أن نتكلم عن أخطارها وأن‬
‫نحذر منها‪ ،‬فالشائعات لها‬
‫خطر عظيم وأمر جسيم على‬
‫الفرد والمجتمع وعلى مستوى‬
‫الدول والحكومات‪ ،‬فيكفي من‬
‫خطر الشائعات أنها تدخل في‬
‫باب الغيبة والنميمة‪ ،‬وقد‬
‫حذرنا هللا من ذلك أيما تحذير‪،‬‬
‫ُم‬
‫ُك‬‫ْض‬
‫بع‬‫َب َّ‬
‫ْت‬ ‫ََ‬
‫ال َ‬
‫يغ‬ ‫قال تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫ًا ﴾ [سورة الحجرات ‪:‬‬ ‫ْض‬
‫بع‬‫َ‬
‫اآلية ‪.]12‬‬

‫وعن النبي صلى هللا عليه وسلم‬


‫ما‬‫َ‬ ‫ُوَ‬
‫ن‬ ‫در‬ ‫تْ‬‫ََ‬
‫«أ‬ ‫قال‪:‬‬ ‫أنه‬
‫ه‬ ‫َسُ ُ‬
‫ولُ‬ ‫َر‬ ‫الوا‪َّ :‬‬
‫اَّللُ و‬ ‫َ ُ‬‫ة»‪ .‬ق‬ ‫َُ‬
‫ِيب‬ ‫ْ‬
‫الغ‬
‫َا‬
‫ِم‬‫َ ب‬‫َاك‬‫َخ‬‫َ أ‬ ‫ْر‬
‫ُك‬ ‫ِك‬
‫ل « ذ‬ ‫َاَ‬
‫ُ‪ .‬ق‬ ‫َْ‬
‫لم‬ ‫َع‬
‫أ‬
‫َ‬
‫َان‬‫ن ك‬‫ِْ‬‫َ إ‬‫يت‬ ‫َْ‬ ‫َر‬
‫َأ‬ ‫َف‬
‫َ أ‬ ‫ِيل‬‫ه »‪ .‬ق‬ ‫ْر‬
‫َُ‬ ‫يك‬‫َ‬
‫َاَ‬
‫ن‬ ‫ن ك‬‫ِْ‬
‫ل « إ‬ ‫َاَ‬‫ل ق‬‫ُوُ‬‫َق‬‫ما أ‬‫َخِى َ‬
‫ِى أ‬‫ف‬
‫ِْ‬
‫ن‬‫َإ‬‫ه و‬‫َُ‬
‫ْت‬ ‫ْت‬
‫َب‬ ‫ِ اغ‬ ‫َد‬‫َق‬
‫ل ف‬‫ُوُ‬ ‫ما َ‬
‫تق‬ ‫ِ َ‬
‫ِيه‬‫ف‬
‫ه (‪)7 ».‬‬ ‫َُّ‬ ‫هت‬‫بَ‬‫د َ‬‫َْ‬
‫َق‬‫ِ ف‬ ‫ْ ف‬
‫ِيه‬ ‫ُن‬
‫يك‬‫ْ َ‬‫َلم‬
‫إن سبب نزول قوله تعالى‪﴿ :‬‬
‫ًا ﴾ [سورة‬ ‫ْض‬
‫بع‬‫ُم َ‬ ‫ُك‬‫ْض‬‫بع‬‫َب َّ‬‫ْت‬
‫يغ‬ ‫ََ‬
‫ال َ‬‫و‬
‫الحجرات ‪ :‬اآلية ‪ ]12‬أن‬
‫عائشة رضي هللا عنها قالت‬
‫للنبي صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫ََ‬
‫ذا‪.‬‬ ‫َك‬
‫ذا و‬ ‫ََ‬
‫ة ك‬ ‫ََّ‬
‫ِي‬‫َف‬‫ْ ص‬ ‫ُكَ م‬
‫ِن‬ ‫َسْب‬
‫ح‬
‫َال‬
‫َ‬ ‫َق‬‫ف‬ ‫َة‪.‬‬ ‫َص‬
‫ِير‬ ‫ق‬ ‫أنها‬ ‫ِى‬‫ْن‬‫تع‬‫َ‬
‫النبي صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫َاِ‬
‫ء‬ ‫ِم‬‫ْ ب‬‫َت‬
‫ِج‬ ‫ة َلو‬
‫ْ ُ‬
‫مز‬ ‫ًَ‬‫ِم‬‫َل‬‫لتِ ك‬‫ُْ‬‫د ق‬‫َْ‬
‫«َلق‬
‫ه »‪ )8 ( .‬أي‪:‬‬ ‫ُْ‬‫َت‬‫َج‬‫َز‬‫ِ َلم‬ ‫َح‬
‫ْر‬ ‫ْ‬
‫الب‬
‫غيرته‪.‬‬

‫ًا إال أنها‬


‫وهي لم تقل شيئ‬
‫قالت كذا وكذا‪ ،‬يعني تقصد‬
‫بأنها قصيرة‪ ،‬فما بالكم بمن‬
‫الكبيرة‪،‬‬ ‫الشائعات‬ ‫َو‬
‫ِّ‬
‫ِج‬ ‫ُ‬
‫ير‬
‫ويسعى في نشرها وتشويه سمعة‬
‫الناس والطعن في أعراضهم‬
‫وأخالقهم وقدراتهم وعلمهم‪،‬‬
‫ويسعى إلى انتشار ذلك ما‬
‫استطاع إليه سبيال‪ ،‬فهي أيضا‬
‫تدخل في باب النميمة‪ ،‬وقد‬
‫ُل‬
‫َّ ح‬
‫َالَّفٍ‬ ‫ْ ك‬‫ِع‬
‫تط‬‫َالَ ُ‬
‫قال تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫ٍ ﴾‬ ‫ِيم‬‫َم‬
‫ِن‬‫ء ب‬ ‫مشَّاٍ‬‫ٍ َّ‬
‫َّاز‬
‫هم‬ ‫ِينٍ َ‬
‫مه‬‫َّ‬
‫[سورة القلم ‪ :‬اآلية ‪– 10‬‬
‫‪.]11‬‬

‫وقال النبي صلى هللا عليه‬


‫ٌ»(‬ ‫َت‬
‫َّات‬ ‫ة ق‬‫ََّ‬
‫َن‬ ‫ُ ْ‬
‫الج‬ ‫ُل‬
‫دخ‬ ‫وسلم‪« :‬الَ َ‬
‫يْ‬
‫َّام‬
‫ٌ»‪.‬‬ ‫نم‬ ‫«َ‬ ‫ْظ‬
‫ٍ‪:‬‬ ‫َلف‬ ‫ِي‬‫وف‬ ‫‪)9‬‬
‫والقتات الذي ينقل الكالم من‬
‫ْم إلى‬ ‫َو‬
‫ِن ق‬ ‫شخص إلى شخص‪ ،‬أو م‬
‫ٍ على سبيل اإلفساد‪.‬‬ ‫َو‬
‫ْم‬ ‫ق‬
‫باب‬ ‫في‬ ‫الشائعات‬ ‫وتدخل‬
‫الكذب‪ ،‬وهللا حذرنا من الكذب‬
‫َر‬
‫ِي‬ ‫ْت‬
‫يف‬‫َا َ‬ ‫َِّ‬
‫نم‬ ‫قال تعالى‪ ﴿ :‬إ‬
‫ياتِ‬‫ِآَ‬ ‫ُوَ‬
‫ن ب‬ ‫ْم‬
‫ِن‬ ‫يؤ‬ ‫َ َ‬
‫ال ُ‬ ‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫ِب‬‫َذ‬
‫الك‬
‫ن ﴾‬ ‫بوَ‬ ‫َاذ‬
‫ُِ‬ ‫ُ الك‬ ‫هم‬ ‫َْلئ‬
‫ِكَ ُ‬ ‫ُو‬
‫َأ‬ ‫َّ‬
‫اَّللِ و‬
‫[سورة النحل ‪ :‬اآلية ‪.]105‬‬

‫أكد على كذبهم وافترائهم‪،‬‬


‫وعن ابن مسعود رضي هللا عنه‬
‫قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫َِلى‬ ‫ِي إ‬ ‫هد‬‫يْ‬‫َ َ‬ ‫دق‬‫ِّْ‬
‫ِ‬
‫ن الص‬ ‫َِّ‬‫وسلم‪« :‬إ‬
‫َِلى‬ ‫ِي إ‬ ‫هد‬‫يْ‬‫َّ َ‬ ‫ِر‬ ‫ن ْ‬
‫الب‬ ‫َِّ‬
‫َإ‬‫ِ‪ ،‬و‬ ‫ِّ‬
‫ِر‬ ‫ْ‬
‫الب‬
‫َّى‬ ‫ُ ح‬
‫َت‬ ‫دق‬‫ُْ‬‫َص‬‫َ َلي‬‫ُل‬‫َّج‬
‫ن الر‬‫َِّ‬‫َإ‬
‫ِ‪ ،‬و‬ ‫َّة‬
‫َن‬ ‫ْ‬
‫الج‬
‫ِي‬ ‫هد‬‫يْ‬‫َ َ‬
‫ِب‬‫َذ‬ ‫ن ْ‬
‫الك‬ ‫َِّ‬
‫َإ‬‫ًا‪ ،‬و‬ ‫ِيق‬‫ِِّ‬
‫د‬ ‫ن ص‬‫ُوَ‬ ‫يك‬‫َ‬
‫َ‬
‫ُور‬ ‫ُج‬ ‫ْ‬
‫الف‬ ‫َِّ‬
‫ن‬ ‫َإ‬‫ِ‪ ،‬و‬ ‫ُور‬‫ُج‬ ‫ْ‬
‫الف‬ ‫َِلى‬
‫إ‬
‫َ‬
‫ُل‬ ‫َّج‬
‫ن الر‬ ‫َِّ‬
‫َإ‬‫ِ‪ ،‬و‬ ‫َِلى الن‬
‫َّار‬ ‫ِي إ‬ ‫يْ‬
‫هد‬ ‫َ‬
‫َّ‬
‫اَّللِ‬ ‫َْ‬
‫د‬‫ِن‬ ‫َ ع‬ ‫َب‬‫ْت‬‫يك‬‫َّى ُ‬‫َت‬ ‫ُ‪ ،‬ح‬ ‫ْذ‬
‫ِب‬ ‫َلي‬
‫َك‬
‫با ( »‪)10‬‬ ‫ذاً‬ ‫ََّ‬
‫ك‬
‫هل ترغب يا عبد هللا أن تكون‬
‫من الكاذبين الذين يحملون‬
‫غير‬ ‫الملفقة‬ ‫األخبار‬
‫الصحيحة؟! ألن الشائعة إما‬
‫ًا وإما أن‬ ‫ْض‬
‫مح‬‫با َ‬
‫ًِ‬‫َذ‬
‫أن تكون ك‬
‫ًا ملفقة تحتمل‬ ‫تكون أخبار‬
‫تكون‬ ‫أي‬ ‫والكذب‪،‬‬ ‫الصدق‬
‫ًا من األخبار المشوهة‬ ‫مزيج‬
‫ًا ما‬ ‫غير الموثوقة‪ ،‬وغالب‬
‫يكتنفها‬ ‫الشائعات‬ ‫تكون‬
‫الغموض والسرية والسرعة في‬
‫نشر الخبر‪ ،‬والهدف اإلساءة‬
‫إلى اآلخرين‪ ،‬لذلك قال النبي‬
‫ًا‪:‬‬ ‫صلى هللا عليه وسلم محذر‬
‫َ‬
‫ِث‬‫َِّ‬
‫د‬ ‫يح‬‫ن ُ‬‫َْ‬
‫با أ‬ ‫َذ‬
‫ًِ‬ ‫َر‬
‫ِْ‬
‫ء ك‬ ‫َى ب ْ‬
‫ِالم‬ ‫َف‬ ‫«ك‬
‫َ ( ‪)11 ».‬‬ ‫ما سَم‬
‫ِع‬ ‫ُل‬
‫ِّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِك‬
‫ب‬
‫ويقول صلى هللا عليه وسلم‪:‬‬
‫َموا»(‬‫َع‬
‫ِ ز‬ ‫َّج‬
‫ُل‬ ‫ة الر‬ ‫َُّ‬
‫ِي‬ ‫ْسَ َ‬
‫مط‬ ‫ِئ‬
‫«ب‬
‫ًا‬
‫‪ )12‬فهو يسمع أيَّ خبر خير‬
‫ًّا‪ ،‬أو فيه مصلحة‬ ‫كان أو شَر‬
‫للمسلمين أو لألفراد أو فيه‬
‫مضرة‪ ،‬وينقل هذا الخبر على‬
‫عواهنه بدون التأكد‪ ،‬وبدون‬
‫التريث‪ ،‬وبدون أن ينظر هل‬
‫في نشر هذا الخبر مصلحة‬
‫للمسلمين أم فيه مضرة؟ فإذا‬
‫كان فيه مصلحة نسعى إلى‬
‫نشره‪ ،‬وإذا كان فيه مضرة‬
‫ويجر إلى فتنة وفساد فيتوقف‬
‫اإلنسان‪ ،‬ولقد وصف النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم الذي يتحدث‬
‫ويكذب في حديثه بأن فيه‬
‫خصلة من خصال النفاق قال‬
‫ُ‬
‫ية‬‫صلى هللا عليه وسلم‪« :‬آَ‬
‫َ‪،‬‬
‫ذب‬‫ََ‬
‫َ ك‬
‫دث‬ ‫َا ح‬
‫ََّ‬ ‫ٌ‪ :‬إ‬
‫ِذ‬ ‫ِ َ‬
‫ثالَث‬ ‫َاف‬
‫ِق‬ ‫ُن‬ ‫ْ‬
‫الم‬
‫َ‬
‫ِن‬‫تم‬‫َااؤ‬
‫ُْ‬ ‫ِذ‬‫َإ‬
‫َ‪ ،‬و‬
‫لف‬ ‫َخ‬
‫َْ‬ ‫د أ‬‫ََ‬
‫َع‬‫َا و‬
‫ِذ‬‫َإ‬
‫و‬
‫ن(‪)13».‬‬‫َاَ‬‫خ‬

