Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 8

‫حكمة‬

‫حوارات › حوار مع جودث بتلر‪ :‬حول ترمب‪ ،‬والفاشية‪ ،‬وبنية الشعب ‪ /‬ترجمة‪ :‬سارة اللحيدان ‹ ‪Home‬‬

‫حوار مع جودث بتلر‪ :‬حول ترمب‪ ،‬والفاشية‪ ،‬وبنية الشعب ‪ /‬ترجمة‪ :‬سارة اللحيدان‬

‫حوار مع جودث بتلر‪ :‬حول ترمب‪ ،‬والفاشية‪ ،‬وبنية الشعب ‪ /‬ترجمة‪ :‬سارة اللحيدان‬

‫حوارات ‪0‬‬

‫‪93‬‬

‫مشاركة‬

‫‪93‬‬

‫حوار جودث بتلر حول ترمب‪ ،‬والفاشية‪ ،‬وببنية الشعب‬

‫أدار الحوار‪ :‬كريستيان سالمون‬

‫ظهر هذا الحوار ابتداء في صحيفة الميديا بارت‪ ،‬وقام بترجمته للنإجليزية ديفيد برودر‬

‫الترجمة إلى العربية‪ :‬سارة اللحيدان‬

‫ماذا بيمثل دونإالد ترمب؟ قامت الفيلسوفة المريكية جوديث بتلر )بروفيسورة في جامعة بيركلي( بنشر كتاب موجز باللغة الفرنإسية‬
‫)الجمهرة( ]مذكرات حول النظرية الدائية للحشود[ تستعرض فيها تجسيد دونإالد ترمب لنمط جديد من الفاشية‪ .‬كما صاغتها‪“ ،‬العديد من‬
‫”الناس فرحون بمشاهدة هذا الرجل المزعج‪ ،‬عديم الذوق يحوم بالجوار‪ ،‬كما لو كان محور الكون وسلطانإه‪ ،‬والفضل يعود لهذه الجمهرة‬

‫لقد قدم العديد من الكتاب والمثقفين في أمريكا وأوروبا وجهة نإظرهم حيال ظاهرة ترمب‪ ،‬وكانإت تهدف في الغالب إلى إيضاح تخوفهم‬
‫ورفضهم‪ ،‬وإدانإة تجاوزاته اللغوية‪ ،‬أو التعبير عن قلقهم لمقترحاته ببناء جدار على الحدود المكسيكية‪ ،‬وطرد مليين من المهاجرين غير‬
‫الشرعيين‪ .‬لكننا حينما نإحاول فهم ما يجري مع “ترمب” – الظاهرة‪ -‬فعلينا أخذ تحليلت جودث بتلر بالحسبان‪ ،‬والتي عملت عليها منذ‬
‫التسعينات‪ ،‬من كتابها )الخطاب النإفعالي‪ ،‬سياسة الداء( إلى آخر كتاب لها )مذكرات حول النظرية الدائية للحشود(‬

‫الميديا بارت‪ :‬هل يمكن القول بأن دونإالد ترمب نإوعا ما “شخصية على السجاد”‪ ،‬وذلك من خلل تحليلتك التي قدمتتها خلل العقدين‬
‫الخيرين؟ أليس ترمب “موضوع بتلري” بامتياز؟‬

‫جودث بتلر‪ :‬لست متأكدة ما إذا كان ترمب موضوعا جيدا للتحليلت التي قمت بجمعها فعلى سبيل المثال‪ ،‬ل أظن بأن هناك سحرا في‬
‫شخص ترمب النإسان‪ ،‬وعندما نإنظر لخطاباته‪ ،‬فعلينا أن نإأخذ بالحسبان التأثيرات التي تحملها هذه الخطابات على جمع محدد من الشعب‬
‫‪.‬المريكي‪ .‬ودعونإا ل نإنسى بأنإه انإتخب بما نإسبته أقل من ربع السكان‪ ،‬وأنإه على وشك أن يصبح رئيسا بفضل وجود مجمع انإتخابي قديم‬

