قوانين الطبيعة البشرية - روبرت غرين - الفصل الثالث قانون تَقمّص الأدوار

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 27

‫‪3‬‬

‫أنظز من خالل َما يخفيه الناس‬

‫قـانـــــون تَـقَ ُّمص األ ْد َوار‬

‫ظهرون لنا تواضعهم‪،‬‬ ‫ٌمٌل جمٌع الناس إلى َت َق ُّمص أَ ْد َوار ٌتباهون بها فً أفضل صورة ممكنة ‪ -‬حٌث ٌُ ِ‬
‫ون مهتمٌن بؤفكارنا‪ .‬هإالء ٌعلمون‬ ‫وجا ِّدٌن‪ .‬وٌقولون األشٌاء الصاببة‪ ،‬وٌبتسمون لنا ‪ ،‬و ٌَ ْب ُد َ‬ ‫وأنهم واثقٌن‪َ ،‬‬
‫والح َسد الخاص بهم‪ .‬إذا أَ َخذنا هذا المظهر الخارجً للواقع ‪ ،‬فلن نعرؾ أب ًدا‬ ‫َ‬ ‫كٌؾ ٌُ ْخفُون ا ْن ِعدام األمان‬
‫قاو َم ِتهم ال ُمفاجبة وعِ َدابهم وأفعالهم المتبلعبة‪ .‬و‬
‫إزا َء ُم َ‬ ‫مشاعِ رهم الح ِقٌقٌة ‪ ،‬و َؼالبا ً ما نكون َمصْ ُدو ِم َ‬
‫ٌن َّ‬
‫صو َن ُه ٌوجد ِبه عدة َت َشقّقات ‪ .‬وأن الناس باستمرار ٌُ ْظ ِه ُرون من خبلل‬ ‫ّ‬
‫الحظ ‪ ،‬ال َّدور الذي ٌَ َت َق َّم ُ‬ ‫لِ ُحسن‬
‫مشاعرهم الحقٌقٌة ورؼباتهم البلَّواعٌة َتسرُّ بات فً اإلشارات الؽٌر اللفظٌة التً ال ٌمكنهم التحكم فٌها‬
‫واإلٌماءات العصبٌة لدٌهم‪ٌ .‬جب علٌك‬ ‫ِ‬ ‫تمامًا ‪ -‬كتعبٌرات وجوههم ونِبرات أصواتهم وتوترات أجسادهم‬
‫إتقان هذه اللؽة من خبلل َتحْ ِوٌل نفسك إلى قارئ متفوق للبشر‪ .‬ومن خبلل تسلٌح نفسك بهذه المعرفة ‪،‬‬
‫ٌمكنك اتخاذ التدابٌر الدفاعٌة المناسبة‪ .‬ومن ناحٌة أخرى ‪ ،‬نظرً ا أن المظاهر هً ما ٌحكم الناس علٌك به‬
‫‪ٌ ،‬جب أن تتعلم كٌفٌة تقدٌم أفضل مظهر ولعب ال َّدور الذي ترٌد بؤقصى قدر من التؤثٌر‪.‬‬

‫اللغةًالثانٌة‬
‫فً صباح أحد األٌام فً أؼسطس عام ‪ ، 1818‬استٌقظ ''مٌلتون إرٌكسون'' ‪ ،‬البالػ من العمر أنذاك سبعة‬
‫عشر عامًا ‪ ،‬وهو رابد المستقبل فً العبلج بالتنوٌم المؽناطٌسً وأحد علماء النفس األكثر نفوذاً فً القرن‬
‫العشرٌن ‪ ،‬الكتشافه فجؤة أجزاء من جسده مشلولة ‪ .‬على مدى األٌام القلٌلة المقبلة انتشر الشلل فً جسده‪.‬‬
‫سرعان ما تم تشخٌص إصابته بوباء شلل األطفال ‪ ،‬وهو وباء كان متف ِّشٌا ً فً ذلك الوقت‪ .‬وبٌنما كان‬
‫مستلقٌا ً على الفراش ‪ ،‬سمع والدته فً ؼرفة أخرى تناقش قضٌته مع اثنٌن من األخِصابٌٌن من عابلتها‬
‫الذٌن اتصلت بهم ‪ .‬على افتراض أن إرٌكسون كان نابما ً ‪ ،‬فقد أخبرها أحد األطباء‪" :‬إن الصبً سٌموت‬
‫فً الصباح"‪ .‬ثم جاءت والدته إلى ؼرفته ‪ ،‬وهً تحاول َج ِل ٌّا ً إخفاء حُزنها ‪ ،‬لم تدرك أن ابنها ٌعلم بؤمر‬

‫‪67‬‬
‫المحادثة‪ .‬ثم ظل إرٌكسون ٌطلب من والدته تحرٌك خزانة األدراج بالقرب من سرٌره هنا وهناك‪ .‬ظنت‬
‫أنه كان مُتو ِّهمًا ‪ ،‬لكن كانت لدٌه أسبابه ‪ :‬حٌث أراد أن ٌصرؾ انتباهها عن آالمها ‪ ،‬وٌرٌد أٌضا وضع‬
‫ال ِمرآة على الصندوق فً موضعها الصحٌح‪ .‬فإذا بدأ بفقدان وعٌه ‪ ،‬فسٌمكنه ذلك التركٌز على ؼروب‬
‫الشمس فً المرآة المنعكسة ‪ ،‬والتمسك بهذه الصورة طالما استطاع‪ .‬ربما الشمس تعٌد الشروق لكً ٌُدرك‬
‫أنه الزال بخٌر‪ ،‬مما ٌثبت خطؤ األطباء‪ .‬لكن فً ؼضون ساعات قلٌلة دخل فً ؼٌبوبة‪.‬‬
‫لكن إرٌكسون استعاد وعٌه بعد ثبلثة أٌام‪ .‬بطرٌقة ما نجا من الموت ‪ ،‬لكن الشلل امتد اآلن إلى كامل‬
‫جسمه‪ .‬حتى شفتٌه كانت مشلولتا‪ .‬لم ٌتمكن من التحرك أو اإلٌماء ‪ ،‬أو التواصل مع اآلخرٌن بؤي طرٌقة‬
‫كانت‪ .‬والجزء الوحٌد من جسمه الذي كان قادرا على تحرٌكه هً ِم ْقلَ َتًْ عٌنٌه ‪ ،‬مما سمح له بفحص‬
‫كامل للمساحة الضٌقة لؽرفته‪ .‬وقد كان معزوال فً منزله فً المزرعة فً رٌؾ والٌة ''وٌسكونسن'' حٌث‬
‫تتكون من أخواته السبع وأخوه وأهله وممرضة خاصة به‪ .‬بالنسبة لشخص‬ ‫نشؤ ‪ ،‬وكانت صُحبته الوحٌدة َّ‬
‫لدٌه مثل هذا العقل النشط والمرن ‪ ،‬فقد كان الملل ٌستولً علٌه لحد أنه أصبح شٌبا مإلمًا‪ .‬لكن فً أحد‬
‫األٌام بٌنما كان ٌستمع إلى أخواته ٌتحدثن فٌما بٌنهما ‪ ،‬أصبح على علم بشًء لم ٌبلحظه من قبل‪ .‬أثناء‬
‫حدٌثهم ‪ ،‬كانت وجوههم تصنع كل أنواع الحركات والتعبٌرات ‪ ،‬وبدا أن نؽمة ولهجة أصواتهم لها‬
‫طبٌعتها الخاصة ‪ .‬حٌث قالت أخت ألخرى ‪" ،‬نعم ‪ ،‬هذه فكرة جٌدة" ‪ ،‬لكنها قالت هذا برتابة وبابتسامة‬
‫ملحوظة جد ُم َت َكلِّفة ‪ٌ ،‬بدو كما لو أنها ترٌد أن تقول ‪" :‬ال أعتقد أنها فكرة جٌدة على اإلطبلق"‪ .‬بطرٌقة ما‬
‫ٌمكن أن ٌعنً عند قولها '' نعم'' لكن األمر ٌعنً العكس ‪ -‬أي ''ال''‪.‬‬
‫واآلن أصبح ٌَصُبُّ اهتمامه بهذا الشؤن‪ .‬لقد كانت بمثابة لعبة محفزة بالنسبة له‪ .‬خبلل الٌوم التالً ‪ ،‬قام‬
‫بحساب ستة عشر نو ًعا مختل ًفا من أنواع اللقطات التً تعنً الرفض بدال من القول بــ ''نعم'' ‪ُ ،‬م َبٌ ًنا‬
‫درجات مختلفة من الصبلبة‪ ،‬وكلها مصحوبة بالتعابٌر الوجهٌة المختلفة‪ .‬فً مرحلة معٌنة ‪ ،‬الحظ إحدى‬
‫من أخواته وهً تقول ''نعم'' لشًء بٌنما تهز رأسها كإجابة بالرفض‪ .‬كان األمر دقٌ ًقا ج ًدا ‪ ،‬لكنه استطاع‬
‫رُإٌة ذلك‪ .‬إذا قام الناس بقول ''نعم'' ولكنهم ٌشعرون بالعكس ‪ ،‬فإن ذلك ٌظهر فً مظهرهم وفً لؽة‬
‫جسدهم‪ .‬فً مناسبة أخرى ‪ ،‬راقب عن كثب من زاوٌة عٌنه بٌنما كانت إحدى أخواته تقدم ألخرى تفاحة ‪،‬‬
‫لكن التوتر فً وجهها و فً ذراعٌها ٌشٌر إلى أنها كانت فقط مجرد مهذبة وأنها أرادت بوضوح تام‬
‫االحتفاظ بالتفاحة لنفسها‪ .‬هذه اإلشارة ٌصعب التقاطها ‪ ،‬ومع ذلك بدا واضحً ا ج ًدا له‪.‬‬
‫نظرً ا لعدم قدرته على المشاركة فً المحادثات ‪ ،‬وجد أن عقله منؽمسا تمامًا فً مراقبة إٌماءات وإشارات‬
‫والطً المفاجا ألذرعهم‪ .‬لقد الحظ ‪ ،‬على سبٌل‬‫َّ‬ ‫أٌدي الناس ‪ ،‬وحواجبهم المرتفعة ‪ ،‬ونبرة أصواتهم ‪،‬‬
‫المثال ‪ ،‬عدد المرات التً تبدأ فٌها األوردة فً أعناق أخواته فً النبض عندما وقفوا أمامه‪ ،‬مما ٌشٌر إلى‬
‫العصبٌة التً شعروا بها فً حضوره‪ .‬وقد فتنته أنماط التنفس أثناء أحادٌثهم ‪ ،‬واكتشؾ أن بعض‬
‫شعر أٌضا بدا ٌلعب دورً ا مهمًا مع أخواته‪ .‬إن‬ ‫اإلٌقاعات تشٌر إلى الملل وتتبعها عادة التثاإب‪ .‬وأن ال ّ‬
‫طرٌقة ال َمشط العمٌقة لشعورهنّ تشٌر إلى نفاد الصبر ‪" -‬لقد سمعت ما ٌكفً ؛ اآلن أرجوك اخرسً‪".‬‬
‫لكن بهذه السرعة و فاقدا للوعً ٌمكنه أن ٌشٌر إلى انتباه كبٌر‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫صرً ا فً السرٌر ‪ ،‬فقد أصبح سمعه أكثر حدة‪ٌ .‬مكنه اآلن التقاط محادثات فً الؽرفة‬ ‫رؼم وجوده ُمحا َ‬
‫األخرى حٌث كان الناس ال ٌحاولون تقدٌم واجهة لطٌفة فٌها عنه‪ .‬وسرعان ما الحظ ً‬
‫نمطا ؼرٌبًا ‪ -‬فً‬
‫محادثة ما‪ ،‬نادراً ما كان الناس مباشرٌن فً أحادٌثهم‪ .‬كانت ؼالبا ما تقضً أخته دقابق فً اللؾ‬
‫والدوران والمراؼة‪ ،‬وتترك تلمٌحات لآلخرٌن حول ما ترٌده ح ًقا ‪ -‬مثل استبذان فً استعارة مبلبس ما أو‬
‫ّنة من خبلل نبرة صوتها ‪ ،‬والتً‬ ‫سماع اعتذار من شخص ما‪ .‬رؼبتها الخفٌة كانت بشكل واضح مُبٌ ً‬
‫أكدتها ببعض من كلماتها‪ .‬كان أملها هو أن ٌختار اآلخرون شٌبا ما بٌنما ٌعرضون لها شٌبا ترؼب به ‪،‬‬
‫لكن ؼالبًا ما ٌتم تجاهل تلمٌحاتها فتضطر إلى الخروج عن صمتها وتقول ما ترؼب فٌه‪ُ .‬محادثة بعد‬
‫محادثة بدأ ٌبلحظ شكل هذه األنماط تتكرر‪ .‬سرعان ما أصبحت لعبة تخمٌنٌة بالنسبة له فقد أصبح قادرا‬
‫فً ؼضون ثوان قلٌلة أن ٌعرؾ ما كانت ُتلَمّح إلٌه األُخت‪.‬‬
‫بسبب شلله أصبح فجؤة ٌدرك أن لدٌه وسٌلة ثانٌة لبلتصال اإلنسانً ‪ ،‬وهً لؽة ثانٌة ٌُعبّر من خبللها‬
‫الناس عن شًء بداخل أنفسهم ‪ ،‬وأحٌا ًنا دون أن ٌكونوا على علم بها‪ .‬ماذا سٌحدث لو استطاع أن ٌتقن‬
‫بطرٌقة ما تعقٌدات هذه اللؽة؟ كٌؾ سٌؽٌر هذا منظوره للناس؟ هل ٌمكنه أن ٌُوسّع نطاق قوته فً القراءة‬
‫لئلٌماءات ؼٌر المربٌة التً ٌقوم بها األشخاص بشفتٌهم ‪ ،‬وأنفاسهم ‪ ،‬ومستوى التوتر فً أٌدٌهم؟‬
‫بعد عدة أشهر فً أحد األٌام ‪ ،‬بٌنما كان ٌجلس بالقرب من نافذته على كرسً متحرك صممته له عابلته ‪،‬‬
‫استمع إلى أخٌه وأخواته ٌلعبون فً الخارج‪( .‬فً تلك األشهر فقد استعاد الحركة فً شفتٌه حٌث أصبح‬
‫مشلوال‪ ).‬أراد بشدة أن ٌنضم إلٌهم‪ .‬كما لو أنه بشكل مإقت ٌرؼب فً‬‫ً‬ ‫بإمكانه الكبلم ‪ ،‬لكن جسده ظل‬
‫نسٌان كونه مشلوال‪ ،‬و بدأ ٌتصور فً نفسه قادرا على الوقوؾ ‪ ،‬وفً فترة وجٌزة أحسّ بارتعاش فً‬
‫عضلة ساقه ‪ ،‬وهً المرة األولى التً شعر فٌها بحركة فً جسمه على اإلطبلق‪ .‬فً الماضً فقد أخبر‬
‫األطباء والدته أنه لن ٌمشً مجد ًدا ‪ ،‬لكنهم كانوا مخطبٌن‪ .‬بنا ًء على هذا االرتعاش البسٌط ‪ ،‬قرر محاولة‬
‫التجربة‪ .‬حٌث صبّ تركٌزه بعمق على عضلة معٌنة فً ساقه ‪ ،‬متذكراً اإلحساس الذي كان ٌشعر به قبل‬
‫شلله ‪ ،‬ورؼبته الشدٌدة فً تحرٌك ساقه ‪ ،‬وتخ ٌُّلِها تعمل مرة أخرى‪ .‬كانت ممرضته تقوم بتدلٌك تلك‬
‫المنطقة ‪ ،‬وببطء ‪ ،‬وبنجاح متناوب ‪ ،‬فقد كان ٌشعر باالرتعاش ثم حركة بسٌطة فً عضلة الساق ‪ .‬خبلل‬
‫هذه العملٌة البطٌبة للؽاٌة ‪ ،‬علَّم نفسه الوقوؾ‪ ،‬ثم ال َّتحرك ببضع خطوات ‪ ،‬ثم ال َّتجول فً ؼرفته ‪ ،‬ثم‬
‫المشً بالخارج ‪ ،‬وهكذا قام بزٌادة مسافات المشً لدٌه‪.‬‬
‫بطرٌقة ما ‪ ،‬من خبلل االعتماد على إرادته وخٌاله ‪ ،‬فقد استطاع تؽٌٌر حالته البدنٌة واستعادته الحركة‬
‫الكاملة‪ .‬من الواضح أنه قد أدرك أن العقل والجسم ٌعمبلن م ًعا بطرق ال ندركها‪ .‬وبرؼبته فً استكشاؾ‬
‫هذا األمر بشكل أكبر ‪ ،‬قرر متابعة حٌاته المهنٌة فً الطب وعلم النفس ‪ ،‬وفً أواخر عشرٌنٌات القرن‬
‫العشرٌن بدأ فً ممارسة الطب النفسً فً مختلؾ المستشفٌات‪ .‬بشكل أسرع طور طرٌقة خاصة به وقد‬
‫كانت مختلفة تماما عن المتدربٌن اآلخرٌن فً هذا المجال‪ .‬حٌث قد ر َّكز جمٌع األطباء النفسٌٌن المتدربٌن‬
‫تقرٌبًا على اإلشارات اللفظٌة (الكلمات)‪ .‬كانوا ٌجعلون مرضاهم ٌتحدثون عن أنفسهم ‪ ،‬ال سٌما عن‬
‫طفولتهم المبكرة‪ .‬وبهذه الطرٌقة كانوا ٌؤملون فً الوصول إلى البلوعً الخاص بمرضاهم‪ .‬لكن فً‬
‫الجهة االخرى ركز إرٌكسون بدالً من ذلك على الحضور البدنً للناس كمدخل لحٌاتهم العقلٌة والبلوعً‬

