Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 66

‫جامعة الملك سعود‬

‫كلية النأظمة والعلوم السياسية‬


‫قانأون دولي عام _‪_2‬‬

‫بسم الله الرحمن الرحيم‬

‫) وما توفيقي إل بالله (‬


‫) مشكلة الحدود السعودية اليمنية (‬

‫الطالبة ‪ :‬سارة فهد عبد الله السديري‬


‫الرقم الجامعي ‪426201967 :‬‬
‫الرقم التسلسلي ‪11 :‬‬

‫‪1‬‬
‫الفصل الول‬
‫مفهوم الحدود‬

‫المبحث الوأل‬
‫مفهوم الحدوأد وأالتفرقة بينه وأبين التخوم‬

‫*المطلب الوأل‪:‬‬
‫التعريف اللغوي للحدوأد ‪:‬‬

‫الحدود جمع حد ‪ ,‬وتعريف الحد في اللغة " الحد هو النصل بين شيئين لئل يختلط أحدهما بالخآر‬
‫ولئل يتعدى أحدهما على الخآر ‪ .‬وفلنا حد يد فلنا إذا كانت أرضه إلى جانب أرضه " ‪. 1‬‬
‫‪ 1‬لسان العرب ‪ ,‬لبن منظور‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وهناك تعريف آخآر للحدود في اللغة وهو " الحد هو الحاجز بين شيئين ومنتهى الشيء حده‬
‫وتميز الشيء عن الشيء " أي أنا الحد هو الفاصل أو الحاجز بين شيئين لمنع اخآتلطاهما أو لئل‬
‫يبغي أحدهما على الخآر‪. 1‬‬

‫*المطلب الثاني ‪:‬‬


‫مفهوم الحدوأد في الفقه السإلمي ‪:‬‬

‫تناول الفقه السإلمي الحدود التي تفصل أية دولة عن أخآرى وعبر عنها في التراث السإلمي‬
‫بألفاظ مثل الثغور والحصونا والرباطا الذي عرفه ابن حجر العسقلني بأنه " ملزامة المكانا الذي‬
‫‪2‬‬
‫بين المسلمين والكفار لحراسإة المسلمين منهم "‬

‫وترتبط عناصر مفهوما الحدود بمفهومين هما الجهاد ودار السإلما ‪ ,‬ومفهوما الجهاد في السإلما‬
‫يحدد دار السإلما من حيث انه حدد مواقع نصب وتوزايع الثغور وفق فلسفة إسإلمية تنبثق من‬
‫مفهوما أسإاسإي هو مفهوما "المة " في النسق السإلمي الذي يقوما على الخآوة العقدية بين‬
‫‪3‬‬
‫المسلمين كما بينها القرآنا ) إنما المؤمنونا أخآوة (‬

‫والحدود أو الثغور أو الحصونا في الفقه السإلمي تقع على أطاراف دار السإلما وتتيح لها حماية‬
‫المة ‪ ,‬ويذكر الماوردي أنا من أهم واجبات الماما تحصين الثغور بالعدة المانعة والقوة الدافعة‬
‫حتى ل يظهر العداء بغرة ينتهكونا فيها محرما أو يسفكونا فيها لمسلم أو معاهد دما ‪. 4‬‬

‫*المطلب الثالث ‪:‬‬


‫التعريف القانوني للحدوأد ‪:‬‬

‫المفهوما القانوني للحدود باعتباره خآطا ا يعين نطاق سإيادة الدولة ويفصل إقليم الدولة عن غيره من‬
‫القاليم‪ .5‬هذا المفهوما القانوني الحديث للحدود يختلف عن المفهوما القانوني للحدود في العصر‬
‫القديم الذي كانا عبارة عن مناطاق تفصل بين الجماعات وتمثل خآطوطا دفاع للجماعة تمنع عنها‬
‫العتداءات الخارجية وليس مجرد خآطوطا فاصلة ‪ ,‬فهذا المفهوما يتطور بتطور الجماعة ‪ ,‬إذ يعد‬
‫اسإتجابة للواقع الحضاري للجماعة بكل مكوناته التاريخية و السياسإية والجتماعية والجغرافية ‪.‬‬
‫والحدود كانت في العصر القديم تخضع للقانونا الداخآلي فقط ‪ ,‬إذ كانا يجري تعيينها وتحديدها من‬
‫جانب واحد وبطريقة تحكمية ‪ ,‬أما في العصر الحديث فيتم وضع الحدود وتخطيطها بالتفاق بين‬

‫‪ 1‬القاموس المحيط ‪ ,‬للفيروأز أبادي ‪.‬‬


‫‪ 2‬الحافظ أحمد العسقلني _ فتح الباري بشرح البخاري ‪.‬‬
‫‪ 3‬سإورة الحجرات _ الية ‪. 10‬‬
‫‪ 4‬أبو الحسن علي بن محمد الماوأردي _ الحكام السلطانية وأالوليا الدينية ‪.‬‬
‫‪ 5‬جابر إبراهيم الراوي _الحدود الدولية ومشكلة الحدود العراقية اليرانية ‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫الدول المعنية بواسإطة التفاقات والمعاهدات الدولية أو بموجب قرارات التحكيم أو أحكاما القضاء‬
‫الدولي‪.1‬‬

‫*المطلب الرابع ‪:‬‬


‫التفرقة بين الحدوأد وأالتخوم ‪:‬‬

‫بعض الفقه لم يفرق بين تعبير الحدود و تعبير التخوما واسإتخدامها باعتبارها مترادفين يدلنا على‬
‫معنى واحد وهو الخط الفاصل بين الدول المتجاورة ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫والبعض الخآر فرق بين التعبيرين ورتب على هذه التفرقة نتائج مختلفة ‪ ,‬بل إنالبعض يستعمل‬
‫تعبير التخوما بمعنى الخط الحاجز أو الفاصل الذي يحدد المدى الذي يمتد إيه إقليم الدولة ‪ ,‬وتعبير‬
‫الثغر أو الثغور للدللة على المساحة الحاجزة أو الفاصلة بين إقليمين ‪ ,‬غير أنا غالبية الفقه‬
‫العربي يستخدما تعبير الحدود للخط الفاصل بين الدول ‪.‬‬

‫ومسألة التفرقة بين الحدود والتخوما تبدو دقيقة من حيث السإتعمال الفني والقانوني في كتابات‬
‫رجال القانونا والجغرافيا السياسإية وتقتضي توضيح دللة كل منها في السإتعمال فالتعبيرانا وانا‬
‫كانا يدلنا بصفة عامة على الحدود الدولية إل أنه في الواقع توجد عدة فوارق بينهما ويختلفانا في‬
‫المعنى اخآتلفا نوضحه فيما يلي ‪:‬‬

‫‪ /1‬التخوما ظاهرة جغرافية ثابتة غير متنقلة بوصفها منطقة أو مساحة من الرض غير مأهولة‬
‫وهي عبارة عن بعض الظواهر الطبيعية كالغابات أو الجبال أو النهار ‪ ,‬وهي غير مملوكة لحد‬
‫وتستطيع الدول المجاورة لها ضمها إلى أراضيها قبل قياما الدول الخآرى بإدعاء نسبتها إليها ‪.‬‬

‫والحدود ظاهرة اتفاقية بشرية متنقلة غير ثابتة يمكن نقلها من مكانا لخآر حسب الظروف التي‬
‫تحيط بالدول المتجاورة ‪ ,‬ويتم نقل خآط الحدود إما عن طاريق التفاق كما هو في حالة الحدود في‬
‫القارة الفريقية ودول أمريكا اللتينية وإما عن طاريق القوة مثل إسإرائيل ‪.‬‬

‫‪ /2‬التخوما تمثل منطقة دفاعية لحماية البلد التي تحيط بها في الغزوات المفاجئة بوصفها منطقة‬
‫واسإعة تعطي الفرصة للسإتعداد لمواجهة العداء ومنعهم من التقدما داخآل الحدود‬

‫الحدود باعتبارها خآطا فل مساحة لها بل هي خآط له طاول وليس له عرض يفصل إقليم الدولة عن‬
‫أقاليم الدول المجاورة لها ‪ ,‬و به تبدأ سإيادة الدولة وتنتهي سإيادة دولة أخآرى ‪.‬‬

‫ويلحظ أنا التخوما في المفهوما القانوني تمثل مرحلة زامنية سإابقة على ظهور الحدود الخطية‬
‫القائمة على عمليات فنية دقيقة ومعقدة‪.3‬‬

‫‪ 1‬زاهوة علي أبي بكر السقاف _ مبدأ ثبات الحدود ونهائيتها والحدود اليمنية السعودية ‪.‬‬
‫‪ 2‬محمد طلعت الغنيمي _ الوسإيط في قانون السلم ‪.‬‬
‫‪ 3‬زاهوة علي أبي بكر السقاف _ مبدأ ثبات الحدود ونهائيتها والحدود اليمنية السعودية ‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫العوامل التي تؤثر في الحدوأد‬

‫إنا طابيعة العلقات القائمة بين الدول المتجاورة ‪ ,‬ل شك تؤثر على حالة الحدود بينها من حيث‬
‫حسن الجوار أو الصراع والنزاعات الحدودية فيما بينها ‪.‬‬
‫وهناك عدة عوامل لها دور مؤثر في العلقات الدولية وهي ‪:‬‬

‫أوأل ‪ :‬العوامل القانونية ‪:‬‬

‫غني عن البيانا أنا لكل دولة نظامها القانوني الذي تباشره داخآل نطاق إقليمها اسإتنادا إلى‬
‫سإيادتها ‪ ,‬وسإلطتها ل تتعدى ل تتعدى نطاق هذا القليم فل يمكن لها تطبيق قوانينها خآارج نطاقه‬
‫إل في حالت اسإتثنائية وهي الحالت التي يكونا فيها تطبيق قانونها الوطاني على مواطانيها خآارج‬
‫القليم اسإتنادا إلى مبدأ قانونا الجنسية وكذلك في الحالت التي تهدد فيها سإلمة الدولة من ارتكاب‬
‫أفعال خآارج إقليمها تكونا موجهة‪ 1‬مباشرة ضد سإلمتها ولو كانا مرتكبوها من غير المواطانين ‪,‬‬
‫وخآلف ذلك يعد اعتداء على سإيادة دولة أخآرى ‪.‬‬

‫وتثير مسألة تطبيق القوانين الداخآلية الخلف بين الدول المتجاورة في حالة انتقال إقليم أو جزء‬
‫من إقليم إلى سإيادة دولة أخآرى فأي القوانين يكونا واجب التطبيق ؟ ويمكن حل هذه المسألة‬
‫بوسإائل متعددة منها السإتفتاء أي اسإتفتاء شعب القليم المنظم وتؤثر درجة العلقة بين الدولتين‬
‫من حسن الجوار إلى الخلفات الحدودية على نوع الوسإيلة المتبعة لحل تلك المسائل ‪. 2‬‬

‫ثانيا ‪ :‬العوامل الجاتماعية ‪:‬‬

‫إنا للنظم الجتماعية والعادات والتقاليد تأثير كبير على السكانا الذين يقطنونا في المناطاق‬
‫الحدودية ‪ ,‬فتشابه العادات والتقاليد يؤدي إلى التوافق والئتلف بين الشعوب المتجاورة خآاصة‬
‫إذا كانوا يتكلمونا لغة واحدة أما اخآتلف العادات والتقاليد الجتماعية يؤدي إلى التنافر والفرقة‬
‫بينهم مما قد يترتب معه إثارة المشاكل الحدودية ‪.‬‬

‫‪ 1‬جاابر الراوأي _ المرجاع السابق ص ‪21‬‬


‫‪ 2‬زهوة السقاف _ المرجاع السابق ص ‪14‬‬

‫‪5‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أنا وزاير الخارجية اليمني عند حديثه عن النزاع الحدودي اليمني جعل هذا‬
‫العامل من العوامل الرئيسية للنزاع حيث قال ‪ " :‬القبائل ل يعرفوا ما هي الحدود وخآاصة إذا‬
‫كانت القبائل لها امتدادات على جانبي الحدود ‪ .....‬قد يأتي الخط ليخرج قرية سإكانها يمنيين إلى‬
‫الجانب السعودي ويحدث العكس في مكانا آخآر فكانا التفاق أنه يمكن أنا يزحزح الخد لك تعود‬
‫‪1‬‬
‫هذه القرية اليمنية إلى الراضي اليمنية والسعودية إلى الراضي السعودية "‬

‫وجدير بالذكر إنا الدين يعد عامل هاما في توثيق الروابط بين المشتركين في دين واحد ‪ ,‬فاتحاد‬
‫الدين والمذهب يؤدي إلى زايادة اللفة أما اخآتلف الدين والمذهب في الدول المتجاورة قد يكونا‬
‫مصدرا للمشاكل الحدودية مثل حالة اخآتلف المذاهب بين العراق وإيرانا والدين لم يكن عامل‬
‫في التقسيمات الحدودية ماعدا في حالة واحدة هي حالة تقسيم شبه الجزيرة الهندية إلى الهند‬
‫وباكستانا ‪.2‬‬

‫ثالثا ‪ :‬العوامل القتصادية ‪:‬‬

‫قد تكونا العوامل القتصادية ‪ 3‬سإببا في إثارة المشاكل الحدودية بين الدول خآاصة إذا كانت إحدى‬
‫الدولتين المتجاورتين غنية بموادها النفطية والمعدنية فيؤدي ذلك إلى طامع الدولة الخآرى في هذه‬
‫الثروات لسإيما إذا كانت منابع هذه الثروة في منطقة حدودية قريبة من الدولة الخآرى مثال ذلك‬
‫الطاماع اليرانية في موارد النفط لدول الخليج العربية ‪ ,‬وكثيرة هي المثلة التي يكونا العامل‬
‫القتصادي هو المحرك للطاماع في المناطاق القريبة من حدود الدولة ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬العوامل السياسإية ‪:‬‬

‫لشك أنا ممارسإة الدولة لسيادتها تقتصر على نطاق إقليمها ‪ ,‬ول يكونا لها أنا تتعدى نطاق هذا‬
‫القليم فتمارس سإيادتها على إقليم دولة أخآرى وتعد حينئذ معتدية على سإيادة تلك الدولة ‪ ,‬والواقع‬
‫العملي يعرف من ذلك تقوما فيها دولة ذات نفوذ اعتمادا على نفوذها وقوتها بفرض سإيادتها على‬
‫إقليم دولة أخآرى مجاورة أو جزء من القليم فتحدث منازاعات حدودية بين الدولتين المتجاورتين‬
‫مثل حالة منطقتي اللزاس واللورين بين ألمانيا وفرنسا ‪.‬‬

‫كما أنا اخآتلف النظم السياسإية والفكار العقائدية بين الدول المتجاورة قد يترتب عليها حدوث‬
‫التوتر بين البلد المتجاورة كما قد يؤدي إلى قفل منطقة الحدود وعرقلة انتقال المواطانين فيما‬
‫بينها ‪ ,‬وعلى العكس من ذلك فإنا النظم المتشابهة والفكار المتقاربة تؤدي إلى التقليل من‬
‫المنازاعات الحدودية ‪.‬‬

‫المبحث الثالث‬
‫نزاع الحدوأد بوصفه نزاعا ا دوأليا ا‬

‫‪ 1‬قناة العربية _ برنامج وأثائقي بعنوان " عبدا "‬


‫‪ 2‬زهوة أبي بكر _ المرجاع السابق ص ‪15‬‬
‫‪ 3‬طلعت الغنيمي _ المرجاع السابق ص ‪24‬‬

‫‪6‬‬
‫المطلب الوأل ‪:‬‬
‫* مفهومه ‪:‬‬

‫في تعريف لمحكمة الدائمة للعدل الدولية لمصطلح النزاع أنه يقصد به " خآلف ينشأ بشأنا مسألة‬
‫تتعلق بالقانونا أو بوقائع معينة أو هو تنازاع يتعلق بوجهات نظر قانونية أو بمصالح بين شخصين‬
‫" إذاا فليس كل خآلف أو حادث يثور بين دولتين متجاورتين وبتعلق بالحدود يصدق عليه وصف‬
‫نزاع حدود ‪ ,‬فنزاع الحدود بالمفهوما القانوني الدقيق كما حدده السإتاذ برونلي ينبغي أنا تتوافر‬
‫فيه مجموعة من العناصر السإاسإية وهي ‪:‬‬

‫‪ /1‬أنا يكونا موضوع النزاع متعلقا بمسألة قانونية أو بوقائع معينة إذ أنا مجرد الخآتلف بين‬
‫الدول في مسائل متعلقة بالحدود قد ل يرقى _ بالضرورة _ إلى مرتبة النزاع الدولي في مفهومة‬
‫القانوني الدقيق ‪.‬‬
‫‪ /2‬أنا يبرزا هذا النزاع من خآلل تقديم ادعاءات معينة أو أنا يأخآذ شكل تقديم احتجاج بالطرق‬
‫الدبلوماسإية المعروفة ‪.‬‬
‫‪ /3‬أنا يثار هذا الدعاء أو الحتجاج بواسإطة أشخاص مفوضين من قبل السلطات المعينة في‬
‫بلدهم ‪.‬‬
‫‪ /4‬أنا تدفع الدولة أو الدول الخآرى المعينة بعدما صحة ما ورد في الدعاء أو الحتجاج الذي‬
‫يقدمه الطرف الخآر والمتعلق بالحدود ‪.‬‬

‫وبهذا المعنى فإنا نزاع الحدود في مفهومه الدقيق بوصفه نزاعا دوليا يقصد به الخلف الذي يثور‬
‫بين دولتين أو أكثر بشأنا تحديد المسار الصحيح لخط الحدود المشترك طابقا للسند القانوني المعين‬
‫للحدود محل النزاع ‪ ,‬وتكونا الدعاوى في الغالب منصبة على تصحيح هذا المسار لخط الحدود‬
‫المطعونا في صحته ‪ ,‬وبعبارة أخآرى فإنا مسألة اكتساب وفقد السيادة ل تكونا محل اعتبار‬
‫رئيسي هنا خآلفا لما عليه الحال في المنازاعات القليمية ‪.‬‬
‫ومنازاعات الحدود باعتبارها من منازاعات القانونا الدولي أخآذ الهتماما بها يبرزا منذ نشأة‬
‫المجتمعات السياسإية المنظمة وبالتحديد ظهور الدولة القومية في أوروبا في أوائل القرنا السادس‬
‫عشر وما أعقبه من تطورات انتهت بتوقيع صلح وسإتفاليا ‪1648‬ما وكانت السمة الغالبة لمنازاعات‬
‫الحدود ارتباطاها بتطور العلقات والصراع السياسإي في أوروبا وذلك حتى نهاية الحرب العالمية‬
‫الثانية عندما بدأت المراكز القانونية للدول الوروبية تستقر ‪ ,‬ثم بعد ذلك أخآذت نزاعات الحدود‬
‫تبرزا في دول العالم الثالث في نهاية الحرب العالمية الثانية عندما بدأت تلك الدول تنتزع اسإتقللها‬
‫من قبضة السإتعمار العربي وتجلى عندئذ الظلم والحيف الذي حاق بتلك الدول من جراء‬
‫تقسيمات القاليم المستعمرة التي كانا الهدف منها تحقيق مصالح الدول السإتعمارية فتمت بطريقة‬
‫تحكمية دونا النظر للعتبارات الجغرافية أو البشرية وعند ذلك بدأت الصراعات بين الدول‬
‫المتجاورة لعادة ترسإيم الحدود ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬‬


‫خصائص منازعات الحدوأد ‪:‬‬

‫أول ‪ :‬تتميز بأنها ل تثور إل بين دول متجاورة جغرافيا كالنزاع بين اليمن والسعودية أو بين دول‬
‫متقابلة _ منازاعات الحدود المائية _ مثل النزاع بين العراق وإيرانا حول شط العرب ‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫ثانيا ‪ :‬أنها ظلت زامنا ا طاويل مقصورة على المنازاعات البرية ولم تمتد إلى الحدود المائية إل منذ‬
‫وقت قريب عندما اشتدت الحاجة لسإتغلل الثروات في المسطحات المائية مع ملحظة أنه ل‬
‫توجد فوارق أسإاسإية بين النزاع في الحدود البرية والنزاع في الحدود المائية ‪.‬‬

‫ثالثا ‪ :‬إنا منازاعات الحدود في الماضي كانت تقوما للدواعي المنية والسياسإية إلى جانب ما يتعلق‬
‫بتحديد الحدود أما في وقتنا الحاضر فإنها تتعلق بإدارة الحدود ومدى قدرتها على الضطلع‬
‫بوظائفها ‪.‬‬

‫رابعا ‪ :‬أنها تتميز بأنا كل طارف من أطاراف النزاع يحدد مطالبة بوضوح ودقة ‪.‬‬

‫خآامسا ‪ :‬وأخآيرا نزاع الحدود يتميز بأنه يتعلق بتحديد المسار الصحيح لخط الحدود طابقا للسند‬
‫القانوني الوارد فيه هذا التحديد وهو بهذا يختلف عن النزاع القليمي الذي ينصرف إلى‬
‫الدعاءات المتعارضة بالسيادة على مناطاق معينة ‪ ,‬إل أنا تحديد المسار الصحيح لخط الحدود قد‬
‫يترتب عليه خآروج بعض المناطاق من سإيادة الدولة ودخآولها في سإيادة دولة أخآرى ‪.1‬‬

‫المبحث الرابع‬
‫أسإباب منازعات الحدوأد‬

‫المطلب الوأل ‪:‬‬


‫السإباب القانونية وأالفنية ‪:‬‬

‫أ_ السإباب المتعلقة بعملية تحديد الحدود ‪:‬‬


‫عملية تحديد الحدود عملية دبلوماسإية قانونية يتم إجراؤها بعد سإلسلة مفاوضات بين طارفي‬
‫المنازاعة فيوضح في المعاهدة أو السند القانوني خآط الحدود من أين يبدأ وأين ينتهي والعلمات‬
‫التي سإتوضع على هذا الخط ‪ ,‬وفي هذه المرحلة يتصور حدوث بعض المنازاعات بين طارفي‬
‫المعاهدة في حالت متعددة منها ‪:‬‬

‫‪ /1‬إثارة منازاعات الحدود بسبب عملية تعيين الحدود ‪ ,‬فالحدود يتم تعيينها بموجب معاهدة دولية‬
‫مقبولة من جميع أطارافها ‪ ,‬غير أنا الخلف يثور بشأنا الطريقة التي تمت بها عملية ترسإيم‬
‫الحدود اسإتناداا إلى المعاهدة ‪ ,‬فمناطا الخلف هنا هو التفسير الصحيح للمعاهدة التي تم بموجبها‬
‫تحديد الحدود ‪ ,‬ويلحظ أنا أغلب المنازاعات تندرج تحت هذه الحالة ‪ ,‬مثال ذلك ‪ :‬نزاع الحدود‬
‫الذي ثار بين مصر وإسإرائيل بشأنا طاابا وكانا مثار الخلف هو صحة تفسير معاهدة ‪ 1906‬بين‬
‫مصر وفلسطين تحت النتداب ‪ ,‬فالنزاع قاما حول صحة تفسير المعاهدة من جانب اللجنة‬
‫المشتركة التي أنيط بها عملية ترسإيم الحدود وليس حول صحة تفسير المعاهدة نفسها ‪.‬‬

‫‪ 1‬زهوة بنت أبي بكر _ المرجاع السابق ‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪ /2‬وفي هذه الحالة قد يثور الخلف بسبب أنا عملية التعيين قد شابها عيب لعدما دقة اللفاظ‬
‫الواردة في المعاهدة لكونها غير قاطاعة أو تحتمل الدللة لكثر من معنى ‪ ,‬مثال ذلك اسإتخداما مثل‬
‫هذه المصطلحات ‪ :‬خآط تقسيم المياه _ سإفح الجبل _ منتصف _ ضفة ‪ .‬لنه غالبا ما يكونا‬
‫واضعو التحديد في المعاهدة من رجال السياسإة أو المفاوضونا الذين يجهلونا طابيعة الرض ‪.‬‬

‫‪ /3‬وهي الحالة التي يقوما كل طارف من أطاراف المنازاعة الدولية بالحتجاج بمعاهدة تختلف عن‬
‫المعاهدة التي يستند إليها الطرف الخآر ‪ ,‬فهنا يكونا جوهر الخلف ما هو التحديد الصحيح‬
‫للحدود الدولية محل النزاع والذي يكونا أولى بالقبول أو بمعنى آخآر أي المعاهدات التي تشمل‬
‫على التحديد الصحيح وتكونا أولى بالعتبار ‪ ,‬مثال ذلك النزاع بين الصين والهند في أوائل‬
‫الستينات ‪.‬‬

‫‪ /4‬وهي التي يكونا النزاع فيها متعلقا بشرعية المعاهدة أو السند القانوني لتعيين الحدود فقد تكونا‬
‫الحدود قد تم تحديدها فعل ولكن أحد الطاراف يتمسك بعدما شرعية السند القانوني الذي تم‬
‫بموجبه تعيين الحدود ‪ ,‬مثال ذلك النزاع الذي ثار بين الصومال من جانب وكل من أثيوبيا وكينيا‬
‫من جانب آخآر ‪.‬‬

‫ب‪ /‬السإباب المتعلقة بعملية تخطيط الحدود ‪:‬‬

‫التخطيط هو العملية المكملة لتحديد الحدود وهو عملية فنية يقوما بها خآبراء لوضع التحديد‬
‫المذكور في المعاهدة على الطبيعة ‪ ,‬وهناك العديد من المنازاعات المتصور حدوثها ومرتبطة‬
‫بعملية التخطيط ‪ .‬وهذه بعض من تلك الحالت ‪:‬‬

‫* الحالة الولى ‪:‬‬

‫عدما القياما بالتخطيط أصل أو القياما به بعد وقت طاويل لحق على عملية التحديد ‪ ,‬ويرجع عدما‬
‫التخطيط إلى أسإباب كثيرة منها التكلفة الكبيرة لعملية التخطيط ‪.‬‬
‫وعملية عدما التخطيط كانت سإائدة في العصور القديمة ‪ ,‬أما في عصرنا الحاضر مع تطور‬
‫وسإائل التصالت والعلوما والجهزة المساحية فيكمن إتماما التخطيط بقدر أكبر من السهولة ‪,‬‬
‫ومن أمثلة الحدود التي تم تحديدها ولم يتم تخطيطها بعد أو تم تخطيطها بعد فترة طاويلة الحدود‬
‫الصومالية الثيوبية والحدود المغربية الجزائرية ‪.‬‬

‫* الحالة الثانية ‪:‬‬

‫حالة تجاوزا الجنة المشتركة الخاصة بتخطيط الحدود لنطاق الخآتصاص الممنوح ها واللجنة‬
‫المشتركة لتخطيط الحدود ‪ ,‬إما أنا تكونا سإلطتها مقيدة فيكونا أي خآروج على النطاق المرسإوما‬
‫لها تجاوزا لهذه السلطة وإما أنا تكونا سإلطة تقديرية مقيدة بحيث يكونا عليها الرجوع إلى أطاراف‬
‫المعاهدة للموافقة أو التصديق على أي إجراء تقوما به ‪ ,‬وقد تكونا السلطة التقديرية للجنة التقدير‬
‫مطلقة بحيث يكونا لها إجراء تعديلت على مسار الخط بما يتفق والمعطيات الجغرافية‬
‫والبشرية ‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫ومن المثلة المهمة التي تجدر الشارة إليها في هذا الصدد ما حدث بين مصر وإسإرائيل بشأنا‬
‫النزاع حول طاابا حيث دفعت إسإرائيل أماما هيئة التحكيم الدولية أنا المدعو باركر في لجنة‬
‫التخطيط قد شاب عمله خآطأ مادي إذ انه وضع العلمة ‪ 91‬في غير موضعها فضل عن انه غير‬
‫مخول في المشاركة في لجنة التخطيط موضوع المنازاعة وقد رفضت محكمة التحكيم هذا الدفع‬
‫السإرائيلي واعتبرته قائما على غير أسإاس من القانونا بالنظر إلى السلوك اللحق للطاراف‬
‫المعنية يفيد بما ل يدع مجال للشك أنها قد قبلت ما قاما به باركر واعتبرت العلمة ‪ 91‬نهائية ‪.‬‬

‫* الحالة الثالثة ‪:‬‬


‫وهي الحالة التي يدفع فيها أحد الطاراف أنا لجنة تخطيط الحدود لم تكن مخولة أصل للقياما بهذا‬
‫العمل ‪ ,‬باعتبار أنا الطرف الخآر قاما بمفرده بتشكيل هذه اللجنة خآلفا لما تنص عليه المعاهدة‬
‫المنشئة للحدود ‪ ,‬والصل أنا تشكيل اللجنة يكونا بموافقة أطاراف المعاهدة فيدفع ببطلنا عمل‬
‫اللجنة ‪.‬‬
‫مثال على ذلك دفع إسإرائيل أثناء عرض قضية طاابا في المثال المذكور في الحالة الثانية حيث‬
‫دفعت إسإرائيل أماما محكمة التحكيم الدولية بأنا الضابط النجليزي باركر الذي كانا يشغل منصب‬
‫محافظ سإيناء في ذلك الوقت لم يكن مخول أية سإلطة فيما يتصل بعملية التخطيط بين مصر‬
‫وإسإرائيل ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬‬


‫السإباب المرتبطة بإدارة الحدوأد وأوأظائفها ‪:‬‬

‫ويقصد بها مجموعة النشطة والجراءات التي تتبع من أجل المحافظة على خآط الحدود‬
‫وحراسإته بما يكفل حسن اضطلعه بوظائفه المنوطاة به ‪ ,‬وهذه السإباب تختلف باخآتلف‬
‫الوظائف التي تؤديها ويتصور حدوث المنازاعات فيها وهي ‪:‬‬

‫أ‪/‬السإباب ذات الصلة بالوظيفة المنية والسإتراتيجية للحد ‪:‬‬

‫أي تلك المتعلقة بحماية كيانا الدولة وهذه من الوظائف السإاسإية التي تعول عليها الدول في إنشاء‬
‫الحدود وتعديلها ‪ ,‬ومعظم نزاعات الحدود ناشئة عن هذه السإباب ‪.‬‬

‫ب‪ /‬السإباب الناجمة عن عدما توافق الحدود السياسإية مع المعطيات الجغرافية والبشرية ‪:‬‬

‫الصل في الحد السياسإي أنه يهدف بالدرجة الولى إلى الفصل بين وحدات إقليمية يكونا لكل‬
‫منها سإماتها المتميزة سإياسإيا واقتصاديا واجتماعيا ‪ ,‬غير أنا الواقع العملي يجعل من هذا الصل‬
‫في التوافق بين الحدود السياسإية والمعطيات البشرية والجتماعية أمرا صعب المنال مما يجعله‬
‫مجرد اسإتثناء يرد على الصل العاما المتمثل في عدما التوافق بين الحدود السياسإية وتلك‬
‫المعطيات ‪.‬‬

‫ج ‪ /‬السإباب الناشئة عن التنافس من أجل اسإتغلل الثروات الطبيعية ‪:‬‬

‫‪10‬‬
‫قد تنشأ نزاعات حدودية لعتبارات اقتصادية عندما تكونا الحاجة لسإتغلل الموارد الطبيعية هي‬
‫المحرك للنزاع الحدودي وأبرزا مثال يتبادر إلى الذهن هو الغزو العراقي للكويت ‪ 2‬أغسطس‬
‫‪ 1990‬الذي لم يجد له تبرير سإوى الرغبة في السإتيلء على حقول النفط الكويتية إضافة إلى‬
‫الدعاءات التاريخية ‪.1‬‬

‫وفي لمحة تاريخية للهمية البترول وخآاصة في المجال الحدودي نى أنا منطقة الخليج العربي‬
‫كانت حتى أواخآر القرنا التاسإع عشر مناطاق للنفوذ القبلي لشعوب فقيرة ومتنقلة ومع بدايات‬
‫القرنا العشرين تغير الوضع بأول اكتشاف للنفط تم في إبانا وضلت الضفة الغربية من الخليج‬
‫مهملة حتى قدوما المغامر فرانك هولمز الذي يلقب ) بأبي النفط ( وحصوله على امتيازا للتنقيب‬
‫في البحرين سإنة ‪ 1925‬ثم السعودية في سإنة ‪ 1933‬لتليها الكويت بعد عاما ونصف ‪.‬‬
‫وفي أعقاب حرب ‪ 1973‬بين العرب وإسإرائيل تضاعفت أهمية الحدود القتصادية‬
‫والسإتراتيجية للمنطقة وباتت محورا هاما في معظم النزاعات الجارية في المنطقة فإصرار‬
‫البحرين على ردما " فشت الديبل " المتنازاع عليها مع قطر يكشف أهداف البحرين للمشاركة في‬
‫حقل الغازا هناك ‪ ,‬المسمى بحقل غازا الشمال والذي يعد أكبر حقل للغازا في العالم وبالتالي فإنا‬
‫من شأنا ردما " فشت الديبل " أنا يصبح بداية المجال الحيوي للبحرين الذي يمتد ‪12‬ميل بحريا‬
‫وفقا للقانونا الدولي للبحار وهو ما يعني وقوع جزء من حقل الشمال ضمن هذا المجال ‪.‬‬
‫كما أنا نفط جزيرتي قارونا وأما لمرادما المتنازاع عليهما بين السعودية والكويت ل يزال قائما كما‬
‫أنا نفط منطقة " مسكت " ومناطاق نفطية محتملة مجاورة قد تكونا مصدرا للنزاع بين مسقط‬
‫والمارات وتطالب السعودية بأراض في اليمن وتحديدا في كل من الجوف ومأرب وحضرموت‬
‫سإيما مع بدء اكتشاف النفط في هذه المناطاق‪.2‬‬

