Professional Documents
Culture Documents
سياسة المدينة PDF
سياسة المدينة PDF
منذ تسعينيات القرن الماضي ما فتئ المغرب يشيد أوراشا إلعادة التأىيل ،وتحسين الظروف
االجتماعية لمسكان .وىو ما تجمى في الميزانية المخصصة ليذا الجانب (والتي تقارب نحو %55من
ميزانية الدولة) وتعبئة موارد وأدوات متنوعة (و ازرات ،وكاالت لمتنمية ،مؤسسات شبو عمومية،
جماعات محمية ،)..،واطالق مبادرات كبرى (مثل المبادرة الوطنية لمتنمية البشرية) ألجل محاربة الفقر،
واليشاشة ،واألمية ،واإلقصاء.
لكن ،ىذه اإلجراءات ظمت عمى أىميتيا غير كافية لمعالجة اإلشكاليات االجتماعية المطروحة
في بالدنا ،كما أكدت عمى ذلك عدد من التقارير الوطنية والدولية .بما فرض التفكير في :كيف يمكن
معالجة التدىور الحضري الذي تشيده العديد من المدن؟ وأي سياسة إلنقاذ العديد من األحياء والسكان
الفقراء من اليشاشة والفقر والتيميش؟ وكيف يمكن التنسيق بين مختمف البرامج أو القطاعات
االجتماعية؟ وأي أجيزة قانونية أو مؤسساتية يمكن استعماليا لذلك...؟ تعددت األجوبة واالقتراحات في
ىذا الصدد.
يبقى أبرزىا ىو ما عممت بو عدد من دول العالم (مثل فرنسا) ،واقترحتو عدد من الفعاليات في
المغرب ،وىو اقتراح تبني "سياسة لممدينة" كمقاربة مندمجة لحل ىذه اإلشكاليات المذكورة .كيف؟ ىذا
ما سيكون مجال بحثنا في ىذه الدراسة ،والتي سنوقف فييا عند السياق العام ليذه السياسة قبل أن
نحدد مفيوميا وأىدافيا وأجيزتيا القانونية والمؤسساتية ومضمونيا.
-1السياق والمفيوم
)1السياق العام
إن اقتراح وضع سياسة فعالةة لممدينةة ،يةأتي فةي سةياق عةام يفةرض التوقةف عنةده .وىةو سةياق
سياسي طويل ،أفضى إلى وضع اجتماعي كارثي ،ما فتئةت تنبةو إليةو الفعاليةات السياسةية الديموقراطيةة
في المغرب ،إضافة إلى تقارير برنامج األمم المتحدة لمتنمية ،التي صنف آخةر تقريةر ليةا سةنة 1111
بالدنا فةي المرتبةة 131عالميةا عمةى مسةتوى التنميةة البشةرية .لةن نتوقةف عنةد تفاصةيل ىةذا السةياق،
التي أضحت معروفة (تقرير الخمسةينية) ،بقةدر مةا نكتفةي بةالوقوف عنةد بعةض المؤشةرات االجتماعيةة،
مثل:
أن عدد الفقراء في المغرب يبمغ نحو ،%1،،1و أن %11من األسر ذات الدخل العالي
تحتكر %51،5من المبمغ اإلجمالي لألجور ،و %11من األسر ذات الدخل األدنى يقتسمون
%5،،من ىذا المبمغ؛
أن %،4من السكان ليم أقل من ،%11كما أن التغطية الصحية التشمل سوى %11من
السكان؛
أن العجز السكني يقدر بنحو 411.111وحدة سكنية ،وأن 1،5فرد يعيشون في غرفة
واحدة ،ونحو %12من السكان يعيشون في األحياء الناقصة التجييز أو دور الصفيح أو
األنسجة العتيقة؛
أن معدل البطالة بمغ ،%8،4و %31لدى حاممي الشيادات ،وأن %،4من النشاط
السكاني ىو نشاط ضعيف أو ىش ()le sous emploi؛
أن نسبة التعمم لدى البالغين 11سنوات فما فوق بمغت نحو ،%54،4وأن نسبة األمية بمغت
نحو ،%،3والسيما لدى النساء؛
أن المدن المغربية شيدت نحو 335,514مخالفة ( )un délitسنة ،1111بما يفيد تفاقم
حالة االنحراف الحضري؛ والعنف ،وتكاثر المناطق الخارجة عن القانون ( zones de non
)droit؛
تفرض ىذه النتائج ،وغيرىا ممن ال يسعنا ذكره ،مقاربة جديدة لمشاكل المدينة .صحيح ،أن
مجيودات قطاعية ىامة بذلت (إعداد الميثاق الوطني لمتعمير ،وتكريس وحدة المدينة ،واألخذ بمقاربة
"أجندة 11المحمية" في بعض المدن ،وتنفيذ برامج "مدن دون صفيح" و"المبادرة الوطنية لمتنمية
البشرية" ،ومحاربة األمية ،وقيام "مؤسسة محمد الخامس لمتضامن" بتوفير عدد من التجييزات
االجتماعية عبر تراب المممكة .)...لكن تأثير ىذه المجيودات عمى الواقع الفعمي لممدن ،يبقى محل
نظر ،ويفرض التفكير في سياسة جديدة لممدينة.