‫‪69‬‬
‫الخاص بهم‪ .‬ؼالبًا ما ُتستخدم الكلمات َكسِ تار لحجب ما ٌخفٌه الناس ‪ ،‬وهً طرٌقة فعالة إلخفاء ما ٌجري‬
‫بالفعل‪ .‬فقد كان ٌجعل مرضاه مرتاحٌن تمامًا ‪ ،‬لٌكشؾ عن عبلمات التوتر الخفٌة و عن الرؼبات التً لم‬
‫تتم تلبٌتها و التً تظهر من خبلل تعبٌرات وجوههم وأصواتهم وسلوكٌاتهم‪ .‬كما فعل هذا من قبل ‪ ،‬فقد‬
‫اكتشؾ بعمق عن عالم التواصل الؽٌر اللفظً‪.‬‬
‫كان شعاره أن "تبلحظ ‪ ،‬وتراقب ‪ ،‬وتنتبه"‪ .‬ولهذا الؽرض ‪ ،‬فقد احتفظ بمفكرة لكً ٌكتب فٌها جمٌع‬
‫مبلحظاته‪ .‬وقد كانت أحد العناصر التً فتنته بشكل خاص وهً طرٌقة المشً لدى الناس ‪ ،‬ربما هذا‬
‫االفتتان ما هو إال انعكاس لصعوباته فً تعلم كٌفٌة استخدام ساقٌه‪ .‬كان ٌشاهد الناس على الدوام ٌمشون‬
‫فً كل جزء من المدٌنة‪ .‬وقد لفت انتباهه ِثقل خطواتهم ‪ -‬حٌث كان ٌبلحظ أن أصحاب ال ِمشٌة المتشددة‬
‫ٌمتاز بها أولبك المثابرٌن والملٌبٌن بالعزٌمة ؛ أما أصحاب الخطوات الخفٌفة فهً ألولبك الذٌن ٌبدون‬
‫أكثر حسمًا ؛ أما أصحاب ال ِمشٌة المرتخٌة فهً ألولبك الكسالى ؛ أما المشٌة المتعرجة فهً لؤلشخاص‬
‫الؽارقٌن والمنهمكٌن فً تفكٌرهم‪ .‬والحظ عن كثب التماٌل للوركٌن على نحو خاص و الطرٌقة التً‬
‫ٌكون فٌها الرأس متصلبا بشكل مستقٌم لؤلعلى‪ ،‬مما ٌشٌر إلى مستوٌات عالٌة من الثقة لذى الشخص‪ .‬فقد‬
‫كانت هناك مشٌة ٌقوم بها الناس تدل على إخفاء ضعفهم أو انعدام األمان الخاص بهم ‪ -‬كالمشٌة الذكورٌة‬
‫المبالػ فٌها ‪ ،‬و المراوؼة الباردة (ال مبال) التً ٌقوم بها المراهق المتمرد‪ .‬فقد الحظ التؽ ٌُّرات المفاجبة‬
‫فً طرٌقة مشٌة الناس عندما ٌصبحون متحمسٌن أو عصبٌٌن‪ .‬كل هذا قد زوده بمعلومات كثٌرة عن حالة‬
‫أمزجة الناس ومستوى ثقتهم بؤنفسهم‪.‬‬
‫فً مكتبه ‪ ،‬وضع مكتبه فً نهاٌة الؽرفة ‪ ،‬وجعل مرضاه ٌمشون نحوه‪ .‬قام بهذا لكً ٌبلحظ تؽ ٌُّرات فً‬
‫مشٌتهم قبل و بعد الجلسة‪ .‬وقد كان ٌُد ِّقق فً طرٌقة جلوسهم ‪ ،‬وفً مستوى التوتر فً أٌدٌهم وهم‬
‫ٌمسكون بؤذرع الكرسً ‪ ،‬وما الدرجة التً سٌواجهونه بها وهم ٌتحدثون ‪ ،‬وفً بضع ثوان ‪،‬و بدون‬
‫تبادل الكلمات ‪ ،‬فقد امتلك قراءة عمٌقة حول انعدام األمان الخاص بهم ومستوى صرامتهم ‪ ،‬كما تم‬
‫تحدٌدها بوضوح فً لؽة جسدهم ‪.‬‬
‫فً مرحلة ما من حٌاته المهنٌة ‪ ،‬عمل إرٌكسون فً جناح للمضطربٌن عقلٌا ً‪ .‬فً إحدى الحاالت ‪ ،‬كان‬
‫علماء النفس هناك فً حٌرة من حالة مرٌض معٌن ‪ -‬كان هناك رجل أعمال سابق قد جمع ثروته ثم فقد‬
‫كل شًء بسبب الكساد‪ .‬كل ما كان بوسع الرجل فعله هو البكاء وتحرٌك ٌدٌه باستمرار ذهابًا وإٌابًا ‪،‬‬
‫مباشرة من صدره‪ .‬ال أحد ٌستطٌع معرفة مصدر هذا التشنج أو معرفة كٌفٌة مساعدته‪ .‬فإن إِرْ َؼامه على‬
‫التحدث لم ٌكن باألمر السهل ولم ٌإدي إلى أي نتٌجة‪ .‬لكن بالنسبة إلى إرٌكسون ‪ ،‬فً اللحظة التً رأى‬
‫فٌها الرجل فقد فهم طبٌعة المشكلة ‪ -‬فإن من خبلل هذه اإلشارة وهذا التشنج فقد كان ٌُ َعبِّر حرفًٌا عن‬
‫ِب إِلٌَه‪ .‬وقد ذهب إلٌه إرٌكسون وقال له‪" :‬فقد كانت‬ ‫الجهود الفاشلة للتقدم فً حٌاته والٌؤس الذي قد ُجل َ‬
‫حٌاتك ملٌبة بالفشل والنجاح" ‪ ،‬وكما عبّر المرٌض عن ذلك‪ ،‬عند قٌامه بتحوٌل حركة ذراعٌه إلى األعلى‬
‫واألسفل كمعنى عن الفشل والنجاح ‪ .‬ولذلك بدا على الرجل اهتماما بهذه الحركة الجدٌدة وبها أصبح اآلن‬
‫متشنجً ا‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫ومن خبلل العمل مع أخصابً العبلج النفسً فً هذا الموضع ‪ ،‬فقد وضع إرٌكسون مجموعة من‬
‫ص ْنفرات فً كل من ٌدي الرجل ووضع قطعة من الخشب الخام أمامه‪ .‬سرعان ما أصبح الرجل مفتونا‬ ‫ال َّ‬
‫بحك الخشب بالصنفرة وبرابحة ؼبارها الخشبً وكما أنه قام بتلمٌعها‪ .‬أثناء هذا االختبار فقد توقؾ عن‬
‫البكاء وبدأ بؤخذ دروس فً النجارة ‪ ،‬وقد نقش مجموعات من الشطرنج المتقنة وبٌعها‪ .‬ومن خبلل‬
‫التركٌز بشكل حصري على لؽة جسده وتؽٌٌر حركته البدنٌة ‪ ،‬تمكن إرٌكسون من أن ٌؽٌر الوضع المؽلق‬
‫لعقله وٌشفٌه‪.‬‬
‫ومن بٌن األشٌاء التً فتنت إرٌكسون‪ ،‬وهو الفرق بٌن الرجال والنساء فً التواصل ؼٌر اللفظً وكٌؾ‬
‫ٌعكس هذا طرٌقة تفكٌرهم المختلفة‪ .‬فقد كان حسّا ًسا بشكل خاص تجاه سلوكٌات النساء ‪ ،‬وربما كان‬
‫انعكا ًسا لؤلشهر الماضٌة التً قضاها فً مراقبة أخواته عن كثب‪ .‬وقد م ّكنه ذلك من تحلٌل كل فارق دقٌق‬
‫من لؽة جسدهم‪ .‬فً إحدى المرات ‪ ،‬جاءت شابة جمٌلة لرإٌته قابلة أنها شاهدت العدٌد من األطباء‬
‫النفسٌٌن ولكن لم ٌكن أي أحد منهم على حق‪ .‬هل ٌمكن أن ٌكون إرٌكسون هو الشخص المناسب؟ بٌنما‬
‫كانت تتحدث أكثر ‪ ،‬لم تكن تتحدث أبداً عن طبٌعة مشكلتها ‪ ،‬وقد شاهدها إرٌكسون وهً تلتقط بعض‬
‫الوبر فً أكمامها‪ .‬لقد استمع بهدوء وهو ٌوما برأسه ‪ ،‬بعد ذلك طرح علٌها بعض األسبلة الؽٌر مهمة‪.‬‬
‫فجؤة ‪ ،‬بدون مقدمات ‪ ،‬قال بنبرة واثقة للؽاٌة أنه هو الشخص المناسب لها ‪ ،‬فً الحقٌقة هو الطبٌب‬
‫النفسً الوحٌد المناسب لها‪ .‬وقد فوجبت الفتاة بموقفه المؽرور ‪ ،‬وسؤلته لماذا ٌشعر بهذه الطرٌقة‪ .‬و قال‬
‫لها أنه بحاجة إلى طرح سإال آخر إلثبات ذلك‪.‬‬
‫َ‬
‫وأنت ترتدي مبلبس النساء؟''‬ ‫ثم سؤلها قاببل ‪ '' :‬منذ متى‬
‫شاب بدهشة ‪ '' :‬كٌؾ عرفت؟'' ( كٌؾ عرؾ إرٌكسون بؤمر الشاب الذي تقمّص دور فتاة ) ‪.‬‬ ‫فؤجاب ال ّ‬
‫أوضح إرٌكسون أنه الحظ الطرٌقة التً التقط فٌها َو ْبر األكمام ‪ ،‬ودون قٌامه بالتفاؾ أو حركة بشكل‬
‫طبٌعً حول منطقة الثدي‪ .‬فقد رأى هذه الحركة عدة مرات حتى ال ٌنخدع بؤي شًء اخر‪ .‬باإلضافة إلى‬
‫ذلك ‪ ،‬فإن طرٌقة الشاب الحازمة لمناقشة حاجته الختبار إرٌكسون والتً تم التعبٌر عنها جمٌعها بإٌقاع‬
‫صوتً شدٌد الدقة ‪،‬حٌث كانت ذكورٌة بشكل مإكد ‪ .‬و جمٌع األطباء النفسٌٌن اآلخرٌن انخدعوا بمظهر‬
‫الشاب المإنث والصوت الذي كان ٌُتقنه بعناٌة فابقة‪ ،‬ولكن لؽة جسده لم تكن تكذب‪.‬‬
‫و فً مناسبة أخرى ‪ ،‬دخل إرٌكسون إلى مكتبه حٌث وجد مرٌضة جدٌدة كانت فً انتظاره ‪ .‬وأوضحت‬
‫أنها بحثت عنه ألنها تعانً من فوبٌا ( ُرهّاب) ركوب الطابرات‪ .‬وقد قاطعها إرٌكسون‪ .‬دون أن ٌوضح‬
‫السبب ‪ ،‬طلب منها أن تخرج من المكتب ثم تعود إلٌه‪ .‬بدت متضاٌقة من هذا األمر لكنها امْ َت َثلت ‪ ،‬ثم قام‬
‫إرٌكسون بدراسة وتحلٌل طرٌقة ِمشٌتها عن كثب ‪ ،‬وكذلك طرٌقة جلوسها على الكرسً‪ .‬ثم عندها طلب‬
‫منها شرح مشكلتها‪.‬‬
‫قالت ‪" :‬زوجً ٌرٌدنً أن أسافر معه فً سبتمبر '' َخا ‪ِ -‬ر َج الببلد'' لكن لدي خوؾ قاتل من أن أكون‬
‫على متن طابرة ما‪".‬‬

‫‪71‬‬
‫قال لها إرٌكسون ‪ '' :‬سٌدتً‪ ،‬عندما ٌؤتً مرٌض ما إلى طبٌب نفسً ‪ ،‬ال ٌجب إخفاء جمٌع المعلومات‪.‬‬
‫ً‬
‫سإاال مزعجا‪ . . . .‬هل ٌعلم زوجك عن عبلقتك الؽرامٌة ؟ "‬ ‫فؤنا أعرؾ شٌبا عنك‪ .‬وسؤطرح علٌك‬
‫قالت باستؽراب ‪ " :‬ال‪ ،...‬لكن كٌؾ عرفت؟"‬
‫"إن لؽة جسدك هً من أخبرتنً"‪ .‬ثم شرح لها أثناء جلوسها كٌؾ تم تقاطع ساقٌها فً وضعٌة ضٌقة‬
‫للؽاٌة‪ ،‬و مع وجود قدم واحدة محشورة بالكامل حول الكاحل‪ .‬ومن خبلل تجربته‪ ،‬أن كل امرأة متزوجة و‬
‫لها عبلقة ؼرامٌة فإنها تؽلق جسدها بطرٌقة مماثلة‪ .‬وعندما بدأت التحدث عن مشكلتها فقد قالت بلهجة‬
‫مترددة و بوضوح '' َخا ‪ِ -‬ر َج الببلد'' " بدالً من "'' َخ ِ‬
‫ار َج الببلد'' " ‪ ،‬كما لو كانت تخجل من نفسها‪.‬‬
‫وأٌضا أشارت مِشٌتها إلى امرأة َشعرت بؤنها محاصرة داخل عبلقات معقدة‪ .‬وفً جلسات الحقة‪،‬‬
‫ضا‪ .‬حٌث قد طلب إرٌكسون من الزوجة أن تحضر حبٌبها‬ ‫أحضرت معها حبٌبها‪ ،‬والذي كان متزوج أٌ ً‬
‫لرإٌته ‪ ،‬وعندما جاءت ‪ ،‬جلست فً نفس الوضع المؽلق ‪ ،‬مع القدم أسفل الكاحل‪.‬‬
‫قال لها‪" :‬إذن فؤنت فً عبلقة ؼرامٌة"‪.‬‬
‫"نعم ‪ ،‬وهل أخبرك زوجً بذلك ؟‬
‫"ال'' ‪ ،‬لقد حصلت علٌها من لؽة جسدك‪ .‬واآلن أعرؾ لماذا زوجك ٌعانً من صداع مزمن "‪ .‬وفً ذلك‬
‫الحٌن بدأ فً معالجتهم ومساعدتهم فً الخروج من أوضاعهم المؽلقة والمإلمة‪.‬‬
‫وعلى مر السنٌن ‪ ،‬امتدت قوته على المبلحظة للعوامل التواصلٌة الؽٌر اللفظٌة و التً كانت ؼٌر‬
‫محسوسة بدقة تقرٌبا‪ .‬م ّكنه هذا من تحدٌد الحاالت الذهنٌة للناس من خبلل أنماط تنفسهم ‪ ،‬ومن خبلل‬
‫مُحاكات هذه األنماط بنفسه ‪ ،‬حٌث كان ٌقود المرٌض إلى نشوة ُم َن ِّو َمة وإلى خلق شعور باالرتباط‬
‫العمٌق‪ .‬وقد كان ٌستطٌع أن ٌقرأ الرسابل الخافتة و البلشعورٌة التً ٌصدرها الناس حٌث ألنهم ٌتكلمون‬
‫بكلمات أو أسماء بطرٌقة مربٌة على نحو ضبٌل‪ .‬وهذه هً الطرٌقة التً ٌمكن بها العرافون ‪ ،‬و الوسطاء‬
‫‪ ،‬وبعض السحرة كسب عٌشهم‪ .‬وقد كان ٌستطٌع معرفة متى تكون سكرتٌرته حابضة بسبب ِثقل كتابتها‪.‬‬
‫واستطاع أٌضا تخمٌن الخلفٌات المهنٌة لؤلشخاص من خبلل نوعٌة تشكٌلة أٌدٌهم ‪ ،‬وثقل خطواتهم ‪،‬‬
‫وطرٌقة إمالة رإوسهم ‪ ،‬وانحرافاتهم الصوتٌة‪ .‬بالنسبة لمرضاه وأصدقابه ‪ ،‬بدا األمر كما لو أن‬
‫إرٌكسون ٌمتلك قوى نفسٌة ‪ ،‬لكنهم كانوا ببساطة ؼٌر مدركٌن لمدى الوقت والصعوبة التً كان ٌدرس‬
‫بها ‪ ،‬ودرجة االتقان الذي اكتسب بها هذه اللؽة الثانٌة‪.‬‬

‫• • •‬

‫‪ ‬التفسٌر ً‬
‫بالنسبة لمٌلتون إرٌكسون ‪ ،‬فإن شلله المفاجا ح ّرره فً فتح عٌنٌه لٌس فقط على شكل مختلؾ من أشكال‬
‫التواصل ولكن أٌ ً‬
‫ضا على الطرٌقة المختلفة تمامًا فٌما ٌتعلق بالبشر‪ .‬عندما استمع إلى أخواته والتقط‬
‫معلومات جدٌدة عن تعبٌرات وجوههم ونبرات أصواتهم ‪ ،‬لم ٌسجل هذا فقط بؤحاسٌسه‪ ،‬ولكنه َشعر أٌ ً‬
‫ضا‬

‫‪72‬‬
‫أنه ٌعانً من بعض ما كان ٌدور فً أذهانهم‪ .‬فقد اضطر أن ٌتصور سبب قولهم لكلمة ''نعم'' ولكن هذا‬
‫التعبٌر حقا كان ٌعنً العكس ‪'' -‬ال''‪ ، -‬وفً هذه المرحلة اضطر فً أن ٌشعر ببعض رؼباتهم المتناقضة‪.‬‬
‫و أن ٌرى التوتر من خبلل أعناقهم وأن ٌُحا ِكٌها جسدًٌا داخل نفسه لفهم سبب عدم ارتٌاحهم المفاجا فً‬
‫حضوره‪ .‬وما اكتشفه هو كاالتً ‪ :‬أن التواصل الؽٌر اللفظً ال ٌمكن تجربته ببساطة من خبلل التفكٌر‬
‫وترجمة األفكار إلى كلمات ولكن ٌجب الشعور به جسدًٌا كؤن الشخص ٌتفاعل مع تعبٌرات الوجهٌة‬
‫والوضعٌات المؽلقة لؤلشخاص اآلخرٌن‪ .‬وهذا ٌُعتبر شكبل مختلفا من المعرفة ‪ ،‬حٌث ٌرتبط فً الجزء‬
‫الحٌوانً من طبٌعتنا‪ ،‬وٌشتمل على الخبلٌا العصبٌة ال ِمرآوٌة‪.‬‬
‫فً إتقانه هذه اللؽة ‪ ،‬اضطر لٌسترخً وٌتحكم وٌُسٌطر على رؼبته المستمرة فً التفسٌر بالكلمات أو‬
‫تصنٌؾ ما كان ٌراه ‪ .‬فقد اضطر إلى كبح ''تفكٌره الؽروري'' فً ما ٌرٌد قوله ‪ ،‬وبدالً من ذلك وجّ َه‬
‫انتباهه واهتمامه نحو الخارج أي نحو الشخص اآلخر ‪ ،‬متناؼمًا مع أمزجتهم المتؽٌرة كما هو ُم َبٌّن فً‬
‫ٌبعثها الناس‬‫ُ‬ ‫لؽة جسدهم‪ .‬وكما اكتشؾ ‪ ،‬أن هذا االهتمام قد َؼٌ َّرهُ‪ .‬جعله أكثر حٌوٌة لئلشارات التً‬
‫باستمرار وهذا حوّ له إلى ممثل اجتماعً مُتفوق ‪ ،‬قادرا على االتصال بحٌاة اآلخرٌن الداخلٌة وتطوٌر‬
‫عبلقات أفضل‪.‬‬
‫مع تقدم إرٌكسون فً هذا التحول الذاتً ‪ ،‬فقد الحظ أن معظم الناس ٌذهبون فً اتجاه معاكس ‪ -‬حٌث‬
‫ٌُصبحوا أنانٌٌن وؼافلٌن مع مرور السنٌن‪ .‬وقد كان ٌُحب تجمٌع بعض النوادر فً عمله و الذي ٌُش ّرح‬
‫فٌها هذا األمر‪ .‬وعلى سبٌل المثال ‪ ،‬ذات مرة طلب من مجموعة من المتدربٌن فً المستشفى حٌث كان‬
‫ٌعمل أن ٌراقبوا بصمت االمرأة المسنة المُم ّددة تحت فراشها فً سرٌر المستشفى حتى ٌتمكنوا من رإٌة‬
‫شٌ ًبا ما من شؤنه أن ٌشٌر إلى تشخٌص محتمل لحالتها وهً طرٌحة الفراش‪ .‬فقد راقبوها لمدة ثبلث‬
‫ساعات و دون جدوى ‪ ،‬ولم ٌبلحظ أي منهم الحقٌقة الواضحة المتمثلة فً أن ساقٌها مبتورتان ‪ .‬وذات‬
‫مرة أٌضا‪ ،‬كان هناك أشخاص قد حضروا ل ُدروسه العامة ؛ وتساءل الكثٌر منهم لماذا لم ٌستخدم‬
‫إرٌكسون هذا المإشر (عُكازه) ذي المظهر الؽرٌب الذي ٌحمله فً ٌده كجزء من عرضه التقدٌمً‪ .‬وقد‬
‫فشلوا فً مبلحظة أنه ٌعرُج وأنه بحاجة إلى عكازه‪ .‬كما رأى إرٌكسون أن قسوة الحٌاة تجعل معظم‬
‫الناس ٌتحولون نحو الداخل‪ .‬و لٌس لدٌهم مساحة ذهنٌة مُتبقٌة للمبلحظات البسٌطة لبلقتراب من اللؽة‬
‫الثانٌة إلى حد كبٌر‪.‬‬
‫افهم ًهذا‪ :‬نحن حٌوانات اجتماعٌة بارزة على هذا الكوكب‪ ،‬واعتما ًدا على قدرتنا على التواصل مع‬
‫اآلخرٌن من أجل بقابنا ونجاحنا‪ .‬فإن التقدٌرات تشٌر إلى أن أكثر من ‪ 64‬فً المابة من جمٌع االتصاالت‬
‫البشرٌة فهً ؼٌر لفظٌة‪ ،‬لكن الناس ٌلتقطون وٌستوعبون حوالً ‪ 4‬فً المابة فقط من هذه المعلومات‪.‬‬
‫وعوضا عن ذلك‪ ،‬فإن اهتمامنا االجتماعً تقرٌبًا ٌتم استٌعابه من خبلل ما ٌقوله الناس‪ ،‬والذي ٌنفعهم فً‬
‫أكثر األحٌان على إخفاء ما ٌفكرون فٌه وما ٌشعرون به ح ًقا‪ .‬وتخبرنا اإلشارات الؽٌر اللفظٌة بما ٌحاول‬
‫الناس التركٌز علٌه بكلماتهم وما هو ضمنً لرسالتهم‪ ،‬و الفروق الدقٌقة لتواصلهم‪ .‬وأٌضا فإن هذه‬
‫االشارات تخبرنا حقا بما ٌُخفونه بفعالٌة ‪ ،‬وبرؼباتهم الحقٌقٌة‪ .‬وتعكس بشكل فوري عواطؾ الناس‬
‫وأمزجتهم‪ .‬إن تفوٌت هذه المعلومات هً بمثابة العمل بشكل أعمى‪ ،‬وم َُع ّرض ألي سوء فهم ‪ ،‬ومن خبلل‬