‫‪ 1‬زهوة أبي بكر _ المرجاع السابق ‪.‬‬


‫‪ 2‬عبد القادر رزيق المخادمي _ نزاعات الحدوأد العربية ‪.‬‬

‫‪11‬‬
‫الفصل الثاني‬

‫الخلفية التاريخية لمشاكل‬


‫الحدود السعودية اليمنية‬

‫المبحث الوأل‬
‫التطور السياسإي وأالتاريخي للعلقات السعودية _ اليمنية‬

‫المطلب الوأل ‪:‬‬


‫*المرحلة الوألى للتطور السياسإي وأالتاريخي للعلقات السعودية اليمنية ‪:‬‬

‫أجمع المؤرخآونا على أنا تاريخ الدولة السعودية وتمكنها من السيطرة على معظم شبه الجزيرة‬
‫ليس أمرا حديثا أو طاارئا بل إنا جذوره تمتد إلى مراحل بعيدة فالدولة السعودية المعاصرة تعتبر‬
‫امتدادا طابيعيا للدولة السعودية الولى وبالرغم أنا هذه الدولة وضعت نصب أعينها رفع راية‬
‫السإلما إل أنا بعض القوى واجهت مشروعها بالمقاومة والسإتنكار ‪ .‬ولنا عسير من المناطاق‬
‫الهامة ونقطة اللتقاء بين بلد اليمن والدولة السعودية الولى فإنه من المعروف تاريخيا أنها‬
‫لعبت دورا كبيرا في تشكيل الحداث السياسإية في منطقة شبه الجزيرة العربية حيث يعد سإاحل‬
‫تهامة مسرحا لكثير من الحداث التاريخية المؤثرة في اليمن بنوع خآاص لنه سإاحل منبسط‬
‫مفتوح ‪ ,‬كما أنه يمثل كيانا مستقل عن جسم اليمن ‪ ,‬إذ كثيرا ما ناوأته العداء وبذلك تعذر الحكم‬

‫‪12‬‬
‫في سإاحل تهامة من صنعاء مباشرة ‪ ,‬فل غرابة أنا التأثير اليمني كانا محدودا حيث اخآتلف عن‬
‫الطابع اليمني المميز للجزء الداخآلي الجبلي ‪ 1‬ومن الثابت أنا الطبيعة الجغرافية لمنطقة عسير‬
‫مكنت أهلها من الحفاظ على دورها المستقل وتعزيز مكانة أبناء المنطقة بحسها الوطاني ورغبتها‬
‫في السإتقلل ‪.‬‬

‫ولقد ارتبط تاريخ عسير الحديث إلى حد كبير بدعوة الشيخ محمد بن عبد الوهاب السلفية ‪ ,‬إذ كانا‬
‫لها دور كبير في قياما إمارة قوية في عسير ‪ ,‬التفت حولها القبائل في عسير ‪ ,‬واسإتطاعت تلك‬
‫المارة أنا تقوما بدور كبير في الحوادث التاريخية ‪ ,‬التي وقعت بالجزيرة العربية كما أنها ظلت‬
‫حاملة لواء الدعوة بعد سإقوطا الدرعية على يد إبراهيم باشا ‪.‬‬

‫ومن أهم العوامل التي مكنت الدولة السعودية الولى من السيطرة على عسير وإدخآالها تحت نفوذ‬
‫الدولة هو النتشار السريع للدعوة السلفية ‪ ,‬وتشير معظم المصادر إلى أنا الدعوة السلفية ظهرت‬
‫في هذه المنطقة على يد الشريف أحمد بن حسين الفلقي وكانا قد عينه الماما عبد العزيز بن محمد‬
‫بن سإعود داعية في بلده وعين محمد بن عامر أميرا على منطقة عسير وبعد وفاته بويع أحيه‬
‫المعروف بعبد الوهاب بن عامر ‪.‬‬

‫أما أكير أبو عريش حمود بن محمد بن أبو مسمار الذي خآلع ابن عمه علي بن حيدر فقد وجد‬
‫نفسه مهددا باشتداد سإاعد الثورة السلفية فقرر مهادنة إماما اليمن ليتفرغ للوقوف ضد دعوة‬
‫التوحيد والصلح في المخلف السليماني وقدما الولء التقليدي للماما ‪ ,‬إل أنا بعض أقاربه‬
‫انحازاوا إلى السعوديين ‪ .‬فاضطر أنا يتراجع ويبايع ابن سإعود لكنه لم يكن راضيا عن ذلك فكانت‬
‫ترد إليه رسإل ابن عامر فل يظهر الخضوع والرضى عنهم وبعد ذلك قاما نزاع بينه وبين ابن‬
‫عامر أدرى إلى رفعه إلى الماما سإعود للصلح لكن الوسإاطاة وصلت إلى طاريق مسدود‬
‫فأصدر أمره إلى القوات السعودية لمحاربته ‪.‬فالتقت القوات السعودية بالطرف الخآر وكانا‬
‫النصر حليفا للقوات السعودية ‪.‬‬

‫وبالرغم من القرب الجغرافي للعسيريين من اليمن فأنهم لم يرغبوا في التحاد مع اليمن أو‬
‫الدخآول في نظاما الئمة الزيدية الذين تعاقبوا على حكم اليمن ومن العوامل التي شجعت‬
‫العسيريين على ذلك ظهور الفتن الداخآلية ‪ ,‬كما أنا غالبية أهل الحكم في اليمن يغلب عليهم‬
‫المذهب الزيدي بينما كانا العسيريونا على المذهب الشافعي ولذا فقد انضمت إمارة عسير إلى‬
‫الدولة السعودية بموجب اخآتيارها وأصبحت جزءا منها إمارة عبد الوهاب قاما الشريف غالب‬
‫بتعزيز قدراته العسكرية وعمل على تهيئة الجواء للدخآول في صداما مسلح مع القوات السعودية‬
‫وقد بلغ التوتر ذروته حين أرسإلت بعض البنادر اليمنية مساعدات إلى الشريف غالب قدرت كما‬
‫‪2‬‬
‫ذكرت بعض المصادر بثلث وثلثين سإفينة مشحونة بعدد الحرب والمدافع والقنابل‬
‫وإزااء هذا التعنت اضطرت الدولة السعودية إلى تجريد حملة عسكرية لتأديبه وكانا النصر‬
‫حليف القوات السعودية ونرى بعد ذلك أنا طاامي بن شعيب تولى إمارة عسير خآلفا لعبد الوهاب‬
‫فأخآذ يطارد قوات أمير أبي عريش وتمكن من هزيمته فاسإتطاعت القوات السعودية بقيادته من‬
‫الوصول إلى ميناء اللحية شمال الحديدة ولكنها لم تحاول تثبيت حكمها في تلك المنطقة بل عادت‬
‫مباشرة إلى مواقعها في عسير ‪.‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬عصاما ضياء الدين السيد _ عسير في العلقات السياسإية السعودية اليمنية _ وانظر كذلك د‪ .‬محمد حلمي محمد جعفر _ تهامة اليمن‬
‫_ دراسإة اسإتكشافية لجغرافية القليم وإمكاناته‬
‫‪ 2‬د‪ .‬عبد المنعم إبراهيم الجميعي _ ارتباطا عسير بالدعوة الصلحية‬

‫‪13‬‬
‫في هذه الثناء شعرت الدولة العثمانية بالنزعاج للتقدما السريع الذي أحرزاته الدعوة السلفية لذلك‬
‫أوعزت إلى مصر ولمحمد باشا بالتخصيص أمرا بتجريد حملة للقضاء على الدولة السعودية‬
‫وكانا ذلك فتمكنت قواته من احتلل القنفذة ثم تراجعت بسبب القوات السعودية فاضطر محمد إلى‬
‫تكثيف ضغوطاه وفي المحاولة الثانية لحتلل القنفذة كانت الهزيمة حليفتهم حيث قامت قوات‬
‫طاامي بن شعيب بهزيمتهم وإجبارهم على العودة إلى ميناء جدة ‪ .‬وبعد هذه الهزائم تراجعت‬
‫القوات المصرية للحجازا حيث أدركوا أنا الوضع خآطير وانا النصر يتطلب جهدا أكثر من ذلك‬
‫فجاء محمد بنفسه إلى وادي بسل حيث وقعت معركة فاصلة بين قواته والقوات العسيرية بالقرب‬
‫من مدينة الطائف وقد ألحق محمد علي بالقوات السعودية خآسائر فادحة نتيجة سإوء التنظيم‬
‫وانعداما التنسيق بين جبهات القتال السعودية ثم توجهت قوات محمد باشا بشكل سإريع باتجاه‬
‫بعض المدنا السعودية الهامة ومنها تربة ورنية وتبالة وبيشة وخآميس مشيط و وادي شهرانا‬
‫وغيرها ‪,‬فانسحب المير طاامي إلى المخلف السليماني وناشد خآصمه التقليدي الحسن بن خآالد‬
‫الحازامي وزاير أمير أبي عريش المير حمود أبي مسمار انا يقدما له الحماية لنقاذه من الوقوع‬
‫في أيدي قوات محمد وما كانا منه إل أنا سإلمه فورا إلى محمد الذي أرسإله إلى مصر ومنها إلى‬
‫السإتانة لتوقيع عقوبة العداما عليه وعاد محمد باشا بدوره على الحجازا ثم إلى مصر وفي ظل‬
‫هذه الجواء المضطربة قاما أحد أبناء عم طاامي بن شعيب وهو محمد بن أحمد المحتمي بإعلنا‬
‫الثورة على الحكم التركي فشن هجوما على الحامية التركية وانتصر عليهم لكن بالمقابل نجد أنا‬
‫العسيريين تضرروا منه بسبب تسلطه وحبه لسفك الدماء وقسوته حتى أطالقوا عليه لقب ) الجزار‬
‫( فانشغل بالتالي في النتفاضات الداخآلية وقرر أنا يثأر لبن عمه طاامي الذي سإلمه وزاير حمود‬
‫أبو مسمار فدارت معركة حامية انتهت بهزيمة المير محمد بن أحمد المحتمي بعد أنا لحقت‬
‫‪1‬‬
‫خآسائر فادحة بقواته‬

‫ونرى أنا المير محمد المحتمي قاما بمحاولة للتصدي للقوات العثمانية المتمركزة في منطقة‬
‫عسير وكالعادة تبوء محاولته بالفشل وكانت هذه الهزيمة كالقشة التي قسمت ظهر البعير‬
‫فاضطر للفرار بعدها والسإتعانة بخصم أسإرته التقليدي حمود أبو مسمار وقد اسإتجاب لذلك‬
‫فجهز حملة لطرد العثمانيين فامتدت سإلطته من زابيد جنوبا إلى جبال السراة شمال وحتى يبقي‬
‫‪2‬‬
‫نفوذه اتصل بمحمد علي وأنشأ علقات معه ‪.‬‬
‫وفي عاما ‪1817‬ما توفي الشريف حمود فاخآتلفت كلمة جيشه ثم بايعوا احمد بن حمود الذي بدوره‬
‫كانت تنقصه الخبرة وبالتالي نجد انه عند وصول قوة خآليل باشا نراه قد سإلم البلد بدونا مقاومة‬
‫تذكر ‪ ,‬وبعث خآليل آغا لماما صنعاء ليسلم البلد مقابل خآراج سإنوي وسإلم ماكانا تابعا لدارة أبي‬
‫عريش لعلي بن حيدر وقد ألقى خآليل باشا القبض على أحمد بن حمود وأرسإله أسإيرا إلى مصر‬
‫حيث توفي هناك ‪.‬‬

‫ثم تولى إمارة عسير الحسن بن خآالد الحازامي الذي قتل في معركة الزهراء التي دارت بينه وبين‬
‫القوات التركية ونرى أنا محمد بن احمد المحتمي قد وقع أسإيرا مع ابنه في يد القوات التركية‬
‫حيث أرسإلوا إلى مصر وأعدموا هناك وبذلك ينتهي فصل من فصول التاريخ السياسإي لسإرة آل‬
‫محتمي التي ناضلت في سإبيل نشر الدعوة السلفية ومؤازارة جهود الدولة السعودية ونرى انا هذه‬
‫النهاية قد تزامنت مع نهاية الدولة السعودية الولى ‪.‬‬

‫ونرى انه بالرغم من نجاح محمد علي باشا في القضاء على الدولة السعودية الولى وضرب‬
‫المقاومة السعودية في عسير التي تمثلت بأسإرة ) آل محتمي ( إل أنا المقاومة قد انتقلت من عائلة‬
‫‪ 1‬هاشم بن سإعيد النعمي _ تاريخ عسير في الماضي والحاضر‬
‫‪ 2‬أحمد عبد الغفور العطار _ صقر الجزيرة _ المجلد الول‬
‫عبد الرحمن احمد البهلكي _ نفح العود في سإيرة دولة الشريف حمود‬

‫‪14‬‬
‫المحتمي من قبيلة ربيعة ورفيدة إلى قادة جدد ينتمونا على قبيلة بني مفيد وهم سإعيد بن مسلط‬
‫وعلي بن مجثل يساعدهما ابن عمهما عايض بن مرعي ‪.‬‬

‫وقد ظل سإعيد بن مسلط مخلصا للدولة السعودية فكانا على اتصال دائم بالمير تركي بن عبدا‬
‫للتنسيق بينهما فيما يخص مواجهة عدوهما المشترك إل أنا سإعيد بن مسلط وافاه الجل فخلفه ابن‬
‫عمه علي بن مجثل المغيدي الذي حكم عسير وتشبع بالدعوة الصلحية فأخآذ بالعمل بها في‬
‫حكمه ونرى أنه قاوما القوات العثمانية فأخآرج القوات العثمانية من صبيا وتمكن من تطهير تهامة‬
‫اليمن والحديدة والمخا وزابيد ثم عاد إلى عسير وبعد هذه النتصارات أحكم سإيطرته على المنطقة‬
‫مما مكنه من تحقيق أهدافه والتي تؤيد السعوديين ودعوتهم الصلحية ‪.‬‬

‫وبعد وفاة المير علي بن مجثل تولى ابن عمه علي بن عائض الحكم الذي أيضا قاما بمقاومة‬
‫القوات العثمانية التي أبلى بلء حسنا فيها وكتب عنها لـ آل سإعود الذين أيدوه وطالبوا منه أنا يحكم‬
‫بكتاب ا وسإنة نبيه صلى ا عليه وسإلم فأخآذ علي بدوره بجمع الزكاة باسإم آل سإعود ‪.‬‬

‫وإذا كانا ثمة تساؤلت عن عناصر الجذب التي كانت تشد العسيريين إلى الدولة السعودية دائما‬
‫بينما لم تقم مثل هذه العلقات بين أبناء عسير واليمن بالرغم من القرب الجغرافي والواقع انا‬
‫القرب الجغرافي بحد ذاته ليس العامل الرئيسي في قياما العلقات الودية بين الدول والشعوب‬
‫المتجاورة إل أنه قد يساعد على تقوية العلقات وترسإيخ الصلت ول سإيما إذا توفرت القيادات‬
‫الواعية اتي تدرك أهمية الحوار ‪.‬‬

‫وليس من شك أنا أهم عوامل الجذب إلى الدولة السعودية يرجع إلى أنا العمق السإتراتيجي‬
‫والجغرافي للدولة السعودية بالنسبة للعسيريين يوفر الحماية والقدرة على النتشار والتوسإع‬
‫السريع باتجاه الشمال والكفاح المشترك الذي جمع بين الدولة السعودية وأبناء عسير ‪ ,‬هذا إلى‬
‫جانب وجود اخآتلف مذهبي بين أبناء عسير وجيرانهم اليمنيين حيث كانا معظمهم من أتباع‬
‫المذهب الزيدي ‪ ,‬بينما فضل العسيريونا المشروع الحضاري الشامل الذي حملت لواءه الدولة‬
‫السعودية ‪ ,‬هذا فضل عن كثرة الخلفات والحروب القبلية التي طاغت على تاريخ اليمن حيث لم‬
‫تكن عامل مشجعا للعسيريين للتطلع لشطر اليمن ‪.‬‬
‫ولهذا كانا الحماس لعادة بناء الدولة السعودية ليس مقتصرا على النجديين وحدهم إنما‬
‫شاركهم في هذا الشعور العسيريين وغيرهم من المواطانين الذين كانوا يحتفظونا بعلقات طايبة‬
‫مع الدولة السعودية ‪ ,‬ول شك أنا في كفاح العسيريين ضد الغزاة التراك وأشراف الحجازا وأئمة‬
‫اليمن وجميع الطامعين في الراضي العسيرية كانت من العوامل الهامة التي أقنعت القادة‬
‫‪2 1‬‬
‫العسيريين بانا الجبهة العسيرية _ السعودية هي القادرة على وضع حد لطاماع هذه القوى‬

‫‪ 1‬د ‪ .‬عبد ا القباع _ العلقات السعودية اليمنية‬


‫‪ 2‬د ‪ .‬عيد مسعود الجهني _الحدود والعلقات السعودية اليمنية من ص ‪101 / 79‬‬

‫‪15‬‬
‫المطلب الثاني ‪:‬‬
‫*المرحلة الثانية للتطور السياسإي وأالتاريخي للعلقات السعودية اليمنية ‪:‬‬

‫بعد سإقوطا الدرعية عاما ‪1818‬ما انحسر نفوذ الدولة السعودية الولى ولكنه عاد عاما‬
‫‪1824‬ما عندما عاد المير تركي بن عبد ا إلى مدينة الرياض واسإتطاع تحرير بقية أقاليم نجد‬
‫التي كانت قد وقعت قبل سإت سإنوات من ذلك التاريخ تحت سإيطرة الحملة التركية بقيادة إبراهيم‬
‫باشا ‪.‬‬
‫وجاء فيصل بن تركي وأصبح إماما نجد واسإتطاع أنا ينقذ الدولة من المخاطار المحدقة‬
‫بها ‪ ,‬وقد بلغت الدولة السعودية الثانية أوج مجدها في عصره فكانا أبرزا زاعيم لها ‪.‬‬

‫وقد وصلت حدود الدولة السعودية الثانية إلى مسافات بعيدة تجاوزات في تقدير المؤرخآين‬
‫الحدود التي وصلت إليها الدولة السعودية المعاصرة ويمكننا القول أنه رغم أنا الدولتين السعودية‬
‫الولى والثانية التي تجاوزات حدودهما إلى مسافات بعيدة تجاوزات الحدود التي وصلت إليها‬
‫الدولة السعودية المعاصرة كانتا مستهدفتين من قبل عوامل خآارجية ممثلة في المبراطاورية‬
‫العثمانية وعوامل داخآلية ممثلة في الصراع الداخآلي ‪ ,‬إل أنهما اسإتطاعتا تحقيق أهداف نشأة‬
‫الدولة السعودية لدرجة بعيدة وخآير تأكيد على ذلك امتداد حدود الدولة السعودية بين البحر‬
‫الحمر من جهة الغرب والخليج العربي من جهة الشرق وبين الصحراء السورية وحتى دجلة‬
‫والفرات من جهة الشمال وعسير ونجرانا وحضرموت وعمانا في الجنوب والجنوب الشرقي‬

‫‪16‬‬
‫واشتملت سإيادتها الفعلية مساحة شاسإعة من شبه الجزيرة العربية حوت كل من نجد والحجازا‬
‫والحساء وأوشكت أنا تشمل العراق واليمن والردنا ‪.‬‬

‫وعند تتبع علقة الدولة السعودية مع اليمن نجد أنا معظم المصادر تشير إلى أنه بالرغم‬
‫من تقلص نفوذ الدولة السعودية الولى في الفترة ‪1818‬ما فقد اسإتمر المير عائض بن مرعي‬
‫يمثل امتدادا لحكم الدولة السعودية في عسير ‪ 1‬وقد عمل المير عائض بن مرعي على تثبيت‬
‫حكمه وترسإيخ المن والسإتقرار في عسير والسير على نهج من سإبقوه في الدفاع عن الدعوة‬
‫السلفية وتقوية علقاته بأمراء الدولة السعودية الذين سإخروا كل طااقاتهم لخدمة أغراض الدعوة‬
‫الصلحية ‪.‬‬

‫وكانا لصعود نجم المير عائض بن مرعي والتفاف أبناء عسير حوله أثر كبير في‬
‫تشكيل التحالفات المعادية لحكمه حيث عقد محمد علي باشا حاكم مصر في منتصف عاما‬
‫‪1250‬هـ اتفاقا بين إماما اليمن وشريف أبي عريش لقتال قبائل عسير المتمردة على نفوذه والتي‬
‫تؤيد الدولة السعودية في نجد‪.2‬‬

‫المطلب الثالث ‪:‬‬


‫مؤتمر لندن ‪:‬‬

‫عندما رأت الدول الوروبية أنا محمد علي يسير بشكل دءوب منظم في سإبيل اكمال‬
‫اسإتعداد قواته في الحجازا واليمن حتى تمكن من السيطرة على عسير ازاداد ضغط الدول‬
‫الوروبية المتحالفة ) بريطانيا _ فرنسا _ روسإيا _ بروسإيا _ النمسا ( على تركيا وأصبح‬
‫واضحا أنا نتائج المسألة الشرقية لن تقتصر آثارها على مصر وتركيا وإنما سإوف تمتد لتشمل‬
‫الوضاع في شبه الجزيرة العربية أيضا ‪ .‬وقد جاء مؤتمر لندنا الذي عقد عاما ‪1840‬ما ليؤكد هذه‬
‫الحقيقة ويناقش الوضاع التي نشأت عن العمال التوسإعية لمحمد علي واضطر محمد علي إلى‬
‫سإحب قواته من شبه الجزيرة العربية وتبعا لذلك أخآذ المراء في الجزيرة العربية يوسإعونا من‬
‫دوائر نفوذهم ‪.‬‬

‫وما إنا جاء عاما ‪1847‬ما حتى أصبحت القبائل التي تقيم في بلد شمرانا وبالقرنا وبلد‬
‫غامد وتبالة وباقم وبيشة تخضع لسيطرة الميرة عائض بم مرعي وفي عاما ‪1848‬ما ضم اليمن‬
‫إلى إمارته عندما اسإتنجد به محمد بن يحيى الذي كانا على خآلف مع ابن عمه المنصور وعززاه‬
‫بقوة دخآلت من تهامة إلى صنعاء وأخآرجت المنصور منها وضمت صنعاء إلى إمارة عسير ولكن‬
‫محمد بن يحيى نقض العهد الذي عقده مع المير عائض وعمل لمصلحته ‪ 3‬ولتأكيد وتعزيز موقفه‬
‫‪ 1‬عبد ا بن علي بن حميد _ دور أمراء عسير في نشر الدعوة السلفية ‪.‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬عيد مسعود الجهني _ الحدود والعلقات السعودية اليمنية من ص ‪105‬إلى ص ‪108‬‬
‫‪ 3‬محمود شاكر _ شبه جزيرة العرب ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫تراسإل مع التراك ليمدوا له يد المساعدة واسإتجابوا لدعوته ولكنهم ما إنا دخآلوا صنعاء حتى‬
‫قتلوه وأجلوا عنها ابن عمه الماما المنصور ‪ ,‬وهكذا فتحت البواب أماما التراك لدخآول اليمن من‬
‫باب الخيانة ‪.‬‬

‫وإزااء هذه التطورات الجديدة والتي تشكل خآطرا كبيرا على الوضاع في شبه الجزيرة‬
‫العربية بكاملها عمل المير عائض بن مرعي على تأمين جبهته فاتصل بالمير فيصل بن تركي‬
‫الذي كانا يقود مقاومة جريئة في نجد ضد الوجود العثماني ومن هنا تزامنت مقاومة الماما فيصل‬
‫بن تركي في نجد مع تحركات المير عائض على تصعيد المقاومة ضد قوات محمد علي وقد‬
‫ازاداد تفاقم الضغوطا التركية على نجد وعسير إل أنا مناعة الجبال العسيرية ووعورة مسالكها‬
‫مكنت قوات المير عائض بن مرعي من تسجيل انتصارات متعددة توجت بانتصاره الكبير في‬
‫عاما ‪1852‬ما ضد القوات التركية وشل مراكزها وخآلخلت صفوفها ‪ ,‬وسإادت الفرحة أنحاء عسير‬
‫وما حولها وأرسإل المير عائض بن مرعي وفدا إلى المير فيصل بن تركي بالدرعية يبشره بهذا‬
‫النصر ‪.‬‬

‫وهكذا كانت نجد وعسير هما أسإاس المقاومة ضد القوات الغازاية في الجزيرة العربية‬
‫التي أرادت السيطرة عليها بقوة السلح حتى تم التخلص من قوات محمد علي من جميع أرجاء‬
‫الجزيرة العربية واسإتمر المير عائض بن مرعي في مقاومة القوى المحلية والجنبية التي‬
‫حاولت اسإتغلل انسحاب قوات محمد علي لعبث بالمن واسإتقرار المنطقة وفي هذه الظروف‬
‫انتشرت الوبئة والمراض المعدية ومنها الطاعونا بشكل واسإع بين الناس في الحجازا ثم انتقلت‬
‫منه إلى الناس في عسير وقد فتكت بالكثيرين منهم وقد وافت المير عائض بن مرعي المنية عاما‬
‫‪1273‬هـ ليصبح أحدد ضحايا هذه الوبئة بعد حكم داما ‪ 24‬عاما‪ 1‬وانتقل الحكم بعد وفاة المير‬
‫عائض بن مرعي إلى محمد بن عائض الذي حكم عسير وكانا خآلل فترة حكمه التي اسإتمرت‬
‫‪16‬عاما مستبسل في الدفاع عن بلده وعقيدته وبعد أنا أمسك زاماما المور في بلده أخآذ يشكل‬
‫الثورات ضد العثمانيين مما دفع السلطانا العثماني عبدالعزيز أنا يطلب من الخديوي إسإماعيل‬
‫حاكم مصر إرسإال بعض قواته لخآماد ثورة محمد بن عائض ‪ 2‬وقد تردد الخديوي إسإماعيل بادئ‬
‫المر في تلبية طالب السلطانا العثماني حتى ل يتورطا في صراع غير مأمونا العواقب إل أنه‬
‫اسإتجاب أخآيرا لطلبه وأرسإل قوة عسكرية إلى عسير ووجه قائدها بالتحرك البطيء لتتاح فرصة‬
‫أماما التوفيق بين السلطانا العثماني والمير محمد بن عائض ‪.3‬‬

‫وقد حاول الخديوي إسإماعيل في هذه الثناء بناء على توجيه الدولة العثمانية إغراء‬
‫المير فيصل بن تركي للوقوف إلى جانب الدولة العثمانية ضد ثورة القبائل العسيرية ولكن‬
‫المير فيصل رفض هذا العرض حفاظا على روابطه وعلقته القوية بأمراء آل عائض وقبائل‬
‫عسير وبعد فشل محاولت الخديوي بإغراء المير فيصل بن تركي للوقوف إلى جانب الدولة‬
‫العثمانية قاما بالكتابة مباشرة إلى المير محمد بن عائض عارضا عليه الوسإاطاة لدى الباب العالي‬
‫وجاء في خآطابه الذي يعد وثيقة هامة ) من خآديوي مصر إلى صاحب المجد المنيع والشرف‬
‫الرفيع الهماما الشهير " محمد بن عائض " أمير عسير داما في أمن الملك الكبير ( ثم اسإتطرد‬
‫قائ ا‬
‫ل‪:‬‬
‫وإني لمحب لكم ولبيتكم لني أحب عمار بيوت المجد والشرف على الدواما بأنا تبقى‬
‫مؤيدة مدى الياما ول أريد لها الخراب والنهاء _ فإنا قبلتم النصح وأردتم الخير والنجاح فنقوما‬

‫‪ 1‬محمود شاكر _ شبه جزيرة العرب ‪.‬‬


‫‪ 2‬شوقي عطا ا الجمل _ سإياسإة مصر في البحر الحمر ‪.‬‬
‫‪ 3‬د‪ .‬عبدالمنعم الجميعي _ عسير خآلل قرنين ‪.‬‬

‫‪18‬‬
‫بالشفاعة لكم عند مولنا السلطانا في العفو عما فرطا منكم من الغواء النفساني بشرطا أنا تكونوا‬
‫‪1‬‬
‫تابعين للدولة العلية‬

‫وبالرغم من صدور فرمانا ) مرسإوما ( منح بموجبه المير محمد بن عائض رتبة أمير‬
‫المراء وجعله متصرفا لمارة عسير أو لما سإمي ) بالمتصرفية العزيزية ( إل أنا هذا الصلح لم‬
‫يدما إل فترة قصيرة أخآذ محمد بن عائض بعدها يعد العدة لمواجهة الحتمالت المتوقعة وبعث‬
‫الخديوي إسإماعيل تحذيرا واضحا إلى محمد بن عائض لوقف هذه التحركات العسكرية ويطلب‬
‫منه عدما اسإتفزازا الدولة العثمانية ‪.‬‬

‫وإزااء رفض المير محمد بن عائض هذه التهديدات قامت الدولة العثمانية بتجهيز حملة‬
‫عسكرية بقيادة محمد رديف باشا وأمرته بالتوجه مباشرة إلى عسير حيث تمكن من احتللها وقتل‬
‫المير محمد بن عائض بالضافة إلى العديد من أفراد أسإرته وأصبحت بذلك عسير متصرفية‬
‫تابعة للدولة العثمانية ‪ ,‬وانتهى بذلك كفاح بطولي وسإقط آخآر قلع المقاومة الوطانية في عسير‬
‫حتى أنا السلطانا العثماني قال معبرا عن سإروره ) كل شيء بعد عسير يسير (‪.2‬‬

‫وقد شاعت الفوضى مع الوجود العثماني وتدخآله في شئونا المنطقة كما ترتب على ذلك‬
‫اشتعال الثورات وزايادة الضطرابات في جميع المناطاق العسيرية حتى زاوال الحكم العثماني دو‬
‫أنا يحقق هدفه في بسط سإلطانه على إقليم عسير ‪.‬‬

‫وفي غضونا هذه الحداث قامت في عاما ‪1911‬ما الحرب اليطالية العثمانية التي اشتعلت‬
‫بسبب النزاع حول ليبيا لتضيف إلى أعباء الدولة العثمانية عبئا جديدا وتضعف من شوكتها في‬
‫المنطقة وتقلل من إمكانياتها العسكرية بشكل كبير مما مكن العسيريونا من رفع راية المقاومة ‪.‬‬

‫وأخآذ نفوذ العثمانيين بالتضاؤل أماما ضراوة مقاومة العسيريين وفي نفس الوقت أخآذ نفوذ‬
‫الدارسإة في المخلف السليماني يتصاعد وقد اتحدت أهدافهم مع أهداف آل عائض في إخآراج‬
‫العثمانيين من المنطقة ‪ ,‬إل أنا أطاماع الدارسإة وقفت دونا بناء تحالف قوي بينهم وبين أمراء آل‬
‫عائض لسإيما وأنا موقف الدارسإة المفاجئ والمؤيد ليطاليا في حربها ضد المسلمين في ليبيا‬
‫كانا نقطة تحول خآطيرة في موازاين القوى حيث لم ترض القبائل العسيرية الوقوف إلى جاني‬
‫اليطاليين النصارى مع الدارسإة ووقفوا إلى جاني العثمانيين وقد تضاءل اهتماما الدولة العثمانية‬
‫بمنطقة عسير والمخلف السليماني وانشغلت عنها بسبب اتساع نطاق العمال الحربية في الدول‬
‫الوروبية وازادياد الضغوطا الخارجية على الدولة العثمانية مما أجبرها على التراجع والتخلي‬
‫عما كانا تحت يدها من أراضي وممتلكات في شبه الجزيرة العربية إلى أنا اضطرت الدولة‬
‫العثمانية إلى سإحب قواتها الموجودة في عسير ووضعتها في جبهات القتال ‪ .‬وفي عاما ‪1336‬هـ‬
‫‪3‬‬
‫قامت بتسليم المنطقة إلى المير حسن بن عائض لتكونا إمارة مستقلة خآارج السيطرة العثمانية ‪.‬‬

‫وهكذا ومع نهاية الحرب العالمية الولى انتهت تماما مرحلة الهيمنة العثمانية في منطقة‬
‫شبه الجزيرة العربية وظل التنافس قائما في بعض المناطاق التي انسحبت منها التراك بين القوى‬
‫المحلية حيث أعلنت ولية اليمن اسإتقللها تحت المامة الزيدية وأصبحت إمارة عسير كيانا قائما‬
‫بذاته يخضع مباشرة لـ آل عائض أما المخلف السليماني فإنا الدارسإة ضلوا يحكمونه ‪ ,‬وبسبب‬

‫‪ 1‬د‪ .‬فاروق أباظة _ الحكم العثماني في اليمن ‪1918\1872‬‬


‫‪ 2‬شعيب بن عبد الحميد الدوسإري _ إمتاع السامر بتكملة متعة الناظر ص ‪144‬‬
‫‪ 3‬د‪ .‬عبد المنعم الجميعي _ عسير خآلل قرنين _ ص ‪25‬‬

‫‪19‬‬
‫العداء التاريخي بين دولة المامة الزيدية لم تقم علقة ودية بينها وبين كل من إمارتي عسير‬
‫والمخلف السليماني ‪.‬‬

‫ومن ذلك يتضح أنا المزاعم اليمنية القائلة بأنا هذه المناطاق كانت جزءا من النظاما‬
‫السياسإي اليمني الموحد ليس لها أسإاس من الواقع أو التاريخ حيث سإاد المجتمع القبلي في تلك‬
‫المنطقة الذي ل يتسع لظاهرة المجتمع السياسإي الموحد المتعارف عليه في العصر الحديث ولقد‬
‫ظل الطابع القبلي هو الغالب في تشكيل التجمعات السكانية وقبل نهاية الحرب العالمية الولى لم‬
‫تعرف المنطقة الوحدات السياسإية أو أي مظهر من مظاهر الدولة الحديثة وخآاصة في اليمن حيث‬
‫تلعب القبائل دورا رئيسيا ومؤثرا في حياة اليمن السياسإية والقتصادية والجتماعية ‪ ,‬فكل قبيلة‬
‫لها أرضها ذات الحدود المعروفة ‪ ,‬ولها قواتها العسكرية ‪ ,‬ولها شيخها الذي يدير شئونها ويقضي‬
‫بين أفرادها ويوجه سإياسإتها فكا قبيلة تمثل كيانا سإياسإيا له حكومته الخاصة وبهذا أصبحت القبائل‬
‫وحدات سإياسإية وعسكرية لها اسإتقللها ول يربطها بالسلطة الحاكمة في اليمن غير الضرائب‬
‫التي تدفعها للسلطات الحاكمة ‪.1‬‬

