Professional Documents
Culture Documents
تفريغ خطبة -أسباب انشراح الصدر PDF
تفريغ خطبة -أسباب انشراح الصدر PDF
ك إِبْرَاهِيمُ الفُوكِي
فَرَّغَهَا وَاعْتَنَى بِهَا أَبُو مَالِ ٍ
Majaliss.com
تَنْبِيه:
إن احلمد هلل حنمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ باهلل من رشور أنفسنا ومن سيئات
أعمانلا من يهده اهلل فال مضل هل ومن يضلل فال هادي هل وأشهد أن ال هلإ إال اهلل وحده
ال رشيك هل وأشهد أن حممدا عبده ورسوهل.
َ َ ُ ُ ذ ذ ََ ْ ُ ْ ُ ْ ُ َ َ َ ُّ َ ذ َ َ ُ ذ ُ ذ َ َ ذ ُ َ
{يا أيها اَّلِين آمنوا اتقوا اَّلل حق تقات ِ ِه وال تموتن إِال وأنتم مسلِمون} آل عمران.102
َ َ َ ََ َْ َ َ َ َ ذ َ ََ ُ ْ ْ َْ ُ ذُ َذ ُ ذ َ َ ُّ َ
حد ٍة َوخلق مِنها ز ْوجها َوبث
{يا أيها انلذاس اتقوا ربك ُم اَّلِي خلقكم مِن نف ٍس وا ِ
ُْ َ َ ً َ ً َ َ ً َ ذُ ذَ ذ ََ َُ َ َ ْ َْ َ َ ذ ذَ َ َ َ َْ ُ ْ
مِنهما ِرجاال كثِريا ون ِساء واتقوا اَّلل اَّلِي تساءلون ب ِ ِه واألرحام إِن اَّلل َكن عليكم
ً
َرقِيبا} النساء.1
ُ ْ ْ َ ُ ْ َ ْ َ َ ُ
ك ْم َويَ ْغفرْ ً َ َ ُّ َ ذ َ َ ُ ذ ُ ذ َ َ ُ ُ َ ْ ً َ
ِ {يا أيها اَّلِين آمنوا اتقوا اَّلل وقولوا قوال س ِديدا ( ،)70يصلِح لكم أعمال
ً ذَ َ َ ُ َُ َ َ ْ َ َ َْ ً َ َ ُ ْ ُُ َ ُ ْ َ ْ ُ
وَل فقد فاز فوزا ع ِظيما} األحزاب.71-70 لكم ذنوبكم َومن ي ِط ِع اَّلل ورس
أما بعد :فإن خري الالكم الكم اهلل ،وخري اهلدى هدى حممد صىل اهلل عليه وسلم ،ورش
األمور حمدثاتها ،ولك حمدثة بدعة ،ولك بدعة ضاللة ،ولك ضاللة يف انلار.
عباد اهلل :إن من خري ما نتواىص به اتلقوى ،فانلتق اهلل جل وعال -عباد اهلل ،-ولرناقب
مطلع علينا ،يعلم ّ ّ
جل وعال ،فإنه سبحانه وتعاىل ّ
رسنا وجهرنا ،ويعلم خائنة األعني اهلل
ُّ ُ ذ ذَ َ ٌ َ
ور} املائدة.7
ِ د الص ات
ِ ذوما ختيف الصدور{ ،إِن اَّلل علِيم ب ِ
ّ
يوفق هل العبد ،أن يرشح ُ
اهلل صدره لإلسالم ،ذلك أنه إذا عباد اهلل :إن من أعظم ما
بالقبولّ ، َ ّ
وتقبلتها وأنت رشح اهلل صدرك لإلسالم أقبلت عليه ،وتلقيت تعايلم اإلسالم
جل وعال ىلع ّ ّ يف اغية الراحة والسكينة ،ويف اغية الطمأنينة ،وقد ّ
نبيه صىل اهلل امنت اهلل
ََْ َْ َ ْ َ َ َ ْ َ َ ّ
عليه وسلم ،بأن رشح صدره لإلسالم ،فقال جل وعال {ألم نْشح لك صدرك} الرشح،1
روى إلمام احلاكم يف مستدركه ،بسند جيد إىل ابن عباس ريض اهلل عنهما ،قال :قال
2
رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم (سألت ريب مسألة وددت أين لم أسأَل ،قلت :يارب َكنت
ّ ّ
قبيل رسل منهم من سخرت َل الرياح ،ومنهم من َكن حييي املوىت ،ولكمت موىس ،قال
ّ
جل وعال :ألم أجدك يتيما فآويتك؟ ألم أجدك ضاال فهديتك؟ ألم أجدك اعئال
فأغنيتك؟ ألم أرشح لك صدرك؟ ووضعت عنك وزرك؟ فقلت :بىل يا رب ،وددت أن لم
ّ أسأَل) ،1فقد ّ
من اهلل جل وعال ىلع نبيه صىل اهلل عليه وسلم بأن رشح صدره لإلسالم.
