Tafrihg Ktabsiam Mwatta PDF

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 153

‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫‪1‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫[شرح كتاب الصقام مـ مقصل اإلمام مالؽ]‬

‫لػضقؾة الشقخ أبل طبد الرحؿـ محؿد بـ خدة الجزائري‬

‫(( الؿجؾس إول ))‬

‫بسؿ اهلل الرحؿـ الرحقؿ والصالة والسالم طؾك أشرف إكبقاء والؿرسؾقـ كبقـا محؿد وطؾك مـ اهتدى‬
‫هبديف إلك يقم الديـ وسؾؿ تسؾقؿا كثقرا أما بعد ‪:‬‬

‫فنن خقر الؽالم كالم اهلل تعالك ‪ ،‬وخقر الفدى هدى كبقـا محؿد صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ ‪ ،‬وشر‬
‫إمقر محدثاهتا و كؾ محدثة بدطة وكؾ بدطة ضاللة ‪ ،‬وكؾ ضاللة يف الـار‬

‫سـلخذ إن شاء اهلل تعالك شرحا مقجزا لألحاديث التل أوردها اإلمام مالؽ يف مقصئف ‪ ،‬يف كتاب الصقام‪،‬‬
‫مع بقان الؿسائؾ التل تستػاد مـ مجؿقع هذه إحاديث‬

‫كستفؾ هذا الشرح أو التعؾقؼ بذكر ترجؿة مقجزة لإلمام مالؽ رحؿف اهلل تعالك ‪ ،‬وكؾؿة حقل مقصئف‬
‫ثؿ كشرع بعد ذلؽ يف الؽالم طؾك ما تضؿـف كتاب الصقام مـ إحؽام‬

‫أما ترجؿتف ففق اإلمام مالؽ ابـ أكس ابـ مالؽ بـ أبل طامر يـتفل كسبف إلك ذي أصبح أو هق ذو أصبح‬
‫‪ ،‬ففق مالؽ ابـ أكس ابـ مالؽ ابـ أبل طامر ابـ طؿرو ابـ الحارث ابـ غقؿان ولقس طثؿان ‪ ،‬ابـ خثقؾ‬
‫ولقس جػقؾ ابـ طؿرو ابـ الحارث مـ ذي أصبح ‪ ،‬واختؾػ يف كسبف إلك ذي أصبح فبعضفؿ يـسبف إلك‬
‫بـل تؿقؿ ‪ ،‬أو إلك بـل تقؿ ‪ ،‬والصقاب أن كسبتف إلك التؿقؿل هل كسبة وٓء حؾػ ‪ ،‬وإٓ فـسبف مـ ذي‬
‫طؿ مالؽ أبق سفقؾ (كحـ ققم مـ ذي أصبح قدم جدكا الؿديـة فتزوج مـ التؿقؿققـ‬
‫أصبح ‪ ،‬كؿا قال ّ‬
‫فؽان معفؿ فـسبـا إلقفؿ )‬

‫وأمف رحؿف اهلل تعالك العالقة بـت شريؽ أزدية ‪،‬وكان مقلده سـة ‪ 69‬هـ طؾك الصحقح وققؾ غقر ذلؽ‬

‫وأما أهؾف وطائؾتف فجد أبقف أبق طامر يعد مـ الصحابة ‪ ،‬فؼد شفد الؿشاهد مع الـبل رحؿف اهلل تعالك‬
‫خال بدرا ‪ ،‬وجده مالؽ أبق أكس مـ كبار التابعقـ ‪ ،‬و ُكؼؾت طـف رواية طـ طؿر وصؾحة وطائشة ‪ ،‬وأبل‬
‫هريرة وحسان ابـ ثابت رضل اهلل طـ الجؿقع ‪ ،‬وققؾ هق أحد إربعة الذيـ حؿؾقا طثؿان رضل اهلل‬

‫‪2‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫طـف إلك قربه فدفـقه لقال ‪ ،‬رحؿة اهلل طؾقف ‪ ،‬وكان صاحبا لطؾحة ويروي طـف بـقه ‪ :‬أكس ‪ ،‬وأبق سفؾ ‪،‬‬
‫وكافع ‪ ،‬والربقع‪.‬‬

‫وققؾ أن طثؿان بعث جد مالؽ ابـ أكس غازيا إلك إفريؼقا فػتحفا ‪ ،‬وكؼؾ أكف كان مؿـ يؽتب الؿصحػ‬
‫لؿا جؿع طثؿان رضل اهلل طـ ف الؿصاحػ ‪ ،‬وكان طؿر ابـ طبد العزيز يستشقره كؿا ذكر ذلؽ مالؽ يف‬
‫ّ‬
‫الؿقصل‬

‫وأما أوٓده فؼقؾ أن لف أربعة أوٓد ‪ :‬محؿد ويحقك وفاصؿة ‪ ،‬ثالثة ‪ ،‬وزاد بعضفؿ رابعا وهق حؿاد ‪،‬‬
‫لؿا تقيف أوصك بقحقك ومحؿد ولؿ يقص بأخريـ إلك أحد رحؿف‬
‫وكـّك البـت بلم البفاء ‪ ،‬وققؾ أكف ّ‬
‫اهلل تعالك‪.‬‬

‫وذكر أن ابـتف كاكت طؾك طؾؿ وفؼف فؽاكت تجؾس خؾػ الباب ‪ ،‬فنذا قرأ الؼارئ طؾك مالؽ رحؿف اهلل‬
‫تعالك وغؾط ‪ ،‬دقت الباب فقـتبف اإلمام مالؽ إلك الخطل فقرد الؼارئ رحؿف اهلل تعالك‬
‫هذا ما ذكر يف أخبار طائؾتف أو أهؾف وآلف‬

‫أما صػاتف ‪ :‬فؼد كان جسقؿا طظقؿ الفامة أبقض الرأس والؾحقة شديد البقاض إلك الصػرة أطقـ ‪ ،‬حسـ‬
‫الصقرة ‪ ،‬كثقر الؾحقة تبؾغ صدره ذا سعة وصقل رحؿف اهلل ‪ ،‬وكان يلخذ مـ أصراف شاربف وٓ يحؾؼف أو‬
‫يح ّػف ‪ ،‬وكان يرتك لف س َب َؾتقـ صقيؾتقـ ويحتج بػعؾ طؿر رضل اهلل طـف لذلؽ رحؿف اهلل تعالك‬

‫وكان يف أو ل أمره ضقؼ الحال ثؿ اتسع حالف وكان صاحب ثقاب حسـة صقبة جقدة جؿقؾة رحؿف اهلل‬
‫تعالك ‪ ،‬فؼقؾ لف يف ذلؽ فؼال إ كف يريد أن تظفر كعؿة اهلل طؾقف ‪ ،‬كؿا جاء يف حديث رسقل اهلل صؾك اهلل‬
‫طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ ( إن اهلل إذا أكعؿ طؾك طبد كعؿة أحب أن تظفر طؾقف )‬

‫فضة فصف أسقد مـؼقش طؾقف (حسبـا اهلل وكعؿ القكقؾ) رحؿف اهلل تعالك‬
‫وكان لف خاتؿ مـ ّ‬

‫أما صؾبف لؾعؾؿ فؼقؾ أكف قال يف صغره ٕمف (أريد أن أكتب العؾؿ) قالت (تعالك) فللبستف لباس العؾؿ‬
‫وأرسؾت إلقف بف لقؽتب العؾؿ ‪ ،‬فالزم ابـ هرمز ‪ ،‬وأكثر طـف ‪ ،‬وٓزم أيضا ربقعة الرأي ‪ ،‬ثؿ أكثر طـ‬
‫إخذ طـ الؿشايخ مـ أهؾ الؿديـة ‪ ،‬وطـ طؾؿائفا رحؿف اهلل تعالك حتك برز وققي وصار أهال‬
‫لشفادة طؾؿاء زماكف أن يتصدر ‪ ،‬فجؾس وجؾس الـاس لف وهق ابـ سبع طشرة سـة رحؿف اهلل تعالك‬

‫‪3‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫الؿزي يف ترجؿتف يف (هتذيب الؽؿال) وكذا مـ روى طـف العؾؿ ‪،‬‬


‫ومشايخف كثر ‪ ،‬سرد كثقرا مـفؿ اإلمام ّ‬
‫بؾ روى طـف حتك بعض مشايخف ‪ ،‬وروى طـف مـ أقراكف الؽثقر‬

‫وقد أثـك طؾقف العؾؿاء قال ابـ هرمز وهق شقخف (إكف طالؿ الـاس)‬
‫وقال أهؾ العؾؿ (أصح إساكقد مالؽ طـ كافع طـ ابـ طؿر)‬
‫وكان يؼقل سػقان بـ طققـة يف حديث الـبل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ (لقضرب ّـ الـاس أكباد اإلبؾ‬
‫يف صؾب العؾؿ فال يجدون طالؿا إٓ طالؿ الؿديـة ) قال ابـ طققـة (كـت أققل ‪:‬هق سعقد ابـ الؿسقب ‪،‬‬
‫ولؽـ طؾؿت أكف كان معف سالؿ بـ طبد اهلل ‪ ،‬وسؾقؿان بـ يسار وغقرهؿ ثؿ استؼر أمره إلك أكف مالؽ فال‬
‫يقجد لف يف الدكقا كظقر ) فؽان يػسر ال حديث بلكف مالؽ رحؿف اهلل تعالك ‪ ،‬وٓشؽ أن اإلمام مالؽ‬
‫رحؿف اهلل تعالك بشفادة كثقر مـ العؾؿاء لف كصقب مـ هذا الحديث رحؿف اهلل تعالك‬
‫قال اإلمام الدارقطـل (ٓ أطؾؿ أحدا تؼدم أو تلخر اجتؿع لف مـ العؾؿ ما اجتؿع لؿالؽ رحؿف اهلل تعالك)‬

‫وذكر يف ترجؿتف أكف جاء لف ابـ كثقر الؼارئ فلططاه رقعة فقضعفا تحت رحالف الذي كان جالسا طؾقف‬
‫فؾؿا اكػض الـاس ‪ ،‬قام أحد جؾسائف لقذهب ‪ ،‬فؼال (اجؾس ‪ ،‬كاولـل الرقعة واقرأ ما فقفا) فؼرأ ما فقفا‬
‫فنذا بأيت يخربه أكف رأى رؤيا ‪ ،‬وهل ( أهنؿ يف مجؾس رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ ‪ ،‬فؼال‬
‫الـبل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ ‪ :‬اذهبقا إلك مالؽ فنن طـده كـز يقزطف طؾقؽؿ ‪-‬أو كحق هذا‪)-‬‬
‫فلو َلت طؾك أكف يـشر حديث رسقل اهلل صؾك اهلل‬
‫فبؽك مالؽ رحؿف اهلل تعالك حتك قام جؾقسف وتركف ‪ّ ،‬‬
‫طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ يف الؿديـة فرحؿة اهلل تعالك طؾقف‬

‫ولؿا تـا قش اإلمام الشافعل مع محؿد ابـ الحسـ يف أيفؿ أفضؾ هؾ هق‪ :‬اإلمام مالؽ أو أبق حـقػة ‪،‬‬
‫ّ‬
‫فؼال الشافعل (أطؾك اإلكصاف؟) قال (كعؿ) قال (أيفؿ أطؾؿ بؽتاب اهلل؟ أصاحبـا أم صاحبؽؿ ؟ ) قال‬
‫(صاحبؽؿ) ‪-‬أي مالؽ‪ -‬قال( فليفؿ أطؾؿ بحديث رسقل اهلل؟) فؼال ابـ الحسـ لؾشافعل (صاحبؽؿ)‬
‫قال ( فليفؿ أطؾؿ بلققال أصحاب رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ ) قال (صاحبؽؿ) ‪ ،‬قال‬
‫(فؾؿ يبؼ إٓ الؼقاس وٓ ققاس إٓ طؾك ما سبؼ) فلقر لف بلكف مؼدَّ م رحؿف اهلل تعالك‬

‫ذكر اإلمام الذهبل هذه الؽؾؿة ثؿ قال رحؿف اهلل تعالك كؾؿة قال (وطؾك اإلكصاف ‪ -‬كؿا قال الشافعل‬
‫لؿحؿد ابـ الحسـ ‪ -‬فؾق قال قائؾ بؾ هؿا يف كتاب اهلل سقاء ‪ ،‬وإول أطؾؿ بالؼقاس ‪ -‬أي أبق حـقػة ‪-‬‬
‫والثاين أطؾؿ بالسـة ‪ -‬أي اإلمام مالؽ ‪ -‬وطـده طؾؿ بلققال كثقر مـ الصحابة ‪ ،‬وإول طـده كثقر مـ‬

‫‪4‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫أققال طؾل وابـ مسعقد وصائػة مؿـ كاكقا بالؽقفة مـ أصحاب رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف‬
‫وسؾؿ ) ففؿا سقاء يف كتاب اهلل ‪ ،‬ولإلمام مالؽ طؾؿ بالسـة وأققال الصحابة ‪ ،‬وٕبل حـقػة طؾؿ‬
‫بالؼقاس وأققال بعض الصحابة مؿـ كزل الؽقفة ‪ ،‬فقرى الذهبل أهنؿا سقاء ‪( ،‬فرضل اهلل طـ اإلمامقـ‬
‫فؼد صركا يف وقت ٓ يؼدر الشخص طؾك الـطؼ باإلكصاف فـسلل اهلل السالمة)‬

‫كان رحؿف اهلل تعالك يف مجؾسف تعؾق الـاس الفقبة والققار والسؽقـة فؿجؾسف مجؾس طؾؿ وفتقا‬
‫وتحديث حتك أن القاحد فقفؿ كان كؿا قال الشافعل يتفقب مـ أن يؼؾب القرقة حتك ٓ ُيسؿ َعف صقهتا‬
‫رحؿف اهلل تعالك ‪ ،‬فؽان مفقبا كبقال مققرا لحدي ث رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ ‪ ،‬حتك كؼؾ‬
‫أكف كان يحدّ ث ف ُؾدغ ست طشرة مرة ولؿ يتحرك ‪ ،‬فعؾؿ بف بعض جؾسائف فذكر لف ذلؽ قال (إجالٓ‬
‫لحديث رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ )‬

‫وهذا مؿا يـبغل أن يـتبف لف صالب العؾؿ وهق تعظقؿ كتاب اهلل جؾ وطال ‪ ،‬وتعظقؿ حديث رسقل اهلل‬
‫صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ‬

‫وكان رحؿف اهلل شديد التحري يف ال ُػتقا وربؿا ُيسلل فال يجقب ‪ ،‬ويؼقل لؾسائؾ (حتك أكظر) وسئؾ كذا‬
‫مسللة فلجاب طؾك أربع أو ست ‪ ،‬ولؿ يجب طؾك الباقل وقال فقفا (ٓ أدري) ‪ ،‬فؼال الرجؾ (جئتؽ مـ‬
‫أفاق فؽقػ أققل لؿـ بعثقين بالسمال؟) قال (قؾ لفؿ قال مالؽ ٓ أدري) وكان معروفا رحؿف اهلل‬
‫تعالك بؽثرة هذه الؿؼقلة (ٓ أدري)‬

‫وكان صاحب اتبا ٍع لؾسـة ‪ ،‬وكره لؾبدع والحقادث وكؼؾت طـف بعض القصايا فسئؾ طـ العؾؿ أفريضة‬
‫هق ؟ قال (ٓ ولؽـ يطؾب ما يـتػع بف وٓ يطؾب إغالقط واإلكثار) والؿؼصقد بإغالقط صعاب‬

‫الؿسائؾ وطسقرها وما يتؽ ّؾػ فقفا ‪ ،‬واإلكثار مؿا ٓ يـتػع بف وٓ ّ‬


‫يفؿف ‪.‬‬

‫ولف كتب كثقرة وكؼؾ أن مـ كتبف ‪:‬‬


‫رسالة يف الؼدر‪.‬‬
‫ومملػ يف الـجقم ومـازل الؼؿر‪.‬‬
‫رسالة يف إقضقة‪.‬‬
‫جزء يف التػسقر ‪ ،‬وقد صبع مـف جزء يسقر‪.‬‬
‫كتاب يف السر‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫لف رسالة إلك الؾقث ابـ سعد ‪ ،‬وقد ذكرها ابـ ققؿ يف بعض كتبف ‪ ،‬وجزء مـفا يف كتاب إطالم الؿققعقـ‬

‫وجؿعت لف الؿدوكة وهل يف إصؾ أجقبة مالؽ ٓبـ الؼاسؿ ‪ ،‬جؿعفا ُسحـقن رحؿة اهلل تعالك طؾك‬
‫ُ‬
‫الجؿقع‪.‬‬
‫وكتاب الؿقصل كذلؽ مـ كتبف رحؿف اهلل تعالك‬

‫تعرض لؿحـة كؿا تعرض الؽثقر مـ أهؾ العؾؿ ‪ ،‬و ُذكر يف هذه الؿحـة أن والل الؿديـة أبا جعػر هناه أن‬
‫يحدث بحديث (لقس طؾك مستؽره صالق) ‪ ،‬ولؽـ الحؼقؼة أن هذا الحديث مقققف لؿ يلت مرفقطا ‪،‬‬
‫ولؽـ جاء كحقه مرفقع كحديث رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ ( ٓ صالق وٓ َطتاق يف‬
‫إغالق ) وجاء يف أخر أن الؿؽره ٓ صالق لف ‪ ،‬وإكؿا ققؾ ‪ُ :‬مـع يف ذلؽ مـ التحديث هبذا (لقس طؾك‬
‫مؽرها فؽلن البقعة غقر مـعؼدة ‪ ،‬و ُد َّس لف رجؾ يف‬
‫مستؽره صالق) كلكف فقف اإلشارة إلك أكف مـ بايع ولقا َ‬
‫مجؾسف فسللف أن يحدّ ثف بحديث (لقس طؾك مستؽره صالق) فحدّ ث بف طؾك مؾئ مـ الـاس ‪ ،‬فـؼؾ الخرب‬
‫وجذبت يده حتك اكخؾعت ‪ ،‬واكػصؾت طـ ذراطف فصار إذا أراد أن يؼقم‬
‫فضرب بالسقاط ُ‬
‫إلك أبل جعػر ُ‬
‫حتك يرفعفا رحؿف اهلل تعالك ‪.‬‬
‫فؿثؾ هذا مقجقد مـ قديؿ الزمان ‪ ،‬والؿعصقم والـاجل مـ كجاه اهلل‪.‬‬

‫أما وفاتف فؼد اشتؽك رحؿف اهلل أياما يسقرة فؿات ‪ ،‬قال إسؿاطقؾ ابـ أبل أويس وهق ابـ أختف ‪ ،‬يعـل‬
‫ٌ‬
‫مالؽ خالف ( سللت بعض أهؾقـا طؿا قالف طـد مقتف قالقا‪ :‬تشفد ثؿ قال ‪ :‬هلل إمر مـ قبؾ ومـ بعد)‬
‫وكاكت وفاتف صبقحة الرابع طشر مـ ربقع إول سـة ‪946‬هـ ‪ ،‬يف خالفة هارون وصؾك طؾقف طبد اهلل بـ‬
‫محؿد بـ إبراهقؿ بـ محؿد بـ طؾل بـ طبد اهلل بـ العباس وكان والل الؿديـة ودفـ بالبؼقع طـ طؿر‬
‫هق خؿس وثؿاكقن سـة رحؿف اهلل تعالك‬

‫وهذه ترجؿة مقجزة جدا وإٓ فؼد ألػت يف ترجؿتف تقالقػ كثقرة قديؿا وحديثا واستقطبقا مـ كقاحل‬
‫حقاتف رحؿف اهلل تعالك ومؿـ ترجؿ لف الشافعل يف (جؿاع العؾؿ) وابـ سعد يف صبؼاتف ‪ ،‬والبخاري يف‬
‫(التاريخ الؽبقر والصغقر) ‪ ،‬وابـ أبل حاتؿ يف (الجرح والتعديؾ) وأبق كعقؿ يف (الحؾقة) ‪ ،‬والؼاضل‬
‫طقاض يف (ترتقب الؿدارك) ‪ ،‬والؿزي يف (هتذيب الؽؿال) ‪ ،‬وكذا يف فروع كتاب التفذيب ‪ ،‬والـقوي يف‬
‫(إسؿاء والؾغات) والذهبل يف (السقر) ‪ ،‬وأيضا ابـ كثقر يف (البداية والـفاية) ‪ ،‬وابـ فرحقن يف‬

‫‪6‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫(الديباج الؿذهب) ‪ ،‬ومحؿد بـ محؿد بـ مخؾقف يف (شجرة الـقر الزكقة ) وغقر همٓء رحؿة اهلل‬
‫طؾك الجؿقع‬

‫أما الؽؾؿة الؿقجزة حقل الؿقصل ‪ ،‬فؽتابة الحديث طرفت يف بداية إمر فؼد كان يف زمـ الـبل صؾك‬
‫اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ يؽتب الحديث ‪ ،‬وإن كان طؾك كدرة ‪ ،‬ومسللة كتابة الحديث هؾ كاكت‬
‫مقجقدة يف زمـ الـبل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ أو ٓ قد تطرق لفا طؾؿاء الحديث وتؽؾؿقا فقفا‬
‫ولفؿ فقفا تػصقؾ وكالم واسع ‪ ،‬وخالصتفا أكف كان مقجقدا مـ يؽتب الحديث وإن كان طؾك كدرة ‪،‬‬
‫قال أبق هريرة رضل اهلل طـف ( ما ثؿة أحد أكثر مـل حديثا إٓ ما كان مـ طبد اهلل بـ طؿر إكف كان يؽتب‬
‫وكـت ٓ أكتب )‬

‫وتحدث الـبل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ طام جحة القداع فؼام لف رجؾ وقال (يا رسقل اهلل ما‬
‫أستطقع أن أجؿع كؾ هذا فؿرهؿ يؽتبقا لل ) فؼال (اكتبقا ٕبل شفؿ)‬

‫وققؾ لعؾل رضل اهلل طـف هؾ خصصتؿ بشلء ؟ قال (ٓ إٓ ففؿ أوتقف الرجؾ يف كتاب اهلل طز وجؾ أو ما‬
‫يف قرام سقػل) فلخرج مـ قرام سقػف شقئا مؽتقب فقف فؽاك إسقر والعؼؾ الدية وأن ٓ يؼتؾ مسؾؿ‬
‫بؽافر‪.‬‬
‫وققؾ ٕبل هريرة ‪ :‬قد أكثرت ‪ ،‬فؼال (طـدي جرابان أما أحدهؿا فؼد بثثتف ‪ ،‬والثاين لق بثثتف لؼطعت هذه)‬

‫واستثبت يف حديث فرجع لبقتف وأخرج لفؿ كتابا مؽتقب فقف ‪ ،‬طؾك الخالف هؾ كان أبق هريرة يؽتب‬
‫أو كان ٓ يؽتب ‪ ،‬طؾك كؾ إحقال حتك لق كان ٓ يؽتب كؿا رجح ابـ حجر لؽـ ُكتب لف فالحديث‬
‫كان مؽتقبا طـده ‪.‬‬

‫فالحاصؾ أن الؽتابة كاكت طؾك قؾة لقست طؾك كثرة ‪ ،‬ثؿ بعد ذلؽ اكتشرت وكثرت بعد ذلؽ طـد أئؿة‬
‫اإلسالم رحؿة اهلل طؾك الجؿقع ‪ ،‬وصار يتطقر التدويـ لؾحديث حتك جؿعت إحاديث وإخبار يف‬
‫مختؾػ إقطار ‪ ،‬وأما أولقة ذلؽ فغقر مـضبطة إٓ باطتبارات ‪:‬‬

‫أن يؼال أول مـ كتب وجؿع بالؿديـة فالن ‪ ،‬أو يف مصر فالن أو يف بغداد فالن‪ ،‬أو يف البصرة أو كذا ‪،‬‬
‫أما طؾك اإلصالق ففذه ٓ يؿؽـ الؼطع فقفا ‪ ،‬ولذلؽ قال السققصل رحؿف اهلل تعالك ‪:‬‬
‫أول جامع الحديث وإثر *** ابـ شفاب آمرا لف طؿر‬

‫‪7‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫باطتبار أمر أمقر الؿممـقـ فابـ شفاب هق الذي ألػ أوٓ ‪ ،‬وأما بدون اطتبار فؼد قال‪:‬‬
‫وأول الجامع لألبقاب *** جؿاطة يف إصؾ ذو اقرتاب‬
‫ٍ‬
‫ومعؿر وولد الؿبارك (ابـ الؿبارك)‬ ‫كابـ جريج وهشقؿ مالؽ ***‬
‫وأول جامع باقتصار *** طؾك الصحقح فؼط البخاري‬
‫ومسؾؿ يتؾقه ‪.......................... *** .....‬‬
‫ففذه آطتبارات ‪ ،‬واكتشر التللقػ يف طصر اإلمام مالؽ ‪ ،‬وألػ اإلمام مالؽ رحؿف اهلل تعالك كتابف‬
‫(الؿقصل) رحؿف اهلل تعالك‬

‫مفده لؾـاس‬
‫ومفده ‪ ،‬ووصله ّ‬
‫ققؾ ‪ :‬سبب التللقػ كان بطؾب وإشارة مـ الؿـصقر فحرره اإلمام مالؽ ّ‬
‫بؿا فقف مـ مسائؾ العؾؿ وإحاديث وأثار ‪ ،‬ولؿ يزل يؿفده رحؿف اهلل تعالك ويـؼحف طاما بعد طام ‪،‬‬
‫وجاءه صؾبة فؼرأه طؾقفؿ أو قرؤوه طؾقف ‪ ،‬أربعقـ لقؾة فؼال (جؿعتف يف أربعقـ سـة وتؼرؤوكف يف أربعقـ‬
‫لقؾة ‪ ،‬ما أقؾ فؼفؽؿ )‪ ،‬أوكؿا قال رحؿف اهلل تعالك‬

‫وقد ألػت يف زمـف مقصآت أخرى كؿقصل ابـ أبل يحقك ومقصل ابـ الؿاجشقن رحؿة اهلل طؾك الجؿقع‪.‬‬
‫وكتب البؼاء طؾك مقصل اإلمام ما لؽ رحؿة اهلل تعالك طؾك الجؿقع ‪ ،‬وٓشؽ وٓ ريب كؿا يؼقل‬
‫العؾؿاء‪ ،‬أن الجؿقع مخؾصقن يف تللقػفؿ ولؽـ فضؾ اهلل يمتقف مـ يشاء ‪.‬‬

‫وجؿؾة ما يف الؿقصل طؾك تعداد بعضفؿ ‪ ،‬طشرون وسبعؿائة وألػ حديث (‪ ، )9471‬ومـ أثار‬
‫الؿقققفة ثالث طشرة وست مائة (‪ ، )399‬ومـ كالم التابعقـ خؿس وثالثقن ومائتقـ (‪ ، )792‬وذكر‬
‫أن مالؽا أخرج لخؿس وثؿاكقـ صحابقا ‪ ،‬وثالث وطشريـ صحابقة ‪ ،‬وثؿان وأربعقـ تابعقا وشقخان‬

‫وقد أخذ طـف الؿقصل الؽثقرون وكسخف كثقرة وذكر بعضفؿ أهنا أربع طشرة كسخة تتؼارب فقؿا بقـفا مع‬
‫بعض آختالفات ‪ ،‬يف الروايات مع تؼديؿ وتلخقر ‪ ،‬ومـ أشفر الروايات رواية يحقك ابـ يحقك الؾقثل ‪،‬‬
‫وهق مطبقع وهق الذي كعتؿده ‪ ،‬وقد اطتؿده اإلمام ابـ طبد الرب يف (آستذكار والتؿفقد)‪ ،‬ورواية محؿد‬
‫ابـ الحسـ الشقباين وهق مطبقع أيضا يف مجؾديـ ‪ ،‬ورواية ابـ الؼاسؿ وهق مطبقع يف مجؾد ‪ ،‬ورواية‬
‫الؼعـبل وهق مطبقع أيضا يف مجؾديـ ورواية أبل مصعب وقد صبع يف مجؾديـ ‪ ،‬ورواية الحدثاين وصبع‬
‫يف مجؾد ‪ ،‬ورواية ابـ زياد ‪ ،‬وصبع جزء مـف ‪ ،‬وابـ زياد مـ لقبقا ‪ ،‬هذه أشفر الروايات‪.‬‬

‫أما مـ أخذ طـ اإلمام مالؽ رضل اهلل طـف الؿقصل فؽثقرون كؿا سقليت‬

‫‪8‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫أما ثـاء العؾؿاء طؾك الؿقصل فؽثقر كذلؽ قال الشافعل (ما طؾك إرض كتاب بعد كتاب اهلل أصح مـ‬
‫كتاب مالؽ) وهذا قالف يف زمـ اإلمام مالؽ ‪ ،‬ولؿ يؽـ البخاري قد جاء بعد ‪ ،‬وقال ( ما طؾك إرض‬
‫كتاب هق أقرب إلك الؼرآن مـ كتاب مالؽ) وقال (ما بعد كتاب اهلل أكثر صقابا مـ مقصل مالؽ)‬

‫وقال أيضا بعض معاصريف ( مـ كان طـده مقصل مالؽ فال يضره أن يػقتف شلء مـ حالل أو حرام)‬

‫و ُكؼؾ طـ بعض معاصريف أن ابـل أخقف خرجا لطؾب الحديث إلك العراق ثؿ بؾغف مقصل مالؽ فؼال (لق‬
‫بؼقا يف العراق ما بؼل لؿ يؽتبا ولؿ يحصال مثؾ ما يف مقصل مالؽ) إشارة إلك ما يف هذا الؽتاب مـ العؾؿ‬
‫والػؼف ‪.‬‬

‫قال الذهبل (مازال العؾؿاء قديؿا وحديثا لفؿ أتؿ اطتـاء برواية الؿقصل ومعرفتف وتحصقؾف ‪ ،‬وإن لؾؿقصل‬
‫لققعا يف الـػقس وصبابة يف الؼؾقب‪ ٓ ،‬يقازيفا شلء ) وهذا يدل طؾك أهؿقة هذا الؽتاب وما فقف مـ‬
‫العؾؿ ‪ ،‬فقـبغل آهتؿام بف‬

‫والؿقصل قد تضؿـ يف الجؿؾة آثارا مرفقطة بلكقاطفا ‪ ،‬ما كان مسـدا ن أو مرسال ‪ ،‬أو مـؼطعا ‪ ،‬أو بالغا‬
‫أو حديث الثؼة أو حديث الرجؾ ‪ ،‬وفقف الؿقققف كؿا أن فقف الؿؼطقع ‪ ،‬وتضؿـ مسائؾ الػؼف ‪ ،‬مؿا‬
‫يؼقلف مالؽ ‪ ،‬أو يـؼؾف طـ بعض طؾؿاء زماكف ن كؿا أكف يـبف إلك مسائؾ ٓ دلقؾ طؾقفا ‪ ،‬فقردها وأكف لؿ‬
‫يجد طؾك ذلؽ العؿؾ ‪ ،‬أو ٓ يقجد ما يدل طؾقفا ‪ ،‬كؿا ضؿـف أيضا بعض مسائؾ آطتؼاد طؾك صريؼة‬
‫أهؾ السـة والجؿاطة ن فذكر بعض مسائؾ الؼدر وبعض أحاديث الصػات ‪ ،‬وبعض أهقال يقم الؼقامة‬
‫والدجال وغقر ذلؽ‬

‫وأما رواة الؿقصل فؼد روى طـ اإلمام مالؽ الؽثقر قد رواه طـف مـ أهؾ الؿديـة سبعة طشر راويا ‪،‬‬
‫ورواه طـف مـ أهؾ مؽة راويان ‪ ،‬ومـ أهؾ مصر طشرة ‪ ،‬ومـ أهؾ العراق سبعة وطشرون ‪ ،‬ومـ أهؾ‬
‫الؿغرب وإكدلس ثالثة طشر ‪ ،‬ومـ أهؾ الؼقروان راويان ‪ ،‬ومـ أهؾ تقكس راويان ‪ ،‬ومـ الشام سبع‬
‫كذلؽ‪.‬‬

‫وتقلك العؾؿاء شرح الؿقصل وكثرت شروحف كشرح ابـ طبد الرب لف ‪ ،‬ولف طؾقف شرحان ‪( ،‬التؿفقد) و‬
‫(آستذكار ) ‪ ،‬والباجل لف طؾقف شرح الؿـتؼك ‪ ،‬وقد اختصره مـ شرح لف هق أصؾ ‪ ،‬وأبق بؽر ابـ‬

‫‪9‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫العربل لف شرح ( الؿسالؽ لؿقصل مالؽ) وقد صبع يف ثؿان مجؾدات ‪ ،‬وهق شرح ماتع ويؽاد يؽقن‬
‫مختصرا مـ شرح الباجل ‪ ،‬ولف أيضا (الؼبس ) وهق مطبقع يف ثالث مجؾدات كذلؽ وغقرها مـ‬
‫الشروح‪...‬‬

‫وهـاك دراسات طؾك ترجؿة اإلمام مالؽ ‪ ،‬ودراسات لؿقصئف ‪ ،‬ومـف دراسة لؾؿقصل والؿقصآت لؿملػف‬
‫كذير حؿدان ‪ ،‬وهق مـ جامعة أم الؼرى ‪ ،‬ودراستف صقبة وكافعة‬

‫ففذه مؼدمة مختصرة حقل مالؽ رحؿف اهلل تعالك ومقصئف‬

‫قال رحؿة اهلل تعالك طؾقف‬

‫الص َقا ِم]‬ ‫ِ‬


‫َاب ِّ‬
‫[كت ُ‬

‫الؽتاب ‪ :‬مصدر كتب يؽتب كتابا ‪ ،‬وهق مصدر بؿعـك مػعقل ‪ ،‬ففق كتاب بؿعـك مؽتقب ‪ ،‬ومادة‬
‫ثؿ يؼال كتقبة ٕهنا تجؿع طددا مـ الجـد ‪،‬‬
‫(الؽاف والتاء والباء) تدل طؾك الجؿع وآجتؿاع ‪ ،‬ومـ ّ‬
‫ويؼال لؾؽتاب كتابا ٕكف يضؿ و يجؿع طددا مـ إبقاب والؿسائؾ والؿباحث ‪ ،‬فنصالق الؽتاب يف‬
‫كتب أهؾ العؾؿ يراد بذلؽ ذكر طدد معقـ مـ الؿسائؾ تحتف‬

‫وأما الصقام فؿصدر صام يصقم صقما وصقاما ‪ ،‬تصح بالقاو بالقاء وهق لغة ‪ :‬الرتك واإلمساك كؿا قال‬
‫ؾر ْح َؿ ِـ َص ْقمًا ‪ [ }..‬مريؿ‪ ، ]73/‬أي إمساكا طـ الؽالم بدلقؾ ققلف {‬ ‫اهلل طز وجؾ { ‪..‬إِكِّل ك ََذر ُ ِ‬
‫ت ل َّ‬ ‫ْ‬
‫كس ّقًا } [ مريؿ‪ ، ] 73/‬وققؾ لؾصامت صائؿ ٕكف أمسؽ طـ الؽالم ‪ ،‬كؿا يؼال‬ ‫‪َ ...‬ف َؾـ ُأ َك ِّؾؿ ا ْلققم إِ ِ‬
‫ْ َ َْ َ‬
‫لؾػرس صائؿ ٕكف أمسؽ طـ العؾػ مع الؼقام ‪ ،‬قال الـابغة الذبقاين ‪:‬‬

‫خقؾ صقام وخقؾ غقر صائؿة *** تحت العجاج وأخرى تعؾؽ ال ُؾ َ‬
‫جؿ‬ ‫ٌ‬
‫فصقام أي مؿسؽة طـ الصفقؾ ‪ ،‬ويؼال صامت الريح إذا ركدت أيضا‬

‫وأما الصقام شرطا ‪ :‬ففق اإلمساك طـ أشقاء مخصقصة يف وقت مخصقص كؿا قال ابـ قدامة رحؿف اهلل‬
‫تعالك ‪ ،‬وذكر أيضا الصقم الؿشروع هق ‪ :‬اإلمساك طـ الؿػطرات مـ صؾقع الػجر إلك غروب الشؿس‪،‬‬
‫قال (وروي معـك ذلؽ طـ ابـ طؿر وابـ طباس وبف قال ططاء وطقام أهؾ العؾؿ)‬

‫‪11‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وقال الـقوي (إمساك مخصقص طـ شلء مخصقص يف زمـ مخصقص مـ شخص مخصقص)‬
‫إمساك معقـ لقس كؾ إمساك ‪ ،‬يعـل إمساك طـ شفقيت الػرج والبطـ‪( ،‬يف زمـ مخصقص) مـ صؾقع‬
‫الػجر إلك غروب الشؿس ‪ ،‬مـ شخص مخصقص لف شروط الصائؿ ‪ ،‬الصقم إكؿا يجب طؾك العاقؾ‬
‫البالغ الؿؼقؿ الصحقح ‪ ،‬بالـسبة لؾؿرأة الخالقة مـ دم الحقض أو الـػاس ‪ ،‬والؿسؾؿ طؾك الخالف ‪ :‬هؾ‬
‫الؽافر مؽؾػ بالػروع أو ٓ ؟ فؿـ قال ‪ :‬الؽافر غقر مؽؾػ بالػروع حتك يممـ فقؼقلقن ‪ :‬الصقام مـ‬
‫شروط وجقبف اإلسالم ‪ ،‬ومـ قال ‪ :‬اإلسالم شرط صحة ولقس شرط وجقب لؿ يذكر اإلسالم هاهـا ‪،‬‬
‫فػقف شروط مخصقصة ‪ ..‬هذا هق معـك الصقام‬

‫وحؽؿف‪ :‬أكف واجب وهق مـ أركان اإلسالم ‪ ،‬وكان فرضف يف السـة الثاكقة مـ الفجرة ‪ ،‬وقد صام صؾك‬
‫ِ‬
‫ب َط َؾ ْق ُؽ ُؿ ِّ‬
‫الص َقا ُم َك َؿا‬ ‫اهلل طؾقف وسؾؿ تسع رمضاكات باإلجؿاع ‪ ،‬دلقؾ افرتاضف ققلف طز وجؾ { ‪ُ ...‬كت َ‬
‫ب َط َؾك ا َّل ِذي َـ مِـ َقبْؾِ ُؽ ْؿ ‪ [ }...‬البؼرة‪ ]959/‬وقال صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يف الحديث يف الصحقحقـ‬ ‫ِ‬
‫ُكت َ‬
‫حديث ابـ طؿر (بـل اإلسالم طؾك خؿس ‪ )...‬وذكر (صقام رمضان) وكان فرضف طؾك ثالث مراحؾ ‪:‬‬

‫‪ =9‬أولف‪ :‬إمر بصقام طاشقراء فؼد قالت طائشة ( ل ّؿا كزل رمضان ُتركت طاشقراء) أي فرضقتف‬

‫‪ =7‬ثؿ افرتض صقم رمضان لؽـ طؾك التخققر مـ شاء صام ومـ شاء أصعؿ { ‪َ ...‬و َط َؾك ا َّل ِذي َـ ُيطِق ُؼقكَ ُف‬
‫قن} [ البؼرة‪]951/‬‬ ‫فِدْ َي ٌة َص َعا ُم مِ ْسؽِ ٍ‬
‫قـ َف َؿـ َت َط َّق َع َخ ْقراً َف ُف َق َخ ْق ٌر َّل ُف َوأَن َت ُصق ُمقاْ َخ ْق ٌر َّل ُؽ ْؿ إِن ُكـتُ ْؿ تَ ْع َؾ ُؿ َ‬
‫الش ْف َر َف ْؾقَ ُص ْؿ ُف ‪ [ }...‬البؼرة‪]952/‬‬ ‫‪ =9‬ثؿ تلكقد صقامف { ‪َ ...‬ف َؿـ َش ِفدَ مِـ ُؽ ُؿ َّ‬
‫هؽذا كان التدريج فقف ‪.‬‬

‫لؿا افرتض صقمف { ‪َ ...‬ف َؿـ َش ِفدَ مِـ ُؽ ُؿ َّ‬


‫الش ْف َر َف ْؾقَ ُص ْؿ ُف ‪ [ }...‬البؼرة‪ ]952/‬كان طؾك صػة وهق أكف‬ ‫ثؿ ّ‬
‫إذا غربت الشؿس فـام الرجؾ فال يجقز لف أن يلكؾ حتك تغرب شؿس الققم أخر ‪ ،‬فؿـ غربت طؾقف‬
‫الشؿس وأراد أن يلكؾ ٓ يـام ‪ ،‬فنن كام ثؿ استقؼظ ٓ يستطقع أن يلكؾ ‪ ،‬جاء رجؾ بعد أن غربت‬
‫الشؿس وصؾب إكؾ مـ أهؾف وكان يف رمضان فؼالت‪ٓ( :‬شلء طـدي حتك آيت لؽ بشلء) فذهبت‬
‫تطؾب لف شقئا فؾؿا رجعت فنذا بف كائؿ قالت (خقبة لؽ) فؾؿا استقؼظ صباحا أتؿ صقمف حتك مـتصػ‬
‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫اس َّل ُؽ ْؿ‬ ‫الر َف ُث إِ َلك ك َسآئ ُؽ ْؿ ُه َّـ لبَ ٌ‬ ‫فرخص اهلل لألمة وقال { ُأح َّؾ َل ُؽ ْؿ َلقْ َؾ َة ِّ‬
‫الصقَا ِم َّ‬ ‫الـفار فلغشل طؾقف ‪ّ ،‬‬
‫ختاكُق َن َأك ُػس ُؽؿ َفتَاب َط َؾق ُؽؿ و َط َػا َطـ ُؽؿ َفأ َن ب ِ‬ ‫اس َّل ُف َّـ َطؾِ َؿ ال ّؾ ُف َأكَّ ُؽ ْؿ ُكـتُ ْؿ تَ ْ‬ ‫ِ‬
‫وه َّـ َوا ْبتَ ُغقاْ َما‬
‫اش ُر ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ ْ ْ َ‬ ‫َو َأكتُ ْؿ ل َب ٌ‬

‫‪11‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ط إَ ْس َقدِ مِ َـ ا ْل َػ ْج ِر ُث َّؿ َأتِ ُّؿقاْ‬


‫خق ِ‬ ‫ِ‬
‫ط إَبْقَ ُض م َـ ا ْل َ ْ‬ ‫َب ال ّؾ ُف َل ُؽ ْؿ َو ُك ُؾقاْ َو ْاش َربُقاْ َحتَّك َيتَبَقَّ َـ َل ُؽ ُؿ ا ْل َ‬
‫خقْ ُ‬ ‫َكت َ‬
‫الص َقا َم إِ َلك ا َّلؾ ْق ِؾ ‪ [ }...‬البؼرة‪]954/‬‬
‫ِّ‬

‫وفضائؾف كثقرة قال صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ (رمضان إلك رمضان مؽػرات لؾذكقب ما اجتـبت‬
‫الؽبائر)‬
‫وقال صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ يف فضؾ رمضان (إذا دخؾ رمضان اكتشرت الؿالئؽة وصػدت‬
‫الشقاصقـ وفتحت أبقاب الجـان وأغؾؼت أبقاب الـقران وصػدت مردة الجان ‪ ،‬ويـادي مـادي يا باغل‬
‫الخقر أقبؾ ويا باغل الشر أقصر ‪-‬أو قال أدبر‪)-‬‬
‫وقال صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ (مـ صام يقما يف سبقؾ اهلل باطد اهلل بقـف وبقـ الـار سبعقـ خريػا)‬
‫وقال صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ يف حديث قدسل (كؾ طؿؾ ابـ آدم لف إٓ الصقم فنكف لل وأكا‬
‫أجزي بف)‬
‫إلك غقر ذلؽ مـ فضائؾ الصقام وسقليت شلء مـفا يف آخر الؽتاب‬

‫ولؾصقام حؽؿ طظقؿة ففق مـ أطظؿ العبادات إذ هق سر بقـ العبد وربف ‪ ،‬ولفذا قال اهلل جؾ وطال‬
‫اب} [ الزمر‪ ]91/‬والصقام قد تضؿـ جؿقع أكقاع الصرب‬ ‫الصابِ ُرو َن َأ ْج َر ُهؿ بِ َغ ْق ِر ِح َس ٍ‬
‫{‪...‬إِك ََّؿا ُي َق َّفك َّ‬
‫‪ =9‬صرب طؾك الطاطة بػعؾفا‬
‫‪ =7‬وطـ الؿعصقة برتكفا‬
‫‪ =9‬وطـ الؼدر بالرضا بف ‪ ،‬فال يـزطج لؿا يصقبف مـ جقع أو ططش أو كحق ذلؽ‬

‫وقد سؿك الـبل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ رمضان بشفر الصرب ‪ ،‬فؼال صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف‬
‫وسؾؿ فقؿا رواه الطرباين وغقره (صقم شفر الصرب وثالثة أيام مـ كؾ شفر يذهبـ َو َح َر الصدر) الحؼد‬
‫والحسد والغؾ الذي يقجد يف الصدر ويف الؼؾب‬

‫ومـ فضائؾف أن يتعؾؿ اإلكسان فقف الصرب وهق مـ العبادات العظقؿة ‪،‬وأن يعؾؿ ما يؼاسقف الػؼقر مـ جقع‬
‫وططش ‪ ،‬وما فقف مـ تـظقؿ لصحتف وبدكف كؿا قال أهؾ العؾؿ‬

‫‪12‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫الصقَا ِم‬ ‫ِ‬


‫َاب ِّ‬
‫[‪ - 95‬كت ُ‬

‫ؾص ْق ِم َوا ْل ِػ ْط ِر فِل َر َم َض َ‬


‫ان]‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫اب َما َجا َء فل ُر ْؤ َية ا ْل ِف َال ِل ل َّ‬
‫َب ُ‬

‫هذا أول باب ذكره رحؿف اهلل تعالك ‪ ،‬وقد ضؿـف ثالثة أحاديث حديثان قد وصؾفؿا ‪ ،‬وحديث ذكره‬
‫بسـد فقف اكؼطاع ‪ ،‬والباقل أثر كؼؾف طـ طثؿان بالغا ثؿ كالم لف رحؿف اهلل تعالك يف مسائؾ تتعؾؼ هبذا‬
‫الباب‬