‫‪73‬‬
‫عدم مبلحظة هذه اإلشارات فإنك ستفقد فرص ال حصر لها فً التؤثٌر على الناس فٌما ٌرٌدونه أو إلى ما‬
‫ٌحتاجون إلٌه ح ًقا‪.‬‬
‫مهمتك بسٌطة‪ :‬أوالً ‪ٌ ،‬جب علٌك أن تتعرؾ على حالة االستٌعاب الذاتً الخاص بك وما المقدار الذي‬
‫تبلحظه فعلًٌا‪ .‬بهذا الفهم ‪ ،‬سٌكون لدٌك حافز لتطوٌر مهارات المبلحظة‪ .‬ثانٌا ً ‪ ،‬كما فعل إرٌكسون ‪،‬‬
‫ٌجب علٌك أن تفهم الطبٌعة المختلفة لهذا النوع من التواصل (التواصل ؼٌر اللفظً)‪ .‬ألنه ٌتطلب منك‬
‫تحرٌر وفتح حواسك والتواصل مع الناس أكثر على المستوى الجسدي ‪ ،‬واستٌعاب طاقتهم الجسدٌة ولٌس‬
‫فقط كلماتهم ‪ .‬وال تبلحظ التعبٌرات الوجهٌة بمنتهى البساطة ‪ ،‬بل حاول أن ُتسجلها من الداخل ‪ ،‬بحٌث‬
‫ٌبقى االنطباع والتواصل معك ‪ .‬كلما كسبت قاموس أكبر من هذه اللؽة ‪ ،‬كلما تمكنت من ربط إٌماءة ما‬
‫بمشاعر محتملة‪ .‬ومع ارتفاع معدل حساسٌتك‪ ،‬ستبدأ فً مبلحظة المزٌد والمزٌد عما كان ٌؽٌب عنك‪.‬‬
‫وعلى نفس القدر من األهمٌة ‪ ،‬ستكتشؾ طرٌقة جدٌدة وأعمق لبلرتباط بالناس وبزٌادة القوة االجتماعٌة‬
‫التً ستتوفر لك‪.‬‬

‫ساااتكون داب ًماااا فرٌساااة أو ألعوباااة للشاااٌاطٌن والمؽفلاااٌن فاااً هاااذا العاااالم إذا كنااات تتوقاااع رإٌاااتهم ٌساااٌرون‬
‫ِبقُااارون أو ٌهااازون بؤجراساااهم‪ ...‬وهاااذا ٌنبؽاااً أن ٌإخاااذ فاااً االعتباااار عناااد اتصاااالهم بااااآلخرٌن ‪ ،‬فاااإن‬
‫النااااس ٌشااابهون القمااار‪ :‬إنهااام ٌُظهااارون لاااك جان ًباااا واحا ًاادا فقاااط مااان جاااوانبهم‪ .‬وكااال رجااال لدٌاااه موهباااة‬
‫فطرٌااة ‪ . . .‬لٌصاانع قناعً ااا ماان مبلمااح وجهااه ‪ ،‬حتااى ٌااتمكن دابمًااا ماان الظهااور بااالمظهر الااذي ٌ ّدعٌااه‪.‬‬
‫‪ . .‬وإن تاااؤثٌره خاااادع للؽاٌاااة‪ .‬وٌرتااادي قناعاااه كلماااا كاااان هدفاااه ٌُثناااً علاااى نفساااه نحاااو الااارأي الجٌاااد‬
‫لشخص ما ؛ وقد ُتولً اهتماما بنفس القدر كما لو كان األمر مصنوعا من الشمع أو الكرتون‪.‬‬

‫آرثرًشوبنهاور‬ ‫‪-‬‬

‫‪ ‬مفاتٌحًالطبٌعةًالبشرٌة‬
‫نحن البشر مُمثلون بارعون‪ .‬حٌث نتعلم فً سن مبكرة كٌفٌة الحصول على ما نرٌده من آبابنا من خبلل‬
‫وضع مظاهر وتعبٌرات معٌنة تثٌر التعاطؾ أو المودة‪ .‬ونتعلم أٌضا كٌفٌة إخفاء عن آبابنا أو أشقابنا ما‬
‫نفكر فٌه أو ما نشعر به بالضبط‪ ،‬فهذا فقط لحماٌة أنفسنا فً لحظات الضعؾ‪ .‬فنحن نجٌد مدح أولبك‬
‫الذٌن من المهم والجٌد كسبهم والفوز بهم ‪ -‬كاألساتذة و ال ُنظراء المشهورٌن‪ .‬و نتعلم أٌضا كٌفٌة االندماج‬
‫داخل المجموعة من خبلل ارتداء نفس طرٌقة لباسهم والتحدث بنفس لؽتهم‪ .‬و كلما تقدمنا فً السن نسعى‬
‫جاهدٌن فً إقامة حٌاة مهنٌة جٌدة‪ ،‬حٌث نتعلم كٌفٌة إنشاء واجهة مناسبة من أجل التوظٌؾ والتوافق مع‬
‫ثقافة المجموعة‪ .‬وإذا أصبحنا مسإولٌن تنفٌذٌٌن أو أساتذة أو ُن َدالَء ‪ ،‬فسنضطر إلى أن نتصرؾ على هذا‬
‫النحو من جانبنا‪.‬‬
‫صا ال ٌطور أب ًدا هذه المهارات التمثٌلٌة‪ ،‬حٌث ٌقوم بتقطٌب وجهه على الفور عندما تقول شٌبا‬‫تخٌل شخ ً‬
‫ٌكرهه‪ ،‬و عندما تفشل فً الترفٌه عنه فإنه سٌُظهر لك تعبٌرا عن التثاإب‪ ،‬أو شخصا ٌُع ّبر دابما عن رأٌه‬

‫‪74‬‬
‫‪ ،‬وٌتصرؾ بطرٌقته الخاصة فً أفكاره وأسلوبه ‪ ،‬أو شخصا ٌتصرؾ بنفس األسلوب سواء كان ٌتحدث‬
‫إلى ربٌسه أو إلى طفله ‪ ،‬وأنت الزلت تتخٌل الشخص الذي ستتجنبه ‪ ،‬أو السخرٌة منه أو احتقاره‪.‬‬
‫نحن جمٌ ًعا مُمثلون بارعون والذي لٌس لنا به دراٌة أو علم عندما نقوم بها تلقابٌا‪ .‬نتصور دابما على أننا‬
‫صادقون فً لقاءاتنا االجتماعٌة ‪ ،‬حٌث سٌُخبرك أي ممثل بارع على أنه (الصدق) سِ ّر وراء كل‬
‫التصرفات التمثٌلٌة المإمنة والصادقة حقا‪ .‬وجمٌعا نحمل هذه المهارات كؤمر مسلم به‪ ،‬و لرإٌتها فً حٌز‬
‫العمل ‪ ،‬حاول أن تنظر إلى نفسك وأنت تتفاعل مع مختلؾ أفراد عابلتك ومع ربٌسك وزمبلبك فً العمل‪.‬‬
‫سترى نفسك تؽٌر بمهارة ما تقوله ‪ ،‬وبما فً ذلك‪ ،‬نبرة صوتك ‪ ،‬وسلوكٌاتك ‪ ،‬ولؽة جسدك بالكامل ‪،‬‬
‫لتناسب كل فرد وكل موقؾ‪ .‬بالنسبة لؤلشخاص الذٌن تحاول التؤثٌر علٌهم ‪ ،‬فؤنت ترتدي وجهًا مختل ًفا‬
‫كثٌرً ا لؤلشخاص الذٌن تعرفهم وبهذا ٌُمكن أن تخفؾ من حذرك‪ .‬فؤنت تفعل هذا تقرٌبا دون تفكٌر أو‬
‫وعً‪.‬‬
‫على مر القرون ‪ ،‬فوجا العدٌد من الكتاب والمفكرٌن الذٌن ٌنظرون إلى البشر من منظور خارجً‬
‫بالجودة المسرحٌة للحٌاة االجتماعٌة‪ .‬و االقتباس األكثر شهرة للتعبٌر عن هذا ٌؤتً من شكسبٌر حٌث قال‬
‫‪" :‬العالم بؤكمله عبارة عن مسرحٌة ‪ ،‬وجمٌع الرجال والنساء مجرد مُمثلٌن؛ لدٌهم مداخلهم و مخارجهم‪،‬‬
‫و ٌلعب كل شخص دوره فً وقته المحدد''‪ .‬إذا كان المسرح والمُمثلون ٌُمثلون على نحو تقلٌدي على‬
‫شكل أدوار مُحددة ‪ ،‬فإن ال ُك َتاب ‪ -‬مثل شكسبٌر ٌشٌرون إلى أننا جمٌ ًعا نرتدي أقنعة باستمرار‪ .‬وبعض‬
‫الناس ٌكونون ممثلون أفضل من اآلخرٌن‪ .‬فإن األنواع الشرٌرة مثل ''ٌاؼو'' فً مسرحٌة ''عطٌل'' قادرة‬
‫على إخفاء نواٌاها العدابٌة وراء ابتسامة ودٌة حمٌدة‪ .‬وآخرون قادرون على التصرؾ بثقة وإعجاب ‪-‬‬
‫ؼالبا ما ٌصبحون قادة‪ .‬وٌمكن لؤلشخاص ذوي المهارات التمثٌلٌة البارعة التنقل بشكل أفضل فً البٌبات‬
‫االجتماعٌة المعقدة والمضً قدمًا‪.‬‬
‫على الرؼم من أننا جمٌ ًعا ممثلون متخصصون ‪ ،‬إال أننا فً نفس الوقت نختبر سراً هذه الحاجة فً‬
‫التصرؾ ولعب دور ما بوصفه عببا علٌنا‪ .‬فنحن أنجح الحٌوانات االجتماعٌة على هذا الكوكب‪ .‬على‬
‫مدى مبات اآلالؾ من السنٌن ‪ ،‬لم ٌكن بإمكان أسبلفنا من الصٌادٌن الجامعٌن فً البقاء على قٌد الحٌاة إال‬
‫من خبلل التواصل المستمر مع بعضهم البعض عن طرٌق اإلشارات الؽٌر اللفظٌة‪ .‬وقد تم تطوٌر‬
‫االشارات الؽٌر اللفظٌة على مدار الزمن ‪ ،‬قبل اختراع اللؽة ‪ ،‬وهكذا أصبح وجه اإلنسان ُمعبّرً ا ج ًدا ‪،‬‬
‫وإٌماءاته متقنة للؽاٌة‪ .‬وهذا قد وُ لِد بعمق فً داخلنا‪ .‬وأصبحت لدٌنا رؼبة مستمرة فً إٌصال مشاعرنا ‪،‬‬
‫لكن فً نفس الوقت نحتاج إلخفابها من أجل األداء االجتماعً السلٌم‪ .‬وبهذه القوى المضادة التً َت َتقاتل‬
‫بداخلنا ‪ ،‬ال ٌمكننا التحكم بالكامل فً ما نتواصل‪ .‬حٌث تظهر مشاعرنا الحقٌقٌة باستمرار من خبلل‬
‫ٌن على االهتمام‬ ‫ُدر ِب َ‬
‫إٌماءاتنا ‪ ،‬ونبرات أصواتنا‪ ،‬وتعابٌرنا الوجهٌة ‪ ،‬ومواقفنا‪ .‬ومع ذلك ‪ ،‬فنحن لسنا م َ‬
‫باإلشارات الؽٌر اللفظٌة لدى الناس‪ .‬من خبلل العادة السابدة‪ ،‬فإننا نركز على الكلمات التً ٌقولها الناس‪،‬‬
‫ضا فً ما سنقوله بعد ذلك‪ .‬وما ٌعنٌه هذا هو أننا نستخدم نسبة ضبٌلة فقط من المهارات‬ ‫بٌنما نفكر أٌ ً‬
‫االجتماعٌة الممكنة التً نمتلكها جمٌ ًعا‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫تخٌل ‪ ،‬على سبٌل المثال ‪ ،‬المحادثات مع األشخاص الذٌن قابلتهم مإخرً ا‪ .‬ومن خبلل االنتباه عن كثب‬
‫إلى اإلشارات الؽٌر اللفظٌة التً تنبعث منهم ‪ٌ ،‬مكنك التقاط مزاجهم ومُحاكات هذه الحالة المزاجٌة التً‬
‫لدٌهم ‪ ،‬وجعلهم ٌسترخون دون وعً فً وجودك‪ .‬مع التقدم فً هذه المحادثة ‪ ،‬تستطٌع التقاط إشارات‬
‫على استجاباتهم إلٌماءاتك ومُحاكاتها‪ ،‬مما ٌمنحك حرٌة للمضً قدمًا وتعمٌق السحر‪ .‬وبهذه الطرٌقة‪،‬‬
‫ٌمكنك بناء عبلقة وكسب حلٌؾ قٌم‪ .‬على النقٌض من هذا ‪ ،‬تخٌل األشخاص الذٌن ٌكشفون على الفور‬
‫تقرٌبًا عن عبلمات العداء تجاهك‪ .‬وبإمكانك أن ترى من خبلل ابتساماتهم الضٌقة والمزٌفة فً التقاط‬
‫ومضات من الؽضب التً تكون على وجوههم وعبلمات االنزعاج الخفٌة فً وجودك‪ .‬وبتسجٌل كل هذا‬
‫فور حدوثه ‪ٌ ،‬مكنك بعد ذلك االنسحاب بؤدب من هذا التفاعل لكونك حذرا منهم ‪ ،‬ثم ابحث عن مزٌد من‬
‫العبلمات التً تدل على النواٌا العدابٌة‪ .‬ربما تكون قد أنقذت نفسك من معركة ؼٌر ضرورٌة أو من‬
‫أعمال تخرٌبٌة قبٌحة‪.‬‬
‫مهمتك كدارس للطبٌعة البشرٌة ذات شقٌن‪ :‬أوالً ‪ٌ ،‬جب أن تفهم وتقبل الصفة المسرحٌة للحٌاة‪ .‬أنت ال‬
‫تضفً طاب ًعا أخبلقًٌا على لعب األدوار وارتداء األقنعة أمرً ا ضرورًٌا للؽاٌة لضمان سبلسة األداء‬
‫االجتماعً‪ .‬فً الحقٌقة ‪ ،‬هدفك هو لعب دورك فً مسرحٌة الحٌاة بمهارة بارزة ‪ ،‬وجذب االنتباه‬
‫واالهتمام ‪ ،‬والسٌطرة على األنظار باتجاهك ‪ ،‬وجعل نفسك بطبلً متعاطفا أو بطلة متعاطفة‪ .‬ثانٌا ً ‪ٌ ،‬جب‬
‫أال تكون ساذجا ً ومُخطبا فً مظاهر الناس للواقع‪ .‬فؤنت لست أعمى بالمهارات التمثٌلٌة التً ٌقوم بها‬
‫الناس‪ٌ .‬مكنك تحوٌل نفسك إلى وحدة فك ترمٌز ربٌسٌة لمشاعرهم الحقٌقٌة ‪ ،‬والعمل على مهارات‬
‫المبلحظة الخاصة بك وممارستها قدر اإلمكان فً الحٌاة الٌومٌة‪.‬‬
‫ولهذه األؼراض ًإذاً ‪ ،‬هناك ثبلثة جوانب لهذا القانون الخاص ‪َ :‬فهم كٌفٌة مراقبة الناس ؛ و تعلم بعض‬
‫المفاتٌح األساسٌة لفك ترمٌز االتصال الؽٌر اللفظً ؛ وإتقان فن بما ٌسمى إدارة االنطباع ‪ ،‬ولعب دورك‬
‫إلى أقصى حد من التؤثٌر‪.‬‬
‫مهاراتًالمالحظة‬
‫ً‬
‫أطفاال ‪ ،‬كنا جمٌ ًعا تقرٌبًا أعظم مراقبٌن للبشر‪ .‬نظرً ا ألننا كنا صؽارً ا وضعفاء ‪ ،‬فقد اعتمد‬ ‫عندما كنا‬
‫صدِمْ نا ؼالبًا بؤنماط المشً الخاصة بالبالؽٌن‬
‫بقاءنا على فك رموز ابتسامات الناس ونؽمات أصواتهم‪ .‬وقد ُ‬
‫‪ ،‬وبابتساماتهم المبالػ فٌها وتصرفاتهم المتؤثرة‪ .‬ونحن نقلدهم فقط للمتعة‪ .‬مك ّننا هذا بالشعور من أن الفرد‬
‫كان مُهددا بشًء ما عن طرٌق لؽة جسده\ها‪ .‬هذا هو السبب فً أن األطفال مصدر ازعاج للكذابٌن‬
‫المتؤصلٌن والفنانٌن المحتالٌن والسحرة واألشخاص المُنافقٌن‪ٌ .‬رى األطفال بسرعة من خبلل واجهتهم‪.‬‬
‫وببطء ‪ ،‬فً سن الخامسة وما بعدها ‪ُ ،‬تفقد هذه الحساسٌة عندما نبدأ فً التحول إلى الداخل ونصبح أكثر‬
‫اهتمامًا بكٌفٌة رإٌة اآلخرٌن لنا‪.‬‬
‫ٌجب أن تدرك أن األمر ال ٌتعلق باكتساب المهارات التً ال تمتلكها ‪ ،‬بل ٌجب علٌك إعادة اكتشاؾ تلك‬
‫المهارات التً اكتسبتها ذات مرة فً السنوات األولى‪ .‬هذا ٌعنً عكس عملٌة االنهماك الذاتً (األنانٌة‬
‫الذاتٌة) ببطء واستعادة وجهة النظر والفضول الموجهٌن نحو الخارج التً كانت لدٌك أثناء طفولتك‪.‬‬