‫وعن عبد هللا بن عمرو بن العاص‬


‫رضي هللا عنهما قال‪ :‬قال رسول‬
‫ٌ‬
‫بع‬ ‫َر‬
‫َْ‬ ‫هللا صلى هللا عليه وسلم‪ « :‬أ‬
‫ًا‬ ‫َاف‬
‫ِق‬ ‫ن ُ‬
‫من‬ ‫َاَ‬
‫ِ ك‬ ‫ِيه‬‫َّ ف‬‫ُن‬‫ْ ك‬ ‫َ‬
‫من‬
‫ٌ‬
‫لة‬‫َْ‬
‫َص‬‫ِ خ‬
‫ِيه‬ ‫ْ ف‬ ‫َ َ‬
‫انت‬ ‫ْ ك‬ ‫ََ‬
‫من‬ ‫ًا‪ ،‬و‬‫لص‬‫َاِ‬‫خ‬
‫َ‬
‫ِن‬‫ٌ م‬ ‫َْ‬
‫لة‬ ‫َص‬‫ِ خ‬ ‫ِيه‬‫ْ ف‬ ‫َ َ‬
‫انت‬ ‫َّ ك‬‫هن‬‫ُْ‬‫ِن‬
‫م‬
‫َا‬‫ِذ‬
‫إ‬ ‫ها‪،‬‬‫ََ‬ ‫يَ‬
‫دع‬ ‫َّى َ‬ ‫َت‬
‫ِ ح‬ ‫ِّف‬
‫َاق‬ ‫ِ‬
‫الن‬
‫َ‪،‬‬ ‫ََ‬
‫ذب‬ ‫َ ك‬
‫دث‬ ‫َا ح‬
‫ََّ‬ ‫َإ‬
‫ِذ‬ ‫ن‪ ،‬و‬‫َاَ‬‫َ خ‬‫ِن‬
‫تم‬‫ُْ‬‫اؤ‬
‫َ‬
‫َم‬‫َاص‬‫َا خ‬‫ِذ‬‫َإ‬‫َ‪ ،‬و‬‫در‬‫ََ‬
‫د غ‬‫هَ‬ ‫َا ع‬
‫َاَ‬ ‫ِذ‬‫َإ‬
‫و‬
‫َ(»‪)14‬‬ ‫َر‬‫َج‬
‫ف‬

‫لذلك وجب أن نتثبت في نقل‬


‫األخبار حتى ال نسعى في نقل‬
‫الكذب ونكون من الكاذبين‬
‫يَ‬
‫ها‬ ‫َُّ‬
‫قال هللا عز وجل‪ ﴿ :‬يا أ‬
‫َاس‬
‫ِقٌ‬ ‫ْ ف‬‫ُم‬ ‫َاَ‬
‫ءك‬ ‫ِن ج‬ ‫ُوا إ‬ ‫من‬‫َ آَ‬‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬
‫ُوا‬‫ِيب‬ ‫َن ُ‬
‫تص‬ ‫ُوا أ‬ ‫َي‬
‫َّن‬ ‫َب‬‫َت‬
‫ٍ ف‬ ‫َب‬
‫َأ‬ ‫ِن‬‫ب‬
‫لى َ‬
‫ما‬ ‫ََ‬‫ُوا ع‬‫ِح‬ ‫ُص‬
‫ْب‬ ‫َت‬‫ٍ ف‬ ‫ه َ‬
‫الة‬ ‫ََ‬
‫ِج‬‫ما ب‬‫ًْ‬‫َو‬‫ق‬
‫[سورة‬ ‫﴾‬ ‫َ‬
‫ِين‬‫ِم‬
‫ناد‬ ‫َ‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫َْ‬
‫لت‬ ‫َع‬‫ف‬
‫الحجرات ‪ :‬اآلية ‪ ]6‬ومعنى‬
‫تبينوا ‪ :‬تثبتوا‪.‬‬

‫ذرنا هللا من نقل الخبر‬ ‫ََّ‬


‫لقد ح‬
‫َن‬
‫بدون التثبت فقال‪ ﴿ :‬أ‬
‫ُوا ﴾ [سورة الحجرات ‪:‬‬ ‫ِيب‬
‫تص‬‫ُ‬
‫اآلية ‪ ]6‬أي‪ :‬لئال تصيبوا‪.‬‬
‫فالتساهل في نقل الخبر قد‬
‫ًا إلصابة اآلخرين‪،‬‬ ‫يكون سبب‬
‫ويكون فيه ضرر لهم‪ ،‬سواء‬
‫شعرت أم لم تشعر‪ ،‬وهللا عز وجل‬
‫حذرنا من أذية المؤمنين‪،‬‬
‫ُون‬
‫َ‬ ‫ْذ‬
‫يؤ‬‫َ ُ‬
‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫قال تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫ِ َ‬
‫ما‬ ‫ْر‬‫َي‬
‫ِغ‬‫َاتِ ب‬
‫ِن‬‫ْم‬
‫ُؤ‬ ‫َ ْ‬
‫الم‬‫َ و‬‫ِين‬ ‫ْم‬
‫ِن‬ ‫ُؤ‬
‫الم‬
‫َ ً‬
‫انا‬‫هت‬‫بْ‬
‫لوا ُ‬ ‫َُ‬
‫َم‬‫ْت‬
‫ِ اح‬‫َد‬
‫َق‬‫ُوا ف‬‫َسَب‬
‫ْت‬‫اك‬
‫ًا ﴾ [سورة األحزاب‬ ‫ِين‬ ‫ًا ُّ‬
‫مب‬ ‫ِْ‬
‫ثم‬ ‫َإ‬
‫و‬
‫‪ :‬اآلية ‪]58‬‬

‫ِسْالَم‬
‫ِ‬ ‫ْ ح‬
‫ُسْنِ إ‬ ‫ِن‬
‫وفي الحديث‪« :‬م‬
‫ِ»‪(.‬‬ ‫ْن‬
‫ِيه‬ ‫يع‬‫ما الَ َ‬ ‫ُُ‬
‫ه َ‬‫ْك‬ ‫ء َ‬
‫تر‬ ‫َر‬
‫ِْ‬ ‫ْ‬
‫الم‬
‫‪ )15‬ومعنى ما ال يعنيه‪ :‬ليس‬
‫منه فائدة‬

‫َّن‬
‫بي‬‫فالنبي صلى هللا عليه وسلم َ‬
‫لنا هذه األمور وحذرنا منها‬
‫أيما تحذير‪ ،‬لقد جاء اإلسالم‬
‫قال‬ ‫والتثبت‪،‬‬ ‫بالتعقل‬
‫ْسَ َلكَ‬
‫ما َلي‬
‫ُ َ‬ ‫ْف‬
‫تق‬‫َالَ َ‬
‫تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫َ‬
‫َر‬‫َص‬ ‫َ ْ‬
‫الب‬‫َ و‬ ‫ن السَّم‬
‫ْع‬ ‫َِّ‬
‫ٌ إ‬ ‫ِ عْ‬
‫ِلم‬ ‫ِه‬
‫ب‬
‫ْه‬
‫ُ‬ ‫َن‬ ‫َاَ‬
‫ن ع‬ ‫َْلئ‬
‫ِكَ ك‬ ‫ُو‬
‫ُّ أ‬ ‫ُل‬ ‫َاَ‬
‫د ك‬ ‫ُؤ‬ ‫َ ْ‬
‫الف‬ ‫و‬
‫ُوً‬
‫ال﴾ [سورة اإلسراء ‪ :‬اآلية‬ ‫َ‬
‫مسْؤ‬
‫‪.]36‬‬

‫ُ‬
‫ِظ‬ ‫يْ‬
‫لف‬ ‫ما َ‬‫وقال جل من قائل‪َ ﴿ :‬‬
‫د ﴾‬‫ِيٌ‬‫َت‬‫ٌ ع‬‫ِيب‬ ‫َق‬
‫ِ ر‬‫يه‬ ‫ِالَّ َلَ‬
‫دْ‬ ‫ٍ إ‬ ‫َو‬
‫ْل‬ ‫ِن ق‬‫م‬
‫[سورة ق ‪ :‬اآلية ‪ ، ]18‬وقال‬
‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ْك‬
‫لي‬‫ََ‬
‫ن ع‬ ‫َِّ‬
‫َإ‬‫تبارك وتعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫َ‬
‫ِين‬‫ِب‬‫َات‬‫ك‬ ‫ما‬‫َاً‬‫ِر‬
‫ك‬ ‫َ‬
‫ِين‬‫ِظ‬ ‫َلح‬
‫َاف‬
‫ن ﴾ [سورة‬ ‫لوَ‬‫َُ‬
‫ْع‬ ‫ما َ‬
‫تف‬ ‫ن َ‬ ‫ُوَ‬
‫لم‬‫َْ‬
‫يع‬‫َ‬
‫االنفطار ‪ :‬اآلية ‪.]12 – 10‬‬

‫والشائعة لها آثار وأخطار‬


‫نفسية؛ فهي سبب في إحداث‬
‫األضرار النفسية والعقلية‬
‫لإلنسان‪ ،‬ال الجسدية‪ ،‬فقد‬
‫َّى‬
‫لق‬ ‫تَ‬
‫يكون هذا الشخص الذي َ‬
‫ِده ضعيف‬‫َت ضَّ‬
‫هذه الشائعة وحِيك‬
‫اإليمان‪ ،‬ضعيف الصبر‪ ،‬ضعيف‬
‫التحمل‪ ،‬فال يستطيع الصبر‪،‬‬
‫فربما تؤثر على نفسيته‪،‬‬
‫فينطوي على نفسه ويعتزل‬
‫الناس‪ ،‬وربما تطور األمر إلى‬
‫أن يضرب عن األكل والشرب‬
‫وتسوء صحته وتتدهور من يوم‬
‫إلى يوم حتى يئول به األمر‬
‫إلى الوفاة‪ ،‬أو إلى الجنون‪،‬‬
‫أو الخبل حتى يمشي يحاكي‬
‫نفسه‪.‬‬

‫بنار‬ ‫اصطلى‬ ‫من‬ ‫وأعظم‬


‫الشائعات الحبيب المصطفى‬
‫ُ خلق هللا‬
‫صلى هللا عليه وسلم أفضل‬
‫على وجه األرض‪ ،‬وذلك في‬
‫حادثة اإلفك‪ ،‬فجلس النبي صلى‬
‫ًا كامالً وهو‬ ‫هللا عليه وسلم شَْ‬
‫هر‬
‫ْرة من أمره‪ ،‬حتى نزل‬ ‫َي‬
‫في ح‬
‫َُّ‬
‫منا‬ ‫َر‬
‫ِّ‬
‫ِئ أ‬ ‫الوحي من السماء ُ‬
‫يب‬
‫عائشة رضي هللا عنها من هذه‬
‫فيها‬ ‫خاض‬ ‫التي‬ ‫الفرية‬
‫البعض‪.‬‬

‫َّا توفي النبي صلى هللا عليه‬


‫ولم‬‫َ‬
‫الكفار‬ ‫اشتغل‬ ‫وسلم‬
‫والمنافقون بإشاعة وهي كيف‬
‫ًّا ما‬
‫ِي‬ ‫نب‬‫يموت النبي‪ ،‬لو كان َ‬
‫مات‪ ،‬ولرد عن نفسه الموت‪،‬‬
‫حتى خرج عمر بن الخطاب ومعه‬
‫سيفه يقول‪ :‬من ادعى ذلك‬
‫فسأقطع رأسه‪ .‬واضطرب الناس‬
‫ولم يتحملوا الموقف‪ ،‬حتى‬
‫خرج أبو بكر رضي هللا عنه وخطب‬
‫من كان يعبد‬ ‫خطبته فقال‪َ :‬‬
‫دا قد مات‪،‬‬ ‫دا فإن محمً‬‫محمً‬
‫من كان يعبد هللا فإن هللا حي ال‬ ‫وَ‬
‫يموت‪ .‬جاء بالخبر اليقين‬
‫ٌَّ‬
‫د‬ ‫َم‬
‫مح‬ ‫ََ‬
‫ما ُ‬‫وتال قوله تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫ِ‬
‫ِه‬ ‫َب‬
‫ْل‬ ‫ِن ق‬‫ْ م‬ ‫ََ‬
‫لت‬‫د خ‬ ‫َْ‬
‫ٌ ق‬ ‫ِالَّ ر‬
‫َسُول‬ ‫إ‬
‫ُ ﴾ [سورة آل عمران ‪:‬‬ ‫ُّسُل‬
‫الر‬
‫اآلية ‪ ]144‬إلى آخر اآليات‪.‬‬
‫ُوا بما كتب‬ ‫َض‬
‫َت الصحابة ور‬ ‫َب‬ ‫فث‬
‫هللا وبما قسم هللا؛ ألنه رضوان هللا‬
‫عليه ذكرهم وجاءهم بالخبر‬
‫اليقين والصحيح‪.‬‬

‫ويقول أحد من اصطلى بنار‬


‫الشائعة‪ :‬حصل بيني وبين‬
‫جاري خالف بسيط‪ ،‬فحقد علي‪،‬‬
‫فرأيت بعد فترة أن جماعة‬
‫ََ‬
‫ليَّ‪ ،‬وال‬‫الحي ال يسلمون ع‬
‫ََ‬
‫ليَّ السالم‪ ،‬وصاروا ال‬‫دون ع‬ ‫ُُّ‬
‫ير‬‫َ‬
‫ِهم‬‫اجتماعات‬ ‫إلى‬ ‫ِي‬ ‫ُ َ‬
‫ونن‬ ‫دع‬‫يْ‬‫َ‬
‫ِهم المعتادة‪ ،‬فأحسست‬ ‫وندوات‬
‫ًا‪ ،‬فبعد أيام‬ ‫أن في األمر شيئ‬
‫ًا وهو‬ ‫ِع‬‫َز‬
‫ليَّ ف‬ ‫ََ‬
‫دخل ولدي ع‬
‫يقول‪ :‬يا أبي‪ ،‬ما معنى كلمة‬
‫من‬‫ِج؟ قلت‪ :‬ماذا تقول؟ َ‬ ‫َو‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫مر‬
‫قال لك هذه الكلمة؟ قال‪:‬‬
‫د الجيران – حصل‬ ‫قالها لي ولُ‬
‫ٍ آخر من‬ ‫بين هذا الطفل وطفل‬
‫الجيران خالف‪ ،‬فقال له‪ :‬يا‬
‫ْ‬
‫بت‬ ‫َر‬
‫ََ‬ ‫ْط‬
‫ولد المروج – قال‪ :‬فاض‬
‫ُ‬
‫ْت‬ ‫ْ نفسي وص‬
‫ِر‬ ‫بت‬ ‫َر‬
‫ََ‬ ‫ْط‬
‫أعصابي واض‬
‫ْرة من أمري‪ ،‬حتى حاولت‬ ‫َي‬
‫في ح‬
‫أن أعرف الخبر‪ ،‬وإذا به قد‬
‫ِرات‪،‬‬ ‫مخَِّ‬
‫د‬ ‫ِج ُ‬ ‫َو‬
‫ِّ‬ ‫أشيع عني أني ُ‬
‫مر‬
‫وأنا بريء من هذه الفرية‪،‬‬
‫ُبت‪،‬‬ ‫َح‬
‫فضاقت بي األرض بما ر‬
‫إن صاحب العقار رفض أن‬ ‫حتى َّ‬
‫يجدد لي العقد؛ ألنه سمع‬
‫فخرجت‬ ‫الشائعة‪،‬‬ ‫بهذه‬
‫َيِّ‬
‫ٍ آخر؛ ألنه لم‬ ‫واستأجرت في ح‬
‫يكن لي وجه أقابل به الناس‬
‫ِّي‬
‫َن‬
‫ِ‬ ‫وقد انطلقت هذه الفرية ع‬
‫وشاعت في الحي‪.‬‬

