شعر

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 2

‫مـصـر الـمـدنـيـة‬

‫مجلة مصريـة – علمانيـة – ليبراليـة إجتماعية‬

‫ّ‬
‫الحالج ‪3‬‬ ‫في رحاب‬
‫‪Posted on December 28, 2012 by admin‬‬

‫الحبيب األنا‬

‫حب صوفي‬
‫ّ‬ ‫وصف موعد‬

‫مادونا عسكر‬

‫حاضر غائب عن ال ّلحظات‬ ‫حبيب أزور في الخلوات‬


‫ٌ‬ ‫لي‬

‫كي أعي ما يقول من كلمات‬ ‫ما تراني أصغي إليه بسمع‬

‫وال مثل نغمة األصوات‬ ‫كلمات من غير شكل وال نطق‬

‫على خاطري بذاتي لذاتي‬ ‫فكأنّي مخاطب كنت إيًّاه‬

‫الصفات‬
‫ّ‬ ‫وهو لم تحوه رسوم‬ ‫حاضر غائب قريب بعي ٌد‬

‫وأخفى من الئح الخطرات‬ ‫هو ّ‬


‫أدل من الضمير إلى الوهم‬

‫بالشكل ا ّلذي نستشفّه من كلمات‬ ‫ّ‬ ‫“الحالج” إيمانه حبّاً‪ ،‬استم ّده من اهلل لتتح ّول عبادته إلى عشق ال متناه‪ .‬وهذا العشق ال يمكن أن يظهر‬ ‫ّ‬ ‫فجر‬
‫ّ‬
‫نحب اهلل بمبادرة شخصيّة فرديّة‪ ،‬فاهلل هو من يحبّنا أ ّوالً ويزرع فينا محبّته‪ ،‬فيأتي‬
‫ّ‬ ‫إال إذا كان صادقا ً تا ّما ً‪ .‬كما أ ّنه ليس باإلمكان أن‬ ‫ّ‬
‫“الحالج”‪ّ ،‬‬
‫الحب هو الطّريق األقرب واألجمل واألرقى‪ ،‬إذ إنّه يساهم ببناء عالقة‬
‫ّ‬ ‫الحب‪ .‬والطّريق إلى اهلل وإن تش ّعبت سبلها ّ‬
‫إال أ ّن‬ ‫ّ‬ ‫اإليمان به جوابا ً على هذا‬
‫وخاصة‪ ،‬ال يدرك معناها ّ‬
‫إال الحبيب واملحبوب‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫تتدرج مع الوقت إلى عالقة حميميّة‬
‫ّ‬ ‫شخصيّة مع اهلل‬

‫حب عظيم وعشق ال‬ ‫ّ‬


‫الحالجيّة‪ ،‬هو ّ‬ ‫الصوفيّة سواء أكانت مبهمة أم معلنة‪ ،‬غامضة أم واضحة‪ّ ،‬‬
‫إال أ ّن ما يظهر لنا من خالل العبارات‬ ‫أيًّا كانت معاني ّ‬
‫اهري وملا سرقنا عمق املعنى‪.‬‬
‫ّ‬ ‫وإال الكتفينا باملعنى ال ّ‬
‫ظ‬ ‫ً‬ ‫ً‬ ‫ّ‬
‫محدود للذّات اإللهيّة‪ .‬ليس شعر الحالج تأليفا خياليّا ّ‬

‫حاضر غائب عن ال ّلحظات‬ ‫حبيب أزور في الخلوات‬


‫ٌ‬ ‫لي‬

‫حبيب ليس كاألحبّة‪ ،‬وزيارته ليست تقليديّة‪ .‬هو الحبيب ا ّلذي في الخفاء‪ ،‬وهنا الخفاء هو الذّات اإلنسانيّة‪ .‬يدخل املحبوب مخدعه أي ذاته ليح ّدث الحبيب‬
‫والساعات ال يعني شيئاً‪ ،‬وال ّلحظات تشبه نسيمات الهواء ا ّلتي تتأرجح على أهداب املكان وال‬
‫ّ‬ ‫الحاضر الغائب عن ال ّلحظات‪ .‬فالزّمان املمت ّد بني ال ّدقائق‬
‫يحب أوالً ليمنح املحبوب القدرة على‬
‫ّ‬ ‫نراها وال نعرف من أين تأتي وال إلى أين تذهب‪ .‬يزور املحبوب الحبيب في عمق أعماقه بل هي زيارة الحبيب ا ّلذي‬
‫الحب املطلق‪.‬‬
‫ّ‬