‫‪76‬‬
‫كما هو الحال مع أي مهارة ‪ ،‬فإن هذا ٌتطلب القلٌل من الصبر‪ .‬ما تقوم به هو عملٌة تجدٌد وتهٌبة عقلك‬
‫ببطء من خبلل الممارسة ‪ ،‬ورسم اتصاالت عصبٌة الجدٌدة‪ .‬فً البداٌة ال ٌجب علٌك أن تفرط فً شحن‬
‫الكثٌر من المعلومات ‪ .‬فؤنت تحتاج إلى اتخاذ خطوات التً ٌبدأ بها الطفل ‪ ،‬أن تراقب بشكل ضبٌل ولكن‬
‫بشكل ٌومً ‪ .‬عند محادثة عفوٌة مع شخص ما ‪ ،‬اعطِ لنفسك هدؾ مبلحظة تعبٌر أو تعبٌرات وجهٌة‬
‫ٌبدو أنها تتعارض مع ما ٌقوله الشخص أو تشٌر إلى بعض المعلومات اإلضافٌة‪ .‬احترس من التعبٌرات‬
‫الدقٌقة ‪ ،‬أو الومضات السرٌعة فً توترات الوجه ‪ ،‬أو االبتسامات المُتكلفة (انظر القسم التالً لمعرفة‬
‫المزٌد عن هذا)‪ .‬بمجرد أن تنجح فً هذا التمرٌن البسٌط مع شخص واحد ‪ ،‬جربه مع شخص آخر ‪،‬‬
‫وبالتركٌز دابمًا على الوجه‪ .‬وبمجرد أن تجد أنه من السهل علٌك مبلحظة اإلشارات من الوجه ‪ ،‬حاول‬
‫إجراء مبلحظة مشابهة حول صوت الفرد‪ ،‬راقب أي تؽٌرات فً االهتزاز أو سرعة الحدٌث‪ .‬حٌث ٌدل‬
‫الصوت كثٌرً ا عن مستوى ثقة الناس وقناعتهم‪ .‬بعد استخراج عناصر من لؽة الجسد ‪ -‬مثل السلوك ‪،‬‬
‫وإٌماءات الٌد ‪ ،‬ووضع األرجل‪ .‬اجعل هذه التمارٌن بسٌطة ‪ ،‬مع أهداؾ بسٌطة‪ .‬واكتب أي مبلحظات ‪،‬‬
‫خاصة األنماط التً تبلحظها‪.‬‬
‫أثناء ممارستك لهذه التمارٌن‪ٌ ،‬جب أن تكون مرتاحً ا ومنفتحً ا على ما تراه‪ ،‬ال أن تدافع عن الشًء لتفسٌر‬
‫مبلحظاتك بالكلمات‪ٌ .‬جب أن تنخرط فً المحادثة أقل أثناء التحدث ‪ ،‬ومحاولة جعلهم ٌتحدثون أكثر‪.‬‬
‫وحاول أن ُتحاكٌهم‪ ،‬وإبداء تعلٌقات تستهوي بها شٌبا قالوه وأظهر لهم أنك تستمع إلٌهم‪ .‬حٌث سٌكون لهذا‬
‫تؤثٌرً ا مُرٌحا علٌهم وسٌرؼبون فً التحدث أكثر ‪ ،‬مما ٌجعلهم ٌُظهرون أكثر اإلشارات الؽٌر اللفظٌة‪ .‬لكن‬
‫مراقبة الناس ٌجب أال تكون واضحة أب ًدا‪ .‬الشعور بك بكونك مدققا‪ ،‬سٌجعل الناس ٌَقومون برد فعل‬
‫التجمد وسٌ ُْخفُون تعبٌراتهم وٌحاولون التحكم بها‪ .‬فإن الكثٌر من االتصال المباشر بالعٌن سٌفضح سِ رّك‪.‬‬
‫ٌجب أن تبدو طبٌعًٌا ومُهتما ‪ ،‬وذلك باستخدام نظرات محٌطٌة سرٌعة فقط لمبلحظة أي تؽ ٌُّرات فً الوجه‬
‫أو الصوت أو الجسم‪.‬‬
‫عند مراقبة أي شخص معٌن خبلل مدة زمنٌة ‪ ،‬فؤنت تحتاج إلى تؤسٌس تعبٌراتهم وأمزجتهم المعٌارٌة‬
‫والمعتادة لدٌهم ‪ .‬حٌث بعض الناس ٌكونون هادبٌن ومُحافظٌن بشكل طبٌعً ‪ ،‬حٌث تعبٌرات وجوههم‬
‫تكشؾ عن ذلك‪ .‬و بعضهم ٌكون أكثر حٌوٌة ونشاط ‪ ،‬بٌنما ال ٌزال البعض اآلخر ٌرتدي مظهرً ا مُقلقا ً‬
‫بشكل مستمر‪ .‬وبإدراكك السلوكٌات المعتادة لدى شخص ما ‪ ،‬فسٌمكنك هذا من إٌبلء المزٌد من االهتمام‬
‫ألي انحرافات فً سلوكٌاتهم ‪ -‬على سبٌل المثال ‪ ،‬الحٌوٌة المفاجبة التً تظهر فً شخص مُتحفظ بشكل‬
‫عام ‪ ،‬أو المظهر المرٌح الذي ٌظهر فً الشخص العصبً ‪ .‬و بمجرد أن تعرؾ الخط األساسً لشخص‬
‫ما ‪ ،‬فسٌكون من السهل علٌك رإٌة عبلمات التشاإم أو الضٌق فٌهم‪ .‬كان ''مارك أنتونً'' الرومانً القدٌم‬
‫صا مرحً ا ‪ ،‬وقد كان دابمًا ٌبتسم وٌضحك وٌسخر من الناس‪ .‬لكن عندما تحول فجؤة إلى‬ ‫بطبٌعته شخ ً‬
‫شخص صامت و كبٌب فً اجتماعاتهم بعد اؼتٌال ٌولٌوس القٌصر ‪ ،‬أدرك ''أوكتا فٌوس'' المنافس وال ّند‬
‫ألنتونً (أواخر أؼسطس)‪ ،‬أنه ٌُخطط لشًء ما وأن لدٌه نواٌا عدابٌة‪.‬‬
‫عندما ٌتعلق األمر بالتعبٌر المعٌاري األساسً ‪ ،‬حاول مراقبة نفس الشخص فً بٌبات مختلفة ‪ ،‬والحظ‬
‫كٌؾ تتؽٌر اإلشارات الؽٌر اللفظٌة عندما ٌكون ٌتحدث إلى قرٌنه أو ربٌسه أو موظفه‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫بالنسبة إلى تمرٌن آخر ‪ ،‬حاول مراقبة األشخاص الذٌن على وشك القٌام بشًء مثٌر ‪ -‬كرحلة إلى مكان‬
‫جذاب ‪ ،‬أو موعد مع شخص ما كانوا ٌسعون إلٌه ‪ ،‬أو أي حدث حٌث تكمن فٌها توقعاتهم الكبٌرة بشؤنه‪.‬‬
‫الحظ وراقب مظاهر التوقع لدٌهم‪ ،‬وكٌفٌة تفتح العٌنان بشكل أوسع وبقابها هناك ‪ ،‬وطرٌقة توهج الوجه‬
‫وحٌوٌته بشكل عام ‪ ،‬وطرٌقة ابتسامتهم الخفٌفة على شفاههم عندما ٌفكرون فً ما سٌحدث‪ .‬قارن هذا مع‬
‫التوتر الذي ٌظهره شخص على وشك إجراء اختبار أو الذهاب إلى مقابلة عمل‪ .‬فبهذا تزٌد من مفرداتك‬
‫عندما ٌتعلق األمر بربط العواطؾ وتعبٌرات الوجه‪.‬‬
‫انتبه جٌ ًدا ألي نوع من اإلشارات المختلطة التً تلتقطها‪ :‬قد ٌعترؾ شخص ما بحب فكرتك ‪ ،‬لكن وجهه‬
‫قد ٌظهر توتراً ونؽمة فً صوته جد متكلفة ؛ أوقد ٌهنبونك على ترقٌتك ‪ ،‬لكن ابتسامتهم تبدو مُجبرة و‬
‫التعبٌر حزٌن‪ .‬هذه اإلشارات المختلطة شابعة ج ًدا‪ٌ .‬مكن أن تنطوي أٌضا على أجزاء مختلفة من الجسم‪.‬‬
‫فً رواٌة "السُّفراء" لهنري جٌمس ‪ٌ ،‬بلحظ الراوي أن المرأة التً زارته كانت تبتسم له خبلل المحادثة‬
‫ولكنها كانت تحمل مظلة كبٌرة وسط جو من التوتر‪ .‬فقط من خبلل مبلحظته هذا أمكنه من أن ٌشعر‬
‫بمزاجها الحقٌقً ‪ -‬أي بعدم راحتها‪ .‬وباإلشارات المختلطة ‪ ،‬علٌك أن تدرك أن الجزء األكبر من‬
‫التواصل ؼٌر اللفظً ٌنطوي على تسرب فً المشاعر السلبٌة ‪ ،‬وأنك بحاجة إلى إعطاء وزن أكبر‬
‫لئلشارة السلبٌة كداللة على مشاعر الشخص الحقٌقٌة‪ .‬و فً مرحلة ما ‪ٌ ،‬مكنك بعد ذلك أن تسؤل نفسك‬
‫لماذا قد ٌشعرون بالحزن أو الكراهٌة‪.‬‬
‫لتتخذ المزٌد من الممارسة بشكل أبعد من هذا ‪ ،‬حاول ممارسة تمارٌن مختلفة‪ .‬اجلس فً مقهى أو فً‬
‫بعض األماكن العامة ‪ ،‬وبدون االضطرار إلى المشاركة فً محادثة ‪ ،‬فقط راقب األشخاص من حولك‪ .‬و‬
‫استمع إلى محادثاتهم وابحث عن تلمٌحات صوتٌة‪ .‬والحظ أنماط المشً ولؽة الجسد العامة الخاصة بهم‪.‬‬
‫اكتب مبلحظاتك إذا كان ذلك ممكنا‪ .‬كلما تحسنت فً هذا ‪ ،‬كلما أصبحت قادرا على محاولة تخمٌن مهنة‬
‫الناس حسب اإلشارات التً تلتقطها ‪ ،‬أو شًء ما عن شخصٌاتهم من لؽة جسدهم‪ .‬وٌجب أن تكون‬
‫بالنسبة لك لعبة ممتعة‪.‬‬
‫مع تقدمك فً هذا‪ ،‬ستصبح قادرً ا على تقسٌم انتباهك بسهولة أكبر – أي االستماع بانتباه إلى ما ٌقوله‬
‫ضا مُدر ًكا لئلشارات التً لم تبلح ِْظها‬
‫ضا مع مراعاة اإلشارات الؽٌر اللفظٌة‪ .‬و ستصبح أٌ ً‬
‫الناس‪ ،‬ولكن أٌ ً‬
‫من قبل ‪ ،‬وس ُتوسِّع مفرداتك باستمرار‪ .‬وتذكر أن كل ما ٌفعله الناس هو عبلمة من نوع ما ؛ وال توجد‬
‫إشارة إال و نتواصل بها‪ .‬وستهتم بسلوكٌات الناس الصامتة‪ ،‬ونوعٌة المبلبس التً ٌرتدونها‪ ،‬وطرٌقة‬
‫ترتٌب األشٌاء على مكتبهم ‪ ،‬وأنماط تنفسهم ‪ ،‬وشكل التوترات فً أجزاء من بعض عضبلتهم (خاصة فً‬
‫الرقبة) ‪ ،‬والرسابل الضمنٌة خبلل محادثاتهم ‪ -‬ما ال ٌقال و ما هو ضمنً‪ .‬وكل هذه االكتشافات ٌجب أن‬
‫تثٌرك وتدفعك للمضً قدمًا‪.‬‬
‫خبلل ممارستك لهذه المهارة‪ٌ ،‬جب أن تكون على دراٌة ببعض األخطاء الشابعة التً قد تقع فٌها‪ .‬وهً‬
‫أن الكلمات ُت َع ِّبر عن َمعلومات مُباشِ رة‪ .‬وٌمكننا مناقشة ما ٌعنٌه الناس عندما ٌقولون شٌ ًبا ما ‪ ،‬لكن‬
‫ضا وؼٌر مباشرة‪ .‬وال ٌوجد‬ ‫التفسٌرات تكون محدودة إلى حد ما‪ .‬واإلشارات الؽٌر اللفظٌة فهً أكثر ؼمو ً‬

‫‪78‬‬
‫قاموس ٌخبرك ماذا تعنً هذه اإلشارة أو ذاك‪ .‬فذلك ٌعتمد على الفرد وعلى السٌاق الذي ٌكون فٌه‪ .‬إذا لم‬
‫صا ‪ ،‬فستقوم بتجمٌع اإلشارات ولكنك ستفسرها بسرعة لتتناسب مع تحٌزاتك العاطفٌة تجاه‬ ‫تكن حرٌ ً‬
‫صا ال ٌعجبك‬ ‫ضا‪ .‬إذا كنت تراقب شخ ً‬ ‫الناس ‪ ،‬مما ٌجعل مبلحظاتك ؼٌر مُجدٌة فحسب بل و خطرة أٌ ً‬
‫بشكل طبٌعً ‪ ،‬أو ٌُ َذ ِّكرك بشخص بؽٌض فً ماضٌك ‪ ،‬فستمٌل إلى رإٌة أي إشارة تقرٌبًا كإشارة ؼٌر‬
‫ودٌة أو عدابٌة‪ .‬وستقوم بالعكس كذلك بالنسبة لؤلشخاص الذٌن تحبهم‪ .‬و فً هذه التمارٌن ٌجب أن تسعى‬
‫جاهدا لطرح تفضٌبلتك الشخصٌة وتحٌزاتك تجاه الناس‪.‬‬
‫ٌرتبط هذا بما ٌعرؾ باسم ''خطؤ عطٌل''‪ .‬حٌث فً مسرحٌة ''عطٌل'' لشكسبٌر ‪ ،‬والشخصٌة الربٌسٌة ‪،‬‬
‫''عطٌل'' ‪ ،‬افترض أن زوجته ‪'' ،‬دٌسمونا'' ‪ ،‬مُذنبة ِبالزنا بنا ًء على ردها العصبً عندما ُس ِبلَت عن بعض‬
‫األدلة‪ .‬وفً الحقٌقة ‪ ،‬فإن دٌسمونا برٌبة ‪ ،‬ولكن الطبٌعة العنٌفة التً ٌعانً منها عطٌل وأسبلته المخٌفة‬
‫َجعلتها عصبٌة ‪ ،‬وهو ما َفسَّره كدلٌل على ذنبها‪ .‬وما ٌحدث فً مثل هذه الحاالت هو أننا نلتقط إشارات‬
‫عاطفٌة معٌنة من الشخص اآلخر ‪ -‬كالعصبٌة ‪ ،‬وعلى سبٌل المثال ‪ -‬نفترض أنها تؤتً من مصدر معٌن‪.‬‬
‫نسارع إلى التفسٌر األول الذي ٌناسب ما نرٌد رإٌته‪ .‬لكن العصبٌة ٌمكن أن تكون لها عدة تفسٌرات ‪،‬‬
‫وٌمكن أن تكون ردة فعل مإقتة على استجوابنا أو على الظروؾ الشاملة‪ .‬والخطؤ لٌس فً الرصد‬
‫والمبلحظة فالخطؤ ٌكمن فً طرٌقة فك رموزها‪.‬‬
‫فً عام ‪ ، 1882‬قُبض على ''ألفرٌد درٌفوس'' ‪ ،‬وهو ضابط عسكري فرنسً ‪ ،‬مذنبا ألنه نقل أسرارً ا إلى‬
‫األلمان‪ .‬وقد كان درٌفوس ٌهود ًٌا ‪ ،‬وكان لدى الكثٌر من الفرنسٌٌن فً ذلك الوقت مشاعر معادٌة للسامٌة‪.‬‬
‫وعندما ظهر درٌفوس ألول مرة أمام الجمهور الستجوابه ‪ ،‬أجاب بنبرة هادبة وفعالة وقد كانت جزءًا من‬
‫ضا نتٌجة لمحاولته فً كبح عصبٌته‪ .‬وقد افترض معظم الجمهور أن الرجل‬ ‫تدرٌبه كبٌروقراطً وكان أٌ ً‬
‫البريء سٌحتج بصوت عال‪ .‬وكانوا ٌنظرون إلى سلوكه كعبلمة على ذنبه‪.‬‬
‫ضع فً اعتبارك أن األشخاص من ثقافات متنوعة سٌبحثون عن أشكال السلوكٌات المختلفة المقبولة‪.‬‬
‫المعروفة باسم قواعد العرض‪ .‬وفً بعض الثقافات ‪ٌ ،‬كون الناس مشروطٌن باالبتسام بدرجة أقل أو‬
‫باللمس أكثر‪ .‬أو أن لؽتهم تشمل التركٌز الكبٌر على االهتزازات الصوتٌة‪ .‬ودابما ضع فً اعتبارك‬
‫الخلفٌة الثقافٌة للناس ‪ ،‬و َفسّر اإلشارات وفقا لذلك‪.‬‬
‫كجزء من ممارستك ‪ ،‬حاول مراقبة نفسك أٌضً ا‪ .‬والحظ عدد المرات التً تمٌل فٌها إلى وضع ابتسامة‬
‫مزٌفة ‪ ،‬أو كٌؾ ٌقوم جسمك بالتؤثر بالعصبٌة ‪ -‬سواء فً صوتك ‪ ،‬وطقطقة أصابعك ‪ ،‬أو تحسسك‬
‫لشعرك ‪ ،‬أو عند ارتعاش شفتٌك ‪ ،‬وما إلى ذلك‪ .‬إن إدراكك الفعلً لسلوكك الؽٌر اللفظً سٌجعلك أكثر‬
‫حساسٌة وأكثر تنبٌهًا إلشارات اآلخرٌن‪ .‬وستكون أكثر قدرة على تخٌل العواطؾ التً تتمشى مع أي‬
‫ضا على قدر أكبر من التحكم فً سلوكك الؽٌر اللفظً ‪ ،‬وهو شًء قٌم للؽاٌة للعب‬ ‫إشارة‪ .‬وستحصل أٌ ً‬
‫الدور االجتماعً الصحٌح (انظر القسم األخٌر من هذا الفصل)‪.‬‬
‫وأخٌرً ا‪ ،‬عند تطوٌر مهارات المبلحظة ‪ ،‬ستبلحظ حدوث تؽٌٌر مادي فً نفسك وفً عبلقتك باألشخاص‪.‬‬
‫وستصبح حسا ًسا بشكل متزاٌد تجاه الحالة المزاجٌة للناس وتوقعهم كما لو أنك تشعر ما بداخلهم‪ .‬فإذا‬

‫‪79‬‬
‫أخذت هذه القُدرات إلى حد بعٌد ‪ ،‬فٌمكنها أن تجعلك تبدو كوسٌط روحً تقرٌبًا أو عارؾ بالنفس البشرٌة‬
‫‪ ،‬كما كان األمر مع مٌلتون إرٌكسون‪.‬‬

‫مفاتٌحًفكًالرموز ً‬
‫تذكر هذا‪ :‬إن الناس ٌحاولون عمومًا تقدٌم أفضل واجهة ممكنة للعالم‪ .‬وهذا ٌعنً إخفاء مشاعرهم العِدابٌة‬
‫المحتملة ‪ ،‬وإخفاء رؼبتهم فً السلطة أو التفوق ‪ ،‬وإخفاء محاوالتهم للتزلُّؾِ والتملُق ‪ ،‬وإخفاء أٌضا‬
‫صرؾ انتباهك عن الواقع‪ ،‬واللعب‬ ‫انعدام األمان الخاص بهم‪ .‬وسٌستخدمون الكلمات إلخفاء مشاعرهم و َ‬
‫ضا بعض تعبٌرات الوجه التً ٌسهل ارتداإها والتً‬ ‫على التثبٌت الشفهً لدى الناس‪ .‬وسٌستخدمون أٌ ً‬
‫ٌفترضها األشخاص أنها تدل على الود‪ .‬ومهمتك هً النظر إلى ما وراء االنحرافات وإدراك تلك‬
‫العبلمات التً تتسرب تلقابًٌا ‪ ،‬والتً تكشؾ عن شًء من مشاعرهم الحقٌقٌة خلؾ أقنعتهم‪ .‬ومن بٌن‬
‫الفبات الثبلث هذه‪ ،‬هً من أهم اإلشارات التً ٌجب مراعاتها وتحدٌدها وهً الكراهٌة ‪ /‬واإلعجاب‪،‬‬
‫الهٌمنة ‪ /‬والخضوع‪ ،‬والخداع‪.‬‬
‫إشارات ًالكراهٌة ًواإلعجاب ‪ :‬تخٌل السٌنارٌو التالً‪ :‬شخص ما فً مجموعة ما ٌكرهك ‪ ،‬سواء بدافع‬
‫الحسد أو سوء الظن‪ ،‬لكن فً بٌبة المجموعة ال ٌمكنهم التعبٌر عن ذلك بشكل علنً أو سٌبدون سٌبٌن ‪-‬‬
‫كؤنهم لٌسوا جزء من الفرٌق‪ .‬وهكذا ٌبتسمون لك ‪ ،‬وٌشاركونك المحادثة ‪ ،‬وٌبدو أنهم ٌُدعمون أفكارك‪.‬‬
‫وقد تشعر فً بعض األحٌان أن شٌ ًبا ما لٌس صحٌحً ا تمامًا ‪ ،‬ولكن العبلمات خفٌة وتنسى أنك تسترعً‬
‫االنتباه إلى الواجهة التً ٌُقدمونها‪ .‬ثم فجؤة ‪ ،‬كما لو كان من فراغ ‪ ،‬فإنهم ٌقومون بإعاقتك و ٌعرضون‬
‫لك موق ًفا قبٌحً ا‪ .‬وها قد انخلع القناع الذي كانوا ٌرتدونه‪ .‬والثمن الذي تدفعه لٌس فقط فً الصعوبات التً‬
‫تواجهها فً عملك أو فً حٌاتك الشخصٌة ‪ ،‬ولكن أٌ ً‬
‫ضا التكلفة العاطفٌة التً ٌمكن أن ٌكون لها تؤثٌر دابم‬
‫علٌك‪.‬‬
‫ُقاومة لؤلشخاص فإنها ال تؤتً من فراغ أو العدم‪ .‬وتوجد هناك دابما‬
‫افهم ًهذا‪ :‬إن األفعال العدابٌة أو الم ِ‬
‫عبلمات قبل أن ٌتخذوا أي إجراء أو فعل‪ .‬إن ال ّناس لدٌهم صعوبة وضؽط كبٌر للؽاٌة فً قمع مشاعرهم‬
‫القوٌة تمامًا‪ .‬وال تكمن المشكلة فً أننا ال نولً اهتمامًا فحسب ‪ ،‬بل أننا ال نحب طبٌعة فكرة الصراع أو‬
‫الخبلؾ معهم‪ .‬فنحن نفضل تجنب التفكٌر فً األمر ونعتبر أن الناس بجانبنا ‪ ،‬أو على األقل محاٌدون‪.‬‬
‫وفً أؼلب األحٌان ‪ ،‬نشعر بؤن شٌ ًبا ما ؼٌر صحٌح تمامًا مع الشخص اآلخر ولكننا نتجاهل هذا الشعور‪.‬‬
‫ٌجب أن نتعلم أن نثق فً هذه االستجابات البدٌهٌة وأن نبحث عن تلك العبلمات التً ٌنبؽً أن تإدي إلى‬
‫فحص األدلة عن كثب‪.‬‬
‫ٌُقد ُم الناس مإشرات واضحة عن الكراهٌة و العدابٌة فً لؽة جسدهم‪ ،‬حٌث ٌتضمن ذلك التحدٌق المفاجا‬
‫على عٌونهم لشًء قُلته ‪ ،‬أو نظرة ساخطة ‪ ،‬وضم الشفاه حتى تختفً تقرٌبًا ‪ ،‬و رقبة متصلبة ‪ ،‬أو الجذع‬
‫أو القدمٌن التً تبتعدا عنك بٌنما ال تزال تشارك فً محادثة ‪ ،‬وطً الذراعٌن أثناء محاولتك لتوضٌح‬
‫وجهة نظرك ‪ ،‬والتوتر الشامل فً جسدهم‪ .‬إن المشكلة هً أنك لن ترى عادة هذه اإلشارات ما لم ٌكن‬

