Professional Documents
Culture Documents
قوانين الطبيعة البشرية - روبرت غرين - الفصل الثالث قانون تَقمّص الأدوار
قوانين الطبيعة البشرية - روبرت غرين - الفصل الثالث قانون تَقمّص الأدوار
قوانين الطبيعة البشرية - روبرت غرين - الفصل الثالث قانون تَقمّص الأدوار
ظهرون لنا تواضعهم، ٌمٌل جمٌع الناس إلى َت َق ُّمص أَ ْد َوار ٌتباهون بها فً أفضل صورة ممكنة -حٌث ٌُ ِ
ون مهتمٌن بؤفكارنا .هإالء ٌعلمون وجا ِّدٌن .وٌقولون األشٌاء الصاببة ،وٌبتسمون لنا ،و ٌَ ْب ُد َ وأنهم واثقٌنَ ،
والح َسد الخاص بهم .إذا أَ َخذنا هذا المظهر الخارجً للواقع ،فلن نعرؾ أب ًدا َ كٌؾ ٌُ ْخفُون ا ْن ِعدام األمان
قاو َم ِتهم ال ُمفاجبة وعِ َدابهم وأفعالهم المتبلعبة .و
إزا َء ُم َ مشاعِ رهم الح ِقٌقٌة ،و َؼالبا ً ما نكون َمصْ ُدو ِم َ
ٌن َّ
صو َن ُه ٌوجد ِبه عدة َت َشقّقات .وأن الناس باستمرار ٌُ ْظ ِه ُرون من خبلل ّ
الحظ ،ال َّدور الذي ٌَ َت َق َّم ُ لِ ُحسن
مشاعرهم الحقٌقٌة ورؼباتهم البلَّواعٌة َتسرُّ بات فً اإلشارات الؽٌر اللفظٌة التً ال ٌمكنهم التحكم فٌها
واإلٌماءات العصبٌة لدٌهمٌ .جب علٌك ِ تمامًا -كتعبٌرات وجوههم ونِبرات أصواتهم وتوترات أجسادهم
إتقان هذه اللؽة من خبلل َتحْ ِوٌل نفسك إلى قارئ متفوق للبشر .ومن خبلل تسلٌح نفسك بهذه المعرفة ،
ٌمكنك اتخاذ التدابٌر الدفاعٌة المناسبة .ومن ناحٌة أخرى ،نظرً ا أن المظاهر هً ما ٌحكم الناس علٌك به
ٌ ،جب أن تتعلم كٌفٌة تقدٌم أفضل مظهر ولعب ال َّدور الذي ترٌد بؤقصى قدر من التؤثٌر.
اللغةًالثانٌة
فً صباح أحد األٌام فً أؼسطس عام ، 1818استٌقظ ''مٌلتون إرٌكسون'' ،البالػ من العمر أنذاك سبعة
عشر عامًا ،وهو رابد المستقبل فً العبلج بالتنوٌم المؽناطٌسً وأحد علماء النفس األكثر نفوذاً فً القرن
العشرٌن ،الكتشافه فجؤة أجزاء من جسده مشلولة .على مدى األٌام القلٌلة المقبلة انتشر الشلل فً جسده.
سرعان ما تم تشخٌص إصابته بوباء شلل األطفال ،وهو وباء كان متف ِّشٌا ً فً ذلك الوقت .وبٌنما كان
مستلقٌا ً على الفراش ،سمع والدته فً ؼرفة أخرى تناقش قضٌته مع اثنٌن من األخِصابٌٌن من عابلتها
الذٌن اتصلت بهم .على افتراض أن إرٌكسون كان نابما ً ،فقد أخبرها أحد األطباء" :إن الصبً سٌموت
فً الصباح" .ثم جاءت والدته إلى ؼرفته ،وهً تحاول َج ِل ٌّا ً إخفاء حُزنها ،لم تدرك أن ابنها ٌعلم بؤمر
67
المحادثة .ثم ظل إرٌكسون ٌطلب من والدته تحرٌك خزانة األدراج بالقرب من سرٌره هنا وهناك .ظنت
أنه كان مُتو ِّهمًا ،لكن كانت لدٌه أسبابه :حٌث أراد أن ٌصرؾ انتباهها عن آالمها ،وٌرٌد أٌضا وضع
ال ِمرآة على الصندوق فً موضعها الصحٌح .فإذا بدأ بفقدان وعٌه ،فسٌمكنه ذلك التركٌز على ؼروب
الشمس فً المرآة المنعكسة ،والتمسك بهذه الصورة طالما استطاع .ربما الشمس تعٌد الشروق لكً ٌُدرك
أنه الزال بخٌر ،مما ٌثبت خطؤ األطباء .لكن فً ؼضون ساعات قلٌلة دخل فً ؼٌبوبة.
لكن إرٌكسون استعاد وعٌه بعد ثبلثة أٌام .بطرٌقة ما نجا من الموت ،لكن الشلل امتد اآلن إلى كامل
جسمه .حتى شفتٌه كانت مشلولتا .لم ٌتمكن من التحرك أو اإلٌماء ،أو التواصل مع اآلخرٌن بؤي طرٌقة
كانت .والجزء الوحٌد من جسمه الذي كان قادرا على تحرٌكه هً ِم ْقلَ َتًْ عٌنٌه ،مما سمح له بفحص
كامل للمساحة الضٌقة لؽرفته .وقد كان معزوال فً منزله فً المزرعة فً رٌؾ والٌة ''وٌسكونسن'' حٌث
تتكون من أخواته السبع وأخوه وأهله وممرضة خاصة به .بالنسبة لشخص نشؤ ،وكانت صُحبته الوحٌدة َّ
لدٌه مثل هذا العقل النشط والمرن ،فقد كان الملل ٌستولً علٌه لحد أنه أصبح شٌبا مإلمًا .لكن فً أحد
األٌام بٌنما كان ٌستمع إلى أخواته ٌتحدثن فٌما بٌنهما ،أصبح على علم بشًء لم ٌبلحظه من قبل .أثناء
حدٌثهم ،كانت وجوههم تصنع كل أنواع الحركات والتعبٌرات ،وبدا أن نؽمة ولهجة أصواتهم لها
طبٌعتها الخاصة .حٌث قالت أخت ألخرى " ،نعم ،هذه فكرة جٌدة" ،لكنها قالت هذا برتابة وبابتسامة
ملحوظة جد ُم َت َكلِّفة ٌ ،بدو كما لو أنها ترٌد أن تقول " :ال أعتقد أنها فكرة جٌدة على اإلطبلق" .بطرٌقة ما
ٌمكن أن ٌعنً عند قولها '' نعم'' لكن األمر ٌعنً العكس -أي ''ال''.
واآلن أصبح ٌَصُبُّ اهتمامه بهذا الشؤن .لقد كانت بمثابة لعبة محفزة بالنسبة له .خبلل الٌوم التالً ،قام
بحساب ستة عشر نو ًعا مختل ًفا من أنواع اللقطات التً تعنً الرفض بدال من القول بــ ''نعم'' ُ ،م َبٌ ًنا
درجات مختلفة من الصبلبة ،وكلها مصحوبة بالتعابٌر الوجهٌة المختلفة .فً مرحلة معٌنة ،الحظ إحدى
من أخواته وهً تقول ''نعم'' لشًء بٌنما تهز رأسها كإجابة بالرفض .كان األمر دقٌ ًقا ج ًدا ،لكنه استطاع
رُإٌة ذلك .إذا قام الناس بقول ''نعم'' ولكنهم ٌشعرون بالعكس ،فإن ذلك ٌظهر فً مظهرهم وفً لؽة
جسدهم .فً مناسبة أخرى ،راقب عن كثب من زاوٌة عٌنه بٌنما كانت إحدى أخواته تقدم ألخرى تفاحة ،
لكن التوتر فً وجهها و فً ذراعٌها ٌشٌر إلى أنها كانت فقط مجرد مهذبة وأنها أرادت بوضوح تام
االحتفاظ بالتفاحة لنفسها .هذه اإلشارة ٌصعب التقاطها ،ومع ذلك بدا واضحً ا ج ًدا له.
نظرً ا لعدم قدرته على المشاركة فً المحادثات ،وجد أن عقله منؽمسا تمامًا فً مراقبة إٌماءات وإشارات
والطً المفاجا ألذرعهم .لقد الحظ ،على سبٌلَّ أٌدي الناس ،وحواجبهم المرتفعة ،ونبرة أصواتهم ،
المثال ،عدد المرات التً تبدأ فٌها األوردة فً أعناق أخواته فً النبض عندما وقفوا أمامه ،مما ٌشٌر إلى
العصبٌة التً شعروا بها فً حضوره .وقد فتنته أنماط التنفس أثناء أحادٌثهم ،واكتشؾ أن بعض
شعر أٌضا بدا ٌلعب دورً ا مهمًا مع أخواته .إن اإلٌقاعات تشٌر إلى الملل وتتبعها عادة التثاإب .وأن ال ّ
طرٌقة ال َمشط العمٌقة لشعورهنّ تشٌر إلى نفاد الصبر " -لقد سمعت ما ٌكفً ؛ اآلن أرجوك اخرسً".
لكن بهذه السرعة و فاقدا للوعً ٌمكنه أن ٌشٌر إلى انتباه كبٌر.
68
صرً ا فً السرٌر ،فقد أصبح سمعه أكثر حدةٌ .مكنه اآلن التقاط محادثات فً الؽرفة رؼم وجوده ُمحا َ
األخرى حٌث كان الناس ال ٌحاولون تقدٌم واجهة لطٌفة فٌها عنه .وسرعان ما الحظ ً
نمطا ؼرٌبًا -فً
محادثة ما ،نادراً ما كان الناس مباشرٌن فً أحادٌثهم .كانت ؼالبا ما تقضً أخته دقابق فً اللؾ
والدوران والمراؼة ،وتترك تلمٌحات لآلخرٌن حول ما ترٌده ح ًقا -مثل استبذان فً استعارة مبلبس ما أو
ّنة من خبلل نبرة صوتها ،والتً سماع اعتذار من شخص ما .رؼبتها الخفٌة كانت بشكل واضح مُبٌ ً
أكدتها ببعض من كلماتها .كان أملها هو أن ٌختار اآلخرون شٌبا ما بٌنما ٌعرضون لها شٌبا ترؼب به ،
لكن ؼالبًا ما ٌتم تجاهل تلمٌحاتها فتضطر إلى الخروج عن صمتها وتقول ما ترؼب فٌهُ .محادثة بعد
محادثة بدأ ٌبلحظ شكل هذه األنماط تتكرر .سرعان ما أصبحت لعبة تخمٌنٌة بالنسبة له فقد أصبح قادرا
فً ؼضون ثوان قلٌلة أن ٌعرؾ ما كانت ُتلَمّح إلٌه األُخت.
بسبب شلله أصبح فجؤة ٌدرك أن لدٌه وسٌلة ثانٌة لبلتصال اإلنسانً ،وهً لؽة ثانٌة ٌُعبّر من خبللها
الناس عن شًء بداخل أنفسهم ،وأحٌا ًنا دون أن ٌكونوا على علم بها .ماذا سٌحدث لو استطاع أن ٌتقن
بطرٌقة ما تعقٌدات هذه اللؽة؟ كٌؾ سٌؽٌر هذا منظوره للناس؟ هل ٌمكنه أن ٌُوسّع نطاق قوته فً القراءة
لئلٌماءات ؼٌر المربٌة التً ٌقوم بها األشخاص بشفتٌهم ،وأنفاسهم ،ومستوى التوتر فً أٌدٌهم؟
بعد عدة أشهر فً أحد األٌام ،بٌنما كان ٌجلس بالقرب من نافذته على كرسً متحرك صممته له عابلته ،
استمع إلى أخٌه وأخواته ٌلعبون فً الخارج( .فً تلك األشهر فقد استعاد الحركة فً شفتٌه حٌث أصبح
مشلوال ).أراد بشدة أن ٌنضم إلٌهم .كما لو أنه بشكل مإقت ٌرؼب فًً بإمكانه الكبلم ،لكن جسده ظل
نسٌان كونه مشلوال ،و بدأ ٌتصور فً نفسه قادرا على الوقوؾ ،وفً فترة وجٌزة أحسّ بارتعاش فً
عضلة ساقه ،وهً المرة األولى التً شعر فٌها بحركة فً جسمه على اإلطبلق .فً الماضً فقد أخبر
األطباء والدته أنه لن ٌمشً مجد ًدا ،لكنهم كانوا مخطبٌن .بنا ًء على هذا االرتعاش البسٌط ،قرر محاولة
التجربة .حٌث صبّ تركٌزه بعمق على عضلة معٌنة فً ساقه ،متذكراً اإلحساس الذي كان ٌشعر به قبل
شلله ،ورؼبته الشدٌدة فً تحرٌك ساقه ،وتخ ٌُّلِها تعمل مرة أخرى .كانت ممرضته تقوم بتدلٌك تلك
المنطقة ،وببطء ،وبنجاح متناوب ،فقد كان ٌشعر باالرتعاش ثم حركة بسٌطة فً عضلة الساق .خبلل
هذه العملٌة البطٌبة للؽاٌة ،علَّم نفسه الوقوؾ ،ثم ال َّتحرك ببضع خطوات ،ثم ال َّتجول فً ؼرفته ،ثم
المشً بالخارج ،وهكذا قام بزٌادة مسافات المشً لدٌه.
بطرٌقة ما ،من خبلل االعتماد على إرادته وخٌاله ،فقد استطاع تؽٌٌر حالته البدنٌة واستعادته الحركة
الكاملة .من الواضح أنه قد أدرك أن العقل والجسم ٌعمبلن م ًعا بطرق ال ندركها .وبرؼبته فً استكشاؾ
هذا األمر بشكل أكبر ،قرر متابعة حٌاته المهنٌة فً الطب وعلم النفس ،وفً أواخر عشرٌنٌات القرن
العشرٌن بدأ فً ممارسة الطب النفسً فً مختلؾ المستشفٌات .بشكل أسرع طور طرٌقة خاصة به وقد
كانت مختلفة تماما عن المتدربٌن اآلخرٌن فً هذا المجال .حٌث قد ر َّكز جمٌع األطباء النفسٌٌن المتدربٌن
تقرٌبًا على اإلشارات اللفظٌة (الكلمات) .كانوا ٌجعلون مرضاهم ٌتحدثون عن أنفسهم ،ال سٌما عن
طفولتهم المبكرة .وبهذه الطرٌقة كانوا ٌؤملون فً الوصول إلى البلوعً الخاص بمرضاهم .لكن فً
الجهة االخرى ركز إرٌكسون بدالً من ذلك على الحضور البدنً للناس كمدخل لحٌاتهم العقلٌة والبلوعً
69
الخاص بهم .ؼالبًا ما ُتستخدم الكلمات َكسِ تار لحجب ما ٌخفٌه الناس ،وهً طرٌقة فعالة إلخفاء ما ٌجري
بالفعل .فقد كان ٌجعل مرضاه مرتاحٌن تمامًا ،لٌكشؾ عن عبلمات التوتر الخفٌة و عن الرؼبات التً لم
تتم تلبٌتها و التً تظهر من خبلل تعبٌرات وجوههم وأصواتهم وسلوكٌاتهم .كما فعل هذا من قبل ،فقد
اكتشؾ بعمق عن عالم التواصل الؽٌر اللفظً.
كان شعاره أن "تبلحظ ،وتراقب ،وتنتبه" .ولهذا الؽرض ،فقد احتفظ بمفكرة لكً ٌكتب فٌها جمٌع
مبلحظاته .وقد كانت أحد العناصر التً فتنته بشكل خاص وهً طرٌقة المشً لدى الناس ،ربما هذا
االفتتان ما هو إال انعكاس لصعوباته فً تعلم كٌفٌة استخدام ساقٌه .كان ٌشاهد الناس على الدوام ٌمشون
فً كل جزء من المدٌنة .وقد لفت انتباهه ِثقل خطواتهم -حٌث كان ٌبلحظ أن أصحاب ال ِمشٌة المتشددة
ٌمتاز بها أولبك المثابرٌن والملٌبٌن بالعزٌمة ؛ أما أصحاب الخطوات الخفٌفة فهً ألولبك الذٌن ٌبدون
أكثر حسمًا ؛ أما أصحاب ال ِمشٌة المرتخٌة فهً ألولبك الكسالى ؛ أما المشٌة المتعرجة فهً لؤلشخاص
الؽارقٌن والمنهمكٌن فً تفكٌرهم .والحظ عن كثب التماٌل للوركٌن على نحو خاص و الطرٌقة التً
ٌكون فٌها الرأس متصلبا بشكل مستقٌم لؤلعلى ،مما ٌشٌر إلى مستوٌات عالٌة من الثقة لذى الشخص .فقد
كانت هناك مشٌة ٌقوم بها الناس تدل على إخفاء ضعفهم أو انعدام األمان الخاص بهم -كالمشٌة الذكورٌة
المبالػ فٌها ،و المراوؼة الباردة (ال مبال) التً ٌقوم بها المراهق المتمرد .فقد الحظ التؽ ٌُّرات المفاجبة
فً طرٌقة مشٌة الناس عندما ٌصبحون متحمسٌن أو عصبٌٌن .كل هذا قد زوده بمعلومات كثٌرة عن حالة
أمزجة الناس ومستوى ثقتهم بؤنفسهم.