‫لذا علينا أل نإتصور بأن ترمب يتمتع بدعم جماهيري واسع‪ .‬فهناك خيبة أمل عامة بالمجال السياسي‪ ،‬واحتقار علني للحزبين الرئيسين في‬
‫الوليات المتحدة‪ .‬مع هذا‪ ،‬حصدت هيلري كلينتون تصويتا أعلى من ترمب‪ ،‬فلذلك عندما بنإسأل عن دعم ترمب‪ ،‬فعلينا أيضا أن نإسأل أنإفسنا‬
‫كيف لقلية أمريكية أن تمنحه السلطة‪ .‬وليس علينا النظر في تزايد الدعم الشعبي له‪ ،‬بل في العجز الديمقراطي‪ .‬يجب إلغاء المجمع النإتخابي‬
‫حتى تكون انإتخاباتنا انإعكاسا للرادة الشعبية‪ .‬وفي ظني أن أحزابنا السياسية بحاجة لعادة نإظر حتى تزيد من تفاعلها الشعبي في العملية‬
‫‪.‬الديمقراطية‬

‫إن القلية التي دعمت ترمب‪ ،‬والتي استطاعت منحه الفوز النإتخابي‪ ،‬قد تمكنت من ذلك ليس فقط عبر سخطها على المجال السياسي‪ ،‬بل‬
‫سخطها أيضا على عدم تصويت ما نإسبته خمسون بالمئة من الناخبين المسجلين‪ .‬ربما علينا أن نإتحدث عن انإهيار التفاعل الديمقراطي في‬
‫‪.‬الوليات المتحدة المريكية‬

‫في ظنني أن ترمب قد أطلق العنان لغضب له أسباب وأهداف عديدة‪ ،‬وربما علينا أن نإشكك بهؤلء الذين اندعو معرفة السبب الحقيقي‪،‬‬
‫والهدف الوحيد الذي يكمن خلف هذا الغضب‪ .‬إن حالة الدمار القتصادي وخيبة وفقدان المل في المستقبل‪ ،‬والتي ونلدت حركة اقتصادية‬
‫ومالية أهلكت المجتمعات‪ ،‬قد لعبت دورا هاما في هذا المر‪ .‬ولكن تزايد التعقيد الديموغرافي المريكي كان له دور أيضا‪ ،‬وكذلك أشكال‬
‫العنصرية القديمة والجديدة … هناك رغبة “حازمة” بتعزيز السلطة ضد الجانإب والعمال غير الشرعيين‪ ،‬لكن ذلك أيضا يصاحبه رغبة‬
‫‪.‬لحرية عظمى من عبء الحكومة‪ ،‬كشعار يخدم الفرد والسوق على حد سواء‬

‫أوضح نإقطة للمقارنإة بين ترمب والفاشية ‪-‬إذا كان هناك ما يمكن مقارنإته‪ -‬هو ما يتعلق بالعلقة بين الزعيم والجماهير التي تتقدمه‪ .‬إن‬
‫الزعماء الفاشيين لم يبتكروا هذه الفاشية بالساس‪ ،‬لكنهم تزعموا السلطة عبر سيناريو معين كانإت فيه الطبقة البرجوازية الصغيرة‬
‫والمتوسطة تعانإي من حالة تدنإي أوضاعها بعد هزيمة وأزمة العشرينات‪ ،‬وعبرت عن استيائها وكراهيتها للبروليتارية‪ .‬سنحت لي الفرصة‬
‫مؤخرا بالحصول على نإص قديم لتروتسكي‪ ،‬حيث يتحدث فيه عن الزعيم الفاشي‪ .‬ظننت أنإه يقدم وصفا جيدا لظاهرة ترمب يقول‪“ :‬حيث‬
‫تكون أفكاره السياسية ثمار خطاباته الصوتية‪ .‬وهكذا بتختار الشعارات‪ ،‬ويونحد البرنإامج‪ .‬وبهذه الطريقة يصقل جوهر هذا الزعيم”هل يمكننا‬
‫قول المثل مع ترمب؟‬
‫ربما حانإت الفرصة للتمييز بين الشكال القديمة والجديدة للفاشية‪ .‬ما وصفته يتعلق بفاشية منتصف القرن العشرين الوروبية‪ .‬لكننا مع‬
‫ترمب نإواجه وضعا مختلفا‪ ،‬ولو أنإني لزلت أود وصفه بالفاشي‪ .‬ترمب رجل غني بينما من نإاحية أخرى معظم المصوتين له ليسوا كذلك‪،‬‬
‫‪.‬ومع ذلك تفهم له العمال‪ ،‬فانإتفع من النظام ونإجح في ذلك‬

