Professional Documents
Culture Documents
Arapski Tekst
Arapski Tekst
1
الفصل الول
مفهوم الحدود
المبحث الوأل
مفهوم الحدوأد وأالتفرقة بينه وأبين التخوم
*المطلب الوأل:
التعريف اللغوي للحدوأد :
الحدود جمع حد ,وتعريف الحد في اللغة " الحد هو النصل بين شيئين لئل يختلط أحدهما بالخآر
ولئل يتعدى أحدهما على الخآر .وفلنا حد يد فلنا إذا كانت أرضه إلى جانب أرضه " . 1
1لسان العرب ,لبن منظور.
2
وهناك تعريف آخآر للحدود في اللغة وهو " الحد هو الحاجز بين شيئين ومنتهى الشيء حده
وتميز الشيء عن الشيء " أي أنا الحد هو الفاصل أو الحاجز بين شيئين لمنع اخآتلطاهما أو لئل
يبغي أحدهما على الخآر. 1
تناول الفقه السإلمي الحدود التي تفصل أية دولة عن أخآرى وعبر عنها في التراث السإلمي
بألفاظ مثل الثغور والحصونا والرباطا الذي عرفه ابن حجر العسقلني بأنه " ملزامة المكانا الذي
2
بين المسلمين والكفار لحراسإة المسلمين منهم "
وترتبط عناصر مفهوما الحدود بمفهومين هما الجهاد ودار السإلما ,ومفهوما الجهاد في السإلما
يحدد دار السإلما من حيث انه حدد مواقع نصب وتوزايع الثغور وفق فلسفة إسإلمية تنبثق من
مفهوما أسإاسإي هو مفهوما "المة " في النسق السإلمي الذي يقوما على الخآوة العقدية بين
3
المسلمين كما بينها القرآنا ) إنما المؤمنونا أخآوة (
والحدود أو الثغور أو الحصونا في الفقه السإلمي تقع على أطاراف دار السإلما وتتيح لها حماية
المة ,ويذكر الماوردي أنا من أهم واجبات الماما تحصين الثغور بالعدة المانعة والقوة الدافعة
حتى ل يظهر العداء بغرة ينتهكونا فيها محرما أو يسفكونا فيها لمسلم أو معاهد دما . 4
المفهوما القانوني للحدود باعتباره خآطا ا يعين نطاق سإيادة الدولة ويفصل إقليم الدولة عن غيره من
القاليم .5هذا المفهوما القانوني الحديث للحدود يختلف عن المفهوما القانوني للحدود في العصر
القديم الذي كانا عبارة عن مناطاق تفصل بين الجماعات وتمثل خآطوطا دفاع للجماعة تمنع عنها
العتداءات الخارجية وليس مجرد خآطوطا فاصلة ,فهذا المفهوما يتطور بتطور الجماعة ,إذ يعد
اسإتجابة للواقع الحضاري للجماعة بكل مكوناته التاريخية و السياسإية والجتماعية والجغرافية .
والحدود كانت في العصر القديم تخضع للقانونا الداخآلي فقط ,إذ كانا يجري تعيينها وتحديدها من
جانب واحد وبطريقة تحكمية ,أما في العصر الحديث فيتم وضع الحدود وتخطيطها بالتفاق بين
3
الدول المعنية بواسإطة التفاقات والمعاهدات الدولية أو بموجب قرارات التحكيم أو أحكاما القضاء
الدولي.1
بعض الفقه لم يفرق بين تعبير الحدود و تعبير التخوما واسإتخدامها باعتبارها مترادفين يدلنا على
معنى واحد وهو الخط الفاصل بين الدول المتجاورة .
2
والبعض الخآر فرق بين التعبيرين ورتب على هذه التفرقة نتائج مختلفة ,بل إنالبعض يستعمل
تعبير التخوما بمعنى الخط الحاجز أو الفاصل الذي يحدد المدى الذي يمتد إيه إقليم الدولة ,وتعبير
الثغر أو الثغور للدللة على المساحة الحاجزة أو الفاصلة بين إقليمين ,غير أنا غالبية الفقه
العربي يستخدما تعبير الحدود للخط الفاصل بين الدول .
ومسألة التفرقة بين الحدود والتخوما تبدو دقيقة من حيث السإتعمال الفني والقانوني في كتابات
رجال القانونا والجغرافيا السياسإية وتقتضي توضيح دللة كل منها في السإتعمال فالتعبيرانا وانا
كانا يدلنا بصفة عامة على الحدود الدولية إل أنه في الواقع توجد عدة فوارق بينهما ويختلفانا في
المعنى اخآتلفا نوضحه فيما يلي :
/1التخوما ظاهرة جغرافية ثابتة غير متنقلة بوصفها منطقة أو مساحة من الرض غير مأهولة
وهي عبارة عن بعض الظواهر الطبيعية كالغابات أو الجبال أو النهار ,وهي غير مملوكة لحد
وتستطيع الدول المجاورة لها ضمها إلى أراضيها قبل قياما الدول الخآرى بإدعاء نسبتها إليها .
والحدود ظاهرة اتفاقية بشرية متنقلة غير ثابتة يمكن نقلها من مكانا لخآر حسب الظروف التي
تحيط بالدول المتجاورة ,ويتم نقل خآط الحدود إما عن طاريق التفاق كما هو في حالة الحدود في
القارة الفريقية ودول أمريكا اللتينية وإما عن طاريق القوة مثل إسإرائيل .
/2التخوما تمثل منطقة دفاعية لحماية البلد التي تحيط بها في الغزوات المفاجئة بوصفها منطقة
واسإعة تعطي الفرصة للسإتعداد لمواجهة العداء ومنعهم من التقدما داخآل الحدود
الحدود باعتبارها خآطا فل مساحة لها بل هي خآط له طاول وليس له عرض يفصل إقليم الدولة عن
أقاليم الدول المجاورة لها ,و به تبدأ سإيادة الدولة وتنتهي سإيادة دولة أخآرى .
ويلحظ أنا التخوما في المفهوما القانوني تمثل مرحلة زامنية سإابقة على ظهور الحدود الخطية
القائمة على عمليات فنية دقيقة ومعقدة.3
1زاهوة علي أبي بكر السقاف _ مبدأ ثبات الحدود ونهائيتها والحدود اليمنية السعودية .
2محمد طلعت الغنيمي _ الوسإيط في قانون السلم .
3زاهوة علي أبي بكر السقاف _ مبدأ ثبات الحدود ونهائيتها والحدود اليمنية السعودية .
4
المبحث الثاني
العوامل التي تؤثر في الحدوأد
إنا طابيعة العلقات القائمة بين الدول المتجاورة ,ل شك تؤثر على حالة الحدود بينها من حيث
حسن الجوار أو الصراع والنزاعات الحدودية فيما بينها .
وهناك عدة عوامل لها دور مؤثر في العلقات الدولية وهي :
غني عن البيانا أنا لكل دولة نظامها القانوني الذي تباشره داخآل نطاق إقليمها اسإتنادا إلى
سإيادتها ,وسإلطتها ل تتعدى ل تتعدى نطاق هذا القليم فل يمكن لها تطبيق قوانينها خآارج نطاقه
إل في حالت اسإتثنائية وهي الحالت التي يكونا فيها تطبيق قانونها الوطاني على مواطانيها خآارج
القليم اسإتنادا إلى مبدأ قانونا الجنسية وكذلك في الحالت التي تهدد فيها سإلمة الدولة من ارتكاب
أفعال خآارج إقليمها تكونا موجهة 1مباشرة ضد سإلمتها ولو كانا مرتكبوها من غير المواطانين ,
وخآلف ذلك يعد اعتداء على سإيادة دولة أخآرى .
وتثير مسألة تطبيق القوانين الداخآلية الخلف بين الدول المتجاورة في حالة انتقال إقليم أو جزء
من إقليم إلى سإيادة دولة أخآرى فأي القوانين يكونا واجب التطبيق ؟ ويمكن حل هذه المسألة
بوسإائل متعددة منها السإتفتاء أي اسإتفتاء شعب القليم المنظم وتؤثر درجة العلقة بين الدولتين
من حسن الجوار إلى الخلفات الحدودية على نوع الوسإيلة المتبعة لحل تلك المسائل . 2
إنا للنظم الجتماعية والعادات والتقاليد تأثير كبير على السكانا الذين يقطنونا في المناطاق
الحدودية ,فتشابه العادات والتقاليد يؤدي إلى التوافق والئتلف بين الشعوب المتجاورة خآاصة
إذا كانوا يتكلمونا لغة واحدة أما اخآتلف العادات والتقاليد الجتماعية يؤدي إلى التنافر والفرقة
بينهم مما قد يترتب معه إثارة المشاكل الحدودية .
5
ومن الجدير بالذكر أنا وزاير الخارجية اليمني عند حديثه عن النزاع الحدودي اليمني جعل هذا
العامل من العوامل الرئيسية للنزاع حيث قال " :القبائل ل يعرفوا ما هي الحدود وخآاصة إذا
كانت القبائل لها امتدادات على جانبي الحدود .....قد يأتي الخط ليخرج قرية سإكانها يمنيين إلى
الجانب السعودي ويحدث العكس في مكانا آخآر فكانا التفاق أنه يمكن أنا يزحزح الخد لك تعود
1
هذه القرية اليمنية إلى الراضي اليمنية والسعودية إلى الراضي السعودية "
وجدير بالذكر إنا الدين يعد عامل هاما في توثيق الروابط بين المشتركين في دين واحد ,فاتحاد
الدين والمذهب يؤدي إلى زايادة اللفة أما اخآتلف الدين والمذهب في الدول المتجاورة قد يكونا
مصدرا للمشاكل الحدودية مثل حالة اخآتلف المذاهب بين العراق وإيرانا والدين لم يكن عامل
في التقسيمات الحدودية ماعدا في حالة واحدة هي حالة تقسيم شبه الجزيرة الهندية إلى الهند
وباكستانا .2
قد تكونا العوامل القتصادية 3سإببا في إثارة المشاكل الحدودية بين الدول خآاصة إذا كانت إحدى
الدولتين المتجاورتين غنية بموادها النفطية والمعدنية فيؤدي ذلك إلى طامع الدولة الخآرى في هذه
الثروات لسإيما إذا كانت منابع هذه الثروة في منطقة حدودية قريبة من الدولة الخآرى مثال ذلك
الطاماع اليرانية في موارد النفط لدول الخليج العربية ,وكثيرة هي المثلة التي يكونا العامل
القتصادي هو المحرك للطاماع في المناطاق القريبة من حدود الدولة .
لشك أنا ممارسإة الدولة لسيادتها تقتصر على نطاق إقليمها ,ول يكونا لها أنا تتعدى نطاق هذا
القليم فتمارس سإيادتها على إقليم دولة أخآرى وتعد حينئذ معتدية على سإيادة تلك الدولة ,والواقع
العملي يعرف من ذلك تقوما فيها دولة ذات نفوذ اعتمادا على نفوذها وقوتها بفرض سإيادتها على
إقليم دولة أخآرى مجاورة أو جزء من القليم فتحدث منازاعات حدودية بين الدولتين المتجاورتين
مثل حالة منطقتي اللزاس واللورين بين ألمانيا وفرنسا .
كما أنا اخآتلف النظم السياسإية والفكار العقائدية بين الدول المتجاورة قد يترتب عليها حدوث
التوتر بين البلد المتجاورة كما قد يؤدي إلى قفل منطقة الحدود وعرقلة انتقال المواطانين فيما
بينها ,وعلى العكس من ذلك فإنا النظم المتشابهة والفكار المتقاربة تؤدي إلى التقليل من
المنازاعات الحدودية .
المبحث الثالث
نزاع الحدوأد بوصفه نزاعا ا دوأليا ا
6
المطلب الوأل :
* مفهومه :
في تعريف لمحكمة الدائمة للعدل الدولية لمصطلح النزاع أنه يقصد به " خآلف ينشأ بشأنا مسألة
تتعلق بالقانونا أو بوقائع معينة أو هو تنازاع يتعلق بوجهات نظر قانونية أو بمصالح بين شخصين
" إذاا فليس كل خآلف أو حادث يثور بين دولتين متجاورتين وبتعلق بالحدود يصدق عليه وصف
نزاع حدود ,فنزاع الحدود بالمفهوما القانوني الدقيق كما حدده السإتاذ برونلي ينبغي أنا تتوافر
فيه مجموعة من العناصر السإاسإية وهي :
/1أنا يكونا موضوع النزاع متعلقا بمسألة قانونية أو بوقائع معينة إذ أنا مجرد الخآتلف بين
الدول في مسائل متعلقة بالحدود قد ل يرقى _ بالضرورة _ إلى مرتبة النزاع الدولي في مفهومة
القانوني الدقيق .
/2أنا يبرزا هذا النزاع من خآلل تقديم ادعاءات معينة أو أنا يأخآذ شكل تقديم احتجاج بالطرق
الدبلوماسإية المعروفة .
/3أنا يثار هذا الدعاء أو الحتجاج بواسإطة أشخاص مفوضين من قبل السلطات المعينة في
بلدهم .
/4أنا تدفع الدولة أو الدول الخآرى المعينة بعدما صحة ما ورد في الدعاء أو الحتجاج الذي
يقدمه الطرف الخآر والمتعلق بالحدود .
وبهذا المعنى فإنا نزاع الحدود في مفهومه الدقيق بوصفه نزاعا دوليا يقصد به الخلف الذي يثور
بين دولتين أو أكثر بشأنا تحديد المسار الصحيح لخط الحدود المشترك طابقا للسند القانوني المعين
للحدود محل النزاع ,وتكونا الدعاوى في الغالب منصبة على تصحيح هذا المسار لخط الحدود
المطعونا في صحته ,وبعبارة أخآرى فإنا مسألة اكتساب وفقد السيادة ل تكونا محل اعتبار
رئيسي هنا خآلفا لما عليه الحال في المنازاعات القليمية .
ومنازاعات الحدود باعتبارها من منازاعات القانونا الدولي أخآذ الهتماما بها يبرزا منذ نشأة
المجتمعات السياسإية المنظمة وبالتحديد ظهور الدولة القومية في أوروبا في أوائل القرنا السادس
عشر وما أعقبه من تطورات انتهت بتوقيع صلح وسإتفاليا 1648ما وكانت السمة الغالبة لمنازاعات
الحدود ارتباطاها بتطور العلقات والصراع السياسإي في أوروبا وذلك حتى نهاية الحرب العالمية
الثانية عندما بدأت المراكز القانونية للدول الوروبية تستقر ,ثم بعد ذلك أخآذت نزاعات الحدود
تبرزا في دول العالم الثالث في نهاية الحرب العالمية الثانية عندما بدأت تلك الدول تنتزع اسإتقللها
من قبضة السإتعمار العربي وتجلى عندئذ الظلم والحيف الذي حاق بتلك الدول من جراء
تقسيمات القاليم المستعمرة التي كانا الهدف منها تحقيق مصالح الدول السإتعمارية فتمت بطريقة
تحكمية دونا النظر للعتبارات الجغرافية أو البشرية وعند ذلك بدأت الصراعات بين الدول
المتجاورة لعادة ترسإيم الحدود .
أول :تتميز بأنها ل تثور إل بين دول متجاورة جغرافيا كالنزاع بين اليمن والسعودية أو بين دول
متقابلة _ منازاعات الحدود المائية _ مثل النزاع بين العراق وإيرانا حول شط العرب .
7
ثانيا :أنها ظلت زامنا ا طاويل مقصورة على المنازاعات البرية ولم تمتد إلى الحدود المائية إل منذ
وقت قريب عندما اشتدت الحاجة لسإتغلل الثروات في المسطحات المائية مع ملحظة أنه ل
توجد فوارق أسإاسإية بين النزاع في الحدود البرية والنزاع في الحدود المائية .
ثالثا :إنا منازاعات الحدود في الماضي كانت تقوما للدواعي المنية والسياسإية إلى جانب ما يتعلق
بتحديد الحدود أما في وقتنا الحاضر فإنها تتعلق بإدارة الحدود ومدى قدرتها على الضطلع
بوظائفها .
رابعا :أنها تتميز بأنا كل طارف من أطاراف النزاع يحدد مطالبة بوضوح ودقة .
خآامسا :وأخآيرا نزاع الحدود يتميز بأنه يتعلق بتحديد المسار الصحيح لخط الحدود طابقا للسند
القانوني الوارد فيه هذا التحديد وهو بهذا يختلف عن النزاع القليمي الذي ينصرف إلى
الدعاءات المتعارضة بالسيادة على مناطاق معينة ,إل أنا تحديد المسار الصحيح لخط الحدود قد
يترتب عليه خآروج بعض المناطاق من سإيادة الدولة ودخآولها في سإيادة دولة أخآرى .1
المبحث الرابع
أسإباب منازعات الحدوأد
/1إثارة منازاعات الحدود بسبب عملية تعيين الحدود ,فالحدود يتم تعيينها بموجب معاهدة دولية
مقبولة من جميع أطارافها ,غير أنا الخلف يثور بشأنا الطريقة التي تمت بها عملية ترسإيم
الحدود اسإتناداا إلى المعاهدة ,فمناطا الخلف هنا هو التفسير الصحيح للمعاهدة التي تم بموجبها
تحديد الحدود ,ويلحظ أنا أغلب المنازاعات تندرج تحت هذه الحالة ,مثال ذلك :نزاع الحدود
الذي ثار بين مصر وإسإرائيل بشأنا طاابا وكانا مثار الخلف هو صحة تفسير معاهدة 1906بين
مصر وفلسطين تحت النتداب ,فالنزاع قاما حول صحة تفسير المعاهدة من جانب اللجنة
المشتركة التي أنيط بها عملية ترسإيم الحدود وليس حول صحة تفسير المعاهدة نفسها .
8
/2وفي هذه الحالة قد يثور الخلف بسبب أنا عملية التعيين قد شابها عيب لعدما دقة اللفاظ
الواردة في المعاهدة لكونها غير قاطاعة أو تحتمل الدللة لكثر من معنى ,مثال ذلك اسإتخداما مثل
هذه المصطلحات :خآط تقسيم المياه _ سإفح الجبل _ منتصف _ ضفة .لنه غالبا ما يكونا
واضعو التحديد في المعاهدة من رجال السياسإة أو المفاوضونا الذين يجهلونا طابيعة الرض .
/3وهي الحالة التي يقوما كل طارف من أطاراف المنازاعة الدولية بالحتجاج بمعاهدة تختلف عن
المعاهدة التي يستند إليها الطرف الخآر ,فهنا يكونا جوهر الخلف ما هو التحديد الصحيح
للحدود الدولية محل النزاع والذي يكونا أولى بالقبول أو بمعنى آخآر أي المعاهدات التي تشمل
على التحديد الصحيح وتكونا أولى بالعتبار ,مثال ذلك النزاع بين الصين والهند في أوائل
الستينات .
/4وهي التي يكونا النزاع فيها متعلقا بشرعية المعاهدة أو السند القانوني لتعيين الحدود فقد تكونا
الحدود قد تم تحديدها فعل ولكن أحد الطاراف يتمسك بعدما شرعية السند القانوني الذي تم
بموجبه تعيين الحدود ,مثال ذلك النزاع الذي ثار بين الصومال من جانب وكل من أثيوبيا وكينيا
من جانب آخآر .
التخطيط هو العملية المكملة لتحديد الحدود وهو عملية فنية يقوما بها خآبراء لوضع التحديد
المذكور في المعاهدة على الطبيعة ,وهناك العديد من المنازاعات المتصور حدوثها ومرتبطة
بعملية التخطيط .وهذه بعض من تلك الحالت :
عدما القياما بالتخطيط أصل أو القياما به بعد وقت طاويل لحق على عملية التحديد ,ويرجع عدما
التخطيط إلى أسإباب كثيرة منها التكلفة الكبيرة لعملية التخطيط .
وعملية عدما التخطيط كانت سإائدة في العصور القديمة ,أما في عصرنا الحاضر مع تطور
وسإائل التصالت والعلوما والجهزة المساحية فيكمن إتماما التخطيط بقدر أكبر من السهولة ,
ومن أمثلة الحدود التي تم تحديدها ولم يتم تخطيطها بعد أو تم تخطيطها بعد فترة طاويلة الحدود
الصومالية الثيوبية والحدود المغربية الجزائرية .
حالة تجاوزا الجنة المشتركة الخاصة بتخطيط الحدود لنطاق الخآتصاص الممنوح ها واللجنة
المشتركة لتخطيط الحدود ,إما أنا تكونا سإلطتها مقيدة فيكونا أي خآروج على النطاق المرسإوما
لها تجاوزا لهذه السلطة وإما أنا تكونا سإلطة تقديرية مقيدة بحيث يكونا عليها الرجوع إلى أطاراف
المعاهدة للموافقة أو التصديق على أي إجراء تقوما به ,وقد تكونا السلطة التقديرية للجنة التقدير
مطلقة بحيث يكونا لها إجراء تعديلت على مسار الخط بما يتفق والمعطيات الجغرافية
والبشرية .
9
ومن المثلة المهمة التي تجدر الشارة إليها في هذا الصدد ما حدث بين مصر وإسإرائيل بشأنا
النزاع حول طاابا حيث دفعت إسإرائيل أماما هيئة التحكيم الدولية أنا المدعو باركر في لجنة
التخطيط قد شاب عمله خآطأ مادي إذ انه وضع العلمة 91في غير موضعها فضل عن انه غير
مخول في المشاركة في لجنة التخطيط موضوع المنازاعة وقد رفضت محكمة التحكيم هذا الدفع
السإرائيلي واعتبرته قائما على غير أسإاس من القانونا بالنظر إلى السلوك اللحق للطاراف
المعنية يفيد بما ل يدع مجال للشك أنها قد قبلت ما قاما به باركر واعتبرت العلمة 91نهائية .
ويقصد بها مجموعة النشطة والجراءات التي تتبع من أجل المحافظة على خآط الحدود
وحراسإته بما يكفل حسن اضطلعه بوظائفه المنوطاة به ,وهذه السإباب تختلف باخآتلف
الوظائف التي تؤديها ويتصور حدوث المنازاعات فيها وهي :
أي تلك المتعلقة بحماية كيانا الدولة وهذه من الوظائف السإاسإية التي تعول عليها الدول في إنشاء
الحدود وتعديلها ,ومعظم نزاعات الحدود ناشئة عن هذه السإباب .
ب /السإباب الناجمة عن عدما توافق الحدود السياسإية مع المعطيات الجغرافية والبشرية :
الصل في الحد السياسإي أنه يهدف بالدرجة الولى إلى الفصل بين وحدات إقليمية يكونا لكل
منها سإماتها المتميزة سإياسإيا واقتصاديا واجتماعيا ,غير أنا الواقع العملي يجعل من هذا الصل
في التوافق بين الحدود السياسإية والمعطيات البشرية والجتماعية أمرا صعب المنال مما يجعله
مجرد اسإتثناء يرد على الصل العاما المتمثل في عدما التوافق بين الحدود السياسإية وتلك
المعطيات .
10
قد تنشأ نزاعات حدودية لعتبارات اقتصادية عندما تكونا الحاجة لسإتغلل الموارد الطبيعية هي
المحرك للنزاع الحدودي وأبرزا مثال يتبادر إلى الذهن هو الغزو العراقي للكويت 2أغسطس
1990الذي لم يجد له تبرير سإوى الرغبة في السإتيلء على حقول النفط الكويتية إضافة إلى
الدعاءات التاريخية .1
وفي لمحة تاريخية للهمية البترول وخآاصة في المجال الحدودي نى أنا منطقة الخليج العربي
كانت حتى أواخآر القرنا التاسإع عشر مناطاق للنفوذ القبلي لشعوب فقيرة ومتنقلة ومع بدايات
القرنا العشرين تغير الوضع بأول اكتشاف للنفط تم في إبانا وضلت الضفة الغربية من الخليج
مهملة حتى قدوما المغامر فرانك هولمز الذي يلقب ) بأبي النفط ( وحصوله على امتيازا للتنقيب
في البحرين سإنة 1925ثم السعودية في سإنة 1933لتليها الكويت بعد عاما ونصف .
وفي أعقاب حرب 1973بين العرب وإسإرائيل تضاعفت أهمية الحدود القتصادية
والسإتراتيجية للمنطقة وباتت محورا هاما في معظم النزاعات الجارية في المنطقة فإصرار
البحرين على ردما " فشت الديبل " المتنازاع عليها مع قطر يكشف أهداف البحرين للمشاركة في
حقل الغازا هناك ,المسمى بحقل غازا الشمال والذي يعد أكبر حقل للغازا في العالم وبالتالي فإنا
من شأنا ردما " فشت الديبل " أنا يصبح بداية المجال الحيوي للبحرين الذي يمتد 12ميل بحريا
وفقا للقانونا الدولي للبحار وهو ما يعني وقوع جزء من حقل الشمال ضمن هذا المجال .
كما أنا نفط جزيرتي قارونا وأما لمرادما المتنازاع عليهما بين السعودية والكويت ل يزال قائما كما
أنا نفط منطقة " مسكت " ومناطاق نفطية محتملة مجاورة قد تكونا مصدرا للنزاع بين مسقط
والمارات وتطالب السعودية بأراض في اليمن وتحديدا في كل من الجوف ومأرب وحضرموت
سإيما مع بدء اكتشاف النفط في هذه المناطاق.2
11
الفصل الثاني
المبحث الوأل
التطور السياسإي وأالتاريخي للعلقات السعودية _ اليمنية
أجمع المؤرخآونا على أنا تاريخ الدولة السعودية وتمكنها من السيطرة على معظم شبه الجزيرة
ليس أمرا حديثا أو طاارئا بل إنا جذوره تمتد إلى مراحل بعيدة فالدولة السعودية المعاصرة تعتبر
امتدادا طابيعيا للدولة السعودية الولى وبالرغم أنا هذه الدولة وضعت نصب أعينها رفع راية
السإلما إل أنا بعض القوى واجهت مشروعها بالمقاومة والسإتنكار .ولنا عسير من المناطاق
الهامة ونقطة اللتقاء بين بلد اليمن والدولة السعودية الولى فإنه من المعروف تاريخيا أنها
لعبت دورا كبيرا في تشكيل الحداث السياسإية في منطقة شبه الجزيرة العربية حيث يعد سإاحل
تهامة مسرحا لكثير من الحداث التاريخية المؤثرة في اليمن بنوع خآاص لنه سإاحل منبسط
مفتوح ,كما أنه يمثل كيانا مستقل عن جسم اليمن ,إذ كثيرا ما ناوأته العداء وبذلك تعذر الحكم
12
في سإاحل تهامة من صنعاء مباشرة ,فل غرابة أنا التأثير اليمني كانا محدودا حيث اخآتلف عن
الطابع اليمني المميز للجزء الداخآلي الجبلي 1ومن الثابت أنا الطبيعة الجغرافية لمنطقة عسير
مكنت أهلها من الحفاظ على دورها المستقل وتعزيز مكانة أبناء المنطقة بحسها الوطاني ورغبتها
في السإتقلل .
