Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 69

‫الخطاب اإلشهاري مراكش‬

‫تمهيد ‪:‬‬

‫اإلشهار كدعاية تجارية يشكل خطابا اقناعيا صرفا‪ ،‬فهو إذا شئنا مناورة كالمية‬
‫تراود المرء عن نفسه بتوظيف الموضوع وما يستدعيه من أفكار وتعابير في نص موجز‬
‫يسعى إلى خلق على ذلك وسائل االتصال الجماهيري التي أتاحت له تطورا لم يعرفه من‬
‫قبل‪.‬‬

‫واإلشهار هو أحد األفالك المنفصلة عن األدب‪ ،‬لكنه مشدود إلهي بجاذبي أسلوبية‬
‫إقناعية قوية لما يحدثه من متعة في القارئ والسامع مثله في ذلك مثل األجناس األدبية‬
‫األخرى‪ ،‬وهو يساعد على فهم مختلف الصور البالغية فهما دقيقا سيما وأننا على اتصال‬
‫مستمر بخطابه في حياتنا اليومية‪ ،‬لذلك صار له الحق في االنتساب إلى األدب واعتباره‬
‫خطابا أدبيا جديرا أن يتبوأ المكانة الالئقة به بجانب النصوص المقررة في مدارسنا‬
‫وجامعاتنا‪.‬‬

‫أنشطة المالحظة ‪:‬‬

‫نتأمل النص يتبين أنه يعتمد في إبالغ محتواه وسيلتين متمايزتي تشكالن دليلين‬
‫متكاملين‪ ،‬أولهما الدليل األيقوني أو الصور االستهاللية التي تشكل إطاللة على موضوع‬
‫النص‪ ،‬إذ تشير إلى ما تزخر به مدينة مراكش من تنوع مناخي وتضاريسي وعمراني‬
‫وموقع جغرافي وعمق تاريخي ومجد حضاري يمنحها تفردا يستهوي المخاطب ويدفعه إلى‬
‫زيارتها‪ .‬وثانيهما الدليل اللغوي ويشكل مرحلتي العرض والخرجة‪ ،‬فأما العرض‬
‫فيستعرض معلومات إرشادية جزئية عامة عن تاريخ مدينة مراكش وجمال طبيعتها‪ ،‬وتنوع‬
‫عمرانها وغنى حضارتها‪ ،‬ونبوغ رحاالتها‪ ،‬وهذه كلها مثيرات وجداية دعوة صريحة‬
‫لزيارة المدينة وترسيخها في ذهن المستهلك‪.‬‬

‫فتكفي مالحظ دينك الدليلين والربط بينهما للقول في إطار انطباعي‪ .‬إن النص خطاب‬
‫إشهاري يتخذ الوصلة اإلشهارية إطارا لعرض منتج سياحي‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫أنشطة الفهم ‪:‬‬

‫يقدم النص تشخيصا عاما لحالة مدينة مراكش السامقة بوزنها الرمزي الضارب في‬
‫أعماق التاريخ‪ ،‬إذ يعدد بؤر جاذبية فضائها الحافل بالمعالم الخالدة والجبال الشامخة‪،‬‬
‫والتاريخ الممتد بتف اصيله إلى الماضي البعيد‪ ،‬إنها بهذا التشخيص تبدو كما لو أنها تتويج‬
‫جميل لمجهود رسال بارع حريص على إخراج لوحته في أبهى صورة قبل عرضها‪.‬‬

‫لقد اجتذبت مراكش وأوقعت في سحرها األسر عظماء الملوك فتنازعوا في شأنها‬
‫وتعاقبوا كسالالت على حكمها‪ ،‬وتجند لصنع مجدها التليد رجال غير عاديين‪ ،‬فأثثوا نسيجها‬
‫الحضاري بأفخم القصور والمساجد والحدائق والمدارس‪ ،‬مما يوفر األمن وحالوة العيش‬
‫في ربوعها‪ ،‬كل هذا هيأها إلعارة اسمها للمغرب حينا من الدهر‪ ،‬فنالت شرف هذه اإلعارة‬
‫باسحقاق‪.‬‬

‫إن عهدها بالماء والتقدم متجذر في التاريخ‪ ،‬فال مراء في أن مراكش من أكثر‬
‫الحواضر العالمية حيوية‪ ،‬إذ أفلحت في تنويع مواردها السياحية (صناعة تقليدية‪ ،‬فنادق‬
‫ضخمة ومطاعم‪ ،‬مالعب الكولف‪ )...‬وتنظيم مجموعة من األشطة التي تشمل السياحة‬
‫الرياضية‪ ،‬فهي توفر للسائح فرصة مواتية لممارسة هواية رياضة الكولف‪ ،‬كما تهيء‬
‫لرجال األعمال فرصة عقد مؤتمرات وملتقيات دولية‪ ،‬في فنادقها الضخمة والتمتع بما لذ‬
‫في مطاعمها الفخمة‪ ،‬مما يجعلها بحق عاصمة الجنوب المغربي‪.‬‬

‫بهذا التشخيص الرائع لسحر مراكش يكون النص قد اتجه إلى استدراج السائح إلثارة‬
‫عواطفه‪ ،‬استهواء فكره‪ ،‬ومن ثم توجيه الدعوة إليه لحط رحاله بهذه المدينة الجذابة‪ ،‬معلنا‬
‫حرص اإلشهاري على خدمته وإرضائه بما يوفر له من ظروف الراحة واالستجمام‬
‫وخدمات انتفاعية أخرى‪.‬‬

‫أنشطة التحليل ‪:‬‬


‫‪2‬‬
‫يتأسس الخطاب اإلشهار في بعده التأثيري في النص على مبدأ الترويج لمنتج سياحي‬
‫من خالل عرض المستشهر (المكتب الوطني المغربي للسياحة) الخصائص المميزة لمدينة‬
‫مراكش وإبراز مؤهالتها السياحية بهدف الدفع بالسائح إلى اإلقامة في ربوعها‪ ،‬وهكذا‬
‫تتجسد العملية اإلشهارية في النص وفق العالقة التالية ‪:‬‬

‫المستهلك ‪Consommateur‬‬ ‫اإلشهاري ‪Le Publiciste‬‬


‫السائح األجنبي والمحلي‬ ‫المنتوج (الموضوع)‬ ‫المكتب الوطني المغربي‬
‫‪Produit‬‬ ‫للسياحة‬
‫عرض خدمات‬
‫سياحية بمدينة‬
‫مراكش والمغربي‬

‫وإذا نظرنا إلى الفعل اإلشهاري في بعده الحجاجي في النص‪ ،‬فإننا سنعاين مرسال‬
‫ومتلقيا وخطابا يتكون من نسقين مختلفين ‪:‬‬

‫أحدهما لساني (لغوي) صرف يتخذ الدليل اللغوي أداته المهيمنة في التبليغ‪ .‬وثانيهما‬
‫أيقوني صرف يتخذ الصورة كعالمة بصرية أداته الرئيسة إلى عالم الواقع‪ ،‬وحضورهما‬
‫معا بهيمنة الطرف الثاني على األول مبني على الرغبة في إعادة صياغة المعنى اللساني‬
‫(اللغوي) المثبت باللفظ‪ ،‬وإضفاء الحياة والدينامية عليه فيضحي حركة مشهدية نامية‪ ،‬فضال‬
‫عن إخراجه القيم المجردة من حيز ال**** إلى حيز التجلي‪ ،‬فتصبح واقعا ماديا محسوسا‬
‫موازيا للخطاب اللساني فيزداد السائح بذلك وثوقا ورغبة فيما يعرضه النص على ناظر به‪.‬‬

‫ولعل هيمنة الصورة على الخطاب اللغوي في النص راجع إلى ‪:‬‬

‫‪ -1‬الوظيفة الجمالية للصورة‪.‬‬


‫‪ -2‬الوظيفة التوجيهية للداللة إذ تحيل الصورة في النص على قراءة الخطاب‬
‫اإلشهاري فيه وتأويله وفق ما يبدي من أفكار وحجج‪.‬‬
‫‪ -3‬الوظيفة اإليحائية للصورة وتعويلها على التخييل‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -4‬الوظيفة الداللية‪ ،‬فالداللة –هنا‪ -‬محصلة تأثير الصورة في المشاهد‪.‬‬
‫‪ -5‬الوظيفة التشخيصية بفضل الصورة وتجسيدها للفكرة تتحول الموجودات الذهنية‬
‫إلى موجودات عينية مالمسة للوجود اإلنساني‪ ،‬فيكون أكثر قربا منها واحتكاكا‪،‬‬
‫فتتولد لديه الرغبة في امتالكها أو االنتفاع با‪.‬‬

‫ويشكل البعد الحواري في النص بعدا ثالثا من أبعاد الخطاب اإلشهاري فيه‪ ،‬إذ‬
‫تتضمن خاتمته أو خرجته حوارا صريحا باقتراضه مستمعا أو متلقيا يعلق بإيراد رأيه‬
‫الشخصي فيما يعرضه االستهالل والعرض من أفكار يروج لها النص ضمن دائرة‬
‫االستهواء الحواري أي الميل النفسي إلى المنتوج السياحي بأسس محاورة ثنائية بين متكلم‬
‫مجرد‪ ،‬ومستمع غير مشخص تتدخل فيها بالغة الصورة ونلمس هذا البعد في الفعل‬
‫التبريري والفعل الطلبي الواردين في نهاية النص بما نصه لالستمتاع بهذه الثروات‬
‫المتراكمة منذ أزيد من ألف سنة ولتوفير الراحة والمتعة لحواسكم ال تتخلفوا عن حط‬
‫الرحال بمراكش‪.‬‬

‫‪-‬وظيفة الخطاب اللغوي المصاحب للصورة ‪:‬‬

‫يرافق الصورة المثبتة في صفحة الغالف خطابان لغويان‪ ،‬كتب أولهما بخط‬
‫مضغوط يمتد مسند كتابته يسارا لصورة بحجم طولها في اتجاه عمودي‪ ،‬ويحيل على البلد‬
‫الذي توجد به التحفة المعمارية المثبتة في الصورة‪ ،‬فيما كتب الخطاب الثاني أسفل الصورة‬
‫بخط مغربي في اتجاه أفقي انحسر مسند كتابته إلى ثلث مسند الخط األول‪ ،‬ويحيل على‬
‫مدينة مراكش التي توجد بها نفس التحفة المعمارية‪ .‬ويقوم كال الخطابين بوظيفتين اثنتين ‪:‬‬

‫أ‪-‬وظيفة ترسيخية إذ يوجهان المتلقي إلى المعنى المركزي للصورة بتعيين البند‬
‫والمدية اللذين هما موضوع الترويج السياحي‪.‬‬

‫ب‪-‬وظيفة الدعم ‪ :‬ويتجلى في انصهار المعني اللغوي مع داللة الصورة في معنى‬


‫كلي‪ ،‬وكأننا بالمستشهر يراهن على الترويج للمنتج السياحي لغويا وبصريا بالصورة الثابتة‪،‬‬
‫اإلجراء نفسه يصدق على الخطابين المصاحبين للصورتين الواردتين بالصفحة ‪ 1‬و‪.2‬‬

‫‪4‬‬
‫فالخطاب المرافق للصورة الواردة بالصفحة ‪ ،1‬يحيل على الجهة المتجة لها‪ ،‬وهي مديرية‬
‫إعداد التراب الوطني التي فتحت نوافذ على المجال المغربي‪ ،‬وما يتمتع به من تنوع‬
‫جغرافي ومناخي كبير يمنحه تفردا عن باقي الوجهات السياحية العالمية فامتداد السواحل‬
‫المغربية بشواطئها الجميلة على طول ‪ 3533‬كلم بواجهتين بحريتين على البحر المتوسط‬
‫والمحيط األطلسي توفر للسائح فرصة مواتية لممارسة هواياته في السباحة وصيد األسماك‬
‫واالستجمام والصحاري الممتدة على طول األقاليم الشرقية والجنوبية تمنح الزائر متعة‬
‫مالمسة الطبيعة العذراء‪ .‬أما الخطاب المصاحب للصورة الواردة بالصفحة ‪ 2‬فيفتح نافذة‬
‫أخرى للسائح لمعرفة ما تتمتع به مراكش ومن خاللها المغرب من مشاهد بانورامية رائعة‬
‫تؤكد ما ينعم به المغرب من حضارة الجمال وجمال الحضارة الذي تجسده األسوار المشرفة‬
‫على غابات التخيل المحاذية لجبال األطلس الكبير الشامخة بمحطاتها العليا المكسوة بالثلوج‬
‫الناصعة البياض‪.‬‬

‫هكذا يبدو الخطاب اإلشهاري في النص حديثا قائما على االستمالة واإلغراء‬
‫واإلغواء من أجل إقناع السائح ببهجة الحياة في مراكش مدينة البهجة‪ ،‬وقد ساهم معجم‬
‫النص في تحقيق االستمالة واألغراء للمخاطب من خالل تواتر الحقول الداللية اتآتية ‪:‬‬

‫حقل التاريخ ‪ :‬خالدة بمعالمهها متوغلة في التاريخ‪ ،‬تنازع في شأنها الملوك‪ ،‬تعاقبت‬
‫عليها السالالت الحاكمة‪ ،‬الثروات المتراكمة منذ أزيد من ألف سنة‪ ،‬مراكش أغارت اسمها‬
‫للمغرب‪...‬‬

‫حقل الحضارة ‪ :‬خالدة بمعالمها ‪ :‬شيد بها العلماء والصناع التقليديون والمهندسون‬
‫المعماريو والرسامون والنحاتون عبر العصور أفخم القصور والمساجد والحدائق‬
‫والمدارس‪ ،‬شيدت بها فنادق ضخمة ومطاعم ومالعب الكولف‪.‬‬

‫حقل االقتصاد ‪ :‬توافرت فيها كل السلع‪ ،‬ازدهرت بها الصناعة التقليدية‪.‬‬

‫حقل الطبيعة ‪ :‬شموخ جبال األطلس‪ ،‬توغل النخيل في صميم التربة‪...‬‬

‫حقل الخدمات االنتفاعية ‪ :‬توفير الراحة‪ ،‬المتعة لحواسكم‪..‬‬

‫‪5‬‬
‫فمعاينة هذه الحقول الداللية يتبين تآزرها في تلميع صورة مدينة مراكش وبناء‬
‫عالمها المثالي الذي تسود فيه السعادة‪ ،‬ويعم فيه النعيم‪ ،‬ال محل للمعاناة والصراعات في‬
‫رحابه‪ ،‬باإلضافة إلى توجيه السائح إلى سلوك سياحي مؤطر ثقافيا واجتماعيا ونفسيا‬
‫بمنطلقات تاريخية وحضارية تجعل الخدمات االنتفاعية المبرمجة في الرحلة السياحية‬
‫مقبولة لدى السائح‪.‬‬

‫‪-‬مميزات الخطاب اللغوي الموازي للصورة ‪:‬‬

‫يتميز المكون اللغوي الموازي الصورة في النص بالنظر إلى نظرية الجهد األدنى‬
‫والداللة القصوى بالخصائص اتآتية ‪:‬‬

‫‪ -1‬بساطة الجملة وكثافة الداللة مثل ‪ :‬إنها اللمسة األخيرة في لوحة ال يتغير جمالها‪.‬‬
‫‪ -2‬براعة االنتقال من الوصف (الفقرة األولى) إلى السرد (الفقرة الثانية والثالثة)‪ ،‬ثم‬
‫الحوار (الفقرة األخيرة)‪.‬‬
‫‪ -3‬اإلغراق في الخيال‪ ،‬ونلمسه في العبارة اتآتية ‪" :‬متوغلة في التاريخ توغل‬
‫النخيل في صميم التربة‪.‬‬
‫‪ -4‬استعمال أسلوب تطبعه الصنعة والمحسنات البديعية‪ ،‬أي تلك التعابير الدالة‬
‫بشكلها ألنها ذات وقع جميل في النفس كذلك الوقع الذي تحدثه األطراف‬
‫المتوازنة اتآتية‪ :‬خالدة ضد شامخة ‪ /‬تنازع ضد تعاقب ‪ /‬الرسامون ضد‬
‫النحاتون‪ ،‬فالمستشهر نسق هذه األطراف المتوازنة على أساس االتفاق في نسق‬
‫– الصوائت (الحركات) إذ رص مقاطعها على سجع أو شبيه به أو من جنس‬
‫واحد في التصريف يتمثل في تكرار قوالبها المتماثلة‪ ،‬ذلك أن كلمة "خالدة"‬
‫باعتبارها منطلقا تكررت على منوالها شامخة‪ ،‬وكلمة "تنازع" تكررت على‬
‫زينتها "تعاقب"‪ ،‬وكلمة "الرسامون" تكررت على منوالها "النحاتون" مما أضفى‬
‫على اإلعالن طالوة صوتية ونغمة موسيقية متجانسة‪ ،‬ساهمت في إخراج‬
‫موسيقاه إخراجا جميال عذبا لذيذا يعمل على زيادة الرنين في تلك األطراف‬

‫‪6‬‬
‫المتوازنة‪ ،‬وإشباع النغم في األذن فضال عن القيمة الداللية المواكبة إليقاعها‬
‫الصوتي‪.‬‬
‫‪ -5‬حضور الفعل الطلبي المباشر المؤكد بما ال يحتمل الصدق أو الكذب‪ ،‬ونلمسه في‬
‫الجملة األخيرة من النص "ال تتخلفوا عن حط الرحال بمراكش"‪.‬‬
‫‪ -6‬تجريد الجمل االسمية الواصفة من قيمتها الزمنية إلبراز خصوصية مدينة‬
‫مراكش الثابتة وتشخيص سحرها الدائم الذي يلتبس فيه الحقيقة بالخيال‪ ،‬والواقع‬
‫بالحلم والمرئيات باألسرار وهو ما نلمسه مثال في الجمل اتآتية‪" :‬مراكش خالدة‬
‫بمعالمها‪ ،‬شامخة شموخ جبال األطلس‪ ،‬متوغلة في التاريخ توغل التخيل في‬
‫صميم التربة"‪.‬‬
‫‪ -7‬غياب ضمير المتكلم أو الضمير المحيل على الجهة الناطقة في النص لكي ال‬
‫يكون القول ذاتيا يسهل دحضه‪.‬‬
‫‪ -8‬توظيف ضمير الغائبة بوصفه مشيرا لمدينة مراكش‪ ،‬فهذا الضمير ساهم في‬
‫تصعيد االنفعال بروعة وعظمة هذه المدينة‪ ،‬إذ يتجدد هذا االنفعال عند كل‬
‫مضمون مخالف‪ ،‬وكأن هذا الضمير منبه يثير متلقيه ويعمق فيه اإلحساس بهذه‬
‫العظمة‪ ،‬ويصبح المتلقي معه أمام درجات وإشكال من الروعة والعظمة ال أمام‬
‫روعة وعظمة واحدة‪ ،‬فهذا الضمير يستقطب جميع األسماء واألفعال التي ترتد‬
‫إليه بما يضمن الوحدة العضوية للنص‪.‬‬
‫‪ -9‬توظيف ضمير الجمع المخاطب لتعميم الرسالة اإلشهارية‪ ،‬وتوليد الشعور بمتانة‬
‫العالقة‪ ،‬خلق جو من األلفة واالطمئان بين المشهر والمشهر لهم‪.‬‬
‫‪ -13‬اإليجاز واالختصار في العبارة اللغوية‪.‬‬
‫‪ -11‬البعد اإليحائي للغة النص‪ ،‬ونلمسه في العبارة اتآتية‪" :‬إنها اللمسة األخيرة في‬
‫لوحة ال يتغير جمالها ففي هذا التركيب اللغوي تتبدى مراكش في صورة لمسه‬
‫أخيرة لرسام بارع عاكف على إخراج لوحته بدقة وشاعرية تدخل المشاهد إلى‬
‫أجواء الجمال والرومانسية الحالمة والحلم األسطوري‪ ،‬فالنص وظف في هذا‬
‫التركيب اللغوي االستعارة كحلية بالغية إلظهار مراكش في صورة لمسة أخيرة‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫الجانب اإلقناعي في النص ‪:‬‬

‫يسير هذا الجانب في النص بالحضور المكثف للجمل الخبرية المواجهة إلى الوصف‬
‫والسرد ألنها الحمل القادرة على بعث الصورة المثالية لمدينة مراكش في نفوس الجمهور‪،‬‬
‫وخلق جملة التصديقات التي تهيئهم لإلقتناع بروعتها وجاذبيتهم‪ ،‬فمن الجمل الخبرية‬
‫الموجهة إلى الوصف نورد ال جمل اتآتية ‪" :‬مراكش خالدة بمعالمها‪ ،‬شامخة شموخ جبال‬
‫األطلس‪ .‬موغلة في التاريخ توغل النخيل في صميم التربة‪."..‬‬

‫فبمعاية هذه الجمل يتبين اصطياد اإلشهاري النعوت المناسبة إلبراز روعة مدينة‬
‫مراكش‪ ،‬ذلك أن النعوت الوصفية المتواترة فيها تمنح الكلمات الواصفة صفا من األحكام‬
‫القيمية الهادفة إلى تعديل إدراك المتلقي وأحكامه عل مراكش‪ ،‬ومن الجمل الخبرية الموجهة‬
‫إلى السرد نستعرض الجمل المتواترة في الفقرة الثانية "تنازع في شأنها عظماء الملوك‬
‫وتعاقبت عليها السالالت الحاكمة‪ ،‬وشيد بها العلماء والصناع‪ ...‬عبر العصور أفخم القصور‬
‫والمساجد والحدائق والمدارس‪."...‬‬