‫ربما نإأخذ مثال لمقدرته على استغلل مسألة ديونإه من أجل التهرب من دفع الضرائب‪ .‬كانإت هيلري كلينتون مخطئة في اعتقادها بأن عامة‬
‫الشعب الذين يدفعون ضرائبهم سيغضبون من هذا المر‪ .‬على النقيض‪ .‬فقد نإال إعجابهم لنجاحه بإيجاد وسائل للتهرب من دفع الضرائب‪ .‬لقد‬
‫رغبوا بفعل المثل أيضا! مع هذا‪ ،‬فالجانإب الفاشي يظهر عندما يدعي دون مبرر بأنإه قادر على طرد مليين من الناس أو حتى سجن هيلري‬
‫بمجرد توليه السلطة )المر الذي تراجع عنه لحقا(‪ ،‬وكسر التفاقيات التجارية متى ما شاء له‪ ،‬وإهانإة الحكومة الصينية‪ ،‬والمناداة بإعادة‬
‫‪.‬تفعيل “الغرق الوهمي” ‪-‬الختناق عن طريق الغرق‪ -‬وغيرها من أشكال التعذيب‬

‫هو يتحدث على هذا النحو‪ ،‬كما لو أن لديه سلطة حصرية لتقرير السياسة الخارجية‪ ،‬وتقرير من يدخل السجن‪ ،‬ومن سينفى من البلد‪ ،‬وماهي‬
‫‪.‬الصفقات التي سيعمل بها‪ ،‬وأي من السياسيات الخارجية ستنتهك‪ ،‬وأي منها سيصادق عليها‬

‫وبالمثل أيضا‪ ،‬عندما يبين أنإه سيعاقب ويقتل كل من يعترض طريقه في الحشد‪ ،‬هو بذلك ‪-‬ولنكن صريحين‪ -‬يكشف عن رغبة قتل لها صداها‬
‫بين العديد من البشر‪ .‬عندما يطنبع الجنس غير التوافقي‪ ،‬أو عندما يصف هيلري بأنإها “امرأة سيئة” فهو بهذا يرسخ لكراهية النساء‪ ،‬وعندما‬
‫يصف المهاجرين المريكيين بأنإهم قتلة فهو مرة أخرى يعلي صوت قديما للعنصرية‪ .‬لقد اتخذ العديد منا غطرسته‪ ،‬نإرجسيته‪ ،‬عنصريته‪،‬‬
‫وكراهيته للنساء‪ ،‬إضافة لتهربه من دفع الضرائب سمات لشخصية مدمرة‪-‬ذاتيا‪ ،‬ولكنهم في الحقيقة ألهبوا حماس العديد من الناس للتصويت‬
‫له‪ .‬ليس من أحد يستطيع التأكيد ما إذا كان ترمب قد قرأ الدستور‪ ،‬أو اهتم بذلك‪ .‬إن هذه الغطرسة هي ما جذبت الناس إليه‪ ،‬وهذه هي‬
‫‪.‬الظاهرة الفاشية‪ .‬وعندما يحول خطابه إلى أفعال‪ ،‬عندها ستكون لدينا حكومة فاشية‬

‫لم تكن حملة ترمب بشعر أو نإثر‪ ،‬كما في القول المأثور لماريو كومو‪ ،‬ولكن مثل جميع الزعماء الفاشيين كانإت بلغة عامية‪ .‬فقد ابتكر لهجة‬
‫اجتماعية تخصه‪ ،‬وهي خليط من الدعابات‪ ،‬والملمح الساخرة‪ ،‬والتلميحات القذرة‪ ،‬والتذمر‪ ،‬والشعارات واللعنات‪ .‬تنسجم بلغته بنوع من‬
‫“وسم” يقوم على القصاء‪ .‬فتواصله يضعف عبر الخطابات المنظمة مقارنإة بتلميحاته ومزيج الشعارات والشتائم التهديدية كسلح لنإتزاع‬
‫ت بتحليل شعار دونإالد ترمب في برنإامج )المتدرب( – “أنإت مطرود”؟‬ ‫شرعية القليات‪ .‬كيف قم ت‬