‫بؿ يثبت الصقام) ‪،‬‬


‫وهذا الباب يتعؾؼ برؤية الفالل ‪ ،‬وهل مسللة مـ مسائؾ الصقام يعـقن لفا العؾؿاء ( َ‬
‫(بؿ يثبت شفر رمضان)‬
‫يثبت شفر رمضان بثالثة أمقر‬
‫‪ =9‬بالرؤية ‪=7‬أو الشفادة ‪=9‬أو إتؿام العدة‬
‫‪ =9‬بالرؤية ‪ :‬إذا رأى الفالل وهذه الرؤية لفا شروصفا ستليت‬
‫‪ =7‬أو بالشفادة‪ :‬أن يشفد طـده مـ رأى الفالل ولفا شرصفا‬
‫‪ =9‬أو بنتؿام العدة ‪ :‬أي أكف إذا راقبقا الفالل يقم التاسع والعشريـ لقؾة الثالثقـ فؾؿ يرو الفالل يقم‬
‫التاسع والعشريـ لقؾة الثالثقـ فؾؿ يرو الفالل فنهنؿ يتؿقن الشفر ثالثقـ يقما والذي بعده يؽقن أول‬
‫يقم مـ رمضان‬

‫اب َما َجا َء فِل ُر ْؤ َي ِة ا ْل ِف َال ِل ]‬


‫[ َب ُ‬

‫كقػ يثبت الشفر ؟ بالرؤية ‪ ،‬ما هل الرؤية ؟ ما شرصفا ؟ كقػ تؽقن؟ ما شرط رائقفا ؟ وما شرط‬
‫الشفادة طؾك الرؤية؟ وإن لؿ تؽـ هذه الرؤية فؿا الذي ُيػعؾ ؟ هؾ يصام الققم الذي بعده احتقاصا ؟ أو‬
‫أكف ُتتؿ العدة ثالثقـ يقما وكصقم الذي بعده؟ ‪ ،‬فقؽقن أول يقم مـ شفر رمضان ‪ ،‬وكذا هذا إمر يف‬
‫هناية رمضان ‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫فؼال‪:‬‬

‫ؾص ْق ِم َوا ْل ِػ ْط ِر فِل َر َم َضا َن‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫اب َما َجا َء فل ُر ْؤ َية ا ْل ِف َال ِل ل َّ‬ ‫[بَ ُ‬
‫قل اهللِ َص َّؾك‬‫ؽ َط ْـ كَافِعٍ‪َ ،‬ط ْـ َطبْ ِد اهللِ ْب ِـ ُط َؿ َر‪ ،‬أَ َّن َر ُس َ‬ ‫‪ - 9‬حدَّ َثـِل يحقك‪َ ،‬طـ مال ِ ٍ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َذك ََر َر َم َضا َن‪َ ،‬ف َؼ َال‪َ َٓ « :‬ت ُصق ُمقا َحتَّك َت َر ُوا ا ْل ِف َال َل‪َ ،‬و َٓ ُت ْػطِ ُروا‬
‫ُ‬
‫َحتَّك َت َر ْو ُه‪َ ،‬فن ِ ْن ُغ َّؿ َط َؾ ْق ُؽ ْؿ َفا ْقدُ ُروا َل ُف»]‬
‫[حدَّ َثـِل يحقك‪َ ،‬طـ مال ِ ٍ‬
‫ؽ ] يحقك ابـ يحقك الؾقثل إكدلسل ‪ ،‬وهق مـ رواة الؿقصل وروايتف مشفقرة ‪،‬‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫وطؾقفا اطتؿد ابـ طبد الرب رحؿف اهلل تعالك‬
‫ؽ ] صاحب كتاب الؿقصل‬ ‫[مال ِ ٍ‬
‫َ‬
‫[ َط ْـ كَافِ ٍع]مقلك ابـ طؿر ثؼة فؼقف مـ رواة أصحاب الؽتب الستة‬
‫[ َط ْـ َطبْ ِد اهللِ ْب ِـ ُط َؿ َر ] رضل اهلل طـفؿا الصحابل الجؾقؾ أبق طبد الرحؿـ مشفقر مـ فؼفاء الصحابة‬
‫وطؾؿائفؿ ‪ ،‬أحد الؿؽثريـ يف رواية إحاديث ‪ ،‬وكان شديدا يف التؿسؽ بالسـة كؿا قال أهؾ العؾؿ‬
‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ َذك ََر َر َم َضا َن] ذكر رمضان ‪ ،‬فسؿاه رمضان ‪ ،‬فقجقز أن تؼقل‬ ‫[ َأ َّن رس َ ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ُ‬
‫رمضان ‪ ٓ ،‬يؾزم أن تصدِّ ره بؽؾؿة شفر ‪ ،‬كؿا اختار بعض أهؾ العؾؿ ‪ ،‬وققل الجؿفقر ‪ :‬جقاز أن تؼقل‬
‫رمضان ‪ ،‬قال صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ (أتاكؿ رمضان) وقال (إذا جاء رمضان) ‪ ،‬فذكر رمضان‬
‫جاء يف السـة بغقر تؼققدها بؾػظ شفر‪.‬‬

‫وبعض العؾؿاء كره أن يؼال رمضان وروى يف ذلؽ حديثا مـ صريؼ أبل هريرة (أن رمضان اسؿ مـ‬
‫أسؿاء اهلل فال تؼقلقا رمضان ولؽـ ققلقا شفر رمضان ) ‪ ،‬ويف الحديث أبق معشر وهق ضعقػ طـد أهؾ‬
‫الحديث فال يصح الحديث ‪ ،‬وهق مروي طـد البقفؼل ‪ ،‬وهذا ققل طـد الشافعقة‪.‬‬

‫وبعضفؿ ا ختار الؽراهة إذا كان الؾػظ ٓ يدل طؾك الصقام ‪ ،‬كان مطؾؼا كلن يؼال ‪ :‬جاء رمضان ‪ ،‬أما إذا‬
‫كان هـاك ما يدل طؾك الصقام كلن تؼقل‪ :‬صؿت ‪ ،‬ففذا ٓ بلس بف ‪.‬‬

‫والصقاب هق جقازه كؿا جاء يف جؿؾة مـ إحاديث وبف بقب البخاري رحؿف اهلل تعالك يف صحقحف‬
‫إشارة إلك هذا ‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫[ َذ َك َر َر َم َضا َن] فقجقز أن تؼقل جاء رمضان صؿت رمضان وقؿت رمضان ‪ ،‬ومضك رمضان ‪...‬إلك غقر‬
‫ذلؽ‪.‬‬

‫[ َف َؼ َال‪َ َٓ « :‬ت ُصق ُمقا َحتَّك َت َر ُوا ا ْل ِف َال َل‪َ ،‬و َٓ ُت ْػطِ ُروا َحتَّك َت َر ْو ُه‪َ ،‬فنِ ْن ُغ َّؿ َط َؾ ْق ُؽ ْؿ َفا ْقدُ ُروا َل ُف»]‬
‫يؼال ُغ َّؿ و َغ َّؿ ‪ ،‬بؿعـك حال بقـؽؿ وبقـ رؤيتف غقؿ ‪ُ ،‬غ َّؿ بالضؿ الؿعجؿة ‪ ،‬يؼال غؿؿت الشلء إذا‬
‫غطقتف كؿا قال ابـ حجر ‪ ،‬ويؼال ُغ َّؿ طؾقـا الفالل إذا حال دون رؤيتف غقؿ أو كحق ذلؽ ‪ ،‬ويف بعض‬
‫الروايات (أغؿل) ‪ ،‬ويف بعض الروايات ( ُغ ِّبل) ‪ ،‬ويف بعض الروايات ( ُغ ِّؿل) ‪ ،‬وهل بؿعـك متؼارب ‪،‬‬
‫ولػظة (غبل) مـ الغباوة وهل طدم الػطـة ‪ ،‬وهل استعارة لخػاء الفالل‬

‫طؿل) أو (طؿل) مـ العؿك ‪ ،‬قال‪ :‬وهق بؿعـاه ٕكف ذهاب البصر طـ‬
‫وذكر ابـ العربل أكف روي بؾػظة ( ِّ‬
‫الؿشاهدات ‪ ،‬أو ذهاب البصقرة طـ الؿعؼقٓت‬

‫[ َفنِ ْن ُغ َّؿ َط َؾقْ ُؽ ْؿ َفا ْقدُ ُروا َل ُف]‬


‫أتك بالؾػظة الؿجؿؾة التل ورد فقفا الخالف ‪َ ( ،‬فا ْقدُ ُروا َل ُف) ما معـك التؼدير ؟ هؾ التؼدير بؿعـك‬
‫الحساب ؟ {‪ُ ...‬ك َّؾ َش ْل ٍء َف َؼدَّ َر ُه تَ ْؼ ِدير ًا } [ الػرقان‪ ، ]7/‬أو التؼدير بؿعـك التضققؼ ؟ ‪ ،‬بؿعـك الحساب‬
‫دَر َط َؾقْ ِف ِر ْز َق ُف ‪}...‬‬
‫{ َوا ْل َؼ َؿ َر َقدَّ ْركَا ُه َمـ َِاز َل} [ يس‪ ]96/‬أو بؿعـك التضققؼ { َو َأ َّما إِ َذا َما ابْت ََال ُه َف َؼ َ‬
‫[الػجر‪ ]93/‬ض ّقؼ ‪ ،‬ففل طبارة مجؿؾة ‪ ،‬هؾ تػقد التضققؼ أو الحساب؟‬

‫فعؾك أهنا تػقد التضققؼ (فاقدروا لف ) أي ضقؼقه ‪ ،‬إذن الشفر كؿ صار ؟ تسعا وطشريـ ‪ ،‬إذن تصبح‬
‫الؾقؾة التل بعدها صائؿا وهق اختقار الحـابؾة‪.‬‬
‫وإذا قؾـا (فاقدروا لف ) أي الحساب ‪ ،‬فلتؿقا الحساب أي ثالثقـ ثؿ تصبح يف الذي بعده صائؿا‬

‫تػسرها فذكر حديث (فلكؿؾقا العدد كؿا سقليت)‬


‫ففل رواية مجؿؾة قدّ مفا وأتك برواية بعدها ِّ‬

‫‪15‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫قل اهللِ‬‫ؽ‪َ ،‬ط ْـ َط ْب ِد اهللِ بْ ِـ ِديـ ٍَار‪َ ،‬ط ْـ َط ْب ِد اهللِ ْب ِـ ُط َؿ َر َأ َّن َر ُس َ‬ ‫[‪ - 7‬وحدَّ َثـِل َطـ مال ِ ٍ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫ون‪َ ،‬ف َال َت ُصق ُمقا َحتَّك َت َر ُوا ا ْل ِف َال َل‪،‬‬ ‫الش ْف ُر تِ ْس ٌع َو ِط ْش ُر َ‬ ‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َق َال‪َّ « :‬‬
‫َص َّؾك ُ‬
‫َو َٓ ُت ْػطِ ُروا َحتَّك َت َر ْو ُه‪َ ،‬فن ِ ْن ُغ َّؿ َط َؾ ْق ُؽ ْؿ َفا ْق ُد ُروا َل ُف»‬
‫س أَ َّن َر ُس َ‬
‫قل‬ ‫ؽ‪َ ،‬ط ْـ َث ْق ِر بْ ِـ َز ْي ٍد الدِّ يؾِل‪َ ،‬ط ْـ َطبْ ِد اهللِ بْ ِـ َطبَّا ٍ‬ ‫‪ - 9‬وحدَّ َثـِل َطـ مال ِ ٍ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِّ‬
‫ان َف َؼ َال‪َ َٓ « :‬ت ُصق ُمقا َحتَّك َت َر ُوا ا ْل ِف َال َل‪َ ،‬و َٓ‬ ‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َذك ََر َر َم َض َ‬ ‫ِ‬
‫اهلل َص َّؾك ُ‬
‫ُت ْػطِ ُروا َحتَّك َت َر ْو ُه‪َ ،‬فنِ ْن ُغ َّؿ َط َؾقْ ُؽ ْؿ َف َلك ِْؿ ُؾقا ا ْل ِع َّد َة َث َالثِق َـ»]‬

‫ؽ‪َ ،‬ط ْـ َطبْ ِد اهللِ ْب ِـ دِيـ ٍَار] الؿدين أبق طبد الرحؿـ أيضا ثؼة مـ رجال الؽتب‬
‫[‪ - 7‬وحدَّ َثـِل َطـ مال ِ ٍ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫الستة‪.‬‬
‫[ َط ْـ َط ْب ِد اهللِ ْب ِـ َط َّبا ٍ‬
‫س ] وأسؼط ذكر طؽرمة ‪ ،‬وبقـ الدِّ يؾل وابـ طباس ذكر طؽرمة ‪ ،‬وبعضفؿ قال ‪ :‬لؿ‬
‫يرد ذكره ٕكف لؿ يرد أن يذكره يف كتابف ‪ ،‬ققؾ بسبب ما ققؾ وكؼؾ طـ سعقد ابـ الؿسقب ‪ ،‬أكف كؼؾ طـف أن‬
‫ابـ طباس قال لعؽرمة ‪ ٓ( :‬تؽذب طؾل كؿا كذب كافع طـ ابـ طؿر )‪ ،‬وققؾ أن هذا غقر صحقح وإكؿا‬
‫قد ذكره يف كتاب الحج أو كحقه ‪.‬‬

‫والحاصؾ أن حديث ابـ طباس كؿا سقليت ذكره قد جاء مـ صريؼ طؽرمة وصريؼ غقره كؿا سقليت بقاكف‬

‫[ َفنِ ْن ُغ َّؿ َط َؾ ْق ُؽ ْؿ َف َلك ِْؿ ُؾقا ا ْل ِع َّد َة َث َالثِق َـ»] ويف رواية (العدد)‬
‫فنكؿال العدة ثالثقـ معـك (فاقدروا لف) أي ‪:‬أتؿقا الحساب‬
‫حديث ابـ طؿر هذا قد رواه البخاري ومسؾؿ والـسائل وأبق داود وابـ ماجة والدارمل وغقرهؿ ‪،‬‬
‫وألػاضف كثقرة ( إذا رأيتؿقه فصقمقا‪ ،‬وإذا رأيتؿقه فلفطروا وإن غؿ طؾقؽؿ فاقدروا لف) ‪(،‬فنن أغؿل طؾقؽؿ‬
‫فاقدروا لف ثالثقـ) طـد مسؾؿ ‪ ،‬وطـد البخاري( فلكؿؾقا العدة ثالثقـ) رواية ابـ طؿر كػسفا جاءت‬
‫مػسرة‪.‬‬
‫َّ‬
‫وجاء يف لػظ أيضا (ٓ تصقمقا حتك تروا الفالل وٓ تػطروا حتك تروه فنن غؿ طؾقؽؿ فاقدروا لف)‪ ،‬وجاء‬
‫يف لػظ أيضا (الشفر تسع وطشرون‪ )...‬وقد ذكركاه ويف آخره (فلكؿؾقا العدة ثالثقـ ) وقد رواه البخاري‬

‫‪16‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وطـد مسؾؿ ألػاظ كثقرة فقفا بقان لؿعـك (فاقدروا) قال (فنن أغؿل طؾقؽؿ فاقدروا لف) ويف رواية قال‬
‫(فاقدروا لف ثالثقـ) ويف رواية قال (فاقدروا لف) وزاد (ثالثقـ) أي ذكر العدد ‪ ،‬ففذه ألػاظ حديث ابـ‬
‫طؿر ‪ ،‬وقد رواه طـف كافع ‪ ،‬وطبد اهلل ابـ ديـار ‪ ،‬وسالؿ ابـ طبد اهلل ‪ ،‬بللػاظ كثقرة‬
‫وثؿة روايات لفا طالقة بباب صقم يقم الشؽ سقليت ذكرها ‪ ،‬ومـفا رواية طـد مسؾؿ (فاقدروا لف ثالثقـ)‬
‫وجا يف رواية طـد أبل داود (فؽان ابـ طؿر إذا كان شعبان تسعة وطشريـ كَ َظ َر لف فنن رؤي فذاك فنن لؿ ير‬
‫ولؿ يحؾ دون مـظره سحاب وٓ قرتة أصبح مػطرا فنن حال دون مـظره سحاب أو قرتة أصبح صائؿا)‬
‫قال (فؽان ابـ طؿر يػطر مع الـاس وٓ يلخذ هبذا الحساب) وهذا فقف إشارة إلك أن ابـ طؿر لف كالم‬
‫وققل وفعؾ يف صقام يقم الشؽ ‪ ،‬ومـفؿ مـ يرى أن ابـ طؿر مؿـ يرى صقمف ‪ ،‬وسقليت تقضقحف إن‬
‫شاء اهلل يف الباب الذي طؼده اإلمام مالؽ يف أواخر أبقاب كتابف (كتاب الصقام) يف كتابف هذا إن شاء اهلل‬
‫تعالك‪.‬‬
‫وجاءت يف روايات صحقحة ذكر اإلتؿام بثالثقـ كؿا ذكر‪.‬‬

‫كؿا جاء الحديث أيضا مـ صريؼ أبل هريرة وبللػاظ كثقرة يف الصحقحقـ ‪ ،‬وغقرهؿا وخارج طـفؿا ‪،‬‬
‫ولؿ يذكر اإلمام مالؽ حديث أبل هريرة كؿا ذكر حديث ابـ طباس ‪ ،‬وقد جاء حديث ابـ طباس مـ‬
‫صريؼ أبل ‪ ........‬قال (أهؾؾـا رمضان وكحـ بذات طرق فلرسؾـا رجال إلك ابـ طباس كسللف ‪ ،‬فؼال ابـ‬
‫طباس ‪ :‬قال رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ (إن اهلل قد أمدَّ ه لرؤيتف ‪ ،‬فنن أغؿل طؾقؽؿ فلكؿؾقا‬
‫العدة) أخرجف مسؾؿ وأحؿد‪.‬‬

‫وطـ سؿاك ابـ حرب طـ طؽرمة طـ ابـ طباس قال ‪ :‬قال رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ‬
‫(ٓ تؼدمقا الشفر بصقام يقم وٓ يقمقـ إٓ أن يؽقن شلء يصقمف أحدكؿ ‪ ،‬وٓ تصقمقا حتك تروه ‪ ،‬ثؿ‬
‫صقمقا حتك تروه ‪ ،‬فنن حال دوكف غؿامة فلتؿقا العدة ثالثقـ‪ ،‬ثؿ أفطروا والشفر تسع وطشرون) أخرجف‬
‫أبق داود والرتمذي والدارمل والؾػظ ٕبل داود ‪ .‬وغقرهؿ لفؿ روايات أخرى متؼاربة ‪ ،‬وهق حديث‬
‫صحقح ‪.‬‬

‫وجاء بؾػظ آخر مـ صريؼ طؿرو ابـ ديـار طـد محؿد ابـ حـقـ طـ ابـ طباس قال (طجبت مؿـ يتؼدم‬
‫غؿ‬
‫الشفر وقد قال صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ ( إذا رأيتؿ الفالل فصقمقا وإذا رأيتؿقه فلفطروا فنن ّ‬
‫طؾقؽؿ فلكؿؾقا العدّ ة ثالثقـ) أخرجف الـسائل والدارمل وزاد (ثالثقـ يقما) ‪ ،‬والحديث أيضا ثابت‬
‫كذلؽ‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وجاء هبذه إلػاظ مـ صرق أخرى كؿا ذكرت طـ أبل هريرة ‪ ،‬وجاء طـ أبل بؽرة ‪ ،‬وصؾؼ ابـ طؾل ‪،‬‬
‫وطـ طائشة ‪ ،‬وبعض أصحاب الـبل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ كذلؽ ‪ ،‬ففق حديث بللػاظ كثقرة‬
‫ثابتة واردة‪.‬‬

‫هذا هق الحديث إول وقد ذكر فقف ما يتعؾؼ بؿسللة الرؤية‪.‬‬

‫الؿسللة إولك ‪ :‬وهل أن العربة يف إثبات رمضان إكؿا هل الرؤية ‪ ،‬والؿراد بالرؤية هل الرؤية البصرية ‪،‬‬
‫ولقس رؤية غقرها أو الحساب ‪ ،‬فالحديث دل باختالف رواياتف طؾك ذلؽ ‪ ،‬وأن صقم رمضان إكؿا‬
‫يؽقن لرؤية هاللف ‪ ،‬وإفطار رمضان يؽقن أيضا لرؤية هاللف ‪ ،‬ولقس العربة بالحساب أي‪ :‬حساب‬
‫مـازل الؼؿر ‪ ،‬بؾ ذلؽ غقر جائز طـد ققل جؿفقر العؾؿاء ‪ ،‬وكؼؾ ابـ طبد الرب أكف ٓ يعرف أحدا قال‬
‫بذلؽ إٓ واحدا مـ التابعقـ وذكره‪ ،‬قال ابـ بطال رحؿف اهلل تعالك (وإكؿا الؿعقل طؾقف رؤية إهؾة وقد‬
‫هنقـا طـ التؽؾػ وٓشؽ يف مراطاة ما غ ُؿض حتك ُيدرك إٓ بالظـقن فقف غاية التؽؾػ ) وقال الباجل يرد‬
‫طؾك مـ يرى جقاز الحساب وإثباتف بالتـجقؿ وغقرها (إن إجؿاع السؾػ حجة طؾقفؿ ) وقال ابـ بزيزة (‬
‫وهق مذهب باصؾ قد هنت الشريعة طـ الخقض يف طؾؿ الـجقم ٕكف حدس وتخؿقـ ولقس فقفا قطع)‬
‫وكحق ذلؽ أيضا قال شقخ اإلسالم ابـ تقؿقة رحؿف اهلل تعالك قال (إكا كعؾؿ بآضطرار يف ديـ اإلسالم‬
‫أن العؿؾ يف رؤية الفالل هالل الصقم أو الحج أو العدة ‪..‬إلك غقر ذلؽ مـ إحؽام الؿعؾؼة بالفالل ‪،‬‬
‫بخرب الحاسب أكف ُيرى أو ٓ ُيرى أن هذا ٓ يجقز ‪ ،‬والـصقص الؿستػقضة طـ الـبل صؾك اهلل طؾقف‬
‫وطؾك آلف وسؾؿ بذلؽ كثقرة‪ ،‬وقد أجؿع الؿسؾؿقن طؾقف وٓ يعرف فقف خالف قديؿ أصال وٓ خالف‬
‫حديث ) كذا قال شقخ اإلسالم رحؿف اهلل تعالك ‪ ..‬لؽـ ابـ طبد الرب كؼؾ ذلؽ طـ واحد مـ التابعقـ‬
‫قال (ٓ أطؾؿ أحدا قال بف إٓ هق) ولعؾف ططاء ورد بعض شراح الؿقصل طؾك مـ زطؿ كؼؾ الخالف ‪،‬‬
‫وقال (لؿ يؼؾ بف إٓ واحد) رحؿة اهلل تعالك طؾك الجؿقع‪.‬‬

‫وٓ يصح احتجاجفؿ بؼقلف صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ (فاقدروا لف) طؾك أن الؿراد بف تؼدير حساب‬
‫مـازل الؼؿر ‪ٕ ،‬ن هذا يف غاية البعد ‪ ،‬وابـ طؿر هق الذي روى هذا الحديث ‪ ،‬وهق الذي روى (إكا أمة‬
‫أمقة ٓ كؽتب وٓ كحسب) فؽقػ يؽقن الؿراد مـ (فاقدروا لف) حساب مـازل الؼؿر ؟ هذا بعقد كؿا قال‬
‫شقخ اإلسالم رحؿة اهلل تعالك طؾقف ‪..‬‬

‫‪18‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وطؾقف فال يجقز لؾحاسب بلن يعؿؾ بحؼ كػسف يف الحساب كؿا ذكر ذلؽ شقخ اإلسالم ابـ تقؿقة‬
‫رحؿف اهلل تعالك‪.‬‬
‫الؿسللة إخرى ‪ :‬مؿا يستػاد مـ الحديث ‪ ،‬هؾ رؤية البؾد كافقة لؽؾ البالد أو ٓ؟ ٕكف قال (ٓ تصقمقا‬
‫حتك تروه وٓ تػطروا حتك تروه) وهذه جاءت يف رواية أخرى بؾػظ (صقمقا لرؤيتف وأفطروا لرؤيتف)‬
‫ففؾ رؤية واحدة كافقة لسائر البالد أو لؽؾ بؾد رؤية ؟‬

‫خالف بقـ العؾؿاء يف ذلؽ طؾك أققال ثالثة ‪.‬‬


‫‪ =9‬جؿفقر العؾؿاء يرون أن رؤية بؾد واحد كافقة لسائر البؾدان ‪ ،‬بدلقؾ طؿقم الحديث الذي جاء بؾػظ‬
‫(صقمقا لرؤيتف وأفطروا لرؤيتف ) فالؾػظ مقجف لؽؾ مخاصب ‪ ،‬ففق يشؿؾ طؿقم الؿسؾؿقـ الؿخاصبقـ‬
‫هبذا ‪ ،‬فالصقام يثبت برؤية الفالل وإن رؤي يف ٍ‬
‫بؾد ما وكؼؾ الخرب ثبت يف جؿقع البؾدان‪ ،‬وأما ققلف (حتك‬
‫تروه) فالخطاب ٕكاس مخصقصقـ وٓ يؾزم غقرهؿ ‪ ،‬فنذا ثبتت رؤية بعضفؿ وصحت رؤيتفؿ‬
‫وشفادهتؿ فنن ذلؽ يؾزم سائر الـاس ‪ ،‬وٓ يؾزم إمر وٓ يتققػ طؾك أن يراه كؾ واحد بـػسف ‪.‬‬

‫وذهب الشافعقة يف الؿشفقر طـدهؿ أن لؽؾ بؾد رؤية ‪ ،‬بد لقؾ حديث كريب مقلك ابـ طباس قال‬
‫(قدمت الشام فرأيت الفالل لقؾة الجؿعة ثؿ قدمت الؿديـة ‪ ،‬فؼال طبد اهلل ابـ طباس‪ :‬متك رأيتؿ الفالل؟‬
‫‪،‬قؾت‪ :‬لقؾة الجؿعة‪ .‬فؼال‪ :‬أكت رأيتف؟‪ .‬قؾت‪ :‬كعؿ ورآه الـاس‪ .‬وصامقا وصام معاوية رضل اهلل طـ‬
‫الجؿقع‪ ،‬فؼال ‪ :‬لؽـا رأيـاه لقؾة السبت فال كزال كصقم حتك كؽؿؾ العدة أو كراه‪ .‬قؾت‪ :‬أٓ تؽتػل برؤية‬
‫معاوية؟ قال‪ :‬هؽذا أمركا رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ ) فاستػقد مـ هذا الحديث أن لؽؾ‬
‫بؾد رؤية‪.‬‬

‫ولؽـ أجاب أهؾ العؾؿ طؾك ذلؽ ‪ ،‬والجقاب طؾك هذا واضح وصحقح ويدل طؾك أن الحديث لقس‬
‫ققيا يف الدٓ لة طؾك أن لؽؾ بؾد رؤية ‪ ،‬ووجف استدٓلفؿ قالقا‪ :‬ابـ طباس اطتؿد طؾك رؤية أهؾ الؿديـة‬
‫ولؿ يتبع رؤية أهؾ الشام ‪ ،‬فالجقاب أكف سلل‪ :‬متك رأيتؿ الفالل ‪ ،‬فدل طؾك أن العربة هل الرؤية ‪ ،‬قال‬
‫(رأيـا لقؾة الجؿعة) وهذا لؿ يبؾغ ابـ طباس ولؿ يبؾغ أهؾ الؿديـة فرأوه لقؾة السبت ‪ ،‬فؾق أكف وصؾفؿ أن‬
‫الرؤية ثبتت طـد أهؾ الشام لعؿؾقا هبا ‪ٕ ،‬ن ابـ طباس لؿ يؼؾ‪ :‬لؽؾ رؤيتف ‪ ،‬وإكؿا قال (أما كحـ فؼد‬
‫رأيـاه) فعؾؼ صقام الشفر بالرؤية ‪،‬وقال يف آخره (فال كزال كصقم حتك كراه) ولق أهنؿ رأوه ٓطتربوه‬
‫واطتؿدوه‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫قال (أو كؽؿؾ العدة) فؾؿا لؿ يعؾؿ رؤيتفؿ لؾفالل متك كاكت ‪ ،‬لؿ يصؿ صقمفؿ ‪ ،‬وصامقا باطتبار‬
‫رؤيتفؿ هؿ ‪.‬‬
‫وققلف(لؽـا رأيـاه لقؾة السبت) دلقؾ طؾك أكف اطترب يف دخقل رمضان الرؤية ‪.‬‬
‫وققلف (ٓ كزال كصقم) أيضا طؾؼ الخروج مـ رمضان بالرؤية أو إكؿال العدة ‪.‬‬
‫وققلف (هؽذا أمركا رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ ) راجع إلك ققلف (صقمقا لرؤيتف وافطروا‬
‫لرؤيتف) أو إلك ققلف (ٓ تصقمقا حتك تروه وٓ تػطروا حتك تروه) فنلك هذا يرجع ققل ابـ طباس رضل‬
‫اهلل تعالك طـ الجؿقع ‪.‬‬

‫ولفذا قال الشقكاين رحؿف اهلل تعالك (واطؾؿ أن الحجة يف الؿرفقع مـ رواية ابـ طباس ) أي يف ققلف‬
‫(فال كزال كصقم حتك كرى أو كؽؿؾ الثالثقـ أو حتك كؽؿؾ العدة) ‪ ،‬وهذا ٓ يؼتصر بـاحقة دون كاحقة ‪،‬‬
‫فنذا ثبتت الرؤية يف بؾد ما ‪ ،‬سرت إلك سائر البالد‪.‬‬

‫‪ =9‬أما الؼقل الثالث فؼالقا‪ :‬لؽؾ بؾد وما جاورها رؤية وهذا أضعػ إققال طؾك الصحقح ‪ ،‬كؿا قال‬
‫أهؾ العؾؿ ‪ ،‬ومـفؿ مـ اطترب اختالف الؿطالع ‪ ،‬كبعد الحجاز والعراق وخرسان ‪ ،‬ومـفؿ مـ قال‬
‫بحسب إقالقؿ ‪ ،‬ومـفؿ مـ اطترب مسافة الؼصر ‪ ،‬ومـفؿ مـ اطترب اختػاء البؾد بال طارض ‪ ،‬وهذا ققل‬
‫كؿا قال أهؾ العؾؿ‪ :‬مبـل طؾك اجتفاد طؼؾل ففق أبعد إققال وأضعػفا ‪.‬‬

‫وٓ كـؽر اختالف الؿطالع ‪ ،‬فبقـ مطؾع ومطؾع خالف ‪ ،‬ولؽـ هؾ لؾؿطالع أثر؟ وبعض الطؾبة قد ٓ‬
‫يؿقز بقـ الؿسللتقـ ‪ ،‬الؿطالع آختالف بقـفا ثابت ‪ ،‬لؽـ هؾ لفا أثر طؾك الصقام ؟ لقس لفا أثر ‪ٕ ،‬كف‬
‫كؿا قال ابـ طبد الرب ‪:‬اختالف الؿطالع مـ أقصك مؽان إلك أدكاه ٓ يجاوز ثؾث أو ربع يقم أو كحق‬
‫متلتك ومؿؽـ‪.‬‬
‫ً‬ ‫ذلؽ ‪ ،‬فصقامفؿ يف يقم واحد‬

‫والحديث فقف دلقؾ واضح يف الرد طؾك الرافضة ‪ ،‬الذيـ يستؼبؾقن رمضان بصقم يقم أو يقمقـ قبؾ رؤية‬
‫الفالل يزطؿقن (صقمقا لرؤيتف) أن الالم يف معـك آستؼبال ‪ ،‬أي مستؼبؾقـ لف ‪ ،‬وهذا مذهب باصؾ ‪،‬‬
‫وبعقد ‪ ،‬والحديث (صقمقا لرؤيتف) مػسر بالحديث أخر (ٓ تصقمقا حتك تروه وٓ تػطروا حتك تروه)‬
‫كؿا قال العؾؿاء‪.‬‬

‫الش ْف ُر تِ ْس ٌع َو ِط ْش ُرو َن‪َ ،‬ف َال َت ُصق ُمقا َحتَّك َت َر ُوا ا ْل ِف َال َل‪َ ،‬و َٓ ُت ْػطِ ُروا َحتَّك‬
‫كذلؽ مؿا يستػاد مـ الحديث ‪َّ ( ،‬‬
‫َت َر ْو ُه‪َ ،‬فن ِ ْن ُغ َّؿ َط َؾ ْق ُؽ ْؿ َفا ْقدُ ُروا َل ُف) ذكركا معـك التؼدير ‪ ،‬وسقليت بقاكف بصقرة أوسع يف الؽالم طؾك صقام‬

‫‪21‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫يقم الشؽ ‪َ َٓ (...‬ت ُصق ُمقا َحتَّك تَ َر ُوا ا ْل ِف َال َل‪َ ،‬و َٓ ُت ْػط ُروا َحتَّك َت َر ْو ُه‪َ ،‬فنِ ْن ُغ َّؿ َط َؾقْ ُؽ ْؿ َفلَكْؿ ُؾقا ا ْلعدَّ َة َث َالث َ‬
‫قـ)‬
‫لؿ يشر هاهـا إلك شلء يتعؾؼ بالشفادة ‪ ،‬وسـتؽؾؿ طؾقف ٓحؼا ‪ ،‬بعد هناية الباب ‪.‬‬

‫ان بْ ِـ َط َّػا َن‬ ‫ان ُطثْ َؿ َ‬‫ؽ َأكَّف ب َؾ َغف‪« ،‬أَ َّن ا ْل ِف َال َل رئِل فِل َزم ِ‬ ‫[‪ - 1‬وحدَّ َثـِل َطـ مال ِ ٍ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫الش ْؿ ُس» َق َال َي ْح َقك‪َ :‬س ِؿ ْع ُت َمال ِ ًؽا‬ ‫ت َّ‬ ‫بِع ِشل َف َؾؿ ي ْػطِر ُطثْؿا ُن حتَّك أَمسك و َغاب ِ‬
‫ْ َ َ َ‬ ‫َ ٍّ ْ ُ ْ َ َ‬
‫ان َو ْحدَ ُه‪َ " :‬أكَّ ُف َي ُصق ُم‪َ َٓ .‬يـْ َب ِغل َل ُف أَ ْن ُي ْػطِ َر‪َ ،‬و ُه َق‬ ‫قل‪ :‬فِل ا َّل ِذي َي َرى ِه َال َل َر َم َض َ‬ ‫َي ُؼ ُ‬
‫ال َو ْحدَ ُه‪َ ،‬فن ِ َّك ُف َٓ ُي ْػطِ ُر‪.‬‬ ‫َي ْع َؾؿ َأ َّن َذل ِ َؽ ا ْل َق ْقم مِ ْـ رم َضا َن‪َ .‬ق َال‪َ :‬وم ْـ رأَى ِه َال َل َش َّق ٍ‬
‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫قل ُأو َلئِ َؽ إِ َذا َض َف َر‬ ‫َّاس َيت َِّف ُؿق َن َط َؾك أَ ْن ُي ْػطِ َر مِـْ ُف ْؿ َم ْـ َل ْق َس َم ْل ُمقكًا‪َ ،‬و َي ُؼ ُ‬ ‫ِ‬
‫ٕ َ َّن الـ َ‬
‫ال ك ََف ًارا َف َال ُي ْػطِ ْر‪َ .‬و ُيتِ ُّؿ ِصقَا َم َي ْقم ِ ِف‬
‫َط َؾقْ ِفؿ‪َ :‬قدْ رأَ ْيـَا ا ْل ِف َال َل‪َ .‬وم ْـ ر َأى ِه َال َل َش َّق ٍ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫قل‪« :‬إِ َذا‬ ‫وس ِؿ ْع ُت َمالؽا َي ُؼ ُ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َذل َؽ‪َ .‬فنِك ََّؿا ُه َق ه َال ُل ال َّؾقْ َؾة ا َّلتل َت ْلتل " َق َال َي ْحقَك‪َ :‬‬
‫ِ‬

‫ُّقن أَكَّ ُف م ِ ْـ َر َم َضا َن‪َ ،‬ف َجا َء ُه ْؿ َثبَ ٌت أَ َّن ِه َال َل َر َم َضا َن‬
‫َّاس َي ْق َم ا ْل ِػ ْط ِر‪َ ،‬و ُه ْؿ َي ُظـ َ‬
‫َصا َم الـ ُ‬
‫َقدْ ُرئِ َل َق ْب َؾ أَ ْن َي ُصق ُمقا ب ِ َق ْق ٍم‪َ ،‬وأَ َّن َي ْق َم ُف ْؿ َذل ِ َؽ َأ َحدٌ َو َث َال ُثق َن‪َ ،‬فنِكَّ ُف ْؿ ُي ْػطِ ُرو َن فِل‬
‫خبر‪َ .‬غقر َأكَّفؿ َٓ يص ُّؾق َن ص َال َة ا ْل ِع ِ‬
‫قد‪ ،‬إ ِ ْن‬ ‫ٍ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َذل َؽ ا ْلقَ ْق ِم‪ .‬أَ َّي َة َسا َطة َجا َء ُه ُؿ ا ْل َ َ ُ ْ َ ُ ْ ُ َ‬
‫س»]‬ ‫الش ْؿ ِ‬‫ال َّ‬ ‫َان َذل ِ َؽ َجاء ُهؿ َب ْعدَ َز َو ِ‬ ‫[ص‪ ]755:‬ك َ‬
‫َ ْ‬

‫يؼقل الراوي طـ يحقك ‪.‬‬

‫ان ْب ِـ َط َّػا َن بِ َع ِش ٍّل ]‬ ‫ؽ َأكَّف ب َؾ َغف‪َ « ،‬أ َّن ا ْل ِف َال َل رئِل فِل َزم ِ‬
‫ان ُطثْ َؿ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫[وحدَّ َثـِل َطـ مال ِ ٍ‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬

‫اإلشارة إلك مسللة ‪ ،‬وهل ماهق الؿعترب يف رؤية الفالل ‪ ،‬هؾ هل الرؤية الؾقؾة أم الرؤية الـفارية؟ ضاهر‬
‫الحديث السابؼ يػقد أن الصقم حقـ رؤية الفالل (صقمقا لرؤيتف وأفطروا لرؤيتف) ‪ ٓ( ،‬تصقمقا حتك‬
‫تروه وٓ تػطروا حتك تروه) ‪ ،‬الظاهر كلهنا إشارة إلك أن الرؤية سقاء كاكت لقؾة أو هنارية‪.‬‬

‫‪21‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫الرؤية تعترب سقاء كاكت لقؾة أو هنارية لؽـ تؽقن لؾققم الؿستؼبؾ ‪ ،‬ولقس لؾققم الذي هق كػسف ‪،‬‬
‫والؿؼصقد مـ الحديث كؿا ذكر هاهـا مـ إثر وقد ثبت طـ طثؿان وطـ طؾل وطـ غقرهؿ مـ‬
‫الصحابة أن العربة بالرؤية الؾقؾقة كؿا قال صديؼ حسـ خان ‪ ،‬وإن كان ٕهؾ العؾؿ يف هذه الؿسللة‬
‫أققال‪.‬‬

‫أي إذا رؤي الفالل لقال فقثبت أن غدا رمضان ‪ ،‬وإذا رؤي لقال ثبت أن غدا شقال هناية رمضان‪ ،‬لؽـ إذا‬
‫رؤي هنارا؟‬
‫قالقا‪ :‬الصقم لؾقؾة الؿستؼ َب ؾة ‪ ،‬سقاء رؤي قبؾ الزوال أو بعد الزوال ‪ ،‬وهق مذهب جؿفقر العؾؿاء ‪،‬‬
‫وهق ققل مالؽ وأبل حـقػة والشافعل ومحؿد بـ الحسـ ‪ ،‬وهق الؿـؼقل طـ جؿؾة مـ الصحابة مـفؿ‬
‫‪:‬طثؿان وطؾل ‪ُ ٓ ،‬يعؾؿ يف ذلؽ خالف كؿا قال ابـ طبد الرب رحؿف اهلل تعالك ‪.‬‬

‫والؼقل أخر‪ :‬قالقا‪ :‬إذا رؤي الفالل قبؾ الزوال ففق لؾقؾة الؿاضقة ‪ ،‬أي أهنؿ قد أفطروا يقما كان مـ‬
‫رمضان ‪ ،‬وإن رؤي بعد الزوال ففق لؾقؾة الؿستؼبؾة ‪ ،‬سقاء كان ذلؽ يف أول الشفر أو يف آخره ‪ ،‬وهق‬
‫ققل قال بف الثقري وابـ أبل لقؾك ‪ ،‬وأبق يقسػ وطبد الؿؾؽ ابـ حبقب ‪ ،‬وهق مـ تالمذة مالؽ ومؿـ‬
‫قال ا لتػريؼ يف الرؤية الـفارية قبؾ الزوال وبعد الزوال ‪ ،‬إكؿا هل يف بداية الشفر ‪ ،‬وأما يف آخر الشفر‬
‫فسقاء رأوه قبؾ الزوال أو بعد الزوال ففل لؾقؾة الؿستؼبؾة ‪.‬‬

‫وهمٓء الذيـ فرققا استدلقا بحديث رواه البقفؼل بنسـاده إلك إبراهقؿ الـخعل قال ( كتب طؿر رضل‬
‫اهلل طـف إلك طتبة ابـ فرقد ‪ :‬إذا رأيتؿ الفالل هنارا قبؾ أن تزول الشؿس لتؿام ثالثقـ فلفطروا ‪ ،‬وإذا‬
‫رأيتؿقه بعدما تزول الشؿس فال تػطروا حتك تصقمقا ) رواه البقفؼل يف ســف ‪ ،‬وهذا إثر يف الحؼقؼة‬
‫سـده مـؼطع فنبراهقؿ الـخعل لؿ يدرك طؿر رضل اهلل طـف ‪ ،‬وأصح مـف ما رواه البقفؼل بنسـاد صحقح‬
‫طـ سالؿ بـ طبد اهلل بـ طؿر أن كاسا رؤوا هالل الػطر هنارا ‪ ،‬فلتؿ طبد اهلل بـ طؿر رضل اهلل طـفؿا‬
‫صقامف إلك الؾقؾ وقال (ٓ حتك يرى مـ حقث يروه بالؾقؾ) وجاء يف رواية أن طبد اهلل بـ طؿر رضل اهلل‬
‫طـفؿا قال (ٓ يصح أن يػطِروا حتك يروه لقال مـ حقث يرى) وروي ذلؽ كؿا ذكركا طـ طثؿان وطؾل‬
‫وابـ مسعقد رضل اهلل طـ الجؿقع‬

‫‪22‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وجاء يف رواية طـ شػقؼ بـ سؾؿة قال (أتاكا كتاب طؿر وكحـ بخاكؼقـ أن إهؾة بعضفا أكرب مـ بعض‬
‫فنذا رأيتؿ الفالل هنارا فال تػطروا حتك يشفدا رجالن مسؾؿان أهنؿا رأياه بإمس ) ففذه آثار طـ جؿؾة‬
‫مـ الصحابة وٓ يعؾؿ لفا مخالػ فاتػؼت كؾؿتفؿ طؾك ذلؽ ‪ ،‬فقؽقن ققلفؿ هق إققى ‪ ،‬فالعربة‬
‫بالرؤية الؾقؾة ‪ ،‬وأما إذا ثبتت رؤية الفالل هنارا ‪ ،‬تعترب ولؽـ لؾقؾة الؿستؼبؾة ‪ ،‬ولقس لؾقؾة السابؼة‪.‬‬

‫فرتة إسئؾة‪:‬‬

‫س‪ =9‬يؼقل السائؾ كقػ كقافؼ بقـ إتؿام العدة إلك ثالثقـ وبقـ ققلف صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ‬
‫(الشفر تسع وطشرون يقما) لؿا آلك مـ زوجاتف‪.‬‬

‫ج‪ =9‬أيـ اإلشؽال؟ الـبل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ قال يف حديث ابـ طؿر ‪-‬ذكركا لف روايات‬
‫حديث ابـ طؿر وحديث أبل هريرة وحديث ابـ طباس‪( -‬الشفر تسع وطشرون) ويف بعض الروايات‬
‫قال بقده (الشفر هؽذا وهؽذا وهؽذا‪( ،)..‬الشفر تسع وطشرون فنذا رأيتؿقه فصقمقا وإذا رأيتؿقه‬
‫فلفطروا فنن غؿ طؾقؽؿ فلكؿؾقا العدة ثالثقـ) ويف بعض الروايات (الشفر ثالثقن) هؽذا ‪ ،‬إذن الشفر‬
‫بقـ تسع وطشريـ وبقـ ثالثقـ ‪ ،‬فنذا جاء التاسع والعشريـ يراقب الفالل ‪ ،‬إذا رأيـا الفالل إذن الغد‬
‫لؿا آل الـبل صؾك اهلل طؾقف وطؾك‬
‫أول الشفر الجديد ‪ ،‬إذا لؿ كر الفالل فالغد مـ الشفر الذي كحـ فقف ‪ّ .‬‬
‫آلف وسؾؿ مـ أزواجف شفرا كزل ودخؾ الققم التاسع والعشريـ ‪ ،‬فؼالت طائشة (يا رسقل اهلل آلقت شفرا‬
‫؟ ) قال (الشفر تسع وطشرون) ٕكف ثبت الفالل فالغد مـ الشفر الجديد ‪.‬‬

‫ولفذا إذا كذرت أن تصقم شفرا ‪ ،‬وبدأت مـ الخامس طشر مـ رجب متك تػطر؟ الخامس طشر مـ‬
‫شعبان ‪ ،‬صقب‪ ،‬إذا كان رجب كاقصا مـ خؿسة طشر إلك تسعة وطشريـ أربعة طشر يقما ‪ ،‬ومـ إول‬
‫إلك خؿسة طشر خؿسة طشر ‪ ،‬وخؿسة طشر وأربعة طشر دائؿا تسعة وطشرون كؿ صؿت ؟ تسعة‬
‫وطشريـ ٕكؽ كذرت أن تصقم شفرا ‪ ،‬فؼد تصقم تسعا وطشريـ وقد تصقم ثالثقـ‪.‬‬

‫إذا كـت يف كذر الؿجازاة ‪ ،‬وكذرت أن تصقم شفر شعبان ‪ ،‬فصؿت ‪ ،‬جاء الشفر تسعة وطشريـ‪ ،‬كذرك‬
‫صحقح وتصقم تسعة وطشريـ ‪ ،‬صقب وإذا جاء الشفر ثالثقـ تصقم ثالثقـ ‪.‬‬

‫‪23‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫إذا كذرت أن تصقم ثالثقـ يق ما ‪ ،‬فبدأت بعشرة رجب ‪ ،‬تؽؿؾ يف طشرة شعبان ؟ تـظر لرجب إذا كان‬
‫تاما أو كاقصا ‪ ،‬فنذا كان كاقصا تؽؿؾ الحادي طشر ‪ ،‬وإذا كان تام تؽؿؾ العاشر ‪ ،‬فنذن الشفر تسع‬
‫وطشرون أو ثالثقن وٓ معارضة‪.‬‬