‫فانظروا إلى الشائعات كيف‬


‫تسبب البلبلة وتسبب الفرقة‬
‫وتسبب الخصام وتسبب الحقد‬
‫أفراد‬ ‫بين‬ ‫والحساسية‬
‫المجتمع‪.‬‬

‫آثار‬ ‫لها‬ ‫والشائعات‬


‫اقتصادية سيئة‪ ،‬فقد تؤثر‬
‫على اقتصاد البلد وتسبب‬
‫ًا لألثرياء وغيرهم‪،‬‬ ‫انهيار‬
‫وقد سمعنا أن من أسباب‬
‫االنهيار االقتصادي في العالم‬
‫الذي تسمعونه اآلن من بعض‬
‫بعض‬ ‫إشاعة‬ ‫المحللين‬
‫الشائعات ضد األثرياء وضد‬
‫بعض المؤسسات التجارية‪ ،‬حتى‬
‫وصل األمر إلى ما تسمعون به‬
‫اآلن‪.‬‬

‫من األمثلة في ذلك‪ :‬يأتي‬


‫صاحب مصنع عنده صناعة كاسدة‬
‫َى منه‪ ،‬وليس للناس‬ ‫َر‬
‫يشْت‬
‫ال ُ‬
‫رغبة في منتجه فيدبر شائعة‬
‫المصانع‬ ‫أن‬ ‫أكذوبة‬ ‫أو‬
‫الفالنية والفالنية تستعمل في‬
‫هذه المنتجات مواد كيماوية‬
‫تضر بصحة اإلنسان‪ ،‬سواء كان‬
‫با أو مأكوالً أو ملبوسًا‪،‬‬
‫مشروً‬
‫فيعرض الناس الذين سمعوا‬
‫بهذه الشائعة عن الشراء من‬
‫على‬ ‫ًا‬
‫خوف‬ ‫المنتجات‬ ‫هذه‬
‫ُصاب هذه‬ ‫أنفسهم وصحتهم‪ ،‬فت‬
‫المنتجات‬ ‫وهذه‬ ‫المصانع‬
‫أقفلت‬ ‫وربما‬ ‫بالخَسارة‪،‬‬
‫أبوابها وأوقفت إنتاجها‪ ،‬كل‬
‫َعه‬‫ْن‬ ‫َ َ‬
‫مص‬ ‫ِير‬ ‫ذلك من أجل أن ُ‬
‫يد‬
‫حساب‬ ‫على‬ ‫ًا‬ ‫ْت‬
‫ِج‬ ‫من‬‫ْعله ُ‬ ‫يج‬‫وَ‬
‫الضرر باآلخرين‪ ،‬والنبي صلى‬
‫َ‬
‫َر‬ ‫هللا عليه وسلم يقول‪« :‬الَ ض‬
‫َر‬
‫َ»( ‪ )16‬وقد يكون هدف‬ ‫َار‬
‫ِر‬‫َالَ ض‬
‫و‬
‫باألمن‪،‬‬ ‫اإلخالل‬ ‫الشائعات‬
‫ًا في بلبلة الناس‬ ‫فتكون سبب‬
‫في‬ ‫وخاصة‬ ‫واضطرابهم‪،‬‬
‫البلدان التي فيها حروب‪،‬‬
‫ضد‬ ‫األعداء‬ ‫فيستخدمها‬
‫أعدائهم‪ ،‬فيروجون شائعات‬
‫عبر وسائل اإلعالم من تلفاز‬
‫فضائية‬ ‫ومحطات‬ ‫وإذاعة‬
‫وشبكات إنترنت أن البلد‬
‫الفالني قتل منه كذا وكذا من‬
‫دا من‬‫األفراد‪ ،‬وسقط منهم عدً‬
‫الطائرات‪ ،‬واحترقت دبابات‪،‬‬
‫وتهدمت بيوت ومساكن‪ ،‬فيحدث‬
‫للجنود‬ ‫نفسية‬ ‫هزيمة‬
‫ويصابون‬ ‫المقاتلين‪،‬‬
‫باالضطراب والحيرة في أمرهم‪،‬‬
‫تهتز‪،‬‬ ‫الداخلية‬ ‫والجبهة‬
‫فيتولد عند الناس والشعب‬
‫البغضاء لحاكم البلد أو‬
‫فربما‬ ‫الجمهورية‪،‬‬ ‫لرئيس‬
‫تقوم ثائرتهم وتتحرك الفتن‪،‬‬
‫وربما تقوم المسيرات لالنقالب‬
‫على ذلك الحاكم‪.‬‬

‫وتمتد الشائعات فتنال من‬


‫كبار الشخصيات والوزراء‪،‬‬
‫والعلماء والمشايخ وطلبة‬
‫هللا‪،‬‬ ‫إلى‬ ‫والدعاة‬ ‫العلم‬
‫واآلمرين بالمعروف والناهين‬
‫عن المنكر حتى تحصل الفجوة‬
‫والهوة بين العلماء وبين‬
‫الناس‪ ،‬فتهتز الثقة بين‬
‫الناس والعلماء‪ ،‬فيذهبون‬
‫يستفتون الجهلة‪ ،‬ويستفتون‬
‫أولئك الذين يخرجون عبر‬
‫المحطات الفضائية ممن ليس‬
‫عنده علم فيفتونهم‪ ،‬ويتركون‬
‫علماء البلد؛ ألن هناك َ‬
‫من‬
‫في‬ ‫ويطعن‬ ‫ْعتهم‬
‫سُم‬ ‫يشَو‬
‫ِّ‬
‫ِه‬ ‫ُ‬
‫ْداقيتهم‪ ،‬ويطعن في علمهم‪.‬‬ ‫ِص‬
‫م‬

‫فانظروا كيف تصل الشائعات‬


‫من الخطر إلى هذا المدى‪ ،‬بل‬
‫تصل إلى أمور كثيرة يضيق‬
‫المجال لسردها‪ ،‬ويضيق الوقت‬
‫ِّبنا‬
‫َن‬
‫ِ‬ ‫لعدها‪ ،‬نسأل هللا أن ُ‬
‫يج‬
‫وإياكم الفتن ما ظهر منها‬
‫وما بطن‪ ،‬ونسأل هللا أن يوفقنا‬
‫وترك‬ ‫الخيرات‬ ‫لفعل‬
‫ينا الحق‬ ‫َِ‬
‫ير‬‫المنكرات‪ ،‬وأن ُ‬
‫اتباعه‪،‬‬ ‫ويرزقنا‬ ‫ًّا‬
‫حق‬
‫ويرزقنا‬ ‫باطالً‬ ‫والباطل‬
‫اجتنابه‪ ،‬وآخر دعوانا أن‬
‫الحمد هلل رب العالمين‪.‬‬

‫ال شك أن المجتمعات طالها ما‬


‫طالها من هذه الشائعات‪،‬‬
‫وسيحدثنا الشيخ الدكتور فهد‬
‫الفهيد عن حماية المجتمع من‬
‫الشائعات وطرق عالج ذلك‪.‬‬
‫فهد‬ ‫الدكتور‬ ‫الشيخ‬ ‫كلمة‬
‫الفهيد‬

‫حماية المجتمع واألفراد من‬


‫الشائعات‬

‫بسم هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد‬


‫والصالة‬ ‫العالمين‪،‬‬ ‫رب‬ ‫هلل‬
‫والسالم على أشرف األنبياء‬
‫والمرسلين نبينا محمد‪ ،‬وعلى‬
‫آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫أما بعد‪ ،‬فقد تحدث صاحبا‬


‫الدكتور‬ ‫الشيخ‬ ‫الفضيلة‬
‫وفضيلة‬ ‫الحمود‬ ‫إبراهيم‬
‫عن‬ ‫السعيد‬ ‫محمد‬ ‫الشيخ‬
‫الشائعات وقد أفادا وأجادا‬
‫فيما يتعلق بأسباب الشائعات‬
‫وعظم خطرها وأضرارها‪ ،‬وألخص‬
‫الحديث فيما يتعلق بحماية‬
‫المجتمع واألفراد من هذه‬
‫الشائعات‪.‬‬

‫من‬ ‫المجتمع‬ ‫حماية‬ ‫طرق‬


‫الشائعات‪:‬‬

‫أوال‪ :‬صيانة اللسان ‪.‬‬

‫الشائعات‬ ‫أن‬ ‫عرفنا‬ ‫إذا‬


‫أصلها نميمة وكذب وأخبار قد‬
‫ُي‬
‫ِّ‬
‫ِرت‬ ‫ِص منها‪ ،‬وغ‬ ‫د فيها ُ‬
‫ونق‬ ‫ِيَ‬
‫ز‬
‫عن وجهها‪ ،‬نتذكر ما جاء في‬
‫النصوص من القرآن والسنة من‬
‫ِسان‪ ،‬قال هللا جل‬ ‫وجوب حفظ الِّ‬
‫ل‬
‫ِ‬
‫ِه‬‫ْسَ َلكَ ب‬
‫ما َلي‬‫ُ َ‬ ‫ْف‬‫تق‬‫َالَ َ‬
‫وعال‪ ﴿ :‬و‬
‫َ‬
‫َر‬‫َص‬ ‫َ ْ‬
‫الب‬ ‫و‬ ‫َ‬
‫ْع‬‫السَّم‬ ‫َِّ‬
‫ن‬ ‫إ‬ ‫ٌ‬ ‫عْ‬
‫ِلم‬
‫ْه‬
‫ُ‬ ‫َن‬
‫ن ع‬ ‫َاَ‬ ‫َْلئ‬
‫ِكَ ك‬ ‫ُو‬
‫ُّ أ‬‫ُل‬‫د ك‬ ‫َاَ‬
‫ُؤ‬ ‫َ ْ‬
‫الف‬ ‫و‬
‫ال ﴾ [سورة اإلسراء ‪:‬‬ ‫ُوً‬ ‫َ‬
‫مسْؤ‬
‫اآلية ‪.]36‬‬

‫وقال النبي صلى هللا عليه‬


‫ُ ب َّ‬
‫ِاَّللِ‬ ‫ِن‬‫ْم‬
‫يؤ‬‫ن ُ‬ ‫َاَ‬‫ْ ك‬‫من‬‫وسلم‪َ« :‬‬
‫َو‬
‫ْ‬ ‫ًا أ‬
‫ْر‬‫َي‬
‫ْ خ‬‫ُل‬
‫َق‬‫لي‬‫َْ‬ ‫ْم‬
‫ِ اآلخِر‬
‫ِ ف‬ ‫َو‬ ‫َ ْ‬
‫الي‬ ‫و‬
‫ْ (»‪)17‬‬ ‫ْم‬
‫ُت‬ ‫َص‬
‫لي‬‫ِ‬

‫فهذا أول عالج للشائعات‪ ،‬وهو‬


‫دابرها‪،‬‬ ‫يقطع‬ ‫عالج َ‬
‫ناجِع‬
‫ِئ نارها‪ ،‬ويميت شَر‬
‫َّها في‬ ‫ْف‬
‫يط‬‫وُ‬
‫إليك‬ ‫وصلت‬ ‫فإذا‬ ‫مكانه‪،‬‬
‫ْها بأن تحفظ لسانك‪ ،‬وال‬ ‫َم‬
‫ِت‬ ‫أ‬
‫ٍ أن‬‫َى ألحد‬
‫ْض‬ ‫تتكلم بها‪ ،‬وال َ‬
‫تر‬
‫يتكلم بها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬الحذر من سوء الظن‪.‬‬

‫د الحذر من سوء الظن من‬ ‫َُّ‬


‫يع‬‫ُ‬
‫الشائعات‪،‬‬ ‫عالج‬ ‫أسباب‬
‫فالواجب على المسلم أن يكون‬
‫سليم الصدر إلخوانه المسلمين‬
‫ًا والة أمورهم وعلماَ‬
‫ءهم‬ ‫ُصوص‬ ‫خ‬
‫ِهم واآلمرين بالمعروف‬ ‫ودعات‬
‫َ‬
‫والناهين عن المنكر وأهل‬
‫الخير والصالح‪ ،‬بل وجميع‬
‫عموم المسلمين والمسلمات‪،‬‬
‫فإحسان الظن واجب‪ ،‬وإساءة‬
‫ًا‪،‬‬
‫ْع‬‫َّمة شَر‬
‫محر‬‫الظن بالمسلمين ُ‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫ها َّ‬
‫الذ‬ ‫يَ‬‫َُّ‬
‫قال تعالى‪ ﴿ :‬يا أ‬
‫َ‬
‫ِن‬‫م‬‫ًا ِّ‬ ‫ِير‬‫َث‬
‫ُوا ك‬ ‫َن‬
‫ِب‬ ‫ُوا اج‬
‫ْت‬ ‫آَ‬
‫من‬
‫ََ‬
‫ال‬‫ٌ و‬ ‫ثم‬‫ِْ‬
‫ِ إ‬ ‫َّن‬
‫ِّ‬ ‫ْضَ الظ‬ ‫بع‬‫ن َ‬ ‫َِّ‬‫ِ إ‬ ‫َّن‬
‫ِّ‬ ‫الظ‬
‫ًا‬‫ْض‬ ‫ُم َ‬
‫بع‬ ‫ُك‬‫ْض‬
‫بع‬ ‫َب َّ‬‫ْت‬ ‫ال َ‬
‫يغ‬ ‫ََ‬
‫َسَّسُوا و‬ ‫تج‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ْم‬‫َ َلح‬ ‫ُل‬‫ْك‬
‫يأ‬‫َن َ‬ ‫ْ أ‬ ‫ُم‬
‫دك‬‫َُ‬‫َح‬ ‫ُّ أ‬‫يحِب‬‫َُ‬ ‫أ‬
‫ُوا‬ ‫َ َّ‬
‫اتق‬ ‫ه و‬ ‫ُوُ‬ ‫ُم‬ ‫َر‬
‫ِْ‬
‫هت‬ ‫َك‬‫ًا ف‬ ‫ْت‬ ‫مي‬‫ِ َ‬‫َخِيه‬ ‫أ‬
‫ٌ ﴾ [سورة‬ ‫َّحِيم‬‫ٌ ر‬‫َّاب‬
‫تو‬‫اَّللَ َ‬
‫ن َّ‬ ‫َِّ‬
‫اَّللَ إ‬
‫َّ‬
‫الحجرات ‪ :‬اآلية ‪.]12‬‬