‫هذه الحقائق تنفي الدعاء بأنا اليمن كانت تسيطر على هذه المنطقة ول يمكن اعتبار‬
‫اتساع مجال نفوذ قبيلة على حساب قبيلة أخآرى في فترة من الفترات أنه يخول حقا تاريخيا ثابتا‬
‫فإنا هذه العلقات وما تنطوي عليه من اتساع للحيز الجغرافي لبعض القبائل وانكماشها ل تؤدي‬
‫إلى إثبات حق من الحقوق في النطاق الدولي ‪ ,‬أما من الناحية التاريخية فإنه يمكن القول بانا‬
‫المارة الزيدية لم تستول على عسير وإنما اقتصر نفوذها وسإيطرتها على منطقة الجبال من اليمن‬
‫لصعدة وشهارة ولم يكن للمامة ما يمكن اعتباره حكومة شاملة لليمن كله ‪ .‬بينما امتد نفوذ آل‬
‫سإعود في زامن الدولة السعودية الولى إلى أبو عريش وزابيدة والحديدة حيث كانت تحصل الزكاة‬
‫من تلك المناطاق وتمكنت القوات السعودية من أنا تهدد صنعاء ذاتها والماما يحيى لم يكن له أي‬
‫حقوق شرعية على عسير حتى بعد أنا صار حاكما على اليمن‪. 2‬‬
‫وإذا كانت الشواهد التاريخية تفيد أنا منطقة عسير والمخلف السليماني كانتا تتمتعانا‬
‫بالشخصية المستقلة والكيانا المميز عن اليمن عن اليمن فإنه من جانب آخآر تؤكد الحقائق‬
‫التاريخية أنا ما كانا يجمع بين الدولة السعودية وبين أبناء عسير كانا من العمق والرسإوخ مما‬
‫يمكن اعتباره العامل السإاسإي لمجريات المور في هذه المنطقة وانا الدعوة السلفية الصلحية‬
‫كانا لها أثرها البارزا في توثيق العلقات ولشك أنا هذا كله انعكس على العلقات السعودية‬
‫اليمنية المعاصرة ‪. 3‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬فتوح الخترش _ تاريخ العلقات السعودية اليمنية ‪1934\1926‬ما _ص ‪21‬‬


‫‪ 2‬د‪ .‬عصاما ضياء الدين السيد _ عسير في العلقات السياسإية السعودية اليمنية ص ‪34\ 33‬‬
‫‪ 3‬د ‪ .‬عيد مسعود الجهني _ الحدود والعلقات السعودية اليمنية ص ‪117\109‬‬

‫‪20‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫العلقات السعودية اليمنية المعاصرة‬

‫المطلب الوأل ‪:‬‬


‫‪1‬‬
‫المسألة العسيرية ‪:‬‬

‫تقع عسير في الجزء الجنوبي الغربي من المملكة العربية السعودية ‪ ,‬وهي جزء هاما من‬
‫المملكة العربية السعودية المعاصرة ويحد إمارة عسير من الجنوب الشرقي إمارة نجرانا ‪ ,‬ومن‬
‫الشمال الشرقي إمارة الرياض ‪ ,‬ومن الجنوب إمارة جيزانا ومن الشمال والشمال الغربي إمارتا‬
‫مكة المكرمة والباحة ‪ ,‬ومن الجنوب اليمن ‪.2‬‬
‫‪ 1‬منطقة عسير جزء من جبال السروات تمتد من بلد اليمن حتى سإراة الحجازا ‪ ,‬وقد اخآتلفت الكلمة تاريخيا ومكانيا فقديما أطالق اسإم‬
‫جرش على المنطقة التي تسمى عسير وقد حملت فيما بعد اسإم قبائل متحالفة أقامت في المنطقة وعرفت بإسإم عسير وقد أصبح من‬
‫المعروف عن الكثير ممن كتب عن عسير انا أسإمها مشتق من العسر لصعوبة مسالكها وكثرة تعاريجها لنا هذا الغقليم يضم جبال‬
‫شامخة الذرا مترامية الطاراف تتخللها أودية وشعاب وعرة المسالك ملتوية المآتي وكانت هذه المقاطاعة تعرف في عهد الدولة العثمانية‬
‫بمتصرفية عسير ومركزها أبها ويتبعها سإبعة أقضية ‪.‬‬

‫وعسير تشمل الراضي الجبلية من نجرانا في الجنوب حتى زاهرانا في الشمال ويفصل بين تهامة وعسير عن بلد اليمن حدود تتصل‬
‫من ميناء ميدى على سإاحل البحر الحمر إلى شمال مدينة صعدة فحدود نجرانا وياما وتمتد تهامة عسير موازاية للمرتفعات الغربية غربا‬
‫من لد زاهرانا حتى الحدود الجنوبية اليمنية يبلغ طاولها مئتا ميل وعرضها ثلثونا ميل يقطع هذا السهر من مرتفعات عسير إلى البحر‬
‫الحمر أكثر من ثلثين واديا ‪.‬‬
‫وعسير محصنة بحصونا طابيعية في البحر بسبب الستارة الموازاية لساحلها ووفي الداخآل بسبب الجبال الصعبة التضاريس ‪.‬‬
‫‪2‬‬

‫‪21‬‬
‫وقد قاما تنافس شديد على السلطة بين أمراء وحكاما شبه الجزيرة العربية بعد سإقوطا الدولة‬
‫العثمانية عاما ‪1918‬ما إل انا الماما يحيى لم يتمكن من السيطرة على مختلف أنحاء اليمن ويمكن‬
‫إرجاع ذلك إلى الوجود البريطاني في عدنا وتدهور و تدهور النفوذ السياسإي لحلفاء الماما من‬
‫الشراف في الحجازا إلى جانب تعاظم النفوذ السعودي في شبه الجزيرة العربية وتصاعد نفوذ‬
‫الدارسإة في تهامة الذين تسلموا من البريطانيين ميناء الحديدة مما زااد التوتر بينهم وبين الماما‬
‫يحيى ورفضوا العتراف بشرعية حكمه على الميناء وكانا سإكانا تهامة يعارضونا كل‬
‫المعارضة الراء القائلة بأنا تهامة من الممتلكات الموروثة ‪.‬‬

‫وقد كانت المسألة العسيرية تحتل مكانا كبيرا من اهتمامات الملك عبد العزيز أثناء‬
‫تحركاته لسإتعادة ملك أبائه وأجداده في تلك المنطقة ‪ ) .‬فلقد بدا عبد العزيز كفاحه من نقطة‬
‫الصفر ‪ ,‬وقضى ما يزيد عن نصف قرنا مقاتل في شتى الميادين وقد تألب عليه العداء‬
‫والخصوما فوقف وحده ليس معه سإوى ا تعالى ثم مصحفه وسإيفه ورجاله المخلصين يقاتل‬
‫ويناضل ول يكل ول يمل ل يتخاذل ول يتراجع يحفظ العهد ويصونا الوعد يقابل الحسنة بالحسنة‬
‫والسيئة بالعفو ول يحقد ول يطوى ضميره على موجده ل يطعن من الخف ول يتسلل في الظلما‬
‫قد اسإتهدف لم الشمل وجمع الشتات والقضاء على الفتنة والفوضى حتى كلل ا مساعيه بالنجاح‬
‫والتوفيق (‪.1‬‬

‫وقد تم أول اتصال بين الملك عبد العزيز والماما يحيى حميد الدين في بداية الحرب‬
‫العالمية الولى حيث تؤكد بعض المعلومات أنه تم التخابر مع بعض الزعماء العرب ومنهم إماما‬
‫اليمن وذلك لحثهم على جمع صفوفهم أماما مشاكل الحرب وبحث مستقبل البلد العربية بما يؤمن‬
‫مصالحهم ويحمي حقوقهم ‪. 2‬‬

‫ونظرا للهمية الخاصة التي تحتلها منطقة عسير في تشكيل الحداث في جنوب شبه‬
‫الجزيرة العربية وبالتالي في تطور العلقات السعودية اليمنية تلقى الضوء على المنطقة في‬
‫جوانبها البشرية والجغرافية ذات الثر على المسار السياسإي وقد تناولها العديد من الباحثين‬
‫وتحدثوا عن عسير ضمن ما تناولوه عن القساما الطبيعية لشبه جزيرة العرب وغن كانا الملحظ‬
‫أنا الجوانب الجغرافية كانت تغب على المفاهيم السياسإية التي تحدد الطبيعة الفاصلة لتبعية‬
‫القاليم‪.‬‬

‫وقد ظلت العلقة التاريخية بين المملكة العربية السعودية وبين آل عائض الذين لعبوا‬
‫دورا هاما في منطقة عسير أحد الموجهات الرئيسية الهامة للحداث خآاصة في عهد محمد بن‬
‫عائض الذي تولى المارة بعد والده ووسإع حكمه على سإائر عسير السراة وقسم من الحجازا‬
‫وغامد و زاهرانا وقسم كبير من تهامتي عسير واليمن وكانت علقته بالدولة السعودية إيجابية‬
‫ومتميزة ‪.‬‬

‫وعندما تسلم حسن بن علي بن محمد بن عائض السلطة بعد انسحاب التراك في عاما‬
‫‪1919‬هـ وذلك بعد هزيمتهم في الحرب العالمية الولى واجه العديد من المشاكل وركز اهتمامه‬
‫على تثبيت حكمه في أعقاب النسحاب التركي ورغم إدراكه للصلة القوية التي كانت تربط‬
‫أحمد محمد حيدر _ الجغرافيا الزراعية لمنطقة عسير ص ‪21‬‬
‫‪ 1‬محيي الدين القابسي _ المصحف والسيف _ص ‪16‬‬

‫‪ 2‬مشاري بن سإعود بن عبد العزيز _ علقات المملكة العربية السعودية بالمملكة المتوكلة اليمنية في عهد الملك عبد العزيز _ رسإالة‬
‫ماجستير _ كلية الداب _ قسم التاريخ _ جامعة الملك سإعود ‪1402‬هـ ص ‪18‬‬

‫‪22‬‬
‫أسإرته بالدولة السعودية فقد وقع ضحية لتأثير بعض القوى المحلية والجنبية التي كانا يهمها‬
‫اليقاع بينه وبين الدولة السعودية فنفرت منه القبائل وعلى وجه الخصوص زاهرانا وقحطانا‬
‫والتي أرسإلت وفودها شاكية إلى ابن سإعود فبعث الملك عبد العزيز إليهم بستة علماء نجديين‬
‫وكتب إلى المير حسن وإلى رؤسإاء قحطانا وزاهرانا ينصحهم بالمسالمة ويدعوهم للرجوع إلى‬
‫ما كانا عليه أجدادهم ولكن المير حسن اسإتمر في سإياسإة السإتبداد والظلم وإزااء هذا الموقف‬
‫أرسإل الملك عبد العزيز حملة عسكرية بقيادة المير عبد العزيز بن مساعد بن جلوي وأمره بأنا‬
‫يتخذ كل الحتياطاات الممكنة وانا يسلك جميع السبل لقناع المير حسن بن عائض بالتزاما جانب‬
‫العقل واحتراما الطبيعة الخاصة للعلقات السعودية العسيرية كما كانا يفعل أجداده من قبل ‪.‬‬

‫وحينما اتضح للمير عبد العزيز بن مساعد أنا حسن بن عائض لن يمتثل لهذه الرغبة‬
‫خآرج بجنوده والتقى به في مكانا يسمى حجلة ودارت بينهما معركة شهيرة انتهت بهزيمة قوات‬
‫حسن بن عائض واسإتيلء الجيش السعودي على السراة وما جاورها وعلى إثر ذلك دخآل المير‬
‫بن مساعد أبها وأعلن العفو العاما واسإتقبل زاعماء القبائل وأرسإل وفدا إلى الدريسي يطلب إليه‬
‫تحديد الحدود بينه وبين عسير ‪.‬‬

‫وكانا اسإتسلما المير حسن بن عائض له نتائج عملية حيث صارت عسير الشرقية‬
‫جزءا من المملكة العربية السعودية وطاويت صفحة من الفتن والضطرابات وانفتح المجال أماما‬
‫الملك عبد العزيز لسإتكمال مشاريعه السياسإية وتوطايد حكمه في الداخآل وتعزيز مكانته في‬
‫الخارج وبانضماما عسير الشرقية إلى حكم الملك عبد العزيز اتسعت رقعة الدولة السعودية‬
‫فأصبحت على مقربة من تخوما بلد اليمن وبالرغم من أنا الماما يحيى قد أبدى مشاعر السإتياء‬
‫تجاه التطورات المتلحقة في تلك المنطقة إل انه لم يتدخآل في صراع مباشر مع الملك عبد‬
‫العزيز نظرا لما يتمتع به الحكم السعودي من دعم شعبي كبير في تلك المنطقة ‪.1‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬‬


‫المسألة الدريسية في العلقات السعودية _ اليمنية ‪:‬‬

‫بعد انضماما عسير الشرقية إلى الملك عبد العزيز كانا الجزء الخآر ما عسير حيث يتواجد‬
‫الدارسإة ذو أثر بعيد على العلقات السعودية اليمنية وكانت هذه المنطقة هي العامل الحقيقي‬
‫لحسم الخلف بين الدولتين ‪.‬‬

‫*الفقرة الوألى ‪:‬‬


‫الدارسإة ‪ ,‬تاريخهم \ حكمهم ‪:‬‬

‫ترجع نشأة السإرة الدريسية إلى السيد أحمد الدريسي المغربي الصل الذي ولد عاما ‪1172‬هـ‬
‫ببلدة ميسورة بالعرائش من أعمال بلد فارس ومراكش وهو أحد دعاة الطرق الصوفية الشاذلية‬
‫الذي وصل إلى مكة المكرمة وقاما بها وعمل واعظا ومرشدا لطريقته من الفترة ما بين ‪_1799‬‬
‫‪1837‬هـ ‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫وكانا من عوامل نجاح أحمد بن إدريس في طاريقته ‪ ,‬أنه أخآذ ينشر بين الناس العدل والمن‬
‫ويرشدهم إلى طاريق الصواب وقراءة القرآنا والتفسير وكانت الدعوة السلفية من السإباب في‬
‫‪ 1‬د ‪ .‬عيد مسعود الجهني _ العلقات والحدود السعودية اليمنية ص ‪130\125‬‬
‫‪ 2‬أمين الريحاني _ ملوك العرب ص ‪312‬‬

‫‪23‬‬
‫جعل الطريق ممهدا أماما أحمد بن إدريس وكانت النفوس مهيأة للتلقي إذ لم تستطيع النظمة‬
‫الخآرى أنا يكونا لها نفس الثر ‪.‬‬
‫وقد اجتمع إلى السيد احمد بن إدريس في صبيا كثير من الناس وطالب العلم فأخآذ يرشدهم‬
‫ويعلمهم واجبات دينهم بعد أنا غلب على سإكانا تلك المنطقة الجهل فكرس السيد أحمد بن إدريس‬
‫مجهوداته في المساجد والمجتمعات وفي بيته حتى كونا نخبه من طالب العلم قاموا بالدعوة إلى‬
‫ا والعمل بكتابه وكانا تلميذه محمد علي السنوسإي المقيم في مكة المكرمة يأتي إليه مع بعض‬
‫طالب العلم ‪.1‬‬
‫وإزااء ما تمتع به من قبول لرائه الصلحية عمدت الدولة العثمانية على اسإتمالته بعرض‬
‫منصب القائم مقاما في مدينة صبيا وأبي عريش عليه وقد رحب السيد الدريسي بالعرض واعتبره‬
‫فرصه لتعزيز وجوده ونفوذه في المنطقة ‪.‬‬
‫وبعد وفاة أحمد الدريسي لم يكن أبناؤه الذين خآلفه في نفس قوة شخصية والدهم فعاشوا على‬
‫حساب الرث الروحي الذي خآلفه لهم حتى جاء حفيده السيد محمد علي الدريسي الذي اسإتغل‬
‫نفوذ جده ونتيجة كما قلنا سإابقا لسوء أحوال عسير وفساد الغدارة التركية والتفاف الناس حول‬
‫محمد الدريسي عمل على إقامة دولة للدارسإة فاسإتطاع نتيجة لذلك أنا يطرد ما تبقى من‬
‫التراك لكنه فشل في مقاومة حملتهم التي قادها شريف مكة فأخآفق بالتالي في السإتيلء على‬
‫أبها‪.‬‬
‫ونرى ذكاء الدريسي متجليا حينما قامت الحرب اليطالية العثمانية حيث اسإتغل الدريسي‬
‫الفرصة ووقع مع اليطاليين اتفاقية حصل بموجبها على العديد من السإلحة مما أدى إلى سإوء‬
‫العلقات بينه وبين العثمانيين ‪.‬‬
‫وما كانا من العثمانيين إل أنا عقدت صلحا مع الماما يحيى الذي ل أرى سإوى أنه كانا تمييعا‬
‫للثورات العنيفة التي كانا يعلنها ضد العثمانيين لكنه نكث بعهده عندما رأى أنا مصلحته تدفعه‬
‫لذلك فوافق على معاداة العثمانيين في تهامة بعد أنا كفلت له الحكومة اليطالية كل ما يحتاجه من‬
‫سإلح فكانا من نتائج ذلك مد نفوذه إلى جيزانا ثم نكث العهد مرة أخآرى فاتفق مع مشايخ صعدة‬
‫في اليمن اسإتعدادا للثورة وضرب اليطاليين بمدافعهم ‪ ,‬وبعد انتهاء الحرب اليطالية العثمانية‬
‫باحتلل اليطاليين لطرابلس الغرب واعتراف العثمانيين بذلك انتفى الغرض من ارتباطاهم‬
‫بالدريسي فتخلوا عنه ‪.‬‬

‫ونرى أنا كل هذه التطورات هيأت الجو للدريسي للنجاح فعقد معاهدات مختلفة مع البريطانيين‬
‫واليطاليين أيضا ضد الدولة العثمانية وبموجب معاهدته مع بريطانيا اعترفت له بالسيادة على‬
‫جزر فرسإانا فقاما بوضع المخلف السليماني وملحقاته بمعاهدة تحت الحماية البريطانية بمقابل أل‬
‫ينشئ أي علقة سإياسإية أو تجارية مع أي حكومة أجنبية إل بعد موافقة بريطانيا ‪ .‬وعندما تمكن‬
‫الحلفاء من هزيمة الدولة العثمانية كافأه النجليز بإعطائه الحديدة تقديرا لخدماته مما أدى إلى‬
‫ضعف ‪ +‬غضب الماما يحيى حيث كانا في نفس الوقت يطلب جلء النجليز عن عدنا حيث أنه‬
‫كانا يعتقد أنا الحديدة سإتئول له في النهاية بعد جلء التراك عنها لكن البريطانيين احتلوها فما‬
‫كانا منه إل أنا أرسإل للمعتمد البريطاني في عدنا محتجا على احتلل الحديدة فجاءه الرد قائل "‬
‫أننا دخآلنا الحديدة لنحفظ المن والنظاما وسإنعيدها لكم " فاعتبر الماما هذا القول حجة للماما في‬
‫مسألة اسإترجاع الحديدة وخآاصة بعدما حدث ما سإبق قوله حيث قاما البريطانيونا بدل من تسليم‬
‫الحديدة للماما سإلموها للدريسي مكافأة له ‪.2‬‬

‫‪ 1‬عبد الملك بن عبد القادر بن علي _ الفوائد الجلية في تاريخ المملكة السنوسإية ص ‪33‬‬
‫‪2‬زاهوة علي أبي بكر السقاف _مبدأ ثبات الحدود ونهائيتها والحدود السعودية اليمنية ) بتصرف (‬
‫د‪ .‬عيد مسعود الجهني _ العلقات والحدود السعودية اليمنية ‪ ).‬بتصرف (‬

‫‪24‬‬
‫وبالرغم من أنا الدريسي كانا يبدو سإياسإيا ماهرا إل أنه وقع ضحية لمغامراته السياسإية بين‬
‫الدول الكبرى فبريطانيا التي وقعت مع الدريسي اتفاقيات ترددت في مساعدته حين تعرض‬
‫الدريسي لغزو من إماما اليمن وكانا هذا الغزو نتيجة لتسليم البريطانيين الحديدة للدريسي‬
‫فتعقدت الوضاع بينهم خآاصة وأنا الماما تزعجه قوة الدريسي ‪.‬‬

‫واسإتمرت العلقة بينهما قاسإية وعند هذا الحد شعر الدريسي أنه لبد من اللجوء إلى قوة ينبغي‬
‫العتماد عليها غير بريطانيا التي خآذلته مرتين خآاصة أنا الشريف حسين يهدده في حدوده‬
‫الشمالية فقرر التعاونا مع الملك عبد العزيز و بالفعل وصلت القوات السعودية في ‪ 15‬ذي القعدة‬
‫‪1338‬هـ إلى عسير وأوفد الملك عبد العزيز وفدا من أبها برئاسإة عبد ا بن راشد الدريسي‬
‫لتحديد الجدود وعقدت معاهدة صداقة بين الطرفين عاما ‪1339‬هـ‪. 1‬‬

‫واسإتمر الدريسي في إخآلصه للملك عبد العزيز حتى وفاته في عاما ‪1341‬هـ فخلفه ابنه قليل‬
‫الخبرة الذي أوقع المارة في نهر من الفوضى فأصبح في أواخآر العاما ‪ 1343‬هـ المخلف في‬
‫حالة فوضى تامة بسبب الحروب المستمرة بين القبائل إضافة إلى اشتداد النزاع بين الماما وعمه‬
‫حسين فأصبحت المارة على شفا حفرة ‪.‬‬

‫في هذه الثناء توجه مصطفى النعمي إلى الملك عبد العزيز في جده فنقل له ما أصاب المارة‬
‫الدريسية من اضطراب وتعدي الماما يحيى على الجزء الجنوبي من المارة وطالب من الملك‬
‫التدخآل وإرسإال جيش إلى هناك فأرسإل الملك خآطابا إلى أمير أبها وإلى القبائل فرد علي‬
‫الدريسي قائل ‪ " :‬إني والماما ابن سإعود حال واحد وعضو مساعد فليكن معلوما ثم نشر‬
‫الرسإائل بين القبائل " وبالرغم من ذلك سإاءت الوضاع بين الغماما وعمه حسين فأرسإل الملك‬
‫وفدا للصلح ولكنه عاد خآائبا ‪.‬‬

‫في هذه الثناء نرى أنا أماما اليمن زاحف على الحديدة واحتلها واتجه شمال حتى وصل إلى ميدى‬
‫وأما هذا الخطر عين الدارسإة حسن الدريسي بدل من الغماما علي الدريسي للتصدي لزحف‬
‫إماما اليمن نحو بلدهم فحاول الحسن أنا يحل المر سإلميا لكن الماما اسإتمر في تقدمه والنجليز‬
‫توقفوا عن دعمهم للدارسإة بحجة عدما التدخآل في الشؤونا الداخآلية لليمن أو عسير ‪.‬‬
‫لم يكن أماما الدريسي في ضوء هذه الحداث إل أنا يعرض المر على الملك عبد العزيز لنقاذ‬
‫المخلف لكن الملك لك يوافق وفضل البقاء محايدا وسإحب حاميته من صبيا وجيزانا إلى أبها‬
‫والتي جاءت لمساعدة الحسن الدريسي في الوصول لحكم المخلف من قبل عندما كانت القوات‬
‫الزيدية تتقدما إلى هاتين المدينتين ‪.‬‬

‫وعندما اشتدت الصراعات بين إنجلترا وإيطاليا في غرب الجزيرة العربية وجد السيد الحسن‬
‫الدريسي نفسه وقد وصلت به الظروف إلى أنا يصبح مهددا تهديدا مباشرا بواسإطة جاره الماما‬
‫يحيى ونتيجة لذلك بعث بمندوب للملك عبد العزيز يطلب نجدته وعرض أنا توضع إمارة‬
‫الدارسإة تحت حماية الملك عبد العزيز وقد واقف الملك عبد العزيز على حماية المارة‬
‫الدريسية فوقعت معاهدة حول هذا الموضوع سإميت بمعاهدة مكة المكرمة لعاما ‪1926‬ما ‪.‬‬

‫المطلب الثالث ‪:‬‬


‫إعلن الحماية على عسير وأأثر ذلك على العلقات اليمنية السعودية ‪:‬‬

‫‪ 1‬عبد ا بن علي بن مسفر _ السراج المنير في سإيرة أمراء عسير ص ‪114‬‬


‫مقبل بن عبد العزيز الذكير _حوادث عسير واليمن والحجازا مخطوطا ورقة ‪24‬‬

‫‪25‬‬
‫كانت تلك المعاهدة بمثابة المفاجئة للماما يحيى كما كانا ضم عسير ثم الحجازا ضمن المفاجآت‬
‫التي أقلقت الماما يحيى وقضت على أطاماعه في المخلف السليماني ‪.‬‬

‫وفور عقد معاهدة مكة أرسإل الملك عبد العزيز نسخة منها مع كتاب للماما يحيى طاالبا إليه‬
‫إصدار المر لقواته بالكف عن مهاجمة الدارسإة وضرورة التقيد بها واحترامها ‪. 1‬‬

‫ولم يكن أمامه إل أنا أبلغ قائده بالكف عن مواصلة الحرب ‪ ,‬وأرسإل الماما يحيى للملك عبد‬
‫العزيز برقية بتاريخ ‪ 2‬محرما ‪1346‬هـ جاء فيها ‪:‬‬
‫" لقد تسلمت خآطابكم المؤرخ في ‪ 27‬ذي الحجة ‪1345‬هـ وردا عليه فإني أعرب عن سإعادتي‬
‫لنتدابكم إبراما المعاهدة لقد كانت هذه إرادتي وأود أنا أنهي إليكم انه ل أحد من إبراما هذه التفاقية‬
‫بيننا إل المسحيين وأولئك الذين يرغبونا في إثارة النزاع وإضعاف الدول العربية وانا مغتبط‬
‫بالحصول على حقوقي الطبيعية و أنا مستعد لطاعة ا وتقدما السإلما وآمل في ذلك جانبكم فإذا‬
‫انضم قلبي وقلبك فسوف تخفق القلوب الخآرى لقد وصلت بعثتكم الشريفة وبدأت المفاوضات‬
‫قوية أرجو أنا تكلل نتيجتها بالنجاح "‬

‫وقد رأى الملك عبد العزيز رغبة منه في إقرار علقات الجوار الجديدة بينه وبين الماما يحيى‬
‫إرسإال وفد سإعودي إلى صنعاء حمل نص المعاهدة لعرضها على الماما وفعل وصل الوفد إلى‬
‫صنعاء ودارت بينه وبين الماما يحيى ومندوبيه محادثات طاويلة اتضح من خآلله للوفد أنا‬
‫الجانب اليمني يعتبر عسير جزءا من اليمن وأنا الدارسإة غاصبونا دخآلء لهذه المنطقة إضافة‬
‫إلى انه ل يعترف بدخآول بلد آل عائض إلى نجد ول بسط الحماية على المقاطاعة الدريسية‬
‫وجاء تقرير الوفد السعودي بعد عودته ما يوضح وجهة النظر السعودية في أمر عسير ومطالب‬
‫الماما في عسير وأوضح الوفد السعودي بجلء للمندوبين اليمنيين أنا بلد الدارسإة قسم من‬
‫تهامة عسير وأنا عسير ليس من اليمن وأنا ليس لئمة الزيود أي حق من الحقوق فيه ببراهين‬
‫تاريخية عملية وانا حدود هذه المقاطاعة تمتد من مخا إلى زابيد إلى مركز باجل من جهة الجبال‬
‫وأنا هذه القطعة بحدودها المبينة قسم واحد ل يتجزأ وكانت خآاضعة للسيد محمد بن علي‬
‫الدريسي أياما حكمه وهي داخآله ضمن الحدود التي شملتها معاهدة الملك عبد العزيز مع السيد‬
‫حسن الدريسي ولذلك فإنها تعتبر من حقوق جللة الملك عبد العزيز نطالب بإعادة ما هو منها‬
‫تحت حكم الماما يحيى إلى المقاطاعة الدريسية ‪. 2‬‬
‫وقد عاد الوفد السعودي مرة ثانية إلى صنعاء واسإتمرت جلساته خآلل شهري جمادى الثانية إلى‬
‫غرة شعبانا ‪1346‬هـ وكانت الحدود التي يعرضها للتفاق عليها تدل على تغيير أسإاسإي في‬
‫حديث الوفد فقد كانا يعمل فعل على إقرار الوضع الراهن بالنسبة للحدود الشرقية من نجرانا‬
‫للملك عبد العزيز ومن وائلة يتبع اليمن وكذلك من ابن صبحانا وجنوبا تابعا لليمن ومنه شمال‬
‫تابع عسير ومنها إلى تهامة معلوما أما القبائل التي لم تسلم الزكاة لحد فيهم فهي للملك عبد العزيز‬
‫وحدودها من العرو وجنوبا تابع لليمن ومنه وشمال تابع لعسير أما تهامة فبموجب التفويض الذي‬
‫عند الملك عبد العزيز يكونا الحد ميدى بين الحكومتين وقد وافق مندوب اليمن لكنه طاالب‬
‫بالدارسإة لكن الوفد السعودي رفض ذلك ‪. 3‬‬

‫وقد انتهت مفاوضات الوفد الثاني في صنعاء وعاد إلى مكة المكرمة وبصحبته ممثلين عن الغماما‬
‫يحيى وجرت مفاوضات قصيرة غير منتجة لنا أعضاء الوفد اليمني لم يكن لهم من الصلحية ما‬
‫يجيز لهم البت في أي موضوع من المواضيع لنا الماما يحيى لم يعطي أي صلحيات لمندوبه‬

‫‪ 1‬مقبل عبد العزيز الذكير _ حوادث عسير واليمن والحجازا _ مخطوطا _ ورقة ‪31‬‬
‫‪ 2‬انظر وزاارة الخارجية السعودية _ بيانا العلقات السعودية اليمنية _ ص ‪2\3‬‬
‫‪ 3‬مقبل عبد العزيز الذكير _ حوادث عسير واليمن والحجازا _ مخطوطا _ ورقة ‪.32‬‬

‫‪26‬‬
‫في المفاوضات ولبد من الرجوع إليه في كل شيء وهكذا عاد الوفد اليمني من مكة المكرمة‬
‫دونا التوصل إلى أي شيء ‪.‬‬

‫وقد سإبق للملك عبد العزيز أنا بعث رسإالة إلى إماما اليمن حذره فيها من مغبة التمادي في احتلل‬
‫الراضي الدريسية ولكن الماما يحيى فيما يبدو لم يأخآذ المر على محمل الجد حتى وضعت‬
‫القوات السعودية على أهبة السإتعداد ‪.‬‬

‫وتعد اتفاقية مكة بداية جديدة ل في تاريخ عسير فحسب بل في تاريخ العلقات السعودية اليمنية‬
‫حيث ترتب عليها تدهور العلقات بين الملك عبد العزيز والماما يحيى انعكس في صورة ارتفاع‬
‫التوتر العسكري بين الحدود اليمنية السعودية وقد بدأ الملك عبد العزيز يمارس مسؤولياته في‬
‫عسير فأرسإل أحد موظفيه إلى جيزانا لتنظيم الشؤونا المالية والدارية ومندوبا للتصال بين‬
‫الملك عبد العزيز والحسن الدريسي واصطحب المندوب السعودي معه عددا من الموظفين‬
‫ليساعدوه وليؤكدوا لهالي المنطقة بأنهم قد أصبحوا في حماية الدولة السعودية ‪ 1‬وأصبحت إمارة‬
‫عسير جزءا من الدولة السعودية ‪.‬‬

‫وفي خآلل هذه الفترة وردت تقارير إلى الملك عبد العزيز محذره من الدريسي لنه بدأ يحرض‬
‫القبائل والتباع على الثورة ضد الحكم السعودي وأنا عناصر خآارجية كانت تقف وراءه وأشارت‬
‫الصابع إلى كل من الشريف عبد ا والماما يحيى ففي الوقت الذي بدأ المناوئونا للملك عبد‬
‫العزيز يكشفونا مخططاتهم ونواياهم الخبيثة ضد الدولة السعودية ونتيجة للتحريض الخارجي قاما‬
‫الدريسي بحركة تمرد مفاجئة ضد القوات السعودية ثم هاجم جيزانا وبعد يومين دخآل المدينة‬
‫وأسإر حاكمها السعودي فهد بن زاعير وموظفيه وإنا أدعى رغم كل ما حدق بأنه لزاال على‬
‫ولئه للملك عبد العزيز‪ 2‬لكن الملك عبد العزيز أمر بإرسإال قوة عسكرية على الفور لوضع حد‬
‫لتمرد الدريسي وقد تمكنت القوات السعودية من إسإتعادة جيزانا ومطاردة الدريسي الذي وصل‬
‫إلى الحدود اليمنية ‪.‬‬

‫وفي عاما ‪1351‬هـ أعلن الملك عبد العزيز ضم إمارة عسر إلى المملكة العربية السعودية وطالب‬
‫من الماما يحيى تسليم الدريسي وفقا لمعاهدة العرو لعاما ‪1931‬ما والتي تنص على توثيق‬
‫الصداقة والتعاونا وحسن الجوار بين الطرفين وعد قبول إلحاق الضرر ببلد ك منهما وتسليم‬
‫المجرمين السياسإيين وغير السياسإيين وعدما قبول من يفر عن طااعة حكومته لي سإبب من‬
‫السإباب وإرجاعه إلى دولته حال‪. 3‬‬
‫لكن الماما يحيى اقترح على الملك عبد العزيز أنا يعفو عنهم عفوا شامل فكانا ذلك رغبة من‬
‫الملك في التخفيف من حدة التوتر بينه وبين الماما ‪.‬‬