‫فاإلشهاري يستحضر من خالل هذه الجمل بعض األحداث لصنع الحجة القاطعة‪،‬‬
‫كما يستحضر من خاللها رجاال غير عاديين إلضفاء لجالل والوقار والمهابة على مدينة‬
‫غير عادية‪ ،‬إلى جانب األشكال المنطقية السابقة نجد أيضا في النص منطق االقتران‬
‫الضم ني الذي يعتمد الشبيه والمماثلة كحلية بالغية في غياب المماثل والمشبه به‪ ،‬وهو ما‬
‫نلمسه في قول اإلشهاري "ال تتخلفوا عن حط الرحال بمراكش" بحيث إن العالقة بين‬
‫المشبه أي الجهة المخاطبة المحال عليها بضمير الجمع المخاطب والمشبه به الضمني‬
‫"الرحالة" مباشرة لكنها تستنبط من سياق التشبيه‪.‬‬

‫الدليل األيقوني في النص ‪:‬‬

‫إن البالغة ال تقف عند حدود النص اللغوي المكتوب في النص‪ ،‬بل إن الصورة‬
‫أيضا تتضمن أحداثا بالغية‪ ،‬وهذا يعني أن الصور المصاحبة للدليل اللغوي في النص‬
‫تحتاج لقراءة خاصة‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫فبتأمل الصورة األولى يتبين أنها صورة أيقونية‪ ،‬دعامتها ورقية‪ ،‬التقطت بآلة‬
‫تصوير عن قرب من زاوية أمامية‪ ،‬إضاءتها نهارية طبيعية خارجية وموضوعها عمراني‬
‫سياحي‪ ،‬فهي تعرض تحفة معمارية فذة عبارة عن باب منفتح على أشجار ذات أوراق‬
‫كثيفة ومزهرة‪ ،‬مادته من خشب الصفصاف تشتد ألواحه بخشب المشمش والجوز المتين‪،‬‬
‫تنتصب بشموخ تحت قوس نصف دائري منفوخ شبيه بحدوة الحصان مزين بنقوش أزهار‬
‫من الحجر المنجور الرفيع‪ ،‬مستوحاة من الطبيعة‪ ،‬ويحميها من األمطار والثلوج‪ ،‬سقف‬
‫مائل أحدب قرميدي متوج بقراميد مسننة يتكئ على سقيفة خشبية تسربلت واجهتها‬
‫الخارجية بمتتالية من األقواس الصغيرة المعقودة والمتشابكة على رصيفة تقليدية لحجب‬
‫الدعامة الخشبية المثبتة بعمودين خشبيين مائلين على سور أحمر مبني بالتراب المدكوك أو‬
‫التابوت الذي يذكر المشاهد بفضاء الصحراء‪ ،‬وتتذيل الصورة المركزية بصورة مصغرة‬
‫تحيل على المكتب الوطني المغربي للسياحة الذي يتخذها عالمة إشهارية‪ ،‬وتختزل ما‬
‫تزخر به مراكش من تنوع جغرافي ومناخي وتضاريسي فالموجة الزرقاء ترمز إلى فضاء‬
‫البحر‪ .‬فيما يرمز الباب المقوس إلى العمارة اإلسالمية‪ ،‬وأما السور األحمر فيرمز إلى‬
‫فضاء الصحراء‪ ،‬وهما معا يظهران مراكش كقطعة تاريخية في صورة مدينة حافلة بالمعالم‬
‫التاريخية‪ ،‬فيما يظهرها النخيل بمالمح واحة فيحاء تزهو ببساتين النخيل‪.‬‬

‫ومعاينة الخريطة الواردة في الصفحة األولى يتضح الموقع الجغرافي المميز لمدينة‬
‫مراكش‪ .‬تشير إلى وقوعها بين سفوح األطلس الكبير‪ ،‬وطالئع الكثبان الرملية لورزازات‬
‫والواجهة البحرية األطلسية مما جعلها ملتقى تضاريس متنوعة تمنحها تفردا عن باقي‬
‫الواجهات السياحية الوطنية والعالمية‪.‬‬

‫وبمالحظة الصورة الواردة في الصفحة الثانية يتبين أنها صورة فوتوغرافية‪،‬‬


‫دعامتها ورقية التقطت بآلة تصوير عن بعد من زاوية أمامية‪ ،‬إضاءتها نهارية طبيعية‬
‫خارجية‪ ،‬وموضوعها سياحي‪ ،‬فهي تعرض مشهدا بانوراميا لمدينة مراكش‪ ،‬يبدو كما لو أن‬
‫الطبيعة توجته بشكل من األشكال‪ .‬فهذا المشهد يظهر مراكش كأنها لوحة مفعمة بالجمال‬
‫المطلق جمال الحضارة والمتجسد في شموح األسوار الحمراء المتألقة بتخطيطاتها‬

‫‪9‬‬
‫المستطيلة ومكعباتها اإلكليلية المنتصبة كتيجان تزيدها مهابة وجالال ومظهرا منفيا لم يغير‬
‫التاريخ أديمها أو لونها األحمر القريب من لون بشرة المراكشيين المتألقة مع الشمس‬
‫المسامتة لألسوار معظم العام‪ ،‬إنه لون الدفء الذي قد يرمز له هذا اللون الساخن أو لو‬
‫الوفاء ليوسف بن تاشفين مؤسس هذه المدينة الجليلة‪.‬‬

‫وتتشارف هذه األسوار بساتين النخيل المترعة بمياه الواحات المنحدرة إليها من‬
‫جبال األطلس الشامخة الباذخة والمسربلة بضباب حليبي اللون عند الفجر جعل مراكش‬
‫أكثر روعة من الحلم‪ ،‬فما حقيقة هذه المدينة؟ أهي ميدنة جبلية؟ أم واحة رملية؟ أم سهل‬
‫منبسط؟ إنها كل هذا والصورة خير شاهد على ذلك‪.‬‬

‫أشطة التركيب والتقويم ‪:‬‬

‫مكنتنا األنشطة السابقة من مالمسة الخطاب اإلشهاري‪ ،‬وقد تبين أن لهذا الخطاب‬
‫بنية ثالثية تتكون من اإلشهاري والمستهلك والمنتوج‪ ،‬كما أن له ثالثة أ بعاد‪ :‬بعد تأثيري‬
‫يقوم على مبدأ الترويج بمنتج معين‪ ،‬وبعد خطابي يخاطب في إطاره متكلم مجرد متلقيا غير‬
‫مشخص بخطاب يؤلف بين الدليل اللغوي والدليل األيقوني وصيغ صهرهما‪ ،‬باإلضافة إلى‬
‫البعد الحواري الموجه إلى االستهواء الحواري بأسس محاورة ثنائية بين مرسل ومتلق‬
‫تتدخل فيها بالغة الصورة‪ ،‬كما أتاحت لنا األنشطة السابقة معرفة معجم النص وحقوله‬
‫الداللية ودورها في تجسيد وظائف الخطاب اللغوي المصاحب للصورة ومنها الوظيفة‬
‫الترسيخية ووظيفة الدعم فضال عما يتميز به هذا الخطاب من خصائص نوعية تتمثل في‬
‫المزج بين معطيات تاريخية وطبيعية وحضارية وعمرانية واقتصادية واستثمار وسائل‬
‫االستدالل المنطقي‪ ،‬والمزج بين األسلوب الخبري واإلنشائي وتوظيف الصور البالغية‬
‫والمحسات ذات األثر النغمي‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫المرأة العربية واإلعالم‬

‫أنشطة المالحظة ‪:‬‬

‫بتأمل عنوا النص يتضح أن له معنى متصال بانتظارات المرأة العربية من اإلعالم‬
‫ومراهنتها عليه للتبشير بآمالها وتعزيز حقوقها‪ ،‬وكشف ما ينطوي عليه واقعها من أخطار‪.‬‬

‫وبمالحظة عنوان مصدر النص نستشف أن النص تحرير صحفي يندرج ضمن‬
‫تغطية صحفية لحدث متميز‪ ،‬قامت بهذه التغطية جريدة الصباح التابعة لوكالة المغرب‬
‫العربي لألنباء في إطار اهتمامها كمنبر إعالمي بقضايا المرأة واإلعالم‪.‬‬

‫وبمعاينة الفقرة األولى من النص يتبين أنها تقدم وصفا زمنيا ومكانيا ألشغال ندوة‬
‫"المرأة العربية واإلعالم" إذ تشير إلى موضوع الندوة وتاريخ ومقر عقدها واألطراف‬
‫المشاركة فيها‪ ،‬وبعض التوصيات التي أصدرها القائمون على تنظيمها‪ ،‬ومنن أبرزها‬
‫"تأهيل النساء العربيات من أجل تحسين أداء وسائل إلعالم في التعامل مع المرأة" العربية‬
‫فيكفي التقاط هذه المشيرات والربط بينها للقول في إطار انطباعي أولي وساذج‪ ،‬إن النص‬

‫‪11‬‬
‫تقرير صحفي يتخذ المقال اإلخباري إطارا لتغطية أشغال حدث وازن في الساحة العربية‬
‫والدولية‪.‬‬

‫أنشطة الفهم ‪:‬‬

‫يستعرض النص أشغال الندوة الدولية التي عقدها مركز المرأة العربية للتدريب‬
‫والبحوث بشراكة مع اليونفم سنة ‪ 2336‬بمقر جامعة الدول العربية حول المرأة العربية‬
‫واإلعالم‪ ،‬وقد تميزت أعمال هذه الندوة بإصدار مجموعة من التوصيات الداعية إلى اتخاذ‬
‫جملة من التدابير القمينة بتحسين صورة المرأة العربية في وسائل اإلعالم وتعزيز مكانتها‬
‫في الحقل اإلعالمي‪ ،‬وقبل أن يختم التقرير ديباجته بتشخيص المأزق اإلعالمي وعقم هذا‬
‫القطاع في التعاطي لشؤون المرأة عبر‪ ،‬التقرير‪ ،‬عن مساندته لها في مطالبتها بحماية القيم‬
‫وإعالء قيمة العلم في المواد اإلعالمية‪.‬‬

‫أنشطة التحليل ‪:‬‬

‫يطرح النص عدة أفكار نجملها في اتآتي ‪:‬‬

‫‪ -‬احتضان جامعة الدول العربية أشغال ندوة "المرأة العربية واإلعالم"‪.‬‬


‫‪ -‬إصدار مركز المرأة العربية للتدريب والبحوث وصندوق األمم المتحدة اإلنمائي‬
‫للمرأة اليونفم تقريرا يدعو وسائل اإلعالم العربية إلى تحسين صورة المرأة في‬
‫مختلف المنابر اإلعالمية‪.‬‬
‫‪ -‬توصية التقرير بضرورة انخراط وسائل اإلعالم في وضع سياسات إعالمية‬
‫للنهوض بالمرأة‪ ،‬وإنشاء عالقات شراكة بين اإلعالميات وهيئات إلجازة‬
‫األعمال الصحافية الجيدة التي تتحدث عن المرأة‪.‬‬
‫‪ -‬إلحاح التقرير على تغيير المناخ السلبي السائد حول المرأة وتفعيل القوانين‬
‫الكفيلة بتطوير أوضاعها‪.‬‬
‫‪ -‬تحفظ التقرير على الصورة السلبية التقليدية التي تقدمها معظم وسائل اإلعالم عن‬
‫المرأة رغم نجاح بعضها في تلميع صورتها‪.‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -‬استياء التقرير من هضم حقوق المرأة اإلعالمية وتهميشها رغم كفاءتها المهنية‬
‫وحضورها ا لقوي في وسائل اإلعالم‪.‬‬
‫‪ -‬مساندة التقرير للمرأة في مطالبتها بحماية القيم وإعالم قيمة العلم في المواد‬
‫اإلعالمية‪.‬‬
‫‪ -‬اتهام التقرير وسائل اإلعالم بضيق األفق وقلة الخبرة‪ ،‬والكفاءة المهنية‪،‬‬
‫واالفتقار الستراتيجية ورؤية واضحة في التعامل مع قضايا المرأة‪.‬‬

‫يتوزع النص حقالن دالليان نحددهما في اتآتي ‪:‬‬

‫حقل المرأة ‪ :‬المرأة العربية‪ ،‬النساء‪ ،‬تأهيل النساء اإلعالميات العربيات‪ ،‬للنهوض‬
‫بالمرأة‪ ،‬اإلعالميات‪ ،‬صورة المرأة‪ ،‬بقدرات المرأة على اإلسهام في الشأن العام وعلى‬
‫التفوق اإلبداع‪ ،‬الصورة اإليجابية للمرأة‪ ،‬عاملة‪ ،‬قادرة على القيادة‪ ،‬متعلمة ومتفوقة‪ ،‬ذات‬
‫أخالق عالية مكافحة‪ ،‬قضايا المرأة‪...‬‬

‫حقل اإلعالم ‪ :‬اإلعالم وسائل اإلعالم العربية‪ ،‬اإلعالميات‪ ،‬اإلعالم العربي وسائل‬
‫اإلعالم‪ ،‬المؤسسات اإلعالمية‪ ،‬سياسات إعالمية‪ ،‬األعمال الصحافية‪ ،‬المواد اإلعالمية‪،‬‬
‫الصحافة‪ ،‬الخبر‪ ،‬األجناس الصحافية األخرى‪ ،‬المواد‪ ،‬الفضائيات هذه المواد‪ ،‬موضوعيتها‬
‫والتزامها‪...‬‬

‫فبمعاينة هذين الحقلين الدالليين يتبينن إن عالقة اإلعالم بالمرأة تتسم بالشطط‬
‫والتهميش والتجرد من المسؤولية‪.‬‬

‫يتميز النص باعتباره خطابا صحفيا بخصائص أبرزها ‪:‬‬

‫‪ -‬العناية باختيار األلفاظ السهلة الرشيقة الدقيقة األداء‪.‬‬


‫‪ -‬التنسيق والمنطق في عرض معطيات الخبر وتسلسلها وترابطها‪.‬‬
‫‪ -‬التركيز على مصدر الخبر باإلحالة على اسمه ومصدره تاريخي‪ ،‬مكانه‪ ،‬جريدة‬
‫الصباح التابعة لوكالة المغرب العربي لألنباء‪ ،‬استنادا إلى بيان رسمي‪ ،‬مما‬
‫أضفى على الخبر المنقول في النص مصداقية‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫‪ -‬استعمال لغة وسطى بين لغة التخاطب اليومي وبغة األدب‪.‬‬
‫‪ -‬إثارة قضية اجتماعية وأفكار تشجع على الحوار الديمقراطية بين الجنسي‬
‫وتعزيز حقوق المرأة‪.‬‬
‫‪ -‬تقرير صحفي العناية بالخبر ورصد تفاعالته ما عدا المقال‪.‬‬
‫‪ -‬عمود صحفي اقتصار معد التقرير على وصف أشغال الندوة من الخارج أي‬
‫دون أن يسمح النفعاله الخاص بالتسرب وهو يستعرض ديباجته‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد ما عدا المقال السرد المباشر للخبر الذي ساهم األداء اللغوي في تجسيده‬
‫عبر استخدام أفعال تنهض بوظيفة السرد لضما التدرج واالسترسال والربط‬
‫العضوي بين مكونات الحدث‪ ،‬فالربط بين الوقائع التي يتناولها التقرير بواسطة‬
‫األفعال هو الذي أتاح معرفة مسار الخبر وتطوره من بدايته إلى نهايته‪ ،‬كما أتاح‬
‫تقديم مجموعة من المعلومات حول وقائع الندوة في حركيتها الديناميكية‪.‬‬
‫‪ -‬ترتيب األفكار على شكل جمل خبرية تتصدرها مركبات فعلية ذات وظيفة‬
‫سردية قمينة بأن تحقق االتساق بين عناصر الخبر المنقول في النص من قبيل‬
‫"دعا التقرير‪ ،‬كما دعا ‪ ...‬وأوصى التقرير‪ ...‬وحث على ‪ ...‬ويشير التقرير‪..‬‬
‫وخلص التقرير‪....‬‬
‫‪ -‬تحري الدقة والمنطق في نقل المعطيات الموضوعية واإلحصائية كما هو واضح‬
‫في ديباجة التقرير بما نصه‪" :‬وأفادت بحوث عربية‪ ..‬استند إليها وأضعوا‬
‫التقرير أن نحو أربعة أخماس من ما يقدم عن المرأة وهو صورة سلبية تقليدية"‪.‬‬
‫‪ -‬اختيار المصطلحات المتداولة في حقل اإلعالم من قبيل‪ :‬اإلعالم‪ ،‬وسائل‬
‫اإلعالم‪ ،‬المؤسسات اإلعالمية‪ ،‬األعمال الصحافية‪ ،‬الفضائيات‪ ،‬الخبر‪ ،‬األجناس‬
‫الصحافية‪...‬‬
‫‪ -‬اعتماد الوصف التفصيلي لمعطيات الحدث بالتركيز على الوصف الزمني‬
‫والمكاني والجوانب الجوهرية المرتبطة به‪.‬‬
‫‪ -‬معالجة الخبر وصفا وتفسيرا ونقدا‪ ،‬فمن مظاهر الوصف في النص استخدام لغة‬
‫واصفة لزمان ومكان عقد الندوة‪ ،‬كما جاء في مقدمة التقرير بما نصه "خالل‬

‫‪14‬‬
‫افتتاح ندوة" المرأة العربية واإلعالم " المنعقدة بمقر جامعة الدول العربية في‬
‫القاهرة‪ ...‬الذي تم إطالق نسخته األولى سنة ‪ 2336‬أول أمس األحد"‪.‬‬

‫ومن مظاهر الشرح والتوضيح والتفسير في النص استخدام التقرير الشرح التعليلي‪،‬‬
‫ونلمسه في الفقرة الثانية من ديباجته والتي توصي ب "إنشاء عالقات شراكة بين‬
‫اإلعالميات وهيئات إلجازة األعمال الصحافية الجيدة التي تتحدث عن المرأة"‪.‬‬

‫ومن مظاهر حضور النقد في النص توجيه التقرير النقد لوسائل اإلعالم لسوء‬
‫تغطيتها لشؤون المرأة وهو ما نلمسه في خاتمة التقرير التي أكد فيها "أن المواد التي تنشر‬
‫في وسائل اإلعالم عن المرأة هي مواد قليلة على العموم وال تلبي حاجياتها وال تساعدها‬
‫على التأقلم مع محيطها‪ ...‬وتفتقر إلى استراتيجية واضحة في التعامل مع قضايا المرأة"‪.‬‬

‫‪ -‬اشتمال النص ‪ /‬التقرير على عناصر الميثاق المرجعي لتضمنه جملة من المشيرات‬
‫الدالة على التطابق بين األحداث والوقائع والمعلومات التي يتضمنها التقرير والواقع الذي‬
‫يحيل عليه‪ ،‬فمن أبرز المشيرات الواردة في النص نستعرض المشيرات اتآتية ‪:‬‬

‫المشيرات الدالة على‬ ‫المشيرات الدالة على‬ ‫المشيرات‬ ‫المشيرات الزمنية‬


‫الوقائع الميدانية‬ ‫الشخصيات الذاتية والمعنوية‬ ‫المكانية‬
‫جامعة جامعة الدول العربية‪ ،‬مركز بحوث عربية‪ ،‬أربعة أخماس‬ ‫ندوة مقر‬ ‫افتتاح‬ ‫‪-‬خالل‬
‫للتدريب ما يقدم عن المرأة وهو‬ ‫العربية‬ ‫المرأة العربية واإلعالم‪ .‬الدول العربية‪ ،‬المرأة‬
‫حقوقها‬ ‫سلبية‪،‬‬ ‫المرأة صور‬ ‫اليونفم‪،‬‬ ‫والبحوث‬ ‫‪-‬سنة ‪ 2336‬أول أمس القاهرة‪.‬‬
‫المؤسسات مهضومة‪ ،‬داخل المؤسسات‬ ‫اإلعالمية‪،‬‬ ‫األحد ‪.2336-36-23‬‬
‫في‬ ‫وجودها‬ ‫اإلعالمية‪،‬‬ ‫اإلعالمية‪.‬‬
‫اإلعالمي‬ ‫القرار‬ ‫مراكز‬
‫ضئيل‪..‬‬

‫‪15‬‬
‫‪ -‬ترتيب األفكار على شكل جمل طويلة تحاور ذهن القارئ كإجراء خطابي في‬
‫النص إلقناعه بضرورة تعزيز حقوق المرأة وتحسين صورتها في الوسط‬
‫اإلعالمي‪.‬‬
‫‪ -‬تنويع األساليب الحجاجية في النص وإخضاعها لضوابط منطقية وضوابط لغوية‪،‬‬
‫فمن الضوابط المنطقية التي وظفها التقرير‪ ،‬استخدام الحجة األصلية وتعزيزها‬
‫بمقدمات إضافية قصد تقوية صحتها‪ ،‬ويعني ذلك أن الحجة ال تكتمل إال بعد‬
‫إدراج المقدمات لتطعيمها‪ ،‬ويتضح ذلك بجالء في الفقرة األخيرة من النص‪ ،‬أما‬
‫األساليب الحجاجية التي تخضع لضوابط لغوية فكثيرة في النص نجملها في‬
‫اتآتي ‪:‬‬
‫‪ -‬األسلوب التقريري ‪ :‬ومن مظاهره في النص ممايلي ‪:‬‬

‫*مخاطبة عقل القارئ وفكره قصد تغذيته وإنارته‪.‬‬

‫*إطراد أفكار النص وترتيبها ترتيبا منطقيا ومتسلسال يحدث في القارئ تأثيرا‪،‬‬
‫ويوصل إليه األفكار الهامة ويقنعه بها‪.‬‬

‫*ندرة األساليب البالغية كصنف خطابي يسمو بلغة النص إلى المستوى المجازي‬
‫واألناقة اللفظية المؤثرة في القارئ بمظهرا الجمالي‪.‬‬