)1المفيوم
لكن ،ما معنى "سياسة المدينة"؟ يطرح ىذا المفيوم مجموعة من اإلشكاليات تتعمق بتعريف
ىذه السياسة ،وتحديد مجال تطبيقيا ،ودور الدولة والجماعات المحمية فييا ،والقضايا التي ترتبط بيا.
وىذا ليس فحسب من الناحية المغوية (ارتباط مفيوم السياسة بمفيوم المدينة ،أي ،)la citéولكن من
الناحية العممية .ذلك أن ىذه السياسة عادة ما تأخذ معاني عدة ،وترتبط بمقاربات ووظائف أو
اختصاصات قد تمتقي أو تتنازع مع بعضيا البعض.
وىكذا فإن "سياسة المدينة" في المغرب قد تفيد عمى السواء:
السياسة العامة التي تباشرىا الدولة في الميادين االقتصادية واالجتماعية والثقافية عمى
مستوى المجال الحضري (دون المجال القروي) ،وىي بذلك ترادف "السياسة الحضرية"؛
السياسة القطاعية التي تباشرىا وزارة معينة ،ىي "وزارة اإلسكان والتعمير ،"..وتعني مجموعة
التدابير والمؤسسات والبرامج التي تطبقيا ىذه الوزارة في المدن؛
السياسة المحمية التي تباشرىا الجماعات المحمية عمى مستوى المدن في حدود القوانين
المعمول بيا (أي درجة الالمركزية).
السياسات التي تباشرىا المصالح الخارجية أو القطاعية في كل مدينة ،في حدود درجة
الالتمركز المتبعة ،والتي تتعمق بمجاالت :التعميم ،والشغل ،واألمن ،والصحة ،والثقافة،
والنقل...؛
السياسات أو البرامج الوطنية التي تيم المدن مثل :برنامج "المبادرة الوطنية لمتنمية البشرية"،
وبرنامج التأىيل الحضري ،وبرنامج مدن دون صفيح ،وبرنامج جمع النفايات ومعالجة المياه
العادمة (.)...
وىذا إلى جانب السياسات االجتماعية ،التي تقوم بيا عدد من الو ازرات أو المؤسسات مثل:
وزارة الشؤون االجتماعية ،ووكالة التنمية االجتماعية ،أو الوكاالت الجيوية لمتنمية (في الشمال
والجنوب) ،و "مؤسسة محمد الخامس لمتضامن" ،...والتي تصب جميعيا في المجال االجتماعي.
فأي من ىذه الوظائف أو السياسات إذن يمكن أن يدخل ضمن "سياسة المدينة"؟ من الصعب
اإلجابة عمى ذلك ،مادامت كل السياسات ليا جانب اجتماعي مؤكد .لكن حسب بعض االجتيادات
والتجارب المعمول بيا في عدد من دول العالم ،يمكن القول إن سياسة المدينة ىي "السياسة التي
تباشرىا السمطات العمومية ألجل معالجة االختالالت المجالية واالجتماعية لممدن" .وىي لذلك تتعمق
بشراكة بين الدولة (بقطاعاتيا المختمفة) والجماعات المحمية والقطاع الخاص والمجتمع المدني حول
مشاريع محددة ،تمثل نوعا من التعاقد االجتماعي ،لصالح السكان والمناطق المتضررة من تراب
المدينة.
ىذا يفيد أن سياسة المدينة ىي ترابية ،وارادية وعمومية:
ترابية ،بمعنى أنيا تجمع عددا من الفاعمين (الدولة ،والجماعات المحمية ،والمصالح القطاعية،
والقطاع الخصوصي ،وجمعيات المجتمع المدني) لمعمل في مجال ترابي محدد.
وارادية ،بمعنى أنيا تتجسد في وسائل مادية وبشرية توفرىا الدولة وشركاؤىا بصفة مباشرة
لفائدة تراب معين ،وسكان معينين ،وذلك عمى شكل "عقد برامج" محددة ،تضاف إلى البرامج
القطاعية.
وعمومية ،أي أنيا تستجيب لنمط من التدخل العمومي في إطار استراتيجية محددة إلدماج
المجاالت الترابية المتضررة ،في إطار سياسة شمولية إلعداد التراب الجيوي والوطني.
ظيرت سياسة المدينة -كما تبين -خالل السنوات الثالثين األخيرة ،كرد فعل سياسي عمى
استفحال مشاكل المدن في عدد من الدول الغربية (والسيما مع بروز مشاكل "الضواحي") .وىو ما
فرض عمييا التفكير في وضع برامج خاصة لمواجية ىذه المشاكل ،أعطيت ليا تسميات مختمفة ،مثل:
"المدينة االجتماعية" ،و"عقد التنمية االجتماعية لألحياء" ،و"ميثاق جودة المدن" ،و"التجديد الحضري"،
و"أجندة 11المحمية" ،و"المخطط المحمي لمسكن" ،و"سياسة المدينة" ،...وما شابو.