ّ ومن ثمة عباد اهلل داع موىس ربه أن يعطيه ذلكّ ،
لما أرسله جل وعال إىل فرعون ،فقال
َ ْ ُْ ُْ َ ً ْ َ َ ِّ ْ َ ْ َ ْ َ َ َ ِّ ْ َ ْ
ارشح ِِل صد ِري ( )25ويِّس ِِل أم ِري ( )26واحلل عقدة مِن كما قال ربنا {قال رب
َْ َ ُ َْ َ
ل ِس ِاين ( )27يفقهوا قو ِل} طه.28-25
ّ
فرشح الصدر -عباد اهلل -نعمة من نعم اهلل جل وعال ،نعمة عظيمة من اهلل ىلع العبد،
ْ ِّ َ ْ ٌ ْ َ َ ََ َ ْ َ َ َ ذُ َ ْ َُ ْ ْ َ ََُ ََ ُ ّ
ور مِن َرب ِه ف َويل ل ِلقا ِسي ِة
ٍ ن لَع وهف ِ
م ال س ِْل
ِ ل هر د ص اَّلل حرش نم ف أ { وعال جل وهلذا قال
َ َ ُ ُُ ُُْ ْ ْ ذ ُ َ َ
ي} الزمر ،22أي أنه ال يستوي من رشح اهلل قلوبهم مِن ذِك ِر اَّللِ أوَل ِك ِِف ضال ٍل مب ِ ٍ
ذُ ْ َْ َُ َ ََ ْ ُ ّ
صدره لإلسالم ،ومن اكن قلبه قاسيا ،وقال ربنا جل وعال {فمن ي ِر ِد اَّلل أن يه ِديه
َ ْ ُ ْ َ ْ ُ ذ ُ َ ْ َ ْ َ ْ َ ِّ ً َ ً َ َ ذ َ َ ذ ذ ُ َْ َ ْ َ ْ ْ ْ َ
ْشح صد َرهُ ل ِِْلسال ِم َومن ي ِرد أن ي ِضله َيعل صد َرهُ ضيقا ح َرجا كأنما يصعد ِِف ي
ذ َ َ َ َ َ ْ َ ُ ذ ُ ِّ ْ َ َ َ ذ َ َ ُ ْ ُ َ
السماءِ كذل ِك َيعل اَّلل الرجس لَع اَّلِين ال يؤمِنون} األنعام ،125أي من عالمة
سعادة العبد وهداية أن يرشح اهلل صدره لإلسالم ،أي ّ
يوسعه هل ،ويتسع وينفسح ذللك.
ّ
قال ابن عباس ريض اهلل عنهما (يوسع قلبه للتوحيد واإليمان به) ،2وقال اإلمام
ّ
القرطيب رمحه اهلل (وسعه بابليان َّللك) ،3وعندها -عباد اهلل -يستنري القلب بنور
ّ
وحتب اخلري ،وتقبل عليه، اإليمان ،وحيىي بضوء ايلقني ،فتطمنئ انلفس عند ذلك،
ّ ّ
وتطوع هل انلفس فيلتذ بذلك الفعل.