‫*استخدام الروابط الحجاجية‪.‬‬

‫أنشطة التركيب والتقويم ‪:‬‬

‫مكنا هذا النص ‪ /‬التقرير الصحفي من الوقوف على الكيفية التي يتعاطى بها اإلعالم‬
‫لشؤون المرأة‪ ،‬وقد تبين تقاعس هذا القطاع عن النهوض بها‪ ،‬وتعزيز حقوقها وتقديم‬
‫صورة إيجابية عنها مما حدا ببعض الفعاليات إلى توجيه اإلعالم لتصحيح عالقته بالمرأة‬
‫عبر إصدار مجموعة من التوصيات استفاض التقرير في عرضها بواسطة معجم استمده‬
‫من الحقل المعرفي المعاصر بما فيه حقل اإلعالم موظفا في ذلك لغة تتسم بالمباشرة‬
‫والتقريرية فضال عن استخدامه بعض األساليب الحجاجية بصورة المنطقية واللغوية‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫وباختصار شديد فقد نجح التقرير في تقديم صورة واضحة عن واقع اإلعالم العربي‬
‫وسوء تغطيته لقضايا المرأة بالقدر الذي يجعل النص مرجعا لكل دارس مهتم بشؤون المرأة‬
‫وكيفية تعاطي اإلعالم لقضاياها‪.‬‬

‫‪-‬األسلوب التقريري ‪ :‬هو األسلوب الذي تستعمل فيه اللغة األحادية المعنى‪ ،‬والدقيقة‬
‫األداء لبناء المعارف‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫حقيقة المواطنة لألستاذ الباحث عبد القادر العلمي‪.‬‬

‫أنشطة المالحظة ‪:‬‬

‫بتأمل عنوان النص ‪ 2‬يتبين أنه ذو بنية تركيبية مفتوحة‪ ،‬إذ يتكون من مركب إضافي‬
‫أضيف فيه المبتدأ النكرة (حقيقة) إلى لفظ المواطنة الذي رفعه إلى مقام التعريف‪ ،‬وآزره‬
‫في تحديد مجال الخطاب الذي يتصل بمفهوم المواطنة باعتباره مفهوما سياسيا حديثا يعني‬
‫في مجمله انخراط المجتمع بكل مكوناته في تدبير شؤونه في إطار ديمقراطية تشاركية بين‬
‫المواطن والدولة‪ ،‬يتنفس في مناخها المواطنون هواء الحرية وينعمون بالمساواة في الحقوق‬
‫الواجبات‪.‬‬

‫وبمالحظة الفقرة األولى واألخيرة من النص يتضح أن لكل منهما معنى متصال‬
‫بمفهوم المواطنة‪ ،‬إذ تشير الفقرة األولى إلى التعريف األمثل للمواطنة التي تعني إشراك‬
‫المواطن في الحكم‪ ،‬فيما تشير الفقرة األخيرة إلى ثمار هذه المشاركة الكفيلة بتسريع وثيرة‬
‫تطور المجتمع وتحضره‪.‬‬

‫فتكفي قراءة العنوان وربطه بتينك الفقرتين للقول في إطار انطباعي‪ ،‬إن النص مقالة‬
‫سياسية ينظر فيه ا الكاتب لمفهوم المواطنة ويبادر إلى بث تعاليمها وينادر إلى انطالقا مما‬
‫هو متداول في الخطاب السياسي المعاصر‪.‬‬

‫أنشطة الفهم ‪:‬‬

‫يناقش النص مفهوم المواطنة‪ ،‬ويحدد شروطها ودورها في البناء الديمقراطي لدولة‬
‫المؤسسات عبر مسار متجدد ومتواصل تلتحم فيه إرادة الدولة مع إرادة المواطن لتهيء‬
‫الظروف المالئمة لترجمة مفهوم المواطنة على أرض الواقع في إطار الشرعية الدستورية‪،‬‬
‫وهو ما يستوجب الوعي بمقومات المواطنة واإلحساس بالفطرة وباالكتساب بالمسؤولية‬
‫والتزام بالواجبات نحو الوطن‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫أنشطة التحليل ‪:‬‬

‫تدرج النص في التنظير لمفهوم المواطنة من خالل إثارته لألفكار اتآتية ‪:‬‬

‫‪-1‬مواصفات المواطن الحق ‪:‬‬

‫‪ ‬اإلنصاف بالفاعلية المؤثرة في مختلف المجاالت‪.‬‬


‫‪ ‬التمتع بكيان مستقل وقناعات خاصة‪.‬‬
‫‪ ‬التمتع بحرية التعبير والتفكير‪.‬‬
‫‪ ‬القدرة على المشاركة اإليجابية في تدبير الحياة العامة‪.‬‬

‫‪-2‬مقتضيات البناء الديمقراطي الصحيح‪.‬‬

‫‪ ‬ضرورة التزام الدولة بخدمة المواطنين والسهر على أمنهم واستقرارهم وتوفير‬
‫احتياجاتهم الفردية والجماعية وتنظيم شؤونهم العامة‪.‬‬
‫‪ ‬تجاوز مفهوم الوطن االعتبارات الشكلية ليشمل تمثل المواطنين مجموع القيم‬
‫والمبادئ والقضايا المعبرة عن إرادتهم المشتركة‪.‬‬

‫‪ -3‬المواطنة ليست ماهية ثابتة‪ ،‬وإنما هي بناء تاريخي مستمر ومتواصل وممارسة‬
‫للحكم على أساس ديمقراطية تشاركية تكفل المساواة في الحقوق والواجبات‪.‬‬

‫‪ -4‬ارتكاز الممارسة الصحيحة للمواطنة على االستعداد الطوعي والحماس الفردي‬


‫والجماعي لالنخراط في الحكم على أساس وطني والوالء الكامل للوطن مع التقيد بقوة‬
‫االرتباط الوجداني به واإلقرار بااللتزامات والواجبات تجاهه‪.‬‬

‫‪-5‬دعوة الكاتب إلى إشراك مؤسسات وجمعيات المجتمع المدني في تعزيز روح‬
‫المواطنة لدى المواطن لإلرتقاء بالمجتمع وتسريع وثيرة تحضره يتمحور معجم النص حول‬
‫الحقلين الداللين اتآتين ‪:‬‬

‫حقل المواطنة ‪ :‬المشاركة في الحياة السياسية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬يعبر بحرية‬


‫عن آرائه واختياراته الشخصية‪ ،‬يضطلع بدور إيجابي في الحياة العامة‪ ،‬روح –المواطنة‪-‬‬
‫‪19‬‬
‫سيرورة تاريخية‪ ،‬دينامية مستمرة‪ ،‬ممارسة في ظل مجموعة من المبادئ والقيم‪ ،‬التساوي‬
‫أمام القانون‪ ،‬المشاركة الفعلية للمواطنين والمواطنات‪ ،‬اإلحساس بالمسؤولية‪...‬‬

‫حقل الوطنية ‪ :‬المواطن‪ ،‬الوطن‪ ،‬الوالء الكامل للوطن‪ ،‬االنتماء للوطن‪ ،‬الوالء‬
‫للوطن‪ ،‬الرابطة التي تجمع المواطن بوطنه‪ ،‬الشعور باالنتماء‪ ،‬التعلق بالعاطفي بالوطن‪...‬‬

‫فبمعاينة هذين الحقلين الدالليين يتبين استكثار الكاتب من المصطلحات والمفاهيم‬


‫والعبارات المجسدة لمفهوم المواطنة بالمقارنة مع صنوتها المجسدة لمفهوم الوطنية‪ ،‬لكون‬
‫الحقل األول يجسد الفكرة أو المفهوم الملح على ذهنه من جهة‪ ،‬ولشد انتباه القارئ إلى‬
‫حقيقة المواطنة‪ ،‬كما يتصورها –الكاتب‪ -‬من منظوره الخاص‪.‬‬

‫وبمعاودة النظر في الحقلين الدالليين يتضح أن العالقة بينهما عالقة تضمن‪ ،‬إذ‬
‫يتضمن حقل المواطنة بالمفهوم الذي يتصوره الكاتب خصائص مفهوم الوطنية‪ ،‬فالمواطنة‬
‫أعم من الوطنية‪ ،‬فهما وإن كانا يرجعان إلى أصل اشتقاقي واحد‪ ،‬مما قد يتسبب في التداخل‬
‫واللبس بينهما في ذهن المواطن العادي (و‪.‬ط‪.‬ن) إال أن المواطنة تدل بصيغتها الصرفية‬
‫على المشاركة في الفعل أي إنها فعل تشاركي بين الدولة والمواطن مما يجعلها مسؤولية‬
‫مشتركة بينهما‪ ،‬في حين أن الوطنية هي مجرد صفة مالزمة للرابطة التي تجمع المواطن‬
‫بوطنه إنها وضعية جاهزة يتجسد فيها التعلق العاطفي الفطري بالوطن‪ ،‬ومن ثم فإن‬
‫المواطنة هي اإلرتقاء بالوطنية من االرتباط العاطفي بالوطن واإلحساس الفطري باإلنتماء‬
‫إليه‪ ،‬إلى مستوى الممارسة والوعي والتشبع بقيم الديمقراطية واإلقرار باإللتزامات‬
‫والواجبات نحو الوطن مما يعني أن المواطنة أسمى من الوطنية‪ ،‬ويمكن اختزال الفرق بين‬
‫ذينك المفهومين في الترسيمة اتآتية ‪:‬‬

‫الوطنية‬ ‫المواطنة‬

‫‪20‬‬
‫إن حرص الكاتب على إقناع القار بحقيقة المواطنة وما يرتبط بها من مصطلحات‬
‫ومفاهيم سياسية دفعه إلى اتخاذ مسار حجاجي رتب فيه أفكاره وحججه في ضوء األسلوب‬
‫االستنباطي‪ ،‬إذ انطلق من تعريف مفهوم المواطنة في ضوء الحراك االجتماعي والمخاض‬
‫السياسي الذي عرفه المغرب مؤخرا وسائر البلدان العربية‪ ،‬ثم حدد شروط المواطنة المثالية‬
‫ودورها في البناء الديمقراطي لدولة المؤسسات عبر مسار متجدد ومتواصل تلتحم فيه إرادة‬
‫الدولة مع إرادة المواطن لتهييء الظروف المالئمة لترجمة مفهوم المواطنة على أرض‬
‫الواقع في إطار الشرعية الدستورية وهو ما يستوجب الوعي بمقومات المواطنة واإلحساس‬
‫بالفطرة وباالكتساب بالمسؤولية وااللتزام بالواجبات نحو الوطن وبناء على التمثل الجيد‬
‫لهذه اتآليات الضامنة لتجسيد قيم المواطنة على أرض الواقع خلص الكاتب إلى ما تثمره‬
‫المواطنة الحقة من ثمار ومكاسب تساهم في تسريع وثيرة ارتقاء المجتمع وتحضره‪.‬‬

‫إن توسع الكاتب في تأصيل مفهوم المواطنة يعكس حرصه الشد على إقناع القارئ‬
‫بتحمل المسؤولية الوطنية‪ ،‬واتخاذ القرارات المصيرية المساهمة في بناء مجتمع ديمقراطي‪،‬‬
‫وقد أكد هذا الحرص باستخدامه اتآليتين اتآتيتين ‪:‬‬

‫‪ -‬آلية االعتقاد وهي اتآلية التي استخدمها الكاتب لبلورة أطروحته حول مفهوم‬
‫المواطنة‪ ،‬وتتلخص في قناعته بأن المواطنة تعني المبادرة الطوعية الفردية والجماعية‬
‫للمشاركة اإليجابية في الشأن العام عبر مسار تاريخي مستمر ومتواصل وفي إطار‬
‫ديمقراطية تشاركية تلتقي في مناخها إرادة المواطن مع إرادة الدولة في االلتزام بواجبات‬
‫كل طرف نحو اتآخر‪ ،‬كما يحددها القانون‪.‬‬

‫‪-‬آلية االنتقاد وهي اتآلية التي استخدمها الكاتب لهدم األطروحة‪ .‬النقيض التي يتبناها‬
‫بعض النخب السياسية التقليدية أو المواطنون العاديون‪ ،‬فالمواطنة برأيهم وضعية جاهزة‬
‫يمكن تجليا بصورة آلية عندما تتحقق الرغبة في ذلك تماما كالوطنية‪ ،‬وهي أيضا الوالء‬
‫الخالص للوطن على أساس قبلي عشائري وحزبي واالرتباط الوجداني الفطري به‪ ،‬والتعلق‬

‫‪21‬‬
‫العاطفي المختزل التعلق بحيز جغرافي وعلم يرفرف فوق البنايات الرسمية في غياب القيم‬
‫والمبادئ والقضايا التي تعكس إرادة األمة‪.‬‬

‫وإذا كان لهاتين اتآليتين دور بارز في تحديد المسار الحجاجي المعتمد في النص‪،‬‬
‫فإن دراسة هذا المسار لن تكتمل إال باستحضار أساليب الحجاجية الموظفة فيه ومنها‬
‫األساليب اتآتية ‪:‬‬

‫‪-‬التعريف ‪:‬‬

‫بذل الكاتب وسعه في العناية بالصياغة المضبوطة لمقاصده بما يمكن القارئ من‬
‫إدراك المعني الذي يريده‪ ،‬إذ فسر مفهوم المواطنة الذي يبدو له عصبا على فهم القارئ أو‬
‫ملتبسا عليه وذلك في قوله ‪" :‬إن المواطنة الحقة ليست وضعية جاهزة‪ ...‬وإنما هي سيرورة‬
‫تاريخية ودينامية مستمر وسلوك يكتسب‪ ...‬وهي ممارسة في ظل مجموعة من المبادئ‬
‫والقواعد وفي إطار مؤسسات وآليات تضمن ترجمة مفهوم المواطنة على أرض الواقع"‬
‫والالفت لالنتباه في هذا التعريف أن الكاتب عرف مفهوم المواطنة على مرحلتين‪ ،‬مرحلة‬
‫التعريف بالخاصية السلبية أو بالشيء وذلك في قوله "إن المواطنة ليست وضعية جاهزة"‪.‬‬

‫ثم مرحلة التعريف بالخاصية اإليجابية أو بصيغة اإلثبات لضرب النفي‪ ،‬وهو ما‬
‫يسمى عند الماطقة بضرب النفي باإلثبات ونلمسه في قوله الكاتب ‪:‬‬

‫"وإنما هي سيرورة تاريخية ودينامية مستمرة وسلوك يكتسب" وقد ساق الكاتب هذا‬
‫التعريف إلبطال التعريف األول الذي تزعمه النخب السياسية التقليدية وتصحيح تصور هذه‬
‫الماهية المواطنة وحقيقتها‪.‬‬

‫‪ -‬تخصيص الحكم‪ ،‬ثم تعميمه وهو أن يدلي الكاتب بأقواله على مرحلتين ‪:‬‬

‫مرحلة التخصيص وفيها يأتي الكالم خاصا بالمغرب‪ ،‬كما في قول الكاتب ‪" :‬مع‬
‫تنامي حركة التغيير في المغرب"ومرحلة التعميم وفيها عمم الكاتب المعنى الخاص وذلك‬
‫في قوله "وفي باقي البلدان العربية‪."...‬‬

‫‪22‬‬
‫‪ -‬الشرح الوصفي ‪ :‬ونلمسه في قول الكاتب ‪" :‬إذ أن صفة" المواطن" ال تعني فقط‬
‫االنتساب للوطن واالرتباط به‪ ،‬وإنما هو بهذه الصفة عنصر فاعل في مختلف‬
‫المجاالت‪ ،‬له كيانه المستقل وقناعته الخاصة"‪.‬‬
‫‪ -‬التركيز على معنى معين لمفهوم المواطنة باعتباره التعريف األمثل وإهماله بقية‬
‫المعاني‪ ،‬ومنها المعاني التي تتمثلها النخب السياسية التقليدية والمواطنون‬
‫العاديون‪.‬‬
‫‪ -‬تبرير المواقف بغاياتها ‪ :‬ونجده في قوله الكاتب "وإذا كانت كل هذه القنوات‬
‫تتكامل أدوارها في إشباع األجيال بقيم المواطنة‪ ،‬فإن النتائج البد وأن تكون‬
‫ملموسة في تسريع وتيرة ارتقاء المجتمع وتحضره"‪.‬‬
‫‪ -‬التدرج المنطقي في استخالص النتائج واالستغراق فغي بناء الحجج ومعالجتها‪.‬‬
‫‪ -‬االستشهاد بالحجة القائمة على المنطق السببي ونتمثله في قول الكاتب‪:‬‬

‫"وال يستقيم البناء الديمقراطي ألي دولة دون تجلي روح المواطنة في عالقات كل‬
‫فرد مواطن بمؤسسات الدولة"‪.‬‬

‫‪ -‬استشهاد الكاتب ببعض قناعاته الخاصة التي استمدها من يقينه المعرفي‪ ،‬كما في‬
‫قوله‪" :‬إن المواطنة ليست وضعية جاهزة‪ ...‬وإما هي سيرورة تاريخية ودينامية مستمرة‬
‫وسلوك يكتسب"‪.‬‬

‫استخدام صيغ الوجوب وااللزام ‪ :‬تجسد هذه الصيغ وتولى الكاتب من قناعاته‬
‫الصادرة عن يقينه المعرفي وحضور شخصيته في النص وهو يبث تعاليم المواطنة الحقة‬
‫ويشيع ضوابطها ومقتضياتها ويقترح كيفية أجرأتها وتفعيلها متوخيا في ذلك الدقة‬
‫والصرامة التي ترقي بالكاتب إلى مستوى المنظر الحصين الطامح إلى ترسيخ ثقافة سياسية‬
‫جديدة في المغرب‪ ،‬فمن أبرز هذه الصيغ ما جاء في الفقرة األخيرة بما نصه ‪," :‬إذا كان‬
‫التعلق العاطفي بالوطن يوجد لدى اإلنسان بالفطرة‪ ،‬فإن الوعي بمقومات المواطنة‪ ...‬يجب‬
‫أن يكتسب بالتعليم والتأهيل‪."...‬‬
‫‪23‬‬
‫‪-‬اإلكثار من الروابط الحجاجية ‪ :‬تساهم الروابط الحجاجية في النص في تمتين‬
‫العالقة بين الحجج داخل الفئة الحجاجية نفسها من جهة‪ ،‬وفي تمتين العالقة بين الحجج‬
‫ونتائجها وتحديد اتجاهها من جهة أخرى‪ ،‬فبالنسبة للوظيفة األولى نجد الرابط الحجاجي‬
‫الواو يربط بين سلسلة حجج متساندة ربطا تسانديا لتعزيز نتيجة واحدة وذلك في قول‬
‫الكاتب "فإن الوعي بمكونات المواطنة وما يتبعه يجب أن يكتسب بالتعليم والتأهيل عن‬
‫طريق األسرة والمدرسة ووسائل اإلعالم والمجتمع‪.‬‬

‫"اتخاذ الكاتب استراتيجية خطاب يتسم باألسلوب التقريري الذي يخاطب فكر القراء‬
‫ويوحد فهمهم ومن مظاهره في النص مايلي ‪:‬‬

‫‪ -‬تنكب طريق المجاز والصور البيانية واإلثارة العاطفية‪.‬‬


‫‪ -‬التنسيق والمنطق في طرح األفكار‪.‬‬
‫‪ -‬استعمال الحجاج‪.‬‬
‫‪ -‬بساطة اللغة – ندرة الخيال واستبعاد العاطفة‪.‬‬

‫أنشطة التركيب والتقويم‪.‬‬

‫يتبين مما تقدم أن النص كخطاب سياسي حقل للتعبير عن اتآراء واقتراح األفكار‬
‫والمواق ف حول مفهوم المواطنة‪ ،‬وهكذا أتاح فحص النص مضمونا وشكال الوقوف على‬
‫خصائص الخطاب السياسي التالية ‪:‬‬

‫‪ -‬عرض قضية خالفية وإبراز موقف الكاتب منها‪.‬‬


‫‪ -‬ارتباط القضية بالمجتمع والدولة وإبراز حقوق المواطنين وواجباتهم‪.‬‬
‫‪ -‬السعي إلى الدفاع عن الموقف وإبطال نقضيه‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫‪ -‬اعتماد أساليب االستدالل والبرهنة قصد تحقيق اإلقناع‪.‬‬
‫‪ -‬تنوع أساليب االستدالل ‪ :‬منطقية‪ ،‬لغوية ‪...‬‬
‫‪ -‬بساطة اللغة وتقريريتها وخلوها من التعابير البالغية‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد األسلوب الخبري وصيغ الوجوب‪.‬‬

‫أسس التنمية للباحث األكاديمي خيري عزيز‬

‫تمهيد ‪:‬‬

‫يقول ديكارت ‪" :‬كما أن هناك من يمشي وحيدا وفي الظالم‪ ،‬فأنا عزمت على السير‬
‫البطيء واعتماد الحذر ما أمكن في كل شيء‪ ،‬وإذا كنت ال أتقدم فإني على األقل أتجنب‬
‫السقوط"‪.‬‬

‫أنشطة المالحظة ‪:‬‬

‫‪25‬‬
‫بتأمل عنوان النص وعنوان مصدره يتبين أن لكل منهما معنى متصال بالتنمية إذ‬
‫يشير العنوان إلى وعي الكاتب بطبيعة الرهانات التي تمثلها التنمية‪ ،‬ومن تم استدعاؤها إلى‬
‫دائرة االهتمام والضوء قصد بلورة روعية عربية لمفهوم التنمية في صورة خطة جرائية‬
‫بقدر من التحديد يكفي لتوقع مبادرة النص إلى فتح شهية المجتمع العربي إلحداث تنمية‬
‫حقيقية قصد االستفادة من ثمارها‪ ،‬فيما يشير عنوان مصدر النص إلى ثنائية طرح الكاتب‬
‫إلشكاليتين جديرتين بالتأمل والتفكير‪ .‬إشكالية التنمية وإشكالية التحديث‪ ،‬وهذا النوع من‬
‫المقاربات التي تركز على المشكالت يجعلنا نتوقع تركيز النص على الحلول اتآنية لمشكلة‬
‫التنمية لفهم اللحظة التي يعيشها العرب واالستفادة من فرصها وتحقيق نقلة نوعية تتيح لهم‬
‫االنتقال واالرتقاء من مجتمع تقليدي إلى مجتمع حداثي‪.‬‬

‫فيكفي الربط بين ذينك المشيرين للقول في إطار انطباعي إن النص محاولة فكرية‬
‫لفهم التنمية تؤسس لبروز لحظة حضارية جديدة وفصل تاريخي جديد يتطلع فيه العرب إلى‬
‫أفق التحديث‪.‬‬