‫س‪ =7‬لؿ أففؿ مسللة اختالف الؿطالع وكقػ ٓ تمثر طؾك الصقام‪.‬‬
‫ج‪ =7‬أن كحـ يف الزمان لقؾ ‪ ،‬وفقف بؾدان هل يف الـفار ‪ ،‬فاختؾػ مطؾع الشؿس بقــا وبقـفؿ ‪ ،‬إذن‬
‫الؿطالع اختؾػت ومثؾ ذلؽ آختالف يف الؼؿر ‪ ،‬وكان الؼؿر أضقؼ مـ الشؿس ‪ ،‬فآختالف بقـ‬
‫الؿطالع ‪-‬كؿا قال ابـ طبد الرب‪ -‬لقس مدة كبقرة جدا ‪ ،‬بحقث أن القاحد يصقم الققم وأخر يصقم بعد‬
‫يق مقـ أو يؽقن صام قبؾف بققمقـ أو بققم لقس كذلؽ إٓ إذا لؿ يصؾ الخرب ‪ ،‬فتختؾػ الؿطالع كعؿ لؽـ‬
‫لقس اختالفا يمثر فقؽقن لؽؾ بؾد صقمف ‪ ،‬فؿطالع الؼؿر تختؾػ ولؽـ ٓ تلثقر لفا طؾك الصقام ‪،‬‬
‫فؿطالع الؼؿر ثابت لؽـ الصقام يؽقن رؤية واحدة تؽػل كؾ البالد ‪ ،‬وٓ يؼال لؽؾ مطؾع رؤيتف‬

‫س‪ =9‬كقػ يجؿع بقـ حديث (ٓ تؽتبقا طـل سقى الؼرآن) وبقـ ما ثبت طـ الصحابة مـ كتابة‬
‫الحديث؟‬
‫ج‪ =9‬قؾـا أن الـبل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ يف بداية إمر شدد حتك ٓ يختؾػ طؾقفؿ الؼرآن‬
‫فؼال (ٓ تؽتبقا طـل سقى الؼرآن) وأذن لبعضفؿ ‪ ،‬طبد اهلل بـ طؿر وقال (يا رسقل اهلل إهنؿ قالقا لل ٓ‬
‫تؽتب طـ محؿد كؾ شلء فنكف يغضب ويغضب ويؼقل يف الغضب ) فؼال (اكتب فال أققل إٓ حؼا) ‪،‬‬
‫فنذن الـفل كان ابتداء وكان التقسع طـ كثرة الؽتابة والخؾط أو الجؿع ‪ ..‬ولفذا بعض العؾؿاء وجف هذا‬
‫بتقجقفات كثقرة ‪ :‬الـفل طـ الؽتابة بؿعـك أن ي جؿعا يف مؽان واحد ‪ ،‬فؼد يختؾط طؾقف الؼرآن بالحديث‬
‫‪ ،‬أو يف مقضع واحد أو اإلكثار مـ الؽتابة ‪ ،‬أو شدة آهتؿام بف أكثر مـ الؼرآن ‪ ،‬أو أن هذا كان يف أول‬
‫إمر ثؿ أذن صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ بدلقؾ أثار وإحاديث التل ذكركاها ‪ ،‬وأمر يف هذا‬
‫واضح إن شاء اهلل تعالك‪.‬‬

‫س‪ =1‬يؼقل‪ :‬باب ما جاء يف رؤية الفالل لؾصقم ورؤية الفالل لؾػطر ‪[...‬لؿ يػفؿ الرتجؿة يظـ أن فقفا‬
‫خؾط]‪.‬‬
‫ج‪ =1‬باب ما جاء يف رؤية الفالل لؾصقم ورؤية الفالل لؾػطر ‪ ،‬وهذه الرؤية تؽقن يف رمضان ‪،‬متك يرى‬
‫الفالل؟ لقؾة رمضان ‪ ،‬إذن رؤية الفالل لؾصقم يف رمضان ‪ ،‬ورؤية الفالل يف رمضان لؾػطر يف شقال ‪،‬‬
‫ما فقف إشؽال يف الرتجؿة ‪.‬‬

‫‪24‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫س‪ =2‬ما حؼقؼة كسبة سدل القديـ يف الصالة لإلمام مالؽ؟‬


‫ج‪ =2‬لؿ يـؼؾ طـ مالؽ أحد مـ تالمذتف السدل ‪ ،‬سقى ما كؼؾف ابـ الؼاسؿ رحؿف اهلل تعالك ‪ ،‬كؾ‬
‫تالمذة مالؽ مـ الؿديـة ومـ بغداد وغقرها كؼؾقا طـ مالؽ الؼبض ‪ ،‬ولؿ يـؼؾ طـف السدل إٓ ابـ‬
‫الؼاسؿ ‪ ،‬ويف رواية بؼقد ‪ ،‬وهق أن يؼبض بـقة آطتؿاد ‪ ،‬ففذا الذي كؼؾ طـف يف ذلؽ الؽراهة‪ ،‬وققؾ أكف‬
‫لؿ يؼبض ٕجؾ الؿحـة التل وقعت لف وهل أكف خؾعت يده فؽان ٓ يستطقع أن يؼبض ‪ ،‬ولؽـ بعضفؿ‬
‫شؽؽ يف هذه الؼصة وقال هل ضعقػة ‪ ،‬وطؾك كؾ فؼد روى مالؽ رحؿف اهلل تعالك يف مقصئف ‪ ،‬روى‬
‫حديثقـ يف الؼبض ‪ ،‬وكؼؾ طـف ذلؽ جؾ تالمذتف وهق الؿشفقر طـف رحؿف اهلل تعالك ‪ ،‬ورواية السدل‬
‫فقفا كالم ‪ ،‬سـدا ومعـك ‪ ،‬ولفذا بعض الؿالؽقة يرد طؾك الؿالؽقة ‪ ،‬الذيـ قالقا كره الؼبض ٕكف يتؽئ ‪،‬‬
‫ققؾ لفؿ ‪ :‬صقب إذا ج ؾس لؾتشفد القسط ‪ ،‬وكقى أن يسرتيح ففؾ يؽره لف أن يجؾس ‪ ،‬هذه الـقة ٓ تغقر‬
‫فقؿا هق ثابت ‪ ،‬فـقتف طؾقف ‪ ،‬واهلل أطؾؿ‪.‬‬

‫س‪ =3‬ما هل الفؿة وكقػ تؽقن وكقػ تؽسب؟‬


‫درس يف درس الفؿة ‪ ،‬قال الحؼقؼة يتؽؾؿ طـ الفؿة الذي لف هؿة ‪،‬‬
‫ج‪ =3‬هذا كؿا قال بعض العؾؿاء ّ‬
‫يدرس طؾقفا ‪ ،‬كسلل اهلل لـا ولؽؿ التقفقؼ‪.‬‬
‫والذي ما طـده الفؿة يحتاج إلك أن يحصؾفا وبعد ذلؽ ّ‬

‫س‪ =4‬يؼقل‪ :‬مـ شروط التقبة رد الؿظالؿ ‪،‬فشخص قام بسرقة مال طام ‪ ،‬فؽقػ يؿؽـ أن يرد‬
‫الؿظالؿ؟‬
‫ج‪ =4‬ذلؽ الؿال العام الذي سرقف يرده طؾك حالتقـ ‪ :‬إما مال يستفؾؽ أو ٓ يستفؾؽ ‪ ،‬فنن كان مؿا ٓ‬
‫يستفؾؽ أي أكف ٓ يزال باققا ‪ ،‬يرده إلك الؿؽان العام ‪ ،‬طؾك الخالف أن يف هذا الشلء الذي ٓ‬
‫وثؿره؟ هؾ استػاد مـف فقائد ؟ أو ٓ ؟ وهؾ هذا الشلء الذي ٓ‬
‫ثؿـف ّ‬
‫يستفؾؽ هؾ استػاد مـف ‪ ،‬هؾ ّ‬
‫يستفؾؽ هؾ زاد ؟ أو ٓ ؟ ففذا تػصقؾ‪.‬‬
‫أما إن كان يستفؾؽ فنكف يرد مثؾف وإن لؿ يستطع قدّ ر ثؿـف ور ّده‪.‬‬
‫بؼل سمآن ‪ ،‬هذا السمال الؿتعؾؼ بالؿال الؿسروق وسمال آخر إذا تقسر إمر كجقب طؾقفؿا غدا ‪.‬‬

‫واهلل أطؾؿ وصؾك اهلل وسؾؿ وبارك طؾك كبقـا محؿد وآلف وصحبف أجؿعقـ ‪.‬‬

‫سبحاكؽ الؾفؿ وبحؿدك أشفد أن ٓ الف إٓ أكت أستغػرك وأتقب إلقؽ‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫[شرح كتاب الصقام مـ مقصل اإلمام مالؽ]‬

‫لػضقؾة الشقخ أبل طبد الرحؿـ محؿد بـ خدة الجزائري‬

‫(( الؿجؾس الثاين ))‬

‫كـا اكتفقـا يقم أمس طـد ققل الؿملػ رحؿف اهلل تعالك ‪-‬اإلمام مالؽ‪ -‬فقؿا ذكره بالغا طـ طثؿان‬
‫رضل اهلل طـف فقؿا جاء مـ إثبات الرؤية ومـ أن آطتبار هق بالرؤية الؾقؾة ‪ ،‬وأما الرؤية الـفارية فحتك‬
‫وإن ثبتت فتؽقن لؾقؾة الؿستؼبؾة ‪ ،‬وذكركا لفا أثريـ أثر ابـ طؿر‪ ،‬وأثر شؼقؼ ابـ سؾؿة ‪ ،‬لؿا قال (أتاكا‬
‫كتاب طؿر وكحـ بخاكؼقـ ‪ )...‬وقؾـا أن هذا هق الصحقح وهق أن الرؤية الـفارية تعترب لؾقؾة التل بعد‪.‬‬

‫ويدل طؾك ذلؽ أيضا حديث سقليت وهق ققلف صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ (حتك يشفد رجالن‬
‫مسؾؿان أهنؿا رأياه بالؾقؾ ‪ ) ...‬ففذا يدل طؾك أن العربة هل الرؤية الؾقؾقة ‪ ،‬وأن الرؤية الـفارية ٓ تؽقن‬
‫لؾقؾة سابؼة بؾ لؾقؾة الالحؼة‪.‬‬

‫وأيضا يف أثر ابـ طؿر (مـ حقث يروه بالؾقؾ) ويف إثر أخر (حتك يروه لقال مـ حقث يرى) ‪ ..‬ففذا هق‬
‫الؿعترب‪.‬‬

‫وضفر لل معـك آخر يف حديث رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وسؾؿ يف ققلف (صقمقا لرؤيتف‬
‫وأفطروا لرؤيتف) ويف رواية (إذا رأيتؿقه فصقمقا وإذا رأيتؿقه فلفطروا فنن غؿ طؾقؽؿ) ‪ ،‬واإلغؿام إكؿا‬
‫يؽقن لقال ‪ ،‬ففذا يدل طؾك أن الرؤية تؽقن لقال‪.‬‬

‫ثؿ أيضا ققلف يف الحديث (إذا رأيتؿقه فصقمقا وإذا رأيتؿقه فلفطروا ) الصقام ُر ّتب طؾك الرؤية بػاء‬
‫التعؾقؾ والسببقة ‪ ،‬فسبب الصقام هق الرؤية والجؿؾة أيضا شرصقة (إذا رأيتؿقه فصقمقا) وجقاب (إذا)‬
‫لؿا كان الصقام ٓ يؽقن إٓ هنارا‬
‫يؽقن مستؼبال لؾشرط ‪ ،‬جقاب الشرط مستؼبؾ بالـسبة لؾشرط‪ ،‬ولفذا ّ‬
‫وهق مستؼبؾ بالـسبة لؾرؤية فال تؽقن الرؤية إٓ قبؾف ‪ ،‬وقبؾ الـفار إكؿا يؽقن الؾقؾ فالعربة بالرؤية‬
‫الؾقؾقة ‪.‬‬
‫هذا معـك ضفر لل مـ الحديث واهلل تعالك أطؾؿ‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫قال‪:‬‬

‫[ َف َؾ ْؿ ُي ْػطِ ْر ُطثْ َؿا ُن َحتَّك أَ ْم َسك َو َغابَ ْت َّ‬


‫الش ْؿ ُس]‬

‫هفـا لؿ يشر اإلمام مالؽ رحؿف اهلل إلك مسللة شروط الشفادة ‪ ،‬وهؾ يشرتط فقفا العدد أو ٓ يشرتط‬
‫فقفا العدد ؟ وهل مسللة محؾ خالف بقـ العؾؿاء‪:‬‬
‫ففـاك مـ قال‪ :‬تثبت الرؤية بشفادة العدل القاحد ‪.‬‬
‫وهـاك مـ قال‪ :‬يثبت رمضان بشفادة العدلقـ ‪.‬‬
‫وهـاك مـ قال‪ :‬يثبت برجؾقـ أو رجؾ وامرأتقـ‪.‬‬
‫وهـاك مـ ّفرق بقـ الؾقؾة الؿصحقة والؾقؾة التل فقفا غقؿ ‪ ،‬فنن كان هـاك غقؿ فقثبت برجؾقـ طدلقـ وإن‬
‫كاكت الؾقؾة مصحقة فالبد مـ جؿاطة يف ذلؽ‪.‬‬

‫وهذه أققال يظفر أن أققاها واهلل أطؾؿ أن دخقل رمضان يثبت برؤية القاحد العدل وأما خروج رمضان‬
‫فنكؿا يثبت برؤية العدلقـ آثـقـ ‪ ،‬هذا أققى يف الدلقؾ‪.‬‬

‫وأما الدلقؾ طؾقف فلحاديث كثقرة مـفا حديث ابـ طؿر قال (تراءى الـاس الفالل فرأيتف فلخربت الـبل‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أين رأيتف فصام وأمر الـاس بالصقام) ‪،‬والحديث رواه أبق داود وإسـاده حسـ ‪،‬‬
‫وصححف الشقخ إلباين ‪ ،‬وأيضا ابـ حزم وأقره الحافظ ابـ حجر وغقره‪.‬‬

‫وجاء يف حديث ابـ طباس أن أطرابقا جاء لؾـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ فؼال (إين قد رأيت الفالل) ‪ ،‬فؼال‬
‫(أتشفد أن ٓ إلف إٓ اهلل؟) قال (كعؿ) قال(أتشفد أن محؿدا رسقل اهلل؟) قال (كعؿ)‪ ،‬قال(فل ّذن يف الـاس‬
‫ورجح الـسائل‬
‫وصححف ابـ خزيؿة وابـ حبان ّ‬
‫ّ‬ ‫يا بالل أن يصقمقا غدا) وهذا الحديث رواه الخؿسة‬
‫إرسالف‪ ،‬وترجقح اإلرسال هق إققى هفـا‪.‬‬

‫ومـ إحاديث التل تثبت اشرتاط شفادة العدلقـ ققلف طؾقف الصالة والسالم يف حديث طبد الرحؿـ بـ‬
‫زيد ابـ الخطاب أكف خطب وقال (قد جالست أصحاب الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ وساءلتفؿ وإهنؿ‬
‫غؿ‬
‫حدثقين أن رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قال (صقمقا لرؤيتف وأفطروا لرؤيتف وأمسؽقا لفا فنن ّ‬
‫طؾقؽؿ فلتؿقا ثالثقـ يقما وإن شفد شاهدان مسؾؿان فصقمقا وأفطروا) رواه أحؿد وإسـاده حسـ‪.‬‬

‫وجاء طـ َربعل بـ ِخراش طـ بعض الصحابة أهنؿ قالقا (أصبح الـاس لتؿام ثالثقـ يقما فجاء أطرابقان‬

‫‪27‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫أهاله بإمس طشقة فلمر صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ الـاس أن يػطروا) والحديث إسـاده حسـ‬
‫فشفدا أهنؿا ّ‬
‫وهق ثابت‪.‬‬

‫وطـ أبل طؿقر بـ أكس قال (حدثـل طؿقمة لل مـ إكصار مـ أصحاب الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قال‪:‬‬
‫ُغؿ طؾقـا هالل شقال فلصبحـا صقاما فجاء ركب مـ آخر الـفار فشفدوا طـد رسقل اهلل أهنؿ رؤوا الفالل‬
‫أمس فلمر أن يػطروا مـ يقمفؿ ويخرجقا لعقدهؿ مـ الغد) ‪ .‬رواه أبق داود والـسائل وابـ ماجة وابـ‬
‫حبان وإسـاده حسـ ‪ ،‬وجاء أيضا مـ صرق أخرى طـ أكس طـ بعض طؿقمتف‪.‬‬

‫وأيضا مـ بعض الطرق إخرى جاء مـ صريؼ طبد الرحؿـ بـ أبل لقؾك قال (كـت مع طؿر‪ )...‬وذكر‬
‫كحق ذلؽ ‪ ،‬ويف إسـاده ضعػ‪.‬‬

‫وجاء مـ صريؼ آخر طـ حسقـ بـ الحارث بـ أبل ركّة ‪ ،‬يحدث طـ الحارث بـ حاصب أكف قال‬
‫‪9‬‬

‫لألمقر (إكف فقؽؿ مـ هق أطؾؿ باهلل ورسقلف مـل وشفد هذا مـ رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ) وأومل إلك‬
‫رجؾ بقده وهق ابـ طؿر رضل اهلل طـف ‪ ،‬وقد قال أمقر مؽة يف خطبتف (طفد إلقـا رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف‬
‫وسؾؿ أن كؿسؽ لؾرؤية فنن لؿ كر وشفد شاهدا طدل مسؽـا بشفادهتؿا) ‪ .‬وهذا أخرجف أبق داود‬
‫والدارقطـل ‪ ،‬وهذا إسـاده صحقح متصؾ ‪ ،‬وهـاك صرق يستلكس هبا ويستشفد هبا‪.‬‬
‫ففذه أحاديث كؾفا تدل طؾك اطتبار شفادة العدلقـ آثـقـ‪.‬‬

‫لؽـ حديث ابـ طؿر إول فقف إثبات شفادة القاحد يف إثبات دخقل رمضان ف ُقخص العؿقم إول ‪،‬‬
‫فإحاديث اشرتصت شفادة طدلقـ إلثبات رمضان ولخروج رمضان‪ .‬لؽـ حديث ابـ طؿر أثبت أكف‬

‫ُتؼبؾ رؤية القاحد لدخقل رمضان ‪ ،‬ف ُت ّ‬


‫خص هذه الحالة ‪ ،‬ويبؼك خروج رمضان ٓ يثبت إٓ بشفادة‬
‫رجؾقـ طدلقـ‪ ،‬ففذا هق الؼقل الذي يظفر أققى واهلل تعالك أطؾؿ‪.‬‬

‫أما مـ قال يثبت الشفر برؤية العدل القاحد ففذا ُكؼؾ طـ ابـ الؿبارك وأحؿد والشافعل يف أحد ققلقف‬
‫قال الـقوي (وهق إصح) كعؿ ‪ ،‬واطتؿدوا حديث ابـ طؿر رضل اهلل تعالك طـفؿا وكذا حديث ابـ‬
‫طباس رضل اهلل تعالك طـفؿا ‪.‬‬

‫وأما مـ اشرتط رؤية العدلقـ ‪ ،‬ففق مالؽ والؾقث وإوزاطل والشافعل يف أحد ققلقف وططاء وطؿر بـ‬
‫طبد العزيز والؿاجشقن وكثقر مـ أهؾ العؾؿ‪ ،‬أخذوا بعؿقم إحاديث التل ذكر ُتفا التل فقفا اشرتاط‬

‫‪ 1‬قال الشيخ بعد مراجعته للتفريغ في هذا الموضع (يُراجع)‬

‫‪28‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫رواية العدلقـ‪.‬‬

‫وأما الؼقل الثالث وهق اطتبار الرجؾ وامرأتقـ ففق ققل الثقري إلحاقا لؿاجاء يف آية الؿدايـة ‪.‬‬

‫وأما الؼقل الذي فقف تػصقؾ بقـ كقن الؾقؾة مصحقة أو مغ َّقؿة ففذا ققل يـسب إلك أبل حـقػة‪.‬‬

‫وإققى واهلل أطؾؿ هق أن هالل رمضان يثبت بؼقل القاحد وأما هالل شقال فال يثبت إٓ برؤية‬
‫العدلقـ‪ ،‬وهالل شقال ققل جؿفقر العؾؿاء طؾك أكف ٓ يثبت إٓ بشفادة طدلقـ‪ ،‬ولؿ يؼؾ بنثبات هالل‬
‫شقال بؼقل العدل القاحد إٓ أبق ثقر ‪ ،‬قال ابـ رشد (وهذا مذهب أبل بؽر بـ الؿـذر‪ ،‬وهق مذهب أبل‬
‫ثقر وأحسبف مذهب أهؾ الظاهر) لؽـ جؿفقر العؾؿاء طؾك خالفف‪ ،‬واهلل تعالك أطؾؿ‪.‬‬

‫وٓبد يف الذي يـؼؾ الرؤية الرائل ٓبد أن يؽقن طدٓ‪ ،‬كؿا جاء يف الحديث (فنن شفد شاهدان مسؾؿان)‬
‫ويف رواية (فنن شفد شاهدا طدل) فالبد يف الشفادة أن تؽقن مـ العدل‪.‬‬

‫قل فِل ا َّل ِذي َي َرى ِه َال َل َر َم َضا َن َو ْح َد ُه َأكَّ ُف َي ُصق ُم َٓ‬ ‫[ َق َال َي ْح َقك َس ِؿ ْعت مالؽا َي ُؼ ُ‬
‫ان]‬ ‫َيـْبَ ِغل َل ُف أَ ْن ُي ْػطِ َر َو ُه َق َي ْع َؾ ُؿ أَ َّن َذل ِ َؽ ا ْلقَ ْق َم مِ ْـ َر َم َض َ‬

‫إذا رأى الفالل وحده هؾ يصقم أو ٓ؟!‬


‫كؼقل ‪ :‬لف حالتان ‪ :‬إن كان وحده ٓ يقجد أحد معف هق لقحده فنكف هق الـاس (صقمؽؿ يقم يصقم‬
‫الـاس) وهق وحده ‪ ،‬فالـاس هفـا هق وحده‪ ،‬فقصقم‪.‬‬

‫لؽـ إن كان مع غقره ‪ ،‬وكؼؾ رؤيتف ولؿ تعترب‪ ،‬ولؿ ُتؼبؾ ففؾ يصقم وحده أو ٓ يصقم؟‬
‫قال هـا مالؽ رحؿف اهلل ‪-‬كؿا قال أيضا يف الؿدوكة‪ -‬يصقم وحده ‪ٓ[،‬يـبغل لف أن يػطر وهق يعؾؿ أن‬
‫ذلؽ الققم مـ رمضان] وهذا ققل جؿفقر العؾؿاء ‪ :‬مـ رأى هالل رمضان ولؿ ُتؼبؾ شفادتف ‪ .‬قال‬
‫جؿفقل العؾؿاء إكف يصقم ‪ ،‬وهق ققل إئؿة إربعة وقال بف ططاء والحسـ وابـ سقريـ وأبق ثقر‬
‫وغقرهؿ رحؿة اهلل تعالك طؾك الجؿقع ‪ ،‬هذا يف هالل رمضان ‪ ،‬فلكثر أهؾ العؾؿ طؾك أكف يصقم لقحده‪.‬‬

‫وحجة مـ قال أكف يصقم هق حديث الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ وهق ققلف (صقمقا لرؤيتف وأفطروا‬
‫لرؤيتف ) كؿا مر معـا يف الحديث ‪ ،‬وهذا يؼقـ كػسف ثابت وأن غدا مـ رمضان ‪ ،‬فؼالقا يجب طؾقف أن‬

‫‪29‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫يصقم وٓ يجقز لف أن يػطر لعؿقم هذا الحديث‪.‬‬

‫واختار بعض أهؾ العؾؿ أكف ٓ يصقم إٓ مع الـاس ‪ ،‬وهذا آختقار ذكره شقخ اإلسالم ابـ تقؿقة رحؿف‬
‫ورجحف حقث قال (وهذا أضفر إققال لؼقلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (صقمؽؿ يقم يصقم الـاس‬
‫اهلل تعالك ّ‬
‫‪ ،‬وفطركؿ يقم يػطر الـاس وأضحاكؿ يقم يضحل الـاس) حديث طائشة رواه الرتمذي وقال (حسـ‬
‫غريب) وهق حديث ثابت‪.‬‬

‫فالصقم يقم يصقم الـاس والػطر يقم يػطر الـاس وكذلؽ إضحك ‪ ،‬وقد فسر بعض أهؾ العؾؿ هذا‬
‫الحديث فؼال ‪ :‬إكؿا معـك هذا الصقم والػطر مع الجؿاطة وطظؿ الـاس‪.‬‬

‫تضحقن وكؾ طرفة‬


‫ّ‬ ‫وقد رواه أبق داود بنسـاد آخر وفقف ‪ :‬فؼال (وفطركؿ يقم تػطرون وأضحاكؿ يقم‬
‫مققػ ‪ ،‬وكؾ مـك مـحر ‪ )...‬إلك آخر الحديث‬

‫قال شقخ اإلسالم (وٕكف لق رأى هالل الـحر لؿا اشتفر ‪ ،‬والفالل اسؿ لؿا استفؾ بف فنن اهلل قد جعؾ‬
‫الفالل مقاققت لؾـاس والحج ‪ ،‬وهذا إكؿا يؽقن إذا استفؾ بف الـاس وشفر بقـ وإٓ لؿ يؽـ هالٓ وٓ‬
‫شفرا وأصؾ هذه الؿسللة أن اهلل جؾ وطال طؾؼ إحؽام الشرطقة ‪،‬بؿسؿك الفالل ‪ ،‬وبؿسؿك الشفر‪)...‬‬
‫ولف ك الم صقيؾ رحؿف اهلل حاصؾف أن الرؤية معؾؼة بالفالل والفالل إكؿا سؿل هالٓ ٓستفاللف‪ ،‬ومادة‬
‫أهؾ الفؿزة والفاء والالم‪ ،‬تدل طؾك الظفقر والبقان والقضقح ‪ّ ،‬‬
‫أهؾ بالحج أضفره رفع صقتف ‪،‬‬ ‫ّ‬
‫واستفؾ الصبل صارخا إذا رفع صقتف طـد وٓدتف ‪.‬‬

‫فنذن ٓ يسؿك الفالل هالٓ إٓ إذا بان وضفر ووضح ‪ ،‬وإذا كاكت هذه الرؤيا لؿ تؼبؾ فال يصح أن يؼال‬
‫لؾفالل بلكف هالل ‪ٕ ،‬كف لؿ تتضح رؤيتف ‪ ،‬ولؿ تظفر ولؿ تبـ لؾـاس‪.‬‬

‫ثؿ كذلؽ الصقام يؽقن لؾشفر ‪ ،‬وإكؿا سؿل الشفر شفرا ٓشتفاره وقد قال جؾ وطال { َف َؿـ َش ِفدَ مِـ ُؽ ُؿ‬
‫الش ْف َر َف ْؾقَ ُص ْؿ ُف} [ البؼرة‪]952/‬‬
‫َّ‬

‫وهذا الشفر لؿ يشتفر فرؤية هذا الذي قد رأى ‪ ،‬سقاء كان رآه وحد أو اثـان ‪،‬إذا ُر ّدت هذه الرؤية ٓ‬
‫يؽقن الشفر قد اشتفر‪ ،‬فؽقػ يؼال بصقامف ‪ ،‬وإكؿا أمر اهلل بصقام الشفر{ َف َؿـ َش ِفدَ مِـ ُؽ ُؿ َّ‬
‫الش ْف َر‬
‫َف ْؾ َق ُص ْؿ ُف} [البؼرة‪ ،]952/‬وإكؿا سؿل شفرا ٓشتفاره‪ ،‬وهذا لؿ يشتفر فال يصام كؿا أفاده شقخ‬
‫اإلسالم رحؿف اهلل تعالك ولفذا قال ‪ :‬وأصؾ تـازع الـاس يف الؿسللة هق تـازطفؿ يف الفالل ‪ ،‬هؾ الفالل‬

‫‪31‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫اسؿ لؿا يظفر يف السؿاء وإن لؿ يعؾؿ بف الـاس؟ وبف يدخؾ الشفر‪ ،‬أم الفالل اسؿ لؿا يستفؾ بف الـاس‬
‫والشفر لؿا اشتفر بقـفؿ طؾك ققلقـ‪.‬‬

‫فؿـ قال بإول أي الفالل اسؿ لؿا يظفر يف السؿاء فنكف يرى أكف مـ رأى الفالل وحده فؼد دخؾ‬
‫مقؼات الصقم ودخؾ شفر رمضان يف حؼف وتؾؽ هل أول لقؾة يف كػس إمر مـ رمضان وإن لؿ يعؾؿ‬
‫بذلؽ غقره فقؾزمف أن يصقم وكذلؽ الػطر‪.‬‬

‫ومـ قال إكؿا هق هالل إذا استفؾ أي ضفر ووضح واشتفر الشفر فنكف يؼقل ٓ يؾزمف الصقم بؾ إكف يؽقن‬
‫صقمف الـاس‪.‬‬

‫قال رحؿف اهلل تعالك (وهذا هق الؼقاس يف شفر الػطر ويف شفر الـحر لؽـ شفر الـحر ما طؾؿت أن أحدا‬
‫قال مـ رآه يؼػ وحده ) هذا ما فقف خالف! ‪ ،‬إذا رأى هالل ذي الحجة ‪ ،‬الؼقاس طؾك مـ قال هبالل‬
‫ور ّدت رؤيتف فعـده هق شفر ذي الحجة يبدأ غدا ‪ ،‬غدا الجؿعة ‪-‬‬
‫رمضان ‪ ،‬فؿـ رأى هالل ذي الحجة ُ‬
‫مثال‪ -‬أول ذي الحجة الجؿعة ‪ ،‬التاسع يقم طرفة بإحد ‪ ،‬مـ الجؿعة إلك الجؿعة ثؿاكقة ‪ ،‬السبت ‪،‬‬
‫رؤيتف ُر ّدت فالجؿاطة أثبتقا أن أول ذي الحجة بالسبت يؼػقن بإحد ‪ ،‬قال شقخ اإلسالم رحؿف اهلل (‬
‫ٓ أطؾؿ أحدا خالػ يف هذا) وقال لؾذي رأى هالل ذي الحجة وحده أكف يؼػ يقم السبت لقحده ثؿ‬
‫يعقد القققف مع الجؿاطة قال ٓ قائؾ بف ‪ ،‬كؾفؿ يؼقلقن يؽقن القققف يف يقم واحد إكؿا الخالف وقع‬
‫يف قضقة الصقام والػطر ولفذا قال (ما طؾؿت أن أحدا قال مـ رآه يؼػ وحده ويتحؾؾ دون سائر‬
‫الحجقج أو يـحر يف الققم الثاين ويرمل جؿرة العؼبة ويتحؾؾ دون سائر الـاس وإكؿا يتـازطقن يف الػطر‬
‫فإكثرون ألحؼقه بالـحر وقالقا ٓ يػطر إٓ مع الؿسؾؿقـ) وهذا يف شقال وسقليت (وآخرون قالقا الػطر‬
‫كالصقم ولؿ يلمر اهلل جؾ وطال العباد بصقم واحد وثالثقـ) صقب هذا يف قضقة هالل شقال‪.‬‬

‫قال (فحقـئذ فشرط كقكف هالٓ وشفرا شفرتف بقـ الـاس واستفالل الـاس بف حتك لق رآه طشرة ولؿ‬
‫يشتفر ذلؽ طـد طامة أهؾ البؾد لؽقن شفادتف مردودة أو لؽقهنؿ لؿ يشفدوا هبا كان حؽؿفؿ حؽؿ سائر‬
‫الؿسؾؿقـ‪ ،‬فؽؿا ٓ يؼػقن وٓ يـحرون وٓ يصؾقن لعقد إٓ مع الؿسؾؿقـ‪ ،‬فؽذلؽ ٓ يصقمقن إٓ مع‬
‫الؿسؾؿقـ ‪ ،‬وهذا معـك ققلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (صقمؽؿ يقم تصقمقن ‪ )..‬الحديث ‪ ،‬ولفذا قال اإلمام‬
‫أحؿد يف روايتف ‪ ،‬يصقم مع اإلمام وجؿاطة الؿسؾؿقـ يف الصحق والغقؿ قال أحؿد (يد اهلل مع الجؿاطة )‬
‫وطؾك هذا تػرتق أحؽام الشفر ‪ ،‬هؾ هق شفر يف حؼ أهؾ البؾد كؾفؿ أو لقس شفرا يف حؼفؿ كؾفؿ‪)...‬‬

‫‪31‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫إلك آخر كالمف رحؿف اهلل تعالك ‪ ،‬فقظفر هذا الؼقل الذي اختاره شقخ اإلسالم ‪ :‬يصقم مع الـاس ويػطر‬
‫مع الـاس‪.‬‬

‫ولفذا قالت طائشة رضل اهلل طـفا يف إثر الصحقح الؿـؼقل طـفا دخؾ طؾقفا مسروق يف يقم طرفة‬
‫فطؾب لف أكؾ فلكؾ وقال (ما مـعـل أن أصقم الققم إٓ أن يؽقن الـاس لؿ يروه) يعـل إكؿا مـعف أن يصقم‬
‫وردت شفادة بعضفؿ ‪ ،‬يعـل لق أكف رؤي قبؾ‬
‫ذاك الققم يقم طرفة ‪ ،‬خشقة أن يؽقن الفالل قد رؤي ُ‬
‫الؾقؾة التل قالقا هل أول ذي الحجة ‪ ،‬فقؽقن العاشر هق يقم طرفة بالـسبة لؾجؿاطة يف ذاك الققت‪ ،‬قال‬
‫(ما مـعـل أن أصقم الققم إٓ أن يؽقن الـاس لؿ يروه) فؼالت (ادن فؽؾ صقمؽؿ يقم يصقم الـاس‬
‫وفطركؿ يقم يػطر الـاس وأضحاكؿ يقم يضحل الـاس) إذن الصقم يؽقن مع جؿاطة الؿسؾؿقـ وهذا‬
‫أققى واهلل أطؾؿ ‪.‬‬

‫قال رحؿف اهلل‬

‫َّاس َيت َِّف ُؿق َن َط َؾك أَ ْن ُي ْػطِ َر‬ ‫ِ ِ‬ ‫[ َق َال َوم ْـ ر َأى ِه َال َل َش َّق ٍ‬
‫ال َو ْحدَ ُه َفنِكَّ ُف َٓ ُي ْػط ُر ٕ َ َّن الـ َ‬ ‫َ َ‬
‫س َم ْل ُمقكًا]‬
‫ِ‬
‫مـْ ُف ْؿ َم ْـ َل ْق َ‬

‫هـا قد يػتح باب شر طؾك الـاس ‪ ،‬فنن ققؾ لف ((لؿ؟)) قال أكا رأيت الفالل ‪ ،‬هالل يقم أمس ‪ ،‬وقد‬
‫يؽقن صادقا إذا كان ثؼة ملمقكا لؽـ يػتح باب الشر طؾك غقره ‪ ،‬فقصقر غقر الؿلمقن وغقر الؿتؿسؽ‬
‫بالديـ يػطر ويؽثر أمثال همٓء ‪ ،‬فنن كؾؿقهؿ أو حؿؾقا طؾك التعزير والتلديب ‪ ،‬قال رأيـا الفالل يقم‬
‫أمس!‬
‫لفذا قال [ٕن الـاس يتفؿقن طؾك أن يػطر مـفؿ مـ لقس ملمقكا ]‬

‫َرأَ ْيـ َا ا ْل ِف َال َل]‬ ‫قل ُأو َلئِ َؽ إِ َذا َض َف َر َط َؾقْ ِف ْؿ َقدْ‬
‫[ َو َي ُؼ ُ‬

‫إذا طؾؿقا ورأوهؿ قد أفطروا قالقا (رأيـا الفالل يقم أمس) ولربؿا ٓ يؽقن كذلؽ‪.‬‬

‫‪32‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ال ك ََف ًارا َف َال ُي ْػطِ ْر َو ُيتِ ُّؿ ِص َقا َم َي ْقمِ ِف َذل ِ َؽ َفنِك ََّؿا ُه َق ِه َال ُل ال َّؾقْ َؾ ِة‬
‫[ َوم ْـ رأَى ِه َال َل َش َّق ٍ‬
‫َ َ‬
‫ِ ِ‬
‫ا َّلتل َت ْلتل]‬

‫هذا معـك إثر الذي قال فقف (بؾغـل طـ طثؿان ‪)...‬الخ ‪ ،‬وسبؼ الؽالم فقف‬

‫إن مـ رأى هالل شقال وحده ‪ ،‬هؾ يػطر أو ٓ يػطر؟ قال باإلفطار الشافعل ‪ ،‬وهق ققل طـد الؿالؽقة ‪،‬‬
‫ومالؽ رحؿف اهلل هـا قال (ٓ يػطر) هذا ققل مالؽ هـا وققلف أيضا يف الؿدوكة ‪ ،‬لؽـ ُكؼؾ يف ققل طـف ‪،‬‬
‫وطـد الؿالؽقة أكف يجب اإلفطار ‪.‬‬

‫لؽـ الؿشفقر طـد الجؿفقر مـ إحـاف والحـابؾة والؿالؽقة أكف ٓ يػطر بؾ يستؿر صائؿا احتقاصا‬
‫لؾصقم وهق ققل الؾقث‪ ،‬وهذا هق الؼقل الصحقح ‪ٓ-‬شؽ وٓ ريب‪ -‬اطتؿادا طؾك الدلقؾ السابؼ‬
‫(صقمؽؿ يقم يصقم الـاس وفطركؿ يقم يػطر الـاس) فؿـ رأى هالل شقال فنكف ٓ يػطر بؾ يصقم ‪.‬‬

‫ققلف (ومـ رأى هالل شقال هنارا فال يػطر ويتؿ صقام يقمف ذلؽ فنكؿا هق هالل الؾقؾة التل تليت) كؿا سبؼ‬
‫وذكركا العربة بالرؤية الؾقؾة ‪ ،‬فنذا رؤي هنارا فنكف لؾققم الذي يليت ‪ ،‬ولقس لؿا سبؼ مـ قبؾ‪.‬‬

‫َّاس َي ْق َم ا ْل ِػ ْط ِر َو ُه ْؿ َي ُظـُّق َن أَكَّ ُف مِ ْـ‬


‫قل إِ َذا َصا َم الـ ُ‬ ‫[ َق َال َي ْحقَك و َس ِؿ ْعت مالؽا َي ُؼ ُ‬
‫ان قدْ ُرئِ َل َقبْ َؾ َأ ْن َي ُصق ُمقا بِقَ ْق ٍم َوأَ َّن َي ْق َم ُف ْؿ‬ ‫ت أَ َّن ِه َال َل َر َم َض َ‬ ‫َر َم َضا َن َف َجا َء ُه ْؿ َثبْ ٌ‬
‫ون فِل َذل ِ َؽ ا ْل َق ْق ِم َأ َّي َة َسا َط ٍة َجا َء ُه ْؿ ا ْل َ‬
‫خ َب ُر َغ ْق َر أَكَّ ُف ْؿ‬ ‫َذل ِ َؽ أَ َحدٌ َو َث َال ُثق َن َفنِكَّ ُف ْؿ ُي ْػطِ ُر َ‬
‫س]‬ ‫الش ْؿ ِ‬ ‫ال َّ‬ ‫َان َذل ِ َؽ َجاء ُهؿ َب ْع َد َز َو ِ‬ ‫َٓ يص ُّؾق َن ص َال َة ا ْل ِع ِ‬
‫قد إ ِ ْن ك َ‬ ‫َ‬ ‫ُ َ‬
‫َ ْ‬

‫يعـل إذا أصبحقا يقم الػطر يظـقكف أكف مـ رمضان فجاءهؿ الخرب أن الفالل قد رؤي الؾقؾة فنهنؿ‬
‫يػطرون ‪ ،‬متك جاءهؿ الخرب يػطرون قال ( قد رؤي قبؾ أن يصقمقا بققم وأن يقمفؿ ذلؽ أحد وثالثقن)‬

‫‪33‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫كقػ يؽقن واحدا وثالثقـ؟ إذا صامقا ثالثقـ يصقمقن واحدا وثالثقـ؟! قال (فجاءهؿ ثبت أن هالل‬
‫لؿا جاء الققم‬
‫رمضان قد رؤي) هؿ صامقا بالسبت! رؤوا الفالل أو ثبت لفؿ رمضان بالسبت فصامقا ‪ّ ،‬‬
‫التا سع والعشريـ مـ رمضان ترقبقا الفالل فؾؿ يروه ‪ ،‬ماذا يػعؾقن؟! يصقمقن الثالثقـ ‪ ،‬وهؿ صائؿقن‬
‫لؾثالثقـ جاءهؿ الخرب أن الفالل رؤي لقؾة الخؿقس فالقاجب أن يصام الجؿعة ولقس السبت ‪ ،‬إذن‬
‫الشفر متك بدأ؟ بدأ بالجؿعة ‪ ،‬وهؿ لقؾة التاسع والعشريـ لؿ يروا الفالل فصامقا مـ الغد إتؿاما لؾعدة‬
‫‪ ،‬لؽـ التاسع والعشريـ يف الحؼقؼة هق الثالثقن‪ ،‬فصار الققم الذي يف اطتؼادهؿ اتؿام العدة يف الحؼقؼة‬
‫هق واحد وثالثقن ‪ ،‬ولفذا قال (وأن يقمفؿ ذلؽ أحد وثالثقن)‪.‬‬

‫[فنهنؿ يػطرون يف ذلؽ الققم أية ساطة جاءهؿ الخرب]‬

‫يعـل ولق جاء قبؾ الؿغرب بخؿس دقائؼ ‪ ،‬فنهنؿ يػطرون ‪ ،‬ويف الحديث طـ أبل طؿقر بـ أكس قال‬
‫(حدثـل طؿقمة لل مـ إكصار مـ أصحاب رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قال ‪ُ :‬غ ّؿ طؾقـا هالل شقال‬
‫فلصبحـا صقاما فجاء ركب مـ آخر الـفار فشفدوا طـد رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أهنؿ رؤوا الفالل‬
‫بإمس فلمر رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أن ُيػطروا مـ يقمفؿ ‪ ،‬ويخرجقا لعقدهؿ مـ الغد)‪.‬‬

‫إذن جاءهؿ الخرب أن الفالل قد رؤي! ‪ .‬هل لقست كػس الصقرة التل ذكرها اإلمام مالؽ لؽـ هل‬
‫صقما طؾك إتؿام العدة‪ ،‬لؽـ جاءهؿ‬
‫أختفا ‪ ،‬فاإلمام مالؽ قال ‪ :‬إذا أصبحقا يقم الثالثقـ مـ رمضان ّ‬
‫الخرب أ هنؿ أخطموا يف أول يقم مـ رمضان ‪ ،‬لقس الققم الذي صامقه ‪ ،‬بؾ كان القاجب الذي قبؾف ‪،‬‬
‫فصار الققم الذي يصقمقكف يف آخر الشفر يف الحؼقؼة هق القاحد والثالثقـ ‪ ،‬يعـل أول يقم مـ شقال‪،‬‬
‫ففق يقم الػطر‪ ،‬قال لزمفؿ أن يػطروا يف أية ساطة جاءهؿ الخرب ‪.‬‬

‫وكذلؽ الحديث هـا ‪ ،‬فق ف أهنؿ تراءوا الفالل فؾؿ يروه! فلتؿقا العدة طؾك أن الققم الثالثقـ‪ ،‬فجاء ركب‬
‫آخر الـفار‪ ،‬شفدوا طـد رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أهنؿ رؤوا الفالل ‪ ،‬فلمرهؿ بالػطر وأن يخرجقا‬
‫غدا لؾعقد‪ ،‬والحديث رواه أبق داود وابـ ماجة وأحؿد وابـ حبان والطحاوي والدارقطـل وقال (إسـاده‬
‫صحقح) ‪ ،‬كؿا أخرجف أيضا البقفؼل رحؿف اهلل تعالك ‪ ،‬وصحح الحديث الـقوي والحافظ ابـ حجر ‪،‬‬
‫رحؿة اهلل تعالك طؾك الجؿقع ‪ ،‬ولف صرق ‪ ،‬ومؿـ صححف الشقكاين وابـ الؿـذر وابـ السؽـ وابـ حزم‬
‫‪ ،‬كذلؽ غقرهؿ رحؿة اهلل تعالك طؾك الجؿقع‪.‬‬

‫‪34‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫فنذن كؿا قال اإلمام مالؽ (فنهنؿ يػطرون يف ذلؽ الققم أية ساطة جاءهؿ الخرب)‬

‫لؽـ! قال مالؽ رحؿف اهلل [غقر أهنؿ ٓ يصؾقن صالة العقد إن كان ذلؽ جاءهؿ بعد زوال الشؿس]‬

‫فلفاد هذا أهنؿ إذا جاءهؿ الخرب بلن الققم يقم طقد أفطروا يف أية ساطة سقاء يف بداية الققم أو يف هنايتف أو‬
‫يف وسطف ‪ ،‬لؽـ هؾ يصؾقن العقد؟! قال رحؿف اهلل ‪ :‬إن جاء الخرب قبؾ الزوال صؾقا العقد ‪ ،‬إن جاء‬
‫الخرب بعد الزوال فال يصؾقن العقد‪ ،‬أما كقن صالة العقد وقتفا مـ أول الضحك بعد ارتػاع الشؿس ققد‬
‫رمح يدخؾ وقت صالة العقد إلك الزوال هذا ققل جؿفقر العؾؿاء ‪ ،‬فنذا فات وقت الزوال ٓ تصؾك‬
‫صالة العقد بعد الزوال‪ .‬وهؾ ُتصؾك مـ غد؟! قال اإلمام مالؽ ٓ ُتصؾك ‪ٕ ،‬ن صالة العقد طـد مالؽ ‪-‬‬
‫بؾ طـد جؿفقر العؾؿاء‪ -‬أهنا سـّة ‪ ،‬وإذا فات وقت السـّة فال ُتؼضك ‪.‬‬