‫ثالثا‪ :‬التماس األعذار وحسن‬


‫النية‪.‬‬

‫إذا بلغك عن أحد كالم أو‬


‫صحته‪،‬‬ ‫من‬ ‫وتوثقت‬ ‫سمعته‬
‫فالواجب عليك أن تحمله على‬
‫أحسن المحامل‪ ،‬وأن تبحث له‬
‫عن األعذار‪ ،‬فربما يكون له‬
‫عذر أو أمور قد احتفت بها‬
‫القرائن‪ ،‬فيكون لكالمه أو‬
‫لتصرفه عذر تعذره به‪ ،‬فال‬
‫تظن بأخيك شَر‬
‫ًّا‪ ،‬فأنت قادر‬
‫على أن تحمل كالمه أو فعله‬
‫على أحد َ‬
‫محامل الخير‪.‬‬

‫إلى رسول هللا‬ ‫رابعا‪ :‬الرد‬


‫وصول‬ ‫عند‬ ‫األمر‬ ‫ووالة‬
‫الشائعة‪.‬‬

‫يجب علينا أن نرد األمور إلى‬


‫رسول هللا أو والة أمورنا‪،‬‬
‫وننظر كيف يتعامل الشرع مع‬
‫مثل هذه األمور‪ .‬قال هللا تعالى‬
‫تخيف‬ ‫التي‬ ‫الشائعات‬ ‫في‬
‫ٌ‬
‫مر‬ ‫َ‬
‫ْ أْ‬
‫هم‬‫ءُ‬
‫َاَ‬‫َا ج‬
‫ِذ‬‫َإ‬
‫المسلمين‪ ﴿ :‬و‬
‫ِ‬
‫ِه‬ ‫ُوا ب‬ ‫َاع‬‫َذ‬‫ْفِ أ‬‫ِ الخَو‬ ‫َو‬‫منِ أ‬ ‫َ األَْ‬ ‫ِّ‬
‫ِن‬
‫م‬
‫َِلى‬ ‫َإ‬‫ِ و‬ ‫َِلى الر‬
‫َّسُول‬ ‫ه إ‬ ‫دوُ‬ ‫َُّ‬
‫ْ ر‬ ‫ََلو‬‫و‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫ه َّ‬
‫الذ‬ ‫َُ‬
‫ِم‬ ‫ْ َلع‬
‫َل‬ ‫هم‬‫ُْ‬‫ِن‬‫ِ م‬‫مر‬‫ِي األَْ‬ ‫ْل‬ ‫ُو‬
‫أ‬
‫ُ َّ‬
‫اَّللِ‬ ‫ْل‬‫َض‬ ‫ََلو‬
‫ْال ف‬ ‫ْ و‬‫هم‬‫ُْ‬‫ِن‬‫ه م‬ ‫ُ َ‬
‫ونُ‬ ‫ِط‬‫َنب‬‫يسْت‬‫َ‬
‫ُم‬
‫ُ‬ ‫َع‬
‫ْت‬ ‫َّ‬
‫التب‬ ‫ُُ‬
‫ه‬ ‫َت‬‫ْم‬‫َح‬‫َر‬‫و‬ ‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ْك‬
‫لي‬ ‫ََ‬
‫ع‬
‫ال ﴾ [سورة‬ ‫ِيً‬‫َل‬‫ِالَّ ق‬‫ن إ‬ ‫َاَ‬ ‫ْط‬‫الشَّي‬
‫النساء ‪ :‬اآلية ‪.]83‬‬

‫فيا أيها المسلمون ربنا‬


‫يدلنا على خيرنا وصالحنا‬
‫وسعادتنا‪ ،‬وينهانا عما فيه‬
‫ِ‬
‫ِه‬‫ُوا ب‬ ‫َذ‬
‫َاع‬ ‫ٌّ لنا فقوله‪ ﴿ :‬أ‬ ‫شَر‬
‫﴾ [سورة النساء ‪ :‬اآلية ‪]83‬‬
‫يعني تحدثوا به في المجالس‬
‫َِلى‬
‫ه إ‬ ‫َُّ‬
‫دوُ‬ ‫ْ ر‬‫ََلو‬
‫واألماكن ﴿ و‬
‫ِ ﴾ [سورة النساء ‪:‬‬ ‫َّسُول‬
‫الر‬
‫اآلية ‪.]83‬‬
‫هذا هو المشروع لكل مؤمن‬
‫ًا‬
‫مر‬‫َْ‬
‫ومؤمنة‪ ،‬إن كان األمر أ‬
‫د إلى سنة‬ ‫َُّ‬
‫ُر‬‫َي‬
‫ًّا ف‬‫ِي‬
‫ِين‬‫ًّا د‬ ‫ْع‬
‫ِي‬ ‫شَر‬
‫الرسول صلى هللا عليه وسلم‪،‬‬
‫وبعد وفاته إلى ورثته من‬
‫العلماء كما قال رسول هللا صلى‬
‫َاَ‬
‫ء‬ ‫َُ‬
‫لم‬ ‫ن ْ‬
‫الع‬ ‫َِّ‬
‫هللا عليه وسلم‪« :‬إ‬
‫َاَ‬
‫ء‬ ‫ِي‬
‫نب‬‫ن األَْ‬‫َِّ‬‫َإ‬
‫ء‪ ،‬و‬ ‫َاِ‬
‫ِي‬ ‫ة األَْ‬
‫نب‬ ‫ثُ‬‫ََ‬
‫َر‬ ‫و‬
‫ًا‪،‬‬ ‫َْ‬
‫هم‬ ‫ِر‬‫َالَ د‬
‫ًا و‬ ‫َار‬‫ِين‬
‫ثوا د‬ ‫ُِ‬
‫َر‬
‫ِّ‬ ‫ْ ُ‬
‫يو‬ ‫َلم‬
‫َ‬‫َخ‬
‫َذ‬ ‫ه أ‬‫ذُ‬‫ََ‬‫َخ‬
‫ْ أ‬ ‫َن‬‫َم‬‫َ‪ ،‬ف‬ ‫العْ‬
‫ِلم‬ ‫ثوا ْ‬ ‫َُّ‬
‫َر‬ ‫و‬
‫ٍ(‪)18».‬‬ ‫ِر‬‫َاف‬ ‫ِّ و‬
‫َظ‬
‫ٍ‬ ‫ِح‬ ‫ب‬

‫د األمر في مثل ذلك‬ ‫َُّ‬


‫ير‬‫وكذلك ُ‬
‫إلى والة األمور‪ ،‬كما في قوله‬
‫مر‬
‫ِ‬ ‫ِي األَْ‬‫ُو‬
‫ْل‬ ‫َِلى أ‬
‫َإ‬‫تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫ْ ﴾ [سورة النساء ‪ :‬اآلية‬ ‫ُْ‬
‫هم‬‫ِن‬‫م‬
‫الشأن‬ ‫أهل‬ ‫فهم‬ ‫‪.]83‬‬
‫واالختصاص‪ ،‬فوالة األمور هم‬
‫يتعلق‬ ‫فيما‬ ‫الخبرة‬ ‫أهل‬
‫باألعداء وبغير ذلك من األمور‬
‫العسكرية أو الحربية أو‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫وكما تفضل فضيلة الشيخ محمد‬


‫ًا‬
‫السعيد عندما ذكر أن كثير‬
‫من الناس ينقل األخبار عن‬
‫الدول المعادية والتي تقوم‬
‫هي بنشرها لتبث الفرقة في‬
‫بالد المسلمين وتزعزع أمنهم‪،‬‬
‫فالواجب على المسلمين أن‬
‫ُولي األمر‪.‬‬
‫يردوا األمر إلى أ‬

‫مجالسة‬ ‫عدم‬ ‫َام‬


‫ِسًا‪:‬‬ ‫خ‬
‫المرجفين (‪).19‬‬
‫يجب على المسلم عدم مجالسة‬
‫أو‬ ‫األرض‬ ‫في‬ ‫المرجفين‬
‫االستماع إليهم عبر القنوات‬
‫واإلذاعات أو قراءة كالمهم في‬
‫الصحف‬ ‫أو‬ ‫المنتديات‬
‫والنشرات‪ ،‬فهم حريصون كل‬
‫الحرص على أن يصلوا إليك‬
‫أيها اإلخوة ليؤثروا فيك‪.‬‬
‫فالواجب على المسلم االبتعاد‬
‫عنهم وعدم مجالستهم‪ ،‬ويجب‬
‫عليه أال يستمع إليهم حتى‬
‫يسلم من هذ الشر والفساد‪،‬‬
‫َ‬
‫يت‬‫َْ‬ ‫َا ر‬
‫َأ‬ ‫ِذ‬‫َإ‬
‫قال تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫َا‬‫ِن‬‫يات‬‫ِي آَ‬ ‫ن ف‬ ‫ُوَ‬ ‫يخُوض‬‫َ َ‬ ‫ِين‬‫الذ‬‫َّ‬
‫ِي‬‫ُوا ف‬ ‫يخُوض‬‫َّى َ‬‫َت‬‫ْ ح‬ ‫هم‬‫ُْ‬‫َن‬
‫ِضْ ع‬ ‫َع‬
‫ْر‬ ‫َأ‬‫ف‬
‫َّكَ‬
‫َن‬‫ِي‬
‫ينس‬‫ما ُ‬ ‫َإ‬
‫َِّ‬ ‫ِ و‬ ‫ِه‬ ‫َي‬
‫ْر‬ ‫ِيثٍ غ‬ ‫َد‬‫ح‬
‫َى‬‫ْر‬ ‫د الِّ‬
‫ِك‬
‫ذ‬ ‫َْ‬ ‫د َ‬
‫بع‬ ‫ْع‬
‫ُْ‬ ‫تق‬‫َالَ َ‬
‫ن ف‬‫َاُ‬
‫ْط‬‫الشَّي‬
‫َ ﴾ [سورة‬ ‫ِين‬ ‫لم‬‫َّاِ‬
‫ِ الظ‬ ‫َو‬
‫ْم‬ ‫َ الق‬ ‫مع‬‫َ‬
‫األنعام ‪ :‬اآلية ‪ ]68‬وقال‬
‫َه‬
‫ِ‬ ‫ينت‬‫ْ َ‬ ‫ِن َّلم‬ ‫تعالى‪َ ﴿ :‬لئ‬
‫ِم‬‫ِه‬
‫لوب‬‫ُُ‬‫ِي ق‬‫َ ف‬
‫ِين‬‫الذ‬‫َ َّ‬
‫ن و‬‫ُوَ‬ ‫َاف‬
‫ِق‬ ‫ُن‬‫الم‬
‫َة‬
‫ِ‬ ‫ِين‬‫َد‬
‫ِي الم‬ ‫ن ف‬ ‫ُوَ‬ ‫ْجِف‬
‫ُر‬ ‫َ ْ‬
‫الم‬ ‫َضٌ و‬ ‫مر‬‫َّ‬
‫ُ َ‬
‫ونكَ‬ ‫َاو‬
‫ِر‬ ‫ال ُ‬
‫يج‬ ‫َّ َ‬
‫ثم‬ ‫ْ ُ‬ ‫ِه‬
‫ِم‬ ‫َّكَ ب‬
‫ين‬ ‫ْر‬
‫َِ‬ ‫َلن‬
‫ُغ‬
‫ال ﴾ [سورة‬ ‫ِيً‬‫َل‬ ‫ِال ق‬ ‫ها إ‬ ‫ِيَ‬‫ف‬
‫األحزاب ‪ :‬اآلية ‪.]60‬‬

‫فيجب الحذر من المرجفين‪،‬‬


‫وإياك إياك أيها المسلم أن‬
‫تصدق المرجفين في األرض‪.‬‬

‫سادسا‪ :‬إدراك عظم الشائعة‬


‫وخطرها وضررها‪.‬‬

‫إذا صدق اإلنسان ما يقوله‬


‫مروج الشائعات من أن فالنا‬
‫وقع في الفواحش أو أن فالنا‬
‫صدر منه أمر مستقبح أو أن‬
‫فالنا وقع منه كذا وكذا ونحو‬
‫ذلك من قبائح األمور‪ ،‬إذا‬
‫أدركت عظم كم الضرر الذي‬
‫يقع عليك وعلى المسلمين من‬
‫تلك الشائعات‪ ،‬أدركت خطرها‪،‬‬
‫وأدركت أنه يجب عليك السكوت‬
‫والنصح لمن بلغك عنه أمر‬
‫مستقبح وذلك بعد التأكد‬
‫والتثبت‪.‬‬

‫فيجب على المسلم أن يقف‬


‫هؤالء‬ ‫أمام‬ ‫حازمة‬ ‫وقفة‬
‫الكذبة والمروجين لألخبار‬
‫الباطلة‪ ،‬بل يجب ذلك على‬
‫أفراد المجتمع ووالة األمور‬
‫وقف‬ ‫فإذا‬ ‫العلم‪،‬‬ ‫وأهل‬
‫باءوا‬ ‫المجتمع كله ضدهم‬
‫بالفشل والخسران‪.‬‬