لكن بغض النظر عن التسميات ،فإن أىم األىداف التي وضعتيا أغمب الدول المعنية ليذه
البرامج ،ىي:
* التخفيف أو القضاء عمى االختالالت المجالية (الفرق بين األحياء الغنية والفقيرة ،ومحاربة
"الكيتوات") بيدف تحقيق نوع من "االنسجام الحضري" بين مناطق المدينة؛
* تزويد المجاالت المتضررة بالبنيات والتجييزات األساسية في ميادين :اإلدارة الترابية ،والتربية
والتعميم ،والثقافة والفنون ،والتعمير والسكن ،والصحة والبيئة ،والترفيو...؛
* دعم التنمية االقتصادية لممناطق المتضررة ،عن طريق إيجاد فرص الشغل ،وتشجيع التكوين
والمبادرة ،وتحويل ىذه المناطق من ضواحي ضعيفة اقتصاديا ،إلى مناطق اقتصادية تساىم في التنمية
المحمية؛
* تحقيق "االنسجام االجتماعي" عن طريق إدماج المجاالت والفئات الميمشة (العاطمون ،والشباب،
والنساء ،والمعوقون ،والشيوخ ،والفقراء )...في النسيج الحضري القائم؛
* الديموقراطية والحكامة ،بما يفيد توسيع دائرة المشاركة السياسية (الجماعات المحمية ،والقطاع
الخاص ،وجمعيات المجتمع المدني ،)..وتحسين تدبير الموارد المادية والبشرية وتكوين القدرات
المحمية؛
* تحسين صورة ىذه المناطق وجاذبيتيا ،عن طريق تجديد نسيجيا الحضري ( le
،)renouvellement urbainوتحسين إطار العيش بيا ،وضمان األمن ومحاربة ظواىر المخدرات
والعنف (.)...
لكن السؤال الذي طرح نفسو –وال يزال -ىو أي تراب معني بيذه السياسة أو األىداف :ىل
ىي الضواحي فحسب ،أم المدينة ككل ،وأية مدينة ىذه ،ىل الكبرى أم المتوسطة أم الصغيرة؟
إن عدم الدقة في تحديد األىداف جعل سياسة المدينة (في البمدان التي أخذت بيا عمى األقل) ،تتوسع
عمى ثالثة مستويات :المجال الترابي ،والسكان المعنيين ،والمأسسة والتنظيم.
أ -عمى مستوى المجال الترابي :اىتمت سياسة المدينة في البداية بمناطق أو أحياء محددة ،سميت
"بالمناطق الحضرية الحساسة"( )ZUSأو "مناطق اإلنعاش الحضري" ( )ZRUأو "المناطق الحضرية
الحرة"( ،)ZFUبقصد إعادة تأىيميا وفق مؤشرات محددة (تدىور السكن ،واليدر المدرسي ،وارتفاع
معدل الجريمة ،والتموث البيئي .)...لكن ىذه السياسة سرعان ما توسعت لتشمل المدينة ككل ،وتشمل
جميع المجاالت مثل :التييئة الحضرية وتدبير القرب ،والمواطنة والوقاية واألمن ،والعالقات االجتماعية
والخدمات العمومية ،واإلدماج والشغل والتطور االقتصادي؛
ب – عمى مستوى السكان :ركزت سياسة المدينة في بدايتيا عمى فئات محددة من السكان األكثر فق ار
وتيميشا (العاطمون عن العمل ،النساء العازبات ،الشيوخ ،واألشخاص في وضعية صعبة .)...لكنيا
سرعان ما تمددت ،عمى غرار المجال الترابي ،لتشمل سكانا آخرين (من الفئات المتوسطة ،الذين
تدىورت أحواليم المعيشية نتيجة األزمات االقتصادية واالجتماعية) ،وفي النياية كل سكان المدينة.
كما أن تدخل الدولة لم يعد يشمل المواطنين بشكل عام فحسب (توفير البنيات والخدمات العمومية
لمجميع) ،بل أصبح يشمل كذلك تحسين الوضع الشخصي لكل مواطن (أخذ بعين االعتبار خصوصيات
الحاالت وتنوع المشاكل ،وبالتالي إيجاد الحمول المالئمة لكل فرد)؛
ب -عمى مستوى المأسسة والتنظيم :تجسدت سياسة المدينة أساسا في خمق مؤسسات وابرام تعاقدات
جيوية ومحمية ،مثل :عقد الدولة والجية (والسيما ما يتعمق منيا بالتجديد الحضري واإلدماج والتطور
االقتصادي والتنشيط الجيوي ،)..وعقد المدينة (والذي يتضمن إضافة إلى ما سبق بعض التدقيق
يشمل :المخططات المحمية لمسكن ،والعقود التربوية المحمية ،والبرامج المحمية لإلدماج ،والعقود
المحمية لألمن ،)،...ومجالس األحياء ،والميثاق المحمي لألمن أو التربية ،..وعدد من المبادرات
األخرى مثل :مبادرات اإلدماج ،وأشغال القرب ،ودور الجمعيات ،وتقديم اإلسعافات الضرورية
لممحتاجين أو المرضى ،..وغير ذلك من المبادرات التي سنعود إلييا بعد حين.