‫والصحقح واهلل تعالك أطؾؿ كؿا هق واضح يف الحديث ‪ ،‬أن صالة العقد ُتص ّؾك مـ الغد ‪ٕ ،‬ن الـبل‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أمرهؿ أن يػطروا مـ يقمفؿ ويخرجقا لعقدهؿ مـ الغد ‪ ،‬ففذا ّ‬
‫يدل طؾك أن صالة‬
‫العقد ُتؼضك فقص ّؾقهنا مـ الققم الثاين أي مـ غد يف وقتفا الذي هق‪ :‬بعد صؾقع الشؿس ققد رمح‪.‬‬
‫وهذا مـ إدلة الؼقية طؾك أن صالة العقد واجبة‪.‬‬

‫وكقن صالة العقد تصؾك يف الققم الثاين إذا لؿ يتبقـ العقد يف الققم إول هذا ققل إوزاطل والثقري‬
‫واإلمام أحؿد وإسحاق وأبل حـقػة وأبل يقسػ ومحؿد ‪ ،‬وهق ققل ورواية لإلمام الشافعل‪.‬‬

‫وقد روى الخطابل طـ الشافعل أكف (إن طؾؿقا بالعقد قبؾ الزوال صؾقا وإٓ لؿ يصؾقا يقمفؿ وٓ مـ‬
‫الغد) قال (ٕكف طؿؾ يف وقت فال ُيعؿؾ يف غقره) وهذا ققل مالؽ وهق رواية لؾشافعل وهق ققل أبل‬
‫ثقر‪.‬‬

‫والخطابل كؼؾ هذا الؽالم طـ الشافعل ثؿ قال (وسـة الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أولك بآتباع)‪.‬‬

‫فؿا أققى ققل اإلمام مالؽ وما ألزمف لألصقل والؼقاطد وما أتبعف لؾدلقؾ والدلقؾ أولك بآتباع ‪ ،‬أما‬
‫تطقع ووقتفا محدد مـ صؾقع الشؿس ققد رمح إلك الزوال ‪ ،‬وإذا فات‬
‫ققة ققلف فألن الصالة صالة ّ‬
‫وقت التطقع فنهنا ٓ تؼضك ففذا اطتؿاد طؾك إصقل والؼقاطد ‪ ،‬ولؿ يصؾف هذا الحديث الذي ذكركاه‬
‫‪ ،‬ولفذا بؼل طؾك هذا إصؾ ‪ ،‬وهذا يدل طؾك ققة ققلف بـاء طؾك أصقلف وققاطده ويدل أيضا طؾك ققة‬
‫تؿسؽف بالسـة‪ ،‬ولؿ يؼؾ بؼضاء الصالة يف الققم الثاين ٕكف ٓ يقجد طـده ما يثبت لف ذلؽ‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وكؼقل ‪ :‬مادام قد ثبت الحديث فؽؿا قال الخطابل رحؿف اهلل (وسـة الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أولك‬
‫بآتباع) واهلل تعالك أطؾؿ‪.‬‬

‫قال بعد ذلؽ‬

‫الص َقا َم َق ْب َؾ ا ْل َػ ْج ِر]‬


‫[ َباب َم ْـ َأ ْج َؿ َع ِّ‬

‫قال‬

‫[حدثـل يحقك]‬

‫هذا تؾؿقذ يحقك ‪-‬الراوي طـف وهق ابـف طبقد اهلل‪ -‬ويحقك قد روى طـف كثقر مـ تالمذتف الؿقصل‬

‫[ َط ْـ َمالِؽ َط ْـ كَافِ ٍع َط ْـ َطبْ ِد اهللِ بْ ِـ ُط َؿ َر]‬

‫هذا اإلسـاد الذي قال فقف أبق زرطة وغقره ‪ ،‬لقس هق زوبعة طـ زطزطة ‪ ،‬وإكؿا ترفع الستار فتـظر إلك‬
‫رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (مالؽ طـ كافع طـ طبد اهلل بـ طؿر) مـ أققى وأصح إساكقد ‪ ،‬وهل‬
‫السؾسؾة الذهبقة‪.‬‬

‫قل َٓ َي ُصق ُم إِ َّٓ َم ْـ َأ ْج َؿ َع ِّ‬


‫الص َقا َم َق ْب َؾ ا ْل َػ ْج ِر‪.‬‬ ‫[ َأكَّ ُف كَا َن َي ُؼ ُ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف‬ ‫ِ‬
‫ب َط ْـ َطائشَ َة َو َح ْػ َص َة َز ْو َج ْل الـَّبِ ِّل َص َّؾك ُ‬ ‫و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َط ْـ ا ْب ِـ ِش َفا ٍ‬

‫َو َس َّؾ َؿ بِ ِؿثْ ِؾ َذل ِ َؽ]‬

‫ففذه أساكقد ‪ ،‬واإلسـاد إول صحقح إلك ابـ طؿر رضل اهلل تعالك طـفؿا ‪ ،‬والظاهر أكف يرى وجقب‬
‫الـقة قبؾ الػجر‪.‬‬

‫واإلسـاد الثاين طـ ابـ شفاب مـؼطع‪ ،‬وهذا الحديث مـ حديث حػصة قد جاء مرفقطا روى ذلؽ‬

‫‪36‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫الخؿسة ‪-‬أبق داود والرتمذي والـسائل وابـ ماجة وأحؿد‪ -‬وابـ حبان وابـ خزيؿة والدارقطـل‪ ،‬مـ‬
‫حديث حػصة أن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قال (مـ لؿ يب ّقت الصقام قبؾ الػجر فال صقام لف) وقد‬
‫صححف ابـ خزيؿة وابـ حبان مرفقطا‪ .‬ومال الرتمذي والـسائل إلك ترجقح وقػف‪ ،‬والحديث جاء مـ‬
‫صرق ‪.‬‬

‫وحؼقؼة اخ ُتؾػ يف رفعف ووقػف ‪ ،‬اختؾػ يف ذلؽ إئؿة ‪ ،‬وحديث حػصة جاء مـ صريؼ ابـ شفاب طـ‬
‫سالؿ بـ طبد اهلل طـ أبقف طـ حػصة رضل اهلل تعالك طـفا ‪.‬‬

‫فؿالؽ هفـا خالػ الرواة طـ ابـ شفاب حقث رواه طـ الزهري طـ طائشة وحػصة ‪ ،‬ولفذا قال‬
‫الـسائل (أرسؾف مالؽ)‪.‬‬

‫وٓشؽ أن رواية الجؿاطة أققى مـ رواية مالؽ فؼد رواه جؿاطة وهؿ طبد اهلل بـ أبل بؽر بـ حزم‬
‫‪،‬وابـ جريج ‪ ،‬وأبق طبقد اهلل العؿري ‪ ،‬ويقكس بـ يزيد إيدي ‪ ،‬وكذلؽ معؿر بـ راشد ‪ ،‬وسػقان بـ‬
‫طققـة ‪ ،‬كؾفؿ رووه مـ صريؼ الزهري طـ سالؿ طـ أبقف طـ حػصة رضل اهلل تعالك طـ الجؿقع ‪ .‬فقؽقن‬
‫هذا الطريؼ أققى‪.‬‬

‫ومع وقػف طـ ابـ طؿر وطـ حػصة لؽـ هذا اإلسـاد يف غاية الصحة والؼقة ويؽقن لف حؽؿ الرفع ‪،‬‬
‫وقد جاء مـ صرق فقف ما يدل طؾك أكف مرفقع‪ ،‬وجاء مـ صرق فقف ما يدل طؾك أكف مقققف ‪ ،‬ثؿ إكف ٓ‬
‫ُيعؾؿ لف مخا لػ ‪ ،‬وهذا يدل طؾك أكف يف حؽؿ الرفع ‪ ،‬مع أن بعض أهؾ العؾؿ قد صححف مرفقطا ‪ ،‬وقبؾ‬
‫الزيادة التل فقفا رفع الحديث لؾـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬والجؿع الثؼاة رووه مقققفا ولذلؽ الققػ‬
‫أققى ‪ ،‬ولؽـ لف حؽؿ الرفع ‪ ،‬ولفذا قال الشقخ إلباين رحؿف اهلل (وجؿؾة الؼقل أن هذا الحديث لقس‬
‫لف إسـاد صحقح يؿؽـ آطتؿاد طؾقف سقى إسـاد طبد اهلل بـ أبل بؽر ‪ ،‬وهذا قد طرض لف مـ مخالػة‬
‫الثؼاة ‪ ،‬وفؼداكف لؾؿتابع الؿعترب ‪ ،‬وهذا ما يجعؾ الـػس تؿقؾ إلك ققل مـ ضعػ الحديث واطترب رفعف‬
‫شذوذا‪ ،‬لقٓ أكف يشفد أن جزم هذيـ الصحابققـ الجؾقؾقـ حػصة وطبد اهلل بـ طؿر قد يؽقن معفؿا‬
‫طائشة ‪ ،‬جؿقعا بؿعـك الحديث وإفتائفؿ بف ‪ ٓ ،‬يؽقن ذلؽ دون تقققػ مـ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‪،‬‬
‫لفذا الؼؾب يشفد أن ذلؽ يبعد مـف طـفؿ وهبذا يؼقى أن يؽقن هذا إثر يف حؽؿ الرفع وهذا ما أفاده ابـ‬
‫حزم رحؿف اهلل تعالك) ‪.‬‬

‫جاءت هـالؽ صرق أخرى أيضا لؾحديث ‪ ،‬تشفد لف ‪ ،‬يعـل آثار مقققفة ومرفقطة لؽـفا شديدة‬

‫‪37‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫الضعػ‪.‬‬
‫الحديث يدل طؾك أن الصقام ٓبد لف مـ كقة قبؾ الػجر‪.‬‬

‫ققلف (ٓ يصقم إٓ مـ أجؿع) ويف بعض الروايات (مـ لؿ يجؿع) ويف بعض الروايات (مـ لؿ يب ّقت)‬
‫والؿؼصقد مـ أجؿع يجؿع أي يػرد ويقجب ويعزم ويـقي ‪ ،‬هذا دلقؾ طؾك وجقب الـقة فالـقة واجبة‬
‫لؾصقام بؾ هل ركـ فقف وٓ يصح الصقام إٓ هبا ‪ ،‬وهذا يف صقام الػرض يف ققل جؿفقر العؾؿاء ‪،‬‬
‫وبصقرة أدق يف كؾ صقم واجب مـ كذر أو كػارة أو كحق هذا مـ القاجبات ‪ ،‬ماطدا رمضان فقخالػ‬
‫إحـاف يف ذلؽ ويجقزون صقمف بـقة مـ هنار وق قل الجؿفقر ٓشؽ أكف هق إققى ‪ ،‬وهذه الـقة‬
‫محؾفا الؼؾب ‪ ،‬وٓ يصح الجفر هبا‪.‬‬

‫وققلف (مـ أجؿع الصقام قبؾ الػجر) ويف بعض الروايات (مـ لؿ يبقّت الصقام قبؾ الػجر) تبققت الـقة‬
‫دلقؾ طؾك أهنا تؽقن لقال ويف أي وقت مـ الؾقؾ أوقعفا فنن ذلؽ يجزؤه ‪ ،‬وتصح الـقة يف جؿقع الؾقؾ‬
‫مابقـ غروب الشؿس إلك صؾقع الػجر وهق مذهب جؿفقر العؾؿاء ‪ ،‬مالؽ والشافعل وأحؿد وإسحاق‬
‫وداود وجؿاهقر السؾػ والخؾػ رحؿة اهلل تعال طؾك الجؿقع ‪.‬‬

‫وٓ يؾزم بالضرورة كؿا اختار بعضفؿ أن تؽقن يف الـصػ الثاين مـ الؾقؾ ‪ ،‬فؼد غ ّؾط العؾؿاء مـ قال‬
‫هبذا الؼقل ‪ ،‬والصق اب أكف يصح لف أن يـقيفا سقاء مـ بداية الؾقؾ أو مـ آخره ‪ .‬هذا فقؿا يتعؾؼ بالـقة يف‬
‫صقام الػرض‪.‬‬

‫وهؾ يؾحؼ بف صقام الـػؾ؟ فقؼال بقجقب الـقة قبؾ الػجر؟ هل مسللة محؾ خالف بقـ أهؾ العؾؿ ‪:‬‬

‫‪ = 9‬فؿـفؿ مـ يقجب الـقة قبؾ الػجر حتك يف صقام الـافؾة بدلقؾ إثر الذي ذكركاه سابؼا ‪ ،‬فلجروا‬
‫الؾػظ طؾك طؿقمف فقشؿؾ صقام الـػؾ ‪ ،‬فؼالقا بقجقب الـقة قبؾ الػجر وبف قال ابـ طؿر ‪ ،‬وأبق الشعثاء‬
‫يزيد بـ زيد ‪ ،‬ومالؽ وداود والؿزين وأبق يحقك البؾخل مـ الشافعقة‪ ،‬وكؼؾف ابـ الؿـذر طـ مالؽ ‪ ،‬وبف‬
‫جزم ابـ حزم والشقكاين ‪ ،‬وغقره بدلقؾ طؿقم أثر حػصة وابـ طؿر (ٓ صقام لؿـ لؿ يبقت الصقام مـ‬
‫الؾقؾ)‬

‫‪ = 7‬والؼقل الثاين أن صقام الـػؾ يصح بـقة مـ الـفار ‪ ،‬يعـل إذا أراد أن يصقم كقى قبؾ الػجر ‪ ،‬فنن لؿ‬
‫ِ‬
‫يـق فنكف إذا صؾع طؾقف الػجر صح لف أن يـقي ‪ ،‬وهذا الؼقل الثاين وهق جقاز الصقم بـقة ولق بعد الػجر‬
‫مـفؿ مـ ققده قبؾ الزوال ومـفؿ مـ قال ولق بعد الزوال وهق مذهب جؿفقر العؾؿاء ويـؼؾ مـ ققل‬

‫‪38‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫طؾل رضل اهلل طـف وابـ مسعقد وحذيػة بـ القؿان وصؾحة وأبل أيقب إكصاري وابـ طباس ‪ ،‬وأبل‬
‫لؿا‬
‫الدرداء ‪ ،‬وأبل حـقػة والشافعل وأحؿد وآخرون ‪ ،‬واستدلقا لف بحديث الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ّ‬
‫قال لعائشة (هؾ طـدكؿ شلء؟) قالت (ٓ) قال (فنين إذن صائؿ)‪ ،‬ثؿ جاء يقم آخر فؼالت طائشة (أهدي‬
‫لـا حقسا) فؼال (ألقـقف فؼد أصبحت صائؿا) فلكؾف ‪ ،‬والحديث رواه مسؾؿ ‪ .‬فؾؿا قالت (ٓيقجد طـدكا‬
‫شلء) قال (فنين إذن صائؿ) فصام طؾقف الصالة والسالم ‪.‬‬

‫فظاهر الحديث يدل طؾك أ كف أكشل الـقة مـ الـفار ‪ ،‬وهـا أذكر بقـ ققسقـ فائدة ‪ ،‬وهل‪ :‬أكف يـبغل لؾؿسؾؿ‬
‫سب وٓ شتؿ وٓ‬
‫يحقلفا إلك طبادة ‪ ،‬فدخؾ طؾك أهؾف ولؿ يجد أكال ‪ ،‬ما ّ‬
‫طـد كزول الضراء بف أن ّ‬
‫حقلفا إلك طبادة‬
‫ضرب ‪ ،‬وإكؿا قال (إكّل صائؿ) ‪ ،‬وأكت إذا لؿ تجد إكؾ ففذا ضراء وضقؼ وشدّ ة ّ‬
‫وصاطة كؿا فعؾ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬ولقؽـ هذا ديدكؽ دائؿا وأبدا ‪ ،‬لؽـ فقف طسر ‪ ،‬فـسلل اهلل‬
‫جؾ وطال أن يعقــا‪.‬‬

‫فنذن ققلف (فنين إذن صائؿ ) أي أكف يصقم طؾقف الصالة والسالم ‪ ،‬فدل ذلؽ طؾك أكف يجقز إكشاء الـقة مـ‬
‫الػجر‪ ،‬وهذا الحديث جاء يف رواية ‪ ،‬وهل رواية صحقحة أن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قال (إين إذن‬
‫أصقم) بعض أهؾ العؾؿ قال يف ققلف (إين إذن صائؿ) أي أصبحت صائؿا ‪ ،‬بؿعـك كان كقى يف الؾقؾ ‪،‬‬
‫ولؿا أتك طائشة رضل اهلل طـفا يف الـفار قال (هؾ طـدكؿ شلء؟) يعـل أراد أن يػطر ‪ ،‬والصائؿ الؿتطقع‬
‫ّ‬
‫لف أن يػطر ‪ ،‬وهل مسللة محؾ خالف لعؾفا تلتقـا إن شاء اهلل تعالك ‪ .‬قال (هؾ طـدكؿ شلء؟) قالت (ٓ)‬
‫قال (إين إذن صائؿ) يعـل قد كقيت الصقام وهذا قبؾ الػجر ‪ ،‬وهذا يجاب بجقابقـ وكزيد الثالث‪:‬‬

‫الجقاب إول‪ :‬أكف خالف ضاهر الحديث قال (إين إذن صائؿ) يظفر أكف أكشل الصقم‬
‫الجقاب الثاين‪ :‬ثاكقا ال ذيـ يحؿؾقن هذا الؿحؿؾ كثقر مـفؿ يؼقلقن إن الصقم يبطؾ بالـقة ‪ ،‬لؿا قال الـبل‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (هؾ طـدكؿ شلء) كقى أن يػطر ‪ ،‬وإذا كقى أن يػطر فعـد أكثر أهؾ العؾؿ يػطر‪،‬‬
‫إذن ‪-‬خالص!‪ -‬أفطر! ما فائدة الرجقع إلك الصقم؟!‬
‫الجقاب الثالث‪ :‬أكف جاء يف رواية (إين إذن أصقم) وهذا ضاهر يدل طؾك آستؼبال أي ‪ :‬أبتدئ كقة الصقم‬
‫قؾـا إذن هذا يدل طؾك أكف أكشل الـقة مـ الـفار وبدأها‬
‫وجاء يف رواية أيضا ققية يف الدٓلة لؽـ يف إسـادها ضعػ وهق ما رواه ابـ أبل شقبة مـ رواية طؽرمة‬
‫طـ طائشة قالت (ربؿا دطا رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ لغداء فال يجده فقػرض طؾقف الصقم ذلؽ‬
‫الققم) وهذا سـده ضعقػ مـ أجؾ الؾقث بـ ُسؾقؿ ‪ ،‬ولؽـ يشفد لؾػظ طائشة مـ صريؼ طؽرمة مـ‬

‫‪39‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫صريؼ آخر وهق كحق ما ذكركاه ‪.‬‬

‫ويظفر أن هذه الرواية ققية وصريحة يف الدٓلة طؾك إكشاء الصقام وابتدائف مـ الـفار فتؽقن مخصصة‬
‫لؾدلقؾ العام الذي ذكركاه (ٓصقام لؿـ لؿ يجؿع الصقام مـ الػجر) ‪ ،‬ويميد هذا فعؾ جؿاطة مـ‬
‫الصحابة رضل اهلل تعالك طـفؿ ‪ ،‬ومـ همٓء أبل الدرداء رضل اهلل طـف ‪ ،‬فؼد جاء طـف أكف كان يغدو‬
‫ضحك فقسلل الغداء فربؿا ‪ ،‬فتؼقل أم الدرداء (فربؿا ٓ يقافؼ طـدكا شلء) فقؼقل (إذن أكا صائؿ)‬
‫ً‬ ‫أحقاكا‬
‫رواه ابـ أبل شقبة وأيضا طبد الرزاق والطريؼان صحقحان ولف صرق أخرى كذلؽ ومـفا أن أبا الدرداء‬
‫كان إذا أصبح يسلل أهؾ الغداء ‪ ،‬فنن لؿ يؽـ قال (أكا صائؿ) ‪ ،‬ويف رواية أخرى ‪ :‬ربؿا دطا بالغداء فال‬
‫يجده فقػرض طؾقف الصقم ذلؽ الققم ‪ ،‬ويف سـده شفر بـ حقشب فقف ضعػ لؽـ يشفد لف ما سبؼ‪.‬‬

‫ومـ ذلؽ أيضا أبل صؾحة ومعاذ روى طبد الرزاق مـ صريؼ قتادة وأكس أن أبا صؾحة كان يليت أهؾف‬
‫فقؼقل (هؾ هـا غذاء؟) فنن قالقا (ٓ) صام ذلؽ الققم‪ ،‬قال قتادة (وكان معاذ يػعؾف وإسـاده صحقح)‬
‫وإن كان مـ رواية حؿقد طـ أكس لؽـ يؼبؾفا العؾؿاء يف الغالب ‪.‬‬

‫وجاء طـ معاذ أيضا فقؿا رواه ابـ أبل شقبة بنسـاد رجالف ثؼاة أكف كان يليت أهؾف ضحك فقسللفؿ ويؼقل‬
‫(هؾ طـدكؿ شلء؟) فنن قالقا (ٓ) صام ذلؽ الققم‪.‬‬
‫وجاء أيضا طـ أبل هريرة أكف كان يطقف بالسقق ثؿ يليت أهؾف فقؼقل (طـدكؿ شلء؟) فنن قالقا (ٓ) قال‬
‫(أكا صائؿ) ولؽـ إثر طـ أبل هريرة فقؿا أطؾؿ إسـاده مـؼطع‪.‬‬
‫وجاء طـ ابـ طباس أيضا ‪-‬أخرجف الطحاوي‪ -‬أكف كان يصبح حتك ُيظفر ثؿ يؼقل (واهلل أصبحت وما‬
‫أريد الصقم وما أكؾت مـ صعام وٓ شراب مـذ الققم وٕصقمـ يقمل هذا)‪.‬‬
‫وجاء طـ حذيػة أيضا ‪-‬رواه ابـ أبل شقبة وطبد الرزاق‪ -‬أكف كان يؼقل ‪-‬أي حذيػة‪( -‬مـ بدا لف الصقام‬
‫بعدما تزول الشؿس فؾقصؿ) ‪ ،‬ورواه ابـ أبل شقبة طـ حذيػة (مـ بدا لف الصقام بعدما زالت الشؿس‬
‫فصام‪. )..‬‬
‫وذكر ابـ حزم آثار كثقرة طـ كثقر مـ الصحابة ‪ ،‬وأيضا طـ كثقر مـ التابعقـ ‪ ،‬فجؿؾة هذه أثار تدل‬
‫طؾك هذا الؼقل وهق جقاز الصقام بـقة مـ الـفار أي يف الـػؾ‪ .‬واهلل تعالك أطؾؿ‬

‫قد يؼقل قائؾ لؽـ مـ أيـ تحسب لف كقتف؟ هؾ مـذ أكشل؟ أو مـ أول الـفار؟ فضؾ اهلل واسع وكسللف طز‬
‫وجؾ مـ فضؾف فقؽقن لف أجر يقمف إن شاء اهلل تعالك‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫جق ِؾ ا ْل ِػ ْط ِر]‪.‬‬
‫قال [ َباب ما َجاء فِل َت ْع ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬

‫وقبؾ ذلؽ أشقر إلك مسلل تقـ فؼط ‪ ،‬وهؿا ‪ :‬مـ طؾؿ بدخقل رمضان هنارا ‪ ،‬فاتف أن يـقي قبؾ الػجر ‪ ،‬لؿ‬
‫يعؾؿ! ‪ ،‬رجؾ جاء مـ طؿؾف متعبا فـام بعدما صؾك العشاء مباشرة ‪ ،‬ولؿ يستقؼظ إٓ بعد صؾقع الػجر ‪،‬‬
‫وكان الققم الققم إول مـ رمضان‪ ،‬فؾؿ يـق! لؿ يبؾغف أن الغد مـ رمضان فؾؿ يـق ولؿ يبؾغف ذلؽ إٓ يف‬
‫هنار رمضان بعد صؾقع فجره ‪ ،‬فؿاذا يػعؾ؟ هؾ يصح صقمف أو ٓ يصح ؟‬
‫الصقاب مـ ققل العؾؿاء أكف يصح صقمف ويـشئ الـقة مـ وقت بؾقغف أي الخرب إلقف‪ٕ ،‬ن الـبل صؾك‬
‫اهلل طؾقف وسؾؿ بؾغف أن الققم طاشقراء ‪-‬وكاكت يف أول إمر واجبة كؿا جاء يف الحديث الصحقح‪-‬‬
‫فلرسؾ مـا ديا يـادي أن الققم يقم طاشقراء فؿـ لؿ يلكؾ ‪ ،‬فؾقتؿ صقمف ومـ أكؾ فؾقؿسؽ أي يتؿ‬
‫صقامف‪.‬‬

‫ثؿ إن التؽؾقػ مبـاه طؾك الؼدرة ويتبع العؾؿ ‪ ،‬ومادام لؿ يعؾؿ بدخقل رمضان وٓ جاءه ما يدل ‪،‬‬
‫فلققل‪ :‬رمضان ثبت يف حؼف يف وقت بؾقغ الخرب وقد قال جؾ وطال { َف َؿـ َش ِفدَ مِـ ُؽ ُؿ الشَّ ْف َر‬
‫َف ْؾ َق ُص ْؿ ُف}[البؼرة‪ . ]952/‬وٓ يؼال بقجقب الؼضاء طؾقف طؾك الصحقح‪.‬‬

‫وإفضؾ أن تؽقن الـقة لؽؾ لقؾة‪ ،‬وهذا هق ققل أكثر أهؾ العؾؿ أو الجؿفقر ‪ ،‬وبعضفؿ يرى جقاز‬
‫الـقة القاحدة لؾشفر كؾف باطتبار الشفر كؾف طبادة واحدة ‪ ،‬وهق ققل مالؽ ورواية طـ إسحاق ورواية‬
‫مجزءة ‪ ،‬فنذا سافر‬
‫طـ أحؿد ‪ ،‬لؽـ ققل الجؿفقر أققى ‪ ،‬وطبادة رمضان لقست واحدة متؽامؾة بؾ هل ّ‬
‫يؿؽـ أن يػطر‪ ،‬إذا مرض قد يػطر ‪ ،‬فؾقست هل متتابعة كؿا هق الشلن يف الصالة القاحدة أو الحج أو‬
‫العؿرة ‪ ،‬ولفذا إولك أن يبقت الـقة لؽؾ لقؾة ‪ ،‬وكؿا قال شقخ اإلسالم ابـ تقؿقة رحؿف اهلل ٓشؽ أن‬
‫غالب الـاس أو الـاس كؾفؿ يب ّقتقن الـقة ‪ٕ ،‬كف لق سئؾ بعد الؿغرب (أتصقم غدا؟!) فنكف سقؼقل (كعؿ) ‪،‬‬
‫ثؿ إن ققامف لؾسحقر دلقؾ طؾك أكف يريد الصقم ‪.‬‬

‫والؿسللة الثاكقة وهل ‪ :‬هؾ يؾزمف أن يع ّقـ كقة الشفر ‪ ،‬أي شفر رمضان؟‬
‫‪ =9‬فؼال بعض العؾؿاء أكف يجب أن يع ّقـ بؼؾبف ‪ ،‬يـقي يف قؾبف أكف غدا سقصقم بـقة رمضان‪ٓ ،‬بد مـ‬
‫التعققـ وهق مذهب الشافعل ورواية طـ أحؿد ‪ ،‬وبف قال مالؽ وإسحاق وهق أكثر أهؾ العؾؿ لؼقلف‬
‫طؾقف الصالة والسالم (إكؿا إطؿال بالـقات)‬

‫‪41‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫‪=7‬والؼقل الثاين قالقا‪ :‬يجزؤه الـقة الؿطؾؼة وهل أن يصقم وهق ققل أبل حـقػة ورواية طـ أحؿد ‪.‬‬
‫‪= 9‬وققل ثالث أكف يجزؤه بـقة مطؾؼة ٓ بـقة التعققـ غقر رمضان وهذه رواية أيضا طـ اإلمام أحؿد ‪،‬‬
‫واختارها ِ‬
‫الخرقل وأبق الربكات الؿجد بـ تقؿقة رحؿف اهلل‪.‬‬
‫والتحؼقؼ يف الؿسللة كؿا قال شقخ اإلسالم ابـ تقؿقة أن الـقة تتبع العؾؿ‪ ،‬فنذا طؾؿ أن غدا رمضان ٓبد‬
‫مـ التعققـ يف هذه الصقرة ‪ ،‬وإن كقى كػال أو صقما مطؾؼا لؿ يجزه ‪ٕ ،‬ن اهلل أمره أن يؼصد الصقم‬
‫القاجب وهق صقام شفر رمضان‪.‬‬

‫أما إذا كان ٓ يعؾؿ أن غدا مـ شفر رمضان فال يؾزمف التعققـ‪ ،‬ومـ أوجب التعققـ مع طدم العؾؿ فؼد‬
‫أوجب الجؿع بقـ الضديـ‪ ،‬وهذا غقر مؿؽـ ‪ .‬واهلل أطؾؿ‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫از ِم بْ ِـ دِيـ ٍَار‬


‫جق ِؾ ا ْل ِػ ْط ِر ‪َ :‬حدَّ َثـِل َي ْحقَك َط ْـ َمالِؽ َط ْـ أَبِل َح ِ‬‫[ َباب ما َجاء فِل َت ْع ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫اط ِدي أَ َّن رس َ ِ‬ ‫َطـ سف ِؾ ب ِـ سع ٍد الس ِ‬
‫اهلل َط َؾقْف َو َس َّؾ َؿ َق َال َٓ َي َز ُال الـ ُ‬
‫َّاس‬ ‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫ِّ َ ُ‬ ‫ْ َ ْ ْ َ ْ َّ‬
‫خ ْق ٍر َما َط َّج ُؾقا ا ْل ِػ ْط َر‬
‫بِ َ‬
‫ب‬ ‫قد ْب ِـ ا ْل ُؿ َسقَّ ِ‬ ‫و حدَّ َثـِل َطـ مالِؽ َطـ َطب ِد الرحؿ ِـ ب ِـ حرم َؾ َة ْإَس َؾ ِؿل َطـ س ِع ِ‬
‫ْ ِّ ْ َ‬ ‫ْ ْ َّ ْ َ ْ َ ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫خ ْق ٍر َما َط َّج ُؾقا ا ْل ِػ ْط َر‬ ‫َّاس بِ َ‬ ‫ِ‬ ‫َأ َّن رس َ ِ‬
‫اهلل َط َؾقْف َو َس َّؾ َؿ َق َال َٓ َي َز ُال الـ ُ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ُ‬
‫الر ْح َؿ ِـ َأ َّن ُط َؿ َر ْب َـ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َط ْـ ا ْب ِـ ِش َف ٍ‬
‫اب َط ْـ ُح َؿقْد ْب ِـ َطبْد َّ‬
‫ان إ ِ َلك ال َّؾ ْق ِؾ ْإ َ ْس َق ِد‬
‫ان ا ْلؿ ْغ ِرب ِحقـ يـ ْ ُظر ِ‬
‫َ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ان بـ َط َّػا َن كَاكَا يص ِّؾق ِ‬
‫ُ َ َ‬ ‫خ َّط ِ‬
‫اب َو ُطثْ َؿ َ ْ َ‬ ‫ا ْل َ‬
‫ان]‬‫الص َال ِة َو َذل ِ َؽ فِل َر َم َض َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫َقبْ َؾ َأ ْن ُي ْػط َرا ُث َّؿ ُي ْػط َران َب ْعدَ َّ‬

‫هفـا أشار إلك مسللة الػطر ‪ ،‬الػطر يدخؾ بغروب الشؿس ‪ ،‬كؿا قال طؾقف الصالة والسالم (إذا أقبؾ‬
‫الؾقؾ مـ هفـا ‪-‬وأشار إلك الؿشرق ‪ -‬وأدبر الـفار مـ هفـا ‪-‬وأشار إلك الؿغرب‪ -‬وغربت الشؿس فؼد‬
‫أفطر الصائؿ ) أي دخؾ و قت الػطر ‪ ،‬فففـا يشقر إلك مسللة الػطر ‪ ،‬ووقتف يدخؾ بغروب الشؿس ‪،‬‬
‫والسـة يف ذلؽ التعجقؾ‪ ،‬كؿا ذكر مالؽ رحؿف اهلل تعالك هذا الحديث طـ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‪.‬‬

‫‪42‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وهذا الحديث الذي رواه مالؽ ‪ ،‬قد رواه البخاري ومسؾؿ والرتمذي وابـ ماجة والدارمل وابـ أبل‬
‫شقبة مـ صرق ‪ ،‬مـ صريؼ أبل حازم بـ ديـار طـ سفؾ بـ سعد رضل اهلل طـف ‪.‬‬

‫طجؾقا اإلفطار) والحديث لف شقاهد فؼد جاء مـ صريؼ‬


‫ويف لػظ ٓبـ ماجة قال (ٓيزال الـاس بخقر ما ّ‬
‫أبل هريرة طـد أبل داود وهق صحقح ‪ ،‬ومـ صريؼ أبل ططقة قال (دخؾت أكا ومسروق طؾك طائشة فؼؾـا‬
‫يا أم الؿممـقـ رجالن مـ أصحاب رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أحدهؿا يعجؾ اإلفطار ويعجؾ‬
‫الصالة ‪ ،‬وأخر يمخر اإلفطار ويمخر الصالة) قالت (أيفؿا الذي يعجؾ اإلفطار ويعجؾ الصالة) قؾـا‬
‫(طبد اهلل بـ مسعقد) قالت (كذلؽ كان يصـع الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ) وقد رواه مسؾؿ وأبق داود‬
‫وغقره‪.‬‬
‫وكحقه جاء مـ حديث أبل ذر ويف إسـاده ضعػ ‪ ،‬وجاء كحقه أيضا طـ ابـ طباس وابـ طؿر ويعؾك بـ‬
‫أمقة‪ ،‬وطـ أم حؽقؿ ‪ ،‬وطؿرو بـ حريث ‪ ،‬رضل اهلل طـ الجؿقع‪.‬‬
‫وإن كاكت هذه الطرق إخقرة فقفا شلء مـ الضعػ‪.‬‬

‫والحديث يدل طؾك أن السـة يف الػطر هق تعجقؾف إذا تحؼؼ غروب الشؿس ‪ ،‬إما بالرؤية وإما بخرب‬
‫العدل ‪ ،‬ويجقز العؿؾ بخرب العدل إذا أخربه الثؼة الذي يعؾؿ مـف أكف الغروب وحؼقؼة الغروب ‪ ،‬فنكف‬
‫يجقز أن يعؿؾ بؼقلف ‪ ،‬ولفذا أشار مالؽ رحؿف اهلل تعالك يف آخر الباب إلك إثر طـ طؿر وطثؿان أهنؿا‬
‫(كاكا يصؾقان الؿغرب حقـ يـظران إلك الؾقؾ إسقد ‪ ،‬ثؿ يػطران بعد الصالة ‪ ،‬وذلؽ يف رمضان) ‪ ،‬وهذا‬
‫سقليت التعؾقؼ طؾقف ٕكف يظفر مـف طدم التعجقؾ ‪.‬‬

‫قال (ٓيزال الـاس بخقر) فقف دلقؾ طؾك أن التعجقؾ يف الػطر تعؾؼ طؾقف الخقرية يف هذه إمة ‪ ،‬بؾ إكف قد‬
‫جاء ما يدل طؾك أن يف ذلؽ مخالػة لؾقفقد والـصارى ‪،‬وأهنؿ كاكقا يمخرون اإلفطار ‪ ،‬ويف الحؼقؼة‬
‫يتشبفقن هبؿ ‪ ،‬فال يػطرون حتك تظفر الـجقم ‪ ،‬مخالػة لسـة الـبل طؾقف الصالة والسالم‪ ،‬وقد روى‬
‫الحاكؿ بنسـاد صحقح ققلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (ٓ تزال أمتل طؾك سـتل مالؿ تـتظر بػطرها الـجقم)‬
‫وهذا فقف رفؼ بالصائؿ وهق أققى لف يف العبادة ‪.‬‬

‫ذكركا تعجقؾ الػطر بالتحؼؼ مـ غروب الشؿس ‪ ،‬فال يؾزمف كؿا يؼقل بعضفؿ أن يؿسؽ جز ًء مـ الؾقؾ‬
‫‪ ،‬وإكؿا إذا تحؼؼ غروب الشؿس ‪ ،‬بلن يغقب حاجبفا طـ مـتفك الـظر ‪ ،‬فنن ذلؽ دلقؾ طؾك دخقل‬
‫وقت اإلفطار ‪ ،‬ومغقب الشؿس ‪ ،‬كؿا ذكركا حديث (إذا أقبؾ الؾقؾ مـ هفـا وأدبر الـفار مـ هفـا‬

‫‪43‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وغربت الشؿس فؼد أفطر الصائؿ) ‪.‬‬

‫حسا ‪ ،‬ويف الحديث أن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ بعد أن غربت‬
‫والؿراد بنقبال الؾقؾ وجقد ضؾؿتف ًّ‬
‫الشؿس قال لبعض الـاس (يا فالن قؿ فاجدح لـا) فؼال (يارسقل اهلل لق أمسقت؟) ‪-‬أي يدخؾ‬
‫الغروب‪ -‬قال (اكزل فاجدح لـا) قال (لق أمسقت؟) ‪ ،‬قال (اكزل فاجدح لـا) أي اصـع لـا حقسا وشقئا‬
‫كػطر بف‪ -‬قال (إن طؾقؽ هنار) قال (اكزل فاجدح لـا) فـزل فجدح لفؿ فشرب الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‬
‫‪ ،‬ثؿ قال (إذا رأيتؿ الؾقؾ قد أقبؾ مـ هفـا فؼد أفطر الصائؿ) ‪ ،‬فؾعؾ هذا الؼائؾ رضل اهلل طـف قد كان يرى‬
‫أثر الشؿس وال صػرة أو شقئا مـ الحؿرة التل ترتكفا الشؿس بعد الغروب ‪ ،‬فؾفذا كان يؼقل اصرب يا‬
‫رسقل اهلل حتك يتحؼؼ الغروب ‪ ،‬فؼال طؾقف الصالة والسالم (إذا أقبؾ الؾقؾ مـ هفـا فؼد أفطر الصائؿ)‪،‬‬
‫يعجؾ يف اإلفطار‪.‬‬
‫ففذا يدل طؾك تحؼؼ الغروب فنذا تحؼؼ الغروب ‪ ،‬جاز لف أن يػطر وأن ّ‬

‫أم ا ققلف يف أثر طؿر رضل اهلل طـف وطثؿان أهنؿا كان يصؾقان الؿغرب ‪ ،‬ففذا قد رواه مالؽ بنسـاده هفـا‬
‫‪ ،‬وقد ثبت طـ طثؿان وطؿر بلساكقد صحقحة كؿا قال أهؾ العؾؿ ‪ ،‬قال الشافعل رحؿف اهلل (وكلهنؿا كان‬
‫يريان تلخقر الػطر واسعا ٓ أهنؿا يتعؿدان فضقؾة ذلؽ) وكؼؾ الؿاوردي أن أبا بؽر وطؿر كان يمخران‬
‫اإلفطار ‪ ،‬وأجاب بلهنؿا أرادا بقان الجقاز ‪ ،‬حتك ٓ ُيظـ وجقب التعجقؾ ‪ ،‬وهذا تلويؾ ضاهر‪.‬‬

‫وروى البقفؼل بنسـاد صحقح طـ طؿرو بـ مقؿقن ‪ ،‬وهق مـ أكرب التابعقـ قال (كان أصحاب رسقل‬
‫اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أطجؾ الـاس إفطارا وأبطلهؿ سحقرا) وهذا يدل طؾك أن غالب الصحابة كاكقا‬
‫يعجؾقن الػطر بؾ ويحافظقن طؾك ذلؽ ‪ ،‬ولعؾ يف فعؾ طؿر وطثؿان إشارة إلك جقاز هذا أو إلك أن‬
‫إمر يف تلخقره واسع ‪ ،‬ولؽـ إولك والسـة إققى هق الؿبادرة وتعجقؾ الػطر ‪ ،‬كؿا كؼؾ طؿرو بـ‬
‫مقؿقن يف إثر طـ غالب أصحاب رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬وكؿا قالت طائشة يف فعؾ ابـ‬
‫مسعقد (كذلؽ كان يػعؾ رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ)‪.‬‬
‫ويف سـقة تعجقؾ اإلفطار أيضا إشارة ودلقؾ طؾك أفضؾقة طدم القصال ‪ ،‬وأن ٓ يصؾ الققم بالققم ‪ٕ ،‬ن‬
‫القصال أن ٓ يػطر بعد غروب الشؿس‪ ،‬ففذا يدل طؾك أن إفضؾ تعجقؾ الػطر ‪ ،‬وأن ٓ يقصؾ ‪،‬‬
‫سقاء كان القصال إلك السحقر أو إلك الققم أخر طؾك ققل مـ قال بف ‪.‬‬
‫ويف تعجقؾ الػطر فضائؾ كثقرة لعؾـا كشقر إلقفا يف درس الغد إن شاء اهلل تعالك‬
‫واهلل أطؾؿ وصؾك اهلل وسؾؿ وبارك طؾك كبقـا محؿد وآلف وصحبف أجؿعقـ ‪ ،‬سبحاكؽ الؾفؿ وبحؿدك‬
‫أشفد أن ٓ إلف إٓ أكت أستغػرك وأتقب إلقؽ‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫[شرح كتاب الصقام مـ مقصل اإلمام مالؽ]‬

‫لػضقؾة الشقخ أبل طبد الرحؿـ محؿد بـ خدة الجزائري‬

‫(( الؿجؾس الثالث ))‬

‫إن الحؿد هلل كحؿده وكستعقـف وكستغػره ‪ ،‬وكعقذ باهلل مـ شرور أكػسـا ومـ سقئات أطؿالـا ‪ ،‬مـ يفده‬
‫اهلل فال مضؾ لف ومـ يضؾؾ فال هادي لف ‪ ،‬وأشفد أن ٓ إلف إٓ اهلل وحده ٓ شريؽ لف وأشفد أن محؿدا‬
‫طبده ورسقلف ‪ .‬صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وصحبف وسؾؿ تسؾقؿا كثقرا ‪ ..‬أما بعد‪:‬‬

‫فنن خقر الؽالم كالم اهلل جؾ وطال ‪ ،‬وخقر الفدى هدى محؿد صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‪ ،‬وشر إمقر‬
‫محدثاهتا وكؾ محدثة بدطة وكؾ بدطة ضاللة وكؾ ضاللة يف الـار ‪ ،‬وبعد‪:‬‬

‫اكتفقـا يقم أمس طـد ققل الؿصـػ اإلمام مالؽ رحؿف اهلل تعالك (باب ماجاء يف تعجقؾ الػطر) وذكر‬
‫حديث سفؾ بـ سعد الساطدي رضل اهلل طـف ‪ ،‬ومـ صريؼ آخر طـ سعقد بـ الؿسقب مرسال ‪ ،‬وسبؼ‬
‫التعؾقؼ طؾك الحديثقـ ‪ ،‬وذكر ما يستػا د مـفؿا مـ الػقائد ‪ ،‬واكتفقـا طـد إثر الذي ذكره طـ طؿر بـ‬
‫الخطاب وطثؿان ا بـ طػان رضل اهلل طـ الجؿقع يف أهنؿا كان يـظران إلك الؾقؾ إسقد قبؾ أن يػطرا ‪،‬‬
‫ثؿ يػطران بعد الصالة وذلؽ يف رمضان ‪ .‬وقؾـا إن اإلمام الشافعل وغقره حؿؾقا ذلؽ طؾك أهنؿا كان‬
‫يريان هذا واسعا‪.‬‬

‫ولؽـ الذي جاء طـ أصحاب رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬كؿا جاء يف أثر طؿر بـ مقؿقن الذي‬
‫رواه البقفؼل أهنؿ كاكقا يػطرون ويعجؾقن الػطر ‪ ،‬ويبطمون يف السحقر ‪ ،‬ومثؾ ذلؽ جاء مـ فعؾ ابـ‬
‫مسعقد وغقره رضل اهلل تعالك طـ الجؿقع‪.‬‬

‫وقؾـا إن الحديث فقف مـ الػقائد أيضا الرفؼ بالصائؿ ‪ ،‬وفقف أيضا أن مـ أسباب بؼاء الخقرية يف هذه‬
‫إمة تعجقؾ الػطر وفقف اإلشارة إلك أفضؾقة تعجقؾ الػطر وأكف أفضؾ مـ القصال ‪.‬‬

‫ومؿا جاء يف أفضؾقة تعجقؾ الػطر أيضا الحديث الذي جاء طـ أبل هريرة رضل اهلل طـف أن الـبل صؾك‬
‫إلل أطجؾفؿ فطرا) وحديث أبل هريرة قد رواه أحؿد والرتمذي وابـ‬
‫اهلل طؾقف وسؾؿ قال (أحب طبادي ّ‬
‫خزيؿة وابـ حبان ‪ ،‬وقال الرتمذي (حديث حسـ صحقح) وهق حديث حسـ اإلسـاد‪ ،‬وهق واضح يف‬

‫‪45‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫يؼقي ويتابع الحديث‬


‫أفضؾقة تعجقؾ الػطر ‪ ،‬بؾ هق سبب مـ أسباب كقؾ محبة اهلل طز وجؾ ‪ ،‬وأيضا ّ‬
‫طجؾت الػطر ‪ ،‬كؿا أن فقف أن تعجقؾ الػطر أحب إلك‬
‫السابؼ يف أن هذه الخقرية يف هذه إمة ٓ تزال ما ّ‬
‫اهلل تبارك وتعالك مـ أن يمخر مع إباحة القصال ‪-‬كؿا جاء يف الحديث‪ -‬وهق القصال إلك غاية‬
‫السحقر ‪.‬‬

‫قال بعد ذلؽ‬

‫[ َباب َما َجا َء فِل ِصقَا ِم ا َّل ِذي ُي ْصبِ ُح ُجـُبًا فِل َر َم َضا َن]‬
‫أي ما ح ؽؿ الصقم لؿـ أصبح وقد صؾع طؾقف الػجر وهق جـب ‪ ،‬هؾ يصح صقمف أو ٓ يصح صقمف ؟‬
‫وسبؼ أن ذكركا أن الصقم هق آمتـاع طـ شفقيت البطـ والػرج ‪ ،‬وأن الصقام يؽقن أيضا بآمتـاع طـ‬
‫الجؿاع ‪.‬‬

‫إذا كان الصائؿ قد أصابتف جـابة سقاء كان ذلؽ بآحتالم كلن يرى يف مـامف ما يرى أو أن يؽقن طـ‬
‫جؿاع ‪ ،‬فؾؿ يغتسؾ حتك صؾع طؾقف الػجر ‪ ،‬ففؾ يؽقن ذلؽ سببا لؾحؽؿ طؾك صقامف بالػطر‪ ،‬فقؼال هق‬
‫مػطر ؟ أو أن بؼاء الجـابة طؾقف ٓ يمثر يف صقامف ويؽقن صقمف صحقحا ؟ ‪ ،‬هذا الذي أشار إلقف هبذا‬
‫الباب اإلمام مالؽ رحؿة اهلل تعالك طؾقف‪.‬‬

