Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 2

‫مدحه عميد األدب العربي طه حسين؛ فقال‪" :‬ال أكاد أصدق أن كاتبًا مصريًا وصل إلى الجماهير المثقفة‬

‫وغير المثقفة مثلما وصلت إليها أنت!!‪ ،‬فال تكاد تكتب‪ ،‬وال يكاد الناس يسمعون بعض ما تكتب حتى يصل‬
‫إلى قلوبهم!‪ ،‬كما يصل الفاتح إلى المدينة التي يقهرها فيستأثر بها االستئثار كله!!"‪.‬‬
‫هو رائد القصة القصيرة برغم من سبقه من ُكتَّاب القصة وممن عاصروه؛ أنه الكاتب والروائي والمسرحي‬
‫ويثبت أركانها‪ ،‬ويضع أسسها السليمة لبناء‬
‫ِّ‬ ‫محمود تيمور؛ استطاع أن يرسي دعائم الكتابة القصصية‪،‬‬
‫فن ٍٍ جديد؛ فصرف جهده كله لتعليم جي ٍل من الكتاب أصول هذا الفن‪.‬‬
‫ٍ‬
‫مولده ونشأته‪..‬‬
‫ولد محمود تيمور في ‪ 16‬يونيو عام ‪ ،1894‬بقصر والده في منطقة درب سعادة بالقاهرة‪ ،‬بأحد أحياء‬
‫مصر القديمة‪ ،‬ونشأ في أسرة عريقة على قدر كبير من العلم والثراء‪ ،‬فتأثر الكاتب الكبير ببيئته المحيطة‬
‫به فوالده أحمد تيمور باشا األديب المعروف‪ ،‬والمهتم بالتراث العربي‪ ،‬أحد أقطاب الفكر واألدب‬
‫المعدودين‪ ،‬وله العديد من المؤلفات القيمة‪ ،‬وله مكتبته الشهيرة والمعروفة بـ"التيمورية"‪ ،‬يلجأ إليها‬
‫األدباء من كل مكان حتى وقتنا هذا في دار الكتب المصرية‪ ،‬كما تأثر بعمته الشاعرة الرائدة "عائشة‬
‫التيمورية"صاحبة ديوان "حلية الطراز"‪ ،‬وشقيقه محمد تيمور‪.‬‬
‫درس في المدرسة الناصرية االبتدائية ليلتحق بعدها باإللهامية الثانوية‪ ،‬ثم التحق بعد ذلك بمدرسة‬
‫أشهر‪ ،‬قضى معظمها في القراءة‬
‫ٍ‬ ‫الزراعة العليا ولم يكمل دراسته فيها ألسباب صحية‪ ،‬فلزم الفراش ثالثة‬
‫والتأمل‪ ،‬سافر بعدها إلى سويسرا لالستشفاء‪ ،‬فطاقت نفسه إلى األدب خالل هذه الفترة؛ فقرأ واطلع على‬
‫اآلداب األوربية؛ فدرس األدب الفرنسي والروسي‪ ،‬باإلضافة إلى سعة اطالعه في األدب العربي‪ ،‬واتسعت‬
‫قراءاته شيئ ًا فشيئ ًا؛ لتشمل روائع األدب العالمي لعدد من مشاهير الكتاب‪ ،‬مثل‪" :‬أنطون تشيكوف"‪،‬‬
‫و"إي فان تورجنيف"‪ ،‬و"جي دي موباسان"‪ ،‬كما تأثر محمود تيمور بأخيه في اتجاهه نحو المذهب‬
‫الواقعي في الكتابة القصصية‪ ،‬فظهر تأثره بهم في بواكير أقاصيصه‪ ،‬التي صور فيها الطبقات الشعبية في‬
‫الريف والمدينة‪.‬‬

‫"ليست الصحافة إال وليدة البيئة‪ ،‬وصورة العصر‪ ،‬ومرآة تنعكس على صفحتها بدوات المجتمع ونزواته"‪.‬‬