‫أنشطة الفهم ‪:‬‬

‫الوحدات الداللية المكونة للنص ‪:‬‬

‫‪ -‬ضرورة استحداث بنيات عقلية حديثة قادرة على التسلح بالعلم وتداول‬
‫التكنولوجيا بمهارة عالية لتنمية اإلنسان والمجتمع‪.‬‬
‫‪ -‬اعتماد التنمية المجالية على تحرير العقل من الفكر الجاهز وإعطاء األولوية‬
‫للتجريب العلمي‪.‬‬
‫‪ -‬الكوابح المعيقة للتنمية في المجتمع العربي‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫‪ -‬ضرورة استنفار المنظومة التعليمية والتربوية وتجديدها لتأهيل الشباب للتفكير‬
‫بمقاييس حديثة وتحويلهم إلى ثروة بشرية تحرك المجتمع وتنمية‪.‬‬
‫‪ -‬قناعة الكاتب بالدور الفعال الذي تلعبه التحوالت الكبرى التي تعرفها البلدان في‬
‫تسريع وتيرة نموها وتنميتها‪.‬‬
‫‪ -‬إعجاب الكاتب ببعض المجتمعات الحية والفعالة وذات القدرة على الحركة‬
‫لنجاحها في االلتحاق بالمجتمعات النامية‪.‬‬

‫*تلخيص المحتوى الفكري للنص ‪:‬‬

‫يناقش النص أسس التنمية وما تتطلبه من إجراءات عملية حصرها الكاتب في‬
‫استحداث بنيات عقلية قادرة على التسلح بالعلم وتداول التكنولوجيا بمهارة وتحرير العقل من‬
‫الفكر الجاهز‪ ،‬وإعطاء األولوية للتجريب العلمي‪ ،‬وهدم شموخ البنيات العقلية التقليدية‪،‬‬
‫واستنفار المنظومة التعليمية والتربوية وتجديدها لتأهيل الشباب للتفكير بموجب هذه‬
‫المنظومة بمقاييس حديثة يتحولون بها إلى ثروة بشرية تحرك المجتمع وتنميه‪ ،‬وذلك‬
‫بموازاة مع التحوالت الكبرى التي تساهم في خلخلة الهياكل القائمة والموروثة وإحالل‬
‫هياكل جديدة محلها من شأنها أن ترفع معدل التنمية والنمو إلى أعلى مستوى وفي وقت‬
‫قياسي ودليل الكاتب على ذلك نجاح بعض المجتمعات الحية والفعالة وذات القدرة على‬
‫الحركة في االلتحاق بالمجتمعات المتقدمة‪.‬‬

‫أنشطة التحليل ‪:‬‬

‫تمكن الكاتب من بلورة رؤيته لمفهوم التنمية بواسطة معجم استمده من الحقلين‬
‫الدالليين اتآيتين ‪:‬‬

‫الحقل االجتماع‬ ‫الحفل الفكري‬


‫المجمع النامي‬ ‫المجتمع التقليدي‬ ‫الفكر الحديث‬ ‫الفكر التقليدي‬
‫إلى‬ ‫الشباب‬ ‫المتخلفة‪ ،‬يتحول‬ ‫البنيات بنيات عقلية مالئمة‪ ،‬المجتمعات‬ ‫–‬ ‫التخلف‬
‫السياسية محرك بشري لتنمية‬ ‫العقلية القائمة – فكر الثورة العلمية والفنية‪ ،‬األبنية‬
‫الدينامية‬ ‫المجتمع‬ ‫العلم واالقتصادية‬ ‫– باستدام‬ ‫البنيات‬ ‫مسبق‪-‬‬

‫‪27‬‬
‫السياسية‪،‬‬ ‫القائمة‪ ،‬والفعالية‬ ‫– والتكنولوجيا‪ ،‬استعمال واالجتماعية‬ ‫التقليدية‬ ‫العقلية‬
‫القائمة هياكل جديدة‪ ،‬نشاط‬ ‫بمهارة الهياكل‬ ‫التكنولوجيا‬ ‫للبنيات العقلية ‪...‬‬
‫وإنتاجيته‬ ‫المجتمع‬ ‫وإشاعة تداولها‪ ،‬بنيات والموروثة‪...‬‬
‫وفعاليته‪ ،‬مجتمعات حية‬ ‫العلم‬ ‫تتقبل‬ ‫عقلية‪،‬‬
‫على‬ ‫قادرة‬ ‫وفعالة‬ ‫التكنولوجي‪،‬‬ ‫والتقدم‬
‫لنشاطها‬ ‫الحركة‪،‬‬ ‫عقليات حديثة تحرير‬
‫مجتمعات‬ ‫وتقدمها‪،‬‬ ‫العقل‪ ،‬للتجريب العلمي‬
‫أخرى‪...‬‬ ‫للتفكير الحديث‪..‬‬

‫فبمعاينة هذين الحقلين الدالليين يتبين أن الكاتب بادر إلى طرح خطته لتحقيق التنمية‬
‫في صورة تقوم على المفارقة بين نمط فكري واجتماعي تقليدي ونمط حداثي قائم على‬
‫التنمية‪ ،‬وانطالقا من هذه المفارقة تتحدد مالمح المجتمع التقليدي المخالفة تماما لمالمح‬
‫المجتمع النامي إن على المستوى الفكري أو على المستوى االجتماعي‪ ،‬ومن ثم فعن العالقة‬
‫بين الحقلية المتفرعين عن الحقل الفكري والحقل االجتماعي هي عالقة تعارض‪ ،‬طالما أن‬
‫ترسبات المجتمع التقليدي التي الزالت قائمة في الوطن العربي تشكل كوابح لبناء مجتمع‬
‫حداثي‪.‬‬

‫‪-‬راح الكاتب بكل ثقة واقتدار يدافع عن تصوره لقضية التنمية واألسس التي تقوم‬
‫عليها متخذا في ذلك األسلوب االستنباطي إطار التنظيم أفكاره وحججه‪ ،‬إذ أكد في مقدمة‬
‫طرحه على ضرورة استحداث بنيات عقلية مالئمة لتحقيق التقدم والتنمية واستخدام العلم‬
‫والتكنولوجيا بكفاءة عالية وتداولها على نطاق واسع‪ ،‬ثم أكد في سياق عرضه ألسس التنمية‬
‫على ضرورة تحرير العقل من أي فكر جاهز وإعطاء األولوية للتجريب العلمي‪ ،‬وهذا ما‬
‫يتطلب إحداث تغيير في المنظومة التربوية والتعليمية‪ ،‬ثم شرع الكاتب في الحديث عن دور‬
‫الفعالية السياسية في تحقيق التنمية داعيا إلى إحداث تغيير في الهياكل االجتماعية والسياسية‬
‫التقليدية القائمة مؤكدا في ختام نجاح كثير من الدول النامية في تحقيق أهداف التنمية بناء‬
‫على األسس التي دعا إليها‪.‬‬

‫‪28‬‬
‫‪-‬عزز الكاتب خطابه التنظيري‪ .‬بعدة أساليب حجاجية لتحقيق اإلقناع بالخطة‬
‫اإلجرائية التي يقترحها لتأسيس مرحلة حضارية جديدة يستفيد فيها العرب من فرص التنمية‬
‫نذكر من هذه األساليب مايلي ‪:‬‬

‫‪-‬الشرح والتفسير ‪ :‬جنح الكاتب إلى فك شفرات مفهوم التنمية وتفسير أسسها لتحقيق‬
‫غايات خالصة تروم الفهم الدقيق لمفهوم التنمية‪ ،‬ويتخذ الشرح في النص وجوها متعددة‬
‫منها مايلي ‪:‬‬

‫*الوصف ‪ :‬يتخذ الكاتب الوصف أداة تفسيرية لشرح أسس التنمية ونلمسه في قوله‬
‫الكاتب "تبديل الكثير من الهياكل القائمة والموروثة‪ ،‬وإحالل هياكل جديدة محلها"‪.‬‬

‫*الشرح التعليلي ونجده في قول الكاتب ‪" :‬وهذا العامل ينبغي وضعه في االعتبار‬
‫ألن تأثيره في اإلسراع بمعدل التنمية‪ ،‬وبكل نشاط المجتمع وإنتاجيته وفعاليته يكون عادة‬
‫تأثيرا استثنائيا في قوة دفعه"‪.‬‬

‫*التعريف ‪ :‬وظف الكاتب التعريف لشحن مفهوم التنمية وما يرتبط بها من مفاهيم‬
‫ح ديثة بحموالت فكرية أكسبتها مدلوالت تتناسب مع تصور الكاتب لهذا المفهوم ونلمس ذلك‬
‫مال في قوله ‪" :‬يتعلق األمر إذن بالنسبة للمجتمعات المتخلفة‪ ،‬بإجراء تغيير عميق في‬
‫البنيات العقلية وتحويلها إلى عقليات حديثة‪ ،‬تعد األساس الضروري للتنمية"‪.‬‬

‫*التفصيل ‪ :‬بحيث نجد الكاتب يقرر فكرة محورية‪ ،‬ثم يوفر لها ما يكفي من األفكار‬
‫الفرعية التي تعضدها وتعمق الوعي بها وو ما نلمسه في الفقرة الثالثة‪.‬‬

‫*البناء بطريق اإلجمال والتفصيل‪ ،‬ونلمسه في إتيان الكاتب بمتعدد مجمال‪ ،‬ثم إتيانه‬
‫بأجزاء هذا المتعدد وهو ما نجده في قول الكاتب "وتعتمد التنمية على دعامتين جوهرتين‪،‬‬
‫تحرير العقل من أي فكر مسبق‪ ،‬وإعطاء األولوية للتجريب العلمي"‪.‬‬

‫‪29‬‬
‫*استخدام الحجج المتوعة المعززة لطرح الكاتب لقضية التنمية ومنها الحجج اتآتية‪:‬‬
‫‪ -‬استخدام الحجة القائمة على المنطق السببي‪ ،‬ونلمسه في إيراد الكاتب حدثين متعاقبين تولد‬
‫السابق منهما عن الالحق تولد النتيجة عن السبب كما في قوله‪" :‬وال يمكن الخروج من حالة‬
‫التخلف إلى عصر الثورة العلمية والفنية إال باستخدام العلم والتكنولوجيا كتنمية اإلنسان‬
‫والمجتمع"‪.‬‬

‫‪ -‬الحجة القائمة على التماثل ونعاينها في السطرين الخيرين من النص‪.‬‬

‫‪-‬االستشهاد بالوا قع ‪ :‬ونلمسه في قول الكاتب "الواقع أن التعليم والتربية هما أداتا هذا‬
‫التغيير للبنيان العقلية"‪.‬‬

‫‪ -‬االستشهاد بالمعطيات السياسية كما في قول الكاتب ‪" :‬أال وهو عامل الدينامية‬
‫والفعالية السياسية‪ ،‬ذلك أن كل األبنية السياسية واالقتصادية االجتماعية القائمة لن تظل في‬
‫حالة ثابتة"‪.‬‬

‫‪-‬االستشهاد بالقناعات الخاصة كما في قول الكاتب ‪" :‬إن التقدم والتنمية يتطلبان‬
‫بنيات عقلية مالئمة"‪.‬‬

‫‪-‬وضعية التلفظ في النص ‪ :‬يهيمن في النص ضمير الغائب‪ ،‬فهذا الضمير يفيد أن‬
‫الكاتب يتحدث بحياد وموضوعية‪.‬‬

‫‪-‬يساهم التكرار في تطور الطاقة اإلقناعية في الكالم‪.‬‬

‫وقد وظفه الكاتب –التكرار‪ -‬في سياقات متعددة لتلميع بعض المفاهيم المحورية في‬
‫النص‪ ،‬وشد االنتباه إليها ألهميتها وحساسيتها في التنظير لمفهوم التنمية‪ ،‬فمن األلفاظ‬
‫والعبارات المكررة في النص مايلي‪ :‬التنمية – البنيات العقلية – الهياكل‪ -‬المجتمع‪-‬‬
‫التكنولوجيا‪ ...‬فالكاتب لجأ إلى التكرار لرفع طاقة خطابه الحجاجية واالستعانة به على‬
‫ترسيخ رأيه وتصوره ألسس التنمية في ذهن المتلقي‪.‬‬

‫شبكة الخدمات الوظائف المتعددة لألستاذ الباحث "محمد شكري"‪.‬‬

‫‪30‬‬
‫أشطة المالحظة ‪:‬‬

‫يتأمل عنوان النص يتبين أن له معنى متصال بوعاء اتصالي تتفاعل فيه نظم اتصالية‬
‫مختلفة ألداء خدمات ووظائف متعددة لإلنسان المعاصر‪.‬‬

‫وبمالحظة عنوان مصدر النص يتضح أن له معنى متصال بالطفرة النوعية التي‬
‫حققها قطاع االتصال واإلعالم‪ ،‬وما أحدثته من هزات وارتجاجات مؤثرة في المجتمعات‬
‫اإلنسانية بالقدر الذي غير نمط حياتها‪.‬‬

‫وبقراءة الفقرة األخيرة من النص نستشن الخدمات العديدة التي تقدمها شبكة االنترنت‬
‫في المجال الثقافي والتجاري والترفيهي واالتصالي‪.‬‬

‫فتكتفي مالحظة هذه المشيرات للقول في إطار انطباعي أولي وساذج إن النص‬
‫يناقش محورية شبكة االنترنت في الحياة المعاصرة باعتبارها اختراعا تكنولوجيا ثوريا‪.‬‬

‫أنشطة الفهم ‪:‬‬

‫يتمحور النص حول مجموعة من األفكار نحددها في اتآتي ‪:‬‬

‫‪ -1‬النقلة النوعية التي أحدثتها الثورة التقنية الحديثة في نظم االتصال‪.‬‬


‫‪ -2‬اتساع نطاق االتصال السريع خارج مجال اإلعالم من نطاق االتصال الشخصي‬
‫إلى أداء خدمات أخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬ثمار الزواج المتعدد بين الحاسوب الشخصي ونظم االتصاالت الحديثة‪.‬‬
‫‪-‬تدفق معلوماتي غير محدود‪.‬‬
‫‪-‬تسهيل الترابط االجتماعي بين األفراد‪.‬‬
‫‪-‬تنمية تطلعات الشباب لولوج عوالم الواقع الخائلي والتسكع في المدن الخائلين‬
‫وهم قابعون في أماكنهم‪.‬‬

‫‪31‬‬
‫‪ -4‬تميز الحياة المعاصرة بكونية االتصال وسرعة تدويل الخبر بفضل انتشار‬
‫االنترنت‪.‬‬
‫‪ -5‬تميز اختراع االنترنت بالطابع الثوري والجمع بين رأسمالية مالكية واشتراكية‬
‫مستخدميه‪.‬‬
‫‪ -6‬المعنى التجريئي للفظة االنترنت‪.‬‬
‫‪ -7‬تزايد أعداد مستعملي االنترنت‪.‬‬
‫‪ -8‬الوظائف التجارية والثقافية والترفيهية واالتصالية التي تؤديها شبكة االنترنت‪.‬‬
‫‪-‬نقل األموال والسلع واألسواق الكترونيا‪.‬‬
‫‪-‬تبادل المعلومات ونقل المعارف عن بعد‪.‬‬
‫‪-‬ممارسة اللعب عن بعد‪.‬‬
‫‪-‬مد الخدم ة إلى المناطق النائية بواسطة البريد االلكتروني فغي وقت وجيز وبأقل‬
‫كلفة‪.‬‬
‫‪ -9‬تفاوت وظائف االنترنت في األهمية حسب منطق األفضلية والمنفعة بالنسبة إلى‬
‫كل مستخدم‪.‬‬
‫‪ -13‬السعة الهائلة لشبكة االرتنت مصدر جاذبيتها‪.‬‬

‫‪-‬أكبر مكتبة في العالم – بريد عمالق‪.‬‬

‫‪-‬أضخم مركز تجاري – مركز ألعاب رائع ووسيلة اتصال جديدة‪.‬‬

‫تلخيص النص ‪:‬‬

‫يتحدث النص عن الدور الهام الذي اضطلعت به الثورة التقنية في تطوير تكنولوجيا‬
‫االتصال التي سرعت زمن االتصال وطورت فعاليته بما تملكه من أوعية ووسائط جديدة‬
‫لحفظ المعلومات والمعطيات وتيسير تداولها وتسريع تدفقها نتيجة التالقي الخصب بين‬
‫الحاسوب ونظم االتصاالت الحديثة‪ ،‬وقد أضحى هذا التالقي مؤثرا في إنسان اليوم من‬

‫‪32‬‬
‫خالل تسهيل الترابط االجتماعي وتنمية تطلعات األفراد‪ ،‬ويضيف الكاتب أن الحضارة‬
‫المعاصرة هي حضارة اتصالية بعد نجاح اإلنسان المعاصر في اختراع تقنيات ووسائل‬
‫طو رت قدرته على االتصال بسرعة‪ ،‬ويعتبر اختراع االنترنت اختراعا ثوريا‪ ،‬ويقدم تعريفا‬
‫لهذا المخلوق العجيب مبرزا وظائفه المتعددة‪.‬‬

‫أنشطة التحليل ‪:‬‬

‫‪ -‬النص حافل بالمصطلحات التقنية والمعلوماتية المرتبطة بتكنولوجيا االتصال‪،‬‬


‫وفيمايلي جرد بأهم المصطلحات المتواترة في النص‪.‬‬

‫تعريفها‬ ‫المصطلحات التقنية‬


‫والمعلوماتية‬
‫‪-‬يشير هذا المصطلح إلى الطفرة النوعية التي عرفتها تكنولوجيا‬ ‫شبكة االنترنت‬
‫الحواسيب واحتواء االنترنت كوعاء اتصالي وسائل نقل البريد السطحي‬
‫والتلغراف والفاكس واالتصال الهاتفي واإلرسال اإلذاعي والتلفزيوني فقد‬
‫حل البريد اإللكتروني بمفرده محل البريد السطحي والفاكس والتلغراف‬
‫في حين حل أسلوب االتصال الهاتفي عبر االنترنت المعروف باسم‬
‫‪ Voice on IP‬محل أسلوب نقل األصوات عبر الهواتف الثابتة أو‬
‫النقالة‪ ،‬أما اإلرسال اإلذاعي والتلفزي فيمكن بثه مباشرة عن طريق‬
‫االنترنت فيما يعرف بتسليس تدفق اإلشارات الصوتية والمرئية ‪Audio‬‬
‫‪.Vidio Streaming‬‬

‫‪33‬‬
‫مجموعة من األجسام أو األجهزة المستقمرة في الفضاء كمحطات مدارية‬ ‫األقمار االصطناعية‬
‫يتم إطالقها بواسطة الصواريخ أو بواسطة المكوك الفضائي‪ ،‬وهي تشكل‬
‫قنوات اتصال فوق كوكبية تغلق المعالم‪ ،‬بعضها يبث رسائل إعالمية‬
‫ويقيم حلقات الوصل بين أطراف المعمورة من أجل االتصاالت الهاتفية‬
‫وتبادل المعلومات‪ ،‬وبعضها يتجسس ويقوم بدور الرقابة االلكترونية‬
‫وبعضها يرصد الغالف الجوي ويلتقط ما في باطن األرض من أسرار‬
‫جيولوجية‪ ،‬ومنها أيضا ما يوجه المقذوفات إلى أهدافها‪ ،‬أو يرشد‬
‫المركبات السيارة على األرض وفي البحر والجو إلى غاياتها‪.‬‬
‫‪-‬أوعية الكترونية تخزن المعلومات وتحفظ الملفات والبرامج والوثائق‬ ‫البنوك المعلوماتية‬
‫االلكترونية التي يمكن نقلها من خالل عدة بروتوكوالت‪.‬‬
‫‪-‬موجات قادرة على تسليس تدفق اإلشارات الصوتية والمرئية خدمة‬ ‫موجات فيزيائية‬
‫يؤديها االنترنت الكترونيا على شكل حزم رقمية تنقل شحنة المعلومات‬
‫بعد تحويلها إلى سالسل الصهر والواحد بأسرع وقت وأقل كلفة‪.‬‬

‫تمكن الكاتب من عرض تصوره ألهمية التكنولوجيا المعلوماتية وما تؤديه من‬
‫إضافات نوعية في ضوء األسلوب االستنباط الذي تظهر معالمه في اعتماد الكاتب بناء‬
‫منهجيا محكما تدرج فيه من الحديث عن الدور الحيوي الذي تضطلع به التكنولوجيا‬
‫المعلوماتية في الحياة المعاصرة مشيرا إلى الطفرة النوعية التي حققتها هذه التكنولوجيا‬
‫بفعل التحالف بين الحاسوب الشخصي وشبكات االتصال بما فيها شبكة االنترنت التي تزايد‬
‫مستعملوها لما تؤديه من خدمات متعددة في كل المجاالت الحيوية لتصير بذلك مصدر‬
‫جاذبية جعلت الكاتب يستنتج في ختام النص أنها "أكبر مكتبة في العالم وأضخم مركز‬
‫تجاري وبريد عمالق ومركز ألعاب رائع ووسيلة اتصال جديدة"‪.‬‬

‫ولضمان الكاتب إقناع القارئ بأهمية شبكة االنترنت في الحياة المعاصرة عند إلى‬
‫تعزيز خطبه العلمي بعده أساليب حجاجية تذكر منها مايلي ‪:‬‬

‫‪ -‬التركيز على معنى معين لشبكة االنترنت وإهماله بقية المعاني‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫‪ -‬إثارة السؤال الصحيح في الوقت المناسب لجعل المخاطب يجب في االتجاه الذي‬
‫يسرمه السؤال وال يجعله مجرد شاهد بل هو معني بما يقال ‪:‬‬
‫‪ -‬التمادي في التطويل واإلطناب والتفصيل عن طريق العطف والترادف وغيرهما‬
‫من أساليب اإلسهاب‪.‬‬
‫‪ -‬بناء األفكار بطريق اللف والنشر ويعني اإلتيان بمتعدد مجمال‪ ،‬ثم اإلتيان به‬
‫مفصال فالكاتب لف المعنى في قوله‪" :‬ويؤدي األنترنت" وظائف متعددة‪ ،‬ثم‬
‫نشره بسرده وظائف هذه الشبكة مرتبة ترييبا تسلسليا‪.‬‬