فً مكتبه ،وضع مكتبه فً نهاٌة الؽرفة ،وجعل مرضاه ٌمشون نحوه .قام بهذا لكً ٌبلحظ تؽ ٌُّرات فً
مشٌتهم قبل و بعد الجلسة .وقد كان ٌُد ِّقق فً طرٌقة جلوسهم ،وفً مستوى التوتر فً أٌدٌهم وهم
ٌمسكون بؤذرع الكرسً ،وما الدرجة التً سٌواجهونه بها وهم ٌتحدثون ،وفً بضع ثوان ،و بدون
تبادل الكلمات ،فقد امتلك قراءة عمٌقة حول انعدام األمان الخاص بهم ومستوى صرامتهم ،كما تم
تحدٌدها بوضوح فً لؽة جسدهم .
فً مرحلة ما من حٌاته المهنٌة ،عمل إرٌكسون فً جناح للمضطربٌن عقلٌا ً .فً إحدى الحاالت ،كان
علماء النفس هناك فً حٌرة من حالة مرٌض معٌن -كان هناك رجل أعمال سابق قد جمع ثروته ثم فقد
كل شًء بسبب الكساد .كل ما كان بوسع الرجل فعله هو البكاء وتحرٌك ٌدٌه باستمرار ذهابًا وإٌابًا ،
مباشرة من صدره .ال أحد ٌستطٌع معرفة مصدر هذا التشنج أو معرفة كٌفٌة مساعدته .فإن إِرْ َؼامه على
التحدث لم ٌكن باألمر السهل ولم ٌإدي إلى أي نتٌجة .لكن بالنسبة إلى إرٌكسون ،فً اللحظة التً رأى
فٌها الرجل فقد فهم طبٌعة المشكلة -فإن من خبلل هذه اإلشارة وهذا التشنج فقد كان ٌُ َعبِّر حرفًٌا عن
ِب إِلٌَه .وقد ذهب إلٌه إرٌكسون وقال له" :فقد كانت الجهود الفاشلة للتقدم فً حٌاته والٌؤس الذي قد ُجل َ
حٌاتك ملٌبة بالفشل والنجاح" ،وكما عبّر المرٌض عن ذلك ،عند قٌامه بتحوٌل حركة ذراعٌه إلى األعلى
واألسفل كمعنى عن الفشل والنجاح .ولذلك بدا على الرجل اهتماما بهذه الحركة الجدٌدة وبها أصبح اآلن
متشنجً ا.
70
ومن خبلل العمل مع أخصابً العبلج النفسً فً هذا الموضع ،فقد وضع إرٌكسون مجموعة من
ص ْنفرات فً كل من ٌدي الرجل ووضع قطعة من الخشب الخام أمامه .سرعان ما أصبح الرجل مفتونا ال َّ
بحك الخشب بالصنفرة وبرابحة ؼبارها الخشبً وكما أنه قام بتلمٌعها .أثناء هذا االختبار فقد توقؾ عن
البكاء وبدأ بؤخذ دروس فً النجارة ،وقد نقش مجموعات من الشطرنج المتقنة وبٌعها .ومن خبلل
التركٌز بشكل حصري على لؽة جسده وتؽٌٌر حركته البدنٌة ،تمكن إرٌكسون من أن ٌؽٌر الوضع المؽلق
لعقله وٌشفٌه.
ومن بٌن األشٌاء التً فتنت إرٌكسون ،وهو الفرق بٌن الرجال والنساء فً التواصل ؼٌر اللفظً وكٌؾ
ٌعكس هذا طرٌقة تفكٌرهم المختلفة .فقد كان حسّا ًسا بشكل خاص تجاه سلوكٌات النساء ،وربما كان
انعكا ًسا لؤلشهر الماضٌة التً قضاها فً مراقبة أخواته عن كثب .وقد م ّكنه ذلك من تحلٌل كل فارق دقٌق
من لؽة جسدهم .فً إحدى المرات ،جاءت شابة جمٌلة لرإٌته قابلة أنها شاهدت العدٌد من األطباء
النفسٌٌن ولكن لم ٌكن أي أحد منهم على حق .هل ٌمكن أن ٌكون إرٌكسون هو الشخص المناسب؟ بٌنما
كانت تتحدث أكثر ،لم تكن تتحدث أبداً عن طبٌعة مشكلتها ،وقد شاهدها إرٌكسون وهً تلتقط بعض
الوبر فً أكمامها .لقد استمع بهدوء وهو ٌوما برأسه ،بعد ذلك طرح علٌها بعض األسبلة الؽٌر مهمة.
فجؤة ،بدون مقدمات ،قال بنبرة واثقة للؽاٌة أنه هو الشخص المناسب لها ،فً الحقٌقة هو الطبٌب
النفسً الوحٌد المناسب لها .وقد فوجبت الفتاة بموقفه المؽرور ،وسؤلته لماذا ٌشعر بهذه الطرٌقة .و قال
لها أنه بحاجة إلى طرح سإال آخر إلثبات ذلك.
َ
وأنت ترتدي مبلبس النساء؟'' ثم سؤلها قاببل '' :منذ متى
شاب بدهشة '' :كٌؾ عرفت؟'' ( كٌؾ عرؾ إرٌكسون بؤمر الشاب الذي تقمّص دور فتاة ) . فؤجاب ال ّ
أوضح إرٌكسون أنه الحظ الطرٌقة التً التقط فٌها َو ْبر األكمام ،ودون قٌامه بالتفاؾ أو حركة بشكل
طبٌعً حول منطقة الثدي .فقد رأى هذه الحركة عدة مرات حتى ال ٌنخدع بؤي شًء اخر .باإلضافة إلى
ذلك ،فإن طرٌقة الشاب الحازمة لمناقشة حاجته الختبار إرٌكسون والتً تم التعبٌر عنها جمٌعها بإٌقاع
صوتً شدٌد الدقة ،حٌث كانت ذكورٌة بشكل مإكد .و جمٌع األطباء النفسٌٌن اآلخرٌن انخدعوا بمظهر
الشاب المإنث والصوت الذي كان ٌُتقنه بعناٌة فابقة ،ولكن لؽة جسده لم تكن تكذب.
و فً مناسبة أخرى ،دخل إرٌكسون إلى مكتبه حٌث وجد مرٌضة جدٌدة كانت فً انتظاره .وأوضحت
أنها بحثت عنه ألنها تعانً من فوبٌا ( ُرهّاب) ركوب الطابرات .وقد قاطعها إرٌكسون .دون أن ٌوضح
السبب ،طلب منها أن تخرج من المكتب ثم تعود إلٌه .بدت متضاٌقة من هذا األمر لكنها امْ َت َثلت ،ثم قام
إرٌكسون بدراسة وتحلٌل طرٌقة ِمشٌتها عن كثب ،وكذلك طرٌقة جلوسها على الكرسً .ثم عندها طلب
منها شرح مشكلتها.
قالت " :زوجً ٌرٌدنً أن أسافر معه فً سبتمبر '' َخا ِ -ر َج الببلد'' لكن لدي خوؾ قاتل من أن أكون
على متن طابرة ما".
71
قال لها إرٌكسون '' :سٌدتً ،عندما ٌؤتً مرٌض ما إلى طبٌب نفسً ،ال ٌجب إخفاء جمٌع المعلومات.
ً
سإاال مزعجا . . . .هل ٌعلم زوجك عن عبلقتك الؽرامٌة ؟ " فؤنا أعرؾ شٌبا عنك .وسؤطرح علٌك
قالت باستؽراب " :ال ،...لكن كٌؾ عرفت؟"
"إن لؽة جسدك هً من أخبرتنً" .ثم شرح لها أثناء جلوسها كٌؾ تم تقاطع ساقٌها فً وضعٌة ضٌقة
للؽاٌة ،و مع وجود قدم واحدة محشورة بالكامل حول الكاحل .ومن خبلل تجربته ،أن كل امرأة متزوجة و
لها عبلقة ؼرامٌة فإنها تؽلق جسدها بطرٌقة مماثلة .وعندما بدأت التحدث عن مشكلتها فقد قالت بلهجة
مترددة و بوضوح '' َخا ِ -ر َج الببلد'' " بدالً من "'' َخ ِ
ار َج الببلد'' " ،كما لو كانت تخجل من نفسها.
وأٌضا أشارت مِشٌتها إلى امرأة َشعرت بؤنها محاصرة داخل عبلقات معقدة .وفً جلسات الحقة،
ضا .حٌث قد طلب إرٌكسون من الزوجة أن تحضر حبٌبها أحضرت معها حبٌبها ،والذي كان متزوج أٌ ً
لرإٌته ،وعندما جاءت ،جلست فً نفس الوضع المؽلق ،مع القدم أسفل الكاحل.
قال لها" :إذن فؤنت فً عبلقة ؼرامٌة".
"نعم ،وهل أخبرك زوجً بذلك ؟
"ال'' ،لقد حصلت علٌها من لؽة جسدك .واآلن أعرؾ لماذا زوجك ٌعانً من صداع مزمن " .وفً ذلك
الحٌن بدأ فً معالجتهم ومساعدتهم فً الخروج من أوضاعهم المؽلقة والمإلمة.
وعلى مر السنٌن ،امتدت قوته على المبلحظة للعوامل التواصلٌة الؽٌر اللفظٌة و التً كانت ؼٌر
محسوسة بدقة تقرٌبا .م ّكنه هذا من تحدٌد الحاالت الذهنٌة للناس من خبلل أنماط تنفسهم ،ومن خبلل
مُحاكات هذه األنماط بنفسه ،حٌث كان ٌقود المرٌض إلى نشوة ُم َن ِّو َمة وإلى خلق شعور باالرتباط
العمٌق .وقد كان ٌستطٌع أن ٌقرأ الرسابل الخافتة و البلشعورٌة التً ٌصدرها الناس حٌث ألنهم ٌتكلمون
بكلمات أو أسماء بطرٌقة مربٌة على نحو ضبٌل .وهذه هً الطرٌقة التً ٌمكن بها العرافون ،و الوسطاء
،وبعض السحرة كسب عٌشهم .وقد كان ٌستطٌع معرفة متى تكون سكرتٌرته حابضة بسبب ِثقل كتابتها.
واستطاع أٌضا تخمٌن الخلفٌات المهنٌة لؤلشخاص من خبلل نوعٌة تشكٌلة أٌدٌهم ،وثقل خطواتهم ،
وطرٌقة إمالة رإوسهم ،وانحرافاتهم الصوتٌة .بالنسبة لمرضاه وأصدقابه ،بدا األمر كما لو أن
إرٌكسون ٌمتلك قوى نفسٌة ،لكنهم كانوا ببساطة ؼٌر مدركٌن لمدى الوقت والصعوبة التً كان ٌدرس
بها ،ودرجة االتقان الذي اكتسب بها هذه اللؽة الثانٌة.
• • •
التفسٌر ً
بالنسبة لمٌلتون إرٌكسون ،فإن شلله المفاجا ح ّرره فً فتح عٌنٌه لٌس فقط على شكل مختلؾ من أشكال
التواصل ولكن أٌ ً
ضا على الطرٌقة المختلفة تمامًا فٌما ٌتعلق بالبشر .عندما استمع إلى أخواته والتقط
معلومات جدٌدة عن تعبٌرات وجوههم ونبرات أصواتهم ،لم ٌسجل هذا فقط بؤحاسٌسه ،ولكنه َشعر أٌ ً
ضا
72
أنه ٌعانً من بعض ما كان ٌدور فً أذهانهم .فقد اضطر أن ٌتصور سبب قولهم لكلمة ''نعم'' ولكن هذا
التعبٌر حقا كان ٌعنً العكس '' -ال'' ، -وفً هذه المرحلة اضطر فً أن ٌشعر ببعض رؼباتهم المتناقضة.
و أن ٌرى التوتر من خبلل أعناقهم وأن ٌُحا ِكٌها جسدًٌا داخل نفسه لفهم سبب عدم ارتٌاحهم المفاجا فً
حضوره .وما اكتشفه هو كاالتً :أن التواصل الؽٌر اللفظً ال ٌمكن تجربته ببساطة من خبلل التفكٌر
وترجمة األفكار إلى كلمات ولكن ٌجب الشعور به جسدًٌا كؤن الشخص ٌتفاعل مع تعبٌرات الوجهٌة
والوضعٌات المؽلقة لؤلشخاص اآلخرٌن .وهذا ٌُعتبر شكبل مختلفا من المعرفة ،حٌث ٌرتبط فً الجزء
الحٌوانً من طبٌعتنا ،وٌشتمل على الخبلٌا العصبٌة ال ِمرآوٌة.
فً إتقانه هذه اللؽة ،اضطر لٌسترخً وٌتحكم وٌُسٌطر على رؼبته المستمرة فً التفسٌر بالكلمات أو
تصنٌؾ ما كان ٌراه .فقد اضطر إلى كبح ''تفكٌره الؽروري'' فً ما ٌرٌد قوله ،وبدالً من ذلك وجّ َه
انتباهه واهتمامه نحو الخارج أي نحو الشخص اآلخر ،متناؼمًا مع أمزجتهم المتؽٌرة كما هو ُم َبٌّن فً
ٌبعثها الناسُ لؽة جسدهم .وكما اكتشؾ ،أن هذا االهتمام قد َؼٌ َّرهُ .جعله أكثر حٌوٌة لئلشارات التً
باستمرار وهذا حوّ له إلى ممثل اجتماعً مُتفوق ،قادرا على االتصال بحٌاة اآلخرٌن الداخلٌة وتطوٌر
عبلقات أفضل.
مع تقدم إرٌكسون فً هذا التحول الذاتً ،فقد الحظ أن معظم الناس ٌذهبون فً اتجاه معاكس -حٌث
ٌُصبحوا أنانٌٌن وؼافلٌن مع مرور السنٌن .وقد كان ٌُحب تجمٌع بعض النوادر فً عمله و الذي ٌُش ّرح
فٌها هذا األمر .وعلى سبٌل المثال ،ذات مرة طلب من مجموعة من المتدربٌن فً المستشفى حٌث كان
ٌعمل أن ٌراقبوا بصمت االمرأة المسنة المُم ّددة تحت فراشها فً سرٌر المستشفى حتى ٌتمكنوا من رإٌة
شٌ ًبا ما من شؤنه أن ٌشٌر إلى تشخٌص محتمل لحالتها وهً طرٌحة الفراش .فقد راقبوها لمدة ثبلث
ساعات و دون جدوى ،ولم ٌبلحظ أي منهم الحقٌقة الواضحة المتمثلة فً أن ساقٌها مبتورتان .وذات
مرة أٌضا ،كان هناك أشخاص قد حضروا ل ُدروسه العامة ؛ وتساءل الكثٌر منهم لماذا لم ٌستخدم
إرٌكسون هذا المإشر (عُكازه) ذي المظهر الؽرٌب الذي ٌحمله فً ٌده كجزء من عرضه التقدٌمً .وقد
فشلوا فً مبلحظة أنه ٌعرُج وأنه بحاجة إلى عكازه .كما رأى إرٌكسون أن قسوة الحٌاة تجعل معظم
الناس ٌتحولون نحو الداخل .و لٌس لدٌهم مساحة ذهنٌة مُتبقٌة للمبلحظات البسٌطة لبلقتراب من اللؽة
الثانٌة إلى حد كبٌر.
افهم ًهذا :نحن حٌوانات اجتماعٌة بارزة على هذا الكوكب ،واعتما ًدا على قدرتنا على التواصل مع
اآلخرٌن من أجل بقابنا ونجاحنا .فإن التقدٌرات تشٌر إلى أن أكثر من 64فً المابة من جمٌع االتصاالت
البشرٌة فهً ؼٌر لفظٌة ،لكن الناس ٌلتقطون وٌستوعبون حوالً 4فً المابة فقط من هذه المعلومات.
وعوضا عن ذلك ،فإن اهتمامنا االجتماعً تقرٌبًا ٌتم استٌعابه من خبلل ما ٌقوله الناس ،والذي ٌنفعهم فً
أكثر األحٌان على إخفاء ما ٌفكرون فٌه وما ٌشعرون به ح ًقا .وتخبرنا اإلشارات الؽٌر اللفظٌة بما ٌحاول
الناس التركٌز علٌه بكلماتهم وما هو ضمنً لرسالتهم ،و الفروق الدقٌقة لتواصلهم .وأٌضا فإن هذه
االشارات تخبرنا حقا بما ٌُخفونه بفعالٌة ،وبرؼباتهم الحقٌقٌة .وتعكس بشكل فوري عواطؾ الناس
وأمزجتهم .إن تفوٌت هذه المعلومات هً بمثابة العمل بشكل أعمى ،وم َُع ّرض ألي سوء فهم ،ومن خبلل
73
عدم مبلحظة هذه اإلشارات فإنك ستفقد فرص ال حصر لها فً التؤثٌر على الناس فٌما ٌرٌدونه أو إلى ما
ٌحتاجون إلٌه ح ًقا.