‫أيها المسلمون إن من يروج‬


‫الشائعات تهون عليه المعاصي‬
‫في المجتمع المسلم‪ ،‬مما‬
‫ويصف‬ ‫عليها‬ ‫يدل‬ ‫يجعله‬
‫ً‬
‫رسالة لكل‬ ‫أماكنها‪ ،‬ونوجه‬
‫إعالمي وصحفي‪ ،‬وإلى كل من‬
‫يكتب في المنتديات واإلنترنت‬
‫أو يتكلم في القنوات بأن‬
‫يتقي هللا عز وجل‪ ،‬فكم سمعنا‬
‫ِن‬
‫من سبق م‬ ‫ْز‬
‫ِعة كان َ‬ ‫ًا ُ‬
‫مف‬ ‫أخبار‬
‫الصالحين في هذه البالد وبالد‬
‫المسلمين ال يسمع بها إال مرة‬
‫في األمد الطويل‪ ،‬واليوم مع‬
‫ْه‬
‫ِب‬‫ًا ش‬‫كل أسف ينشرون أخبار‬
‫يومية عن فواحش أو عن أمور‬
‫حدثت وربما لم تثبت‪ ،‬وربما‬
‫تكون من قبيل الكذب على‬
‫أصحابها‪ ،‬أال يدري هؤالء أنهم‬
‫الفواحش‪،‬‬ ‫على‬ ‫يشجعون‬
‫وأذكرهم بقول هللا سبحانه‪﴿ :‬‬
‫َ‬
‫ِيع‬ ‫َن َ‬
‫تش‬ ‫ن أ‬‫ُّوَ‬‫يحِب‬‫َ ُ‬ ‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫َِّ‬
‫ن‬ ‫إ‬
‫ْ‬
‫هم‬‫ُوا َلُ‬‫من‬‫َ آَ‬
‫ِين‬ ‫ِي َّ‬
‫الذ‬ ‫َاحِشَُ‬
‫ة ف‬ ‫الف‬
‫َة‬
‫ِ‬ ‫َاآلخِر‬
‫َا و‬ ‫الدْ‬
‫ني‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ ف‬
‫ِي‬ ‫َ‬
‫ٌ أل‬
‫ِيم‬ ‫ذاب‬ ‫ََ‬‫ع‬
‫ن ﴾‬ ‫ُوَ‬ ‫َْ‬
‫لم‬ ‫تع‬ ‫ْ َ‬
‫ال َ‬ ‫ُم‬
‫نت‬‫َْ‬‫َأ‬
‫ُ و‬ ‫َْ‬
‫لم‬‫يع‬ ‫اَّللُ َ‬
‫َ َّ‬ ‫و‬
‫[سورة النور ‪ :‬اآلية ‪.]19‬‬

‫حتى لو كانت تلك األخبار‬


‫التي تنشر من قبيل الصدق فال‬
‫يحق لك أن تشيع عن أصحابها‬
‫وتفضحهم‪ ،‬فالدين النصيحة‪،‬‬
‫وليس الفضيحة‪ ،‬يقول بعض‬
‫العلماء لمن يأمر بالمعروف‬
‫ويهنى عن المنكر‪ :‬اجتهد في‬
‫ظهور‬ ‫فإن‬ ‫العصاة‪،‬‬ ‫ستر‬
‫ََ‬
‫هن في اإلسالم‪ ،‬وأحق‬‫عوراتهم و‬
‫شيء بالستر العورة‪.‬‬

‫أيها اإلخوة في هللا‪ ،‬كم من‬


‫الناس ارتكب المعاصي بعد أن‬
‫كان غافال عنها بسبب ما رآه‬
‫أو سمعه عنها في بعض الصحف‬
‫والمحطات اإلذاعية وبعدما‬
‫علم أماكنها وصفتها من هذه‬
‫على‬ ‫فالواجب‬ ‫الوسائل‪،‬‬
‫المسلم أن يحذر من ذلك أشد‬
‫الحذر‪.‬‬

‫ًا‪ :‬الثقة في المسلمين‪.‬‬


‫سابع‬
‫من أسباب عالج هذه الشائعات‬
‫عامً‬
‫ة‬ ‫َّ‬ ‫الثقة في المسلمين‬
‫والثقة في بالدهم‪ ،‬والثقة في‬
‫والة األمور‪ ،‬والثقة في علماء‬
‫اإلسالم الراسخين‪ ،‬وعدم قبول‬
‫كالم األعداء فيهم‪ ،‬فإن الثقة‬
‫بهم هي األصل‪ ،‬فاألصل في‬
‫المسلم السالمة‪ ،‬وأما ما طرأ‬
‫على ذلك فهو عارض‪.‬‬

‫أيها اإلخوة في هللا إذا سمعنا‬


‫ُم‬
‫ْ‬ ‫ءك‬‫َاَ‬‫ِن ج‬ ‫قول هللا عز وجل‪ ﴿ :‬إ‬
‫ُوا ﴾ [سورة‬ ‫َي‬
‫َّن‬ ‫َب‬‫َت‬
‫ٍ ف‬ ‫َب‬
‫َأ‬ ‫ٌ ب‬
‫ِن‬ ‫ِق‬ ‫َاس‬‫ف‬
‫الحجرات ‪ :‬اآلية ‪ ]6‬وقوله‬
‫َ‬
‫ِين‬ ‫ها َّ‬
‫الذ‬ ‫َُّ‬
‫يَ‬ ‫سبحانه‪ ﴿ :‬يا أ‬
‫ِ َّ‬
‫اَّللِ‬ ‫ِيل‬‫ِي سَب‬
‫ْ ف‬ ‫ُم‬‫بت‬ ‫َر‬
‫َْ‬ ‫َا ض‬ ‫ِذ‬‫ُوا إ‬ ‫آَ‬
‫من‬
‫َى‬ ‫َْلق‬
‫ْ أ‬‫َن‬ ‫ولوا ِ‬
‫لم‬ ‫ُ ُ‬ ‫تق‬ ‫ََ‬
‫ال َ‬ ‫ُوا و‬ ‫َي‬
‫َّن‬ ‫َت‬
‫َب‬ ‫ف‬
‫ًا ﴾‬ ‫ِن‬‫ْم‬
‫مؤ‬‫َ ُ‬‫َ َلسْت‬ ‫ُ السَّالم‬ ‫ُم‬
‫ْك‬ ‫َِلي‬
‫إ‬
‫[سورة النساء ‪ :‬اآلية ‪]94‬‬
‫فحينئذ يتوقف المسلم‪ ،‬يتوقف‬
‫ُوا)‪ .‬فعندما‬ ‫َي‬
‫َّن‬ ‫َب‬‫َت‬
‫لقوله‪ ( :‬ف‬
‫ما فيه قال فالن‪،‬‬ ‫تنقل كالً‬
‫وقيل كذا‪ ،‬وكتبوا كذا‪ ،‬وأنت‬
‫لم تتثبت ولم تتبين فعليك‬
‫أن تتذكر أنك محاسب عند هللا‬
‫عز وجل على ما تتلفظ به‪ ،‬قال‬
‫ِالَّ‬ ‫ْل‬
‫ٍ إ‬ ‫َو‬
‫ِن ق‬‫ُ م‬‫ِظ‬ ‫يْ‬
‫لف‬ ‫ما َ‬ ‫تعالى‪َ ﴿ :‬‬
‫د ﴾ [سورة ق ‪:‬‬ ‫ِيٌ‬ ‫َت‬‫ٌ ع‬
‫ِيب‬ ‫َق‬
‫ِ ر‬
‫يه‬‫دْ‬‫َلَ‬
‫اآلية ‪ ]18‬وقال صلى هللا عليه‬
‫َْ‬
‫ن‬ ‫با أ‬ ‫َذ‬
‫ًِ‬ ‫ء ك‬ ‫َر‬
‫ِْ‬ ‫َى ب ْ‬
‫ِالم‬ ‫َف‬
‫وسلم‪« :‬ك‬
‫َ( ‪)20 ».‬‬ ‫ِع‬‫ما سَم‬ ‫ِ‬‫ُل‬
‫ِّ َ‬ ‫َ ب‬
‫ِك‬ ‫ِث‬‫َِّ‬
‫د‬ ‫يح‬‫ُ‬

‫فمن ينقل كل ما يسمع بدون‬


‫الكاذبين‪،‬‬ ‫من‬ ‫فهو‬ ‫تثبت‬
‫فالمسلم يتثبت ويتأكد‪ ،‬وعلى‬
‫الظلم‬ ‫من‬ ‫الحذر‬ ‫المسلم‬
‫والجهل‪ ،‬فهذان الصفتان من‬
‫لوازم صفات اإلنسان الذي قال‬
‫ُ‬
‫نه‬‫َِّ‬
‫هللا تبارك وتعالى عنه‪ ﴿ :‬إ‬
‫ال ﴾ [سورة‬ ‫هوً‬
‫َُ‬
‫ما ج‬ ‫َُ‬
‫لوً‬‫ن ظ‬‫َاَ‬‫ك‬
‫األحزاب ‪ :‬اآلية ‪.]72‬‬

‫فاحذر من نفسك ففيها الظلم‬


‫وفيها الجهل‪ ،‬إياك إياك أن‬
‫تطيع دواعي النفس‪ ،‬فعالج ما‬
‫في نفسك من الظلم بتقوى هللا‬
‫عز وجل‪ ،‬وبالعدل واإلنصاف‪،‬‬
‫وعالج ما في نفسك من الجهل‬
‫بالعلم‪ ،‬والتحري والتثبت‪،‬‬
‫وحفظ اللسان وحفظ الفؤاد‪،‬‬
‫نسأل هللا جل وعال أن يحفظ بالدنا‬
‫وبالد المسلمين‪ ،‬وأن يحفظنا‬
‫وقاعدين‬ ‫قائمين‬ ‫باإلسالم‬
‫بنا‬ ‫يشمت‬ ‫وأال‬ ‫وراقدين‪،‬‬
‫األعداء وال الحاسدين‪ ،‬ونسأل‬
‫ربنا سبحانه بأسمائه الحسنى‬
‫وصفاته العال أن يصلح والة‬
‫أمورنا‪ ،‬وأن يوفق علماءنا‪،‬‬
‫وأن يجمع شملنا‪ ،‬وأن يؤلف‬
‫بين قلوبنا‪ ،‬ومن كان يريد‬
‫بنا وبالمسلمين سوءا نسأل هللا‬
‫ًا‪ ،‬اللهم اكفنا‬ ‫أن يرده خاسئ‬
‫شر األشرار وكيد الفجار‪ ،‬وشر‬
‫طوارق الليل والنهار يا ذا‬
‫الجالل واإلكرام‪ ،‬وصلى هللا وسلم‬
‫وبارك على نبينا محمد وعلى‬
‫آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫عبد‬ ‫الشيخ‬ ‫سماحة‬ ‫تعليق‬


‫العزيز بن عبد هللا آل الشيخ‬
‫بسم هللا الرحمن الرحيم‪ ،‬الحمد‬
‫ِّ‬
‫هلل رب العالمين‪ ،‬اللهم صل‬
‫ِ‬
‫وسلم وبارك على عبدك ورسولك‬
‫األنبياء‬ ‫أشرف‬ ‫محمد‬
‫آله‬ ‫وعلى‬ ‫والمرسلين‪،‬‬
‫وصحابته أجمعين‪ ،‬وعلى من‬
‫يوم‬ ‫إلى‬ ‫بإحسان‬ ‫تبعهم‬
‫الدين‪.‬‬

‫وبعد‪ ،‬لقد تحدث المشايخ‬


‫ًا في موضوع واحد‬‫الفضالء جميع‬
‫أال وهو الشائعات وخطرها على‬
‫األفراد والجماعة‪ ،‬وتقاسموا‬
‫ٌّ تحدث عن‬‫هذا الموضوع‪ ،‬كل‬
‫وهذا‬ ‫جوانبه‪،‬‬ ‫من‬ ‫جانب‬
‫الموضوع في الحقيقة موضوع‬
‫على‬ ‫والعمل‬ ‫وحساس‪،‬‬ ‫هام‬
‫أسباب عالجه أو التنبيه عن‬
‫أخطاره يجب أن يتكرر‪ ،‬وأن‬
‫يعاد المرة تلو األخرى؛ ألن‬
‫دا ومؤثر‬ ‫ِر جًِّ‬ ‫َي‬
‫ِّ‬ ‫هذا المبدأ خ‬
‫على الناس في أمور دينهم‬
‫ودنياهم‪ ،‬لقد أمرنا هللا جل‬
‫وعال بالصدق حيث قال‪ ﴿ :‬يا‬
‫ُوا َّ‬
‫اَّللَ‬ ‫اتق‬‫ُوا َّ‬ ‫من‬‫َ آَ‬‫ِين‬ ‫ها َّ‬
‫الذ‬ ‫يَ‬‫َُّ‬
‫أ‬
‫َ ﴾ [سورة‬ ‫ِين‬ ‫َّاد‬
‫ِق‬ ‫َ الص‬‫مع‬‫ونوا َ‬ ‫ُ ُ‬‫َك‬‫و‬
‫التوبة ‪ :‬اآلية ‪ ،]119‬وحذرنا‬
‫جل وعال من الكذب‪ ،‬فقال في‬
‫ٌ‬
‫ذاب‬ ‫ََ‬
‫ْ ع‬ ‫هم‬ ‫ََلُ‬ ‫حق الكذابين‪ ﴿ :‬و‬
‫ن ﴾‬ ‫بوَ‬‫ُِ‬‫ْذ‬‫يك‬ ‫انوا َ‬ ‫َ ُ‬‫َا ك‬ ‫ِم‬‫ٌ ب‬ ‫ِيم‬‫َل‬‫أ‬
‫[سورة البقرة ‪ :‬اآلية ‪]10‬‬
‫َ‬
‫ْم‬ ‫يو‬‫ََ‬
‫وقال جل من قائل‪ ﴿ :‬و‬
‫بوا‬ ‫ََ‬
‫ذُ‬ ‫َ ك‬ ‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫َى‬
‫تر‬‫ِ َ‬ ‫مة‬‫َاَ‬ ‫ِي‬
‫الق‬
‫ْسَ‬ ‫َ‬
‫ٌ أَلي‬ ‫دة‬ ‫ََّ‬
‫مسْو‬‫هم ُّ‬ ‫هُ‬
‫ُوُ‬‫َج‬ ‫لى َّ‬
‫اَّللِ و‬ ‫ََ‬‫ع‬
‫َ ﴾‬ ‫ِين‬‫ِر‬‫َب‬
‫ِّ‬ ‫َك‬‫ُت‬ ‫لْ‬
‫لم‬ ‫ًى ِّ‬
‫ِ‬ ‫ْو‬
‫مث‬‫َ َ‬‫َّم‬
‫هن‬ ‫ََ‬
‫ِي ج‬ ‫ف‬
‫[سورة الزمر ‪ :‬اآلية ‪.]60‬‬
‫وأمرنا ربنا أن نتثبت من‬
‫األخبار حين ترد إلينا‪ ،‬وأال‬
‫نقبلها بمجرد سماعها‪ ،‬بل‬
‫نمحص وندقق‪ ،‬وال نشيع كل ما‬
‫سمعنا‪ ،‬قال جل من قائل‪﴿ :‬‬
‫ِن‬‫ُوا إ‬ ‫من‬‫َ آَ‬ ‫ِين‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫يَ‬
‫ها‬ ‫َُّ‬
‫يا أ‬
‫َ‬
‫ُوا أن‬ ‫َي‬
‫َّن‬ ‫َت‬
‫َب‬ ‫َأ‬
‫ٍ ف‬ ‫َب‬‫ِن‬‫ٌ ب‬ ‫َاس‬
‫ِق‬ ‫ْ ف‬ ‫ُم‬
‫ءك‬‫َاَ‬
‫ج‬
‫ُوا‬ ‫ْب‬
‫ِح‬ ‫َت‬
‫ُص‬ ‫ٍ ف‬ ‫ه َ‬
‫الة‬ ‫ََ‬‫ِج‬‫ما ب‬ ‫َو‬
‫ًْ‬ ‫ُوا ق‬ ‫ِيب‬ ‫ُ‬
‫تص‬
‫َ ﴾‬ ‫ِين‬‫ِم‬‫ناد‬‫ْ َ‬ ‫ُم‬‫لت‬‫َْ‬‫َع‬‫ما ف‬ ‫لى َ‬ ‫ََ‬
‫ع‬
‫[سورة الحجرات ‪ :‬اآلية ‪.]6‬‬