‫مرة أخرى هذه اللغة تفترض أنإه هو الوحيد القادر على حرمان الناس من عملهم‪ ،‬منصبهم‪ ،‬أو سلطتهم‪ .‬لذلك‪ ،‬فإن جزء مما نإجح في القيام به‬
‫هو إيصال معنى القوة التي منحها لذاته‪ .‬وهذا هو بالضبط ما تفعله اللغة مثلما ذكرت‪ .‬علينا أيضا أن نإأخذ في الحسبان أن الغضب ضد النخب‬
‫الثقافية يأخذ شكل من أشكال الغضب ضد الحركة النسوية‪ ،‬الحقوق المدنإية‪ ،‬إضافة إلى التنوع الديني والثقافي‪ .‬وفي ظني أن هذه السباب‬
‫‪.‬المختلفة تظهر وكأنإها قيود “للنإا العلى” والتي تلقي بظللها على مشاعر العنصرية وكراهية المرأة‬

‫إن ما قام به ترمب هو “تحرير” كراهية ضد الحركات الجتماعية وضد الخطاب العام المناهض للعنصرية‪ .‬ففي نإظره أن كل شخص هو‬
‫حر في كراهيته‪ .‬فقد وضع نإفسه في موضع استعدادي للوقاية من الدانإة الشعبية له ولعنصريته‪ ،‬وتمييزه الجنسي‪ ،‬ونإجح في ذلك‪ .‬حتى‬
‫مناصروه يرغبون أيضا بأل يخجلوا من عنصريتهم‪ ،‬بالتالي جاءت الزيادة المفاجئة في معدل جرائم الكراهية في الشوارع وفي وسائل النقل‬
‫العام فورا بعد انإتخابه‪ .‬فقد شعر الناس بحرية النباح بعنصريتهم وفق ما يناسبهم‪ .‬وبالنظر لذلك‪ ،‬كيف يمكننا أن نإحرر أنإفسنا من “المحرر”‬
‫ترمب؟‬
‫إنإنا حينما نإركز بشكل بالغ على الخطاب فقد نإخاطر بنسيان البعد الثانإي‪ ،‬لـ “ماديته” الصارخة في حضوره في التجمعات والبرامج الحوارية‪.‬‬
‫فليس من أمر يستحق الذكر أكثر من تسريحة شعره و “برتقاليته” وأبعد من هذا طريقته في تحريك يديه وفمه‪ ،‬وتكلف مضحك في إيماءات‬
‫وجهه‪ ،‬كشكل من التعريض الجسدي المبالغ به للعالم الواقعي‪ .‬فما التماثيل العارية المنتشرة لترمب في ساحات المدن المريكية إل إقرار‬
‫بنوع من الهبوط الفني الذي يهدف للبغضاء والستفزاز المادي‪ ..‬عندما أرى ذلك يحظرنإي قول كافكا “أحد أكثر وسائل الغراء الفعالة التي‬
‫يمتلكها الشر‪ ،‬هو تحند الكفاح ضده” كيف تحللين هذه الشخصية “التلفازية الواقعية” ودخولها للمنصة السياسية؟‬

‫من الواضح أن الرئاسة أصبحت ظاهرة إعلمية بشكل متزايد‪ .‬السؤال هو كم من الناس قد تعاملوا مع التصويت كما يتعاملون مع فيسبوك‪،‬‬
‫أعني عندما يقومون بالضغط على “تفضيل”‪ .‬تصدر ترمب الشاشة‪ ،‬وأصبح شخصية بمهددة‪ .‬فقد رأينا ذلك في تهكمه في البرنإامج الحواري‬
‫عند تساؤله عن تهجم أليك بالدوين على هيلري كلينتون خلف المنصات‪ .‬هذا النوع من التهديد هو امتداد لقوته في ‪Saturday Night،‬‬
‫تحرشاته الجنسية‪ .‬فهو يمضي إلى ما يريد‪ ،‬ويقول ما يرغب بقوله‪ ،‬ويأخذ ما شاء له أن يأخذه‪ .‬فحتى لو كان ل يملك كاريزما بمفهومها‬
‫‪.‬التقليدي‪ ،‬فإنإه يملك قوة شخصية ومكانإة عن طريق استحواذه على الشاشة بهذه الصورة‬