‫‪80‬‬
‫استٌاء الشخص قوًٌا للؽاٌة لدرجة صعوبة إخفابها‪ .‬بدالً من ذلك‪ٌ ،‬جب أن تدرب نفسك فً البحث عن‬
‫التعبٌرات الصؽٌرة وؼٌرها من العبلمات الدقٌقة التً ٌقدمها الناس‪.‬‬
‫ُتعد التعبٌرات الصؽٌرة من أهم االكتشافات الحدٌثة بٌن علماء النفس الذٌن تمكنوا من توثٌق وجوده من‬
‫خبلل بعض الصور المتحركة لهذه التعبٌرات‪ .‬حٌث هذه التعبٌرات الصؽٌرة تظهر أقل من ثانٌة‪ .‬و هناك‬
‫نوعان من هذا‪ :‬النوع األول ٌظهر عندما ٌُدرك الناس الشعور السلبً وٌحاولون قمعه‪ ،‬لكنه ٌتسرب فً‬
‫جزء صؽٌر من الثانٌة‪ .‬وٌظهر النوع اآلخر عندما نكون ؼٌر مدركٌن لعدابهم ومع ذلك ٌُظهر نفسه فً‬
‫ومضات سرٌعة على الوجه أو فً الجسم‪ .‬وهذه التعبٌرات س ُتظهر وهجا مإق ًتا ‪ ،‬وتوتٌر عضبلت الوجه‬
‫‪ ،‬وضم الشفتٌن ‪ ،‬وظهور بداٌات تعبٌرات العبوس أو السخرٌة أو مظهر من االحتقار ‪ ،‬وبوجود نظرة‬
‫العٌنٌن نحو األسفل‪ .‬وبإدراكنا لهذه الظاهرة‪ٌ ،‬مكننا البحث عن هذه التعبٌرات‪ .‬وستندهش من عدد مرات‬
‫حدوثها‪ ،‬ألنه من المستحٌل التحكم بالكامل فً عضبلت الوجه وقمع تعبٌراتها فً الوقت المناسب‪ .‬و ٌجب‬
‫علٌك أن تكون مسترٌحً ا ومنتبهًا ‪ ،‬وال تبحث بوضوح عنهم ‪ ،‬بل ابحث عنهم من خبلل زاوٌة عٌنٌك‪.‬‬
‫بمجرد أن تبدأ فً مبلحظة مثل هذه التعبٌرات‪ ،‬ستجد أنه من السهل التقاطها‪.‬‬
‫بلٌؽة هً تلك اإلشارات الدقٌقة ولكنها تستمر لعدة ثوان‪ ،‬مما ٌكشؾ عن البرودة والتوتر‪ .‬وعلى سبٌل‬
‫المثال ‪ ،‬عندما تقترب أوالً من شخص ٌحمل أفكارً ا سلبٌة تجاهك ‪ ،‬وإذا فاجؤتهم من خبلل اقترابك منهم‬
‫بزاوٌة معٌنة ‪ ،‬فسترى بوضوح عبلمات االستٌاء الخاص بهم قبل أن ٌكون لدٌهم الوقت المناسب الرتداء‬
‫قناعهم اللطٌؾ‪ .‬إنهم لٌسوا سعداء برإٌتك حٌث سٌظهر تعبٌره لمدة ثانٌة أو اثنتٌن‪ .‬أو ربما عندما ُتعبّر‬
‫عن رأي قوي فسٌُبعدون نظرهم عنك‪ ،‬وهم ٌحاولون التستر بسرعة بابتسامة مصطنعة‪.‬‬
‫الصمت المفاجا ٌمكن أن ٌخبرنا بالكثٌر‪ .‬ربما قد قلت شٌ ًبا ٌثٌر وخزة من الحسد أو الكراهٌة ‪ ،‬وال‬
‫ٌسعهم سوى الصمت والبرود‪ .‬قد ٌحاولون إخفاء ذلك بابتسامة لكن قد ٌكون بداخلهم ؼضب عارم‪ .‬على‬
‫عكس الخجل البسٌط أو عدم وجود شًء لقوله ‪ ،‬ستكتشؾ عبلمات مثٌرة محددة‪ .‬فً هذه الحالة ‪ ،‬من‬
‫األفضل أن تبلحظ ذلك عدة مرات قبل التوصل إلى أي استنتاجات‪.‬‬
‫ؼالبًا ما ٌتخلى الناس عن اإلشارة المختلطة ‪ٌُ -‬قدمون لك تعلٌق إٌجابً ما لكً ٌقوموا بإلهابك لكن بعضا‬
‫من لؽة جسدهم السلبٌة تظهر بشكل واضح‪ .‬وهذا ٌوفر لهم الراحة من التوتر فً االضطرار دابما فً أن‬
‫ٌكونوا لطفاء ‪ٌ .‬راهنون على حقٌقة أنك ستمٌل إلى التركٌز على الكلمات وعلى برٌق ابتسامتهم الؽٌر‬
‫ضا إلى الصورة المعاكسة ‪ -‬التً ٌقول فٌها أحدهم شٌ ًبا ساخرً ا و موجهًا‬
‫متوازنة والمصطنعة ‪ .‬انتبه أٌ ً‬
‫إلٌك ‪ ،‬لكنهم ٌفعلون ذلك بابتسامة ونبرة صوت مزعجة ‪ ،‬كما لو أن اإلشارة تدل إلى أن األمر مجرد‬
‫ُدعابة‪ .‬وسٌكون من ؼٌر المهذب عدم تناوله فً هذا السٌاق‪ .‬ولكن فً الواقع ‪ ،‬خاصة إذا حدث هذا عدة‬
‫مرات ‪ٌ ،‬جب علٌك هنا أن تنتبه إلى الكلمات ولٌس إلى لؽة جسدهم‪ .‬ألنها طرٌقتهم المكبوتة للتعبٌر عن‬
‫العداء‪ .‬الحظ األشخاص الذٌن ٌمدحونك أو ٌتملقونك دون أن تضًء عٌونهم‪ .‬هذا ٌمكن أن ٌكون عبلمة‬
‫على حسدهم الخفً‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫فً رواٌة ''تشارترهاوس بارما'' كاتبها ''ستٌندهاٌل'' ‪ ،‬حٌث ٌتلقى الكونت موسكا رسالة مجهولة المصدر‬
‫تهدؾ إلى إثارة مشاعر الؽٌرة حول عشٌقته ‪ ،‬والتً ٌحبها بشدة‪ .‬فً التفكٌر حول من كان ٌمكن أن‬
‫ٌرسلها ‪ ،‬تذكر محادثة فً وقت سابق من ذلك الٌوم مع أمٌر بارما‪ .‬حٌث كان األمٌر ٌتحدث عن معنى‬
‫متعة السلطة مقارنة بالمتعة التً ٌمنحها الحب ‪ ،‬وكما قال هذا ‪ ،‬فقد اكشؾ الكونت موسكا عن برٌق‬
‫خبٌث بشكل خاص فً عٌنه ‪ٌ ،‬رافقها ابتسامة ؼامضة‪ .‬عندما كان ٌتحدث عن كلمات الحب بشكل عام‬
‫فقد كان األمٌر بارما ٌنظر إلى موسكا كؤنه ٌوجه الكلمات إلٌه‪ .‬ومن ذلك استنتج أن األمٌر قد ٌكون هو‬
‫الذي من أرسل الرسالة ؛ ولم ٌستطع أن ٌَكبح ِجماح فرحته السامة الخبٌثة على ما فعله ‪ ،‬حٌث قد ظهرت‬
‫هذه التعبٌرات أثناء حدٌثه‪ .‬هذا هو االختبلؾ فً إشارة مختلطة‪ٌ .‬قول الناس شٌ ًبا قوًٌا نسبًٌا عن موضوع‬
‫عام ‪ ،‬لكن مع نظرة خفٌة ٌشٌرونها إلٌك‪.‬‬
‫من المقاٌٌس الممتازة لفك رموز العِداء هو مقارنة لؽة جسد الناس تجاهك و تجاه اآلخرٌن‪ .‬قد تكتشؾ‬
‫أنها أكثر ودٌة ودف ًبا تجاه اآلخرٌن ‪ ،‬لكن عندما ٌكونون معك قد ٌُخفون حقٌقتهم‪ .‬عند المحادثة ‪ ،‬ال ٌمكنهم‬
‫إظهار إشارات تدل على نفاد الصبر أو الؽضب فً نظرهم ‪ ،‬ولكن فقط عند التحدث‪ .‬ضع فً اعتبارك‬
‫ضا أن الناس سٌمٌلون إلى إظهار مشاعرهم الحقٌقٌة ‪ ،‬وبالتؤكٌد المشاعر العِدابٌة ‪ ،‬أي عندما ٌكونون‬ ‫أٌ ً‬
‫فً حالة سُكر أو نابمٌن أو محبطٌن أو ؼاضبٌن أو تحت أي ضؽط‪ .‬وسٌمٌلون الح ًقا فً تقدٌم أعذار‬
‫حول هذا ‪ ،‬كما لو أنهم لم ٌكونوا هم أنفسهم فً الوقت الحالً ‪ ،‬ولكن فً الواقع كانوا على حقٌقتهم أكثر‬
‫من أي وقت مضى‪.‬‬
‫عند البحث عن هذه اإلشارات‪ ،‬تتمثل إحدى أفضل الطرق وهً فً إعداد اختبارات ‪ ،‬أو حتى الفخاخ‬
‫لؤلشخاص‪ .‬وكان الملك لوٌس الرابع عشر سٌدا فً هذا‪ .‬ذات مرة وقؾ على قمة محكمة فً فرساي‬
‫الملٌبة بؤعضاء النببلء الذٌن ٌُكنون العداء واالستٌاء تجاهه حٌث كان ٌفرض السلطة المطلقة علٌهم‪ .‬ولكن‬
‫فً عالم فرساي المتحضر ‪ ،‬اضطروا جمٌ ًعا أن ٌكونوا ممثلٌن بارعٌن وأن ٌُخفوا مشاعرهم الحقٌقٌة ‪،‬‬
‫خاصة تجاه الملك‪ .‬كان لدى لوٌس طرقه فً اختبارهم‪ .‬حٌث كان ٌظهر فجؤة عند وجودهم ‪ ،‬دون سابق‬
‫إنذار ‪ٌ ،‬بحث عن التعبٌرات الفورٌة على وجوههم‪ .‬وكان ٌطلب من أحد النببلء نقله هو وعابلته إلى‬
‫قصر فرساي ‪ ،‬مع العلم أن هذا كان أمرا مُكلِ ًفا ولٌس باألمر الجلٌل‪ .‬وقد الحظ بدقة أي نوع من إشارات‬
‫االنزعاج فً الوجه أو الصوت‪ .‬وكان دابما ما ٌقول شٌ ًبا سلبًٌا ألحد رجال حاشٌته االخرٌن ‪ ،‬حلٌؾ لهم ‪،‬‬
‫وٌبلحظ رد فعلهم الفوري‪ .‬ألن أي إشارات االنزعاج كافٌة لتدل على عِ داء سري‪.‬‬
‫صا ما ٌشعر بالحسد ‪ ،‬فحاول اخبارهم بؤشٌاء جٌدة قمت بها دون الظهور‬ ‫إذا كنت تشك فً أن شخ ً‬
‫بالتباهً‪ .‬وابحث عن التعبٌرات الدقٌقة لخٌبة األمل على وجوههم‪ .‬واستخدم اختبارات مماثلة للتحري عن‬
‫الؽضب واالستٌاء الخفٌٌن ‪ ،‬واستنبط الردود التً ال ٌمكن للناس أن ٌقمعوها بهذه السرعة‪ .‬بشكل عام ‪،‬‬
‫سٌرؼب الناس فً رإٌة المزٌد منكم ‪ ،‬أو العكس ‪ ،‬أو أن ٌكونوا ؼٌر مبالٌن‪ .‬أو قد تتقلب بٌن الحاالت‬
‫الثبلث ‪ ،‬لكن ؼالبا ما ٌمٌلون إلى االنحراؾ نحو حالة واحدة‪ .‬سٌكشفون عن ذلك فً مدى السرعة التً‬
‫ٌستجٌبون بها لرسابل البرٌد اإللكترونً أو الرسابل النصٌة الخاصة بك ‪ ،‬واستجابة لؽة جسدهم عند‬
‫رإٌتك ألول مرة ‪ ،‬والنبرة العامة التً ٌؤخذونها فً حضورك‪.‬‬

‫‪82‬‬
‫إن القٌمة فً اكتشاؾ العداء أو المشاعر السلبٌة المحتملة فً وقت مبكر هً أنها تزٌد من خٌاراتك‬
‫االستراتٌجٌة ومن مجال مناوراتك‪ .‬وٌمكنك وضع كمٌن أو فخ للناس ‪ ،‬وإثارة عِ َداِبهم عن عمد ودفعهم‬
‫إلى القٌام ببعض األعمال العدوانٌة والتً ستربكهم على المدى الطوٌل‪ .‬أو ٌمكنك العمل بجهد مضاعؾ‬
‫فً إضعاؾ كراهٌتهم لك وحتى الفوز بهم من خبلل هجوم ساحر ومإثر‪ .‬أو ٌمكنك ببساطة إنشاء مسافة‬
‫بٌنك وبٌنهم ‪ -‬بعدم توظٌفهم ‪ ،‬وطردهم ‪ ،‬و ٌجب أال تتفاعل معهم‪ .‬وفً النهاٌة ‪ ،‬ستجعل طرٌقك أكثر‬
‫سبلسة عند تجنب المعارك المفاجبة وأعمال التخرٌبٌة التً ٌقومون بها‪.‬‬
‫على الجانب اآلخر من العملة المعدنٌة ‪ ،‬عادة ما تكون لدٌنا حاجة أقل إلخفاء المشاعر اإلٌجابٌة عن‬
‫اآلخرٌن ‪ ،‬لكن رؼم ذلك ‪ ،‬ال نحبذ فً كثٌر من األحٌان إصدار إشارات واضحة تدل على الفرح أو‬
‫الجذب ‪ ،‬خاصة فً حاالت الفعل ‪ ،‬أو حتى فً المؽازلة‪ .‬حٌث ٌفضل الناس ؼالبًا عرض واجهة‬
‫اجتماعٌة رابعة‪ .‬لذلك توجد قٌمة كبرى فً قدرتك على اكتشاؾ العبلمات التً تدل على أن الناس‬
‫واقعون تحت تعوٌذتك أو سحرك‪.‬‬
‫وف ًقا للدراسات التً أجرٌت على التعبٌرات الوجهٌة التً أجراها علماء النفس مثل ''بول إكمان'' و ''‬
‫إ‪.‬إتش‪.‬هٌس'' وؼٌرهم ‪ ،‬فإن األشخاص الذٌن ٌشعرون بمشاعر إٌجابٌة تجاهك فسٌظهرون لك تعبٌرات‬
‫تدل على استرخاء تام فً عضبلت وجوههم ‪ ،‬خاصة فً خطوط الجبهة والمنطقة المحٌطة بها‪ .‬كالفم؛‬
‫وستنكشؾ من خبلل شفاههم بشكل أكبر وستتسع المساحة الوجهٌة بؤكملها حول عٌونهم‪ .‬هذه كلها‬
‫تعبٌرات ال إرادٌة تدل على الراحة واالنفتاح‪ .‬إذا كانت المشاعر أكثر كثافة ‪ ،‬مثل الوقوع فً الحب ‪ ،‬فإن‬
‫الدم ٌندفع نحو الوجه ‪ ،‬وٌنشط جمٌع مبلمحه‪ .‬كجزء من هذه الحالة المفعمة بالحٌوٌة ‪ٌ ،‬توسع بإبإ العٌن‪،‬‬
‫وهً استجابة تلقابٌة تسمح فٌها العٌون بالبحث عن المزٌد من الضوء‪ .‬إنها عبلمة أكٌدة على أن الشخص‬
‫مرتاح وٌحب ما ٌراه‪ .‬مع حركة رفع الحواجب ‪ ،‬مما ٌجعل العٌون تبدو أكبر‪ .‬نحن عادة ال ننتبه إلى‬
‫بإبإ العٌن ألن النظر باهتمام فً عٌون اآلخرٌن فإن له داللة جنسٌة علنٌة‪ .‬وٌجب أن ندرب أنفسنا على‬
‫إلقاء نظرة سرٌعة على بإبإ العٌن عندما َنلحظ أي اتساع للعٌون‪.‬‬
‫فً تطوٌر مهاراتك فً هذا المٌدان ‪ٌ ،‬جب أن تتعلم التمٌٌز بٌن االبتسامة المزٌفة واالبتسامة الحقٌقٌة‪ .‬عند‬
‫محاولتنا فً إخفاء مشاعرنا السلبٌة ‪ ،‬نلجؤ ؼالبًا إلى االبتسامة المزٌفة ‪ ،‬ألنها سهلة وأن الناس عموما ال‬
‫ٌنتبهون إلى التفاصٌل الدقٌقة لبلبتسامات‪ .‬نظرً ا ألن االبتسامات الحقٌقٌة باثت أقل شٌو ًعا ‪ ،‬و ٌجب أن‬
‫تعلم كٌفٌة التعرؾ علٌها‪ .‬حٌث إن االبتسامة الحقٌقٌة دابما ما تظهر من خبلل العضبلت المحٌطة بالعٌون‬
‫ضا إلى سحب الخدٌن ألعلى‪ .‬ال توجد‬ ‫وتوسعها ‪ ،‬وؼالبًا ما تظهر تجاعٌد على جانبً العٌنٌن‪ .‬وستمٌل أٌ ً‬
‫ابتسامة حقٌقٌة بدون تؽٌٌر واضح فً العٌنٌن والخدٌن‪ .‬وسٌحاول بعض األشخاص خلق انطباع بالتنوع‬
‫ضا‪ .‬لذلك باإلضافة إلى‬ ‫األصٌل من خبلل وضع ابتسامة عرٌضة ج ًدا ‪ ،‬والتً ستؽٌر العٌن جزبًٌا أٌ ً‬
‫العبلمات المادٌة ‪ٌ ،‬جب أن ننظر إلى سٌاق هذه االبتسامات‪ .‬عاد ًة ما تؤتً االبتسامة الحقٌقٌة من بعض‬
‫األفعال أو الكلمات التً تثٌر االستجابة المفاجبة ؛ وهو أمر تلقابً‪ .‬هل االبتسامة فً هذه الحالة ال عبلقة‬
‫لها بالظروؾ إلى حد ما ‪ ،‬وال ٌبررها ما قٌل؟ هل هً الحالة التً ٌكون فٌها الشخص ٌجهد نفسه لٌعطً‬
‫انطباعا جٌدا أم لدٌه أهداؾ استراتٌجٌة فً االعتبار؟ هل توقٌت االبتسام أمرا ؼٌر متحكم فٌه؟‬

