Andalusia

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 6

‫نهاية دولة االمويين في االندلس ‪ .

‬الفتوحات السهلة والمقاومة الصعبة‬


‫وليد نويهض | ‪ 16‬ديسمبر ‪1999‬‬
‫تناول مقال االمس العوامل الخارجية والداخلية التي اجتمعت في االندلس وانتهت الى انهيار‬
‫الدولة االموية ونهوض دويالت الطوائف‪ .‬ويتحدث مقال اليوم وغداً عن تاريخية نشوء‬
‫الدولة االموية في االندلس والعناصر الذاتية التي ساهمت في تفككها‪.‬‬
‫لم يلق المسلمون صعوبات كبيرة في فتح االندلس‪ ،‬فالصعوبات جاءت الحقا ً حين انهار مركز‬
‫الدولة في دمشق وانتقلت الخالفة من األمويين الى العباسيين واستقلت االندلس عن بغداد‬
‫وخالفتها‪ .‬فشكل هذا االنتقال نقطة تحول في تاريخ المغرب ‪ -‬االندلس حين نجحت اإلمارة‬
‫االموية المستقلة عن المركز العباسي في تشكيل قوة ضاغطة في الطرف الغربي من العالم‬
‫االسالمي‪.‬‬
‫قبل تلك الفترة كانت االندلس والية تابعة للخالفة االموية في دمشق منذ ان نجح طارق بن‬
‫زياد في ‪ 92‬هجرية ‪711‬م في دخول تلك البالد على رأس قوات ال يزيد عددها عن سبعة‬
‫آالف معظمهم من قبائل البربر المغربية ثم التحق به خمسة آالف‪ .‬بعدها انضم الكثير من‬
‫المتطوعين بينهم حوالى ثالثة آالف من العرب‪ .‬وقام القائد العام للحملة موسى بن نصير‬
‫بارسال قوة عسكرية في ‪ 93‬هجرية تزيد على ‪ 1800‬لتعزيز جيش ابن زياد بنخبة من‬
‫العناصر العربية بينها شريحة من أشراف العرب وبعض التابعين‪ .‬وفي والية الحر بن‬
‫عبدالرحمن الثقفي ‪ 97‬هجرية‪716/‬م تعزز الوجود العربي حين استقدم من المغرب ‪ 400‬من‬
‫نخبة العرب لتسريع عملية التعريب واألسلمة‪ .‬فمن ناحية األسلمة بدأ الدين ينتشر بسرعة‬
‫بعد تولي القاضي مهدي بن مسلم االفتاء سنة ‪ 121‬هجرية ‪738‬م‪ .‬وتعزز نفوذ االسالم مع‬
‫تولي معاوية بن مصالح منصب االفتاء بعد وصوله من الشام عام ‪ 123‬هجرية ‪740‬م‪.‬‬