‫بهذا المعنى‪ ،‬ينشر ترمب صورة شخص يكسر القواعد‪ ،‬ويفعل ما يريد‪ ،‬غارق بأمواله‪ ،‬يمارس الجنس متى ما شاء ومع من يشاء‪ .‬فابتذاله‬
‫يمل الشاشة‪ ،‬تماما مثلما يمتلئ به العالم‪ .‬لذلك فرح العديد من الناس برؤية هذا المزعج‪ ،‬عديم الذوق يحوم حولهم كما لو أنإه محور الكون‬
‫‪.‬وسلطانإه والفضل يعود لهم‬

‫بعدما باتهم بالكذب‪ ،‬دافع ترمب عن نإفسه بقوله إنإه يمارس ما سماه بـ “غلو الصادقين”‪ ،‬كشكل بريء من المبالغة – ووسيلة فعالة للترويج‬
‫لنفسه‪ .‬لقد تزايد استخدام مصطلح “سياسة ما بعد الحقيقة “في وسائل العلم الوروبية‪ ،‬وذلك للدللة على ضبابية الصواب من الخطأ‪،‬‬
‫والواقع من الخيال” والذي وصفته حنة أرنإدت بأنإه سمة من سمات الشمولية‪ .‬قامت وسائل العلم الجتماعية‪ ،‬عبر هذا الطار‪ ،‬بخلق سياق‬
‫جديد يتميز بظهور فقاعات إخبارية مستقلة‪ ،‬وهو نإوع من الخبار التي تحمل صدى يسمح لعنف الشائعات ونإظريات المؤامرة بالنإتشار‪،‬‬
‫إذ يتعذر تمحيصها من قبل وسائل العلم الحقيقة‪ .‬فقد كان ترمب خلل حملته النإتخابية قادرا على التعامل مع التجمعات الصغيرة المستاءة‬
‫عبر تويتر والفيسبوك‪ ،‬عبر تأطيرهم بـ “موجة” مفرطة الحماس‪ .‬ما رأيك بهذا المفهوم “سياسة ما بعد الحقيقة”؟‬

‫بكل شفافية‪ ،‬ل أظن أن تلك كلمات ترمب‪ .‬فهي تبدو كمحاولة شخص يطنبع ويهتف لعلقته المتعجرفة مع الحقيقة‪ .‬لست متأكدة ما إذا كنا في‬
‫وضع ما بعد الحقيقة‪ .‬يبدو لي أن ترمب يهاجم الحقيقة دون خجل من حقيقة أنإه ل بيدنعم تصريحاته بدلئل أو أي منطق‪ .‬إن تصريحاته ليست‬
‫اعتباطية‪ ،‬وهو مستعد لتغيير موقفه متى ما شاء ذلك‪ ،‬فحينما تكون هناك فرصة تبرز دوافعه أو تأثيره النفعي فسيكون هناك تغيير‪ .‬على‬
‫سبيل المثال عندما قال إنإه عندما سيصبح رئيسا سـ ” يقوم بسجن هيلري” كانإت تهليلة لمن يكرهون هيلري وقد ساهم ذلك بزيادة كراهيتها‬
‫‪.‬أكثر‬

‫هو بالطبع ليملك سلطة لرمي هيلري في السجن‪ ،‬وحتى لو كان رئيسا فليس له سلطة لفعل ذلك دون وجود إجراء جنائي وحكم قضائي‪.‬‬
‫لكن في تلك اللحظة ذاتها‪ ،‬كان فوق كل إجراء قانإونإي‪ ،‬يمارس إرادته كما يريد‪ ،‬و يننمط لشكل الستبداد الذي ل بيعنى بالتشكيك بما لو كانإت‬
‫هيلري قد اقترفت جناية أم ل‪ ،‬وكل الدلئل تشير إلى أن الحال ليس كما يبدو عليه الن‪ .‬ليس هناك ما يدعم مزاعمه بأن هيلري كلينتون قد‬
‫حازت على تأييد شعبي بسبب المليين من المصوتين “غير الشرعيين”‪ ،‬فهو يسعى إلى نإزع شرعية التصويت الشعبي في نإفس الوقت الذي‬
‫‪.‬تجرح فيه نإرجسيته‬