ولقد ارتبط تاريخ عسير الحديث إلى حد كبير بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية ,إذ كانا
لها دور كبير في قياما إمارة قوية في عسير ,التفت حولها القبائل في عسير ,واسإتطاعت تلك
المارة أنا تقوما بدور كبير في الحوادث التاريخية ,التي وقعت بالجزيرة العربية كما أنها ظلت
حاملة لواء الدعوة بعد سإقوطا الدرعية على يد إبراهيم باشا .
ومن أهم العوامل التي مكنت الدولة السعودية الولى من السيطرة على عسير وإدخآالها تحت نفوذ
الدولة هو النتشار السريع للدعوة السلفية ,وتشير معظم المصادر إلى أنا الدعوة السلفية ظهرت
في هذه المنطقة على يد الشريف أحمد بن حسين الفلقي وكانا قد عينه الماما عبد العزيز بن محمد
بن سإعود داعية في بلده وعين محمد بن عامر أميرا على منطقة عسير وبعد وفاته بويع أحيه
المعروف بعبد الوهاب بن عامر .
أما أكير أبو عريش حمود بن محمد بن أبو مسمار الذي خآلع ابن عمه علي بن حيدر فقد وجد
نفسه مهددا باشتداد سإاعد الثورة السلفية فقرر مهادنة إماما اليمن ليتفرغ للوقوف ضد دعوة
التوحيد والصلح في المخلف السليماني وقدما الولء التقليدي للماما ,إل أنا بعض أقاربه
انحازاوا إلى السعوديين .فاضطر أنا يتراجع ويبايع ابن سإعود لكنه لم يكن راضيا عن ذلك فكانت
ترد إليه رسإل ابن عامر فل يظهر الخضوع والرضى عنهم وبعد ذلك قاما نزاع بينه وبين ابن
عامر أدرى إلى رفعه إلى الماما سإعود للصلح لكن الوسإاطاة وصلت إلى طاريق مسدود
فأصدر أمره إلى القوات السعودية لمحاربته .فالتقت القوات السعودية بالطرف الخآر وكانا
النصر حليفا للقوات السعودية .
وبالرغم من القرب الجغرافي للعسيريين من اليمن فأنهم لم يرغبوا في التحاد مع اليمن أو
الدخآول في نظاما الئمة الزيدية الذين تعاقبوا على حكم اليمن ومن العوامل التي شجعت
العسيريين على ذلك ظهور الفتن الداخآلية ,كما أنا غالبية أهل الحكم في اليمن يغلب عليهم
المذهب الزيدي بينما كانا العسيريونا على المذهب الشافعي ولذا فقد انضمت إمارة عسير إلى
الدولة السعودية بموجب اخآتيارها وأصبحت جزءا منها إمارة عبد الوهاب قاما الشريف غالب
بتعزيز قدراته العسكرية وعمل على تهيئة الجواء للدخآول في صداما مسلح مع القوات السعودية
وقد بلغ التوتر ذروته حين أرسإلت بعض البنادر اليمنية مساعدات إلى الشريف غالب قدرت كما
2
ذكرت بعض المصادر بثلث وثلثين سإفينة مشحونة بعدد الحرب والمدافع والقنابل
وإزااء هذا التعنت اضطرت الدولة السعودية إلى تجريد حملة عسكرية لتأديبه وكانا النصر
حليف القوات السعودية ونرى بعد ذلك أنا طاامي بن شعيب تولى إمارة عسير خآلفا لعبد الوهاب
فأخآذ يطارد قوات أمير أبي عريش وتمكن من هزيمته فاسإتطاعت القوات السعودية بقيادته من
الوصول إلى ميناء اللحية شمال الحديدة ولكنها لم تحاول تثبيت حكمها في تلك المنطقة بل عادت
مباشرة إلى مواقعها في عسير .
1د .عصاما ضياء الدين السيد _ عسير في العلقات السياسإية السعودية اليمنية _ وانظر كذلك د .محمد حلمي محمد جعفر _ تهامة اليمن
_ دراسإة اسإتكشافية لجغرافية القليم وإمكاناته
2د .عبد المنعم إبراهيم الجميعي _ ارتباطا عسير بالدعوة الصلحية
13
في هذه الثناء شعرت الدولة العثمانية بالنزعاج للتقدما السريع الذي أحرزاته الدعوة السلفية لذلك
أوعزت إلى مصر ولمحمد باشا بالتخصيص أمرا بتجريد حملة للقضاء على الدولة السعودية
وكانا ذلك فتمكنت قواته من احتلل القنفذة ثم تراجعت بسبب القوات السعودية فاضطر محمد إلى
تكثيف ضغوطاه وفي المحاولة الثانية لحتلل القنفذة كانت الهزيمة حليفتهم حيث قامت قوات
طاامي بن شعيب بهزيمتهم وإجبارهم على العودة إلى ميناء جدة .وبعد هذه الهزائم تراجعت
القوات المصرية للحجازا حيث أدركوا أنا الوضع خآطير وانا النصر يتطلب جهدا أكثر من ذلك
فجاء محمد بنفسه إلى وادي بسل حيث وقعت معركة فاصلة بين قواته والقوات العسيرية بالقرب
من مدينة الطائف وقد ألحق محمد علي بالقوات السعودية خآسائر فادحة نتيجة سإوء التنظيم
وانعداما التنسيق بين جبهات القتال السعودية ثم توجهت قوات محمد باشا بشكل سإريع باتجاه
بعض المدنا السعودية الهامة ومنها تربة ورنية وتبالة وبيشة وخآميس مشيط و وادي شهرانا
وغيرها ,فانسحب المير طاامي إلى المخلف السليماني وناشد خآصمه التقليدي الحسن بن خآالد
الحازامي وزاير أمير أبي عريش المير حمود أبي مسمار انا يقدما له الحماية لنقاذه من الوقوع
في أيدي قوات محمد وما كانا منه إل أنا سإلمه فورا إلى محمد الذي أرسإله إلى مصر ومنها إلى
السإتانة لتوقيع عقوبة العداما عليه وعاد محمد باشا بدوره على الحجازا ثم إلى مصر وفي ظل
هذه الجواء المضطربة قاما أحد أبناء عم طاامي بن شعيب وهو محمد بن أحمد المحتمي بإعلنا
الثورة على الحكم التركي فشن هجوما على الحامية التركية وانتصر عليهم لكن بالمقابل نجد أنا
العسيريين تضرروا منه بسبب تسلطه وحبه لسفك الدماء وقسوته حتى أطالقوا عليه لقب ) الجزار
( فانشغل بالتالي في النتفاضات الداخآلية وقرر أنا يثأر لبن عمه طاامي الذي سإلمه وزاير حمود
أبو مسمار فدارت معركة حامية انتهت بهزيمة المير محمد بن أحمد المحتمي بعد أنا لحقت
1
خآسائر فادحة بقواته
ونرى أنا المير محمد المحتمي قاما بمحاولة للتصدي للقوات العثمانية المتمركزة في منطقة
عسير وكالعادة تبوء محاولته بالفشل وكانت هذه الهزيمة كالقشة التي قسمت ظهر البعير
فاضطر للفرار بعدها والسإتعانة بخصم أسإرته التقليدي حمود أبو مسمار وقد اسإتجاب لذلك
فجهز حملة لطرد العثمانيين فامتدت سإلطته من زابيد جنوبا إلى جبال السراة شمال وحتى يبقي
2
نفوذه اتصل بمحمد علي وأنشأ علقات معه .
وفي عاما 1817ما توفي الشريف حمود فاخآتلفت كلمة جيشه ثم بايعوا احمد بن حمود الذي بدوره
كانت تنقصه الخبرة وبالتالي نجد انه عند وصول قوة خآليل باشا نراه قد سإلم البلد بدونا مقاومة
تذكر ,وبعث خآليل آغا لماما صنعاء ليسلم البلد مقابل خآراج سإنوي وسإلم ماكانا تابعا لدارة أبي
عريش لعلي بن حيدر وقد ألقى خآليل باشا القبض على أحمد بن حمود وأرسإله أسإيرا إلى مصر
حيث توفي هناك .
ثم تولى إمارة عسير الحسن بن خآالد الحازامي الذي قتل في معركة الزهراء التي دارت بينه وبين
القوات التركية ونرى أنا محمد بن احمد المحتمي قد وقع أسإيرا مع ابنه في يد القوات التركية
حيث أرسإلوا إلى مصر وأعدموا هناك وبذلك ينتهي فصل من فصول التاريخ السياسإي لسإرة آل
محتمي التي ناضلت في سإبيل نشر الدعوة السلفية ومؤازارة جهود الدولة السعودية ونرى انا هذه
النهاية قد تزامنت مع نهاية الدولة السعودية الولى .
ونرى انه بالرغم من نجاح محمد علي باشا في القضاء على الدولة السعودية الولى وضرب
المقاومة السعودية في عسير التي تمثلت بأسإرة ) آل محتمي ( إل أنا المقاومة قد انتقلت من عائلة
1هاشم بن سإعيد النعمي _ تاريخ عسير في الماضي والحاضر
2أحمد عبد الغفور العطار _ صقر الجزيرة _ المجلد الول
عبد الرحمن احمد البهلكي _ نفح العود في سإيرة دولة الشريف حمود
14
المحتمي من قبيلة ربيعة ورفيدة إلى قادة جدد ينتمونا على قبيلة بني مفيد وهم سإعيد بن مسلط
وعلي بن مجثل يساعدهما ابن عمهما عايض بن مرعي .
وقد ظل سإعيد بن مسلط مخلصا للدولة السعودية فكانا على اتصال دائم بالمير تركي بن عبدا
للتنسيق بينهما فيما يخص مواجهة عدوهما المشترك إل أنا سإعيد بن مسلط وافاه الجل فخلفه ابن
عمه علي بن مجثل المغيدي الذي حكم عسير وتشبع بالدعوة الصلحية فأخآذ بالعمل بها في
حكمه ونرى أنه قاوما القوات العثمانية فأخآرج القوات العثمانية من صبيا وتمكن من تطهير تهامة
اليمن والحديدة والمخا وزابيد ثم عاد إلى عسير وبعد هذه النتصارات أحكم سإيطرته على المنطقة
مما مكنه من تحقيق أهدافه والتي تؤيد السعوديين ودعوتهم الصلحية .
وبعد وفاة المير علي بن مجثل تولى ابن عمه علي بن عائض الحكم الذي أيضا قاما بمقاومة
القوات العثمانية التي أبلى بلء حسنا فيها وكتب عنها لـ آل سإعود الذين أيدوه وطالبوا منه أنا يحكم
بكتاب ا وسإنة نبيه صلى ا عليه وسإلم فأخآذ علي بدوره بجمع الزكاة باسإم آل سإعود .
وإذا كانا ثمة تساؤلت عن عناصر الجذب التي كانت تشد العسيريين إلى الدولة السعودية دائما
بينما لم تقم مثل هذه العلقات بين أبناء عسير واليمن بالرغم من القرب الجغرافي والواقع انا
القرب الجغرافي بحد ذاته ليس العامل الرئيسي في قياما العلقات الودية بين الدول والشعوب
المتجاورة إل أنه قد يساعد على تقوية العلقات وترسإيخ الصلت ول سإيما إذا توفرت القيادات
الواعية اتي تدرك أهمية الحوار .
وليس من شك أنا أهم عوامل الجذب إلى الدولة السعودية يرجع إلى أنا العمق السإتراتيجي
والجغرافي للدولة السعودية بالنسبة للعسيريين يوفر الحماية والقدرة على النتشار والتوسإع
السريع باتجاه الشمال والكفاح المشترك الذي جمع بين الدولة السعودية وأبناء عسير ,هذا إلى
جانب وجود اخآتلف مذهبي بين أبناء عسير وجيرانهم اليمنيين حيث كانا معظمهم من أتباع
المذهب الزيدي ,بينما فضل العسيريونا المشروع الحضاري الشامل الذي حملت لواءه الدولة
السعودية ,هذا فضل عن كثرة الخلفات والحروب القبلية التي طاغت على تاريخ اليمن حيث لم
تكن عامل مشجعا للعسيريين للتطلع لشطر اليمن .
ولهذا كانا الحماس لعادة بناء الدولة السعودية ليس مقتصرا على النجديين وحدهم إنما
شاركهم في هذا الشعور العسيريين وغيرهم من المواطانين الذين كانوا يحتفظونا بعلقات طايبة
مع الدولة السعودية ,ول شك أنا في كفاح العسيريين ضد الغزاة التراك وأشراف الحجازا وأئمة
اليمن وجميع الطامعين في الراضي العسيرية كانت من العوامل الهامة التي أقنعت القادة
2 1
العسيريين بانا الجبهة العسيرية _ السعودية هي القادرة على وضع حد لطاماع هذه القوى
15
المطلب الثاني :
*المرحلة الثانية للتطور السياسإي وأالتاريخي للعلقات السعودية اليمنية :
بعد سإقوطا الدرعية عاما 1818ما انحسر نفوذ الدولة السعودية الولى ولكنه عاد عاما
1824ما عندما عاد المير تركي بن عبد ا إلى مدينة الرياض واسإتطاع تحرير بقية أقاليم نجد
التي كانت قد وقعت قبل سإت سإنوات من ذلك التاريخ تحت سإيطرة الحملة التركية بقيادة إبراهيم
باشا .
وجاء فيصل بن تركي وأصبح إماما نجد واسإتطاع أنا ينقذ الدولة من المخاطار المحدقة
بها ,وقد بلغت الدولة السعودية الثانية أوج مجدها في عصره فكانا أبرزا زاعيم لها .
وقد وصلت حدود الدولة السعودية الثانية إلى مسافات بعيدة تجاوزات في تقدير المؤرخآين
الحدود التي وصلت إليها الدولة السعودية المعاصرة ويمكننا القول أنه رغم أنا الدولتين السعودية
الولى والثانية التي تجاوزات حدودهما إلى مسافات بعيدة تجاوزات الحدود التي وصلت إليها
الدولة السعودية المعاصرة كانتا مستهدفتين من قبل عوامل خآارجية ممثلة في المبراطاورية
العثمانية وعوامل داخآلية ممثلة في الصراع الداخآلي ,إل أنهما اسإتطاعتا تحقيق أهداف نشأة
الدولة السعودية لدرجة بعيدة وخآير تأكيد على ذلك امتداد حدود الدولة السعودية بين البحر
الحمر من جهة الغرب والخليج العربي من جهة الشرق وبين الصحراء السورية وحتى دجلة
والفرات من جهة الشمال وعسير ونجرانا وحضرموت وعمانا في الجنوب والجنوب الشرقي
16
واشتملت سإيادتها الفعلية مساحة شاسإعة من شبه الجزيرة العربية حوت كل من نجد والحجازا
والحساء وأوشكت أنا تشمل العراق واليمن والردنا .
وعند تتبع علقة الدولة السعودية مع اليمن نجد أنا معظم المصادر تشير إلى أنه بالرغم
من تقلص نفوذ الدولة السعودية الولى في الفترة 1818ما فقد اسإتمر المير عائض بن مرعي
يمثل امتدادا لحكم الدولة السعودية في عسير 1وقد عمل المير عائض بن مرعي على تثبيت
حكمه وترسإيخ المن والسإتقرار في عسير والسير على نهج من سإبقوه في الدفاع عن الدعوة
السلفية وتقوية علقاته بأمراء الدولة السعودية الذين سإخروا كل طااقاتهم لخدمة أغراض الدعوة
الصلحية .
وكانا لصعود نجم المير عائض بن مرعي والتفاف أبناء عسير حوله أثر كبير في
تشكيل التحالفات المعادية لحكمه حيث عقد محمد علي باشا حاكم مصر في منتصف عاما
1250هـ اتفاقا بين إماما اليمن وشريف أبي عريش لقتال قبائل عسير المتمردة على نفوذه والتي
تؤيد الدولة السعودية في نجد.2
عندما رأت الدول الوروبية أنا محمد علي يسير بشكل دءوب منظم في سإبيل اكمال
اسإتعداد قواته في الحجازا واليمن حتى تمكن من السيطرة على عسير ازاداد ضغط الدول
الوروبية المتحالفة ) بريطانيا _ فرنسا _ روسإيا _ بروسإيا _ النمسا ( على تركيا وأصبح
واضحا أنا نتائج المسألة الشرقية لن تقتصر آثارها على مصر وتركيا وإنما سإوف تمتد لتشمل
الوضاع في شبه الجزيرة العربية أيضا .وقد جاء مؤتمر لندنا الذي عقد عاما 1840ما ليؤكد هذه
الحقيقة ويناقش الوضاع التي نشأت عن العمال التوسإعية لمحمد علي واضطر محمد علي إلى
سإحب قواته من شبه الجزيرة العربية وتبعا لذلك أخآذ المراء في الجزيرة العربية يوسإعونا من
دوائر نفوذهم .
وما إنا جاء عاما 1847ما حتى أصبحت القبائل التي تقيم في بلد شمرانا وبالقرنا وبلد
غامد وتبالة وباقم وبيشة تخضع لسيطرة الميرة عائض بم مرعي وفي عاما 1848ما ضم اليمن
إلى إمارته عندما اسإتنجد به محمد بن يحيى الذي كانا على خآلف مع ابن عمه المنصور وعززاه
بقوة دخآلت من تهامة إلى صنعاء وأخآرجت المنصور منها وضمت صنعاء إلى إمارة عسير ولكن
محمد بن يحيى نقض العهد الذي عقده مع المير عائض وعمل لمصلحته 3ولتأكيد وتعزيز موقفه
1عبد ا بن علي بن حميد _ دور أمراء عسير في نشر الدعوة السلفية .
2د .عيد مسعود الجهني _ الحدود والعلقات السعودية اليمنية من ص 105إلى ص 108
3محمود شاكر _ شبه جزيرة العرب .
17
تراسإل مع التراك ليمدوا له يد المساعدة واسإتجابوا لدعوته ولكنهم ما إنا دخآلوا صنعاء حتى
قتلوه وأجلوا عنها ابن عمه الماما المنصور ,وهكذا فتحت البواب أماما التراك لدخآول اليمن من
باب الخيانة .
وإزااء هذه التطورات الجديدة والتي تشكل خآطرا كبيرا على الوضاع في شبه الجزيرة
العربية بكاملها عمل المير عائض بن مرعي على تأمين جبهته فاتصل بالمير فيصل بن تركي
الذي كانا يقود مقاومة جريئة في نجد ضد الوجود العثماني ومن هنا تزامنت مقاومة الماما فيصل
بن تركي في نجد مع تحركات المير عائض على تصعيد المقاومة ضد قوات محمد علي وقد
ازاداد تفاقم الضغوطا التركية على نجد وعسير إل أنا مناعة الجبال العسيرية ووعورة مسالكها
مكنت قوات المير عائض بن مرعي من تسجيل انتصارات متعددة توجت بانتصاره الكبير في
عاما 1852ما ضد القوات التركية وشل مراكزها وخآلخلت صفوفها ,وسإادت الفرحة أنحاء عسير
وما حولها وأرسإل المير عائض بن مرعي وفدا إلى المير فيصل بن تركي بالدرعية يبشره بهذا
النصر .
وهكذا كانت نجد وعسير هما أسإاس المقاومة ضد القوات الغازاية في الجزيرة العربية
التي أرادت السيطرة عليها بقوة السلح حتى تم التخلص من قوات محمد علي من جميع أرجاء
الجزيرة العربية واسإتمر المير عائض بن مرعي في مقاومة القوى المحلية والجنبية التي
حاولت اسإتغلل انسحاب قوات محمد علي لعبث بالمن واسإتقرار المنطقة وفي هذه الظروف
انتشرت الوبئة والمراض المعدية ومنها الطاعونا بشكل واسإع بين الناس في الحجازا ثم انتقلت
منه إلى الناس في عسير وقد فتكت بالكثيرين منهم وقد وافت المير عائض بن مرعي المنية عاما
1273هـ ليصبح أحدد ضحايا هذه الوبئة بعد حكم داما 24عاما 1وانتقل الحكم بعد وفاة المير
عائض بن مرعي إلى محمد بن عائض الذي حكم عسير وكانا خآلل فترة حكمه التي اسإتمرت
16عاما مستبسل في الدفاع عن بلده وعقيدته وبعد أنا أمسك زاماما المور في بلده أخآذ يشكل
الثورات ضد العثمانيين مما دفع السلطانا العثماني عبدالعزيز أنا يطلب من الخديوي إسإماعيل
حاكم مصر إرسإال بعض قواته لخآماد ثورة محمد بن عائض 2وقد تردد الخديوي إسإماعيل بادئ
المر في تلبية طالب السلطانا العثماني حتى ل يتورطا في صراع غير مأمونا العواقب إل أنه
اسإتجاب أخآيرا لطلبه وأرسإل قوة عسكرية إلى عسير ووجه قائدها بالتحرك البطيء لتتاح فرصة
أماما التوفيق بين السلطانا العثماني والمير محمد بن عائض .3
وقد حاول الخديوي إسإماعيل في هذه الثناء بناء على توجيه الدولة العثمانية إغراء
المير فيصل بن تركي للوقوف إلى جانب الدولة العثمانية ضد ثورة القبائل العسيرية ولكن
المير فيصل رفض هذا العرض حفاظا على روابطه وعلقته القوية بأمراء آل عائض وقبائل
عسير وبعد فشل محاولت الخديوي بإغراء المير فيصل بن تركي للوقوف إلى جانب الدولة
العثمانية قاما بالكتابة مباشرة إلى المير محمد بن عائض عارضا عليه الوسإاطاة لدى الباب العالي
وجاء في خآطابه الذي يعد وثيقة هامة ) من خآديوي مصر إلى صاحب المجد المنيع والشرف
الرفيع الهماما الشهير " محمد بن عائض " أمير عسير داما في أمن الملك الكبير ( ثم اسإتطرد
قائ ا
ل:
وإني لمحب لكم ولبيتكم لني أحب عمار بيوت المجد والشرف على الدواما بأنا تبقى
مؤيدة مدى الياما ول أريد لها الخراب والنهاء _ فإنا قبلتم النصح وأردتم الخير والنجاح فنقوما
18
بالشفاعة لكم عند مولنا السلطانا في العفو عما فرطا منكم من الغواء النفساني بشرطا أنا تكونوا
1
تابعين للدولة العلية
وبالرغم من صدور فرمانا ) مرسإوما ( منح بموجبه المير محمد بن عائض رتبة أمير
المراء وجعله متصرفا لمارة عسير أو لما سإمي ) بالمتصرفية العزيزية ( إل أنا هذا الصلح لم
يدما إل فترة قصيرة أخآذ محمد بن عائض بعدها يعد العدة لمواجهة الحتمالت المتوقعة وبعث
الخديوي إسإماعيل تحذيرا واضحا إلى محمد بن عائض لوقف هذه التحركات العسكرية ويطلب
منه عدما اسإتفزازا الدولة العثمانية .
وإزااء رفض المير محمد بن عائض هذه التهديدات قامت الدولة العثمانية بتجهيز حملة
عسكرية بقيادة محمد رديف باشا وأمرته بالتوجه مباشرة إلى عسير حيث تمكن من احتللها وقتل
المير محمد بن عائض بالضافة إلى العديد من أفراد أسإرته وأصبحت بذلك عسير متصرفية
تابعة للدولة العثمانية ,وانتهى بذلك كفاح بطولي وسإقط آخآر قلع المقاومة الوطانية في عسير
حتى أنا السلطانا العثماني قال معبرا عن سإروره ) كل شيء بعد عسير يسير (.2
وقد شاعت الفوضى مع الوجود العثماني وتدخآله في شئونا المنطقة كما ترتب على ذلك
اشتعال الثورات وزايادة الضطرابات في جميع المناطاق العسيرية حتى زاوال الحكم العثماني دو
أنا يحقق هدفه في بسط سإلطانه على إقليم عسير .
وفي غضونا هذه الحداث قامت في عاما 1911ما الحرب اليطالية العثمانية التي اشتعلت
بسبب النزاع حول ليبيا لتضيف إلى أعباء الدولة العثمانية عبئا جديدا وتضعف من شوكتها في
المنطقة وتقلل من إمكانياتها العسكرية بشكل كبير مما مكن العسيريونا من رفع راية المقاومة .
وأخآذ نفوذ العثمانيين بالتضاؤل أماما ضراوة مقاومة العسيريين وفي نفس الوقت أخآذ نفوذ
الدارسإة في المخلف السليماني يتصاعد وقد اتحدت أهدافهم مع أهداف آل عائض في إخآراج
العثمانيين من المنطقة ,إل أنا أطاماع الدارسإة وقفت دونا بناء تحالف قوي بينهم وبين أمراء آل
عائض لسإيما وأنا موقف الدارسإة المفاجئ والمؤيد ليطاليا في حربها ضد المسلمين في ليبيا
كانا نقطة تحول خآطيرة في موازاين القوى حيث لم ترض القبائل العسيرية الوقوف إلى جاني
اليطاليين النصارى مع الدارسإة ووقفوا إلى جاني العثمانيين وقد تضاءل اهتماما الدولة العثمانية
بمنطقة عسير والمخلف السليماني وانشغلت عنها بسبب اتساع نطاق العمال الحربية في الدول
الوروبية وازادياد الضغوطا الخارجية على الدولة العثمانية مما أجبرها على التراجع والتخلي
عما كانا تحت يدها من أراضي وممتلكات في شبه الجزيرة العربية إلى أنا اضطرت الدولة
العثمانية إلى سإحب قواتها الموجودة في عسير ووضعتها في جبهات القتال .وفي عاما 1336هـ
3
قامت بتسليم المنطقة إلى المير حسن بن عائض لتكونا إمارة مستقلة خآارج السيطرة العثمانية .
وهكذا ومع نهاية الحرب العالمية الولى انتهت تماما مرحلة الهيمنة العثمانية في منطقة
شبه الجزيرة العربية وظل التنافس قائما في بعض المناطاق التي انسحبت منها التراك بين القوى
المحلية حيث أعلنت ولية اليمن اسإتقللها تحت المامة الزيدية وأصبحت إمارة عسير كيانا قائما
بذاته يخضع مباشرة لـ آل عائض أما المخلف السليماني فإنا الدارسإة ضلوا يحكمونه ,وبسبب
19
العداء التاريخي بين دولة المامة الزيدية لم تقم علقة ودية بينها وبين كل من إمارتي عسير
والمخلف السليماني .
