Professional Documents
Culture Documents
دعوى فناء النار المنسوبة لابن تيمية
دعوى فناء النار المنسوبة لابن تيمية
( )1دفع شبه من شبه وتمرد ص ،58وانظر :التوفيق الرباني لجماعة من العلماء ص.29
()2انظر :دفع شبه من شبه وتمرد ص.59
()3انظر :السيف الصقيل ،حاشية الكوثري ص ،24الفتاوى الحديثية البن حجر الهيتمي ص.116
()4انظر :المقاالت للكوثري ص ،439 - 437تأنيب الخطيب له ص.109
()5فتح الباري البن حجر ،422/11وانظر :الفتوحات اإللهية للجمل .425/2
()6انظر :لالستزادة المقاالت للكوثري ص ،415 ،396المقاالت السنية للحبشي ص.15
المسألة إلى ثالثة أقوال:
األول :القائلون بأنه يقول بفناء النار ،وهذا قول عامة مناوئيه ،وهو قول بعض
من يوافقه في االعتقاد ،ويثني عليه في المسائل األخرى( ،)1وقد قال الصنف
الثاني بهذا القول ومالوا إليه تأثرا ً بأقوال المناوئين ،وقوة عرضهم للمسألة،
وصاحب ذلك عدم بحث وتدقيق وتحقيق لهذه المسألة في كتب شيخ اإلسالم في
مظانها وغير مظانها.
الثاني :القائلون بأنه ال يقول بفناء النار ،وأنه يرى خلودها كالجنة؛ اعتمادا ً
على أن هذا قول السلف ،وهو يقول به؛ إذ هو يعد من أكبر شراح عقيدة
السلف ،هذا إضافة إلى اعتمادهم على نصوص من كتب ابن تيمية رحمه هللا
تثبت أبدية النار.
وكذلك :عدم وقوفهم على نصوص أخرى تقابل هذه النصوص في أنه يرى
فناء النار ،ولو ذُكر لهم بعض النصوص المجملة المتشابهة لشككوا في داللتها
على المراد ،أو في صحة نسبتها إلى ابن تيمية رحمه هللا(.)2
الثالث :وقالت طائفة ثالثة بأن ابن تيمية رحمه هللا يميل إلى القول بفناء النار،
لكنه ال يصرح بذلك ،وقالوا بهذا القول لما وقفوا على بعض أقوال له رحمه هللا
ال تنص على فناء النار ،إال أن مجمل الكالم يشعر بأنه يرتضي هذا القول،
وإن لم يصرح به ،مع وقوفهم على أقوال له أخرى تدل على أنه يرى أبدية
النار ،فخرجوا بهذا القول ويرون أنه وسط بين األقوال وهو الحكم بميل ابن
تيمية رحمه هللا إلى القول بفناء النار(.)3
وسيركز البحث هنا على استقراء النصوص الواردة عن شيخ اإلسالم ابن
تيمية رحمه هللا حول هذه المسألة من كتبه ،سواء أكانت نصوصا ً تشعر بالقول
بفناء النار ،أم النصوص الصريحة في عدم فناء النار ،ثم دراسة داللة هذه
النصوص.
وتنقسم هذه النصوص إلى قسمين:
أ -نصوص يستدل بها القائلون بأنه يقول بفناء النار ،أو يميل إلى القول به.
ب -ونصوص يستدل بها القائلون بأن ابن تيمية رحمه هللا يرى أبدية النار
موافقا ً بذلك أئمة المسلمين في القول الصواب في هذه المسألة.
فأما القسم األول من هذه النصوص :فمنها قوله رحمه هللا( :لم أجد نقالً
( )1انظر :على سبيل المثال :رفع األستار للصنعاني ص ،63الحجة في بيان المحجة لألصبهاني
حاشية التحقيق لمحمد أبو رحيم .263/2
( )2انظر :بيان تلبيس الجهمية حاشية ابن قاسم ،157/1كشف األستار للحربي ص 6وأغلب
الرسالة ،شبهات أهل الفتنة لدمشقية ص.479
( )3انظر :لوامع األنوار البهية للسفاريني ،235/2الجنة والنار لعمر األشقر ص.44
مشهورا ً عن أحد من الصحابة يخالف ذلك ،بل أبو سعيد وأبو هريرة هما رويا
حديث ذبح الموت ،وأحاديث الشفاعة ،وخروج أهل التوحيد ،وغيرهما ،قاال
في فناء النار ما قاال)( ، )1وقال رحمه هللا( :لكن إذا انقضى أجلها ،وفنيت كما
تفنى الدنيا ،لم يبق فيها عذاب)(.)2
وقال( :وحينئذ ،فيحتج على فنائها بالكتاب والسنة ،وأقوال الصحابة -مع أن
القائلين ببقائها ليس معهم كتاب ،وال سنة ،وال أقوال الصحابة. )3()..
وقال( :ليس في القرآن ما يدل على أنها تفنى ،بل الذي يدل عليه ظاهر القرآن
أنهم خالدون فيها أبدا ً .)4() ...
وقال -أيضا ً ( :-أحدها :أن هللا أخبر ببقاء نعيم الجنة ودوامه ،وأنه ال نفاد له
وال انقطاع في غير موضع من كتابه ،كما أخبر أن أهل الجنة ال يخرجون
منها ،وأما النار وعذابها فلم يخبر ببقاء ذلك ،بل أخبر أن أهلها ال يخرجون
منها.
الثاني :أنه أخبر بما يدل على أنه ليس بمؤبد في عدة آيات.