يبقى كيف يمكن ترجمة ىذه المقاربة االجتماعية في الواقع المغربي؟ ىذا ما حاول المسؤولون
في المغرب القيام بو ،حين قاموا بإعداد "برنامج المبادرة الوطنية لمتنمية البشرية" .وىو البرنامج الذي
يمكن القول إنو يشكل نسخة مغربية لسياسة المدينة ،كما عرفتيا فرنسا عمى سبيل المثال .وىذا من
خالل تحديد األحياء المتدىورة ،وتكوين القدرات المحمية ،والعناية بالسكان األكثر فق ار وىشاشة (وفق
خريطة الفقر التي حددتيا المندوبية السامية لمتخطيط) .وىو ما أفضى إلى نتائج إيجابية دون شك،
لكنيا لم تكن كافية؛ بما دفع الحكومة سنة ،1111وفي سياق الحراك السياسي واالجتماعي الجديد،
إلى اقتراح مقاربة أخرى تتعمق ىذه المرة ب"سياسة المدينة" ككل.
-3القوانين والمؤسسات
لكن السؤال ىنا ىو :لمن تعود –أو يجب أن تعود –سياسة المدينة؟ ىل لمدولة في إطار
سياستيا العامة أم إلى إحدى الو ازرات أم لمجماعات المحمية والمصالح الخارجية (الو ازرات القطاعية)
في إطار اختصاصاتيا الالمركزية أو الالممركزة ،أم لكل ىذه األطراف في إطار ميام مشتركة "بين-
وزارية" ؟ اختمفت األجوبة حسب الدول .لكن بشكل عام ،يمكن استنتاج مسألتين من التطورات العالمية
خالل السنوات األخيرة ،وىما :
أ -أن الدولة بمفيوميا الشمولي أو المركزي العام ،التي كانت تخطط لكل شيء انطالقا من العاصمة
قد ولى ،ليس فقط لثبات فشل السياسات المركزية ،ولكن أيضا لمحدودية وسائل الدولة المادية
والبشرية ،وعدم قدرتيا عمى تدبير كافة المجال الترابي وحل اإلشكاليات المحمية التي ما فتئت تتعقد.
وىو ما فرض عمى الدولة أن تنتقل بيذه النسبة أو تمك وحسب وتيرة كل دولة أو مجتمع ،من دولة
مركزية إلى دولة الممركزة ،ومن دور التحكم أو الضبط العام إلى دور التأطير أو المصاحبة وتنشيط
المجال الترابي ( ،)l’animation du territoireتاركة المبادرة لمجماعات المحمية والقطاع
الخصوصي والمجتمع المدني؛
ب -أن السياسة التي أضحت تتطمع إلييا غالبية الدول وفق ىذا المنظور ىي "سياسة القرب" ،والتي
تحاول أن تعطي لمفاعمين المحميين (السمطات والجماعات المحمية) دو ار المركزيا أو الممرك از أكبر في
التخطيط وادارة الشؤون المحمية في المدن والقرى .وىذا إما بشكل مستقل في إطار االختصاصات
المخولة ليؤالء الفاعمين ،أو ضمن شراكة فعمية مع الدولة أو فاعمين آخرين (القطاع الخصوصي
وجمعيات المجتمع المدني) في إطار "عقد-برامج" ( )contrats-programmesأو "عقد-المدن"
( )contrats de villeأو "المشروع الحضري" و"استراتيجية التنمية الحضرية" ،..وما شابو من
مصطمحات وبرامج؛
ىذا ما جعل العديد من الدول تسعى إلى ابتكار أجيزة تنظيمية جديدة أكثر مالئمة لتنفيذ ىذه
السياسة ،كما تجمى ذلك في النموذج الفرنسي ،الذي تطمبت سياسة المدينة فيو إنشاء تنظيم خاص
االجتماعية لمتنمية وطني "مجمس أو لممدينة مشتركة وزارية لجنة من: يتكون
الحضرية"( ،)CNDSUومندوبية وزارية مشتركة لتنمية االجتماعية الحضرية ( )DIDSUووزارة أو
كتابة لمدولة في المدينة ) ،(SEDSUتضاف إلى المصالح الالممركزة .وىو التنظيم الذي يمكن التوقف
عنده سريعا كالتالي:
أ" -المجنة الوزارية المشتركة" أو المجمس الوطني لمتنمية االجتماعية الحضرية ،ىي ىيأة عميا يرأسيا
الوزير األول ،وتضم عادة ما بين 11و 15وزير يمثمون مجاالت مختمفة (الداخمية ،إعداد التراب،
السكن ،التربية والتعميم ،االقتصاد والمالية ،العدالة ،النقل ،الشغل والتضامن ،التخطيط ،التكوين
الميني ،الثقافة ،الشباب والرياضة ،الصحة .)...وتتكمف عموما بتحديد وتنشيط والتنسيق بين كل
عمميات أو سياسات الدولة في المدن.