3
ُ
ومن عالمة شقاوة العبد وضالهل ،أن ُيعل صدره ضيقا عن قبول اإلسالم ،فينفر عن
ّ
هذا ادلين ،ويراه تكلفا يف القيام به ،كحال من يتلكف الصعود يف السماء وهو ال يقدر
ىلع ذلك.
قال ابن عباس ريض اهلل عنهما (احلرج موضع الشجر امللتف ،فكأن قلب الاكفر ال
تصل إيله احلكمة ،كما ال تصل الراعية -أي الشاة -إىل املوضع اَّلي اتلف شجره)،4
وروي عن عمر ريض اهلل عنه يف تفسري ذلك أن احلرجة يه الشجرة تكون بني ُ
األشجار ،اليت ال تصل إيلها راعية ،وال وحشية ،وال يشء ،فقال :وكذلك قلب املنافق ،ال
يصل إيله يشء من اخلري.
ّ
ولما اكن انرشاح الصدر لإلسالم -عباد اهلل ،-من انلعم العظيمة ،فاعلموا أن ذللك
أسباب ،ينبيغ ىلع العبد أن حيرص عليها ،أن حيرص عليها أشد احلرص ،وقد أشار
اإلمام ابن القيم رمحه اهلل ،إىل مجلة من هذه األسباب:
ّ
=1فأوهلا اتلوحيد ،صفاء توحيد العبد لربه جل وعال ،سالمة العقيدة ،وصحة اإليمان،
ّ
أن ال تعبد إال اهلل ،وأن ال تتوجه بأي نوع من أنواع العبادة إال إىل اهلل جل وعال ،سواء
يف ذلك اكنت العبادة قويلة أو فعلية أو قلبية ،فإنما تتوجه بها إىل اهلل ،فبصفاء القلب
ُ ََ َ َ َ ذُ ًََ ُ ً ّ
رشَك ُء َضب اَّلل مثال َرجال فِي ِه والعمل ،يكون العبد منرشح الصدر ،قال جل وعال {
ُ َ َ ُ َ َ َ ُ ً َ َ ً َ ُ َ ْ َ ْ َ َ َ َ ً َْ ْ ُ ذ َ ْ َ ْ َ ُ ُ ْ َ
ان مثال احلمد َِّللِ بل أكَثهم ال متشاك ِسون ورجال سلما ل ِرج ٍل هل يست ِوي ِ
ٌّ ََُْ َ
يعلمون}الزمر ،29فهذا مثل رضبه اهلل جل وعال ،مثل العبد اذلي يتشاركه رشاكء ،لك
يأمره بما ال يأمره به اآلخر ،فيكون العبد مشوش القلب ،وعبد آخر ليس هل إال سيد
واحد ،يأتمر بأمره وينتيه بنهيه ،فإنه منرشح ابلال والصدر ،قال ابن عباس ريض اهلل
ُ
عنهما (هذه اآلية َضبت مثال للمْشك واملخلص) 5انتىه الكمه ريض اهلل عنه.
4
=2ومن أسباب انرشاح الصدر انلور اذلي يقذفه اهلل جل وعال يف قلب العبد ،وهو نور
َ
القلب ،ومما يساعد ىلع حتصيل هذا انلور اإليمان ،فهذا يرشح الصدر ويوسعه ويفرح
من عند اهلل جل وعال ،االشتغال بطاعة اهلل ،واالشتغال بذكر اهلل ،وكرثة ذكره
واستغفاره ،فإن املؤمن إذا فعل الطاعة ،وترك املعصية ،وجد ذللك أثرا من حالوة ونور
يف القلب ،فذلك سبب من أسباب انرشاح الصدر.
=3ومن األسباب العلم عباد اهلل ،واملراد به العلم املوروث عن الرسول صىل اهلل عليه
وسلم ،وهو العلم انلافع ،فأهل العلم -عباد اهلل -أرشح انلاس صدرا ،وأوسعهم قلوبا،
قال عليه الصالة والسالم ،فيما رواه مسلم (من سلك طريقا يلتمس فيه علما ،سهل
ّ
اهلل َل به طريقا إىل اجلنة) ،6والشك أنه إذا ُسهل هذا الطريق إىل اجلنة ،فإن ذلك من
عالمة انرشاح صدر العبد املؤمن.
