Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 24

‫كلمة التقديم‬

‫السالمعليكم ورحمة الله وبركاته‬

‫الحمد الله رب العالمين الذي قد أنزل القرأن إلى أمه والذي قد الهدى‪ ،‬والصالة والسالم على‬
‫سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم‪ ،‬وهو الذي ارسله الحق وهو الدين األكمل من الديانة األخرى امل‬
‫بعد‪.‬‬

‫هذه المقالة في الموضوع "أداب اللغة العربية في لعصر الجاهلي" تقدم إلى أستذانا الفضل‬
‫"ألستاد محمد اسعد رضي صنهاجي "إلعدام تعلمنا في الدرس "تاريخ اداب اللغة"‪.‬‬

‫وأقول شكر جزيال على من كان قد ساعدنا في كتابة هذه المقالة‪ .‬وان هذه المقالة لم تصل‬
‫إلى كما لها فلذلك يفتح المؤلف أبواب االنتقادات األجل كمالها‪.‬‬

‫واألخير نرجوا ينجع كل من يريد تعليم اللغة عربية تمام النجاح خاصة لمن يتعلم في هذه‬
‫الدراسية‪.‬‬

‫والسالم عليكم ورحمة الله وبركاته‬

‫تولونج أجونج‪ 41 ،‬سبتمبر ‪9142‬‬

‫المؤلفون‬

‫‪ii‬‬
‫فهرس‬

‫كلمة التقديم ‪ii .....................................................................................................................................‬‬

‫فهرس ‪iii ............................................................................................................................................‬‬

‫الباب األول ‪1 .....................................................................................................................................‬‬

‫خلفية البحث ‪1 ............................................................................................................‬‬ ‫أ‪.‬‬

‫القضايا في البحث ‪2 ..................................................................................................‬‬ ‫ب‪.‬‬

‫ج‪ .‬أهداف البحث ‪2 ..........................................................................................................................‬‬

‫ألباب الثاني‪3 ......................................................................................................................................‬‬

‫آداب اللغة قبل اإلسالم ‪3 .........................................................................................‬‬ ‫أ‪.‬‬

‫العصر القديم أو الجاهلية األولى ‪3 ..................................................................‬‬ ‫‪1.‬‬

‫من قبل التاريخ إلى القرن الخامس للميالد ‪3 ........................................‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫سفر أيوب ‪4 ...........................................................................................................‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫الجاهلية الثانية أو العصر الجاهلي قبيل اإلسالم‪5 ..................................‬‬ ‫‪2.‬‬

‫من القرن الخامس للميالد إال ظهور إلسالم ‪5 ......................................‬‬ ‫)‪(1‬‬

‫الفرق بين لغة الجاهلية األولى والثانية ‪5 ...................................................‬‬ ‫)‪(9‬‬

‫درجة ارتقاء عقول العرب ‪7 ..................................................................................‬‬ ‫‪3.‬‬

‫إرتقاهم في السياسة والعمران ‪8 .....................................................................‬‬ ‫)‪(4‬‬

‫إرتقاؤهم في التجارة واالقتصاد ‪9 .................................................................‬‬ ‫)‪(2‬‬

‫تعقلهم وآراؤهم ‪11 ................................................................................................‬‬ ‫(‪)3‬‬

‫طبيعة الشعر الجاهلى ‪11 ..........................................................................................‬‬ ‫ب‪.‬‬

‫ج‪ .‬مصادر معرفة الشعر الجاهلى ‪11 ........................................................................................................‬‬

‫المرجع ‪22 .........................................................................................................................................‬‬

‫‪iii‬‬
‫الباب األول‬
‫أ‪ .‬خلفية البحث‬

‫األدب هو جزء من الوجود الثقافي الذي ينعكس عمليا في األعمال األدبية‪ .‬إن جميع الثقافات‬
‫والحضارات في العالم تشهد فترة من التغير العميق‪ ،‬بما في ذلك ثقافة وحضارة األمة العربية بكل‬
‫مجموعها‪ .‬لقد كان الكتاب العرب يصبغون العديد من الحضارات اإلنسانية بمهاراتهم المميزة وبراعتهم‬
‫في األدب‪ .‬تتناول الحضارة مهاراتهم المميزة وبراعتهم في األدب‪ .‬وترتبط الحضارة بالمصطلح الجماعي‬
‫إلظهار حالة المجتمع المتحضر‪ .‬ومن بين سمات المجتمع المتحضر القدرة على إنتاج الثقافة وجعلها‬
‫تحدث في ظل وجود ثقافي يجب الحفاظ عليه‪ .‬في مجرى تاريخه‪ ،‬يستطيع المجتمع العربي إنتاج‬
‫ثقافة حتى يتمكن من تحقيق مستوى عال من الحضارة‪ ،‬وهو ما ينعكس‪ ،‬في أمور أخرى‪ ،‬على منتجاته‬
‫الثقافية التي هي أعمال أدبية ملموسة في شكل شعر ونثر ودراما‪.‬‬

‫يمكن أن يقال إن األدب العربي هو األكثر شيوعاً بين اللغات السماوية‪ ،‬ألن األدب العربي‬
‫يتكون من خلط مختلف األدب من مختلف الناس في الحضارات اإلسالمية التي تتراكم في بلدان مثل‬
‫العرب‪ ،‬الفارسية والتركية والعراق ومصر والرومانية وغيرها‪ .‬األدب العربي له عالقة وثيقة جداً مع التاريخ‬
‫السياسي واالجتماعي لشعب معين‪ ،‬بحيث يكون لكل منهما تأثير كبير جداً على تطوير األدب‪ .‬كل‬
‫شكل سياسي وصحوة اجتماعية تحدث في مجتمع ما سوف يتم تسجيلها في عقل يكشفه الشاعر‬
‫وكتابات العلماء 'بسبب حساسيتهم لألحداث هناك ثم انتشرت إلى جميع الناس الذين شكلوا الشعر‬
‫والكتابات والكتب وغيرها‪ .‬لذلك منذ أيام ما قبل اإلسالم في الجزيرة العربية في فترة الجاهلية كانت‬
‫‪4‬‬
‫بداية تطور األدب العربي في منتصف القرن الخامس‪.‬‬

‫األدب الجاهلي تقريبا ال يهرب من المحادثة‪ .‬استناداً إلى دراسة مقارنة بين األدب العربي في‬
‫العصر الجاهلي والفترات التي تلت ظهور اإلسالم سيتم استخالص استنتاجات بشأن دور اإلسالم الذي‬
‫هو كبير جداً في تغيير األمة العربية‪ .‬وسوف نشهد كيف يمكن لإلسالم أن ينقذ أمة كانت تشارك منذ‬
‫فترة طويلة في الوثنية ومثل هذا االنحطاط األخالقي الشديد إلى حياة مليئة بالتعليم والفجور‪.‬‬

‫‪ 1‬جرجي زيدان‪ ،‬تاريخ األدب الغة العربية‪( ،‬كايرو‪ :‬دار المعرفة‪92 ،)4291،‬‬

‫‪1‬‬
‫ب‪ .‬القضايا في البحث‬
‫‪ .4‬كيف حاله أداب اللغة قبل اإلسلم؟‬
‫‪ .9‬كيف طبيعة الشعر الجاهلى؟‬
‫‪ .2‬كيف مصادر معرفة الشعر الجاهلى؟‬
‫ج‪ .‬أهداف البحث‬
‫‪ .4‬لتحديد حاله أداب اللغة قبل اإلسلم‪.‬‬
‫‪ .9‬لتحديد طبيعة الشعر الجاهلى‪.‬‬
‫‪ .2‬لتحديد مصادر معرفة الشعر الجاهلى‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫ألباب الثاني‬
‫أ‪ .‬آداب اللغة قبل اإلسالم‬
‫‪ .1‬العصر القديم أو الجاهلية األولى‬
‫(‪ )1‬من قبل التاريخ إلى القرن الخامس للميالد‬

‫لم يتصد أحد للبحث في آداب اللغة العربية قبل زمن التاريح ؛ لقلة المواد المساعدة‬
‫على ذلك‪ ،‬والعتقادهم أن العرب حتى في الجهلية الثانية قبل اإلسالم كانوا غارقين في‬
‫الفوضى والجهالة ال عمل لهم إال الغزو والنهب والحرب في بادية الحجاز والشام وفي نجد‬
‫وغيرها من بالد العرب‪ ،‬على أننا إذا نظرنا إلى لغتهم كما كانت في عصر الجاهلية‪ ،‬نستدل‬
‫على أن هذه األمة كانت من أعرق األمم في المدينة؛ ألنها من أرقى لغات العالم في‬
‫أساليبها ومعانيها وتراكيبها‪ ...‬واللغة مرآة عقول أصحابها ومستودع آدابهم‪ ...‬فاالمتكلمون‬
‫باللغة الفصحى كما جاءتنا في القرآن والشعر الجاهلي وألمثال‪ ،‬ال يمكن أن يكون‬
‫أصحابها دخلوا المدينة أو العلم من قرن إلى قرنين فقط‪...‬؛ إذ ال يتأتى للغة من لغات‬
‫المتوحشين أن تبلغ مبلغ لغات المتمدنين إال بتوالي األدهار‪ ،‬فكيف باللغة العربية الدالة‬
‫‪9‬‬
‫على سمو مدارك أصحابها وسعة تصورهم ودقة نظرهم كاما سنبينه في أماكنه‪.‬‬