ومن ذلك يتضح أنا المزاعم اليمنية القائلة بأنا هذه المناطاق كانت جزءا من النظاما
السياسإي اليمني الموحد ليس لها أسإاس من الواقع أو التاريخ حيث سإاد المجتمع القبلي في تلك
المنطقة الذي ل يتسع لظاهرة المجتمع السياسإي الموحد المتعارف عليه في العصر الحديث ولقد
ظل الطابع القبلي هو الغالب في تشكيل التجمعات السكانية وقبل نهاية الحرب العالمية الولى لم
تعرف المنطقة الوحدات السياسإية أو أي مظهر من مظاهر الدولة الحديثة وخآاصة في اليمن حيث
تلعب القبائل دورا رئيسيا ومؤثرا في حياة اليمن السياسإية والقتصادية والجتماعية ,فكل قبيلة
لها أرضها ذات الحدود المعروفة ,ولها قواتها العسكرية ,ولها شيخها الذي يدير شئونها ويقضي
بين أفرادها ويوجه سإياسإتها فكا قبيلة تمثل كيانا سإياسإيا له حكومته الخاصة وبهذا أصبحت القبائل
وحدات سإياسإية وعسكرية لها اسإتقللها ول يربطها بالسلطة الحاكمة في اليمن غير الضرائب
التي تدفعها للسلطات الحاكمة .1
هذه الحقائق تنفي الدعاء بأنا اليمن كانت تسيطر على هذه المنطقة ول يمكن اعتبار
اتساع مجال نفوذ قبيلة على حساب قبيلة أخآرى في فترة من الفترات أنه يخول حقا تاريخيا ثابتا
فإنا هذه العلقات وما تنطوي عليه من اتساع للحيز الجغرافي لبعض القبائل وانكماشها ل تؤدي
إلى إثبات حق من الحقوق في النطاق الدولي ,أما من الناحية التاريخية فإنه يمكن القول بانا
المارة الزيدية لم تستول على عسير وإنما اقتصر نفوذها وسإيطرتها على منطقة الجبال من اليمن
لصعدة وشهارة ولم يكن للمامة ما يمكن اعتباره حكومة شاملة لليمن كله .بينما امتد نفوذ آل
سإعود في زامن الدولة السعودية الولى إلى أبو عريش وزابيدة والحديدة حيث كانت تحصل الزكاة
من تلك المناطاق وتمكنت القوات السعودية من أنا تهدد صنعاء ذاتها والماما يحيى لم يكن له أي
حقوق شرعية على عسير حتى بعد أنا صار حاكما على اليمن. 2
وإذا كانت الشواهد التاريخية تفيد أنا منطقة عسير والمخلف السليماني كانتا تتمتعانا
بالشخصية المستقلة والكيانا المميز عن اليمن عن اليمن فإنه من جانب آخآر تؤكد الحقائق
التاريخية أنا ما كانا يجمع بين الدولة السعودية وبين أبناء عسير كانا من العمق والرسإوخ مما
يمكن اعتباره العامل السإاسإي لمجريات المور في هذه المنطقة وانا الدعوة السلفية الصلحية
كانا لها أثرها البارزا في توثيق العلقات ولشك أنا هذا كله انعكس على العلقات السعودية
اليمنية المعاصرة . 3
20
المبحث الثاني
العلقات السعودية اليمنية المعاصرة
تقع عسير في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة العربية السعودية ,وهي جزء هاما من
المملكة العربية السعودية المعاصرة ويحد إمارة عسير من الجنوب الشرقي إمارة نجرانا ,ومن
الشمال الشرقي إمارة الرياض ,ومن الجنوب إمارة جيزانا ومن الشمال والشمال الغربي إمارتا
مكة المكرمة والباحة ,ومن الجنوب اليمن .2
1منطقة عسير جزء من جبال السروات تمتد من بلد اليمن حتى سإراة الحجازا ,وقد اخآتلفت الكلمة تاريخيا ومكانيا فقديما أطالق اسإم
جرش على المنطقة التي تسمى عسير وقد حملت فيما بعد اسإم قبائل متحالفة أقامت في المنطقة وعرفت بإسإم عسير وقد أصبح من
المعروف عن الكثير ممن كتب عن عسير انا أسإمها مشتق من العسر لصعوبة مسالكها وكثرة تعاريجها لنا هذا الغقليم يضم جبال
شامخة الذرا مترامية الطاراف تتخللها أودية وشعاب وعرة المسالك ملتوية المآتي وكانت هذه المقاطاعة تعرف في عهد الدولة العثمانية
بمتصرفية عسير ومركزها أبها ويتبعها سإبعة أقضية .
وعسير تشمل الراضي الجبلية من نجرانا في الجنوب حتى زاهرانا في الشمال ويفصل بين تهامة وعسير عن بلد اليمن حدود تتصل
من ميناء ميدى على سإاحل البحر الحمر إلى شمال مدينة صعدة فحدود نجرانا وياما وتمتد تهامة عسير موازاية للمرتفعات الغربية غربا
من لد زاهرانا حتى الحدود الجنوبية اليمنية يبلغ طاولها مئتا ميل وعرضها ثلثونا ميل يقطع هذا السهر من مرتفعات عسير إلى البحر
الحمر أكثر من ثلثين واديا .
وعسير محصنة بحصونا طابيعية في البحر بسبب الستارة الموازاية لساحلها ووفي الداخآل بسبب الجبال الصعبة التضاريس .
2
21
وقد قاما تنافس شديد على السلطة بين أمراء وحكاما شبه الجزيرة العربية بعد سإقوطا الدولة
العثمانية عاما 1918ما إل انا الماما يحيى لم يتمكن من السيطرة على مختلف أنحاء اليمن ويمكن
إرجاع ذلك إلى الوجود البريطاني في عدنا وتدهور و تدهور النفوذ السياسإي لحلفاء الماما من
الشراف في الحجازا إلى جانب تعاظم النفوذ السعودي في شبه الجزيرة العربية وتصاعد نفوذ
الدارسإة في تهامة الذين تسلموا من البريطانيين ميناء الحديدة مما زااد التوتر بينهم وبين الماما
يحيى ورفضوا العتراف بشرعية حكمه على الميناء وكانا سإكانا تهامة يعارضونا كل
المعارضة الراء القائلة بأنا تهامة من الممتلكات الموروثة .
وقد كانت المسألة العسيرية تحتل مكانا كبيرا من اهتمامات الملك عبد العزيز أثناء
تحركاته لسإتعادة ملك أبائه وأجداده في تلك المنطقة ) .فلقد بدا عبد العزيز كفاحه من نقطة
الصفر ,وقضى ما يزيد عن نصف قرنا مقاتل في شتى الميادين وقد تألب عليه العداء
والخصوما فوقف وحده ليس معه سإوى ا تعالى ثم مصحفه وسإيفه ورجاله المخلصين يقاتل
ويناضل ول يكل ول يمل ل يتخاذل ول يتراجع يحفظ العهد ويصونا الوعد يقابل الحسنة بالحسنة
والسيئة بالعفو ول يحقد ول يطوى ضميره على موجده ل يطعن من الخف ول يتسلل في الظلما
قد اسإتهدف لم الشمل وجمع الشتات والقضاء على الفتنة والفوضى حتى كلل ا مساعيه بالنجاح
والتوفيق (.1
وقد تم أول اتصال بين الملك عبد العزيز والماما يحيى حميد الدين في بداية الحرب
العالمية الولى حيث تؤكد بعض المعلومات أنه تم التخابر مع بعض الزعماء العرب ومنهم إماما
اليمن وذلك لحثهم على جمع صفوفهم أماما مشاكل الحرب وبحث مستقبل البلد العربية بما يؤمن
مصالحهم ويحمي حقوقهم . 2
ونظرا للهمية الخاصة التي تحتلها منطقة عسير في تشكيل الحداث في جنوب شبه
الجزيرة العربية وبالتالي في تطور العلقات السعودية اليمنية تلقى الضوء على المنطقة في
جوانبها البشرية والجغرافية ذات الثر على المسار السياسإي وقد تناولها العديد من الباحثين
وتحدثوا عن عسير ضمن ما تناولوه عن القساما الطبيعية لشبه جزيرة العرب وغن كانا الملحظ
أنا الجوانب الجغرافية كانت تغب على المفاهيم السياسإية التي تحدد الطبيعة الفاصلة لتبعية
القاليم.
وقد ظلت العلقة التاريخية بين المملكة العربية السعودية وبين آل عائض الذين لعبوا
دورا هاما في منطقة عسير أحد الموجهات الرئيسية الهامة للحداث خآاصة في عهد محمد بن
عائض الذي تولى المارة بعد والده ووسإع حكمه على سإائر عسير السراة وقسم من الحجازا
وغامد و زاهرانا وقسم كبير من تهامتي عسير واليمن وكانت علقته بالدولة السعودية إيجابية
ومتميزة .
وعندما تسلم حسن بن علي بن محمد بن عائض السلطة بعد انسحاب التراك في عاما
1919هـ وذلك بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الولى واجه العديد من المشاكل وركز اهتمامه
على تثبيت حكمه في أعقاب النسحاب التركي ورغم إدراكه للصلة القوية التي كانت تربط
أحمد محمد حيدر _ الجغرافيا الزراعية لمنطقة عسير ص 21
1محيي الدين القابسي _ المصحف والسيف _ص 16
2مشاري بن سإعود بن عبد العزيز _ علقات المملكة العربية السعودية بالمملكة المتوكلة اليمنية في عهد الملك عبد العزيز _ رسإالة
ماجستير _ كلية الداب _ قسم التاريخ _ جامعة الملك سإعود 1402هـ ص 18
22
أسإرته بالدولة السعودية فقد وقع ضحية لتأثير بعض القوى المحلية والجنبية التي كانا يهمها
اليقاع بينه وبين الدولة السعودية فنفرت منه القبائل وعلى وجه الخصوص زاهرانا وقحطانا
والتي أرسإلت وفودها شاكية إلى ابن سإعود فبعث الملك عبد العزيز إليهم بستة علماء نجديين
وكتب إلى المير حسن وإلى رؤسإاء قحطانا وزاهرانا ينصحهم بالمسالمة ويدعوهم للرجوع إلى
ما كانا عليه أجدادهم ولكن المير حسن اسإتمر في سإياسإة السإتبداد والظلم وإزااء هذا الموقف
أرسإل الملك عبد العزيز حملة عسكرية بقيادة المير عبد العزيز بن مساعد بن جلوي وأمره بأنا
يتخذ كل الحتياطاات الممكنة وانا يسلك جميع السبل لقناع المير حسن بن عائض بالتزاما جانب
العقل واحتراما الطبيعة الخاصة للعلقات السعودية العسيرية كما كانا يفعل أجداده من قبل .
وحينما اتضح للمير عبد العزيز بن مساعد أنا حسن بن عائض لن يمتثل لهذه الرغبة
خآرج بجنوده والتقى به في مكانا يسمى حجلة ودارت بينهما معركة شهيرة انتهت بهزيمة قوات
حسن بن عائض واسإتيلء الجيش السعودي على السراة وما جاورها وعلى إثر ذلك دخآل المير
بن مساعد أبها وأعلن العفو العاما واسإتقبل زاعماء القبائل وأرسإل وفدا إلى الدريسي يطلب إليه
تحديد الحدود بينه وبين عسير .
وكانا اسإتسلما المير حسن بن عائض له نتائج عملية حيث صارت عسير الشرقية
جزءا من المملكة العربية السعودية وطاويت صفحة من الفتن والضطرابات وانفتح المجال أماما
الملك عبد العزيز لسإتكمال مشاريعه السياسإية وتوطايد حكمه في الداخآل وتعزيز مكانته في
الخارج وبانضماما عسير الشرقية إلى حكم الملك عبد العزيز اتسعت رقعة الدولة السعودية
فأصبحت على مقربة من تخوما بلد اليمن وبالرغم من أنا الماما يحيى قد أبدى مشاعر السإتياء
تجاه التطورات المتلحقة في تلك المنطقة إل انه لم يتدخآل في صراع مباشر مع الملك عبد
العزيز نظرا لما يتمتع به الحكم السعودي من دعم شعبي كبير في تلك المنطقة .1
بعد انضماما عسير الشرقية إلى الملك عبد العزيز كانا الجزء الخآر ما عسير حيث يتواجد
الدارسإة ذو أثر بعيد على العلقات السعودية اليمنية وكانت هذه المنطقة هي العامل الحقيقي
لحسم الخلف بين الدولتين .
ترجع نشأة السإرة الدريسية إلى السيد أحمد الدريسي المغربي الصل الذي ولد عاما 1172هـ
ببلدة ميسورة بالعرائش من أعمال بلد فارس ومراكش وهو أحد دعاة الطرق الصوفية الشاذلية
الذي وصل إلى مكة المكرمة وقاما بها وعمل واعظا ومرشدا لطريقته من الفترة ما بين _1799
1837هـ .
2
وكانا من عوامل نجاح أحمد بن إدريس في طاريقته ,أنه أخآذ ينشر بين الناس العدل والمن
ويرشدهم إلى طاريق الصواب وقراءة القرآنا والتفسير وكانت الدعوة السلفية من السإباب في
1د .عيد مسعود الجهني _ العلقات والحدود السعودية اليمنية ص 130\125
2أمين الريحاني _ ملوك العرب ص 312
23
جعل الطريق ممهدا أماما أحمد بن إدريس وكانت النفوس مهيأة للتلقي إذ لم تستطيع النظمة
الخآرى أنا يكونا لها نفس الثر .
وقد اجتمع إلى السيد احمد بن إدريس في صبيا كثير من الناس وطالب العلم فأخآذ يرشدهم
ويعلمهم واجبات دينهم بعد أنا غلب على سإكانا تلك المنطقة الجهل فكرس السيد أحمد بن إدريس
مجهوداته في المساجد والمجتمعات وفي بيته حتى كونا نخبه من طالب العلم قاموا بالدعوة إلى
ا والعمل بكتابه وكانا تلميذه محمد علي السنوسإي المقيم في مكة المكرمة يأتي إليه مع بعض
طالب العلم .1
وإزااء ما تمتع به من قبول لرائه الصلحية عمدت الدولة العثمانية على اسإتمالته بعرض
منصب القائم مقاما في مدينة صبيا وأبي عريش عليه وقد رحب السيد الدريسي بالعرض واعتبره
فرصه لتعزيز وجوده ونفوذه في المنطقة .
وبعد وفاة أحمد الدريسي لم يكن أبناؤه الذين خآلفه في نفس قوة شخصية والدهم فعاشوا على
حساب الرث الروحي الذي خآلفه لهم حتى جاء حفيده السيد محمد علي الدريسي الذي اسإتغل
نفوذ جده ونتيجة كما قلنا سإابقا لسوء أحوال عسير وفساد الغدارة التركية والتفاف الناس حول
محمد الدريسي عمل على إقامة دولة للدارسإة فاسإتطاع نتيجة لذلك أنا يطرد ما تبقى من
التراك لكنه فشل في مقاومة حملتهم التي قادها شريف مكة فأخآفق بالتالي في السإتيلء على
أبها.
ونرى ذكاء الدريسي متجليا حينما قامت الحرب اليطالية العثمانية حيث اسإتغل الدريسي
الفرصة ووقع مع اليطاليين اتفاقية حصل بموجبها على العديد من السإلحة مما أدى إلى سإوء
العلقات بينه وبين العثمانيين .
وما كانا من العثمانيين إل أنا عقدت صلحا مع الماما يحيى الذي ل أرى سإوى أنه كانا تمييعا
للثورات العنيفة التي كانا يعلنها ضد العثمانيين لكنه نكث بعهده عندما رأى أنا مصلحته تدفعه
لذلك فوافق على معاداة العثمانيين في تهامة بعد أنا كفلت له الحكومة اليطالية كل ما يحتاجه من
سإلح فكانا من نتائج ذلك مد نفوذه إلى جيزانا ثم نكث العهد مرة أخآرى فاتفق مع مشايخ صعدة
في اليمن اسإتعدادا للثورة وضرب اليطاليين بمدافعهم ,وبعد انتهاء الحرب اليطالية العثمانية
باحتلل اليطاليين لطرابلس الغرب واعتراف العثمانيين بذلك انتفى الغرض من ارتباطاهم
بالدريسي فتخلوا عنه .
ونرى أنا كل هذه التطورات هيأت الجو للدريسي للنجاح فعقد معاهدات مختلفة مع البريطانيين
واليطاليين أيضا ضد الدولة العثمانية وبموجب معاهدته مع بريطانيا اعترفت له بالسيادة على
جزر فرسإانا فقاما بوضع المخلف السليماني وملحقاته بمعاهدة تحت الحماية البريطانية بمقابل أل
ينشئ أي علقة سإياسإية أو تجارية مع أي حكومة أجنبية إل بعد موافقة بريطانيا .وعندما تمكن
الحلفاء من هزيمة الدولة العثمانية كافأه النجليز بإعطائه الحديدة تقديرا لخدماته مما أدى إلى
ضعف +غضب الماما يحيى حيث كانا في نفس الوقت يطلب جلء النجليز عن عدنا حيث أنه
كانا يعتقد أنا الحديدة سإتئول له في النهاية بعد جلء التراك عنها لكن البريطانيين احتلوها فما
كانا منه إل أنا أرسإل للمعتمد البريطاني في عدنا محتجا على احتلل الحديدة فجاءه الرد قائل "
أننا دخآلنا الحديدة لنحفظ المن والنظاما وسإنعيدها لكم " فاعتبر الماما هذا القول حجة للماما في
مسألة اسإترجاع الحديدة وخآاصة بعدما حدث ما سإبق قوله حيث قاما البريطانيونا بدل من تسليم
الحديدة للماما سإلموها للدريسي مكافأة له .2
1عبد الملك بن عبد القادر بن علي _ الفوائد الجلية في تاريخ المملكة السنوسإية ص 33
2زاهوة علي أبي بكر السقاف _مبدأ ثبات الحدود ونهائيتها والحدود السعودية اليمنية ) بتصرف (
د .عيد مسعود الجهني _ العلقات والحدود السعودية اليمنية ).بتصرف (
24
وبالرغم من أنا الدريسي كانا يبدو سإياسإيا ماهرا إل أنه وقع ضحية لمغامراته السياسإية بين
الدول الكبرى فبريطانيا التي وقعت مع الدريسي اتفاقيات ترددت في مساعدته حين تعرض
الدريسي لغزو من إماما اليمن وكانا هذا الغزو نتيجة لتسليم البريطانيين الحديدة للدريسي
فتعقدت الوضاع بينهم خآاصة وأنا الماما تزعجه قوة الدريسي .
واسإتمرت العلقة بينهما قاسإية وعند هذا الحد شعر الدريسي أنه لبد من اللجوء إلى قوة ينبغي
العتماد عليها غير بريطانيا التي خآذلته مرتين خآاصة أنا الشريف حسين يهدده في حدوده
الشمالية فقرر التعاونا مع الملك عبد العزيز و بالفعل وصلت القوات السعودية في 15ذي القعدة
1338هـ إلى عسير وأوفد الملك عبد العزيز وفدا من أبها برئاسإة عبد ا بن راشد الدريسي
لتحديد الجدود وعقدت معاهدة صداقة بين الطرفين عاما 1339هـ. 1
واسإتمر الدريسي في إخآلصه للملك عبد العزيز حتى وفاته في عاما 1341هـ فخلفه ابنه قليل
الخبرة الذي أوقع المارة في نهر من الفوضى فأصبح في أواخآر العاما 1343هـ المخلف في
حالة فوضى تامة بسبب الحروب المستمرة بين القبائل إضافة إلى اشتداد النزاع بين الماما وعمه
حسين فأصبحت المارة على شفا حفرة .
في هذه الثناء توجه مصطفى النعمي إلى الملك عبد العزيز في جده فنقل له ما أصاب المارة
الدريسية من اضطراب وتعدي الماما يحيى على الجزء الجنوبي من المارة وطالب من الملك
التدخآل وإرسإال جيش إلى هناك فأرسإل الملك خآطابا إلى أمير أبها وإلى القبائل فرد علي
الدريسي قائل " :إني والماما ابن سإعود حال واحد وعضو مساعد فليكن معلوما ثم نشر
الرسإائل بين القبائل " وبالرغم من ذلك سإاءت الوضاع بين الغماما وعمه حسين فأرسإل الملك
وفدا للصلح ولكنه عاد خآائبا .
في هذه الثناء نرى أنا أماما اليمن زاحف على الحديدة واحتلها واتجه شمال حتى وصل إلى ميدى
وأما هذا الخطر عين الدارسإة حسن الدريسي بدل من الغماما علي الدريسي للتصدي لزحف
إماما اليمن نحو بلدهم فحاول الحسن أنا يحل المر سإلميا لكن الماما اسإتمر في تقدمه والنجليز
توقفوا عن دعمهم للدارسإة بحجة عدما التدخآل في الشؤونا الداخآلية لليمن أو عسير .
لم يكن أماما الدريسي في ضوء هذه الحداث إل أنا يعرض المر على الملك عبد العزيز لنقاذ
المخلف لكن الملك لك يوافق وفضل البقاء محايدا وسإحب حاميته من صبيا وجيزانا إلى أبها
والتي جاءت لمساعدة الحسن الدريسي في الوصول لحكم المخلف من قبل عندما كانت القوات
الزيدية تتقدما إلى هاتين المدينتين .
وعندما اشتدت الصراعات بين إنجلترا وإيطاليا في غرب الجزيرة العربية وجد السيد الحسن
الدريسي نفسه وقد وصلت به الظروف إلى أنا يصبح مهددا تهديدا مباشرا بواسإطة جاره الماما
يحيى ونتيجة لذلك بعث بمندوب للملك عبد العزيز يطلب نجدته وعرض أنا توضع إمارة
الدارسإة تحت حماية الملك عبد العزيز وقد واقف الملك عبد العزيز على حماية المارة
الدريسية فوقعت معاهدة حول هذا الموضوع سإميت بمعاهدة مكة المكرمة لعاما 1926ما .
25
كانت تلك المعاهدة بمثابة المفاجئة للماما يحيى كما كانا ضم عسير ثم الحجازا ضمن المفاجآت
التي أقلقت الماما يحيى وقضت على أطاماعه في المخلف السليماني .
وفور عقد معاهدة مكة أرسإل الملك عبد العزيز نسخة منها مع كتاب للماما يحيى طاالبا إليه
إصدار المر لقواته بالكف عن مهاجمة الدارسإة وضرورة التقيد بها واحترامها . 1
ولم يكن أمامه إل أنا أبلغ قائده بالكف عن مواصلة الحرب ,وأرسإل الماما يحيى للملك عبد
العزيز برقية بتاريخ 2محرما 1346هـ جاء فيها :
" لقد تسلمت خآطابكم المؤرخ في 27ذي الحجة 1345هـ وردا عليه فإني أعرب عن سإعادتي
لنتدابكم إبراما المعاهدة لقد كانت هذه إرادتي وأود أنا أنهي إليكم انه ل أحد من إبراما هذه التفاقية
بيننا إل المسحيين وأولئك الذين يرغبونا في إثارة النزاع وإضعاف الدول العربية وانا مغتبط
بالحصول على حقوقي الطبيعية و أنا مستعد لطاعة ا وتقدما السإلما وآمل في ذلك جانبكم فإذا
انضم قلبي وقلبك فسوف تخفق القلوب الخآرى لقد وصلت بعثتكم الشريفة وبدأت المفاوضات
قوية أرجو أنا تكلل نتيجتها بالنجاح "
وقد رأى الملك عبد العزيز رغبة منه في إقرار علقات الجوار الجديدة بينه وبين الماما يحيى
إرسإال وفد سإعودي إلى صنعاء حمل نص المعاهدة لعرضها على الماما وفعل وصل الوفد إلى
صنعاء ودارت بينه وبين الماما يحيى ومندوبيه محادثات طاويلة اتضح من خآلله للوفد أنا
الجانب اليمني يعتبر عسير جزءا من اليمن وأنا الدارسإة غاصبونا دخآلء لهذه المنطقة إضافة
إلى انه ل يعترف بدخآول بلد آل عائض إلى نجد ول بسط الحماية على المقاطاعة الدريسية
وجاء تقرير الوفد السعودي بعد عودته ما يوضح وجهة النظر السعودية في أمر عسير ومطالب
الماما في عسير وأوضح الوفد السعودي بجلء للمندوبين اليمنيين أنا بلد الدارسإة قسم من
تهامة عسير وأنا عسير ليس من اليمن وأنا ليس لئمة الزيود أي حق من الحقوق فيه ببراهين
تاريخية عملية وانا حدود هذه المقاطاعة تمتد من مخا إلى زابيد إلى مركز باجل من جهة الجبال
وأنا هذه القطعة بحدودها المبينة قسم واحد ل يتجزأ وكانت خآاضعة للسيد محمد بن علي
الدريسي أياما حكمه وهي داخآله ضمن الحدود التي شملتها معاهدة الملك عبد العزيز مع السيد
حسن الدريسي ولذلك فإنها تعتبر من حقوق جللة الملك عبد العزيز نطالب بإعادة ما هو منها
تحت حكم الماما يحيى إلى المقاطاعة الدريسية . 2
وقد عاد الوفد السعودي مرة ثانية إلى صنعاء واسإتمرت جلساته خآلل شهري جمادى الثانية إلى
غرة شعبانا 1346هـ وكانت الحدود التي يعرضها للتفاق عليها تدل على تغيير أسإاسإي في
حديث الوفد فقد كانا يعمل فعل على إقرار الوضع الراهن بالنسبة للحدود الشرقية من نجرانا
للملك عبد العزيز ومن وائلة يتبع اليمن وكذلك من ابن صبحانا وجنوبا تابعا لليمن ومنه شمال
تابع عسير ومنها إلى تهامة معلوما أما القبائل التي لم تسلم الزكاة لحد فيهم فهي للملك عبد العزيز
وحدودها من العرو وجنوبا تابع لليمن ومنه وشمال تابع لعسير أما تهامة فبموجب التفويض الذي
عند الملك عبد العزيز يكونا الحد ميدى بين الحكومتين وقد وافق مندوب اليمن لكنه طاالب
بالدارسإة لكن الوفد السعودي رفض ذلك . 3
وقد انتهت مفاوضات الوفد الثاني في صنعاء وعاد إلى مكة المكرمة وبصحبته ممثلين عن الغماما
يحيى وجرت مفاوضات قصيرة غير منتجة لنا أعضاء الوفد اليمني لم يكن لهم من الصلحية ما
يجيز لهم البت في أي موضوع من المواضيع لنا الماما يحيى لم يعطي أي صلحيات لمندوبه
1مقبل عبد العزيز الذكير _ حوادث عسير واليمن والحجازا _ مخطوطا _ ورقة 31
2انظر وزاارة الخارجية السعودية _ بيانا العلقات السعودية اليمنية _ ص 2\3
3مقبل عبد العزيز الذكير _ حوادث عسير واليمن والحجازا _ مخطوطا _ ورقة .32
26
في المفاوضات ولبد من الرجوع إليه في كل شيء وهكذا عاد الوفد اليمني من مكة المكرمة
دونا التوصل إلى أي شيء .
