Aymen and Grand Mother

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 16

‫تأليف ‪ :‬كهامن مسعودة‬

‫رسم ‪ :‬عمربن حيدرة‬

‫‪1‬‬
‫شــقي‪ ،‬يَ ْســ ُك ُن مــ َع أُ ٍّمــ ِه يف‬
‫ٌ‬ ‫القلــب لكنــه‬
‫ِ‬ ‫طيــب‬
‫ُ‬ ‫أَميــ ُن ولــ ٌد‬
‫قريــ ٍة هادئــ ٍة َو َســ َط غَابــ ٍة كَثيفــ ِة األشْ ــ َجا ِر واســع ٍة ال يَ ُ‬
‫عــرف‬
‫وكانــت أُ ّمــ ُه كثــ ًرا مــا تنصحــ ُه بِــأَ ْن يَ ُحــ َّد‬
‫ْ‬ ‫أحــ ٌد لهــا حــدو ًدا‪.‬‬
‫مــن فضولــ ِه يف معرفــ ِة الغابــ ِة أل َّن ِق َص ًصــا كثــر ًة تَــ ْر ِوي‬
‫َ‬
‫األطفــال َخد ًمــا ل َهــا‪.‬‬ ‫ُو َجــو َد امــرأ ٍة رشيــر ٍة ماكــر ٍة تَســت ِغ ُل‬
‫كانــت كبــرةً‪ ،‬فهــو يَتأخــ ُر بعــد خروجِــ ِه‬
‫ْ‬ ‫لكــ ْن شَ ــقاو َة أميــن‬
‫يذهــب إىل‬
‫ُ‬ ‫لعــب مــع أصدقائــ ِه أو‬
‫مــن املدرســ ِة عندمــا يَ ُ‬
‫ــاك دون أ ْن يُعلِــ َم‬
‫الســمك أو يتجــ َو َل ُه َنــا و ُه َن َ‬
‫َ‬ ‫النهــ ِر لِ ْ‬
‫يصطَــا َد‬
‫ْلــق عليــ ِه بشــدة حتــى ِ‬
‫تبــي خوفًــا مــن‬ ‫كانــت تَق ُ‬
‫ْ‬ ‫أُ َّمــ ُه ال ِتــي‬
‫متلــك غــ َر ُه بعــد وفــا ِة زو ِج َهــا‬
‫ُ‬ ‫أن يصيبــ ُه مكــرو ٌه‪ ،‬فهــي ال‬
‫الــذي تركَ َهــا ت ُواجِــ ُه الحيــا َة القاســي َة و ْح َدهــا‪ .‬وألَ َّن أميــن ال‬
‫ذهــب‬
‫َ‬ ‫نصائــح أ ِّمــ ِه غال ًبــا وال يقــد ُر َخ ْوفْ َهــا عليــه‪،‬‬
‫َ‬ ‫يســتم ُع لِ‬
‫األيــام بعــد خروجــ ِه مــن املدرســ ِة إىل النهــ ِر‬
‫ِ‬ ‫يف يــوم مــن‬
‫ــمك‪ .‬أَخــ َذ‬
‫الس ِ‬‫وهــي صيــ ُد ّ‬
‫َ‬ ‫رس ِه َوايتَــ ُه املفضلــ َة‬ ‫لِ َ‬
‫يــا َ‬