‫على أن االكتشافات األثرية أيدت هذا الرأي بما أظهرته من بقايا تمدن اليمن قبل‬
‫اإلسالم ببضعة عشر قرنًا‪ ،‬ولم يظهر من تلك األطالل إلى الطفيف؛ ألن ما عثروا عليه من‬
‫فضال عماظهر من فضل العرب‬ ‫األحافير ال يذكر في جانب ما بقي مدفونًا في الرمال‪ً ،‬‬
‫وأعراقهم في المدينة والعلم‪ ،‬مما قرأوه من آثار بابل وآشور‪ ،‬فإذا صح أن دولة حمورابي‬
‫التي تولت بابل وسائر العراق في القرن العشرين قبل المالد عربية كما بينا ذلك في كتابنا‬
‫(العرب قبل اإلسالم)‪ ،‬كان العرب من أسبق األمم إلى المدينة‪ ،‬فإنهم أقدم من وصلتنا‬
‫شرائعهم وقوانينهم‪ ،‬هذه شريعة حمورابي التي عثروا عليها في بالد السوس منقوشة بالحرف‬
‫المسماري على مسلة من الحجز األسود الطلب –سنها حمورابي في القرن الثامن عشر‬
‫قبل الميالد‪ ،‬أي قبل شريعة موسى بثالثة أو أربعة قرون ‪ ...‬وهي مؤلفة من ‪ 984‬مادة‬
‫تبحث في طبقات األمة وحقوق المرأة وواجباتها والزواج والتبني واإلرث وغيره‪.‬‬

‫‪ُ 9‬جرجي ‪.‬يدان‪ ،‬تاريخ آداب اللغة العربية‪:( ،‬كير‪ ،‬مؤسسة هنداوي للتعليم والثاقفة المشهرة‪21 ،)9149 ،‬‬

‫‪3‬‬
‫والحمورابيون أو عمالقة العراق أقدم من أنشأ المدارس لتعليم الصغار على نحو ما هو‬
‫جار اآلن‪ ،‬وقد كشفوا في آثار زيبارا أنقاض مدرسة لتعليم األطفال‪ ،‬وهذه أول مرة سمعنا‬
‫بمدرسة مثل هذه في التمدن القديم أي منذ أربعة اآلف سنة‪ ،‬وكان فيها (رقم) أو أحجار‬
‫منقوشة عليها دروس لألطفال واألحداث في الحسب والهجاء وجداول الضرب‬
‫والمعجمات ونحوها‪ ،‬واكتشفوا كثيرا من الكتب والرسائل المنقوشة على األحجار أو الرقم‬
‫وأكثرىها لحمورابي وفيها‪ ،‬الصكوك والعقود والمسائل الرياضية وألرصاد الفلكية والنصوص‬
‫ال تاريخية وألدعية الدينية‪ ،‬ومن أكبر أدلة الرقي في ذلك العهد أن المرأة كانت متمتعة‬
‫بحريتها واستقاللها مثل أرقيى نساء هذا التمدن وكن يمارسن المهن القلمية‪ ،‬وإنتظم جماعة‬
‫‪2‬‬
‫منهن في خدمة الدواوين والمصالح األميرية‪.‬‬
‫فإذا صح أن هذه الدولة عربية‪ ،‬كان العرب أسبق أمم األرض إلى سن الشرائع وتنشيظ‬
‫العلم‪ ،‬وأنهم بلغوا في نظام االتماع ما لم يبلغ إليه معاصروهم‪ ،‬وأدركوا من الرقي االجتماعي‬
‫ما ال يزال بعض األمم المتمدنة في هذا العصر بعيدين عنه‪.‬‬
‫ونحن في غنى عن التنبيه إلى أن قولنا‪ :‬إن الدولة الحمورابية عربية ليس مثل قولنا‪:‬‬
‫(دولة اإلسالم عربية)‪ ،‬وإذا صحت عربية تلك‪ ،‬فال يستلزم أن تكون لغتها مثل لغة القرآن‬
‫وال أن عاداتها ودياناتها مثل ما لعرب قريش ‪ ...‬فإن بني الدولتني نحو ‪ 91‬قرنًا‪ ،‬واألمم‬
‫تتغير عاداتها ولغاتها بتغري األقاليم وتوالي العصور‪.‬‬
‫وال يقتصر فضل الحمورابيني أو عمالقة العراق على ما شادوه فيما بني النهرين وما‬
‫خلفوه هناك من آثار مدنيتهم وعلمهم؛ فقد نشروا آدابهم وديانتهم وشريعتهم في جزيرة‬
‫العرب وخصوصا في البقاع العامرة منها ومن جملتها اليمن ومدين والحجاز‬
‫ويوجد تشابه بني شريعة موسى وشريعة حمورابي كما بينا ذلك في الهالل العدد‬
‫الخامس سنة ‪ 42‬؛ إذ أتينا بنصوص متقابلة متشابهة في الشريعتني‪ ،‬وحمورابي قبل موسى‬
‫بثمانمائة سنة‪.‬‬
‫(‪ )2‬سفر أيوب‬

‫‪3‬‬
‫‪Ibid, hlm. 33‬‬

‫‪4‬‬
‫ومما يعد من قبيل آداب العرب في ذلك العصر سفر أيوب‪ ،‬والمرجح عند أهل‬
‫شعرا عربيًا في‬
‫التحقيق أن صاحب هذا السفر في التوراة عربي األصل‪ ،‬نظم ذلك الكتاب ً‬
‫نحو القرن العشرين قبل الميالد على أثر نزوح الحمورابيني من بين النهرين‪ ،‬ثم ترجم إلى‬
‫العبرانية وعد من األسفار المقدسة‪ ،‬وضاع أصله العربي كما ضاع أصل كليلة ودمنة الفارسي‪،‬‬
‫فإذا ثبتت عربية سفر أيوب كان العرب أسبق األمم إلى قرض الشعر؛ ألنه نظم قبل إلياذة‬
‫هومريوس بألف سنة وقبل مهابهاراتة الهند بعدة قرون‪.4‬‬
‫‪ .2‬الجاهلية الثانية أو العصر الجاهلي قبيل اإلسالم‬
‫(‪ )1‬من القرن الخامس للميالد إال ظهور إلسالم‬

‫إن الحكم على ما تقدم من أحوال الجاهلية األولى مبني على الحدس والتخمين‬
‫الستتغراقة في القدم وضياع أخبار تلك الجزيرة بمرور األيام‪ ،‬ولعلهم إذ نشطوا للحفر‬
‫والتنقيب كشفوا الستار عن هذه الظنون‪.‬‬

‫(‪ )9‬الفرق بين لغة الجاهلية األولى والثانية‬


‫وعلى كل حل إن عرب ذلك العهد القديم يختلفون عن عرب عصر الجاهلية الثانية‬
‫قبيل اإلسالم لغة ودينًا وأدبًا وخل ًقا‪ ...‬فالحمورابيون كان أكثرهم أهل حضارة وتمدن‬
‫يتوطنون المنازل والمدن‪ ،‬وأما عرب الجهلية الثانية‪ ،‬فأكثرهم أهل بادية ونجع ‪ ...‬وكانت‬
‫لغة الحمورابيين أقرب إلى األشورية منها إلى العربية‪ ،‬فلغة أيوب إذا كانت عربية فهي غير‬
‫عربية مضر التي وصلت إلينا من عرب قريش وسائر الحجاز‪ ،‬وقد يكون الفرق بينهما كثيرا‬
‫جدا‪ ،‬أكثر من الفرق بين لغة القرآن ولغة عامة مصر أو الشام اآلن ‪ ، ...‬ألن أهل هذين‬
‫اإلقليمين قيدوا وأنفسهم بالمحافظة على لغة القرآن وأساليبة‪ ،‬فكلما ساقتهم طبيعة النشوة‬
‫نحو التغيير أعادهم التقليد إلى األصل‪ ،‬ولوال ذلك لكان الفرق بين لغة عامتنا واللغة‬
‫الفصحى أبعد من ذلك كثيرا‪.‬‬
‫قس مقدار الفرق بين لغة مضر ولغة عمالقة العراق باالفرق الذي وجدوه بين لغة عرب‬
‫الشام في أوائل القرن الرابع للميالد مما قرأوه على قبر أمرئ اقيس بن عمرو مللك الخيرة‬
‫وبين لغة مضر عند ظهور اإلسالم ؛ وذلك أنهم عثروا في أطالل النمارة في جوران على‬
‫‪4‬‬
‫‪Ibid, hlm. 33‬‬