وقد سإبق للملك عبد العزيز أنا بعث رسإالة إلى إماما اليمن حذره فيها من مغبة التمادي في احتلل
الراضي الدريسية ولكن الماما يحيى فيما يبدو لم يأخآذ المر على محمل الجد حتى وضعت
القوات السعودية على أهبة السإتعداد .
وتعد اتفاقية مكة بداية جديدة ل في تاريخ عسير فحسب بل في تاريخ العلقات السعودية اليمنية
حيث ترتب عليها تدهور العلقات بين الملك عبد العزيز والماما يحيى انعكس في صورة ارتفاع
التوتر العسكري بين الحدود اليمنية السعودية وقد بدأ الملك عبد العزيز يمارس مسؤولياته في
عسير فأرسإل أحد موظفيه إلى جيزانا لتنظيم الشؤونا المالية والدارية ومندوبا للتصال بين
الملك عبد العزيز والحسن الدريسي واصطحب المندوب السعودي معه عددا من الموظفين
ليساعدوه وليؤكدوا لهالي المنطقة بأنهم قد أصبحوا في حماية الدولة السعودية 1وأصبحت إمارة
عسير جزءا من الدولة السعودية .
وفي خآلل هذه الفترة وردت تقارير إلى الملك عبد العزيز محذره من الدريسي لنه بدأ يحرض
القبائل والتباع على الثورة ضد الحكم السعودي وأنا عناصر خآارجية كانت تقف وراءه وأشارت
الصابع إلى كل من الشريف عبد ا والماما يحيى ففي الوقت الذي بدأ المناوئونا للملك عبد
العزيز يكشفونا مخططاتهم ونواياهم الخبيثة ضد الدولة السعودية ونتيجة للتحريض الخارجي قاما
الدريسي بحركة تمرد مفاجئة ضد القوات السعودية ثم هاجم جيزانا وبعد يومين دخآل المدينة
وأسإر حاكمها السعودي فهد بن زاعير وموظفيه وإنا أدعى رغم كل ما حدق بأنه لزاال على
ولئه للملك عبد العزيز 2لكن الملك عبد العزيز أمر بإرسإال قوة عسكرية على الفور لوضع حد
لتمرد الدريسي وقد تمكنت القوات السعودية من إسإتعادة جيزانا ومطاردة الدريسي الذي وصل
إلى الحدود اليمنية .
وفي عاما 1351هـ أعلن الملك عبد العزيز ضم إمارة عسر إلى المملكة العربية السعودية وطالب
من الماما يحيى تسليم الدريسي وفقا لمعاهدة العرو لعاما 1931ما والتي تنص على توثيق
الصداقة والتعاونا وحسن الجوار بين الطرفين وعد قبول إلحاق الضرر ببلد ك منهما وتسليم
المجرمين السياسإيين وغير السياسإيين وعدما قبول من يفر عن طااعة حكومته لي سإبب من
السإباب وإرجاعه إلى دولته حال. 3
لكن الماما يحيى اقترح على الملك عبد العزيز أنا يعفو عنهم عفوا شامل فكانا ذلك رغبة من
الملك في التخفيف من حدة التوتر بينه وبين الماما .
27
حيث كانا الوفد السعودي يرى خآلل المفاوضات أنا مسألة الحدود لم تعد مشكلة بعد معاهدة
العرو السابق ذكرها فمعاهدة العرو قد ثبتها فمن غير المعقول أنا تعقد معاهدة بين دولتين قبل
القرار بالحدود .
واسإتمرت المراسإلت بين الملك والماما وكانا الملك واضحا في مطالبه حيث طالب تحديد الحدود
/التنازال عن نجرانا واعتبارها قطعة محايدة /طالبنا إعادة الدريسي .1
ومما يجدر ذكره أنه بعد انتهاء مشكلة الدارسإة أرسإل الملك عبد العزيز إلى إماما اليمن مستفسرا
عما إذا كانا غير رأسإه بالنسبة لرسإال وفد إلى صنعاء لعقد اتفاق حدودي نهائي بينهما فرحب
بوصول الوفد كن المفاوضات مع السإف فشلت .
وقد جاء تقرير الوفد الذي قدمه للملك عبد العزيز " وع شديد أسإفنا لعدما وصولنا إلى ما تمنيناه
فإننا نعلن رضاء ضمائرنا من شيء واحد وهو أننا وفقنا إلى إزاالة تلك الحالة المبهمة بيننا وبين
الماما يحيى وأزالنا قناع الريب والنفاق بصورة ل تترك للشك مجال ولحكومتنا بعد الوقوف على
الحقائق أنا تختط منهاجا ثابتا تسير عليه في المستقبل لجل صيانة منافعها وحفظ أملكها إلى انا
تتبدل ذهنية القابض على زاماما المر في اليمن وتأتي طاوارق الحدثانا بما يجبرهم على مصالحتنا
ومسالمتنا ومعرفة أنا هناك أمة عربية تتطلع إلينا وإليهم وتطلب منا ومنهم التفاق والتحاد على
ما فيه عز العرب والسإلما وكبت العداء والخصوما "
" وخآطة الماما يحيى التي تسير عليها تتلخص في إثارة بعض اللجئين إليه من رعايانا ثم إذا
أعتقد أنا الفرصة سإانحة اجهز على قطعة من أملكنا سإواء بالحرب او بالدس او بالتظاهر بحكم
جللتكم _ كما حصل في مسألة العرو _ والمماطالة والمراوغة والتسويف من الوسإائل الفعالة
2
التي يلجأ إليها "
ول شك أنا تقرير الوفد قد أثار الملك فأمر بحشد القوات على الحدود نظرا لسإاليب إماما اليمن
الغير واضحة ولنا الملك عبد العزيز كانا يريد تسوية نهائية للموقف وبرغم حشد القوات فقد ل
التصال والمفاوضات قائمة
وأدت هذه التصالت إلى أنا يقترح الماما حل لمسألة الحدود هو ) :ربط معاهدة حبية سإلمية
دينية لمدة عشرين سإنة يثبت فيها كل من الطرفين على ما بيده فعل من البلد ( فوافق الملك عبد
العزيز
لكن عبد الوهاب الدريسي قاما مع أحد رجال الغماما بالتقدما بقوة فاحتل جبال فيفاء والعبادل وبني
مالك داخآل حدود السعودية فاندهش الملك عبد العزيز لذلك واسإتفسر من الماما عن هذه
التحركات فرد الماما بالنفي وأنا هذه التحركات كانت بمقابل التحركات السعودية ثم اخآبره انه
أمر ابنه بالتوقف عن التوغل والحتلل والتخويف فأمره بالتراجع. 3
لكن جاء حادث الحجاج اليمنيين المؤسإف الذي وقع في منطقة تنومه التابعة لمارة أبها ليزيد في
توتر العلقات بين إماما اليمن والملك عبد العزيز حيث صمموا على السفر من الطريق الذي تدور
فيه المعارك بين القوات السعودية وقوات الشريف حسين وعند اقتراب قافلة الحجاج من منطقة
المعارك أطالق الجنود السعوديونا النار على القافلة ظنا منهم بأنا هؤلء ينتمونا على جيش
الشريف وأنهم جاؤوا متنكرين بلباس الحج ,وقاما الملك عبد العزيز بإرسإال اعتذار رسإمي لماما
1زاهوة علي أبي بكر السقاف _ مبدأ ثبات الحدو ونهائيتها والحدود اليمنية السعودية ص 69
2وزاارة الخارجية السعودية _ بيانا العلقات اليمنية السعودية ص 75\74
3د .عبد مسعود الجهني _ العلقات والحدود السعودية اليمنية ص 236\235
28
اليمن وشرح له ملبسات الحادث وقد رد عليه الغماما بخطاب شكر وطالب منه أنا يتولى شخصيا
التحقيق في الموضوع .1
ومن المعروف تاريخيا أنا إمارة عسير كانت تتمتع بالسإتقلل الذاتي وكانا لها شخصيتها
الوطانية وكانت في فترة من الفترات جزءا من الدولة السعودية ولم تكن علقة عسير باليمن
تحمل أي معنى للتبعية أو السيادة طايلة تاريخها السياسإي القديم أو الحديث. 2
من أجل إنهاء التوتر على الحدود اسإتمرت التصالت بين الطرفين تمهيدا لعقد مؤتمر للتوصل
للتسوية النهائية .3
عقد مؤتمر أبها ) في عسير ( بين الطرفين في 16فبراير 1934ما , 4إل أنه لم ينته بشيء نظرا
لخآتلف وجهات النظر .
* أثر فشل مؤتمر أبها على تصعيد التوتر القائم في المنطقة :
كانا لفشل مؤتمر أبها صدى بعيد لنه يعتبر إنذار بقياما حرب بين الدولتين إل انا الحرب لم تدر
رحاها عشية فشل المؤتمر وغنما اسإتمرت التصالت بين الملك والماما والماما حتى ضاق
الملك عبد العزيز من المماطالة والتسويف ونفذ صبره مما دفعه إلى إرسإال إنذار نهائي للماما
أخآبره بتعبئة الجيوش على الحدود وحدد في إنذاره يوما 20ذي الحجة 1352هـ موعدا لقبول
شروطاه ,وأصدر أمره في نفس الوقت إلى نجله المير سإعود ولي العهد آنذاك المتمركز في
نجرانا والمير فيصل في تهامة عسير بأنا يعبروا الحدود في ذلك اليوما إذا لم يصدر أي تعليمات
أخآرى .5
وتم تقسيم الجيش السعودي إلى أربعة أقساما الول :تحت قيادة المير فيصل بن سإعد بن عبد
الرحمن الفيصل ,وأمره أنا يتقدما جهة باقم وما حولها لجل التحكم في الجبال التي دخآلتها جنود
الماما ,والثاني :تحت قيادة المير خآالد بن محمد بن عبد الرحمن الفيصل ,وأمره أنا يتقدما
ويجعل نجرانا على يساره وباقم عن يمينه إلى حدود صعده ,أما الثالث :فبقيادة ولي العهد آنذاك
المير سإعود بن عبد العزيز ,فتقدما إلى البلد التي إلى شرق المنطقة التي شغلها المير فيصل بن
29
سإعد ليكونا رداء يمدها عند الحاجة ويدبر الخطط الحربية ويشرف على العمال ,أما الرابع
جيش نجرانا بقيادة مذكر من آل عاصم قحطانا ,وابن سإعيد .1
وفي السادس من شهر ذي الحجة سإنة 1352هـ أرسإل الملك عبد العزيز برقية للماما يحيى جاء
فيها ) :لقد بذلت أقصى ما أسإتطيع بذله لقرار السلما وإثبات الصداقة ,بالرغم من تكرار
اعتداءاتكم واكتساح جنودكم لبلداتنا ,وأرسإلت الوفود تلو الوفود منذ سإبع سإنوات حتى أعياني
أمركم ,واسإتنفذت سإائر الوسإائل الممكنة ,ولم يبق لنا إل أنا نخبركم بالصراحة التي نراها واجبة
علينا أننا توكلنا على ا واسإتمددناه من حوله وقوته على أداء الواجب الذي يحفظ أمانينا ويؤمن
رغبتنا ويصونا شرفنا ,وأمرنا بالدفاع لنقاذ بلدنا ,وقد أحببنا إحاطاة حضرتكم علما بهذا العزما
لتكونوا على بينة منه وباب السلم مفتوح إذا أردتموه ,وليس عندنا غير ما طالبناه في السابق وهو
إخآلء الجبال وإطالق رهائنهم وترك أمرهم منا إليهم ,وتحديد الحدود بيننا وبينكم بمعاهدة ,
وإبعاد الدارسإة بالحل المقرر ومسألة نجرانا بأي حال من الحوال ,وقد تقدمت الجنود متوكلة
على ا ,ونحن معذورونا في ذلك وباب السلم مفتوح متى أردتموه على الشروطا المذكورة أعله
( .2
وقد بدأت حرب السإابيع السبعة عنيفة وخآاصة من جانب الجيش السعودي ,وفي أوائل محرما
1353هـ اسإتولى المير فيصل بن عبد العزيز الذي أسإندت إليه قيادة تهامة على ميدى والزهرة
وابن عباس وما فيها من قلع وذخآائر ,ثم طالب أهل اللحية وجميع قبائل وادي مور من المير
فيصل التقدما لبلدهم فدخآلها وتراجعت قوات الماما بسرعة في سإائر تهامة ,ودخآل المير فيصل
الحديدة في 1353 /1 /21هـ .
وقد اسإتطاع المير سإعود بن عبد العزيز الذي أسإندت إليه قيادة نجرانا أنا يصل بسهولة إلى باقم
أول قرية هامة على الطريق الرئيسي إلى صنعاء .3
وفي 12ابريل 1934ما أرسإل الماما يحيى حميد الدين برقية إلى الملك عبد العزيز يطلب الهدنة
قال فيها " :يكفي ما قد كانا ونعوذ بال من شرور المتربصين بالسإلما الدوائر لتحقيق
مطامعهم ,بلد ياما تحت حكمهم ,وقد أمرنا برفع جندنا من بلد نجرانا ,وتفضلوا بطلب السيد
عبد ا بن الوزاير إلى حضرتكم لسإتكمال المعاهدة الخآوية عافاكم ا " .
ويتضح أنا الماما قد أصدر أوامره لقواته بالجلء عن نجرانا وقد حدد الملك عبد العزيز عدة
شروطا لعلنا الهدنة تتضمن الجلء عن نجرانا ,تسليم الرهائن من القبائل لدى الماما ,تسليم
الحسن الدريسي طابقا لمعاهدة العرو سإنة 1931ما ,ولتحقيق تنفيذ هذه الشروطا فإنا الملك عبد
العزيز لم يتوقف عن الحرب بل واصلت قواته زاحفها وتقدمها فاسإتطاع إتماما احتلل نجرانا
ودخآول ميناء ميدى على الحدود ,وفي أوائل مايو لعاما 1934ما دخآلت القوات السعودية اللحية ثم
الحديدة وفي 4مايو من نفس العاما دخآلت القوات السعودية الحديدة بدونا حرب ,وبعد هذه
النتصارات وجدت القوات السعودية نفسها على أبواب صعده المركز الزيدي الهاما جبهة نجرانا
وعلى أبواب صنعاء نفسها في جبهة تهامة .
30
وفي الثاني عشر من مايو 1934ما وافق الملك عبد العزيز على وقف القتال ,وبعد الهزيمة التي
أنزلتها القوات السعودية بجيش الماما يحيى و اسإتعادة نجرانا ومرتفعات عسير وتوغلها داخآل
الحدود اليمنية أسإرع الماما إلى طالب الصلح فعقدت معاهدة الطائف الشهيرة لعاما 1934ما .
لتنتهي حرب السإابيع السبعة بمعاهدة الطائف لتمهد لعلقات جديدة بين الدولتين .
وتمثل المعاهدة أهمية كبيرة في تاريخ العلقات بين المملكة العربية السعودية واليمن حيث
اسإتقرت العلقات بين الدولتين بأسإلوب الصداقة وتعتبر الطاار القانوني لوضع الحدود بين
الدولتين .1
1د .عيد مسعود الجهني _ الحدود والعلقات السعودية اليمنية ص 242 /237
31
الفصل الثالث
معاهدة
الطائف
المبحث الوأل
قراءة لحكام وأماهية معاهدة الطائف
تعتبر معاهدة الطائف من حيث موضوعها معاهدة صداقة وأخآوة إسإلمية تتناول إنهاء
الحرب والعتراف المتبادل بين الدولتين ووضع الحدود بينهما كما تطرقت المعاهدة إلى
التصالت والعلقات القتصادية بين الدولتين .
وقد نصت المادة الولى على أنا تنتهي حالة الحرب القائمة بين المملكة العربية السعودية
ومملكة اليمن بمجرد التوقيع على هذه المعاهدة ,وتنشأ فورا بين الملكين وبلديهما وشعبيهما
32
حالة سإلم دائم وصداقة وطايدة وأخآوة إسإلمية عربية دائمة ل يمكن الخآلل بها جميعا أو ببعضها
وحل المنازاعات بروح الود والخآاء السإلمي العربي في سإائر المواقف والحالت .
معاهدة الطائف هي معاهدة تمثل حجر الزاوية في ترسإيم الجانب الكبر من الحدود
اليمنية السعودية وأسإتعرض في هذه المطلب المعاهدة من الناحيتين الشكلية والموضوعية .
من الناحية الشكلية نلحظ أنا هذه المعاهدة طاويلة إلى حد كبير فالمعاهدة قد تضمنت
كثير كثيرا من النقاطا والموضوعات التي كانا يمكن وضعها في اتفاقيات أو برتوكولت ملحقة ,
فتحديد الحدود مثل من المور الهامة التي يجب النص عليها في المعاهدة ولكن ينبغي أل تذكر
في صلب المعاهدة نفسها ويمكن إرجاع هذا النقص في الناحية الشكلية إلى أنا الدولتين حديثتا
عهد بشؤونا العلقات الخارجية والمور الدبلوماسإية .2
وبتحليل الناحية الموضوعية يتبين لنا أنها تضمنت آثارا هامة وخآطيرة على رأسإها
خآروج نجرانا وعسير من اليمن ,والمعاهدة عنيت بتحديد الحدود بشكل كامل ودقيق حتى ل
يكونا هناك أدنى مجال لثارة المشاكل ,والمعاهدة لم تقتصر على تنظيم الحدود بل امتدت
وشملت جميع أوجه العلقات بين البلدين الشقيقين فبالضافة إلى الجوانب المنية في المعاهدة
نظمت الجوانب القتصادية بما يحقق مصلحة الشعبين .
وتناولنا في المطلب الول المادتين 1و 2من المعاهدة تعليقا ونتكلم النا عن بقية المواد
المهمة الواردة في المعاهدة .
فتناولت المادة الرابعة من المعاهدة تنظيم الحدود بين البلدين بشكل تفصيلي ,حيث يبدأ
خآط الحدود بين المملكتين اعتبارا من النقطة الفاصلة بين ميدى والموسإم على سإاحل البحر
الحمر إلى جبال تهامة في الجهة الشرقية ,ثم يرجع شمال إلى أنا ينتهي إلى الحدود الغربية
الشمالية التي بين بني جماعة ومن يقابلهم من جهة الغرب والشمال ,ثم ينحرف إلى جهة الشرق
إلى أنا ينتهي إلى مابين حدود نقعة ووعار التابعتين لقبيلة وائلة وبين حدود ياما ,ثم ينحرف إلى
أنا يبغ مضيق مروانا وعقبة رفادة ثم ينحرف إلى جهة الشرق حتى ينتهي إلى أطاراف الحدود
1د عيد مسعود الجهني _ الحدود والعلقات السعودية اليمنية ص .244
2سإيد مصطفى سإالم _تكوين اليمن الحديث _ ص 424
33
بين من عداياما من همدانا بن زايد وائلى وغيره وبين ياما فكلما عن يمين الخط المذكور الصاعد
من النقطة المذكورة التي على سإاحل البحر إلى منتهى الحدود في جميع جهات الجبال المذكورة
فهو من المملكة اليمنية ,وكل ماهو عن يسار الخط المذكور فهو من المملكة العربية السعودية ,
وكل ما هو بين الجهات المذكورة وما يليها مما لم يذكر اسإمه في المعاهدة وكانا مرتبطا ارتباطاا
فعليا أو تحت ثبوت يد المملكة اليمانية قبل سإنة 1352هـ وكانا في جهة اليمين فهو من اليمن ,
وما هو من جهة اليسار بين الجهات المذكورة في المعاهدة وما يليها ولم يذكر اسإمه مما كانا
مرتبطا ارتباطاا فعليا أو تحت ثبوت يد السعودية قبل سإنة 1352هـ فهو من السعودية. 1
ونظرا لرغبة الدولتين في دواما اللم والطمأنينة والسكونا فقد نصت المادة الخامسة على
أنا يتعهد الطرفانا بعدما إحداث أي بناء محصن في مسافة خآمسة كيلو مترات في كل جانب من
جانبي الحدود في كل المواقع والجهات على طاول الحدود .
وفي المادة الثامنة تعهد كل من الطرفين تعهدا متقابل بأنا يمتنعا عن اللجوء إلى القوة
لجل المشكلت بينهما سإواء كانا منشؤها هذه المعاهدة أو سإبب آخآر وفي حالة تعذر التوفيق
بينهما يلجأ إلى التحكيم .
وأوضحت المادة السابعة عشرة أنه في حال حصول اعتداء خآارجي على أحد الطرفين
يكونا على الطرف الخآر الوقوف على الحياد التاما سإرا وعلنا والمعاونة الدبية والمعنوية
الممكنة ,وعدما تعضيد المعتدي الخارجي .
ونصت المادة الثامنة عشرة أنه في حالة الفتن والعتداءات الداخآلية في بلد أحد
الطرفين يتعهد تعهدا متقابل بعدما تمكين المتعهدين أو الفارين من السإتفادة من أراضيه ,ومنع
اللجئين منهم الدخآول في بلده وتسليمهم أو طاردهم ,ويمنع رعاياه من الشتراك مع المعتدين أو
تشجيعهم كما يمنع المدادات عنهم .
وفي المادة الثانية والعشرونا نص على سإريانا هذه المعاهدة لمدة عشرين سإنة قمرية
تامة على أنه يمكن تجديدها أو تعديلها خآلل الستة أشهر التي تسبق تاريخ انتهاء مفعولها .فإنا لم
تجدد أو تعدل في ذلك التاريخ تظل سإارية المفعول إلى ما بعد سإتة أشهرمن إعلنا أحد الفريقين
رغبته في التعديل .
والجدير بالذكر أنا المعاهدة نصت في المادة الثامنة منها على اللجوء إلى التحكيم في
حالة عدما إمكانا التوفيق بين الطرفين بالمراجعات الودية ,وقد نص على عهد التحكيم في ملحق
مرفق بالمعاهدة يوضح شروطاه وكيفية طالبه وحصوله ونص على أنا يكونا لهذا الملحق نفس
القوة والنفوذ اللذين لهذه المعاهدة ويحسب جزءا منها وبعضا متمما للكل فيها .
/1أنا المعاهدة نصت في المادة الثامنة على عدما اللجوء إلى القوة لحل المشكلت
بينها سإواء تعلقت تلك المشكلت بالمعاهدة أو ما يستجد منها ,إل أنا الواقع ومنذ
34
إبراما المعاهدة شهد عدة تحركات عسكرية على الحدود المشتركة تتحول إلى
اشتباكات عسكرية بين الجانبين .
/2أنا المادة الثانية عشرة نصت على أنا كل جهة من الجهات التي صارت بموجب
هذه المعاهدة إلى الفريق الخآر رعيه لذلك الفريق ,ورغم أنه ليس هناك عرف دولي
قد اسإتقر على ضرورة اسإتفتاء سإكانا القليم المتنازال عنه لخآتبار الجنسية التي
يرغبونا في التمتع بها إل أنه في اعتقادي انه ل ينبغي ترك مسألة السإتفتاء للرادة
المطلقة للدولة المتنازال لها عن الجزء من القليم إنا شاءت أعملته وإنا شاءت
تجاهلت أجرائه بل يجب النص عليه خآاصة بعد أنا صار مبدأ حق تقرير المصير من
القواعد المرة في القانونا الدولي .
/3الملحظة الثالثة وإنا كانت ل تتصل بالمعاهدة ذاتها ولكنها تتصل بها فمن
الملحظ أنا السإلوب الذي اتبعه الطرفانا في حل المشكلة إلى النا لم يتجاوزا
المفاوضات الثنائية وإنا كانت لها ميزتها في تضييق شقة الخلف بترك المر
للجانبين دونا تدخآل طارف ثالث إل أنا الحاجة في بعض الحيانا تدعو إلى السإتعانة
بالوسإائل القانونية الخآرى لتسوية النزاعات مثل التحكيم لتحقيق الفصل في النزاع
الذي طاال أمده ,خآاصة وأنا التحكيم قد نص عليه في المعاهدة لحل النزاع بينهما .
/4أنه ل يمكن القول أنا المعاهدة بصياغتها التي وضعت بها تساهم في إقامة حدود
ثابتة ونهائية للبلدين حيث نلحظ أنه بالنظر إلى المادة الثانية والعشرين من المعاهدة
التي تنص أنا المعاهدة تظل سإارية المفعول مدة عشرين سإنة قمرية تامة ويمكن
تجديدها أو تعديلها خآلل الستة أشهر التي تسبق تاريخ انتهاء مفعولها فإنا لم تجدد أو
تعدل في ذلك التاريخ تظل سإارية المفعول إلى ما بعد سإتة أشهر من إعلنا أحد
المتعاقدين رغبته في التعديل .
وعلى ذلك فالمعاهدة ل تعتبر نهائية وبالتالي فإنا الحدود ل تعتبر نهائية وثابتة
فمجرد كونا المعاهدة قابلة للتجديد كل عشرين عاما ل يسمح بالقول بأنا الحدود
السعودية اليمنية تتميز بالنهائية والثبات .ومن ثم فل يكونا للجانب السعودي أنا
يحتج بمبدأ ثبات الحدود ونهائيتها في التسوية السليمة للحدود اليمنية السعودية .
وبغض النظر علن صفة التأقيت في المعاهدة فإنا النظر إلى الظروف التي صاحبت
إبراما المعاهدة يجعل من الصعب الخآذ بهذا المبدأ في حالة الحدود اليمنية السعودية
لنا تطبيق المبدأ يفترض أنا يقوما تحديد الحدود على أسإاس صحيح. 1
1زاهوة علي أبي بكر السقاف _ مبدأ ثبات الحدود ونهائيتها والحدود اليمنية السعودية _ص 71/75
35
المبحث الثاني
الحكام القانونية التي تثيرها معادة الطائف
كثير من المعاهدات الدولية والمهمة منها بالذات مثل معاهدات الحدود ومعاهدات
السلما ل تبرما في ظروف عادية ,وإنما تصاحبها غالبا أحداث جساما ومؤثرات قد
تكونا سإابقة أو معاصرة لبرامها ,وأخآذ هذه الظروف في العتبار يعين المفسر
على فهم المعنى الصحيح للنصوص .1
يقصد بها الطاار التاريخي الذي يشكل مجمل الحداث والوقائع والحوال السياسإية
والقتصادية والعسكرية ,التي حملت الطاراف على إبراما المعاهدة بغية تثبيت أو تأكيد المر
الواقع أو أحداث أملتها الضرورة الناجمة عن هذه الظروف .2
وهذه الظروف قد تكونا مؤثرة بالنسبة للطرفين أو جميع الطاراف في المعاهدة كأنا
تكونا ظروف عقائدية أو سإياسإية أو اقتصادية أو اجتماعية مارسإت تأثيرها على مواقف الدول في
شتى المجالت المختلفة للعلقات الدولية مثل انتماء هذه الدول إلى جماعة إقليمية معينة أو بينها
روابط مشتركة أو أحوالها متقاربة ولها الرغبة في الظهور في المجتمع الدولي بمظهر واحد .