‫ونبينا صلى هللا عليه وسلم‬


‫حذرنا من ترويج الشائعات‬
‫ُل‬
‫ِ‬ ‫َّج‬
‫الر‬ ‫َُّ‬
‫ة‬ ‫ِي‬ ‫ْسَ َ‬
‫مط‬ ‫ِئ‬‫«ب‬ ‫فقال‪:‬‬
‫َموا»( ‪ )21‬وقال صلى هللا‬ ‫َع‬‫ز‬
‫ِْ‬
‫ء‬ ‫َر‬ ‫َى ب ْ‬
‫ِالم‬ ‫َف‬‫عليه وسلم‪« :‬ك‬
‫َ‬ ‫ما سَم‬
‫ِع‬ ‫ُل‬
‫ِّ َ‬
‫ِ‬ ‫َ ب‬
‫ِك‬ ‫ِث‬‫َِّ‬
‫د‬ ‫يح‬‫ن ُ‬‫َْ‬
‫با أ‬ ‫َذ‬
‫ًِ‬‫ك‬
‫( ‪)22».‬‬
‫فالتبثت في األخبار ونقلها‬
‫والحكم عليها يحتاج إلى‬
‫تثبت‪ ،‬فال تحكموا على شيء من‬
‫سماع‪ ،‬فربما يكون المتكلم‬
‫ًا ال يهمه‬ ‫ًا وحاقً‬
‫دا ومغرض‬ ‫مسيئ‬
‫إال ترويج الباطل‪ ،‬فقد ينسب‬
‫الخطأ والجهل والكذب إليك‬
‫وأنت بريء منه‪.‬‬

‫فالكذب أمره عظيم‪ ،‬ويصف‬


‫النبي صلى هللا عليه وسلم في‬
‫ذبين من أهل‬ ‫ََّ‬
‫ُع‬‫رؤيته حال الم‬
‫ِى‬ ‫َّ‬
‫الذ‬ ‫ََّ‬
‫ما‬ ‫الكذب فيقول‪« :‬أ‬
‫ُ‬
‫ِث‬‫َِّ‬
‫د‬ ‫يح‬‫ٌ ُ‬
‫ذاب‬‫ََّ‬
‫َك‬‫ه ف‬‫ُُ‬ ‫ِْ‬
‫دق‬ ‫يشَق‬
‫ُّ ش‬ ‫ه ُ‬‫َُ‬
‫يت‬‫َْ‬
‫َأ‬‫ر‬
‫َّى‬
‫َت‬‫ه ح‬ ‫ُْ‬ ‫ُ ع‬
‫َن‬ ‫َل‬‫ْم‬ ‫َت‬
‫ُح‬ ‫ِ‪ ،‬ف‬ ‫بة‬ ‫َْ‬
‫ذَ‬ ‫ب ْ‬
‫ِالك‬
‫َِلى‬‫ِ إ‬ ‫ُ ب‬
‫ِه‬ ‫َع‬‫ْن‬ ‫َي‬
‫ُص‬ ‫َ ‪ ،‬ف‬ ‫َاق‬‫َ اآلف‬
‫لغ‬‫ُْ‬
‫تب‬‫َ‬
‫ِ»( ‪ . )23‬وقال‬ ‫مة‬‫َاَ‬
‫ِي‬ ‫ِ ْ‬
‫الق‬ ‫ْم‬
‫يو‬‫َ‬
‫ِى‬ ‫ٌ لَّ‬
‫ِلذ‬ ‫يل‬‫َْ‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪« :‬و‬
‫ِ‬
‫ِه‬‫ْحِكَ ب‬ ‫ُض‬
‫لي‬ ‫َد‬
‫ِيثِ ِ‬ ‫ُ ب ْ‬
‫ِالح‬ ‫َِّ‬
‫ِث‬
‫د‬ ‫يح‬‫ُ‬
‫ٌ‬
‫يل‬‫َْ‬
‫ه و‬ ‫ٌ َلُ‬ ‫َْ‬
‫يل‬‫ُ و‬ ‫ْذ‬
‫ِب‬‫َك‬‫َي‬
‫َ ف‬‫ْم‬‫َو‬ ‫ْ‬
‫الق‬
‫ه (»‪)24‬‬ ‫َلُ‬

‫أيها اإلخوة الشائعات شأنها‬


‫كبير‪ ،‬وأعظمها أن تشيع عن‬
‫ًا هو بريء منه‪،‬‬ ‫مسلم أمر‬
‫وتنسب إليه ما لم يتكلم به‪،‬‬
‫وما لم يعمل به‪ ،‬قال تعالى‪:‬‬
‫َ‬
‫ِيع‬ ‫َن َ‬
‫تش‬ ‫ن أ‬‫ُّوَ‬ ‫َ ُ‬
‫يحِب‬ ‫ِين‬ ‫ن َّ‬
‫الذ‬ ‫َِّ‬
‫﴿ إ‬
‫ْ‬
‫هم‬‫ُوا َلُ‬‫من‬‫َ آَ‬
‫ِين‬ ‫ِي َّ‬
‫الذ‬ ‫ة ف‬‫َاحِشَُ‬‫الف‬
‫َة‬
‫ِ‬ ‫َاآلخِر‬
‫َا و‬ ‫الدْ‬
‫ني‬ ‫ُّ‬ ‫ٌ ف‬
‫ِي‬ ‫ِيم‬‫َل‬‫ٌ أ‬ ‫ذاب‬ ‫ََ‬
‫ع‬
‫ن ﴾‬ ‫ُوَ‬ ‫َْ‬
‫لم‬ ‫تع‬ ‫ْ َ‬
‫ال َ‬ ‫ُم‬
‫نت‬‫َْ‬‫َأ‬
‫ُ و‬‫لم‬‫َْ‬
‫يع‬ ‫اَّللُ َ‬
‫َ َّ‬ ‫و‬
‫[سورة النور ‪ :‬اآلية ‪.]19‬‬
‫فالذي يحب إشاعة الفواحش‬
‫ونشرها وتلفيقها وينسبها‬
‫با وافتراً‬
‫ء‬ ‫َذ‬
‫ًِ‬ ‫إلى المؤمنين ك‬
‫هو ممن يحب أن تشيع الفاحشة‬
‫في الذين آمنوا‪ ،‬وهللا حذرنا‬
‫من إيذاء المؤمنين حيث قال‪:‬‬
‫َ‬
‫ِين‬‫ِن‬‫ْم‬
‫ُؤ‬‫ن الم‬ ‫ُوَ‬‫ْذ‬
‫يؤ‬‫َ ُ‬ ‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫﴿ و‬
‫ُوا‬‫َسَب‬
‫ْت‬‫ما اك‬‫ِ َ‬‫ْر‬‫َي‬
‫ِغ‬‫َاتِ ب‬‫ِن‬‫ْم‬
‫ُؤ‬ ‫َ ْ‬
‫الم‬ ‫و‬
‫ًا‬ ‫ِْ‬
‫ثم‬ ‫َإ‬
‫انا و‬‫َ ً‬
‫هت‬‫بْ‬
‫لوا ُ‬ ‫َُ‬
‫َم‬‫ْت‬‫ِ اح‬ ‫َد‬‫َق‬
‫ف‬
‫ًا ﴾ [سورة األحزاب ‪:‬‬ ‫ِين‬ ‫ُّ‬
‫مب‬
‫اآلية ‪.]58‬‬

‫دا هؤالء‪﴿ :‬‬ ‫ًِّ‬


‫ِ‬‫َع‬‫متو‬ ‫وقال جل وعال ُ‬
‫ُون‬
‫َ‬ ‫ِق‬‫َاف‬ ‫ُن‬
‫ِ الم‬ ‫َه‬‫ينت‬‫ْ َ‬ ‫ِن َّلم‬ ‫َلئ‬
‫َضٌ‬ ‫َّ‬
‫مر‬ ‫ِه‬
‫ِم‬ ‫لوب‬‫ُُ‬‫ق‬ ‫ِي‬‫ف‬ ‫َ‬
‫ِين‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫و‬
‫َة‬
‫ِ‬ ‫ِين‬‫َد‬‫الم‬ ‫ِي‬‫ف‬ ‫ُوَ‬
‫ن‬ ‫ْجِف‬‫ُر‬ ‫َ ْ‬
‫الم‬ ‫و‬
‫ُ َ‬
‫ونكَ‬ ‫ِر‬‫َاو‬‫يج‬ ‫َّ َ‬
‫ال ُ‬ ‫ثم‬‫ْ ُ‬ ‫ِه‬
‫ِم‬ ‫َّكَ ب‬
‫ين‬ ‫ْر‬
‫َِ‬ ‫ُغ‬‫َلن‬
‫َا‬‫َم‬
‫ين‬ ‫َْ‬
‫َ أ‬‫ِين‬‫ُون‬‫لع‬‫مْ‬ ‫ِيً‬
‫ال َ‬ ‫َل‬‫ِال ق‬
‫ها إ‬ ‫ِيَ‬‫ف‬
‫ِيً‬
‫ال ﴾‬ ‫ْت‬
‫تق‬ ‫ُِّ‬
‫لوا َ‬‫ُت‬
‫ِ‬ ‫َق‬ ‫ُخُ‬
‫ِذوا و‬ ‫ُوا أ‬
‫ِف‬ ‫ُ‬
‫ثق‬
‫[سورة األحزاب ‪ :‬اآلية ‪– 60‬‬
‫‪.]61‬‬

‫فالمرجفون في المدينة هم‬


‫الفاحشة‪،‬‬ ‫يشيعون‬ ‫الذين‬
‫ويروجون‬ ‫كذبة‬ ‫يكذبون‬
‫واألباطيل‪،‬‬ ‫األكاذيب‬
‫ويسوقونها طعنا في األبرياء‬
‫قال‬ ‫وقد‬ ‫لهم‪،‬‬ ‫وتلفيقا‬
‫َو‬
‫ْ‬ ‫ءا أ‬ ‫ْ سُوً‬ ‫َل‬‫ْم‬‫يع‬‫من َ‬‫ََ‬‫تعالى‪ ﴿ :‬و‬
‫ِ‬ ‫اَّللَ َ‬
‫يجِد‬ ‫ِ َّ‬ ‫ِر‬‫ْف‬‫َغ‬‫يسْت‬‫َّ َ‬
‫ثم‬ ‫ه ُ‬
‫ْسَُ‬‫نف‬‫ْ َ‬ ‫ْل‬
‫ِم‬ ‫يظ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫ِب‬‫ْس‬
‫يك‬‫من َ‬ ‫ََ‬‫ًا و‬ ‫َّحِيم‬
‫ًا ر‬ ‫ُور‬‫َف‬‫اَّللَ غ‬
‫َّ‬
‫ِ‬
‫ِه‬‫ْس‬
‫نف‬‫لى َ‬ ‫ََ‬‫ه ع‬ ‫ُُ‬ ‫ْس‬
‫ِب‬ ‫يك‬‫َا َ‬ ‫نم‬‫إَّ‬
‫َِ‬‫ًا ف‬‫ثم‬‫ِْ‬ ‫إ‬
‫من‬‫ََ‬
‫ًا و‬ ‫ِيم‬ ‫َك‬‫ًا ح‬ ‫ِيم‬‫َل‬ ‫َّ‬
‫اَّللُ ع‬ ‫َاَ‬
‫ن‬ ‫َك‬ ‫و‬
‫ْم‬ ‫َّ َ‬
‫ير‬ ‫ثم‬ ‫ًا ُ‬ ‫ثم‬‫ِْ‬‫ْ إ‬ ‫َ‬
‫ة أو‬ ‫ًَ‬
‫ِيئ‬ ‫َط‬‫ْ خ‬ ‫ْس‬
‫ِب‬ ‫يك‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َ ً‬
‫انا‬ ‫بْ‬
‫هت‬ ‫َ ُ‬ ‫َل‬‫َم‬
‫ْت‬‫ِ اح‬ ‫َد‬‫َق‬‫ًا ف‬ ‫ِيئ‬‫بر‬‫ِ َ‬‫ِه‬ ‫ب‬
‫ًا ﴾ [سورة النساء‬
‫ِين‬
‫مب‬‫ًا ُّ‬
‫ثم‬‫ِْ‬
‫َإ‬‫و‬
‫‪ :‬اآلية‪.]112 – 110‬‬