‫‪5‬‬
‫حجز عليه كتابة عربية بالخظ البطي نقشت أوائل القرن الرابع للميالد أي قبل اإلسالم‬
‫بثالثة قرون ‪ ،‬وهذه صورتها ‪:‬‬

‫شكل ‪ :4‬كتابة عربية بخط نبطي امرئ القيس بن عمرو سنة ‪ 298‬م‪.‬‬

‫وإليك نصها كما تقرأ كل سطر على حدة‪:‬‬

‫‪ )4‬تي نفس مر القيس بن عمرو ملك العرب كله ذو أسر التاج‪.‬‬


‫‪ )9‬وملك األسدين ونزرو وملوكهم وهرب مذحجو عكدي وجاء‪.‬‬
‫‪ )2‬يزجو (؟) في حبج نجران مدينة شمر وملك معدو ونزل بنيه‪.‬‬
‫‪ )1‬الشعوب ووكله لفرس ولروم فلم يبلغ ملك مبلغه‪.‬‬
‫‪ )1‬عكدي هلك سنة ‪ 992‬يوم ‪ 9‬بكسلول بلسعد ذو ولده‪.1‬‬
‫هذا لسان عربي تشوبه صبغة آرامية يحتج تفهمها إلى إيضاح‪ ،‬وهاك تفسير هذه‬
‫الكتابة باللغة العربية الفصحى؛ وهو‪:‬‬
‫‪ )4‬هذا قبر امرئ القيس بن عمرو ملك العرب كلهم الذي تقلد التاج‪.‬‬
‫‪ )9‬وأخضع قبيلتي أسد ونزار وملوكهم وهزم مذحج إلى اليوم وقاد‪.‬‬
‫‪ )2‬الظفر إلى أسوار نجران مدينة شمر وأخضع معدا واستعمل بنيه‪.‬‬
‫‪ )1‬على القبائل وأنابهم عنه لدى الفرس والروم فلم يبلغ ملك مبلغه‪.‬‬
‫‪ )1‬إلى اليوم ‪ ...‬توفي سنة ‪ 992‬في يوم ‪ 49‬أيلول (سبتمبر) وفق بنوه للسعادة‪.6‬‬

‫وكان أهل الشام وحوران وما يليهما يؤرخون في ذلك العهد بالتقويم البصروي؛‬
‫نسبةً إلى بصري عاصمة حوران‪ ،‬وهو يبدأ بدخولها في حوزة الروم سنة ‪411‬‬

‫‪5‬‬
‫‪Ibid, hlm. 33‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Ibid, hlm. 33‬‬

‫‪1‬‬
‫للميالد‪ ،‬فإذا أضيفت إلى ‪ 992‬كان المجموع ‪ 298‬للميالد وهي السنة التي‬
‫توفي فيها هذا الملك‪.‬‬

‫أنظر إلى الفرق بين األصل وتفسيرة‪ ،‬والمدة بين هذين العصرين ثالثة قرون‪ ،‬فكيف تكون‬
‫وبينهما بضعة وعشرون قرنا؟ والتغير طبيعي في كل لغة؛ عمال بنامس النشوء‪ ...‬إعتبر ذلك في‬
‫الفرق بين اللغة الالتينية األصلية وما تخلف عنها من اإليطالية واإلسبانية وبين اللغة اإلنجليزية‬
‫القديمة والحديثة وغير ذلك‪.‬‬

‫فآداب العرب في جاهليتهم الثانية يراد بها آدابهم قبيل اإلسالم وهم أهل بادية ال يقرأون وال‬
‫يكتبون ‪ ...‬وإنما جمعت هذه اآلداب بعد اإلسالم باألخذ عن األفواه كما سيأتي‪:‬‬

‫‪ .3‬درجة ارتقاء عقول العرب‬


‫وقد يتبادر إلى األذهان أن أولئك البدو كانوا أهل جهالة وهمجية؛ لبعدهم عن املدن‬
‫وانقطاع هم للغزو والحرب ‪ ...‬ولكن يظهر مما وصل إلينا من أخبارهم أنهم كانوا كبار العقول‬
‫أهل ذكاء ونباهة واختبار وحنكة‪ ،‬وأكثر معارفهم من ثمار قرائحهم‪ ،‬وهي تدل على صفاء‬
‫أذهانهم وصدق نظرهم في الطبيعة وأحوال اإلنسان مما ال يقل عن نظر أعظم الفالسفة‪ ،‬فإن‬
‫قول زهري بن أبي سلمى في معلقته‪:‬‬

‫ط ع ْشواء من تصب تمته ومن تخطئ َّ‬


‫يعمر فيهرم‬ ‫رأيت المنايا خب َ‬

‫وأن الفتى بعد السفاهة يحلم‬ ‫رأيت سفاه الشيخ ال حلم بعده‬

‫يضرس بأنياب ويوطأ بمنسم‬ ‫وأعلم ما في اليوم وألمس قبله‬

‫ومن يجعل المعروف من دون عرضه يفره ومن ال يتق الشتم يشتم‬

‫واليعنفها يوما من الدهر يسأم‬ ‫ومن يجعل المعروف في غير أهله‬

‫وإن خالها تخفى على الناس‬ ‫ومهما تكن عند أمرئ من خليقة‬
‫تعلم‬

‫‪7‬‬
‫ال يقل شيئًا عن أحكام أكابر الفالسفة ‪ ...‬وإنك تجد كثيرا من أمثال ذلك في‬
‫أشعارهم‪ ،‬كأن الشعر وصلهم ناضجا بعد أن عولج قرونًا متطاولة ذهبت أخبارها ‪ ...‬فهم لذلك‬
‫يشكون من أن أسالفهم لم يتركوا لهم معنًى لم يطرقوه كقول عنترة‪:‬‬
‫هل غادر الشعراء من متردم وقول زهير‪:9‬‬
‫أو معادًا من قولنا مكرورًا‬ ‫ماأرنا نقول إالمعارًا‬
‫(‪ )4‬إرتقاهم في السياسة والعمران‬
‫على أنك إذا نظرت في لغتهم تبين لك أن أصحابها من أرقى األمم سياسيًا واجتماعيا‬
‫بدوا رحالت ‪ ...‬واللغة دليل أخلق األمة ومرآة آدابها وسئر أحوالها ‪ ...‬ومن‬
‫وإن عرفناهم ً‬
‫المقرر الثابت أن اللغة ال تتولد فيها كلمة إال للتعبير عن معنى حدث في أذهان أصحابها‬
‫اسما لنوعا من اللباس‪ ،‬نحكم حكما قاطعا بأن أصحابها‬ ‫‪ ...‬فإذا وجدنا لغة من الغات ً‬
‫نوعا من األطعمة عرفنا أنهم أكلوه‪ ،‬وبعكس ذلك خلوها من أسماء بعض‬
‫عرفوه أو لبسوه‪ ،‬أو ً‬
‫األدوات‪ ،‬فإنه يدلنا على جهلهم إياها‪.‬‬

‫وقس على ذلك األلفاظ المعنوية التي تدل على المعاني المجردة كاالعواطف‬
‫والفضائل‪ ،‬فإن وجودها في اللغة يدل على أن أصحابها عرفوا تلك العواطف والفضائل‬
‫وعانوها‪ ...‬ولذلك كانت لغات األمم المتوحشة خالية من هذه األمثالها‪.‬‬
‫واللغة العربية من أغنى لغات األرض باأللفاظ العمرانية والسياسة‪ ...‬إن فيها عسرات‬
‫من األلفاظ لضروب الجماعت من الناس على إختالف أعراض إجتماعهم‪ :‬كاشعب‪،‬‬
‫والجماعة‪ ،‬واللجنة‪ ،‬والزرافة‪ ،‬والسرب‪ ،‬والكوكبة‪ ،‬والقوم‪ ،‬والنفر‪ ،‬والشرذمة‪ ،‬والعصابة‪ ،‬ومثلها‬
‫ألمكن االجتماع‪ :‬كالمحفل‪ ،‬والنادي‪ ،‬والندوة‪ ،‬والمأتم‪ ،‬والمجلس‪ ،‬والموسم‪ ،‬والمدرس‪،‬‬
‫والمصطبة وعشرات من األسماء واأللقاب كالملقاط‪ ،‬والييراع‪ ،‬واألنبوبة‪ ،‬وألسل‪ ،‬والجلفة‬
‫للقلم‪ ،‬والقرطاس‪ ،‬والطرس‪ ،‬والمهرق‪ ،‬والرق‪ ،‬والطلس‪ ،‬والمجلة‪ ،‬والصحيفة‪ ...‬ولكن منها‬
‫معنى خاص‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪Ibid, hlm. 33‬‬