‫كي أعي ما يقول من كلمات‬ ‫ما تراني أصغي إليه بسمع‬

‫وال مثل نغمة األصوات‬ ‫كلمات من غير شكل وال نطق‬

‫‪http://www.civicegypt.org/?p=32863‬‬ ‫‪5/13/17, 5;32 PM‬‬


‫‪Page 1 of 2‬‬
‫الصامت‪ ،‬ولكن في نفس الوقت يمأل صوت الحبيب كيان‬ ‫ويتجرد من الحاسة ويتخطّاها إلى التّأ ّمل ّ‬
‫ّ‬ ‫اإلصغاء سر املحبّني‪ ،‬إذ إنّه يرتقي عن االستماع‪،‬‬
‫املحبوب‪ .‬ما يصغي إليه املحبوب ليست كلمات عابرة وإ ّنما هو يروي حواسه من الحضور ويرتشف من سكينته أبلغ لغة‪ ،‬فيسمع ويرى ولكنّه ال يسمع وال‬
‫يرى‪.‬‬

‫الالكالم يش ّكل حالة صالة مرتقية جدا ً حيث ال الحبيب يتك ّلم وال املحبوب‪ ،‬وال الحبيب يسمع وال املحبوب‪ ،‬إنّما هو الحضور ا ّلذي يكتفي‬
‫هذا اإلصغاء إلى ّ‬
‫الرومي‪“ :‬للعشق لغة ليس ينطق بسواها‪ ،‬وال يفهمها إال أهلها”‪ .‬فليس‬ ‫السياق يقول جالل الدين ّ‬ ‫به االثنان معاً‪ ،‬وهو فوق الكالم وفوق ال ّلغة‪ .‬في نفس ّ‬
‫الروح يص ّلي فيكم بأنات ال توصف”‪ .‬هو من‬
‫متاحا ً للجميع فهم لغة العشق ال لصعوبة فيها ولكن لخصوصيّتها وحميميّتها‪ .‬ويقول الق ّديس بولس‪ ” :‬إ ّن ّ‬
‫يحب فينا فحبّنا ال يكتمل ّ‬
‫إال به‪.‬‬ ‫ّ‬ ‫فجل أقوالنا تمتمات‪ ،‬وهو ا ّلذي‬
‫ّ‬ ‫يص ّلي فينا وليس نحن من نص ّلي‪،‬‬

‫على خاطري بذاتي لذاتي‬ ‫فكأنّي مخاطب كنت إيًّاه‬

‫الصفات‬
‫ّ‬ ‫وهو لم تحوه رسوم‬ ‫حاضر غائب قريب بعي ٌد‬

‫إال أ ّنه يخاطب ذاته‪ ،‬فالحبيب في داخله‪ ،‬يسكن في عمق أعماق ذاته‪ ،‬وحاضر في الكيان ك ّله‪ .‬وإن غاب عن‬‫يتهيّأ للعاشق بداية أ ّنه يخاطب حبيبه ّ‬
‫ذرة‬ ‫ّ‬
‫الروح‪ ،‬واملرتفع فوق التّعابير واملنصهر في كل ّ‬
‫البصر فهو غير محتجب عن البصيرة‪ .‬هو البعيد عن الحواس لكنّه القريب أكثر من القرب في خاليا ّ‬
‫من الطّبيعة اإلنسانيّة‪.‬‬

‫أي لغة‪ .‬وندرك‬ ‫ونتلمس املعاني‪ .‬فالحبيب أعلى وأسمى من ّ‬


‫كل صفة‪ ،‬وأعظم من ّ‬ ‫ّ‬ ‫الصفات وأسماها لكنّنا نبقى نتمتم الكلمات‬
‫قد نصف الحبيب بأعظم ّ‬
‫بالصمت ويتف ّوه القلب ما تعجز عن وصفه اللغة‪ ،‬فإدراكه أشبه بمن غاص في أعماق البحار ليكتشف جمالها الحقيقيّ‪ .‬فالجمال املنقشع على‬‫ّ‬ ‫الحبيب‬
‫فنتجمل‪.‬‬
‫ّ‬ ‫والسحر فيكمنان في العمق حيث اال ّتحاد بجمال الحبيب‪،‬‬
‫ّ‬ ‫وجه املياه ليس ّ‬
‫إال لفحات من سحر البهاء‪ .‬وأ ّما الفتنة‬

‫_____________‬

‫ّ‬
‫الحالج‪ ،‬أبي املغيث الحسني بن منصور بن محمى البيضاوي )‪ 244‬هـ‪ 309 -‬هـ‪ 922-858 /‬م(‪ ،‬صنعه وأصلحه أبو طرف كامل بن مصطفى‬ ‫ديوان‬
‫الشيبي‪ ،‬منشورات الجمل ‪ -1997‬الطبعة‪ ،‬األولى‪ -‬أملانيا‪ -‬كولونيا‬

‫‪Tweet‬‬ ‫‪Google‬‬
‫‪Like 15 people like this. Sign‬‬ ‫على‪Up to‬‬
‫بهذا‪see‬‬ ‫التوصية‬
‫‪what‬‬ ‫‪your friends like.‬‬

‫‪. Bookmark the permalink.‬مادونا عسكر ‪This entry was posted in‬‬

‫مـصـر الـمـدنـيـة‬
‫‪Proudly powered by WordPress.‬‬

‫‪http://www.civicegypt.org/?p=32863‬‬ ‫‪5/13/17, 5;32 PM‬‬


‫‪Page 2 of 2‬‬

You might also like