الثالث :أن النار لم يذكر فيها شيء يدل على الدوام)(.)5
وقال -أيضا ً ( :-فإذا قدر عذاب ال آخر له ،لم يكن هناك رحمة ألبته)(.)6
ويالحظ في هذه النصوص أنها جميعا ً منقولة من كتاب واحد فقط ،وهو (الرد
على من قال بفناء الجنة والنار) ،ويالحظ -أيضا ً -من قراءة الكتاب أن ابن
تيمية رحمه هللا كان يظن صحة اآلثار الواردة عن بعض السلف في فناء النار،
ولذا حاول توجيه داللة اآليات القرآنية ،واألحاديث النبوية إلى معنى اآلثار
التي ظن رحمه هللا صحتها.
وأما القسم الثاني من هذه النصوص :وهي التي وافق فيها ابن تيمية رحمه هللا
القول الصواب في المسألة ،وهو القول بأبدية النار ،وعدم فنائها فمنها(:)7
()1مجموع فتاوى ابن تيمية ،307/18وقد نقل النص نفسه ابن تيمية رحمه هللا في بيان تلبيس
الجهمية .581/1
()2المية ابن تيمية (ضمن شرحها الآلليء البهية للمرداوي ص. )107
()3مراتب اإلجماع ص ،173وبهامشه نقد مراتب اإلجماع البن تيمية.
()4منهاج السنة النبوية .146/1
()5بيان تلبيس الجهمية .153 - 152/1
بعد استقرار أهل الجنة في الجنة ،وأهل النار في النار ،قال رحمه هللا( :ثم
أخبر ببقاء الجنة والنار بقاءا ً مطلقاً ،ولم يخبرنا بتفصيل ما سيكون بعد
ذلك.)1()..
- 6نقل رحمه هللا عن األشعري (ت 324 -هـ) الخالف في أفعال هللا هل لها
آخر أم ال آخر لها؟ وقد ذكر األشعري (ت 324 -هـ) رحمه هللا قول الجهمية
في هذه المسألة وهو قولهم بأن لها آخراً ،وهذا هو الذي بنوا عليه مذهبهم في
أن الجنة والنار تفنيان ،ويفنى أهلهما ،حتى بيقى هللا -سبحانه -آخرا ً ال شيء
معه ،ثم قال بعد ذلك:
(وقال أهل اإلسالم جميعاً :ليس للجنة والنار آخر ،وإنهما ال تزاالن باقيتين،
وكذلك أهل الجنة ال يزالون في الجنة يتنعمون ،وأهل النار ال يزالون في النار
يعذبون ،وليس لذلك آخر)( ،)2وقد نقل هذا النص ابن تيمية رحمه هللا مقرا ً له
ومؤيداً ،ولم يتعقبه ،أو يرد عليه فدل على أنه يرى ما يراه أهل اإلسالم
جميعا ً(. )3
- 7نقل ابن تيمية رحمه هللا عن ابن خفيف( )4رحمه هللا من كتابه (اعتقاد
التوحيد بإثبات األسماء والصفات)( )5نقوالً كثيرة في الفتوى الحموية( ،)6وقد
نقل عنه مرتضيا ً كالمه قوله( :ونعتقد أن هللا خلق الجنة والنار ،وأنهما
مخلوقتان للبقاء ال للفناء)(.)7
َيءٍ هَا ِل ٌك ِإ َّال َو ْج َههُ} [القصص:
عز وجلُ { :ك ُّل ش ْ
- 8نقل في تفسير قول هللا ّ
]88قول الضحاك -مرتضيا ً له -في أن كل شيء يهلك إال هللا والجنة والنار
والعرش(.)8
فرق رحمه هللا بين الكفار ،وعصاة المؤمنين في المآل ،فالكفار محلهم ّ -9
النار ،وال يخرجون منها ،وأما عصاة المؤمنين فيدخلون النار ،ثم يخرجون
من النار ،قال رحمه هللا( :ومما يبين الفرق -أيضا ً -أنه -سبحانه -قال هناك:
{وأ َ َعدَّ لَ ُه ْم َعذَابا ً ُم ِهيناً} [األحزاب ، ]57 :والعذاب إنما أعد للكافرين؛ فإن
َ
()1حاولت بالبحث والسؤال معرفة تاريخ تأليف ابن القيم كتابيه (شفاء العليل ،وحادي األرواح) ،فقد
نقل أغلب المواضع من كتاب ابن تيمية في هذه المسألة ،وذكر أن له مصنفا ً مشهوراً ،فلو كان
ألفهما في مرحلة مبكرة لكان ذلك دليالً على أن تأليف كتاب ابن تيمية كان -أيضا ً -في مرحلة
مبكرة؛ ألنه لم ترد أية معلومات عن تاريخ تصنيف ابن تيمية رحمه هللا كتابه في هذه المسألة.
()2انظر :مقدمة األلباني في كتاب رفع األستار للصنعاني ص.25
()3ومن قال بأن القول بفناء النار كفر ال يسلم له ،فإن هذه المسألة فيها اشتباه ،اشتبهت على بعض
العلماء ،وقالوا بفناء النار ،واستندوا إلى آثار ،فاجتهدوا في هذه المسألة ،وإن كانوا مخطئين
لكنهم ال يكفرون بذلك( ،السيما وأن هذا القول نسب إلى بعض الصحابة والتابعين) .
()4انظر :إيثار الحق على الخلق البن الوزير ص ،203مقدمة األلباني لكتاب رفع األستار للصنعاني
ص.32 - 21