‫في الوقت نإفسه‪ ،‬يستبعد تماما فكرة أن التصويت له ربما يكون غير شرعي‪ ،‬بمعنى أنإه ليس بالهمية الكبرى حينما يناقض نإفسه أو حينما‬
‫برفض بوضوح الستنتاجات التي تقلل من سلطته وشعبيته‪ ،‬فكلها معا تحند وجرح له‪ .‬هذه النرجسية واللمبالة بتقديم دلئل منطقية هي ما‬
‫‪.‬رفعت من شعبيته أكثر‪ .‬ترمب يعيش فوق القانإون‪ ،‬وهكذا يود أن يعيش مناصروه‬

‫في )الخطاب النإفعالي( قمت بتحليل العنف اللفظي لخطاب الخوف من المثليين‪ ،‬التمييز الجنسي‪ ،‬أو العنصري الذي يهدف إلى كسر وإقصاء‬
‫الناس المعنيين بالخطاب‪ .‬وقمت أيضا بإبراز أن هدف العنف اللفظي يرمي لعادة رسم حدود البشر وهذا يعني عملية خطابية لقصاء‪،‬‬
‫وملحقة‪ ،‬ووضع حدود‪ ،‬ويعني أيضا تشكيل تجانإس بشري‪ ،‬أحادي اللون‪ ،‬متباين الجنس لشكل من الشعوب المتخيلة‪ .‬ومع هذا‪ ،‬ذكرت أن‬
‫هذا الداء يمكن أن ينقلب ضد نإفسه‪ ،‬فاتحا المجال لصراع سياسي وتدمير هوياتي‪ .‬مالذي يمكن أن بيبرز كل ذلك برأيك؟‬

‫ربما سنرى كراهية للجانإب كوسيلة على تأكيد هوية “الشعب”‪ .‬كان هناك دعم لترمب بين أولئك المحرومين اقتصاديا‪ ،‬وبين أولئك الذين‬
‫يظنون أنإهم خسروا امتيازهم العرقي البيض‪ .‬لكن العديد من الهانإئين صوتوا أيضا لترمب‪ ،‬وذلك بعد اقناعهم بفتح مزيد من السواق‪ ،‬المر‬
‫‪.‬الذي سيمنحهم فرصة للثراء لحقا‪ .‬بإمكانإنا أن نإركز على خطابه‪ ،‬وهو مهم بكل تأكيد‪ ،‬لكنه ليس الشيء الوحيد الذي جذب الناس إليه‬

‫على أي حال‪ ،‬أظن أن سيناتور ماساتشوستس إليزابيث وارين كانإت محقة بردها على تعليقه الممتهن لهيلري كلينتون‪“ ،‬إنإها امرأة سيئة”‬
‫فكان ردها “إليك يا دونإالد‪ ،‬المرأة السيئة قوية‪ ،‬ذكية‪ ،‬وتملك صوتها‪ ،‬في الثامن من نإوفمبر‪ ،‬نإحن معشر النساء السيئات سنخرج ونإسير‬
‫‪.‬بأقدامنا السيئة للدلء بأصواتنا السيئة وإقصائك من حياتنا إلى البد “من دون شك‪ ،‬كانإت لحظة مثيرة للنسوية‪ ،‬لكنها لم تكن كافية‬

‫منذ عام ‪ 2011‬شهدنإا نإشوء تجمعات دولية مثل الحتلل‪ ،‬الغضب‪ ،‬نإصب الظلم‪ ،‬الربيع العربي‪ ..‬في آخر كتبك قمت بتحليل الوضاع‬
‫ت بأن احتشاد الجموع يأخذ شكل سياسيا ل‬‫ت بشمل الداء السياسي في تحليلتك‪ .‬وكتب ت‬ ‫لظهور هذه الحركات‪ ،‬وتضميناتها السياسية‪ ،‬وقم ت‬
‫يختزل إلى مطالب تلك القوى الفاعلة أو الخطاب المقدم‪ .‬أي قوى يمكنها أن تمنع تلك الحشود الجماعية؟ ماذا يمكن أن يكون طابعها‬
‫الديمقراطي؟‬