ب -المديرية الوزارية المشتركة ،ىي ىيأة لتنشيط سياسة المدينة ،السيما في جانبيا االجتماعي،
ىدفيا األساس ىو تحديد وتنسيق مجموع عمميات الدولة ،وضمان تتبع تنفيذىا في الميدان .وعمميا
فيي مكمفة بتدبير الصندوق االجتماعي الحضري ،وتفادي تنازع االختصاصات بين المتدخمين ،وانعاش
كل األجيزة والوسائل التعاقدية بين الفاعمين في المدينة ،والمساىمة في تحديد البرامج الكبرى ،والبحث
عن الموارد المالية لمبرامج (بشراكة مع الوزارة المكمفة بسياسة المدينة)؛ وضمان التنسيق بين كافة
الفاعمين...؛
ج -وزارة منتدبة أو كتابة الدولة في المدينة ،ىي إدارة مركزية ،تتكون من عدد قميل من الموظفين.
ذات ميام تحفيزية باألساس ( ،)incitativesىدفيا دفع كل الفاعمين الجيويين والمحميين (الو ازرات
القطاعية ،والجماعات المحمية ،والمجتمع المدني) إلى االنخراط في سياسة المدينة .وىي وزارة تابعة
لوزارة اجتماعية (وزارة التضامن والتشغيل في العادة) ،يمثميا الوالي أو العامل عمى مستوى اإلقميم،
وعمال مساعدين عمى مستوى المناطق أو األحياء المعنية.
ىل نجح ىذا النموذج التنظيمي في حل إشكاليات المدينة بفرنسا؟ ىذا ما ال نممك الخوض
فيو ،تاركين مكة ألىميا .حسبنا القول فيما يخص بمدنا ،أن "السياسات االجتماعية" (حتى ال نقول
سياسة المدينة) ارتبطت فيو لمدة طويمة بعدة و ازرات كما ذكر (الداخمية ،والتربية والتعميم ،والشؤون
االجتماعية ،واإلسكان والتعمير ،والصحة .)...لكن إذا كانت "سياسة المدينة" أضحت اليوم ترتبط في
المغرب بوزارة واحدة (ىي وزارة اإلسكان والتعمير وسياسة المدينة) ،فإن ىذا من شأنو أن يطرح عدة
أسئمة .وىي ذات طابع سياسي وتنظيمي ووظيفي:
عمى المستوى السياسي ،ىل من شأن السياسة التي سوف تتبعيا الوزارة المعنية أن تعبر عن
سياسة وزارية مشتركة (بين-وزارية) تتعمق بالمدينة أم أنيا ستعبر عن سياسة قطاعية ترتبط
باختصاصات ىذه الوزارة عمى وجو التحديد؟
عمى المستوى التنظيمي ،أي ىيكمة ستأخذىا سياسة المدينة؟ ىل ستتخذ صفة كيان جديد
(وكالة أو مؤسسة) أم أنيا ستشكل وظيفة جديدة فحسب ستضاف إلى ما تقوم بو المؤسسات
القائمة لموزارة (العمران ،المديريات ،المندوبيات ،المفتشيات ،الوكاالت الحضرية)...؛
عمى المستوى الوظيفي ،ىل ستقتصر سياسة المدينة التي تتبعيا الوزارة عمى وظائفيا
األساسية (إعداد التراب ،والسكن ،والتييئة الحضرية ،)...أم أنيا ستضيف إلى ذلك باقي
الوظائف (مثل :التجييز ،والتربية والتعميم ،والثقافة ،والصحة ،واإلدماج االجتماعي ،والوقاية
من االنحراف .)...وفي ىذه الحالة ،كيف ستنظم عالقتيا مع القطاعات المعنية بيذه
السياسات ،عمى المستويين التدبيري والمالي؟
-،سياسة الشراكة
ىذا ما يطرح في رأينا إشكالية الشراكة .ذلك ،أنو إذا كان من المؤكد لدينا أن أي سياسة
لممدينة ال يمكن أن تكون إال سياسة وزارية مشتركة ( .)interministérielleفإن ىذا يفرض الحديث
عن ىذه اإلشكالية ،وبسطيا عمى مستوى النقاش .وىنا يمكن القول ،في ضوء تجارب دولية عدة ،بأن
ىناك عدة أشكال لمشراكات واجراءات التعاقد ونظم القيادة والتمويل ترتبط بسياسة المدينة.
)1أشكال الشراكات
أشكال الشراكات الممكنة متعددة ،أىميا التي تعقدىا الدولة مع الجيات والجماعات المحمية.
الجية :يمكن أن تكون شريكا أساسيا في سياسة المدينة من خالل عقد الدولة والجية.
وأشكال التدخل ىنا متنوعة :ففي فرنسا مثال تعتبر االختصاصات الحضرية تابعة لمدولة
والجماعات ،والعمل االجتماعي موزع بين األقاليم والجماعات ،فيما يعتبر إعداد الترب
اختصاصا جيويا .أما في المغرب ،فمم تكن لمجيات اختصاصات واسعة في التنمية الجيوية.