مهمتك بسٌطة :أوالً ٌ ،جب علٌك أن تتعرؾ على حالة االستٌعاب الذاتً الخاص بك وما المقدار الذي
تبلحظه فعلًٌا .بهذا الفهم ،سٌكون لدٌك حافز لتطوٌر مهارات المبلحظة .ثانٌا ً ،كما فعل إرٌكسون ،
ٌجب علٌك أن تفهم الطبٌعة المختلفة لهذا النوع من التواصل (التواصل ؼٌر اللفظً) .ألنه ٌتطلب منك
تحرٌر وفتح حواسك والتواصل مع الناس أكثر على المستوى الجسدي ،واستٌعاب طاقتهم الجسدٌة ولٌس
فقط كلماتهم .وال تبلحظ التعبٌرات الوجهٌة بمنتهى البساطة ،بل حاول أن ُتسجلها من الداخل ،بحٌث
ٌبقى االنطباع والتواصل معك .كلما كسبت قاموس أكبر من هذه اللؽة ،كلما تمكنت من ربط إٌماءة ما
بمشاعر محتملة .ومع ارتفاع معدل حساسٌتك ،ستبدأ فً مبلحظة المزٌد والمزٌد عما كان ٌؽٌب عنك.
وعلى نفس القدر من األهمٌة ،ستكتشؾ طرٌقة جدٌدة وأعمق لبلرتباط بالناس وبزٌادة القوة االجتماعٌة
التً ستتوفر لك.
ساااتكون داب ًماااا فرٌساااة أو ألعوباااة للشاااٌاطٌن والمؽفلاااٌن فاااً هاااذا العاااالم إذا كنااات تتوقاااع رإٌاااتهم ٌساااٌرون
ِبقُااارون أو ٌهااازون بؤجراساااهم ...وهاااذا ٌنبؽاااً أن ٌإخاااذ فاااً االعتباااار عناااد اتصاااالهم بااااآلخرٌن ،فاااإن
النااااس ٌشااابهون القمااار :إنهااام ٌُظهااارون لاااك جان ًباااا واحا ًاادا فقاااط مااان جاااوانبهم .وكااال رجااال لدٌاااه موهباااة
فطرٌااة . . .لٌصاانع قناعً ااا ماان مبلمااح وجهااه ،حتااى ٌااتمكن دابمًااا ماان الظهااور بااالمظهر الااذي ٌ ّدعٌااه.
. .وإن تاااؤثٌره خاااادع للؽاٌاااة .وٌرتااادي قناعاااه كلماااا كاااان هدفاااه ٌُثناااً علاااى نفساااه نحاااو الااارأي الجٌاااد
لشخص ما ؛ وقد ُتولً اهتماما بنفس القدر كما لو كان األمر مصنوعا من الشمع أو الكرتون.
آرثرًشوبنهاور -
مفاتٌحًالطبٌعةًالبشرٌة
نحن البشر مُمثلون بارعون .حٌث نتعلم فً سن مبكرة كٌفٌة الحصول على ما نرٌده من آبابنا من خبلل
وضع مظاهر وتعبٌرات معٌنة تثٌر التعاطؾ أو المودة .ونتعلم أٌضا كٌفٌة إخفاء عن آبابنا أو أشقابنا ما
نفكر فٌه أو ما نشعر به بالضبط ،فهذا فقط لحماٌة أنفسنا فً لحظات الضعؾ .فنحن نجٌد مدح أولبك
الذٌن من المهم والجٌد كسبهم والفوز بهم -كاألساتذة و ال ُنظراء المشهورٌن .و نتعلم أٌضا كٌفٌة االندماج
داخل المجموعة من خبلل ارتداء نفس طرٌقة لباسهم والتحدث بنفس لؽتهم .و كلما تقدمنا فً السن نسعى
جاهدٌن فً إقامة حٌاة مهنٌة جٌدة ،حٌث نتعلم كٌفٌة إنشاء واجهة مناسبة من أجل التوظٌؾ والتوافق مع
ثقافة المجموعة .وإذا أصبحنا مسإولٌن تنفٌذٌٌن أو أساتذة أو ُن َدالَء ،فسنضطر إلى أن نتصرؾ على هذا
النحو من جانبنا.
صا ال ٌطور أب ًدا هذه المهارات التمثٌلٌة ،حٌث ٌقوم بتقطٌب وجهه على الفور عندما تقول شٌباتخٌل شخ ً
ٌكرهه ،و عندما تفشل فً الترفٌه عنه فإنه سٌُظهر لك تعبٌرا عن التثاإب ،أو شخصا ٌُع ّبر دابما عن رأٌه
74
،وٌتصرؾ بطرٌقته الخاصة فً أفكاره وأسلوبه ،أو شخصا ٌتصرؾ بنفس األسلوب سواء كان ٌتحدث
إلى ربٌسه أو إلى طفله ،وأنت الزلت تتخٌل الشخص الذي ستتجنبه ،أو السخرٌة منه أو احتقاره.
نحن جمٌ ًعا مُمثلون بارعون والذي لٌس لنا به دراٌة أو علم عندما نقوم بها تلقابٌا .نتصور دابما على أننا
صادقون فً لقاءاتنا االجتماعٌة ،حٌث سٌُخبرك أي ممثل بارع على أنه (الصدق) سِ ّر وراء كل
التصرفات التمثٌلٌة المإمنة والصادقة حقا .وجمٌعا نحمل هذه المهارات كؤمر مسلم به ،و لرإٌتها فً حٌز
العمل ،حاول أن تنظر إلى نفسك وأنت تتفاعل مع مختلؾ أفراد عابلتك ومع ربٌسك وزمبلبك فً العمل.
سترى نفسك تؽٌر بمهارة ما تقوله ،وبما فً ذلك ،نبرة صوتك ،وسلوكٌاتك ،ولؽة جسدك بالكامل ،
لتناسب كل فرد وكل موقؾ .بالنسبة لؤلشخاص الذٌن تحاول التؤثٌر علٌهم ،فؤنت ترتدي وجهًا مختل ًفا
كثٌرً ا لؤلشخاص الذٌن تعرفهم وبهذا ٌُمكن أن تخفؾ من حذرك .فؤنت تفعل هذا تقرٌبا دون تفكٌر أو
وعً.
على مر القرون ،فوجا العدٌد من الكتاب والمفكرٌن الذٌن ٌنظرون إلى البشر من منظور خارجً
بالجودة المسرحٌة للحٌاة االجتماعٌة .و االقتباس األكثر شهرة للتعبٌر عن هذا ٌؤتً من شكسبٌر حٌث قال
" :العالم بؤكمله عبارة عن مسرحٌة ،وجمٌع الرجال والنساء مجرد مُمثلٌن؛ لدٌهم مداخلهم و مخارجهم،
و ٌلعب كل شخص دوره فً وقته المحدد'' .إذا كان المسرح والمُمثلون ٌُمثلون على نحو تقلٌدي على
شكل أدوار مُحددة ،فإن ال ُك َتاب -مثل شكسبٌر ٌشٌرون إلى أننا جمٌ ًعا نرتدي أقنعة باستمرار .وبعض
الناس ٌكونون ممثلون أفضل من اآلخرٌن .فإن األنواع الشرٌرة مثل ''ٌاؼو'' فً مسرحٌة ''عطٌل'' قادرة
على إخفاء نواٌاها العدابٌة وراء ابتسامة ودٌة حمٌدة .وآخرون قادرون على التصرؾ بثقة وإعجاب -
ؼالبا ما ٌصبحون قادة .وٌمكن لؤلشخاص ذوي المهارات التمثٌلٌة البارعة التنقل بشكل أفضل فً البٌبات
االجتماعٌة المعقدة والمضً قدمًا.
على الرؼم من أننا جمٌ ًعا ممثلون متخصصون ،إال أننا فً نفس الوقت نختبر سراً هذه الحاجة فً
التصرؾ ولعب دور ما بوصفه عببا علٌنا .فنحن أنجح الحٌوانات االجتماعٌة على هذا الكوكب .على
مدى مبات اآلالؾ من السنٌن ،لم ٌكن بإمكان أسبلفنا من الصٌادٌن الجامعٌن فً البقاء على قٌد الحٌاة إال
من خبلل التواصل المستمر مع بعضهم البعض عن طرٌق اإلشارات الؽٌر اللفظٌة .وقد تم تطوٌر
االشارات الؽٌر اللفظٌة على مدار الزمن ،قبل اختراع اللؽة ،وهكذا أصبح وجه اإلنسان ُمعبّرً ا ج ًدا ،
وإٌماءاته متقنة للؽاٌة .وهذا قد وُ لِد بعمق فً داخلنا .وأصبحت لدٌنا رؼبة مستمرة فً إٌصال مشاعرنا ،
لكن فً نفس الوقت نحتاج إلخفابها من أجل األداء االجتماعً السلٌم .وبهذه القوى المضادة التً َت َتقاتل
بداخلنا ،ال ٌمكننا التحكم بالكامل فً ما نتواصل .حٌث تظهر مشاعرنا الحقٌقٌة باستمرار من خبلل
ٌن على االهتمام ُدر ِب َ
إٌماءاتنا ،ونبرات أصواتنا ،وتعابٌرنا الوجهٌة ،ومواقفنا .ومع ذلك ،فنحن لسنا م َ
باإلشارات الؽٌر اللفظٌة لدى الناس .من خبلل العادة السابدة ،فإننا نركز على الكلمات التً ٌقولها الناس،
ضا فً ما سنقوله بعد ذلك .وما ٌعنٌه هذا هو أننا نستخدم نسبة ضبٌلة فقط من المهارات بٌنما نفكر أٌ ً
االجتماعٌة الممكنة التً نمتلكها جمٌ ًعا.
75
تخٌل ،على سبٌل المثال ،المحادثات مع األشخاص الذٌن قابلتهم مإخرً ا .ومن خبلل االنتباه عن كثب
إلى اإلشارات الؽٌر اللفظٌة التً تنبعث منهم ٌ ،مكنك التقاط مزاجهم ومُحاكات هذه الحالة المزاجٌة التً
لدٌهم ،وجعلهم ٌسترخون دون وعً فً وجودك .مع التقدم فً هذه المحادثة ،تستطٌع التقاط إشارات
على استجاباتهم إلٌماءاتك ومُحاكاتها ،مما ٌمنحك حرٌة للمضً قدمًا وتعمٌق السحر .وبهذه الطرٌقة،
ٌمكنك بناء عبلقة وكسب حلٌؾ قٌم .على النقٌض من هذا ،تخٌل األشخاص الذٌن ٌكشفون على الفور
تقرٌبًا عن عبلمات العداء تجاهك .وبإمكانك أن ترى من خبلل ابتساماتهم الضٌقة والمزٌفة فً التقاط
ومضات من الؽضب التً تكون على وجوههم وعبلمات االنزعاج الخفٌة فً وجودك .وبتسجٌل كل هذا
فور حدوثه ٌ ،مكنك بعد ذلك االنسحاب بؤدب من هذا التفاعل لكونك حذرا منهم ،ثم ابحث عن مزٌد من
العبلمات التً تدل على النواٌا العدابٌة .ربما تكون قد أنقذت نفسك من معركة ؼٌر ضرورٌة أو من
أعمال تخرٌبٌة قبٌحة.
مهمتك كدارس للطبٌعة البشرٌة ذات شقٌن :أوالً ٌ ،جب أن تفهم وتقبل الصفة المسرحٌة للحٌاة .أنت ال
تضفً طاب ًعا أخبلقًٌا على لعب األدوار وارتداء األقنعة أمرً ا ضرورًٌا للؽاٌة لضمان سبلسة األداء
االجتماعً .فً الحقٌقة ،هدفك هو لعب دورك فً مسرحٌة الحٌاة بمهارة بارزة ،وجذب االنتباه
واالهتمام ،والسٌطرة على األنظار باتجاهك ،وجعل نفسك بطبلً متعاطفا أو بطلة متعاطفة .ثانٌا ً ٌ ،جب
أال تكون ساذجا ً ومُخطبا فً مظاهر الناس للواقع .فؤنت لست أعمى بالمهارات التمثٌلٌة التً ٌقوم بها
الناسٌ .مكنك تحوٌل نفسك إلى وحدة فك ترمٌز ربٌسٌة لمشاعرهم الحقٌقٌة ،والعمل على مهارات
المبلحظة الخاصة بك وممارستها قدر اإلمكان فً الحٌاة الٌومٌة.
ولهذه األؼراض ًإذاً ،هناك ثبلثة جوانب لهذا القانون الخاص َ :فهم كٌفٌة مراقبة الناس ؛ و تعلم بعض
المفاتٌح األساسٌة لفك ترمٌز االتصال الؽٌر اللفظً ؛ وإتقان فن بما ٌسمى إدارة االنطباع ،ولعب دورك
إلى أقصى حد من التؤثٌر.
مهاراتًالمالحظة
ً
أطفاال ،كنا جمٌ ًعا تقرٌبًا أعظم مراقبٌن للبشر .نظرً ا ألننا كنا صؽارً ا وضعفاء ،فقد اعتمد عندما كنا
صدِمْ نا ؼالبًا بؤنماط المشً الخاصة بالبالؽٌن
بقاءنا على فك رموز ابتسامات الناس ونؽمات أصواتهم .وقد ُ
،وبابتساماتهم المبالػ فٌها وتصرفاتهم المتؤثرة .ونحن نقلدهم فقط للمتعة .مك ّننا هذا بالشعور من أن الفرد
كان مُهددا بشًء ما عن طرٌق لؽة جسده\ها .هذا هو السبب فً أن األطفال مصدر ازعاج للكذابٌن
المتؤصلٌن والفنانٌن المحتالٌن والسحرة واألشخاص المُنافقٌنٌ .رى األطفال بسرعة من خبلل واجهتهم.
وببطء ،فً سن الخامسة وما بعدها ُ ،تفقد هذه الحساسٌة عندما نبدأ فً التحول إلى الداخل ونصبح أكثر
اهتمامًا بكٌفٌة رإٌة اآلخرٌن لنا.
ٌجب أن تدرك أن األمر ال ٌتعلق باكتساب المهارات التً ال تمتلكها ،بل ٌجب علٌك إعادة اكتشاؾ تلك
المهارات التً اكتسبتها ذات مرة فً السنوات األولى .هذا ٌعنً عكس عملٌة االنهماك الذاتً (األنانٌة
الذاتٌة) ببطء واستعادة وجهة النظر والفضول الموجهٌن نحو الخارج التً كانت لدٌك أثناء طفولتك.
76
كما هو الحال مع أي مهارة ،فإن هذا ٌتطلب القلٌل من الصبر .ما تقوم به هو عملٌة تجدٌد وتهٌبة عقلك
ببطء من خبلل الممارسة ،ورسم اتصاالت عصبٌة الجدٌدة .فً البداٌة ال ٌجب علٌك أن تفرط فً شحن
الكثٌر من المعلومات .فؤنت تحتاج إلى اتخاذ خطوات التً ٌبدأ بها الطفل ،أن تراقب بشكل ضبٌل ولكن
بشكل ٌومً .عند محادثة عفوٌة مع شخص ما ،اعطِ لنفسك هدؾ مبلحظة تعبٌر أو تعبٌرات وجهٌة
ٌبدو أنها تتعارض مع ما ٌقوله الشخص أو تشٌر إلى بعض المعلومات اإلضافٌة .احترس من التعبٌرات
الدقٌقة ،أو الومضات السرٌعة فً توترات الوجه ،أو االبتسامات المُتكلفة (انظر القسم التالً لمعرفة
المزٌد عن هذا) .بمجرد أن تنجح فً هذا التمرٌن البسٌط مع شخص واحد ،جربه مع شخص آخر ،
وبالتركٌز دابمًا على الوجه .وبمجرد أن تجد أنه من السهل علٌك مبلحظة اإلشارات من الوجه ،حاول
إجراء مبلحظة مشابهة حول صوت الفرد ،راقب أي تؽٌرات فً االهتزاز أو سرعة الحدٌث .حٌث ٌدل
الصوت كثٌرً ا عن مستوى ثقة الناس وقناعتهم .بعد استخراج عناصر من لؽة الجسد -مثل السلوك ،
وإٌماءات الٌد ،ووضع األرجل .اجعل هذه التمارٌن بسٌطة ،مع أهداؾ بسٌطة .واكتب أي مبلحظات ،
خاصة األنماط التً تبلحظها.