‫‪2‬‬
‫بجانــب‬
‫ِ‬ ‫جــوف شــجر ٍة قدميــ ٍة‬
‫ِ‬ ‫ِص َّنارتِــه التــي كان يحتفــ ُظ ِب َهــا يف‬
‫النهـرِ‪ ،‬ثــم أع ّدهــا بوضـعِ أحـ ِـد الحـر ِ‬
‫ات يف مقدم ِتــه وأل َقــى ِب َهــا يف‬
‫ـال اِنتظــار ُه‬ ‫املــا ِء بـ ِّ‬
‫ـكل براعـ ٍة وكأنَّـ ُه َص ّيــا ٌد محـ ٌ‬
‫ـرف وأ َخـ َذ يَ ْنتَ ِظـ ُر وطـ َ‬
‫دو َن جــ ْد َوى‪ ،‬فشــ َعر بامللــلِ ومل يُكــر ْر املحاولــ َة َور َمــى بالص َّنــار ِة‬
‫تحــت شــجر ٍة وارفــ ِة الظــا ِل يســتمت ُع بالنســيم‬
‫َ‬ ‫بعيــ ًدا واســتلْقَى‬
‫ـب جِســم ُه اللطيـ ُـف وزقزق ـ ِة العصاف ـرِ وأنغـ ِ‬
‫ـام‬ ‫العليــلِ الــذي يداعـ ُ‬
‫ـمس ال ّدافئ ـ ِة ‪ ،‬لق ـ ْد‬
‫الطيــو ِر األخ ـ َرى املختلف ـ ِة الشّ ــجي ِة وأشــع ِة الشّ ـ ِ‬
‫َســحرتُ ُه تلـ َـك الطبيعـ َة الخالبـ َة حتــى شـ َع َر برغبـ ٍة ُمل َحـ ٍة يف التجــو ِل‬
‫وســ َط الغابــ ِة الكثيفــ ِة األشــجارِ‪ ،‬لك ّنــ ُه تذكّــر تحذيــراتَ أُ ّمــ ِه لَــ ُه‪،‬‬
‫َ‬
‫لِه ـذَا تَســا َء َل قَائـ ِـاً‪ :‬أَ ُ ْي ِك ـ ُن لِلِ َع ُجــو ِز الرشيــر ِة أَ ْن تَ ِعيـ َ‬
‫ـش يف مــكانٍ‬
‫هــادئٍ جميــلٍ مثـ َـل ه ـذَا؟‬

‫‪3‬‬
4
‫أَطْــ َر َق أَ ْيــ ُن برهــ ًة مــن الزمــنِ يفكــ ُر و َوجــ َد أَ َّن ف ُُضولَــ ُه كبــ ٌر‬
‫نفســ ُه‪:‬‬ ‫نصائــح أُ ِّمــ ِه وفَرس َهــا ُم ِ‬
‫حدث ًــا َ‬ ‫َ‬ ‫الكتشــاف الغابــ ِة وأهمــل‬
‫ِ‬
‫الطريــق‬
‫َ‬ ‫ي أَ ْن أَ َّ‬
‫ظــل‬ ‫إ َّن أُ ِّمــي ت ُِخي ُف ِنــي فقــط ألنَّ َهــا تَ ْخ َ‬
‫ــى عــ َّ‬
‫فالغابــ ُة واســع ٌة جــ ًدا‪ .‬ومــا كا َد يُ ُ‬
‫كمــل كالمــ ُه حتــى خطــرتْ‬
‫وهــي أَ ْن يَ َضــ َع عال َمــ ًة عــى جــذ ِع ِّ‬
‫كل شــجر ٍة ميــ ُّر‬ ‫َ‬ ‫لــه فكــر ٌة‬
‫ِ‬
‫األرض وأخــ َذ‬ ‫ب َهــا وبتــر ٍع أفــر َغ محتــ َوى محفظتــ ِه عــى‬
‫الجــر ِ‬
‫القديــم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫األبيــض واندفــ َع إىل‬ ‫قطعــ ًة مــن الطباشــرِ‬
‫ليصــل إىل الضفــ ِة األخــرى مــن النهــ ِر تــاركًا ورا َء ُه أدواتــ ِه‬
‫َ‬
‫املدرســي ِة مبعــر ًة دو َن ُمبــاال ٍة‪.‬‬
‫يركــض‬
‫ُ‬ ‫ووصــل إىل الضفــ ِة األخــرى وبــدأَ‬
‫َ‬ ‫عــر أَميــ ُن الن َهــر‬
‫ََ‬
‫نــاك ومــن شــ ّد ِة ِ‬
‫فرحــ ِه أخــ َذ يُقلــ ُد‬ ‫َســعيدا ً ويقفــ ُز ُهنــاَ و ُه َ‬
‫الحيوانــات التــي يج ُد َهــا يف طريقــ ِه مــر ًة ومــر ًة يُ َح ُ‬
‫ــاول‬ ‫ِ‬ ‫مشــ َي َة‬
‫اشــات الجميلــ ِة‬
‫اإلمســاك بالفر ِ‬
‫َ‬
‫وفجأ ًة رأَى غزالً جميالً‬