‫وققل جؿفقر العؾؿاء إ ن الصقم صحقح‪ ،‬كؿا سقليت يف الحديث ‪ ،‬فؿـ أصبح جـبا وقد صؾع طؾقف الػجر‬
‫فنن صقمف صحقح وبف قال جؿفقر العؾؿاء‪ ،‬وهق ققل مـؼقل طـ طؾل رضل اهلل طـف وطـ أبل الدرداء‬
‫وابـ طؿر وابـ طباس ‪ ،‬وجؿفقر الػؼفاء مـ إئؿة إربعة وإسحاق وغقرهؿ رحؿة اهلل تعالك طؾك‬
‫الجؿقع‪.‬‬
‫وكؼؾ طـ أبل هريرة كؿا سقليت يف إثر أكف يرى أن مـ أصبح جـبا ‪ ،‬فطؾع طؾقف الػجر ولؿ يغتسؾ فال‬
‫صقام لف‪ ،‬ولؽـ هذا قد كزع طـف ورجع ‪ ،‬كؿا ثبت باإلسـاد طـف يف ذلؽ‪.‬‬

‫وكؼؾ طـ صاووس أكف مـ أصبح جـبا فؾؿ يعؾؿ حتك صؾع الػجر فصقمف صحقح‪ ،‬وإن كان يعؾؿ طؾقف‬
‫الؼضاء‪.‬‬

‫وطـ الحسـ البصري وسالؿ بـ طبد اهلل أكف يتؿ صقمف ولؽـ يؼضل ‪.‬‬
‫ويف رواية طـ إبراهقؿ بـ يزيد الـخعل أكف يجزيف يف صقام الـػؾ ‪ ،‬لؽـ يؾزمف الؼضاء يف صقام الػرض ‪،‬‬

‫‪46‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وكان الحسـ يستحب لف أن يؼضل وٓ يؾزمف بذلؽ‪.‬‬

‫قال يحقك بـ يحقك الؾقثل‬

‫ار ِّي َط ْـ أَبِل ُيقكُ َس َم ْق َلك‬ ‫الر ْح َؿ ِـ ْب ِـ َم ْع َؿ ٍر ْإَك َْص ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫[ َط ْـ َمالؽ َط ْـ َطبْد اهلل ْب ِـ َطبْد َّ‬
‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ َو ُه َق َواقِ ٌ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ػ َط َؾك‬ ‫َطائ َش َة َط ْـ َطائ َش َة أَ َّن َر ُج ًال َق َال ل َر ُسقل اهلل َص َّؾك ُ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف‬ ‫اب و َأكَا أَسؿع يا رس َ ِ‬
‫الصقَا َم َف َؼ َال َص َّؾك ُ‬ ‫قل اهلل إِكِّل أُ ْصبِ ُح ُجـ ُ ًبا َوأَكَا أُ ِريدُ ِّ‬ ‫ا ْلبَ ِ َ ْ َ ُ َ َ ُ‬
‫ِ‬
‫قل‬‫الر ُج ُؾ َيا َر ُس َ‬ ‫الص َقا َم َف َل ْغتَس ُؾ َوأَ ُصق ُم َف َؼ َال َل ُف َّ‬ ‫َو َس َّؾ َؿ َو َأكَا ُأ ْصبِ ُح ُجـُبًا َو َأكَا أُ ِريدُ ِّ‬
‫قل اهللِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َر ُس ُ‬ ‫اهلل َل َؽ َما َت َؼدَّ َم م ْـ َذكْبِ َؽ َو َما َت َل َّخ َر َف َغض َ‬ ‫اهلل إِك ََّؽ َل ْس َت مثْ َؾـَا َقدْ َغ َػ َر ُ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َو َق َال َواهللِ إِكِّل َٕ َ ْر ُجق أَ ْن َأ ُكق َن َأ ْخ َشا ُك ْؿ ل ِ َّؾ ِف َوأَ ْط َؾ َؿ ُؽ ْؿ بِ َؿا‬
‫َص َّؾك ُ‬
‫َأ َّت ِؼل]‬
‫هذا الحديث جاء هبذا الطريؼ ‪ ،‬وهـا جاء مـ رواية أبل يقكس مقلك طائشة طـ طائشة ‪ ،‬وهـاك مـ‬
‫أدخؾ بقـ أبل يقكس وطائشة يحقك ‪ ،‬ومـفؿ مـ رواه مرسال دون ذكر طائشة‪.‬‬
‫والحديث جاء بطرق ثابتة طـ طائشة رضل اهلل طـفا ‪ ،‬وفقف أن الرجؾ كان واقػا طؾك الباب ‪ ،‬فؼال‬
‫(يارسقل اهلل إين أصبح جـبا وأكا أريد الصقام) ولؿ يؼؾ هؾ أصبح جـبا مـ جؿاع أو احتالم ففذا يػقد أن‬
‫السمال ورد طؾك العؿقم ‪ ،‬فؼال صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (وأكا أصبح جـبا وأكا أريد الصقام فلغتسؾ وأصقم‬
‫) وهذا فقف الجقاب ‪ ،‬ويستػاد مـ هذا أن فعؾف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يعترب تشريعا لفذه إمة ‪ ،‬ولؾعؾؿاء‬
‫يف هذا مسللة وهل مـ مسائؾ إصقل ‪ ،‬فالحجة يف قق لف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬وهذا ٓ إشؽال فقف ‪،‬‬
‫ولؽـ أفعالف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ تحؿؾ طؾك ماذا؟‬

‫يؼقلقن الػعؾ لقست لف صقغة ‪ ،‬فعؾ كذا وكذا ‪ٓ ،‬يقجد فقف صقغة افعؾ أو ٓ تػعؾ ‪ ،‬فعؾك ماذا يحؿؾ؟‬
‫طؾك تػصقؾ يذكره أهؾ العؾؿ ‪.‬‬

‫إن كان الػعؾ تػصقال لقاجب ففق واجب ‪ ،‬أو لؿستحب ففق مستحب ‪ ،‬أو لؿباح ففق مباح ‪ ،‬ولؽـ‬
‫الحاصؾ أن الحديث يف جقابف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬دلقؾ طؾك أن فعؾف يعترب حجة لألمة ‪ ،‬فؾؿا قال‬
‫الرجؾ أكف يصبح جـبا فؿاذا يػعؾ؟ قال طؾقف الصالة والسالم أكف يصبح جـبا ‪ ،‬فقغتسؾ ويصقم ‪ ،‬يعـل‬

‫‪47‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫صؾع الػجر وقد أصبح جـبا فقغتسؾ ويصقم طؾقف الصالة والسالم ‪.‬‬

‫إذن إذا كان هذا فعؾف طؾقف الصالة والسالم ففق حجة لؽ أيضا فلكت إذا أصبحت طؾك جـابة وصؾع‬
‫الػجر فتغتسؾ وتصقم وصقمؽ صحقح‪.‬‬

‫فؼال لف الرجؾ (يا رسقل اهلل إكؽ لست مثؾـا قد غػر اهلل لؽ ما تؼدم مـ ذكبؽ وما تلخر) ‪ ،‬ومثؾ هذا ٓ‬
‫شؽ وٓ ريب أكف ّ‬
‫محؾ إقرار فؾقس هق صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ كسائر إمة ‪ ،‬وٓشؽ أكف أرفع درجة ‪،‬‬
‫وأكف قد غػر اهلل لف ما تؼدم مـ ذكبف وما تلخر‪ ،‬ولؽـ أكؽر الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ طؾقف أكف ٓ يشركفؿ‬
‫يف إحؽام الشرطقة ‪ ،‬ولفذا مـ الؿؼرر طـد العؾؿاء أكف ما هق شرع يف حؼف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ شرع يف‬
‫حؼ أمتف ‪ ،‬والخطاب لف طؾقف الصالة والسالم خطاب ٕمتف‪.‬‬

‫قه َّـ ل ِ ِعدَّ ت ِ ِف َّـ} [ الطالق‪ ، ]9/‬خاصبف اهلل بؾػظ الـبل‬ ‫قال جؾ وطال { َيا َأ ُّي َفا الـَّبِ ُّل إِ َذا َص َّؾ ْؼتُ ُؿ الـ َِّساء َف َط ِّؾ ُؼ ُ‬
‫اهلل َل َؽ َتبْتَغِل َم ْر َض َ‬
‫ات َأ ْز َو ِ‬
‫اج َؽ‬ ‫ِ‬
‫ثؿ قال {إذا صؾؼتؿ} ‪ ،‬وقال جؾ وطال { َيا َأ ُّي َفا الـَّب ِ ُّل ل َؿ ُت َح ِّر ُم َما َأ َح َّؾ ُ‬
‫ح َّؾ َة َأ ْي َؿاك ِ ُؽ ْؿ} [ التحريؿ‪ ]7/9‬فخاصبف ثؿ ذكر أكف قد فرض‬ ‫واهلل َغ ُػقر ر ِحقؿ * َقدْ َفر َض اهلل َل ُؽؿ َت ِ‬
‫ُ ْ‬ ‫َ‬ ‫ٌ َّ ٌ‬ ‫َ ُ‬
‫وشرع لـا تح ّؾة القؿقـ أي لجؿقع إمة ‪ ،‬فالخطاب لف خطاب لجؿقع أمتف ‪.‬‬

‫وهذا الذي أكؽره طؾك الرجؾ ‪ ،‬أما كقكف طؾقف الصالة والسالم لقس مثؾـا ‪ ،‬وأكف قد غػر اهلل لف ما تؼدم مـ‬
‫ذكبف وما تلخر ‪ ،‬ففذا ّ‬
‫محؾ إقرار ‪ ،‬لؽـ غضب رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ وقال (واهلل إين ٕرجق أن‬
‫أكقن أخشاكؿ هلل ‪،‬وأطؾؿؽؿ بؿا أتؼل) فؿسللة إحؽام ا لشرطقة ما هق خطاب لف خطاب لجؿقع إمة ‪،‬‬
‫إٓ إذا دل الدلقؾ طؾك تخصقصف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬ولف خصائص جؿعفا العؾؿاء يف خصائص الـبل‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬وهل خصائص ُتجؿع يف كتب مػردة يف خصائص الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ كؿا‬
‫يف كتاب السققصل وهق مطبقع وأيضا يف كتاب بعض الشافعقة "بداية السقل يف خصائص الرسقل" لؾعز‬
‫بـ طبد السالم ‪ .‬ومـفؿ مـ يؽتبفا ويجعؾ ذكر بعضفا يف كتب الحديث متـاثرة يف مقاضع معقـة ‪،‬‬
‫ومـفؿ مـ يشقر إلقفا يف بعض كتب التػسقر ‪،‬ودرج بعض الػؼفاء خاصة مـفؿ الؿالؽقة يف ذكرها يف باب‬
‫الـؽاح ‪ ،‬أول باب الـؽاح ‪ ،‬حقث ُخص صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ بجقاز التزوج بلزيد مـ أربع ‪ ،‬فقستطردون‬
‫طـد ذلؽ ويشقرون إلك خصائصف طؾقف الصالة والسالم‪.‬‬

‫يػرق وٓ يخص إٓ بدلقؾ قائؿ أن هذا خاص بف طؾقف الصالة‬


‫فالخطاب لف خطاب لسائر إمة وٓ ّ‬
‫والسالم أو كحق ذلؽ‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫فؼقلف (أصبح جـبا وأكا أريد الصقام فلغتسؾ وأصقم) دلقؾ طؾك أن مـ أصبح جـبا سقاء مـ احتالم أو‬
‫مـ جؿاع وصؾع طؾقف الػجر فنكف يغتسؾ ويصقم‪.‬‬

‫قال ( فغضب رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ وقال (واهلل إين ٕرجق أن أكقن أخشاكؿ هلل))‪ ،‬مـ شؿائؾف‬
‫طؾقف الصالة والسالم طدم الغضب وٓ يـتؼؿ لـػسف‪ ،‬لؽـ إذا اك ُتفؽت الؿحارم غضب طؾقف الصالة‬
‫حب الرمان ‪ ،‬كؿا جاء وصػ ذلؽ يف‬
‫والسالم حتك ُيرى أثر ذلؽ يف وجفف ‪ ،‬وكلكف تتػؼل يف وجفف مثؾ ّ‬
‫شؿائؾف طؾقف الصالة والسالم ‪ ،‬فنذا رأى اكتفاكا أو تجاوزا يف شرع غضب صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪.‬‬

‫ويستػاد مـ الحديث الغضب طـد الؿقطظة أو ضفقر أثر ذلؽ طـد الؿقطظة ‪ ،‬وقد جاء يف الحديث طـ‬
‫جابر أن رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ كان إذا خطب الـاس رفع صقتف وجفر بف واكتػخت أوداجف‬
‫ومساكؿ)‪.‬‬
‫وضفر ذلؽ طؾك وجفف كلكف مـذر جقش يؼقل (صبّحؽؿ ّ‬

‫(واهلل إين ٕرجق أن أكقن أخشاكؿ هلل) وهق أخشاكا هلل جؾ وطال ‪ ،‬وقد جاء هذا صريحا يف رواية طـد‬
‫البخاري (أما إن أخشاكؿ هلل أكا) أو قال طؾقف الصالة والسالم (أتؼاكؿ هلل أكا)‪.‬‬
‫(وأطؾؿؽؿ بؿا أتؼل) فلفاد الحديث فقائد مـفا‪:‬‬
‫أكف أخشك الـاس طؾقف الصالة والسالم‪.‬‬
‫ومـفا أكف أطؾؿ الـاس طؾقف الصالة والسالم‪.‬‬
‫ومـفا أكف أتؼك الـاس طؾقف الصالة والسالم‪.‬‬
‫ومـفا أن مبـك التؼقى طؾك العؾؿ ‪.‬‬
‫ومـفا أكف تتحؼؼ التؼقى بلن تعؾؿ ما تتؼقف لتتؼقف ولفذا قال (وأطؾؿؽؿ بؿا أتؼل) وكؿا ذكركا يقم أمس يف‬
‫بقان التؼقى أن مـ أصقلفا أن تعؾؿ ما تتؼقف حتك تتؼقف ‪.‬‬
‫قال (واهلل إين ٕرجق أن أكقن أخشاكؿ هلل ‪،‬وأطؾؿؽؿ بؿا أتؼل) ففذا واضح يف الدٓلة طؾك ما ذكركاه‪.‬‬
‫ثؿ أشار إلك إثر الذي جاء طـ أبل هريرة والذي فقف أكف كان يرى أن مـ أصبح جـبا فنكف ٓ صقام لف‪.‬‬

‫يؼقل تؾؿقذ يحقك بـ يحقك الؾقثل‬


‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ْح َؿ ِـ ْب ِـ‬ ‫[و َحدَّ َثـل َط ْـ َمالؽ َط ْـ َط ْبد َربِّف ْب ِـ َسعقد َط ْـ أَبِل َب ْؽ ِر ْب ِـ َطبْد َّ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َأكَّ ُف َؿا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ا ْلح ِ ِ‬
‫ارث بْ ِـ ه َشا ٍم َط ْـ َطائ َش َة َو ُأ ِّم َس َؾ َؿ َة َز ْو َج ْل الـَّبِ ِّل َص َّؾك ُ‬ ‫َ‬

‫‪49‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫احت ِ َال ٍم فِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َقا َلتَا كَا َن رس ُ ِ‬


‫اهلل َط َؾقْف َو َس َّؾ َؿ ُي ْصبِ ُح ُجـُبًا م ْـ ِج َؿا ٍع َغقْ ِر ْ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ُ‬
‫َر َم َضا َن ُث َّؿ َي ُصق ُم]‬
‫وهذا خرب طـ زوجات الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ وه ّـ أطؾؿ بؿا يختص بف الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‬
‫فقؿا يتعؾؼ بلمر الـساء ‪ ،‬فؼد أخربتا رضل اهلل طـفؿا أن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬كان تصقبف الجـابة‬
‫احتِ َال ٍم فِل َر َم َض َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫مـ جؿاع ‪ ،‬قالت ( كَا َن رس ُ ِ‬
‫ان)‬ ‫اهلل َط َؾ ْقف َو َس َّؾ َؿ ُي ْصبِ ُح ُجـُ ًبا م ْـ ِج َؿا ٍع َغ ْق ِر ْ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ُ‬
‫أي يصبح مـ جـابة (ثؿ يصقم ) يعـل بعدما يطؾع الػجر يصقم طؾقف الصالة والسالم ‪ ،‬وهذا دلقؾ‬
‫واضح صريح يف هذه الؿسللة والحديث صحقح‪.‬‬

‫احتِ َال ٍم فِل َر َم َض َ‬


‫ان) يعـل لؿ يؽـ يصبح جـبا مـ احتالم ‪ ،‬وققلفؿا‬ ‫ِ‬
‫ققلفؿا ( ُي ْصبِ ُح ُجـُبًا م ْـ ِج َؿا ٍع َغقْ ِر ْ‬
‫رضل اهلل طـفؿا هذا يف حؼف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يدل طؾك أكف جائز يف حؼف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ وهق‬
‫احتِ َال ٍم ثؿ يصقم)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫آحتالم ‪ٕ ،‬هنؿا قالتا (م ْـ ِج َؿا ٍع َغقْ ِر ْ‬

‫قال‪:‬‬
‫ار ِ‬
‫الر ْح َؿ ِـ ْب ِـ ا ْل َح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ث ْب ِـ‬ ‫[و َحدَّ َثـل َط ْـ َمالؽ َط ْـ ُس َؿ ٍّل َم ْق َلك َأبِل َب ْؽ ِر ْب ِـ َط ْبد َّ‬
‫ث بْ ِـ ِه َشا ٍم(أحد الػؼفاء السبعة)‬ ‫ار ِ‬‫الر ْح َؿ ِـ بْ ِـ ا ْل َح ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ه َشا ٍم أَكَّ ُف َسؿ َع أَبَا بَ ْؽ ِر بْ َـ َطبْد َّ‬
‫قل ُكـ ُْت أَكَا َو َأبِل ِطـْدَ َم ْر َوا َن بْ ِـ ا ْل َح َؽ ِؿ َو ُه َق أَمِ ُقر ا ْل َؿ ِديـ َِة َف ُذكِ َر َل ُف أَ َّن َأ َبا ُه َر ْي َر َة‬ ‫َي ُؼ ُ‬
‫الر ْح َؿ ِـ‬ ‫ِ‬
‫قل َم ْـ َأ ْصبَ َح ُجـُبًا َأ ْف َط َر َذل َؽ ا ْلقَ ْق َم َف َؼ َال َم ْر َوا ُن َأ ْق َس ْؿ ُت َط َؾقْ َؽ َيا َطبْدَ َّ‬ ‫َي ُؼ ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬
‫ب َطبْدُ‬ ‫َلت َْذ َهبَ َّـ إ ِ َلك ُأ َّم ْل ا ْل ُؿ ْممـق َـ َطائ َش َة َو ُأ ِّم َس َؾ َؿ َة َف ْؾت َْسلَ َلـَّ ُف َؿا َط ْـ َذل َؽ َف َذ َه َ‬
‫الر ْح َؿ ِـ َو َذ َهبْ ُت َم َع ُف َحتَّك َد َخ ْؾـَا َط َؾك َطائِ َش َة َف َس َّؾ َؿ َط َؾقْ َفا ُث َّؿ َق َال َيا ُأ َّم ا ْل ُؿ ْممِـِق َـ إِكَّا‬ ‫َّ‬
‫قل َم ْـ َأ ْص َب َح ُجـ ُ ًبا أَ ْف َط َر َذل ِ َؽ‬ ‫ان بْ ِـ ا ْل َح َؽ ِؿ َف ُذكِ َر َل ُف أَ َّن َأ َبا ُه َر ْي َر َة َي ُؼ ُ‬
‫ُكـَّا ِطـْدَ َم ْر َو َ‬
‫ِ‬
‫قل‬ ‫َان َر ُس ُ‬ ‫ب َط َّؿا ك َ‬ ‫الر ْح َؿ ِـ َأ َت ْر َغ ُ‬
‫ا ْلقَ ْق َم َقا َل ْت َطائ َش ُة َلقْ َس ك ََؿا َق َال أَبُق ُه َر ْي َر َة َيا َطبْدَ َّ‬
‫الر ْح َؿ ِـ َٓ َواهللِ َقا َل ْت َطائِ َش ُة َف َل ْش َفدُ َط َؾك‬ ‫ِ‬
‫اهلل َط َؾقْف َو َس َّؾ َؿ َي ْصـ َ ُع َف َؼ َال َطبْ ُد َّ‬
‫اهلل َص َّؾك ُ‬
‫ِ‬

‫احت ِ َال ٍم ُث َّؿ َي ُصق ُم‬ ‫ِ‬ ‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َأكَّ ُف ك َ‬ ‫ِ ِ‬
‫َان ُي ْصبِ ُح ُجـُبًا م ْـ ِج َؿا ٍع َغقْ ِر ْ‬ ‫َر ُسقل اهلل َص َّؾك ُ‬

‫‪51‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫َذل ِ َؽ ا ْلقَ ْق َم َق َال ُث َّؿ َخ َر ْجـَا َحتَّك َد َخ ْؾـَا َط َؾك ُأ ِّم َس َؾ َؿ َة (هـد بـت أبل أمقة رضل اهلل‬
‫خ َر ْجـَا َحتَّك ِجئْـَا َم ْر َوا َن‬ ‫طـفا) َف َسلَ َل َفا َط ْـ َذل ِ َؽ َف َؼا َل ْت مِثْ َؾ َما َقا َل ْت َطائِشَ ُة َق َال َف َ‬
‫الر ْح َؿ ِـ َما َقا َلتَا َف َؼ َال َم ْر َوا ُن أَ ْق َس ْؿ ُت َط َؾقْ َؽ َيا أَبَا ُم َح َّؿ ٍد‬ ‫بْ َـ ا ْل َح َؽ ِؿ َف َذك ََر َل ُف َطبْدُ َّ‬
‫اب َف ْؾت َْذ َه َب َّـ إِ َلك أَبِل ُه َر ْي َر َة َفنِكَّ ُف ب ِ َل ْر ِض ِف بِا ْل َع ِؼ ِقؼ (الؿديـة)‬‫َلت َْر َك َب َّـ َدا َّبتِل َفنِك ََّفا ب ِا ْل َب ِ‬
‫الر ْح َؿ ِـ َو َركِبْ ُت َم َع ُف َحتَّك َأ َتقْـَا أَ َبا ُه َر ْي َر َة َفت ََحد َ‬
‫َّث َم َع ُف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫خبِ َركَّ ُف َذل َؽ َف َرك َ‬
‫ب َطبْدُ َّ‬ ‫َف ْؾتُ ْ‬
‫َطب ُد الرحؿ ِـ سا َط ًة ُثؿ َذكَر َلف َذل ِ َؽ َف َؼ َال َلف َأبق ُهرير َة َٓ ِط ْؾؿ لِل ب ِ َذا َك إِكَّؿا أَ ْخبرك ِ ِ‬
‫قف‬ ‫َ ََ‬ ‫َ‬ ‫ُ ُ َ َْ‬ ‫َّ َ ُ‬ ‫ْ َّ ْ َ َ‬
‫خبِ ٌر]‬
‫ُم ْ‬
‫قال (إكؿا أخربكقف مخرب) ويؼصد بف أسامة بـ زيد ‪.‬‬
‫ويف هذه الؼصة بقان ‪-‬أيضا‪ -‬لسمال أمقر الؿديـة مروان بـ الحؽؿ لعائشة وأم سؾؿة فلجابتاه بلن الـبل‬
‫صؾك اهلل طؾقف و سؾؿ كان يصبح جـبا مـ جؿاع مـ غقر احتالم قالتا فقصقم ذلؽ الققم واتػؼتا طؾك‬
‫ذلؽ‪.‬‬
‫ويف هذا الحديث حرص التابعقـ طؾك معرفة سـة الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‪ ،‬وحرص الصحابة طؾك‬
‫معرفة العؾؿ وسـة الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‪.‬‬

‫فلبق هريرة هـا قد ُطرف مـف واكتشر طـف أكف يرى بػطر مـ أدركف الػجر وهق جـب فال يصح لف صقم ‪،‬‬
‫وقد روى الحديث واكتشر طـف ‪ ،‬لؽـ يف الحؼقؼة لؿ يسؿعف هق وإكؿا سؿعف مـ أسامة بـ زيد‪ ،‬ولؽـ‬
‫كان يحدّ ث بف مباشرة فقعد ذلؽ مـ إرسال الصحابل ‪ ،‬وهذا دلقؾ طؾك أكف كان يجقز طـدهؿ مثؾ هذا ‪،‬‬
‫فالصحابل يسؿع الحديث طـ صحابل آخر فقرسؾف ‪ ،‬فنذا اس ُتثبت ذكر أكف سؿعف مـ فالن أو فالن‪،‬‬
‫والذي طؾقف جؿفقر الحديث أن مرسؾ الصحابل يعد صحقحا ‪ ،‬أو مرسؾ الصحابل مؼبقل إذا تقفرت‬
‫شروط الصحة يف باقل اإلسـاد ‪ ،‬وهذا الذي طؾقف جؿفقر أهؾ الحديث وكؿا ذكر أهؾ العؾؿ‪.‬‬

‫وأما ما ُذكر طـ بعض التابعقـ فالغالب مـ هذه الروايات مـ بعض الصحابة طـ بعض التابعقـ وطـ‬
‫بعض الصحابة أخريـ ‪ ،‬أما ما يرويف بعض الصحابة طـ التابعقـ فنن ُوجد فالغالب أكف مـ أخبار أهؾ‬
‫الؽتاب‪.‬‬
‫ويف الؼصة أيضا الؿـاضرة يف العؾؿ والسمال يف العؾؿ وإخذ والعطاء والتدلقؾ يف العؾؿ والرجقع إلك‬

‫‪51‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫مـ هق أطؾؿ يف الؿسللة ومـ هق أقرب لؾحدث ‪ ،‬فالعؾؿ معف يؽقن أقرب مـ غقره‪.‬‬

‫وفقف أيضا آستثبات يف العؾؿ فنكف أرسؾفؿا إلك طائشة ‪ ،‬فنذا خرج مـ طائشة ذهب إلك أم سؾؿة ‪ ،‬وفقف‬
‫آستثبات يف العؾؿ إن لؿ يؽـ الؼصد مـ وراء ذلؽ سقئا‪.‬‬

‫فجاء طبد الرحؿـ وتحدث مع أبل هريرة فؾؿا ذكر لف ذلؽ ‪..‬الخ وهذا فقف أكف و ّصل لف الحديث ثؿ ذكر‬
‫لف الؼصة ‪ ،‬فؼال أبق هريرة (ٓ طؾؿ لل بذلؽ إكؿا أخربكقف مخرب) أي حدثـل أسامة بذلؽ ‪ ،‬وهق يثؼ يف‬
‫أسامة ‪ ،‬فعؿؾ بذلؽ وصار يؼقل ويػتل أن مـ أصبح جـبا فطؾع طؾقف الػجر ‪ ،‬فال صقم لف والصحقح أن‬
‫صقمف صحقح ‪،‬وأيضا قد رجع أبق هريرة رضل اهلل تعالك طـف طـ هذا الؼقل‪.‬‬

‫قال‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫[و َحدَّ َثـل َط ْـ َمالؽ َط ْـ ُس َؿ ٍّل َم ْق َلك َأبِل بَ ْؽ ٍر َط ْـ َأبِل بَ ْؽ ِر بْ ِـ َطبْد َّ‬
‫الر ْح َؿ ِـ َط ْـ‬
‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ]‬ ‫ِ‬
‫َطائشَ َة َو ُأ ِّم َس َؾ َؿ َة َز ْو َج ْل الـ َّبِ ِّل َص َّؾك ُ‬
‫كػس إثر السابؼ ذكره أبق بؽر بـ الحارث بـ هشام ذكر الؼصة التل وقعت وبحضرتف مع أبقف طـد‬
‫أمقر الؿديـة مروان بـ الحؽؿ وماكان مـ خروجفؿا وسمالفؿا طائشة ثؿ أم سؾؿة ثؿ ذهاهبؿا إلك أبل‬
‫هريرة‪ ،‬ثؿ رجقطفؿا إلك مروان بـ الحؽؿ‪ ،‬كؾ هذا اختصره هـا فؼال ( َط ْـ َطائِ َش َة َو ُأ ِّم َس َؾ َؿ َة َز ْو َج ْل‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ)‪.‬‬
‫الـَّبِ ِّل َص َّؾك ُ‬

‫وهذا دلقؾ طؾك جقاز اختصار الحديث وآقتصار طؾك محؾ الشاهد ‪،‬وٓشؽ أكؿا يؽقن هذا لؿـ‬
‫يعؾؿ ما تػقد بف معاين الؽؾؿات العربقة حتك ٓ يخؾط وٓ يؼؾب الحديث كؿا هق مؼرر طـد العؾؿاء‪.‬‬

‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ َلقُ ْصب ِ ُح ُجـُ ًبا مِ ْـ ِج َؿا ٍع َغ ْق ِر‬ ‫[ َأكَّفؿا َقا َلتَا إِ ْن َكا َن رس ُ ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ‬
‫احت ِ َال ٍم ُث َّؿ َي ُصق ُم]‬
‫ْ‬
‫وهق مثؾ الذي سبؼ ‪.‬‬
‫ثؿة مسللة وهل ‪ :‬إذا صفرت الحائض قبؾ صؾقع الػجر ولؿ تغتسؾ وصؾع الػجر طؾقفا ‪ ،‬ففؾ صقمفا‬
‫صحقح؟ أو لقس بصحقح ؟‬

‫‪52‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫جؿفقر العؾؿاء طؾك أن الصقم صحقح ‪ ،‬لؽـ ذهب الحسـ بـ حل وابـ الؿاجشقن مـ أصحاب‬
‫مالؽ ‪ ،‬إلك خالف ما طؾقف الجؿفقر ‪ ،‬فؼآ‪ :‬إذا صفرت الحائض قبؾ الػجر فؾؿ تغتسؾ وصؾع طؾقفا‬
‫الػجر فال يصح صقمفا ‪ ،‬وهذا ققل بعقد! ‪ ،‬والصقاب أن صقمفا صحقح ‪.‬‬

‫ولعؾ الذي اشبتف طؾك مـ قال هبذا الؼقل ‪-‬كؿا أشار إلقف ابـ طبد الرب‪ -‬أن مالؽا رحؿف اهلل قال يف حؼ‬
‫الحائض (إذا صفرت قبؾ الػجر ولؿ تغتسؾ حتك صؾع الػجر وفاهتا الققت فؾؿ تدرك مـ الققت شقئا ‪ ،‬إن‬
‫كان ذلؽ مـ غقر تػريط ٓ تؼضل الصالة) فؾعؾفؿ مـ هذه الؿسللة أخذوا أن الحائض إذا صفرت ولؿ‬
‫تغتسؾ حتك صؾع الػجر فال صقم لفا‪.‬‬

‫ويؽػل يف الجقاب طـ هذا ما ذهب إلقف جؿفقر العؾؿاء مـ أن صقمفا صحقح‪.‬‬


‫وأيضا يف الؿسللة السابؼة يف قضقة الجـب فصقمف كذلؽ صحقح ‪ ،‬ومؿا يدل طؾقف أن العؾؿاء أجؿعقا‬
‫طؾك أن مـ احتؾؿ يف هنار رمضان فصقمف صحقح‪.‬‬

‫وذكر أهؾ إصقل وأيضا الػؼفاء دلقال لصحة صقام مـ أصبح جـبا وصؾع طؾقف الػجر مـ ققلف جؾ‬
‫اس َّل ُف َّـ َطؾِ َؿ ال ّؾ ُف َأكَّ ُؽ ْؿ ُكـتُ ْؿ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬
‫ث إِ َلك ك َسآئ ُؽ ْؿ ُه َّـ لبَ ٌ‬
‫اس َّل ُؽ ْؿ َو َأكتُ ْؿ لبَ ٌ‬ ‫الر َف ُ‬ ‫وطال { ُأح َّؾ َل ُؽ ْؿ َلقْ َؾ َة ِّ‬
‫الصقَا ِم َّ‬
‫َب ال ّؾ ُف َل ُؽ ْؿ َو ُك ُؾق ْا َو ْاش َربُق ْا َحتَّك‬ ‫قن َأك ُػس ُؽؿ َفتَاب َط َؾق ُؽؿ و َط َػا َطـ ُؽؿ َفأ َن ب ِ‬
‫وه َّـ َوابْتَ ُغقاْ َما َكت َ‬ ‫اش ُر ُ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ختاكُ َ َ ْ َ ْ ْ َ‬ ‫َت ْ‬
‫الص َقا َم إِ َلك ا َّلؾ ْق ِؾ } [ البؼرة‪]954/‬‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ط إَبق ُض مِـ ا ْل َ ِ‬
‫خ ْقط إَ ْس َقد م َـ ا ْل َػ ْج ِر ُث َّؿ َأت ُّؿقاْ ِّ‬ ‫َ‬ ‫خ ْق ُ ْ َ‬ ‫َيتَ َب َّق َـ َل ُؽ ُؿ ا ْل َ‬
‫فلذن اهلل تبارك وتعالك يف مؼ اربة الرجؾ زوجتف ‪ ،‬ويف إكؾ والشرب إلك صؾقع الػجر ‪ ،‬فنذن يـتفل طـ‬
‫هذا بطؾقع الػجر ‪ ،‬فنذا اكتفك وكزع فطؾع الػجر‪ ،‬أدركف الػجر وهق جـب ‪ ،‬فاإلذن والرتخقص واإلباحة‬
‫والجقاز يف الجؿاع وإكؾ والشرب إلك صؾقع الػجر دلقؾ طؾك أن مـ صؾع طؾقف الػجر وهق جـب فنن‬
‫صقمف صحقح ‪ ،‬وهذا ما يسؿقف العؾؿاء بدٓلة اإليؿاء والتـبقف ‪ ،‬يف تؼسقؿفؿ لؾؿـطقق والؿػفقم‬
‫بلقسامف يذكرون ويشقرون إلك قسؿ مـ أقسامف وهق ‪ :‬دٓلة اإليؿاء والتـبقف وهق أن يرد الؽالم يف أمر‬
‫ومقضقع ما لؽـ يدل طؾك شلء آخر مـ غقر أن يؽقن الؿؼصقد بف ‪ ،‬فأية كزلت يف أن الؾقؾ محؾ‬
‫لألكؾ والشرب والجؿاع ولق كام الشخص ثؿ استقؼظ طؾك غقر ما كان طؾقف إمر أوٓ يف اإلسالم ‪ٕ ،‬كف‬
‫طـدما كزل وجقب صقم رمضان كان مـ كام بعد الؿغرب فنكف ٓ يحؾ لف أكؾ أو جؿاع إلك مغرب الققم‬
‫الذي بعد ‪ ،‬كؿا ذكركا الؼصة يف ذلؽ‪ ،‬ثؿ لؿا وقعت الؼصة لؾرجؾ فـام بعد الؿغرب ولؿ يؽـ قد أكؾ ‪،‬‬
‫ثؿ أصابف اإلغؿاء يف الققم الذي بعد ‪ ،‬بعد مـتصػ الـفار ‪ ،‬بعد ذلؽ كزلت أية وفقفا اإلذن يف أن الؾقؾة‬
‫كؾف مـ غروب الشؿس إلك صؾقع الػجر محؾ إلباحة إكؾ والشرب والجؿاع ‪ ،‬وهذا الذي سقؼت يف‬

‫‪53‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫حؼف أية‪ ،‬وأفادت هذا الؿعـك أخر وهق إيؿاء وتـبقف ‪ ،‬واهلل تعالك أطؾؿ‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫ؾصائِ ِؿ]‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الر ْخ َصة فل ا ْل ُؼبْ َؾة ل َّ‬
‫ِ‬
‫[ َباب َما َجا َء فل ُّ‬
‫الصقم هق آمتـاع طـ شفقيت البطـ والػرج ‪ ،‬ومـ شفقة الػرج مؼدماتف ‪ ،‬ومؿا يتعؾؼ بالجؿاع‬
‫الؿؼدمات ‪ ،‬مؼدمات الجؿاع ‪ ،‬ومـفا الؼبؾة‪ ،‬ففؾ يصح لؾصائؿ ذلؽ أو ٓ؟ هؾ يجقز أن يػعؾفا أو ٓ‬
‫يجقز؟ وطؾك الؼقل بالجقاز هؾ جقازه لؽؾ واحد أو ٕكاس مخصقصقـ؟ وإذا ُخص بف بعض الـاس‬
‫هؾ الجقاز لف مطؾؼا؟ أو أكف إذا أمـ طـ كػسف فؾف أن يػعؾ وإٓ فال ؟ ‪ ،‬ويف حالة ما لق أمـ طؾك كػسف‬
‫فػعؾ فخرج مـف شلء ما الذي يؾزمف؟ ويف حالة ما لق لؿ يلمـ طؾك كػسف وتعؿد وتعدى وفعؾ فخرج‬
‫الؿضؿـة يف هذا الباب ‪.‬‬
‫ّ‬ ‫مـف شلء ما الذي يؾزمف ‪ ،‬هذه هل الؿسائؾ‬

‫ؾصائِ ِؿ]‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫الر ْخ َصة فل ا ْل ُؼبْ َؾة ل َّ‬
‫ِ‬
‫[بَاب َما َجا َء فل ُّ‬
‫أي ذكر إحاديث التل تػقد الرخصة يف جقاز تؼبقؾ الرجؾ امرأتف ‪ ،‬ثؿ ط ّؼب طؾقف بإحاديث التل تدل‬
‫طؾك التشديد يف ذلؽ وهق مـ فؼف اإلمام مالؽ رحؿف اهلل تعالك ‪ ،‬فدل طؾك ما يجقز ويرخص فقف ‪ ،‬ثؿ‬
‫دل وذكر ما فقف التشديد ‪ ،‬إشارة إلك أكف يرى آحتقاط والؿـع مـ ذلؽ ‪.‬‬

‫وهذا ما طؾقف أهؾ الحديث يف تبقيباهتؿ يف كتب الحديث ‪ ،‬وإن كان يف الؿسللة أحاديث قد يؽقن يف‬
‫ضاهرها التعارض ‪ ،‬أ حاديث تدل طؾك الرتخقص ‪ ،‬وأحاديث فقفا الؿـع أو كحق ذلؽ فنهنؿ يلتقن‬
‫ويذكرون مثؾ هذا مـفؿ مـ يذكر إحاديث التل تػقد الرتخقص ‪ ،‬ثؿ يليت بعد ذلؽ ويذكر بعدها أبقابا‬
‫تدل طؾك الؿـع ومثؾ هذا يػعؾف كثقرا اإلمام الـسائل رحؿف اهلل ‪ ،‬ومـفؿ مـ يليت إلك باب واحد فقصقغف‬
‫صقاغة يذكر فقف مجؿقع إحاديث إشارة إلك ترجقح بعضفا طؾك بعض أو إلك كقع جؿع ‪ ،‬وهذا أيضا‬
‫يػعؾف اإلمام البخاري رحؿف اهلل ‪ ،‬كؿا يػعؾ مثؾ صـقع الـسائل واإلمام مالؽ رحؿة اهلل طؾك الجؿقع‪.‬‬

‫قال‪:‬‬
‫[حدَّ َثـِل يحقك َطـ مالِؽ َطـ َزي ِد ب ِـ أَس َؾؿ َطـ َط َط ِ‬
‫اء ْب ِـ َي َس ٍ‬
‫ار َأ َّن َر ُج ًال َق َّب َؾ ا ْم َر َأ َت ُف‬ ‫ْ ْ ْ ْ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬

‫‪54‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ان َف َق َجدَ مِ ْـ َذل ِ َؽ َو ْجدً ا َش ِديدًا َف َل ْر َس َؾ ا ْم َر َأ َت ُف َت ْس َل ُل َل ُف َط ْـ‬


‫َو ُه َق َصائِ ٌؿ فِل َر َم َض َ‬
‫ت َذل ِ َؽ َل َفا‬ ‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ َف َذك ََر ْ‬ ‫َذل ِ َؽ َف َ‬
‫دَخ َؾ ْت َط َؾك ُأ ِّم َس َؾ َؿ َة َز ْوجِ الـ َّبِ ِّل َص َّؾك ُ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ ُي َؼبِّ ُؾ َو ُه َق َصائِ ٌؿ]‬ ‫َفلَ ْخبر ْتفا ُأم س َؾؿ َة أَ َّن رس َ ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ َ ُّ َ َ‬
‫ففذه سللت طـ فعؾ ‪ ،‬فذكرت لفا أم سؾؿة أن هذا يػعؾف الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬فاحتجت طؾقفا‬
‫بػعؾف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬ففذا أيضا دلقؾ طؾك أن فعؾف حجة ‪ ،‬وأن فعؾف مع زوجاتف هق حجة أيضا ‪،‬‬
‫ٕن يؽقن هذا الػعؾ كػسف مرخص فقف لسائر الؿممـقـ ‪ ،‬يعـل يف حؼ زوجاهتؿ ‪.‬‬

‫ت َز ْو َج َفا بِ َذل ِ َؽ َف َزا َد ُه َذل ِ َؽ َش ًّرا]‬


‫[ َف َر َج َع ْت َف َل ْخ َب َر ْ‬
‫أي أكف زاده قؾؼا ‪ٕ ،‬كف مادام الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يػعؾ هذا ‪ ،‬إذن هذا يزيده تلكقدا طؾك أكف مـ‬
‫خصائصف طؾقف الصالة والسالم ‪ ،‬ولقس لسائر الـاس فعؾ ذلؽ‪ ،‬ولفذا قال (فزاده ذلؽ شرا)‬

‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ]‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫[و َق َال َل ْسـَا مثْ َؾ َر ُسقل اهلل َص َّؾك ُ‬
‫َ‬
‫كان طـدهؿ تعظقؿ لؾـبل طؾقف الصالة والسالم ‪.‬‬

‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ َما َشا َء ُث َّؿ َر َج َع ْت ا ْم َر َأ ُت ُف إِ َلك ُأ ِّم َس َؾ َؿةَ]‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫[اهلل ُيح ُّؾ ل َر ُسقل اهلل َص َّؾك ُ‬
‫ُ‬
‫وفقف أن أمر الـساء يتقلك سمالف الـساء لؾـساء ‪ ،‬ولؽـ إن لؿ يتقسر فؼد يسلل الرجؾ طـ أمر الـساء‬
‫ويسلل الرجؾ ‪ ،‬وقد تتقلك الؿرأة السمال وتسلل الرجؾ ‪ ،‬وهذا وارد يف سـة الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‬
‫‪ ،‬كؿا أكف سللتف الـساء طـ أمقر تتعؾؼ بؿثؾ ذلؽ‪.‬‬
‫قال ( لسـا مثؾ رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ اهلل يحؾ لرسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ماشاء ثؿ رجعت‬
‫امرأتف إلك أم سؾؿة)‪.‬‬

‫اهلل َط َؾقْ ِف‬ ‫قل اهللِ ص َّؾك اهلل ط َؾق ِف وس َّؾؿ َف َؼ َال رس ُ ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْدَها َر ُس َ‬ ‫دَت ِطـ َ‬ ‫[ َف َق َج ْ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َأ َٓ‬ ‫ك‬‫ؾ‬‫َّ‬ ‫ص‬ ‫قل اهللِ‬
‫َو َس َّؾ َؿ َما ل ِ َف ِذ ِه ا ْل َؿ ْرأَ ِة َف َل ْخبَ َر ْت ُف ُأ ُّم َس َؾ َؿ َة َف َؼ َال َر ُس ُ‬
‫ُ‬ ‫َ‬

‫‪55‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫َأ ْخبَ ْرت ِ َقفا أَكِّل أَ ْف َع ُؾ َذل ِ َؽ]‬


‫فحؽاية فعؾف طؾقف الصالة والسالم حجة ‪ ،‬وفقف أيضا اإلشارة إلك أن إمر إذا كان مشروطا ‪ ،‬وفقف الدلقؾ‬
‫لؿا أمر‬
‫طؾك ذلؽ ‪ ،‬فؾؾعالؿ أن يذكر فعؾف لذلؽ ‪ ،‬حتك يزيد أخذ طـف ققة‪ ،‬ويطؿئـ أكثر لذلؽ ‪ ،‬ولفذا ّ‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ الصحابة أن يح ّؾقا ووجدوا وتعاضؿقا ذلؽ أكف لؿ يؽـ مـ شلهنؿ هذا الػعؾ ‪،‬‬
‫فلشارت أم سؾؿة طؾك الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ فؼالت لف (احؾؼ فنهنؿ سقتابعقكؽ) فؾؿا حؾؼ الـبل‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ تبعقه رضل اهلل تعالك طؾك الجؿقع‪.‬‬

‫[ َف َؼا َل ْت َقدْ َأ ْخبَ ْر ُت َفا َف َذ َهبَ ْت إ ِ َلك َز ْو ِج َفا َفلَ ْخبَ َر ْت ُف َف َزا َد ُه َذل ِ َؽ َش ًّرا َو َق َال َل ْسـَا مِثْ َؾ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َما َشا َء‬ ‫ِِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫اهلل ُيح ُّؾ ل َر ُسقلف َص َّؾك ُ‬ ‫اهلل َط َؾقْف َو َس َّؾ َؿ ُ‬
‫َر ُسقل اهلل َص َّؾك ُ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َو َق َال َواهللِ إِكِّل َٕ َ ْت َؼا ُك ْؿ ل ِ َّؾ ِف َو َأ ْط َؾ ُؿ ُؽ ْؿ‬ ‫َف َغ ِضب رس ُ ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ َ ُ‬
‫بِ ُحدُ ودِ ِه]‬
‫وهذا دلقؾ طؾك أكف يجقز هذا الػعؾ ‪ ،‬ولؿ يػصؾ لف الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يف ذلؽ بشلء قال (إين‬
‫أتؼاكؿ وأطؾؿؽؿ ) ومع ذلؽ أفعؾ فؾستؿ أكثر مـل تؼقى هلل جؾ وطال وٓ أطؾؿ باهلل تبارك وتعالك مـل ‪،‬‬
‫فقجقز لؽؿ هذا الػعؾ‪.‬‬