لكن ،تقرير "الجيوية الموسعة"" سنة 1111جاء ليتدارك ىذا النقص ،حين نص عمى مسألة
"العقد بين الدولة والجية" ،والدور المنتظر أن تقوم بو الجيات في مجال التنمية (إعداد
التراب ،واالقتصاد ،والشغل ،والتجييزات األساسية ،)...والتي يدخل العديد منيا في سياسة
المدينة؛
الجماعات المحمية :ىي أىم شريك أيضا في سياسة المدينة .بالنظر لتدخميا في تحديد
األىداف واالستراتيجيات السيما في إطار التفاوض حول "عقد المدينة" ،وتنفيذ ىذه السياسة.
وما يساعد عمى ذلك ،أن الميثاق الجماعي سنة ،1118أعطى ليا الحق في إعداد "مخطط
جماعي" لتنمية المدينة .بيد أن ىناك عدة مشاكل ترتبط بالجماعات تتعمق ب :إشكالية تنفيذ
ىذه االختصاصات المخولة ليا عمى مستوى الواقع (والسيما في بعض المجاالت مثل االقتصاد
واالستثمار) ،ونقص الوسائل المالية والبشرية ،و صعوبات العمل الجماعي المشترك
( ،)intercommunalإضافة إلى رفض الجماعات التخمي عن سياسة القرب التي تنيجيا
لصالح أية جية كانت (السيما وأن "سياسة المدينة" من شأنيا أن تحل محل "المخطط
الجماعي لمتنمية" ،الذي يعود إلي الجماعات بحكم القانون)،
-)1اتفاقيات التعاقد
ىي كذلك متعددة أىميا ما يتمثل في شكمين من االتفاقيات :االتفاقيات الخاصة واالتفاقيات
الممحقة:
االتفاقيات الخاصة :ىي التي يمكن أن تعقدىا الوزارة المكمفة بسياسة المدينة ،وتتجسد
عموما في " :عقد المدينة" التي تبرمو الدولة مع الجماعات المحمية إلنجاز عدد من البرامج
في عدد من المجاالت المتفق عمييا) ،و"المشاريع الحضرية الكبرى" ( )GPUأو المشاريع
الكبرى لممدينة ( ،)GPVالتي تيدف إلى اإلنعاش الحضري أو االقتصادي لبعض األحياء
الكبرى أو لممدينة ككل ،بغية االرتقاء بيا...؛
االتفاقيات الممحقة :ىي التي تعقدىا باقي الو ازرات (غير الوزارة المكمفة بسياسة المدينة).
وتتجسد في االتفاقيات بشأن البرامج التي تقوم بيا مصالحيا الخارجية أو القطاعية في
المدينة ،والتي ترتبط باختصاصاتيا المختمفة (األمن ،والسكن ،والشغل ،والثقافة ،والصحة،
والتربية ،)...والتي قد تدمج في عقد المدينة" أو تحتفظ باستقالليتيا اإلدارية والمالية ،حسب
مستويات الالتمركز ودرجة انخراط القطاعات الوزارية ككل وتجارب كل دولة في سياسة المدينة
التي تتبعيا؛
-)3نظم القيادة
تطرح القيادة مسألة المسؤولية :من يقوم بماذا عمى المستوى المحمي؟ وفي ىذا الصدد،
يمكن القول إن ىناك عددا من مكونات القيادة وأشكاليا.
مكونات القيادة :قد تكون سياسية (يمثميا عمدة المدينة والعامل والمسؤولين المحميين،
الموقعين عمى االتفاقيات المعنية) ،أو تقنية (المصالح التقنية المختمفة لمشركاء) ،أو"عممياتية"
( )opérationnelleتضمن التنفيذ اليومي لمعمميات في الميدان؛
أشكال القيادة :قد تكون متعددة وغير "ممأسسة" ) ،(non institutionnaliséeتتجسد في
قيادات متنوعة عن طريق االتفاقيات الخاصة والممحقة والبرامج الكبرى ( .)...كما قد تكون
موحدة ،تتجسد في قيادة موحدة تضمن االنسجام عن طريق "عقد المدينة" ،وفي مؤسسة أو
بنية تجسدىا (وكالة ،شركة عمومية)...؛
)،التمويل
يبقى أن أىم مشكل تطرحو سياسة المدينة ،إلى جانب مشاكل التنظيم و القيادة ،ىو مشكل
التمويل .إذ من يقوم بتمويل سياسة المدينة؟ نظريا ىناك العديد من الجيات التي يمكن أن تساىم في
ىذا التمويل :الوزارة المعنية ،والقطاعات الوزارية ذات البعد االجتماعي ،والجماعات المحمية ،والقطاع
الخاص ،والمؤسسات االجتماعية (والسيما الممكية منيا مثل "مؤسسة محمد الخامس لمتضامن")،
وجمعيات المجتمع المدني ،إلى جانب المساعدات الخارجية,
لكن السؤال ،الذي كان –وال يزال -يطرح ىو كيف يمكن تعبئة كل ىذه الموارد المالية لخدمة
ىدف محدد ىو "سياسة المدينة"؟ ىل يجب جمع كل ىذه الميزانيات في صندوق واحد (مثل الصندوق
االجتماعي الحضري) ،أو اإلبقاء عمى االستقاللية المالية لكل فاعل أو شريك؟ وفي ىذه الحالة األخيرة،
كيف نضمن التنسيق وتفادي تنازع االختصاصات ،والتنافسية ،وبالتالي إىدار المال العام؟ ىذه ىي
اإلشكالية التي كان وال يزال يتخبط فييا تدبير الشأن المحمي ،واختمفت اإلجابة عنيا في عدد من
التجارب العالمية.