‫أسلوبه في الكتابة‪..‬‬
‫ع ُِّرف أسلوبه في الكتابة بأنه أسلوب دقيق أنيق؛ لرجل يجيد اللغة ويحسن استخدامها‪ ،‬فاستمد محمود‬
‫تيمور أحداث معظم قصصه ورواياته وشخصياتها من الواقع الذي يدور حوله‪ ،‬فكانت قصصه تستند إلى‬
‫خياله الخالق‪ ،‬ومع هذا الخيال؛ فإن أدبه اتصف بالواقعية‪ ،‬فهو يقوم على تصوير العادات والتقاليد‬
‫عرض دقيق للعواطف اإلنسانية‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫واألماكن‪ ،‬مع‬
‫ومن أهم قصصه ورواياته‪" :‬عم متولي"‪" ،‬الشيخ سيد العبيط"‪" ،‬رجب أفندي"‪" ،‬األطالل"‪" ،‬نداء‬
‫المجهول"‪" ،‬مكتوب على الجبين"‪" ،‬قال الراوي"‪-‬مع مقدمة لطه حسين‪" ،-‬عبلة"‪" ،‬كليوباترا في خان‬
‫الخليلي"‪" ،‬خلف اللثام"‪" ،‬ثائرون"‪" ،‬دنيا جديدة"‪" ،‬إلى اللقاء أيها الحب"‪" ،‬المصابيح الزرق"‪،‬‬
‫"بنت اليوم"‪.‬‬
‫ومن مسرحياته‪" :‬عروس النيل"‪" ،‬حواء الخالدة"‪" ،‬اليوم خمر"‪" ،‬كذب في كذب"‪" ،‬صقر قريش"‪.‬‬
‫وله في أدب الرحلة‪":‬أبو الهول يطير"‪" ،‬شمس وليل"‪" ،‬جزيرة الحب"‪.‬‬
‫وله العديد من الدراسات في اللغة واألدب؛ منها‪":‬نشوء القصة وتطورها"‪" ،‬طالئع المسرح العربي"‪،‬‬
‫"ضبط الكتابة العربية"‪" ،‬شفاء الروح"‪" ،‬مشكالت اللغة العربية"‪" ،‬معجم الحضارة"‪" ،‬أدب وأدباء"‪،‬‬
‫"القصة في األدب العربي"‪.‬‬

‫"من ال ذكريات له في ماضيه‪ ..‬كان في حاضره تائه الفكر شريد الوجدان"‬

‫مناصب وجوائز‪..‬‬
‫عمل محمود تيمور في بداية حياته بوزارة الخارجية المصرية لمدة قصيرة تفرغ بعدها للكتابة‬
‫عضوا في مجمع اللغة العربية بالقاهرة‪ ،‬والمجلس األعلى لرعاية العلوم واآلداب‪،‬‬
‫ً‬ ‫والمحاضرات‪ ،‬كما كان‬
‫وعضوا في المجمع العلمي العراقي‪ ،‬والمجري‪،‬‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫مراسال في مجمع اللغة العربية بدمشق‪،‬‬ ‫عضوا‬
‫ً‬ ‫وكان‬
‫ورابطة األدباء‪ ،‬ونادي القصة‪.‬‬
‫وحظي محمود تيمور بتقدير األدباء والنقاد‪ ،‬ونال اهتمام المحافل األدبية ونوادي األدب والجامعات‬
‫المختلفة في مصر والوطن العربي وأوروبا وأمريكا‪ ،‬وتم تكريمه في أكثر من مناسبة‪ ،‬كما نال إنتاجه‬
‫القصصي جائزة مجمع اللغة العربية في مصر‪ ،‬فنال عدة جوائز تقديرية وأوسمة؛ منها‪ :‬جائزة مجمع اللغة‬
‫العربية بالقاهرة ‪ ،1937‬وجائزة الدولة التقديرية لآلداب ‪ ،1963‬ووسام االستحقاق من الدرجة األولى‪،‬‬
‫ووسام النيل‪ ،‬ووسام األرز اللبناني‪ ،‬وغيرها من الجوائز واألوسمة‪.‬‬
‫وفاته‪..‬‬
‫توفي الكاتب الكبير في مثل هذا اليوم ‪ 25‬أغسطس من عام ‪ 1973‬في لوزان بسويسرا‪ ،‬ونقل جثمانه إلى‬
‫القاهرة حيث دُفن بها‪.‬‬
‫كثيرا من‬
‫ً‬ ‫فرحل عنا األديب الواقعي الساحر بعد أن أثَّر في عد ٍد كبير من األدباء والروائيين الذين استفادوا‬
‫ريادته األدبية وإبداعاته القصصية؛ فساروا على دربه‪ ،‬تاركًا وراءه إرثًا أثرى به المكتبة العربية واألدب‬
‫العربي خالل سني عمره بأكثر من ‪ 70‬كتا ًبا في القصة والرواية والمسرحية والدراسات اللغوية واألدبية‬
‫وأدب الرحالت‪.‬‬

You might also like