‫والحديث دلقؾ طؾك أن الـب ل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أتؼك الـاس وأطؾؿ بحدوده ‪ ،‬وأن العبد كؾؿا زاد‬
‫طؾؿا ازداد تؼقى هلل تبارك وتعالك ‪.‬‬
‫وهذا الؼقل وهق جقاز الؼبؾة قد قال بف ال جؿفقر وأكثر أهؾ العؾؿ ‪ ،‬وهق ققل طؿر وسعد بـ أبل وقاص‬
‫وأبق هريرة وابـ طباس وطائشة وططاء والشعبل والحسـ وأحؿد وإسحاق وأذن يف ذلؽ لؿـ يؿؾؽ‬
‫كػسف ‪ ،‬فنن أمـ كػسف فؾف أن يػعؾ وإٓ فال‪.‬‬

‫جاء يف الحديث طـ طؿر أكف قال (يارسقل اهلل هششت فؼبّؾت امرأيت وأكا صائؿ) فؼال (أرأيت إن‬
‫تؿضؿضت؟) قال (ٓشلء) قال (ف َؿف؟) أي لؿاذا ‪-‬يعـل‪ -‬يزطجؽ إمر؟ فلشار إلقف طؾقف الصالة‬
‫والسالم بالؿضؿضة‪ ،‬فالؿ ضؿضة هل بداية الشرب ولؿ تشرب‪ ،‬والؼبؾة هل بداية الجؿاع لؽـ لؿ‬
‫تجامع ‪ ،‬فػقف إشارة أن هذا جائز ‪ ،‬وهذا مـ إحاديث التل يستدل هبا العؾؿاء طؾك الؼقاس‪ ،‬كؿا هق‬

‫‪56‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ضاهر الحديث‪.‬‬
‫ففذا ققل مـ قال بجقاز الؼبؾة لؾصائؿ والحديث دلقؾ طؾقف ‪.‬‬

‫قال‪:‬‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫[و َحدَّ َثـل َط ْـ َمالؽ َط ْـ ه َشا ِم بْ ِـ ُط ْر َو َة َط ْـ أَبِقف َط ْـ َطائ َش َة ُأ ِّم ا ْل ُؿ ْممـق َـ َرض َل ُ‬
‫اهلل‬
‫قل اهللِ َص َّؾك اهلل َط َؾقْ ِف َوس َّؾؿ َلقُ َؼبِّ ُؾ َب ْع َض َأ ْز َو ِ‬
‫اج ِف َو ُه َق‬ ‫َطـ َْفا َأك ََّفا َقا َل ْت إ ِ ْن ك َ‬
‫َان َر ُس ُ‬
‫َ َ‬ ‫ُ‬
‫صائِؿ ُثؿ َض ِ‬
‫ح َؽ ْت]‬ ‫َ ٌ َّ‬
‫والحديث يف البخاري ‪( ،‬ضحؽت) قالقا كلهنا أشارت إلك كػسفا رضل اهلل طـفا ‪ ،‬وهق صريح يف جقاز‬
‫قبؾة الرجؾ لزوجتف وهق صائؿ‪.‬‬

‫قد َأ َّن َطاتِ َؽ َة ابْـ َ َة َز ْي ِد بْ ِـ َط ْؿ ِرو بْ ِـ كُ َػقْ ٍؾ ا ْم َرأَ َة‬‫[و حدَّ َثـِل َطـ مالِؽ َطـ يحقك ب ِـ س ِع ٍ‬
‫ْ َ َْ ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫اها]‬ ‫اب َو ُه َق َصائِ ٌؿ َف َال َيـْ َف َ‬ ‫خ َّط ِ‬ ‫اب كَاك َْت ُت َؼ ِّب ُؾ َر ْأ َس ُط َؿ َر ْب ِـ ا ْل َ‬
‫خ َّط ِ‬ ‫ُط َؿ َر بْ ِـ ا ْل َ‬
‫وهذا يدل طؾك أكف ققل طؿر ‪ ،‬وقد ذكركا لؽؿ إثر سابؼا الذي أورده ابـ حزم ‪ ،‬وهق ثابت طـ طؿر‬
‫رضل اهلل تعالك طـ الجؿقع‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫[و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َط ْـ َأبِل الـ َّْض ِر َم ْق َلك ُط َؿ َر ْب ِـ ُطبَقْ ِد اهللِ أَ َّن َطائِشَ َة بِـ َْت َص ْؾ َح َة‬
‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ َفدَ َخ َؾ َط َؾ ْق َفا َز ْو ُج َفا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َأ ْخ َب َر ْت ُف أَك ََّفا كَاك َْت طـْدَ َطائ َش َة َز ْوجِ الـَّبِ ِّل َص َّؾك ُ‬
‫الصدِّ ِيؼ َو ُه َق َصائِ ٌؿ َف َؼا َل ْت َل ُف‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الر ْح َؿ ِـ بْ ِـ َأبِل َب ْؽ ٍر ِّ‬ ‫ُهـَال َؽ َو ُه َق َطبْ ُد اهلل ْب ُـ َطبْد َّ‬
‫ت‬ ‫َطائِ َش ُة َما َي ْؿـَ ُع َؽ أَ ْن َتدْ كُ َق مِ ْـ َأ ْهؾِ َؽ َفتُ َؼبِّ َؾ َفا َو ُت َال ِط َب َفا َف َؼ َال أُ َقبِّ ُؾ َفا َوأَكَا َصائِ ٌؿ َقا َل ْ‬

‫‪57‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫كَ َع ْؿ]‬
‫وهذا الحديث صحقح ‪ ،‬وهق صريح يف الدٓلة طؾك جقاز قبؾة الرجؾ ٓمرأتف بؾ وأزيد مـ ذلؽ‬
‫الؿالطبة والؿباشرة كؿا هق صريح هذا الحديث‪.‬‬
‫وجاء طـ طائشة رضل اهلل طـفا مثؾ ذلؽ إن كان رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يؼبؾ وهق صائؿ‬
‫ويباشر وهق صائؿ طؾقف الصالة والسالم‪.‬‬

‫[و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َط ْـ َز ْي ِد ْب ِـ َأ ْس َؾ َؿ أَ َّن أَ َبا ُه َر ْي َر َة َو َس ْع َد ْب َـ َأبِل َو َّق ٍ‬


‫اص كَاكَا‬
‫ؾصائِ ِؿ]‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ُي َر ِّخ َصان فل ا ْل ُؼبْ َؾة ل َّ‬
‫وذكرت أن هذا ققل غقر واحد مـ الصحابة الؽرام رضل اهلل تعالك طـ الجؿقع ‪ ،‬وهذا الؼقل أققى‬
‫وسقليت مزيد بقان يف الباب الذي بعده ‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫ؾصائِ ِؿ]‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫[ َباب َما َجا َء فل الت َّْشديد فل ا ْل ُؼبْ َؾة ل َّ‬
‫مـ الذي شدد ومـع ؟ هفـا هـاك مـ مـع مـ الؼبؾة مـ باب آحتقاط ‪ ،‬وهق مـؼقل طـ ابـ طؿر رضل‬
‫اهلل طـفؿا أكف كره ذلؽ‪ ،‬وكؼؾ طـ ابـ مسعقد ‪ ،‬لؽـ الصحقح أكف ُكؼؾ طـف الجقاز بنسـاد صحقح ‪ ،‬وكؼؾ‬
‫طـ ابـ طباس والصحقح خالفف فؼد ُكؼؾ طـف جقاز ذلؽ بلساكقد صحقحة ذكرها ابـ حزم ‪ ،‬وأيضا طـ‬
‫ابـ مسعقد طـد ابـ أبل شقبة يف الؿصـػ‪.‬‬

‫بؾ طـ ابـ طباس أكثر مـ ذلؽ وهق أن يضرب طؾك فرجفا إن رأى أن يؿؾؽ كػسف كؿا جاء يف هذا‬
‫إثر ‪.‬‬
‫لؽـ طـ ابـ طؿر كؼؾت الؽراهة وإلقف ذهب اإلمام مالؽ تؿسؽا بؿذهب ابـ طؿر لؿا يف ذلؽ مـ‬
‫آحتقاط‪.‬‬

‫وإصؾ طدم الؽراهة وطدم الؿـع إٓ إذا كان يخشك أن يتقلد طـ ذلؽ ما هق محذور فعؾف يف الصقام ‪،‬‬
‫وقد ذكر اإلمام ابـ طبد الرب رحؿة اهلل طؾقف أن اإلجؿاع وقع طؾك أن مـ كره الؼبؾة لؾصائؿ لقس الؽراهة‬
‫لذات الؼبؾة وإكؿا لؿا ُيخشك أن تمدي إلقف مـ القققع يف الؿحظقر ‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ومعروف يف مذهب مالؽ أصؾ سد الذرائع والذرائع جؿع ذريعة وهل ما يقصؾ إلك الشلء ‪ ،‬وإصؾ‬
‫يف هذا أن يؼال فقف الذرائع وهل معتربة شرطا ‪ ،‬فالذريعة التل تمدي إلك الؿـفل والؿحظقر ُتؿـع ‪ ،‬وما‬
‫أدرى إلك الجائز والؿطؾقب فنهنا ُتػتح و ُتقسر ‪.‬‬
‫وقد أكثر الؿالؽقة مـ استعؿال هذا إصؾ ‪ ،‬ومـ ذلؽ مـ تؿام أدلتفؿ يف هذا الباب سد الذرائع ‪،‬‬
‫ف ُتؽره الؼبؾة و ُتؿـع خشقة أن يؼع يف الؿحظقر الذي جاء التصريح بالـفل طـف وهق الجؿاع ‪.‬‬

‫قال مالؽ رحؿف اهلل‬

‫ؾصائِ ِؿ]‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫[ َباب َما َجا َء فل الت َّْشديد فل ا ْل ُؼبْ َؾة ل َّ‬
‫وكلكف يريد أن يؼقل إن إحاديث السابؼة التل ذكركاها كاكت يف حؼ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬فنن‬
‫ققؾ ‪ :‬قد قال الرجؾ (إكؿا هذا لؽ يا رسقل اهلل ولست مثؾـا) فشدد الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يف ذلؽ‪.‬؟‬
‫فالجقاب‪ :‬أكف أورد أحاديث تدل طؾك أكف كان طؾقف الصالة والسالم أمؾؽ لـػسف مـ غقره ‪ ،‬والخشقة‬
‫طؾك غقره أكثر ‪ ،‬هذا الؿراد‪.‬‬

‫قال‬

‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ كَاك َْت‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫[حدَّ َثـل َي ْح َقك َط ْـ َمالؽ أَكَّ ُف بَ َؾ َغ ُف أَ َّن َطائ َش َة َز ْو َج الـَّبِ ِّل َص َّؾك ُ‬‫َ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ ُي َؼبِّ ُؾ َو ُه َق َصائِ ٌؿ َت ُؼ ُ‬
‫قل َوأَ ُّي ُؽ ْؿ َأ ْم َؾ ُؽ‬ ‫ت أَ َّن رس َ ِ‬ ‫إِ َذا َذك ََر ْ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ُ‬
‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ]‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ ِ ِ‬
‫لـَ ْػسف م ْـ َر ُسقل اهلل َص َّؾك ُ‬
‫وأصؾ الحديث يف الصحقح قالت (كان طؾقف الصالة والسالم يؼبؾ وهق صائؿ وكان أمؾؽؽؿ إلربف)‪،‬‬
‫واإلرب يطؾؼ طؾك معـققـ ‪:‬‬
‫الؿعـك إول ‪ :‬وهق الحاجة‪.‬‬
‫والؿعـك الثاين‪ :‬العضق والؿراد بف الذكر خاصة‪ ،‬كؿا قال أهؾ العؾؿ‪.‬‬

‫صح ووصؾف أهؾ العؾؿ ‪ ،‬وجاء يف الصحقح‬


‫فنيراده لفذا إثر وإن كان ذكره اإلمام مالؽ بالغا‪ ،‬لؽـ ّ‬
‫مقصقٓ ثابتا ‪ ،‬وأهنا قالت (كان طؾقف الصالة والسالم يؼبؾ وهق صائؿ وكان أمؾؽؽؿ إلربف) أي لحاجتف‬
‫أو لعضقه ‪ ،‬ففذا فقف إشارة مـ مالؽ مـ باب آحتقاط‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫قال يحقك‪:‬‬

‫ؾصائِ ِؿ‬ ‫ِ‬ ‫[ َق َال َي ْح َقك َق َال َمالِؽ َق َال ِه َشا ُم ْب ُـ ُط ْر َو َة َق َال ُط ْر َو ُة بْ ُـ ُّ‬
‫الز َب ْق ِر َل ْؿ أَ َر ا ْل ُؼ ْب َؾ َة ل َّ‬
‫َتدْ ُطق إِ َلك َخقْ ٍر]‬
‫يعـل إذا ق ّبؾ فؾربؿا هشت كػسف أو مالت كػسف إلك شلء ‪ ،‬فال يؽقن قد أتك بعدها شقئ مـ الخقر ‪،‬‬
‫ؾصائِ ِؿ َتدْ ُطق إِ َلك َخ ْق ٍر) وهذا‬ ‫ِ‬
‫ولربؿا يؼع يف الؿحظقر أو لربؿا يخرج مـف شلء ‪ ،‬ولفذا قال (لؿ أَ َر ا ْل ُؼ ْب َؾ َة ل َّ‬
‫فقف اإلشارة أن مـ ققل طروة أكف يرى أن إولك أن ٓ يػعؾ ذلؽ الصائؿ ‪.‬‬

‫ار أَ َّن َطبْدَ اهللِ بْ َـ َطبَّا ٍ‬


‫س‬ ‫[و حدَّ َثـِل َطـ مالِؽ َطـ َزي ِد ب ِـ َأس َؾؿ َطـ َط َط ِ‬
‫اء بْ ِـ َي َس ٍ‬ ‫ْ ْ ْ ْ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫اب]‬ ‫ؾش ِّ‬‫ؾش ْقخِ َوك َِر َه َفا ل ِ َّ‬
‫ص فِق َفا ل ِ َّ‬ ‫سئِ َؾ َطـ ا ْل ُؼب َؾ ِة ل ِ ِ‬
‫ؾصائ ِؿ َفلَ ْر َخ َ‬
‫َّ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ُ‬
‫هذا فقف تػصقؾ آخر ‪ ،‬ومرجعف إلك مـ يؿؾؽ كػسف مؿـ لؿ يؿؾؽ ‪ ،‬فنذكف فقفا لؾشقخ ٕن الغالب طؾقف‬
‫يؿؾؽ كػسف ‪ ،‬وٓ َأرب لف يف شلء إٓ طؾك ق ّؾة ‪ ،‬بخالف الشاب فإمر يف حؼف أشد وأكثر مـ الشقخ ‪،‬‬
‫فقجف التػريؼ هق‪ :‬مـ يؿؾؽ كػسف مؿـ ٓ يؿؾؽ كػسف ‪ ،‬وإكؿا ذكر هذا ابـ طباس رضل اهلل طـفؿا مـ‬
‫باب الغالب ‪ ،‬وإٓ فؼد يـعؽس إمر ‪.‬‬

‫ومثؾ هذا جاء طـ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أكف أذن لؾشقخ دون الشاب ‪ ،‬وذكر العؾؿاء أن الؿراد‬
‫اإلشارة إلك مـ يؿؾؽ كػسف دون مـ ٓ يؿؾؽ كػسف بدلقؾ حديث طائشة (كان أمؾؽؽؿ إلربف)‪.‬‬

‫[و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َط ْـ كَافِ ٍع َأ َّن َط ْبدَ اهللِ ْب َـ ُط َؿ َر كَا َن َيـْ َفك َط ْـ ا ْل ُؼبْ َؾ ِة َوا ْل ُؿ َب َ‬
‫اش َر ِة‬
‫ؾصائِ ِؿ]‬‫ل َّ‬
‫ِ‬

‫لؽـ كؼقل قد جاء يف الحديث ما يدل طؾك جقاز ذلؽ طـ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬وحؽك ذلؽ طـف‬
‫أم سؾؿة وطائشة رضل اهلل طـف ‪ ،‬وذكرت طائشة ذلؽ ٓبـ أخقفا طبد اهلل ابـ طبد الرحؿـ وكان شابا ‪،‬‬
‫فؼالت (ما يؿـعؽ أن تؼبؾ وأن تالطب) وهذا مؿا يدل طؾك الجقاز ‪ ،‬لؽـ بؼقد أن يؿؾؽ كػسف ‪ ،‬ومـ‬
‫خشل طؾك كػسف فنكف ٓ يػعؾ ‪ ،‬بدلقؾ حديث طائشة (وكان أمؾؽؽؿ إلربف)‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫فلما إذا فعؾ شقئا مـ ذلؽ فنن أمـك فجؿفقر العؾؿاء يؼقلقن إن طؾقف الؼضاء ‪ ،‬بؾ قال مالؽ بؾ يؼضل‬
‫ويؽ ّػر ‪ ،‬فعؾقف الؼضاء والؽػارة ‪ ،‬وأما إذا أمذى فعـد مالؽ الؼضاء ‪ ،‬وأكثر أهؾ العؾؿ أكف ٓ شلء طؾقف‪،‬‬
‫ومتلخروا الؿالؽقة مـ أهؾ بغداد وغقرهؿ يرون يف الؿذي طدم الؼضاء فالؿـؼقل طـ مالؽ يف مـ ق ّبؾ‬
‫فلمـك أكف تؾزمف الؽ ّػارة والؼضاء ‪ ،‬ويف مـ قبؾ فلمـك الؼضاء والؽػارة ‪ ،‬أما مـ أمذى فقؾزمف الؼضاء ‪،‬‬
‫ويف ققل الؿتلخريـ مـ أصحاب الؿذهب ٓ يؾزمف الؼضاء‪.‬‬

‫وحاصؾ ما يذكر مـ فؼف يف هذا الباب ‪ ،‬أن الؼبؾة جائزة لؾصائؿ ‪ ،‬وكذا الؿباشرة بدلقؾ ققلف طؾقف‬
‫الصالة والسالم لعؿر ‪ ،‬وقد ذكر لف الؿضؿضة ‪ ،‬فالؿضؿضة بداية الشرب وكذلؽ هذا يف حؼ الؼبؾة‬
‫والؿباشرة بداية الجؿاع ‪ ،‬فؿادام قد جاز ه ذا فذلؽ أيضا جائز ‪ ،‬لؽـ ٓ يبالغ يف الؿضؿضة وٓ يف‬
‫آستـشاق ‪ ،‬كؿا قال صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (وبالغ يف آستـشاق إٓ أن تؽقن صائؿا) ‪ ،‬وذاك احتقاصا‬
‫ومـعا مـ أن يتسرب الؿاء إلك جقفف فقؼع يف محظقر ‪ ،‬فؽذلؽ يف حؼ الؼبؾة والؿباشرة ٓ يبالغ يف ذلؽ‬
‫خشقة أن ٓ يؿؾؽ كػ سف وٓ يؿؾؽ إربف كؿا قال أهؾ العؾؿ ‪ ،‬فذلؽ فعؾف جائز ‪ ،‬لؽـ إن رأى مـ كػسف‬
‫طدم إمساك وطدم تؼقي طؾك إمالك كػسف فال يػعؾ ذلؽ ويجتـب ‪.‬‬

‫وٓ يجقز لف أن يتؿادى إلك أن يصؾ إلك هذه الدرجة وهل درجة اإلمـاء أو درجة اإلمذاء فنن ذلؽ‬
‫تجاسر طؾك حرمة رمضان‪ .‬واهلل تعالك أطؾؿ‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫[شرح كتاب الصقام مـ مقصل اإلمام مالؽ]‬

‫لػضقؾة الشقخ أبل طبد الرحؿـ محؿد بـ خدة الجزائري‬

‫(( الؿجؾس الرابع ))‬

‫الحؿد هلل رب العالؿقـ وصؾك اهلل وسؾؿ وبارك طؾك كبقف إمقـ ‪ ،‬محؿد وطؾك آلف وصحبف ومـ‬
‫اهتدى هبديف إلك يقم الديـ ‪ .‬أما بعد‪:‬‬
‫فنن خقر الؽالم كالم اهلل جؾ وطال ‪ ،‬وخقر الفدى هدى محؿد صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬وشر إمقر‬
‫محدثاهتا ‪ ،‬وكؾ محدثة بدطة ‪ ،‬وكؾ بدطة ضاللة ‪ ،‬وكؾ ضاللة يف الـار‪ ،‬وبعد‪:‬‬

‫قال اإلمام مالؽ رحؿة اهلل طؾقف يف كتابف الؿقصل‬

‫الس َػ ِر]‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الصقَا ِم فل َّ‬
‫[بَاب َما َجا َء فل ِّ‬

‫قال‪:‬‬

‫[حدَّ َثـِل َي ْح َقك َط ْـ َمالِؽ]‬


‫َ‬
‫قؾـا الؼائؾ حدثـل يحقك ‪ ،‬أحد الرواة طـف ‪ ،‬قد روى طـف ُكثر ومـفؿ ابـف طبقد اهلل ‪ ،‬كؿا أرسؾ بعضؽؿ يف‬
‫القرقة‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫اب َط ْـ ُطبَقْ ِد اهللِ بْ ِـ َطبْ ِد اهللِ بْ ِـ ُطتْبَ َة ْب ِـ‬ ‫[ َحدَّ َثـِل َي ْحقَك َط ْـ َمالِؽ َط ْـ ا ْب ِـ ِش َف ٍ‬

‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َخ َر َج إِ َلك َم َّؽ َة‬ ‫اس أَ َّن رس َ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ٍ‬


‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َم ْس ُعقد َط ْـ َطبْد اهلل ْب ِـ َط َّب ٍ َ ُ‬
‫َّاس َوكَاكُقا َيلْ ُخ ُذو َن‬ ‫ِ‬ ‫َطا َم ا ْل َػتْحِ فِل َر َم َض َ‬
‫ان َف َصا َم َحتَّك بَ َؾ َغ ا ْل َؽديدَ ُث َّؿ َأ ْف َط َر َف َل ْف َط َر الـ ُ‬

‫‪62‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ]‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫بِ ْإ َ ْحدَث َف ْإ َ ْحدَث م ْـ َأ ْم ِر َر ُسقل اهلل َص َّؾك ُ‬
‫ققلف رحؿف اهلل (باب ما جاء يف الصقام يف السػر) أي باب ما ورد فقؿا يتعؾؼ مـ إحؽام بالصقام حقـ‬
‫السػر‪ ،‬باب ما جاء مـ إحاديث الؿتعؾؼة بلحؽام الصقام يف السػر ‪ ،‬وقؾـا إن مـ شروط وجقب‬
‫الصقام اإلقا مة ‪ ،‬فنكؿا يجب الصقام طؾك الؿؼقؿ ‪،‬وٓ يجب طؾك الؿسافر ‪ ،‬بخالف شروط الصحة ‪،‬‬
‫شرط القجقب غقر شرط الصحة ‪ ،‬ماهق الػرق بقـفؿا؟ أقرب ضابط لؾتػريؼ بقـ شرط القجقب‬
‫وشرط الصحة أن إصؾ يف شرط القجقب أكف مـ خطاب القضع ‪ ،‬وشرط الصحة مـ خطاب‬
‫التؽؾقػ ‪ ،‬كؾ مـفؿا خطاب شرطل ! شرط الصحة مـ خطاب التؽؾقػ وشرط الصحة مـ خطاب‬
‫القضع ‪ ،‬والػرق بقـ خطاب القضع وخطاب التؽؾقػ ‪ ،‬أن خطاب التؽؾقػ ُيؽ َّؾػ فقف الشخص بذلؽ‬
‫وهق يستطقع ‪ ،‬وأما خطاب القضع فؾقس مؽؾػا بف وقد يستطقعف وقد ٓ يستطقعف ‪ ،‬هذا أقرب ضابط‬
‫لؾتػريؼ بقـ شرط القجقب وشرط الصحة‪.‬‬

‫فؿـ شروط القجقب ‪-‬طؾك مـ يجب الصقام؟‪ -‬يجب طؾك البالغ العاقؾ الصحقح ‪ ،‬يجب طؾك البالغ‬
‫فال يجب طؾك الصبل ‪ ،‬يجب طؾك العاقؾ فال يجب طؾك الؿجـقن ‪ ،‬يجب طؾك الصحقح فال يجب‬
‫طؾك الؿريض ‪ ،‬يجب طؾك الؿؼقؿ فال يجب طؾك الؿسافر ‪ ،‬الخالقة مـ حقض وكػاس فال يجب طؾك‬
‫الحائض أو الـػساء وٓ يصح كذلؽ ‪.‬‬

‫اإلسالم هؾ هق شرط صحة أو شرط وجقب ؟ الصقاب أكف شرط صحة ولقس شرط وجقب طؾك‬
‫الؼقل بلن الؽافر مخاصب بػروع الشريعة ‪ ،‬مخاصب باإليؿان وبػروع الشريعة ‪ ،‬مخاصب بػروع‬
‫الشريعة وبؿا ٓ يصح إٓ هبا وهق اإليؿان‪.‬‬

‫شروط الصحة ما هل شروط صحة الصقام؟ شرط الصحة أن ٓ تؽقن الؿرأة حائضا وٓ كػساء ‪،‬‬
‫واإلسالم ‪ ،‬واإلتقان بالصقام شرصف ‪ ،‬وهق آمتـاع طـ شفقيت الػرج والبطـ مـ صؾقع الػجر إلك‬
‫غروب الشؿس‪.‬‬
‫إذن فالسػر شرط يف القجقب ولقس شرصا يف الصحة ‪ ،‬وبالتالل إذا صام الؿسافر كان صقامف صحقحا ‪.‬‬

‫إذن قال (باب ما جاء يف الصقام يف السػر) باب ذكر بعض إحاديث التل تتعؾؼ بلحؽام الصقام يف‬
‫السػر‪ ،‬ماذا يذكر أهؾ العؾؿ هـا ؟ يذكرون حؽؿ الصقام يف السػر ‪ ،‬ويذكرون هؾ يجزيف ذلؽ أو ٓ؟‬

‫‪63‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ويذكرون أيفؿ أفضؾ؟ الصقام أم الػطر؟ ويذكرون ماهق السػر الذي يبقح الػطر ؟ ويذكرون متك يػطر‬
‫الؿسافر ويذكر ون متك يؿسؽ الؿسافر ‪ ،‬ويذكرون أيضا هؾ يصح أن يـشئ السػر إذا مر بف بعض الشفر‬
‫أي يف وسط الشفر؟ ويذكرون إذا أفطر يف ذلؽ فؿاذا طؾقف؟‬
‫هذا يف الجؿؾة ما يتعؾؼ بؿا يذكر مـ أحؽام يف حؼ صقام الؿسافر‪.‬‬

‫إذن قال‬

‫السػر)حدَّ َثـِل َي ْح َقك َط ْـ َمالِؽ َط ْـ ابْ ِـ ِش َف ٍ‬


‫اب]‬ ‫َ‬ ‫[(باب ما جاء يف الصقام يف‬
‫محؿد بـ مسؾؿ بـ شفاب الزهري‬

‫قل اهللِ‬ ‫قد َط ْـ َطبْ ِد اهللِ بْ ِـ َطبَّ ٍ‬


‫اس َأ َّن َر ُس َ‬ ‫[ َطـ ُطبق ِد اهللِ ب ِـ َطب ِد اهللِ ب ِـ ُطتْب َة ب ِـ مسع ٍ‬
‫َ ْ َْ ُ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ َْ‬
‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ َخ َر َج إ ِ َلك َم َّؽ َة َطا َم ا ْل َػتْحِ ]‬
‫َص َّؾك ُ‬
‫طام الػتح السـة الثامـة مـ الفجرة‬

‫[فِل َر َم َضا َن ]‬
‫إذن خرج صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ إلك مؽة يف رمضان ‪ ،‬معـاه يف شفر رمضان ‪ ،‬خرج قبؾ دخقل الشفر أو‬
‫بعد دخقل الشفر أو يف ّأول الشفر؟ خرج يف دخقل الشفر ‪ ،‬يف العشرية إولك مـ الشفر ‪ ،‬خرج طؾقف‬
‫الصالة والسالم يف الققم العاشر ‪ ،‬خرج إلك مؽة يف رمضان‪.‬‬

‫[ َف َصا َم ]‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬إذن هذا يدل طؾك أكف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬قد صام بعض الشفر يف محؾ إقامتف‬
‫‪ ،‬ويدل طؾك أكف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ سافر يف أثـاء الشفر ‪ ،‬ويدل طؾك أكف أكشل السػر يف أثـاء الشفر ‪،‬‬
‫ويدل طؾك أكف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ صام وهق مسافر ‪.‬‬

‫[حتَّك َب َؾ َغ ا ْل َؽ ِديدَ]‬
‫َ‬

‫‪64‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫يعـل صام كؿ مـ يقم ( َحتَّك بَ َؾ َغ ا ْل َؽ ِديدَ ) الؽديد قريبة مـ طسػان ‪ ،‬وإن كان الؽديد أقرب إلك الؿديـة‬
‫مـ طسػان ‪ ،‬تبعد طؾقفا قؾقال ‪،‬إذن كؿ يلخذ مـ يقم مـ الؿديـة إلك الؽديد يلخذ وقتا!‬

‫لؿا خرج مـ الؿديـة إلك مؽة كؿ استغرق؟ تسعة أيام ‪،‬‬


‫الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ طام حجة القداع ّ‬
‫خرج يقم الخامس والعشريـ أو السادس والعشريـ ‪ ،‬ووصؾ صبقحة الرابع مـ ذي الحجة ‪.‬‬

‫إذن مـ الؿديـة إلك الؽديد يلخذ وقتا وأياما ‪ ،‬فلفطر أياما ‪ ،‬فؼقلف (فصام حتك بؾغ الؽديد) لقس خرج‬
‫مـ الؿديـة صا ئؿا فؾؿا بؾغ مـطؼة الؽديد أفطر ‪ ، ٓ ،‬وإكؿا صام يقما ويقما ويقما ‪ ..‬فالققم الذي بؾغ فقف‬
‫الؽديد ‪ ،‬أو كؿا جاء يف بعض الروايات (طسػان) ‪ ،‬وهق مـ إصالق طسػان طؾك مـطؼة الؽديد ‪ ،‬أو كؿا‬
‫جاء يف رواية (كراع الغؿقؿ) وهل مـاصؼ قريبة بعضفا مـ بعض‪.‬‬

‫ِ‬
‫[حتَّك َب َؾ َغ ا ْل َؽديدَ ُث َّؿ َأ ْف َط َر َف َل ْف َط َر الـ ُ‬
‫َّاس ]‬ ‫َ‬
‫إذن (ثؿ أفطر) دلقؾ طؾك أكف كان يصقم يف سػره ‪( ،‬ثؿ أفطر) صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يف سػره ‪ ،‬فقدل طؾك‬
‫أكف صام يف السػر وطؾك أكف أفطر يف السػر ‪ ،‬وقد يدل طؾك أكف ‪-‬أيضا‪ -‬أصبح صائؿا ثؿ أفطر ‪ ،‬وهذا‬
‫سقليت ذكر شاهد لف ‪ ،‬يف صرق الحديث هذه كػسفا ‪ ،‬ويف روايات أخرى أيضا يف الصحقح‪.‬‬

‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ]‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ون بِ ْإ َ ْحدَث َف ْإ َ ْحدَث م ْـ َأ ْم ِر َر ُسقل اهلل َص َّؾك ُ‬
‫[وكَاكُقا َيلْ ُخ ُذ َ‬
‫َ‬
‫قل اهللِ‬
‫دَث مِ ْـ َأ ْم ِر َر ُس ِ‬
‫ث َف ْإَح ِ‬
‫ون بِ ْإَحدَ ِ‬
‫وهذا الحديث رواه البخاري ومسؾؿ ‪ ،‬ققلف ( َوكَاكُقا َي ْل ُخ ُذ َ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ) هذا مدرج مـ كالم الزهري‪ ،‬والؿدرج مـ أدرج أدخؾ الشلء يف الشلء ‪،‬‬ ‫َص َّؾك ُ‬
‫والؿراد بف ‪ :‬ما يزاد يف الحديث مؿا لقس مـف ويليت يف أولف وآخره ويف وسطف‪ ،‬هذا يف آخر الحديث‪.‬‬

‫والؿدرجات يف الحديث ما أتت *** مـ بعض ألػاظ الرواة اتصؾت‪.‬‬

‫أن يزاد يف الحديث ‪ ،‬ولقس أن يتعؿد الراوي الزيادة ٓ! وإكؿا يذكر الراوي كؾؿة تساق مع الحديث ‪،‬‬
‫فؼد ٓ يـتبف لفا الراوي فقرويفا مع الحديث ‪ ،‬ويليت بعده مـ قد يغػؾ طـ ذلؽ ‪ ،‬فقرويفا أهنا مـ ققل‬
‫رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أو مـ ققل الصحابل أو مؿا ُكؼؾ طـ الصحابل أو طـ الـبل صؾك اهلل‬
‫طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬وهل لقست كذلؽ ‪ ،‬ولف صرق يف معرفتف كؿا قال وبقـ أهؾ الحديث‪.‬‬

‫‪65‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ث مِ ْـ َأ ْم ِر َر ُس ِ‬
‫قل‬ ‫ث َف ْإَحدَ ِ‬
‫ْ‬
‫ون بِ ْإَحدَ ِ‬
‫ْ‬ ‫ففـا جاء يف رواية صريحة صحقحة أن الزهري قال ( َوكَاكُقا َي ْل ُخ ُذ َ‬
‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ)‪.‬‬ ‫ِ‬
‫اهلل َص َّؾك ُ‬

‫أوٓ ‪ :‬حؽؿ الصقام يف السػر ‪ ،‬هؾ يجقز أو ٓ يجقز؟ جؿفقر العؾؿاء طؾك أكف يجقز الصقم يف السػر ‪،‬‬
‫قال جؾ وطال { َف َؿـ كَا َن مِـ ُؽؿ َّم ِريضًا َأ ْو َط َؾك َس َػ ٍر َف ِع َّد ٌة ِّم ْـ َأ َّيا ٍم ُأ َخ َر} [ البؼرة‪ ، ]951/‬قال ابـ حزم ‪:‬‬
‫اهلل جؾ وطال جعؾ الؿؽؾػ أ حد اثـقـ ‪ ،‬مـ يشفد الشفر ومـ ٓ يشفده ‪ ،‬بؿعـك ٓ يؽقن مؼقؿا ‪ ،‬قال‬
‫{ َف َؿـ َش ِفدَ مِـ ُؽ ُؿ َّ‬
‫الش ْف َر َف ْؾقَ ُص ْؿف} [ البؼرة‪ ]952/‬الؿؼقؿ ‪ ،‬أما الؿسافر فؼال فقف { َو َمـ كَا َن َم ِريضًا أَ ْو‬
‫َط َؾك َس َػ ٍر َف ِعدَّ ٌة ِّم ْـ َأ َّيا ٍم ُأ َخ َر} [ البؼرة‪ ]952/‬فؼال ‪ ٓ :‬يجقز لؾؿسافر أن يصقم ‪ ،‬وإن صام ٓ يجزيف‬
‫كؿا سقليت ‪ ،‬وهذا طؾك خالف ما قالف جؿفقر العؾؿاء وهق أكف ‪ :‬لف أن يصقم بدلقؾ هذا الحديث ‪ ،‬وهق‬
‫أكف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ خرج مـ الؿديـة وهق صائؿ ‪ ،‬وصام ‪ ،‬وصام ‪ ،‬وصام ‪ ...‬حتك بؾغ مـطؼة‬
‫الؽديد ثؿ بعد ذلؽ أفطر طؾقف الصالة والسالم ‪ ،‬فدل الحديث طؾك أكف يصح صقم الؿسافر ‪ ،‬فنن قال‬
‫كؿا قال ابـ حزم رحؿف اهلل ‪ :‬وكقػ تػعؾقن بأية؟ { َف َؿـ كَا َن مِـ ُؽؿ َّم ِريضًا َأ ْو َط َؾك َس َػ ٍر َف ِعدَّ ٌة ِّم ْـ َأ َّيا ٍم‬
‫ُأ َخ َر} [ البؼرة‪ ،]951/‬يعـل أكتؿ‪ ،‬أكتؿ تؼدّ رون يف أية (مـ كان مـؽؿ مريضا أو طؾك سػر) فلفطر (فعدّ ة‬
‫مـ أيام أخر )‪ ،‬قال الجؿفقر‪ :‬كعؿ ٓبد مـ التؼدير لفذا الؿعـك ‪ ،‬قال ابـ حزم‪ :‬مـ أيـ جئتؿ بف؟‬
‫وإصؾ إذا دار إمر بقـ التؼدير وطدمف أن ٓ كؼدّ ر ‪ ،‬هذا هق إصؾ كؿا هق مؼرر طـد أهؾ العؾؿ ‪،‬‬
‫فؼال العؾؿاء ‪ :‬الذي دطاكا إلك هذا التؼدير هق مجؿقطة هذه إحاديث ‪ ،‬حديث جابر وحديث ابـ‬
‫طباس وحديث أبل سعقد الخدري وحديث أكس وحديث طائشة ‪...‬الخ وغقرها مـ إحاديث الؽثقرة‬
‫صقم‬
‫التل فقفا أكف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ سافر وصام ‪ ،‬وسافر الصحابة وصامقا ‪ ،‬وكاكقا يسافرون وكؾفؿ ّ‬
‫‪ ،‬وكاكقا يسافرون يصقم بعضفؿ وبعضفؿ ٓ يصقم ‪ ،‬وٓ يعقب هذا طؾك ذاك وٓ ذاك طؾك هذا ‪..‬الخ ‪.‬‬

‫فنذن صام الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يف السػر ‪ّ ،‬‬


‫فدل طؾك أكف يصح ‪ ،‬وصام الصحابة فدل طؾك أكف يصح‬
‫‪ ،‬وأفطر كثقر مـ الصحابة ولؿ يؽـ صائؿا إٓ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ وطبد اهلل بـ رواحة ‪ ،‬فدل‬
‫طؾك صحة الصقام يف السػر ‪.‬‬

‫إذن ال جؿفقر يؼقلقن ‪ :‬يجقز لؾؿسافر أن يصقم ‪ ،‬وطؾك هذا حؽؿ صقامفؿ ‪ ،‬ثؿ بعد هذا يجزيف أو ٓ ؟‬
‫يجزيف { َف َؿـ كَا َن مِـ ُؽؿ َّم ِريضًا َأ ْو َط َؾك َس َػ ٍر} فلفطر{ َف ِعدَّ ٌة ِّم ْـ َأ َّيا ٍم ُأ َخ َر}‪ ،‬إن لؿ يػطر وصام فال قضاء‬
‫طؾقف ‪ ،‬ابـ حزم يؼقل ٓ يصقم وإن صام ٓ ُيؼبؾ مـف ٓ بد وأن يؼضقف‪.‬‬

‫‪66‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫كؼقل‪ :‬إحاديث وسـة الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قد دلت طؾك خالف ذلؽ ‪ ،‬وأن صقم الؿسافر جائز‬
‫ويصح ‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫ان َف َصا َم َحتَّك بَ َؾ َغ ا ْل َؽ ِديدَ]‬


‫[خ َر َج إ ِ َلك َم َّؽ َة َطا َم ا ْل َػتْحِ فِل َر َم َض َ‬
‫َ‬
‫إذن خرج يف أثـاء رمضان ‪ ،‬ففذا يدل طؾك أكف يجقز أن ُيسافر يف أثـاء رمضان ‪ ،‬فؿـ أدركف الشفر وصام‬
‫مـف يقم أو يقمقـ أو بعض إيام أو شلء مـ ذلؽ وأراد أن يسافر جاز لف أن يسافر ‪ ،‬فػقف جقاز السػر يف‬
‫رمضان ‪ ،‬و ُيرد طؾك مـ مـع ذلؽ وقال ٓ يسافر‪ ،‬كؿا أكف ُيرد طؾك مـ قال بلن مـ صام يف السػر ٓ‬
‫يجزيف ‪ ،‬هذا خالف ما دل طؾقف الحديث وأحاديث أخرى وهل كثقرة ‪.‬‬

‫[ ُث َّؿ َأ ْف َط َر ]‬
‫استػاد بعض العؾؿاء أن هذا دلقؾ طؾك تػضقؾ الػطر ‪ٕ ،‬كف قال الزهري (فلفطر ثؿ أفطر الـاس وكاكقا‬
‫يلخذون بإحدث فإحدث مـ أمر رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ) أي كان آخر إمريـ هق الػطر ‪،‬‬
‫وكاكقا يلخذون بآخر إمر ‪ ،‬وآخر إمر كان الػطر إذن فؼد أفطر طؾقف الصالة والسالم ‪ ،‬فقؽقن الػطر‬
‫هق إفضؾ ‪ ،‬هذا هق الؿؼصقد ‪.‬‬

‫أيفؿ أفضؾ؟ ماهق إفضؾ هؾ هق الػطر أو الصقم؟ خالف بقـ العؾؿاء طؾك أربعة أققال‪:‬‬

‫‪ = 9‬فؿـفؿ مـ يرى أن الػطر أفضؾ وهق ققل اإلمام أحؿد رحؿف اهلل تعالك وإوزاطل وإسحاق بـ‬
‫راهقية وهق مـؼقل طـ ابـ طباس والشعبل وطؿر بـ طبد العزيز ومجاهد وقتادة ‪ ،‬و ُكؼؾ طـ ابـ طباس‬
‫ققلف (الرخصة أفضؾ)‪.‬‬

‫‪ = 7‬واختار بعضفؿ الصقم أفضؾ وهق مـؼقل طـ طثؿان بـ أبل العاص ‪ ،‬وأكس بـ مالؽ ‪ ،‬وهق ققل‬
‫أبل حـقػة ومالؽ والثقري ورواية طـ الشافعل‪.‬‬

‫‪ =9‬وقا ل بعضفؿ بالتخققر ‪ ،‬إن شاء أفطر وإن شاء صام ‪ ،‬وهق مـؼقل طـ الشافعل رحؿف اهلل ‪.‬‬

‫‪67‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫‪ = 1‬والؼقل الرابع وهق ققل طؿر بـ طبد العزيز ‪ ،‬ويـؼؾ أيضا طـ الزهري وغقره ‪ ،‬يـظر إلك أيفؿا أيسر‬
‫طؾقف ‪ ،‬فنن كان الصقم أيسر صام ‪ ،‬وإن كان الػطر أيسر أفطر ‪.‬‬

‫وهذه إققال أدلتفا واضحة ‪:‬‬


‫‪ =9‬فؿـ فضؾ الػطر أخذ هبذا الحديث (ثؿ أفطر فلفطر الـاس) وقد قال الزهري (كاكقا يلخذون‬
‫بإحدث فإحدث مـ أمر رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ) وكذلؽ ققلف طؾقف الصالة والسالم (لقس‬
‫مـ الرب الصقام يف السػر) وسقليت الؽالم طؾقف ‪ ،‬كذلؽ ققلف طؾقف الصالة والسالم (إن اهلل يحب أن تمتك‬
‫رخصف كؿا يحب أن تمتك طزائؿف) ويف رواية (كؿا يؽره أن تمتك معاصقف) فالرخصة أولك ‪ ،‬فؼالقا‬
‫بتػضقؾ الػطر ‪.‬‬

‫‪ = 7‬أما مـ فضؾ الصقم ففق أخذ بالعزيؿة ‪ ،‬وٕكف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ كان يصقم يف السػر ‪ ،‬وإكؿا‬
‫أفطر لبقان الجقاز ‪ ،‬ولؾدٓلة طؾك الجقاز‪.‬‬

‫‪ =9‬وأما مـ خ ّقر فدلقؾف حديث حؿزة بـ طؿرو إسؾؿل الذي سقليت إن شئت فصؿ وإن شئت فلفطر‪،‬‬
‫ففق مخقر‪.‬‬

‫‪ = 1‬أما مـ قال يـظر إلك إيسر دلقؾف حديث حؿزة بـ طؿرو إسؾؿل كػسف فؼد جاء يف رواية صحقحة‬
‫قال فقفا الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ لف بعدما قال (يا رسقل اهلل إين أسرد السػر أفلصقم؟) قال ‪-‬يف‬
‫رواية‪( -‬إن شئت فصؿ وإن شئت أفطر) ويف رواية قال (إن صؿت فحسـ وإن أفطرت فال جـاح طؾقؽ)‬
‫وهل رواية تميد مذهب مالؽ ‪ ،‬ويف رواية أخرى قال (اكظر إلك أيسرهؿا طؾقؽ فافعؾ) وهذه رواية‬
‫صحقحة ‪ ،‬ولفذا ففذا الؼقل أققى وأرجح يف الدلقؾ ‪ ،‬وهق أكف يـظر إلك إيسر طؾقف إن كان إيسر طؾقف‬
‫الصقم صام ‪ ،‬وإن كان إيسر طؾقف الػطر أفطر ٕكف يعسر طؾقف الصقم ‪ ،‬بدلقؾ ققل اهلل تعالك { َش ْف ُر‬
‫ان َف َؿـ َش ِفدَ مِـ ُؽ ُؿ َّ‬
‫الش ْف َر َف ْؾقَ ُص ْؿ ُف‬ ‫َ ْ‬
‫ٍ‬
‫َات مـ ا ْلفدَى وا ْل ُػر َق ِ‬
‫س َوبَقِّـ ِّ َ ُ‬
‫رم َضا َن ا َّل ِذي ُأ ِكز َل فِ ِ‬
‫قف ا ْل ُؼ ْرآ ُن ُهدًى ِّلؾـَّا ِ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫َو َمـ كَا َن َم ِريضًا َأ ْو َط َؾك َس َػ ٍر َف ِع َّد ٌة ِّم ْـ َأ َّيا ٍم ُأ َخ َر ُي ِريدُ ال ّؾ ُف بِ ُؽ ُؿ ا ْلقُ ْس َر َو َ‬
‫ٓ ُي ِريدُ بِ ُؽ ُؿ ا ْل ُع ْس َر} [‬
‫البؼرة‪ ، ] 952/‬إذن يف الصقم ويف الػطر يريد اهلل طز وجؾ بـا التقسقر ‪ ،‬فؾقػعؾ إيسر ‪ ،‬وقد قال الـبل‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (اكظر إلك أيفؿا أيسر فافعؾ) ويدل طؾقف أيضا ‪ ،‬أكف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ خرج يف‬
‫سػر فصام ‪ ،‬فلراد بعض الصحابة أن يصقم ‪ ،‬فؼال طؾقف السالة والسالم (إين أيسر مـؽؿ فلكا طؾك ضفر‬
‫وأكتؿ مشاة) فصام لتقسر إمر طؾقف ‪ ،‬والؿشاة تعبفؿ أشد ‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫فنن قال قائؾ ‪ ٓ :‬شؽ أن الػطر هق إيسر دائؿا ‪ ،‬متك كان الصقم أيسر مـ الػطر ؟ وبالتالل هذا الؼقل‬
‫يعقد إلك ققل اإلمام أحؿد وهق أن الػطر أفضؾ‪.‬‬