‫كم من شائعات أغرت الناس‬


‫وأغوتهم‪ ،‬وكم من شائعات وقع‬
‫الناس بأسبابها في الخطإ‪،‬‬
‫ِح في أناس أبرياء‬ ‫ُد‬
‫وكم ق‬
‫وإشيع عنهم ما لم يقولوه‪،‬‬
‫ِب إليهم ما لم يأمروا به‬ ‫ُ‬
‫ونس‬
‫أو يفعلوه‪ ،‬إنما يقصد هذه‬
‫األشياء المغرضون وأهل الحقد‬
‫والحسد‪ ،‬والذين في قلوبهم‬
‫مرض‪ ،‬ينتصرون ألنفسهم على‬
‫حساب إذالل اآلخرين واإلساءة‬
‫إليهم‪ ،‬فالواجب علينا أن‬
‫نتقي هللا ونحذر هذه الشائعات‬
‫محطات‬ ‫من‬ ‫وكم‬ ‫الباطلة‪،‬‬
‫فضائية ومنتديات خبيثة تشيع‬
‫والباطل‬ ‫والكذب‬ ‫الفاحشة‬
‫والزور‪ ،‬نسأل هللا العافية‪.‬‬

‫فيا أيها المسلم إذا جاءك‬


‫عن شخص أنه عمل عمال سيئا‬
‫وقال قوال سيئا فعليك أن‬
‫تتثبت‪ ،‬فلعل الناقل حاقد‪،‬‬
‫ولعل الناقل جاهل‪ ،‬ولعل‬
‫ِئ الحفظ‪ ،‬ولعل‬ ‫الناقل سَي‬
‫ِّ‬
‫ِئ السمع أو سَي‬
‫ِّ‬
‫ِئ‬ ‫الناقل سَي‬
‫ِّ‬
‫الفهم‪ ،‬فيعبر عما يظنه‪.‬‬

‫وإذا نسب إلى عالم فتوى‬


‫مه فاتصل به‬ ‫ََ‬
‫دُ‬‫تراه زلت بها ق‬
‫واسأله عما قيل‪ ،‬فلعل ناقال‬
‫أساء‬ ‫أو‬ ‫القول‪،‬‬ ‫أساء‬
‫نقبل‬ ‫أال‬ ‫فالمهم‬ ‫التصرف‪،‬‬
‫الشائعات‪.‬‬

‫والذين يحاولون القدح في‬


‫الوالة ويشيعون عنهم ما لم‬
‫يفعلوه وما لم يقولوه ألجل‬
‫نشر الفوضى وملء القلوب‬
‫ِضون مرجفون‬ ‫ْر‬
‫مغ‬ ‫ًْ‬
‫دا وبغضاء ُ‬‫حِق‬
‫ال خير فيهم؛ ألن المسلم ينصح‬
‫هلل ولكتابه ولرسوله وألئمة‬
‫لعموم‬ ‫ينصح‬ ‫المسلمين‪،‬‬
‫المسلمين بالنصيحة الصادقة‬
‫قنواتها‬ ‫في‬ ‫الهادفة‬
‫المعتبرة‪ ،‬ال يطلب بها شهرة‬
‫وال رياء‪ ،‬ولكن يقصد إصالح‬
‫الحق‪ ،‬وإيصال كلمة الحق‬
‫بأدب واحترام‪ ،‬هكذا المسلم‬
‫في أخالقه وتعامله‪ ،‬نسأل هللا‬
‫أن يرزقنا الصدق في أنفسنا‬
‫والتفكر في عيوبنا قبل أن‬
‫اآلخرين‪،‬‬ ‫عيوب‬ ‫في‬ ‫نفكر‬
‫فعلينا أن نتبصر في عيوب‬
‫أنفسنا ونصلح ما أخطأنا‬
‫فيه‪ ،‬فلعل ذلك يكون هو‬
‫الخير‪ ،‬وفقني هللا وإياكم لما‬
‫يرضيه‪.‬‬

‫أسئلة‪:‬‬

‫سؤال‪:‬‬

‫ما حكم الجلوس في بعض‬


‫َن فيها‬ ‫ْع‬
‫يط‬‫المجالس التي ُ‬
‫يشَك‬
‫َّك في حكام هذه البالد‬ ‫وُ‬
‫وينشر ذلك في المجالس عنهم‬
‫هيبتهم‬ ‫من‬ ‫التقليل‬ ‫ألجل‬
‫وزعزعة األمن وجزاكم هللا خيرا؟‬

‫جواب ‪:‬‬

‫إذا احتوى المجلس على أناس‬


‫يطعنون في الوالة ويقدحون‬
‫فيهم ويفترون الكذب عليهم‪،‬‬
‫ففي هذا الموضوع أمران‪:‬‬

‫نصيحتهم‬ ‫األول‪:‬‬ ‫األمر‬


‫وتحذيرهم من بأس هللا ونقمته‪،‬‬
‫أمام‬ ‫الوالة‬ ‫اغتياب‬ ‫وأن‬
‫وتلفيق‬ ‫والعامة‬ ‫الجهلة‬
‫التهم لهم إنما يصدر عن‬
‫أناس عقولهم قاصرة‪ ،‬ويجب أن‬
‫َّن لهم أن هذا أمر خطير‪،‬‬ ‫َي‬
‫يب‬ ‫ُ‬
‫فحذرهم من ذلك‪ ،‬فإن أبوا‬
‫وإال فابتعد عنهم‪ ،‬وال يمكن‬
‫دى بك‪ ،‬وأنت‬ ‫ََ‬‫ْت‬
‫ُق‬‫أن تصاحبهم في‬
‫تعلم شرهم وبالءهم‪ ،‬هؤالء‬
‫ِئ‪،‬‬ ‫جلساء سوء‪ ،‬وهذا مجلس سَي‬
‫ِّ‬
‫دح فيه في‬ ‫َْ‬
‫يق‬‫فالمجلس الذي ُ‬
‫ُّ الوالة فيه مجلس‬ ‫يسَب‬
‫الوالة وُ‬
‫ء؛ ألن الوالة نعمة من نعم‬ ‫سُوٍ‬
‫فضلهم‬ ‫المسلمين‪،‬‬ ‫على‬ ‫هللا‬
‫كبير‪ ،‬بهم يقيم هللا العدل‪،‬‬
‫وبهم يردع هللا الظالم عن‬
‫ظلمه‪ ،‬وبهم تقام الحدود‬
‫وتحمى الثغور‪ ،‬ويؤمن الناس‬
‫ودمائهم‬ ‫دينهم‬ ‫على‬
‫وأموالهم‪ ،‬الوالة نعمة من‬
‫هللا‬ ‫من‬ ‫ورحمة‬ ‫هللا‪،‬‬ ‫نعم‬
‫بالمسلمين‪ ،‬الوالة رحمة من هللا‬
‫وفضل وإحسان‪ ،‬الوالة لهم فضل‬
‫كبير‪ ،‬والذي يقدح فيهم أو‬
‫يحاول التنقص منهم فإنما هو‬
‫مغرض ومحب للفوضى‪ ،‬ولو عاد‬
‫هذا المنتقد لنفسه لرأى في‬
‫نفسه من األخطاء ما هو جدير‬
‫به أن يصلحها‪.‬‬

‫فعليك بالنصيحة لهم فإن‬


‫قبلوا النصيحة وأعرضوا عن‬
‫هذا الباطل وإال فاعتزلهم‪،‬‬
‫ُك وتكون‬ ‫ِيَ بك غير‬ ‫ْت‬
‫َد‬ ‫ألجل أال َ‬
‫يق‬
‫دهم‪،‬‬ ‫َاَ‬ ‫ِّر‬
‫ُ سَو‬ ‫َث‬
‫ِ‬ ‫بذلك من الذين ُ‬
‫يك‬
‫فإن هؤالء هم جلساء السوء؛‬
‫ولو كان فيهم خير لنصحوا هلل‬
‫أما‬ ‫الشرعية‪،‬‬ ‫بالطرق‬
‫السوء‬ ‫ومجالس‬ ‫بالغيبة‬
‫والطعن في الوالة وتنقيص‬
‫قدرهم من الناس هذا ما يقدم‬
‫عليه إال جاهل مغفل‪ ،‬أو في‬
‫قلبه مرض نسأل هللا العافية‪.‬‬

‫سؤال‪:‬‬

‫ما هي النصيحة ألصحاب الصحف‬


‫منتديات‬ ‫من‬ ‫اإللكترونية‬
‫اإلنترنت الذين يقومون بنشر‬
‫الشائعات في هذه المنتديات‬
‫ًا؟‬
‫وجزاكم هللا خير‬

‫جواب‪:‬‬
‫األصل في هذه المنتديات أال‬
‫تقبل أخبارها‪ ،‬فهي منتديات‬
‫ٌّ فيها همه ‪ ،‬فليست‬ ‫ْر‬
‫ِغ كل‬ ‫ُ‬
‫يف‬
‫هي من وسائل الثقة‪ ،‬وليست‬
‫وثائق معتبرة‪ ،‬وال مصادر‬
‫َّل عليها‪ ،‬هذه المنتديات‬ ‫َو‬ ‫ُ‬
‫مع‬
‫لمجاهيل‪ ،‬كل إنسان يقوم‬
‫بعمل منتدى ويملي فيه ويخطب‬
‫ويكتب فيه ما يريق له‪،‬‬
‫فليست مصادر معتبرة‪ ،‬هي‬
‫مصادر مجهولة ال يعول عليها‬
‫ويعتمد عليها في األخبار‪ ،‬ألن‬
‫صاحبها معتمد على غير هدى‪.‬‬

‫سؤال‪:‬‬
‫ينقل عن سماحتكم في بعض‬
‫وبعض‬ ‫اإلنترنت‬ ‫منتديات‬
‫المجالس أنكم أفتيتم بجواز‬
‫التصوير الفوتوغرافي‪ ،‬فما‬
‫صحة ذلك وجزاكم هللا خيرا؟‬

‫جواب ‪:‬‬

‫التصوير المجسم ال يشك أحد‬


‫في تحريمه‪ ،‬والتصوير الذي‬
‫بلينا به اآلن كما تعلمون‪،‬‬
‫باألشعة‪،‬‬ ‫المرضى‬ ‫كتصوير‬
‫تراقب‬ ‫التي‬ ‫والكاميرات‬
‫الطرق وتراقب األمن وتراقب‬
‫هذا‬ ‫أصبح‬ ‫المستشفيات‪،‬‬
‫التصوير اآلن ليس مجرد تصوير‬
‫ًا يحتاجه‬ ‫فقط‪ ،‬بل أصبح أمر‬
‫أحوالهم‪،‬‬ ‫كل‬ ‫في‬ ‫الناس‬
‫فمراقبة الطرق بالكاميرات‬
‫ومراقبة المستشفيات ومراقبة‬
‫األسواق ومراقبة المجتمعات‬
‫العامة من األمور المهمة‪،‬‬
‫مثال كما في الحرم – شَر‬
‫َّفه هللا‬
‫– غرفة المراقبة يرون فيها‬
‫أيَّ حركة ألي شخص خارج عن‬
‫المعقول‪ ،‬يرونه في الحال‪،‬‬
‫ويطلعون عليه‪ ،‬فبه حفظ هللا‬
‫األمن‪ ،‬وبه استتب األمر‪ ،‬فجنس‬
‫الكاميرات هذه التي أصبحت‬
‫يعمل‬ ‫ماذا‬ ‫للناس‬ ‫ضرورة‬
‫الناس بها‪ ،‬ال شك أنها ليست‬
‫فهناك‬ ‫والتفكه‪،‬‬ ‫للتصوير‬
‫ِضت ووجدت وأصبحت‬ ‫ُر‬‫أشياء ف‬
‫ضرورية اآلن في جميع شئون‬
‫الحياة‪ ،‬فجنس هذه األمور لو‬
‫قلت‪ :‬إنها حرام ماذا يعمل‬
‫ِين على‬
‫تع‬‫الناس؟ هذه وسائل ُ‬
‫اكتشاف الجرائم‪ ،‬وتساهم في‬
‫التخطيط إلى غير ذلك من‬
‫الضروريات‪ ،‬فهي أصبحت من‬
‫األشياء التي ال يستغنى عنها‬
‫اآلن‪.‬‬