‫بالنإجليزية‪ .‬لكننا مرغمين على العيش مع أشباح اللغة‪ .‬رغم ”‪ “appearance‬ليست الكلمة المناسبة لـ ”‪-apparition‬ربما كلمة “الظهور‬
‫أن المظاهرات والتجمعات غير كافية في الغالب لحداث تغيير جذري‪ ،‬إل أنإها تقوم بتغيير مفهومنا لماهية “الشعب”‪ ،‬وتؤكد الحريات‬
‫الساسية المتعلقة بالتعددية الجسدية‪ .‬قد تغيب الديمقراطية دون حرية التجمع‪ ،‬ول يمكن أن يكون هناك تجمع دون حرية تحرك واجتماع‪،‬‬
‫فالقدرات التنقلية والجسدية هي افتراضات لتلك الحرية‪ .‬والمظاهرات الشعبية ضد التقشف وانإعدام الستقرار في الشوارع‪ ،‬وتحت أعين‬
‫العامة‪ ،‬وأجساد الفراد الذين عانإوا من خسارة طبقية وشعور بالتدهور المدنإي‪ ،‬هي توكيد للعمل الجماعي عن طريق تجمعهم بطريقتهم‬
‫الخاصة‪ .‬لذلك عندما نإستحضر التجمعات البرلمانإية كجزء من الديمقراطية‪ ،‬فإن بإمكانإنا أيضا أن نإدرك قوة التجمعات الل برلمانإية لتغيير‬
‫الوعي العام حول ماهية الشعوب‪ .‬خاصة عندما يبرز من كان غير معني بإبرازه‪ ،‬لنرى أن “ميدان الظهور” والقوى المسيطرة على حدودها‬
‫‪.‬وانإقساماتها هي افتراضات لي نإقاش حول ماهية “الشعب”‪ .‬وأتفق مع جاك رانإسير في هذا الشأن‬
‫قام مشيل فوكو بتحليل الديمقراطية اليونإانإية للقرن الرابع والخامس الميلدي‪ ،‬كمشكلة خطابية‪ ،‬المفارقة بأن “قول الحقيقة” في الديمقراطية‬
‫)خطاب محرف( وبعد تنحية “الطور” السياسي من “آغورا” إلى “إقليسيا”‪ ،‬أعني من مدينة المواطنين إلى المحكمة السيادية‪ .‬هل يمكننا أن‬
‫نإعتبر نإمو هذه الطوار الديمقراطية التي ظهرت منذ ‪ 2011‬انإتقام آغورا من إقليسيا؟‬

‫إن سلطة قول الحق ليست جهدا فرديا بالساس‪ .‬قول الحقيقة للسلطة يعني تولي سلطة عن طريق هذا القول‪ .‬ويعني أيضا أن بناء السلطة‬
‫يمكن أن يعاد استخدامه وانإتشاره كنوع من خدمة “استجابية” وعلى هذا‪ ،‬يمكن أن نإعتبر المتحدث الخاضع‪ ،‬هو متحدث فردي‪ ،‬وهذا الوضع‬
‫‪.‬مجهول ومتغير يحتمل أن يضم عددا معينا من الناس‪ .‬وقبل السؤال عما يعنيه قول الحقيقة للسلطة‪ ،‬علينا أن نإسأل عمن باستطاعته الحديث‬

‫أحيانإا‪ ،‬مجرد وجود أولئك الذين يفترض بهم أن يصمتوا الخطاب الشعبي ينمكنهم ذلك من كسر بناءه‪ .‬فعند تجمع المهاجرين غير الشرعيين‪،‬‬
‫عند اجتماع ضحايا التهجير‪ ،‬عند اجتماع من يعانإون البطالة أو انإخفاض جذري في معاشاتهم التقاعدية‪ ،‬هم بذلك يخلدون أنإفسهم في الصورة‬
‫والخطاب التمثيلي لماهية الشعب وما ينبغي له أن يكون‪ .‬بكل تأكيد لهم مطالب محددة‪ ،‬ولكن التجمع هو وسيلتهم بجعل الطلب كالجسد‬
‫‪.‬الواحد‪ ،‬وهو مطلب مادي في فضاء العامة‪ ،‬وطلب شعبي للسلطات السياسية‬

‫وعلى هذا النحو‪ ،‬علينا في البداية أن “نإقتحم ونإدخل” داخل الخطاب قبل أن نإتمكن من قول الحقيقة للسلطة‪ .‬وعلينا أن نإكسر قيود التمثيلت‬
‫السياسية من أجل عرض عنفها ومعارضة إقصائيتها‪ .‬ومادام “المن” يواصل تبرير حظر وتفريق المحتجين‪ ،‬والمتظاهرين‪ ،‬والمعسكرات‪،‬‬
‫فهو يساهم بإهلك الحقوق الديمقراطية والديمقراطية نإفسها‪ .‬إن التحركات واسعة النطاق هي وحدها التي ستنجح في هزيمة كراهية الجانإب‬
‫‪.‬القومية‪ ،‬ومختلف العذار التي تهدد ديمقراطية اليوم‪ ،‬وهي وحدها التي يصنح تسميتها بشكل من أشكال التجسد ما وراء القومي‬