‫أققل‪ :‬مـ الـاس مـ ٓ يستطقع الصقم إٓ مع الـاس ‪ ،‬مـ الـاس مـ يصعب طؾقف الصقم لقحده ‪،‬‬
‫فقستلكس بصقم الـاس معف ‪ ،‬مـ الـاس مـ يطقؾ ويؽثر إسػار ‪ ،‬ولربؿا يتقسر لف إمر يف رمضان غقر‬
‫ما يتقسر لف يف غقره ‪ ،‬فنذن كؼقل ‪ :‬يػعؾ إيسر طؾقف ‪.‬‬

‫أما مـ قال الػطر أفضؾ واستدل بحديث فلفطر وأفطر الـاس وكاكقا يلخذون ‪..‬الخ ففذا فقف بقان جقاز‬
‫الػطر وجقاز الصقام ‪ ،‬فالـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ بعدما خرج هبؿ حتك بؾغقا وادي طسػان ‪-‬كؿا جاء‬
‫شؼ طؾقفؿ فلفطر طؾقفؿ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ رأفة هبؿ ‪ ،‬فدل ذلؽ طؾك أكف‬
‫يف رواية ‪ -‬رأى أهنؿ قد ّ‬
‫يجقز لف أن يػطر ‪ ،‬كؿا يجقز لف أن يصقم ‪ ،‬وأيضا يجقز لف لق بدأ السػر يف رمضان وصام يف أثـائف ‪ ،‬ثؿ‬
‫أراد وهق مسافر أن يػطر ‪،‬فنن ذلؽ جائز لف ‪.‬‬

‫يف رواية (إن صؿت فحسـ وإن أفطرت فال حرج) كؼقل هذه رواية ‪ ،‬وكذلؽ جاءت رواية أخرى تؼقل‬
‫(اكظر إلك أيسرهؿا طؾقؽ فافعؾف) وتميدها أية والرواية إخرى يف ققلف طؾقف الصالة والسالم (إين‬
‫أيسر مـؽؿ)‪.‬‬

‫أما مـ قال بالتخققر فؾؼقلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (صؿ إن شئت وأفطر إن شئت) فـؼقل أيضا ‪ُ :‬يرد طؾقف‬
‫بالرواية إخرى ‪ ،‬وأيضا دٓلة أية وققلف طؾقف الصالة والسالم (إين أيسر مـؽؿ)‪.‬‬

‫ققلف ‪:‬‬

‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ]‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬


‫ون بِ ْإ َ ْحدَث َف ْإ َ ْحدَث م ْـ َأ ْم ِر َر ُسقل اهلل َص َّؾك ُ‬
‫[وكَاكُقا َيلْ ُخ ُذ َ‬
‫َ‬
‫هذا فقف إشارة إلك ثبقت الـسخ يف حديث رسقل اهلل ‪ ،‬وإن كـا ٓ كؼقل هـا فقف كسخ أكف صام يف السػر ثؿ‬
‫أفطر فػطره يدل طؾك كسخ صقامف ٓ ‪ٕ ،‬كف ثبت أكف صام يف السػر ‪ ،‬وأهنؿ كاكقا يصقمقن فال يعقب‬
‫الصائؿ طؾك الؿػطر وٓ الؿػطر طؾك الصائؿ ‪ ،‬لؽـ ققل الزهري (كاكقا يلخذون بإحدث فإحدث)‬
‫دلقؾ طؾك أن السـة فقفا الـسخ‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫‪69‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫الر ْح َؿ ِـ َط ْـ َأبِل َب ْؽ ِر ْب ِـ َط ْب ِد‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫[و َحدَّ َثـل َط ْـ َمالؽ َط ْـ ُس َؿ ٍّل َم ْق َلك َأبِل َب ْؽ ِر ْب ِـ َط ْبد َّ‬
‫ِ‬

‫قل اهللِ َص َّؾك‬ ‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ أَ َّن َر ُس َ‬


‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َّ‬
‫ؾ‬ ‫ص‬ ‫َ‬
‫قل اهللِ‬
‫اب رس ِ‬
‫ض َأ ْص َح ِ َ ُ‬
‫الر ْح َؿ ِـ َط ْـ بَ ْع ِ‬ ‫َّ‬
‫َّاس فِل َس َػ ِر ِه َطا َم ا ْل َػتْحِ بِا ْل ِػ ْط ِر َو َق َال َت َؼ َّق ْوا ل ِ َعدُ ِّو ُك ْؿ َو َصا َم‬ ‫ِ‬
‫اهلل َط َؾقْف َو َس َّؾ َؿ َأ َم َر الـ َ‬
‫ُ‬
‫قل اهللِ‬ ‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َق َال َأبُق بَ ْؽ ٍر َق َال ا َّل ِذي َحدَّ َثـِل َل َؼدْ َر َأ ْي ُت َر ُس َ‬ ‫رس ُ ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ش َأ ْو مِ ْـ ا ْل َح ِّر ُث َّؿ‬
‫ب ا ْل َؿا َء َط َؾك َرأْ ِس ِف مِ ْـ ا ْل َع َط ِ‬ ‫ِ‬
‫اهلل َط َؾ ْقف َو َس َّؾ َؿ بِا ْل َع ْرجِ َي ُص ُّ‬
‫َص َّؾك ُ‬
‫َّاس َقدْ َصا ُمقا‬ ‫قل اهللِ إِ َّن َصائِ َػ ًة م ِ ْـ الـ ِ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َيا َر ُس َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ق َقؾ ل َر ُسقل اهلل َص َّؾك ُ‬
‫قل اهللِ ص َّؾك اهلل َط َؾق ِف وس َّؾؿ بِا ْل َؽ ِد ِ‬
‫يد َد َطا بِ َؼدَ حٍ‬ ‫ِحق َـ ُص ْؿ َت َق َال َف َؾ َّؿا كَا َن َر ُس ُ‬
‫ُ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫َف َش ِر َب َف َل ْف َط َر الـ ُ‬
‫َّاس]‬
‫ففذا حديث أيضا يف كػس الؼصة وهل قصة فتح مؽة ‪ ،‬ويف الحديث قال (طـ بعض أصحاب رسقل اهلل‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ) ولعؾ الؿراد هـا هق أبق سعقد الخدري رضل اهلل تعالك طـف ‪ ،‬والحديث هذا مسـد‬
‫وصحقح ‪ ،‬وٓ يضر كقكف لؿ يسؿ الصحابل ‪ٕ ،‬ن الصحابة كؾفؿ طدول ‪ ،‬كؿا قال أهؾ العؾؿ ‪،‬‬
‫فالحديث الذي جاء فقف (طـ بعض رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أن رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‬
‫قال كذا) هذا ٓ يضره شلء ‪ ،‬إكؿا اإلهبام وطدم العؾؿ يضر إن كان دون الصحابل ‪ ،‬أن يؼال ‪ :‬طـ رجؾ‬
‫طـ أبل هريرة ‪ ،‬أن يؼال‪ :‬طـ رجؾ طـ كافع طـ ابـ طؿر ‪ ،‬أو كحق ذلؽ ‪ ،‬أما إذا جاء فالن طـ فالن وقد‬
‫ُسؿل و ُطرف الراوي طؿـ صحب رسقل اهلل ‪ ،‬أو طـ أحد أصحاب رسقل اهلل ‪ ،‬أو طـ بعض مـ‬
‫صحب رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أن رسقل اهلل قال‪ ..‬فعدم ذكر اسؿ الصحابل ‪-‬ولقس طدم ذكر‬
‫الصحابل ٕكف إذا لؿ يذكر الصحابل صار مسللة أخرى ‪ ،‬طـ سعقد بـ الؿسقب قال قال رسقل اهلل!‬
‫سؼطت القاسطة بقـ سعقد وهق تابعل وبقـ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬الساقط هذا الذي سؼط مـ‬
‫السـد مـ هق؟ يحتؿؾ أن يؽقن صحابقا ‪ ،‬لؽـ يحتؿؾ أن يؽقن أيضا تابعقا ففذا مـ باب اإلرسال ‪،‬‬
‫لؽـ إذا ُذكر الصحابل ولؿ يسؿ ففذا ٓ يضر ٕن الصحابة كؾفؿ طدول ‪ ،‬وهل طؼقدة أهؾ السـة‬
‫والجؿاطة ‪ ،‬حتك الذي رآه ساطة أو لحظة ‪ ،‬فؾف بشرف تؾؽ الرؤية شرف طؾك مـ بعده ‪ ،‬وثبتت لف‬
‫العدالة ‪.‬‬
‫ففق حديث صحقح ٓ يضر فقف طدم تسؿقة الصحابل ‪ٕ ،‬ن الصحابة كؾفؿ طدول مجؿع طؾك ذلؽ طـد‬

‫‪71‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫أهؾ العؾؿ‪.‬‬

‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ َق َال أَبُق َب ْؽ ٍر َق َال ا َّل ِذي‬ ‫[و َق َال َت َؼقوا لِعدُ و ُكؿ وصام رس ُ ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َّ ْ َ ِّ ْ َ َ َ َ ُ‬ ‫َ‬
‫ب ا ْل َؿا َء َط َؾك َرأْ ِس ِف‬ ‫ِ‬ ‫حدَّ َثـِل َل َؼدْ ر َأي ُت رس َ ِ‬
‫اهلل َط َؾقْف َو َس َّؾ َؿ بِا ْل َع ْرجِ َي ُص ُّ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ْ َ ُ‬ ‫َ‬
‫قل اهللِ إِ َّن‬
‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ َيا َر ُس َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫مِـ ا ْلع َط ِ ِ‬
‫ش َأ ْو م ْـ ا ْل َح ِّر ُث َّؿ ق َقؾ ل َر ُسقل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫ْ َ‬
‫َّاس َقدْ َصا ُمقا ]‬ ‫َصائِ َػ ًة مِ ْـ الـ ِ‬
‫وٓشؽ أكف قد شؼ طؾقفؿ‬

‫[ َد َطا بِ َؼ َدحٍ َف َش ِر َ‬
‫ب َف َل ْف َط َر الـ ُ‬
‫َّاس]‬
‫وفقف اإلشارة إلك أكف قد يؽقن الػعؾ أبؾغ أثرا مـ الؼقل ‪ ،‬يعـل إذا قؾت لؾـاس افعؾقا كذا أو كذا ‪ ،‬قد ٓ‬
‫يؼع فقف مـ إثر كؿا لق أكؽ قؿت بذلؽ ‪.‬‬
‫وفقف تعؾقؿف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ لؾصحابة بالػعؾ ‪.‬‬
‫وفقف أن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أفطر أثـاء الققم ‪ ،‬يعـل كان يف بداية يقمف صائؿا ‪ ،‬ثؿ أفطر أثـاء ذلؽ‬
‫طؾقف الصالة والسالم ‪ ،‬وهذا واضح يف الحديث‪.‬‬

‫َس ب ِـ مال ِ ٍ‬
‫ؽ أَكَّ ُف َق َال َسا َف ْركَا َم َع‬ ‫[و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َط ْـ ُح َؿ ْق ٍد ال َّط ِقي ِ‬
‫ؾ َط ْـ أَك ِ ْ َ‬
‫الصائِ ُؿ َط َؾك ا ْل ُؿ ْػطِ ِر َو َٓ‬ ‫ِ‬ ‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ فِل َر َم َض َ‬ ‫ِ ِ‬
‫ب َّ‬ ‫ان َف َؾ ْؿ َيع ْ‬ ‫َر ُسقل اهلل َص َّؾك ُ‬
‫الصائِ ِؿ]‬ ‫ِ‬
‫ا ْل ُؿ ْػط ُر َط َؾك َّ‬
‫الحديث رواه البخاري ومسؾؿ ‪ ،‬وكذلؽ كان الصحابة رضل اهلل طـفؿ يػعؾقن ‪ ،‬فنذن فقف إثبات أهنؿ‬
‫الصائِ ِؿ) ولفذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الصائ ُؿ َط َؾك ا ْل ُؿ ْػط ِر َو َٓ ا ْل ُؿ ْػط ُر َط َؾك َّ‬
‫ب َّ‬
‫ِ‬
‫سافروا ‪ ،‬فؿـفؿ الصائؿ ومـفؿ الؿػطر ‪َ ( ،‬ف َؾ ْؿ َيع ْ‬
‫قال أكس يف مـ يسافر هؾ يػطر أو يصقم؟ قال (كـا كرى أكف إن ققي طؾك الصقم ففق حسـ ‪ ،‬وإن لؿ يؼق‬
‫طؾك الصقم فلفطر ففق حسـ) فنذن كان مـفؿ الصائؿ ومـفؿ الؿػطر ‪ ،‬فال يعقب الصائؿ طؾك الؿػطر ‪،‬‬
‫وٓ يعقب الؿػطر طؾك الصائؿ ‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫قال‪:‬‬
‫[و حدَّ َثـِل يحقك َطـ مالِؽ َطـ ِه َشا ِم ب ِـ ُطرو َة َطـ أَبِ ِ‬
‫قف أَ َّن َح ْؿ َز َة ْب َـ َط ْؿ ٍرو‬ ‫ْ ْ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫قل اهللِ إِكِّل َر ُج ٌؾ َأ ُصق ُم‬ ‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َيا َر ُس َ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ْإ َ ْس َؾؿ َّل َق َال ل َر ُسقل اهلل َص َّؾك ُ‬
‫الس َػ ِر]‬ ‫ِ‬
‫َأ َفلَ ُصق ُم فل َّ‬
‫ويف رواية (أسرد الصقم) وأكف كان كثقر السػر فؼال (أفلصقم يف السػر؟)‪.‬‬

‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ إِ ْن ِشئْ َت َف ُص ْؿ َوإ ِ ْن ِشئْ َت َفلَ ْفطِ ْر]‬ ‫[ َف َؼ َال َلف رس ُ ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫والحديث ورد يف الصحقحقـ وهذا فقف إشارة إلك التخققر بقـ الصقم أو الػطر ‪،‬وإن كان كؿا ذكرت‬
‫إفضؾ هق إيسر ‪.‬‬
‫ففذه إحاديث بؿجؿقطفا دلت طؾك جقاز السػر يف رمضان ‪ ،‬وفقف الرد طؾك مـ قال ٓ يسافر يف‬
‫رمضان! ‪ ،‬والرسقل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ سافر يف أثـائف‪.‬‬
‫كؿا فقف الرد طؾك مـ لؿ ير إجزاء الصقم لؾؿسافر‪ ،‬الحديث يدل طؾك جقازه وأكف يجزيف الصقم ‪.‬‬
‫وكذلؽ استػاد الجؿفقر التخققر بقـ الصقم أو الػطر‪.‬‬
‫وبعضفؿ أيضا استػاد أن الػطر أفضؾ‪.‬‬
‫وقؾـا إفضؾ هق إيسر طؾقف‪.‬‬
‫كؿا أن يف هذه إحاديث الرد طؾك مـ قال إذا استفؾ طؾقف الشفر ثؿ سافر فال يػطر ‪ ،‬الـبل صؾك اهلل‬
‫طؾقف وسؾؿ استفؾ طؾقف ا لشفر ودخؾ طؾقف الشفر ‪ ،‬فسافر وصام كؿا أكف أفطر كذلؽ ‪.‬‬
‫وفقف أيضا أكف إذا كقى الؿسافر الصقم ثؿ أفطر يف أثـاء يقمف ‪ ،‬هؾ يصح لف ذلؽ أو ٓ؟ إن كان لعذر فال‬
‫بلس ‪ ،‬أما إن كان لغقر طذر فؿالؽ يقجب طؾقف الؼضاء والؽػارة ‪ ،‬قال ٕكف مخ ّقر ‪ ،‬هق مسافر لف أن‬
‫يصقم أو يػطر ما دام اختار الصقم ثؿ أفطر أثـاءه فتؾزمف الؽػارة والؼضاء ‪ ،‬ويف رواية طـ مالؽ أكف ٓ‬
‫تؾزمف الؽػارة وإكؿا يؼضل فؼط ‪ ،‬وهق ققل أكثر أصحابف‪.‬‬
‫وقال طبد الؿؾؽ بـ حبقب ‪-‬مـ أصحاب مالؽ‪ -‬إن أفطر بإكؾ وكحقه فؿا طؾقف إٓ الؼضاء ‪ ،‬لؽـ لق‬
‫أفطر بجؿاع فالجؿاع ٓ يؼقيف يف السػر ‪ ،‬إكؿا الذي يؼقيف إكؾ ‪ ،‬فللزمف طـد ذلؽ الؼضاء والؽػارة‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وققل جؿفقر العؾؿاء أكف ٓ كػارة طؾقف ‪ ،‬وبف قال الشافعل والثقري وأبق حـقػة وسائر الػؼفاء رحؿة اهلل‬
‫تعالك طؾك الجؿقع ‪ ،‬قال الشافعل (لؿ أر بلسا أن يػطر الؿسافر بعد دخقلف يف الصقم) والحجة يف هذه‬
‫و اضحة يف الحديث الثاين‪ ،‬فؾؿا ققؾ لف‪ :‬صائػة مـ الـاس قد صامقا وكان قد بؾغ الؽديد دطا بؼدح‬
‫فشرب مـف ‪ ،‬يعـل كان قد بدأ يف الصقام صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬وهذا واضح يف الحديث ‪ ،‬فال تؾزمف طـد‬
‫ذلؽ الؽػارة ‪ ،‬وإكؿا يؾزمف الؼضاء كسائر الؿسافريـ إذا أفطروا يف رمضان ‪ ،‬يؾزمفؿ الؼضاء فؼط‪.‬‬

‫قال بعد ذلؽ‪:‬‬

‫الس َػ ِر]‬ ‫ِ‬ ‫[و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َط ْـ كَافِ ٍع َأ َّن َط ْبدَ اهللِ ْب َـ ُط َؿ َر ك َ‬
‫َان َٓ َي ُصق ُم فل َّ‬
‫هذا إثر رواه طبد الرزاق يف مصـػف كذلؽ ‪ ،‬يعـل يف كقكف لؿ يؽـ يصقم يف السػر ‪ ،‬أي فقف اإلشارة إلك‬
‫تػضقؾ الػطر ‪،‬وقد أشركا إلك أثره سابؼا‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫َان ُي َسافِ ُر فِل َر َم َضا َن َوكُ َساف ِ ُر‬


‫قف أَكَّ ُف ك َ‬ ‫[و حدَّ َثـِل َطـ مالِؽ َطـ ِه َشا ِم ب ِـ ُطرو َة َطـ أَبِ ِ‬
‫ْ ْ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َم َع ُف َفقَ ُصق ُم ُط ْر َو ُة َوكُ ْػط ُر ك َْح ُـ َف َال َي ْل ُم ُركَا بِ ِّ‬
‫الص َقا ِم]‬
‫هذا إثر أخر ‪ ،‬وهذا مـ فؼف مالؽ رحؿف اهلل حقث يصدر الباب بإحاديث ويذكر إحاديث إول‬
‫فإول ‪ ،‬فؾربؿا يشقر بالحديث إول إلك ما يػقد الؿعـك العام أو ما يحتاج إلك تػسقر ثؿ يتؾقه بعد ذلؽ‬
‫بتػسقر يف أحاديث أخرى ‪ ،‬ولربؿا أتك ببعض أثار التل فقفا تػسقر لألحاديث ‪ ،‬وبعدما ذكر هذه‬
‫إحاديث أشار إلك أ ثر فابـ طؿر مثال كان ٓ يصقم ويػطر ‪ ،‬فؽلكف يرى الػطر أفضؾ ‪ ،‬لؽـ رأى اإلمام‬
‫مالؽ أن الصقم أفضؾ أخذا بالعزيؿة ‪ ،‬ولحديث (إذا أفطرت فال حرج) أو (فال جـاح طؾقؽ)‪ ،‬وكذا أثر‬
‫طروة بـ الزبقر ‪ ،‬أكف كان يصقم وٓ يلمر الذيـ معف أن يصقمقا ‪ ،‬فؽاكقا يػطرون وٓ يـفاهؿ طـ الصقم ‪،‬‬
‫فػقف إشارة إلك تػضقؾ الصقم ‪.‬‬
‫وقؾـا إفضؾ مـ ذلؽ هق إيسر ‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫‪73‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫[ َباب َما َي ْػ َع ُؾ َم ْـ َق ِد َم مِ ْـ َس َػ ٍر َأ ْو أَ َرا َد ُه فِل َر َم َضا َن]‬


‫إكسان مسافر ‪ ،‬وكان راجعا إلك محؾ اإلقامة ‪ ،‬فؿاذا يػعؾ ؟ لف حال مـ حالقـ ‪ ،‬إما أن يؽقن وهق راجع‬
‫أفطر ثؿ رجع إلك محؾ إقامتف ودخؾ بؾدتف ‪ ،‬ففؾ لف أن يػطر أو يتؿ الصقم يؿسؽ؟‬
‫الحال الثاكقة إذا كان يعؾؿ أن غدا سقدخؾ بؾدتف ففؾ لف أن يب ّقت الػطر أو يؾزمف أن يب ّقت الصقام؟ ٕكف‬
‫يدري أكف يدخؾ بؾدتف يف هنار الققم فقؾزمف الصقام ٕكف يصقر مؼقؿا؟‬
‫أو أراده يف رمضان ‪ ،‬إذا أراد أن يسافر يف رمضان ‪ ،‬ففؾ لف ذلؽ؟ استفؾ طؾقف الشفر ففؾ لف أن يسافر‬
‫أثـاء الشفر ؟‬
‫وإذا كان لف أن يسافر يف أثـاء الشفر يف الؾقؾ هؾ يبقت كقة الصقم لغد أو ٓ يبقت ؟ هق أن يف اإلقامة ‪،‬‬
‫غدا يسافر يبقت كقة الصقام ؟ أو يبقت كقة اإلفطار؟‬
‫وطؾك ققل أكف يبقت كقة الصقام وأصبح صائؿا ففؾ لف أن يػطر بعد أن أصبح صائؿا؟‬
‫وطؾك أكف يبقت كقة اإلفطار إذا صؾع الػجر متك يػطر؟ هؾ بعد أن يخرج مـ بؾدتف أو يف بقتف ؟‬
‫هذا الؿؼصقد مـ هذا الباب ‪ ،‬وهل الؿسائر التل تذكر هفـا ‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫اب كَا َن إِ َذا كَا َن فِل َس َػ ٍر فِل‬ ‫خ َّط ِ‬ ‫[حدَّ َثـِل َي ْح َقك َط ْـ َمالِؽ أَكَّ ُف بَ َؾ َغ ُف أَ َّن ُط َؿ َر ْب َـ ا ْل َ‬
‫َ‬
‫اخ ٌؾ ا ْل َؿ ِديـ َ َة م ِ ْـ َأ َّو ِل َي ْقمِ ِف َد َخ َؾ َو ُه َق َصائِ ٌؿ]‬ ‫رم َضا َن َفعؾِؿ أَكَّف د ِ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫َ َ‬
‫وهذا هق الؿستحب طـد جؿاطة مـ العؾؿاء ‪ ،‬أن يدخؾ مادام يعؾؿ أكف يدخؾ ‪ ،‬يف هنار رمضان ‪ ،‬فؾقدخؾ‬
‫صائؿا ‪ ،‬وبعض الع ؾؿاء ألزم مـ أفطر الؽػارة ‪ ،‬وٓشؽ أن الؽػارة ٓ تؾزمف ٕكف مسافر فؾف أن يػطر ولق‬
‫َان مِـ ُؽؿ َّم ِريضًا َأ ْو َط َؾك َس َػ ٍر َف ِعدَّ ٌة ِّم ْـ َأ َّيا ٍم‬
‫دخؾ بؾدتف هنارا‪ ،‬فالعذر قائؿ يف حؼف ‪ ،‬وأية تشؿؾف { َف َؿـ ك َ‬
‫ُأ َخ َر} [ البؼرة‪]951/‬‬

‫اخ ٌؾ َط َؾك َأ ْهؾِ ِف مِ ْـ َأ َّو ِل َي ْقم ِ ِف‬


‫َان فِل س َػ ٍر َفعؾِؿ َأكَّف د ِ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫[ َق َال َي ْحقَك َق َال َمال ِؽ َم ْـ ك َ‬
‫دْخ َؾ َد َخ َؾ َو ُه َق َصائِ ٌؿ]‬
‫َو َص َؾ َع َل ُف ا ْل َػ ْج ُر َقبْ َؾ أَ ْن َي ُ‬
‫اخ ٌؾ َط َؾك َأ ْهؾِ ِف مِ ْـ َأ َّو ِل َي ْقمِ ِف) يعـل مـ أول الـفار وصؾع لف الػجر قبؾ أن‬
‫(مـ كَا َن فِل س َػ ٍر َفعؾِؿ َأكَّف د ِ‬
‫َ َ ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬

‫‪74‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫يدخؾ‪.‬‬

‫( َو َص َؾ َع َل ُف ا ْل َػ ْج ُر َقبْ َؾ أَ ْن َيدْ ُخ َؾ ) يعـل لؿا صؾع الػجر ٓ يزال هق يف رجقطف مـ السػر ‪ ٓ ،‬يزال مسافرا‪.‬‬

‫( َد َخ َؾ َو ُه َق َصائِ ٌؿ ) هذا يف ققل مالؽ ‪ ،‬وهق مـ باب آستحباب ٓ القجقب ولقس الؾزوم فقعقد إمر‬
‫إلك أيفؿا أفضؾ‪،‬ا لصقم أو الػطر؟ كؼقل يجقز لف أن يدخؾ مػطرا‪ ،‬ويجقز لف أن يصقم ‪ ،‬وأفضؾفؿا‬
‫أيسرهؿا ‪.‬‬

‫ان َف َط َؾ َع َل ُف ا ْل َػ ْج ُر َو ُه َق بِلَ ْر ِض ِف َقبْ َؾ َأ ْن‬


‫خ ُر َج فِل َر َم َض َ‬ ‫[ َق َال َمالِؽ َوإِ َذا أَ َرا َد أَ ْن َي ْ‬
‫خ ُر َج َفنِكَّ ُف َي ُصق ُم َذل ِ َؽ ا ْلقَ ْق َم]‬‫َي ْ‬
‫خ ُر َج فِل َر َم َضا َن َف َط َؾ َع َل ُف ا ْل َػ ْج ُر َو ُه َق بِ َل ْر ِض ِف) يعـل هذا الؿسافر ‪ ،‬إذا سافر قبؾ صؾقع‬
‫( َوإِ َذا َأ َرا َد َأ ْن َي ْ‬
‫الػجر ‪ ،‬لف أن يػطر مادام خرج قبؾ صؾقع الػجر ‪ ،‬لؽـ إذا خرج بعد صؾقع الػجر لزمف أن يصقم يف ققل‬
‫مالؽ رحؿف اهلل تعالك ‪.‬‬

‫( َفنِ َّك ُف َي ُصق ُم َذل ِ َؽ ا ْل َق ْق َم) وهذا قال بف أيضا أبق حـقػة وأصحابف والشافعل والزهري ويحقك بـ سعقد‬
‫وإوزاطل وأبق ثقر وغقرهؿ ‪ ،‬وقالقا‪ :‬إن أفطر لزمف الؼضاء فؼط ‪ ،‬وٓ تؾزمف الؽػارة ‪ ،‬واختار بعضفؿ‬
‫‪-‬مـ الؿالؽقة‪ -‬أكف يؼضل ويؽػر ‪ ،‬وٓ دلقؾ طؾك ذلؽ ‪ ،‬وقد كان ابـ طؿر رضل اهلل طـف يػطر ويسافر‬
‫وبف قال الشعبل وأحؿد وإسحاق ‪ ،‬رحؿة اهلل تعالك طؾك الجؿقع‪.‬‬

‫فنذا أراد أن يسافر وقد صؾع طؾقف الػجر ‪ ،‬جاز لف أن يػطر قال اإلمام أحؿد‪ :‬يػطر ‪ ،‬وكذلؽ قال إسحاق‬
‫‪ ،‬ولؽـ طـد اإلمام أحؿد وإسحاق قآ يػطر ‪ ،‬لؽـ اإلمام أحؿد قال ٓ يػطر حتك يخرج مـ البققت ‪،‬‬
‫الركاب‪.‬‬
‫وإسحاق بـ راهقية قال ‪ :‬يػطر يف بقتف ‪ ،‬أو إذا وضع رجؾف يف ّ‬

‫وقال الحسـ البصري ٓ يػطر إٓ إذا اشتد طؾقف إمر ‪ ،‬والصقاب أكف يجقز لف أن يػطر ‪ ،‬ودلقؾف حديث‬
‫أكس رضل اهلل طـف أكف كان يريد السػر فلفطر فلمر غالمف بلن يلتقف بلكؾ فجاء بف فلكؾ فؼال (أسـة؟) قال‬
‫(كعؿ)‪ ،‬وه ذا هق إققى ‪ ،‬فنذا صؾع طؾقف الػجر وأراد أن يسافر ‪ ،‬جاز لف أن يػطر ‪ ،‬وجاز لف أن يلكؾ ولق‬
‫يف بقتف ‪ ،‬وإن صام جاز لف‪ ،‬وإن أفطر يف بقتف جاز لف ‪ ،‬وإن أخر الػطر حتك وسط الـفار أيضا جاز لف ‪،‬‬
‫ولؽـ طـد مالؽ أكف إذا أفطر ‪ ٓ ،‬يػطر حتك يخرج مـ البققت‪.‬‬

‫‪75‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫خ ُر َج َفنِكَّ ُف َي ُصق ُم َذل ِ َؽ‬


‫خ ُر َج فِل َر َم َضا َن َف َط َؾ َع َل ُف ا ْل َػ ْج ُر َو ُه َق بِ َل ْر ِض ِف َقبْ َؾ َأ ْن َي ْ‬
‫( َق َال َمالِؽ َوإِ َذا َأ َرا َد َأ ْن َي ْ‬
‫ا ْل َق ْق َم ) والصقاب جاز لف أن يصقم وجاز لف أن يػطر ‪ ،‬وإذا أفطر لف أن يػطر حتك يف بقتف لألثر الذي‬
‫ذكركاه ‪،‬وفقف أكف مـ السـة ‪ ،‬وهذا إثر جاء كحقه طـ بعض الصحابة ‪ ،‬وأهنؿ كاكقا يػطرون يف بققهتؿ ثؿ‬
‫يسافرون‪.‬‬

‫بؾ إن أكسا قال ٕبل مقسك إشعري وقد طؾؿ أكف إذا خرج لؾسػر خرج صائؿا ‪،‬وإذا دخؾ دخؾ صائؿا‬
‫قال (اخرج مػطرا وادخؾ مػطرا) إذن لف أن يػطر ولق يف بقتف كؿا قال أكس رضل اهلل طـف ‪ ،‬وجعؾف مـ‬
‫السـة ‪.‬‬

‫ت مِ ْـ‬
‫الر ُج ِؾ َي ْؼدَ ُم م ِ ْـ َس َػ ِرهِ َو ُه َق ُم ْػطِ ٌر َوا ْم َر َأ ُت ُف ُم ْػطِ َر ٌة ِحق َـ َص ُف َر ْ‬ ‫ِ ِ‬
‫[ َق َال َمالؽ فل َّ‬
‫َحقْ ِض َفا فِل َر َم َضا َن أَ َّن ل ِ َز ْو ِج َفا أَ ْن ُي ِصقبَ َفا إِ ْن َشا َء]‬

‫إذا قدم الرجؾ مـ سػر ‪ ،‬كان مػطرا ‪ ،‬فلتك بقتف فنذا أهؾف مػطرة ‪ ،‬كاكت حائضا فطفرت ففل مػطرة ‪،‬‬
‫واغتسؾت ففؾ لف أن يصقبفا؟ قال كعؿ وهذا صحقح ٓ فرق سقاء قدم يف أول الـفار أو يف آخره وهق‬
‫ققل جؿفقر العؾؿاء ‪ ،‬قال بف مالؽ ‪-‬كؿا ذكر هـا‪ -‬والثقري والشافعل وأحؿد وغقرهؿ رحؿة اهلل طؾك‬
‫الجؿقع ‪.‬‬

‫وقال أبق حـقػة ‪ :‬يؿسؽان‪.‬‬

‫صقب ‪ ،‬هذا ما يتضؿـف هذان البابان ‪ ،‬أشقر إلك بعض الؿسائؾ‪.‬‬

‫إذا كان أراد السػر ففؾ لف أن يبقت كقة الصقام؟ يعـل غدا يريد السػر الؾقؾة يبقت الصقام أو ٓ يبقت‬
‫الصقام؟ قال أكثر أهؾ العؾؿ إكف ٓ يجقز لف أن يبقت كقة الػطر ‪ ،‬بؾ يبقت كقة الصقام ‪ ،‬ثؿ إذا صؾع الػجر‬
‫تعقد الؿسللة إلك ما ذكركاه سابؼا هؾ لف أن يػطر أو ٓ‪.‬‬

‫وبعضفؿ قال‪ :‬لقس لف أن يـقي الػطر كحال الحائض ‪ ،‬إذا كاكت الؿرأة الحائض تعؾؿ حسب غالب‬
‫طادهتا أن غدا تحقض ‪ ،‬ففؾ لفا أن ٓ تبقت الـقة؟ يعـل الحائض تعرف طادهتا ففل طؾك ما يغؾب طؾك‬

‫‪76‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫طادهتا أن غدا يلتقفا الحقض يف الـفار ‪ ،‬فتؼقل مادام غدا يلتقفا الحقض ٓ تبقت الصقام ‪ ٓ ،‬يجقز لفا‬
‫ذلؽ ‪ ،‬يجب طؾقفا أن تبقت الصقام ‪ ،‬ثؿ إذا أصاهبا حقض فعـد ذلؽ لفا أن تػطر‪.‬‬

‫بؼقت مسللة أو مسللتان أشقر إلقفا غدا ‪ ،‬وكؽتػل هبذا‬

‫‪77‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫[شرح كتاب الصقام مـ مقصل اإلمام مالؽ]‬

‫لػضقؾة الشقخ أبل طبد الرحؿـ محؿد بـ خدة الجزائري‬

‫(( الؿجؾس الخامس ))‬

‫الحؿد هلل رب العالؿقـ والصالة والسالم طؾك أشرف إكبقاء والؿرسؾقـ ومـ اهتدى هبديف إلك يقم‬
‫الديـ أما بعد ‪:‬‬

‫قال اإلمام مالؽ رحؿف اهلل تعالك يف مقصئف يف كتاب الصقام‬

‫[ َباب َك َّػ َار ِة َم ْـ أَ ْف َط َر فِل َر َم َض َ‬


‫ان]‬

‫قبؾ أن كل خذ هذا الباب ‪ ،‬بؼل فقؿا يتعؾؼ مـ الؿسائؾ أضـ مسللة واحدة وهل ‪ :‬ماهق السػر الؿبقح‬
‫لؾػطر؟ ٕكف هؾ يجزؤه الصقم؟ ذكركاه ‪ .‬وحؽؿ الصقم؟ ذكركاه ‪ ،‬وما هق إفضؾ؟ هذه الؿسللة‬
‫ذكركاها‪ ،‬ومتك يػطر الؿسافر؟ ذكركاها ‪ ،‬وإكشاء السػر إذا مر طؾقف بعض الشفر ؟ ذكركاه ‪ ،‬وأيضا حؽؿ‬
‫مـ لق أفطر يف السػر؟ ذكركاه ‪.‬‬

‫بؼل مسللة السػر الذي يبقح لف الػطر ‪ ،‬جاء يف أية { َف َؿـ كَا َن مِـ ُؽؿ َّم ِريضًا أَ ْو َط َؾك َس َػ ٍر} [‬
‫البؼرة‪ ] 951/‬ذكر السػر ‪ ،‬فعدة مـ أيام أخر ‪ ،‬فؿـ سافر جاز لف الػطر ‪ ،‬وهـا لػظ السػر لؿ يرد ما يؼقده‬
‫بسػر صقيؾ أو قصقر ‪ ،‬فؽؾ ما يـطبؼ طؾقف لػظ السػر ومسؿك السػر فنكف يجقز أن ُتـزل طؾقف وفقف‬
‫أحؽام السػر‪.‬‬

‫وما يسؿك سػرا اختؾػ فقف العؾؿاء ‪ ،‬طؾك ققلقـ ‪ ،‬ققم حددوه وجعؾقا لف حدا ‪ ،‬وققم آخرون لؿ‬
‫يجعؾقا لف حدا ‪.‬‬

‫‪ = 9‬فؿـ حدده ققده بؼطع مسافة معقـة ‪ ،‬واستـدوا يف ذلؽ طؾك حديث فقف أن مـ سافر أربعة ُب ُر ٍد فنكف‬
‫يؼصر‪ ،‬والحديث فقف ضعػ‪ ،‬واستدلقا كذلؽ بلثر طـ ابـ طباس ‪ ،‬وأكف ُسئؾ فقؿا يؽقن السػر؟ أو ما‬
‫ّ‬
‫ُيعد سػرا؟ فؼال (كؿثؾ مابقـ مؽة وطسػان) ومابقـ مؽة وطسػان أربعة ُبرد ‪ ،‬والربيد أربعة فراسخ ‪،‬‬
‫والػرسخ ثالثة أمقال ‪ ،‬فنذا ضربـا أربعة يف أربعة يف ثالثة تصقر ثؿاكقة وأربعقـ مقال ‪ ،‬أربعة يف أربعة ستة‬
‫طشرة يف ثالثة ‪ ،‬ثؿاكقة وأربعقـ مقال ‪ ،‬والؿقؾ أزيد مـ واحد كقؾقمرت فاصؾ ستة ‪ ،‬يعـل يف تؼديره مـ‬

‫‪78‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫واحد كقؾقمرت فاصؾ ستة إلك واحد كقؾقمرت فاصؾ ثؿاكقة ‪ ،‬هذا هق الؿقؾ ‪ ،‬والؿراد بف ما يؿقؾ بف طـ‬
‫الـظر ‪ ،‬أي مـتفك الـظر مؿا يؿقؾ طـف‪ ،‬هذا هق حؼقؼة الؿقؾ أن يؿقؾ الشلء طـؽ ‪ ،‬ويصقر ٓ يظفر لؽ ‪،‬‬
‫و ُيحدد أن بطريؼة وهق أن تليت بشلء يبؾغ يف الطقل واحد مرت ‪ ،‬فتبعده طـؽ إلك أن ٓ يصقر يظفر ‪ ،‬أو‬
‫يظفر كحد كؼطة ‪ ،‬فقؼقسقن هذا البعد بقـؽ وبقـ مـتفك الـظر يؼقلقن هذا تؼدير الؿقؾ ‪ ،‬وهق دائر بقـ‬
‫هذا ‪ ،‬ففمٓء حددوا هبذا التحديد‪.‬‬

‫وبعض أهؾ العؾؿ قال إكف أقؾ مـ ذلؽ ‪ ،‬حدد أيضا ‪-‬كؿا جاء يف بعض أثار‪ -‬بخؿسة فراسخ ‪ ،‬ومـفؿ‬
‫مـ حدده بثالثة فراسخ ‪ ،‬ومـفؿ مـ حدده بثالثة أمقال ‪ ،‬بؾ يف بعض أثار أكف قد يسافر أقؾ مـ ذلؽ‬
‫فقؼصر‪.‬‬
‫ّ‬
‫ففمٓء حددوه بؿسافة معقـة‪.‬‬

‫‪ =7‬وأخرون قالقا بغقر تحديد‪.‬‬

‫فؿـ حدد صحت طـده أثار ‪ ،‬وصح طـده التحديد فحدد ‪ ،‬ولؽـ كؼقل ‪ :‬لؿ يصح يف التحديد شلء ‪،‬‬
‫وبالتالل إسؿاء التل ترد يف الشرع إَ ْو َلك حؿؾفا طؾك الؿسؿقات الشرطقة إذا ُوجد ما يدل طؾك ذلؽ ‪،‬‬
‫وإٓ ف ُتحؿؾ طؾك الؿعـك الؾغقي ‪،‬فنن لؿ يؽـ فعؾك الؿعـك العريف ‪ ،‬وبعض أهؾ العؾؿ يبقـ الؿعـك‬
‫العريف ثؿ الؾغقي‪.‬‬

‫أما الشرطل فؾؿ يلت تحديد ‪ ،‬قال تعالك { َف َؿـ كَا َن مِـ ُؽؿ َّم ِريضًا َأ ْو َط َؾك َس َػ ٍر} [ البؼرة‪.]951/‬‬

‫ويف الؾغة السػر هق ‪ :‬مطؾؼ الضرب يف إرض ‪ ،‬لؽـ جاء يف أثار ما يؼقد الؿغقب طـ الؿـطؼة التل‬
‫يسؽـ فقفا ‪ ،‬ولفذا ٓ يبدأ التؼصقر إٓ بعد أن تغقب طـف الديار ‪ ،‬وبالتالل السػر هق ‪ :‬الضرب يف إرض‬
‫مع مغقب الديار طـ الـظر ‪ ،‬لؽـ يؼ ّقد بؿا تعارف طؾقف الـاس ‪ ،‬يؼقل أهؾ العؾؿ ‪ :‬إذا لؿ يلت لالسؿ يف‬
‫تحديده شرع ‪ ،‬فنكف يصار إلك الؾغة ‪ ،‬فنن لؿ يؽـ فنكف يصار إلك العرف ‪ ،‬وٓ يقجد يف الؾغة ما يحدد‬
‫السػر ‪ ،‬فقصقر مرجعف إلك العرف‪ ،‬ويدل طؾقف أن أثار طـ الصحابة مختؾػة جدا‪.‬‬

‫فلقصر) ‪ ،‬وجاء ما يدل طؾك أكف يسافر ثالثة أمقال ‪ ،‬أو ثالثة‬
‫فجاء طـ ابـ طؿر وغقره (إين ٕسافر مقال ّ‬
‫فراسخ ‪ ،‬أو خؿسة فراسخ ‪...‬أو كحق ذلؽ فقؼصر‪ ،‬فدل هذا طؾك أكف مرتبط بالعرف ويختؾػ باختالفف‪.‬‬

‫زاد بعض أهؾ العؾؿ يف مسللة السػر ‪ ،‬الـقة والتلهب لؾسػر ‪ ،‬ويشقر إلقف شقخ اإلسالم ابـ تقؿقة يف‬

‫‪79‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫كالمف ‪ ،‬وأن الؿسافر ٓبد أن تؽقن لف كقة السػر ‪ ،‬والتلهب لؾسػر‪ ،‬وطـد ذلؽ ٓ تعترب الؿسافة التل‬
‫يؼطعفا ‪ ،‬هذا ققل أيضا يد ل طؾقف كالم شقخ آسالم رحؿف اهلل يف بعض مقاضع كتابف الؿجؿقع يف‬
‫مسللة السػر ‪،‬كؿا أكف يمثر طـف ققل يف أن السػر مرجعف إلك العرف‪.‬‬

‫لؽـ إذا كظركا فؿا زاد طـ أربعة ُبرد فقؽاد يؽقن محؾ اتػاق طـد العؾؿاء طؾك أكف سػر ‪ ،‬فلكثر أهؾ العؾؿ‬
‫طؾك أن مازاد طؾك أربعة ُب ُرد ُي عد سػرا إٓ مـ ققد ذلؽ بالـقة والتلهب كؿا ذكر شقخ اإلسالم رحؿف اهلل‬
‫‪ ،‬لق أن أحدا خرج مـ بؾدتف لقصطاد ‪ ،‬ثؿ صار يتتبع الصقد ‪ ،‬شقئا فشقئا فشقئا ‪ ،‬إلك أن قطع مسافة سػر ‪،‬‬
‫قال فال يعد مسافرا‪.‬‬

‫فباطتبار الـقة هـا قد يؽقن مازاد طؾك أربعة ُبرد سػرا لؽـ طؾك كدرة ‪ ،‬وإٓ فالغالب فقؿـ يؼطع أربعة‬
‫برد فزيادة أن يخرج لفا مسافرا ‪ ،‬وأن يتلهب لفا‪.‬‬

‫تلهبف ‪ ،‬فتلهب الؿسافر يف‬


‫وٓشؽ أن التلهب يختؾػ باختالف الزمان والؿؽان والحال ‪ ،‬وكؾ حال لف ّ‬
‫زمـ الصقػ غقره يف زمـ الشتاء ‪ ،‬وتلهبف زمـ الخقف غقره زمـ إمـ ‪ ،‬وتلهبف زمـ الشدة غقره زمـ‬
‫الرخاء ‪ ...‬وهؽذا ‪ ،‬ففذا مـ كاحقة‪.‬‬

‫ومـ كاحقة أخرى إذا كان السػر أقؾ مـ أربعة برد ‪ ،‬ففـا يرجع إلك العرف ‪ ،‬إن استؼر يف طرف الـاس أكف‬
‫سػر فنكف يعد سػرا وإٓ فال!‪.‬‬

‫وكزيد أصال آخرا وهق أكف إذا تعارض إمر بقـ كقكف سػرا أو ٓ‪ ،‬فإصؾ هق اإلقامة وأكف لقس بسػر ‪،‬‬
‫تتـزل طؾقف أحؽام السػر‬
‫ٕن السػر خروج طـ إصؾ فنذا اختؾط طؾقؽ الحال ‪ ،‬ف ُعده مقضع إقامة ‪َّ ٓ،‬‬
‫‪ ...‬هذا السػر الذي يبقح الػطر‪.‬‬

‫مسللة أخرى وهل هؾ يرتخص الؿسافر بؽؾ الرخص أو هبذه الرخص الؿقجقدة يف السػر؟ هؾ‬
‫ترخص لف يف كؾ سػر ؟ أو يف أكقاع معقـة؟‬

‫‪ =9‬أما السػر ال قاجب أو السػر الؿستحب فبآتػاق أكف لف أن يرتخص فقف بالرخص الجائزة ‪ ،‬كالػطر‬
‫والتؼصقر والجؿع ‪ ...‬وغقرها مـ الرخص ‪.‬‬

‫‪ =7‬أما السػر الؿباح فالجؿفقر طؾك أكف يرتخص فقف برخص السػر‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫‪ =9‬أما سػر الؿعصقة ففذا فصؾقا فقف ‪ ،‬قالقا إن كان طاصقا بسػره ‪ ،‬فالجؿفقر طؾك أكف ٓ يرخص لف‬
‫شلء مـ الرخص إن كان طاصقا بسػره ‪ ،‬كلن يؽقن سػره لؼطع الطريؼ ‪ ،‬أو لسرقة لـصب ‪ ،‬ففذا سػره‬
‫أصال معصقة قالقا‪ ٓ :‬يرخص لف يف رخص السػر ‪ ،‬أما رخص الحضر فقرخص لف ‪ ،‬مثال الؿسح طؾك‬
‫الخػ ‪ ،‬يجقز حضرا يقم ولقؾة ‪ ،‬قالقا‪ :‬الؿسافر إذا كان طاصقا ٓ يرخص لف يف الػطر وٓ الؼصر وٓ‬
‫الجؿع وٓ مسح الخػقـ ثالثة أيام ولقالقفـ ‪ ،‬وإكؿا يرخص لف يقم ولقؾة ‪ ،‬هذا يف ققل جؿفقر العؾؿاء‪.‬‬