‫‪83‬‬
‫ولعل أكثر المإشرات داللة على المشاعر اإلٌجابٌة تؤتً من خبلل نبرت الصوت‪ .‬ومن السهل علٌنا‬
‫التحكم فً الوجه ؛ ٌمكننا أن ننظر فً المرآة لنرى هذا األمر‪ .‬لكن إن لم نكن ممثلٌن محترفٌن ‪ٌ ،‬كون من‬
‫الصعب علٌنا للؽاٌة تعدٌل نبرت الصوت بشكل واعً‪ .‬حٌث عندما ٌتعلق بك الناس وٌتحمسون فً‬
‫التحدث إلٌك ‪ ،‬ترتفع درجة نبرت صوتهم ‪ ،‬مما ٌشٌر إلى اإلثارة العاطفٌة‪ .‬حتى لو كانوا متوترٌن ‪،‬‬
‫فستكون شكل نؽمة الصوت دافبة وطبٌعٌة ‪ ،‬عكس نؽمة الصوت التً ٌقوم بها البابع‪ .‬وٌمكنك اكتشاؾ‬
‫جودة نؽمة الصوت تقرٌبا‪ ،‬والتً ٌُشبّهها البعض بابتسامة صوتٌة‪ .‬وستبلحظ أٌضا ؼٌاب التوتر والتردد‬
‫أثناء المحادثة ‪ ،‬حٌث ٌوجد مستوى متساو من ال ُمزاح ‪ ،‬مع تسارع وتٌرتها ‪ ،‬مما ٌشٌر إلى زٌادة فً‬
‫نوعٌة العبلقة‪ .‬صوت ٌدل على السعادة والنشاط والحٌوٌة ٌمٌل إلى إصابتنا بالمزاج وٌنتج عنه استجابة‬
‫مماثلة‪ .‬نحن نعرؾ ذلك عندما نشعر به ‪ ،‬لكننا نتجاهل هذه المشاعر فً كثٌر من األحٌان ونركز بدالً من‬
‫ذلك على الكلمات الودٌة أو نؽمة صوت البابعٌن‪.‬‬
‫أخٌرً ا ‪ ،‬إن مراقبة اإلشارات الؽٌر اللفظٌة ٌعد أمرا ضرورٌا فً محاوالتك للتؤثٌر على الناس وإؼوابهم‪.‬‬
‫إنها أفضل طرٌقة لقٌاس درجة وقوع الشخص تحت تعوٌذتك أو سحرك‪ .‬عندما ٌبدأ الناس فً الشعور‬
‫بالراحة فً وجودك ‪ ،‬فإنهم سٌقفون بالقرب منك أو ٌمٌلون باتجاهك‪ ،‬وأذرعهم ال تطوى وال تكشؾ عن‬
‫أي توتر‪ .‬إذا كنت تتحدث أو تروي قصة ‪ ،‬فإن إٌماءات الرأس المتكررة والنظرات الٌقظة واالبتسامات‬
‫الحقٌقٌة ستشٌر إلى أن الناس ٌتفقون مع ما تقوله وبذلك ٌفقدون مقاومتهم‪ .‬وٌُبادلونك المزٌد من النظرات‪.‬‬
‫ربما تكون العبلمة األفضل واألكثر إثارة على اإلطبلق هً مزامنة تعبٌراتك ‪ ،‬حٌث ٌُحاكً الشخص‬
‫اآلخر دون وعً تعبٌراتك الجسدٌة ‪ ،‬كوضع اتجاه أرجلهم بالنفس الطرٌقة التً تقوم بها ‪ ،‬أو إمالة الرأس‬
‫بطرٌقة مماثلة ‪ ،‬أو ابتسامة تحفز األخرى‪ .‬إن أعمق مستوى من التزامن ‪ ،‬كما اكتشؾ مٌلتون إرٌكسون‬
‫‪ ،‬سٌُخولك فً مبلحظة أنماط متعددة من التنفس التً تظهر بنفس اإلٌقاع ‪ ،‬والتً قد تنتهً فً بعض‬
‫األحٌان بالتزامن الكامل فً قُبلة ما‪.‬‬
‫ضا من‬‫ضا تدرٌب نفسك لٌس فقط لمراقبة هذه التؽٌٌرات التً ُتظهر تؤثٌرك ولكن تحفزها أٌ ً‬ ‫ٌمكنك أٌ ً‬
‫خبلل إظهارك إلشارات إٌجابٌة بنفسك‪ .‬ببدبك فً الوقوؾ أو االقتراب ببطء منهم ‪ ،‬ستكشؾ عن عبلمات‬
‫االنفتاح الخفٌة‪ .‬و ِب َنكس رأسك بعبلمات الموافقة وأنت مُب َتسم بٌنما ٌتحدث اآلخرون‪ .‬ومُحاكات سلوكهم‬
‫وأنماط تنفسهم‪ .‬وفً أثناء قٌامك بذلك ‪ ،‬علٌك أن تراقب اإلشارات التً تدل على إصابتك العاطفٌة لهم ‪،‬‬
‫اذهب أبعد من ذلك فقط عندما تكتشؾ لحظة االنهٌار البطًء لمقاوماتهم‪.‬‬
‫مع الخبراء اإلؼوابٌٌن الذٌن ٌستخدمون جمٌع اإلشارات اإلٌجابٌة لتقلٌد مظهر أو واجهة تدل على أنهم‬
‫واقعون فً حبك فقط لٌجعلوك أكثر تحت سٌطرتهم بشكل أعمق‪ ،‬ضع فً اعتبارك أن القلٌل ج ًدا من‬
‫األشخاص الذٌن ٌكشفون عن الكثٌر من المشاعر بشكل طبٌعً فً وقت مبكر ج ًدا‪ .‬إذا كان تؤثٌرك‬
‫بحثا عن‬‫مفتعبل ‪ ،‬فاطلب منهم أن ٌبطبوا وٌراقبوا وجههم ً‬
‫ً‬ ‫المفترض علٌهم ٌبدو سرٌ ًعا ج ًدا وربما‬
‫التعبٌرات الدقٌقة لئلحباط‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫إشارات ًالهٌمنة ًو ًالخضوع ً‪ :‬باعتبارنا حٌوانات اجتماعٌة األكثر تعقٌ ًدا على هذا الكوكب ‪ ،‬فنحن البشر‬
‫ً‬
‫تسلسبل هرمًٌا متق ًنا استنا ًدا إلى الوضع الحالً ومستوى المال الذي نملكه ودرجة سلطتنا‪ .‬نحن على‬ ‫نضع‬
‫دراٌة بهذه التسلسبلت الهرمٌة ‪ ،‬لكننا ال نحب الحدٌث صراحة عن مراكز القوة النسبٌة ‪ ،‬ونحن عمومًا‬
‫ؼٌر مرتاحٌن عندما ٌتحدث اآلخرون عن ُر َتبهم العلٌا‪ .‬بدالً من ذلك ‪ٌ ،‬تم التعبٌر عن عبلمات الهٌمنة أو‬
‫الضعؾ من خبلل التواصل الؽٌر اللفظً‪ .‬لقد ورثنا أسلوب التواصل هذا عن الربٌسات األخرى ‪ ،‬وال‬
‫سٌما الشمبانزي ‪ ،‬الذٌن لدٌهم إشارات مفصلة للداللة على مكان وجود الشمبانزي الفردي فً الرتبة‬
‫االجتماعٌة العلٌا من التسلسل الهرمً‪ .‬و أٌضا ضع فً اعتبارك أن الشعور بؤن الناس فً مكانة‬
‫اجتماعٌة متفوقة ٌمنحهم ثقة كبٌرة التً ٌُمكنك رأٌتها مُشعة من خبلل لؽتهم الجسدٌة‪ .‬حٌث ٌشعر البعض‬
‫بهذه الثقة قبل أن ٌصلوا إلى موقع السلطة حتى ‪ ،‬ومن خبلل ذلك تصبح كنبوءة تحقق ذاتها عندما ٌنجذب‬
‫آخرون إلٌهم‪ .‬قد ٌحاول بعض الطموحٌن محاكاة اإلشارات التً تدل على السلطة ‪ ،‬ولكن ٌجب أن ٌقوموا‬
‫بذلك بشكل جٌد‪ .‬حٌث ٌمكن أن تكون هذه الثقة مزٌفة وبعٌدة كل البعد عن هذا الدور الزابؾ‪.‬‬
‫عادة ما تؤتً الثقة بشعور أكبر باالسترخاء حٌث ٌنعكس األمر بوضوح فً الوجه ‪ ،‬حٌث تكون هناك‬
‫حرٌة أكبر فً حركته‪ .‬إن األشخاص الذٌن ٌملكون سلطة سٌشعرون بالرؼبة بالتجول والحرٌة فً النظر‬
‫أكثر إلى اآلخرٌن ‪ ،‬الختٌارهم التواصل البصري مع من ٌشاءون‪ .‬حٌث تكون جفونهم أكثر إؼبل ًقا قلٌبل ‪،‬‬
‫مما ٌدل على الجدٌة والكفاءة‪ .‬إذا شعروا بالملل أو االنزعاج ‪ ،‬فإنهم ٌُظهرون ذلك بحرٌة أكبر وانفتاحً ا‪.‬‬
‫ؼالبًا ما ٌبتسمون بشكل أقل ‪ ،‬وٌبتسمون بشكل متكرر كعبلمة على انعدام األمان بشكل عام‪ .‬وٌشعرون‬
‫بؤن لدٌهم المزٌد من الحق فً لمس الناس كما ٌرٌدون ‪ ،‬مثل الرَّ بتات الودٌة على الظهر أو على الذراع‪.‬‬
‫و فً اجتماع ما ‪ ،‬سٌمٌلون إلى شؽل مساحة أكبر وإنشاء مسافة أكبر حولهم‪ .‬إنهم ٌقفون بشكل عرضً ‪،‬‬
‫حٌث تكون إٌماءاتهم مرٌحة ومسترخٌة‪ .‬األهم من ذلك ‪ٌ ،‬شعر اآلخرون بؤنهم مضطرون لتقلٌد أسلوبهم‬
‫وسلوكٌاتهم‪ .‬حٌث إن القابد سٌمٌل إلى فرض نوع من التواصل الؽٌر اللفظً على المجموعة بطرق خفٌة‬
‫ج ًدا‪ .‬وستبلحظ أن الناس ٌقلدون لٌس فقط أفكارهم ولكن أٌ ً‬
‫ضا الهدوء أو الطاقة المحمومة لدٌهم‪.‬‬
‫تحب الشخصٌات السٌادٌة اإلشارة إلى موقعهم المتفوق فً سلم الرتب بعدة طرق‪ :‬حٌث ٌتحدثون بشكل‬
‫أسرع من اآلخرٌن وٌشعرون بؤن لهم الحق فً المقاطعة والتحكم فً تدفق المحادثة‪ .‬وإن مصافحتهم‬
‫تكون قوٌة للؽاٌة ‪ ،‬لدرجة الضؽط بقوة أكبر تقرٌبًا أثناء المصافحة‪ .‬وعندما ٌمشون فً المكتب ‪ ،‬ستراهم‬
‫ٌفترضون وضعٌة أطول وخطوة هادفة ‪ ،‬بشكل عام ٌجعلون الدونٌٌن ٌسٌرون خلفهم‪ .‬شاهد شمبانزي فً‬
‫حدٌقة للحٌوانات وستبلحظ سلو ًكا مشابهًا من جانب الشمبانزي السادي‪.‬‬
‫بالنسبة للنساء البلبً ٌشؽلن مناصب قٌادٌة ‪ ،‬فإن ما ٌنجح فً الؽالب هو التعبٌر الهادئ والواثق والدافا‬
‫من جانبهم مثل شخصٌة فً عالم األعمال‪ .‬ربما ٌكون أفضل مثال على ذلك هً المستشارة األلمانٌة‬
‫الحالٌة أنجٌبل مٌركل‪ .‬ابتسامتها كانت أقل تواتراً من الرجل السٌاسً العادي ‪ ،‬ولكن عندما ُتظهر تلك‬
‫االبتسامات فإنها تكون ذات مؽزى بشكل خاص‪ .‬وال تبدو علٌها أنها ابتسامات مزٌفة‪ .‬تستمع لآلخرٌن‬
‫ً‬
‫ملحوظا‪ .‬وأٌضا لدٌها طرٌقة لحمل اآلخرٌن‬ ‫باستٌعاب كامل من خبلل نظراتها ‪ ،‬وجهها ٌكون ال ٌزال‬
‫على التحدث أكثر حٌث ٌبدون دابمًا أنهم المتحكمٌن فً مسار المحادثة‪ .‬وهً كانت ال تحتاج إلى مقاطعة‬

‫‪85‬‬
‫الحدٌث لتؤكٌد نفسها‪ .‬وعندما ترٌد مهاجمة شخص ما ‪ ،‬تقوم بذلك بمظهر ٌدل على الملل ‪ ،‬أو الجهل ‪ ،‬أو‬
‫االحتقار ‪ ،‬ولٌس بمهاجمته بكلمات قاسٌة‪ .‬وعندما حاول الربٌس الروسً فبلدٌمٌر بوتٌن تخوٌفها عن‬
‫طرٌق إحضار كلبه األلٌؾ إلى اجتماع ‪ ،‬مع العلم أن مٌركل قد تعرضت للعض مرة واحدة وحٌث كان‬
‫لدٌها خوؾ من الكبلب ‪ ،‬فتوترت بوضوح ‪ ،‬ثم سرعان ما هدأت من نفسها ثم نظرت إلٌه بهدوء فً‬
‫عٌنٌه‪ .‬ووضعت نفسها فً موقؾ واحد فٌما ٌتعلق بوتٌن وهو من خبلل عدم القٌام بؤي شًء فً خدمته‪.‬‬
‫حٌث قد بدا طفولًٌا وصؽٌراَ ََ بالمقارنة معها‪ .‬وأسلوبها ال ٌشمل على حالة جسدها السٌادي الذكوري ‪ .‬بل‬
‫كان أكثر هدوءًا و قوي للؽاٌة بطرٌقتها الخاصة‪ .‬وبوصول النساء إلى مناصب قٌادٌة أكثر ‪ ،‬إن أسلوب‬
‫السلطة هذا قد ٌبدأ فً تؽٌٌر نظرتنا لبعض اإلشارات المهٌمنة المرتبطة بالسلطة‪.‬‬
‫بحثا عن إشارات تدل على الهٌمنة وفً عدم‬‫من المهم مراقبة من هم فً مناصب السلطة فً مجموعتك ً‬
‫وجودها أو ؼٌابها‪ .‬إن القادة الذٌن ٌظهرون التوتر والتردد فً إشاراتهم ؼٌر اللفظٌة هم عادة ؼٌر آمنٌن‬
‫فً قوتهم وٌشعرون بالتهدٌد‪ .‬إن عبلمات هذا القلق وانعدام األمن من السهل عمومًا اكتشافها‪ .‬حٌث‬
‫سٌتحدثون بطرٌقة أكثر تعرجا‪ ،‬مُظهرٌن فترات توقؾ طوٌلة‪ .‬وسترتفع نبرة أصواتهم وستبقى هناك فً‬
‫ذلك المستوى‪ .‬و سٌمٌلون إلى تجنب نظراتهم وسٌتحكمون فً حركات أعٌنهم ‪ ،‬على الرؼم من أنهم‬
‫سٌختلسون النظر أكثر فً كثٌر من األحٌان‪ .‬وأٌضا سٌضعون المزٌد من االبتسامات المُجهدة وسٌبعثون‬
‫المزٌد من اضطرابات فً ضحكاتهم‪ .‬وعلى عكس الشعور بؤنه ٌحق له أن ٌمس اآلخرٌن ‪ ،‬فإنهم ٌمٌلون‬
‫إلى لمس أنفسهم فً ما ٌعرؾ باسم تهدبة السلوك‪ .‬سٌلمسون شعرهم وعنقهم وجبهتهم ‪ ،‬كل ذلك فً‬
‫محاولة لتهدبة أعصابهم‪ .‬األشخاص الذٌن ٌحاولون إخفاء انعدام األمان لدٌهم سٌإكدون أنفسهم بصوت‬
‫عال للؽاٌة فً محادثة ‪ ،‬حٌث ترتفع أصواتهم‪ .‬وهم ٌفعلون ذلك ‪ٌ ،‬نظرون حولهم بعصبٌة ‪ ،‬عٌون‬
‫مفتوحة على مصراعٌها‪ .‬أو أثناء حدٌثهم بطرٌقة متحركة ‪،‬نكون ال تزال أٌدٌهم وأجسادهم على نحو ؼٌر‬
‫عادي ‪ ،‬ودابمًا ما تكون عبلمة تدل على القلق‪ .‬حٌث سٌصدرون حتما إشارات مختلطة ‪ ،‬وٌجب أن تولً‬
‫اهتماما أكبر لتلك التً تشٌر إلى انعدام األمان األساسً لدٌهم‪.‬‬
‫صا ٌحب تؤكٌد وجوده من خبلل لؽة الجسد‪.‬‬ ‫كان نٌكوال ساركوزي ‪ ،‬ربٌس فرنسا (‪ ، )4114-4111‬شخ ً‬
‫كان ٌربت الناس على ظهورهم ‪ ،‬حٌث ٌكون هو الشخص الذي ٌوجههم إلى المكان الذي ٌقفون فٌه ‪،‬‬
‫وعن طرٌق تحدٌقه كان ٌجعلهم مثبتٌن فً المكان الذي ٌرٌد ‪ ،‬وأٌضا كان ٌقاطع ما كانوا ٌقولون ‪،‬‬
‫وحاول عمومًا السٌطرة على الؽرفة وأن ٌكون سٌدها‪ .‬خبلل إحدى لقاءاته فً خضم أزمة ''الٌورو'' ‪،‬‬
‫رأت المستشارة مٌركل تصرفه االستبدادي المعتاد لكنها لم تستطع إال أن تبلحظ أن قدمه ٌهتز بعصبٌة‬
‫طوال الوقت‪ .‬ربما كان أسلوب الحزم اإلضافً لدٌه ما هو إال طرٌقة فً صرؾ انتباه اآلخرٌن وإلهابهم‬
‫عن انعدام األمان لدٌه‪ .‬كانت هذه بمثابة معلومات قٌمة ٌمكن أن تستخدمها مٌركل‪.‬‬
‫ؼالبًا ما تحتوي أفعال الناس على إشارات الهٌمنة والخضوع‪ .‬وعلى سبٌل المثال ‪ ،‬ؼالبًا ما ٌظهر‬
‫األشخاص فً وقت متؤخر إشارة تدل على تفوقهم ‪ ،‬سواء كانوا حقٌقٌٌن أم متخٌلٌن‪ .‬لٌسوا ملزمٌن‬
‫ضا ‪ ،‬تكشؾ أنماط مُحادثاتهم عن الموقؾ النسبً الذي ٌشعر به األشخاص‬ ‫لٌكونوا فً الوقت المحدد‪ .‬أٌ ً‬
‫أثناء استؽراقهم فً منصب ما‪ .‬وعلى سبٌل المثال ‪ٌ ،‬مٌل أولبك الذٌن ٌشعرون بالهٌمنة إلى التحدث أكثر‬