مثال :معاهدة الطائف التي أبرمت بعد مواجهة عسكرية بين القوات اليمنية والقوات
السعودية كانت الغلبة فيها للسعودية بسبب فارق العتاد والخبرة العسكرية والحصول على
المعونة البريطانية ,وخآوفا من سإيطرة القوات السعودية على مزيد من الراضي اليمنية قبل
الماما يحيى وقف القتال والدخآول في مفاوضات نتجت عنها معاهدة الطائف .
إنا الحاطاة بالظروف الملبسة لبراما المعاهدة باعتبارها عوامل ضاغطة على أطاراف
المعاهدة ,فهذه الحاطاة ل تقتصر على تلك الظروف التي صاحبت البراما بل ينبغي بحث
الظروف السابقة أي البحث العاما وقراءة تاريخ المعاهدة وصول إلى تحديد المدى والنطاق
الشمل لنصوصها .
وبناء عليه ,فإنا لجوء القاضي إلى بحث ظروف أسإبق على تلك الظروف المشار إليها
ليس أمرا ممنوعا وإنما هو مباح للوصول إلى فهم أعمق للمعاهدة .3
1علي إبراهيم _ الوسإيط في المعاهدات الدولية _ ص 1420
2علي إبراهيم _ مرجع سإابق _ ص 1421
3زاهوة علي بن أبي بكر السقاف _ مبدأ ثبات الحدود ونهائيتها والحدود السعودية اليمنية _ ص 78 /77
36
المبحث الثالث
الوضع القانوني لمعاهدة الطائف
المطلب الوأل :
القوة الملزمة لمعاهدة الطائف:
تم إبراما معاهدة الطائف والتوقيع عليها من جانب ممثلي المملكة العربية السعودية واليمن
واسإتكملت بذلك أوضاعها المقررة في القانونا الدولي ,وأصبحت بالتالي ملزمة للطرفين ,
وتستمد المعاهدة قوتها الملزمة من الرضا المتبادل بين طارفيها وفق إرادة حرة لم يشبها إكراه أو
غش وتوفر للمعاهدة أهلية التعاقد علوة على مشروعية موضوع التعاقد فاسإتوفت جميع
شروطاها طابقا للقانونا الدولي وأصبحت أحكامها ملزمة للدولتين السعودية واليمنية .
فالمعاهدات المبرمة إبراما صحيحا تاما تلزما جميع الدول التي أبرمتها في كل ما جاء
فيها تطبيقا للقاعدة العامة التي تنص بتقيد المتعاقد بتعاقده ,وطابقا للقانونا الدولي ينبغي تنفيذ
المعاهدات بحسن نية بصرف النظر عن تغير الحكومات أو تقلب الوضاع الداخآلية إل أنا الفقهاء
أجازاوا تحلل الدولة الخلف من بعض التبعات والتفاقيات السياسإية والقتصادية التي أبرمتها
37
الدولة السلف إل أنا الشيء الذي ل يجوزا القداما عليه على الطالق هو التحلل من المعاهدات أو
التفاقيات الدولية المتعلقة بالحدود .
وأشير إل أنا معاهدة الطائف والتي عالجت النزاع السعودي اليمني تلتزما بها المملكة
باعتبارها حجر السإاس في التعامل مع أية حكومة تضطلع بمسؤولية الحكم في اليمن في اليمن
مهما كانا نوعها ,وبالتالي فإنا أي إخآلل لبند من بنود المعاهدة يعد خآرقا فاضحا لقواعد القانونا
الدولي ورغم ما ينشر من دعايات مغرضة فقد التزمت اليمن بتجديد معاهدة الطائف إذ جددت في
العهد الملكي وفي العد الجمهوري .1
اكتسبت المعاهدات الدولية في الحقبة الحالية من تاريخ العلقات الدولية أهمية متزايدة
في النظاما القانوني الدولي .
وقد أقامت معاهدة الطائف قواعد ثابتة وأسإس متينة لعلقات البلدين بعضهما ببعض
وتعتبر أول عمل في سإبيل الوحدة العربية التي قامت صروحها على أسإاس من اليمانا
والخآلص .2
وقد حسمت المعاهدة بشكل نهائي وقاطاع كل المشاكل الخاصة بالحدود المتنازاع عليها
بين المملكة واليمن كما أنا التصديق عليها وإعلنها في كل من مكة والقاهرة وصنعاء ودمشق
في وقت واحد أعطى للمعاهدة طاابعا دوليا وإطاارا قانونيا ملزما حيث شهدت وفود عربية على
صحة ما اتفق عليه من كل من محمد علي علوبة ممثل عن مصر ,هاشم التاسإي ممثل عن
سإوريا ,شكيب أرسإلنا ممثل عن لبنانا ,وأمين الحسيني ممثل عن فلسطين ,وتبعا لذلك فإنا
اتفاقية الطائف هي الطاار القانوني للعلقات السعودية اليمنية من أجل قياما علقة أخآوية بين
البلدين .3
يذهب الشراح في تقسيم المعاهدات وتصنيفها مذاهب شتى تبعا لعدد الدول المساهمة فيها
إلى معاهدات ثابتة أو خآاصة ومعاهدات جماعية أو عامة ومنها تقسيمها تبعا لمدتها إلى معاهدات
محددة المدة أو مؤقتة ومعاهدات غير محددة المدة أو مستديمة ,ومنها تقسيمها تبعا لطبيعتها إلى
معاهدات شارعه ومعاهدات عقدية ,ومنها تقسيمها تبعا لموضوعها لمعاهدات سإياسإية ومعاهدات
اجتماعية أو اقتصادية ,إلى غير ذلك من التقسيمات .
ومعاهدة الطائف تبعا لذلك معاهدة ثنائية بين المملكة العربية السعودية واليمن ,وهي
معاهدة عقدية تبعا لطبيعتها ,ومن حيث موضوعها فهي معاهدة سإياسإية واقتصادية .4
38
المطلب الرابع :
انعقاد معاهدة الطائف :
تنعقد المعاهدة صحيحة إذا توافرت فيها شروطا أهلية التعاقد والرضا ومشروعية
موضوع التعاقد .
يجمع الفقه على أنا للدول أهلية إبراما المعاهدات وأنا ذلك يعد مظهرا هاما من مظاهر
تمتعها بالشخصية القانونية الدولية ,ولقد قننت المادة السادسإة من معاهدة فينا الخاصة بقانونا
المعاهدات هذا التجاه فنصت على أنا ) لكل دولة أهلية إبراما المعاهدات ( ,وإبراما المعاهدات
مظهر من مظاهر سإيادة الدولة وعلى ذلك يكونا للدولة تامة السيادة كامل الهلية لعقد المعاهدات
أيا كانا نوعها أما الدول ناقصة السيادة فأهليتها لبراما المعاهدات ناقصة أو منعدمة وفقا لما
تتركه لها علقة التبعية من الحقوق ,وأما أي السلطات في الدولة تملك إبراما المعاهدات فهذا ما
يحدده القانونا السإاسإي لكل دولة. 1
* الرضا :
والمعاهدات ل تنعقد صحيحة إل بتوافر الرضا التاما لدى كل من الدول المشتركة فيها وقياما
الرغبة الحرة لديها باللتزاما بما فيها ,وإذا عاب الرضا خآطأ أو غش أو إكراه أثر ذلك على
صحة المعاهدة وكانا للدولة التي تشكو من أحد العيوب أنا تعتبرها باطالة أو تطالب ببطلنها .
ومن الثابت أنا العيوب المفسدة للرضا ليس فيها في محيط العلقات الدولية من المدى والثر
مالها في دائرة العلقات الخاصة ليضاح مؤدى ذلك تحسن التفرقة بين الخطأ والغش من ناحية
والكراه من ناحية أخآرى .
وإذا نظرنا إلى المور من الناحية العملية لتبين لنا انه يصعب قياما الغش والخطأ بالنسبة
للمعاهدات في تماما إبرامها ,إذ هي ل تبرما في صفة نهائية إل بعد الدرس والفحص والتمحيص
والمناقشة في كل دقيقة من دقائقها ,ومن الممكن غالبا تبين الخطأ إنا وجد أيهما قبل المرحلة
الخآيرة التي تصبح بعدها المعاهدة ملزمة وتلفي المر في الوقت المناسإب .
وهذا ما يتضح في الملحق الثاني لمعاهدة الطائف والذي تضمن أنه ) نظرا لنه تحقق الغلط فيما
عملته الهيئتانا بوضعها العلم الحادي عشر رأس عقبة نهوقة ,وحيث أنا عقبة نهوقة تابعة للملكة
اليمانية المتوكلية بموجب نص المادة الرابعة من معاهدة الطائف فالعلم الفاصل الذي يكونا
اعتباره فاصل بين المملكتين وذلك المحل يوضع تحت عقبة نهوقة ولجل إزاالة الغلط والتصحيح
بموجب نص المعاهدة حررنا هذا ( .2
39
يجب لصحة انعقاد المعاهدة أنا يكونا موضوعها مشروعا وجائزا ,لقد قرر ميثاق المم المتحدة
في المادة 103أنه ) إذا تعارضت اللتزامات التي يرتبط بها أعضاء المم المتحدة وفقا لهذا
الميثاق مع أي التزاما دولي آخآر يرتبطونا به فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق (.
وبتطبيق هذه الشروطا التي يقررها القانونا الدولي لنعقاد المعاهدة الصحيحة نجد أنها جميعا
تتوفر في معاهدة الطائف من حيث صحة أهلية التعاقد بين دولتين كاملتي السيادة وانعقاد المعاهدة
بالرضا الكامل ولم يشبها أي عيب من العيوب إلى جانب مشروعية موضوع المعاهدة .1
التصديق هو قبول المعاهدة رسإميا من السلطة التي تملك عقد المعاهدات عن الدولة والتصديق
عمل من خآصائص السلطة التنفيذية يتولها رئيس الدولة .
وقد تم التصديق على معاهدة الطائف من الملك عبد العزيز والماما يحيى ملك اليمن .
وحيث أنا معاهدة الطائف اسإتكملت جميع الشروطا التي يستلزمها القانونا الدولي فقد أصبح
للمعاهدة وجود قانوني وتلتزما بها الدولتانا .
ودخآول المعاهدة في دول التنفيذ وانعقادها يخضعانا خآضوعا تاما لرادة أفرادها ,وكذلك المر
في كل ما يتعلق بما يرد فيها من أحكاما .2
دولة اليمن حصل بها تغييرات داخآلية ,وتناولت هذه التغيرات نظاما الحكم الداخآلي حيث تحول
نظاما الحكم من ملكي إلى جمهوري ,كما تناول التغيير القليمي بقياما اتحاد بين جمهوريتي
اليمن ,فالتغيير الذي يصيب نظاما الحكم الداخآلي ل يؤثر في شخصية الدولة ول في مركزها
الخارجي كعضو في جماعة الدول ,وكل ما هناك أنه على الدولة إبلغ الدول الخآرى بما حدث
بما حدث فيها من تغييرات حتى تعترف بالحكومة الجديدة وحتى يكونا اتصالها بالدولة عن
طاريق هذه الحكومة التي تبقى ملتزمة بجميع تعهدات الحكومة السابقة عليها لنا هذه الحكومات
كانت تعمل باسإم الدولة ول يؤثر في التزامات الدولة تغيير الهيئة التي تتولى شؤونها .
وبالنسبة لقياما التحاد بين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي فإنا اتفاقية فينا نصت في المادة )(11
تحت عنوانا ) نظم الحدود ( على ما يلي :
ل تؤثر خآلفة الدول في حد ذاتها على :
/1الحدود المقررة بمعاهدة .
3
/2اللتزامات والحدود المقررة بمعاهدة والمتعلقة بنظاما الحدود .
40
المبحث الرابع
التطورات اللحقة لمعاهدة الطائف
بعد اتفاقية الطائف سإاد جو من الهدوء بين صنعاء والرياض اتسمت العلقات فيها بالخآوة ,لكن
هذه العلقات شهدت منعطفا خآطيرا بعد تفجر الثورة اليمنية عاما 1962ما فمنذ اللحظات الولى
للثورة وقفت السعودية موقفا عدائيا منها وهذا الموقف السعودي من الثورة يتفق وطابيعة النظاما
الذي كانا يخشى من اتجاه الثورة ناحية الشمال ,فبدأت أجهزة العلما السعودية تندد بالنظاما
الجديد وتحض الشعب على مقاومته وقامت بإنشاء محطة إذاعية للملكيين. 1
واعترفت مصر بالنظاما الجمهوري باليمن ليصبح أول اعتراف دولي بها ,فقد قوبل سإقوطا الماما
بارتياح كبير لدى القيادة المصرية ,واعتبارا من 28سإبتمبر 1962ما بدأت الطائرات المصرية
تصل إلى اليمن حاملة الجنود المصريين والمعدات العسكرية .
41
ومما يجدر بي إيراده في هذا المطلب ما ذهب إليه الدكتور الوزاير غازاي القصيبي في كتابه حياة
في الدارة عندما ذهب في بعثة سإعودية لليمن حيث قال ) أدى سإفري إلى صنعاء على تحولي
بغتة ,من نظريات العلقات الدولية إلى واقعها الدامي ,كانت الطائرة " الكونفير " تهتز فوق
الجبال اهتزازا جعلنا ,عبد ا ) يقصد عبد ا السديري رئيس البعثة ( وأنا نعتقد أنا بعض
المواقع لم تتلق الرسإالة ,لفتت نظري فور وصولنا إلى مطار صنعاء تلك العداد الهائلة من
الطائرات الحربية المصطفة رتل خآلف رتل في المدرجات بعد خآروجنا من المطار قابلتنا
صفوف ل أول لها ول آخآر من الدبابات والمدرعات والسيارات العسكرية وأنواعها ,أمضت
السيارة وقتا طاويل هي مندفعة بسرعة كبيرة قبل أنا تجتازا كل الصفوف عند قياما ثورة اليمن في
سإنة 1962ما ) 1382هـ ( كنت مثل معظم الشباب العرب من جيلي وأوشك أنا أقول كلهم متحمسا
للثورة وللتدخآل المصري الذي تبعها ,عندما رأيت بعيني وما راءء كمن سإمعا ,هذه القوة
الضاربة الهائلة متمركزة في اليمن بعيدة كل البعد عن ميدانا المعركة الحقيقة في فلسطين أدركت
أنا هناك خآلل ما ل يمكن كائنة ما كانت السإباب والمبررات أنا يخوض أكثر من ثلث الجيش
المصري غمار حرب أهلية عربية .قال الرئيس عبد الناصر للملك فيصل أثناء توقيع اتفاقية
السلما في جده في خآريف سإنة 1965ما إنا أنور السادات هو الذي أقنعه بالتدخآل موضحا أنا
ظهور طاائرة واحدة كفيل بإفزاع " القبائل " وأضاف الرئيس المصري ضاحكا إنا على الملك
فيصل أنا بحاكم السادات باعتباره سإبب الكارثة .حقيقة المر ,كما يعرف الجميع ,أنه لم تكن
لحد في عهد الرئيس عبد الناصر كلمة بجانب كلمته ولم تكن لنور السادات بالذات كما يعرف
الجميع أي كلمة يبقى القرار في نهاية المطاف مسئولية القائد الذي اتخذه ومسئوليته وحده بصرف
النظر عن الراء التي اسإتمع إليها قبل اتخاذه إنا كانا قد اسإتمع على أراء أحد ( .1
وقاومت القبائل الموالية للماما بدر النقلب العسكري مما اضطر حكومة النقلب العتماد على
القوات المسلحة المصرية لتأمين نظامها ,ومع التواجد العسكري المصري في اليمن كثفت
الطائرات المصرية غاراتها على المدنا السعودية المجاورة لليمن ,مما ألجأ المملكة إلى قطع
العلقات الدبلوماسإية مع مصر ,ومع مقاومة القبائل للنقلب وفشل وفود الجامعة العربية التي
زاارت كل من الرياض والقاهرة والردنا وصنعاء في البحث عن مخرج فزاد بالتالي اعتماد
حكومة صنعاء على القوات المصرية باعتبار الحل العسكري هو انجح الوسإائل لتأمين النظاما
بنظرهم .
بعد اشتباكات عسكرية دموية ,رأى الجميع أهمية عقد مؤتمر وطاني ليجاد حل للوضاع وتم
عقد المؤتمر في / 2سإبتمبر 1963 /ما في مدينة عمرانا وكانا القرار الصادر عنه العمل على
تنقية المؤتمر من النحرافات وإعطاء المانا للفارين من اليمنيين وإعادة تنظيم أجهزة السلطة
وإنشاء جيش شعبي واحد وعودة المحاكم الشرعية .2
وتتابعت المؤتمرات واللقاءات التي اسإتهدفت حل المشكلة وإيقاف الحرب الهلية فقعد مؤتمر
القمة العربية الول في القاهرة وقامت بعض الدول العربية ببذل المساعي من خآلله لحث أطارافه
على إنهائه .
واقتضت الحرب الهلية إلى طالب المزيد من الدعم المصري ,وفي مؤتمر القمة الثاني اتفق
الرئيس جمال عبد الناصر مع المير فيصل بن عبد العزيز ولي العهد آنذاك على أنا تعقد
الطاراف المتنازاعة في اليمن مؤتمر لحل الخلف وانا يتحمل اليمنيونا حل مشكلتهم واخآتيار
الحكم الذي يرتضيه الشعب .
1د .غازاي عبد الرحمن القصيبي _ حياة في الدارة _ ص 47 /46
2أحمد جابر عفيف _ الحركة الوطانية في اليمن _ ص 343
42
وأكد هذا التفاق عقد لقاء بين الملكيين والجمهوريين لمناقشة الوضاع فتم اللقاء في آركويت
بالسودانا من 30أكتوبر إلى 2نوفمبر 1964ما ,فتم التفاق على وقف إطالق النار وعقد مؤتمر
موسإع بعد ذلك يحضره ممثل عن لسعودية وآخآر عن مصر فتم فعل وقف إطالق النار غل انا
المقررات الخآرى لم تتم للنقساما الحاد بين صفوف الجمهوريين وعدما توحدهم في أسإلوب
وطاريقة التعامل مع الجانب الملكي .1
ترجع أهمية المؤتمر إلى جمعه بين مختلف الفعاليات السياسإية والقبلية في اليمن حيث ضم )(54
من علماء ومشايخ ورجال اليمن من الجانبين الملكي والجمهوري ,وقد ناقش أعضاء المؤتمر
الوضاع السيئة في اليمن واتخذ بشأنها عدة قرارات وتوصيات من أهمها التقيد بتعاليم الشريعة
وإفساح المجال أماما الشعب اليمني ليعلن عن إرادته وإقامة دولة في اليمن تحت مسمى ) الدولة
اليمنية السإلمية ( وطاالب المؤتمر بانسحاب القوات المصرية وإنهاء المساعدات السعودية
للملكيين فكانا لتوصيات المؤتمر شعبية كبيرة بين القبائل والشخصيات الهامة اليمنية .
كما قرر المؤتمر ضرورة التهيئة لجراء اسإتفتاء عاما في اليمن ينبثق عنه الشكل النهائي للنظاما
السإاسإي للحكم .2
بعد انتصارات الملكيين وظهور عدما التماسإك بين الجمهوريين فكر الرئيس جمال عبد الناصر في
أنا يعمل حل للمشكلة اليمنية عن طاريق المفاوضات مع العاهل السعودي الملك فيصل فسافر إليه
شخصيا في جدة فأعلن الزعيمانا التوصل إلى اتفاقية جدة لنهاء الحرب في اليمن وتضمنت
شروطاها وقف إطالق النار على الفور وإنهاء المعونات السعودية للملكيين وإنهاء الوجود خآلل
عشرة أشهر من اليمن وإقامة حكومة محايدة واسإتفتاء عاما لتحديد وضع اليمن الدسإتوري على أنا
يتم التفاق على التفصيلت التنفيذية في اجتماع للتسوية بين التجاهات والحزاب اليمنية
المختلفة في حرض ,وتكوين قوة عسكرية مشتركة من السعودية ومصر لمنع أي انتهاك لوقف
إطالق النار ورحبت المم المتحدة ومعظم الدول بنتائج لقاء جدة وفي مقدمتها أمريكا والتحاد
السوفيتي والعراق والردنا وغيرها من الدول العربية والسإلمية لمنع أي انتهاك لوقف إطالق
النار .
وكانت اتفاقية جدة في نظر معظم المراقبين السياسإيين والعسكريين انتصارا لوجهة النظر
السعودية التي تقول بضرورة النسحاب الفوري للقوات المصرية وإتاحة الفرصة لليمنيين لتقرير
مصيرهم بأنفسهم .3
43
المطلب الرابع :
مؤتمر حرض :
بينما كانت السإتعدادات تتم لمؤتمر حرض تم احتجازا عبد ا السلل في القاهرة عاما 1965ما
على أنا ل يعود قبل أغسطس 1966ما فالسلل كانا يبدو دوما كدمية يحركها الرئيس عبد الناصر
كما انه خآلل لقاء جدة تضاءلت القاعدة الشعبية للسلل .
وفعل عقد مؤتمر حرض في الموعد المحدد له وبحضور ممثلين عن السعودية ومصر وبمجرد
بدء جلسات المؤتمر ظهرت خآلفات كثيرة على السطح كانا من أهمها المسألة العددية لتمثيل
الوفدين في المفاوضات ومطالبة الملكيين بإلغاء النظامين الجمهوري والملكي وإقامة نظاما بديل
يسمى دولة اليمن بدل من جمهورية أو مملكة وبالرغم من الترتيبات وحسن النوايا السعودية
المصرية إل أنا المؤتمرين فشلوا فشل ذريعا ا في إكمال المؤتمر وانسحب معظم أعضاء الوفد
الجمهوري من المؤتمر فأوقف المؤتمر أعماله .
ونتيجة لفشل المؤتمر بدأت العمليات العسكرية من جديد بين الطرفين المتنازاعين ,ولقد وصلت
الوضاع إلى حالة سإيئة وعرضت الحكومات العربية وسإاطاتها وبينما كانت جهود الوسإاطاة
السودانية قائمة اندلعت الحرب العربية السإرائيلية الثالثة ,وكانت نتائج حرب 1967ما المؤسإفة
هي التي دفعت أطاراف النزاع اليمني إلى نقاش خآلفاته في إطاار عربي وعقد مؤتمر طاارئ
للملوك والرؤسإاء العرب في الخرطاوما للنظر في الوضاع العربية بعد الهزيمة فتمكن الرئيس
عبد الناصر والملك فيصل من إيجاد حل لمشكلة اليمن وتوصل الطرفانا إلى اتفاقية والتي عرفت
فيما بعد باتفاقية الخرطاوما لكن عبد ا السلل رفض هذه المعاهدة على أسإاس أنها فرضت على
حكومته ورفض تنفيذها لكن بينما كانا في زايارة رسإمية للعراق وقع انقلب ضده وتولت حكومة
جديدة بقيادة القاضي الرياني فبدأت مرحلة جديدة وأدخآلت بعض العناصر الملكية إلى حكومته
تحت شعار المصالحة الوطانية وقبل بنود اتفاقية الخرطاوما ورحب بأعضاء اللجنة الثلثية التي
شكلت بموجب بنود هذه التفاقية مما سإاعد على تنقية الجواء وتهيئة ظروف المصالحة الوطانية
الشاملة في اليمن ومهد الطريق لجراء مفاوضات مباشرة بين الجمهوريين والملكيين بدونا أنا
يكونا هناك أي ضغوطا أو التزاما مسبق بمواقف الماما بدر وأسإرته .2 1
1د .سإعبد محمد باديب _ الصراع السعودي المصري حول اليمن _ ص 160 / 159
2د .عيد مسعود الجهني _ مرجع سإابق _ ص 300إلى 303
44
المبحث الخامس
أثر أزمة الخليج على العلقات السعودية اليمنية
مع اقتراب قياما الوحدة بين شطري اليمن ارتفعت موجة التحرشات السعودية في الراضي
اليمنية في المناطاق المتاخآمة ,وقد حاولت تصريحات المسئولين اليمنيين قبل التأكيد على
العلقات الجيدة مع السعودية ,وبعد قياما الوحدة برزا اهتماما أولي بإنهاء ملف الحدود السعودي
اليمني وهو ما نص عليه برنامج الصلح السياسإي والقتصادي والداري الذي قدمته حكومة
حيدر أبو بكر العطاس ,إل أنا اندلع أزامة الخليج الثانية وما صحبها من توتر شديد في العلقات
بين البلدين جعل من العسير فتح هذا الملف أو الخوض في تفصيلته. 1
ولقد شهدت الساحة العربية العديد من المبادرات والتحركات لنهاء أزامة الخليج التي أثرت بشكل
كبير على العلقات السعودية اليمنية ,فقد برزا تنسيق بين السعودية ومصر وسإوريا حيث نسقت
المملكة عدة اجتماعات ضمت وفودا من الدول الثلث .
45
وجاء مؤتمر قمة القاهرة الطارئ حيث انقسم المؤتمرونا إلى فريقين فريق ضد الغزو وإدانة
ورحب بالقوات العربية والسإلمية والصديقة لدحر العدوانا ,ودول عربية انحازات إلى جانب
العراق وفي مقدمتها اليمن التي اتخذت موقفا مؤيدا للحتلل ,وتمادت اليمن بوقوفها بصلبة إلى
جانب العراق على الصعيد العربي والسإلمي والدولي واتخذت مواقف غير ودية تجاه المملكة
ودول مجلس التعاونا فعرضت مصالح اليمنيين كمواطانين للخطر والذين اسإتنكروا مواقف
حكومتهم التي أدت إلى الضرار بهم وإهدار مصالحهم في نهاية المطاف وعبروا عن ذلك بكل
وسإائل التذمر المختلفة تعبيرا عن رفضهم للسياسإة التي ألحقت الضرر الكبير بهم وأسإاءت إلى
سإمعة بلدهم داخآليا وخآارجيا .
وفي الوقت التي حشدت احتلت فيه القوات العراقية الكويت حشدت القوات العراقية على الحدود
السعودية وبدأت صواريخ ) سإكود ( تضرب المملكة ,وأماما هذا لم يتوانى العلما اليمني من
تشجيع وتأييد تلك العمال العدوانية ,لكن القبائل والمواطانين اليمنيين كانا موقفهم غير ذلك .
ورغم تكثيف العلما اليمني لجهوده ضد المملكة كانا واضحا أنا الحكومة لم تكن ناطاقة بلسانا
القيادات اليمنية القبلية فالعديد منهم أعلنوا معارضتهم للرئيس اليمني وأرسإلوا ببرقيات التأييد
للملك فهد بل وإنا بعضهم أكدوا رغبتهم في وضع قواتهم تحت تصرف المملكة .