‫وحين تولى االفتاء قاضي قرطبة صعصعة بن سالم قام بنشر مذهب اإلمام االوزاعي توفي‬
‫‪ 157‬هجرية السائد آنذاك في بالد الشام‪ .‬ومن ناحية التعريب استخدمت اإلمارة في مطلع‬
‫عهدها الالتينية لسك نقودها فظهرت أول قطعة نقد في السنوات األولى للفتح بالالتينية في‬
‫العامين ‪ 93‬و‪ 94‬هجرية ‪713 - 711‬م ثم اصبحت بلغتين عام ‪ 98‬هجرية ‪717‬م واخيرا ً‬
‫ظهرت بلغة واحدة العربية ابتداء من ‪ 102‬هجرية ‪721 - 720‬م‪.‬‬
‫وتعكس سرعة تبدل الكتابة على النقود السهولة القصوى في نجاح سياسة التعريب‬
‫واألسلمة‪ .‬فالنقد هو وجه من وجوه التعبير عن تبدل موازين القوى التي مالت ومن دون‬
‫ممانعة داخلية من كفة الالتينية الى العربية في فترة ال تزيد عن عقد من الزمن‪.‬‬
‫آنذاك رجح الطابع العربي لالمارة حين استقدم السمح بن مالك الخوالني ‪ 100‬هجرية‪719 /‬م‬
‫في واليته نواة جيش مؤلفة من ‪ 500‬من نخبة العرب لتثبيت دعائم الدولة من خالل تقوية‬
‫عناصرها الموالية للخالفة االموية‪ .‬وأدى تسريع وتيرة التعريب الى ردة فعل في االندلس‬
‫قادها بعض الوالة البربر في سنة ‪ 122‬هجرية ‪740‬م فوجه الخليفة هشام بن عبدالملك حملة‬
‫عسكرية ضمت ‪ 30‬ألفا ً من أهل الشام فأخمدت الفتنة في مهدها وتواصلت سياسة التعريب‬
‫الى جانب األسلمة بوتيرة اسرع من السابق فتجددت الفتنة‪ ،‬فانتدب والي المغرب حسام بن‬
‫ضرار الكلبي ‪ 125‬هجرية‪743/‬م واليا ً على االندلس فضبط الوضع األمني وأعاد تنظيم ادارة‬
‫البالد وقسم الجيش االندلسي على أجناد خمسة على غرار أجناد الشام االموية‪.‬‬
‫وبعد العام ‪ 125‬هجرية ترسخ الوجود العربي في االندلس بسبب نزوح أهل الشام الى البالد‬
‫هربا ً من الفتنة األموية على اثر مقتل الخليفة الوليد بن يزيد بن عبدالملك‪ .‬فنزل أهل دمشق‬
‫في البيرة‪ ،‬وأهل حمص في اشبيلية‪ ،‬واهل قنسرين في حسان‪ ،‬وأهل األردن في ريّة مالقة‪،‬‬
‫واهل فلسطين في شدونة سريش‪ ،‬بينما نزل أهل مصر في تدمير‪ .‬وازدادت الهجرة العربية‬
‫بعد تزعزع الدولة األموية في عهد يزيد بن الوليد بن عبدالملك دامت واليته شهرين وسبعة‬
‫أيام‪ ،‬ثم في عهد ابراهيم بن الوليد بن عبدالملك فخلع بعد شهرين و‪ 11‬يوماً‪.‬‬

‫فتولى الخالفة مروان بن محمد فقتل في سنة ‪ 131‬هجرية بعد خمس سنوات وشهرين من‬
‫خالفته في معركة فاصلة مع العباسيين‪ .‬وبوفاته اضمحلت الدولة األموية في الشام ليعاد‬
‫تأسيسها في االندلس بقيادة عبدالرحمن بن معاوية بن هشام بن عبدالملك الهارب من‬
‫مالحقة القوات العباسية‪.‬‬
‫استفاد عبدالرحمن الداخل األموي من اقتسام اإلمارة االندلسية بين القبائل المضرية واليمنية‬
‫فقام بنشر الدعوة االموية بين القبائل اليمنية‪ ،‬فمالت الى تأييده مستقويا ً بوزن أهل الشام‬
‫وتمركزهم في المناطق الحيوية‪ .‬وحين رجحت كفة الدعوة األموية اخذت القبائل المضرية‬
‫تميل اليه باستثناء الفهرية والقيسية‪.‬‬
‫وبتناصر القبائل المضرية واليمنية مدعومة بقوة أهل الشام‪ ،‬نهضت الدولة األموية متسلحة‬
‫بالشوكة العربية والروح االسالمية مستخدمة مذهب اإلمام االوزاعي في القضاء واإلدارة‬
‫والجباية والدفاع‪.‬‬
‫وبوحدة الدين والدولة استقر حكم عبدالرحمن الداخل مدة ‪ 33‬سنة ونجح المؤسس في منع‬
‫امتداد النفوذ العباسي الى االندلس‪ ،‬بل نافس بغداد واخذ يتصارع معها للسيطرة على بالد‬
‫المغرب‪ .‬وباتت اإلمارة االموية في قرطبة قوة سياسية نافذة ال تقل أهمية عن الخالفة‬
‫العباسية في بغداد‪ .‬وبرحيل المؤسس عبدالرحمن الداخل سنة ‪ 172‬هجرية اندلع صراع‬
‫االخوة احتجاجا ً على تولي هشام بن عبدالرحمن هشام األول إمارة والده فتمرد عليه شقيقه‬
‫سليمان والي طليطلة والتحق به شقيقه عبدهللا‪ .‬واحتفظ هشام بواليته ثماني سنوات الى‬
‫حين وفاته في ‪ 180‬هجرية وهي مدة غير كافية بمقاييس ذاك الزمن لترسيخ ملكه‪ ،‬فورث‬
‫الوالية الحكم بن هشام بن عبدالرحمن الحكم األول فاندلعت في عهده ثورة البُهلول‪ ،‬وثورة‬
‫قرطبة‪ ،‬ووقعة الربض سنة ‪ 190‬هجرية‪ ،‬وثورة طليطلة‪ ،‬ووقعة الحفرة‪ ،‬وحصل عصيان‬
‫آخر في العاصمة قرطبة شارك فيه بعض فقهاء المالكية‪.‬‬
‫وبسبب كثرة االضطرابات واالنتفاضات وحركات التمرد اضطر الحكم بن هشام إلى االستعانة‬
‫بالمرتزقة بلغ عددهم ‪ 5‬آالف واإلكثار من الصقالبة الخدم والتقرب من الفقهاء ومسايرة‬
‫العلماء‪ ،‬لمواجهة خصومه‪ ،‬وهو أمر اسعفه في الحفاظ على واليته التي دامت ‪ 27‬سنة‬
‫توفي سنة ‪ 206‬هجرية الى حين تولي ابنه اإلمارة‪.‬‬