‫‪8‬‬
‫ومن أنواع الكتب‪ :‬القمطر‪ :‬كتاب األعمال‪ ،‬المدرس‪ :‬الصك‪ ،‬الزبور‪ ،‬الرقيم‪،‬‬
‫والسفر‪ :‬الكتاب الكبير‪ ،‬والضبار‪ :‬الكتب بال واحد‪ ،‬الرهنامج ‪ :‬كتاب الطريق وهو الكتاب‬
‫الذي يسلك به الربابنة البحر ويهتدون به في معرفة المراسي وغيرها‪ ،‬الوصيرة‪ :‬الصك‬
‫للسجالت‪ ،‬وقس على ذلك‪.‬‬

‫وقد عالجواألفاظ لغتهم معالجة االستثمار فأكثروا فيها من المترادفات التي يدل‬
‫عشرات أو مأت منها على معنى واحد أو معان متشبهة‪ ،‬وتوسعوا في مدلول الفظ الواحد‬
‫حتى تعددت معانية‪ ...‬فعندهم اللفظ العين بضعة وعشرون معنى‪ ،‬ومثلها أو أكثر منها‬
‫للفظ العجوز‪ ،‬وعشرات من المعاني أللفاظ الخال والخمر والدين والركن والغرب والحر‬
‫وغيرها‪ ،‬وأقل من ذلك لكثير من األلفاظ مما ال مثيل له في أرقى لغات البشر‪ ،‬وهو يدل‬
‫على تصرف أصحاب هذه اللغة بالمعاني والمبني؛ لخصب عقولهم وسعة مداركهم‪.‬‬

‫(‪ )2‬إرتقاؤهم في التجارة واالقتصاد‬


‫ومما يدل على توسعهم في املسائل االقتصادية كثرة األلفاظ الدالة على امالل ‪...‬‬
‫فإن منها بضعة وعشرين اسما لكل منها معنى من املعاني االقتصادية التي ترجع إلى‬
‫االستثمار وغريه؛ منها‪ :‬التالد‪ :‬امالل املوروث‪ ،‬الركاز‪ :‬امالل املدفون‪ ،‬الضمار‪ :‬امالل ال‬
‫يرجى‪ ،‬الطارف ‪:‬امالل املستحدث‪ ،‬التالد‪ :‬امالل القديم‪ ،‬ونحو ذلك من أسماء النقود‬
‫وأنواعها من الذهب والفضة‪ ،‬وعندهم للذهب وحده أكثر من عشرين اسما كل منها لنوع‬
‫منه‪ ،‬وفي اللغة العربية مئات من األلفاظ للداللة على أنواع األرض والتربة والطني باختالف‬
‫الخصب والجدب ونحو ذلك‪ ،‬ومن األدلة على توسعهم في التجارة واألسفار كثرة أسماء‬
‫السفن عندهم‪ ،‬وهي عشرات لكل منها معنى خاص لشكل خاص من السفن‪ ،‬ويلحق‬
‫بذلك أسماء الرياح وهي تزيد على امالئة‪ ،‬ولكل منها معنى يدل على نوع الريح وجهتها‬
‫كقولهم‪ « :‬إذا وقعت الريح بني الريحني فهي النكباء‪ ،‬فإذا هبت من جهات مختلفة فهي‬
‫املتناوحة‪ ،‬فإذا ابتدأت بشدة فهي النافجة‪ ،‬فإذا حركت األغصان وقلعت األشجار فهي‬
‫الزعزاع» ‪ ...‬وقس على ذلك سائر أسمائها‪ ،‬وهي تدل على توسعهم في معرفة الظواهر‬
‫الج وية‪ ،‬ومن هذا القبيل أسماء الطرق وأنواع البقاع وغريها مما يطول بنا شرحه‪ ،‬ومن قبيل‬
‫املواد التجارية املوازين‪ ،‬فإنها كثرية‪ ،‬واعتبر ذلك في كثرة أسماء أدوات الصناعة وأواني‬

‫‪9‬‬
‫األطعمة والرياش واألثاث واللباس مما ال يكاد يحصر‪ ،‬وتجد منه أمثلة كثرية في املخصص‬
‫وفقه اللغة ولطائف اللغة وغريها‪.‬‬
‫(‪ )3‬تعقلهم وآراؤهم‬
‫ولك في أمثالهم والكنايات في عباراتهم وما نشأ عندهم من الفنون العقلية التي تحتاج‬
‫إلى تفكري كاألحاجي واأللغاز وفتيا العرب أدلة أخرى على ارتقاء أذهانهم وسمو مداركهم‬
‫واعتبر ذلك أيضا في مذاهبهم في الوجود؛ فإنها تدل على تفكريهم‪ ،‬وقد كان فيهم من‬
‫ذلك العهد البعيد من يقول بمذهب الالأدرية‪ ،‬فكان جندب بن عمرو يقول‪« :‬إن للخلق‬
‫خالق ال أعلم ما هو»‪ ،‬وهو قول جماعة من فالسفة اليونان‪ ،‬وإليه يذهب كثري من املفكرين‬
‫ً‬
‫‪8‬‬
‫في هذا العصر‪.‬‬
‫وال يبعد أن العرب اقتبسوا ذلك وأمثاله من مخالطة بعض العلماء الوافدين عليهم أو‬
‫في أثناء وفودهم على الشام أو العراق وفيهما العلماء والفالسفة‪ ،‬ومن هذا القبيل قول‬
‫األعشى — وكان نصرانيًا‪:‬‬
‫استأثر الله بالوفاء وبال عدل وولى المالمة الرجال‬
‫وهو مذهب فلسفي يراد به رفع التبعة عن اإلنسان‪ ،‬واملظنون أن األعشى أخذ ذلك‬
‫من بعض العبادين بالحيرة‪.‬‬
‫وترى أقوالهم امألثورة ال تخلو من كناية وخيال شعري وصدق نظر في األمور‪ ،‬كاألقوال‬
‫املنسوبة إلى أكثم بن صيفي وغريه من حكمائهم‪ ،‬ويؤيد ذلك أن املسلمني مال تمدنوا‬
‫وأنشأوا العلوم جعلوا أساس علومهم اللسانية واألدبية واالجتماعية آداب العرب الجاهلية‪،‬‬
‫وما زالوا في كثري منها مقصرين عن إدراك الشأو الذي بلغ إليه أولئك البدو عشراء الجمال‬
‫وسكنة الصخور والرمال‪ ،‬فالشعراء والخطباء والكتاب وأهل األدب في اإلسالم عمدتهم‬
‫في إتقان صناعتهم الرجوع إلى ما كان منها قبل اإلسالم‪ ،‬واآلداب الجاهلية أساس اآلداب‬
‫اإلسالمية في إبان التمدن اإلسالمي‪ ،‬كما كانت اآلداب اليونانية والرومانية أساس اآلداب‬
‫العصرية في التمدن الحديث‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫‪Ibid,hlm. 33‬‬