‫‪86‬‬
‫والمقاطعة بشكل متكرر ‪ ،‬كوسٌلة لتؤكٌد أنفسهم‪ .‬عندما تكون هناك حجة تحولت إلى مسؤلة شخصٌة ‪،‬‬
‫فسٌلجإون إلى ما ٌعرؾ باسم إشارات الترقٌم ‪ -‬سٌجدون فعبل على الجانب اآلخر حٌث بدأ كل شًء ‪،‬‬
‫على الرؼم من أنه من الواضح أنه جزء من نمط العبلقة‪ .‬سٌإكدون تفسٌرهم لمن ٌتحمل المسإولٌة من‬
‫خبلل نبرة صوتهم ونظراتهم الخارقة والحادقة‪ .‬إذا الحظت زوجٌن من خبلل مظهرهم الخارجً ‪،‬‬
‫صا واح ًدا فً الموقع المهٌمن‪ .‬إذا كنت تتحدث معهم ‪ ،‬فإن الشخص المسٌطر‬ ‫فستبلحظ بشكل متكرر شخ ً‬
‫سوؾ ٌتصل بك بصرًٌا ولكن لٌس مع شرٌكه ‪ ،‬وٌبدو أنه لن ٌستمع إال إلى نصؾ ما ٌقوله الشرٌك‪.‬‬
‫ضا إشارة دقٌقة تدل على التفوق ‪ ،‬خاصة من خبلل ما نسمٌه االبتسامة‬ ‫وٌمكن أن تكون االبتسامات أٌ ً‬
‫استجابة لما قاله شخص ما ‪ ،‬وهً ابتسامة تشد عضبلت الوجه وتدل على‬ ‫ً‬ ‫الضٌقة‪ٌ .‬ؤتً هذا عاد ًة‬
‫المفارقة واالحتقار للشخص الذي ٌرونه أقل شؤنا ‪ ،‬ولكنها (االبتسامة) تمنحهم ؼطاء من مظهر ودود‪.‬‬
‫واحدة من الوسابل الؽٌر اللفظٌة الدقٌقة والتً تعنً تؤكٌد الهٌمنة فً عبلقة ما حٌث تظهر من خبلل عدة‬
‫أعراض من بٌنها ‪ٌ -‬صاب أحد الشركاء فجؤة بالصداع أو بمرض آخر ‪ ،‬أو ٌبدأ فً الشرب ‪ ،‬أو ٌقع‬
‫بشكل عام فً نمط سلبً من سلوك ما‪ .‬و هذا ٌجبر الشخص اآلخر فً العبلقة على اللعب وف ًقا لقواعد‬
‫شرٌكه ‪ ،‬لٌمٌل إلى عبلج نقاط ضعفه ‪ .‬وٌُعتبر هذا االستخدام األمثل للتعاطؾ الكتساب السلطة وهو فعال‬
‫للؽاٌة‪.‬‬
‫أخٌرً ا ‪ ،‬استخدم المعرفة التً تستخلصها من هذه اإلشارات كوسٌلة قٌمة لقٌاس مستوٌات الثقة لدى الناس‬
‫والتصرؾ بشكل مناسب‪ .‬مع الزعماء الذٌن لدٌهم انعدام األمان التً تتداعى بشكل ؼٌر لفظً ‪ٌ ،‬مكنك أن‬
‫تلعب على انعدام األمان الخاص بهم وتكتسب القوة من خبلل ذلك ‪ ،‬لكن من األفضل فً كثٌر من األحٌان‬
‫تجنب ربط نفسك عن قرب بمثل هذه األنواع ‪ ،‬ألنهم سٌُلحقون بك الضرر بشكل سًء ومع مرور الوقت‬
‫قد ٌسحبونك أنت أٌضا إلى األسفل معهم‪ .‬ومع أولبك الذٌن لٌسوا فً مراكز القٌادة ولكنهم ٌحاولون تؤكٌد‬
‫أنفسهم كما لو كانوا ‪ٌ ،‬جب أن ٌعتمد ردك علٌهم على نوع شخصٌتهم‪ .‬إذا كانوا نجوم صاعدة ‪ ،‬ملٌإون‬
‫باإلٌمان بالنفس والشعور بالقدر وحسن المصٌر ‪ ،‬فقد ٌكون من الحكمة محاولة الصعود معهم‪ .‬وستبلحظ‬
‫أن هذه األنواع من خبلل الطاقة اإلٌجابٌة التً تحٌط بهم‪ .‬من ناحٌة أخرى ‪ ،‬إذا كانوا مجرد طؽاة‬
‫متعجرفٌن وتافهٌن ‪ ،‬فهذه هً بالتحدٌد األنواع التً ٌجب أن تسعى دابمًا لتجنبها ‪ ،‬ألنهم سادة فً جعل‬
‫اآلخرٌن ٌقومون بخدمة نٌابة عنهم دون إعطاء أي شًء فً المقابل‪.‬‬
‫إشارات ًالخداع ً‪ :‬نحن البشر بطبٌعتنا الساذجة نرؼب فً أن نإمن بؤشٌاء معٌنة ‪ -‬كؤن نإمن بؤنه ٌمكننا‬
‫الحصول على شًء مقابل ال شًء ؛ و أن نستطٌع استعادة ازدهارنا أو تجدٌدها بسهولة بفضل بعض‬
‫الخدع الجدٌدة ‪ ،‬وربما حتى خداع الموت ؛ إن معظم الناس هم فً األساس جٌدون وٌمكن الوثوق بهم‪.‬‬
‫وهذا المٌل فً اإلٌمان بهذه األشٌاء هو ما ٌزدهر فٌه المخادعون والمتبلعبون ‪ .‬وسٌكون من المفٌد للؽاٌة‬
‫بالنسبة لمستقبلنا كجنس بشري إذا أصبحنا أقل سذاجة ُتجاه هذه األشٌاء ‪ ،‬لكن ال ٌمكننا تؽٌٌر من الطبٌعة‬
‫البشرٌة‪ .‬بدالً من ذلك ‪ ،‬فإن أفضل ما ٌمكننا فعله هو أن نتعلم كٌؾ نتعرؾ على بعض العبلمات‬
‫واإلشارات الخفٌة فً محاولة خداعنا وأٌضا الحفاظ على شكوكنا أثناء بحثنا لؤلدلة بشكل أكبر‪.‬‬

‫‪87‬‬
‫إن أكثر اإلشارات وضوحً ا هً التً تظهر عندما ٌضع الناس واجهة خارجٌة ملٌبة بالحركة ‪ .‬عندما‬
‫ٌبتسمون كثٌرً ا ‪ ،‬وٌظهرون ودودٌن أكثر ‪ ،‬وحتى كونهم ُم َسلّون تمامًا ‪ ،‬حٌث ٌصعب علٌنا مقاومة عدم‬
‫انخراطنا لنفوذهم أو حتى مقاومة تؤثٌرهم‪ .‬عندما كان لٌندون جونسون ٌحاول سحب الصوؾ من على‬
‫أعٌن زمٌله فً مجلس الشٌوخ ‪ ،‬كان ٌقوم بذلك بكامل حضوره الجسدي ‪ ،‬وأٌضا كان ٌحدق بهم فً‬
‫ؼرفة المبلبس ‪ ،‬وٌخبرهم بعض النكات البذٌبة ‪ ،‬وأٌضا كان ٌلمس أدرعهم ‪ ،‬حٌث كان ٌبدو صاد ًقا للؽاٌة‬
‫‪ ،‬وقد كان ٌصٌبهم بمزٌج من السرور لدرجة إظهارهم ابتسامات عرٌضة‪ .‬وبالمثل ‪ ،‬إذا كان الناس‬
‫ٌحاولون التستر على شًء ما ‪ ،‬فإنهم ٌمٌلون إلى أن ٌصبحوا أكثر جرأة وأكثر ُخلقا وثرثرة‪ .‬حٌث أنهم‬
‫ٌلعبون على عنصر االنحٌاز باالقتناع (انظر الفصل ‪ - )1‬إذا كنت أنكر أو أقول شٌ ًبا ما بهذا القدر من‬
‫الضٌق ‪ ،‬مع كونً أعتبر نفسً الضحٌة ‪ ،‬فمن الصعب أن أشك فً ذلك‪ .‬نحن نمٌل إلى اتخاذ قناعة‬
‫اضافٌة عن الحقٌقة‪ .‬فً الواقع ‪ ،‬عندما ٌحاول الناس شرح وتفسٌر أفكارهم بكثٌر من الطاقة المبالػ فٌها ‪،‬‬
‫أو الدفاع عن أنفسهم بمستوى شدٌد من الحرمان والنكران ‪ ،‬فهذا هو بالضبط حٌث ٌتعٌن علٌك رفع‬
‫احساسك االستشعاري فً اكتشافهم‪.‬‬
‫فً كلتا الحالتٌن ‪ -‬التستر والبٌع بشكل مُقنع ‪ٌ -‬سعى المخادع لصرؾ انتباهك عن الحقٌقة‪ .‬على الرؼم من‬
‫أن الوجه واإلٌماءات المتحركة قد تؤتً من الحماسة الودٌة والصداقة الحقٌقٌة ‪ ،‬عندما تؤتً من شخص ال‬
‫تعرفه جٌ ًدا ‪ ،‬أو من شخص قد ٌكون لدٌه ما ٌخفٌه ‪ ،‬فٌجب أن تكون على أهبة االستعداد‪ .‬أنت اآلن تبحث‬
‫عن عبلمات ؼٌر لفظٌة لتؤكٌد شكوكك‪.‬‬
‫مع مثل هإالء المخادعٌن‪ ،‬ستبلحظ ؼالبًا أن جزءًا من الوجه أو الجسم ٌكون أكثر تعبٌرً ا لجذب انتباهك‪.‬‬
‫ؼالبًا ما تكون المنطقة المحٌطة بالفم‪ ،‬وبابتسامات عرٌضة وتؽٌرات فً التعبٌرات‪ .‬هذه هً أسهل منطقة‬
‫فً الجسم ٌمكن للناس من خبللها التعامل وإنشاء تؤثٌر متحرك ومُقنع‪ .‬ولكن ٌمكن أٌضا أن ٌكون مبالؽا‬
‫فٌه عن طرٌق التعبٌر بالٌدٌن والذراعٌن‪ .‬والمفتاح هو أن تكتشؾ التوتر والقلق فً أجزاء أخرى من‬
‫الجسم ‪ ،‬ألنه من المستحٌل بالنسبة لهم السٌطرة على جمٌع العضبلت‪ .‬عندما ترى ومٌضا البتسامة كبٌرة‬
‫‪ ،‬تكون العٌون متوترة مع القلٌل من الحركة أو أن الجسم ٌقوم بتعبٌر بشكل ؼٌر عادي ‪ ،‬أو إذا كانت‬
‫العٌنان تحاوالن خداعك بنظرة من التعاطؾ ‪ ،‬فإن الفم ٌرتعش قلٌبلً‪ .‬هذه عبلمات تدل على سلوك مفتعل‪،‬‬
‫كمحاولة صعبة للؽاٌة للسٌطرة على جزء ما من الجسم‪.‬‬
‫فً بعض األحٌان سٌحاول المخادعون األذكٌاء ح ًقا خلق انطباع معاكس‪ .‬إذا قاموا بالتستر على أفعالهم‬
‫الخاطبة ‪ ،‬فإنهم سٌخفون ذنبهم وراء واجهة خارجٌة شدٌدة الذكاء والكفاءة ‪ ،‬لكن الوجه ٌُعطً تعبٌرؼٌر‬
‫ً‬
‫معقوال للؽاٌة لسلسلة من األحداث ‪ ،‬حتى من خبلل‬ ‫عادي‪ .‬بدالً من إنكارهم الصرٌح ‪ ،‬سٌقدمون تفسٌرً ا‬
‫"األدلة" التً تإكد لهم ذلك‪ .‬صورتهم عن الواقع تكاذ تكون باألمر السلس‪ .‬حٌث إذا كانوا ٌحاولون كسب‬
‫أموالك أو دعمك ‪ ،‬فسٌمثلون دور المحترفٌن ذوي الكفاءة العالٌة فً هذا الصدد‪ ،‬لدرجة أنهم ٌُصٌبونك‬
‫بالملل إلى حد ما ‪ ،‬بل ٌُظهرون لك الكثٌر من األرقام واإلحصابٌات‪ .‬إن الفنانٌن المُخادعٌن والماكرٌن‬

‫‪88‬‬
‫والمُحتالٌن ؼالبا فً كثٌر من األحٌان ٌستخدمون هذه الواجهة ‪ .‬كان فنان الخداع العظٌم ''فٌكتور لوستٌج''‬
‫ٌهدئ ضحاٌاه لٌناموا عن طرٌق الكثٌر من الثرثرة المحترفة والكبلم المزخرؾ ‪ ،‬مما ٌجعل من نفسه‬
‫كبٌروقراطً أو كخبٌر فً السندات واألوراق المالٌة‪ .‬و بدا أن ''بٌرنً مادوؾ'' الشخص الذي ٌلعب دور‬
‫اللطافة بشكل جٌد لدرجة ال ٌمكن ألحد أن ٌشتبه به فً لعبة خداع جرٌبة كتلك التً قد ٌقوم بها‪.‬‬
‫هذا النوع من الخداع ٌصعب إدراكه ألنه صعب المبلحظة‪ .‬ولكن عندما تحاول أن تبحث عن هذه‬
‫االنطباعات المفتعلة‪ .‬فإن الواقع ال ٌصبح مناسبا وسبلسا‪ .‬حٌث إن األحداث الحقٌقٌة تنطوي على تدخبلت‬
‫عشوابٌة مفاجبة وبعض الحوادث‪ .‬وأن الواقع مكان فوضوي ونادرا ما تتناسب األجزاء واألحداث فٌها‬
‫تماما‪ .‬وقد كان هذا هو الخطؤ لدى ''واتر‪ -‬كات'' عندما أرادت التستر عن أفعالها حٌث قد أثارت الشكوك‬
‫بؤفعالها‪ .‬عندما تكون التفسٌرات أو الرسابل ماكرة أو احترافٌة ‪ ،‬فهذا ما ٌنبؽً أن ٌثٌر شكوكك‪ .‬لكً‬
‫تنظر إلى هذا من الجانب اآلخر ‪ ،‬انظر إلى الشخصٌة التً تتواجد فً رواٌة األبله للكاتب الروسً‬
‫دوستوٌفسكً حٌث قد قال ناصحا ‪" :‬عندما تكذب ‪ ،‬أو إذا وُ ضعت بمهارة فً أمر ؼٌر عادي أو شًء‬
‫ؼرٌب أو شًء شاذ‪ ،‬وأنت تعلم أن األمر لم ٌحدث أب ًدا أو نادر للؽاٌة فإنه ٌجعل ذلك الكذب أمرا ٌبدو‬
‫ً‬
‫احتماال‪" .‬‬ ‫أكثر‬
‫بشكل عام ‪ ،‬أفضل ما ٌجب فعله عندما تشك فً أن الناس ٌحاولون صرؾ انتباهك عن الحقٌقة هو عدم‬
‫مواجهتهم بفاعلٌة فً البداٌة ‪ ،‬بل فً الحقٌقة أن ُتشجعهم على االستمرار بإظهار االهتمام بما ٌقولونه أو‬
‫ٌفعلونه‪ .‬فؤنت ترٌد منهم أن ٌتحدثوا أكثر ‪ ،‬وأن ٌكشفوا عن المزٌد من عبلمات التوتر واالبتداع‪ .‬و فً‬
‫اللحظة المناسبة ٌجب علٌك مفاجؤتهم بسإال أو مبلحظة التً تكون فٌها مُصممة لجعلهم ؼٌر مرتاحٌن‪،‬‬
‫واكشؾ لهم أنك مخالؾ لواقعهم‪ .‬ثم اعط انتباها إلى التعبٌرات الدقٌقة ولؽة الجسد التً تنبعث منهم فً‬
‫مثل هذه اللحظات‪ .‬إذا كانوا حقا مُخادعٌن‪ ،‬فإن ؼالبا ما تكون استجابتهم تدل على حالة من رد فعل‬
‫التجمد ‪ ،‬وبعدها بشكل سرٌع ٌُحاولون ما إخفاء قلقهم األساسً‪ .‬وقد كانت هذه هً االستراتٌجٌة المفضلة‬
‫للمُحقق كولومبو فً المسلسل التلفزٌونً الذي ٌحمل نفس االسم ‪ -‬حٌث ٌواجه المجرمٌن الذٌن حاولوا‬
‫عكس هندسة األدلة لجعلها تبدو كما لو أن شخصً ا آخر قام بذلك ‪ ،‬كان كولومبو ٌتظاهر بؤنه صدٌق ودود‬
‫ً‬
‫سإاال ؼٌر مرٌح ‪ ،‬ثم ٌنتبه جٌ ًدا للوجه و وتعبٌرات الجسم‪.‬‬ ‫تمامًا ولكنه ٌسؤل فجؤة‬
‫حتى مع أكثر المخادعٌن تم ّرسا ‪ ،‬فإن إحدى أفضل الطرق لكشفهم هً مبلحظة كٌفٌة تركٌزهم وتشدٌدهم‬
‫على كلماتهم من خبلل اإلشارات ؼٌر اللفظٌة‪ .‬ومن الصعب للؽاٌة على البشر تزٌٌؾ هذا‪ .‬التركٌز‬
‫والتشدٌد ٌؤتً من خبلل نوعٌة درجة الصوت ونبرته الحازمة وإٌماءات الٌد القوٌة وحركة الحواجب‬
‫ضا إلى األمام أو ننهض على أصابع أقدامنا‪ .‬حٌث ننخرط فً مثل‬ ‫وتوسٌع العٌنٌن‪ .‬نحن أٌضا قد نمٌل أٌ ً‬
‫هذا السلوك عندما نكون مُشبعٌن بالعاطفة ونحاول إضافة عبلمة تعجب والهتاؾ إلى ما نقوله‪ .‬ومن‬
‫الصعب على المخادعٌن تقلٌد هذا الفعل أو تزٌٌفه‪ .‬حٌث ال ٌرتبط تركٌزهم وتشدٌدهم على الكلمات التً‬
‫ٌركزون علٌها بصوتهم أو جسدهم تمامًا ‪ ،‬وال ٌتناسب تمامًا مع سٌاق اللحظة الحالٌة ‪ ،‬وال ٌؤتً بشكل‬
‫متؤخر قلٌبل ‪ .‬عندما ٌضربون الطاولة بقبضة ٌدهم ‪ ،‬إن فً هذه اللحظة ال ٌُظهرون أٌة عاطفة‪ ،‬ولكن‬

‫‪89‬‬
‫الشعور بها ٌكون قبل ذلك بقلٌل ‪ ،‬كما لو كانوا جدٌدٌن ‪ ،‬وكؤنهم سٌحدثون تؤثٌرً ا‪ .‬وهذه ُتعتبر كلها‬
‫تشققات فً قشرة الواقع التً ٌحاولون إبرازها‪.‬‬
‫أخٌرً ا ‪ ،‬مع عنصر الخداع ‪ ،‬ضع فً اعتبارك أنه ٌوجد دابمًا نطاق واسع فٌه‪ .‬فً الجزء السفلً من‬
‫المقٌاس نجد أكثر األنواع الحمٌدة و مجموعة من األكاذٌب البٌضاء الصؽٌرة لدى الناس‪ .‬وٌمكن أن تشمل‬
‫جمٌع أشكال اإلطراء فً الحٌاة الٌومٌة ‪ :‬مثل أن ٌقولوا لك "أنت تبدو رابع الٌوم" ؛ و "لقد أحببت‬
‫السٌنارٌو الخاص بك"‪ .‬قد تشمل فً عدم كشفهم عن ما فعلته بالضبط فً ذلك الٌوم أو حجبهم أجزاء من‬
‫المعلومات عنك ألنه أمر مزعج فً أن تكون شفافا تمامًا وال تتمتع بؤي خصوصٌة‪ .‬وٌمكننا اكتشاؾ هذه‬
‫األشكال الصؽٌرة من الخداع إذا انتبهنا جٌدا لذلك‪ ،‬على سبٌل المثال‪ ،‬من خبلل مبلحظة تعبٌرات‬
‫االبتسامة الحقٌقٌة‪ ،‬ولكن فً الحقٌقة من األفضل ببساطة تجاهل هذه النهاٌة السُفلٌة‪ٌ .‬عتمد المجتمع‬
‫المتحضر المهذب على القدرة على قول أشٌاء لٌست دابما صادقة‪ .‬وسٌكون أمرا ضا ّرا اجتماعًٌا عندما‬
‫تصبح واعٌا باستمرار بهذه المشاهد الماكرة والمُخادعة‪ .‬حٌث ٌجب أن تكون متؤهبا ومنتبها فقط فً‬
‫المواقؾ التً تكون فٌها المخاطر أكبر عندما ٌكون الناس فً وضع جٌد للحصول على شًء ذي قٌمة‬
‫منك‪.‬‬