‫وبهذا اسإتؤنفت المفوضات اليمنية السعودية بعد تعثرها مرات عديدة‬

‫‪ 1‬أمين سإعيد _ تاريخ الدولة السعودية _ ص ‪193‬‬


‫‪ 2‬فتوح الخترش _ تاريخ العلقات السعودية اليمنية ص ‪103 \ 102‬‬
‫‪ 3‬د ‪ .‬عيد مسعود الجهني _ العلقات والحدود السعودية اليمنية ص ‪148 \ 131‬‬

‫‪27‬‬
‫حيث كانا الوفد السعودي يرى خآلل المفاوضات أنا مسألة الحدود لم تعد مشكلة بعد معاهدة‬
‫العرو السابق ذكرها فمعاهدة العرو قد ثبتها فمن غير المعقول أنا تعقد معاهدة بين دولتين قبل‬
‫القرار بالحدود ‪.‬‬

‫واسإتمرت المراسإلت بين الملك والماما وكانا الملك واضحا في مطالبه حيث طالب تحديد الحدود‬
‫‪ /‬التنازال عن نجرانا واعتبارها قطعة محايدة ‪ /‬طالبنا إعادة الدريسي ‪.1‬‬

‫ومما يجدر ذكره أنه بعد انتهاء مشكلة الدارسإة أرسإل الملك عبد العزيز إلى إماما اليمن مستفسرا‬
‫عما إذا كانا غير رأسإه بالنسبة لرسإال وفد إلى صنعاء لعقد اتفاق حدودي نهائي بينهما فرحب‬
‫بوصول الوفد كن المفاوضات مع السإف فشلت ‪.‬‬

‫وقد جاء تقرير الوفد الذي قدمه للملك عبد العزيز " وع شديد أسإفنا لعدما وصولنا إلى ما تمنيناه‬
‫فإننا نعلن رضاء ضمائرنا من شيء واحد وهو أننا وفقنا إلى إزاالة تلك الحالة المبهمة بيننا وبين‬
‫الماما يحيى وأزالنا قناع الريب والنفاق بصورة ل تترك للشك مجال ولحكومتنا بعد الوقوف على‬
‫الحقائق أنا تختط منهاجا ثابتا تسير عليه في المستقبل لجل صيانة منافعها وحفظ أملكها إلى انا‬
‫تتبدل ذهنية القابض على زاماما المر في اليمن وتأتي طاوارق الحدثانا بما يجبرهم على مصالحتنا‬
‫ومسالمتنا ومعرفة أنا هناك أمة عربية تتطلع إلينا وإليهم وتطلب منا ومنهم التفاق والتحاد على‬
‫ما فيه عز العرب والسإلما وكبت العداء والخصوما "‬
‫" وخآطة الماما يحيى التي تسير عليها تتلخص في إثارة بعض اللجئين إليه من رعايانا ثم إذا‬
‫أعتقد أنا الفرصة سإانحة اجهز على قطعة من أملكنا سإواء بالحرب او بالدس او بالتظاهر بحكم‬
‫جللتكم _ كما حصل في مسألة العرو _ والمماطالة والمراوغة والتسويف من الوسإائل الفعالة‬
‫‪2‬‬
‫التي يلجأ إليها "‬

‫ول شك أنا تقرير الوفد قد أثار الملك فأمر بحشد القوات على الحدود نظرا لسإاليب إماما اليمن‬
‫الغير واضحة ولنا الملك عبد العزيز كانا يريد تسوية نهائية للموقف وبرغم حشد القوات فقد ل‬
‫التصال والمفاوضات قائمة‬

‫وأدت هذه التصالت إلى أنا يقترح الماما حل لمسألة الحدود هو ‪ ) :‬ربط معاهدة حبية سإلمية‬
‫دينية لمدة عشرين سإنة يثبت فيها كل من الطرفين على ما بيده فعل من البلد ( فوافق الملك عبد‬
‫العزيز‬
‫لكن عبد الوهاب الدريسي قاما مع أحد رجال الغماما بالتقدما بقوة فاحتل جبال فيفاء والعبادل وبني‬
‫مالك داخآل حدود السعودية فاندهش الملك عبد العزيز لذلك واسإتفسر من الماما عن هذه‬
‫التحركات فرد الماما بالنفي وأنا هذه التحركات كانت بمقابل التحركات السعودية ثم اخآبره انه‬
‫أمر ابنه بالتوقف عن التوغل والحتلل والتخويف فأمره بالتراجع‪. 3‬‬

‫لكن جاء حادث الحجاج اليمنيين المؤسإف الذي وقع في منطقة تنومه التابعة لمارة أبها ليزيد في‬
‫توتر العلقات بين إماما اليمن والملك عبد العزيز حيث صمموا على السفر من الطريق الذي تدور‬
‫فيه المعارك بين القوات السعودية وقوات الشريف حسين وعند اقتراب قافلة الحجاج من منطقة‬
‫المعارك أطالق الجنود السعوديونا النار على القافلة ظنا منهم بأنا هؤلء ينتمونا على جيش‬
‫الشريف وأنهم جاؤوا متنكرين بلباس الحج ‪ ,‬وقاما الملك عبد العزيز بإرسإال اعتذار رسإمي لماما‬

‫‪ 1‬زاهوة علي أبي بكر السقاف _ مبدأ ثبات الحدو ونهائيتها والحدود اليمنية السعودية ص ‪69‬‬
‫‪ 2‬وزاارة الخارجية السعودية _ بيانا العلقات اليمنية السعودية ص ‪75\74‬‬
‫‪ 3‬د‪ .‬عبد مسعود الجهني _ العلقات والحدود السعودية اليمنية ص ‪236\235‬‬

‫‪28‬‬
‫اليمن وشرح له ملبسات الحادث وقد رد عليه الغماما بخطاب شكر وطالب منه أنا يتولى شخصيا‬
‫التحقيق في الموضوع ‪.1‬‬

‫ومن المعروف تاريخيا أنا إمارة عسير كانت تتمتع بالسإتقلل الذاتي وكانا لها شخصيتها‬
‫الوطانية وكانت في فترة من الفترات جزءا من الدولة السعودية ولم تكن علقة عسير باليمن‬
‫تحمل أي معنى للتبعية أو السيادة طايلة تاريخها السياسإي القديم أو الحديث‪. 2‬‬

‫المطلب الرابع ‪:‬‬


‫مؤتمر أبها ‪:‬‬

‫من أجل إنهاء التوتر على الحدود اسإتمرت التصالت بين الطرفين تمهيدا لعقد مؤتمر للتوصل‬
‫للتسوية النهائية ‪.3‬‬
‫عقد مؤتمر أبها ) في عسير ( بين الطرفين في ‪ 16‬فبراير ‪1934‬ما ‪ , 4‬إل أنه لم ينته بشيء نظرا‬
‫لخآتلف وجهات النظر ‪.‬‬

‫* أثر فشل مؤتمر أبها على تصعيد التوتر القائم في المنطقة ‪:‬‬

‫كانا لفشل مؤتمر أبها صدى بعيد لنه يعتبر إنذار بقياما حرب بين الدولتين إل انا الحرب لم تدر‬
‫رحاها عشية فشل المؤتمر وغنما اسإتمرت التصالت بين الملك والماما والماما حتى ضاق‬
‫الملك عبد العزيز من المماطالة والتسويف ونفذ صبره مما دفعه إلى إرسإال إنذار نهائي للماما‬
‫أخآبره بتعبئة الجيوش على الحدود وحدد في إنذاره يوما ‪ 20‬ذي الحجة ‪1352‬هـ موعدا لقبول‬
‫شروطاه ‪ ,‬وأصدر أمره في نفس الوقت إلى نجله المير سإعود ولي العهد آنذاك المتمركز في‬
‫نجرانا والمير فيصل في تهامة عسير بأنا يعبروا الحدود في ذلك اليوما إذا لم يصدر أي تعليمات‬
‫أخآرى ‪.5‬‬

‫وتم تقسيم الجيش السعودي إلى أربعة أقساما الول ‪ :‬تحت قيادة المير فيصل بن سإعد بن عبد‬
‫الرحمن الفيصل ‪ ,‬وأمره أنا يتقدما جهة باقم وما حولها لجل التحكم في الجبال التي دخآلتها جنود‬
‫الماما ‪ ,‬والثاني ‪ :‬تحت قيادة المير خآالد بن محمد بن عبد الرحمن الفيصل ‪ ,‬وأمره أنا يتقدما‬
‫ويجعل نجرانا على يساره وباقم عن يمينه إلى حدود صعده ‪ ,‬أما الثالث ‪ :‬فبقيادة ولي العهد آنذاك‬
‫المير سإعود بن عبد العزيز ‪ ,‬فتقدما إلى البلد التي إلى شرق المنطقة التي شغلها المير فيصل بن‬

‫‪ 1‬أمين سإعيد _ اليمن _ تاريخه السياسإي _ ص ‪80‬‬


‫‪ 2‬د‪ .‬عيد مسعود الجهني _ العلقات والحدود السعودية اليمنية ص ‪149‬‬
‫‪ 3‬د‪ .‬عيد مسعود اجهني _ العلقات السعودية اليمنية ص ‪236‬‬
‫‪ 4‬وزاارة الخارجية السعودية _ الكتاب الخآضر ص ‪117‬‬
‫‪ 5‬صوت الحجازا _ العدد ‪_102‬س ‪ 24 _2‬ذي الحجة ‪ 1352/9‬إبراهيم ‪1943‬ما ‪,‬ص ‪.2‬‬

‫‪29‬‬
‫سإعد ليكونا رداء يمدها عند الحاجة ويدبر الخطط الحربية ويشرف على العمال ‪ ,‬أما الرابع‬
‫جيش نجرانا بقيادة مذكر من آل عاصم قحطانا ‪ ,‬وابن سإعيد ‪.1‬‬

‫وفي السادس من شهر ذي الحجة سإنة ‪1352‬هـ أرسإل الملك عبد العزيز برقية للماما يحيى جاء‬
‫فيها ‪ ) :‬لقد بذلت أقصى ما أسإتطيع بذله لقرار السلما وإثبات الصداقة ‪ ,‬بالرغم من تكرار‬
‫اعتداءاتكم واكتساح جنودكم لبلداتنا ‪ ,‬وأرسإلت الوفود تلو الوفود منذ سإبع سإنوات حتى أعياني‬
‫أمركم ‪ ,‬واسإتنفذت سإائر الوسإائل الممكنة ‪ ,‬ولم يبق لنا إل أنا نخبركم بالصراحة التي نراها واجبة‬
‫علينا أننا توكلنا على ا واسإتمددناه من حوله وقوته على أداء الواجب الذي يحفظ أمانينا ويؤمن‬
‫رغبتنا ويصونا شرفنا ‪ ,‬وأمرنا بالدفاع لنقاذ بلدنا ‪ ,‬وقد أحببنا إحاطاة حضرتكم علما بهذا العزما‬
‫لتكونوا على بينة منه وباب السلم مفتوح إذا أردتموه ‪ ,‬وليس عندنا غير ما طالبناه في السابق وهو‬
‫إخآلء الجبال وإطالق رهائنهم وترك أمرهم منا إليهم ‪ ,‬وتحديد الحدود بيننا وبينكم بمعاهدة ‪,‬‬
‫وإبعاد الدارسإة بالحل المقرر ومسألة نجرانا بأي حال من الحوال ‪ ,‬وقد تقدمت الجنود متوكلة‬
‫على ا ‪ ,‬ونحن معذورونا في ذلك وباب السلم مفتوح متى أردتموه على الشروطا المذكورة أعله‬
‫( ‪.2‬‬

‫وقد بدأت حرب السإابيع السبعة عنيفة وخآاصة من جانب الجيش السعودي ‪ ,‬وفي أوائل محرما‬
‫‪1353‬هـ اسإتولى المير فيصل بن عبد العزيز الذي أسإندت إليه قيادة تهامة على ميدى والزهرة‬
‫وابن عباس وما فيها من قلع وذخآائر ‪ ,‬ثم طالب أهل اللحية وجميع قبائل وادي مور من المير‬
‫فيصل التقدما لبلدهم فدخآلها وتراجعت قوات الماما بسرعة في سإائر تهامة ‪ ,‬ودخآل المير فيصل‬
‫الحديدة في ‪1353 /1 /21‬هـ ‪.‬‬

‫وقد اسإتطاع المير سإعود بن عبد العزيز الذي أسإندت إليه قيادة نجرانا أنا يصل بسهولة إلى باقم‬
‫أول قرية هامة على الطريق الرئيسي إلى صنعاء ‪.3‬‬

‫وفي ‪ 12‬ابريل ‪1934‬ما أرسإل الماما يحيى حميد الدين برقية إلى الملك عبد العزيز يطلب الهدنة‬
‫قال فيها ‪ " :‬يكفي ما قد كانا ونعوذ بال من شرور المتربصين بالسإلما الدوائر لتحقيق‬
‫مطامعهم ‪,‬بلد ياما تحت حكمهم ‪ ,‬وقد أمرنا برفع جندنا من بلد نجرانا ‪ ,‬وتفضلوا بطلب السيد‬
‫عبد ا بن الوزاير إلى حضرتكم لسإتكمال المعاهدة الخآوية عافاكم ا " ‪.‬‬

‫ويتضح أنا الماما قد أصدر أوامره لقواته بالجلء عن نجرانا وقد حدد الملك عبد العزيز عدة‬
‫شروطا لعلنا الهدنة تتضمن الجلء عن نجرانا ‪ ,‬تسليم الرهائن من القبائل لدى الماما ‪ ,‬تسليم‬
‫الحسن الدريسي طابقا لمعاهدة العرو سإنة ‪1931‬ما ‪ ,‬ولتحقيق تنفيذ هذه الشروطا فإنا الملك عبد‬
‫العزيز لم يتوقف عن الحرب بل واصلت قواته زاحفها وتقدمها فاسإتطاع إتماما احتلل نجرانا‬
‫ودخآول ميناء ميدى على الحدود ‪ ,‬وفي أوائل مايو لعاما ‪1934‬ما دخآلت القوات السعودية اللحية ثم‬
‫الحديدة وفي ‪ 4‬مايو من نفس العاما دخآلت القوات السعودية الحديدة بدونا حرب ‪ ,‬وبعد هذه‬
‫النتصارات وجدت القوات السعودية نفسها على أبواب صعده المركز الزيدي الهاما جبهة نجرانا‬
‫وعلى أبواب صنعاء نفسها في جبهة تهامة ‪.‬‬

‫‪ 1‬إبراهيم عبد ا آل خآميس _ أسإود آل سإعود _ ص ‪198‬‬


‫‪ 2‬أحد عسه _معجزة فوق الرمال _ ص ‪115‬‬
‫‪ 3‬مقبل عبد العزيز الذكير _ حوادث عسير واليمن والحجازا _ ورقة ‪19‬‬
‫مقبل عبد العزيز الذكير _ العقد الممتازا في أخآبار تهامة والحجازا _ ورقة ‪.66‬‬

‫‪30‬‬
‫وفي الثاني عشر من مايو ‪1934‬ما وافق الملك عبد العزيز على وقف القتال ‪ ,‬وبعد الهزيمة التي‬
‫أنزلتها القوات السعودية بجيش الماما يحيى و اسإتعادة نجرانا ومرتفعات عسير وتوغلها داخآل‬
‫الحدود اليمنية أسإرع الماما إلى طالب الصلح فعقدت معاهدة الطائف الشهيرة لعاما ‪1934‬ما ‪.‬‬
‫لتنتهي حرب السإابيع السبعة بمعاهدة الطائف لتمهد لعلقات جديدة بين الدولتين ‪.‬‬

‫وتمثل المعاهدة أهمية كبيرة في تاريخ العلقات بين المملكة العربية السعودية واليمن حيث‬
‫اسإتقرت العلقات بين الدولتين بأسإلوب الصداقة وتعتبر الطاار القانوني لوضع الحدود بين‬
‫الدولتين ‪.1‬‬

‫‪ 1‬د ‪ .‬عيد مسعود الجهني _ الحدود والعلقات السعودية اليمنية ص ‪242 /237‬‬

‫‪31‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫معاهدة‬
‫الطائف‬

‫المبحث الوأل‬
‫قراءة لحكام وأماهية معاهدة الطائف‬

‫المطلب الوأل ‪:‬‬


‫معاهدة أخوة وأصداقة ‪:‬‬

‫تعتبر معاهدة الطائف من حيث موضوعها معاهدة صداقة وأخآوة إسإلمية تتناول إنهاء‬
‫الحرب والعتراف المتبادل بين الدولتين ووضع الحدود بينهما كما تطرقت المعاهدة إلى‬
‫التصالت والعلقات القتصادية بين الدولتين ‪.‬‬

‫وقد نصت المادة الولى على أنا تنتهي حالة الحرب القائمة بين المملكة العربية السعودية‬
‫ومملكة اليمن بمجرد التوقيع على هذه المعاهدة ‪ ,‬وتنشأ فورا بين الملكين وبلديهما وشعبيهما‬

‫‪32‬‬
‫حالة سإلم دائم وصداقة وطايدة وأخآوة إسإلمية عربية دائمة ل يمكن الخآلل بها جميعا أو ببعضها‬
‫وحل المنازاعات بروح الود والخآاء السإلمي العربي في سإائر المواقف والحالت ‪.‬‬

‫ونصت المادة الثانية على اعتراف كل من الدولتين باسإتقلل كل من المملكتين اسإتقلل‬


‫تاما مطلقا وبملكيته عليها وأنا يسقط كل منهما أي حق يدعيه في قسم أو أقساما من بلد الخآر‬
‫خآارج الحدود القطعية المبينة في صلب المعاهدة وأنا جللة الملك عبد العزيز يتنازال بهذه‬
‫المعاهدة عن أي حق يدعيه من حماية من حماية أو احتلل أو غيرهما في البلد التي هي بموجب‬
‫هذه المعاهدة تابعة لليمن من البلد التي كانت بيد الدارسإة وغيرها ‪ .‬كما أنا جللة الماما يحيى‬
‫يتنازال بموجب هذه المعاهدة عن أي حق يدعيه باسإم الدولة اليمانية أو غيرها في البلد التي‬
‫بموجب هذه المعاهدة تابعة للسعودية من البلد التي كانت بيد الدارسإة أو آل عائض أو نجرانا‬
‫أو بلد ياما ‪.1‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬‬


‫قراءة لحكام معاهدة الطائف ‪:‬‬

‫معاهدة الطائف هي معاهدة تمثل حجر الزاوية في ترسإيم الجانب الكبر من الحدود‬
‫اليمنية السعودية وأسإتعرض في هذه المطلب المعاهدة من الناحيتين الشكلية والموضوعية ‪.‬‬

‫من الناحية الشكلية نلحظ أنا هذه المعاهدة طاويلة إلى حد كبير فالمعاهدة قد تضمنت‬
‫كثير كثيرا من النقاطا والموضوعات التي كانا يمكن وضعها في اتفاقيات أو برتوكولت ملحقة ‪,‬‬
‫فتحديد الحدود مثل من المور الهامة التي يجب النص عليها في المعاهدة ولكن ينبغي أل تذكر‬
‫في صلب المعاهدة نفسها ويمكن إرجاع هذا النقص في الناحية الشكلية إلى أنا الدولتين حديثتا‬
‫عهد بشؤونا العلقات الخارجية والمور الدبلوماسإية ‪.2‬‬

‫وبتحليل الناحية الموضوعية يتبين لنا أنها تضمنت آثارا هامة وخآطيرة على رأسإها‬
‫خآروج نجرانا وعسير من اليمن ‪ ,‬والمعاهدة عنيت بتحديد الحدود بشكل كامل ودقيق حتى ل‬
‫يكونا هناك أدنى مجال لثارة المشاكل ‪ ,‬والمعاهدة لم تقتصر على تنظيم الحدود بل امتدت‬
‫وشملت جميع أوجه العلقات بين البلدين الشقيقين فبالضافة إلى الجوانب المنية في المعاهدة‬
‫نظمت الجوانب القتصادية بما يحقق مصلحة الشعبين ‪.‬‬

‫وتناولنا في المطلب الول المادتين ‪ 1‬و ‪ 2‬من المعاهدة تعليقا ونتكلم النا عن بقية المواد‬
‫المهمة الواردة في المعاهدة ‪.‬‬

‫فتناولت المادة الرابعة من المعاهدة تنظيم الحدود بين البلدين بشكل تفصيلي ‪ ,‬حيث يبدأ‬
‫خآط الحدود بين المملكتين اعتبارا من النقطة الفاصلة بين ميدى والموسإم على سإاحل البحر‬
‫الحمر إلى جبال تهامة في الجهة الشرقية ‪ ,‬ثم يرجع شمال إلى أنا ينتهي إلى الحدود الغربية‬
‫الشمالية التي بين بني جماعة ومن يقابلهم من جهة الغرب والشمال ‪,‬ثم ينحرف إلى جهة الشرق‬
‫إلى أنا ينتهي إلى مابين حدود نقعة ووعار التابعتين لقبيلة وائلة وبين حدود ياما ‪ ,‬ثم ينحرف إلى‬
‫أنا يبغ مضيق مروانا وعقبة رفادة ثم ينحرف إلى جهة الشرق حتى ينتهي إلى أطاراف الحدود‬
‫‪ 1‬د عيد مسعود الجهني _ الحدود والعلقات السعودية اليمنية ص ‪.244‬‬
‫‪ 2‬سإيد مصطفى سإالم _تكوين اليمن الحديث _ ص ‪424‬‬

‫‪33‬‬
‫بين من عداياما من همدانا بن زايد وائلى وغيره وبين ياما فكلما عن يمين الخط المذكور الصاعد‬
‫من النقطة المذكورة التي على سإاحل البحر إلى منتهى الحدود في جميع جهات الجبال المذكورة‬
‫فهو من المملكة اليمنية ‪ ,‬وكل ماهو عن يسار الخط المذكور فهو من المملكة العربية السعودية ‪,‬‬
‫وكل ما هو بين الجهات المذكورة وما يليها مما لم يذكر اسإمه في المعاهدة وكانا مرتبطا ارتباطاا‬
‫فعليا أو تحت ثبوت يد المملكة اليمانية قبل سإنة ‪1352‬هـ وكانا في جهة اليمين فهو من اليمن ‪,‬‬
‫وما هو من جهة اليسار بين الجهات المذكورة في المعاهدة وما يليها ولم يذكر اسإمه مما كانا‬
‫مرتبطا ارتباطاا فعليا أو تحت ثبوت يد السعودية قبل سإنة ‪1352‬هـ فهو من السعودية‪. 1‬‬

‫ونظرا لرغبة الدولتين في دواما اللم والطمأنينة والسكونا فقد نصت المادة الخامسة على‬
‫أنا يتعهد الطرفانا بعدما إحداث أي بناء محصن في مسافة خآمسة كيلو مترات في كل جانب من‬
‫جانبي الحدود في كل المواقع والجهات على طاول الحدود ‪.‬‬

‫وفي المادة الثامنة تعهد كل من الطرفين تعهدا متقابل بأنا يمتنعا عن اللجوء إلى القوة‬
‫لجل المشكلت بينهما سإواء كانا منشؤها هذه المعاهدة أو سإبب آخآر وفي حالة تعذر التوفيق‬
‫بينهما يلجأ إلى التحكيم ‪.‬‬
‫وأوضحت المادة السابعة عشرة أنه في حال حصول اعتداء خآارجي على أحد الطرفين‬
‫يكونا على الطرف الخآر الوقوف على الحياد التاما سإرا وعلنا والمعاونة الدبية والمعنوية‬
‫الممكنة ‪ ,‬وعدما تعضيد المعتدي الخارجي ‪.‬‬

‫ونصت المادة الثامنة عشرة أنه في حالة الفتن والعتداءات الداخآلية في بلد أحد‬
‫الطرفين يتعهد تعهدا متقابل بعدما تمكين المتعهدين أو الفارين من السإتفادة من أراضيه ‪ ,‬ومنع‬
‫اللجئين منهم الدخآول في بلده وتسليمهم أو طاردهم ‪ ,‬ويمنع رعاياه من الشتراك مع المعتدين أو‬
‫تشجيعهم كما يمنع المدادات عنهم ‪.‬‬

‫وفي المادة الثانية والعشرونا نص على سإريانا هذه المعاهدة لمدة عشرين سإنة قمرية‬
‫تامة على أنه يمكن تجديدها أو تعديلها خآلل الستة أشهر التي تسبق تاريخ انتهاء مفعولها ‪ .‬فإنا لم‬
‫تجدد أو تعدل في ذلك التاريخ تظل سإارية المفعول إلى ما بعد سإتة أشهرمن إعلنا أحد الفريقين‬
‫رغبته في التعديل ‪.‬‬

‫والجدير بالذكر أنا المعاهدة نصت في المادة الثامنة منها على اللجوء إلى التحكيم في‬
‫حالة عدما إمكانا التوفيق بين الطرفين بالمراجعات الودية ‪ ,‬وقد نص على عهد التحكيم في ملحق‬
‫مرفق بالمعاهدة يوضح شروطاه وكيفية طالبه وحصوله ونص على أنا يكونا لهذا الملحق نفس‬
‫القوة والنفوذ اللذين لهذه المعاهدة ويحسب جزءا منها وبعضا متمما للكل فيها ‪.‬‬

‫*ملحظات على المعاهدة ‪:‬‬

‫‪ /1‬أنا المعاهدة نصت في المادة الثامنة على عدما اللجوء إلى القوة لحل المشكلت‬
‫بينها سإواء تعلقت تلك المشكلت بالمعاهدة أو ما يستجد منها ‪ ,‬إل أنا الواقع ومنذ‬

‫‪ 1‬د ‪ .‬عيد مسعود الجهني _ الحدود والعلقات السعودية اليمنية _ ص ‪246‬‬

‫‪34‬‬
‫إبراما المعاهدة شهد عدة تحركات عسكرية على الحدود المشتركة تتحول إلى‬
‫اشتباكات عسكرية بين الجانبين ‪.‬‬

‫‪ /2‬أنا المادة الثانية عشرة نصت على أنا كل جهة من الجهات التي صارت بموجب‬
‫هذه المعاهدة إلى الفريق الخآر رعيه لذلك الفريق ‪ ,‬ورغم أنه ليس هناك عرف دولي‬
‫قد اسإتقر على ضرورة اسإتفتاء سإكانا القليم المتنازال عنه لخآتبار الجنسية التي‬
‫يرغبونا في التمتع بها إل أنه في اعتقادي انه ل ينبغي ترك مسألة السإتفتاء للرادة‬
‫المطلقة للدولة المتنازال لها عن الجزء من القليم إنا شاءت أعملته وإنا شاءت‬
‫تجاهلت أجرائه بل يجب النص عليه خآاصة بعد أنا صار مبدأ حق تقرير المصير من‬
‫القواعد المرة في القانونا الدولي ‪.‬‬

‫‪ /3‬الملحظة الثالثة وإنا كانت ل تتصل بالمعاهدة ذاتها ولكنها تتصل بها فمن‬
‫الملحظ أنا السإلوب الذي اتبعه الطرفانا في حل المشكلة إلى النا لم يتجاوزا‬
‫المفاوضات الثنائية وإنا كانت لها ميزتها في تضييق شقة الخلف بترك المر‬
‫للجانبين دونا تدخآل طارف ثالث إل أنا الحاجة في بعض الحيانا تدعو إلى السإتعانة‬
‫بالوسإائل القانونية الخآرى لتسوية النزاعات مثل التحكيم لتحقيق الفصل في النزاع‬
‫الذي طاال أمده ‪ ,‬خآاصة وأنا التحكيم قد نص عليه في المعاهدة لحل النزاع بينهما ‪.‬‬

‫‪ /4‬أنه ل يمكن القول أنا المعاهدة بصياغتها التي وضعت بها تساهم في إقامة حدود‬
‫ثابتة ونهائية للبلدين حيث نلحظ أنه بالنظر إلى المادة الثانية والعشرين من المعاهدة‬
‫التي تنص أنا المعاهدة تظل سإارية المفعول مدة عشرين سإنة قمرية تامة ويمكن‬
‫تجديدها أو تعديلها خآلل الستة أشهر التي تسبق تاريخ انتهاء مفعولها فإنا لم تجدد أو‬
‫تعدل في ذلك التاريخ تظل سإارية المفعول إلى ما بعد سإتة أشهر من إعلنا أحد‬
‫المتعاقدين رغبته في التعديل ‪.‬‬
‫وعلى ذلك فالمعاهدة ل تعتبر نهائية وبالتالي فإنا الحدود ل تعتبر نهائية وثابتة‬
‫فمجرد كونا المعاهدة قابلة للتجديد كل عشرين عاما ل يسمح بالقول بأنا الحدود‬
‫السعودية اليمنية تتميز بالنهائية والثبات ‪ .‬ومن ثم فل يكونا للجانب السعودي أنا‬
‫يحتج بمبدأ ثبات الحدود ونهائيتها في التسوية السليمة للحدود اليمنية السعودية ‪.‬‬

‫وبغض النظر علن صفة التأقيت في المعاهدة فإنا النظر إلى الظروف التي صاحبت‬
‫إبراما المعاهدة يجعل من الصعب الخآذ بهذا المبدأ في حالة الحدود اليمنية السعودية‬
‫لنا تطبيق المبدأ يفترض أنا يقوما تحديد الحدود على أسإاس صحيح‪. 1‬‬

‫‪ 1‬زاهوة علي أبي بكر السقاف _ مبدأ ثبات الحدود ونهائيتها والحدود اليمنية السعودية _ص ‪71/75‬‬

‫‪35‬‬
‫المبحث الثاني‬
‫الحكام القانونية التي تثيرها معادة الطائف‬

‫المطلب الوأل ‪:‬‬


‫الظروأف الملبسة لبرام المعاهدة ‪:‬‬

‫كثير من المعاهدات الدولية والمهمة منها بالذات مثل معاهدات الحدود ومعاهدات‬
‫السلما ل تبرما في ظروف عادية ‪ ,‬وإنما تصاحبها غالبا أحداث جساما ومؤثرات قد‬
‫تكونا سإابقة أو معاصرة لبرامها ‪ ,‬وأخآذ هذه الظروف في العتبار يعين المفسر‬
‫على فهم المعنى الصحيح للنصوص ‪.1‬‬

‫* معنى الظروف الملبسة لبراما المعاهدة ‪:‬‬

‫يقصد بها الطاار التاريخي الذي يشكل مجمل الحداث والوقائع والحوال السياسإية‬
‫والقتصادية والعسكرية ‪ ,‬التي حملت الطاراف على إبراما المعاهدة بغية تثبيت أو تأكيد المر‬
‫الواقع أو أحداث أملتها الضرورة الناجمة عن هذه الظروف ‪.2‬‬

‫وهذه الظروف قد تكونا مؤثرة بالنسبة للطرفين أو جميع الطاراف في المعاهدة كأنا‬
‫تكونا ظروف عقائدية أو سإياسإية أو اقتصادية أو اجتماعية مارسإت تأثيرها على مواقف الدول في‬
‫شتى المجالت المختلفة للعلقات الدولية مثل انتماء هذه الدول إلى جماعة إقليمية معينة أو بينها‬
‫روابط مشتركة أو أحوالها متقاربة ولها الرغبة في الظهور في المجتمع الدولي بمظهر واحد ‪.‬‬

‫مثال ‪ :‬معاهدة الطائف التي أبرمت بعد مواجهة عسكرية بين القوات اليمنية والقوات‬
‫السعودية كانت الغلبة فيها للسعودية بسبب فارق العتاد والخبرة العسكرية والحصول على‬
‫المعونة البريطانية ‪ ,‬وخآوفا من سإيطرة القوات السعودية على مزيد من الراضي اليمنية قبل‬
‫الماما يحيى وقف القتال والدخآول في مفاوضات نتجت عنها معاهدة الطائف ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬‬


‫مدى وأنطاق هذه الظروأف وأتطبيقاتها القضائية ‪:‬‬

‫إنا الحاطاة بالظروف الملبسة لبراما المعاهدة باعتبارها عوامل ضاغطة على أطاراف‬
‫المعاهدة ‪ ,‬فهذه الحاطاة ل تقتصر على تلك الظروف التي صاحبت البراما بل ينبغي بحث‬
‫الظروف السابقة أي البحث العاما وقراءة تاريخ المعاهدة وصول إلى تحديد المدى والنطاق‬
‫الشمل لنصوصها ‪.‬‬

‫وبناء عليه ‪ ,‬فإنا لجوء القاضي إلى بحث ظروف أسإبق على تلك الظروف المشار إليها‬
‫ليس أمرا ممنوعا وإنما هو مباح للوصول إلى فهم أعمق للمعاهدة ‪.3‬‬
‫‪ 1‬علي إبراهيم _ الوسإيط في المعاهدات الدولية _ ص ‪1420‬‬
‫‪ 2‬علي إبراهيم _ مرجع سإابق _ ص ‪1421‬‬
‫‪ 3‬زاهوة علي بن أبي بكر السقاف _ مبدأ ثبات الحدود ونهائيتها والحدود السعودية اليمنية _ ص ‪78 /77‬‬

‫‪36‬‬
‫المبحث الثالث‬
‫الوضع القانوني لمعاهدة الطائف‬
‫المطلب الوأل ‪:‬‬
‫القوة الملزمة لمعاهدة الطائف‪:‬‬

‫تم إبراما معاهدة الطائف والتوقيع عليها من جانب ممثلي المملكة العربية السعودية واليمن‬
‫واسإتكملت بذلك أوضاعها المقررة في القانونا الدولي ‪ ,‬وأصبحت بالتالي ملزمة للطرفين ‪,‬‬
‫وتستمد المعاهدة قوتها الملزمة من الرضا المتبادل بين طارفيها وفق إرادة حرة لم يشبها إكراه أو‬
‫غش وتوفر للمعاهدة أهلية التعاقد علوة على مشروعية موضوع التعاقد فاسإتوفت جميع‬
‫شروطاها طابقا للقانونا الدولي وأصبحت أحكامها ملزمة للدولتين السعودية واليمنية ‪.‬‬