‫‪-‬استخدام أساليب الشرح والتفسير والبرهنة ‪:‬‬

‫يحضر الشرح في النص كعالمة على إدارة الكاتب عملية إلقناع فيه‪ ،‬وعلى بذله‬
‫جهده في الصياغة المضبوطة لمقاصده بما يرفع الغموض عن المعاني التي تبدو عصية‬
‫على فهم القارئ أو ملتبسة عليه‪ ،‬وبما يمكنه من إدراك المعاني التي يريدها الكاتب‪ ،‬كما‬
‫يحضر الشرح في النص ك**** أخرى على بدل الجهل من أجل فهم ينم عن دراسة‬
‫ومعرفة‪ ،‬وكأثر على الموضوعية والمصداقية الفكرية‪ ،‬ويستثمر الشرح في النص الوسائل‬
‫اتآتية‪:‬‬

‫الوصف ‪ :‬يستعمل الكاتب الوصف لصنع اإلطار المنطقي والخط التوجيهي المسوغ‬
‫لقبول األحكام القيمية التي يطلقها بواسطة النعوت الوصفية التي اصطادها في سياقات‬
‫متعددة ومنها سياق إبرازه خصوصية االتصال السريع‪ ،‬وسياق االستدالل على جاذبية شبكة‬
‫االنترنت وذلك في قوله ‪" :‬تشكل (شبكة االنترنت) مصدر جاذبية هذه الشبكة التي يمكن‬

‫‪35‬‬
‫نعتها بأنها "أكثر مكتبة في العالم وأضخم مركز تجاري ويريد عمالق ومركز ألعاب رائع‬
‫ووسيلة اتصال جديدة"‪.‬‬

‫السرد ‪ :‬استعان الكاتب بالسرد لصنع الحجة القاطعة في سياق استدالله على شدة‬
‫األلفة "التكنولوجية التي تربط اليوم بين الحاسوب الشخصي والوسائط المتعددة واألقمار‬
‫االصطناعية وشبكة األنترنت وما أثمرته هذه األلفة من نتائج سردها الكاتب في قوله‪" :‬إن‬
‫هذا الزواج المتعدد‪ ...‬هو زواج يخصب تدفقا معلوماتيا غير محدود‪ ،‬أو هو على األقل‬
‫يدخل اليافعين والشباب عالما افتراضيا‪.‬‬

‫وخياليا من األلعاب واألفالم والعالقات وأشكال التعارف التي تغني سيكولوجيا‬


‫وسوسيولوجيا ثقافة الوقت الثالث"‪.‬‬

‫‪-‬المقارنة ‪ :‬تسهل المقارنة في النص عملية االستباط إذ استخدمها الكاتب إجراء‬


‫منطقيا لالستدالل وذلك في سياق استخدامه للمقارنة القياسية عبر التدرج التفاضلي بين‬
‫البريد اإللكتروني الذي يمد الخدمة بأعلى سرعة وبأقل كلفة والبريد السطحي التقليدي الذي‬
‫يقدم الخدمة نفسها في وقت بطيء وبكلفة عالية‪.‬‬

‫‪ -‬التعريف ‪ :‬استعمل الكاتب التعريف الشارح الجامد أو التجزيئي للفظة "االنترنت"‬


‫إذ جزأ معاها إلى جزأين وحدد المعنى القاموسي أو المألوف لكل جزء لدفع القارئ إلى‬
‫تشييد التعريف الحقيقي وتجميعه‪ ،‬مما سيساعد على استبقائه‪ ،‬وقد عزز الكاتب هذا النوع‬
‫من التعريف بالتعريف الواصف إذ استعمل النعت الواصف في تعريفه لشبكة االنترنت‪،‬‬
‫وذلك في قوله ‪" :‬إنها شبكة عالمية تربط االتصال بين حواسيب شخصية لعشرات الماليين‬
‫من المستعملين"‪ ،‬والالفت لالنتباه في هذين التعريفين أن الكاتب استخدم التعريف األول‬
‫مقدمة للبر هنة على صحة التعريف الثاني‪ ،‬وهذا يعني أنه لم يرتجل كال التعريفين بل أتم‬

‫‪36‬‬
‫أعدادهما باعتناء‪ ،‬ودون أن يكونا متقلين ببعض االستطرادات التي من شأنها أن تشوش‬
‫على ذهن القارئ‪.‬‬

‫‪ -‬يكاد يخلو النص من الصور البالغية لحرص الكاتب على بناء أفكاره بناء قائما‬
‫على الوحدة الداللية أو الوضوح الداللي للكلمات أو المفاهيم ولتوحيد فهم القراء بعيدا عن‬
‫أي تعتيم داللي قد يحول دون اختراق أذهانهم‪ ،‬إال أن اتساع الكاتب في استخدام األسلوب‬
‫التقريري بمظاهره () المذكورة في بعض الدروس السابقة لم يمنعه من استخدام األسلوب‬
‫اإليحائي‪ ،‬وإن كان ذلك على استحياء‪ ،‬وذلك في قوله ‪" :‬إن هذا الزواج المتعدد بين‬
‫الحاسوب الشخصي والوسائط المتعددة‪ ...‬هو زواج يخصب تدفقا معلوماتيا غير محدود"‬
‫فالكاتب شبه في هذا التركيب العالقة بين الكمبيوتر ومصادر المعلومات وشبكات‬
‫االتصاالت ذات الطابع التبادلي مع ضمان االستقالل الذاتي أو شبه الذاتي لكل من هذه‬
‫العناصر الثالثة التي تنجح االنترنت في اس غي وعائه بالعالقة الزوجية فحذف لفظ المشبه‬
‫وهو الترابط التكنولوجي بين تلك الوسائط وصرح بلفظ المشبه به وهو لفظ "زواج" على‬
‫سبيل االستعارة التصريحية لتشخيص شدة األلفة التكنولوجية والتالقي الخصب بين‬
‫االنترنت وسائر وسائل االتصال‪.‬‬

‫‪-‬وظف الكاتب الجمل الخبرية ألنها الجمل التي تطاوعه على بسط الموضوع الذي‬
‫يناقشه وتسعفه على تقاسم قناعاته مع القارئ وبناء األحكام والمعارف بناء تغلب عليه سمة‬
‫العلمية والموضوعية والصرامة المنهجية‪.‬‬

‫‪-‬تؤدي الجمل الخبرية في النص عدة وظائف نذكر منها مايلي ‪:‬‬

‫‪ -‬الوظيفة اإلبالغية ‪ :‬ونلمسها في قول الكاتب ‪" :‬لقد كان للثورة التقنية الحديثة‬
‫بوصفها ترجمة تطبيقية للنظرية العلمية‪ ،‬دور في تسريع زمن االتصال وتطوير فعاليته"‪.‬‬

‫‪-‬الوظيفة االقناعية ‪ :‬ونعاينها في قول الكاتب مثال ‪" :‬إنها وظائف ال تحضر متزامنة‬
‫في اللحظة نفسها لكونها مصدر جاذبية هذه الشبكة التي يمكن نعتها بأنها "أكبر مكتبة في‬
‫العالم وأضخم مركز تجاري وبريد عمالق ومركز ألعاب رائع ووسيلة اتصال جديدة" فهذه‬

‫‪37‬‬
‫الطائفة من الجمل الخبرية الواصفة لشبكة االنترنت تشكل حججا متساندة لتعزيز نتيجة‬
‫صريحة تؤكد جاذبية هذه الشبكة‪.‬‬

‫‪-‬الوظيفة التفسيرية ‪ :‬ونلمسها في استخدام الكاتب جملة تفسر معلومة غامضة في‬
‫الجملة التي قبلها كما في قول الكاتب‪" :‬وهي كذلك‪ ،‬خبرات مادية ذات طابع تجاري ومالي‬
‫"فهذه الجملة تفصل ما أجمل في كلمة "الخبرات" الواردة في الجملة التي قبلها دون‬
‫استعمال أداة تفسير‪.‬‬

‫‪-‬وإذا كان الجمل الخبرية حضور قوي في النص‪ ،‬فإن للجمل اإلنشاية حضورا‬
‫باهتا‪ ،‬إذا اكتفى الكاتب باستعمال جملتين إنشائيتين موجهتين إلى االستفهام‪ ،‬وذلك في قوله ‪:‬‬
‫"لكن ما قصة هذا المخلوق االتصالي العجيب؟ وما آثاره اإليجابية؟‬

‫فالكاتب أثار هذين السؤالين لجعل المخاطب يجيب في االتجاه الذي يرسمه السؤال‬
‫من جهة‪ ،‬ولجعله معنيا بما يقال دون أن يكون مجرد شاهد من جهة ثانية‪ ،‬وللتمهيد واإلعداد‬
‫لإلدالء بقناعاته من جهة ثالثة فضال عن خلق التشويق والتحفز لدى القارئ وهو ينتظر‬
‫اإلجابة‪.‬‬

‫‪-‬وظف الكاتب ضمير الغائب توخيا للحياد والموضوعية في طرح األفكار ولم‬
‫يستخدم ضمير المتكلم ألن هذا الضمير يوحي باالنفراد في تكوين الخطاب ورفع الذات إلى‬
‫درجة أعلى‪ ،‬ومن تم منحها قوة سلطوية بالخطاب‪.‬‬

‫خالصة تركيبية تقويمية للنص ‪:‬‬

‫أتاح لنا النص إدراك الثورة التي أحدثتها شبكة األنترنت في عالم االتصال‪ ،‬وقد تبين‬
‫أن هذه الشبكة نجحت في اكتساح نظم االتصاالت األخرى ودمجها في وعائها مثلما نجحت‬
‫في التدويل السريع للخبر ومد الخدمة إلى المناطق النائية بسرعة فائقة‪ ،‬وبأقل كلفة مع كسر‬

‫‪38‬‬
‫الحاجز بين ا لفردي والجماعي وبين الجوار والجوار عن بعد‪ ،‬فضال عن نجاحها في تقديم‬
‫خدمات أخرى كنقل األموال واألسواق والسلع والحضور عن بعد مما جعلها – بال منازع‪-‬‬
‫وسيط االتصال األول‪.‬‬

‫وخالصة القول فإن النص شهادة حية على ما أحدثته شبكة األنترنت من انقالب في‬
‫مفهوم التواصل اإلنساني سواء من حيث تنوع وسائله أو اتساع نطاقه وسرعة إيقاعه‪ ،‬وهذا‬
‫ما يدفعنا إلى التساؤل عن راهن المشهد االتصالي العربي الذي تؤكد بعض المؤشرات أن‬
‫اإلنتاج العربي في مجال منتجات تكنولوجيا االتصاالت محدود للغاية مما أوقع العرب في‬
‫تبعية تكنولوجية شبه تامة‪ ،‬فمعظم مواقع االنترنت العربية تجري استضافتها في مواقع‬
‫كمبيوترات الخدمة ‪ SERVERS‬في الواليات المتحدة واألقمار الصناعية العربية ال تساهم‬
‫بأي صورة في صنعها‪ ،‬وتطلق بصواريخ ال يمتلكونها‪ ،‬فهال اتجهد العرب في تضييق فجوة‬
‫االتصاالت بينهم وبين الغرب؟‬

‫مكننا النص من مالمسة (قضية – مفهوم ‪ -‬قيمة) رقد‪.‬‬

‫‪-‬توظيف التكرار والترادف لدفع المعنى إلى درجة أقوى وهو ما يزيد من فاعلية هذه‬
‫اتآلية اللغوية في اقناع المخاطب واستمالته‪.‬‬

‫‪-‬اللغة التقريرية هي اللغة التي تعكس حقيقة الوجود أو هي اللغة التي تتضيا بناء‬
‫المعارف واألفكار أو هي اللغة الموجهة لقول الحقيقة‪ ،‬وهي اللغة الموجهة لبناء المعارف‬
‫بناء قائما على الوحدة الداللية أو الوضوح الداللي للكلمات والمفاهيم‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫صدمة الهجرة للباحث األكاديمي المختار مطيع‬

‫أنشطة المالحظة ‪:‬‬

‫بتأمل النص يتبين بناؤه على نظام الفقرات المقسمة إلى جمل تنتهي بنقط وفواصل‬
‫يحسن السكوت عندها وتتسلسل في مجرى فكري هادئ وتترابط بمختلف الروابط الكالمية‬
‫مما يقوي اإلحساس بأن النص مقالة فكرية حجاجية‪.‬‬

‫وبمالحظة عنوان‪ .‬النص يتضح أنه ذو بنية تركيبية مفتوحة فهو مركب إضافي‬
‫أضيف فيه المصدر النكرة إلى فاعله الذي رفعه إلى مقام المعرفة ليشكل معه مجال‬
‫الخطاب في العنوان‪ ،‬ويتعلق هذا المجال بما تحدثه الهجرة في المهاجر من هزات نفسية‬
‫يمتزج فيها اإلحساس باالنبهار واالندهاش باإلحساس باإلحباط واإلخفاق‪ ،‬إنها إحساسات‬
‫مزعجة تنبى عن تورط المهاجر في مشاكل جمة وبمعاينة الفقرة الثالثة من النص يتبين أن‬
‫لها معنى متصال بالمشاكل التي يعانيها المهاجر المغربي من قبيل القيام بأعمال شاقة‬
‫والتعرض للميز العنصري والمتاعب النفسية وتفككات اجتماعية‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫فيكف ي الربط بين هذه المشيرات للقول في إطار انطباعي إن النص مقالة فكرية‬
‫قضية الهجرة ومشاكل المهاجر‪.‬‬

‫أنشطة الفهم ‪:‬‬

‫يتمحور النص حول األفكار والوحدات الداللية اتآتية ‪:‬‬

‫استفحال المشاكل التي تعترض المهاجر المغربي في البلدان المستقبلة استدعى‬


‫التفكير في إمكانية العودة إلى البلد األصل‪.‬‬

‫‪ -‬شروع المهاجر المغربي في التفكير في العودة في سبعينيات القرن الماضي غب‬


‫أول صدمة بترولية عرفها الغرب عرضت اقتصاده للركود‪.‬‬
‫‪ -‬اتخاذ البلدان األوربية تدابير وإجراءات صارمة إليقاف تدفق المهاجرين إليها‪.‬‬
‫‪ o‬إغالق الحدود في وجه المهاجرين‪.‬‬
‫‪ o‬محاربة الهجرة غير القانونية أو السرية‪.‬‬
‫‪ o‬تشجيع العمال المغاربة على العودة إلى بلدانهم‪.‬‬
‫‪ -‬العوامل المغذية لفكرة العود إلى البلد األصل‪.‬‬
‫‪ o‬قساوة ظروف العمل واإلقامة‪.‬‬
‫‪ o‬السياسات الحكومية الرامية إلى تشديد الخناق على المهاجرين المغاربة‪.‬‬
‫‪ -‬الدوافع الذاتية التي غذت هجرة المغاربة خاصة الفئات ذات المستوى التعليمي‬
‫المنخفض‪.‬‬
‫‪ -‬تحسين الوضع التعليمي واالجتماعي والثقافي‪.‬‬
‫‪ -‬البحث عن العمل‪.‬‬
‫‪ -‬متابعة الدراسات العليا‪.‬‬
‫‪ -‬الظفر بشغل وأجر وتعويضات أهم‪.‬‬
‫‪ o‬الحث عن وسط اجتماعي وسياسي وثقافي مناسب‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫‪ -‬تفاقم المشاكل التي تعترض المهاجر المغربي األمي ‪:‬‬
‫‪ o‬القيام باألعمال الشاقة‪.‬‬
‫‪ o‬المعاناة من الميز العنصري‪.‬‬
‫‪ o‬التعرض لهزات نفسية وتفككات اجتماعية‪.‬‬
‫‪ o‬مقاسات العزلة والغربة والتهميش‪.‬‬
‫‪ -‬تعميق االختالفات ا لعرقية والثقافية والحضارية والدينية معاناة المهاجر األمي‪.‬‬
‫‪ -‬نتائج األوضاع المزرية التي يعيشها المهاجر المغربي‪.‬‬
‫‪ o‬المعاناة من االنكماش والتهميش في البلد المستقبل‪.‬‬
‫‪ o‬صعوبة االندماج في البلد األصل‪.‬‬
‫‪-‬‬

‫تلخيص المحتوى الفكري للنص ‪:‬‬

‫يناقش النص حركة هجرة المغاربة إلى البلدان األوربية وأقطار أمريكا الشمالية‪ ،‬وما‬
‫يترتب عن هذه الحركة من مشاكل اجتماعية وهزات نفسية يتعرض لها المهاجرون‬
‫المغاربة ألسباب ذاتية وموضوعية‪ ،‬فمن األسباب الذاتية ما يرتبط بأمية معظم المهاجرين‬
‫وهشاشة تكوينهم األكاديمي‪ ،‬مما يعرضهم للقيام بأعمال شاقة‪ ،‬والتمييز العنصري وتفككات‬
‫أسرية واجتماعية‪ ،‬ومن األسباب الموضوعية ما يقترن بالمجتمع المستقبل ومكوناته‬
‫االجتماعية والسياسية والثقافية والحضارية والدينية‪ ،‬إذ غالبا ما يتعرضون لضغوطات‬
‫اجتماعية كالتهديد بالطرد أو التعرض لممارسات تمييزية وعنصرية ولضغوط سياسية‬
‫كتلك التي تمارسها عليهم الجهات الرسمية من قبيل إخضاعهم لعمليات تفتيش قاسية ومذلة‪،‬‬
‫وإغالق الحدود في وجوههم وتشديد الخناق عليهم‪ ،‬وقد أدى تفاقم هذه المشاكل إلى التفكير‬
‫الجاد في العودة إلى البلد األصل مما قد يطرح مشكال آخر يتعلق بصعوبة االندماج في البلد‬
‫األصل‪.‬‬

‫أنشطة التحليل ‪:‬‬

‫يتمحور معجم النص حول الحقلين الدالليين اتآتيين ‪:‬‬


‫‪42‬‬
‫حقل أسباب الهجرة ‪ :‬البحث عن وضع أفضل‪ ،‬مجال التعليم والدراسة‪ ،‬الظفر بشغل‬
‫وأجر وتعويضات أهم‪ ،‬البحث عن وسط آخر بجميع مكوناته االجتماعية والسياسية‬
‫والثقافية‪ ،‬العمل‪ ،‬متابعة الدراسات العليا‪..‬‬

‫حقل نتائج الهجرة ‪ :‬المشاكل التي أصبحت تعترضه‪ ،‬طبيعة العمل‪ ،‬التهديد بالطرد‬
‫الخضوع لممارسات تمييزية وعنصرية‪ ،‬المشاكل النفسية واالجتماعية‪ ،‬التشدد في تطبيق‬
‫بأعمال شاقة‪ ،‬الخضوع‬ ‫إجراءات التأشيرة‪ ،‬االنعكاسات السلبية للمهاجرين‪ ،‬القيام‬
‫لممارسات عنصرية وتمييزية‪ ،‬التعرض لمتاعب نفسية وتفككات اجتماعية‪ ،‬لهزات نفسية‪،‬‬
‫تفككات اجتماعية‪ ،‬سيقاسي العزلة‪ ،‬سيواجه مشاكل عديدة‪ ،‬االنكماش والتهميش‪ ،‬صعوبة‬
‫االندماج‪.‬‬

‫فبمعاينة هذين الحقلين الدالليين تتضح العالقة السببية القائمة بينهما‪ ،‬كما تتضح‬
‫هيمنة الحقل الثاني قياسا إلى الحقل األول لشد انتباه القارئ إلى تفاقم المشاكل التي تعترض‬
‫المهاجر المغربي‪ ،‬وإقامة األولوية للنتائج على األسباب باعتبار هذه األولوية جزءا من‬
‫المخطط الحجاجي الذي يعتمده الكاتب في النص‪ ،‬ومن معالم هذا المخطط مايلي‪:‬‬

‫‪-‬استخدام الحجة القائمة على التبرير بمساوئ أو مشاكل الهجرة إلقناع المهاجرين‬
‫والجهات الرسمية بالتفكير الجاد في البحث عن حلول لها‪ ،‬ونلمس هذه الحجة في قوله‬
‫الكاتب "لكن المالحظ أن المهاجرين المغاربة صاروا يعيشون مشاكل متفاقمة نشير إلى‬
‫ثالثة منها‪ ،‬هي ‪ :‬القيام بأعمال شاقة‪ ،‬والخضوع لممارسات عنصرية وتمييزية‪ ،‬والعرض‬
‫لمتاعب نفسية وتفككات اجتماعية"‪.‬‬

‫‪ -‬استخدام الحجاج بالنعوت أو اصطياد النعوت المناسبة إلبراز خصوصية القيم‬


‫المرفوضة إنسانيا‪ ،‬كما في قول الكاتب "والخضوع لممارسات تمييزية عنصرية والمشاكل‬
‫النفسية واالجتماعية‪ ،‬عمليات تفتيش قاسية‪ ،‬فهناك سيقاسي العزلة ألن المجتمع الذي‬
‫سيؤوله مجتمع مادي‪" ...‬فالنعوت الوصفية الموظفة في هذه االستشهادات تمنح الكلمات‬
‫الواصفة صفا من األحكام القيمية التي تجعل البلدان المستقية في موضع اتهام وتملي على‬
‫المهاجرين التفكير الجاد في العودة‪.‬‬
‫‪43‬‬
‫‪-‬استخدام الحجاج الشارح ويتجسد في النص في اآلتي ‪:‬‬