ولقد بلغت أعداد اليمنيين العاملين في المملكة في فترة ما قبل الغزو حوالي المليون حيث
كانت أسرهم تعتمد على تحويلتهم كما كانوا يمثلون دعما قويا للقتصاد اليمني من
نواحي كثيرة ,إل أنه كان من الطبيعي أن يعاد النظر في بعض النظمة والتعليمات
السابقة التي كانت تعطي الفضلية للمواطنين اليمنيين دون غيرهم من العرب أو المسلمين
أو الجأانب .
وكانت تلك المعاملة تعود إلى الروابط الخآوية بين الدولتين لتأكد المملكة حرصها على تعميق
وترسإيخ روابط الجوار ,إل أنا موقف اليمن إزااء الغزو شكل خآروجا على المفاهيم التي كانت
تحكم العلقات الثنائية الوطايدة بين اليمن والسعودية ,فلم يكن أماما المملكة خآيارات لمواجهة هذا
الواقع الجديد في العلقات بين الدولتين حيث صدر بتاريخ 30صفر 1411هـ بيانا من وزاارة
الداخآلية السعودية مؤكدا على ضرورة إلغاء المتيازاات التي كانت تمنح للمواطانين اليمنيين
ومساواتهم من حيث القامة والعمل والتجارة بغيرهم من العاملين في المملكة غير السعوديين .
وأفعل جااء نص البيان السعودي الذي تقرر به وأ باختصار إيقاف منح تأشيرات الدخول ,وأإلغاء العفاء من
شرط تقديم كفيل عمل للحصول على القامة ,إيقاف العمل بالعفاء من رسإوم القامة الذي كان ممنوحا لبعض
الجاليات لزوأال المبررات التي اسإتوجابت العفاء ,إيقاف العمل بالتعليمات التي تقضي بمنح بعض الجنسيات
إقامة لمدة أربع سإنوات فيعاملون مثل الخرين ,إيقاف العمل بالتعليمات التي تقضي باسإتثناء البعض من
التسجيل عند الوصول للملكة في إدارة الجوازات ,التأكيد على تطبيق مقتضى المادة ) (54من نظام القامة
التي تقضي بإبعاد كل أجانبي يخالف أحكام المادة الثانية عشر من نظام القامة التي تنص على عدم جاواز
مزاوألة الوافد للمملكة لي عمل بأجار أوأ بغير أجار على تصريح بالقامة وأإلغاء أي اسإتثناء من تطبيق هذه
المادة ,إيقاف اسإتثناء بعض الجاليات من تطبيق مقتضى المادة ) (55من نظام القامة التي تقضي بإبعاد من
يتأخر عن تجديد القامة ,التأكيد على أنه ل اسإتثناء لرعايا أي دوألة من تطبيق النظمة السارية المفعول ,
وأتعطى مدة 3أشهر لتصحيح الوأضاع المخالفة .
46
لشك أن الجاراء الذي اتخذته المملكة في هذا الصدد تطبيق لمبدأ السيادة حماية لمصالحها وأالتصدي لي
محاوألة تستهدف إلحاق الضرر بها ,وأفي 20سإبتمبر 1990م أصدر مجلس الوزراء اليمني بيانا اسإتنكر فيه
القرار السعودي بحجة أنه ألحق الضرر بالحقوق المشروأعة وأالمكتسبة لمواطني اليمن العاملين في المملكة ,
وأجااء رد على البيان اليمني من السعودية اسإتهدف أوأ ركز على أن المملكة ل زالت ترغب في الحفاظ على
علقتها الطيبة مع شعب اليمن وأأبناءه وألكنها تحمي مصالحها وأنظامها قبل كل شيء .
وأالمملكة كما هو معروأف لم تقم بطرد اليمنيين العالمين فيها أوأ تصادر ممتلكاتهم النقدية أوأ العينية وأإنما طلبت
من الذين يرغبون في السإتمرار في أعمالهم أن يكيفوا أوأضاعهم وأفقا للتعليمات الجديدة المتعلقة بأنظمة
المملكة .
وأقد حذرت السفارة اليمنية في الرياض اليمنيين من اخذ كفالت تؤهلهم للقامة في المملكة وأأمرتهم بمغادرة
البلد ,وأقد تظاهر اليمنيون أمام سإفارتهم يطالبون بإلغاء القيود التي فرضتها عليهم حكومتهم وأالتي تقضي
بالسجن عدة سإنوات أوأ دفع غرامة مالية تصل إلى عشرة آلف ر يمني لكل من يتضح لدى السفارة أنه قبل
بكفالة سإعودي نظير إقامته في المملكة .
وأكنتيجة حتمية لموقف اليمن المؤيد للعدوأان العرقي على الكويت شهدت العلقات السعودية اليمنية أسإوأ
مرحلة من مراحل تاريخها الحديث وأالمعاصر وأيعتقد كثير من المحللين وأالخبراء أن أمر العلقات السعودية
اليمنية تحتاج إلى جاهود مكثفة صادقة وأأمينة تقوم فيها الحكومة اليمنية لعادة الثقة إلى العلقات السعودية
اليمنية التي تدهورت بشكل خطير بعد الغزوأ العراقي , 1وأفعل حدث ذلك ففي ذكرى مروأر عامين على قيام
الوحدة اليمنية ألمح الرئيس علي عبد ا صالح إلى رغبة بلده إلى التوصل إلى تسوية نهائية لمسألة
الحدوأد ,وأقدر ردت السعودية ببيان رسإمي على تلك التصريحات 30مايو 1992م وألقد رحبت اليمن بذلك
البيان ببيان أذيع في . 31
وأقد مهد ذلك لوأل اجاتماع بين البلدين بعد أزمة الخليج في جانيف 20يوليه 92بين وأزير المعارف السعودي
وأوأزير الشئون الخارجاية اليمني اتفقوا على عقد اجاتماعات للخبراء لبحث الموضوع تفصيليا ,وأفي الجولة
الوألى للخبراء لم يقدم الجانب اليمني ردا محددا على المذكرة المقدمة إليهم ,فطالب الجانب اليمني ,بتوقيع
اتفاقية تضمن حقوق البلدين تحت مسمى ) اتفاقية ل ضرر وأل ضرار ( إل أن الجانب السعودي رأي أن
المصالح القانونية محفظة بالفعل وأفق العراف الدوألية في مثل هذه المفاوأضات ,وأأنه ل حاجاة لتوقيع مثل
هذه التفاقية التي تفتقد إلى المبررات الشرعية وأالقانونية تجاه دفع سإير المفاوأضات ,وأقد انصب اهتمام
الجانب اليمني في الجاتماعين الثاني وأالثالث على المطالبة بالتفاق حول آلية التفاوأض وأحفظ الحقوق
القانونية ,في حين انصب اهتمام الجانب السعودي على التأكيد على وأجاهة نظره المصاغة في مذكرة 10
سإبتمبر 1992م .
وأبصفة عامة وأبناء على خبرة اجاتماعات لجان الخبراء يمكن السإتنتاج بأن المفاوأضات اليمنية السعودية
سإوف تأخذ وأقتا طويل وأأن الطرفين لم يناقشا بعد المسائل الجوهرية .2
بعد توقف المفاوأضات اليمنية السعودية بسبب حرب الخليج الثانية وأالموقف اليمني المساند للعراق وأمع
الدعوة إلى المصالحة العربية عادت التصالت بين البلدين الشقيقين وأاسإتؤنفت المفاوأضات بينها ,وأكان التقدم
في هذه المفاوأضات بطيئا ا وأفي ديسمبر 1994حدثت اختراقات حدوأدية في مناطق الحدوأد أتهم كل جاانب منهما
الخر بالتعدي وأوأقعت عدة اشتباكات مسلحة بين البلدين .وأكان من المقرر أن تجري مباحثات بين الجانبين
وألكن هذا الحادث الحدوأدي أدى إلى تأجايل اللقاء بين الوفدين .وأهنا تدخلت الوسإاطة من قبل بعض الطراف
العربية لتهيئة الجو لتلك المحادثات.
1د .عيد مسعود الجهني _ مرجع سإابق _ ص 201 /191
2زاهوة علي أبي بكر السقاف _ مرجع سإابق _ ص 88 /87
47
وأقد أسإفرت تلك التصالت من قبل سإوريا وأمصر عن صدوأر بيان سإعودي – يمني مشترك جااء فيه بأنه قد تم
التفاق على إعادة الوأضاع إلى ما كانت عليه وأعدم اللجوء إلى اسإتخدام القوة بينهما وأتطلعها إلى اسإتئناف
المحادثات الثنائية بينها لحل مشاكل الحدوأد المعلقة وأعزمها على توفير الجاواء المناسإبة لنجاح المفاوأضات
الثنائية وأعودة علقاتهما إلى طبيعتها بروأح التفاهم وأالخوة وأحسن الجوار وأبما يكفل تعزيز المن وأالسإتقرار
في المنطقة.
وأمن المناسإب هنا في هذا السياق طرح التصريحات التي صدرت من المسؤوألين في البلدين إذ صرح الرئيس
اليمني "بأن بلده غير مستعدة للدخول في حرب مع أشقائها العرب ,وأأن اليمن يؤمن بالحوار لحل أي مشكلة
سإياسإية أوأ حدوأدية وأأن يكون أسإاس حل المشكلة هو اتفاقية الطائف وأفي المقابل أكد الملك فهد التزام بلده
بالسلم مع اليمن في نزاعها الحدوأدي.
وأفي الخير أسإفرت المفاوأضات الثنائية بين البلدين عن توقيع ما سإمي بمذكرة التفاهم في 27رمضان
1415هـ الموافق 26فبراير 1995م أكد فيها الطرفان في المادة الوألى من المذكرة على تمسكها بشرعية
وأإلزامية معاهدة الطائف وأملحقها.
وأفي المادة الثانية اتفق الطرفان على تشكيل لجنة مشتركة من عدد متساوأ من الطرفين خلل مدة ل تتجاوأز
ثلثين يوماا تكون مهمتها تجديد العلمات المقامة طبقاا لتقارير الحدوأد الملحقة بالمعاهدة وأالتفاق مع شركة
متخصصة لتنفيذ ذلك يتم اختيارها من قبل الطرفين وأتقوم الشركة بعملها تحت إشراف اللجنة.
وأتنص المادة الثانية على أن تستمر اللجنة الحالية المشكلة من البلدين في عملها لتحديد الجاراءات اللزمة
وأالخطوات التي تؤدي إلى ترسإيم ما تبقى من الحدوأد بدءاا من جابل الثار وأحتى منتهى حدوأد البلدين بما في ذلك
التفاق على كيفية التحكيم في حالت الختلف بين البلدين.
وأتنص المادة الرابعة على أن تشكل لجنة مشتركة تتولى التفاوأض بشأن تعيني الحدوأد البحرية وأفقا ا للقانون
الدوألي ابتداء من نقطة الحدوأد على سإاحل البحر الحمر المشار إليها في المادة الثانية أعله.
وأنصت المادة الخامسة على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة رفيعة المستوى من الطرفين لضمان منع أي
اسإتحداثات أوأ تحركات عسكرية أوأ غيرها وأذلك على الحدوأد بين البلدين.
وأأوأصت المادة العاشرة إلى أنه ليس في هذه المذكرة ما يتضمن تعديلا لمعاهدة الطائف وأملحقها بما في ذلك
تقارير الحدوأد.
وأنصت المادة الحادية عشرة على أن المذكرة تصبح نافذة من تاريخ تبادل وأثائق التصديق عليها.
دكتور زهوة علي بن أبي بكر السقاف ,مرجع سابق ,أرقام الصفحات )(
1
48
المعاهدة السعودية – اليمنية عام 2000م
لم تثر أي خلفات بين الجانبين نحو تجديد التفاقية في نهاية الفترة الوألى عام ) 1954أي بعد عشرين سإنة
من توقيع التفاقية( أوأ خلل الفترة الثانية عام 1974م بل صدر بيان مشترك عقب زيارة رئيس وأزراء اليمن
في تلك الفترة جااء فيه "اتفاق الجانبين التام على اعتبار الحدوأد بين الدوألتين حدوأداا فاصلة بصفة نهائية
وأدائمة كما وأرد باتفاقية الطائف".
قد اعتبرت المملكة العربية السعودية أن هذا البيان هو اعتراف نهائي بتثبيت الحدوأد المبينة بالتفاقية ,غير أن
اليمن يرى أن هذا البيان ل يشكل حقوقاا ,وأإنما هو بيان صحفي ل يعد اعترافا ا بديمومة الحدوأد .وأبالتالي فهذا
البيان ل يلغي حق اليمن في المطالبة بتعديل التفاقية في فترة التجديد.
وأفي هذه الثناء طرأت تغيرات على حدوأد الدوألة اليمنية بعد وأحدة شطري اليمن بحيث أصبح هناك حدوأد
جاديدة لم تشملها اتفاقية الطائف وأهي المنطقة التي تمتد من آخر نقطة تناوألتها اتفاقية الطائف في الشرق
وأالنقطة التي تلتقي عندها حدوأد اليمن مع كل من السعودية وأععمان مما أبرز الهتمام بتسوية موضوع الحدوأد
السعودية اليمنية .وأقد سإاعد على ذلك احتمال وأجاود البتروأل في منطقة الحدوأد التي لم تخطط بين البلدين ,وأما
يمكن أن يثيره هذه المشكلت كما أبدت السعودية رغبتها في تسوية هذا الموضوع وأقد مهدت الرغبة من
الجانبين إلى عقد أوأل اجاتماع لممثلي الطرفين في جانيف عام 1992م نجم عنه عقد اجاتماع آخر للخبراء لبحث
تفاصيل هذا الموضوع .وأقد تتابعت اجاتماعات الخبراء بهذا الخصوص ثم تبعتها اجاتماعات على مستوى القمة
بين الدوألتين في عام 1995م ,انتهت إلى تشكيل لجان مشتركة تعمل على حل مشكلة الحدوأد بين الدوألتين في
إطار حسن الجوار وأالبقاء على العلقات الطيبة بينها.
وأفي مساء الثنين 10ربيع الوأل 1421هـ الموافق 12حزيران /يونيو 2000م تم التوقيع على معاهدة
الحدوأد الدوألية بين المملكة وأاليمن .وأقد شملت كافة القطاعات الحدوأدية ,حيث تم التفاق على تحديد
الحداثيات الجغرافية لكامل خط الحدوأد ,وأذلك في الجزء الذي شملته معاهدة الطائف وأكذلك في الجزء الذي لم
تشمله ,كما تم تعيين الحدوأد البحرية بين الجانبين ,كما حلت المشاكل المتعلقة بتحديد أماكن نقاط الختلف في
جابل ثار في الشرق ,وأرأس معوج في الغرب وأجارى التفاق على مسار الحد في المناطق الممتدة من جابل ثار
حتى خط 19/53وأهي نقطة تقاطع حدوأد البلدين مع سإلطنة عمان .وأقد تم التفاق على سإحب قوات الدوألتين,
وأكذلك مراكز العبور لمسافة 2كم من الحدوأد بين البلدين وأسإتعهد الدوألتان إلى شركة متخصصة لتعيين موقع
وأإحداثيات نقاط الحدوأد المتفق عليها ,وأقد تم تشكيل لجان برئاسإة وأزراء الداخلية في البلدين للشراف على
تنفيذ ما اتفق عليه ,وأهكذا وأصلت الدوألتان إلى حل سإلمي وأأخوي وأمرضي للطرفين لمشكلة حدوأدية اسإتمرت
66عاما ا).(1
الحححدود الدوليححة فححي الححوطن العربححي نشححأتها وتطورهححا ومشححكلتها ,أ .د .محمححد محمححود السحرياني, )(
1
الرياض1422 ,هح2001/م.
49
الفصل الرابع
اقتراحات
التسوية عبر
التاريخ
المبحث الول:
اقتراحات التسوية وإجراءاتها لمسألة جنوب عسير
المطلب الول :الحدود السعودية – اليمنية
50
1
جنوب عسير
أسإفرت هزيمة تركيا في الحرب العالمية الولى وانسحابها من جنوب غرب شــبه الجزيــرة
العربية ,عسير واليمن ,عن وجود منطقة فراغ سإياسإي في عسير على وجه الخصوص .أدى ذلــك
إلى انتعاش أنظمة حكم محلية في كل من صنعاء في الجنـوب ,وأبهـا فـي الشـمال ,وصـبيا الممتـد
عبر السهل الساحلي بينها ,كانا وضع إمارتي أبها وصبيا حرجا ا نظــراا إلــى عــدما قــدرة أي منهمــا
على ملء فراغ القوة في منطقة وقعت بيــن فكــي كماشــة جــديرانا أقويــاء فــي الشــمال والجنــوب,
فبالنسبة إلى إمارة صبيا زااد موقعها الجغرافــي مــن حراجــة موقفهــا حيــث كــانا جارهــا الجنــوبي
اليمن ل يكل من التوسإع شمالا المر الذي هدد وجود تلك المارة الدريسية .كــانا التهديــد اليمنــي
جاداا بالنظر إلى أنا صنعاء اعتبرت عسير جزءاا من مفهومها لـ "اليمن الكبرى" .وبالتطلع شمالا
عصفت خآلفات سإابقة بعلقات صبيا بجيرانها في مكة وأبها).(2
فـي تلـك الفـترة العصـيبة تنصـلت بريطانيـا غـداة الحـرب العالميـة الولـى مـن التزاماتهـا
التعاقدية مع صبيا .لم تمنع معاهدة نيسانا/أبريل 1915واتفاقية 1917التكميلية – اللتانا عقــدتهما
بريطانيا مع تلك المارة لتطوير التراك في اليمن من إعادة تقييم لندنا لسياسإـتها فـي ذلـك الجـزء
من شبه الجزيرة العربية بعد الحرب العالمية الولى .كانا تفسير لندنا الجديد لرتباطااتها السياسإية
والعسكرية مع صبيا في ضوء المعطيات السياسإــية المســتجدة يتمثــل فــي أنا تعهــدها بالــدفاع عــن
إمارة الدريسي ضد "قوة أجنبية" )بحسب نص معاهدة (1915كانا ينصــرف إلــى تركيــا؛ وفــي
ضوء انحسار النفوذ التركي عن شبه الجزيرة اعتبرت لندنا نفســها غيــر ملزمــة بــذلك التعهــد بــل
وبمجمل المعاهدة.
المطلب الثاني :اقتراحات التسوية وإجراءاتها:
اتفاقية 1920
في تلك الثناء ,عقدت اتفاقية 1920بين الرياض وصبيا ,اعترفت الولى بموجبها بســلطة
الخآيرة على قبائل وأراضي جنوبي عسير اسإـتناداا إلــى توزايـع القبائـل ذات العلقـة بينهمــا .كـانا
يمكن للمر أنا يبدو عابراا لول أنا الرياض حرصت على الشارة إلى وجود حقــوق تاريخيــة لهــا
في تلك المنطقة .شكلت اتفاقية 1920الخطوة الولى على طاريق فقدت صبيا في نهــايته وجودهــا
السياسإي.
معاهدة مكة خآريف ):(1926
على الرغم من اهتماما الرياض بالوضع السياسإي لمارة صبيا ,لم يمكن مـن الصــعب علـى
صــنعاء تحقيــق بعــض المكاسإــب القليميــة المهمــة علــى حســاب صــبيا خآلل النصــف الول مــن
العشــرينات فــي وقــت انغمســت الريــاض فــي نزاعــات عســكرية وسإياسإــية خآطــرة علــى تخومهــا
الشمالية والغربية .وعلى الرغم من ذلك وجهت الرياض في غمرة انشغالها بصــراعها العســكري
ضد الحكومة الشريفية فــي مكــة إلــى صــنعاء إنــذاراا للحــد مــن نشــاطااتها التوسإــعية علــى حســاب
عسي ار محن أبحو عريحش قبحل فحترة الحكحم الحتركي للمنطقحة ومحن ناحيحة أخحرى سحاءت العلقحات بيحن الملحك
حسين والدارسة في أثناء الحرب العالمية الولى بسبب خلف على القنفذة.
51
صبيا) .(1غير أنه بعد خآروج الرياض منتصرة في صراعها مع الهاشميين في الحجــازا والخآــوانا
بعد ذلك التفتت نحو تخومها الجنوبية الغربية اسإتهللا لنزاع حــدودي مــع اليمــن لــم تنتــه فصــوله
حتى كتابة هذه السطور.
بعيد ضم السعوديين للحجازا وقع السعوديين والدارسإة معاهدة مكة ) (1926الــتي أعطــت
الرياض إدارة الشئونا الخارجية والعســكرية والمنيــة لصــبيا تاركــة الشــئونا الداخآليــة للدارسإــة.
وهكذا أعلنت معاهدة مكة السيادة السعودية صراحة علــى مجمــل إمــارة صــبيا بحــدودها الســابقة,
المر الذي وضع الرياض في مواجهة صنعاء بصـورة مباشـرة) .(2غنـي عـن الـذكر أنـه لـم تكـن
هناك لمارة صبيا حدود بالمعنى العصري للكلمة؛ فقد تمثلت سإلطة الدريسي كما هي الحـال فـي
عموما شبه الجزيرة العربية في تعيين قبلي وإقليمــي فضــفاض لهــا .وكــانت معاهــدة مكــة تعنــي –
ضمنا ا – عدما اعتراف الرياض بالمكاسإب القليمية اليمنية الخآيرة فــي جــزء الجنــوبي مــن إمــارة
صبيا غير أنها كانت مستعدة – فيما يبدو – لغض النظر عن ذلك المر ,لعدما رغبتها في مواجهــة
صنعاء في ذلك ال وقت الحـرج .وعلـى الرغـم مـن ذلـك أدى التوسإـع اليمنـي شـمالا إلـى اسإـتيلء
صنعاء على جزء كبير من الراضي التي خآضــعت لصـبيا لبعــض الـوقت ومـن ضـمنها الحديــدة
)آذار/مارس 1925ما( -التي سإبق لبريطانيا أنا سإلمت للدارسإة عشية الحرب العالمية الولى –
وميدي وحرض ) .(1926بعد ذلك واصل اليمنيونا توسإعهم شمالا حتى شرعوا فــي قضــم بعــض
الطاراف الجنوبية لتلك المارة.
القتراح اليطالي باقتساما إمارة صبيا بين الطرفين:
تبنت بريطانيا سإياسإة اسإترضائية لصنعاء لصرفها فيما يبدو عـن الهتمــاما بــالتخوما اليمنيــة
الشمالية – العدنية ,التي كانت محل نزاع مرير بين الجانبين) .(3على الرغم من ذلــك ظلــت لنــدنا
مهتمة بالتراشق الدبلوماسإي والعسكري السعودي – اليمني لسإباب عــدة ,منهــا اهتمامهــا بمصــير
جزر فرسإانا ذات الهمية السإتراتيجية البارزاة في حوض البحر الحمـر الجنـوبي .وفـي المقابـل
كانت إيطاليا تبحث عن دور سإياسإي لها في جنوب غرب شبه الجزيــرة ,فوطاــدت علقتهــا بــاليمن
التي أملت في توظيف الدعم السياسإي والعسكري اليطالي في مواجهة بريطانيا وجدير بالذكر أنا
اليطاليين اهتموا بالحصول على موطائ قدما في جزر فرسإانا ولذلك كانوا تواقين إلى رؤيتهــا فــي
أيدي اليمنيين .وهكذا عقد الطرفانا معاهــدة فــي أيلـول/سإــبتمبر 1926واتفاقيــة سإــرية فــي 1927
سإرعانا ما انكشف أمرها.
أدى وقوف كل من إيطاليا وبريطانيا على خآط المواجهة الدبلوماسإية في جنوب غرب شــبه
الجزيرة العربية إلى تـوتر علقاتهمـا .ولمـا كانتـا غيـر راغبـتين فــي تحـول تنافسـهما إلــى نــزاع
مكشوف فقد دشنتا مفاوضات روما )شتاء (1927الــتي نجحــت فــي احتوائهــا تنافســهما فــي تلــك
المنطقة من العالم .تعهد الدولتانا بممارسإة نفوذهما على حليفيهما العربييــن للحفــاظ علــى الوضــع
الراهن والوصول إلى تسوية سإلمية مرضية للطاــراف المعنيــة كمــا تعهــدتا عــدما التــدخآل فــي أي
)( جحاء فحي التفاقيحة أنحه يوجحد "فحي مملكحة المحام محمحد بحن علحي محن القبائحل والبلحدان ...محا هو فحي
1
ملححك آل سححعود سححابق ا تركححه المححام عبححد العزيححز لححه لجححل محبتححه للخيححر ومعححاونته عليححه وحسححن سححيرته",
انظر نص التفاقية :الكتاب الخضر السعودي ,إصدار و ازرة الخارجية السعودية ص 178 -177
)( عصام الدين الريس ,عسير في العلقات السعودية اليمنية ,ص .96-88 ,61
2
3
52
نزاع محلي مسلح .ضمن هذا الطاار قدمت إيطاليا اقتراحا ا بتقسيم إمارة الدريســي بيــن الريــاض
وصنعاء على أنا تأخآذ الخآيرة نصيب السإد .ولعله من نافلة القــول أنا ذلــك القــتراح – الــذي لــم
يقدما رسإميا ا للطاراف المعنيين – لم يلق قبول بريطانيــا ,وهــي الــتي كــانت ل تــزال مهيمنــة علــى
البحر الحمر وصاحبة النفوذ السياسإي القوى في شبه الجزيرة العربية.
القتراح اليطالي بالبقاء على صبيا كدويلة عازالة بين الطرفين:
قدمت إيطاليا في أثناء مفاوضات روما أيضا ا اقتراحا ا آخآر بالبقاء على إمارة صبيا كدويلــة
حاجزة بين جاريها الطموحين غير أنا مصيره لم يكن أفضل من سإابقه .في تلـك الثنـاء ذاع خآـبر
معاهدة مكة فأثار ذلك حفيظة اليطاليين الذين حثوا بريطانيا على عدما العتراف بــالواقع الجديـد.
لم يجد هذا القتراح اليطالي أذنا ا صاغية لدى البريطانيين ,غيــر أنا لنــدنا – التزامــا ا منهــا بــروح
محادثات روما – وافقت على عدما إظهار تأييد علني لمعاهدة مكة تحاشيا ا لسإتثارة نزع مسلح بين
الطاراف العربية المعنية بــل إنا معاهــدة جــدة ) (1927أغفلــت الشــارة مــن قريــب أو بعيــد إلــى
الوضع السياسإي المستجد في جنوب غرب شــبه الجزيــرة العربيــة .علــى الرغــم مــن هــذا التحفــظ
البريطانيا ,اسإتمرت العلقة البريطانية – السعودية على وتيرتها السابقة .ومع أنا لندنا دأبت علــى
نصح الطرفين المحليين المتنافسين بـاللجوء إلـى وسإـائل سإـلمية لحـل نزاعهمـا فقـد نظـرت بعيـن
الرضا إلى امتداد السيطرة السعودية على جزر فرسإانا.