‫‪11‬‬
‫‪ .‬وكان للعرب في جاهليتهم ألقاب يلقبون بها النابغني منهم‪ ،‬كما كان لسائر األمم‬
‫المتمدنة قديما وحديثًا‪...‬فإذا نبغ أحدهم في الشعر سموه «الشاعر» ونسبوه إلى قبيلته‪ً،‬‬
‫وحديث فقالوا‪« :‬شاعر تميم» أو عامر أو نحو ذلك‪ ،‬فيكون هذا اللقب‬‫ً‬ ‫املتمدنة قديما‬
‫ممي زا له عن سواه وكذلك الخطيب‪ ،‬وإذا امتاز أحدهم بالحكمة والفصل في الخصومة‬
‫سموه «الحكم» مثل عامر بن الظرب ونحوه‪ ،‬وكان لهم لقب ال يعطى إال ملن أحرز كل‬
‫اآلداب والفضائل‪ ،‬وهو لفظً «الكامل» فكانوا يلقبون به الرجل إذا كان شاعرً ا شجاعا‬
‫كاتبًا سابحا راميًا وهو يشبه لقب «عالمة» اليوم ولقب «فيلسوف» عند اليونان القدماء‬
‫وقد لقبوا به أرسطو‪ ،‬ولعل العرب اقتبسوه منهم‪.‬‬
‫فبناء على ذلك ال ينبغي لنا أن نستخف بآداب العرب قبل اإلسالم ونحسبها قاصرة‬
‫على الشعر والخطابة واللغة بل هي أكثر من ذلك‪ ،‬ولكن أكثرها ضاع؛ ألنها لم تدون‪،‬‬
‫فذهبت بذهاب الحفاظ بالحروب واشتغال الناس بإلسالم‪ ...‬فنستدل بما بقي على ما‬
‫كان‪.‬‬
‫ب‪ .‬طبيعة الشعر الجاهلى‬
‫أقدم ما نعرف من الشعر المستند إلى مصادر صحيحة نسبيا ال يمتد إلى ما قبل المئة‬
‫السابقة على مولد النبى صلى الله عليه وسلم‪ .‬وإذا نحن صرفنا النظر عن باب الهجاء من ذلك‬
‫الشعر وجدنا الروابط التى تربط بين الشعر والتصورات السحرية والدينية عند العرب‪ ,‬كما هو الحال‬
‫عند غيرهم من الشعوب البدائية األخرى‪ ,‬قد انحلب تماما فى الشعر العربى‪ .‬فإن البدو‪ ,‬الذين هم‬
‫أهم من حملوا لواء فن الشعر‪ ,‬قد أقصوا إلى القرار العميق من وعيهم كل ما كان يمكن أن يفل‬
‫عزيمتهم فى الكفاح المرير لضمها مقومات الحياة فى الصحا رى والقفار‪ .‬فهم مارسوا أيضا فن‬
‫وصف الحيوان والطبيعة‪ ,‬الذى كان عند أسالفهم وسيلة إلى سحر المطر والصيد‪ ,‬ولكنهم قصدوا‬
‫هذا الفن لذاته فحسب‪ ,‬وال عجب فى ذلك‪ ,‬فإن محض السرور بكلمة صائبة تأخذ قالبها‬
‫المناسب أمر يمكن مالحظته أيضا عند الشعوب البدائية‪ .‬وإذا كانوا يخشون أن يضيع هذا الفن‬
‫الوصفى ويتالشى فى تعداد جامد ألعضاء الحيوان وأما كن الحل والترحال‪ ,‬فقد أرادوا إشاعة‬

‫‪11‬‬
‫نسمة الحياة فيه بإدخال التشبيهات الجرئية‪ ,‬التى دعاهم حرصهم فيها على الصدق واألصالة إلى‬
‫‪2‬‬
‫عدم المباالة بذكر ما تستبشعه النفس ويمجه الذوق‪.‬‬

‫ولم يكن حيوان الوحش هو الذى برز إلى المرتبة األولى من إهتمام الشاعر‪ ,‬وإنما هو‬
‫حيوان ركوبه ومرعاه‪ ,‬وهو الجمل‪ .‬ويجب أن نضع نصب أعيننا أهمية اإلبل للعربى من حيث هى‬
‫أول مصدر وأهمه لضرورات حياته‪ ,‬ومن حيث هى الرفيق الذى ال يعرف الملل فى رحالته التى‬
‫ال نهاية لها فى القفار والبرارى‪ .‬ولن يأخذنا العجب بعد ذلك إذا علمنا أن البعير كان يلهب رغبة‬
‫العربى فى الصياغة والتصوير الفى‪ ,‬كما ألهب البقر شعراء الهند فى عصر ((القيداء))‪ ,‬حتى أمكن‬
‫أن يقال إن شعرهم هو شعر ((الرجفيدا)) بعد استيحائه روح الثور‪.‬‬

‫على أن األربى من حيث هو شاعر ليس موضوعيا تماما ليجد كفايته فى فن كالمى واقعى‬
‫محضى‪ ,‬وإنما يضع فنه قبل كل شيء فى خدمة فخره بنفسه‪ ,‬واعتزازه بمجد قبيلته‪ .‬وهكذا نشأ‬
‫من الهجاء شعر الفخر الذى هو ضده‪ ,‬والذى أمكن أن يكتسب فى بعض األحيان أهمية سياسية‪,‬‬
‫كما فى معلقتى‪ :‬تاحارث ابن حلزة وعمر و بن كلثوم‪ ,‬وقد دافع األول عن قبيلته ما وجه إليها‬
‫األعداء من تهم‪ ,‬عند عمر و بن هند ملك الحيرة (‪168/2-111‬م)‪ ,‬على حين عارضه الثانى‬
‫مواجهاً الملك نفسه فى إباء وعناد‪ ,‬ومحذراً له ولقبولة بكر بن واثل من العدوان على قبيلته تغلب‪,‬‬
‫‪41‬‬
‫مع إشادته بقوة هذه القبيلة و عظمتها‪.‬‬

‫وكثيرا ما كان الشاعر يتجه بفنه أيضا إلى مدح بطل أو أمير من قبيلته‪ ,‬ولكنه لم يكن‬
‫يفكر قديما فى الجائزة الرنانة‪ ,‬التى نزلت بمكانة شعراء المديح المحترفين فى بعض األحيان‪-‬‬
‫منذ عهد النبى }صلى الله عليه وسلم{‪ -‬إلى درك المتسولين بالغناء‪.‬‬

‫وكان الشاعر العربى‪ -‬إلى عصر متأخر‪ -‬يصنع مجده‪ ,‬ويجذب اإلنتظار إليه بالمالحظة‬
‫الصائبة أو التشبيه القوى‪ .‬وكذلك لم تزل مدارس النقد الفنى المتأخرة تربط أحكامها بالبنت‬
‫الواحد‪ ,‬البنظام القصيدة العام‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫عبد الحليم النجار‪,‬تاريخ األدب العربى جوز األول‪( ,‬كورنيش النيل‪ :‬دار المعارف‪ ,) 1119 ,‬ص‪.51 .‬‬
‫‪11‬‬
‫‪Ibid, hlm. 57‬‬

‫‪12‬‬
‫ألنه اشتمل على أربعة تشبيهات‪ ,‬انظر الصناعتين ص ‪ ,482‬بل يفتخر ابن حزم فى طوق‬
‫الحمامة ص ‪ 41‬بأنه استطاع أن يجمع خمسة تشبيهات فى بيت وأربعة تشبيهات فى بيت آخر‬
‫وكالهما فى قصيدة واحدة‪ .‬ومن هنا ينذر فى الشعر القديم وقوع التضمين أى تعليق القافية أو‬
‫لفظة مما قبلها بما بعدها كبيتى النابغة الذبيانى‪:‬‬

‫وهم أصحاب يوم عكاظ إنى‬ ‫وهم وردوا الجفار على تميم‬
‫وثقن لهم بحسن الظن منى‬ ‫شهدت لهم مواطن صالحات‬
‫وكبيتى جرير فى النقائض طبع بيقان رقم ‪ 41-41‬ص ‪ .619‬وعاب عبد القادر‬
‫البغدادى فى الخزانت ‪ 292 :4‬بيتى امرئ القيس فى المعلقة‪ ,‬رقم ‪:11-12‬‬

‫وأردف إعجازاً وناء بكلكل‬ ‫فقلت له لما تمطى بصلبه‬

‫ولم يكتفى الشاعر‪ ,‬من أجل التأثير على مستميعه‪ ,‬بالتوسيع فى استخدام الثروة اللغوية‪,‬‬
‫التى يكثر أن تكون من الغريب‪ ,‬أو اإلبعاد فى التشبيهات بانتقاء الصور التى التتبادر إلى‬
‫األذهان‪ ,‬بل كان اليستهين أيضاً باستعمال المؤثرات السطحية المعتمدة على الرنين والموسيقى‬
‫اللفظية‪ ,‬إلى جانب ما يلتزمه من وحدة القافية‪ .‬ويكثر شاعر جاهلى فى قصيدة له على قافية‬
‫السين المكسورة من الكلمات المبدوءة بحرف أصلية‪ ,‬ويترقى بذلك فى البيت الثانى عشر من‬
‫هذه القصيدة‪ ,‬كأنما يقصد إلى بناء القافية على أوائل الكلمات فضال عن أواخرها‪ .‬ويوجد مثل‬
‫‪44‬‬
‫ذلك أيضاً عند امرئ القيس‪ ,‬واألعشى‪.‬‬

‫على أن الفن الكالمى ال يكتسب قيمته الكاملة إال إذا ظهر فى وحدة أطول وأكبر‪,‬‬
‫وهى وحدة القصيدة‪.‬‬

‫وأجدر المحاوالت بالتفضيل واإليثار من بين ما ذكره اللغويون فى تفسير اشتقاق هذه‬
‫الكلمة هو ما اختاره ال ندبرج ‪ Lanaberg‬من أن معناها‪(( :‬شعر الغرض والقصد))‪ ,‬وإن‬
‫غال فيها زعم تعليال لذلك‪ ,‬من أن (( كل مساومة واتجار بالشعر القديم والحديث‪ ,‬وكل جشع‬
‫ال يعرف الشبع فى الفطرة العربية‪ ,‬وجد التعبير عنه فى لفظ‪ :‬قصيدة))‪ .‬فمما ال ريب فيه أن‬