‫السرد ‪ :‬استعان الكاتب بسرد األحداث لصنع الحجة القاطعة منذ بداية النص من‬
‫خالل استحضاره لبعض األحداث التي تطلق االتفاق والقبول تحت لواء الحقيقة‪ ،‬كما في‬
‫قول الكاتب "ومعلوم أن هذه العودة قد طرحت منذ سبعينيات القرن العشرين‪ ،‬فمنع أول‬
‫صدمة بترولية عرفها الغرب عام ‪ 1973‬ستشهد البلدان األوربية التي كانت تشغل اليد‬
‫العاملة المغربية‪ ،‬ركودا اقتصاديا تسبب في تصاعد معدل البطالة"‪.‬‬

‫وال يقتصر الكاتب في النص على استحضار الحدث بصيغة السرد بل عززها‬
‫بصيغة أخرى‪ ،‬وهي الحجاج بالمثال‪ ،‬ألن المثال محكي حقيقي يعمل بوصفه عنصرا من‬
‫الدليل وزهو ملزم كاالعتراف ونلمسه في قول الكاتب‪" :‬إن ظروف المهاجر والمشاكل التي‬
‫أصبحت تعترضه في بالد المهجر مثل طبيعة العمل والتهديد بالطرد والخضوع لممارسات‬
‫تمييزية وعنصرية والمشاكل النفسية واالجتماعية ‪."...‬‬

‫‪-‬تب رير المواقف بغاياتها ونجده في سياق تبرير الكاتب أسباب هجرة المهاجرين‬
‫المغاربة إلى الخارج من قبيل األسباب التي تم جردها في حقل أسباب الهجرة‪.‬‬

‫‪ -‬الحجاج بالتأكيد السببي المتكون من مفهوم سببي ومفهوم تأثيري ترطبهما عالقة‬
‫سببية‪ ،‬فكلما زاد حجم السبب ازداد حجم المؤثر بدوره لدفع االستدالل إلى أقصاه كما في‬
‫الفقرة الثانية حسب ما توضحه الترسيمة اتآتية ‪:‬‬

‫سبب = الصدمة البترولية الغربية عام ‪.1973‬‬

‫نتيجة = ركود اقتصادي = سبب‬

‫نتيجة = تصاعد معدل البطالة = سبب‬

‫نتيجة ‪ +‬إغالق البلدان‬

‫األوربية لحدودها في وجه المهاجرين‬

‫‪44‬‬
‫‪ -‬تعزيز الحجة األصلية بمقدمات إضافية قصد تقوية صحتها‪ ،‬ويعني ذلك أن الحجة‬
‫ال تكتمل إال بعد إدراج المقدمات الكافية لتدعيمها‪ ،‬ويتضح ذلك بجالء في إيراد الكاتب حجة‬
‫استدل بها على المعاناة القاسية التي يقاسيها المهاجر المغربي‪ ،‬وذلك في قوله‪" :‬فهناك‬
‫سيعاني العزلة ألن المجتمع الذي سيؤويه مجتمع مادي والمهاجر الذي ال يعرف لغة البلد‬
‫الذي سيقيم فيه‪ ،‬سيواجه مشاكل عديدة نتيجة هذا العامل "ثم عزز هذه الحجة بحجج أخرى‬
‫لمضاعفة قوتها الحجاجية‪ ،‬وهو ما يتضح في قول الكاتب "تضاف إلى ذلك عوامل أخرى‬
‫عرقية وثقافية وحضارية ودينية"‪.‬‬

‫‪-‬توظيف األسلوب التقريري الموجه لإلقناع‪ ،‬وتقديم األفكار إلى القارئ بأسلوب‬
‫اإلخبار مرتبة منقسة تنسيقا بينا دقيقا بعيدا عن صنوف اإليحاء الفني والجمالي الذي قد‬
‫يتسبب في تعتيم داللي قد ال يوحد أفق التلقي لدى القراء‪ ،‬ومن مظاهر األسلوب التقريري‬
‫في النص مايلي ‪:‬‬

‫‪ -‬التنسيق والمنطق في عرض األفكار وتسلسلها في مجرى فكري هادئ‪.‬‬

‫‪ -‬العناية باختيار األلفاظ السهلة الرشيقة الدقيقة األداء‪.‬‬


‫‪ -‬التمادي في التطويل والتفصيل واإلطناب عن طريق العطف والترادف‪.‬‬
‫‪ -‬تنويع أساليب الحجاج ما بين الحجاج بالنعوت والحجاج بالتأكيد السببي‪.‬‬
‫‪ -‬تنويع الروابط الحجاجية المولدة لطاقا حجاجية إضافية في النص‪.‬‬

‫خالصة تركيبية تقويمية للنص ‪:‬‬

‫مكننا النص من مالمسة قضية الهجرة باعتبارها إحدى معضالت المجتمعات النامية‬
‫في المرحلة المعاصرة‪ ،‬وقد تبين أنها قضية اجتماعية بتقاسم أعباؤها البلدان المستقبلة‬
‫والمهاجرون الذين يهاجرون إليها على مضض ألسباب اقتصادية واجتماعية وثقافية‬
‫وسياسية فيتعرضون لهزات نفسية ومشاكل اجتماعية لصعوبة التكيف واالندماج في بلد‬
‫االستقبال والبلد األصل على السواء وقد تمكن الكاتب من طرح هذه القضية بأسلوب‬

‫‪45‬‬
‫تقريري يتسم باستخدام لغة رشيقة دقيقة األداء تجسد بحقليها الدالليين أسباب ظاهرة الهجرة‬
‫ونتائجها وتسعف على بناء األفكار والحجج ضمن مخطط حجاجي تنوعت أساليبه الحجاجية‬
‫ما بين السرد والوصف والتبرير واالستدالل الموسع‪.‬‬

‫وعلى العموم‪ ،‬فإن الكاتب وفق في تشخيص مشكلة الهجرة ورصد حركتها من‬
‫المغرب في اتجاه أوربا وأمريكا الشمالية‪ ،‬وهذا يجعل من النص وثيقة هامة لكل دارس‬
‫مهتم بهذه الظاهرة‪.‬‬

‫نحن والحداثة لألستاذ الدكتور محمد عابد الجابري ‪:‬‬

‫تمهيد ‪:‬‬

‫يؤكد العالم السياسي في "هارفارد" صامويل هنتجتون" الطبيعة المشوشة للحداثة‬


‫فهي بالنسبة إليه عملية تحدث بأبعاد كثيرة‪ ،‬غنها خبرة فردية تغير المجتمعات‪ ،‬تحدث في‬
‫العديد من الميادين المختلفة‪ ،‬اجتماعيا‪ ،‬تعليميا‪ ،‬اقتصاديا‪ ،‬وسياسيا إنها عملية ذات عالقة‬
‫متبادلة وبطيئة جدا تحدث في مراحل مختلف مما يعني أنها عملية معقدة ال يمكن تقليصها‬
‫ببساطة إلى عامل منفرد‪ ،‬وتتطلب تغيرات عملية في كل مناطق فكر وسلوك اإلنسان‪ ،‬على‬
‫أقل تقدير تتضمن مكوناتها التصنيع الحضرنة والحركة االجتماعية والتمايز وتوسع وسائط‬
‫اإلعالم وزيادة التعليم والثقافة والتوسع في المشاركة السياسية‪ ،‬فإذا ما تحققت الحداثة على‬
‫هذا النحو عززت على المدى البعيد سعادة اإلنسان حضاريا ومعنويا وماديا‪.‬‬

‫أنشطة المالحظة ‪:‬‬

‫بتأمل نسيج عنوا النص يتبين أنه يتكون من دالين اثنين‪ ،‬يتعلق أولهما بالجهة الناطقة‬
‫بضمير الجمع المتكلم العائد على األمة العربية‪ .‬ويتعلق اتآخر بمفهوم الحداثة باعتبارها‬
‫ثورة اقتصادية وعلمية مبنية على المالحظة والتجربة وثورة فكرية تعتمد على العقل‪،‬‬
‫وثورة سياسية تراهن على قيم الديمقراطية وحقوق اإلنسان وإذ يؤكد الواقع العربي الراهن‬
‫تعثر العرب في االنتقال من التخلف إلى الحداثة بالمعنى الذي تم تحديده‪ ،‬فإن الرابط "الواو"‬
‫بين ذينك الدالين يقوم بدور إلغائي وإخراجي للعرب من الحداثة مما يستدعي تقديم رؤية‬

‫‪46‬‬
‫عربية لتأسيس حداثة عربية منبثقة من الواقع العربي‪ ،‬فهل سينصرف النص من خالل هذا‬
‫العنوان إلى التنظير لمفهوم حداثة عربية منشودة‪ ،‬وهل سيثابر في تقديم خطة دقيقة‬
‫لتأسيسها من منظور عربي؟‬

‫أنشطة الفهم ‪ :‬يتمحور النص حول األفكار والوحدات الداللية اتآتية ‪:‬‬

‫‪ -1‬انتظام الحداثة الغربية خارج المنظومة الثقافية العربية مثل قدرتها على استقطاب‬
‫هذه المنظومة وتحريكها من داخلها‪.‬‬
‫‪ -2‬ضرورة اإللتزام بتغيير الثقافة العربية من الداخل وتجديد المنهج والرؤية لولوج‬
‫درب الحداثة العربية المأمولة‪.‬‬
‫‪ -3‬الحداثة العالمية والخصوصية وبين المطلق والنسبي‪.‬‬

‫‪-‬نفي الكاتب وجود حداثة عالمية ومطلقة‪.‬‬

‫‪-‬قناعة الكاتب بأن الحداثة ظاهرة تاريخية مقيدة زمانا ومكانا ونطاقا بشروط‬
‫تأسيسها واستمرارها‪.‬‬

‫‪ -4‬تجاوز أوربا مرحلة الحداثة إلى ما بعد الحداثة على نحو تجاوزها لمرحلة‬
‫األنوار والنهضة‪.‬‬
‫‪ -5‬أوجه االختالف بين الحداثة الغربية المنتهية صالحيتها والحداثة العربية‬
‫المنشودة‪.‬‬
‫‪-‬تأسيس الحداثة الغربية على مراحل متعاقبة بدءا من مرحلة النهضة إلى مرحلة‬
‫األنوار‪ ،‬ثم مرحلة الحداثة‪.‬‬
‫‪-‬تداخل مراحل الحداثة العربية وتزامنها‪.‬‬
‫‪ -6‬وجوب ممارسة العقالنية والديمقراطية لتأسيس حداثة عربية قادرة على‬
‫االنخراط بفعالية في الحداثة المعاصرة‪.‬‬
‫‪47‬‬
‫‪ -7‬الحداثة بين الفردي والجماعي‪.‬‬
‫‪-‬حماس دعاة الحداثة ألخذ الحداثة الغربية دور تعديل العتقادهم أن الحداثة خبرة‬
‫فردية تغيير المجتمع بصرف النظر في معطيات الواقع العربي الراهن‪.‬‬
‫‪-‬قناعة الكاتب بأن الحداثة فعل جماعي طالما أن كل خبرة فردية بما تنطوي‬
‫عليه من روح النقد واإلبداع داخل ثقافة ما موجهة إلى عموم الثقافة التي تنبثق‬
‫فيها‪.‬‬
‫‪ -8‬الحداثة رسالة ونزوع جماعي من أجل تحديث الذهنية والمعايير العقلية‪.‬‬
‫‪ -9‬وجوب اتجاه خطاب الحداثة إلى عموم الشعب المتشبع بالثقافة التراثية ليتسنى لها‬
‫أداء رسالتها‪.‬‬
‫‪ -13‬إقرار الكاتب نتيجة نهائية مفادها أن الحداثة هي ممارسة العقالنية‬
‫والديمقراطية والتعامل العقالني النقدي مع جميع مظاهر الحياة العربية‬
‫المعاصرة‪.‬‬

‫تلخيص المحتوى الفكري للنص ‪:‬‬

‫يستهل الكاتب مقالته بدحض أطروحة دعاة الحداثة الغربية الداعية إلى تأسيس حداثة‬
‫عربية منبثقة من الحداثة الغربية لصعوبة استدماجها في المنظومة الثقافية العربية‪،‬‬
‫فانتظامها خارج هذه المنظومة ال يؤهلها للتكيف مع خصوصيتها‪ ،‬مما يشل قدرتها على‬
‫تحريكها من داخلها‪ ،‬ومن تم فإن مشروع تأسيس حداثة عربية مرهون بزعم الكاتب بحداثة‬
‫المنهج وحداثة الرؤية‪ ،‬فالحداثة في رأي الكاتب تتسم بالنسبة باعتبارها ظاهرة تاريخية‬
‫مقيدة زمانا ومكانا ونطاقا بشروط تأسيسها ومدى استمرارها‪ ،‬فالواقع األوربي يؤكد انتهاء‬
‫الحداثة االوربية بانتهاء شروط انبثاقها لمعانقة ما بعد الحداثة‪ ،‬وهذا يعني أن الحداثة‬
‫الغربية صارت في حكم الماضي ودحلت تاريخ النظريات فعلى أي أساس سنقيم الحداثة‬
‫العربية إذا كان األساس الذي قامت عليه في الغرب لم يعد قائما في الواقع األوربي بله‬

‫‪48‬‬
‫العربي‪ ،‬من هنا يرى الكاتب استحالة تأسيس حداثة عربية دون ممارسة الديمقراطية‬
‫والعقالنية‪ ،‬ودون توجيهها ألداء رسالتها على صعيد كل فئات المجتمع‪.‬‬

‫أنشطة التحليل ‪ :‬استطاع الكاتب أن يقدم تصورا واضحا عن الحداثة بواسطة معجم‬
‫متداول في الفكر المعاصر إذ يستمد معظم جهازه المفاهيمي من الحقل الفلسفي دون استثناء‬
‫الحقل ال تاريخي والثقافي والسياسي واإلبداعي والنقدي حسب ما هو واضح في التصنيف‬
‫اتآتي ‪:‬‬

‫مفاهيم الحقل الفلسفي ‪ :‬الحداثة األوربية‪ ،‬حداثة عالمية‪ ،‬الحداثة‪ ،‬حداثة المنهج‪،‬‬
‫حداثة الرؤية‪ ،‬حداثة مطلقة وعالمية‪ ،‬ما بعد الحداث‪ ،‬عصر األنوار عصر النهضة‪،‬‬
‫النهضة واألنوار والحداثة‪ ،‬النهضة واألنوار‪ ،‬العقالنية‪ ،‬الديمقراطية الحداثة المعاصرة‬
‫العالمية‪ ،‬الحداثة العالمية التحديث الذهنية‪ ،‬تحديث المعايير العقلية والوجدانية‪ ،‬خطاب‬
‫الحداثة‪ ،‬العقالنية‪ ،‬الديمقراطية‪..‬‬

‫فالحقل التاريخي ‪ :‬التاريخ الثقافي األوربي‪ ،‬ظاهرة تاريخية‪ ،‬الظواهر التاريخية‪،‬‬


‫تار يخها‪ ،‬انتهت مع نهاية القرن التاسع عشر‪ ،‬زمنية‪ ،‬نهاية القرن التاسع عشر‪ ،‬مراحل‬
‫متعاقبة‪ ،‬متزامنة‪ ،‬المرحلة المعاصرة‪ ،‬تمتد بداياتها إلى ما يزيد عن مائة عام‪.‬‬

‫الحقل الثقافي ‪ :‬الثقافة العربية‪ ،‬ثقافة‪ ،‬الثقافة‪ ،‬الثقافة السائدة‪ ،‬ثقافة تراثية‪...‬‬

‫الحقل السياسي ‪ :‬عموم الثقافة الديمقراطية‪ ،‬واقعنا الراهن‪ ،‬الديمقراطية‪...‬‬

‫حقل اإلبداع ‪ :‬بانبثاق روح النقد واإلبداع‪.‬‬

‫حقل النقد ‪ :‬حوار نقدي‪ ،‬االنتظام النقدي‪ ،‬النقد‪ ،‬التعامل العقالني والنقدي‪.‬‬

‫فبمعاينة هذه الحقول الداللية يتبين هيمنة الحقل الفلسفي في النص قياسا إلى الحقول‬
‫األخرى لشد االنتباه إلى المرجعية الفلسفية المغذية لتنظير الكاتب لمفهوم الحداثة‪ ،‬وتستمد‬
‫هذه المرجعية قيمتها التنظيرية من صدورها عن مفكر قد ترك بصماته الفلسفية في الخطاب‬
‫الفلسفي المعاصر من خلال تصديه للطبيعة المشوشة للحداثة كمفهوم فلسفي يستقطب طائفة‬

‫‪49‬‬
‫من المفاهيم التاريخية والثقافية والسياسية واإلبداعية والنقدية‪ ،‬مما يؤكد أن الحداثة عملية‬
‫معقدة تحدث بأبعاد كثيرة ال يمكن اختزالها في عامل منفرد‪ ،‬وهذا ما تجسده الحقول الداللية‬
‫المتداخلة في النص‪.‬‬

‫‪-‬اتخذ الكاتب األسلوب االستقرائي إطار البناء مفهوم الحداثة‪ ،‬معتمد في ذلك تصميما‬
‫جدليا تدرج فيه عبر المراحل اتآتية ‪:‬‬

‫المقدمة ‪ :‬وفيها استقرء الكاتب رأي دعاة الحداثة العربية ومحصه وأبرز ما به من‬
‫سلبيات غذ أعلال عن اتفاقة الجزئي معهم النتزاع موافقهم على جزء آخر من حجته على‬
‫خصوصية الحداثة ونسبيتها وضرورة انبثاقها من الوضع العربي الراهن‪.‬‬

‫العرض ‪ :‬وفيه ناقش الكاتب القضايا الفرعية اتآتية ‪:‬‬

‫الحداثة بين العالمية والخصوصية وبين المطلق والنسبي‪.‬‬

‫الحداثة الغربية والحداثة العربية‪.‬‬

‫الحداثة بين الفردي والجماعي‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫الخاتمة ‪:‬‬

‫إقرار الكاتب قناعة مفادها أن الحداثة هي أن العقالنية والديمقراطية والتعامل العقالني‬


‫النقدي مع جميع مظاهر الحياة العربية المعاصرة‪.‬‬

‫عمد الكاتب إلى اتباع سيرورة حجاجية من أجل الدفاع عن وجهة نظره والرد على دعاة‬
‫الحداثة الغربية معتمدا في ذلك تصميما جدليا تدرج فيه من األطروحة إلى طرح نقيضها‪.‬‬

‫‪-‬أطروحة الكاتب ‪ :‬لبناء مشروع حداثي يجب للتخطيط لهذا البناء وفق رؤية عربية‬
‫صميمة تستمد مشروعيتها وصالحيتها من عمق الثقافة العربية وليس من الحداثة الغربية‪ ،‬ولقيام‬
‫هذا البناء يدعو الكاتب إلى حداثة المنهج وحداثة الرؤية وممارسة العقالنية والديمقراطية وتحديث‬
‫الذهنية و المعايير العقلية والوجدانية والتعامل العقالني النقدي مع مظاهر الحياة العربية‬
‫المعاصرة‪.‬‬

‫‪-‬األطروحة النقيض ‪ :‬وهي أطروحة دعاة الحداثة الغربية الذين رفضوا االرتماء بين‬
‫أحضان التراث وآثروا الحداثة الغربية بدعوى إنها حداثة عالمية‪ ،‬بوصفها حضورا مستقال يكفي‬
‫ذاته بذاته‪ ،‬دون حاجة إلى التراث‪ ،‬وأن الحداثة موقف فردي أو خبرة فردية تغير المجتمع‪،‬‬
‫ولتفصيل الجدل الدائر بين الكاتب ودعاة الحداثة الغربية نورد الجدول اتآتي ‪:‬‬

‫الموقف النقيض‬ ‫موقف الكاتب‬ ‫القضية الفرعية‬


‫الحداثة بين العالمية ال توجد حداثة عالمية وإنما هناك حداثات الحداثة األوربية حداثة عالمية‬
‫تختلف من وقت تآخر ومن مكان تآخر ومن يمكن تعميمها على كل ال بما‬ ‫والخصوصية‬
‫فيها المجتمع العربي المعاصر‪.‬‬ ‫تجربة تاريخية ألخرى‪.‬‬
‫‪-‬انتظام الحداثة‪ ،‬في نسق ثقافي معين يشل‬
‫قدراتها على االنتظام في شق ثقافي مغاير‪.‬‬
‫الحداثة بين المطلق الحداثة ظاهرة تاريخية مشروطة بظروفها الحداثة العالمية حداثة مطلقة‬
‫بوصفها حضورا مستقال ال يكفي‬ ‫محدودة بحدود زمنية‪.‬‬ ‫والنسبي‬
‫ذاته دونما حاجة إلى التراث‪.‬‬
‫الحداثة بين الفردي الحداثة ليست موقف فرديا ال من حيث الحداثة موقف فردي وتجربة‬
‫ارتباطها بانبثاق روح النقد واإلبداع داخل فردية تغير المجتمع‪.‬‬ ‫والجماعي‬
‫الحداثة تكرس قيمة الفرد من‬ ‫ثقافة ما‪.‬‬
‫حيث هو فرد‪.‬‬ ‫الحداثة ليست موقفا انعزاليا‪.‬‬
‫الحداثة رسالة ونزوع من أجل تحديث‬
‫المجتمع المتشبع بالثقافة التراثية‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫إن براعة الكاتب في الرد على دعاة الحداثة تعود إلى براعته في اختيار الحجج التي‬
‫ساقها إليهم‪ ،‬فهم ليسوا قراء عاديين‪ ،‬وإنما هو مثقفون يرفضون االنغالق على معطيات‬
‫التراث وإحيائه وتمثله ويشكلون اتجاها انقالبيا ال يرى إمكانا للتحديث إال بالتخلي كليا عن‬
‫التراث واال نفتاح على الحداثة الغربية ومجاراتها لذلك تحمل الكاتب عبء إقناعهم بالحجج‬
‫اتآتية ‪:‬‬