‫‪5‬‬
‫غريــب‬
‫ٍ‬ ‫ــل إىل مــكانٍ‬
‫وص َ‬
‫ويركــض ورا َء ُه حتــى َ‬
‫ُ‬ ‫فأ َخــ َذ يُ ِ‬
‫الحقُــ ُه‬
‫وســ َط الغابــ ِة واختفَــى الغــز ُال وعــ َّم الهــدو ُء التَّــا ُم‪ ،‬وشــع َر‬
‫ِ‬
‫بالخــوف مــن املــكانِ وأرا َد الرجــو َع‪ ،‬لكــن عجــوزًا‬ ‫أميــ ُن‬
‫ُ‬
‫تضحــك‬ ‫شــمطاء طويلــ َة القامــ ِة ظهــرتْ أ َما َمــ ُه وأخــذتْ‬
‫عصــا خشــن ًة غريبــ ًة‬ ‫ُ‬
‫متســك يف ي ّد َهــا ً‬ ‫ٍ‬
‫بصــوت مرتفــعٍ وهــي‬
‫الطفــل‬
‫ُ‬ ‫ضللــت طريقَــك أيُّهــا‬
‫َ‬ ‫مرعــب‪ :‬هــل‬
‫ٍ‬ ‫ٍ‬
‫بصــوت‬ ‫وقالــت‬
‫الشّ ــجا ُع ؟ مل يســتطع أميــن الــكالم مــن شــ ّدة الفــزع لهــذا‬
‫ٍ‬
‫جديــد قائلــ ًة ‪ :‬مــاذا هــل أنــت خائــف؟‬ ‫ســألته العجــ ُو ُز مــن‬
‫ِ‬
‫الخــوف ومل‬ ‫رتجــف مــن‬
‫ُ‬ ‫مل يســتط ْع أميــ ُن الــكال َم فهــو يَ‬
‫يتمكــ ْن حتــى مــن الحركــ ِة‪ ،‬لهــذا جذبتــ ُه العجــ ُو ُز الرشيــر ُة‬
‫وقالــت لــ ُه‪ :‬اآلن ســآخذك معــي إىل البيــت‪،‬‬
‫ْ‬ ‫بقــو ٍة مــن يــد ِه‬
‫تلعــب معهــم وهــم كُلّهــم لطفــاء‪.‬‬
‫ُ‬ ‫ال تخــف ســتج ُد أطفــاالً‬
‫الخــوف أميــ ُن فأخــ َذ يبــي ند ًمــا وحــر ًة ألنّــ ُه اســتها َن‬
‫ُ‬ ‫شــل‬
‫َّ‬
‫بنصائــح أُ ِّمــ ِه‪.‬‬

‫‪6‬‬
7
‫ـكت الرشيــر ُة بـ ِه وقادتـ ُه مع َهــا‪ .‬مشـ َيا مــد ًة مــن الزمــنِ‬
‫وهكــذا أمسـ ْ‬
‫يف الغابـ ِة حتّــى وصـاَ إىل كــو ٍخ قديـ ٍـم يبدو مهجــو ًرا‪ .‬فتحــت العج ُو ُز‬
‫واختفــت‪.‬‬
‫ْ‬ ‫البــاب‬
‫َ‬ ‫أغلقــت‬
‫ْ‬ ‫ورمــت أميــن إىل الداخــلِ ثــم‬
‫ْ‬ ‫البــاب‬
‫َ‬
‫كل يش ٍء حولَــ ُه ِ‬
‫األوان‬ ‫فأخــ َذ يتطلــ ُع إىل املــكانِ بفــز ٍع ‪ ،‬ويتأمــل َّ‬
‫الكثيــف عــى‬
‫ُ‬ ‫العناكــب والغبــا ُر‬
‫ُ‬ ‫املتســخ ِة‪ ،‬الجــدرا ُن التــي متألُ َهــا‬
‫ِ‬
‫األرض والف ـرانِ التــي تركـ ُ‬
‫ـض‪ .‬كل مــا يوج ـ ُد يف الكــو ِخ كا َن يبعــثُ‬
‫ِ‬
‫الخــوف واالشــمئزا ِز وفجــأ ًة ظهــرتْ مجموعــ ٌة مــن األطفــا ِل‬ ‫عــى‬
‫ـكل قوتـ ِه حتــى أُغمـ َ‬
‫ـي‬ ‫حســب َها أميـ ُن للوهلـ ِة األوىل أشــبا ًحا فــر َخ بـ ِّ‬
‫ـص‬‫عليـ ِه‪ .‬فتقدمــوا إليــه برسعـ ٍة وأيقظــو ُه وبعــد أَ ْن اســتعا َد وعيـ ُه قـ َّ‬
‫الصغــا ُر قصتهــ ْم مــع العجــو ِز الرشيــرة ِوكيــف أوصلهــ ْم‬ ‫ُ‬
‫األطفــال ّ‬
‫فضولَهـ ْم إىل الغابـ ِة فأَمسـ ْ‬
‫ـكت بهــم‪ ،‬فهــي تجعلهــم يعملــو َن طــوال‬
‫النهــار‪ ،‬يحفــرون لهــا ِبـ ْ ً‬
‫ـرا عميقــة حتــى يســتخرجوا لهــا كنـ ًزا مدفونًــا‬
‫ُي ّك ُنهــا مــن اســرجا ِع شــبا ِب َها وق ّوتِ َهــا‪.‬‬