‫‪11‬‬
‫‪Ibid, hlm. 53‬‬

‫‪13‬‬
‫الغرض والقصد لم يكن فى الزمن القديم أصالً‪ ,‬ولم يكن فى الزمن المتأخر دائماً‪ ,‬هو كسب‬
‫الجزاء المدى‪ .‬وم ن ثم لم يصب جورج ياكوب فى اقتراحه تفسير كلمة ((القصيدة))‪ ,‬بعيد‬
‫القدم‪ ,‬فمن الممكن أن يكون ((الغرض والقصد)) بحسب األصل غرضاً من أغراض السحر‪,‬‬
‫وكثيراً ما صار غرضاً سياسياً فى وقة متأخر‪ ,‬ثم صار يستعمل بأوسع معانى الكلمة فى جميع‬
‫أغراض الحياة اإلجتماعية‪ ,‬وإن كان من الحق أنه استعمل أيضاً منذ عهد قديم فى أغراض أنانية‬
‫‪49‬‬
‫محضة‪.‬‬

‫والقصيدة‪ ,‬المؤلفة على نظام دقيق‪ ,‬ينبغى استهاللها بالنسيب‪ ,‬والحنين إلى الحبيبة‬
‫النائية‪ ,‬ذلك الحنين الذى يعترف الشاعر عند رؤية أطاللها الدائرة وهو راكب فى القفار‪ .‬ثم‬
‫يتحول الشاعر فى تخليص نموذجى من موطن لوعته وذكرياته إلى وصف مسيره فى المفاوز‬
‫دون انقطاع‪ ,‬وهو وصف قد يخرج أحيانا إلى مجرد تعداد ألسماء ما يجتازه من أماكن‪ .‬ثم‬
‫يخلص من ذلك إلى وصف راحلته‪ ,‬فإذا هو عمد فى هذا الوصف إلى تشبيه راحلته ببعض‬
‫حيوان الوحش‪ ,‬استطرد أحيانا إلى وصف هذا الحيوان وصفاً شامالً‪ .‬ثم ال يتجه الشاعر إلى‬
‫‪42‬‬
‫التعبير عن حقيقة قصده إال فى آخر القصيدة‪.‬‬

‫هذا المنهج البد أن يكون قد رسخ منذ زمن طويل‪ .‬وقد ذكر امرؤ القيس سلفاً له فى‬
‫الشكوى والبكاء على األطالل‪ ,‬يدعى‪ :‬ابن خذام‪ ,‬وإن لم يستطع أدباء العصر العباسى تعيين‬
‫هذا الشاعر‪ .‬وتبع المتأخرون هذا المنهج ولم يكادوا يجسرون على تغييره‪.‬‬

‫وبحق يقرر نولدكه أن شعراء العرب لم يكرروا دائماً إال وصف المهاة والعيسر من‬
‫حيوان الوحش‪ ,‬أما غيرهما فلم يذكروه أصالً‪ ,‬أو ذكوره نادراً بإيجاز‪ .‬وكان وصف الحيوانين‬
‫األولين يعد من لوازم األسلوب الذى اعتمده أثمة الفحول‪ .‬بيد أن نماذج التصوير‪ ,‬وفنون‬
‫التشبيه كانت تؤخذ باطراد أيضاً عن العرب القدماء مع الترتيب المنهجى السابق ذكره‪ ,‬حتى‬
‫أمكن أن يجمع ابن رشيق فى العمدة ما أتى به الشعراء القدماء من تشبيهات جديدة‪ ,‬وكثيراً‬

‫‪12‬‬
‫‪Ibid, hlm.53‬‬
‫‪13‬‬
‫‪Ibid, hlm. 36‬‬

‫‪14‬‬
‫ما صارت هذه التشبيهات نفسها أيضاً من لوازم المنهجى واألسلوب فىيما بعد‪ ,‬وربما كان‬
‫‪41‬‬
‫ذلك مساعداً للمتأخرين على انتحال أشعار القدماء‪.‬‬

‫وبديهى أن أمثال هذه القصائد‪ ,‬والسيما الطوال كاالمعلقات‪ ,‬لم يتم نظمها دفعة‬
‫واحدة‪ .‬ومهما كانت القافية كثيراً تهدى الشاعر فى نظم شعره‪ ,‬فإنه يجدر بنا أن نتصور نشأة‬
‫القصيدة فى الزمن القديم على غرار ما وصفه موزل عند شعراء البادية المحدثين‪ .‬وعلى ذلك‬
‫فال يستبعد بحال من األحوال أن تكون القصيدة من نتاج حول كامل‪.‬ومن هنا وجدنا رواية‬
‫أكثر القصائد ال تثبت على ترتيب واحد‪ .‬فقد ينشد الشاعر شعراً لروايته وأحبائه أول األمر لئال‬
‫ينساه‪ ,‬ثم يزيد عليه‪ ,‬والسيما إذا ذكره أحباؤه بشيء غفل عنه‪ ,‬وربما بدل بعض أبياته بعد‬
‫ذلك بأخرى لم يسمعها ذووه األولون‪ ,‬فتختلف الرواية عن الشاعر‪ ,‬وال يأتى الشاعر نفسه أن‬
‫يعترف بأن كل ذلك من بنات أفكاره‪ .‬وقد يكون ذلك أيضاً هو السبب فى أن كثيراً من الشعر‬
‫القديم لم تبق منه إال قطع متفرقة‪.‬‬

‫وال نجد قصيدة ذات وحده مستقلة وترتيب متكامل عند قدامى الشعراء إال فى أحوال‬
‫جد نادرة‪ .‬كما أنشأ أعشى بنى تميم حديثاً بين ناع ومعنى إليه فى حوار شعرى صحيح‪ ,‬جعل‬
‫منه الجاحظ خيراً حكاه فى الحيوان‪ ,‬وذكره الشبلى بتوسع فى آحكام المرجان‪ .‬ونجد مثل‬
‫هذا األسلوب فى موقف غرام منحول على ((الوضاح)) الشاعر األموى‪ .‬أما محاولة األعشى‬
‫إنشاء ((شعر القصة)) واختراع أسلوب الملحمة‪ ,‬فى إشادته بوفاء السموءل فقد بقيت عمالً‬
‫‪41‬‬
‫فذا لم ينسج أحد على منوله‪.‬‬

‫وأما ما زعمه بعض العلماء من أن مؤثرات أجنبية أثرت فى فن الشعر القديم فليس‬
‫هناك ما يؤيده‪ .‬نعم يريد بورداخ أن يرجع النسيب العربى يقال فى عشق النساء المتزوجات‪,‬‬
‫كما هو الحال عند شعراء ملوك اإلسكندرية‪ ,‬ويتصور انتقال هذه الصناعة إلى العرب عن طريق‬
‫شعراء الملوك فى الشام والعراق‪ .‬ولكن مثل هذه األبيات الغزيلة‪ ,‬التى تشبه النسيب فى مطالع‬
‫القصائد وإن لم تبلغ بعد نموا كامال‪ ,‬يعرفها أيضاً شعر القبائل التكرية فى أوائل القصائد المطولة‬
‫وفلى أواخرها‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫‪Ibid, hlm. 36‬‬
‫‪65‬‬
‫‪Ibid, Hlm. 36‬‬

‫‪15‬‬
‫وال شك أنه من قبيل المصادفة واإلتفاق أن يبدو فى قصيدة للمسيب بن علس‪ ,‬يتكرر‬
‫فيها ست مرات هذا الحطاب‪ :‬وألنت‪ ,‬صدى ورنين ألسلوب األنشودة القديم الذى يتميز به‬
‫أجنوستوس تيوس‪ .‬كما وضح ذلك األستاذ نوردز‪.‬‬

‫ج‪ .‬مصادر معرفة الشعر الجاهلى‬


‫جمع اللغويون فالبصرة والكوفة ما بقى من األشعار القديمة لمن بعدهم من األجيال‪ :‬طورا فى‬
‫دواوين ألفراد الشعراء‪ ،‬وطورا فى مجموعات شعرية لقبائل أو طبقات اجتماعية معينة‪ ،‬وأخرا فى مختارات‬
‫‪46‬‬
‫ومنتخبات‪.‬‬