‫لم تكن والية عبدالرحمن بن الحكم األوسط هادئة فهو قضى معظم فترته في توجيه الحمالت‬
‫لضبط الفتن الداخلية أو تحصين مداخل االندلس لمنع الهجمات الخارجية‪ .‬وأول من ثار عليه‬
‫في مطلع واليته‪ ،‬التي امتدت ‪ 31‬سنة‪ ،‬عم أبيه عبدهللا البلنسي فنجح في هزيمته‪ .‬وقام‬
‫بعدها بتجديد الفتوحات قاصداً تثبيت دعائم ال ُملك بدفع الخالفات االهلية الى الخارج‪ .‬واضطر‬
‫الى تجميد غزواته حين وقعت فتنة داخلية بين المضرية واليمنية فقضى عليها سنة ‪207‬‬
‫هجرية‪ .‬وما كاد يستقر وضعه الداخلي حتى انتفضت عليه ماردة وثم طليطلة‪ ،‬وقضى سبع‬
‫سنوات ‪ 220 - 213‬هجرية في قتال ماردة وتسع سنوات ‪ 224 - 215‬هجرية في قتال‬
‫طليطلة‪.‬‬
‫وحين نجح عبدالرحمن األوسط في ضبط الوضع الداخلي تفرغ إلعادة تنظيم االدارة والجباية‬
‫وسعى الى تحسين العالقات مع العلماء والفقهاء والقضاة فاشتهر بحبه للعلم وميله الى‬
‫مذهب االمام مالك‪ ،‬فهو كما يذكر ابن خلدون في تاريخه كان "عالما ً بعلوم الشريعة‬
‫والفلسفة"‪ .‬اال ان الظروف المحيطة به لم تسعفه كثيراً حين ازدادت الحمالت الخارجية‬
‫واخذت تضغط المناطق الطرفية في االندلس على المركز قرطبة فخرج عليه الفرنجة‬
‫واجتاحوا ساحل اشبونة واستمرت المعارك المتقطعة من سنة ‪ 226‬هجرية الى سنة ‪230‬‬
‫هجرية انتهت بنجاحه في السيطرة عليهم‪ ،‬وهو أمر شجعه على تجديد الفتوحات بقصد إبعاد‬
‫المشاكل الى خارج حدوده فحاصر في سنة ‪ 231‬هجرية مدينة ليون لفترة بسيطة كإشارة‬
‫منه الى استعداده الى رفع وتيرة الصراع الى حده األقصى ونقل المعركة الى مناطق بعيدة‪.‬‬
‫أخافت تلك الخطوة العسكرية خصومة داخليا ً وخارجيا ً فاستقر الوضع السياسي لمصلحته الى‬
‫نهاية عهده توفي سنة ‪ 238‬هجرية‪ .‬وقبل رحيله بسنوات أقدم على تنفيذ أمر خطير على‬
‫صعيد توازن المذاهب في االندلس حين أعلن رسميا ً عن تبني المالكية توفي االمام مالك سنة‬
‫‪ 179‬هجرية كمذهب وحيد للدولة‪ .‬وتعكس تلك الخطوة رغبة سياسية في االنفكاك عن‬
‫السياق األموي وجذوره األولى حين تأسست الدولة االندلسية‪ .‬فاالستقالل السياسي الذي‬
‫بدأه عبدالرحمن الداخل بعد خروجه من الشام حمل عناصر أموية تركت بصماتها على‬
‫مرحلة التأسيس وتمثلت في التنظيمات العسكرية والقضائية واالدارية المستندة الى مذهب‬
‫االمام االوزاعي الذي ساد بالد الشام في نهاية العصر األموي‪.‬‬