‫سؤال‪:‬‬

‫ما هي الحكمة من إشاعة خبر‬


‫اإلفك في القرآن؟‬

‫جواب‪:‬‬
‫هللا جل وعال حكيم عليم‪ ،‬لقد‬
‫فرية‬ ‫المنافقون‬ ‫أشاع‬
‫الكذب‪،‬‬ ‫فرية‬ ‫الفاحشة‬
‫أشاعوها عن أم المؤمنين رضي‬
‫ما من رسول هللا‬ ‫هللا عنها انتقاً‬
‫هللا‬ ‫رسول‬ ‫لفراش‬ ‫وتشويً‬
‫ها‬
‫وزعزعة لمقام النبوة‪ ،‬اشترك‬
‫فيها المنافقون واليهود‪،‬‬
‫وبعض من ضعف إيمانه من بعض‬
‫الصحابة وقل إدراكه وتصوره‪،‬‬
‫المنافقون‬ ‫فيها‬ ‫فاشترك‬
‫أفراد‬ ‫وبعضٌ من‬ ‫واليهود‬
‫المؤمنين – عفا هللا عنهم وتاب‬
‫عليهم لما تابوا – فالقضية‬
‫في حادثة اإلفك أن عبد هللا بن‬
‫أبي بن سلول كان يعيد ويزيد‬
‫في القصة إذا كان في مجلس‪،‬‬
‫ما كان يقذف‪ ،‬وإنما كان‬
‫يقول‪ :‬ماذا سمعتم؟ ماذا‬
‫جرى؟ ماذا قيل؟ ماذا كذا؟‬
‫يشيعها في المجالس ويعيدها‪،‬‬
‫ًا‬‫ِرار‬
‫م‬ ‫كررها‬ ‫َب‬
‫َت‬ ‫خ‬ ‫كلما‬
‫ًا لذلك قال هللا فيه‪﴿ :‬‬ ‫ْرار‬ ‫تك‬‫وَ‬
‫ْ َله‬
‫ُ‬ ‫ُْ‬
‫هم‬ ‫ِن‬‫ه م‬ ‫َُ‬
‫ْر‬‫ِب‬‫ََّلى ك‬‫تو‬‫ِي َ‬ ‫َ َّ‬
‫الذ‬ ‫و‬
‫ٌ ﴾ [سورة النور ‪:‬‬ ‫ِيم‬‫َظ‬
‫ٌ ع‬‫ذاب‬ ‫ََ‬
‫ع‬
‫ما‬‫يوً‬ ‫أربعون‬ ‫‪]11‬‬ ‫اآلية‬
‫ُّطهم‪ ،‬والمصطفى‬ ‫والناس في َ‬
‫تخَب‬
‫ََلم‪ ،‬والصديق وأهل بيته‬ ‫في أ‬
‫ِّ شديد‪ ،‬اشتد األمر‪،‬‬ ‫َم‬
‫ٍ‬ ‫في غ‬
‫فكشف هللا الغمة ورفع الهم‪،‬‬
‫أم‬ ‫ِئ‬‫َر‬
‫ِّ‬ ‫ُ‬
‫تب‬ ‫اآليات‬ ‫وجاءت‬
‫المؤمنين عائشة رضي هللا عنها‬
‫من كل ما نسب إليها‪ ،‬وبينت‬
‫أن كل ما نسب إليها كذب‬
‫وافتراء‪ ،‬وقال هللا للصديق‪﴿ :‬‬
‫ْر‬
‫ٌ‬ ‫َي‬
‫َ خ‬
‫هو‬‫ْ ُ‬‫بل‬ ‫ُم َ‬‫ًا َّلك‬‫ه شَر‬ ‫ْسَب‬
‫ُوُ‬ ‫تح‬‫ال َ‬‫َ‬
‫ْ ﴾ [سورة النور ‪ :‬اآلية‬ ‫ُم‬‫َّلك‬
‫‪ ]11‬فنزل في أمر المؤمنين‬
‫محارب‬ ‫في‬ ‫تتلى‬ ‫آيات‬
‫المسلمين‪ ،‬فنزل قرآن يتلى‬
‫ِها‪،‬‬ ‫ْت‬ ‫َفِ َ‬
‫بي‬ ‫ِ وشَر‬‫ِّ‬
‫ِز‬‫في براءتها وع‬
‫ًا لبعض المؤمنين الذين‬ ‫ْي‬
‫ونع‬‫َ‬
‫دا‬ ‫سلكوا هذا المسلك وإرشاً‬
‫ًا لهم‬ ‫لهم إلى الخير وتحذير‬
‫من العودة‪ ،‬قال تعالى‪﴿ :‬‬
‫ُه‬
‫ُ‬ ‫َت‬
‫ْم‬‫َح‬‫َر‬
‫ْ و‬ ‫ُم‬‫ْك‬‫لي‬‫ََ‬ ‫ُ َّ‬
‫اَّللِ ع‬ ‫َض‬
‫ْل‬ ‫ْال ف‬ ‫ََلو‬‫و‬
‫ِي‬ ‫ْ ف‬‫ُم‬ ‫ِ َلم‬
‫َسَّك‬ ‫َة‬
‫َاآلخِر‬ ‫َا و‬ ‫ني‬‫الدْ‬
‫ُّ‬ ‫ِي‬
‫ف‬
‫ْ‬
‫ِذ‬ ‫ٌ إ‬‫ِيم‬‫َظ‬ ‫ٌ ع‬ ‫ذاب‬ ‫ََ‬‫ِ ع‬ ‫ِيه‬ ‫ْ ف‬ ‫ُم‬
‫ْت‬‫َض‬‫َف‬‫ما أ‬ ‫َ‬
‫َ‬
‫ولون‬ ‫ُ ُ‬ ‫ََ‬
‫تق‬ ‫ْ و‬ ‫ُم‬
‫ِك‬‫َت‬‫ِن‬‫َْلس‬‫ِأ‬‫ه ب‬ ‫نُ‬ ‫َْ‬‫َّو‬
‫لق‬ ‫تَ‬‫َ‬
‫ٌ‬
‫ِلم‬ ‫ِ عْ‬‫ِه‬‫ُم ب‬ ‫ْسَ َلك‬‫ما َلي‬ ‫ُم َّ‬ ‫َاه‬
‫ِك‬ ‫َف‬
‫ْو‬ ‫ِأ‬
‫ب‬
‫د َّ‬
‫اَّللِ‬ ‫ِنَ‬ ‫َ ع‬ ‫هو‬‫َُ‬‫ًا و‬ ‫ِن‬‫ِّ‬
‫هي‬‫ه َ‬ ‫ُ َ‬
‫ونُ‬ ‫ْسَب‬
‫تح‬ ‫ََ‬
‫و‬
‫ٌ ﴾ [سورة النور ‪ :‬اآلية‬ ‫ِيم‬ ‫َظ‬
‫ع‬
‫‪ ،]15 – 14‬فبرأ هللا فراش النبي‬
‫د الذين‬ ‫ََّ‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وح‬
‫قذفوا‪ ،‬وبقي المنافقون؛ ألن‬
‫الحد ال ينفع فيهم‪ ،‬فبقوا‬
‫على آثامهم‪ ،‬وكبت هللا شرهم‬
‫والحمد هلل‪ ،‬فهي حكمة االبتالء‬
‫واالمتحان‪.+‬‬

‫سؤال‪:‬‬

‫ما نصيحتكم ألناس يشيعون‬


‫الشائعات عن علمائنا الكبار‬
‫في بعض المجالس ويصفونهم‬
‫َّ لهم إال‬
‫هم‬ ‫بأنهم عمالء‪ ،‬ال َ‬
‫الدنيا‪ ،‬وأنهم جامية فما‬
‫حكم ذلك وجزاكم هللا خيرا؟‬

‫جواب‪:‬‬
‫أيها اإلخوة األقوال كثيرة‪،‬‬
‫ٌّ يتحدث بما يهوى‪ ،‬لكن كما‬ ‫كل‬
‫ِالَّ‬‫ٍ إ‬‫ْل‬‫َو‬‫ِن ق‬‫ُ م‬ ‫ِظ‬
‫لف‬‫يْ‬‫ما َ‬‫قال هللا‪َ ﴿ :‬‬
‫د ﴾ [سورة ق ‪:‬‬ ‫ِيٌ‬‫َت‬
‫ٌ ع‬‫ِيب‬‫َق‬
‫ِ ر‬ ‫دْ‬
‫يه‬ ‫َلَ‬
‫اآلية ‪ ،]18‬وقال تعالى‪﴿ :‬‬
‫ْ‬
‫هم‬ ‫ُُ‬‫َت‬
‫ِن‬‫َْلس‬
‫ْ أ‬ ‫ِم‬‫ْه‬
‫لي‬‫ََ‬‫د ع‬ ‫تشَْ‬
‫هُ‬ ‫َ َ‬ ‫ْم‬‫يو‬‫َ‬
‫انوا‬ ‫َ ُ‬‫َا ك‬ ‫ِم‬ ‫هم ب‬ ‫لُ‬‫ُُ‬
‫ْج‬‫َر‬
‫َأ‬‫ْ و‬‫ِم‬
‫ِيه‬ ‫َْ‬
‫يد‬ ‫َأ‬
‫و‬
‫َّ‬
‫اَّللُ‬ ‫ُ‬ ‫ِيه‬
‫ِم‬ ‫ِّ‬
‫َف‬ ‫يو‬‫ٍ ُ‬ ‫ِذ‬
‫مئ‬‫َْ‬
‫يو‬‫ن َ‬ ‫لوَ‬ ‫َُ‬
‫ْم‬‫يع‬‫َ‬
‫اَّللَ‬
‫ن َّ‬ ‫ََّ‬
‫ن أ‬‫ُوَ‬ ‫َْ‬
‫لم‬ ‫يع‬‫ََ‬
‫َّ و‬ ‫ُ الح‬
‫َق‬ ‫هم‬‫َُ‬
‫ِين‬‫د‬
‫ُ ﴾ [سورة‬ ‫ِين‬ ‫ُّ الم‬
‫ُب‬ ‫َق‬‫َ الح‬ ‫ُ‬
‫هو‬
‫النور ‪ :‬اآلية ‪ ]25 – 24‬كون‬
‫أعراض‬ ‫في‬ ‫ينبسط‬ ‫اإلنسان‬
‫َآء‬ ‫بر‬‫الناس ويصفهم بما هم ُ‬
‫منه‪ ،‬ال شك أن هذا خطأ عظيم‪،‬‬
‫لذلك‬ ‫وخير‬ ‫كبير‪،‬‬ ‫وخطر‬
‫المسلم أال يتكلم بما ال‬
‫يعلمه‪ ،‬فالتحدث عن الناس‬
‫ووصفهم بالعمالة كأن يقول‪:‬‬
‫علماء السلطة‪ .‬بال بينة وال‬
‫برهان يعد من أكبر اآلثام‪،‬‬
‫يد‬ ‫السلطة‬ ‫مع‬ ‫فالعلماء‬
‫واحدة‪ ،‬فعلماء هذ البلد مع‬
‫قيادتهم شيء واحد‪ ،‬وجسد‬
‫واحد يشد بعضهم أزر بعض‪،‬‬
‫وال‬ ‫ًا‪،‬‬
‫بعض‬ ‫بعضهم‬ ‫ويعين‬
‫انفصام وال انفصال بينهم‪ ،‬بل‬
‫هم فئة واحدة‪ ،‬وهذا هو‬
‫األصل‪ ،‬أن العلماء والقادة‬
‫الخير‪،‬‬ ‫على‬ ‫واحدة‬ ‫يد‬
‫والقيام بالواجب‪ ،‬والذين‬
‫يقولون ويفترون هم بين جاهل‬
‫وبين حاسد ومغرض‪ ،‬نسأل هللا أن‬
‫يعافي الجميع من كل سوء‪.‬‬

‫*************************‬
‫*************************‬
‫*************************‬
‫*************************‬
‫*********************‬

‫من‬ ‫ِئام الجماعة‬‫)‪( 1‬الف‬


‫الناس‪ .‬لسان العرب‪ :‬فأم‪.‬‬

‫)‪( 2‬أخرجه مسلم (‪ ، 10/1‬رقم‬


‫‪.)5‬‬

‫)‪( 3‬أخرجه أحمد (‪، 401/5‬‬


‫رقم ‪ ، )23451‬وأبو داود‬
‫(‪ ، 294/4‬رقم ‪ ،)4972‬وصححه‬
‫األلباني‪.‬‬
‫)‪( 4‬أخرجه البخاري (‪2377/5‬‬
‫‪ ،‬رقم ‪.)6113‬‬

‫البخاري‬ ‫(أخرجه‬ ‫)‪5‬‬


‫(‪ ،2357/5‬رقم ‪.)6049‬‬

‫)‪( 6‬أخرجه البخاري (‪2240/5‬‬


‫‪ ،‬رقم ‪ ، )5673‬ومسلم (‪69/1‬‬
‫‪ ،‬رقم ‪.)48‬‬

‫)‪( 7‬أخرجه مسلم (‪، 2001/4‬‬


‫رقم ‪.)2589‬‬
‫)‪( 8‬أخرجه أبو داود (‪269/4‬‬
‫‪ ،‬رقم ‪ ، )4875‬والترمذي‬
‫(‪ ، 660/4‬رقم ‪.)2502‬‬

‫)‪( 9‬أخرجه البخاري (‪2250/5‬‬


‫‪ ،‬رقم ‪ ، )5709‬ومسلم (‪101/1‬‬
‫‪ ،‬رقم ‪.)105‬‬

‫البخاري‬ ‫(أخرجه‬ ‫)‪10‬‬


‫(‪ ، 2261/5‬رقم ‪، )5743‬‬
‫ومسلم (‪ ، 2012/4‬رقم ‪.)2607‬‬

‫)‪( 11‬سبق تخريجه‪.‬‬

‫)‪( 12‬سبق تخريجه‪.‬‬


‫)‪( 13‬أخرجه البخاري (‪21/1‬‬
‫‪ ،‬رقم ‪ ، )33‬ومسلم (‪، 78/1‬‬
‫رقم ‪.)59‬‬

‫)‪( 14‬أخرجه البخاري (‪21/1‬‬


‫‪ ،‬رقم ‪ ، )34‬ومسلم (‪، 78/1‬‬
‫رقم ‪.)58‬‬

‫)‪( 15‬أخرجه الترمذي (‪558/4‬‬


‫رقم ‪ )2317‬وقال ‪ :‬غريب ‪.‬‬
‫وابن ماجه (‪ ، 1315/2‬رقم‬
‫‪ .)3976‬وحسنه األلباني في‬
‫والترهيب‬ ‫الترغيب‬ ‫صحيح‬
‫‪.60/3‬‬
‫)‪( 16‬أخرجه أحمد (‪، 313/1‬‬
‫رقم ‪ ، )2867‬وابن ماجه‬
‫(‪ ، 784/2‬رقم ‪.)2341‬‬

‫)‪( 17‬سبق تخريجه‪.‬‬

‫)‪( 18‬أخرجه أحمد (‪، 196/5‬‬


‫رقم ‪ ، )21763‬وأبو داود‬
‫(‪ ، 317/3‬رقم ‪، )3641‬‬
‫والترمذى (‪ ، 48/5‬رقم ‪)2682‬‬
‫‪ ،‬وابن ماجه (‪ ، 81/1‬رقم‬
‫‪.)223‬‬

‫)‪( 19‬هم الذين يكثرون من‬


‫واختالق‬ ‫السيئة‬ ‫األخبار‬
‫األقوال الكاذبة حتى يضطرب‬
‫الناس‪ .‬انظر المصباح المنير‬
‫رجف‪.‬‬

‫)‪( 20‬سبق تخريجه‪.‬‬

‫)‪( 21‬سبق تخريجه‪.‬‬

‫)‪( 22‬سبق تخريجه‪.‬‬

‫)‪( 23‬أخرجه البخاري (‪465/1‬‬


‫ومسلم‬ ‫‪،‬‬ ‫‪)1320‬‬ ‫رقم‬ ‫‪،‬‬
‫(‪ ، 1781/4‬رقم ‪.)2275‬‬
‫)‪( 24‬أخرجه أحمد (‪ ، 5/5‬رقم‬
‫‪ ، )20058‬وأبو داود (‪297/4‬‬
‫‪ ،‬رقم ‪ ، )4990‬والترمذى‬
‫(‪ ، 557/4‬رقم ‪ )2315‬وقال ‪:‬‬
‫حسن‪.‬‬

‫‪—————————————-‬‬

‫المحاضرون‪:‬‬

‫الشيخ‬ ‫فضيلة‬
‫بن ناصر‬ ‫الدكتور‪/‬إبراهيم‬
‫الحمود‬
‫فضيلة الشيخ الدكتور‪ /‬فهد‬
‫بن سليمان الفهيد‬
‫فضيل الشيخ ‪/‬محمد بن سعد‬
‫السعيد‬

You might also like