‫فالمعاهدات المبرمة إبراما صحيحا تاما تلزما جميع الدول التي أبرمتها في كل ما جاء‬
‫فيها تطبيقا للقاعدة العامة التي تنص بتقيد المتعاقد بتعاقده ‪ ,‬وطابقا للقانونا الدولي ينبغي تنفيذ‬
‫المعاهدات بحسن نية بصرف النظر عن تغير الحكومات أو تقلب الوضاع الداخآلية إل أنا الفقهاء‬
‫أجازاوا تحلل الدولة الخلف من بعض التبعات والتفاقيات السياسإية والقتصادية التي أبرمتها‬

‫‪37‬‬
‫الدولة السلف إل أنا الشيء الذي ل يجوزا القداما عليه على الطالق هو التحلل من المعاهدات أو‬
‫التفاقيات الدولية المتعلقة بالحدود ‪.‬‬

‫وأشير إل أنا معاهدة الطائف والتي عالجت النزاع السعودي اليمني تلتزما بها المملكة‬
‫باعتبارها حجر السإاس في التعامل مع أية حكومة تضطلع بمسؤولية الحكم في اليمن في اليمن‬
‫مهما كانا نوعها ‪ ,‬وبالتالي فإنا أي إخآلل لبند من بنود المعاهدة يعد خآرقا فاضحا لقواعد القانونا‬
‫الدولي ورغم ما ينشر من دعايات مغرضة فقد التزمت اليمن بتجديد معاهدة الطائف إذ جددت في‬
‫العهد الملكي وفي العد الجمهوري ‪.1‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬‬


‫أهمية معاهدة الطائف في القانون الدوألي ‪:‬‬

‫اكتسبت المعاهدات الدولية في الحقبة الحالية من تاريخ العلقات الدولية أهمية متزايدة‬
‫في النظاما القانوني الدولي ‪.‬‬

‫وقد أقامت معاهدة الطائف قواعد ثابتة وأسإس متينة لعلقات البلدين بعضهما ببعض‬
‫وتعتبر أول عمل في سإبيل الوحدة العربية التي قامت صروحها على أسإاس من اليمانا‬
‫والخآلص ‪.2‬‬

‫وقد حسمت المعاهدة بشكل نهائي وقاطاع كل المشاكل الخاصة بالحدود المتنازاع عليها‬
‫بين المملكة واليمن كما أنا التصديق عليها وإعلنها في كل من مكة والقاهرة وصنعاء ودمشق‬
‫في وقت واحد أعطى للمعاهدة طاابعا دوليا وإطاارا قانونيا ملزما حيث شهدت وفود عربية على‬
‫صحة ما اتفق عليه من كل من محمد علي علوبة ممثل عن مصر ‪ ,‬هاشم التاسإي ممثل عن‬
‫سإوريا ‪ ,‬شكيب أرسإلنا ممثل عن لبنانا ‪ ,‬وأمين الحسيني ممثل عن فلسطين ‪ ,‬وتبعا لذلك فإنا‬
‫اتفاقية الطائف هي الطاار القانوني للعلقات السعودية اليمنية من أجل قياما علقة أخآوية بين‬
‫البلدين ‪.3‬‬

‫المطلب الثالث ‪:‬‬


‫طبيعة معاهدة الطائف ‪:‬‬

‫يذهب الشراح في تقسيم المعاهدات وتصنيفها مذاهب شتى تبعا لعدد الدول المساهمة فيها‬
‫إلى معاهدات ثابتة أو خآاصة ومعاهدات جماعية أو عامة ومنها تقسيمها تبعا لمدتها إلى معاهدات‬
‫محددة المدة أو مؤقتة ومعاهدات غير محددة المدة أو مستديمة ‪ ,‬ومنها تقسيمها تبعا لطبيعتها إلى‬
‫معاهدات شارعه ومعاهدات عقدية ‪ ,‬ومنها تقسيمها تبعا لموضوعها لمعاهدات سإياسإية ومعاهدات‬
‫اجتماعية أو اقتصادية ‪ ,‬إلى غير ذلك من التقسيمات ‪.‬‬

‫ومعاهدة الطائف تبعا لذلك معاهدة ثنائية بين المملكة العربية السعودية واليمن ‪ ,‬وهي‬
‫معاهدة عقدية تبعا لطبيعتها ‪ ,‬ومن حيث موضوعها فهي معاهدة سإياسإية واقتصادية ‪.4‬‬

‫‪ 1‬عيد مسعود الجهني _ مرجع سإابق _ ص ‪270 /269‬‬


‫‪ 2‬مشاري بن سإعود بن عبد العزيز آل سإعود _ مرجع سإابق _ ص ‪184‬‬
‫‪ 3‬عيد مسعود الجهني _ مرجع سإابق _ ص ‪276 / 275‬‬
‫‪ 4‬عيد مسعود الجهني _ مرجع سإابق _ ص ‪276‬‬

‫‪38‬‬
‫المطلب الرابع ‪:‬‬
‫انعقاد معاهدة الطائف ‪:‬‬

‫تنعقد المعاهدة صحيحة إذا توافرت فيها شروطا أهلية التعاقد والرضا ومشروعية‬
‫موضوع التعاقد ‪.‬‬

‫* أهلية التعاقد ‪:‬‬

‫يجمع الفقه على أنا للدول أهلية إبراما المعاهدات وأنا ذلك يعد مظهرا هاما من مظاهر‬
‫تمتعها بالشخصية القانونية الدولية ‪ ,‬ولقد قننت المادة السادسإة من معاهدة فينا الخاصة بقانونا‬
‫المعاهدات هذا التجاه فنصت على أنا ) لكل دولة أهلية إبراما المعاهدات ( ‪ ,‬وإبراما المعاهدات‬
‫مظهر من مظاهر سإيادة الدولة وعلى ذلك يكونا للدولة تامة السيادة كامل الهلية لعقد المعاهدات‬
‫أيا كانا نوعها أما الدول ناقصة السيادة فأهليتها لبراما المعاهدات ناقصة أو منعدمة وفقا لما‬
‫تتركه لها علقة التبعية من الحقوق ‪ ,‬وأما أي السلطات في الدولة تملك إبراما المعاهدات فهذا ما‬
‫يحدده القانونا السإاسإي لكل دولة‪. 1‬‬

‫* الرضا ‪:‬‬

‫والمعاهدات ل تنعقد صحيحة إل بتوافر الرضا التاما لدى كل من الدول المشتركة فيها وقياما‬
‫الرغبة الحرة لديها باللتزاما بما فيها ‪ ,‬وإذا عاب الرضا خآطأ أو غش أو إكراه أثر ذلك على‬
‫صحة المعاهدة وكانا للدولة التي تشكو من أحد العيوب أنا تعتبرها باطالة أو تطالب ببطلنها ‪.‬‬
‫ومن الثابت أنا العيوب المفسدة للرضا ليس فيها في محيط العلقات الدولية من المدى والثر‬
‫مالها في دائرة العلقات الخاصة ليضاح مؤدى ذلك تحسن التفرقة بين الخطأ والغش من ناحية‬
‫والكراه من ناحية أخآرى ‪.‬‬

‫وإذا نظرنا إلى المور من الناحية العملية لتبين لنا انه يصعب قياما الغش والخطأ بالنسبة‬
‫للمعاهدات في تماما إبرامها ‪ ,‬إذ هي ل تبرما في صفة نهائية إل بعد الدرس والفحص والتمحيص‬
‫والمناقشة في كل دقيقة من دقائقها ‪ ,‬ومن الممكن غالبا تبين الخطأ إنا وجد أيهما قبل المرحلة‬
‫الخآيرة التي تصبح بعدها المعاهدة ملزمة وتلفي المر في الوقت المناسإب ‪.‬‬

‫وهذا ما يتضح في الملحق الثاني لمعاهدة الطائف والذي تضمن أنه ) نظرا لنه تحقق الغلط فيما‬
‫عملته الهيئتانا بوضعها العلم الحادي عشر رأس عقبة نهوقة ‪ ,‬وحيث أنا عقبة نهوقة تابعة للملكة‬
‫اليمانية المتوكلية بموجب نص المادة الرابعة من معاهدة الطائف فالعلم الفاصل الذي يكونا‬
‫اعتباره فاصل بين المملكتين وذلك المحل يوضع تحت عقبة نهوقة ولجل إزاالة الغلط والتصحيح‬
‫بموجب نص المعاهدة حررنا هذا ( ‪.2‬‬

‫* مشروعية موضوع المعاهدة ‪:‬‬


‫‪ 1‬عبد مسعود الجهني _ مرجع سإابق _ ص ‪277‬‬
‫‪ 2‬مجموعة المعاهدات _ وزاارة الخارجية السعودية _ ص ‪193‬‬

‫‪39‬‬
‫يجب لصحة انعقاد المعاهدة أنا يكونا موضوعها مشروعا وجائزا ‪ ,‬لقد قرر ميثاق المم المتحدة‬
‫في المادة ‪ 103‬أنه ) إذا تعارضت اللتزامات التي يرتبط بها أعضاء المم المتحدة وفقا لهذا‬
‫الميثاق مع أي التزاما دولي آخآر يرتبطونا به فالعبرة بالتزاماتهم المترتبة على هذا الميثاق (‪.‬‬

‫وبتطبيق هذه الشروطا التي يقررها القانونا الدولي لنعقاد المعاهدة الصحيحة نجد أنها جميعا‬
‫تتوفر في معاهدة الطائف من حيث صحة أهلية التعاقد بين دولتين كاملتي السيادة وانعقاد المعاهدة‬
‫بالرضا الكامل ولم يشبها أي عيب من العيوب إلى جانب مشروعية موضوع المعاهدة ‪.1‬‬

‫* التصديق على المعاهدة ‪:‬‬

‫التصديق هو قبول المعاهدة رسإميا من السلطة التي تملك عقد المعاهدات عن الدولة والتصديق‬
‫عمل من خآصائص السلطة التنفيذية يتولها رئيس الدولة ‪.‬‬
‫وقد تم التصديق على معاهدة الطائف من الملك عبد العزيز والماما يحيى ملك اليمن ‪.‬‬

‫وحيث أنا معاهدة الطائف اسإتكملت جميع الشروطا التي يستلزمها القانونا الدولي فقد أصبح‬
‫للمعاهدة وجود قانوني وتلتزما بها الدولتانا ‪.‬‬

‫ودخآول المعاهدة في دول التنفيذ وانعقادها يخضعانا خآضوعا تاما لرادة أفرادها ‪ ,‬وكذلك المر‬
‫في كل ما يتعلق بما يرد فيها من أحكاما ‪.2‬‬

‫المطلب الخامس ‪:‬‬


‫أثر التغيرات التي تطرأ على الدوألة في نفاذ المعاهدة ‪:‬‬

‫دولة اليمن حصل بها تغييرات داخآلية ‪ ,‬وتناولت هذه التغيرات نظاما الحكم الداخآلي حيث تحول‬
‫نظاما الحكم من ملكي إلى جمهوري ‪ ,‬كما تناول التغيير القليمي بقياما اتحاد بين جمهوريتي‬
‫اليمن ‪ ,‬فالتغيير الذي يصيب نظاما الحكم الداخآلي ل يؤثر في شخصية الدولة ول في مركزها‬
‫الخارجي كعضو في جماعة الدول ‪ ,‬وكل ما هناك أنه على الدولة إبلغ الدول الخآرى بما حدث‬
‫بما حدث فيها من تغييرات حتى تعترف بالحكومة الجديدة وحتى يكونا اتصالها بالدولة عن‬
‫طاريق هذه الحكومة التي تبقى ملتزمة بجميع تعهدات الحكومة السابقة عليها لنا هذه الحكومات‬
‫كانت تعمل باسإم الدولة ول يؤثر في التزامات الدولة تغيير الهيئة التي تتولى شؤونها ‪.‬‬
‫وبالنسبة لقياما التحاد بين اليمن الشمالي واليمن الجنوبي فإنا اتفاقية فينا نصت في المادة )‪(11‬‬
‫تحت عنوانا ) نظم الحدود ( على ما يلي ‪:‬‬
‫ل تؤثر خآلفة الدول في حد ذاتها على ‪:‬‬
‫‪ /1‬الحدود المقررة بمعاهدة ‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪ /2‬اللتزامات والحدود المقررة بمعاهدة والمتعلقة بنظاما الحدود ‪.‬‬

‫‪ 1‬عبد مسعود الجهني – مرجع سإابق _ ص ‪280‬‬


‫‪ 2‬عيد مسعود الجهني _ مرجع سإابق _ ص ‪281‬‬
‫‪ 3‬عبد مسعو الجهني _ مرجع سإابق _ ص ‪282‬‬

‫‪40‬‬
‫المبحث الرابع‬
‫التطورات اللحقة لمعاهدة الطائف‬

‫المطلب الوأل ‪:‬‬


‫قيام النظام الجمهوري اليمني ‪:‬‬

‫بعد اتفاقية الطائف سإاد جو من الهدوء بين صنعاء والرياض اتسمت العلقات فيها بالخآوة ‪ ,‬لكن‬
‫هذه العلقات شهدت منعطفا خآطيرا بعد تفجر الثورة اليمنية عاما ‪1962‬ما فمنذ اللحظات الولى‬
‫للثورة وقفت السعودية موقفا عدائيا منها وهذا الموقف السعودي من الثورة يتفق وطابيعة النظاما‬
‫الذي كانا يخشى من اتجاه الثورة ناحية الشمال ‪ ,‬فبدأت أجهزة العلما السعودية تندد بالنظاما‬
‫الجديد وتحض الشعب على مقاومته وقامت بإنشاء محطة إذاعية للملكيين‪. 1‬‬

‫واعترفت مصر بالنظاما الجمهوري باليمن ليصبح أول اعتراف دولي بها ‪ ,‬فقد قوبل سإقوطا الماما‬
‫بارتياح كبير لدى القيادة المصرية ‪ ,‬واعتبارا من ‪ 28‬سإبتمبر ‪1962‬ما بدأت الطائرات المصرية‬
‫تصل إلى اليمن حاملة الجنود المصريين والمعدات العسكرية ‪.‬‬

‫‪ 1‬زاهوة علي أبي بكر السقاف _ مرجع سإابق _ ص ‪84‬‬

‫‪41‬‬
‫ومما يجدر بي إيراده في هذا المطلب ما ذهب إليه الدكتور الوزاير غازاي القصيبي في كتابه حياة‬
‫في الدارة عندما ذهب في بعثة سإعودية لليمن حيث قال ) أدى سإفري إلى صنعاء على تحولي‬
‫بغتة ‪ ,‬من نظريات العلقات الدولية إلى واقعها الدامي ‪ ,‬كانت الطائرة " الكونفير " تهتز فوق‬
‫الجبال اهتزازا جعلنا ‪ ,‬عبد ا ) يقصد عبد ا السديري رئيس البعثة ( وأنا نعتقد أنا بعض‬
‫المواقع لم تتلق الرسإالة ‪ ,‬لفتت نظري فور وصولنا إلى مطار صنعاء تلك العداد الهائلة من‬
‫الطائرات الحربية المصطفة رتل خآلف رتل في المدرجات بعد خآروجنا من المطار قابلتنا‬
‫صفوف ل أول لها ول آخآر من الدبابات والمدرعات والسيارات العسكرية وأنواعها ‪ ,‬أمضت‬
‫السيارة وقتا طاويل هي مندفعة بسرعة كبيرة قبل أنا تجتازا كل الصفوف عند قياما ثورة اليمن في‬
‫سإنة ‪1962‬ما ) ‪1382‬هـ ( كنت مثل معظم الشباب العرب من جيلي وأوشك أنا أقول كلهم متحمسا‬
‫للثورة وللتدخآل المصري الذي تبعها ‪ ,‬عندما رأيت بعيني وما راءء كمن سإمعا ‪ ,‬هذه القوة‬
‫الضاربة الهائلة متمركزة في اليمن بعيدة كل البعد عن ميدانا المعركة الحقيقة في فلسطين أدركت‬
‫أنا هناك خآلل ما ل يمكن كائنة ما كانت السإباب والمبررات أنا يخوض أكثر من ثلث الجيش‬
‫المصري غمار حرب أهلية عربية ‪ .‬قال الرئيس عبد الناصر للملك فيصل أثناء توقيع اتفاقية‬
‫السلما في جده في خآريف سإنة ‪1965‬ما إنا أنور السادات هو الذي أقنعه بالتدخآل موضحا أنا‬
‫ظهور طاائرة واحدة كفيل بإفزاع " القبائل " وأضاف الرئيس المصري ضاحكا إنا على الملك‬
‫فيصل أنا بحاكم السادات باعتباره سإبب الكارثة ‪ .‬حقيقة المر ‪ ,‬كما يعرف الجميع ‪ ,‬أنه لم تكن‬
‫لحد في عهد الرئيس عبد الناصر كلمة بجانب كلمته ولم تكن لنور السادات بالذات كما يعرف‬
‫الجميع أي كلمة يبقى القرار في نهاية المطاف مسئولية القائد الذي اتخذه ومسئوليته وحده بصرف‬
‫النظر عن الراء التي اسإتمع إليها قبل اتخاذه إنا كانا قد اسإتمع على أراء أحد ( ‪.1‬‬

‫وقاومت القبائل الموالية للماما بدر النقلب العسكري مما اضطر حكومة النقلب العتماد على‬
‫القوات المسلحة المصرية لتأمين نظامها ‪ ,‬ومع التواجد العسكري المصري في اليمن كثفت‬
‫الطائرات المصرية غاراتها على المدنا السعودية المجاورة لليمن ‪ ,‬مما ألجأ المملكة إلى قطع‬
‫العلقات الدبلوماسإية مع مصر ‪ ,‬ومع مقاومة القبائل للنقلب وفشل وفود الجامعة العربية التي‬
‫زاارت كل من الرياض والقاهرة والردنا وصنعاء في البحث عن مخرج فزاد بالتالي اعتماد‬
‫حكومة صنعاء على القوات المصرية باعتبار الحل العسكري هو انجح الوسإائل لتأمين النظاما‬
‫بنظرهم ‪.‬‬

‫بعد اشتباكات عسكرية دموية ‪ ,‬رأى الجميع أهمية عقد مؤتمر وطاني ليجاد حل للوضاع وتم‬
‫عقد المؤتمر في ‪ / 2‬سإبتمبر ‪1963 /‬ما في مدينة عمرانا وكانا القرار الصادر عنه العمل على‬
‫تنقية المؤتمر من النحرافات وإعطاء المانا للفارين من اليمنيين وإعادة تنظيم أجهزة السلطة‬
‫وإنشاء جيش شعبي واحد وعودة المحاكم الشرعية ‪.2‬‬

‫وتتابعت المؤتمرات واللقاءات التي اسإتهدفت حل المشكلة وإيقاف الحرب الهلية فقعد مؤتمر‬
‫القمة العربية الول في القاهرة وقامت بعض الدول العربية ببذل المساعي من خآلله لحث أطارافه‬
‫على إنهائه ‪.‬‬

‫واقتضت الحرب الهلية إلى طالب المزيد من الدعم المصري ‪ ,‬وفي مؤتمر القمة الثاني اتفق‬
‫الرئيس جمال عبد الناصر مع المير فيصل بن عبد العزيز ولي العهد آنذاك على أنا تعقد‬
‫الطاراف المتنازاعة في اليمن مؤتمر لحل الخلف وانا يتحمل اليمنيونا حل مشكلتهم واخآتيار‬
‫الحكم الذي يرتضيه الشعب ‪.‬‬
‫‪ 1‬د‪ .‬غازاي عبد الرحمن القصيبي _ حياة في الدارة _ ص ‪47 /46‬‬
‫‪ 2‬أحمد جابر عفيف _ الحركة الوطانية في اليمن _ ص ‪343‬‬

‫‪42‬‬
‫وأكد هذا التفاق عقد لقاء بين الملكيين والجمهوريين لمناقشة الوضاع فتم اللقاء في آركويت‬
‫بالسودانا من ‪ 30‬أكتوبر إلى ‪ 2‬نوفمبر ‪1964‬ما ‪ ,‬فتم التفاق على وقف إطالق النار وعقد مؤتمر‬
‫موسإع بعد ذلك يحضره ممثل عن لسعودية وآخآر عن مصر فتم فعل وقف إطالق النار غل انا‬
‫المقررات الخآرى لم تتم للنقساما الحاد بين صفوف الجمهوريين وعدما توحدهم في أسإلوب‬
‫وطاريقة التعامل مع الجانب الملكي ‪.1‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬‬


‫مؤتمر الطائف ‪:‬‬

‫ترجع أهمية المؤتمر إلى جمعه بين مختلف الفعاليات السياسإية والقبلية في اليمن حيث ضم )‪(54‬‬
‫من علماء ومشايخ ورجال اليمن من الجانبين الملكي والجمهوري ‪ ,‬وقد ناقش أعضاء المؤتمر‬
‫الوضاع السيئة في اليمن واتخذ بشأنها عدة قرارات وتوصيات من أهمها التقيد بتعاليم الشريعة‬
‫وإفساح المجال أماما الشعب اليمني ليعلن عن إرادته وإقامة دولة في اليمن تحت مسمى ) الدولة‬
‫اليمنية السإلمية ( وطاالب المؤتمر بانسحاب القوات المصرية وإنهاء المساعدات السعودية‬
‫للملكيين فكانا لتوصيات المؤتمر شعبية كبيرة بين القبائل والشخصيات الهامة اليمنية ‪.‬‬

‫كما قرر المؤتمر ضرورة التهيئة لجراء اسإتفتاء عاما في اليمن ينبثق عنه الشكل النهائي للنظاما‬
‫السإاسإي للحكم ‪.2‬‬

‫المطلب الثالث ‪:‬‬


‫اتفاقية جادة ‪:‬‬

‫بعد انتصارات الملكيين وظهور عدما التماسإك بين الجمهوريين فكر الرئيس جمال عبد الناصر في‬
‫أنا يعمل حل للمشكلة اليمنية عن طاريق المفاوضات مع العاهل السعودي الملك فيصل فسافر إليه‬
‫شخصيا في جدة فأعلن الزعيمانا التوصل إلى اتفاقية جدة لنهاء الحرب في اليمن وتضمنت‬
‫شروطاها وقف إطالق النار على الفور وإنهاء المعونات السعودية للملكيين وإنهاء الوجود خآلل‬
‫عشرة أشهر من اليمن وإقامة حكومة محايدة واسإتفتاء عاما لتحديد وضع اليمن الدسإتوري على أنا‬
‫يتم التفاق على التفصيلت التنفيذية في اجتماع للتسوية بين التجاهات والحزاب اليمنية‬
‫المختلفة في حرض ‪ ,‬وتكوين قوة عسكرية مشتركة من السعودية ومصر لمنع أي انتهاك لوقف‬
‫إطالق النار ورحبت المم المتحدة ومعظم الدول بنتائج لقاء جدة وفي مقدمتها أمريكا والتحاد‬
‫السوفيتي والعراق والردنا وغيرها من الدول العربية والسإلمية لمنع أي انتهاك لوقف إطالق‬
‫النار ‪.‬‬

‫وكانت اتفاقية جدة في نظر معظم المراقبين السياسإيين والعسكريين انتصارا لوجهة النظر‬
‫السعودية التي تقول بضرورة النسحاب الفوري للقوات المصرية وإتاحة الفرصة لليمنيين لتقرير‬
‫مصيرهم بأنفسهم ‪.3‬‬

‫‪ 1‬عبد مسعود الجهني _ مرجع سإابق _ ص ‪286‬‬


‫‪ 2‬عبد مسعود الجهني _ مرجع سإابق _ ص ‪295‬‬
‫‪ 3‬عبد مسعود الجهني _ مرجع سإابق_ص ‪297‬‬

‫‪43‬‬
‫المطلب الرابع ‪:‬‬
‫مؤتمر حرض ‪:‬‬

‫بينما كانت السإتعدادات تتم لمؤتمر حرض تم احتجازا عبد ا السلل في القاهرة عاما ‪1965‬ما‬
‫على أنا ل يعود قبل أغسطس ‪1966‬ما فالسلل كانا يبدو دوما كدمية يحركها الرئيس عبد الناصر‬
‫كما انه خآلل لقاء جدة تضاءلت القاعدة الشعبية للسلل ‪.‬‬
‫وفعل عقد مؤتمر حرض في الموعد المحدد له وبحضور ممثلين عن السعودية ومصر وبمجرد‬
‫بدء جلسات المؤتمر ظهرت خآلفات كثيرة على السطح كانا من أهمها المسألة العددية لتمثيل‬
‫الوفدين في المفاوضات ومطالبة الملكيين بإلغاء النظامين الجمهوري والملكي وإقامة نظاما بديل‬
‫يسمى دولة اليمن بدل من جمهورية أو مملكة وبالرغم من الترتيبات وحسن النوايا السعودية‬
‫المصرية إل أنا المؤتمرين فشلوا فشل ذريعا ا في إكمال المؤتمر وانسحب معظم أعضاء الوفد‬
‫الجمهوري من المؤتمر فأوقف المؤتمر أعماله ‪.‬‬

‫ونتيجة لفشل المؤتمر بدأت العمليات العسكرية من جديد بين الطرفين المتنازاعين ‪ ,‬ولقد وصلت‬
‫الوضاع إلى حالة سإيئة وعرضت الحكومات العربية وسإاطاتها وبينما كانت جهود الوسإاطاة‬
‫السودانية قائمة اندلعت الحرب العربية السإرائيلية الثالثة ‪ ,‬وكانت نتائج حرب ‪1967‬ما المؤسإفة‬
‫هي التي دفعت أطاراف النزاع اليمني إلى نقاش خآلفاته في إطاار عربي وعقد مؤتمر طاارئ‬
‫للملوك والرؤسإاء العرب في الخرطاوما للنظر في الوضاع العربية بعد الهزيمة فتمكن الرئيس‬
‫عبد الناصر والملك فيصل من إيجاد حل لمشكلة اليمن وتوصل الطرفانا إلى اتفاقية والتي عرفت‬
‫فيما بعد باتفاقية الخرطاوما لكن عبد ا السلل رفض هذه المعاهدة على أسإاس أنها فرضت على‬
‫حكومته ورفض تنفيذها لكن بينما كانا في زايارة رسإمية للعراق وقع انقلب ضده وتولت حكومة‬
‫جديدة بقيادة القاضي الرياني فبدأت مرحلة جديدة وأدخآلت بعض العناصر الملكية إلى حكومته‬
‫تحت شعار المصالحة الوطانية وقبل بنود اتفاقية الخرطاوما ورحب بأعضاء اللجنة الثلثية التي‬
‫شكلت بموجب بنود هذه التفاقية مما سإاعد على تنقية الجواء وتهيئة ظروف المصالحة الوطانية‬
‫الشاملة في اليمن ومهد الطريق لجراء مفاوضات مباشرة بين الجمهوريين والملكيين بدونا أنا‬
‫يكونا هناك أي ضغوطا أو التزاما مسبق بمواقف الماما بدر وأسإرته ‪.2 1‬‬

‫‪ 1‬د‪ .‬سإعبد محمد باديب _ الصراع السعودي المصري حول اليمن _ ص ‪160 / 159‬‬
‫‪ 2‬د‪ .‬عيد مسعود الجهني _ مرجع سإابق _ ص ‪ 300‬إلى ‪303‬‬

‫‪44‬‬
‫المبحث الخامس‬
‫أثر أزمة الخليج على العلقات السعودية اليمنية‬

‫المطلب الوأل ‪:‬‬


‫قيام أزمة الخليج الثانية وأردوأد أفعال المملكة وأاليمن وأ الدوأل العربية عليها‬
‫وأتأثيرها على العلقات السعودية اليمنية ‪:‬‬

‫مع اقتراب قياما الوحدة بين شطري اليمن ارتفعت موجة التحرشات السعودية في الراضي‬
‫اليمنية في المناطاق المتاخآمة ‪ ,‬وقد حاولت تصريحات المسئولين اليمنيين قبل التأكيد على‬
‫العلقات الجيدة مع السعودية ‪ ,‬وبعد قياما الوحدة برزا اهتماما أولي بإنهاء ملف الحدود السعودي‬
‫اليمني وهو ما نص عليه برنامج الصلح السياسإي والقتصادي والداري الذي قدمته حكومة‬
‫حيدر أبو بكر العطاس ‪,‬إل أنا اندلع أزامة الخليج الثانية وما صحبها من توتر شديد في العلقات‬
‫بين البلدين جعل من العسير فتح هذا الملف أو الخوض في تفصيلته‪. 1‬‬

‫ولقد شهدت الساحة العربية العديد من المبادرات والتحركات لنهاء أزامة الخليج التي أثرت بشكل‬
‫كبير على العلقات السعودية اليمنية ‪ ,‬فقد برزا تنسيق بين السعودية ومصر وسإوريا حيث نسقت‬
‫المملكة عدة اجتماعات ضمت وفودا من الدول الثلث ‪.‬‬

‫‪ 1‬زاهوة علي ابي بكر السقاف _ مرجع سإابق _ ص ‪86‬‬

‫‪45‬‬
‫وجاء مؤتمر قمة القاهرة الطارئ حيث انقسم المؤتمرونا إلى فريقين فريق ضد الغزو وإدانة‬
‫ورحب بالقوات العربية والسإلمية والصديقة لدحر العدوانا ‪ ,‬ودول عربية انحازات إلى جانب‬
‫العراق وفي مقدمتها اليمن التي اتخذت موقفا مؤيدا للحتلل ‪ ,‬وتمادت اليمن بوقوفها بصلبة إلى‬
‫جانب العراق على الصعيد العربي والسإلمي والدولي واتخذت مواقف غير ودية تجاه المملكة‬
‫ودول مجلس التعاونا فعرضت مصالح اليمنيين كمواطانين للخطر والذين اسإتنكروا مواقف‬
‫حكومتهم التي أدت إلى الضرار بهم وإهدار مصالحهم في نهاية المطاف وعبروا عن ذلك بكل‬
‫وسإائل التذمر المختلفة تعبيرا عن رفضهم للسياسإة التي ألحقت الضرر الكبير بهم وأسإاءت إلى‬
‫سإمعة بلدهم داخآليا وخآارجيا ‪.‬‬

‫وفي الوقت التي حشدت احتلت فيه القوات العراقية الكويت حشدت القوات العراقية على الحدود‬
‫السعودية وبدأت صواريخ ) سإكود ( تضرب المملكة ‪ ,‬وأماما هذا لم يتوانى العلما اليمني من‬
‫تشجيع وتأييد تلك العمال العدوانية ‪ ,‬لكن القبائل والمواطانين اليمنيين كانا موقفهم غير ذلك ‪.‬‬

‫ورغم تكثيف العلما اليمني لجهوده ضد المملكة كانا واضحا أنا الحكومة لم تكن ناطاقة بلسانا‬
‫القيادات اليمنية القبلية فالعديد منهم أعلنوا معارضتهم للرئيس اليمني وأرسإلوا ببرقيات التأييد‬
‫للملك فهد بل وإنا بعضهم أكدوا رغبتهم في وضع قواتهم تحت تصرف المملكة ‪.‬‬

‫ولقد بلغت أعداد اليمنيين العاملين في المملكة في فترة ما قبل الغزو حوالي المليون حيث‬
‫كانت أسرهم تعتمد على تحويلتهم كما كانوا يمثلون دعما قويا للقتصاد اليمني من‬
‫نواحي كثيرة ‪ ,‬إل أنه كان من الطبيعي أن يعاد النظر في بعض النظمة والتعليمات‬
‫السابقة التي كانت تعطي الفضلية للمواطنين اليمنيين دون غيرهم من العرب أو المسلمين‬
‫أو الجأانب ‪.‬‬

‫وكانت تلك المعاملة تعود إلى الروابط الخآوية بين الدولتين لتأكد المملكة حرصها على تعميق‬
‫وترسإيخ روابط الجوار ‪ ,‬إل أنا موقف اليمن إزااء الغزو شكل خآروجا على المفاهيم التي كانت‬
‫تحكم العلقات الثنائية الوطايدة بين اليمن والسعودية ‪ ,‬فلم يكن أماما المملكة خآيارات لمواجهة هذا‬
‫الواقع الجديد في العلقات بين الدولتين حيث صدر بتاريخ ‪ 30‬صفر ‪1411‬هـ بيانا من وزاارة‬
‫الداخآلية السعودية مؤكدا على ضرورة إلغاء المتيازاات التي كانت تمنح للمواطانين اليمنيين‬
‫ومساواتهم من حيث القامة والعمل والتجارة بغيرهم من العاملين في المملكة غير السعوديين ‪.‬‬

‫وأفعل جااء نص البيان السعودي الذي تقرر به وأ باختصار إيقاف منح تأشيرات الدخول ‪ ,‬وأإلغاء العفاء من‬
‫شرط تقديم كفيل عمل للحصول على القامة ‪ ,‬إيقاف العمل بالعفاء من رسإوم القامة الذي كان ممنوحا لبعض‬
‫الجاليات لزوأال المبررات التي اسإتوجابت العفاء ‪ ,‬إيقاف العمل بالتعليمات التي تقضي بمنح بعض الجنسيات‬
‫إقامة لمدة أربع سإنوات فيعاملون مثل الخرين ‪ ,‬إيقاف العمل بالتعليمات التي تقضي باسإتثناء البعض من‬
‫التسجيل عند الوصول للملكة في إدارة الجوازات ‪ ,‬التأكيد على تطبيق مقتضى المادة ) ‪ (54‬من نظام القامة‬
‫التي تقضي بإبعاد كل أجانبي يخالف أحكام المادة الثانية عشر من نظام القامة التي تنص على عدم جاواز‬
‫مزاوألة الوافد للمملكة لي عمل بأجار أوأ بغير أجار على تصريح بالقامة وأإلغاء أي اسإتثناء من تطبيق هذه‬
‫المادة ‪ ,‬إيقاف اسإتثناء بعض الجاليات من تطبيق مقتضى المادة ) ‪ (55‬من نظام القامة التي تقضي بإبعاد من‬
‫يتأخر عن تجديد القامة ‪ ,‬التأكيد على أنه ل اسإتثناء لرعايا أي دوألة من تطبيق النظمة السارية المفعول ‪,‬‬
‫وأتعطى مدة ‪ 3‬أشهر لتصحيح الوأضاع المخالفة ‪.‬‬