أثناء ممارستك لهذه التمارٌنٌ ،جب أن تكون مرتاحً ا ومنفتحً ا على ما تراه ،ال أن تدافع عن الشًء لتفسٌر
مبلحظاتك بالكلماتٌ .جب أن تنخرط فً المحادثة أقل أثناء التحدث ،ومحاولة جعلهم ٌتحدثون أكثر.
وحاول أن ُتحاكٌهم ،وإبداء تعلٌقات تستهوي بها شٌبا قالوه وأظهر لهم أنك تستمع إلٌهم .حٌث سٌكون لهذا
تؤثٌرً ا مُرٌحا علٌهم وسٌرؼبون فً التحدث أكثر ،مما ٌجعلهم ٌُظهرون أكثر اإلشارات الؽٌر اللفظٌة .لكن
مراقبة الناس ٌجب أال تكون واضحة أب ًدا .الشعور بك بكونك مدققا ،سٌجعل الناس ٌَقومون برد فعل
التجمد وسٌ ُْخفُون تعبٌراتهم وٌحاولون التحكم بها .فإن الكثٌر من االتصال المباشر بالعٌن سٌفضح سِ رّك.
ٌجب أن تبدو طبٌعًٌا ومُهتما ،وذلك باستخدام نظرات محٌطٌة سرٌعة فقط لمبلحظة أي تؽ ٌُّرات فً الوجه
أو الصوت أو الجسم.
عند مراقبة أي شخص معٌن خبلل مدة زمنٌة ،فؤنت تحتاج إلى تؤسٌس تعبٌراتهم وأمزجتهم المعٌارٌة
والمعتادة لدٌهم .حٌث بعض الناس ٌكونون هادبٌن ومُحافظٌن بشكل طبٌعً ،حٌث تعبٌرات وجوههم
تكشؾ عن ذلك .و بعضهم ٌكون أكثر حٌوٌة ونشاط ،بٌنما ال ٌزال البعض اآلخر ٌرتدي مظهرً ا مُقلقا ً
بشكل مستمر .وبإدراكك السلوكٌات المعتادة لدى شخص ما ،فسٌمكنك هذا من إٌبلء المزٌد من االهتمام
ألي انحرافات فً سلوكٌاتهم -على سبٌل المثال ،الحٌوٌة المفاجبة التً تظهر فً شخص مُتحفظ بشكل
عام ،أو المظهر المرٌح الذي ٌظهر فً الشخص العصبً .و بمجرد أن تعرؾ الخط األساسً لشخص
ما ،فسٌكون من السهل علٌك رإٌة عبلمات التشاإم أو الضٌق فٌهم .كان ''مارك أنتونً'' الرومانً القدٌم
صا مرحً ا ،وقد كان دابمًا ٌبتسم وٌضحك وٌسخر من الناس .لكن عندما تحول فجؤة إلى بطبٌعته شخ ً
شخص صامت و كبٌب فً اجتماعاتهم بعد اؼتٌال ٌولٌوس القٌصر ،أدرك ''أوكتا فٌوس'' المنافس وال ّند
ألنتونً (أواخر أؼسطس) ،أنه ٌُخطط لشًء ما وأن لدٌه نواٌا عدابٌة.
عندما ٌتعلق األمر بالتعبٌر المعٌاري األساسً ،حاول مراقبة نفس الشخص فً بٌبات مختلفة ،والحظ
كٌؾ تتؽٌر اإلشارات الؽٌر اللفظٌة عندما ٌكون ٌتحدث إلى قرٌنه أو ربٌسه أو موظفه.
77
بالنسبة إلى تمرٌن آخر ،حاول مراقبة األشخاص الذٌن على وشك القٌام بشًء مثٌر -كرحلة إلى مكان
جذاب ،أو موعد مع شخص ما كانوا ٌسعون إلٌه ،أو أي حدث حٌث تكمن فٌها توقعاتهم الكبٌرة بشؤنه.
الحظ وراقب مظاهر التوقع لدٌهم ،وكٌفٌة تفتح العٌنان بشكل أوسع وبقابها هناك ،وطرٌقة توهج الوجه
وحٌوٌته بشكل عام ،وطرٌقة ابتسامتهم الخفٌفة على شفاههم عندما ٌفكرون فً ما سٌحدث .قارن هذا مع
التوتر الذي ٌظهره شخص على وشك إجراء اختبار أو الذهاب إلى مقابلة عمل .فبهذا تزٌد من مفرداتك
عندما ٌتعلق األمر بربط العواطؾ وتعبٌرات الوجه.
انتبه جٌ ًدا ألي نوع من اإلشارات المختلطة التً تلتقطها :قد ٌعترؾ شخص ما بحب فكرتك ،لكن وجهه
قد ٌظهر توتراً ونؽمة فً صوته جد متكلفة ؛ أوقد ٌهنبونك على ترقٌتك ،لكن ابتسامتهم تبدو مُجبرة و
التعبٌر حزٌن .هذه اإلشارات المختلطة شابعة ج ًداٌ .مكن أن تنطوي أٌضا على أجزاء مختلفة من الجسم.
فً رواٌة "السُّفراء" لهنري جٌمس ٌ ،بلحظ الراوي أن المرأة التً زارته كانت تبتسم له خبلل المحادثة
ولكنها كانت تحمل مظلة كبٌرة وسط جو من التوتر .فقط من خبلل مبلحظته هذا أمكنه من أن ٌشعر
بمزاجها الحقٌقً -أي بعدم راحتها .وباإلشارات المختلطة ،علٌك أن تدرك أن الجزء األكبر من
التواصل ؼٌر اللفظً ٌنطوي على تسرب فً المشاعر السلبٌة ،وأنك بحاجة إلى إعطاء وزن أكبر
لئلشارة السلبٌة كداللة على مشاعر الشخص الحقٌقٌة .و فً مرحلة ما ٌ ،مكنك بعد ذلك أن تسؤل نفسك
لماذا قد ٌشعرون بالحزن أو الكراهٌة.
لتتخذ المزٌد من الممارسة بشكل أبعد من هذا ،حاول ممارسة تمارٌن مختلفة .اجلس فً مقهى أو فً
بعض األماكن العامة ،وبدون االضطرار إلى المشاركة فً محادثة ،فقط راقب األشخاص من حولك .و
استمع إلى محادثاتهم وابحث عن تلمٌحات صوتٌة .والحظ أنماط المشً ولؽة الجسد العامة الخاصة بهم.
اكتب مبلحظاتك إذا كان ذلك ممكنا .كلما تحسنت فً هذا ،كلما أصبحت قادرا على محاولة تخمٌن مهنة
الناس حسب اإلشارات التً تلتقطها ،أو شًء ما عن شخصٌاتهم من لؽة جسدهم .وٌجب أن تكون
بالنسبة لك لعبة ممتعة.
مع تقدمك فً هذا ،ستصبح قادرً ا على تقسٌم انتباهك بسهولة أكبر – أي االستماع بانتباه إلى ما ٌقوله
ضا مُدر ًكا لئلشارات التً لم تبلح ِْظها
ضا مع مراعاة اإلشارات الؽٌر اللفظٌة .و ستصبح أٌ ً
الناس ،ولكن أٌ ً
من قبل ،وس ُتوسِّع مفرداتك باستمرار .وتذكر أن كل ما ٌفعله الناس هو عبلمة من نوع ما ؛ وال توجد
إشارة إال و نتواصل بها .وستهتم بسلوكٌات الناس الصامتة ،ونوعٌة المبلبس التً ٌرتدونها ،وطرٌقة
ترتٌب األشٌاء على مكتبهم ،وأنماط تنفسهم ،وشكل التوترات فً أجزاء من بعض عضبلتهم (خاصة فً
الرقبة) ،والرسابل الضمنٌة خبلل محادثاتهم -ما ال ٌقال و ما هو ضمنً .وكل هذه االكتشافات ٌجب أن
تثٌرك وتدفعك للمضً قدمًا.
خبلل ممارستك لهذه المهارةٌ ،جب أن تكون على دراٌة ببعض األخطاء الشابعة التً قد تقع فٌها .وهً
أن الكلمات ُت َع ِّبر عن َمعلومات مُباشِ رة .وٌمكننا مناقشة ما ٌعنٌه الناس عندما ٌقولون شٌ ًبا ما ،لكن
ضا وؼٌر مباشرة .وال ٌوجد التفسٌرات تكون محدودة إلى حد ما .واإلشارات الؽٌر اللفظٌة فهً أكثر ؼمو ً
78
قاموس ٌخبرك ماذا تعنً هذه اإلشارة أو ذاك .فذلك ٌعتمد على الفرد وعلى السٌاق الذي ٌكون فٌه .إذا لم
صا ،فستقوم بتجمٌع اإلشارات ولكنك ستفسرها بسرعة لتتناسب مع تحٌزاتك العاطفٌة تجاه تكن حرٌ ً
صا ال ٌعجبك ضا .إذا كنت تراقب شخ ً الناس ،مما ٌجعل مبلحظاتك ؼٌر مُجدٌة فحسب بل و خطرة أٌ ً
بشكل طبٌعً ،أو ٌُ َذ ِّكرك بشخص بؽٌض فً ماضٌك ،فستمٌل إلى رإٌة أي إشارة تقرٌبًا كإشارة ؼٌر
ودٌة أو عدابٌة .وستقوم بالعكس كذلك بالنسبة لؤلشخاص الذٌن تحبهم .و فً هذه التمارٌن ٌجب أن تسعى
جاهدا لطرح تفضٌبلتك الشخصٌة وتحٌزاتك تجاه الناس.
ٌرتبط هذا بما ٌعرؾ باسم ''خطؤ عطٌل'' .حٌث فً مسرحٌة ''عطٌل'' لشكسبٌر ،والشخصٌة الربٌسٌة ،
''عطٌل'' ،افترض أن زوجته '' ،دٌسمونا'' ،مُذنبة ِبالزنا بنا ًء على ردها العصبً عندما ُس ِبلَت عن بعض
األدلة .وفً الحقٌقة ،فإن دٌسمونا برٌبة ،ولكن الطبٌعة العنٌفة التً ٌعانً منها عطٌل وأسبلته المخٌفة
َجعلتها عصبٌة ،وهو ما َفسَّره كدلٌل على ذنبها .وما ٌحدث فً مثل هذه الحاالت هو أننا نلتقط إشارات
عاطفٌة معٌنة من الشخص اآلخر -كالعصبٌة ،وعلى سبٌل المثال -نفترض أنها تؤتً من مصدر معٌن.
نسارع إلى التفسٌر األول الذي ٌناسب ما نرٌد رإٌته .لكن العصبٌة ٌمكن أن تكون لها عدة تفسٌرات ،
وٌمكن أن تكون ردة فعل مإقتة على استجوابنا أو على الظروؾ الشاملة .والخطؤ لٌس فً الرصد
والمبلحظة فالخطؤ ٌكمن فً طرٌقة فك رموزها.
فً عام ، 1882قُبض على ''ألفرٌد درٌفوس'' ،وهو ضابط عسكري فرنسً ،مذنبا ألنه نقل أسرارً ا إلى
األلمان .وقد كان درٌفوس ٌهود ًٌا ،وكان لدى الكثٌر من الفرنسٌٌن فً ذلك الوقت مشاعر معادٌة للسامٌة.
وعندما ظهر درٌفوس ألول مرة أمام الجمهور الستجوابه ،أجاب بنبرة هادبة وفعالة وقد كانت جزءًا من
ضا نتٌجة لمحاولته فً كبح عصبٌته .وقد افترض معظم الجمهور أن الرجل تدرٌبه كبٌروقراطً وكان أٌ ً
البريء سٌحتج بصوت عال .وكانوا ٌنظرون إلى سلوكه كعبلمة على ذنبه.
ضع فً اعتبارك أن األشخاص من ثقافات متنوعة سٌبحثون عن أشكال السلوكٌات المختلفة المقبولة.
المعروفة باسم قواعد العرض .وفً بعض الثقافات ٌ ،كون الناس مشروطٌن باالبتسام بدرجة أقل أو
باللمس أكثر .أو أن لؽتهم تشمل التركٌز الكبٌر على االهتزازات الصوتٌة .ودابما ضع فً اعتبارك
الخلفٌة الثقافٌة للناس ،و َفسّر اإلشارات وفقا لذلك.
كجزء من ممارستك ،حاول مراقبة نفسك أٌضً ا .والحظ عدد المرات التً تمٌل فٌها إلى وضع ابتسامة
مزٌفة ،أو كٌؾ ٌقوم جسمك بالتؤثر بالعصبٌة -سواء فً صوتك ،وطقطقة أصابعك ،أو تحسسك
لشعرك ،أو عند ارتعاش شفتٌك ،وما إلى ذلك .إن إدراكك الفعلً لسلوكك الؽٌر اللفظً سٌجعلك أكثر
حساسٌة وأكثر تنبٌهًا إلشارات اآلخرٌن .وستكون أكثر قدرة على تخٌل العواطؾ التً تتمشى مع أي
ضا على قدر أكبر من التحكم فً سلوكك الؽٌر اللفظً ،وهو شًء قٌم للؽاٌة للعب إشارة .وستحصل أٌ ً
الدور االجتماعً الصحٌح (انظر القسم األخٌر من هذا الفصل).
وأخٌرً ا ،عند تطوٌر مهارات المبلحظة ،ستبلحظ حدوث تؽٌٌر مادي فً نفسك وفً عبلقتك باألشخاص.
وستصبح حسا ًسا بشكل متزاٌد تجاه الحالة المزاجٌة للناس وتوقعهم كما لو أنك تشعر ما بداخلهم .فإذا
79
أخذت هذه القُدرات إلى حد بعٌد ،فٌمكنها أن تجعلك تبدو كوسٌط روحً تقرٌبًا أو عارؾ بالنفس البشرٌة
،كما كان األمر مع مٌلتون إرٌكسون.
مفاتٌحًفكًالرموز ً
تذكر هذا :إن الناس ٌحاولون عمومًا تقدٌم أفضل واجهة ممكنة للعالم .وهذا ٌعنً إخفاء مشاعرهم العِدابٌة
المحتملة ،وإخفاء رؼبتهم فً السلطة أو التفوق ،وإخفاء محاوالتهم للتزلُّؾِ والتملُق ،وإخفاء أٌضا
صرؾ انتباهك عن الواقع ،واللعب انعدام األمان الخاص بهم .وسٌستخدمون الكلمات إلخفاء مشاعرهم و َ
ضا بعض تعبٌرات الوجه التً ٌسهل ارتداإها والتً على التثبٌت الشفهً لدى الناس .وسٌستخدمون أٌ ً
ٌفترضها األشخاص أنها تدل على الود .ومهمتك هً النظر إلى ما وراء االنحرافات وإدراك تلك
العبلمات التً تتسرب تلقابًٌا ،والتً تكشؾ عن شًء من مشاعرهم الحقٌقٌة خلؾ أقنعتهم .ومن بٌن
الفبات الثبلث هذه ،هً من أهم اإلشارات التً ٌجب مراعاتها وتحدٌدها وهً الكراهٌة /واإلعجاب،
الهٌمنة /والخضوع ،والخداع.
إشارات ًالكراهٌة ًواإلعجاب :تخٌل السٌنارٌو التالً :شخص ما فً مجموعة ما ٌكرهك ،سواء بدافع
الحسد أو سوء الظن ،لكن فً بٌبة المجموعة ال ٌمكنهم التعبٌر عن ذلك بشكل علنً أو سٌبدون سٌبٌن -
كؤنهم لٌسوا جزء من الفرٌق .وهكذا ٌبتسمون لك ،وٌشاركونك المحادثة ،وٌبدو أنهم ٌُدعمون أفكارك.
وقد تشعر فً بعض األحٌان أن شٌ ًبا ما لٌس صحٌحً ا تمامًا ،ولكن العبلمات خفٌة وتنسى أنك تسترعً
االنتباه إلى الواجهة التً ٌُقدمونها .ثم فجؤة ،كما لو كان من فراغ ،فإنهم ٌقومون بإعاقتك و ٌعرضون
لك موق ًفا قبٌحً ا .وها قد انخلع القناع الذي كانوا ٌرتدونه .والثمن الذي تدفعه لٌس فقط فً الصعوبات التً
تواجهها فً عملك أو فً حٌاتك الشخصٌة ،ولكن أٌ ً
ضا التكلفة العاطفٌة التً ٌمكن أن ٌكون لها تؤثٌر دابم
علٌك.
ُقاومة لؤلشخاص فإنها ال تؤتً من فراغ أو العدم .وتوجد هناك دابما
افهم ًهذا :إن األفعال العدابٌة أو الم ِ
عبلمات قبل أن ٌتخذوا أي إجراء أو فعل .إن ال ّناس لدٌهم صعوبة وضؽط كبٌر للؽاٌة فً قمع مشاعرهم
القوٌة تمامًا .وال تكمن المشكلة فً أننا ال نولً اهتمامًا فحسب ،بل أننا ال نحب طبٌعة فكرة الصراع أو
الخبلؾ معهم .فنحن نفضل تجنب التفكٌر فً األمر ونعتبر أن الناس بجانبنا ،أو على األقل محاٌدون.