‫‪8‬‬
9
‫العصــا الســحري ِة ؟ أجابــه‬
‫‪-‬إذن ملــاذا ال تحفـ ُر البـ َر وح َدهــا بواســط ِة َ‬
‫أح ـ ُد األطفــا ِل قائ ـاً‪ :‬كلّــا اســتخدمت الرشيــرة َ‬
‫العصــا فق ـ َد قوت ـ ُه‬
‫‪ ،‬لهــذا تحافــظ عليــه حتــى تبقــى قوي ـ ًة‪ ،‬وعندمــا تصـ ُـل اىل كنز َهــا‬
‫عصا َهــا‪.‬‬
‫تســرج ُع شــباب َها وقــو َة َ‬
‫قال أمين بحرس ٍة‪ :‬لو أستطي ُع فقط أن َ‬
‫أهرب‪.‬‬
‫ر َّد أح ـ ُد األطفــال‪ :‬ال تحــاول ســيكو ُن عقابُـ َـك شــدي ًدا مثلــا حــدثَ‬
‫اب يو ًمــا كا ِمـ ًـا‪ ،‬وك ْدنَــا منــوت‬
‫ـام والـر ِ‬
‫لنــا‪ ،‬فقــد حرمتَ َنــا مــن الطعـ ِ‬
‫كذلــك مــن التعذيــب والــرب‪ ،‬لهــذا مل نُ ِع ـ ْد املحاولــة ‪ ،‬إستســلمنا‬
‫وعرفنــا أن هــذا جزاؤنــا‪ ،‬ألنّ َنــا ملْ نُ ِطـ ْع والدينــا ومل نأخـ ْذ بنصائِحهـ ْم‪.‬‬
‫ـكت أميـ ُن طويـاً وقــال يف نفسـ ِه‪ :‬لـ ْن أستســل َم‪ ،‬ســأفك ُر يف طريقـ ٍة‬
‫سـ َ‬
‫للتخلـ ِ‬
‫ـص من َهــا‪.‬‬
‫يعمــل يف عنــا ٍء مــع بقيــ ِة األطفــا ِل‬
‫ُ‬ ‫قــى أميــ ُن ثالثــ َة ٍ‬
‫أيــام وهــو‬
‫يحفــرون البـ َر ُويخر ُجــون الحجــارةَ‪ ،‬لكــن كان طــوال الوقـ ِ‬
‫ـت يفكـ ُر‬
‫يف حيل ـ ٍة يقــي ب َهــا عــى الرشيــر ِة‪ .‬ويف اليـ ِ‬
‫ـوم الرابــع ِوبينــا هــو‬
‫داخــل الب ـرِ وج ـ َد ُج ـذَو َر‬