=4ومن األسباب أيضا اإلنابة إىل اهلل جل وعال ،وحمبته تعاىل بكل القلب ،واإلقبال
ّ
واتلنعم بعبادته ،فال يشء -عباد اهلل -أرشح للصدر من ذلك ،حىت إنه يلقول ىلع اهلل،
بعض أهل العلم ،وقد وجد من نعيم القلب ورسوره وفرحه ،قال :إن اكن أهل اجلنة يف
ً ً
مثل هذا ،إنهم ليف عيش طيب ،فلكما ازداد حال العبد يف هذا اجلانب إنابة وحمبة،
ّ
وتنعما بالعبادة واإلقبال ىلع اهلل ،لكما ازداد أنسه باهلل ،وازداد انرشاح صدره أيضا ،يدل
تقرب ذجل وعال (وما ذ ّ
إِل عبدي ىلع ذلك قوهل صىل اهلل عليه وسلم فيما يرويه عن ربه
ذ ُ ذ ذ ُ ذ ذ ُ ُ ذ ذ ذ
وافل حَّت أحبه ،
بيش ٍء أحب إِل مما افرتضت عليه ،وما يزال عبدي يتقرب إِل بانل ِ
َُ َ ذ ُ ُ
فإذا أحببته :كنت سمعه اَّلي يسمع به 7)...رواه ابلخاري.
وهذا -عباد اهلل -من أذل ما ُيد العبد وهو ينيب إىل ربه ،ويسىع يف حمبته ،ويقبل ىلع
ينغص عليك ذلك أيخ املؤمن ،وال ّ ّ ّ
يضيقه عليك إال إذا ويتنعم بعبادته ،وال اهلل،
5
خالطت ّ
ابلطالني ،الفارغني من هذا الشأن ،فرؤيتهم -كما قال بعض أهل العلمً -
قذى
يف العني ،وخمالطتهم ّ
حّم للروح -عياذا باهلل تعاىل.-
[اخلطبة اثلانية]
احلمد هلل رب العاملني ،والصالة والسالم ىلع أرشف األنبياء واملرسلنيّ ،
نبينا حممد وىلع
آهل وصحبه أمجعني.
=5ومن أسباب انرشاح الصدر عباد اهلل ،املداومة ىلع ذكر اهلل عز وجل يف لك حال ويف
لك موطن ،فإن ذلك هل تأثري عظيم يف انرشاح صدر العبد ،قالت اعئشة ريض اهلل عنها
كما يف الصحيحني (َكن رسول اهلل صىل اهلل عليه وسلم يذكر اهلل ِف لك أحواَل) ،8ويف
ّ
صحيح مسلم أنهم عليهم الرضوان -أي الصحابة الكرام -ربما عدوا للنيب صىل اهلل
عليه وسلم ،يف املجلس الواحد (أستغفر اهلل وأتوب إيله سبعي مرة أو أزيد من ذلك).
=6ومن أسباب انرشاح الصدر عباد اهلل ،اإلحسان إىل اخللق ،ونفع اخللق بما يمكن
نفع بدين ،أو
أن ينفعهم به اإلنسان ،وبما يمكن أن حيسن إيلهم به ،من مال أو جاه ،أو ٍ
غري ذلك من سائر أنواع اإلحسان ،وقد رضب انليب عليه الصالة والسالم مثال
ّ ّ
للمتصدقني ،بمن عليه جنة من حديد ،لكما تصدق اتسعت عليه ،فقال صىل اهلل عليه
ُذ ُ
تان
واملنفق ،كمثل رجلي ،عليهما جب ِ
ِ ابلخيل
ِ وسلم -فيما رواه ابلخاري ومسلم( -مثل
ْ ُ
حديد ،من ثديهما إىل تراقيهما ،فأما املنفق :فال ينفق إال سبغت ،أو وفرت لَع
ٍ من
ُ جدلِه ،حَّت ختيف بنانَه ،وتعفو َ
أثره) أي أنها تتسع عليه (وأما ابلخيل :فال يريد أن ينفق
6
ْ ُّ ً
شيئا إال لزقت لك حلق ٍة ماكنها ،فهو يوسعها وال تتسع) ،9فهذا مثل املنفق يف سبيل اهلل،
فلكما سعيت يف اإلحسان إىل اخللق ،لكما ازداد صدرك انرشاحا باإلسالم.