‫‪-‬حجة إقصاء الخصم ‪ La disqualification‬ونلمسها في رصد الكاتب الخلل في‬


‫رأي دعاة الحداثة من أجل دحضه وإقصائه وهو ما يتضح من بداية الفقرة األولى إلى‬
‫نهايتها أو في قول الكاتب‪" :‬كال ليست الحداثة موقفا فرديا إال من حيث ارتباطها بانبثاق‬
‫روح النقد واإلبداع داخل ثقافة ما‪ ،‬باعتبار أن النقد واإلبداع كليهما عمل فردي‪ ،‬ولكن مع‬
‫ذلك فهي ليست موقفا انعزاليا‪ ،‬إن الحداثة هي‪ ،‬دوما من أجل عموم الثقافة التي تنبثق فيها‪،‬‬
‫الحداثة رسالة ونزوع من أجل التحديث"‪.‬‬

‫‪-‬الحجة القائمة على المقارنة بين وضع الحداثة الغربية والحداثة العربية ونجدها في‬
‫مطلع الفقرتين الثالثة والرابعة‪.‬‬

‫‪-‬حجة تالزم األشياء ‪ L’argument des inséparables‬ونجدها فيقول الكاتب‬


‫"والعمود الفقري الذي يجب أن تنتظم فيه جميع مظاهرها هو العقالنية والديمقراطية‪...‬‬
‫ونحن نعتقد أنه ما لم تمارس العقالنية‪ ...‬فإننا لن ننجح في تأسيس حداثة‪.‬‬

‫‪-‬حجة الوصف والسرد ‪ L’argument d’description narratif :‬ونلمسها في‬


‫الفقرة الثالثة‪ ،‬ومطلع الفقرة الرابعة إلى قول الكاتب "هي النهضة واألنوار وتجاورهما‬
‫معا"‪.‬‬

‫‪-‬الحاج بالقيم المأمولة وجدها في قفول الكاتب ‪" :‬الحداثة رسالة ونزوع من أجل‬
‫التحديث ‪ :‬تحديث الذهنية وتحديث المعايير العقلية و الوجدانية‪ ...‬وبذلك تؤدي رسالتها"‪.‬‬

‫‪ -‬االستشهاد بالمعطيات التاريخية ‪ :‬ونجدها في قول الكاتب مثال‪" :‬في أوربا يتحدثون‬
‫اليوم عن "ما بعد الحداثة" باعتبار أن الحداثة ظاهرة انتهت مع نهاية القرن التاسع عشر"‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫‪ -‬االستشهاد بالقناعات الخاصة‪ ،‬كما في قول الكاتب‪" :‬الحداثة رسالة ونزوع من أجل‬
‫التحديث"‪.‬‬

‫مظاهر األسلوب الحجاجي في النص ‪:‬‬

‫‪ -‬االستغراق في الجزئيات‪.‬‬
‫‪ -‬التركيز على جزئية تتعلق بمفهوم الحداثة‪.‬‬
‫‪ -‬تحليل الفكرة إلى عناصرها‪.‬‬
‫‪ -‬اإلصرار على معنى معين للحداثة وإهمال بقية المعاني أو إلغاء بعضها بما فيها‬
‫رأي دعاة الحداثة الغربية‪ ،‬وفي هذا اإلطار استخدم الكاتب التعريف المكثف‬
‫حيث اختزل مفهوم الحداثة في تعبير موجز يسهل ترسيخه في ذاكرة القارئ أو‬
‫نقله من متلق إلى آخر ونلمسه في قول الكاتب‪" :‬إنها (الحداثة) قبل كل شيء‬
‫العقالنية والديمقراطية" فهذا التعريف يتخذ شكل شعار من السهل حفظه وتداوله‬
‫بين القراء‪.‬‬
‫‪ -‬استقراء رأي دعاة الحداثة وتمحيصه وإبراز ما به من إيجابيات وسلبيات‪.‬‬
‫‪ -‬إبطال دعوى دعاة الحداثة بإثبات نقيضها‪.‬‬
‫‪ -‬إبراز الخلط بين معاني الحداثة‪.‬‬
‫‪ -‬توظيف الكاتب مهارات التفكير الناقد التي تشمل تحليل الحجج و تقييمها وإقرار‬
‫النتائج المترتبة عن التفسير والتحليل واالستدالل والتقويم‪.‬‬
‫‪ -‬إعادة صياغة المعنى بتحريره ويتضح بجالء في قول الكاتب "وبعبارة أخرى‬
‫الحداثة ظاهرة تاريخية وهي ككل الظواهر التاريخية مشروطة بظروفها لتعزيز‬
‫نتيجة واحدة كما في الفقرة األولى ‪:‬‬
‫‪ -‬االستنتاج بطريقة القياس ونلمسه في قول الكاتب ‪" :‬الحداثة ظاهرة تاريخية‪،‬‬
‫وهي ككل الظواهر التاريخية مشروطة بظروفها محدودة بحدود زمنية‪ ،‬فهي‬
‫نختلف من تجربة ألخرى"‪.‬‬
‫‪ -‬خلق مسلمات عن طريق سياق البرهان كما في المثال السابق‪.‬‬

‫‪53‬‬
‫‪ -‬الوسائل اللغوية التي وظفها الكاتب لتحقيق اإلقناع‪.‬‬

‫النقي ‪ :‬يكثر الكاتب النفي في النص إذ وظف النفي الوصفي والنفي المجالي إلشعال‬
‫التعارض بين أطروحته التي يمررها واألطروحة التي يعترض عليها‪ ،‬فمن النفي الوصفي‬
‫قول الكاتب "والواقع أنه ليست هناك حداثة مطلقة وعالمية" ومن النفي السجالي قول الكاتب‬
‫"فإننا لن ننجح في تأسيس حداثة خاصة بنا"‪.‬‬

‫‪-‬الوكيد ‪ :‬وظف الكاتب الرابط الحجاجي الذي يفيد التوكيد لدفع التردد والشك‬
‫المحتمل لدى القارئ‪ ،‬كما في قوله ‪" :‬إن النهضة" واألنوار" والحداثة ال تشكل عند مراحل‬
‫متعاقبة يتجاوز الالحق منها السابق"‪.‬‬

‫التكرار اللفظي (‪ : )1‬كرر الكاتب طائفة من األلفاظ من قبيل ‪ :‬الحداثة‪ ،‬الثقافة‪،‬‬


‫العقالنية‪ ،‬الديمقراطية‪ ...‬لتلمعيها لما تحمله من معان يحاول التركيز عليها في سياق بنائه‬
‫لمفهوم الحداثة فتحظى باهتمام القارئ وتشد انتباهه إليها‪.‬‬

‫‪ -‬الروابط الحجاجية ‪ :‬وظف الكاتب الروابط الحجاجية المولدة لطاقات حجاجية‬


‫إضافية تغني االستراتيجية الحجاجية التي اعتمدها‪ ،‬ومن أبرزها الرابط "الذي استعمله‬
‫الكاتب في الوضعيات الحجاجية اتآتية ‪:‬‬

‫الوضعية الحجاجية األولى ‪ :‬إن النهضة واألنوار والحداثة ال تشكل عندنا مراحل‬
‫متعاقبة يتجاوز الالحق منها السابق‪ ،‬بل هي عندنا متداخلة متشابكة ضمن المرحلة‬
‫المعاصرة التي تمتد بداياتها إلى ما يزيد عن مائة عام"‪.‬‬

‫الوضعية الحجاجية الثانية ‪ :‬وهما ليستا بضاعة تستورد بل هما ممارسة حسب‬
‫قواعد"‪.‬‬

‫الوضعية الحجاجية الثالثة ‪" :‬فإن خطاب الحداثة فيها يجب أن يتجه إلى القطاع‬
‫األوسع بين المثقفين والمتعلمين بل إلى عموم الشعب"‪.‬‬

‫‪1‬‬
‫‪-‬وظف الكاتب التكرار لتجسيد الفكرة المتسلطة على ذهنه وإبرازها وتقوية داللتها وتحقيق إشباع داللي يشد االنتباه إليها‪.‬‬

‫‪54‬‬
‫فالكاتب أبطل في الوضعية الحجاجية األولى التشابه بين مسار الحداثة الغربية‬
‫والحداثة العربية عندما نفي عن الحداثة العربية المراحل التي قطعتها الحداثة الغربية‪،‬‬
‫وأثبت تداخل النهضة واألنوار والحداثة ضمن المرحلة المعاصرة‪ ،‬مما رفع الحجة الثانية‬
‫واألنوار والحداثة) درجة فوق الحجة األولى‪ ،‬فالكاتب أبطل تعاقب‬ ‫(تداخل النهضة‬
‫المراحل قبل الرابط "بل" وأثبت ضده أي تداخل المراحل مما رفع اإلثبات فوق النفي درجة‬
‫في السلم الحجاجي على النحو اتآتي ‪:‬‬

‫‪-‬تداخل المراحل في الحداثة العربية‪.‬‬

‫‪-‬النهضة واألنوار والحداثة ال تشكل مراحل متعاقبة الالتشابه‬

‫بين الحداثة الغربية والحداثة العربية‪.‬‬

‫كما وظف الكاتب الرابط "بل" في الوضعية الحجاجية الثانية لنفي الجزء األول أو‬
‫إبطاله وإثبات الجزء الثاني بعد ترتيبها صعودا إذا أبطل الطابع التجاري للعقالنية‬
‫والديمقراطية وأثبت أنهما ممارسة حسب قواعد‪ ،‬فالنتيجة أو الدعوى هي ال حداثة بدون‬
‫عقالنية وديمقراطية واألدلة على ذلك عند الكاتب أمران ‪ :‬أولهما عدم قابليتها لالستيراد‪،‬‬
‫واتآخر أن الحداثة هي ممارسة العقالنية والديمقراطية حسب قواعد ووضع الحجة األولى‬
‫في أدنى السلم بالرغم من أهميتها وداللتها القوية على ما ينبغي أن تكون عليه الحداثة‬
‫العربية يؤكد بأن للكاتب حجة أقوى على ذلك فتبوأت قوتها السامية بفضل إيرادها بعد‬
‫الرابط "بل"‪.‬‬

‫وفي الوضعية الحجاجية الثالثة وظف الكاتب الرابط "بل" على جهة الترك لالنتقال‬
‫من درجة دنيا في الحجاج إلى درجة أعلى من غير إبطال‪ ،‬فالكاتب حرص في تأكيده‬
‫للنتيجة (أداء خطاب الحداثة رسالته‪ ،‬على تثبيت الجزأين بعد ترتيبهما صعودا‪ ،‬فيصبح‬
‫الوضع ثبوت األول (وجوب توجيه خطاب الحداثة إلى القطاع األوسع من المثقفين‬
‫والمتعلمين) بوصفه حجة دنيا وزيادة اتآخر لوجوب توجيه خطاب الحداثة إلى عموم‬
‫الناس) فوقه بصوفه الحجة األقوى‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫‪ -‬وظف الكاتب ضمير الجمع المتكلم من أجل إشراك المخاطب في الحكم أو إلعطاء‬
‫الجهة الناطقة أهمية أكبر فضال عن رغبته في خلق التفاعل الحي والمثمر من خالل التكلم‬
‫بصيغة الجماعة م ما يجعله ضربا من الخطاب التحاوري القائم على تقالع البات مع المتقبل‬
‫تفاعل إخصاب وإثمار‪.‬‬

‫خالصة تركيبية تقويمية ‪:‬‬

‫بهذه القراءة المتأنية للنص نكون قد بينا رأي الكاتب في الحداثة ويتلخص في اعتباره‬
‫إياها ظاهرة تاريخية تستمد خصوصيتها من التاريخ الثقافي الذي تنتظم فيه‪ ،‬منتقدا بذلك‬
‫دعاة الحداثة الغربية المنفتحين على الحداثة الغربية والداعين إلى مجازاتها ألنها بالنسبة‬
‫إليهم ح داثة عالمية ومطلقة‪ ،‬وقد ارتكز الكاتب في الرد عليهم على بعض الحقائق التاريخية‬
‫والمعطيات الواقعية‪ ،‬وعلى بعض قناعاته الفلسفية‪ ،‬فهو يعتبر الحداثة نسبية وذات‬
‫خصوصية وفعال جماعيا ورسالة وممارسة صحيحة للعقالنية والديمقراطية‪ ،‬كما ارتكز في‬
‫طرحه لهذه القناعات على النظر العقلي والنهج المنطقي متوسال في ذلك بمعجم متنوع غني‬
‫بالمفاهيم الفلسفية والثقافية والتاريخية والنقدية المجسدة للطبيعة المشوشة والمعقدة للحداثة‪،‬‬
‫فضال عن توظيفه لمهارات التفكير الناقد التي تشتمل على بناء الحجج وتحليلها وتقييمها‬
‫والحكم عليها وإقرار النتائج المترتبة عن التفسير والتحليل واالستدالل والتقويم ضمن‬
‫استراتيجية خطاب تقريري حشد فيه الكثير من األساليب الحجاجية الموزعة ما بين‬
‫التعريف والوصف وجمع المقدمات والمقارنة واالستنتاج بطريقة القياس وغيرها من‬
‫األساليب ذات التوجه الحجاجي سواء ما تعلق منها بالجانب المنطقي أو الجانب اللغوي‬
‫كالنفي والتوكيد والتكرار والروابط المنطقية‪ ،‬أو ما تعلق الجودة البناء وحسن السبك‪ ،‬وإذا‬
‫كان الكاتب قد نجح في بناء مفهوم الحداثة وإدخاله في أفق جديد وبنسف مغاير وشحنه‬
‫بمضامين ومدلوالت فلسفية وسياسية جديدة‪ ،‬وأخضعه ألوضاع ومتطلبات مغايرة لتلك التي‬
‫يتصورها دعاة الحداثة الغربية اإلنقالبيون على التراث‪ ،‬فإنها تأتي له ذلك لما يتمتع به من‬
‫دقة التفكير وحصانة اإلدراك وعمق الثقافة وقوة الحجة‪.‬‬

‫‪56‬‬
‫التواصل فعالية خطابية بواسطة اللغة المشحونة بالقيم االجتماعية واإلنسانية‬
‫والمشاعر الداخلية‬

‫جدلية التواصل لألستاذ الباحث سمير شريف استيتية‬

‫تمهيد ‪:‬‬

‫لقد سقطت الحواجز الفاصلة بين أنساق الرموز المختلفة‪ ،‬ولم يعد من قبيل المجاز ما‬
‫قصده أحد المفكرين العرب بعنوان درسته المثيرة "العين تسمع واألذن ترى "حيث يمكن‬

‫‪57‬‬
‫حاليا تحويل النصوص إلى موسيقى والموسيقى إلى أشكال مرئية وفي هذا الخليط الرمزي‬
‫لهذه "السبائك الرقمية" للوسائط المتعددة يكمن **** ما يتردد على اسماعنا حاليا عن‬
‫تواصل جديد وشيك القدوم‪ ،‬تواصل ما بعد اللغة‪ ،‬وما فوق الكالم‪ ،‬تواصل يقرأ تغير مالمح‬
‫الوجه‪ ،‬وحركةا لعينين ولجلجة الشفاه‪ ،‬ويستشعر الهمس ولمس األنامل‪ ،‬وعما قريب قراءة‬
‫ما يدور في األذهان‪ ،‬في ضوء ما أسفرت عنه بحوث دراسة المخ من وجود خاليا عصبية‬
‫تعمل كمرآة ‪ mirror Neurons‬تعكس لنا ما يدور في ذهن اتآخر‪.‬‬

‫أنشطة المالحظة ‪:‬‬

‫يتأمل نسيج العنوان يتبين أنه يتكون من دالين يشير أولهما إلى العالقة التفاعلية‬
‫القائمة على التأثير والتأثر‪ ،‬فيما يشر الدال الثاني إلى كل فعالية خطابية يتبادل فيها طرفاها‬
‫أو أطرافها المعلومات بواسطة اللغة الناطقة أو الصامتة‪.‬‬

‫وبمالحظة الفقرات األولى والثالثة والرابعة يتضح أن لكل منها معنى متصال بوظيفة‬
‫التواصل‪ ،‬إذ تشير الفقرة األولى إلى الوظيفة االجتماعية للتواصل‪ ،‬فيما تشير الفقرة الثالثة‬
‫إلى وظيفته الجمالية‪ ،‬أما الفقرة الرابعة فتشير إلى وظيفته النفسية‪ ،‬فيكفي الربط بين هذه‬
‫المشيرات للقول في إطار انطباعي إن النص يناقش حقيقة التواصل وماهيته ووظائفه‪.‬‬

‫أنشطة الفهم ‪:‬‬

‫سعى الكاتب إلى بناء مفهوم التواصل من خالل طرحه لألفكار اتآتية ‪:‬‬

‫‪ -‬اللغة بين التواصل واالتصال‪.‬‬


‫‪ -‬الفرق بين االتصال والتواصل‪.‬‬
‫‪ o‬االتصال ارسال من طرف واحد‪.‬‬
‫‪ o‬التواصل فعالية خطابية تقوم على تبادل المعلومات والمشاعر وتمرير‬
‫القيم االجتماعية واإلنسانية‪.‬‬
‫‪ -‬الدور الحاسم للغة في إحداث التواصل اإلنساني‪.‬‬
‫‪58‬‬
‫‪ -‬اتخاذ وسائل اإلعالم وضعية المرسل والمستقبل في نشاطها التواصلي‪.‬‬
‫‪ -‬انخراط اتآداب والفكر في التواصل‪.‬‬
‫‪ o‬استحقاق المفكر شرف هذه الصفة مرهون بمدى تواصله مع المجتمع‬
‫بكافة أطيافه ومهاراته في دراسة بنياته‪.‬‬
‫‪ o‬اتخاذ الروائي الرواية قناة للتواصل مع المجتمع وأداة إلنشاء صورة‬
‫روائية تتيح للقارئ بناء تصور للواقع المجسد في نسق فني جمالي‪.‬‬
‫‪ -‬الحوار الداخلي بين الذات والواقع‪.‬‬
‫‪ o‬الحوار الداخلي صورة من صور التواصل مع الذات‪.‬‬
‫‪ o‬الحوار الداخلي صورة معدلة عن الواقع الذي تحاوره وتقومه وتحاكمه‪.‬‬
‫‪ -‬حقيقة التواصل‪.‬‬
‫‪ o‬متعدد الجهات داخل جهة واحدة‪.‬‬
‫‪ o‬متكرر الحدوث‪.‬‬
‫‪ o‬مكسر الحواجز ومقرب العقول المتباعدة‪.‬‬

‫تلخيص المحتوى الفكري للنص ‪:‬‬

‫يناقش الكاتب حقيقة التواصل وما يتميز به عن االتصال بما يؤديه من وظائف‬
‫اجتماعية وجمالية ونفسية‪ ،‬إذ يرى أن التواصل عملية خطابية تفاعلية بين مرسل ومستقبل‪،‬‬
‫كما في قطاع اإلعالم الذي يتفاعل فيه اإلعالميون مع القارئ بقدر تفاعلهم مع المصادر‬
‫التي يستقون منها مادتهم اإلعالمية‪ ،‬وكذلك بالنسبة للمفكر والروائي فكالهما يسند للتواصل‬
‫وظيفة اجتماعية من خالل الدراسة المعمقة التي يقوم بها األول لبنية مجتمعه‪ ،‬ومن خالل‬
‫سعي الثاني إلى إنشاء صورة روائية من صور التواصل في الحياة تتيح للقارئ بناء تصور‬
‫للواقع المجسد في نسق فني جمالي يضطلع بالوظيفة الجمالية للتواصل‪ ،‬ويرى الكاتب أن‬
‫التواصل قد يتخذ شكل حوار داخلي مشكال بذلك صورة معدلة عن الواقع تتجاوز الكائن‬
‫‪59‬‬
‫وتسشرف ما ينبغي أن يكون مما يعطي للتواصل بعدا نفسيا أو وظيفة نفسية إلى جانب‬
‫تكسيره لمختلف الحواجز بين العقول للتقريب بينهما مهما تباعدت‪.‬‬

‫أنشطة التحليل ‪:‬‬

‫يحضر في النص الحقالن لدالليان اتآتيان ‪:‬‬

‫حقل التواصل وتجسده األلفاظ والعبارات اتآتية ‪:‬‬

‫حقل التواصل وتجسده األلفاظ والعبارات اتآتية ‪ :‬اللغة تواصل‪ ،‬ليس التواصل كذلك‪،‬‬
‫التواصل ينطوي على قدر كبير من القيم االجتماعية واإلنسانية نرسل ونستقبل‪ ،‬المرسل باثا‬
‫ومستقبال‪ ،‬التواصل‪ ،‬مرسلة ومستقبلة‪ ،‬بعيدين عن التواصل مع المفكرين‪ ،‬إحداث تفاعل‬
‫بيننا وبينه‪ ،‬جسور التواصل‪ ،‬صورة من صور التواصل‪ ،‬تواصل متعدد الجهات‪ ،‬سمات‬
‫التواصل‪ ،‬متكرر الحدوث‪ ،‬حقيقة التواصل‪ ،‬يكسر الحواجز‪ ،‬يقرب العقول‪...‬‬

‫حقل االتصال ‪ :‬ال اتصال فقط‪ ،‬االتصال يكفي لحدوثه إرسال من طرف واحد‪ ،‬ال‬
‫االتصال‪ ،‬تستخدم اللغة في اتجاه واحد‪ ،‬البث واإلرسال‪.‬‬

‫فبمعاينة هذين الحقلين الدالليين يتبين هيمنة حقل التواصل على النص لكونه الحقل‬
‫الذي يجسد الفكرة الملحة على ذهن الكاتب ولشد انتباه القارئ إلى أهميته في الحياة‬
‫اإلنسانية وما يضطلع به من وظائف جمة على المستوى االجتماعي واإلنساني والجمالي‬
‫والنفسي‪.‬‬