وفً أؼلب األحٌان ،نشعر بؤن شٌ ًبا ما ؼٌر صحٌح تمامًا مع الشخص اآلخر ولكننا نتجاهل هذا الشعور.
ٌجب أن نتعلم أن نثق فً هذه االستجابات البدٌهٌة وأن نبحث عن تلك العبلمات التً ٌنبؽً أن تإدي إلى
فحص األدلة عن كثب.
ٌُقد ُم الناس مإشرات واضحة عن الكراهٌة و العدابٌة فً لؽة جسدهم ،حٌث ٌتضمن ذلك التحدٌق المفاجا
على عٌونهم لشًء قُلته ،أو نظرة ساخطة ،وضم الشفاه حتى تختفً تقرٌبًا ،و رقبة متصلبة ،أو الجذع
أو القدمٌن التً تبتعدا عنك بٌنما ال تزال تشارك فً محادثة ،وطً الذراعٌن أثناء محاولتك لتوضٌح
وجهة نظرك ،والتوتر الشامل فً جسدهم .إن المشكلة هً أنك لن ترى عادة هذه اإلشارات ما لم ٌكن
80
استٌاء الشخص قوًٌا للؽاٌة لدرجة صعوبة إخفابها .بدالً من ذلكٌ ،جب أن تدرب نفسك فً البحث عن
التعبٌرات الصؽٌرة وؼٌرها من العبلمات الدقٌقة التً ٌقدمها الناس.
ُتعد التعبٌرات الصؽٌرة من أهم االكتشافات الحدٌثة بٌن علماء النفس الذٌن تمكنوا من توثٌق وجوده من
خبلل بعض الصور المتحركة لهذه التعبٌرات .حٌث هذه التعبٌرات الصؽٌرة تظهر أقل من ثانٌة .و هناك
نوعان من هذا :النوع األول ٌظهر عندما ٌُدرك الناس الشعور السلبً وٌحاولون قمعه ،لكنه ٌتسرب فً
جزء صؽٌر من الثانٌة .وٌظهر النوع اآلخر عندما نكون ؼٌر مدركٌن لعدابهم ومع ذلك ٌُظهر نفسه فً
ومضات سرٌعة على الوجه أو فً الجسم .وهذه التعبٌرات س ُتظهر وهجا مإق ًتا ،وتوتٌر عضبلت الوجه
،وضم الشفتٌن ،وظهور بداٌات تعبٌرات العبوس أو السخرٌة أو مظهر من االحتقار ،وبوجود نظرة
العٌنٌن نحو األسفل .وبإدراكنا لهذه الظاهرةٌ ،مكننا البحث عن هذه التعبٌرات .وستندهش من عدد مرات
حدوثها ،ألنه من المستحٌل التحكم بالكامل فً عضبلت الوجه وقمع تعبٌراتها فً الوقت المناسب .و ٌجب
علٌك أن تكون مسترٌحً ا ومنتبهًا ،وال تبحث بوضوح عنهم ،بل ابحث عنهم من خبلل زاوٌة عٌنٌك.
بمجرد أن تبدأ فً مبلحظة مثل هذه التعبٌرات ،ستجد أنه من السهل التقاطها.
بلٌؽة هً تلك اإلشارات الدقٌقة ولكنها تستمر لعدة ثوان ،مما ٌكشؾ عن البرودة والتوتر .وعلى سبٌل
المثال ،عندما تقترب أوالً من شخص ٌحمل أفكارً ا سلبٌة تجاهك ،وإذا فاجؤتهم من خبلل اقترابك منهم
بزاوٌة معٌنة ،فسترى بوضوح عبلمات االستٌاء الخاص بهم قبل أن ٌكون لدٌهم الوقت المناسب الرتداء
قناعهم اللطٌؾ .إنهم لٌسوا سعداء برإٌتك حٌث سٌظهر تعبٌره لمدة ثانٌة أو اثنتٌن .أو ربما عندما ُتعبّر
عن رأي قوي فسٌُبعدون نظرهم عنك ،وهم ٌحاولون التستر بسرعة بابتسامة مصطنعة.
الصمت المفاجا ٌمكن أن ٌخبرنا بالكثٌر .ربما قد قلت شٌ ًبا ٌثٌر وخزة من الحسد أو الكراهٌة ،وال
ٌسعهم سوى الصمت والبرود .قد ٌحاولون إخفاء ذلك بابتسامة لكن قد ٌكون بداخلهم ؼضب عارم .على
عكس الخجل البسٌط أو عدم وجود شًء لقوله ،ستكتشؾ عبلمات مثٌرة محددة .فً هذه الحالة ،من
األفضل أن تبلحظ ذلك عدة مرات قبل التوصل إلى أي استنتاجات.
ؼالبًا ما ٌتخلى الناس عن اإلشارة المختلطة ٌُ -قدمون لك تعلٌق إٌجابً ما لكً ٌقوموا بإلهابك لكن بعضا
من لؽة جسدهم السلبٌة تظهر بشكل واضح .وهذا ٌوفر لهم الراحة من التوتر فً االضطرار دابما فً أن
ٌكونوا لطفاء ٌ .راهنون على حقٌقة أنك ستمٌل إلى التركٌز على الكلمات وعلى برٌق ابتسامتهم الؽٌر
ضا إلى الصورة المعاكسة -التً ٌقول فٌها أحدهم شٌ ًبا ساخرً ا و موجهًا
متوازنة والمصطنعة .انتبه أٌ ً
إلٌك ،لكنهم ٌفعلون ذلك بابتسامة ونبرة صوت مزعجة ،كما لو أن اإلشارة تدل إلى أن األمر مجرد
ُدعابة .وسٌكون من ؼٌر المهذب عدم تناوله فً هذا السٌاق .ولكن فً الواقع ،خاصة إذا حدث هذا عدة
مرات ٌ ،جب علٌك هنا أن تنتبه إلى الكلمات ولٌس إلى لؽة جسدهم .ألنها طرٌقتهم المكبوتة للتعبٌر عن
العداء .الحظ األشخاص الذٌن ٌمدحونك أو ٌتملقونك دون أن تضًء عٌونهم .هذا ٌمكن أن ٌكون عبلمة
على حسدهم الخفً.
81
فً رواٌة ''تشارترهاوس بارما'' كاتبها ''ستٌندهاٌل'' ،حٌث ٌتلقى الكونت موسكا رسالة مجهولة المصدر
تهدؾ إلى إثارة مشاعر الؽٌرة حول عشٌقته ،والتً ٌحبها بشدة .فً التفكٌر حول من كان ٌمكن أن
ٌرسلها ،تذكر محادثة فً وقت سابق من ذلك الٌوم مع أمٌر بارما .حٌث كان األمٌر ٌتحدث عن معنى
متعة السلطة مقارنة بالمتعة التً ٌمنحها الحب ،وكما قال هذا ،فقد اكشؾ الكونت موسكا عن برٌق
خبٌث بشكل خاص فً عٌنه ٌ ،رافقها ابتسامة ؼامضة .عندما كان ٌتحدث عن كلمات الحب بشكل عام
فقد كان األمٌر بارما ٌنظر إلى موسكا كؤنه ٌوجه الكلمات إلٌه .ومن ذلك استنتج أن األمٌر قد ٌكون هو
الذي من أرسل الرسالة ؛ ولم ٌستطع أن ٌَكبح ِجماح فرحته السامة الخبٌثة على ما فعله ،حٌث قد ظهرت
هذه التعبٌرات أثناء حدٌثه .هذا هو االختبلؾ فً إشارة مختلطةٌ .قول الناس شٌ ًبا قوًٌا نسبًٌا عن موضوع
عام ،لكن مع نظرة خفٌة ٌشٌرونها إلٌك.
من المقاٌٌس الممتازة لفك رموز العِداء هو مقارنة لؽة جسد الناس تجاهك و تجاه اآلخرٌن .قد تكتشؾ
أنها أكثر ودٌة ودف ًبا تجاه اآلخرٌن ،لكن عندما ٌكونون معك قد ٌُخفون حقٌقتهم .عند المحادثة ،ال ٌمكنهم
إظهار إشارات تدل على نفاد الصبر أو الؽضب فً نظرهم ،ولكن فقط عند التحدث .ضع فً اعتبارك
ضا أن الناس سٌمٌلون إلى إظهار مشاعرهم الحقٌقٌة ،وبالتؤكٌد المشاعر العِدابٌة ،أي عندما ٌكونون أٌ ً
فً حالة سُكر أو نابمٌن أو محبطٌن أو ؼاضبٌن أو تحت أي ضؽط .وسٌمٌلون الح ًقا فً تقدٌم أعذار
حول هذا ،كما لو أنهم لم ٌكونوا هم أنفسهم فً الوقت الحالً ،ولكن فً الواقع كانوا على حقٌقتهم أكثر
من أي وقت مضى.
عند البحث عن هذه اإلشارات ،تتمثل إحدى أفضل الطرق وهً فً إعداد اختبارات ،أو حتى الفخاخ
لؤلشخاص .وكان الملك لوٌس الرابع عشر سٌدا فً هذا .ذات مرة وقؾ على قمة محكمة فً فرساي
الملٌبة بؤعضاء النببلء الذٌن ٌُكنون العداء واالستٌاء تجاهه حٌث كان ٌفرض السلطة المطلقة علٌهم .ولكن
فً عالم فرساي المتحضر ،اضطروا جمٌ ًعا أن ٌكونوا ممثلٌن بارعٌن وأن ٌُخفوا مشاعرهم الحقٌقٌة ،
خاصة تجاه الملك .كان لدى لوٌس طرقه فً اختبارهم .حٌث كان ٌظهر فجؤة عند وجودهم ،دون سابق
إنذار ٌ ،بحث عن التعبٌرات الفورٌة على وجوههم .وكان ٌطلب من أحد النببلء نقله هو وعابلته إلى
قصر فرساي ،مع العلم أن هذا كان أمرا مُكلِ ًفا ولٌس باألمر الجلٌل .وقد الحظ بدقة أي نوع من إشارات
االنزعاج فً الوجه أو الصوت .وكان دابما ما ٌقول شٌ ًبا سلبًٌا ألحد رجال حاشٌته االخرٌن ،حلٌؾ لهم ،
وٌبلحظ رد فعلهم الفوري .ألن أي إشارات االنزعاج كافٌة لتدل على عِ داء سري.
صا ما ٌشعر بالحسد ،فحاول اخبارهم بؤشٌاء جٌدة قمت بها دون الظهور إذا كنت تشك فً أن شخ ً
بالتباهً .وابحث عن التعبٌرات الدقٌقة لخٌبة األمل على وجوههم .واستخدم اختبارات مماثلة للتحري عن
الؽضب واالستٌاء الخفٌٌن ،واستنبط الردود التً ال ٌمكن للناس أن ٌقمعوها بهذه السرعة .بشكل عام ،
سٌرؼب الناس فً رإٌة المزٌد منكم ،أو العكس ،أو أن ٌكونوا ؼٌر مبالٌن .أو قد تتقلب بٌن الحاالت
الثبلث ،لكن ؼالبا ما ٌمٌلون إلى االنحراؾ نحو حالة واحدة .سٌكشفون عن ذلك فً مدى السرعة التً
ٌستجٌبون بها لرسابل البرٌد اإللكترونً أو الرسابل النصٌة الخاصة بك ،واستجابة لؽة جسدهم عند
رإٌتك ألول مرة ،والنبرة العامة التً ٌؤخذونها فً حضورك.
82
إن القٌمة فً اكتشاؾ العداء أو المشاعر السلبٌة المحتملة فً وقت مبكر هً أنها تزٌد من خٌاراتك
االستراتٌجٌة ومن مجال مناوراتك .وٌمكنك وضع كمٌن أو فخ للناس ،وإثارة عِ َداِبهم عن عمد ودفعهم
إلى القٌام ببعض األعمال العدوانٌة والتً ستربكهم على المدى الطوٌل .أو ٌمكنك العمل بجهد مضاعؾ
فً إضعاؾ كراهٌتهم لك وحتى الفوز بهم من خبلل هجوم ساحر ومإثر .أو ٌمكنك ببساطة إنشاء مسافة
بٌنك وبٌنهم -بعدم توظٌفهم ،وطردهم ،و ٌجب أال تتفاعل معهم .وفً النهاٌة ،ستجعل طرٌقك أكثر
سبلسة عند تجنب المعارك المفاجبة وأعمال التخرٌبٌة التً ٌقومون بها.
على الجانب اآلخر من العملة المعدنٌة ،عادة ما تكون لدٌنا حاجة أقل إلخفاء المشاعر اإلٌجابٌة عن
اآلخرٌن ،لكن رؼم ذلك ،ال نحبذ فً كثٌر من األحٌان إصدار إشارات واضحة تدل على الفرح أو
الجذب ،خاصة فً حاالت الفعل ،أو حتى فً المؽازلة .حٌث ٌفضل الناس ؼالبًا عرض واجهة
اجتماعٌة رابعة .لذلك توجد قٌمة كبرى فً قدرتك على اكتشاؾ العبلمات التً تدل على أن الناس
واقعون تحت تعوٌذتك أو سحرك.
وف ًقا للدراسات التً أجرٌت على التعبٌرات الوجهٌة التً أجراها علماء النفس مثل ''بول إكمان'' و ''
إ.إتش.هٌس'' وؼٌرهم ،فإن األشخاص الذٌن ٌشعرون بمشاعر إٌجابٌة تجاهك فسٌظهرون لك تعبٌرات
تدل على استرخاء تام فً عضبلت وجوههم ،خاصة فً خطوط الجبهة والمنطقة المحٌطة بها .كالفم؛
وستنكشؾ من خبلل شفاههم بشكل أكبر وستتسع المساحة الوجهٌة بؤكملها حول عٌونهم .هذه كلها
تعبٌرات ال إرادٌة تدل على الراحة واالنفتاح .إذا كانت المشاعر أكثر كثافة ،مثل الوقوع فً الحب ،فإن
الدم ٌندفع نحو الوجه ،وٌنشط جمٌع مبلمحه .كجزء من هذه الحالة المفعمة بالحٌوٌة ٌ ،توسع بإبإ العٌن،
وهً استجابة تلقابٌة تسمح فٌها العٌون بالبحث عن المزٌد من الضوء .إنها عبلمة أكٌدة على أن الشخص
مرتاح وٌحب ما ٌراه .مع حركة رفع الحواجب ،مما ٌجعل العٌون تبدو أكبر .نحن عادة ال ننتبه إلى
بإبإ العٌن ألن النظر باهتمام فً عٌون اآلخرٌن فإن له داللة جنسٌة علنٌة .وٌجب أن ندرب أنفسنا على
إلقاء نظرة سرٌعة على بإبإ العٌن عندما َنلحظ أي اتساع للعٌون.
فً تطوٌر مهاراتك فً هذا المٌدان ٌ ،جب أن تتعلم التمٌٌز بٌن االبتسامة المزٌفة واالبتسامة الحقٌقٌة .عند
محاولتنا فً إخفاء مشاعرنا السلبٌة ،نلجؤ ؼالبًا إلى االبتسامة المزٌفة ،ألنها سهلة وأن الناس عموما ال
ٌنتبهون إلى التفاصٌل الدقٌقة لبلبتسامات .نظرً ا ألن االبتسامات الحقٌقٌة باثت أقل شٌو ًعا ،و ٌجب أن
تعلم كٌفٌة التعرؾ علٌها .حٌث إن االبتسامة الحقٌقٌة دابما ما تظهر من خبلل العضبلت المحٌطة بالعٌون
ضا إلى سحب الخدٌن ألعلى .ال توجد وتوسعها ،وؼالبًا ما تظهر تجاعٌد على جانبً العٌنٌن .وستمٌل أٌ ً
ابتسامة حقٌقٌة بدون تؽٌٌر واضح فً العٌنٌن والخدٌن .وسٌحاول بعض األشخاص خلق انطباع بالتنوع
ضا .لذلك باإلضافة إلى األصٌل من خبلل وضع ابتسامة عرٌضة ج ًدا ،والتً ستؽٌر العٌن جزبًٌا أٌ ً
العبلمات المادٌة ٌ ،جب أن ننظر إلى سٌاق هذه االبتسامات .عاد ًة ما تؤتً االبتسامة الحقٌقٌة من بعض
األفعال أو الكلمات التً تثٌر االستجابة المفاجبة ؛ وهو أمر تلقابً .هل االبتسامة فً هذه الحالة ال عبلقة
لها بالظروؾ إلى حد ما ،وال ٌبررها ما قٌل؟ هل هً الحالة التً ٌكون فٌها الشخص ٌجهد نفسه لٌعطً
انطباعا جٌدا أم لدٌه أهداؾ استراتٌجٌة فً االعتبار؟ هل توقٌت االبتسام أمرا ؼٌر متحكم فٌه؟
83
ولعل أكثر المإشرات داللة على المشاعر اإلٌجابٌة تؤتً من خبلل نبرت الصوت .ومن السهل علٌنا
التحكم فً الوجه ؛ ٌمكننا أن ننظر فً المرآة لنرى هذا األمر .لكن إن لم نكن ممثلٌن محترفٌن ٌ ،كون من
الصعب علٌنا للؽاٌة تعدٌل نبرت الصوت بشكل واعً .حٌث عندما ٌتعلق بك الناس وٌتحمسون فً
التحدث إلٌك ،ترتفع درجة نبرت صوتهم ،مما ٌشٌر إلى اإلثارة العاطفٌة .حتى لو كانوا متوترٌن ،
فستكون شكل نؽمة الصوت دافبة وطبٌعٌة ،عكس نؽمة الصوت التً ٌقوم بها البابع .وٌمكنك اكتشاؾ
جودة نؽمة الصوت تقرٌبا ،والتً ٌُشبّهها البعض بابتسامة صوتٌة .وستبلحظ أٌضا ؼٌاب التوتر والتردد
أثناء المحادثة ،حٌث ٌوجد مستوى متساو من ال ُمزاح ،مع تسارع وتٌرتها ،مما ٌشٌر إلى زٌادة فً
نوعٌة العبلقة .صوت ٌدل على السعادة والنشاط والحٌوٌة ٌمٌل إلى إصابتنا بالمزاج وٌنتج عنه استجابة
مماثلة .نحن نعرؾ ذلك عندما نشعر به ،لكننا نتجاهل هذه المشاعر فً كثٌر من األحٌان ونركز بدالً من
ذلك على الكلمات الودٌة أو نؽمة صوت البابعٌن.