=7ومن أسباب انرشاح الصدر -عباد اهلل -الشجاعة ،فالشجاع منرشح الصدر ،متسع
القلب ،ليس حاهل كحال اجلبان.
=8ومن أسباب انرشاح الصدر أيضا ،إخراج دخن القلب من الصفات املذمومة ،اليت
توجب ضيقه وعذابه ،الصفات املذمومة يف القلب -عباد اهلل -تضيق الصدر ىلع
صاحبه ،وهذه الصفات اكحلقد والكره ،والغيض وابلغض واحلسد والغيبة ،وانلميمة
والكذب ،واخليانة ،واخلديعة ،واملكر والغدر ،وغري ذلك من الصفات املذمومة.
ّ
فإن من أىت بأسباب انرشاح الصدر ،ولكنه لم يصف قلبه من هذه الصفات املذمومة،
لم حيصل هل ذلك االنرشاح.
=9ومن أسباب انرشاح الصدر -عباد اهلل -ترك الفضول ،وجماوزة احلد يف انلظر
والالكم ،واالستماع ،واملخالطة ،واألكل وانلوم ،فهذا الفضول حيدث آالما وغموما،
ّ ّ
وتضيقه وتعذبه. وهموما يف القلب ،حترصه وحتبسه
ثم اعلموا عباد اهلل إن اكنت هذه األسباب اليت سبق ذكرها يه أسباب انرشاح الصدر،
فإن عكس هذه األسباب ،يه أسباب لضيق الصدر ،واحنرافه ،فأسباب ضيق الصدر
واحنرافه:
الرشك باهلل جل وعال ،والضالل جبميع أنواعه ،وفقدان انلور ،اذلي يقذفه اهلل يف قلب
العبد ،وهذا يكون بأن يفقد اإلنسان أسباب هذا انلور
ومن أسباب ضيق الصدر واحنرافه اجلهل بالعلم املوروث عن رسول اهلل صىل اهلل عليه
ّ
وسلم ،واإلعراض عن اهلل جل وعال ،وتعلق القلب بغري اهلل تعاىل ،والغفلة عن دين اهلل
ّ ّ عز وجل ،والغفلة عن ّ
املحبة بسوى اهلل تبارك وتعاىل. حمبة اهلل عز وجل ،وتعلق
7
ومن األسباب أيضا ابلخل ،وعدم اإلحسان ،ومن األسباب كذلك اجلنب ،ومنها أيضا أن
ومكر
ٍ يمتلئ القلب بالصفات املذمومة من حقد ،وحسد ،وغيض ،وغدر ،وخديعة،
وغري ذلك.
ومن األسباب الفضول والزيادة يف انلظر والالكم ،واالستماع ،واألكل وانلوم ،واملخالطة.
فهذه عباد اهلل أسباب ّ
تضيق الصدر ،وتوقعه يف احلرج ،فال هلإ إال اهلل ما أضيق صدر
من رضب يف لك آفة من هذه اآلفات بسهم ،وما أنكد عيشه ،وما أسوأ حاهل ،وما أشد
حرسة قلبه.