وضع أراضي صبيا تحت الدارة السعودية المباشرة:
كانا التناوش بين الجارين الجديدين يتصاعد في الوقت الذي لم تكن الدارة الدريسية تتسم
بالكفاءة .ولذلك تولت الرياض إدارة أراضي تلك المارة المتهالكــة بصــورة مباشــرة ) (1930ثــم
اتبعت ذلك بإلغاء معاهــدة مكــة وضــمها رسإــميا ا إليهــا ) .(1932فــي أعقــاب ذلــك أضــحى شــريط
عرضه إثنا عشر ميلا يمتد من الساحل حتى منطقـة نجــرانا ميــدانا التسـابق علــى بسـط الســيطرة
بينهما.
القتراح السعودي برسإم حدود سإياسإية
لجأ الطرفانا إلى مفاوضات مباشرة شملت أربع جولت عقدت في أبها وصــنعاء بالتنــاوب
لحل خآلفهما بشأنا ذلك الشريط .ظلت الريــاض مصــرة خآلل تلــك المفاوضــات علــى مبــدأ رسإــم
حدود دولية سإياسإية تعين المجال السيادي لكل البلدين .فعلى سإبيل المثال شددت التعليمات الملكية
للوفد السعودي على رغبة الرياض في تثــبيت الحــدود مــع اليمــن فــي معاهــدة جديــدة )عصــرية..
كالتي تسير عليها الحكومات الوروبية في عقد المعاهدات" .وفــي محاولــة للجــم التوسإــع اليمنــي
المستمر فيما غدا تخوما ا مشتركة ,اقترحت الرياض تقسيم مناطاق النزاع بين الطرفين برسإــم خآــط
حدودي يتطابق مع خآطوطا التماس العسكرية القائمة آنذاك .وقد ذكــر الملــك عبــد العزيــز أعضــاء
وفده أنا بلده ل تطالب بأنا يتنازال الماما "عما كانا تابعا ا للدارسإة قبل دخآول قوات الماما نجرانا
)الحديدة وميدي بصورة خآاصة( فالسإاس هو بقاء كل جانب فيما تحت يــده مــن البلد" .طابعــا ا لــم
يقبل اليمنيونا ذلك القتراح وواصلوا سإياسإة التســويف بغيــة توسإــيع نطــاق سإــيطرتهم فــي منطقــة
التخوما المشتركة.
القتراح اليمني بجعل نجرانا يمنية
حتى ذلك الوقت كانت نجرانا بحكم موقعا الداخآلي وعزلتها الجتماعية نسبيا ا خآــارج نطــاق
اهتماما كل من صنعاء والرياض غير أنا هذا الوضع ما لبــث أنا تحــول فــي غمــرة تســابقهما نحــو
53
توسإيع سإلطتيهما وإغلق الجيوب السياسإية القليلة المتبقية على خآطوطا التماس العسكرية .في هــذا
الطاار دخآلت نجرانا ذات الموقع السإتراتيجي المهم دائرة التنــافس باسإــتيلء اليمنييــن عليهــا فــي
حزيرانا /يونيو .1933فلما ظنــوا أنهــم أمنــوا علــى كســبهم المفــاجئ ,قبلــوا بــالقتراح الســعودي
السابق بحيث تترك نجرانا إلى الجنوب من الخط الحــدودي المســتهدف .كــانا ذلــك يعنــي عرضــا ا
يمنيا ا بإبقاء نجرانا تحت السيادة اليمنية وهو المر الذي رفضته الرياض بشدة.
القتراح السعودي بجعل نجرانا منطقة محايدة:
وهكذا دخآلت نجرانا دائرة الضوء بعد أنا ظل وضعها السياسإـي مبهمـا ا لفـترة غيــر يســيرة.
رفضت الرياض انفراد صنعاء بالسيطرة على تلك المنطقة الداخآلية وقدمت في مقابل ذلك اقتراحا ا
بإنشاء منطقة محايدة تضم نجرانا كلها .يتعهد الطرفانا بحسب القتراح السعودي – بعــدما التــدخآل
في الشئونا الداخآلية لهذه المنطقة المحايدة التي يفترض أنا تحتفظ بكيانا متميز سإياسإــيا ا واقتصــاديا ا
وإداريا ا واجتماعيا ا فتكونا بذلك أشبه بمنطقة عازالة بين الطرفين .رفضت صنعاء اقتراح الريــاض
المعتدل وتمسكت بإبقاء نجرانا تحت سإيطرتها العسكرية والسياسإية.
القتراح السعودي باقتساما منطقة نجرانا:
قدمت الرياض اقتراحا ا آخآر على طااولة المفاوضــات يقضــي باقتســاما منطقــة نجــرانا علــى
أسإاس من "المســاواة والتكـافؤ" .لقـي هـذا القــتراح مصـير سإـابقه ,فانهــارت آخآــر فرصــة للحـل
الدبلوماسإي وفي ظل ما اعتبرته الرياض نمطــا ا سإياسإــيا ا يمنيــا ا مــن التســويف والمماطالــة ,ضــربت
موعداا لنسحاب القوات اليمنية من نجرانا لتفادي لجوئهـا إلـى عمــل عسـكري فــي تلــك المنطقــة.
شهدت تلك الفترة مراسإلت دبلوماسإية مكثفة على أعلى المســتويات ,غيــر أنهــا لــم تفلــح فــي حــل
النزاع سإلمياا.
خآط الطائف )أيار/مايو (1934
وهكذا أدى بلوغ الخلف بشأنا نجــرانا طاريقــا ا مســدوداا إلــى نشــوب حــرب نيســانا/أبريــل-
أيار/مايو 1934التي حققت فيها الرياض مكاسإب إقليمية ذات شأنا من أبزرها السيطرة على تلك
الواحة .أما في تهامة فقد تقدمت القوات السعودية جنوبا ا حتى دخآلت الحديدة غير أنها سإــرعانا مــا
انسحبت منها .لم تكن لصنعاء بد في ظل نتائج الحرب مــن العــودة إلــى طااولــة المفاوضــات الــتي
التأمت في الطائف والقبول برسإم خآط حدودي معتدل حــافظ علــى الوضــع الراهــن عشــية انــدلع
العمليات العسكرية غير أنه ترك نجرانا إلى الشمال منه.
يلحــظ هنــا أنا منطقــة التخــوما الســعودية – اليمنيــة المشــتركة )وفــي مفارقــة مــع مثيلتهــا
الخآريات( انفردت بكثافة سإكانية عالية .أدى ذلك إلى تشكيل عدة لجانا وقفت علــى أرض الواقــع
بتفصيلته الدقيقة .وقد تضمنت المادة الرابعة من اتفاقيـة الطــائف وصـفا ا تفصــيليا ا لتوزايـع القــرى
والودية والبقاع على جانبي الخط الحدودي الجديد .وتبعا ا لذلك تــولت لجنــة فنيــة مشــتركة وضــع
عدد كبير من العلمات الحدودية على الرض غطت المنطقة الممتدة من الساحل حــتى جبــل ثــار
شرقي نجرانا .وبذلك تنفرد التسوية الحدودية السعودية – اليمنية بكونهــا الحالــة الولــى – وربمــا
الوحيدة لوقت طاويل – التي تضمنت ليس فقط رسإما ا لخط حــدودي علـى خآريطـة مرفقـة كمـا فـي
الحالت الخآرى بل وتثبيته على الرض أيضا ا بعلمات حدودية .وجدير بالذكر أنــه علــى الرغــم
من الملحظات التي أثارتها الطاراف المحلية في مناسإبات عدة سإابقة على مبدأ الحـدود السياسإـية
الغربية ,قامت تسوية الطائف علــى المبــدأ ذاتــه ,وهـو مــا يعنــي أنــه كــانا حلا عمليــا ا وضــروريا ا
54
صاحب ظهور نظاما الدول القومية وتقسيم السيادات الوطانية على الرض .وهكذا وضع الجــارانا
العتيدانا نهاية للفصل الول من ملفهما الحدودي الشائك.
اقتراح تشرين الول /أكتوبر 1955السعودي
ترك خآط 1934المنطقة الممتدة من جبل ثار حتى جبل الريانا ,إلى الجنــوب الشــرقي منــه
معلقة منذ ذلك الوقت .دخآلـت تلـك المنطقـة دائـرة الضـوء عنـدما زاار فلـبي ) (Philbyفـي أثنـاء
تجواله في التخوما السعودية الجنوبية الجوف الواقعة في تلك المنطقة المر الذي أثار شكوى يمنية
بالنظر إلى أنه كانا برفقة مجموعة حراسإة وأمن سإعودية .وقد نفى الملك عبد العزيز آنـذاك علمـه
بذهاب فلبي إلى أبعد من نجرانا.
في تشرين الول/أكتوبر 1995اقترحت الرياض خآطا ا حــدوديا ا يمتــد منــم النهايــة الطرفيــة
لخط 1934حتى جنوب جبل الريانا بحيث يتركه ضمن الراضي الســعودية بينمــا يــترك مــأرب
لليمن .وظل الخلف بشأنا هذه المنطقة خآامداا حتى التسعينات عندما أثــار منــح صــنعاء امتيــازاات
نفطية لعدة شركات غربية في تلك الرجاء وغيرهــا احتجاجــات سإــعودية .فلقــد أرسإــلت الريــاض
خآطابات رسإمية إلى الشركات المعنية فـي مناسإــبتين )آذار/مــارس 1922وآب/أغسـطس (1993
تعتبر فيها أنا هذه الشركة تعمل في أراضي سإعودية .وفي الوقت ذاته اعتبرت صنعاء أنا مطالبها
الحدودية في هذه الرجاء ليست مقتصرة على مناطاق المتيازا المعنية.
55
المبحث الثاني :اقتراحات التسوية وإجراءاتها لمسألة الربع الخالي
المطلب الول :الحدود السعودية – اليمنية
1
الربع الخالي
ينفرد هذا النزاع السعودي – البريطـاني بشـأنا التخـوما السـعودية الجنوبيـة ع ن غيـره مـن
النزاعات بكونه النزاع البري الوحيد الذي لم يشهد تسوية كلية أو جزئية حتى كتابة هذه السطور.
فقد ثارت الخلفات حول تلك التخوما في أواسإط الثلثينات في معــرض تقــديم الطرفيــن الســعودي
والبريطاني لقتراحــات حدوديــة متضــادة لفصــل المملكــة العربيــة الســعودية عــن منــاطاق النفــوذ
البريطاني في شرق شبه الجزيــرة العربيــة وجنوبهــا وجنوبهــا الشــرقي .وفــي أواسإــط التســعينات
اسإتأنفت المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية مفاوضات شاقة لتسوية القضــايا الحدوديــة
العالقة بينهما ,وعلى رأسإها حدودها البرية الممتدة من جبل ثار حــتى منطقــة المهــرة .ولــذلك فــإنا
المفاوضات الجارية حاليا ا تمثل المرة الولى التي يجري فيها التعامل مع هذا النــزاع بيــن طارفيــه
العربيين بعد خآموده فترة طاويلة.
يرجع النفوذ البريطاني في جنوب شبه الجزيرة العربية إلــى 1839بالســيطرة علــى عــدنا
الــتي شــكلت محطــة مهمــة علــى طاريــق المواصــلت العالميــة البريطانيــة .ولئــن ظــل الهتمــاما
البريطاني محصوراا في عدنا طاوال قرنا ونيف ,فقد اسإتلزما ذلــك تــأمين اتصــال هــذا المرفــأ مــع
محيطه المباشر المر الذي جر السلطات البريطانية في عدنا إلى إقامة نوع من النظــاما التعاهــدي
مع سإبع مشيخات حلقية .ظلت قبائل حضرموت غير مشمولة بالنظــاما التعاهــدي البريطــاني بتلــك
المنطقة تصاعد في أواسإط الثلثينات عقب تقديم الرياض لخط حمــزة الــذي أكــدت فيــه حقهــا فــي
ل .وفــي الــوقت ذاتــهض واسإعة تمتد – فيما يخص حضرموت – إلى دائــرة عــرض 17شــما ا أرا ء
شمل الخط السعودي الشهير منطقة واسإعة إلـى الجنـوب الشـرقي مـن نجــرانا وهـي النقطــة الـتي
وقف عندها خآط الطائف.
في صيف 1935عقدت اللجنة الفرعية للشرق الوسإط وهي لجنة كانت تابعة للجنة الدفاع
الميريــالي اجتماعــا ا خآــرج بتقريــر فــي غايــة الهميــة إذ وصــفت اللجنــة فــي تقريرهــا وضــع
حضرموت والراضي الواقعة شــمال عــدنا بــأنه غيــر محــدد وغيــر سإــوي .ولحظــت اللجنــة أنا
الحكومة البريطانية لم تبسط سإيطرتها عليها في الــوقت الــذي تمنــع الــدول المجــاورة )الســعودية,
اليمن( من مــد سإــيادتها عليهــا .وبنــاء علــى ذلــك اتخــذت اللجنــة بالجمــاع توصــية بضــرورة مــد
السيطرة البريطانية المباشرة على تلك المناطاق.
توافقت الدارات المعنية في لندنا على تلك الوصية ولذلك وجه وزاير المستعمرات المعتمد
البريطــاني فــي عــدنا للعمــل علــى مــد سإــلطته بطريقــة واضــحة وفعالــة إلــى التخــوما الشــمالية
لحضرموت وعدنا من "أجل الحصول على حقوق تقادميــة عليهــا" .ولهــذا عملــت سإــلطات عــدنا
على التمدد نحو تلك الراضي الداخآلية في عملية اسإتغرقت وقتا ا طاويلا وتطلبت إجراءات سإياسإية
وإدارية وعسكرية .فعلى الجانب العملي كانا المر يتطلب إنشاء بعض الطرق والنقاطا العســكرية
مثل المخافر المنية ومهابط الطائرات .وعلى الجانب السياسإي اتخذت لندنا عدداا من الجــراءات
لتعزيز سإيطرتها على المنطقة الممتدة من عدنا غربا ا إلى أراضي ظفار شرقاا .فقد اقــترح المعتمــد
البريطــاني فــي عــدنا اعتبــار محميــة عــدنا شــاملة لحضــرموت والــتي أصــبحت تشــمل بحســب
1مشاري عبد الرحمن الغنيم _ مرجع سإابق _ ص 66 47
56
مراسإلت سإابقة أراضي قبائل المهرة والقيطي والكثيري .وقـد وافقــت الحكومـة البريطانيـة علـى
ذلك رسإميا ا في شباطا/فبراير .1933
في آذار /مارس 1937أصدر الملك قانونا محمية عدنا الذي يشكل البداية السياسإية لظهور
دولة اليمن الجنوبي لحقا ا فقد أكد قانونا 1937القرار السابق الذي وسإــع أراضــي محميــة لتشــمل
حضرموت وجزيرة سإقطرى ,كما وضع البداية العملية لظهور مؤسإسات جديدة للمحمية في إطاار
شبه عصري تحت الشراف المباشر لوزاارة المستعمرات .وهكذا تحولت عدنا إلى محميــة تحــت
التاج البريطاني المر الذي نقلها من اخآتصاص حكومة الهند.
ومن ناحية أخآرى تم توسإيع النظاما التعاهدي ليشمل جميــع شــيوخ سإــلطاين تلكــا لمنــاطاق.
ووصل عدد اتفاقيات الحماية وغيرها إلى أكثر من مئــة وعشــرين اتفاقيــة .وبالضــافة إلــى ذلــك,
أعلن إنشاء محميتين تشملنا الراضي الداخآلية لعدنا إحداهما غربية تضــم ثمــاني عشــرة سإــلطنة
ومشيخة وقبيلة تحت إدارة حاكم عدنا وأخآرى شرقية تضم سإبع سإــلطنات ومشــيخات تحــت إدارة
موظف سإياسإي بريطاني يعينه الحاكم نفسه .في 1959بدأت عمليــة الدمــج الفعلــي لهــذه الكيانــات
شبه المستقلة بإنشاء اتحاد إمارات الجنــوب العربــي الــذي ضــم فــي عضــويته سإــتة كيانــات قبليــة
عربية لتعاد تسميته اتحاد الجنوب العربي في 1962بانضــماما عــدد مــن الكيانــات الصــغيرة كمــا
شهد نقلة حاسإمة بانضماما عدنا إليه بعد شد وجذب.
57
المطلب الثاني:
اقتراحات التسوية و إجراءاتها
الخط البنفسجي )( 1934 – 1913
يعود الخط البنفسجي إلي اتفاق أنجلو – تركي )آذار /مارس (1914نحت منطقتي نفوذكل
منهما في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربيـة .يبــدأ هـذا الخــط مــن الطـرف الجنــوبي للخــط
الزارق ،ثــم تجــه باسإــتقامة إلــي الجنــوب الغربــي باتجــاه اليمــن .وهكــذا "منــح" الخــط البنفســجي
ل .لم يكــن هــذا الخــطالبريطانيين مساحة شاسإعة من الربع الخالي تصل إلي دائرةعرض 20شما ا
يخلو من خآلل فاضح فعلوة علي عــدما إلزاميتــه القانونيــة نتيجــة عــدما إقــراره مــن قبــل الســلطات
العثمانيــة الزائلــة ،أكدتمــذكرة للمستشــار القــانوني للخارجيــة البريطانيــة أنــه -ونظيــره أزارق -ل
يقومانا علي أسإاس صلب وفقا ا للقانونا الدولي .و قد اعترف أحد كبــار المـؤولين البريطــانيين بــأنا
الخط البنفسجي خآط اعتباطاي رسإم ...في وقت لم تتوفر لدي السطات البريطانية و التركيــة علــي
حد سإواء معلومات ذات شأنا بخصوص تلك التخوما .بالرغم من ذلك لم يفتأ البريطــانيونا عــودونا
إلي ذلك الخط كلما أحسوا بضعف مــوقفهم ،الــذي ثبــت لــديهم تهــاوي أسإســه القانونيــة و العمليــة،
لمحاولة التقليل من خآسارتهم في أي حل وسإط قد تعتمده تسوية حدودية مقبلة .
وفي خآضم ذلك الوضع العائم نوعــا ا مــا ،كــانت الريــاض تحتفــظ فــي جعبتهــا بورقــة الحــق
التاريخي .فبين الحين و الخآر ،كانت تلوح بالحد القصى مــن مطالبهــا الــذي يســتند إلــي حقوقهــا
التاريخية التي تسبق الوجود البريطاني نفسه فــي معظــم تلــك النــواحي .كــانا ذلــك يعنــي ،بحســب
وجهة نظر الرياض أنا أجزاء واسإعة من الراضي الداخآلية في حضرموت وظفار ومسقط تابعــة
لها .والحق أنا كونا هذه الراضي غير خآاضعة لحد خآلل المراحل الولى للنزاع ،فتــح المجــال
وسإعا ا أماما عودة النفوذ الســعودي إليهــا ،فقــد كــانت الريــاض – كمــا شــهد البريطــانيونا أنفســهم –
القدر على إدارة لسياسإة القبلية بنجاح يجعل السكانا المحليين الذين يعانونا من تــردي أوضــاعهم
المعيشية يتطلعونا في كثير من الحيانا إلى انضوائهم تحت السيادة السعودية).(1
اقتراح عدنا الول )آذار /مارس (1935
كــانت الــدلئل تشــير إلــي أنا الطرفيــن يتجهــانا نحــو نــزاع طاويــل المــد علــي التخــوما
السعوديةالجنوبية ،فاتجه التفكير البريطاني إلي محاولة إبعاد السعوديين قــدر المكــانا إلــي داخآــل
الصــحراء الرمليــة الواسإــعة لتاحــة مجــال واسإــع لترسإــيخ المصــالح البريطانيــة القتصــادية و
السياسإية .ومن تلك المحاولت اقتراح تقدمت بــه عــدنا فــي ربيــع 1935فــي ظــل وضــع قبلــي و
جغرافي مشوب بالغموض .كانا هذا القتراح قضي برسإــم خآــط مســتقيم يصــل بيــن تقــاطاع دائــرة
ل ،مع خآط طاول 52شــرقا. عرض 18شمالا مع الخط البنفسجي ،و تقاطاع دائرة عرض 20شما ا
بررت عدنا اقتراحها بـأنا قبائـل العـوامر والمناهـل الحضـرمية تصـل فـي تجوالهـا شـمال دائـرة
عرض 18في الطرف الشرقي من خآطها المقترح .وعلى كل حال ،كانا هدف سإلطات عــدنا هــو
أنا تعطي نفسها مجالا رحبا لتوسإيع نفوذها في تلك الرجاء.
1
58
خآط حمزة )الخط الحمر،نيسانا /أبريل (1935
كانا ذلك الخط هو القتراح الوحيد الذي تقدمت به الريــاض بصــفة رسإــمية لرسإــم حــدودها
الجنوبية .يتماشي القتراح السعودي مع دائرة عرض 17شمالا فـي المنطقـة الواقعـة بيـن خآطـي
طاول 48و 52شرقاا ،حتي تلتقي بالخط البنفسجي الذي ينحدر في اتجاه جنوبي غربــي .و هكــذا،
كانا خآط حمزة يترك في طارفه الشرقي شريطا ا واسإعا جنوب الكثبانا الرمليــة يصــل عرصــه إلــي
مئة و سإتين ميل تقريبا .ضمن الراضي السعودية ،غيــر أنــه يضــيق التدريــج مــع انحــدار الخــط
البنفسجي في التجاه الجنوبي الغربي.
اتسم خآط حمزة ،بصورة عامة ،بالعتدال ،مقارنــة بــالقتراحين البريطــانن الســابقين .ففــي
حين ترك آبار سإناو و ثمود إل الشمال منــه ،بقيــت معظمأراضــي الكــثيري و القعيطــي و المهــرة
داخآل المحمية .وكانا هذا القتراح مبنيا ا على عاملين :الول القائمة المفصلة الــتي سإــبق أنا قــدمها
فؤاد حمزة و المتضمنة حصراا للبار التابعة لقبيلة المرة السعودية عبر منطقة واسإــعة مــن الربــع
الخـالي و جنـوبه علـي وجـه الخصـوص؛ و الخآـر تبعيـة بعـض الفخـاذ و العشـائر الحضـرمية
للرياض .و قد اعترف تقرير أعده قسم البحاث في الخارجية البريطانة بأنا النفوذ السعودي يمتــد
فعلا جنوب كثبانا الربع الخالي في المنطقة الممتــدة بيــن خآطــي طاــول 51و 53شــرقاا.كــانا ذلــك
مرتبطا ا بالعتراف بتبعية بيت إيماني و الرواشد للرياض ،و هي القبائل التي تمتد منازالها جنــوب
الرمــال بيــن الخطيــن المــذكورين .ومــاداما برتــراما تومــاس )(B.Thomasــ – هــو أحــد الرحالــة
البريطانيين و الذي كانا بعيداا عن أنا يتصف بالود تجاه الرياض -هو الـذي أكـد هـذه المعلومـات،
فقد اكتسبت اعترافا ا بريطانيا ا شبه رسإمي .وجدير بالــذكر أنا التقريــر نفســه ذكــر أنا سإــناو تملكهــا
قبيلة المناهل ،و التي تشترك مع بيت إيماني في ملكية ثمـود .و بــالنظر إلــي أنا لنــدنا شــككت فــي
تبعية المناهل ،في الوقت الذي أكدت عدما تبعية الصيعر التي تقع إلي الغرب منها ،للريــاض ،فــإنا
مطالبة الخآيرة بتلك المنطقتين ظلت محل معارضة بريطانية.
الرياض تلمح إلي إمكانية تعديل خآط حمزة
كانا ذلك الخط يمثل بالنسبة إلي الرياض الحــد الدنــى مــن مطالبهــا المعقولــة ،الــتي كــانت
تستند إلي انفرادها بممارسإة بعض مظاهر السيادة علي بعض قبائل و عشائر تخومها الجنوبية .و
الحق أنا الرياض كانت ميالة إلي الوصول إلي حل منصف ،في حين أنا الطــرف الخآــر لــم يكــن
يشاطارها -فيما يبدو -الهتماما نفسه .فعلى سإبيل المثال ،لمح فؤاد حمزة بعد فترة قصيرة من تقديم
اقتراحه إلي موافقة حكومته علي حل وسإط بين اقتراحها و القتراح البريطــاني الخآيــر ،غيــر أنا
لندنا تجاهلت ذلك .و كما كانت احال في التخوما السعودية الشــرقية ،أسإــف البريطــانيونا فيمــا بعــد
لتجــاهلهم ذلكــالموقف الســعودي المــرنا .و الحــق أنا عــدما اضــطرارهم إلــي اللجــوء إلــي الخيــار
التحكيمي أو القضائي علي التخوما السعودية الجنوبية أخآفي موقفهم الحرج لفترة ليست بالقصيرة.
اقتراح الخارجية )تموزا /يوليو (1935
شرعت الخارجية البريطانية في إعادة تقييم الموقف البريطاني بخصوص ذلك النزاع ،فــي
ضــوء الدلــة التفصــيلية الــتي قــدمتها الريــاض والــتي دعمتهــا جزئيــا شــهادات بعــض الرحالــة
واعترافات بعض مسؤولي حكومة عدنا نفسها ،اأمر الذي أدي إلي إضعاف موقف لنــدنا بصــورة
59
سإــافرة .وعلــي صــعيد آخآــر ،كــانت الخارجيــة البريطانيــة مهتمــة بالحفــاظ علــي صــداقة العاهــل
السعودي في وقت تزايدت خآلله النشاطاات اليطاليــة فــي اليمــن و منطقــة جنـوب حــوض البحــر
الحمر.
في تموزا /يوليو ،1935اقترحت الخارجية خآطا مستقيما متــد مــن تقــاطاع دائرةعــرض 18
مال مع الخط البنفسجي ،حتى تقاطاع دائرة عرض 20شمال مع خآط طاول 55شرقا .و الحق أنــه
علي الرغم من أنا هذا القتراح كانا أكثر واقعية من مواقف حكومة عدنا المتصلبة ،فقد ظل بعيدا
عن تلبية الحــد الدنــي مــن المطــالب الســعودية بســبب اقتطــاعه جــزءا ل بــأس فيــه مــن الحــواف
الجنوبية لكثبانا الربع الخالي ليبقيه ضمن محمية عدنا.