في حالة المغرب ،ال شك أن الضرورة تفرض عدم تكميف الدولة أعباء مالية جديدة (إنشاء
مؤسسات جديدة ،وموظفين ،وأجيزة ،)...والسعي من تم إلى عقمنة استعمال المؤسسات والميزانيات
الموجودة ،والتدقيق في اختيار البرامج وتنفيذىا ،واالعتماد عمى الشراكة مع الجماعات المحمية والقطاع
الخاص وجمعيات المجتمع المدني ،إضافة إلى المساعدات الدولية .لكن إشكالية التنسيق بين مختمف
المتدخمين المذكورين في المجال االجتماعي تبقى قائمة ،السيما حين يصر كل قطاع عمى الحفاظ
بمؤسساتو وبرامجو وميزانياتو الخاصة ،وتعجز السمطات المحمية (العامل) عن القيام بدور التنسيق
عمى المستوى المحمي في إطار مشروع واحد لممدينة ،كما أشار إلى ذلك تقرير االستراتيجية الوطنية
لمتنمية الحضرية سنة ،1118
ويعني مجموعة المؤسسات التي يمكن إحداثيا ،إلى جانب المؤسسات القطاعية الموجودة،
بيدف إنعاش التأطير والشراكة والوقاية واإلدماج االقتصادي و المواطنة والتربية وديموقراطية القرب.
وىي عمى سبيل المثال :مجالس األحياء ،وعقود المدينة ،والميثاق المحمي لمتربية و السكن والثقافة.
أ" -مجالس األحياء" :تجد جذورىا في الثقافة المحمية المغربية (الجماعة) ،والتي نجدىا في المجالس
القروية أو الجماعية والتعاونيات المينية الحضرية (األمناء) ،تتولى مناقشة شؤون الحي (أو الشأن
المحمي بشكل عام) ،وترفع توصيات بذلك إلى السمطات والجماعات المحمية المعنية؛
ب" -عقد المدينة" :وىو عقد يجمع الدولة والجماعات المحمية المعنية (والقطاع الخاص أو المجتمع
المدني) حول برامج تروم تحقيق األىداف المشار إلييا ( إعادة الييكمة الحضرية ،واإلنعاش
االقتصادي لألحياء ،وتحسين شروط الحياة اليومية )...في آجال محددة.
ج" -الميثاق المحمي لمتربية" :ييدف إلى محاربة اليدر المدرسي ،وحماية المؤسسات التعميمية من
العنف (بعالقة مع الميثاق المحمي لألمن) ،وتعميم التعميم (برنامج "الفرصة الثانية") ،وتشجيع
الجمعيات التربوية ،ودمج المدرسة وآباء التالميذ في المشروع االجتماعي الحضري ،وادماج التعميم ما
قبل المدرسي في العممية التعميمية ()...؛
د" -الميثاق المحمي لمسكن" ،الذي ييدف إلى إيجاد حمول عممية إلشكاليات السكن غير الالئق (دور
الصفيح ،واألحياء الناقصة التجييز ،واألنسجة العتيقة) ،وتجييز األحياء الميمشة ،إلى جانب جعل حد
لالختالالت المجالية بين األحياء أو عمى األقل التخفيف منيا ما أمكن ذلك؛
ه" -المي ثاق المحمي لمثقافة" ،الذي إلى االتفاق حول برنامج عممي لتزويد المجاالت الترابية المحرومة
بالبنيات الثقافية األساسية (مراكز ثقافية تضم خزانات وقاعات لمعروض ومعاىد لمموسيقى والفن،)...
إضافة إلى توسيع مجال القراءة ،ودعم اإلبداع والمبدعين (والسيما الشباب منيم) ،وصيانة التراث
المحمي...؛
وىذا إلى جانب مواثيق أخرى ال تقل أىمية مثل :الميثاق المحمي لألمن (الذي ييدف إلى مساىمة
كل فعاليات المدينة في الحد من جرائم العنف والمخذرات ،إلى جانب قوات األمن) ،والميثاق المحمي
لمصحة (الذي ييدف إلى توفير الحد المعقول من بنيات القرب الصحية) والميثاق المحمي لمبيئة (.)...