‫(‪ ) 4‬وأقدم ما بقى من مجموعات القصائد الكاملة هو االختيارات التى جمعها حماد الراوية‬
‫وسماها على غرار عناوين الكتب األخرى‪ :‬السموط‪ ،‬أو االسم االخر المألوف وهو‪ :‬المعلقات‪ .‬وأراد‬
‫حماد من هاتين التسميتين الداللة على نفاسة ما اختاره‪ ،‬واالفتخار بخالص اختياره‪ .‬وزعم المتأخرون‬
‫أنها سميت معلقات ألنها كانت معلقة على الكعبة لعلو قيمتها‪ ،‬ولكن هذا التعليل إنما نشأ من التفسير‬
‫الظاهر للتسمية وليس سببا لها كما هو رأى نولدكه‪ ،‬والحق أن هذه المجموعة من اختيار حماد الراوية‬
‫كما سلف‪.‬‬

‫وال تتفق للروايات تماما على قصائد المعلقات‪ .‬فالقصائد المتفق عليها من الجميع خمس‪،‬‬
‫هى معلقات‪ :‬امرئ القيس‪ ،‬وطرفة‪ ،‬وزهير‪ ،‬ولبيد‪ ،‬وعمرو بن كلثوم‪ .‬والمعلقتان السادسة والسابعة هما‬
‫قصيدتا عنترة والحارث بن حلزة فى أكثر الروايات‪ ،‬ولكن المفضل وضع مكانهما قصيدتى النابغة‬
‫واألعشى‪ .‬وهؤالء الشعراء جميعا هم أشهر شعراء الجاهلية كذلك‪ ،‬ما عدا الحارث بن حلزة‪ .‬وقد وقف‬
‫نولدكه على السبب الذى حمل حمادا على ضم الحارث إلى مجموعته‪ .‬وذلك أن حمادا كان مولى‬
‫لقبيلة بكر بن وائل‪ .‬وكانت هذه القبيلة فى عداء دائم مع قبيلة تغلب من زمن الجاهلية‪ .‬ولما كانت‬
‫قصيدة عمرو بن كلثوم قد لقيت شهرة واسعة لتمجيدها قبيلة تغلب‪ ،‬والنتشار هذه القبيلة فى البالد‪ ،‬لم‬
‫يسع حمادا أن يعدل عن اختيارها‪ ،‬ولكنه اضطر إلى التفكير فى وضع قصيدة أخرى إلى جانبها تشيد‬
‫بمجد سادته‪ ،‬وهم قبيلة بكر بن وائل‪ ،‬وهكذا اختار قصيدة سليل هذه القبيلة‪ ،‬وهو الحارث بن حلزة‪،‬‬

‫‪11‬‬
‫عبد الحليم النجار‪,‬تاريخ األدب العربى جوز األول‪( ,‬كورنيش النيل‪ :‬دار المعارف‪ ,) 1119 ,‬ص‪17 .‬‬

‫‪11‬‬
‫القليل الشهرة فيما عدا ذلك‪ .‬أما المتأخرون الذين لم يدر بخلدهم مثل هذا االهتمام فإنهم أبدلوه بشاعر‬
‫أكثر منه شهرة‪.‬‬

‫بقى أن هناك من يعد تسع معلقات‪ ،‬بإضافة القصيدتين اللتين اختارهما المفضل إلى اختيارات‬
‫حماد‪ .‬كما أكملت مجموعة شرحها التبريزى عدد المعلقات عشرا بإضافة قصيدة لعبيد بن األبرص‪.‬‬

‫(‪ )9‬وإلى جانب مجموعة حماد الصغيرة المنتقاة‪ ،‬وضع معاصره ومنافسه‪ :‬المفضل بن محمد‬
‫بن يعلى الضبى ( المتوفى ‪461‬ه‪981/‬م‪ ،‬وفى قول اخر ‪468‬ه‪981/‬م‪ ،‬أو ‪491‬ه‪986/‬م) اختيارات‬
‫أوسع وأغزر‪.‬‬

‫وكان المفضل ينتمى إلى بيت من بيوتات العرب‪ ،‬من بنى ثعلبة بن السيد ابن ضبة‪ .‬وانضم إلى‬
‫شيعة العلويين‪ ،‬فقاتل العباسيين مع إبراهيم بن عبدالله ابن الحسن‪ .‬وعفا عنه المنصور بعد هزيمة إبراهيم‬
‫سنة ‪412‬ه‪961/‬م؛ وجعله مؤدبا البنه‪ :‬محمد المهدى الخليفة الالحق‪ .‬ولهذا الخليفة اختاز المفضل‬
‫‪ 496‬أو ‪ 498‬قصيدة‪-‬وبينها أيضا بعض مقطوعات‪-‬لسبعة وستين شاعرا‪ .‬وأكثر هؤالء الشعراء‪ ،‬أى‬
‫سبعة وأربعون منهم‪ ،‬من شعراء الجاهلية‪ ،‬وبينهم المرقشان األكبر واألصغر وهما أقدم الشعراء المعروفين‪،‬‬
‫ونصرانيان اثنان وهما جابر بن حنى التغلبى (رقم ‪ )19‬وعبد المسيح (رقم ‪ .)82 ،92 ،99‬ومن شعرائه‬
‫كذلك أربعة عشر شاعرا من المخضرمين الذين ولدوا فى الجاهلية وأدركوا اإلسالم‪ ،‬ثم ستة فقط من‬
‫اإلسالميين‪.‬‬

‫ويذكر صاحب الفهرست أن ابن األعرابى روى مجموعة المفضل ‪ 498‬قصيدة‪ ،‬ونقص منها‬
‫اثنتين أبو محمد القاسم بن محمد األنبارى‪.‬‬

‫وسمى المفضل مجموعته فى األصل‪ :‬كتاب االختيارات؛ ولكنها سميت بعد ذلك‪ ،‬نسبة إلى‬
‫جامعها‪ ،‬بالمفضليات‪.‬‬

‫وقد استنزفت هاتان المجموعتان‪-‬فيما يبدو‪-‬أهم محصول القصائد التى لم تدون فى دواوين‬
‫الشعراء الكبار‪ .‬فإن األصمعى األديب المشهور (المتوفى ‪ ،)824/946‬الذى غالى مترجموه فى الثناء‬
‫عليه كعادتهم‪ ،‬فزعموا أنه كان يروى على روى كل حرف من حروف المعجم مائة قصيدة‪ ،‬لم يجد إال‬

‫‪17‬‬
‫نخبة متواضعة من القصائدحين أراد جمع اختياراته‪ .‬ومجموعة األصمعى المسماة بألصمعيات‪،‬‬
‫والمحفوظة مع المفضليات فى مخطوط يوجد فى ڤينا‪ ،‬ال تشتمل إال على ‪ 99‬قصيدة وقطعة‪ ،‬ومجموع‬
‫أبياتها ‪ 4462‬فقط لكثرة ما بها من المقطوعات‪ .‬وعدد شعرائها واحد وستون شاعرا‪ ،‬لم يسم ثالثة‬
‫منهم‪ ،‬وبقى خمسة مجهولون ال تعرف أسماؤهم من مصادر أخرى‪ ،‬وأكثر الباقين من الشعراء الجاهلية‪،‬‬
‫فليس إال أربعة عشر شاعرا من المخضرمين واإلسالميين‪ .‬وفيها قصيدة لكل من امرئ القيس وطرفة‪.‬‬

‫وقبل إن األصمعيات لم تلق ما لقيته المفضليات وغيرها من االنتشار والقبول ألنها أقل اشتماال‬
‫على غريب العربية‪ ،‬وألن األصمعى عمد إلى اختصار الرواية‪.‬‬

‫(‪ ) 2‬وربما كانت المجموعة الرابعة‪ ،‬وهى‪ :‬جمهرة أشعار العرب‪ ،‬قد جمعت فى أواخر المائة‬
‫الثالثة للهجرة‪ .‬وهى مجموعة سباعية تشتمل على سبعة أقسام‪ ،‬أولها المعلقات السبع‪ ،‬وتحمل األقسام‬
‫الستة الباقية حلى من العناوين المختارة‪ ،‬وهى‪ :‬المجمهرات‪ ،‬المنتقيات‪ ،‬المذهبات‪ ،‬المراثى‪ ،‬المشوبات‪،‬‬
‫الملحمات‪.‬‬

‫وعلى حين يشتمل القسم األخير على قصائد لشعراء العصر األموى فحسب‪ ،‬تغلب فى األقسام‬
‫األخرى قصائد الشعراء الجاهليين‪ .‬وسبقت ذلك كله مقدمة فى المجازات واختالف العلماء فى تفضيل‬
‫بعض مشاهير الشعراء‪.‬‬