‫‪46‬‬
‫لشك أن الجاراء الذي اتخذته المملكة في هذا الصدد تطبيق لمبدأ السيادة حماية لمصالحها وأالتصدي لي‬
‫محاوألة تستهدف إلحاق الضرر بها ‪ ,‬وأفي ‪ 20‬سإبتمبر ‪1990‬م أصدر مجلس الوزراء اليمني بيانا اسإتنكر فيه‬
‫القرار السعودي بحجة أنه ألحق الضرر بالحقوق المشروأعة وأالمكتسبة لمواطني اليمن العاملين في المملكة ‪,‬‬
‫وأجااء رد على البيان اليمني من السعودية اسإتهدف أوأ ركز على أن المملكة ل زالت ترغب في الحفاظ على‬
‫علقتها الطيبة مع شعب اليمن وأأبناءه وألكنها تحمي مصالحها وأنظامها قبل كل شيء ‪.‬‬

‫وأالمملكة كما هو معروأف لم تقم بطرد اليمنيين العالمين فيها أوأ تصادر ممتلكاتهم النقدية أوأ العينية وأإنما طلبت‬
‫من الذين يرغبون في السإتمرار في أعمالهم أن يكيفوا أوأضاعهم وأفقا للتعليمات الجديدة المتعلقة بأنظمة‬
‫المملكة ‪.‬‬

‫وأقد حذرت السفارة اليمنية في الرياض اليمنيين من اخذ كفالت تؤهلهم للقامة في المملكة وأأمرتهم بمغادرة‬
‫البلد ‪ ,‬وأقد تظاهر اليمنيون أمام سإفارتهم يطالبون بإلغاء القيود التي فرضتها عليهم حكومتهم وأالتي تقضي‬
‫بالسجن عدة سإنوات أوأ دفع غرامة مالية تصل إلى عشرة آلف ر يمني لكل من يتضح لدى السفارة أنه قبل‬
‫بكفالة سإعودي نظير إقامته في المملكة ‪.‬‬

‫وأكنتيجة حتمية لموقف اليمن المؤيد للعدوأان العرقي على الكويت شهدت العلقات السعودية اليمنية أسإوأ‬
‫مرحلة من مراحل تاريخها الحديث وأالمعاصر وأيعتقد كثير من المحللين وأالخبراء أن أمر العلقات السعودية‬
‫اليمنية تحتاج إلى جاهود مكثفة صادقة وأأمينة تقوم فيها الحكومة اليمنية لعادة الثقة إلى العلقات السعودية‬
‫اليمنية التي تدهورت بشكل خطير بعد الغزوأ العراقي ‪ , 1‬وأفعل حدث ذلك ففي ذكرى مروأر عامين على قيام‬
‫الوحدة اليمنية ألمح الرئيس علي عبد ا صالح إلى رغبة بلده إلى التوصل إلى تسوية نهائية لمسألة‬
‫الحدوأد ‪ ,‬وأقدر ردت السعودية ببيان رسإمي على تلك التصريحات ‪ 30‬مايو ‪1992‬م وألقد رحبت اليمن بذلك‬
‫البيان ببيان أذيع في ‪. 31‬‬

‫وأقد مهد ذلك لوأل اجاتماع بين البلدين بعد أزمة الخليج في جانيف ‪ 20‬يوليه ‪ 92‬بين وأزير المعارف السعودي‬
‫وأوأزير الشئون الخارجاية اليمني اتفقوا على عقد اجاتماعات للخبراء لبحث الموضوع تفصيليا ‪ ,‬وأفي الجولة‬
‫الوألى للخبراء لم يقدم الجانب اليمني ردا محددا على المذكرة المقدمة إليهم ‪ ,‬فطالب الجانب اليمني ‪ ,‬بتوقيع‬
‫اتفاقية تضمن حقوق البلدين تحت مسمى ) اتفاقية ل ضرر وأل ضرار ( إل أن الجانب السعودي رأي أن‬
‫المصالح القانونية محفظة بالفعل وأفق العراف الدوألية في مثل هذه المفاوأضات ‪ ,‬وأأنه ل حاجاة لتوقيع مثل‬
‫هذه التفاقية التي تفتقد إلى المبررات الشرعية وأالقانونية تجاه دفع سإير المفاوأضات‪ ,‬وأقد انصب اهتمام‬
‫الجانب اليمني في الجاتماعين الثاني وأالثالث على المطالبة بالتفاق حول آلية التفاوأض وأحفظ الحقوق‬
‫القانونية ‪ ,‬في حين انصب اهتمام الجانب السعودي على التأكيد على وأجاهة نظره المصاغة في مذكرة ‪10‬‬
‫سإبتمبر ‪1992‬م ‪.‬‬

‫وأبصفة عامة وأبناء على خبرة اجاتماعات لجان الخبراء يمكن السإتنتاج بأن المفاوأضات اليمنية السعودية‬
‫سإوف تأخذ وأقتا طويل وأأن الطرفين لم يناقشا بعد المسائل الجوهرية ‪.2‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬‬


‫مذكرة التفاهم‪:‬‬

‫بعد توقف المفاوأضات اليمنية السعودية بسبب حرب الخليج الثانية وأالموقف اليمني المساند للعراق وأمع‬
‫الدعوة إلى المصالحة العربية عادت التصالت بين البلدين الشقيقين وأاسإتؤنفت المفاوأضات بينها‪ ,‬وأكان التقدم‬
‫في هذه المفاوأضات بطيئا ا وأفي ديسمبر ‪ 1994‬حدثت اختراقات حدوأدية في مناطق الحدوأد أتهم كل جاانب منهما‬
‫الخر بالتعدي وأوأقعت عدة اشتباكات مسلحة بين البلدين‪ .‬وأكان من المقرر أن تجري مباحثات بين الجانبين‬
‫وألكن هذا الحادث الحدوأدي أدى إلى تأجايل اللقاء بين الوفدين‪ .‬وأهنا تدخلت الوسإاطة من قبل بعض الطراف‬
‫العربية لتهيئة الجو لتلك المحادثات‪.‬‬
‫‪ 1‬د‪ .‬عيد مسعود الجهني _ مرجع سإابق _ ص ‪201 /191‬‬
‫‪ 2‬زاهوة علي أبي بكر السقاف _ مرجع سإابق _ ص ‪88 /87‬‬

‫‪47‬‬
‫وأقد أسإفرت تلك التصالت من قبل سإوريا وأمصر عن صدوأر بيان سإعودي – يمني مشترك جااء فيه بأنه قد تم‬
‫التفاق على إعادة الوأضاع إلى ما كانت عليه وأعدم اللجوء إلى اسإتخدام القوة بينهما وأتطلعها إلى اسإتئناف‬
‫المحادثات الثنائية بينها لحل مشاكل الحدوأد المعلقة وأعزمها على توفير الجاواء المناسإبة لنجاح المفاوأضات‬
‫الثنائية وأعودة علقاتهما إلى طبيعتها بروأح التفاهم وأالخوة وأحسن الجوار وأبما يكفل تعزيز المن وأالسإتقرار‬
‫في المنطقة‪.‬‬
‫وأمن المناسإب هنا في هذا السياق طرح التصريحات التي صدرت من المسؤوألين في البلدين إذ صرح الرئيس‬
‫اليمني "بأن بلده غير مستعدة للدخول في حرب مع أشقائها العرب‪ ,‬وأأن اليمن يؤمن بالحوار لحل أي مشكلة‬
‫سإياسإية أوأ حدوأدية وأأن يكون أسإاس حل المشكلة هو اتفاقية الطائف وأفي المقابل أكد الملك فهد التزام بلده‬
‫بالسلم مع اليمن في نزاعها الحدوأدي‪.‬‬
‫وأفي الخير أسإفرت المفاوأضات الثنائية بين البلدين عن توقيع ما سإمي بمذكرة التفاهم في ‪ 27‬رمضان‬
‫‪1415‬هـ الموافق ‪ 26‬فبراير ‪1995‬م أكد فيها الطرفان في المادة الوألى من المذكرة على تمسكها بشرعية‬
‫وأإلزامية معاهدة الطائف وأملحقها‪.‬‬
‫وأفي المادة الثانية اتفق الطرفان على تشكيل لجنة مشتركة من عدد متساوأ من الطرفين خلل مدة ل تتجاوأز‬
‫ثلثين يوماا تكون مهمتها تجديد العلمات المقامة طبقاا لتقارير الحدوأد الملحقة بالمعاهدة وأالتفاق مع شركة‬
‫متخصصة لتنفيذ ذلك يتم اختيارها من قبل الطرفين وأتقوم الشركة بعملها تحت إشراف اللجنة‪.‬‬
‫وأتنص المادة الثانية على أن تستمر اللجنة الحالية المشكلة من البلدين في عملها لتحديد الجاراءات اللزمة‬
‫وأالخطوات التي تؤدي إلى ترسإيم ما تبقى من الحدوأد بدءاا من جابل الثار وأحتى منتهى حدوأد البلدين بما في ذلك‬
‫التفاق على كيفية التحكيم في حالت الختلف بين البلدين‪.‬‬
‫وأتنص المادة الرابعة على أن تشكل لجنة مشتركة تتولى التفاوأض بشأن تعيني الحدوأد البحرية وأفقا ا للقانون‬
‫الدوألي ابتداء من نقطة الحدوأد على سإاحل البحر الحمر المشار إليها في المادة الثانية أعله‪.‬‬
‫وأنصت المادة الخامسة على تشكيل لجنة عسكرية مشتركة رفيعة المستوى من الطرفين لضمان منع أي‬
‫اسإتحداثات أوأ تحركات عسكرية أوأ غيرها وأذلك على الحدوأد بين البلدين‪.‬‬
‫وأأوأصت المادة العاشرة إلى أنه ليس في هذه المذكرة ما يتضمن تعديلا لمعاهدة الطائف وأملحقها بما في ذلك‬
‫تقارير الحدوأد‪.‬‬
‫وأنصت المادة الحادية عشرة على أن المذكرة تصبح نافذة من تاريخ تبادل وأثائق التصديق عليها‪.‬‬

‫وأهنا بعض الملحظات على المذكرة‪:‬‬


‫أن الطرفين تمسكا بمعاهدة الطائف كمحدد لطار تسوية الخلفات الحدوأدية بنيهما‪.‬‬
‫أن المذكرة أخذت بالسإلوب العملي لحل المشاكل المعلقة بين البلدين بالنص على تحديد مدة معينة )‪ (30‬يوما ا‬
‫لتشكيل لجنة من عدد متساوأي من الطراف للقيام بمهمة التجديد المر الذي يعد خطوة إيجابية من الطرفين‬
‫لنهاء النزاع وأتأكيد اا لهذه الخطوة اليجابية نصت المادة السابعة على تعيين لجنة عليا مشتركة لتسهيل‬
‫مهمات اللجان وأإزالة المعوقات‪.‬‬
‫أنها عهدت إلى لجنة الحدوأد بين الجانبين من جابل الثار إلى نهاية الحدوأد بينهما‪.‬‬
‫إنه كان من الفضل تحديد فترة زمنية معينة لعمل لجنة الحدوأد في تجديد العلمات المقامة وأترسإيم ما بقي من‬
‫الحدوأد المنصوص عليه في المواد الثانية وأالثالثة‪ .‬وأفي نهاية هذه الفترة تقوم لجنة الحدوأد بتقديم تقرير إلى‬
‫اللجنة العليا عن ما تم عمله من إجاراءات‪.‬‬
‫في الخير‪ ,‬هناك تساؤل‪ :‬هل ما جااءت به مذكرة التفاهم كفيل بوضع نهاية لمشكلة الحدوأد اليمنية السعودية؟‬
‫في اعتقادنا أن ذلك يعتمد في جاانب كبير منه على حسن النوايا لدى الطرفين وأمصداقيتهم في الوصول إلى‬
‫الحل النهائي لهذه المشكلة من أجال تحقيق صالح البلدين الشقيقين وأدعم علقات الخوة وأالتعاوأن بين‬
‫الشعبين)‪.(1‬‬

‫دكتور زهوة علي بن أبي بكر السقاف‪ ,‬مرجع سابق ‪ ,‬أرقام الصفحات‬ ‫)(‬
‫‪1‬‬

‫‪48‬‬
‫المعاهدة السعودية – اليمنية عام ‪2000‬م‬
‫لم تثر أي خلفات بين الجانبين نحو تجديد التفاقية في نهاية الفترة الوألى عام ‪) 1954‬أي بعد عشرين سإنة‬
‫من توقيع التفاقية( أوأ خلل الفترة الثانية عام ‪1974‬م بل صدر بيان مشترك عقب زيارة رئيس وأزراء اليمن‬
‫في تلك الفترة جااء فيه "اتفاق الجانبين التام على اعتبار الحدوأد بين الدوألتين حدوأداا فاصلة بصفة نهائية‬
‫وأدائمة كما وأرد باتفاقية الطائف"‪.‬‬
‫قد اعتبرت المملكة العربية السعودية أن هذا البيان هو اعتراف نهائي بتثبيت الحدوأد المبينة بالتفاقية‪ ,‬غير أن‬
‫اليمن يرى أن هذا البيان ل يشكل حقوقاا‪ ,‬وأإنما هو بيان صحفي ل يعد اعترافا ا بديمومة الحدوأد‪ .‬وأبالتالي فهذا‬
‫البيان ل يلغي حق اليمن في المطالبة بتعديل التفاقية في فترة التجديد‪.‬‬
‫وأفي هذه الثناء طرأت تغيرات على حدوأد الدوألة اليمنية بعد وأحدة شطري اليمن بحيث أصبح هناك حدوأد‬
‫جاديدة لم تشملها اتفاقية الطائف وأهي المنطقة التي تمتد من آخر نقطة تناوألتها اتفاقية الطائف في الشرق‬
‫وأالنقطة التي تلتقي عندها حدوأد اليمن مع كل من السعودية وأععمان مما أبرز الهتمام بتسوية موضوع الحدوأد‬
‫السعودية اليمنية‪ .‬وأقد سإاعد على ذلك احتمال وأجاود البتروأل في منطقة الحدوأد التي لم تخطط بين البلدين‪ ,‬وأما‬
‫يمكن أن يثيره هذه المشكلت كما أبدت السعودية رغبتها في تسوية هذا الموضوع وأقد مهدت الرغبة من‬
‫الجانبين إلى عقد أوأل اجاتماع لممثلي الطرفين في جانيف عام ‪1992‬م نجم عنه عقد اجاتماع آخر للخبراء لبحث‬
‫تفاصيل هذا الموضوع‪ .‬وأقد تتابعت اجاتماعات الخبراء بهذا الخصوص ثم تبعتها اجاتماعات على مستوى القمة‬
‫بين الدوألتين في عام ‪1995‬م‪ ,‬انتهت إلى تشكيل لجان مشتركة تعمل على حل مشكلة الحدوأد بين الدوألتين في‬
‫إطار حسن الجوار وأالبقاء على العلقات الطيبة بينها‪.‬‬
‫وأفي مساء الثنين ‪ 10‬ربيع الوأل ‪1421‬هـ الموافق ‪ 12‬حزيران ‪ /‬يونيو ‪2000‬م تم التوقيع على معاهدة‬
‫الحدوأد الدوألية بين المملكة وأاليمن‪ .‬وأقد شملت كافة القطاعات الحدوأدية‪ ,‬حيث تم التفاق على تحديد‬
‫الحداثيات الجغرافية لكامل خط الحدوأد‪ ,‬وأذلك في الجزء الذي شملته معاهدة الطائف وأكذلك في الجزء الذي لم‬
‫تشمله‪ ,‬كما تم تعيين الحدوأد البحرية بين الجانبين‪ ,‬كما حلت المشاكل المتعلقة بتحديد أماكن نقاط الختلف في‬
‫جابل ثار في الشرق‪ ,‬وأرأس معوج في الغرب وأجارى التفاق على مسار الحد في المناطق الممتدة من جابل ثار‬
‫حتى خط ‪ 19/53‬وأهي نقطة تقاطع حدوأد البلدين مع سإلطنة عمان‪ .‬وأقد تم التفاق على سإحب قوات الدوألتين‪,‬‬
‫وأكذلك مراكز العبور لمسافة ‪ 2‬كم من الحدوأد بين البلدين وأسإتعهد الدوألتان إلى شركة متخصصة لتعيين موقع‬
‫وأإحداثيات نقاط الحدوأد المتفق عليها‪ ,‬وأقد تم تشكيل لجان برئاسإة وأزراء الداخلية في البلدين للشراف على‬
‫تنفيذ ما اتفق عليه‪ ,‬وأهكذا وأصلت الدوألتان إلى حل سإلمي وأأخوي وأمرضي للطرفين لمشكلة حدوأدية اسإتمرت‬
‫‪ 66‬عاما ا)‪.(1‬‬

‫الحححدود الدوليححة فححي الححوطن العربححي نشححأتها وتطورهححا ومشححكلتها‪ ,‬أ‪ .‬د‪ .‬محمححد محمححود السحرياني‪,‬‬ ‫)(‬
‫‪1‬‬

‫الرياض‪1422 ,‬هح‪2001/‬م‪.‬‬

‫‪49‬‬
‫الفصل الرابع‬
‫اقتراحات‬
‫التسوية عبر‬
‫التاريخ‬

‫المبحث الول‪:‬‬
‫اقتراحات التسوية وإجراءاتها لمسألة جنوب عسير‬
‫المطلب الول‪ :‬الحدود السعودية – اليمنية‬

‫‪50‬‬
‫‪1‬‬
‫جنوب عسير‬
‫أسإفرت هزيمة تركيا في الحرب العالمية الولى وانسحابها من جنوب غرب شــبه الجزيــرة‬
‫العربية‪ ,‬عسير واليمن‪ ,‬عن وجود منطقة فراغ سإياسإي في عسير على وجه الخصوص‪ .‬أدى ذلــك‬
‫إلى انتعاش أنظمة حكم محلية في كل من صنعاء في الجنـوب‪ ,‬وأبهـا فـي الشـمال‪ ,‬وصـبيا الممتـد‬
‫عبر السهل الساحلي بينها‪ ,‬كانا وضع إمارتي أبها وصبيا حرجا ا نظــراا إلــى عــدما قــدرة أي منهمــا‬
‫على ملء فراغ القوة في منطقة وقعت بيــن فكــي كماشــة جــديرانا أقويــاء فــي الشــمال والجنــوب‪,‬‬
‫فبالنسبة إلى إمارة صبيا زااد موقعها الجغرافــي مــن حراجــة موقفهــا حيــث كــانا جارهــا الجنــوبي‬
‫اليمن ل يكل من التوسإع شمالا المر الذي هدد وجود تلك المارة الدريسية‪ .‬كــانا التهديــد اليمنــي‬
‫جاداا بالنظر إلى أنا صنعاء اعتبرت عسير جزءاا من مفهومها لـ "اليمن الكبرى"‪ .‬وبالتطلع شمالا‬
‫عصفت خآلفات سإابقة بعلقات صبيا بجيرانها في مكة وأبها)‪.(2‬‬
‫فـي تلـك الفـترة العصـيبة تنصـلت بريطانيـا غـداة الحـرب العالميـة الولـى مـن التزاماتهـا‬
‫التعاقدية مع صبيا‪ .‬لم تمنع معاهدة نيسانا‪/‬أبريل ‪ 1915‬واتفاقية ‪ 1917‬التكميلية – اللتانا عقــدتهما‬
‫بريطانيا مع تلك المارة لتطوير التراك في اليمن من إعادة تقييم لندنا لسياسإـتها فـي ذلـك الجـزء‬
‫من شبه الجزيرة العربية بعد الحرب العالمية الولى‪ .‬كانا تفسير لندنا الجديد لرتباطااتها السياسإية‬
‫والعسكرية مع صبيا في ضوء المعطيات السياسإــية المســتجدة يتمثــل فــي أنا تعهــدها بالــدفاع عــن‬
‫إمارة الدريسي ضد "قوة أجنبية" )بحسب نص معاهدة ‪ (1915‬كانا ينصــرف إلــى تركيــا؛ وفــي‬
‫ضوء انحسار النفوذ التركي عن شبه الجزيرة اعتبرت لندنا نفســها غيــر ملزمــة بــذلك التعهــد بــل‬
‫وبمجمل المعاهدة‪.‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬اقتراحات التسوية وإجراءاتها‪:‬‬
‫اتفاقية ‪1920‬‬
‫في تلك الثناء‪ ,‬عقدت اتفاقية ‪ 1920‬بين الرياض وصبيا‪ ,‬اعترفت الولى بموجبها بســلطة‬
‫الخآيرة على قبائل وأراضي جنوبي عسير اسإـتناداا إلــى توزايـع القبائـل ذات العلقـة بينهمــا‪ .‬كـانا‬
‫يمكن للمر أنا يبدو عابراا لول أنا الرياض حرصت على الشارة إلى وجود حقــوق تاريخيــة لهــا‬
‫في تلك المنطقة‪ .‬شكلت اتفاقية ‪ 1920‬الخطوة الولى على طاريق فقدت صبيا في نهــايته وجودهــا‬
‫السياسإي‪.‬‬
‫معاهدة مكة خآريف )‪:(1926‬‬
‫على الرغم من اهتماما الرياض بالوضع السياسإي لمارة صبيا‪ ,‬لم يمكن مـن الصــعب علـى‬
‫صــنعاء تحقيــق بعــض المكاسإــب القليميــة المهمــة علــى حســاب صــبيا خآلل النصــف الول مــن‬
‫العشــرينات فــي وقــت انغمســت الريــاض فــي نزاعــات عســكرية وسإياسإــية خآطــرة علــى تخومهــا‬
‫الشمالية والغربية‪ .‬وعلى الرغم من ذلك وجهت الرياض في غمرة انشغالها بصــراعها العســكري‬
‫ضد الحكومة الشريفية فــي مكــة إلــى صــنعاء إنــذاراا للحــد مــن نشــاطااتها التوسإــعية علــى حســاب‬

‫‪ 1‬مشاري عبد الرحمن النعيم _ الحدود السياسإية السعودية _ ص ‪39/49‬‬


‫)( اعتححبر العححائض الدارسححة مغتصححبين للجححزء الجنححوبي مححن عسححير حيححث أن الوائححل كححانوا قححد حكمحوا‬
‫‪2‬‬

‫عسي ار محن أبحو عريحش قبحل فحترة الحكحم الحتركي للمنطقحة ومحن ناحيحة أخحرى سحاءت العلقحات بيحن الملحك‬
‫حسين والدارسة في أثناء الحرب العالمية الولى بسبب خلف على القنفذة‪.‬‬

‫‪51‬‬
‫صبيا)‪ .(1‬غير أنه بعد خآروج الرياض منتصرة في صراعها مع الهاشميين في الحجــازا والخآــوانا‬
‫بعد ذلك التفتت نحو تخومها الجنوبية الغربية اسإتهللا لنزاع حــدودي مــع اليمــن لــم تنتــه فصــوله‬
‫حتى كتابة هذه السطور‪.‬‬
‫بعيد ضم السعوديين للحجازا وقع السعوديين والدارسإة معاهدة مكة )‪ (1926‬الــتي أعطــت‬
‫الرياض إدارة الشئونا الخارجية والعســكرية والمنيــة لصــبيا تاركــة الشــئونا الداخآليــة للدارسإــة‪.‬‬
‫وهكذا أعلنت معاهدة مكة السيادة السعودية صراحة علــى مجمــل إمــارة صــبيا بحــدودها الســابقة‪,‬‬
‫المر الذي وضع الرياض في مواجهة صنعاء بصـورة مباشـرة)‪ .(2‬غنـي عـن الـذكر أنـه لـم تكـن‬
‫هناك لمارة صبيا حدود بالمعنى العصري للكلمة؛ فقد تمثلت سإلطة الدريسي كما هي الحـال فـي‬
‫عموما شبه الجزيرة العربية في تعيين قبلي وإقليمــي فضــفاض لهــا‪ .‬وكــانت معاهــدة مكــة تعنــي –‬
‫ضمنا ا – عدما اعتراف الرياض بالمكاسإب القليمية اليمنية الخآيرة فــي جــزء الجنــوبي مــن إمــارة‬
‫صبيا غير أنها كانت مستعدة – فيما يبدو – لغض النظر عن ذلك المر‪ ,‬لعدما رغبتها في مواجهــة‬
‫صنعاء في ذلك ال وقت الحـرج‪ .‬وعلـى الرغـم مـن ذلـك أدى التوسإـع اليمنـي شـمالا إلـى اسإـتيلء‬
‫صنعاء على جزء كبير من الراضي التي خآضــعت لصـبيا لبعــض الـوقت ومـن ضـمنها الحديــدة‬
‫)آذار‪/‬مارس ‪1925‬ما( ‪ -‬التي سإبق لبريطانيا أنا سإلمت للدارسإة عشية الحرب العالمية الولى –‬
‫وميدي وحرض )‪ .(1926‬بعد ذلك واصل اليمنيونا توسإعهم شمالا حتى شرعوا فــي قضــم بعــض‬
‫الطاراف الجنوبية لتلك المارة‪.‬‬
‫القتراح اليطالي باقتساما إمارة صبيا بين الطرفين‪:‬‬
‫تبنت بريطانيا سإياسإة اسإترضائية لصنعاء لصرفها فيما يبدو عـن الهتمــاما بــالتخوما اليمنيــة‬
‫الشمالية – العدنية ‪ ,‬التي كانت محل نزاع مرير بين الجانبين)‪ .(3‬على الرغم من ذلــك ظلــت لنــدنا‬
‫مهتمة بالتراشق الدبلوماسإي والعسكري السعودي – اليمني لسإباب عــدة‪ ,‬منهــا اهتمامهــا بمصــير‬
‫جزر فرسإانا ذات الهمية السإتراتيجية البارزاة في حوض البحر الحمـر الجنـوبي‪ .‬وفـي المقابـل‬
‫كانت إيطاليا تبحث عن دور سإياسإي لها في جنوب غرب شبه الجزيــرة‪ ,‬فوطاــدت علقتهــا بــاليمن‬
‫التي أملت في توظيف الدعم السياسإي والعسكري اليطالي في مواجهة بريطانيا وجدير بالذكر أنا‬
‫اليطاليين اهتموا بالحصول على موطائ قدما في جزر فرسإانا ولذلك كانوا تواقين إلى رؤيتهــا فــي‬
‫أيدي اليمنيين‪ .‬وهكذا عقد الطرفانا معاهــدة فــي أيلـول‪/‬سإــبتمبر ‪ 1926‬واتفاقيــة سإــرية فــي ‪1927‬‬
‫سإرعانا ما انكشف أمرها‪.‬‬
‫أدى وقوف كل من إيطاليا وبريطانيا على خآط المواجهة الدبلوماسإية في جنوب غرب شــبه‬
‫الجزيرة العربية إلى تـوتر علقاتهمـا‪ .‬ولمـا كانتـا غيـر راغبـتين فــي تحـول تنافسـهما إلــى نــزاع‬
‫مكشوف فقد دشنتا مفاوضات روما )شتاء ‪ (1927‬الــتي نجحــت فــي احتوائهــا تنافســهما فــي تلــك‬
‫المنطقة من العالم‪ .‬تعهد الدولتانا بممارسإة نفوذهما على حليفيهما العربييــن للحفــاظ علــى الوضــع‬
‫الراهن والوصول إلى تسوية سإلمية مرضية للطاــراف المعنيــة كمــا تعهــدتا عــدما التــدخآل فــي أي‬

‫)( جحاء فحي التفاقيحة أنحه يوجحد "فحي مملكحة المحام محمحد بحن علحي محن القبائحل والبلحدان‪ ...‬محا هو فحي‬
‫‪1‬‬

‫ملححك آل سححعود سححابق ا تركححه المححام عبححد العزيححز لححه لجححل محبتححه للخيححر ومعححاونته عليححه وحسححن سححيرته"‪,‬‬
‫انظر نص التفاقية‪ :‬الكتاب الخضر السعودي‪ ,‬إصدار و ازرة الخارجية السعودية ص ‪178 -177‬‬
‫)( عصام الدين الريس‪ ,‬عسير في العلقات السعودية اليمنية‪ ,‬ص ‪.96-88 ,61‬‬
‫‪2‬‬

‫‪3‬‬

‫‪52‬‬
‫نزاع محلي مسلح‪ .‬ضمن هذا الطاار قدمت إيطاليا اقتراحا ا بتقسيم إمارة الدريســي بيــن الريــاض‬
‫وصنعاء على أنا تأخآذ الخآيرة نصيب السإد‪ .‬ولعله من نافلة القــول أنا ذلــك القــتراح – الــذي لــم‬
‫يقدما رسإميا ا للطاراف المعنيين – لم يلق قبول بريطانيــا‪ ,‬وهــي الــتي كــانت ل تــزال مهيمنــة علــى‬
‫البحر الحمر وصاحبة النفوذ السياسإي القوى في شبه الجزيرة العربية‪.‬‬
‫القتراح اليطالي بالبقاء على صبيا كدويلة عازالة بين الطرفين‪:‬‬
‫قدمت إيطاليا في أثناء مفاوضات روما أيضا ا اقتراحا ا آخآر بالبقاء على إمارة صبيا كدويلــة‬
‫حاجزة بين جاريها الطموحين غير أنا مصيره لم يكن أفضل من سإابقه‪ .‬في تلـك الثنـاء ذاع خآـبر‬
‫معاهدة مكة فأثار ذلك حفيظة اليطاليين الذين حثوا بريطانيا على عدما العتراف بــالواقع الجديـد‪.‬‬
‫لم يجد هذا القتراح اليطالي أذنا ا صاغية لدى البريطانيين‪ ,‬غيــر أنا لنــدنا – التزامــا ا منهــا بــروح‬
‫محادثات روما – وافقت على عدما إظهار تأييد علني لمعاهدة مكة تحاشيا ا لسإتثارة نزع مسلح بين‬
‫الطاراف العربية المعنية بــل إنا معاهــدة جــدة )‪ (1927‬أغفلــت الشــارة مــن قريــب أو بعيــد إلــى‬
‫الوضع السياسإي المستجد في جنوب غرب شــبه الجزيــرة العربيــة‪ .‬علــى الرغــم مــن هــذا التحفــظ‬
‫البريطانيا‪ ,‬اسإتمرت العلقة البريطانية – السعودية على وتيرتها السابقة‪ .‬ومع أنا لندنا دأبت علــى‬
‫نصح الطرفين المحليين المتنافسين بـاللجوء إلـى وسإـائل سإـلمية لحـل نزاعهمـا فقـد نظـرت بعيـن‬
‫الرضا إلى امتداد السيطرة السعودية على جزر فرسإانا‪.‬‬
‫وضع أراضي صبيا تحت الدارة السعودية المباشرة‪:‬‬
‫كانا التناوش بين الجارين الجديدين يتصاعد في الوقت الذي لم تكن الدارة الدريسية تتسم‬
‫بالكفاءة‪ .‬ولذلك تولت الرياض إدارة أراضي تلك المارة المتهالكــة بصــورة مباشــرة )‪ (1930‬ثــم‬
‫اتبعت ذلك بإلغاء معاهــدة مكــة وضــمها رسإــميا ا إليهــا )‪ .(1932‬فــي أعقــاب ذلــك أضــحى شــريط‬
‫عرضه إثنا عشر ميلا يمتد من الساحل حتى منطقـة نجــرانا ميــدانا التسـابق علــى بسـط الســيطرة‬
‫بينهما‪.‬‬
‫القتراح السعودي برسإم حدود سإياسإية‬
‫لجأ الطرفانا إلى مفاوضات مباشرة شملت أربع جولت عقدت في أبها وصــنعاء بالتنــاوب‬
‫لحل خآلفهما بشأنا ذلك الشريط‪ .‬ظلت الريــاض مصــرة خآلل تلــك المفاوضــات علــى مبــدأ رسإــم‬
‫حدود دولية سإياسإية تعين المجال السيادي لكل البلدين‪ .‬فعلى سإبيل المثال شددت التعليمات الملكية‬
‫للوفد السعودي على رغبة الرياض في تثــبيت الحــدود مــع اليمــن فــي معاهــدة جديــدة )عصــرية‪..‬‬
‫كالتي تسير عليها الحكومات الوروبية في عقد المعاهدات"‪ .‬وفــي محاولــة للجــم التوسإــع اليمنــي‬
‫المستمر فيما غدا تخوما ا مشتركة‪ ,‬اقترحت الرياض تقسيم مناطاق النزاع بين الطرفين برسإــم خآــط‬
‫حدودي يتطابق مع خآطوطا التماس العسكرية القائمة آنذاك‪ .‬وقد ذكــر الملــك عبــد العزيــز أعضــاء‬
‫وفده أنا بلده ل تطالب بأنا يتنازال الماما "عما كانا تابعا ا للدارسإة قبل دخآول قوات الماما نجرانا‬
‫)الحديدة وميدي بصورة خآاصة( فالسإاس هو بقاء كل جانب فيما تحت يــده مــن البلد"‪ .‬طابعــا ا لــم‬
‫يقبل اليمنيونا ذلك القتراح وواصلوا سإياسإة التســويف بغيــة توسإــيع نطــاق سإــيطرتهم فــي منطقــة‬
‫التخوما المشتركة‪.‬‬
‫القتراح اليمني بجعل نجرانا يمنية‬
‫حتى ذلك الوقت كانت نجرانا بحكم موقعا الداخآلي وعزلتها الجتماعية نسبيا ا خآــارج نطــاق‬
‫اهتماما كل من صنعاء والرياض غير أنا هذا الوضع ما لبــث أنا تحــول فــي غمــرة تســابقهما نحــو‬