)1تحرير المبادرة
اتخذ المغرب منذ استقاللو عددا من الق اررات التي شممت تحرير المبادرة الفردية ،السيما في
المجال االقتصادي .لكن وجب االعتراف أن ىذه الق اررات ظمت ضعيفة .السيما في القطاعات
االجتماعية (التعميم ،والسكن ،والصحة ،والنقل .)..النتيجة ،أن الضرورة أصبحت ممحة ،لتحرير
المبادرات في ىذا الصدد ،عن طريق خمق مجموعة من اآلليات المساعدة مثل:
أ" -المناطق الحضرية الحرة" :التي ىي مجاالت ترابية خاصة ،معفاة من الضرائب واألعباء
االجتماعية ،يتم خمقيا بصفة إرادية داخل مدينة أو في ضواحييا ،بيدف إنعاش النشاط االقتصادي (
خمق مقاوالت ،وتوفير مناصب الشغل) ،وتحسين جاذبية الحي أو المدينة المعنية؛
ب" -مقاوالت اإلدماج واعادة اإلدماج" :وىي إطار قانوني خاص ،يتم عمى أساسو تقديم الدعم المالي
لمجمعيات (إعفاءات ضريبية ،دعم مالي مباشر) ،التي تقوم بإدماج الشباب ذوي التكوين المحدود أو
العاطمين لمدة طويمة أو السجناء السابقين أو المعوقين ،في مجاالت محددة (الصناعة التقميدية،
والبناء ،والنسيج ،والتجارة)...؛
ج" -أوراش القرب" :وىي عبارة عن أوراش صغيرة لمقرب (يومين إلى شير) ،تقوم الجماعات المحمية
أو المؤسسات المعنية بإقامتيا ودعميا لصالح الشباب (بين 15و 11سنة) ،بتأطير من الجمعيات.
واليدف ىو تمكين الشباب من أخذ تجارب في مجال العمل والتدريب عمى التنظيم واالنضباط
والمسؤولية والمواطنة؛
د" -دور الجمعيات" )les maisons des associations( :ىو جعل مراكز الثقافة أو دور
الشباب التي تتوفر لعدد من المدن المغربية رىن إشارة الجمعيات ،مثل جمعيات األحياء ،في أوقات
محددة ،بتنسيق مع المسؤولين عن ىذه المراكز أو الدور .وذلك حتى يتسنى ليذه الجمعيات عقد
اجتماعاتيا والقيام باألنشطة التي تبرمجيا.
ه" -العناية في البيت" :تفيد تعبئة الشباب لتقديم اإلسعافات الضرورية إلى من ىم في حاجة إلييا
في بيوتيم (المرضى ،والعجزة ،والمعوقين ،والميمشين .)...واليدف منو ىو تعزيز روح التطوع وخمق
حركة إنسانية لمتضامن الوطني بين كل الفئات االجتماعية.
وىذا إلى جانب عدد من المبادرات ،التي يمكن ابتكارىا ،والذي تسعى جميعيا إلى ذات
اليدف ،وىو توفير التجييزات الكافية لألحياء الميمشة ،و إيجاد فرص الشغل بيا ،وتحسين قدرات
سكانيا (والسيما األطفال والشباب منيم) ،والعناية بشيوخيا ومرضاىا وبذوي االحتياجات الخاصة،..
في إطار مشروع حضري أو سياسة مندمجة لممدينة.
خالصة
حاولنا في ىذه الدراسة التوقف عند مفيوم جديد في المجال االجتماعي ىو مفيوم "سياسة
المدينة" ،فتبين لنا أن ليذا المفيوم سياقو التاريخي ،الذي تجسد في المغرب في وضع سياسي
اجتماعي تسوده مجموعة من االختالالت كما أكدت عميو عدد من التقارير الوطنية والدولية ،وىو ما
فرض التفكير في سياسة اجتماعية طموحة ،تجمت بداية في اقتراح مجموعة من البرامج االجتماعية
في ىذا الصدد ،قبل أن تطرح ضرورة التنسيق بين كل ىذه البرامج في إطار "سياسة لممدينة" ،أنيطت
ميمة تحديدىا إلى وزارة معينة ىي "وزارة اإلسكان والتعمير وسياسة المدينة".
لكن ،بالنظر إلى أن سياسة المدينة ىي في طبيعتيا –كما رأينا -وظيفة وزارية مشتركة ،تقوم
عمى أشكال لمشراكة والتنظيم والقيادة والتمويل والبرمجة ،فإن السؤال الذي فرض نفسو خالل ىذه
الدراسة ىو :ىل ستستطيع وزارة قطاعية بطبيعتيا ،أن تنفذ "سياسة لممدينة مركبة" ومشتركة بمثل ىذا
التعقيد ،السيما في واقع التشرذم القطاعي الحالي عمى المستويين التدبيري والمالي؟ ىذا ما حاولنا
تقديم بعض األفكار العامة بشأنو في ضوء المعطيات التي نتوفر عمييا حاليا ،تاركين الباقي إلى
اجتيادات كل األطراف المعنية (من وزارة وقطاعات وجماعات محمية وقطاعات ومجتمع مدني) ،والتي
نتمنى أن تظير نتائجيا اإليجابية في المستقبل*.
محمد بيضوض
*مالحظة :احتفظنا بمراجع الدراسة لضرورة النشر.