‫فنًإدارةًالنطباع ً‬
‫بشكل عام كلمة تقمص األدوار لها دالالت سلبٌة‪ .‬حٌث نحن نقٌض ذلك بؤصالتنا‪ .‬إن الشخص دو األصالة‬
‫الحقٌقٌة ال ٌحتاج ح ًقا إلى تقمص دور ما فً الحٌاة ‪ ،‬كما نعتقد ‪ ،‬ولكنه ببساطة ٌمكن أن ٌكون هو نفسه ‪-‬‬
‫أو نفسها‪ .‬وهذا المفهوم له قٌمة كبٌرة فً صداقاتنا وفً عبلقاتنا الحمٌمة ‪ ،‬حٌث نؤمل حقا فٌه أن نتخلى‬
‫عن األقنعة التً نرتدٌها ونشعر بالراحة فً إظهار صفاتنا الفرٌدة‪ .‬ولكن فً حٌاتنا المهنٌة األمر ٌُصبح‬
‫أكثر تعقٌ ًدا‪ .‬وعندما ٌتعلق األمر بوظٌفة أو دور معٌن ٌجب تقمّصه فً المجتمع ‪ ،‬تصبح لدٌنا توقعات‬
‫بشؤن ما هو مهنً‪ .‬حٌث سنشعر بعدم االرتٌاح إذا بدأ ُربّان الطابرة فجؤة فً التصرؾ وكؤنه بابع سٌارات‬
‫‪ ،‬أو مٌكانٌكً تصرؾ مثل المعالج النفسً ‪ ،‬أو أستاذاً تصرؾ مثل موسٌقى الروك‪ .‬إذا تصرؾ هإالء‬
‫األشخاص مثلهم تمامًا ‪ ،‬وألقوا أقنعتهم ورفضوا لعب أدوارهم ‪ ،‬فسنتساءل عن كفاءتهم‪.‬‬
‫إن الشخصٌة السٌاسٌة أو الشخصٌة العامة التً نراها كؤكثر شخصٌة أصالة من اآلخرٌن هً أفضل‬
‫بشكل عام من ناحٌة إبراز هذه الصفة '' األصالة'' ‪ .‬حٌث ٌعلمون أن الظهور بالتواضع ‪ ،‬أو مناقشة‬
‫حٌاتهم الخاصة ‪ ،‬أو إخبار حكاٌاتهم التً تكشؾ عن وجود بعض الثؽرات الحساسة بهم سٌكون لها تؤثٌر‬
‫حقٌقً ألصالتهم‪ .‬نحن ال نراهم على حقٌقتهم عندما ٌكونوا فً منازلهم‪ .‬الحٌاة فً المجال العام تعنً‬
‫ارتداء قناع ٌُخفً حقٌقتك ‪ ،‬وأحٌا ًنا ٌرتدي البعض قناعا من "األصالة"‪ .‬حتى المحب ٌلعب دورا فً‬
‫ارتداء قناع كشخص محب أو المتمرد الذي ٌتقمص أدوارا بوضعٌات ووشم معٌن‪ .‬لٌس لدٌهم الحرٌة فً‬
‫ارتداء بدلة عمل فجؤة ‪ ،‬ألن اآلخرٌن فً دابرتهم سٌبدأون فً التشكٌك فً صدقهم ‪ ،‬والذي ٌعتمد على‬
‫عرض المظهر الصحٌح فً تلك الحالة‪ .‬حٌث ٌتمتع الناس بمزٌد من الحرٌة لجلب المزٌد من صفاتهم‬

‫‪90‬‬
‫الشخصٌة إلى الدور الذي ٌلعبونه بمجرد أن ٌثبتوا أنفسهم‪ ،‬بذلك إن كفاءتهم لن تصبح محل شك‪ .‬ولكن‬
‫هذا دابما ما ٌكون له حدود‪.‬‬
‫ٌلتزم معظمنا بوعً أو بؽٌر وعً بما هو متوقع منا فً تقمُّصِ ه ألننا ندرك أن نجاحنا االجتماعً ٌعتمد‬
‫على هذا‪ .‬قد ٌرفض البعض لعب هذه اللعبة ‪ ،‬لكن فً النهاٌة ٌُصبحون مُهمشٌن و مُجبرٌن على لعب‬
‫دور الؽرباء ‪ ،‬وبخٌارات محدودة وتقلٌصا لحرٌتهم عند تقدمهم فً السن‪ .‬بشكل عام ‪ ،‬من األفضل قبول‬
‫هذه الدٌنامٌكٌة واستخبلص بعض المتعة منها‪ .‬أنت لست على دراٌة بالمظاهر المناسبة التً ٌجب علٌك‬
‫تقدٌمها فحسب ‪ ،‬بل ٌجب أن تعرؾ كٌفٌة تشكٌلها لتحقٌق أقصى تؤثٌر‪ .‬عندها ٌمكنك بعد ذلك تحوٌل‬
‫نفسك إلى ممثل متفوق فً مسرح الحٌاة واالستمتاع بلحظاتك فً أضوابها‪.‬‬
‫فٌما ٌلً بعض األساسٌات فً فن إدارة االنطباع‪.‬‬
‫اتقنًاإلشاراتًالغٌرًاللفظٌة‪ .‬فً بعض البٌبات ‪ ،‬عندما ٌرٌد الناس الحصول على إصبلح حول هُوٌتنا ‪،‬‬
‫فإنهم ٌولون اهتمامًا أكبر لئلشارات الؽٌر اللفظٌة التً نصدرها‪ .‬قد ٌكون ذلك فً مقابلة عمل أو اجتماع‬
‫جماعً أو ظهور عام‪ .‬أدرك هذا ‪ ،‬أن المإدون االجتماعٌون األذكٌاء ٌعلمون كٌؾ ٌتحكمون فً هذه‬
‫اإلشارات إلى حد ما وٌعلمون كٌؾ ٌبعثون بوعً اإلشارات المناسبة واإلٌجابٌة‪ .‬إنهم ٌعرفون كٌؾ‬
‫ٌكونوا محبوبٌن ‪ ،‬وٌعلمون كٌؾ ٌبتسمون االبتسامات الحقٌقٌة ‪ ،‬وٌستخدمون لؽة جسدهم فً عملٌة‬
‫الترحٌب ‪ ،‬وٌُحاكون تعبٌرات األشخاص الذٌن ٌتعاملون معهم‪ .‬وٌعرفون إشارات الهٌمنة وكٌؾ ٌُشعون‬
‫ثقة‪ .‬إنهم ٌعرفون أن المظاهر أكثر تعبٌرً ا من الكلمات فً نقل تعبٌر االزدراء أو الجاذبٌة‪ .‬بشكل عام ‪،‬‬
‫ترٌد أن تكون على دراٌة بؤسلوبك ؼٌر اللفظً ‪ ،‬فٌجب علٌك أن تتمكن من تؽٌٌر بعض من جوانبك‬
‫المظهرٌة بوعً لتحقٌق تؤثٌر أفضل‪.‬‬
‫اتخذ ًمنهج ًال ُممثل‪ .‬فً طرٌقة تصرفك درب نفسك لتكون قادرً ا على إظهار المشاعر المناسبة عندما‬
‫تكون فً وضعٌة القٌادة أو الهٌمنة‪ .‬وعلٌك أن تشعر بالحزن عندما ٌستدعً جزء منك ذلك عن طرٌق‬
‫التذكٌر بتجاربك الخاصة التً تسببت فً مثل هذه المشاعر ‪ ،‬أو إذا لزم األمر تخٌل مثل هذه التجارب‬
‫التً تدل على الحزن‪ .‬و فً هذه المرحلة هً التً تكون لدٌك فٌها السٌطرة‪ .‬وفً الحٌاة الواقعٌة ‪ ،‬لٌس‬
‫من الممكن تدرٌب أنفسنا على هذه الدرجة ‪ ،‬لكن إن لم ٌكن لدٌك أي سٌطرة وتحكم ‪ ،‬وإذا كنت تشعر‬
‫باستمرار باالنفعال مهما حدث لك فً الوقت الحالً ‪ ،‬فسٌكون ذلك مإشرا على ضعفك وافتقارك العام‬
‫إلى التمكن من الذات‪ .‬تعلم كٌؾ تضع نفسك بوعً فً مزاج عاطفً مناسب من خبلل تخٌل كٌؾ ولماذا‬
‫ٌجب أن تشعر بالعاطفة المناسبة فً هذه الحالة أو األداء الذي أنت على وشك تقدٌمه أو تؤدٌته‪ .‬استسلم‬
‫للمشاعر فً ''اللحظة'' بحٌث ٌتم تنشٌط الوجه والجسم بشكل طبٌعً‪ .‬أحٌا ًنا من خبلل جعل نفسك فً‬
‫التعبٌر عن االبتسامة أو العبوس ‪ ،‬فإنك حقا ستشعر ببعض المشاعر التً تصاحب هذه التعبٌرات‪ .‬وبنفس‬
‫القدر من األهمٌة ‪ ،‬درب نفسك على العودة إلى التعبٌر األكثر حٌادٌة فً اللحظة الطبٌعٌة ‪ ،‬واحرص‬
‫على أال تتمادى فً مشاعرك‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫تكٌفًمعًجمهورك‪ .‬عند تعاملك مع جمهورك ٌجب علٌك أن تكون مرنا بالرؼم من أنك متكٌؾ مع بعض‬
‫المعاٌٌر التً حددها الدور الذي كنت تلعبه ‪ .،‬حٌث لم ٌؽفل فنان األداء البارع مثل بٌل كلٌنتون حقٌقته‬
‫كربٌس فقد كان ٌُظهر ثقته وقوته ‪ ،‬عندما كان ٌتحدث إلى مجموعة من أصحاب ُعمّال السٌارات فإنه كان‬
‫ٌُع ّدل لهجته وكلماته لتناسب أسلوبهم ‪ ،‬وكان ٌفعل الشًء نفسه بالنسبة لمجموعة من المدٌرٌن التنفٌذٌٌن‪.‬‬
‫إذا ٌجب علٌك أنت أٌضا أن تتعرؾ على جمهورك وأن تقوم بصٌاؼة اإلشارات الؽٌر اللفظٌة التً لدٌك‬
‫لتناسب أسلوبهم ‪.‬‬
‫اخلق ًالنطباع ًاألول ًالسلٌم‪ .‬لقد ثبت أن الناس ٌمٌلون إلى الحكم بنا ًء على االنطباعات األولىة‬
‫والصعوبات التً ٌواجهوها فً إعادة تقٌٌم هذه األحكام‪ .‬بمعرفتك ذلك ‪ٌ ،‬جب إٌبلء اهتماما وانتباها‬
‫إضافٌا لمظهرك والنطباعك األولً الذي ترٌد تقدٌمه أمام فرد أو مجموعة ما‪ .‬بشكل عام ‪ ،‬من األفضل‬
‫لك التخفٌؾ من حدة اإلشارات ؼٌر اللفظٌة وتقدٌم واجهة أكثر حٌادٌة‪ .‬إن الكثٌر من اإلثارة سٌشٌر إلى‬
‫انعدام األمان لدٌك وقد ٌشكك الناس بك‪ .‬ومع ذلك ‪ٌ ،‬جب أن تبتسم ابتسامة هادبة وأن تنظر إلى الناس فً‬
‫أعٌنهم خبلل اللقاءات األولى حٌت ٌمكن لهذا أن ٌفعل العجابب فً تقلٌل مقاومتهم الطبٌعٌة‪.‬‬
‫استخدم ًتأثٌرات ًدرامٌة‪ٌ .‬نطوي هذا فً الؽالب إتقان فن الحضور و الؽٌاب‪ .‬إذا كان حضورك أكثر من‬
‫البلزم ‪ ،‬إذا شاهدك الناس كثٌرً ا أو إذا استطاعوا التنبإ بما ستفعله بعد ذلك بالضبط ‪ ،‬فسوؾ ٌشعرون‬
‫بالملل منك بسرعة ‪ .‬وٌجب أن تعرؾ كٌفٌة متى تؽٌب بشكل انتقابً‪ ،‬وأن تنتظم فً كٌفٌة ؼٌابك وبٌن‬
‫توقٌت ظهورك أمام اآلخرٌن ‪ ،‬مما ٌجعلهم ٌرؼبون فً رإٌة المزٌد منك‪ ،‬ولٌس أقل‪ .‬اظهر هالة من‬
‫الؽموض فً نفسك ‪ ،‬واظهر بعض الصفات المتناقضة بمهارة‪ .‬إن الناس ال ٌحتاجون إلى معرفة كل شًء‬
‫عنك‪ .‬تعلم أن تحجب معلوماتك‪ .‬بشكل عام ‪ ،‬اجعل مظهرك وسلوكك أقل قابلٌة للتنبإ به‪.‬‬
‫ابرزًصفاتًالقدٌسٌن‪ .‬بؽض النظر عن الفترة التارٌخٌة التً نعٌش فٌها ‪ ،‬هناك بعض السمات التً ٌُنظر‬
‫إلٌها دابمًا على أنها إٌجابٌة وٌجب أن تعرؾ كٌفٌة إظهارها وابرازها‪ .‬على سبٌل المثال ‪ ،‬فإن مظهر‬
‫القداسة ال ٌتبلشى أب ًدا‪ .‬من المإكد أن الظهور بمظهر القدٌسٌن الٌوم مختلؾ تمامًا فً المحتوى عن‬
‫ظهورهم فً القرن السادس عشر ‪ ،‬ولكن الجوهر ٌبقى هو نفسه ‪ -‬فؤنت تجسد ما ٌعتبر جٌ ًدا وما فوق‬
‫الشبهات‪ .‬إن فً العالم الحدٌث ‪ٌ ،‬عنً هذا أن ُتظهر نفسك مُتحررا ومتسامحً ا للؽاٌة ومنفتحً ا‪ .‬حٌث‬
‫سترؼب فً أن تظهر بمظهر المانح بسخاء ألسباب معٌنة ودعمها على وسابل التواصل االجتماعً‪.‬‬
‫ابرازك لئلخبلص والصدق دابما ما ٌكون له تؤثٌر جٌد‪ .‬ومن خبلل اعترافك للعامة ببعض نقاط ضعفك و‬
‫حساسٌتك للنكسات ٌمكنه أن ٌكون له أٌضا تؤثٌر فعال وماكر ‪ .‬ولسبب ما ‪ ،‬إن الناس سٌرون إشارات‬
‫التواضع التً لدٌك على أنها تدل على األصالة ‪ ،‬بالرؼم من ذلك فإن الناس سٌحاكونها ‪ .‬لذلك تعلم فً‬
‫بعض األحٌان كٌفٌة خفض رأسك كً تبدو متواضع‪ .‬إذا كنت ترٌد القٌام بعمل قذر ‪ ،‬اجعل اآلخرٌن‬
‫ٌقومون به نٌابة عنك‪ .‬واجعل ٌدٌك نظٌفة‪ .‬ال تقم مطل ًقا بلعب دور الزعٌم المٌكٌافٌلً الذي فقط هذا الدور‬
‫ٌلٌق بمن ٌعملون بشكل جٌد على التلفزٌون‪ .‬استخدم إشارات الهٌمنة المناسبة لجعل الناس ٌعتقدون أنك‬
‫قوي ‪ ،‬حتى قبل أن تصل إلى القمة‪ .‬فؤنت ترؼب أن تبدو وكؤنك متجه نحو النجاح ‪ ،‬وهو تؤثٌر باطنً‬
‫ٌفعل فعله دابمًا‪.‬‬

‫‪92‬‬
‫إن سٌد هذه اللعبة هو اإلمبراطور أوؼسطس (‪ 63‬ق‪.‬م‪ 12 - .‬م) لروما القدٌمة‪ .‬حٌث قد فهم أوؼسطس‬
‫قٌمة وجود عدو جٌد لدٌك ‪ ،‬أي الشرٌر الذي ٌمكن أن ٌتناقض معه‪ .‬ولهذا الؽرض ‪ ،‬استخدم واستؽل‬
‫مارك أنتونً ‪ ،‬منافسه المبكر على السلطة ‪ ،‬كعنصر إحباط مثالً‪ .‬وقد ارتبط أوؼسطس شخصًٌا مع كل‬
‫شًء تقلٌدي فً المجتمع الرومانً ‪ ،‬حتى أنه قد وضع منزله بالقرب من المكان الذي ٌُفترض أن المدٌنة‬
‫تؤسست فٌه‪ .‬بٌنما كان أنطونً خارج مصر ‪ ،‬حٌث كان ٌتخبط مع الملكة كلٌوباترا واستسبلمه لحٌاة‬
‫الترؾ والرفاهٌة ‪ ،‬كان بإمكان أوؼسطس أن ٌشٌر باستمرار إلى خبلفاتهم ‪ ،‬و ٌُظهر فٌها نفسه باعتباره‬
‫تجسٌ ًدا للقٌم الرومانٌة ‪ ،‬التً كان فٌها أنتونً موضع خٌانة لهم‪ .‬بمجرد أن أصبح القابد األعلى لروما ‪،‬‬
‫ضا علنًٌا من القنوت والتواضع‪ ،‬وأعاد السلطة إلى مجلس الشٌوخ والناس‪ .‬وقد كان‬ ‫ق َّدم أوؼسطس عر ً‬
‫ٌتحدث التٌنٌة عامٌة وٌعٌش ببساطة ‪ ،‬مثل رجل من الشعب‪ .‬ولهذا كله كان له التبجٌل واالحترام‪ .‬بالطبع‬
‫‪ ،‬كان كل شًء ٌتمحور علٌه‪ .‬فً الواقع ‪ ،‬قضى معظم وقته فً فٌبل فاخرة خارج روما‪ .‬وقد كان لدٌه‬
‫ِمن من أماكن ؼرٌبة مثل مصر‪ .‬وبٌنما كان ٌظهر بمظهر الؽٌر مبالً‬ ‫العدٌد من العشٌقات‪ ،‬البلبً قد َ‬
‫للسلطة ‪ ،‬فقد تمسك بإصرار بالسٌطرة الحقٌقٌة على الجٌش‪ .‬وقد كان مهووسا بالمسرح ‪ ،‬حٌث كان‬
‫أوؼسطس مهرجا ً ومرتدٌا ً لؤلقنعة‪ .‬وقد أدرك ذلك ‪ ،‬ألن كانت آخر الكلمات التً تكلم بها على فراش‬
‫الموت‪" :‬هل تقمصت دوري فً مهزلة الحٌاة هذه بشكل جٌد بما فٌه الكفاٌة؟"‬
‫افهم ًهذا ً‪ :‬إن كلمة "شخصٌة" أتت من الكلمة البلتٌنٌة ''‪ ، ''Persona‬والتً تعنً "قناع"‪ .‬حٌث فً‬
‫المجتمع نرتدي جمٌ ًعا األقنعة ‪ ،‬وهذا األمر له وظٌفة إٌجابٌة‪ .‬إذا أظهرنا بالضبط هُوٌتنا وتحدثنا عن ما‬
‫فً عقولنا بؤمانة ‪ ،‬فسنتسبب فً اإلساءة إلى الجمٌع تقرٌبًا وكشؾ الصفات التً ٌتم إخفاءها بشكل أفضل‪.‬‬
‫إن امتبلك شخصٌة مُحددة ‪ ،‬وت َقمُّص دور جٌد ‪ ،‬فإنه ٌحمٌنا فً الواقع من األشخاص الذٌن ٌنظرون إلٌنا‬
‫عن كثب ‪ ،‬مع كل حاالت انعدام األمان الخاصة بنا من شؤنها أن تتفاقم‪ .‬وفً الواقع ‪ ،‬كلما لعبت دورك‬
‫بشكل أفضل ‪ ،‬زادت قدرتك على اكتساب القوة ‪ ،‬وبفضل هذه القوة ‪ ،‬ستتمتع بحرٌة التعبٌر عن المزٌد‬
‫من خصوصٌاتك‪ .‬إذا أخذت هذا األمر أبعد إلى حد كافً ‪ ،‬فستتطابق الشخصٌة التً تقدمها مع العدٌد من‬
‫خصابصك الفرٌدة ‪ ،‬ولكن دابمًا ما تتم زٌادتها ل ُتقدم تؤثٌرا ساحرا‪.‬‬

‫أره أنا''‪ .‬فرد علٌه هولمز ‪ '' :‬لٌس‬


‫قال واطسون لشارلوك هولمز ‪ٌ'' :‬بدو أنك رأٌت فٌها الكثٌر مما لم َ‬
‫تره ٌا واطسون‪ ،‬بل أنت لم تبلحظه‪ .‬فؤنت لم تعرؾ إلى أٌن تنظر‪ ،‬وهكذا فقد فاتك كل ما هو‬ ‫األمر أنك لم َ‬
‫مهم ولٌس بإمكانً أن أجعلك تدرك أهمٌة األكمام‪ ،‬أو الداللة التً أستنتجها من ظفر االبهام‪ ،‬أو أهمٌة‬
‫المسؤلة التً تتوقؾ على رباط الحذاء''‪.‬‬

‫‪ -‬السٌر آرثر كونان دوٌل ‪" ،‬قضٌةًهوٌة" الصفحة ‪ – 23‬الطبعة العربٌة‬

‫‪93‬‬

You might also like