‫ويسمى جامعها أبا زيد القرشى‪ .‬وقيل إن سند رواية أبى زيد هذا‪ ،‬وهو المفضل‪ ،‬كان فى المرتبة‬
‫السادسة من ساللة الخليفة عمر بن الخطاب‪ .‬وإذا فال بد أن حياته كانت فى أواخر القرن الثالث‬
‫الهجرى‪ .‬على أن كل الرجلين‪ :‬أبى زيد والمفضل‪ ،‬مجهول بالكلية فيما عدا ذلك‪ .‬ويبدو لنا أن تسميتهما‬
‫موضوعة على اسمى كل من أبى زيد األنصارى النحوى المشهور وشيخه المفضل‪ .‬ولكن لما كان كتاب‬
‫الجمهرة معروفا البن رشيق (‪ )4161-4111/116-221‬فقد يكون تم تأليفه فى ملتقى القرنين‬
‫الثالث والرابع للهجرة‪.‬‬

‫وجمع هبة الله العلوى بن أحمد بن الشجرى (المتوفى ‪ )4419/119‬مختارات شعراء العرب؛‬
‫ولكنه لم يستطيع أن يأتى باثنتى عشرة قصيدة فى القسم األول إال بعد أن استخرجها من ديوانى المتلمس‬

‫‪18‬‬
‫وطرفة؛ لما أخذ اختياراته فى القسم الثانى من دواوين‪ :‬زهير‪ ،‬وبشر بن أبى خازم‪ ،‬وعبيد بن األبرص؛‬
‫وأخذ فى القسم الثالث اختيارات من ديوان الحطيئة‪.‬‬

‫(‪ )1‬وحينما انتشرت نزعة التجديد فى الشعر على عهد العباسيين‪ ،‬تغير أيضا ذوق األدباء‪ ،‬فلم‬
‫يعد أحد يطيق الصبر على قراءة القصائد الطوال‪ ،‬بل اكتفوا بتذوق القطع المختارة‪ .‬وظهرت اختيارات‬
‫كثير لتلبية هذه الرغبة‪ ،‬مرتبة على معانى الشعر‪ .‬وأقدم هذه االختيارات ما جمعه أبو تمام الشاعر‬
‫(المتوفى ‪ .)816/924‬وقد روى أن الشتاء غلب على أبى تمام فى همذان وهو عائد من خراسان إلى‬
‫العراق‪ .‬فأنزله أبو الوفاء بن سلمة فى ضيافته‪ .‬ووقع ذات يوم ثلج عظيم فقال له وطن نفسك على المقام‬
‫وأحضر له خزانة كتبه‪ .‬فأقبل وطالعها واشتغل بها‪ .‬وصنف خمسة كتب فى الشعر منها كتاب‪ :‬الحماسة‪،‬‬
‫وهو عنوان غلب على هذا الكتاب عند المتأخرين تسمية له بأول أبوابه‪ .‬ويليه باب‪ :‬المراثى‪ ،‬باب‬
‫األدب‪ ،‬باب النسيب‪ ،‬باب الهجاء‪ ،‬باب األضياف والمديح‪ ،‬باب الصفات‪ ،‬باب الملح‪ ،‬باب مذمة‬
‫النساء‪ .‬وهذه األبواب أقل مادة من الباب األول‪ .‬وقصر أبو تمام اختياره على شعراء الجاهلية وصدر‬
‫اإلسالم‪.‬‬

‫(‪ )1‬وجمع منافس أبى تمام‪ :‬البحترى (المتوفى ‪ )829/981‬مختارات سميت أيضا‪:‬‬
‫«الحماسة»‪ .‬وهى مقسمة إلى ‪ 491‬بابا‪ ،‬ويشتمل على قطع‪ ،‬وكثيرا أيضا على أبيات مفردة فى مختلف‬
‫معانى الشعر‪ ،‬ولم تنل حماسة البحترى هذه من الذيوع والنجاح ما نالته حماسة أبى تمام‪ .‬ولذلك لم‬
‫تبق لنا منها إال نسخة واحدة فى مكتبة ليدن ‪.882‬‬

‫(‪ )6‬وجمع األدباء‪-‬عدا االختيارات ودواوين الشعراء الخاصة‪-‬دواوين للقبائل أيضا‪ .‬ولم يبق لنا‬
‫من ذلك إال ديوان هذيل‪ ،‬الذين يوطنون إلى العصر الراهن فى سراة هذيل بين مكة والمدينة‪ ،‬وهى تمتد‬
‫جنوبا إلى الطائف‪ .‬وأقل شعراء هذا الديوان جاهليون‪ ،‬وأكثرهم إسالميون‪.‬‬

‫وكانت نسخة من ديوان هذيل‪ ،‬مكتوبة سنة ‪911‬ه‪846/‬م‪ ،‬ال تزال باقية عند عبد القادر‬
‫البغدادى صاحب خزانة األدب‪ .‬ونقح الديوان من جديد اإلمام اللغوى أبو سعيد السكرى بعد سنة‬
‫‪991‬ه‪ 888/‬م‪ .‬ورواه الرمانى عن الحلوانى تلميذ السكرى‪ ،‬الذى سماه ابن النديم فى الفهرست‪ :‬أبا‬

‫‪19‬‬
‫سهل أحمد بن عاصم‪ ،‬ولكن صاحب الخزانة حين ذكر كتابه فى الشعراء المنسوبين إلى أمهاتهم سماه‪:‬‬
‫أحمد بن أبى سهل بن عاصم‪.‬‬

‫وبقى مختصر لشرح السكرى فقط‪ .‬وذكر السيوطى رواية للعسكرى‪ ،‬كما ذكر البغدادى رواية‬
‫أخرى لألصمعى‪.‬‬

‫(‪ ) 9‬وصنف ابو سعيد السكرى كتاب‪ :‬أخيار اللصوص‪ ،‬وجمع فيه أشعار لصوص البدو‬
‫المشهورين‪ .‬وفى هذا الكتاب ديوان‪ :‬طهمان بن عمرو الكالبى‪ ،‬الذى عاصر عبد الملك بن مروان‪.‬‬

‫(‪ )8‬وكذلك عنى األدباء المتقدمون بأحوال الشعراء‪ ،‬واجتهدوا فى ترتيبهم من الناحيتين التاريخية‬
‫والفنية على مثال الكتب المصنفة فى طبقات المحدثين‪.‬‬

‫فصنف كل من الشاعرين‪ :‬دعبل بن على الخزاعى (المتوفى ‪ ،)861/996‬وابن المعتز‪ ،‬طبقات‬


‫للشعراء‪ .‬ولكن يبدو أقدم من هذين كتاب‪ :‬طبقات الشعراء لمحمد بن داود‪ ،‬الذى ذكره الجهشيارى‬
‫فى كتاب الوزراء‪.‬‬

‫وبقى لنا كتاب‪ :‬طبقات الشعراء لمحمد بن سالم الجمحى (المتوفى ‪ ،)811/924‬وكتاب‬
‫الشعر والشعراء البن قتيبة (المتوفى ‪.)882/996‬‬

‫واكتفى محمد بن عمران المرزبانى (المتوفى حوالى ‪ )221/281‬بترتيب الشعراء على حروف‬
‫المعجم فى كتابه‪ :‬معجم الشعراء‪ .‬ولكنه فصل الكالم عن الشعراء فى كتابين آخرين لم يصال إلينا‪،‬‬
‫وهما‪ :‬المفيد فى أخبار الشعراء وأحوالهم فى الجاهلية واإلسالم ودياناتهم ونحلهم‪ ،‬وكان فى نخو خمسة‬
‫آالف ورقة؛ والمونق فى أخبار الشعراء الجاهليين والمخضرمين واإلسالميين على طبقاتهم‪ ،‬فى نحو‬
‫خمسة آالف ورقة كذلك‪.‬‬

‫وقد أغنى عن كل هذه الكتب كتاب‪ :‬األغانى‪ ،‬ألبى الفرج األصبهانى؛ كما أن عبد القادر‬
‫البغدادى (المتوفى ‪ )4689/4122‬جمع‪ :‬خزانة األدب‪ ،‬وهى شرح على شواهد رض الدين االستراباذى‬
‫فى شرحه على كتاب الكافية فى النحو البن الحاجب‪ ،‬واستفاد فى ذلك من مصادر قديمة لم تصل‬
‫إلينا‪ ،‬فهو يقدم أخبارا قيمة عن الشعراء ال نجدها عند غيره‪.‬‬

‫‪21‬‬
21
‫المرجع‬
‫جرجي زيدان‪ ،‬تاريخ األدب الغة العربية‪ ،4291،‬كايرو‪ :‬دار المعارف‪.‬‬

‫ُجرجي ‪.‬يدان‪ ،‬تاريخ آداب اللغة العربية‪ ،9149،‬كير‪ ،‬مؤسسة هنداوي للتعليم والثاقفة المشهرة‪.‬‬

‫عبد الحليم النجار‪,‬تاريخ األدب العربى جوز األول‪ ،4442,‬كورنيش النيل‪ :‬دار المعارف‪.‬‬

‫‪22‬‬

You might also like