أخٌرً ا ،إن مراقبة اإلشارات الؽٌر اللفظٌة ٌعد أمرا ضرورٌا فً محاوالتك للتؤثٌر على الناس وإؼوابهم.
إنها أفضل طرٌقة لقٌاس درجة وقوع الشخص تحت تعوٌذتك أو سحرك .عندما ٌبدأ الناس فً الشعور
بالراحة فً وجودك ،فإنهم سٌقفون بالقرب منك أو ٌمٌلون باتجاهك ،وأذرعهم ال تطوى وال تكشؾ عن
أي توتر .إذا كنت تتحدث أو تروي قصة ،فإن إٌماءات الرأس المتكررة والنظرات الٌقظة واالبتسامات
الحقٌقٌة ستشٌر إلى أن الناس ٌتفقون مع ما تقوله وبذلك ٌفقدون مقاومتهم .وٌُبادلونك المزٌد من النظرات.
ربما تكون العبلمة األفضل واألكثر إثارة على اإلطبلق هً مزامنة تعبٌراتك ،حٌث ٌُحاكً الشخص
اآلخر دون وعً تعبٌراتك الجسدٌة ،كوضع اتجاه أرجلهم بالنفس الطرٌقة التً تقوم بها ،أو إمالة الرأس
بطرٌقة مماثلة ،أو ابتسامة تحفز األخرى .إن أعمق مستوى من التزامن ،كما اكتشؾ مٌلتون إرٌكسون
،سٌُخولك فً مبلحظة أنماط متعددة من التنفس التً تظهر بنفس اإلٌقاع ،والتً قد تنتهً فً بعض
األحٌان بالتزامن الكامل فً قُبلة ما.
ضا منضا تدرٌب نفسك لٌس فقط لمراقبة هذه التؽٌٌرات التً ُتظهر تؤثٌرك ولكن تحفزها أٌ ً ٌمكنك أٌ ً
خبلل إظهارك إلشارات إٌجابٌة بنفسك .ببدبك فً الوقوؾ أو االقتراب ببطء منهم ،ستكشؾ عن عبلمات
االنفتاح الخفٌة .و ِب َنكس رأسك بعبلمات الموافقة وأنت مُب َتسم بٌنما ٌتحدث اآلخرون .ومُحاكات سلوكهم
وأنماط تنفسهم .وفً أثناء قٌامك بذلك ،علٌك أن تراقب اإلشارات التً تدل على إصابتك العاطفٌة لهم ،
اذهب أبعد من ذلك فقط عندما تكتشؾ لحظة االنهٌار البطًء لمقاوماتهم.
مع الخبراء اإلؼوابٌٌن الذٌن ٌستخدمون جمٌع اإلشارات اإلٌجابٌة لتقلٌد مظهر أو واجهة تدل على أنهم
واقعون فً حبك فقط لٌجعلوك أكثر تحت سٌطرتهم بشكل أعمق ،ضع فً اعتبارك أن القلٌل ج ًدا من
األشخاص الذٌن ٌكشفون عن الكثٌر من المشاعر بشكل طبٌعً فً وقت مبكر ج ًدا .إذا كان تؤثٌرك
بحثا عنمفتعبل ،فاطلب منهم أن ٌبطبوا وٌراقبوا وجههم ً
ً المفترض علٌهم ٌبدو سرٌ ًعا ج ًدا وربما
التعبٌرات الدقٌقة لئلحباط.
84
إشارات ًالهٌمنة ًو ًالخضوع ً :باعتبارنا حٌوانات اجتماعٌة األكثر تعقٌ ًدا على هذا الكوكب ،فنحن البشر
ً
تسلسبل هرمًٌا متق ًنا استنا ًدا إلى الوضع الحالً ومستوى المال الذي نملكه ودرجة سلطتنا .نحن على نضع
دراٌة بهذه التسلسبلت الهرمٌة ،لكننا ال نحب الحدٌث صراحة عن مراكز القوة النسبٌة ،ونحن عمومًا
ؼٌر مرتاحٌن عندما ٌتحدث اآلخرون عن ُر َتبهم العلٌا .بدالً من ذلك ٌ ،تم التعبٌر عن عبلمات الهٌمنة أو
الضعؾ من خبلل التواصل الؽٌر اللفظً .لقد ورثنا أسلوب التواصل هذا عن الربٌسات األخرى ،وال
سٌما الشمبانزي ،الذٌن لدٌهم إشارات مفصلة للداللة على مكان وجود الشمبانزي الفردي فً الرتبة
االجتماعٌة العلٌا من التسلسل الهرمً .و أٌضا ضع فً اعتبارك أن الشعور بؤن الناس فً مكانة
اجتماعٌة متفوقة ٌمنحهم ثقة كبٌرة التً ٌُمكنك رأٌتها مُشعة من خبلل لؽتهم الجسدٌة .حٌث ٌشعر البعض
بهذه الثقة قبل أن ٌصلوا إلى موقع السلطة حتى ،ومن خبلل ذلك تصبح كنبوءة تحقق ذاتها عندما ٌنجذب
آخرون إلٌهم .قد ٌحاول بعض الطموحٌن محاكاة اإلشارات التً تدل على السلطة ،ولكن ٌجب أن ٌقوموا
بذلك بشكل جٌد .حٌث ٌمكن أن تكون هذه الثقة مزٌفة وبعٌدة كل البعد عن هذا الدور الزابؾ.
عادة ما تؤتً الثقة بشعور أكبر باالسترخاء حٌث ٌنعكس األمر بوضوح فً الوجه ،حٌث تكون هناك
حرٌة أكبر فً حركته .إن األشخاص الذٌن ٌملكون سلطة سٌشعرون بالرؼبة بالتجول والحرٌة فً النظر
أكثر إلى اآلخرٌن ،الختٌارهم التواصل البصري مع من ٌشاءون .حٌث تكون جفونهم أكثر إؼبل ًقا قلٌبل ،
مما ٌدل على الجدٌة والكفاءة .إذا شعروا بالملل أو االنزعاج ،فإنهم ٌُظهرون ذلك بحرٌة أكبر وانفتاحً ا.
ؼالبًا ما ٌبتسمون بشكل أقل ،وٌبتسمون بشكل متكرر كعبلمة على انعدام األمان بشكل عام .وٌشعرون
بؤن لدٌهم المزٌد من الحق فً لمس الناس كما ٌرٌدون ،مثل الرَّ بتات الودٌة على الظهر أو على الذراع.
و فً اجتماع ما ،سٌمٌلون إلى شؽل مساحة أكبر وإنشاء مسافة أكبر حولهم .إنهم ٌقفون بشكل عرضً ،
حٌث تكون إٌماءاتهم مرٌحة ومسترخٌة .األهم من ذلك ٌ ،شعر اآلخرون بؤنهم مضطرون لتقلٌد أسلوبهم
وسلوكٌاتهم .حٌث إن القابد سٌمٌل إلى فرض نوع من التواصل الؽٌر اللفظً على المجموعة بطرق خفٌة
ج ًدا .وستبلحظ أن الناس ٌقلدون لٌس فقط أفكارهم ولكن أٌ ً
ضا الهدوء أو الطاقة المحمومة لدٌهم.
تحب الشخصٌات السٌادٌة اإلشارة إلى موقعهم المتفوق فً سلم الرتب بعدة طرق :حٌث ٌتحدثون بشكل
أسرع من اآلخرٌن وٌشعرون بؤن لهم الحق فً المقاطعة والتحكم فً تدفق المحادثة .وإن مصافحتهم
تكون قوٌة للؽاٌة ،لدرجة الضؽط بقوة أكبر تقرٌبًا أثناء المصافحة .وعندما ٌمشون فً المكتب ،ستراهم
ٌفترضون وضعٌة أطول وخطوة هادفة ،بشكل عام ٌجعلون الدونٌٌن ٌسٌرون خلفهم .شاهد شمبانزي فً
حدٌقة للحٌوانات وستبلحظ سلو ًكا مشابهًا من جانب الشمبانزي السادي.
بالنسبة للنساء البلبً ٌشؽلن مناصب قٌادٌة ،فإن ما ٌنجح فً الؽالب هو التعبٌر الهادئ والواثق والدافا
من جانبهم مثل شخصٌة فً عالم األعمال .ربما ٌكون أفضل مثال على ذلك هً المستشارة األلمانٌة
الحالٌة أنجٌبل مٌركل .ابتسامتها كانت أقل تواتراً من الرجل السٌاسً العادي ،ولكن عندما ُتظهر تلك
االبتسامات فإنها تكون ذات مؽزى بشكل خاص .وال تبدو علٌها أنها ابتسامات مزٌفة .تستمع لآلخرٌن
ً
ملحوظا .وأٌضا لدٌها طرٌقة لحمل اآلخرٌن باستٌعاب كامل من خبلل نظراتها ،وجهها ٌكون ال ٌزال
على التحدث أكثر حٌث ٌبدون دابمًا أنهم المتحكمٌن فً مسار المحادثة .وهً كانت ال تحتاج إلى مقاطعة
85
الحدٌث لتؤكٌد نفسها .وعندما ترٌد مهاجمة شخص ما ،تقوم بذلك بمظهر ٌدل على الملل ،أو الجهل ،أو
االحتقار ،ولٌس بمهاجمته بكلمات قاسٌة .وعندما حاول الربٌس الروسً فبلدٌمٌر بوتٌن تخوٌفها عن
طرٌق إحضار كلبه األلٌؾ إلى اجتماع ،مع العلم أن مٌركل قد تعرضت للعض مرة واحدة وحٌث كان
لدٌها خوؾ من الكبلب ،فتوترت بوضوح ،ثم سرعان ما هدأت من نفسها ثم نظرت إلٌه بهدوء فً
عٌنٌه .ووضعت نفسها فً موقؾ واحد فٌما ٌتعلق بوتٌن وهو من خبلل عدم القٌام بؤي شًء فً خدمته.
حٌث قد بدا طفولًٌا وصؽٌراَ ََ بالمقارنة معها .وأسلوبها ال ٌشمل على حالة جسدها السٌادي الذكوري .بل
كان أكثر هدوءًا و قوي للؽاٌة بطرٌقتها الخاصة .وبوصول النساء إلى مناصب قٌادٌة أكثر ،إن أسلوب
السلطة هذا قد ٌبدأ فً تؽٌٌر نظرتنا لبعض اإلشارات المهٌمنة المرتبطة بالسلطة.
بحثا عن إشارات تدل على الهٌمنة وفً عدممن المهم مراقبة من هم فً مناصب السلطة فً مجموعتك ً
وجودها أو ؼٌابها .إن القادة الذٌن ٌظهرون التوتر والتردد فً إشاراتهم ؼٌر اللفظٌة هم عادة ؼٌر آمنٌن
فً قوتهم وٌشعرون بالتهدٌد .إن عبلمات هذا القلق وانعدام األمن من السهل عمومًا اكتشافها .حٌث
سٌتحدثون بطرٌقة أكثر تعرجا ،مُظهرٌن فترات توقؾ طوٌلة .وسترتفع نبرة أصواتهم وستبقى هناك فً
ذلك المستوى .و سٌمٌلون إلى تجنب نظراتهم وسٌتحكمون فً حركات أعٌنهم ،على الرؼم من أنهم
سٌختلسون النظر أكثر فً كثٌر من األحٌان .وأٌضا سٌضعون المزٌد من االبتسامات المُجهدة وسٌبعثون
المزٌد من اضطرابات فً ضحكاتهم .وعلى عكس الشعور بؤنه ٌحق له أن ٌمس اآلخرٌن ،فإنهم ٌمٌلون
إلى لمس أنفسهم فً ما ٌعرؾ باسم تهدبة السلوك .سٌلمسون شعرهم وعنقهم وجبهتهم ،كل ذلك فً
محاولة لتهدبة أعصابهم .األشخاص الذٌن ٌحاولون إخفاء انعدام األمان لدٌهم سٌإكدون أنفسهم بصوت
عال للؽاٌة فً محادثة ،حٌث ترتفع أصواتهم .وهم ٌفعلون ذلك ٌ ،نظرون حولهم بعصبٌة ،عٌون
مفتوحة على مصراعٌها .أو أثناء حدٌثهم بطرٌقة متحركة ،نكون ال تزال أٌدٌهم وأجسادهم على نحو ؼٌر
عادي ،ودابمًا ما تكون عبلمة تدل على القلق .حٌث سٌصدرون حتما إشارات مختلطة ،وٌجب أن تولً
اهتماما أكبر لتلك التً تشٌر إلى انعدام األمان األساسً لدٌهم.
صا ٌحب تؤكٌد وجوده من خبلل لؽة الجسد. كان نٌكوال ساركوزي ،ربٌس فرنسا ( ، )4114-4111شخ ً
كان ٌربت الناس على ظهورهم ،حٌث ٌكون هو الشخص الذي ٌوجههم إلى المكان الذي ٌقفون فٌه ،
وعن طرٌق تحدٌقه كان ٌجعلهم مثبتٌن فً المكان الذي ٌرٌد ،وأٌضا كان ٌقاطع ما كانوا ٌقولون ،
وحاول عمومًا السٌطرة على الؽرفة وأن ٌكون سٌدها .خبلل إحدى لقاءاته فً خضم أزمة ''الٌورو'' ،
رأت المستشارة مٌركل تصرفه االستبدادي المعتاد لكنها لم تستطع إال أن تبلحظ أن قدمه ٌهتز بعصبٌة
طوال الوقت .ربما كان أسلوب الحزم اإلضافً لدٌه ما هو إال طرٌقة فً صرؾ انتباه اآلخرٌن وإلهابهم
عن انعدام األمان لدٌه .كانت هذه بمثابة معلومات قٌمة ٌمكن أن تستخدمها مٌركل.
ؼالبًا ما تحتوي أفعال الناس على إشارات الهٌمنة والخضوع .وعلى سبٌل المثال ،ؼالبًا ما ٌظهر
األشخاص فً وقت متؤخر إشارة تدل على تفوقهم ،سواء كانوا حقٌقٌٌن أم متخٌلٌن .لٌسوا ملزمٌن
ضا ،تكشؾ أنماط مُحادثاتهم عن الموقؾ النسبً الذي ٌشعر به األشخاص لٌكونوا فً الوقت المحدد .أٌ ً
أثناء استؽراقهم فً منصب ما .وعلى سبٌل المثال ٌ ،مٌل أولبك الذٌن ٌشعرون بالهٌمنة إلى التحدث أكثر
86
والمقاطعة بشكل متكرر ،كوسٌلة لتؤكٌد أنفسهم .عندما تكون هناك حجة تحولت إلى مسؤلة شخصٌة ،
فسٌلجإون إلى ما ٌعرؾ باسم إشارات الترقٌم -سٌجدون فعبل على الجانب اآلخر حٌث بدأ كل شًء ،
على الرؼم من أنه من الواضح أنه جزء من نمط العبلقة .سٌإكدون تفسٌرهم لمن ٌتحمل المسإولٌة من
خبلل نبرة صوتهم ونظراتهم الخارقة والحادقة .إذا الحظت زوجٌن من خبلل مظهرهم الخارجً ،
صا واح ًدا فً الموقع المهٌمن .إذا كنت تتحدث معهم ،فإن الشخص المسٌطر فستبلحظ بشكل متكرر شخ ً
سوؾ ٌتصل بك بصرًٌا ولكن لٌس مع شرٌكه ،وٌبدو أنه لن ٌستمع إال إلى نصؾ ما ٌقوله الشرٌك.