‫‪10‬‬
‫الشــجر ِة العمالقـ ِة تشــب ُه الثعبــانَ‪ ،‬فخطــرتْ لــه فكــر ًة رائعـ ًة‪ ،‬وبعــد‬
‫ـال من حولـ ِه بعدما‬ ‫انقضــا ِء ذلــك اليــوم ويف ظـ ِ‬
‫ـام الليــلِ جمــع األطفـ َ‬
‫ـت‬ ‫ـرب بصـ ٍ‬
‫ـوت خافـ ٍ‬ ‫ـت العجــو ُز وأخ ـ َذ يـ ُ‬
‫ـرح لهــم خطت ـ ُه للهـ ِ‬ ‫نامـ ْ‬
‫وحذرشـ ٍ‬
‫ـديد حتــى ال تكشــف الرشيــر ُة خطتَهـ ْم وتقـ ِـي عليهـ ْم‪.‬‬
‫ـمس عــى الكــو ِخ املهــرئِ وخـ َ‬
‫ـرج‬ ‫ـت الشـ ُ‬
‫ـال وأرشقـ ْ‬
‫جــا َء اليــو ُم التـ ِ‬
‫كل صبــا ٍح يعملــون يف حف ـ ِر الب ـرِ وأَمل ُه ـ ْم يف‬
‫ـال كعادتِه ـ ْم يف ِّ‬
‫األطفـ ُ‬
‫نجــا ِح ُخط ـ ِة أميــنِ و القضــا ِء عــى الرشير ِةكب ـ ٌر‪.‬‬
‫دخـ َـل معظـ ُم األطفــا ِل البـ َر وبعــد مــد ٍة مــن الزمــنِ أَخـذُوا يرص ُخو َن‬
‫بقــو ٍة ويَخر ُجــو َن منــه مذ ُعوريــن‪ ،‬فغضبـ ْ‬
‫ـت العجــو ُز منهــم وقالــت‬
‫ـب‪ :‬ملــاذا ت َرص ُخــو َن و ترتكُونَع َمل ُكــم؟‬
‫بغضـ ٍ‬
‫عظيــا ْمل نــ َر‬
‫ً‬ ‫ُ‬
‫األطفــال بفــز ٍع ‪ :‬لقــد وجدنــا ثعبانًــا‬ ‫أجابَهــا‬
‫مثلــ ُه يف حياتِ َنــا‪ ،‬وخشــي َنا أ ْن يأكُل َنــا لهــذا نحــن ال نســتطي ُع‬
‫ِ‬
‫بعصــاك الســحرِي‪.‬‬ ‫العــود َة إىل العمــلِ حتــى تُخلصي َنــا منــه‬

‫‪11‬‬
‫ـت إىل البـرِ وأخــذتْ تُد ِقـ ُـق ال ّنظَـ َر‬ ‫ـت العجــو ُز األطفـ َ‬
‫ـال وتوجهـ ْ‬ ‫صدقـ ْ‬
‫لِــ َرى الثعبــا َن وأميــ ُن يشــ ُر ل َهــا يف مــكانِ الجــذر الكبــر للشــجر ِة‬
‫ـام الشـ ِ‬
‫ـديد يف‬ ‫ـبب الظـ ِ‬
‫وهــو متأكـ ٌد أنّهــا ال تســتطي ُع متييـ َز ُه كثـ ًرا بسـ ِ‬
‫ـق وكذلــك رغبتهــا الكبــرة يف الوصــو ِل إىل كنز َهــا يجعل َهــا‬
‫البـرِ العميـ ِ‬
‫ـتعجل األمـ َر وتصدقُــه بســهول ٍة‪.‬‬
‫تسـ ُ‬
‫العصــا إىل جــذر الشــجر ِة العمالقــ ِة‬
‫َ‬ ‫هــت العجــو ُز‬
‫و ّج ْ‬
‫وأفرغــت قــوة‬
‫ْ‬ ‫املوجــودة بجانــب البــرِ معتقــد ًة أنّــه ثعبــا ٌن‬
‫يحتــاج إىل‬
‫ُ‬ ‫َالعصــا دون أن تشــع َر‪ ،‬فجــ ْذ ُر الشــجر ِة كان صل ًبــا‬
‫َ‬
‫األطفــال الفرصــ َة‬
‫ُ‬ ‫اســتغل‬
‫َّ‬ ‫قــو ٍة كبــر ٍة لتقــي عليــه‪ ،‬وهنــا‬
‫داخــل البــرِ وأخــذُوا يفرغــو َن فوق َهــا الــر َ‬
‫اب‬ ‫َ‬ ‫ودف ُعــوا بهــا‬
‫والحجــار َة حتــى تأكــ ُدوا مــن هالكِ َهــا‪.‬‬
‫ُ‬
‫األطفــال عــى العجــو ِز وأخــذُوا‬ ‫بفضــلِ ذكا ِء أميــن انتــ َ‬
‫ر‬ ‫وهكــذا ِ‬
‫يقفـ ُزو َن فرحـ َن لتخلصهــم منهــا وقَـ َر ُروا العــودة َإىل بيوتِهــم عا ِقدي َن‬
‫العــز َم طاعـ َة والديهـ ْم دامئًــا حتــى ال تتكــر ُر هــذه التجربـ ُة القاســي ُة‬
‫مــن جديـ ٍـد‬