‫استمر مذهب االوزاعي يشكل قاعدة الدولة األموية في االندلس الى ان أخذ يتراجع في عهد‬
‫هشام األول ‪ 180 - 172‬هجرية‪796 - 788 /‬م وبدأ يحل مكانه المذهب المالكي في عهد‬
‫ابنه الحكم األول ‪ 206 - 180‬هجرية‪822 - 796 /‬م الى ان تحول الى مذهب الدولة الرسمي‬
‫في عهد عبدالرحمن األوسط الحكم األوسط‪ .‬وساهم في عملية االنتقال المذهبي بعض تالمذة‬
‫اإلمام مالك خصوصا ً الفقيه القرطبي يحيى بن يحيى الليثي توفي سنة ‪ 234‬هجرية‪848 /‬م‬
‫الذي يعتبر أهم شارح لمذهب اإلمام مالك في المغرب وأبرز من ساهم في نشره في تلك‬
‫البالد‪.‬‬
‫عموما ً تعتبر عملية االنتقال الى المالكية خطوة مهمة في تكوين االنماط الفقهية في االندلس‪،‬‬
‫إذ ستشهد البالد في محطات مختلفة خالفات متنوعة على مستوى التأويالت والتفسيرات‬
‫واالجتهادات وسيكون لها دورها في بلورة الشخصية الخاصة لبالد المغرب واالندلس من‬
‫ضمنها من دون ان تنجح في كسر العالقة التاريخية والثقافية مع المشرق‪ .‬فاالستقالل‬
‫المذهبي الذي أريد منه تحقيق االستقالل السياسي كان هو نفسه من العوامل التي ساهمت‬
‫في شد الرباط الديني والتبادل المعرفي مع المشرق‪ .‬فالدولة التي رغبت في االستقالل الكلي‬
‫اصطدمت دائما ً في نزوع أهل العلم والدين القضاة والعلماء والفقهاء ورجال االدارة والقوات‬
‫المسلحة الى االرتباط الفكري بالمشرق‪.‬‬
‫وهذا يفسر خطوة محمد بن عبدالرحمن األوسط محمد األول حين شجع سراً في عهده على‬
‫نشر مذهب اإلمام الشافعي لموازاة نفوذ المالكية‪ .‬بدأت والية محمد بن عبدالرحمن بعصيان‬
‫اهل طليطلة توليدو وتعاونهم مع الفرنجة في سنة ‪ 240‬هجرية‪ .‬ويشكل التعاون المذكور أول‬
‫اشارة خطرة على امكانات لجوء بعض المناطق االندلسية ‪ -‬االسالمية الى التواطؤ مع‬
‫االفرنج لضرب الدولة المركزية بغية كسب بعض المطالب أو الحصول على مواقع افضل في‬
‫توازنات السلطة‪ .‬وليس مصادفة ان تقع تلك المحاولة في طليطلة وهي مدينة تقع على‬
‫أطراف الدولة وشكلت ثغرة في توازن الحكم وحصلت فيها حركات تمرد متعددة في فترات‬
‫سابقة‪.‬‬
‫استغل الفرنجة استعداد حكام طليطلة للتعاون فأقدموا على شن سلسلة غارات بحرية على‬
‫السواحل االندلسية األمر الذي أدى الى امتداد المعارك المتفرقة‪ .‬واستمر األمر الى ان نجح‬
‫األمير محمد األول في تحصين الثغور والقضاء على الفتن الداخلية في سنة ‪ 247‬هجرية‪.‬‬