ضا إشارة دقٌقة تدل على التفوق ،خاصة من خبلل ما نسمٌه االبتسامة وٌمكن أن تكون االبتسامات أٌ ً
استجابة لما قاله شخص ما ،وهً ابتسامة تشد عضبلت الوجه وتدل على ً الضٌقةٌ .ؤتً هذا عاد ًة
المفارقة واالحتقار للشخص الذي ٌرونه أقل شؤنا ،ولكنها (االبتسامة) تمنحهم ؼطاء من مظهر ودود.
واحدة من الوسابل الؽٌر اللفظٌة الدقٌقة والتً تعنً تؤكٌد الهٌمنة فً عبلقة ما حٌث تظهر من خبلل عدة
أعراض من بٌنها ٌ -صاب أحد الشركاء فجؤة بالصداع أو بمرض آخر ،أو ٌبدأ فً الشرب ،أو ٌقع
بشكل عام فً نمط سلبً من سلوك ما .و هذا ٌجبر الشخص اآلخر فً العبلقة على اللعب وف ًقا لقواعد
شرٌكه ،لٌمٌل إلى عبلج نقاط ضعفه .وٌُعتبر هذا االستخدام األمثل للتعاطؾ الكتساب السلطة وهو فعال
للؽاٌة.
أخٌرً ا ،استخدم المعرفة التً تستخلصها من هذه اإلشارات كوسٌلة قٌمة لقٌاس مستوٌات الثقة لدى الناس
والتصرؾ بشكل مناسب .مع الزعماء الذٌن لدٌهم انعدام األمان التً تتداعى بشكل ؼٌر لفظً ٌ ،مكنك أن
تلعب على انعدام األمان الخاص بهم وتكتسب القوة من خبلل ذلك ،لكن من األفضل فً كثٌر من األحٌان
تجنب ربط نفسك عن قرب بمثل هذه األنواع ،ألنهم سٌُلحقون بك الضرر بشكل سًء ومع مرور الوقت
قد ٌسحبونك أنت أٌضا إلى األسفل معهم .ومع أولبك الذٌن لٌسوا فً مراكز القٌادة ولكنهم ٌحاولون تؤكٌد
أنفسهم كما لو كانوا ٌ ،جب أن ٌعتمد ردك علٌهم على نوع شخصٌتهم .إذا كانوا نجوم صاعدة ،ملٌإون
باإلٌمان بالنفس والشعور بالقدر وحسن المصٌر ،فقد ٌكون من الحكمة محاولة الصعود معهم .وستبلحظ
أن هذه األنواع من خبلل الطاقة اإلٌجابٌة التً تحٌط بهم .من ناحٌة أخرى ،إذا كانوا مجرد طؽاة
متعجرفٌن وتافهٌن ،فهذه هً بالتحدٌد األنواع التً ٌجب أن تسعى دابمًا لتجنبها ،ألنهم سادة فً جعل
اآلخرٌن ٌقومون بخدمة نٌابة عنهم دون إعطاء أي شًء فً المقابل.
إشارات ًالخداع ً :نحن البشر بطبٌعتنا الساذجة نرؼب فً أن نإمن بؤشٌاء معٌنة -كؤن نإمن بؤنه ٌمكننا
الحصول على شًء مقابل ال شًء ؛ و أن نستطٌع استعادة ازدهارنا أو تجدٌدها بسهولة بفضل بعض
الخدع الجدٌدة ،وربما حتى خداع الموت ؛ إن معظم الناس هم فً األساس جٌدون وٌمكن الوثوق بهم.
وهذا المٌل فً اإلٌمان بهذه األشٌاء هو ما ٌزدهر فٌه المخادعون والمتبلعبون .وسٌكون من المفٌد للؽاٌة
بالنسبة لمستقبلنا كجنس بشري إذا أصبحنا أقل سذاجة ُتجاه هذه األشٌاء ،لكن ال ٌمكننا تؽٌٌر من الطبٌعة
البشرٌة .بدالً من ذلك ،فإن أفضل ما ٌمكننا فعله هو أن نتعلم كٌؾ نتعرؾ على بعض العبلمات
واإلشارات الخفٌة فً محاولة خداعنا وأٌضا الحفاظ على شكوكنا أثناء بحثنا لؤلدلة بشكل أكبر.
87
إن أكثر اإلشارات وضوحً ا هً التً تظهر عندما ٌضع الناس واجهة خارجٌة ملٌبة بالحركة .عندما
ٌبتسمون كثٌرً ا ،وٌظهرون ودودٌن أكثر ،وحتى كونهم ُم َسلّون تمامًا ،حٌث ٌصعب علٌنا مقاومة عدم
انخراطنا لنفوذهم أو حتى مقاومة تؤثٌرهم .عندما كان لٌندون جونسون ٌحاول سحب الصوؾ من على
أعٌن زمٌله فً مجلس الشٌوخ ،كان ٌقوم بذلك بكامل حضوره الجسدي ،وأٌضا كان ٌحدق بهم فً
ؼرفة المبلبس ،وٌخبرهم بعض النكات البذٌبة ،وأٌضا كان ٌلمس أدرعهم ،حٌث كان ٌبدو صاد ًقا للؽاٌة
،وقد كان ٌصٌبهم بمزٌج من السرور لدرجة إظهارهم ابتسامات عرٌضة .وبالمثل ،إذا كان الناس
ٌحاولون التستر على شًء ما ،فإنهم ٌمٌلون إلى أن ٌصبحوا أكثر جرأة وأكثر ُخلقا وثرثرة .حٌث أنهم
ٌلعبون على عنصر االنحٌاز باالقتناع (انظر الفصل - )1إذا كنت أنكر أو أقول شٌ ًبا ما بهذا القدر من
الضٌق ،مع كونً أعتبر نفسً الضحٌة ،فمن الصعب أن أشك فً ذلك .نحن نمٌل إلى اتخاذ قناعة
اضافٌة عن الحقٌقة .فً الواقع ،عندما ٌحاول الناس شرح وتفسٌر أفكارهم بكثٌر من الطاقة المبالػ فٌها ،
أو الدفاع عن أنفسهم بمستوى شدٌد من الحرمان والنكران ،فهذا هو بالضبط حٌث ٌتعٌن علٌك رفع
احساسك االستشعاري فً اكتشافهم.
فً كلتا الحالتٌن -التستر والبٌع بشكل مُقنع ٌ -سعى المخادع لصرؾ انتباهك عن الحقٌقة .على الرؼم من
أن الوجه واإلٌماءات المتحركة قد تؤتً من الحماسة الودٌة والصداقة الحقٌقٌة ،عندما تؤتً من شخص ال
تعرفه جٌ ًدا ،أو من شخص قد ٌكون لدٌه ما ٌخفٌه ،فٌجب أن تكون على أهبة االستعداد .أنت اآلن تبحث
عن عبلمات ؼٌر لفظٌة لتؤكٌد شكوكك.
مع مثل هإالء المخادعٌن ،ستبلحظ ؼالبًا أن جزءًا من الوجه أو الجسم ٌكون أكثر تعبٌرً ا لجذب انتباهك.
ؼالبًا ما تكون المنطقة المحٌطة بالفم ،وبابتسامات عرٌضة وتؽٌرات فً التعبٌرات .هذه هً أسهل منطقة
فً الجسم ٌمكن للناس من خبللها التعامل وإنشاء تؤثٌر متحرك ومُقنع .ولكن ٌمكن أٌضا أن ٌكون مبالؽا
فٌه عن طرٌق التعبٌر بالٌدٌن والذراعٌن .والمفتاح هو أن تكتشؾ التوتر والقلق فً أجزاء أخرى من
الجسم ،ألنه من المستحٌل بالنسبة لهم السٌطرة على جمٌع العضبلت .عندما ترى ومٌضا البتسامة كبٌرة
،تكون العٌون متوترة مع القلٌل من الحركة أو أن الجسم ٌقوم بتعبٌر بشكل ؼٌر عادي ،أو إذا كانت
العٌنان تحاوالن خداعك بنظرة من التعاطؾ ،فإن الفم ٌرتعش قلٌبلً .هذه عبلمات تدل على سلوك مفتعل،
كمحاولة صعبة للؽاٌة للسٌطرة على جزء ما من الجسم.
فً بعض األحٌان سٌحاول المخادعون األذكٌاء ح ًقا خلق انطباع معاكس .إذا قاموا بالتستر على أفعالهم
الخاطبة ،فإنهم سٌخفون ذنبهم وراء واجهة خارجٌة شدٌدة الذكاء والكفاءة ،لكن الوجه ٌُعطً تعبٌرؼٌر
ً
معقوال للؽاٌة لسلسلة من األحداث ،حتى من خبلل عادي .بدالً من إنكارهم الصرٌح ،سٌقدمون تفسٌرً ا
"األدلة" التً تإكد لهم ذلك .صورتهم عن الواقع تكاذ تكون باألمر السلس .حٌث إذا كانوا ٌحاولون كسب
أموالك أو دعمك ،فسٌمثلون دور المحترفٌن ذوي الكفاءة العالٌة فً هذا الصدد ،لدرجة أنهم ٌُصٌبونك
بالملل إلى حد ما ،بل ٌُظهرون لك الكثٌر من األرقام واإلحصابٌات .إن الفنانٌن المُخادعٌن والماكرٌن
88
والمُحتالٌن ؼالبا فً كثٌر من األحٌان ٌستخدمون هذه الواجهة .كان فنان الخداع العظٌم ''فٌكتور لوستٌج''
ٌهدئ ضحاٌاه لٌناموا عن طرٌق الكثٌر من الثرثرة المحترفة والكبلم المزخرؾ ،مما ٌجعل من نفسه
كبٌروقراطً أو كخبٌر فً السندات واألوراق المالٌة .و بدا أن ''بٌرنً مادوؾ'' الشخص الذي ٌلعب دور
اللطافة بشكل جٌد لدرجة ال ٌمكن ألحد أن ٌشتبه به فً لعبة خداع جرٌبة كتلك التً قد ٌقوم بها.
هذا النوع من الخداع ٌصعب إدراكه ألنه صعب المبلحظة .ولكن عندما تحاول أن تبحث عن هذه
االنطباعات المفتعلة .فإن الواقع ال ٌصبح مناسبا وسبلسا .حٌث إن األحداث الحقٌقٌة تنطوي على تدخبلت
عشوابٌة مفاجبة وبعض الحوادث .وأن الواقع مكان فوضوي ونادرا ما تتناسب األجزاء واألحداث فٌها
تماما .وقد كان هذا هو الخطؤ لدى ''واتر -كات'' عندما أرادت التستر عن أفعالها حٌث قد أثارت الشكوك
بؤفعالها .عندما تكون التفسٌرات أو الرسابل ماكرة أو احترافٌة ،فهذا ما ٌنبؽً أن ٌثٌر شكوكك .لكً
تنظر إلى هذا من الجانب اآلخر ،انظر إلى الشخصٌة التً تتواجد فً رواٌة األبله للكاتب الروسً
دوستوٌفسكً حٌث قد قال ناصحا " :عندما تكذب ،أو إذا وُ ضعت بمهارة فً أمر ؼٌر عادي أو شًء
ؼرٌب أو شًء شاذ ،وأنت تعلم أن األمر لم ٌحدث أب ًدا أو نادر للؽاٌة فإنه ٌجعل ذلك الكذب أمرا ٌبدو
ً
احتماال" . أكثر
بشكل عام ،أفضل ما ٌجب فعله عندما تشك فً أن الناس ٌحاولون صرؾ انتباهك عن الحقٌقة هو عدم
مواجهتهم بفاعلٌة فً البداٌة ،بل فً الحقٌقة أن ُتشجعهم على االستمرار بإظهار االهتمام بما ٌقولونه أو
ٌفعلونه .فؤنت ترٌد منهم أن ٌتحدثوا أكثر ،وأن ٌكشفوا عن المزٌد من عبلمات التوتر واالبتداع .و فً
اللحظة المناسبة ٌجب علٌك مفاجؤتهم بسإال أو مبلحظة التً تكون فٌها مُصممة لجعلهم ؼٌر مرتاحٌن،
واكشؾ لهم أنك مخالؾ لواقعهم .ثم اعط انتباها إلى التعبٌرات الدقٌقة ولؽة الجسد التً تنبعث منهم فً
مثل هذه اللحظات .إذا كانوا حقا مُخادعٌن ،فإن ؼالبا ما تكون استجابتهم تدل على حالة من رد فعل
التجمد ،وبعدها بشكل سرٌع ٌُحاولون ما إخفاء قلقهم األساسً .وقد كانت هذه هً االستراتٌجٌة المفضلة
للمُحقق كولومبو فً المسلسل التلفزٌونً الذي ٌحمل نفس االسم -حٌث ٌواجه المجرمٌن الذٌن حاولوا
عكس هندسة األدلة لجعلها تبدو كما لو أن شخصً ا آخر قام بذلك ،كان كولومبو ٌتظاهر بؤنه صدٌق ودود
ً
سإاال ؼٌر مرٌح ،ثم ٌنتبه جٌ ًدا للوجه و وتعبٌرات الجسم. تمامًا ولكنه ٌسؤل فجؤة
حتى مع أكثر المخادعٌن تم ّرسا ،فإن إحدى أفضل الطرق لكشفهم هً مبلحظة كٌفٌة تركٌزهم وتشدٌدهم
على كلماتهم من خبلل اإلشارات ؼٌر اللفظٌة .ومن الصعب للؽاٌة على البشر تزٌٌؾ هذا .التركٌز
والتشدٌد ٌؤتً من خبلل نوعٌة درجة الصوت ونبرته الحازمة وإٌماءات الٌد القوٌة وحركة الحواجب
ضا إلى األمام أو ننهض على أصابع أقدامنا .حٌث ننخرط فً مثل وتوسٌع العٌنٌن .نحن أٌضا قد نمٌل أٌ ً
هذا السلوك عندما نكون مُشبعٌن بالعاطفة ونحاول إضافة عبلمة تعجب والهتاؾ إلى ما نقوله .ومن
الصعب على المخادعٌن تقلٌد هذا الفعل أو تزٌٌفه .حٌث ال ٌرتبط تركٌزهم وتشدٌدهم على الكلمات التً
ٌركزون علٌها بصوتهم أو جسدهم تمامًا ،وال ٌتناسب تمامًا مع سٌاق اللحظة الحالٌة ،وال ٌؤتً بشكل
متؤخر قلٌبل .عندما ٌضربون الطاولة بقبضة ٌدهم ،إن فً هذه اللحظة ال ٌُظهرون أٌة عاطفة ،ولكن
89
الشعور بها ٌكون قبل ذلك بقلٌل ،كما لو كانوا جدٌدٌن ،وكؤنهم سٌحدثون تؤثٌرً ا .وهذه ُتعتبر كلها
تشققات فً قشرة الواقع التً ٌحاولون إبرازها.
أخٌرً ا ،مع عنصر الخداع ،ضع فً اعتبارك أنه ٌوجد دابمًا نطاق واسع فٌه .فً الجزء السفلً من
المقٌاس نجد أكثر األنواع الحمٌدة و مجموعة من األكاذٌب البٌضاء الصؽٌرة لدى الناس .وٌمكن أن تشمل
جمٌع أشكال اإلطراء فً الحٌاة الٌومٌة :مثل أن ٌقولوا لك "أنت تبدو رابع الٌوم" ؛ و "لقد أحببت
السٌنارٌو الخاص بك" .قد تشمل فً عدم كشفهم عن ما فعلته بالضبط فً ذلك الٌوم أو حجبهم أجزاء من
المعلومات عنك ألنه أمر مزعج فً أن تكون شفافا تمامًا وال تتمتع بؤي خصوصٌة .وٌمكننا اكتشاؾ هذه
األشكال الصؽٌرة من الخداع إذا انتبهنا جٌدا لذلك ،على سبٌل المثال ،من خبلل مبلحظة تعبٌرات
االبتسامة الحقٌقٌة ،ولكن فً الحقٌقة من األفضل ببساطة تجاهل هذه النهاٌة السُفلٌةٌ .عتمد المجتمع
المتحضر المهذب على القدرة على قول أشٌاء لٌست دابما صادقة .وسٌكون أمرا ضا ّرا اجتماعًٌا عندما
تصبح واعٌا باستمرار بهذه المشاهد الماكرة والمُخادعة .حٌث ٌجب أن تكون متؤهبا ومنتبها فقط فً
المواقؾ التً تكون فٌها المخاطر أكبر عندما ٌكون الناس فً وضع جٌد للحصول على شًء ذي قٌمة
منك.