‫‪53‬‬
‫توسإيع سإلطتيهما وإغلق الجيوب السياسإية القليلة المتبقية على خآطوطا التماس العسكرية‪ .‬في هــذا‬
‫الطاار دخآلت نجرانا ذات الموقع السإتراتيجي المهم دائرة التنــافس باسإــتيلء اليمنييــن عليهــا فــي‬
‫حزيرانا ‪/‬يونيو ‪ .1933‬فلما ظنــوا أنهــم أمنــوا علــى كســبهم المفــاجئ‪ ,‬قبلــوا بــالقتراح الســعودي‬
‫السابق بحيث تترك نجرانا إلى الجنوب من الخط الحــدودي المســتهدف‪ .‬كــانا ذلــك يعنــي عرضــا ا‬
‫يمنيا ا بإبقاء نجرانا تحت السيادة اليمنية وهو المر الذي رفضته الرياض بشدة‪.‬‬
‫القتراح السعودي بجعل نجرانا منطقة محايدة‪:‬‬
‫وهكذا دخآلت نجرانا دائرة الضوء بعد أنا ظل وضعها السياسإـي مبهمـا ا لفـترة غيــر يســيرة‪.‬‬
‫رفضت الرياض انفراد صنعاء بالسيطرة على تلك المنطقة الداخآلية وقدمت في مقابل ذلك اقتراحا ا‬
‫بإنشاء منطقة محايدة تضم نجرانا كلها‪ .‬يتعهد الطرفانا بحسب القتراح السعودي – بعــدما التــدخآل‬
‫في الشئونا الداخآلية لهذه المنطقة المحايدة التي يفترض أنا تحتفظ بكيانا متميز سإياسإــيا ا واقتصــاديا ا‬
‫وإداريا ا واجتماعيا ا فتكونا بذلك أشبه بمنطقة عازالة بين الطرفين‪ .‬رفضت صنعاء اقتراح الريــاض‬
‫المعتدل وتمسكت بإبقاء نجرانا تحت سإيطرتها العسكرية والسياسإية‪.‬‬
‫القتراح السعودي باقتساما منطقة نجرانا‪:‬‬
‫قدمت الرياض اقتراحا ا آخآر على طااولة المفاوضــات يقضــي باقتســاما منطقــة نجــرانا علــى‬
‫أسإاس من "المســاواة والتكـافؤ"‪ .‬لقـي هـذا القــتراح مصـير سإـابقه‪ ,‬فانهــارت آخآــر فرصــة للحـل‬
‫الدبلوماسإي وفي ظل ما اعتبرته الرياض نمطــا ا سإياسإــيا ا يمنيــا ا مــن التســويف والمماطالــة‪ ,‬ضــربت‬
‫موعداا لنسحاب القوات اليمنية من نجرانا لتفادي لجوئهـا إلـى عمــل عسـكري فــي تلــك المنطقــة‪.‬‬
‫شهدت تلك الفترة مراسإلت دبلوماسإية مكثفة على أعلى المســتويات‪ ,‬غيــر أنهــا لــم تفلــح فــي حــل‬
‫النزاع سإلمياا‪.‬‬
‫خآط الطائف )أيار‪/‬مايو ‪(1934‬‬
‫وهكذا أدى بلوغ الخلف بشأنا نجــرانا طاريقــا ا مســدوداا إلــى نشــوب حــرب نيســانا‪/‬أبريــل‪-‬‬
‫أيار‪/‬مايو ‪ 1934‬التي حققت فيها الرياض مكاسإب إقليمية ذات شأنا من أبزرها السيطرة على تلك‬
‫الواحة‪ .‬أما في تهامة فقد تقدمت القوات السعودية جنوبا ا حتى دخآلت الحديدة غير أنها سإــرعانا مــا‬
‫انسحبت منها‪ .‬لم تكن لصنعاء بد في ظل نتائج الحرب مــن العــودة إلــى طااولــة المفاوضــات الــتي‬
‫التأمت في الطائف والقبول برسإم خآط حدودي معتدل حــافظ علــى الوضــع الراهــن عشــية انــدلع‬
‫العمليات العسكرية غير أنه ترك نجرانا إلى الشمال منه‪.‬‬
‫يلحــظ هنــا أنا منطقــة التخــوما الســعودية – اليمنيــة المشــتركة )وفــي مفارقــة مــع مثيلتهــا‬
‫الخآريات( انفردت بكثافة سإكانية عالية‪ .‬أدى ذلك إلى تشكيل عدة لجانا وقفت علــى أرض الواقــع‬
‫بتفصيلته الدقيقة‪ .‬وقد تضمنت المادة الرابعة من اتفاقيـة الطــائف وصـفا ا تفصــيليا ا لتوزايـع القــرى‬
‫والودية والبقاع على جانبي الخط الحدودي الجديد‪ .‬وتبعا ا لذلك تــولت لجنــة فنيــة مشــتركة وضــع‬
‫عدد كبير من العلمات الحدودية على الرض غطت المنطقة الممتدة من الساحل حــتى جبــل ثــار‬
‫شرقي نجرانا‪ .‬وبذلك تنفرد التسوية الحدودية السعودية – اليمنية بكونهــا الحالــة الولــى – وربمــا‬
‫الوحيدة لوقت طاويل – التي تضمنت ليس فقط رسإما ا لخط حــدودي علـى خآريطـة مرفقـة كمـا فـي‬
‫الحالت الخآرى بل وتثبيته على الرض أيضا ا بعلمات حدودية‪ .‬وجدير بالذكر أنــه علــى الرغــم‬
‫من الملحظات التي أثارتها الطاراف المحلية في مناسإبات عدة سإابقة على مبدأ الحـدود السياسإـية‬
‫الغربية‪ ,‬قامت تسوية الطائف علــى المبــدأ ذاتــه‪ ,‬وهـو مــا يعنــي أنــه كــانا حلا عمليــا ا وضــروريا ا‬

‫‪54‬‬
‫صاحب ظهور نظاما الدول القومية وتقسيم السيادات الوطانية على الرض‪ .‬وهكذا وضع الجــارانا‬
‫العتيدانا نهاية للفصل الول من ملفهما الحدودي الشائك‪.‬‬
‫اقتراح تشرين الول ‪ /‬أكتوبر ‪ 1955‬السعودي‬
‫ترك خآط ‪ 1934‬المنطقة الممتدة من جبل ثار حتى جبل الريانا‪ ,‬إلى الجنــوب الشــرقي منــه‬
‫معلقة منذ ذلك الوقت‪ .‬دخآلـت تلـك المنطقـة دائـرة الضـوء عنـدما زاار فلـبي )‪ (Philby‬فـي أثنـاء‬
‫تجواله في التخوما السعودية الجنوبية الجوف الواقعة في تلك المنطقة المر الذي أثار شكوى يمنية‬
‫بالنظر إلى أنه كانا برفقة مجموعة حراسإة وأمن سإعودية‪ .‬وقد نفى الملك عبد العزيز آنـذاك علمـه‬
‫بذهاب فلبي إلى أبعد من نجرانا‪.‬‬
‫في تشرين الول‪/‬أكتوبر ‪ 1995‬اقترحت الرياض خآطا ا حــدوديا ا يمتــد منــم النهايــة الطرفيــة‬
‫لخط ‪ 1934‬حتى جنوب جبل الريانا بحيث يتركه ضمن الراضي الســعودية بينمــا يــترك مــأرب‬
‫لليمن‪ .‬وظل الخلف بشأنا هذه المنطقة خآامداا حتى التسعينات عندما أثــار منــح صــنعاء امتيــازاات‬
‫نفطية لعدة شركات غربية في تلك الرجاء وغيرهــا احتجاجــات سإــعودية‪ .‬فلقــد أرسإــلت الريــاض‬
‫خآطابات رسإمية إلى الشركات المعنية فـي مناسإــبتين )آذار‪/‬مــارس ‪ 1922‬وآب‪/‬أغسـطس ‪(1993‬‬
‫تعتبر فيها أنا هذه الشركة تعمل في أراضي سإعودية‪ .‬وفي الوقت ذاته اعتبرت صنعاء أنا مطالبها‬
‫الحدودية في هذه الرجاء ليست مقتصرة على مناطاق المتيازا المعنية‪.‬‬

‫مذكرة التفاهم السعودية – اليمنية )شباطا‪/‬فبراير ‪(1995‬‬


‫كانت المادة الثانية والعشرونا من اتفاقية الطائف قد نصت على أنا مدتها عشرونا سإنة‪ ,‬فتم‬
‫تمديد العمل بها عشرين سإنة أخآرى في ‪ .1954‬وقد دأبت الريـاض علـى محاولـة الحصـول علـى‬
‫موافقة صنعاء على إلغاء المادة السابقة وتحويل خآــط الطــائف إلــى خآـط حــدودي دائــم دونا نجـاح‬
‫كبير نظراا إلى الحساسإـية المفرطاـة الـتي تثيرهـا هـذه القضـية لـدى أطاـراف سإياسإـية يمنيـة‪ .‬ففـي‬
‫آذار‪/‬مارس ‪ 1973‬أصدر رئيس الوزاراء اليمني آنذاك عبد ا الحجـري بيانــا ا اعتــبر خآــط ‪1934‬‬
‫دائما ا ونهائيا ا غير أنه أغتيل بعد فترة وجيزة‪ .‬والحــق أنــه مــرور الزمــن اكتســب الواقــع السياسإــي‬
‫الذي أطارته تسوية الطائف صدقية جعلت المادة المــذكورة أمــراا غيــر ذي بــال غيــر أنا اسإــتمرار‬
‫الشد والجذب منذ ‪ 1954‬أبقى الملف الحدودي بين البلدين عرضة للمزايدات‪.‬‬
‫لقد كانا لكارثة آب ‪ /‬أغسطس ‪ 1990‬وحرب الخليــج الثانيــة الــتي تلتهــا وقــع مــدو زااد فــي‬
‫اهتماما دول المنطقة بإغلق ملفاتها الحدودية العالقة‪ .‬كمــا أضــافت الوحــدة اليمنيــة زاخآمــا ا لتســوية‬
‫جميع القضايا الحدودية العالقة بين البلدين‪ ,‬بما فيها المساحة الشاسإعة الممتدة من الطرف الشــرقي‬
‫لخــط ‪ 1934‬حــتى منطقــة المهــرة فــي أقصــى شــرق اليمــن‪ .‬فــي هــذه الظــروف اسإــتهل البلــدانا‬
‫مفاوضات في جنيف تميزت بطابع انفرادي إذ أعلن وزاير الخارجية اليمني في مستهلها اعــتراف‬
‫حكومته باتفاقية الطائف‪ .‬لم يمض وقت طاويل حتى وقـع البلـدانا مـذكرة تفـاهم فـي شـباطا‪/‬فـبراير‬
‫‪ 1995‬كانت في حد ذاتها نقلة مهمة في علقات الطرفين بصورة عامة وملفهما الحدودي الشــائك‬
‫بصورة خآاصة‪ .‬فقد وضعت مذكرة ‪ 1995‬نهاية للتشوش المحيــط بهــذا الوضــع بتأكيــدها أنا خآــط‬
‫الطائف دائم ونهائي المر الذي شكل مكسبا ا ملحوظـا ا للريـاض‪ .‬وقـد كلفـت إحـدى اللجـانا بإعـادة‬
‫نصب العلمات الحدودية لخط ‪ .1934‬بقي بعد ذلــك بعــض القضــايا الحدوديــة البحريــة والمنيــة‬
‫التي ل تزال موضوعا ا لمفاوضات مستمرة حتى كتابة هذه السطور‪.‬‬

‫‪55‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬اقتراحات التسوية وإجراءاتها لمسألة الربع الخالي‬
‫المطلب الول‪ :‬الحدود السعودية – اليمنية‬
‫‪1‬‬
‫الربع الخالي‬
‫ينفرد هذا النزاع السعودي – البريطـاني بشـأنا التخـوما السـعودية الجنوبيـة ع ن غيـره مـن‬
‫النزاعات بكونه النزاع البري الوحيد الذي لم يشهد تسوية كلية أو جزئية حتى كتابة هذه السطور‪.‬‬
‫فقد ثارت الخلفات حول تلك التخوما في أواسإط الثلثينات في معــرض تقــديم الطرفيــن الســعودي‬
‫والبريطاني لقتراحــات حدوديــة متضــادة لفصــل المملكــة العربيــة الســعودية عــن منــاطاق النفــوذ‬
‫البريطاني في شرق شبه الجزيــرة العربيــة وجنوبهــا وجنوبهــا الشــرقي‪ .‬وفــي أواسإــط التســعينات‬
‫اسإتأنفت المملكة العربية السعودية والجمهورية اليمنية مفاوضات شاقة لتسوية القضــايا الحدوديــة‬
‫العالقة بينهما‪ ,‬وعلى رأسإها حدودها البرية الممتدة من جبل ثار حــتى منطقــة المهــرة‪ .‬ولــذلك فــإنا‬
‫المفاوضات الجارية حاليا ا تمثل المرة الولى التي يجري فيها التعامل مع هذا النــزاع بيــن طارفيــه‬
‫العربيين بعد خآموده فترة طاويلة‪.‬‬
‫يرجع النفوذ البريطاني في جنوب شبه الجزيرة العربية إلــى ‪ 1839‬بالســيطرة علــى عــدنا‬
‫الــتي شــكلت محطــة مهمــة علــى طاريــق المواصــلت العالميــة البريطانيــة‪ .‬ولئــن ظــل الهتمــاما‬
‫البريطاني محصوراا في عدنا طاوال قرنا ونيف‪ ,‬فقد اسإتلزما ذلــك تــأمين اتصــال هــذا المرفــأ مــع‬
‫محيطه المباشر المر الذي جر السلطات البريطانية في عدنا إلى إقامة نوع من النظــاما التعاهــدي‬
‫مع سإبع مشيخات حلقية‪ .‬ظلت قبائل حضرموت غير مشمولة بالنظــاما التعاهــدي البريطــاني بتلــك‬
‫المنطقة تصاعد في أواسإط الثلثينات عقب تقديم الرياض لخط حمــزة الــذي أكــدت فيــه حقهــا فــي‬
‫ل‪ .‬وفــي الــوقت ذاتــه‬‫ض واسإعة تمتد – فيما يخص حضرموت – إلى دائــرة عــرض ‪ 17‬شــما ا‬ ‫أرا ء‬
‫شمل الخط السعودي الشهير منطقة واسإعة إلـى الجنـوب الشـرقي مـن نجــرانا وهـي النقطــة الـتي‬
‫وقف عندها خآط الطائف‪.‬‬
‫في صيف ‪ 1935‬عقدت اللجنة الفرعية للشرق الوسإط وهي لجنة كانت تابعة للجنة الدفاع‬
‫الميريــالي اجتماعــا ا خآــرج بتقريــر فــي غايــة الهميــة إذ وصــفت اللجنــة فــي تقريرهــا وضــع‬
‫حضرموت والراضي الواقعة شــمال عــدنا بــأنه غيــر محــدد وغيــر سإــوي‪ .‬ولحظــت اللجنــة أنا‬
‫الحكومة البريطانية لم تبسط سإيطرتها عليها في الــوقت الــذي تمنــع الــدول المجــاورة )الســعودية‪,‬‬
‫اليمن( من مــد سإــيادتها عليهــا‪ .‬وبنــاء علــى ذلــك اتخــذت اللجنــة بالجمــاع توصــية بضــرورة مــد‬
‫السيطرة البريطانية المباشرة على تلك المناطاق‪.‬‬
‫توافقت الدارات المعنية في لندنا على تلك الوصية ولذلك وجه وزاير المستعمرات المعتمد‬
‫البريطــاني فــي عــدنا للعمــل علــى مــد سإــلطته بطريقــة واضــحة وفعالــة إلــى التخــوما الشــمالية‬
‫لحضرموت وعدنا من "أجل الحصول على حقوق تقادميــة عليهــا"‪ .‬ولهــذا عملــت سإــلطات عــدنا‬
‫على التمدد نحو تلك الراضي الداخآلية في عملية اسإتغرقت وقتا ا طاويلا وتطلبت إجراءات سإياسإية‬
‫وإدارية وعسكرية‪ .‬فعلى الجانب العملي كانا المر يتطلب إنشاء بعض الطرق والنقاطا العســكرية‬
‫مثل المخافر المنية ومهابط الطائرات‪ .‬وعلى الجانب السياسإي اتخذت لندنا عدداا من الجــراءات‬
‫لتعزيز سإيطرتها على المنطقة الممتدة من عدنا غربا ا إلى أراضي ظفار شرقاا‪ .‬فقد اقــترح المعتمــد‬
‫البريطــاني فــي عــدنا اعتبــار محميــة عــدنا شــاملة لحضــرموت والــتي أصــبحت تشــمل بحســب‬
‫‪ 1‬مشاري عبد الرحمن الغنيم _ مرجع سإابق _ ص ‪66 47‬‬

‫‪56‬‬
‫مراسإلت سإابقة أراضي قبائل المهرة والقيطي والكثيري‪ .‬وقـد وافقــت الحكومـة البريطانيـة علـى‬
‫ذلك رسإميا ا في شباطا‪/‬فبراير ‪.1933‬‬
‫في آذار ‪/‬مارس ‪ 1937‬أصدر الملك قانونا محمية عدنا الذي يشكل البداية السياسإية لظهور‬
‫دولة اليمن الجنوبي لحقا ا فقد أكد قانونا ‪ 1937‬القرار السابق الذي وسإــع أراضــي محميــة لتشــمل‬
‫حضرموت وجزيرة سإقطرى‪ ,‬كما وضع البداية العملية لظهور مؤسإسات جديدة للمحمية في إطاار‬
‫شبه عصري تحت الشراف المباشر لوزاارة المستعمرات‪ .‬وهكذا تحولت عدنا إلى محميــة تحــت‬
‫التاج البريطاني المر الذي نقلها من اخآتصاص حكومة الهند‪.‬‬
‫ومن ناحية أخآرى تم توسإيع النظاما التعاهدي ليشمل جميــع شــيوخ سإــلطاين تلكــا لمنــاطاق‪.‬‬
‫ووصل عدد اتفاقيات الحماية وغيرها إلى أكثر من مئــة وعشــرين اتفاقيــة‪ .‬وبالضــافة إلــى ذلــك‪,‬‬
‫أعلن إنشاء محميتين تشملنا الراضي الداخآلية لعدنا إحداهما غربية تضــم ثمــاني عشــرة سإــلطنة‬
‫ومشيخة وقبيلة تحت إدارة حاكم عدنا وأخآرى شرقية تضم سإبع سإــلطنات ومشــيخات تحــت إدارة‬
‫موظف سإياسإي بريطاني يعينه الحاكم نفسه‪ .‬في ‪ 1959‬بدأت عمليــة الدمــج الفعلــي لهــذه الكيانــات‬
‫شبه المستقلة بإنشاء اتحاد إمارات الجنــوب العربــي الــذي ضــم فــي عضــويته سإــتة كيانــات قبليــة‬
‫عربية لتعاد تسميته اتحاد الجنوب العربي في ‪ 1962‬بانضــماما عــدد مــن الكيانــات الصــغيرة كمــا‬
‫شهد نقلة حاسإمة بانضماما عدنا إليه بعد شد وجذب‪.‬‬

‫‪57‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬‬
‫اقتراحات التسوية و إجراءاتها‬
‫الخط البنفسجي )‪( 1934 – 1913‬‬
‫يعود الخط البنفسجي إلي اتفاق أنجلو – تركي )آذار ‪/‬مارس ‪ (1914‬نحت منطقتي نفوذكل‬
‫منهما في الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة العربيـة‪ .‬يبــدأ هـذا الخــط مــن الطـرف الجنــوبي للخــط‬
‫الزارق‪ ،‬ثــم تجــه باسإــتقامة إلــي الجنــوب الغربــي باتجــاه اليمــن‪ .‬وهكــذا "منــح" الخــط البنفســجي‬
‫ل‪ .‬لم يكــن هــذا الخــط‬‫البريطانيين مساحة شاسإعة من الربع الخالي تصل إلي دائرةعرض ‪ 20‬شما ا‬
‫يخلو من خآلل فاضح فعلوة علي عــدما إلزاميتــه القانونيــة نتيجــة عــدما إقــراره مــن قبــل الســلطات‬
‫العثمانيــة الزائلــة‪ ،‬أكدتمــذكرة للمستشــار القــانوني للخارجيــة البريطانيــة أنــه‪ -‬ونظيــره أزارق‪ -‬ل‬
‫يقومانا علي أسإاس صلب وفقا ا للقانونا الدولي‪ .‬و قد اعترف أحد كبــار المـؤولين البريطــانيين بــأنا‬
‫الخط البنفسجي خآط اعتباطاي رسإم ‪ ...‬في وقت لم تتوفر لدي السطات البريطانية و التركيــة علــي‬
‫حد سإواء معلومات ذات شأنا بخصوص تلك التخوما‪ .‬بالرغم من ذلك لم يفتأ البريطــانيونا عــودونا‬
‫إلي ذلك الخط كلما أحسوا بضعف مــوقفهم‪ ،‬الــذي ثبــت لــديهم تهــاوي أسإســه القانونيــة و العمليــة‪،‬‬
‫لمحاولة التقليل من خآسارتهم في أي حل وسإط قد تعتمده تسوية حدودية مقبلة ‪.‬‬
‫وفي خآضم ذلك الوضع العائم نوعــا ا مــا‪ ،‬كــانت الريــاض تحتفــظ فــي جعبتهــا بورقــة الحــق‬
‫التاريخي‪ .‬فبين الحين و الخآر‪ ،‬كانت تلوح بالحد القصى مــن مطالبهــا الــذي يســتند إلــي حقوقهــا‬
‫التاريخية التي تسبق الوجود البريطاني نفسه فــي معظــم تلــك النــواحي‪ .‬كــانا ذلــك يعنــي‪ ،‬بحســب‬
‫وجهة نظر الرياض أنا أجزاء واسإعة من الراضي الداخآلية في حضرموت وظفار ومسقط تابعــة‬
‫لها‪ .‬والحق أنا كونا هذه الراضي غير خآاضعة لحد خآلل المراحل الولى للنزاع‪ ،‬فتــح المجــال‬
‫وسإعا ا أماما عودة النفوذ الســعودي إليهــا‪ ،‬فقــد كــانت الريــاض – كمــا شــهد البريطــانيونا أنفســهم –‬
‫القدر على إدارة لسياسإة القبلية بنجاح يجعل السكانا المحليين الذين يعانونا من تــردي أوضــاعهم‬
‫المعيشية يتطلعونا في كثير من الحيانا إلى انضوائهم تحت السيادة السعودية)‪.(1‬‬
‫اقتراح عدنا الول )آذار ‪ /‬مارس ‪(1935‬‬
‫كــانت الــدلئل تشــير إلــي أنا الطرفيــن يتجهــانا نحــو نــزاع طاويــل المــد علــي التخــوما‬
‫السعوديةالجنوبية‪ ،‬فاتجه التفكير البريطاني إلي محاولة إبعاد السعوديين قــدر المكــانا إلــي داخآــل‬
‫الصــحراء الرمليــة الواسإــعة لتاحــة مجــال واسإــع لترسإــيخ المصــالح البريطانيــة القتصــادية و‬
‫السياسإية‪ .‬ومن تلك المحاولت اقتراح تقدمت بــه عــدنا فــي ربيــع ‪ 1935‬فــي ظــل وضــع قبلــي و‬
‫جغرافي مشوب بالغموض‪ .‬كانا هذا القتراح قضي برسإــم خآــط مســتقيم يصــل بيــن تقــاطاع دائــرة‬
‫ل‪ ،‬مع خآط طاول ‪ 52‬شــرقا‪.‬‬ ‫عرض ‪ 18‬شمالا مع الخط البنفسجي‪ ،‬و تقاطاع دائرة عرض ‪ 20‬شما ا‬
‫بررت عدنا اقتراحها بـأنا قبائـل العـوامر والمناهـل الحضـرمية تصـل فـي تجوالهـا شـمال دائـرة‬
‫عرض ‪ 18‬في الطرف الشرقي من خآطها المقترح‪ .‬وعلى كل حال‪ ،‬كانا هدف سإلطات عــدنا هــو‬
‫أنا تعطي نفسها مجالا رحبا لتوسإيع نفوذها في تلك الرجاء‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪58‬‬
‫خآط حمزة )الخط الحمر‪،‬نيسانا‪ /‬أبريل ‪(1935‬‬
‫كانا ذلك الخط هو القتراح الوحيد الذي تقدمت به الريــاض بصــفة رسإــمية لرسإــم حــدودها‬
‫الجنوبية‪ .‬يتماشي القتراح السعودي مع دائرة عرض ‪ 17‬شمالا فـي المنطقـة الواقعـة بيـن خآطـي‬
‫طاول ‪ 48‬و ‪ 52‬شرقاا‪ ،‬حتي تلتقي بالخط البنفسجي الذي ينحدر في اتجاه جنوبي غربــي‪ .‬و هكــذا‪،‬‬
‫كانا خآط حمزة يترك في طارفه الشرقي شريطا ا واسإعا جنوب الكثبانا الرمليــة يصــل عرصــه إلــي‬
‫مئة و سإتين ميل تقريبا‪ .‬ضمن الراضي السعودية‪ ،‬غيــر أنــه يضــيق التدريــج مــع انحــدار الخــط‬
‫البنفسجي في التجاه الجنوبي الغربي‪.‬‬
‫اتسم خآط حمزة‪ ،‬بصورة عامة‪ ،‬بالعتدال‪ ،‬مقارنــة بــالقتراحين البريطــانن الســابقين‪ .‬ففــي‬
‫حين ترك آبار سإناو و ثمود إل الشمال منــه‪ ،‬بقيــت معظمأراضــي الكــثيري و القعيطــي و المهــرة‬
‫داخآل المحمية‪ .‬وكانا هذا القتراح مبنيا ا على عاملين‪ :‬الول القائمة المفصلة الــتي سإــبق أنا قــدمها‬
‫فؤاد حمزة و المتضمنة حصراا للبار التابعة لقبيلة المرة السعودية عبر منطقة واسإــعة مــن الربــع‬
‫الخـالي و جنـوبه علـي وجـه الخصـوص؛ و الخآـر تبعيـة بعـض الفخـاذ و العشـائر الحضـرمية‬
‫للرياض‪ .‬و قد اعترف تقرير أعده قسم البحاث في الخارجية البريطانة بأنا النفوذ السعودي يمتــد‬
‫فعلا جنوب كثبانا الربع الخالي في المنطقة الممتــدة بيــن خآطــي طاــول ‪ 51‬و ‪ 53‬شــرقاا‪.‬كــانا ذلــك‬
‫مرتبطا ا بالعتراف بتبعية بيت إيماني و الرواشد للرياض‪ ،‬و هي القبائل التي تمتد منازالها جنــوب‬
‫الرمــال بيــن الخطيــن المــذكورين‪ .‬ومــاداما برتــراما تومــاس )‪(B.Thomas‬ــ – هــو أحــد الرحالــة‬
‫البريطانيين و الذي كانا بعيداا عن أنا يتصف بالود تجاه الرياض‪ -‬هو الـذي أكـد هـذه المعلومـات‪،‬‬
‫فقد اكتسبت اعترافا ا بريطانيا ا شبه رسإمي‪ .‬وجدير بالــذكر أنا التقريــر نفســه ذكــر أنا سإــناو تملكهــا‬
‫قبيلة المناهل‪ ،‬و التي تشترك مع بيت إيماني في ملكية ثمـود‪ .‬و بــالنظر إلــي أنا لنــدنا شــككت فــي‬
‫تبعية المناهل‪ ،‬في الوقت الذي أكدت عدما تبعية الصيعر التي تقع إلي الغرب منها‪ ،‬للريــاض‪ ،‬فــإنا‬
‫مطالبة الخآيرة بتلك المنطقتين ظلت محل معارضة بريطانية‪.‬‬
‫الرياض تلمح إلي إمكانية تعديل خآط حمزة‬
‫كانا ذلك الخط يمثل بالنسبة إلي الرياض الحــد الدنــى مــن مطالبهــا المعقولــة‪ ،‬الــتي كــانت‬
‫تستند إلي انفرادها بممارسإة بعض مظاهر السيادة علي بعض قبائل و عشائر تخومها الجنوبية‪ .‬و‬
‫الحق أنا الرياض كانت ميالة إلي الوصول إلي حل منصف‪ ،‬في حين أنا الطــرف الخآــر لــم يكــن‬
‫يشاطارها‪ -‬فيما يبدو‪ -‬الهتماما نفسه‪ .‬فعلى سإبيل المثال‪ ،‬لمح فؤاد حمزة بعد فترة قصيرة من تقديم‬
‫اقتراحه إلي موافقة حكومته علي حل وسإط بين اقتراحها و القتراح البريطــاني الخآيــر‪ ،‬غيــر أنا‬
‫لندنا تجاهلت ذلك‪ .‬و كما كانت احال في التخوما السعودية الشــرقية‪ ،‬أسإــف البريطــانيونا فيمــا بعــد‬
‫لتجــاهلهم ذلكــالموقف الســعودي المــرنا‪ .‬و الحــق أنا عــدما اضــطرارهم إلــي اللجــوء إلــي الخيــار‬
‫التحكيمي أو القضائي علي التخوما السعودية الجنوبية أخآفي موقفهم الحرج لفترة ليست بالقصيرة‪.‬‬
‫اقتراح الخارجية )تموزا‪ /‬يوليو ‪(1935‬‬
‫شرعت الخارجية البريطانية في إعادة تقييم الموقف البريطاني بخصوص ذلك النزاع‪ ،‬فــي‬
‫ضــوء الدلــة التفصــيلية الــتي قــدمتها الريــاض والــتي دعمتهــا جزئيــا شــهادات بعــض الرحالــة‬
‫واعترافات بعض مسؤولي حكومة عدنا نفسها‪ ،‬اأمر الذي أدي إلي إضعاف موقف لنــدنا بصــورة‬

‫‪59‬‬
‫سإــافرة‪ .‬وعلــي صــعيد آخآــر‪ ،‬كــانت الخارجيــة البريطانيــة مهتمــة بالحفــاظ علــي صــداقة العاهــل‬
‫السعودي في وقت تزايدت خآلله النشاطاات اليطاليــة فــي اليمــن و منطقــة جنـوب حــوض البحــر‬
‫الحمر‪.‬‬
‫في تموزا‪ /‬يوليو ‪ ،1935‬اقترحت الخارجية خآطا مستقيما متــد مــن تقــاطاع دائرةعــرض ‪18‬‬
‫مال مع الخط البنفسجي‪ ،‬حتى تقاطاع دائرة عرض ‪ 20‬شمال مع خآط طاول ‪ 55‬شرقا‪ .‬و الحق أنــه‬
‫علي الرغم من أنا هذا القتراح كانا أكثر واقعية من مواقف حكومة عدنا المتصلبة‪ ،‬فقد ظل بعيدا‬
‫عن تلبية الحــد الدنــي مــن المطــالب الســعودية بســبب اقتطــاعه جــزءا ل بــأس فيــه مــن الحــواف‬
‫الجنوبية لكثبانا الربع الخالي ليبقيه ضمن محمية عدنا‪.‬‬
‫اقتراح عدنا الثاني )آب‪ /‬أغسطس ‪(1935‬‬
‫تدخآلت عدنا‪ ،‬مرة أخآرى‪ ،‬فــي الحـوار الــذي كــانا يـدور بيـن عـدة إدارات بريطانيـة حـول‬
‫تخومها الشمالية‪ .‬فلقد تقدمت في صيف ‪ 1935‬باقتراح و توصية‪ .‬كانا القتراح هو أل يقل الخــط‬
‫المقترح عن دائرة عــرض ‪ 18‬شــمال؛ أمــا التوصــية فقــد ذهبــت أبعــد مــن ذلــك بــالتمني علــي أنا‬
‫يتضمن الخط المقترح الشريط الصحراوي الذي يقع جنوب كثبانا الربــع الخــالي والــذي يشــكل –‬
‫بحسب وجهة نظرها – جزءاا مـن ديـر قبائـل "تابعـة" لهـا مثـل المناهـل والصـعير‪ .‬بـل انا ع دنا‬
‫فضلت انا يتضمن مثل ها الخط ما عرضه عشرونا ميلا من تلك الكثبانا‪.‬‬
‫بررت حكومــة عــدنا مطلبهــا بــالعراب عــن اقتناعهــا بــأنا ديــر قبائــل "تابعــة" لهــا‪ ،‬مثــل‬
‫الصــعير والعــوامر والمناهــل والمهــرة‪ ،‬تشــمل الســهوب الــتي تفصــل الربــع الخــالي عــن عمــق‬
‫الراضي الحضرمة‪ .‬بل أنا الحواف الجنوبية للربــع الخــالي نفســه تنتمــي – بحســب وجهــة نظــر‬
‫حكومة عدنا – إلى بعض تلك القبائل )المناهل والصعير على وجه التحديد( أكثر من انتمائها إلــى‬
‫غيرها من القبائل التي طاــالب الســعوديونا بهــا‪ ،‬مثــل يــاما والمــرة والرواشــد‪ .‬والتوغــل فــي عمــق‬
‫الصحراء الرملية‪ ،‬كانا لحكومة عدنا رأي – يعوزا الكثير من الدقة – يتمثل فــي اعتبــار عــدد مــن‬
‫البار الجنوبية التي ادعاها فؤاد حمزة لقبيلة المرة منطقة مشتركة لجميــع القبائــل المعنيــة‪ ،‬بزعــم‬
‫أنا القبائل التابعة لعدنا ترتادها بالقدر الذي ترتادها به القبائل السعودية‪ .‬كانا تكتيك سإلطات عــدنا‪،‬‬
‫كما هو واضح‪ ،‬يتمثل في تمييع مفهوما الديرة القبلي – ولذي قاما علــى أسإاسإــه القــتراح الســعودي‬
‫الخآيـر – بهــدف تثـبيت سإـيطرة حكومـة عـدنا علـى الحــواف الجنوبيـة لتلــك الصــحراء‪ ،‬وأبعـاد‬
‫السعوديونا إلى الشمال قدر المستطاع‬
‫اقتراح وزاارة المستعمرات )تشرين الول‪/‬أكتوبر ‪(1935‬‬
‫في ضوء اعتراف لندنا بأنا أغلبية البار التي تضمنتها القائمة السعودية السالفة الذكر‬
‫ل‪ ،‬سإعت لرسإم إطاار عاما لديرة هذه القبيلة‪" ،‬منحتها" بموجبه سإبخة مجورة‪ ،‬على‬ ‫تابعة للمرة فع ا‬
‫التخوما السعودية – العمانية‪ ،‬وآبار الشنا‪ .‬وعلى الرغممن إقرار وزاارة المستعمرات بذلك‪ ،‬فقد‬
‫نادت بخط يقارب ديرة تلك القبيلة من دونا أنا يطابقها تماما‪ .‬كانا هذا القتراح يقضي بأنا يمتد‬
‫ل‪ ،‬حتى تقاطاع خآط‬ ‫الخط الحدودي المستهدف من تقاطاع الخط البنفسجي مع دائرة عرض ‪ 18‬شما ا‬
‫ل؛ ومن ثم إلى تقاطاع خآط طاول ‪ 54‬شرقا ا مع دائرة‬ ‫طاول ‪ 52‬شرقا ا مع دائرة عرض ‪ 19‬شما ا‬
‫ل‪ .‬وقد وصف وزاير الدولة للمستعمرات هذا العرض بأنه نهائي ومعقول ويتسم‬ ‫عرض ‪ 20‬شما ا‬
‫بالكرما! وفي الوقت ذاته‪ ،‬اقترح تقديم مطالب توسإيعة لمصلحة الشيوخ المرتبطين ببريطانيا‬
‫باتفاقيات حمائية كي تمثل عوائق "صلبة" أماما المطالب السعودية القائمة أو أي مطالب أخآرى‬
‫مستجدة ‪ .‬وفي حين أنا الخط الجديد "تخلى" عن شريط أرضي ضيق جنوب خآط الخارجية‬