وال هلإ إال اهلل ما أنعم عيش من رضب يف لك خصلة من تلك اخلصال املحمودة بسهم،
ذ ْ ََْ َ َ
واكنت همته دائرة عليها ،حائمة حوهلا ،فلهذا نصيب وافر من قوهل تعاىل {إِن األبرار ل ِيف
َ
يم}االنفطار ،13وذللك نصيب وافر ،أي من مجع أسباب ضيق الصدر ،من قوهل تعاىل ن ِع ٍ
ذ ُْ ذ َ َ َ
يم}االنفطار ،14وبينهما مراتب ال حيصيها إال اهلل تبارك وتعاىل.ح ٍ{ َوإِن الفجار ل ِيف ج ِ
فهما صدران -عباد اهلل -وهما قلبان ،صدر وقلب فيه نعيم ورسور ،يصري يف قربه رياضا
حرج ،يصري يف قربه عذابا وسجنا ،فحال العبد يف القرب، ٌ ٌّ ٌ
وجنة ،وصدر وقلب ضيق ِ
كحال القلب يف ّ
الصدر ،فإما نعيم وإما عذاب.
يزنعجن أحد عباد اهلل من أن منرشح ّ
الصدر قد يصيبه ضيق ،وض ّيق الصدر قد ّ وال
لعارض
ٍ صدر
ٍ لعارض ما ،وال عربة بضيق
ٍ يصيبه انرشاح ،ألنه ال عربة بانرشاح الصدر
ما ،فإن العوارض رساعن ما تزول ،بزوال أسبابها ،وإنما ّ
املعول -عباد اهلل -ىلع الصفة
اليت قامت بالقلب ،توجب انرشاحه وحبسه ،فهذا هو املزيان.
وحاصل ما سبق -عباد اهلل -أن نقول :لقد اكن انليب صىل اهلل عليه وسلم ،أكمل اخللق
لك صف ٍة حيصل بها انرشاح الصدر ،واتساع القلبّ ، ّ
وقرة العني ،وحياة الروح ،فأكمل يف
ًّ
عني،
صدر ،وذلة ،وقرة ٍ
ٍ انلاس متابعة هل عليه الصالة والسالم ،هو أكملهم انرشاح
روح.
وحياة ٍ
8
وىلع حسب املتابعة للنيب عليه الصالة والسالم ،ينال العبد من انرشاح الصدرّ ،
وقرة
العني ،وذلة الروح ما ينال ،فهو صىل اهلل عليه وسلم يف اذلروة من رشح الصدر ،ورفع
اذلكر ،ووضع الوزر ،وألتباعه من ذلك حبسب نصيبهم من اتباعهم للنيب صىل اهلل عليه
وسلم.
وكذلك ألتباعه صىل اهلل عليه وسلم ،نصيب من حفظ اهلل عز وجل هلم ،وعصمته
إياهم ،ودفاعه عنهم ،وإعزازه هلم ،ونرصه هلم حبسب نصيبهم من املتابعة للنيب صىل اهلل
ّ
عليه وسلم ،وانلاس يف ذلك -عباد اهلل -بني مستقل من االتباع ،ومستكرث ذللك ،ويوم
ّ
يلومن إال نفسه ،واهلل اللقاء من وجد خريا فليحمد اهلل ،ومن وجد غري ذلك ،فال
املستعان.
ّ
نسأهل تبارك وتعاىل ،أن يوفقنا ألسباب انرشاح الصدر ،وأن يرشح صدورنا لإلسالم ،إنه
سميع قريب جميب ،كما نسأهل تبارك وتعاىل ،أن ينرص اإلسالم واملسلمني ،وأن خيذل
ّ
الكفرة واملنافقني ،وأن يعيل راية ادلين ،ونسأهل جل وعال أن ُيعل كيد األعداء يف
حنورهم ،وأن ُيعل تدبريهم ىلع املسلمني تدمريا ألعداء اهلل تبارك وتعاىل ،كما نسأهل
ّ
جل وعال أن يغيثنا ،وأن يسقينا ،وأن يرزقنا من فضله ،إنه سميع قريب جميب.
ّ
أقول هذا وأستغفر اهلل يل ولكم إنه غفور رحيم ،وسبحانك امهلل وحبمدك ،أشهد أال
إيه إال أنت ،أستغفرك وأتوب إيلك.
9