فنًإدارةًالنطباع ً
بشكل عام كلمة تقمص األدوار لها دالالت سلبٌة .حٌث نحن نقٌض ذلك بؤصالتنا .إن الشخص دو األصالة
الحقٌقٌة ال ٌحتاج ح ًقا إلى تقمص دور ما فً الحٌاة ،كما نعتقد ،ولكنه ببساطة ٌمكن أن ٌكون هو نفسه -
أو نفسها .وهذا المفهوم له قٌمة كبٌرة فً صداقاتنا وفً عبلقاتنا الحمٌمة ،حٌث نؤمل حقا فٌه أن نتخلى
عن األقنعة التً نرتدٌها ونشعر بالراحة فً إظهار صفاتنا الفرٌدة .ولكن فً حٌاتنا المهنٌة األمر ٌُصبح
أكثر تعقٌ ًدا .وعندما ٌتعلق األمر بوظٌفة أو دور معٌن ٌجب تقمّصه فً المجتمع ،تصبح لدٌنا توقعات
بشؤن ما هو مهنً .حٌث سنشعر بعدم االرتٌاح إذا بدأ ُربّان الطابرة فجؤة فً التصرؾ وكؤنه بابع سٌارات
،أو مٌكانٌكً تصرؾ مثل المعالج النفسً ،أو أستاذاً تصرؾ مثل موسٌقى الروك .إذا تصرؾ هإالء
األشخاص مثلهم تمامًا ،وألقوا أقنعتهم ورفضوا لعب أدوارهم ،فسنتساءل عن كفاءتهم.
إن الشخصٌة السٌاسٌة أو الشخصٌة العامة التً نراها كؤكثر شخصٌة أصالة من اآلخرٌن هً أفضل
بشكل عام من ناحٌة إبراز هذه الصفة '' األصالة'' .حٌث ٌعلمون أن الظهور بالتواضع ،أو مناقشة
حٌاتهم الخاصة ،أو إخبار حكاٌاتهم التً تكشؾ عن وجود بعض الثؽرات الحساسة بهم سٌكون لها تؤثٌر
حقٌقً ألصالتهم .نحن ال نراهم على حقٌقتهم عندما ٌكونوا فً منازلهم .الحٌاة فً المجال العام تعنً
ارتداء قناع ٌُخفً حقٌقتك ،وأحٌا ًنا ٌرتدي البعض قناعا من "األصالة" .حتى المحب ٌلعب دورا فً
ارتداء قناع كشخص محب أو المتمرد الذي ٌتقمص أدوارا بوضعٌات ووشم معٌن .لٌس لدٌهم الحرٌة فً
ارتداء بدلة عمل فجؤة ،ألن اآلخرٌن فً دابرتهم سٌبدأون فً التشكٌك فً صدقهم ،والذي ٌعتمد على
عرض المظهر الصحٌح فً تلك الحالة .حٌث ٌتمتع الناس بمزٌد من الحرٌة لجلب المزٌد من صفاتهم
90
الشخصٌة إلى الدور الذي ٌلعبونه بمجرد أن ٌثبتوا أنفسهم ،بذلك إن كفاءتهم لن تصبح محل شك .ولكن
هذا دابما ما ٌكون له حدود.
ٌلتزم معظمنا بوعً أو بؽٌر وعً بما هو متوقع منا فً تقمُّصِ ه ألننا ندرك أن نجاحنا االجتماعً ٌعتمد
على هذا .قد ٌرفض البعض لعب هذه اللعبة ،لكن فً النهاٌة ٌُصبحون مُهمشٌن و مُجبرٌن على لعب
دور الؽرباء ،وبخٌارات محدودة وتقلٌصا لحرٌتهم عند تقدمهم فً السن .بشكل عام ،من األفضل قبول
هذه الدٌنامٌكٌة واستخبلص بعض المتعة منها .أنت لست على دراٌة بالمظاهر المناسبة التً ٌجب علٌك
تقدٌمها فحسب ،بل ٌجب أن تعرؾ كٌفٌة تشكٌلها لتحقٌق أقصى تؤثٌر .عندها ٌمكنك بعد ذلك تحوٌل
نفسك إلى ممثل متفوق فً مسرح الحٌاة واالستمتاع بلحظاتك فً أضوابها.
فٌما ٌلً بعض األساسٌات فً فن إدارة االنطباع.
اتقنًاإلشاراتًالغٌرًاللفظٌة .فً بعض البٌبات ،عندما ٌرٌد الناس الحصول على إصبلح حول هُوٌتنا ،
فإنهم ٌولون اهتمامًا أكبر لئلشارات الؽٌر اللفظٌة التً نصدرها .قد ٌكون ذلك فً مقابلة عمل أو اجتماع
جماعً أو ظهور عام .أدرك هذا ،أن المإدون االجتماعٌون األذكٌاء ٌعلمون كٌؾ ٌتحكمون فً هذه
اإلشارات إلى حد ما وٌعلمون كٌؾ ٌبعثون بوعً اإلشارات المناسبة واإلٌجابٌة .إنهم ٌعرفون كٌؾ
ٌكونوا محبوبٌن ،وٌعلمون كٌؾ ٌبتسمون االبتسامات الحقٌقٌة ،وٌستخدمون لؽة جسدهم فً عملٌة
الترحٌب ،وٌُحاكون تعبٌرات األشخاص الذٌن ٌتعاملون معهم .وٌعرفون إشارات الهٌمنة وكٌؾ ٌُشعون
ثقة .إنهم ٌعرفون أن المظاهر أكثر تعبٌرً ا من الكلمات فً نقل تعبٌر االزدراء أو الجاذبٌة .بشكل عام ،
ترٌد أن تكون على دراٌة بؤسلوبك ؼٌر اللفظً ،فٌجب علٌك أن تتمكن من تؽٌٌر بعض من جوانبك
المظهرٌة بوعً لتحقٌق تؤثٌر أفضل.
اتخذ ًمنهج ًال ُممثل .فً طرٌقة تصرفك درب نفسك لتكون قادرً ا على إظهار المشاعر المناسبة عندما
تكون فً وضعٌة القٌادة أو الهٌمنة .وعلٌك أن تشعر بالحزن عندما ٌستدعً جزء منك ذلك عن طرٌق
التذكٌر بتجاربك الخاصة التً تسببت فً مثل هذه المشاعر ،أو إذا لزم األمر تخٌل مثل هذه التجارب
التً تدل على الحزن .و فً هذه المرحلة هً التً تكون لدٌك فٌها السٌطرة .وفً الحٌاة الواقعٌة ،لٌس
من الممكن تدرٌب أنفسنا على هذه الدرجة ،لكن إن لم ٌكن لدٌك أي سٌطرة وتحكم ،وإذا كنت تشعر
باستمرار باالنفعال مهما حدث لك فً الوقت الحالً ،فسٌكون ذلك مإشرا على ضعفك وافتقارك العام
إلى التمكن من الذات .تعلم كٌؾ تضع نفسك بوعً فً مزاج عاطفً مناسب من خبلل تخٌل كٌؾ ولماذا
ٌجب أن تشعر بالعاطفة المناسبة فً هذه الحالة أو األداء الذي أنت على وشك تقدٌمه أو تؤدٌته .استسلم
للمشاعر فً ''اللحظة'' بحٌث ٌتم تنشٌط الوجه والجسم بشكل طبٌعً .أحٌا ًنا من خبلل جعل نفسك فً
التعبٌر عن االبتسامة أو العبوس ،فإنك حقا ستشعر ببعض المشاعر التً تصاحب هذه التعبٌرات .وبنفس
القدر من األهمٌة ،درب نفسك على العودة إلى التعبٌر األكثر حٌادٌة فً اللحظة الطبٌعٌة ،واحرص
على أال تتمادى فً مشاعرك.
91
تكٌفًمعًجمهورك .عند تعاملك مع جمهورك ٌجب علٌك أن تكون مرنا بالرؼم من أنك متكٌؾ مع بعض
المعاٌٌر التً حددها الدور الذي كنت تلعبه .،حٌث لم ٌؽفل فنان األداء البارع مثل بٌل كلٌنتون حقٌقته
كربٌس فقد كان ٌُظهر ثقته وقوته ،عندما كان ٌتحدث إلى مجموعة من أصحاب ُعمّال السٌارات فإنه كان
ٌُع ّدل لهجته وكلماته لتناسب أسلوبهم ،وكان ٌفعل الشًء نفسه بالنسبة لمجموعة من المدٌرٌن التنفٌذٌٌن.
إذا ٌجب علٌك أنت أٌضا أن تتعرؾ على جمهورك وأن تقوم بصٌاؼة اإلشارات الؽٌر اللفظٌة التً لدٌك
لتناسب أسلوبهم .
اخلق ًالنطباع ًاألول ًالسلٌم .لقد ثبت أن الناس ٌمٌلون إلى الحكم بنا ًء على االنطباعات األولىة
والصعوبات التً ٌواجهوها فً إعادة تقٌٌم هذه األحكام .بمعرفتك ذلك ٌ ،جب إٌبلء اهتماما وانتباها
إضافٌا لمظهرك والنطباعك األولً الذي ترٌد تقدٌمه أمام فرد أو مجموعة ما .بشكل عام ،من األفضل
لك التخفٌؾ من حدة اإلشارات ؼٌر اللفظٌة وتقدٌم واجهة أكثر حٌادٌة .إن الكثٌر من اإلثارة سٌشٌر إلى
انعدام األمان لدٌك وقد ٌشكك الناس بك .ومع ذلك ٌ ،جب أن تبتسم ابتسامة هادبة وأن تنظر إلى الناس فً
أعٌنهم خبلل اللقاءات األولى حٌت ٌمكن لهذا أن ٌفعل العجابب فً تقلٌل مقاومتهم الطبٌعٌة.
استخدم ًتأثٌرات ًدرامٌةٌ .نطوي هذا فً الؽالب إتقان فن الحضور و الؽٌاب .إذا كان حضورك أكثر من
البلزم ،إذا شاهدك الناس كثٌرً ا أو إذا استطاعوا التنبإ بما ستفعله بعد ذلك بالضبط ،فسوؾ ٌشعرون
بالملل منك بسرعة .وٌجب أن تعرؾ كٌفٌة متى تؽٌب بشكل انتقابً ،وأن تنتظم فً كٌفٌة ؼٌابك وبٌن
توقٌت ظهورك أمام اآلخرٌن ،مما ٌجعلهم ٌرؼبون فً رإٌة المزٌد منك ،ولٌس أقل .اظهر هالة من
الؽموض فً نفسك ،واظهر بعض الصفات المتناقضة بمهارة .إن الناس ال ٌحتاجون إلى معرفة كل شًء
عنك .تعلم أن تحجب معلوماتك .بشكل عام ،اجعل مظهرك وسلوكك أقل قابلٌة للتنبإ به.
ابرزًصفاتًالقدٌسٌن .بؽض النظر عن الفترة التارٌخٌة التً نعٌش فٌها ،هناك بعض السمات التً ٌُنظر
إلٌها دابمًا على أنها إٌجابٌة وٌجب أن تعرؾ كٌفٌة إظهارها وابرازها .على سبٌل المثال ،فإن مظهر
القداسة ال ٌتبلشى أب ًدا .من المإكد أن الظهور بمظهر القدٌسٌن الٌوم مختلؾ تمامًا فً المحتوى عن
ظهورهم فً القرن السادس عشر ،ولكن الجوهر ٌبقى هو نفسه -فؤنت تجسد ما ٌعتبر جٌ ًدا وما فوق
الشبهات .إن فً العالم الحدٌث ٌ ،عنً هذا أن ُتظهر نفسك مُتحررا ومتسامحً ا للؽاٌة ومنفتحً ا .حٌث
سترؼب فً أن تظهر بمظهر المانح بسخاء ألسباب معٌنة ودعمها على وسابل التواصل االجتماعً.
ابرازك لئلخبلص والصدق دابما ما ٌكون له تؤثٌر جٌد .ومن خبلل اعترافك للعامة ببعض نقاط ضعفك و
حساسٌتك للنكسات ٌمكنه أن ٌكون له أٌضا تؤثٌر فعال وماكر .ولسبب ما ،إن الناس سٌرون إشارات
التواضع التً لدٌك على أنها تدل على األصالة ،بالرؼم من ذلك فإن الناس سٌحاكونها .لذلك تعلم فً
بعض األحٌان كٌفٌة خفض رأسك كً تبدو متواضع .إذا كنت ترٌد القٌام بعمل قذر ،اجعل اآلخرٌن
ٌقومون به نٌابة عنك .واجعل ٌدٌك نظٌفة .ال تقم مطل ًقا بلعب دور الزعٌم المٌكٌافٌلً الذي فقط هذا الدور
ٌلٌق بمن ٌعملون بشكل جٌد على التلفزٌون .استخدم إشارات الهٌمنة المناسبة لجعل الناس ٌعتقدون أنك
قوي ،حتى قبل أن تصل إلى القمة .فؤنت ترؼب أن تبدو وكؤنك متجه نحو النجاح ،وهو تؤثٌر باطنً
ٌفعل فعله دابمًا.
92
إن سٌد هذه اللعبة هو اإلمبراطور أوؼسطس ( 63ق.م 12 - .م) لروما القدٌمة .حٌث قد فهم أوؼسطس
قٌمة وجود عدو جٌد لدٌك ،أي الشرٌر الذي ٌمكن أن ٌتناقض معه .ولهذا الؽرض ،استخدم واستؽل
مارك أنتونً ،منافسه المبكر على السلطة ،كعنصر إحباط مثالً .وقد ارتبط أوؼسطس شخصًٌا مع كل
شًء تقلٌدي فً المجتمع الرومانً ،حتى أنه قد وضع منزله بالقرب من المكان الذي ٌُفترض أن المدٌنة
تؤسست فٌه .بٌنما كان أنطونً خارج مصر ،حٌث كان ٌتخبط مع الملكة كلٌوباترا واستسبلمه لحٌاة
الترؾ والرفاهٌة ،كان بإمكان أوؼسطس أن ٌشٌر باستمرار إلى خبلفاتهم ،و ٌُظهر فٌها نفسه باعتباره
تجسٌ ًدا للقٌم الرومانٌة ،التً كان فٌها أنتونً موضع خٌانة لهم .بمجرد أن أصبح القابد األعلى لروما ،
ضا علنًٌا من القنوت والتواضع ،وأعاد السلطة إلى مجلس الشٌوخ والناس .وقد كان ق َّدم أوؼسطس عر ً
ٌتحدث التٌنٌة عامٌة وٌعٌش ببساطة ،مثل رجل من الشعب .ولهذا كله كان له التبجٌل واالحترام .بالطبع
،كان كل شًء ٌتمحور علٌه .فً الواقع ،قضى معظم وقته فً فٌبل فاخرة خارج روما .وقد كان لدٌه
ِمن من أماكن ؼرٌبة مثل مصر .وبٌنما كان ٌظهر بمظهر الؽٌر مبالً العدٌد من العشٌقات ،البلبً قد َ
للسلطة ،فقد تمسك بإصرار بالسٌطرة الحقٌقٌة على الجٌش .وقد كان مهووسا بالمسرح ،حٌث كان
أوؼسطس مهرجا ً ومرتدٌا ً لؤلقنعة .وقد أدرك ذلك ،ألن كانت آخر الكلمات التً تكلم بها على فراش
الموت" :هل تقمصت دوري فً مهزلة الحٌاة هذه بشكل جٌد بما فٌه الكفاٌة؟"
افهم ًهذا ً :إن كلمة "شخصٌة" أتت من الكلمة البلتٌنٌة '' ، ''Personaوالتً تعنً "قناع" .حٌث فً
المجتمع نرتدي جمٌ ًعا األقنعة ،وهذا األمر له وظٌفة إٌجابٌة .إذا أظهرنا بالضبط هُوٌتنا وتحدثنا عن ما
فً عقولنا بؤمانة ،فسنتسبب فً اإلساءة إلى الجمٌع تقرٌبًا وكشؾ الصفات التً ٌتم إخفاءها بشكل أفضل.
إن امتبلك شخصٌة مُحددة ،وت َقمُّص دور جٌد ،فإنه ٌحمٌنا فً الواقع من األشخاص الذٌن ٌنظرون إلٌنا
عن كثب ،مع كل حاالت انعدام األمان الخاصة بنا من شؤنها أن تتفاقم .وفً الواقع ،كلما لعبت دورك
بشكل أفضل ،زادت قدرتك على اكتساب القوة ،وبفضل هذه القوة ،ستتمتع بحرٌة التعبٌر عن المزٌد
من خصوصٌاتك .إذا أخذت هذا األمر أبعد إلى حد كافً ،فستتطابق الشخصٌة التً تقدمها مع العدٌد من
خصابصك الفرٌدة ،ولكن دابمًا ما تتم زٌادتها ل ُتقدم تؤثٌرا ساحرا.
93