‫وحين نجح ف ي قطع دابر االتصال بين طليطلة والفرنجة شن حملة عسكرية على بالد‬
‫الفرنجة في سنة ‪ 251‬هجرية مبديا ً استعداده الى نقل المعركة خارج حدود إمارته‪.‬‬
‫نجحت الخطوة في إرباك الفرنجة اال انها لم توفق في ضبط الوضع الداخلي بسبب بروز‬
‫مشكلة غير متوقعة وهي نمو ظاهرة "المولدين" وازدياد ضغطهم على السلطة واستعدادهم‬
‫للتعاون مع الفرنجة لتحسين مواقعهم في توازنات الدولة‪ .‬وشهدت والية األمير محمد بن‬
‫عبدالرحمن مجموعة انتفاضات تحالف فيها "المولدون" مع الفرنجة بدءاً من سنة ‪251‬‬
‫هجرية‪ .‬فحصلت واحدة في بطليوس واخرى في ماردة وواحدة في رندة وغيرها في أكثر من‬
‫منطقة واستمرت حركاتهم الى سنة ‪ 261‬هجرية‪.‬‬
‫نجح األمير في ضبط انتفاضات "المولدين" بعد عشر سنوات من المواجهات الدموية األمر‬
‫الذي فرض عليه تقديم تنازالت الستيعاب المشكلة وبات أكثر انفتاحا ً على العلماء والفقهاء‬
‫مستخدما ً قدراتهم النقلية وحججهم العقلية للمساعدة على ايجاد حلول شرعية لتلك المسائل‬
‫المستجدة‪.‬‬
‫وفي ظل جو االنفتاح الذي اشاعته السلطة للحفاظ على توازن الدولة اخذ المذهب الشافعي‬
‫في االندلس وهو الذي يجمع بين مدرسة الحديث ومدرسة الرأي ينمو بتشجيع خفي من‬
‫األمير نفسه‪ .‬وساهم الفقيه القاسم بن محمد بن سيار توفي في ‪ 278 - 277‬هجرية‪- 890 /‬‬
‫‪891‬م في ادخال المذهب ونشره في بعض أطراف الدولة‪ .‬اال ان الشافعية لن تتحول الى‬
‫مذهب شعبي وسيقتصر نفوذها في أوساط "النخبة" بسبب تبني السلطة مذهب المالكية في‬
‫احكامها ومعامالتها‪.‬‬
‫إلى جانب المالكية أهل الحديث والشافعية أهل الحديث والرأي شهدت فترة األمير محمد بن‬
‫عبدالرحمن بداية نشوء المذهب الظاهري حين أقدم الفقيه ابن مخلد توفي سنة ‪ 276‬هجرية‪/‬‬
‫‪886‬م على تفسير القرآن الكريم على منهج قراءة ظاهر النص ورفض تأويله وتفسيره‬
‫الكالمي أو الباطني‪.‬‬
‫أدى نمو الشافعية الى ظهور خالفات فقهية بين التيارين أهل الحديث وأهل الرأي ولعب‬
‫األمير محمد دور الحكم بينهما‪ ،‬كذلك تدخل لمصلحة الفقيه ابن مخلد حين اتهم بالزندقة‬
‫فأوقف صدور حكم ضده‪.‬‬

‫وبسبب انفتاح األمير محمد بن عبدالرحمن بن الحكم على الوالة والعلماء والفقهاء وتشجيعه‬
‫التعددية المذهبية‪ ،‬نجح في ضبط أمور الدولة واستيعاب مشكلة "المولدين" فاستقر حكمه‬
‫ودامت واليته ‪ 35‬سنة‪ ،‬ارتفع خاللها خراج الدولة الى ‪ 300‬ألف دينار كانت تنفق كاآلتي‪:‬‬
‫مئة ألف على الجيوش الدفاع‪ ،‬ومئة ألف على النواحي الواليات‪ ،‬ومئة ألف توضع كاحتياط‬
‫مالي في خزانة الدولة‪.‬‬

You might also like