اقتراح عدنا الثاني )آب /أغسطس (1935
تدخآلت عدنا ،مرة أخآرى ،فــي الحـوار الــذي كــانا يـدور بيـن عـدة إدارات بريطانيـة حـول
تخومها الشمالية .فلقد تقدمت في صيف 1935باقتراح و توصية .كانا القتراح هو أل يقل الخــط
المقترح عن دائرة عــرض 18شــمال؛ أمــا التوصــية فقــد ذهبــت أبعــد مــن ذلــك بــالتمني علــي أنا
يتضمن الخط المقترح الشريط الصحراوي الذي يقع جنوب كثبانا الربــع الخــالي والــذي يشــكل –
بحسب وجهة نظرها – جزءاا مـن ديـر قبائـل "تابعـة" لهـا مثـل المناهـل والصـعير .بـل انا ع دنا
فضلت انا يتضمن مثل ها الخط ما عرضه عشرونا ميلا من تلك الكثبانا.
بررت حكومــة عــدنا مطلبهــا بــالعراب عــن اقتناعهــا بــأنا ديــر قبائــل "تابعــة" لهــا ،مثــل
الصــعير والعــوامر والمناهــل والمهــرة ،تشــمل الســهوب الــتي تفصــل الربــع الخــالي عــن عمــق
الراضي الحضرمة .بل أنا الحواف الجنوبية للربــع الخــالي نفســه تنتمــي – بحســب وجهــة نظــر
حكومة عدنا – إلى بعض تلك القبائل )المناهل والصعير على وجه التحديد( أكثر من انتمائها إلــى
غيرها من القبائل التي طاــالب الســعوديونا بهــا ،مثــل يــاما والمــرة والرواشــد .والتوغــل فــي عمــق
الصحراء الرملية ،كانا لحكومة عدنا رأي – يعوزا الكثير من الدقة – يتمثل فــي اعتبــار عــدد مــن
البار الجنوبية التي ادعاها فؤاد حمزة لقبيلة المرة منطقة مشتركة لجميــع القبائــل المعنيــة ،بزعــم
أنا القبائل التابعة لعدنا ترتادها بالقدر الذي ترتادها به القبائل السعودية .كانا تكتيك سإلطات عــدنا،
كما هو واضح ،يتمثل في تمييع مفهوما الديرة القبلي – ولذي قاما علــى أسإاسإــه القــتراح الســعودي
الخآيـر – بهــدف تثـبيت سإـيطرة حكومـة عـدنا علـى الحــواف الجنوبيـة لتلــك الصــحراء ،وأبعـاد
السعوديونا إلى الشمال قدر المستطاع
اقتراح وزاارة المستعمرات )تشرين الول/أكتوبر (1935
في ضوء اعتراف لندنا بأنا أغلبية البار التي تضمنتها القائمة السعودية السالفة الذكر
ل ،سإعت لرسإم إطاار عاما لديرة هذه القبيلة" ،منحتها" بموجبه سإبخة مجورة ،على تابعة للمرة فع ا
التخوما السعودية – العمانية ،وآبار الشنا .وعلى الرغممن إقرار وزاارة المستعمرات بذلك ،فقد
نادت بخط يقارب ديرة تلك القبيلة من دونا أنا يطابقها تماما .كانا هذا القتراح يقضي بأنا يمتد
ل ،حتى تقاطاع خآط الخط الحدودي المستهدف من تقاطاع الخط البنفسجي مع دائرة عرض 18شما ا
ل؛ ومن ثم إلى تقاطاع خآط طاول 54شرقا ا مع دائرة طاول 52شرقا ا مع دائرة عرض 19شما ا
ل .وقد وصف وزاير الدولة للمستعمرات هذا العرض بأنه نهائي ومعقول ويتسم عرض 20شما ا
بالكرما! وفي الوقت ذاته ،اقترح تقديم مطالب توسإيعة لمصلحة الشيوخ المرتبطين ببريطانيا
باتفاقيات حمائية كي تمثل عوائق "صلبة" أماما المطالب السعودية القائمة أو أي مطالب أخآرى
مستجدة .وفي حين أنا الخط الجديد "تخلى" عن شريط أرضي ضيق جنوب خآط الخارجية
60
السابق ،فانه كانا ل يزال يترك الحواف الجنوبية للكثبانا الرملية العظيمة إلى الجنوب منه .ومن
الواضح هنا أنا مثل هذه المرونة التكتيكية تجسد اهتماما لندنا المستمر لبقاء مساحات شاسإعة
ضمن محمية عدنا ،سإعيا ا وراء مكاسإب نفطية محتملة.
خآط الرياض )خآط رايانا ،تشرين الثاني/نوفمبر (1935
كانا واضحا ا أنا قوة خآط حمزة تفرض على بريطانيا التقدما باقتراح مضاد بصورة رسإمية
لتحسين موقفها التفاوضي الذي كانا ل يزال ضعيفا من الناحية القانونية ،وذلك لعتماده رسإميا
على الخطين البنفسجي والزارق .كانت بعثة رايانا إلى الرياض محاولة لتقديم اقتراح جديد يتسم
بالجدية .وقد امتد خآط رايانا – فيما يتعلق بالتخوما السعودية الجنوبية – من نقطة تقاطاع دائرة
عرض 18شمالا مع الخط البنفسجي ،حتى نقطة تقاطاع دائرة 19شمالا مع خآط طاول 53شرقاا؛
ومن هناك إلى تقاطاع دائرة عرض 20شمالا مع خآط طاول 55شرقاا .ومع أنا خآط رايانا )
إلى الجنوب من إقتراح وزاارة المستعمرات " (RYANترك" شريطا ا ضيقا ا من الرض
السابق الشارة إليه ،فانه لم يخرج عن الطاار العاما لمجمع القتراحات البريطانية السابقة ،وهو
الطاار الذي قضى بابقاء الحواف الجنوية للكثانا الرملية العظيمة ضمن محمية عدنا .وبالتحديد،
ترك خآط الرياض شريطا ا يتراوح عرضه بين عشرين إلى ثلثين ميلا من تلك الكثبانا ضمن
المحمية.
في عمق الراضي الحضرمية ،كن الطرفانا جادين للتثبت من دعاواهما بناء عى
معلومات ميدانية .ففي كانونا الثاني/يناير ،1937عرض البريطانيونا أماما فؤاد حمزة خآريطة
قبلية لمناطاق النزاع المشتركة في التخوما الحضرمية-السعودية .كانت وجهة النظر البريطانية
تقوما على أنا خآط حمزة حيث يقترب كثيراا من البحر في منطقة المهرة ،يقتطع أراضي
ومجموعات سإكانية تابعة لقبائل عدنية .وبصورة تفصيلية ،تم البحث في أربعة مواقع آبار إلى
الشمال من ذلك الخط ،هي تضو وشيصور وسإناو وثمود ،بهدف التحقق من تبعيتها القبلية .كانا
ذلك المر – كما أقرت الرياض – خآاضعا ا للبحث الميداني ،المر الذي كانا يتيح إمكانيات
أخآرى ،من بينها اسإتفتاء السكانا المعنيين.
اقتراح عدنا الثالث)صيف (1937
اتجهت لندنا فيتلك الفترة إلي قصر مطالباتها علي الراضي التي ترتكز دعاوي القبائل
الحضرمية بشأنها علي أسإس راسإخة .كانا ذلك يعني التخلي عن أحد أهم العوامل التي أدت إلي
تشدد -و اعتباطاية إلي حد ما -المطالب و القتراحات البريطانية السابقة .ووفق النهج الجديد ،كانا
التجاه هو نحو التخلي عن فكرة إبعاد السلطة السعودية عن مناطاق لم تتقررملكيتها بشكل
واضح ،ولذلك طالبت وزاارة المستعمرات من حكومة عدنا التفكر في إمكانية "التخلي" عن مزيد
من الراضي بين دائرتي عرض 17و 18شمال ،و خآصوصا غرب خآط طاول 51شرقا .جسد
ذلك التوجه الجديد اقتراب لندنأكثر قليل من تصور حل أكثر واقعية ،يترك الكثبانا الرملية
العظيمة إلي الشمال من الخط المستهدف.
وكما يحدث بين الدارات البيروقراطاية ،التيينظر كل منها إلي أيموضوع من زااويته
الخاصة ،أفرغت حكومة عدنا حماسإة وزاارة المستعمرات من محتواها باقتراح جديد لم يتضمن
إل تنازالا محدوداا ،مقارنة بالقتراحات البريطانية السابقة .وقد تخلي القتراح الجديد عن قطاع
أرضي عرضه عشرونا إلي ثلثين ميلا علي امتداد جبهة يصل طاولها إلي ثلثمئة ميل .كانا هذا
يعني أنا يمتد الخط الحدودي المقترحمن تقاطاع الخط البنفسجي مع خآط طاول 48شرقا ا إلي نقطة
61
ل .لم يكن وزاير المستعمراتما علي خآط الطول 52.2شرقا ا جنوب دائرة عرض 19شما ا
متحمسا ا لهذا "التنازال" المحدود في منطقة مقفرة لن يري العاهل السعودي -في تقدير الوزاير-
فيها قيمة تذكر .و الحق أنا القتراح الجديد لم يمس السهوب الممتدة بين خآطي طاول 52و 48
شرقاا ،بما فيها آبار سإناو و ثمود ،والتي كانت أكثر المناطاق إثارة للنزاع .وعلي أي حال ،لم يقدما
هذاالقتراح إلي الرياض ،مثله مثل أغلب القتراحات السابقة ،حيث أنا وزاارة الخارجية
البريطانية فضلت عدما إثارة موضوع الحدود الجنوبية السعودية في وقت كانا البلدانا قد وجها
جل اهتمامها نحو التخوما السعودية الشرقية.
والحق أنا هذا القتراح كانا أبعد كثيراا مما كانا نطاق السيادة البريطانية قد وصل إليه
ل؛ ولذلك شددت وزاارة المستعمرات علي ضرورة جمع معلومات مفصلة عن منطقة التخوما و فع ا
ممارسإة السلطة البريطانية عليها بطريقة أكثر ثباتا ا من أجل تقوية موقف لندنا في أي مطالبات
لحقة .وهكذا ظلت السلطة البريطانية تنتشر ببطء في قفار لم تكن قدأعطتها كثير اهتماما من قبل.
وعلي الرغم من ذلك ،ومع تجمع سإحب الحرب العالمية الثانية ،دخآل هذا النزاع مرحلة سإكونا،
فتوقفت المفاوضات و القتراحات المتضادة.
اتفاق التوزايع السياسإي للقابائل )آب /أغسطس (1948
يبدو من عرض القتراحات السابقة أنا القتراب من حل وسإط لذلك النزاع المطول لم يكن
أمراا بعيد المنال .ففي الوقت الذي اتجهت مطالب الطرفين بخصوص التخوما السعودية الشرقية
إلي التباعد في نهاية عقد الربعينات ،كانا نزاعهما الحدودي الجنوبي يجري علي وتيرة مختلفة
نوعا ا ما .ففي خآطوة مهمة علي طاريق حلحلة النزاع الخآير ،عقد الطرفانا اتفاقية في العبر
لتسوية مسائل الغارات والتعويضات القبلية .وكانا أبرزا ما تمخضت عنه تلك التفاقية هو توزايع
الولءات السياسإية لقبائل التخوما بينهما .فلقد ععرفت قبائل كرب و الصيعر و نهد و الكثيري )بني
بدر( و العوامر و المناهل والمهرة و شيوخ البريك علي أنها قبائل حضرمية؛ بينما عسإميت قبائل
ياما و الدواسإر و قحطانا علي أنها قبائل سإعودية.
ترجع أهمية تلك التفاقية إلي كونها وضعت إطااراا عاما ا للتسوية يحاكي إطاار اتفاقية
المحمرة التي مهدت للتسوية الحدودية السعودية -العراقية؛ غير أنها لم تكن كافية بحد ذاتها
للوصول إلي حل نهائي؛ فقد كانا المر يحتاج إلي التوافق علي عدة مفاهيم جوهرية و خآطوات
إجرائية محددة.
كانا من الضروري تحديد معنب الديرة القبلية ،وهو أمر لم يكن البريطانيونا قد اسإتوعبوه
تماماا ،أو أنهم فضلوا تمييعه عن طاريق الخلط بين مفهوما الديرة القبلية و أنماطا تنقلت القبائل
عبر دير بعضها .وكانا هناك غموض -و خآصوصا ا علي الجانب البريطاني -بشأنا تبعية بعض
البار و المراعي الواقعة في جنوب الربع الخالي .ففي حين حصرتها المذكرة السعودية المقدمة
في 1935في قبيلة المرة ،أشركت تقاير بريطانية فيها قبائل حضرمية .وكانت محصلة ذلك أنا
الطرفين كانا ل يزالنا مختلفين حول التبعية القبلية ،ومن ثم السياسإة ،لمنطقة صحراوية تمتد إلي
دائرة عرض 20شما ا
ل.
ومن ناحية أخآري ،كانا من المحتم القبول بأنا يكونا مفهوما الديرة القبلية أسإاسإا ا رئيسساا،
أو أحد السإس الرئيسية ،للخط الحدودي المستهدف .ففي حين عيعد هذا المفهوما الركيزة السإاسإية
للموقف السعودي ،فإنا البريطانيين اتجهوا -مضطرين– نحو القبول به إطااراا عاما ،دونا التقيد
62
الحرفي به؛ بمعني أنهم لم يروا ضرورة لتطابق الخط الحدودي المستهدف مع دير القبائل
المعنية.
الرياض تطرح الحد القصي لمطالبها الحدودية
في أعقاب الحرب العالمية الثانية ،طارحت الرياض الحد القصي لمطالبها علي تخومها
الشرقية ،و أعلنت أنها في صدد مراجعة مطالبها الحدودية في تخومها الجنوبية .وفي السياق
نفسه ،رفض أحد كبار المسؤولين السعوديين الدخآول مع السفير البريطاني في نقاش بشأنا النزاع
الحدودي السعودي -العدني ،متحاشيا ا إعطاء أي انطباع بأنا حكومته تشك للحظة في سإيادتها على
كامل المنطقة محل النزاع .و بدا المسؤول السعودي واثقا ا بأنا سإيادة بلده علي تلك المنطقة ،التي
شهدت مواجهات عدة بين ممثلي الشركات و الحكومات المعنية ،أمر واقع يمارس و مقبول ول
يمكن تحديه .و هكذا ،و اعتماداا -فيما يبدو -علي تجربتها علي تخومها الشرقية ،تبنت الرياض
موقفا ا مداه التقليل من أهمية النزاع علي تخومها الجنوبية .ل بد أنالموقف السعودي آنذاك قد أثار
حيرة حكومتي عدنا و لندنا أكثر من ذي قبل ،لنه كانا يرسإم ملمح خآيار سإعودي جديد حده
الدني خآط حمزة ،بينما يصل حده العلي إلي ما هو أبعد من ذلك كثيراا ،أخآذاا في العتبار مذكرة
سإعودية تعود إلي ،1934اعتبرت فيها الرياض أنها تمارس سإيادتها فعلا علي قبائل حضرموت
بعدة أوجه ،مثل دفعها للزكاة و خآضوعها للقوانين السعودية و تلبيتها نداء الجهاد.
خآط أما الصميم – الريانا )(1949
كانت لندنا -التي ألفت نفسها منجرة ،في خآضم نزاعها الحدودي مع الرياض علي التخوما
السعودية الشرقية ،نحو خآطوات دبلوماسإية و تحكيمية لم تكن تجري لمصلحتها – قد وجدت في
سإياسإة التسويف أسإلوبا ا لتحاشي وضع النزاع بشأنا التخوما السعودية الجنوبية علي طاريق مماثل.
لكن الحقائق علي الرض كانت تكشف باطاراد أنا السباق علي نشر علمات السيادةعلي البشر و
الرض بين الرياض و عدنا لم يكن يجري لمصلحة الخآيرة .و لذلك بدأت السلطات البريطانية
المختصة السإتعداد لمرحلة صعبة قادمة .في هذا السياق ،تمني أحد كبار مسؤولي حكومة عدنا
في 1954علي لندنا التراجع عن خآط التحول البطئ في سإياسإتها و التي كانت تستهدف البحث
عن حل دبلوماسإي لحدود المحمية الشمالية ،و التي تمثلت أسإاسإا ا في خآط الرياض ،و هو القتراح
الوحيد الذي سإبق أنا عقدما إلي الجانب السعودي بصورة رسإمية.
وفي الوقت نفسه ،شرعت عدنا في التفكير في اقتراح جديد مثل الحدالقصي من
مطالبها بخصوص تخومها الشمالية كلها .كانت النتيجة رسإم خآط يبدأ من نقطة تقاطاع طاول 56
شرقا ا مع دائرة عرض 21.30شمالا ليمتد غربا ا في اتجاه جبل الريانا حتي يتقاطاع مع الخط
البنفسجي).(1
بررت حكومة عدنا مطالبها الجديدة المتشدده ،التي كانت أكثر تصلبا ا من معظم
القتراحات السابقة )و خآصوصا ا خآط الرياض،بل و الخط البنفسجي في الرجاء الغربية من
التخوما المشتركة( ،بزعم أنا أدلة جديدة توفرت لديها تثبت أنا جميع الراضي الواقعة جنوب
خآطها اجديد تعود لقبائل موالية لها .و الحق أنا خآط أما الصميم-الريانا ،الذي لم يقم علي أسإاس
صلب قبليا ا و قانونياا ،لم يكن –فيما يبدو -أكثر من خآطوة تكتيكية لتعزيزالموقف البريطاني
التفاوضي ،في ضوء عزما الرياض توسإيع مطالبها.
1
63
العودة إلي الخط البنفسجي
عادت لندنا بعد ذلك إلي التمسك بالخط البنفسجي كخط دفاع أخآير ،في محاولة يائسة
لتقوية موقفها في أي مفاوضات لحقة ،علي الرغم من إقرار مسؤولين بريطانيين معنيين
بحراجة موقفهم الجديد ،الذي وجدوا فيه أنفسهم يطالبونا في منتصف الخمسينات بأراض سإبق أنا
"تركوها" للرياض قبل عشرين سإنة خآلت .و لهذا ترددت ندنا بين ذلك الخط العتيق و بين
تعديلت تأخآذ في الحسانا مفاهيم أخآري ،مثل الولءات القبلية ،التي وصفها المسؤو نفسها بأنها
أقوي نقطة للسعوديين.
64
علي الرغم من أنا تلك الحداث كانت اسإتثناء لم يعكر الطابع السلميالعاما لذلك النزاع
الحدودي ،فإنا علقة الرياض بعدنا لم تكن تسمح باسإتئناف المفاوضات التي انقطعت منذ
منتصف الخمسينات ،فظل ذلك النزاع خآامداا .خآلل السنين اللحقة ،عكست خآرائط أصدرها
الطرفانا موقفيهما الرسإميين الخآيرين .فعلي سإبيل المثال ،أظهرت خآريطة سإعودية تعود إلي
1986تمسك الرياض رسإميا ا بخط حمزة الذي سإبق أنا أكدته مذكرة وزاارة الخارجية السعودية
)تشرين الول /أكتوبر .(1955
مذكرة التفاهم السعودية -اليمنية )(1994
كانت إعادة فتح هذا الملف الحدودي تنتظر حدوث تغير سإياسإي حاسإم يتيح التعامل مع
قضاياه المعقدة بأسإلوب إيجابي .شكلت الوحدة اليمنية خآطوة مهمة علي هذا الطريق بالنظر إلي
تولي صنعاء ،وهي التي تربطها بالرياض علقة جيدة ،هذا الملف ،في غمرة أوضاع سإياسإية و
اقتصادية مستجدة خآلفتها الحرب النفصالية و تداعيتها .فقد أدت المشكلت التنموية التي تفاقمت
بعد الحرب إلي اقتناع النخبة السياسإية اليمنية بصورة خآاصة ،و الرأي العاما اليمني بصورة عامة
–كما يبدو -بإقفال الملف الحدودي مع جارتهم الكبرى .وفي هذه الظروف ،وققعت الرياض و
صنعاء في شباطا /فبراير 1995مذكرة تفاهم كرسإت خآط 1934الحدودي و دشنت سإت لجانا
لحل جميع القضايا الحدودية و السياسإية العالقة .ل تزال التخوما البرية الطويلة الممتدة من النقطة
التي وقف عندها خآط 1934حتي عقدة التقاء الحدود المستهدفة لليمن و السعودية و عمانا هي
الموضوع البرزا للمفاوضات الدائرة حالياا.
ظل المسؤولونا في البلدين يحيطونا مفاوضاتهم الثنائية بقدر كبير من التعتيم العلمي
وسإط جو تفاؤلي عاما ،غير أنا المفاوضات التي دارت علي مستوي اللجانا واجهت صعوبات و
تباينات ما لبثت أنا طافت علي السطح منذ أواخآر .1994و أدي ذلك إلي اتخاذ قرار برفع مستوي
التفاوض .ففي آب /أغسطس ،1997اتفق الطرفانا في أثناء زايارة للمير سإلطانا بن عبد العزيز
لصنعاء ،علي "التعجيل بحل قضية الحدود عبر المفاوضات الثنائية علي أعلي المستويات" .غير
أنا ذلك لم يحل دونا اسإتمرار التباينات في مواقف الطرفين .فعلي سإبيل المثال ،نصت المادة
الخامسة من مذكرة التفاهم علي عدما جوازا قياما الطرفين باسإتحداث أي منشآت في منطقة التخوما.
وقد أكد اجتماع الجولة الولي للجنة العليا المشتركة و اجتماع الجولة السابعة للجنة العسكرية
المشتركة هذا المر ،و كذلك –في إشارة فيما يبدو إلي عدما اللتزاما به –إزاالة "أي اسإتحداثات
تمت من أي من الطرفين في المناطاق الحدودية بعد توقيع مذكرة التفاهم"؛ غير أنا هذه القضية
ظلت –فيما يبدو عالقة بحيث أنا اللجنة العسكرية المشتركة اضطرت في جولتها التاسإعة إلي
إعادة تأكيدها ،بل وزاادت على ذلك –في دللة مهمة علي توتر الوضاع في المناطاق الحدودية-
.
بالنص علي "عدما اسإتخداما القوة أو التهديد بها لحل أي خآلف ينشأ"
و علي صعيد الخط الحدودي المستهدف ،أكمل الطرفانا "مشواراا جيداا )رسإما( خآلله
مسافة طاويلة من الحدود" ،غير أنا خآلفتهما ثارت بشأنا منطقة المهرة في أقصي الطرف
الشرقي من تخومهما المشتركة .وقد لوح نائب الرئيس اليمني – في إطار ما يبدو أنه مناورة
للضغط على الرياض باللجوء إلى التحكيم – في حالة عدما قبول الخآرة "بالتصور النهائي" فيما
يتعلق بقضية الحدود المشتركة ،والذي قدمه الرئيس اليمني للمير سإلطانا بن عبد العزيز .وفي
السياق نفسه،اقترح الرئيس اليمني تأجيل المفاوضات الحدودية "لفترة غير محددة" ،متهما ا
الرياض بعدما توفر الرغبة والقناعة التامة بذلك .وردت الرياض بتصريح هادئ أكدت فيه
حرصها " على حل ما تبقى من خآط الحدود مع الجمهورية اليمنية الشقيقة دونا تأخآير ،خآاصة أنا
65
المملكة العربية السعودية توصلت إلى حل معظم مواضيع الحدود مع الدول المجاورة لها بأسإلوب
دوي أخآوي" .وعلى الرغم من توقف المفاوضات الحدودية بين الجانبين ،فإنا من المستبعد أل
يعودا إلى إكمال العمل المضني الذي أنجزاه في ظل توفر رغبة مشتركة في إقفال الملف
الحدودي بينهما بصورة نهائية .لقد سإاد مبدأ الصفقات المتبادلة والمتوازانة التسويات الت أبرمتها
الرياض مع جيرانها خآلل العواما الثلثين الماضية )الردنا وقطر ،1965عمانا ،1971
أبوظبي .(1974ولهذا ،فإنه من المتوقع أل تخرج التسوية الجديدة المنتظرة لهذا النزاع عن هذا
النمط المتوازانا.
يبدو أنا مجموعة من العوامل سإتؤثر على شكل التسوية القادمة .فقد مرت عدة عقود منذ
بروزا هذا النزاع إلى السطح ثم كمونه مرة أخآرى ،في وقت كانت الطاراف المعنية تواصل بناء
وترسإيخ وتوسإيع المدى القليمي لمؤسإساتها السياسإية والدارية والقتصادية .ولقد شهدت
السنوات اللحقة تغيرات اجتماعية – سإياسإية مهمة فرضت واقعا ا جديداا يستبعد أنا تتجاهله أي
تسوية لحقة .ومن ذلك أنا بعضا ا من قبائل الصعير والكرب التي اتفق الطرفانا في 1949على
اعتبارها تابعة لعدنا ،اخآتارت الرعوية السعودية واسإتقرت في أراض سإعودية )شرورة
والوديعة( ،وخآضعت بالتالي للسيادة السعودية فترة طاويلة ومتواصلة .ويفرض الواقع الجديد
بعض التعقيدات التي من المفترض أنا تكونا ضمن جدول أعمال المفاوضات الحالية .فمثل،
للصعير ولكرب آبار مشهورة )زامخ ،منوخ( في الجانب اليمني من الحدود القائمة من الناحية
الواقعية .وبالضافة إلى ذلك ،من المعروف أنا كثيراا من أفراد قبيلة المهرة ي أقصى شرق
التخوما المشتركة يحملونا هويات سإعودية.
ومن ناحية أخآرى ،زاادت ضغوطا المطالب التنموية من قبل قطاعات واسإعة في المجتمع
اليمني على النخبة السياسإية الحاكمة .ولقد تأججت تلك المطالب بعد الوحدة اليمنية وما تلها من
حرب أهلية .في هذه الجواء ،تبدي صنعاء كما يظهر -اهتماما واضحا بإيجاد صيغة ما
لسإتيعاب اليمن اقتصاديا وسإياسإيا ضمن المنظومة الخليجية .وفي حين أنا قضايا عدة ل تزال
تحول دونا تحقيق هذه الرغبة اليمنية فيما يبدو ،فإنا تسوية هذا النزاع الحدودي ،وما سإيفضى
إليه من تمتين للعلقات السعودية – اليمنية ،سإيؤدي إلى مزيد من التقارب بين اليمن الموحد
والمنظومة الخليجية.
وعلى الصعيد نفسه ،دار لفترة من الوقت ،في غمرة المفاوضات الحدودية بين الطرفين،
حديث هامس عن محاولة صنعاء ربط التسوية الحدودية المستهدفة بصفقة تتضمن إعادة منح
الرياض العمالة اليمنية وضعا ا مميزاا .ولقد لمحت مصادر سإعودية قريبة من المفاوضات إلى
ذلك ،حيث أرجعت التعقيدات التي تواجهها المفاوضات الحدودية بين البلدين إلى "تدخآل بعض
الطاراف الخارجية وسإعي اليمن إلى تحقيق مكاسإب سإياسإية واقتصادية في مقابل تسوية الجزء
الباقي من الحدود".
66