‫‪12‬‬
13
‫أ َّمــا أميـ ُن فقــد أرس َع يف اتجــا ِه بي ِتــه‪ ،‬فقـ ْد اشـ َ‬
‫ـتاق اىل أ ِّمـ ِه وقد كانت‬
‫الطريـ ُـق ســهل ًة ألنّـ ُه وجـ َد العالمــاتَ التــي وضع َهــا مــن قبل‪.‬وعن َدمـاَ‬
‫ـوت مرتفـعٍ‪ :‬أُ ِّمــي‬
‫وصـ َـل‪ ،‬وجــد َأُ َّمـ ُه نامئـ ًة عــى رسي ِر َهــا‪ ،‬فــرخ َبصـ ٍ‬
‫َهــا أنَــا قــد ُعـدْتُ يــا أُ ِّمــي‪ .‬اســتيقظت أ ُّمـ ُه وهــي شــاحب ُة اللــونِ ال‬
‫ـبب املـ ِ‬
‫ـرض الــذي أنهـ َـك قوا َهــا‪ ،‬فقــد‬ ‫تــكا ُد تقـ َوى عــى النهـ ِ‬
‫ـوض بسـ ِ‬
‫ـت ُح ْزنًــا بال ًغــا عند َمــا اخت َفــى أميـ ُن‪.‬‬
‫َحزِنـ ْ‬
‫وقالــت‪:‬‬
‫ْ‬ ‫واختلطــت ُد ُمو ُع َهــا بدمــو ِع أميــ ُن‬
‫ْ‬ ‫بكــت أُ ّمــ ُه كثــ ًرا‬
‫ْ‬
‫اشــتقت إليــك كثــ ًرا؟ أيــن‬
‫ْ‬ ‫َ‬
‫ســامتك لقــد‬ ‫الحمــد للــه عــى‬
‫َى؟قــال أميــ ُن‪ :‬ال يَــا أُ ِّمــي‪ ،‬لكــ ْن كِــدْتُ‬
‫َ‬ ‫كنــت؟ أملْ ت َُص ْ‬
‫ــب بأذ‬ ‫َ‬
‫ْ‬
‫أعــرف ق ِي َمت َهــا‬ ‫حــك وملْ‬ ‫أ ْن أَ َ‬
‫هلــك‪ ،‬ألنّ ِنــي ملْ أســتم ْع لنصائِ ِ‬
‫وقعــت يف قبضــ ِة العجــو ِز الرشيــر ِة‪ .‬وأ َخــ َذ أميــ ُن‬
‫ُ‬ ‫إال عندمــا‬
‫كل مــر ٍة‬ ‫ُــص مــا حــدثَ لــ ُه مــ َع األطفــا ِل وهــو ِ‬
‫يبــي‪ ،‬ويف ِّ‬ ‫يَق ُّ‬
‫ويطلــب منهــا أن تســا ِم َح ُه‬
‫ُ‬ ‫يتوقــف‬
‫ُ‬ ‫كا َن‬

‫‪14‬‬
15
‫كل مــا تنص ُحــ ُه بــ ِه‪ ،‬وكذلــك‬
‫ويؤكــ ُد ل َهــا أنَّــ ُه ســيُ ِطي ُع َها يف ِّ‬
‫وع َد َهــا أ ْن يحــ َّد مــن فضولــ ِه الــذي يو ِق ُعــه ُغالبًــا يف املشــاكلِ ‪.‬‬
‫القــايس‬
‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫الــدرس‬ ‫فرحــت األ ُّم بعــود ِة اِب ِن َهــا واســتفادتِ ِه مــن‬
‫ْ‬
‫أيــام اســتعادتْ ِصحتَ َهــا‬
‫ٍ‬ ‫الــذي تعل َمــ ُه مــن الحياة‪،‬وبعــد‬
‫حريصــا عــى‬
‫ً‬ ‫وأصبــح أميــ ُن اِب ًنــا ُمطي ًعــا‪ُ ،‬م ْهتَ ً‬
‫ــا بدراســت ِه‬ ‫َ‬
‫راحــ ِة أ ِّمــ ِه وعاشَ ــا يف ســعاد ٍة واطمئنــانٍ ‪.‬‬

‫‪16‬‬

You might also like