‫المصدر‬

‫‪:‬شارك هذا الموضوع‬

‫( ‪Click to share on WhatsApp‬اضغط للمشاركة على تويتر )فتح في نإافذة جديدة(انإقر للمشاركة على فيسبوك )فتح في نإافذة جديدة(‬
‫اضغط)فتح في نإافذة جديدة ( ‪)Click to share on Telegram‬فتح في نإافذة جديدة( ‪ Pocket‬اضغط للمشاركة على)فتح في نإافذة جديدة‬
‫اضغط لرسال هذا الموضوع لصديق)فتح في نإافذة جديدة( ‪ LinkedIn‬اضغط لتشارك على)فتح في نإافذة جديدة( ‪ Google+‬للمشاركة على‬
‫بواسطة البريد اللكترونإي )فتح في نإافذة جديدة(اضغط للطباعة )فتح في نإافذة جديدة(‬

‫المقالت المختارة لشهر أكتوبر ‪2016‬‬


‫المقالت المختارة لشهر أكتوبر ‪2016‬‬

‫تدوينة مشابهة‬

‫الحرية الدينية والقليات والسلم ‪ -‬حوار مع صبا محمود ‪ /‬ترجمة‪ :‬إبراهيم الفريح‬

‫الحرية الدينية والقليات والسلم ‪ -‬حوار مع صبا محمود ‪ /‬ترجمة‪ :‬إبراهيم الفريح‬

‫"في "دراسات‬

‫حنل قضية عنف السلح عن المرض النفسي ‪ -‬ترجمة‪ :‬سارة اللحيدان‬

‫حنل قضية عنف السلح عن المرض النفسي ‪ -‬ترجمة‪ :‬سارة اللحيدان‬

‫"في "دراسات‬

‫‪PREVIOUS POST‬‬

‫بنات أبونلو السبع غير الشرعيات – روبين دارنيو ‪ /‬ترجمة د‪ .‬بنسام البنزاز‬

‫‪NEXT POST‬‬

‫في فهم الذات‪ :‬تشارلز تايلور والتأكيد على الحياة العادية – إبراهيم الكلثم‬

‫أحدث المقالت‬

‫العقوبــة والمسؤولية‪ :‬مقالت في فلسفة القانإون – إتش‪ .‬أل‪ .‬إيه‪ .‬هارت ‪ /‬ترجمة‪ :‬فاطمة الغامدي‬

‫يناير‪15 2017 ،‬‬

‫النإثروبولوجيا الدينية – روجي باستيد ‪ /‬ترجمة‪ :‬لحسن الصديق‬

‫يناير‪12 2017 ،‬‬

‫العلمانإية وليدة الفصل بين الدولة والكنيسة – اوليفييه روا‬

‫يناير‪10 2017 ،‬‬

‫ابن الهيثم من منظور فلسفي – د‪ .‬جلل الدريدي‬

‫يناير‪8 2017 ،‬‬

‫في فهم الذات‪ :‬تشارلز تايلور والتأكيد على الحياة العادية – إبراهيم الكلثم‬

‫يناير‪6 2017 ،‬‬

‫حوار مع جودث بتلر‪ :‬حول ترمب‪ ،‬والفاشية‪ ،‬وبنية الشعب ‪ /‬ترجمة‪ :‬سارة اللحيدان‬

‫يناير‪6 2017 ،‬‬


‫تابعنا‬

‫حكمة | من أجل اجتهاد ثقافي وفلسفي‬

‫الرياض‪ ،‬المملكة العربية السعودية‬

‫‪2016 © Copyright‬‬

‫تواصل مع حكمة‬

‫‪Name‬‬

‫‪Email‬‬

‫‪Message‬‬

‫‪Send‬‬

‫اشترك في النشرة السبوعية‬

‫السم‬

‫البريد اللكترونإي‬

‫‪example@gmail.com‬‬

‫اشتراك‬

You might also like