‫‪60‬‬
‫السابق‪ ،‬فانه كانا ل يزال يترك الحواف الجنوبية للكثبانا الرملية العظيمة إلى الجنوب منه‪ .‬ومن‬
‫الواضح هنا أنا مثل هذه المرونة التكتيكية تجسد اهتماما لندنا المستمر لبقاء مساحات شاسإعة‬
‫ضمن محمية عدنا‪ ،‬سإعيا ا وراء مكاسإب نفطية محتملة‪.‬‬
‫خآط الرياض )خآط رايانا‪ ،‬تشرين الثاني‪/‬نوفمبر ‪(1935‬‬
‫كانا واضحا ا أنا قوة خآط حمزة تفرض على بريطانيا التقدما باقتراح مضاد بصورة رسإمية‬
‫لتحسين موقفها التفاوضي الذي كانا ل يزال ضعيفا من الناحية القانونية‪ ،‬وذلك لعتماده رسإميا‬
‫على الخطين البنفسجي والزارق‪ .‬كانت بعثة رايانا إلى الرياض محاولة لتقديم اقتراح جديد يتسم‬
‫بالجدية‪ .‬وقد امتد خآط رايانا – فيما يتعلق بالتخوما السعودية الجنوبية – من نقطة تقاطاع دائرة‬
‫عرض ‪ 18‬شمالا مع الخط البنفسجي‪ ،‬حتى نقطة تقاطاع دائرة ‪ 19‬شمالا مع خآط طاول ‪ 53‬شرقاا؛‬
‫ومن هناك إلى تقاطاع دائرة عرض ‪ 20‬شمالا مع خآط طاول ‪ 55‬شرقاا‪ .‬ومع أنا خآط رايانا )‬
‫إلى الجنوب من إقتراح وزاارة المستعمرات‬ ‫‪" (RYAN‬ترك" شريطا ا ضيقا ا من الرض‬
‫السابق الشارة إليه‪ ،‬فانه لم يخرج عن الطاار العاما لمجمع القتراحات البريطانية السابقة‪ ،‬وهو‬
‫الطاار الذي قضى بابقاء الحواف الجنوية للكثانا الرملية العظيمة ضمن محمية عدنا‪ .‬وبالتحديد‪،‬‬
‫ترك خآط الرياض شريطا ا يتراوح عرضه بين عشرين إلى ثلثين ميلا من تلك الكثبانا ضمن‬
‫المحمية‪.‬‬
‫في عمق الراضي الحضرمية‪ ،‬كن الطرفانا جادين للتثبت من دعاواهما بناء عى‬
‫معلومات ميدانية‪ .‬ففي كانونا الثاني‪/‬يناير ‪ ،1937‬عرض البريطانيونا أماما فؤاد حمزة خآريطة‬
‫قبلية لمناطاق النزاع المشتركة في التخوما الحضرمية‪-‬السعودية‪ .‬كانت وجهة النظر البريطانية‬
‫تقوما على أنا خآط حمزة حيث يقترب كثيراا من البحر في منطقة المهرة‪ ،‬يقتطع أراضي‬
‫ومجموعات سإكانية تابعة لقبائل عدنية‪ .‬وبصورة تفصيلية‪ ،‬تم البحث في أربعة مواقع آبار إلى‬
‫الشمال من ذلك الخط‪ ،‬هي تضو وشيصور وسإناو وثمود‪ ،‬بهدف التحقق من تبعيتها القبلية‪ .‬كانا‬
‫ذلك المر – كما أقرت الرياض – خآاضعا ا للبحث الميداني‪ ،‬المر الذي كانا يتيح إمكانيات‬
‫أخآرى‪ ،‬من بينها اسإتفتاء السكانا المعنيين‪.‬‬
‫اقتراح عدنا الثالث)صيف ‪(1937‬‬
‫اتجهت لندنا فيتلك الفترة إلي قصر مطالباتها علي الراضي التي ترتكز دعاوي القبائل‬
‫الحضرمية بشأنها علي أسإس راسإخة‪ .‬كانا ذلك يعني التخلي عن أحد أهم العوامل التي أدت إلي‬
‫تشدد‪ -‬و اعتباطاية إلي حد ما‪ -‬المطالب و القتراحات البريطانية السابقة‪ .‬ووفق النهج الجديد‪ ،‬كانا‬
‫التجاه هو نحو التخلي عن فكرة إبعاد السلطة السعودية عن مناطاق لم تتقررملكيتها بشكل‬
‫واضح‪ ،‬ولذلك طالبت وزاارة المستعمرات من حكومة عدنا التفكر في إمكانية "التخلي" عن مزيد‬
‫من الراضي بين دائرتي عرض ‪ 17‬و ‪ 18‬شمال‪ ،‬و خآصوصا غرب خآط طاول ‪ 51‬شرقا‪ .‬جسد‬
‫ذلك التوجه الجديد اقتراب لندنأكثر قليل من تصور حل أكثر واقعية‪ ،‬يترك الكثبانا الرملية‬
‫العظيمة إلي الشمال من الخط المستهدف‪.‬‬
‫وكما يحدث بين الدارات البيروقراطاية‪ ،‬التيينظر كل منها إلي أيموضوع من زااويته‬
‫الخاصة‪ ،‬أفرغت حكومة عدنا حماسإة وزاارة المستعمرات من محتواها باقتراح جديد لم يتضمن‬
‫إل تنازالا محدوداا‪ ،‬مقارنة بالقتراحات البريطانية السابقة‪ .‬وقد تخلي القتراح الجديد عن قطاع‬
‫أرضي عرضه عشرونا إلي ثلثين ميلا علي امتداد جبهة يصل طاولها إلي ثلثمئة ميل‪ .‬كانا هذا‬
‫يعني أنا يمتد الخط الحدودي المقترحمن تقاطاع الخط البنفسجي مع خآط طاول ‪ 48‬شرقا ا إلي نقطة‬

‫‪61‬‬
‫ل‪ .‬لم يكن وزاير المستعمرات‬‫ما علي خآط الطول ‪ 52.2‬شرقا ا جنوب دائرة عرض ‪ 19‬شما ا‬
‫متحمسا ا لهذا "التنازال" المحدود في منطقة مقفرة لن يري العاهل السعودي‪ -‬في تقدير الوزاير‪-‬‬
‫فيها قيمة تذكر‪ .‬و الحق أنا القتراح الجديد لم يمس السهوب الممتدة بين خآطي طاول ‪ 52‬و ‪48‬‬
‫شرقاا‪ ،‬بما فيها آبار سإناو و ثمود‪ ،‬والتي كانت أكثر المناطاق إثارة للنزاع‪ .‬وعلي أي حال‪ ،‬لم يقدما‬
‫هذاالقتراح إلي الرياض‪ ،‬مثله مثل أغلب القتراحات السابقة‪ ،‬حيث أنا وزاارة الخارجية‬
‫البريطانية فضلت عدما إثارة موضوع الحدود الجنوبية السعودية في وقت كانا البلدانا قد وجها‬
‫جل اهتمامها نحو التخوما السعودية الشرقية‪.‬‬
‫والحق أنا هذا القتراح كانا أبعد كثيراا مما كانا نطاق السيادة البريطانية قد وصل إليه‬
‫ل؛ ولذلك شددت وزاارة المستعمرات علي ضرورة جمع معلومات مفصلة عن منطقة التخوما و‬ ‫فع ا‬
‫ممارسإة السلطة البريطانية عليها بطريقة أكثر ثباتا ا من أجل تقوية موقف لندنا في أي مطالبات‬
‫لحقة‪ .‬وهكذا ظلت السلطة البريطانية تنتشر ببطء في قفار لم تكن قدأعطتها كثير اهتماما من قبل‪.‬‬
‫وعلي الرغم من ذلك‪ ،‬ومع تجمع سإحب الحرب العالمية الثانية‪ ،‬دخآل هذا النزاع مرحلة سإكونا‪،‬‬
‫فتوقفت المفاوضات و القتراحات المتضادة‪.‬‬
‫اتفاق التوزايع السياسإي للقابائل )آب‪ /‬أغسطس ‪(1948‬‬
‫يبدو من عرض القتراحات السابقة أنا القتراب من حل وسإط لذلك النزاع المطول لم يكن‬
‫أمراا بعيد المنال‪ .‬ففي الوقت الذي اتجهت مطالب الطرفين بخصوص التخوما السعودية الشرقية‬
‫إلي التباعد في نهاية عقد الربعينات‪ ،‬كانا نزاعهما الحدودي الجنوبي يجري علي وتيرة مختلفة‬
‫نوعا ا ما‪ .‬ففي خآطوة مهمة علي طاريق حلحلة النزاع الخآير‪ ،‬عقد الطرفانا اتفاقية في العبر‬
‫لتسوية مسائل الغارات والتعويضات القبلية‪ .‬وكانا أبرزا ما تمخضت عنه تلك التفاقية هو توزايع‬
‫الولءات السياسإية لقبائل التخوما بينهما‪ .‬فلقد ععرفت قبائل كرب و الصيعر و نهد و الكثيري )بني‬
‫بدر( و العوامر و المناهل والمهرة و شيوخ البريك علي أنها قبائل حضرمية؛ بينما عسإميت قبائل‬
‫ياما و الدواسإر و قحطانا علي أنها قبائل سإعودية‪.‬‬
‫ترجع أهمية تلك التفاقية إلي كونها وضعت إطااراا عاما ا للتسوية يحاكي إطاار اتفاقية‬
‫المحمرة التي مهدت للتسوية الحدودية السعودية‪ -‬العراقية؛ غير أنها لم تكن كافية بحد ذاتها‬
‫للوصول إلي حل نهائي؛ فقد كانا المر يحتاج إلي التوافق علي عدة مفاهيم جوهرية و خآطوات‬
‫إجرائية محددة‪.‬‬
‫كانا من الضروري تحديد معنب الديرة القبلية‪ ،‬وهو أمر لم يكن البريطانيونا قد اسإتوعبوه‬
‫تماماا‪ ،‬أو أنهم فضلوا تمييعه عن طاريق الخلط بين مفهوما الديرة القبلية و أنماطا تنقلت القبائل‬
‫عبر دير بعضها‪ .‬وكانا هناك غموض‪ -‬و خآصوصا ا علي الجانب البريطاني‪ -‬بشأنا تبعية بعض‬
‫البار و المراعي الواقعة في جنوب الربع الخالي‪ .‬ففي حين حصرتها المذكرة السعودية المقدمة‬
‫في ‪ 1935‬في قبيلة المرة‪ ،‬أشركت تقاير بريطانية فيها قبائل حضرمية‪ .‬وكانت محصلة ذلك أنا‬
‫الطرفين كانا ل يزالنا مختلفين حول التبعية القبلية‪ ،‬ومن ثم السياسإة‪ ،‬لمنطقة صحراوية تمتد إلي‬
‫دائرة عرض ‪ 20‬شما ا‬
‫ل‪.‬‬
‫ومن ناحية أخآري‪ ،‬كانا من المحتم القبول بأنا يكونا مفهوما الديرة القبلية أسإاسإا ا رئيسساا‪،‬‬
‫أو أحد السإس الرئيسية‪ ،‬للخط الحدودي المستهدف‪ .‬ففي حين عيعد هذا المفهوما الركيزة السإاسإية‬
‫للموقف السعودي‪ ،‬فإنا البريطانيين اتجهوا‪ -‬مضطرين– نحو القبول به إطااراا عاما‪ ،‬دونا التقيد‬

‫‪62‬‬
‫الحرفي به؛ بمعني أنهم لم يروا ضرورة لتطابق الخط الحدودي المستهدف مع دير القبائل‬
‫المعنية‪.‬‬
‫الرياض تطرح الحد القصي لمطالبها الحدودية‬
‫في أعقاب الحرب العالمية الثانية‪ ،‬طارحت الرياض الحد القصي لمطالبها علي تخومها‬
‫الشرقية‪ ،‬و أعلنت أنها في صدد مراجعة مطالبها الحدودية في تخومها الجنوبية‪ .‬وفي السياق‬
‫نفسه‪ ،‬رفض أحد كبار المسؤولين السعوديين الدخآول مع السفير البريطاني في نقاش بشأنا النزاع‬
‫الحدودي السعودي‪ -‬العدني‪ ،‬متحاشيا ا إعطاء أي انطباع بأنا حكومته تشك للحظة في سإيادتها على‬
‫كامل المنطقة محل النزاع‪ .‬و بدا المسؤول السعودي واثقا ا بأنا سإيادة بلده علي تلك المنطقة‪ ،‬التي‬
‫شهدت مواجهات عدة بين ممثلي الشركات و الحكومات المعنية‪ ،‬أمر واقع يمارس و مقبول ول‬
‫يمكن تحديه‪ .‬و هكذا‪ ،‬و اعتماداا‪ -‬فيما يبدو‪ -‬علي تجربتها علي تخومها الشرقية‪ ،‬تبنت الرياض‬
‫موقفا ا مداه التقليل من أهمية النزاع علي تخومها الجنوبية‪ .‬ل بد أنالموقف السعودي آنذاك قد أثار‬
‫حيرة حكومتي عدنا و لندنا أكثر من ذي قبل‪ ،‬لنه كانا يرسإم ملمح خآيار سإعودي جديد حده‬
‫الدني خآط حمزة‪ ،‬بينما يصل حده العلي إلي ما هو أبعد من ذلك كثيراا‪ ،‬أخآذاا في العتبار مذكرة‬
‫سإعودية تعود إلي ‪ ،1934‬اعتبرت فيها الرياض أنها تمارس سإيادتها فعلا علي قبائل حضرموت‬
‫بعدة أوجه‪ ،‬مثل دفعها للزكاة و خآضوعها للقوانين السعودية و تلبيتها نداء الجهاد‪.‬‬
‫خآط أما الصميم – الريانا )‪(1949‬‬
‫كانت لندنا‪ -‬التي ألفت نفسها منجرة‪ ،‬في خآضم نزاعها الحدودي مع الرياض علي التخوما‬
‫السعودية الشرقية‪ ،‬نحو خآطوات دبلوماسإية و تحكيمية لم تكن تجري لمصلحتها – قد وجدت في‬
‫سإياسإة التسويف أسإلوبا ا لتحاشي وضع النزاع بشأنا التخوما السعودية الجنوبية علي طاريق مماثل‪.‬‬
‫لكن الحقائق علي الرض كانت تكشف باطاراد أنا السباق علي نشر علمات السيادةعلي البشر و‬
‫الرض بين الرياض و عدنا لم يكن يجري لمصلحة الخآيرة‪ .‬و لذلك بدأت السلطات البريطانية‬
‫المختصة السإتعداد لمرحلة صعبة قادمة‪ .‬في هذا السياق‪ ،‬تمني أحد كبار مسؤولي حكومة عدنا‬
‫في ‪ 1954‬علي لندنا التراجع عن خآط التحول البطئ في سإياسإتها و التي كانت تستهدف البحث‬
‫عن حل دبلوماسإي لحدود المحمية الشمالية‪ ،‬و التي تمثلت أسإاسإا ا في خآط الرياض‪ ،‬و هو القتراح‬
‫الوحيد الذي سإبق أنا عقدما إلي الجانب السعودي بصورة رسإمية‪.‬‬
‫وفي الوقت نفسه‪ ،‬شرعت عدنا في التفكير في اقتراح جديد مثل الحدالقصي من‬
‫مطالبها بخصوص تخومها الشمالية كلها‪ .‬كانت النتيجة رسإم خآط يبدأ من نقطة تقاطاع طاول ‪56‬‬
‫شرقا ا مع دائرة عرض ‪ 21.30‬شمالا ليمتد غربا ا في اتجاه جبل الريانا حتي يتقاطاع مع الخط‬
‫البنفسجي)‪.(1‬‬
‫بررت حكومة عدنا مطالبها الجديدة المتشدده‪ ،‬التي كانت أكثر تصلبا ا من معظم‬
‫القتراحات السابقة )و خآصوصا ا خآط الرياض‪،‬بل و الخط البنفسجي في الرجاء الغربية من‬
‫التخوما المشتركة(‪ ،‬بزعم أنا أدلة جديدة توفرت لديها تثبت أنا جميع الراضي الواقعة جنوب‬
‫خآطها اجديد تعود لقبائل موالية لها‪ .‬و الحق أنا خآط أما الصميم‪-‬الريانا‪ ،‬الذي لم يقم علي أسإاس‬
‫صلب قبليا ا و قانونياا‪ ،‬لم يكن –فيما يبدو‪ -‬أكثر من خآطوة تكتيكية لتعزيزالموقف البريطاني‬
‫التفاوضي‪ ،‬في ضوء عزما الرياض توسإيع مطالبها‪.‬‬

‫‪1‬‬

‫‪63‬‬
‫العودة إلي الخط البنفسجي‬
‫عادت لندنا بعد ذلك إلي التمسك بالخط البنفسجي كخط دفاع أخآير‪ ،‬في محاولة يائسة‬
‫لتقوية موقفها في أي مفاوضات لحقة‪ ،‬علي الرغم من إقرار مسؤولين بريطانيين معنيين‬
‫بحراجة موقفهم الجديد‪ ،‬الذي وجدوا فيه أنفسهم يطالبونا في منتصف الخمسينات بأراض سإبق أنا‬
‫"تركوها" للرياض قبل عشرين سإنة خآلت‪ .‬و لهذا ترددت ندنا بين ذلك الخط العتيق و بين‬
‫تعديلت تأخآذ في الحسانا مفاهيم أخآري‪ ،‬مثل الولءات القبلية‪ ،‬التي وصفها المسؤو نفسها بأنها‬
‫أقوي نقطة للسعوديين‪.‬‬

‫الخط البريطاني المنفرد )‪(1955‬‬


‫في إثر انسحاب بريطانيا من عملية التحكم الخاصة بنزاعها مع الرياض حول تخومها‬
‫الشرقية)انظر المبحث السابع(‪ ،‬لجأت إلي فرض خآطأمر واقع شمل التخوما الشرقية و الجنوبية‬
‫السعودية علي حد سإواء‪ .‬امتد الجزء الجنوبي من خآط ‪ 1955‬من نقطة تقاطاع دائرة عض ‪19‬‬
‫شمالا مع خآط طاول ‪ 52‬شرقا ا و علي امتداد الطاراف الجنوبية للكثبانا الرملية‪ ،‬إلي تقاطاع دائرة‬
‫عرض ‪ 18.48‬شمالا مع خآط طاول ‪ 51.03‬شرقاا‪ ،‬ومن ثم إلي تقاطاع دائرة عرض ‪18.10‬‬
‫شمالا مع خآط طاول ‪ 48.20‬شرقاا‪ .‬يمتد خآط ‪ 1955‬بعد ذلك فياتجاهجنوبي غربي حتي يلتقي مع‬
‫الخط البنفسجي‪ .‬غني عن الذكر أنا الحكومة السعودية‪ -‬التي أبلغت بهذا الخط رسإمياا‪ -‬رفضت‬
‫العتراف به و بأية إجراءات ناجمة عنه‪.‬‬
‫وضع ذلك الجراء التحكمي نهاية للتواصل الدبلوماسإي السعودي‪ -‬البريطاني حول التخوما‬
‫السعودية الجنوبية‪ ،‬ولهذا ظل ذلك النزاع خآامداا حتيانسحاب بريطانيا من جنوب شبه الجزيرة‬
‫العربية‪.‬‬
‫الرياض تعيد التمسك بخط حمزة‬
‫غلبت الصبغة الدبلوماسإية على هذا النزاع لثلثة عقود و نيف؛ غير أنه مع نشأة دولة‬
‫اليمن الجنوبية الجديدة في ‪ ،1968‬أضيف بعد أيدولوجي إلي ذلك النزاع الخامد‪ ،‬المر الذي نقلة‬
‫إلي طاور جديد عكس التوتر المتصاعد الذي شاب علقة الرياض بجارها الجنوبي الجديد‪ .‬فبعد‬
‫وقتقصير من نشظاة اليمن الجنوبي‪ ،‬و علي الرغم من حداثة مؤسإساته السياسإية و العسكرية‪،‬‬
‫اشتعلت أحداث الوديعة )تشرين الثاني‪ /‬نوفمبر‪ -‬كانونا الول‪ /‬ديسمبر ‪ .(1969‬و قد اعتبرت‬
‫حكومة عدنا خآلل تلك الحداث أنا الكرب و الصيعر تابعتانا لها‪ ،‬المر الذي يجعل الوديعة‬
‫ضمن أراضيها‪ .‬و جدير بالذكر أنا سإكانا الوديعة‪ -‬التي ربما جازا لنا أنا نعتبرها أقصي موقع‬
‫ل‪ -‬أفراد من قبيلة الصيعر‬‫سإعودي في منطقة التخوما الجنوبية و تبعد عن نجرانا نحو ‪ 370‬كي ا‬
‫التي عمرتها خآلل ‪ ،1954‬بينما عمرت الكرب شرورة التي يفصلها عن الوديعة نحو ‪ 50‬كي ا‬
‫ل‪.‬‬
‫والقبيلتانا اخآتارتا الرعوية السعودية و خآضعتا للسلطات السعودية في شرورة‪ ،‬وهما تدافعانا‬
‫عن هذه المنطقة‪ .‬وقد اسإتنتج أحد أبرزا المختصين بالنزاعات الحدودية العربية من إشارة بيانا‬
‫سإعودي إلي كونا الوديعة تقع شمال الخط البنفسجي‪ ،‬أنا الرياض تعترف واقعيا ا بذلك الخط في‬
‫تلك المنطقة بالتحديد‪ .‬و الحق أنا محاولة الربط بين تحركات القبائل المعنية و خآط وهمي عفا‬
‫‪.‬‬
‫عليه الزمن قد تبدو متعجلة‬

‫‪64‬‬
‫علي الرغم من أنا تلك الحداث كانت اسإتثناء لم يعكر الطابع السلميالعاما لذلك النزاع‬
‫الحدودي‪ ،‬فإنا علقة الرياض بعدنا لم تكن تسمح باسإتئناف المفاوضات التي انقطعت منذ‬
‫منتصف الخمسينات‪ ،‬فظل ذلك النزاع خآامداا‪ .‬خآلل السنين اللحقة‪ ،‬عكست خآرائط أصدرها‬
‫الطرفانا موقفيهما الرسإميين الخآيرين‪ .‬فعلي سإبيل المثال‪ ،‬أظهرت خآريطة سإعودية تعود إلي‬
‫‪ 1986‬تمسك الرياض رسإميا ا بخط حمزة الذي سإبق أنا أكدته مذكرة وزاارة الخارجية السعودية‬
‫)تشرين الول‪ /‬أكتوبر ‪.(1955‬‬
‫مذكرة التفاهم السعودية‪ -‬اليمنية )‪(1994‬‬
‫كانت إعادة فتح هذا الملف الحدودي تنتظر حدوث تغير سإياسإي حاسإم يتيح التعامل مع‬
‫قضاياه المعقدة بأسإلوب إيجابي‪ .‬شكلت الوحدة اليمنية خآطوة مهمة علي هذا الطريق بالنظر إلي‬
‫تولي صنعاء‪ ،‬وهي التي تربطها بالرياض علقة جيدة‪ ،‬هذا الملف‪ ،‬في غمرة أوضاع سإياسإية و‬
‫اقتصادية مستجدة خآلفتها الحرب النفصالية و تداعيتها‪ .‬فقد أدت المشكلت التنموية التي تفاقمت‬
‫بعد الحرب إلي اقتناع النخبة السياسإية اليمنية بصورة خآاصة‪ ،‬و الرأي العاما اليمني بصورة عامة‬
‫–كما يبدو‪ -‬بإقفال الملف الحدودي مع جارتهم الكبرى‪ .‬وفي هذه الظروف‪ ،‬وققعت الرياض و‬
‫صنعاء في شباطا‪ /‬فبراير ‪ 1995‬مذكرة تفاهم كرسإت خآط ‪ 1934‬الحدودي و دشنت سإت لجانا‬
‫لحل جميع القضايا الحدودية و السياسإية العالقة‪ .‬ل تزال التخوما البرية الطويلة الممتدة من النقطة‬
‫التي وقف عندها خآط ‪ 1934‬حتي عقدة التقاء الحدود المستهدفة لليمن و السعودية و عمانا هي‬
‫الموضوع البرزا للمفاوضات الدائرة حالياا‪.‬‬
‫ظل المسؤولونا في البلدين يحيطونا مفاوضاتهم الثنائية بقدر كبير من التعتيم العلمي‬
‫وسإط جو تفاؤلي عاما‪ ،‬غير أنا المفاوضات التي دارت علي مستوي اللجانا واجهت صعوبات و‬
‫تباينات ما لبثت أنا طافت علي السطح منذ أواخآر ‪ .1994‬و أدي ذلك إلي اتخاذ قرار برفع مستوي‬
‫التفاوض‪ .‬ففي آب‪ /‬أغسطس ‪ ،1997‬اتفق الطرفانا في أثناء زايارة للمير سإلطانا بن عبد العزيز‬
‫لصنعاء‪ ،‬علي "التعجيل بحل قضية الحدود عبر المفاوضات الثنائية علي أعلي المستويات"‪ .‬غير‬
‫أنا ذلك لم يحل دونا اسإتمرار التباينات في مواقف الطرفين‪ .‬فعلي سإبيل المثال‪ ،‬نصت المادة‬
‫الخامسة من مذكرة التفاهم علي عدما جوازا قياما الطرفين باسإتحداث أي منشآت في منطقة التخوما‪.‬‬
‫وقد أكد اجتماع الجولة الولي للجنة العليا المشتركة و اجتماع الجولة السابعة للجنة العسكرية‬
‫المشتركة هذا المر‪ ،‬و كذلك –في إشارة فيما يبدو إلي عدما اللتزاما به –إزاالة "أي اسإتحداثات‬
‫تمت من أي من الطرفين في المناطاق الحدودية بعد توقيع مذكرة التفاهم"؛ غير أنا هذه القضية‬
‫ظلت –فيما يبدو عالقة بحيث أنا اللجنة العسكرية المشتركة اضطرت في جولتها التاسإعة إلي‬
‫إعادة تأكيدها‪ ،‬بل وزاادت على ذلك –في دللة مهمة علي توتر الوضاع في المناطاق الحدودية‪-‬‬
‫‪.‬‬
‫بالنص علي "عدما اسإتخداما القوة أو التهديد بها لحل أي خآلف ينشأ"‬
‫و علي صعيد الخط الحدودي المستهدف‪ ،‬أكمل الطرفانا "مشواراا جيداا )رسإما( خآلله‬
‫مسافة طاويلة من الحدود"‪ ،‬غير أنا خآلفتهما ثارت بشأنا منطقة المهرة في أقصي الطرف‬
‫الشرقي من تخومهما المشتركة ‪ .‬وقد لوح نائب الرئيس اليمني – في إطار ما يبدو أنه مناورة‬
‫للضغط على الرياض باللجوء إلى التحكيم – في حالة عدما قبول الخآرة "بالتصور النهائي" فيما‬
‫يتعلق بقضية الحدود المشتركة‪ ،‬والذي قدمه الرئيس اليمني للمير سإلطانا بن عبد العزيز‪ .‬وفي‬
‫السياق نفسه‪،‬اقترح الرئيس اليمني تأجيل المفاوضات الحدودية "لفترة غير محددة"‪ ،‬متهما ا‬
‫الرياض بعدما توفر الرغبة والقناعة التامة بذلك‪ .‬وردت الرياض بتصريح هادئ أكدت فيه‬
‫حرصها " على حل ما تبقى من خآط الحدود مع الجمهورية اليمنية الشقيقة دونا تأخآير‪ ،‬خآاصة أنا‬

‫‪65‬‬
‫المملكة العربية السعودية توصلت إلى حل معظم مواضيع الحدود مع الدول المجاورة لها بأسإلوب‬
‫دوي أخآوي"‪ .‬وعلى الرغم من توقف المفاوضات الحدودية بين الجانبين‪ ،‬فإنا من المستبعد أل‬
‫يعودا إلى إكمال العمل المضني الذي أنجزاه في ظل توفر رغبة مشتركة في إقفال الملف‬
‫الحدودي بينهما بصورة نهائية‪ .‬لقد سإاد مبدأ الصفقات المتبادلة والمتوازانة التسويات الت أبرمتها‬
‫الرياض مع جيرانها خآلل العواما الثلثين الماضية )الردنا وقطر ‪ ،1965‬عمانا ‪،1971‬‬
‫أبوظبي ‪ .(1974‬ولهذا‪ ،‬فإنه من المتوقع أل تخرج التسوية الجديدة المنتظرة لهذا النزاع عن هذا‬
‫النمط المتوازانا‪.‬‬
‫يبدو أنا مجموعة من العوامل سإتؤثر على شكل التسوية القادمة‪ .‬فقد مرت عدة عقود منذ‬
‫بروزا هذا النزاع إلى السطح ثم كمونه مرة أخآرى‪ ،‬في وقت كانت الطاراف المعنية تواصل بناء‬
‫وترسإيخ وتوسإيع المدى القليمي لمؤسإساتها السياسإية والدارية والقتصادية‪ .‬ولقد شهدت‬
‫السنوات اللحقة تغيرات اجتماعية – سإياسإية مهمة فرضت واقعا ا جديداا يستبعد أنا تتجاهله أي‬
‫تسوية لحقة‪ .‬ومن ذلك أنا بعضا ا من قبائل الصعير والكرب التي اتفق الطرفانا في ‪ 1949‬على‬
‫اعتبارها تابعة لعدنا‪ ،‬اخآتارت الرعوية السعودية واسإتقرت في أراض سإعودية )شرورة‬
‫والوديعة(‪ ،‬وخآضعت بالتالي للسيادة السعودية فترة طاويلة ومتواصلة‪ .‬ويفرض الواقع الجديد‬
‫بعض التعقيدات التي من المفترض أنا تكونا ضمن جدول أعمال المفاوضات الحالية‪ .‬فمثل‪،‬‬
‫للصعير ولكرب آبار مشهورة )زامخ‪ ،‬منوخ( في الجانب اليمني من الحدود القائمة من الناحية‬
‫الواقعية‪ .‬وبالضافة إلى ذلك‪ ،‬من المعروف أنا كثيراا من أفراد قبيلة المهرة ي أقصى شرق‬
‫التخوما المشتركة يحملونا هويات سإعودية‪.‬‬
‫ومن ناحية أخآرى‪ ،‬زاادت ضغوطا المطالب التنموية من قبل قطاعات واسإعة في المجتمع‬
‫اليمني على النخبة السياسإية الحاكمة‪ .‬ولقد تأججت تلك المطالب بعد الوحدة اليمنية وما تلها من‬
‫حرب أهلية‪ .‬في هذه الجواء‪ ،‬تبدي صنعاء كما يظهر ‪ -‬اهتماما واضحا بإيجاد صيغة ما‬
‫لسإتيعاب اليمن اقتصاديا وسإياسإيا ضمن المنظومة الخليجية‪ .‬وفي حين أنا قضايا عدة ل تزال‬
‫تحول دونا تحقيق هذه الرغبة اليمنية فيما يبدو‪ ،‬فإنا تسوية هذا النزاع الحدودي‪ ،‬وما سإيفضى‬
‫إليه من تمتين للعلقات السعودية – اليمنية‪ ،‬سإيؤدي إلى مزيد من التقارب بين اليمن الموحد‬
‫والمنظومة الخليجية‪.‬‬
‫وعلى الصعيد نفسه‪ ،‬دار لفترة من الوقت‪ ،‬في غمرة المفاوضات الحدودية بين الطرفين‪،‬‬
‫حديث هامس عن محاولة صنعاء ربط التسوية الحدودية المستهدفة بصفقة تتضمن إعادة منح‬
‫الرياض العمالة اليمنية وضعا ا مميزاا‪ .‬ولقد لمحت مصادر سإعودية قريبة من المفاوضات إلى‬
‫ذلك‪ ،‬حيث أرجعت التعقيدات التي تواجهها المفاوضات الحدودية بين البلدين إلى "تدخآل بعض‬
‫الطاراف الخارجية وسإعي اليمن إلى تحقيق مكاسإب سإياسإية واقتصادية في مقابل تسوية الجزء‬
‫الباقي من الحدود"‪.‬‬

‫‪66‬‬

You might also like