‫‪-‬تقوم عملية التواصل في النص على ستة مكونات تمثلها ترسيمة التواصل اتآتية‪:‬‬

‫السياق ‪ :‬إبراز أهمية التواصل في الخطاب اللساني‬

‫المرسل إليه‬ ‫الرسالة‬ ‫المرسل‬

‫القارئ المحتمل للنص‬ ‫النص (رؤية الكاتب‬ ‫الكاتب‬

‫‪60‬‬
‫للتواصل اإلنساني ووظائفه‪.‬‬

‫القناة ‪ :‬الورق المطبوع‬

‫السنن ‪ :‬قواعد اللغة واإلمالء والخط‬

‫اتخذ الكاتب استراتيجية خطاب يتسم باألسلوب التقرير الذي يخاطب فكر القراء‬
‫ويوحد فهمهم واختراق أذهانهم بدون حواجز باستخدام العبارات السلسة واأللفاظ السهلة‪،‬‬
‫والتنسيق والمنطق في طرح األفكار وإطالة الجمل الخبرية الموجهة إلى اإلخبار أو اإلبالغ‬
‫والوصف واإلقناع وتتواتر هذه الجمل بكثافة في النص ألنها الجمل التي تتناسب مع منهجية‬
‫الكاتب في بناء مفهوم التواصل وإبراز ماهيته وخصائصه ووظائفه وما يقتضيه هذا البناء‬
‫من شرح وتفسير وتحليل واستدالل وإقرار النتائج المترتبة عن هذه العمليات التي ال تتيحها‬
‫الجمل اإلنشائية‪.‬‬

‫والالفت للنظر في النص أن الكاتب أنتج خطابه الخبري في ثالث درجات من‬
‫التوكيد طبقا الثالثة سياقات ‪:‬‬

‫‪ -1‬الخبر االبتدائي ‪ :‬ونلمسه في قول الكاتب مثال ‪" :‬اللغة تواصل ال اتصال فقط"‪،‬‬
‫إذ لم يستعمل أي نوع من أدوات التوكيد‪ ،‬فقد ألقى الكاتب خطابه بأول درجات‬
‫سوق الخبر دون تأكيد‪ ،‬إذ يكفي لذلك ما يعلمه من أنه واثق من صدق خطابه‬

‫‪61‬‬
‫فهو بمنزلة المسلمات التي يتفق عليها الجميع‪ ،‬وهذا ما جعل خطابه مستغنيا عن‬
‫مؤكدات الحكم‪.‬‬
‫‪ -2‬الخبر الطلبي ‪ :‬ونجده في قول الكاتب مثال ‪" :‬إذ قبل ذلك كله ينشئ صورة‬
‫روائية فألقى الخبر هنا إلى القارئ مؤكدا له بأنه ليس لديه وقت التلفظ بالخطاب‬
‫شك في سعي الروائي إلى إنشاء صورة روائية تتيح للقارئ بناء تصوره للواقع‬
‫قبل سعيه إلى التعبير عن أفكاره‪ ،‬وتوكيد الخطاب بالمؤكد "إن سوف يحفز‬
‫القارئ إلى الوثوق أكثر من صدق خطابه فهو يتحدث من منطلق يقينه المعرفي‬
‫إلزالة الشك والتردد المحتمل لدى القارئ قصد الوصول إلى ذهنه بدون حواجز‪.‬‬
‫‪ -3‬الخبر اإلنكاري ونعاينه في قول الكاتب ‪" :‬إنه ليكسر الحواجز مهما تكن" ففي‬
‫هذا الخطاب يؤكد الكاتب وظيفة أخرى للتواصل تتمثل في كسر كل الحواجز‬
‫المعيقة للتواصل بين العقول ولذلك استعمل أداتي توكيد ‪ :‬إن والالم المؤكدة‬
‫ليثبت للقارئ اضطالع التواصل بهذه الوظيفة‪ ،‬إذ قد ينكر القارئ ذلك أو هكذا‬
‫يتصور الكاتب أن القارئ قد يكون منكرا لهذه الوظيفة‪ ،‬فعزز خطابه بمؤكدين‬
‫لدحض الجحود واإلنكار المحتمل لديه واختراق ذهنه‪.‬‬

‫‪-‬يهيمن في النص الفعل المضارع ألنه بتناول القضايا أو األحداث أو الوقائع‬


‫الحاضرة مع الرجوع أحيانا إلى يتصل بها من الماضي (انظر الفقرة الرابعة مثال)‪.‬‬

‫‪ -‬تتآزر في النص عدة أساليب في إبراز طابعه الحجاجي‪ ،‬ولعل أبرزها استخدام‬
‫الكاتب األسلوب االستنباطي والخبري والتقريري والحجاجي بهدف تحقيق اإلقناع وتبرز‬
‫معالم األسلوب الحجاجي في النص في اتآتي ‪:‬‬

‫‪+‬التحكم في األفكار وحسن تناولها وتنظيمها‪.‬‬

‫‪+‬استخدام أساليب الشرح والتفسير كالتعريف والوصف والمقاربة وضربا ألمثلة‪ .‬أو‬
‫تنويعها‪.‬‬

‫‪+‬التدرج المنطقي في استخالص النتائج واالستغراق في بناء الحجج‪.‬‬

‫‪62‬‬
‫‪ -‬إثارة السؤال الصحيح في الوقت المناسب لجعل القارئ يجيب في االتجاه الذي‬
‫يرسمه السؤال‪ ،‬وال يجعله مجرد شاهد بل هو معني بما يقال‪ ،‬ونلمس هذا األسلوب في قول‬
‫الكاتب " وأني يتأتى له ذلك‪ ،‬إذا لم يكن على صلة وثيقة بهذا المجتمع فالكاتب استعمل هذا‬
‫السؤال بنية النفي أو االستبعاد‪ ،‬أي أنه يستبعد أن يتقلد المفكر هذه الصفة إذا لم يعانق‬
‫مجتمعه‪ ،‬توظيف الروابط الحجاجية لتوليد طاقات حجاجية إضافية ومن أبرزها الروابط‬
‫اتآتية ‪:‬‬

‫‪+‬روابط السببية ‪ :‬استخدام الكاتب هذا النوع من الروابط لتبرير حجة سابقة كما في‬
‫قوله‪" :‬اللغة تواصل ال اتصال فقط‪ ،‬والفرق بينهما كبير أن االتصال يكفي لحدوثه إرسال‬
‫من طرف واحد"‪.‬‬

‫‪ -‬روابط المقابلة ‪ :‬ومن أبرزها الرابط بل كما في قول الكاتب "وال تستقيم الحياة‬
‫من طرف واحد‪ ،‬بل البد من أن نتبادل مع اتآخرين مشاعرهم‪."...‬‬
‫‪ -‬روابط الترتيب ‪ :‬ومنها الرابط قبل الذي عمل على ترتيب الحجج بحسب أهميتها‬
‫كما في قول الكاتب "إنه قبل ذلك ينشيء صورة روائية من صور التواصل في‬
‫الحياة"‪.‬‬
‫‪ -‬روابط اإلضافة ‪ :‬استخدم الكاتب هذا النوع من الروابط في سياق الجمع بالواو‬
‫بين الحجج المتساندة لتعزيز نتيجة واحدة كما في قوله ‪" :‬إنه ليكسر الحواجز‬
‫مهما تكن ويقرب العقول‪."...‬‬
‫‪ -‬روابط االستنتاج ‪ :‬ساق الكاتب بعض هذه الروابط في سياق استنتاج حجة جديدة‬
‫من حجة سابقة كما في استخدامه للرابط "إذا" في قوله ‪" :‬من سمات التواصل إذا‬
‫أنه متعدد الجهات متكرر الحدوث‪."...‬‬

‫أنشطة التركيب ‪:‬‬

‫‪63‬‬
‫مكننا النص أتاح لنا من معرفة ماهية التواصل وحقيقته ووظائفه‪ ،‬وقد نبين أن‬
‫التواصل يتميز عن االتصال بما يؤديه من وظائف اجتماعية وجمالية ونفسية‪ ،‬استفاض‬
‫الكاتب في شرحها بواسطة معجم استمده من حقلي االتصال والتواصل‪ ،‬موظفا في ذلك لغة‬
‫تتسم بالمباشرة والتقريرية فضال عن استخدامها بعض األساليب الحجاجية بصورها‬
‫المنطقية واللغوية‪ ،‬ومنها التحكم في األفكار وحسن تناولها وتنظيمها واستخدام الروابط‬
‫الحجاجية والجمل الخبرية الموجهة إلى اإلبالغ والوصف واإلقناع‪.‬‬

‫وباختصار شديد فقد نجح لكاتب في بناء مفهوم التواصل وتقديم صورة واضحة عنه‬
‫بالقدر الذي يجعل النص مرجعا لكل دارس مكب على فحص سماته‪ ،‬ودراسة أشكاله‬
‫ووسائله ووظائفه‪.‬‬

‫سمات اإلبداع لعبد الرحمان عيسوي ‪:‬‬

‫أنشطة المالحظة ‪:‬‬

‫بتأمل نسيج العنوان يتبين أنه مركب إضافي يتكون من دالين‪ ،‬يشير أولهما إلى‬
‫مجموع الصفات والخصائص المميزة لمفهوم ما‪ ،‬فيما يشير الدال الثاني إلى اإلبداع‬
‫باعتباره مفهوما داال على اإليجاد والخلق واالبتكار وإنتاج الجديد في مختلف المجاالت‬
‫العلمية والفنية‪ ،‬وقد أكسبت اإلضافة في العنوان الدال األول وظيفة وصفية‪ ،‬إذ يصف‬
‫اإلبداع بأن له سمات تقوي إحساس القارئ بأن الكاتب سيستثمرها في بناء مفهوم اإلبداع‬
‫بواسطة التعريف بالخصائص‪.‬‬

‫وبمالحظة بدايات فقرات النص نستنتج مجموع الخصائص التي يتميز بها اإلبداع‪،‬‬
‫وهي تجاوزه للمحاكاة‪ ،‬وتعدد مجاالته‪ ،‬وتنوع مراحله ووظائفه واستعصاؤه على العلماء‪.‬‬

‫‪ -1‬فيكفي الربط بين هذه المشيرات للقول في إطار انطباعي إن النص يسعى لتشييد‬
‫تعريف شارح لإلبداع باستعمال النعوت الشارحة‪.‬‬

‫‪64‬‬
‫‪-2‬فيكفي الربط بين العنوان وهذه المشيرات للقول إن عالقتها به عالقة شرح‬
‫وتفسير‪.‬‬

‫أنشطة الفهم ‪:‬‬

‫يناقش النص مفهوم اإلبداع وما يتصف به من سمات وخصائص‪ ،‬أبرزها قدرته‬
‫على تجاوز المحاكاة والتأليف بين عناصر سابقة في صورة تأليفية جديدة‪ ،‬فضال عن تعدد‬
‫مجاالته بما فيها مجال العلم والفكر والفن والسلوك‪ ،‬وهو في كل هذه المجاالت يلبي‬
‫حاجيات الناس ويحل مشكالتهم بعد انتقاله من مرحلتي التحضير واإلشراق إلى مرحلة‬
‫التحقق واإلنبثاق‪ ،‬ولعل تدرج اإلبداع من هذه المراحل هو ما جعله عملية شديدة التعقيد‬
‫تستلزم مزيدا من البحث والدراسة‪ ،‬وقد أفضى بحث الكاتب في خصائص اإلبداع إلى تأكيد‬
‫قناعة مفادها أن اإلبداع رهين بمجموعة من الشروط الذاتية والمجتمعية التي توفر له‬
‫إمكانات الظهور والتحقق‪.‬‬

‫أنشطة التحليل ‪:‬‬

‫يتوزع النص الحقالن الدالليان اآلتيان ‪:‬‬

‫الحقل العلمي ‪ :‬فمخترع اتآلة البخارية‪ ،‬ميدان العلم ابتكار الفروض العلمية‪ ،‬القوانين‬
‫والنظريات التي تفسر الظواهر العلمية‪ ،‬معلومات وحقائق إسحاق نيوتن‪ ،‬قانون الجاذبية‪،‬‬
‫التأمل والدراسة لجميع ظواهر الطبيعة‪ ،‬العلماء‪ ،‬تحليال علميا دقيقة‪ ،‬وسائل العلم‪ ،‬الحقيقة‬
‫العلمية‪.‬‬

‫الحقل الفني ‪ :‬الفنان التشكيلي‪ ،‬لوحته الفنية‪ ،‬الشاعر‪ ،‬شعره مجال األدب‪ ،‬ابتداع‬
‫المعاني والصيغ واألشكال الجميلة‪ ،‬الشعر والشعراء‪ ،‬قصائدهم‪.‬‬

‫فبمعاينة هذين الحقلين الدالليين يتبين تآزرهما في تجسيد خصائص اإلبداع‪ ،‬ومن ثم‬
‫فإن العالقة بينهما عالقة تكامل‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫يمتاز التعريف في النص بكونه تعريفا اختياريا وشخصيا يتخذه الكاتب مجرد مشير‬
‫للفكر لدفع القارئ إلى تشييد في ال وعيه التعريف الحقيقي لمفهوم اإلبداع‪ ،‬وما يميز هذا‬
‫النوع من التعريف هو استعمال النعت الواصف حتى يسهل عملية تجميعه من قبل القارئ‪،‬‬
‫فمن النعوت الواصفة لمفهوم اإلبداع مايلي‪" :‬ليس اإلبداع مجرد محاكاة لشيء موجود"‪ ،‬وال‬
‫يمكن أن يكون اإلبداع مجرد محاكاة للطبيعة‪ ،‬أو تصويرا لحقائقها ووقائعها وأحداثها‪،...‬‬
‫"ليس من الضروري أن تكون جميع عناصر الشيء المبدع جديدة كل الجدة" فالالفت في‬
‫هذه التعريفات لمفهوم اإلبداع أنها تشتمل على شرح لهذا المفهوم بالخصائص السلبية‪،‬‬
‫وحتى ال يبقى هذا الشرح ضبابيا فإن الكاتب عززه بشرح آخر مشتمل على الخصائص‬
‫اإليجابية لمفهوم بالخصائص السلبية‪ ،‬وحتى ال يبقى هذا الشرح ضبابيا فإن الكاتب عززه‬
‫بشرح آخر مشتمل على الخصائص اإليجابية لمفهوم اإلبداع ومنها قوله‪" :‬هو اكتشاف‬
‫لعالقات ووظائف جديدة"‪ ،‬هو خالق شيء مغاير" قد يكون اإلبداع عبارة عن تأليف جديدة‬
‫ألشكال قديمة"‪.‬‬

‫فالظاهر من هذه التعريفات أن الكاتب لم يرتجلها‪ ،‬بل حاول إعدادها دون أن تكون‬
‫مثقلة بما يعيق عملية جميعها من قبل القارئ‪ ،‬وقد راح الكاتب بكل ثقة واقتدار بيني مفهوم‬
‫اإلبداع من خالل انتقائه للكلمات أو التعريفات أحيانا‪ ،‬وتأويله أحيانا أخرىمع استعمال‬
‫النعوت الواصفة واالستفاضة في المناقشة معتمدا في ذلك بناء منهجيا محكما أدرج فيه عبر‬
‫المراحل اتآتية ‪:‬‬

‫الطرح " طرح الكاتب منذ البداية ماهية اإلبداع مبرزا خصوصيته المتمثلة في‬
‫قدرته على االبتكار والتجديد‪.‬‬

‫المناقشة ‪ :‬استفاض الكاتب في شرح سمات اإلبداع محددا إياها في تجاوزه للمحاكاة‪،‬‬
‫وتأليفه بين عناصر سابقة في صور جديدة‪ ،‬وتعدد مجاالته فيها مجال العلم والفكر والفن‬
‫والسلوك‪ ،‬باإلضافة إلى بعده الوظيفي المتمثل في تلبية **** الناس مشكالتهم فضال عن‬
‫كونه عملية شديدة التعقيد‪ ،‬تستلزم مزيدا من البحث والدراسة‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫اإلستنتاج ‪ :‬وفيه خلص الكاتب إلى كون اإلبداع محكوما بمجموعة من الشروط‬
‫الذاتية والمجتمعية التي توفر له إمكانات الظهور واإلنبثاق والتحقق‪.‬‬

‫وإذا كان لهذا البناء المنهجي دور بارز في تنظيم الخطاب الحجاجي في النص‪ ،‬بما‬
‫يساهم في تحقيق اإلقناع بأهمية اإلبداع في حياة اإلنسان‪ ،‬فإن للحجج الموظفة فيه دورا‬
‫أبرز لجعلها تتكامل معه ضمن المخطط الحجاجي الذي اختاره الكاتب ومنها الحجج اتآتية‪:‬‬

‫‪ +‬االستشهاد بالتاريخ ونلمسه في قول الكاتب ‪" :‬فمخترع اتآلة البخارية لم يخترع‬
‫البخار‪."...‬‬

‫‪+‬االستشهاد بالمعطيات الفنية ونجده في قول الكاتب ‪" :‬والفنان التشكيلي ال يخترع‬
‫األلوان أو المادة التي رسم عليها لوحته الفنية‪."..‬‬

‫‪+‬االستشهاد معطيات علمية وتعاينه في قول الكاتب "فإسحاق نيوتن مثال‪ ،‬لم يهتد‬
‫فجأة إلى قانون الجاذبية ألنه شاهد تفاحة وهي تسقط في حديقة منزله‪."...‬‬

‫‪+‬االستشهاد بالقناعات الخاصة من قبيل "ليس اإلبداع مجرد محاكاة لشيء موجود"‪.‬‬

‫‪+‬استخدام الحجة السلطة وتتمثلها في قول الكاتب ‪" :‬الحقيقة العلمية أن التفكير‬
‫اإلبداعي‪ ،‬كغيره من ضروب التفكير البد له من دوافع تشيره‪."...‬‬

‫‪+‬الحجة القائمة على التبرير بمحاسن اإلبداع إلقناع القارئ بقيمة اإلبداع بالنسبة إلى‬
‫اإلنسان ونلمسها في قول الكاتب ‪" :‬واإلبداع هو المسؤول عما وصلت إليه البشرية من‬
‫حضارات ومدنية ورقي عبر تاريخها الطويل "كما نلمسها في قول كالتب ‪" :‬يضاف إلى‬
‫ذلك أن اإلبداع الفني فيه متعة وسعادة نفسية وروحية للناس‪ ،‬فضال عما له من أثر في‬
‫إرهاف إحساسهم وتنمية أذواقهم ومشاعرهم ومشاعرهم"‪.‬‬

‫‪+‬الحجة القائمة على المنطق السببي ‪ :‬ونجدها في قول الكاتب‪" :‬فلوال االبتكار لبقيت‬
‫الحياة على صورتها البدائية حتى يومنا هذا"‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫‪+‬الحجة القائمة على المثال ‪" :‬والشاعر ال يخترع حروف اللغة التي يكتب بها‬
‫شعره"‪.‬‬

‫‪+‬الحجة القائمة على المقارنة ونعاينها في قول الكاتب ‪" :‬وعملية اإلبداع واحدة‬
‫سواء كانت في ميدان العلم‪ ...‬أو كانت في مجال األدب وابتداع المعاني والصيغ واألشكال‬
‫الجميلة"‪.‬‬

‫أن تتواتر هذه الحجج وغيرها في النص يؤكد أن للنص وظيفة إقناعية فضال عن‬
‫وظيفته التفسيرية‪.‬‬

‫اتخذ الكاتب األسلوب االستنباطي إطارا لبناء مفهوم اإلبداع‪ ،‬وتتجلى معالمه في‬
‫انطالقه من قناعة مفادها أن اإلبداع هو القدرة على االبتكار والتجديد‪ ،‬ثم فصل هذه القناعة‬
‫في أفكار جزئية شارحة‪ ،‬مستدال عليها بأمثلة وأدلة‪ ،‬وتتلخص هذه األفكار في اتآتي‪:‬‬

‫‪ -‬اتصاف اإلبداع بكونه تجاوزا للمحاكاة وتأليفا بين عناصر سابقة في صور‬
‫جديدة‪.‬‬
‫‪ -‬تعدد مجاالت اإلبداع اإلنساني لتشمل العلم والفكر والفن والسلوك‪.‬‬
‫‪ -‬تميز اإلبداع بالوظيفة‪ ،‬إذ يروم تلبية الحاجات وحل المشكالت‪.‬‬
‫‪ -‬اإلبداع عملية شديدة التعقيد‪ ،‬تستلزم مزيدا من البحث والدراسة‪.‬‬
‫‪ -‬تأكيد الكاتب على الحقيقة العلمية التي مفادها أن اإلبداع رهين بمجموعة من‬
‫الشروط الذاتية والمجتمعية التي توفر له إمكانات الظهور والتحقق‪.‬‬

‫أنشطة التركيب والتقويم ‪:‬‬

‫بهذه القراءة المتأنية للنظر نكون قد بينا رأي الكاتب في اإلبداع‪ ،‬ويتخلص في‬
‫اعتباره إياه مفهوما يعين ظاهرة مميزة ترتبط بالنشاط الذهني لإلنسان‪ ،‬وقدرته على‬
‫االبتكار والتجديد‪ ،‬وقد سعى الكاتب إلى اقتسام أفكاره حول اإلبداع مع القارئ باستعماله‬
‫معجما استمده من الحق ل العلمي والحقل الفني إلغناء المفهوم الذي رام بناءه معتمدا في ذلك‬
‫األسلوب االستنباطي إطارا لهذا البناء وهو ما دفع به إلى توظيف مسلسلة من الحجج‬

‫‪68‬‬
‫المتساندة والمعاندة إلقناع القارئ بتصوره لمفهوم اإلبداع‪ ،‬فضال عن استخدامه الوسائل‬
‫المنطقية واللغوية لدعم تصوره معززا هذه الوسائل ببعض اإلجراءات الخطابية كالتنسيق‬
‫والمنطق في عرض األفكار‪ ،‬واختبار الجمل الخيرية‪ ،‬وتوظيف اللغة التقريرية‪ ،‬باإلضافة‬
‫إلى الحرص على اتساق النص بآليات الربط المعنوي واللفظي واإلحالي‪.‬‬

‫وخالصة الوقل فإن الكاتب اجتهد كثيرا وأصاب بقدر ما اجتهد في طرح تصور‬
‫واضح ومفصل لمفهوم اإلبداع بالقدر الذي يجعل النص مرجعا لكل دارس مهتم بهذا‬
‫المفهوم‪.‬‬

‫أخي اإلنسان للشاعر األردني "عيسى الناعوري"‪.‬‬

‫‪69‬‬

You might also like