‫واختار أبق حـقػة وأصحابف أكف يرخص لف ذلؽ ‪ ،‬وهق الؼقل إققى واختاره شقخ اإلسالم ابـ تقؿقة‬
‫وغقره مـ أهؾ العؾؿ‪.‬‬

‫أما الؿعصقة يف السػر ففذا لف أن يلخ ذ بالرخصة إذا سافر سػرا جائزا مباحا واجبا مستحبا فعصك أثـاء‬
‫سػره ‪ ،‬هذا يرخص لف يف الػطر والتؼصقر والجؿع وغقر ذلؽ يف ققل جؿفقر العؾؿاء ‪ ،‬واهلل أطؾؿ ‪.‬‬

‫قال رحؿف اهلل‪:‬‬

‫[ َباب َك َّػ َار ِة َم ْـ أَ ْف َط َر فِل َر َم َضا َن]‬

‫هذا الباب تتعؾؼ بف مسائؾ ‪ ،‬وأولفا بؿ يػطر؟ بؿ يعد مػطرا يف رمضان؟ بؿ يخالػ حؼقؼة الصقام؟‬

‫وحؼقؼة الصقام ‪ :‬اإلمساك طـ إكؾ والشرب والجؿاع مـ صؾقع الػجر الصادق إلك غروب الشؿس ‪،‬‬
‫فنذن بؿ يؼع اإلفطار يف هنار رمضان؟ إما بجؿاع أو أكؾ أو شرب‪.‬‬

‫وإذا وقع الػطر هؾ تؾزمف الؽػارة؟ وإذا لزمتف الؽػارة هؾ يؾزمف الؼضاء لذاك الققم أو ٓ؟ والؽػارة التل‬
‫تؾزم ‪-‬كؿا جاء يف الحديث‪ -‬هؾ هل طؾك التخققر أو طؾك الرتتقب؟ وهذه الؽػارة واردة يف الجؿاع ففؾ‬
‫هل ٓزمة يف إكؾ طؿدا أو الشرب طؿدا؟ وماهل أوصاف هذه الؽػارة ؟ ما يشرتط يف العتؼ أو يف‬
‫الصقام أو يف اإلصعام؟‬

‫وبالـسبة لؿـ طجز طـ الؽػارة هؾ تسؼط طـف أم تبؼك يف ذمتف؟ وبالـسبة لؽػارة الجؿاع هؾ تؾزم‬
‫الرجؾ وحده؟ أو تؾزم الؿرأة معف ؟ وبالـسبة لؾػطر بالجؿاع إن تؽرر مـف هؾ تتؽرر الؽػارة أو ٓ؟‬

‫ويؾحؼ بذلؽ الؽالم طؾك مـ أفطر كسقاكا ماحؽؿف؟‬

‫‪81‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫قال اب ُـ يحقك طبقدُ اهلل‬

‫اب َطـ حؿق ِد ب ِـ َطب ِد الرحؿ ِـ ب ِـ َطق ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫ف َط ْـ‬ ‫[حدَّ َثـل َي ْح َقك َط ْـ َمالؽ َط ْـ ا ْب ِـ ش َف ٍ ْ ُ َ ْ ْ ْ َّ ْ َ ْ ْ‬ ‫َ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َأ ْن‬ ‫ان َف َلمره رس ُ ِ‬ ‫ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َأبِل ُه َر ْي َر َة أَ َّن َر ُج ًال أَ ْف َط َر فل َر َم َض َ َ َ ُ َ ُ‬
‫ُي َؽ ِّػ َر بِ ِعت ِْؼ َر َق َب ٍة َأ ْو ِص َقا ِم َش ْف َر ْي ِـ ُمتَتَابِ َعقْ ِـ َأ ْو إِ ْص َعا ِم ِستِّق َـ مِ ْسؽِقـ ًا َف َؼ َال َٓ أَ ِج ُد َفلُتِ َل‬
‫دَّق بِ ِف َف َؼ َال َيا َر ُس َ‬ ‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ بِ َع َر ِق َت ْؿ ٍر َف َؼ َال ُخ ْذ َه َذا َفت ََص ْ‬ ‫رس ُ ِ‬
‫قل‬ ‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ُ‬
‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ َحتَّك بَ ْ‬
‫دَت َأكْ َقابُ ُف ُث َّؿ‬ ‫ح َؽ رس ُ ِ‬ ‫اهللِ ما أَحدٌ أَحقج مِـ ِّل َف َض ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬
‫َق َال ُك ْؾ ُف]‬

‫رواه اإلمام مسؾؿ‬

‫هذا الحديث جاء مـ صريؼ الزهري طـ حؿقد ‪ ،‬وقد رواه طـ الزهري الؽثقر ‪ ،‬ويبؾغ طددهؿ كؿا أشار‬
‫الحافظ ا بـ حجر كحق أربعقـ أو أزيد مـ ذلؽ ‪ ،‬وكؾ قد رواه طـ الزهري طـ حؿقد ‪ ،‬طـ أبل هريرة ‪،‬‬
‫فؿـ رواه طـ الزهري طـ أبل سؾؿة طـ أبل هريرة ففذا ُيعد خطل كؿا قال أهؾ الحديث‪.‬‬

‫( َأ َّن َر ُج ًال ) هذا الرجؾ ‪ ،‬ذكر طبد الغـل بـ سعقد يف زاد الؿبفؿات ‪ ،‬وابـ بشؽقال تبعف طؾك ذلؽ ‪ ،‬أن‬
‫الرجؾ الؿبفؿ هفـا هق سؾؿة بـ صخر البقاضل‪ ،‬وققؾ سؾقؿان ‪ ،‬ورووا يف ذلؽ أثرا ‪ ،‬وإثر طـد ابـ‬
‫أبل شقبة يف مصـػف ‪ ،‬ويف الحؼقؼة قصة سؾؿة بـ صخر البقاضل وردت يف مسللة الظفار وهق قد جامع‬
‫زوجتف لقال ولقس هنارا ‪ ،‬ففذه الؼصة غقر هذه الؼصة‪ ،‬فؾقس هذا الرجؾ هق سؾؿة أو سؾقؿان بـ صخر‬
‫البقاضل‪.‬‬

‫وٓ هق أبق بردة بـ يسار ‪ ،‬فنذن الرجؾ مبفؿ ولؿ يرد ذكره‪.‬‬

‫قال (أفطر) رواية مالؽ أفطر ‪ ،‬لؽـ أكثر الرواة بقـقا هذه الرواية ‪ ،‬وبقـقا اإلفطار وأكف كان بالجؿاع ‪ ،‬قال‬
‫(أصبت أهؾل) جاء بالتػسقر قال (وقعت طؾك أهؾل) وقال (وصئت) كؿا جاء يف رواية ‪ ،‬ورواية (أصبت‬
‫أهؾل) قد ذكرها مالؽ فقؿا بعد ‪ ،‬وإن كاكت جاءت مـ صريؼ مرسؾ ‪ ،‬لؽـ جاءت يف الصحقح طـد‬

‫‪82‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫البخاري ومسؾؿ مـ صرق كثقرة ذكر أكف أفطر بالجؿاع ‪ ،‬فالػطر كان بالجؿاع طؿدا‪.‬‬

‫ولفذا فالؽػارة تؾزم الؿجامع ‪ ،‬فؿـ جامع يف هنار رمضان متعؿدا لزمتف الؽػارة‪ ،‬وهـا بؼقد العؿد ‪،‬‬
‫وسقليت ذكر الخالف يف الـاسل‪ ،‬و ُققد بؼقد العؿد ٕكف جاء يف روايات كثقرة أكف قال (هؾؽت) وقال يف‬
‫رواية (احرتقت) وجاء يف رواية (يضرب صدره ويـتػ شعره ويؼقل‪ :‬هؾؽت) ولقس مثؾ هذا الػعؾ إٓ‬
‫مؿـ تعؿد ‪ ،‬فدل هذا طؾك أن فعؾف هذا كان طـ طؿد ‪ ،‬ولذلؽ لزوم الؽػارة هل يف حؼ مـ جامع‬
‫متعؿدا‪ ،‬أما غقره فسقليت ذكر الخالف فقف‪.‬‬

‫وقد أجؿع العؾؿاء طؾك أن مـ جامع يف رمضان مؿـ يجب طؾقف الصقم ‪-‬مؿـ وجب الصقم طؾقف‪ -‬فنكف‬
‫تؾزمف الؽػارة‪.‬‬

‫قال (أفطر يف رمضام) ققلف (يف رمضان) اإلفطار بالجؿاع كان يف رمضان ‪ ،‬صقب! لق أفطر يف قضاء‬
‫رمضان بالجؿاع؟ هؾ تؾزمف الؽػارة؟ قال (أفطر يف رمضان) يعـل يف شفر رمضان ‪ ،‬يف هنار رمضان وهق‬
‫صائؿ جامع أهؾف‪.‬‬

‫فرضا ! إكسان سافر فلفطر ‪ ،‬أو مرض فلفطر ‪ ،‬وبعد هناية رمضان صار يؼضل فبقـؿا هق قد كقى الصقام‬
‫وصؾع طؾقف الػجر وهق صائؿ يف هنار قضائف لرمضان جامع أهؾف ‪ ،‬هؾ تؾزمف الؽػارة؟ ٓ تؾزمف الؽػارة‬
‫يف ققل جؿفقر العؾؿاء ‪ ،‬إٓ ما يـؼؾ طـ قتادة بـ دطامة السدوسل مـ التابعقـ ‪ ،‬فعـ الجؿفقر أكف ٓ‬
‫يؾزمف الؽػارة لق كان يؼضل هنار رمضان فجامع أفسد قضاءه فقؾزمف أن يؼضل يقما آخرا وٓ تؾزمف‬
‫الؽػارة‪.‬‬

‫لؽـ! هؾ يجقز أن يػطر متعؿدا؟ سقاء بجؿاع أو بلكؾ أو بشرب؟ ٓ يجقز لف ذلؽ لؼقل رسقل اهلل‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ وقد دخؾ طؾك أم هاكئ و إحدى كسائف طؾقف الصالة والسالم فؼالتا (استغػر لـا يا‬
‫رسقل اهلل) ‪ ،‬قال (ومؿ ذلؽ؟) قالتا (كـا صائؿتقـ فلفطركا) قال رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (أمـ‬
‫قضاء؟) قالتا (ٓ) قال ( ٓ يضركؿا ذلؽ اقضقا يقما مؽاكف ) ‪ ،‬فؿػفقم ققلف (أمـ قضاء؟) قالتا (ٓ) قال‬
‫(ٓ يضركؿا) أكف لق كان مـ قضاء ضرهؿا! ‪ ،‬والؿضرة مـ أي كاحقة؟ الؿضرة مـ مخالػة الشرع ‪ ،‬فدل‬
‫طؾك أكف ٓ يجقز أن يػطر متعؿدا يف قضاء رمضان‪.‬‬

‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ أَ ْن ُي َؽ ِّػ َر بِ ِعت ِْؼ َر َق َب ٍة أَ ْو ِص َقا ِم َش ْف َر ْي ِـ ُمتَتَابِ َع ْق ِـ َأ ْو إِ ْص َعا ِم ِستِّق َـ‬ ‫قال ( َف َلمره رس ُ ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫ََ ُ َ ُ‬
‫مِ ْسؽِقـًا) قؾـا فقف لزوم الؽػارة ‪ ،‬هؾ يؾزمف الؼضاء؟ أو ٓ يؾزمف الؼضاء؟ يف هذه الؿسللة ‪ ،‬إذا لزمتف‬

‫‪83‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫الؽػارة هؾ يؾزمف أن يؼضل ذاك الققم أو ٓ؟‬

‫وقبؾ ذلؽ كؼقل طـدما قال ( َأ ْن ُي َؽ ِّػ َر بِ ِعت ِْؼ َر َقبَ ٍة َأ ْو ِصقَا ِم َش ْف َر ْي ِـ ُمتَتَابِ َعقْ ِـ َأ ْو إِ ْص َعا ِم ِستِّق َـ مِ ْسؽِقـًا) ذكره‬
‫بؾػظ (أو) هؾ الؽػارة طؾك التخققر أو طؾك الرتتقب؟‬

‫مالؽ رحؿف اهلل روى الحديث بؾػظ التخققر ‪ ،‬ولفذا قال (هل طؾك التخققر) بؾ إن مالؽا طؾك الصحقح‬
‫مـ ققلف يػضؾ اإلصعام كؿا سقليت ‪ ،‬وقال بالتخققر كذلؽ الشعبل والزهري رحؿة اهلل تعالك طؾك‬
‫الجؿقع‪.‬‬

‫وجؿفقر العؾؿاء طؾك أن الؽػارة طؾك الرتتقب ‪ ،‬فقعتؼ أوٓ ‪ ،‬إذا لؿ يستطع يصقم شفريـ متتابعقـ ‪ ،‬إذا‬
‫لؿ يستطع يطعؿ ستقـ مسؽقـا ‪ٕ ،‬ن الحديث جاء هبذا يف أكثر الروايات ‪ ،‬جاءت بالرتتقب ‪ ،‬ذكر العتؼ‬
‫قال (ٓ أجد) صقام شفريـ متتابعقـ قال (ٓ أستطقع) قال (أصعؿ ستقـ مسؽقـا) ‪ ،‬والحديث مخرجف‬
‫واحد فالؼصة واحدة ‪ ،‬ثؿ إن راوي الحديث طـدما قال (أتجد طتؼ رقبة) قال (ٓ) قال (تصقم شفريـ‬
‫متتابعقـ) قال (ٓ أستطقع) قال (أصعؿ ستقـ مسؽقـا) هذا روى الؼصة ‪ ،‬وأما الذي قال (اطتؼ رقبة أو‬
‫صؿ شفريـ متتابعقـ أو أصعؿ ستقـ مسؽقـا) هذا روايتف فقفا إشارة إلك أكف رواها بالؿعـك ‪ ،‬ولفذا ُتؼدم‬
‫الرواية التل جاءت بؾػظ الحديث ‪.‬‬

‫ثؿ إن إخذ بالرتتقب فقف براءة الذمة وهق مؼدم طؾك إخذ بالتخققر ‪ ،‬فنكف قد ٓ يؽقن مجزئا ‪ ،‬والذي‬
‫حؿؾ الرواة طؾ ك رواية الحديث طؾك لػظ التخققر كؿا قال أهؾ العؾؿ ‪ ،‬هق أن الزهري رحؿف اهلل ‪ ،‬بعد‬
‫أن روى الحديث قال (فصارت السـة يف التؽػقر ‪-‬يعـل كػارة الؿجامع‪ -‬طتؼ رقبة أو صقام شفريـ‬
‫متتابعقـ أو إصعام ستقـ مسؽقـا) فروى الحديث بعض الرواة بصقغة التخققر‪ ،‬وإٓ فالصحقح هق‬
‫الرتتقب وهق ققل جؿفقر العؾؿاء‪.‬‬

‫واإلمام مالؽ يؼدم اإلصعام ‪ ،‬فقؼقل يطعؿ ‪،‬بؾ كؼؾ طـف أكف يف الؿجامع طؾقف اإلصعام وٓ ذكر لؾعتؼ وٓ‬
‫لؾصقام ‪ ،‬وذلؽ أكف جاء يف الحديث طـ طائشة أن رجال وقع طؾك أهؾف وأصاب أهؾف يف رمضان ‪ ،‬فجاء‬
‫إلك الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬فؼال (اجؾس) ثؿ قال (تصدق هبذا) فؼال اإلمام مالؽ ‪ :‬لؿ ُيذكر إٓ‬
‫الصدقة ‪،‬والحديث رواه البخاري ‪ ،‬لؽـ قد جاء يف روايات وصرق أخرى ذكر العتؼ يف هذا الحديث‪.‬‬

‫‪84‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ولفذا قال أهؾ العؾؿ‪ :‬ما ُكؼؾ طـ مالؽ يف ققلف ٓ يقجد ذكر لؾعتؼ وٓ لؾصقام وإكؿا ذكر اإلصعام فؼط‬
‫ذاك مـ باب آستحباب ‪ ٓ ،‬مـ باب مـع التؽػقر بالعتؼ أو بصقام شفريـ متتابعقـ ‪ ،‬ويدل طؾك ذلؽ‬
‫أكف أورد الحديث يف مقصئف‪.‬‬

‫لؽـ يف الؿدوكة قال ابـ الؼاسؿ (ٓ يعرف مالؽ غقر اإلصعام ٓ يلخذ بعتؼ وٓ بصقام) ففذا يحؿؾ طؾك‬
‫آستحباب كؿا ذكر بعض العؾؿاء‪.‬‬

‫ولفذا كؼقل الرتتقب هق إولك وهبذا قال أبق بؽر ابـ العربل ‪ ،‬الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ كؼؾف مـ العتؼ‬
‫إلك الصقام إلك اإلصعام ‪ ،‬وهذا لقس شلن التخققر ‪ ،‬وهذا يدل طؾك أكف لؾرتتقب‪.‬‬

‫وثؿة بعض إققال إخرى لبعض الػؼفاء لؽـ إققى وإقرب كؿا ذكركا ‪ ،‬أكف يؾزم الرتتقب ‪ ،‬فال‬
‫يـتؼؾ إلك إدكك إٓ بعدما ي عجز طـ إولك فنن طجز طـ العتؼ لزمف الصقم ‪ ،‬وإن طجز طـ الصقم‬
‫يـتؼؾ إلك اإلصعام ‪ ،‬هذا الؿجامع يف هنار رمضان طؿدا‪ ،‬تؾزمف الؽػارة وهل التل ذكركا وسقليت بقان‬
‫شروصفا ‪.‬‬

‫هؾ يؾزمف أن يؼضل مؽان ذلؽ الققم الذي أفطره يقما آخرا أو ٓ يؾزمف؟ اإلمام مالؽ رحؿف اهلل قال‬
‫ي ؼضل يقما مؽاكف ‪ ،‬تؾزمف الؽػارة ويؾزمف الؼضاء‪ ،‬وبف قال الثقري وأحؿد وأبق حـقػة وأبق يقسػ‬
‫ومحؿد بـ الحسـ وأبق ثقر وإسحاق‪ ،‬وقال الشافعل (لؽؾ ققل مـفؿا وجف ولؽـ أحب إلل أن يؽػر‬
‫ويؼضل)‪ ،‬وكذلؽ قال الؿزين فقؿـ وصئ وأولج طامدا طؾقف الؼضاء والؽػارة‪.‬‬

‫قال إوزاطل (إن كػر بالعتؼ أو باإلصعام قضك ذلؽ الققم أما إذا كػر بصقام شفريـ متتابعقـ فال يؼضل‬
‫ذلؽ الققم)‪.‬‬

‫وحجة مـ قال ٓ يؾزمف الؼضاء أكف لؿ يذكر يف الحديث هفـا وإكؿا قال (أطتؼ أو صؿ أو أصعؿ) ولؿ يرد‬
‫ذكر لؾؼضاء ولق ورد لـؼؾف الحػاظ‪.‬‬

‫ومـ ألزم الؼضاء قال بؾ ورد ‪ ،‬وذلؽ فقؿا رواه ابـ خزيؿة وابـ ماجة ورواه أيضا الدارقطـل أكف صؾك‬
‫اهلل طؾقف وسؾؿ أمره أن يؼضل يقما مؽاكف ‪ ،‬وقد قال الحافظ ابـ حجر (وقد ورد الؼضاء يف هذا الحديث‬
‫مـ رواية أبل أويس وطبد الجبار‪ ،‬وهشام بـ سعد كؾفؿ طـ الزهري وأخرجف البقفؼل مـ صريؼ إبراهقؿ‬
‫بـ سعد طـ الؾقث طـ الزهري‪ ،‬وحديث إبراهقؿ جاء يف الصحقح مـ غقر ذكر قضاء الققم ومثؾف حديث‬

‫‪85‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫الؾقث جاء يف الصحقحقـ بغقر ذكر قضاء الققم لؽـ جاءت الزيادة أيضا مـ مرسؾ سعقد بـ الؿسقب ‪،‬‬
‫وجاءت مـ صريؼ كافع بـ جبقر ‪ ،‬وغقرهؿ وهذه الطرق بؿجؿقطفا يدل طؾك أن الزيادة لفا أصؾ)‬
‫فإققى واهلل أطؾؿ أكف يؼضل يقما مؽاكف‪.‬‬

‫إذن الؿجامع يف هنار رمضان تؾزمف الؽػارة ويؾزمف كذلؽ أن يؼضل يقما مؽان الققم الذي أفطره‪.‬‬

‫مسللة أخرى كذلؽ‪ :‬إذا كان هذا يف حؽؿ مـ جامع متعؿدا ‪ ،‬فؿا هق حؽؿ مـ أكؾ أو شرب متعؿدا؟‬
‫هؾ تؾزمف الؽػارة أو ٓ تؾزمف الؽػارة؟‬

‫طـد اإلمام مالؽ روى الحديث بؾػظ (فلفطر) فحؿؾ الػطر طؾك جؿقع أكقاطف ‪ ،‬فؽؾ مـ أفطر يف هنار‬
‫رمضان متعؿدا سقاء بلكؾ أو بشرب أو بجؿاع يؾزمف أن يؽػر ‪ ،‬وهق ققل مالؽ وأيضا ققل أبل حـقػة‬
‫والثقري وإوزاطل وقال بف إسحاق وأبق ثقر وابـ جرير وهق ققل ططاء يف رواية وققل الحسـ‬
‫البصري يف رواية وكذلؽ الزهري‪.‬‬

‫وقالقا أيضا ققاسا طؾك الؿجامع ‪ ،‬والجامع بقـفؿا اكتفاك حرمة رمضان ‪ ،‬فأكؾ طؿدا أو الشارب طؿدا‬
‫اكتفؽ أيضا حرمة رمضان ‪ ،‬والشريعة يف أحؽامفا تـظر إلك جؿقع إمقر التل هل متـاضرة ‪ ،‬ومتشاهبة‬
‫بسبقؾ واحد ‪ ،‬فؽؾ ما كان فقف اكتفاك لحرمة رمضان فقف الؽػارة مع الؼضاء‪.‬‬

‫وذهب الشافعل وأحؿد أكف ٓ كػارة طؾقف وإكؿا يؾزمف الؼضاء ‪ ،‬وبف قال سعقد بـ جبقر وابـ سقريـ ‪،‬‬
‫والشعبل وقتادة ‪،‬وإبراهقؿ الـخعل ورواية طـ الحسـ البصري وقالقا يؾزمف أن يستغػر ويتقب ويؼضل‬
‫ذلؽ الققم ‪ ،‬وهذا الؼقل أققى ‪.‬‬

‫وهفـا الحديث جاء يف إل زام الؽػارة يف حؼ الجؿاع ‪ ،‬وإكؾ والشرب لقس كالجؿاع ‪ ،‬فأكؾ طؿدا يف‬
‫هنار رمضان ٓ تؾزمف الؽػارة ‪ ،‬وإكؿا يؾزمف الؼضاء ‪.‬‬

‫ويدل طؾك ذلؽ أن الؿستؼقئ طؿدا يؾزمف الؼضاء باإلجؿاع كؿا قال ابـ طبد الرب ومثؾف مـ ازدرد حصاة‬
‫قالقا يؾزمف الؼضاء وٓ كػارة طؾقف‪.‬‬

‫ثؿ إن ا لذمة بريئة وٓ تشغؾ إٓ بدلقؾ ‪ ،‬فنن ققؾ‪ :‬فؿـ أيـ جاء الؼضاء؟ كؼقل جاء الؼضاء مـ ققلف‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (واقض يقما مؽاكف) ففذا أمر بالؼضاء لؿـ أفطر ‪ ،‬أما الؽػارة فشلء زائد ‪ ،‬ففق يف‬
‫حؼ الؿجامع ٓ يف حؼ مـ أكؾ أو شرب متعؿدا‪.‬‬

‫‪86‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ما شرط العتؼ والصقام واإلصعام؟‬

‫طت ؼ رقبة ‪ ،‬الرقبة شرصفا اإلسالم طؾك الصحقح ‪ ،‬ويف شرصفا خالف بقـ العؾؿاء والصحقح اشرتاصفا ‪،‬‬
‫فؿا مـ رقبة تعتؼ يف إحؽام الشرطقة إٓ وهل تؼقد بؼقد اإليؿان طؾك الصحقح مـ ققلل العؾؿاء ‪ ،‬وهق‬
‫ققل جؿفقر أهؾ العؾؿ ‪ ،‬وٓ شرط يف ذلؽ مـ حقث الذكقرة أو إكقثة أو الصغر أو الؽرب‪ ،‬فقعتؼ رقبة‬
‫ذكرا كاكت أو أكثك صغقرا أو كبقرا‪.‬‬

‫أما السالمة مـ العققب فال شؽ أن إفضؾ هق أكؿؾ الصػات لؽـ مـ غقر اشرتاط ‪.‬‬

‫أما الصقام فشفريـ متتابعقـ ‪ ،‬بشرط التتابع‪ ،‬كؿا هق واضح‪.‬‬

‫وأما اإلصعام فعـد جؿفقر العؾؿاء مالؽ والشافعل وإوزاطل يطعؿ لؽؾ مسؽقـ مدا ‪ ،‬و قال أبق‬
‫حـقػة والثقري‪ :‬يطعؿ لؽؾ مسؽقـ مديـ ‪ .‬والؼقل إول هق الصقاب ٕكف جاء هفـا يف الحديث أكف‬
‫والعرق كؿا جاء ذكره وبقان معـاه العرق بػتح الراء وهق الؿؽتؾ العظقؿ يسع‬
‫َ‬ ‫قال (فلويت بعرق تؿر)‬
‫خؿسة طشر صاطا ‪ ،‬والصاع أربعة أمداد فصار كؿ؟ خؿسة طشرة يف أربعة ؟ ستقن ‪ ،‬فؼال (أصعؿ ستقـ‬
‫مسؽقـا) فقؽقن لؽؾ مسؽقـ مد‪ ،‬بؿد الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‪.‬‬

‫والعرق بػتح الراء وهق إققى رواية ولغة ‪ ،‬وإن كان يجقز يف الؾغة اإلسؽان كؿا قال بعض أهؾ الؾغة‪.‬‬

‫جاء يف بعض الروايات أن العرق أزيد مـ خؿسة طشر صاع ‪ ،‬كؿا يف بعض الروايات ‪ ،‬وهق خؿسة طشر‬
‫أو كحق ذلؽ ‪ ،‬أو مابقـ خؿسة طشر وطشريـ ‪ ،‬لؽـ إققى تحديده بخؿسة طشر‪.‬‬
‫وطؾك الؼقل بلكف أزيد شقئا يسقرا‪ ،‬ففذا يؽقن فقف معـك ققلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (تصدق بف وأصعؿ‬
‫أهؾؽ) ‪ ،‬فقتصدق بالستقـ مد ومازاد فقؽقن ٕهؾف‪ ،‬فنذن الصقاب يف اإلصعام لؽؾ مسؽقـ مد‪.‬‬

‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َحتَّك بَدَ ْ‬


‫ت َأكْقَابُ ُف ُث َّؿ‬ ‫ح َؽ رس ُ ِ‬ ‫قل اهللِ ما أحدٌ َأحقج مِـِّل َف َض ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫قال ( َف َؼ َال َيا َر ُس َ‬
‫َق َال ُك ْؾ ُف ) إذا طجز طـ الؽػارة هؾ تسؼط طؾقف أو ٓ تسؼط طؾقف؟ قال بعض العؾؿاء بدلقؾ هذا الحديث‬
‫تسؼط طـف ‪ ،‬وهق ققل إوزاطل ووجف طـد الشافعقة ‪ ،‬وبف قال ابـ خزيؿة واإلمام أحؿد ‪ ،‬بدلقؾ أكف لؿ‬
‫ُيذكر هفـا إلزامف هبا ‪ ،‬والحديث لؿ يذكر شقئا ‪ ،‬فدل طؾك سؼقط الؽػارة طـف ‪.‬‬

‫وذهب بعض أهؾ العؾؿ إلك لزوم الؽػارة يف حؼف وهق ما ُكؼؾ طـ طقسك بـ ديـار مـ الؿالؽقة والؼقل‬
‫هذا هق إحب طـد الشافعل ‪ ،‬أي أن تبؼك يف ذمتف وبف قال أبق حـقػة والثقري وأبق ثقر وغقرهؿ ‪ ،‬قالقا‬

‫‪87‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫‪ :‬الؽػارة تبؼك يف ذمتف وإن كان معسرا ‪ ،‬حتك يتقسر حالف وأمره ‪ ،‬فقتصدق أو يػعؾ الؽػارة التل تؾزمف‪،‬‬
‫وأما الحديث قالقا ‪ ٓ :‬يدل طؾك سؼقط الؽػارة طـف ٕكف ربؿا كان هذا الؿعـك ثابتا مـ قبؾ ‪ ،‬وإكؿا‬
‫أسؼطفا طـف ٕكف رآه هق أحقج‪.‬‬
‫وإضفر واهلل أطؾؿ أكف إن طجز سؼطت طـف ولؽـ إن تقسر أمره فنن بادر إلك ذلؽ ففق أفضؾ‪.‬‬

‫الؿسللة إخرى‪ :‬الؽػارة تؾزم الرجؾ فؼط أو تؾزم الؿرأة كذلؽ؟‬

‫فعـد مالؽ إذا صاوطتف الؿرأة لزمتفا الؽػارة ‪ ،‬تؾزم الرجؾ وتؾزم الؿرأة ‪ ،‬قال ‪ :‬أكتؿ تؼقلقن يجب طؾقف‬
‫الؼضاء ويجب طؾقفا الؼضاء‪ ،‬إذن تؾزمف الؽػارة وتؾزمفا الؽػارة ‪.‬‬
‫قال‪ :‬أما إذا أكرهفا فال يؾزمفا شلء وإكؿا طؾقف كػارتان ‪.‬‬

‫وقال أبق حـقػة‪ :‬إن صاوطتف لزمتفا كػارة ‪ ،‬أما إن أكرهفا فتؾزمف هق فؼط وٓ يؾزمفا شلء‪.‬‬

‫والؼقل الثالث‪ :‬أن الؽػارة تؾزم الرجؾ فؼط يف كؾ إحقال وبف قال إوزاطل والشافعل وأهؾ الظاهر‬
‫‪ ،‬ولعؾ هذا هق إققى ٕن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ لؿ يسلل الرجؾ هؾ صاوطتؽ أم لؿ تطاوطؽ ‪،‬‬
‫ولؿ يستػسر مـف يف شلء مـ ذلؽ ‪ ،‬فالؽػارة تؾزم الرجؾ فؼط ‪ ،‬ولعؾف مؿا يستلكس يف ذلؽ ققلف صؾك‬
‫اهلل طؾقف وسؾؿ ( ُخ ْذ َه َذا َفت ََصدَّ ْق بِ ِف)‪.‬‬

‫الؿسللة إخرى‪ :‬لق أكف وصئ تؽرر مـف القصل هذه فقفا ثالث صقر ‪.‬‬

‫‪ =9‬إذا تؽرر مـف القصل يف يقم واحد فال تؾزمف إٓ كػارة واحدة باإلجؿاع‪.‬‬

‫‪ =7‬وإذا وصئ يف يقم ثؿ ك ّػر ‪ ،‬ثؿ وصئ يقما آخرا تؾزمف كػارة أخرى باإلجؿاع‪.‬‬

‫‪ =9‬لؽـ لق أكف وصئ يف رمضان ولؿ يؽ ّػر ثؿ جاء رمضان آخر فقصئ مرة أخرى ففؾ تؾزمف كػارة أو‬
‫تؾزمف كػارتان؟‬

‫فقف خالف بقـ أهؾ العؾؿ ‪ ،‬قال مالؽ والشافعل وأبق ثقر‪ :‬طؾقف لؽؾ يقم كػارة‪.‬‬

‫وقال أبق حـقػة‪ :‬إن ك ّػر ثؿ وصئ لزمتف أخرى‪ ،‬وإٓ فال تؾزمف إٓ كػارة واحدة ققاسا طؾك السارق‬
‫والزاين إن تؽرر مـف ذلؽ ولؿ يؼؿ طؾقف الحد ‪ ،‬فنكؿا يؼام طؾقف حد واحد فؼط‪.‬‬

‫وقال الثقري‪ :‬أحب إلل أن يؽ ّػر طـ كؾ يقم ‪ ،‬لؽـ إن ك ّػر مرة واحدة أجزأه ‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وٓشؽ أن إققى أن لؽؾ يقم كػارة‪.‬‬

‫الؿسللة إخرى‪ :‬لق أكؾ أو شرب كاسقا ‪ ،‬وكذا لق جامع كاسقا ماحؽؿف؟‬

‫أما الجؿاع كسقاكا فجؿفقر العؾؿاء ‪ -‬وهق ققل الشافعل والثقري ورواية طـ أبل حـقػة وبف قال ططاء‬
‫ومجاهد وأبق ثقر وإسحاق‪ -‬قالقا‪ٓ :‬شلء طؾقف وهق مثؾ مـ أكؾ كاسقا‪.‬‬

‫وقال مالؽ ‪ :‬يؾزمف الؼضاء وٓ كػارة طؾقف ‪ ،‬وهق ققل الؾقث وإوزاطل‪.‬‬

‫وقال بعض الظاهرية تؾزمف الؽػارة والؼضاء ‪ ،‬فالؿجامع طـدهؿ تؾزمف الؽػارة والؼضاء سقاء كسل أو‬
‫تعؿد وهق ققل مشفقر طـ اإلمام أحؿد وقال ‪ :‬ضاهر ققل إطرابل (وقعت طؾك أهؾل) الـسقان‬
‫والجفالة سقاء ‪ ،‬ولؿ يسللف هؾ كسقت أم ٓ‪.‬‬

‫وإقرب هق ققل جؿفقر أهؾ العؾؿ أكف ٓشلء طؾقف‪ ٓ ،‬قضاء وٓ كػارة إلحاقا بإكؾ والشرب كسقاكا‬
‫‪ ،‬وقد جاء يف رواية (مـ أفطر يف شفر رمضان كاسقا فال شلء طؾقف)‪ ،‬وأما ما جاء يف الحديث (مـ كسل‬
‫فلكؾ أو شرب وهق صائؿ فؾقتؿ صقمف) فذكر إكؾ والشرب هفـا ٕن الغالب هق الذي ُيـسك‪ ،‬بخالف‬
‫الجؿاع ‪ ،‬أما إذا أكؾ أو شرب كاسقا فجؿفقر العؾؿاء طؾك أكف ٓ شلء طؾقف وٓ يؾزمف الؼضاء لؼقلف‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (فؾقتؿ صقمف فنكؿا أصعؿف اهلل وسؼاه)‪.‬‬

‫ولؽـ قال اإلمام مالؽ رحؿف اهلل تعالك (فال شلء طؾقف) أي ٓ إثؿ طؾقف ‪ ،‬ولؽـ يؾزمف الؼضاء ‪ ،‬وققل‬
‫مالؽ هـا كؼقل شقخف ربقعة ‪.‬‬

‫والصقاب هق ققل الجؿفقر أكف ٓ قضاء طؾقف وصقمف صحقح ٕن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قال‬
‫(فؾقتؿ صقمف) وسؿك فعؾف صقما ‪ ،‬وٓ ُيصرف هذا الصقم إٓ إلك الؿعـك الشرطل‪ ،‬وهق أكف صائؿ‪.‬‬

‫ثؿ جاء يف رواية طـد الدارقطـل وغقره أكف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قال (فؾقتؿ صقمف ‪ ،‬فنكؿا أصعؿف اهلل‬
‫وسؼاه)‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫‪89‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ب َأ َّك ُف‬‫قد ْب ِـ ا ْل ُؿ َس َّق ِ‬‫اء ب ِـ َطب ِد اهللِ ا ْل ُخراساكِل َطـ س ِع ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ ِّ ْ َ‬ ‫[و َحدَّ َثـل َط ْـ َمالؽ َط ْـ َط َط ْ ْ‬
‫ػ َش ْع َر ُه‬ ‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ َي ْض ِر ُب ك َْح َر ُه َو َيـْتِ ُ‬ ‫ك‬ ‫َّ‬
‫ؾ‬ ‫ص‬ ‫قل اهللِ‬
‫َق َال َجاء َأ ْطرابِل إِ َلك رس ِ‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ ُ‬ ‫َ َ ٌّ‬
‫قل َه َؾ َؽ ْإَ ْب َعدُ ]‬
‫َو َي ُؼ ُ‬
‫سؿك كػسف أبعدا ٕكف فعؾ فعال أبعده ‪.‬‬

‫ت َأ ْهؾِل َو َأكَا َصائِ ٌؿ فِل‬ ‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َو َما َذ َ‬ ‫قل اهللِ‬
‫اك َف َؼ َال َأ َصبْ ُ‬ ‫ُ‬ ‫ك‬ ‫َّ‬
‫ؾ‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫[ َف َؼ َال َل ُف َر ُس ُ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َه ْؾ َت ْستَطِق ُع أَ ْن ُت ْعتِ َؼ َر َقبَ ًة َف َؼ َال َٓ‬ ‫رمضا َن َف َؼ َال َلف رس ُ ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫ُ َ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف‬ ‫َف َؼ َال ه ْؾ َتستَطِقع َأ ْن ُتف ِدي بدَ كَ ًة َق َال َٓ َق َال َفاجؾِس َف ُلتِل رس ُ ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫ْ ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ ْ ُ‬
‫دَّق ب ِ ِف َف َؼ َال َما أَ َحدٌ َأ ْح َق َج مِـِّل َف َؼ َال ُك ْؾ ُف َو ُص ْؿ‬ ‫َو َس َّؾ َؿ بِ َع َر ِق َت ْؿ ٍر َف َؼ َال ُخ ْذ َه َذا َفت ََص ْ‬
‫ان َما َأ َصبْ َت]‬
‫َي ْق ًما َم َؽ َ‬
‫هذا الحديث كؿا رواه اإلمام مالؽ رواه السبعة ‪ ،‬وذكر البدكة فقف وهؿ مـ بعض رواتف طؾك الصحقح‪،‬‬
‫وإن كان جاء مـ صريؼ آخر مـ صريؼ الؾقث بـ أبل سؾقؿ طـ مجاهد ‪ ،‬لؽـف قد اضطرب فقف ‪.‬‬

‫ففذا الحديث ضعقػ بذكر البدكة هفـا ‪ ،‬فؾؿ يصح ذكر البدكة‪ ،‬وأما باققف ففق بؿعـك ما سبؼ‪.‬‬

‫ب ك َْؿ فِل َذل ِ َؽ ا ْل َع َر ِق م ِ ْـ التَّ ْؿ ِر َف َؼ َال‬ ‫[ َق َال َمالِؽ َق َال َط َطا ٌء َف َسلَ ْل ُت َس ِعقدَ بْ َـ ا ْل ُؿ َسقَّ ِ‬

‫َما بَ ْق َـ َخ ْؿ َس َة َط َش َر َصا ًطا إ ِ َلك ِط ْش ِري َـ]‬


‫وقد سبؼ‬

‫[ َق َال مالِؽ س ِؿع ُت أَه َؾ ا ْل ِع ْؾ ِؿ ي ُؼق ُلق َن َلقس َط َؾك مـ أَ ْف َطر يقما فِل َق َض ِ‬
‫اء َر َم َضا َن‬ ‫َ ْ َ َْ ً‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬

‫‪91‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫اهلل َط َؾقْ ِف‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِِ‬


‫بِنِ َصابَة أَ ْهؾف ك ََف ًارا َأ ْو َغقْ ِر َذل َؽ ا ْل َؽ َّػ َار ُة ا َّلتل ُت ْذك َُر َط ْـ َر ُسقل اهلل َص َّؾك ُ‬
‫ان َوإِك ََّؿا َط َؾ ْق ِف َق َضا ُء َذل ِ َؽ ا ْل َق ْق ِم َق َال َمالِؽ‬‫اب َأ ْه َؾ ُف ك ََف ًارا فِل َر َم َض َ‬ ‫ِ‬
‫َو َس َّؾ َؿ فق َؿ ْـ أَ َص َ‬
‫قف إِ َل َّل]‬‫ت فِ ِ‬
‫ب َما َس ِؿ ْع ُ‬ ‫َو َه َذا أَ َح ُّ‬
‫كؿا ذكركا وهذا ققل جؿفقر العؾؿاء يف مـ جامع ‪ ،‬يف قضاء هنار رمضان فنكف ٓ يؾزمف إٓ الؼضاء ٓ‬
‫تؾزمف الؽػارة ‪ ،‬خالفا لؼتادة فؼد ألزمف الؽػارة‪.‬‬

‫ومثؾ ذلؽ لق أكف كان يؼضل هنار رمضان ‪ ،‬فلفطر بلكؾ أو شرب فال يؾزمف إٓ أن يعقد الؼضاء ‪ ،‬خالفا‬
‫لؿا يـؼؾ طـ ابـ وهب وطـ ابـ الؼاسؿ أكف يؾزمف قضاء يقمقـ ‪ ،‬ققاسا طؾك مـ حج ‪ ،‬فنكف إذا أفسده‬
‫أفسد حجف بجؿاع أو كذا‪ ،‬فنكف يتؿ الحج ثؿ يؼضل يقما آخرا‪.‬‬

‫يعزر وبف ترجؿ‬


‫ومـ فقائد الحديث كذلؽ أن مـ ارتؽب معصقة ٓ حد فقفا وجاء مستػتقا فنكف ٓ ّ‬
‫البخاري يف صحقحف يف كتاب الحدود ‪ٕ ،‬ن الرجؾ جاء مستػتقا مـ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬وجاء‬
‫طؾك حال يدل طؾك الـدم والتقبة فال يعزر ‪ ،‬قالقا ٕن التعزير الؿؼصقد مـف آستصالح ‪ ،‬والرجؾ جاء‬
‫يعزر ‪.‬‬
‫كادما تائبا ففذا دلقؾ طؾك صالحف ‪ ،‬فنن لؿ يؽـ طؾك هذه الحال فبعض أهؾ العؾؿ قال ّ‬

‫ومـ الػقائد أيضا السمال طـ حؽؿ ما يػعؾف الؿرء مخالػا لؾشرع وأن التحدث بذلؽ مـ باب‬
‫الؿصؾحة لؿعرفة حؽؿ اهلل جؾ وطال ‪.‬‬
‫وفقف استعؿال الؽـاية يف إلػاظ بؼقلف (أصبت) أما رواية (وصئت) فؾعؾفا جاءت بالؿعـك‪،‬‬
‫وفقف مـ الػقائد الرفؼ بالؿتعؾؿ والتؾطػ بف يف التعؾقؿ وتللقػف طؾك الديـ‪.‬‬
‫وفقف الـدم طؾك الؿعصقة واستشعار الخقف مـ اهلل طز وجؾ‪.‬‬
‫وفقف الجؾقس يف الؿسجد لغقر صالة لتعؾؿ طؾؿ وكحق ذلؽ‪.‬‬
‫وفقف جقاز الضحؽ طـد وجقد سببف كؿا فعؾ طؾقف الصالة والسالم‪.‬‬
‫وفقف جقاز إخبار الرجؾ بؿا يؼع مع أهؾف طـد الحاجة فقؿا يحتاج أن يسللف‪.‬‬
‫وفقف جقاز الحؾػ لتلكقد إمر ‪.‬‬
‫وفقف التعاون طؾك العبادة كذلؽ‪.‬‬
‫وفقف السعل يف إخالص الؿسؾؿ وإططائف ما يؽػر بف طـ كػسف مؿا وقع فقف‪.‬‬
‫وفقف جقاز إططاء الؽػارة ٕهؾ البقت القاحد ‪.‬‬

‫‪91‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وفقف أن الؿضطر إلك الشلء لف أن يلخذه وٓ يجب طؾقف أن يعطل لغقره مادام لؿ يػضؾ لف مـ حاجتف‬
‫شلء‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫الصائِ ِؿ]‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬


‫[ َباب َما َجا َء فل ح َجا َمة َّ‬
‫أي هؾ يػطر أو ٓ ؟‬

‫ولؾعؾؿاء يف هذه الؿسللة ققٓن ‪ ،‬وجؿفقرهؿ طؾك أن الحجامة ٓ تػطر ‪ ،‬ومـفؿ مـ رأى أكف يؽره لف‬
‫الحجامة ‪ ،‬إن خشل طؾك كػسف الضعػ ‪ ،‬ومؿـ قال إن الحجامة ٓ تػطر ‪ ،‬اإلمام مالؽ هفـا ‪ ،‬والثقري‬
‫وأبق حـقػة ‪ ،‬ويف معـك ققلفؿ ققل الشافعل رحؿف اهلل‪ ،‬بدلقؾ ما سقليت ذكره ‪.‬‬

‫واختار اإلمام أحؿد وإسحاق ابـ راهقية طدم جقاز الحجامة وأهنا تػطره إن احتجؿ يف هنار رمضان‬
‫وهق ققل إوزاطل وططاء وابـ الؿبارك و طبد الرحؿـ بـ مفدي ‪ ،‬لؽـ ططاء قال الساهل يؼضل ‪،‬‬
‫والؿتعؿد طؾقف الؼضاء والؽػارة‪ ،‬وهذا ققل وسؿف بعض أهؾ العؾؿ بالشذوذ ‪ ،‬وكؼؾ هذا طـ أبل مقسك‬
‫إشعري رضل اهلل طـف يف أثر ُروي طـف واختؾػ يف إسـاده‪.‬‬

‫ودلقؾ مـ قال إن الحجامة تػطر حديث رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (أفطر الحاجؿ والؿحجقم)‬
‫وقد جاء مـ صرق كثقرة ‪ ،‬وهذه الطرق مـفا ما هق ضعقػ ّ‬
‫معؾ يف ققل جؿفقر أهؾ الحديث ‪ ،‬ومـفا‬
‫صرق اختؾػ يف تصحقحفا وتضعقػفا ‪ ،‬كطريؼ ثقبان الذي رواه اإلمام أحؿد وطبد الرزاق وابـ خزيؿة‬
‫‪ ،‬والطحاوي وأبق داود والـسائل وغقرهؿ ‪ ،‬فؼد صححف اإلمام أحؿد ‪ ،‬وطثؿان بـ سعقد الدارمل ‪،‬‬
‫وابـ خزيؿة وضعػف ابـ معقـ والبخاري وأبق حاتؿ‪.‬‬

‫ومثؾف حديث رافع بـ خديج طـد اإلمام أحؿد والرتمذي ‪ ،‬صححف أحؿد وابـ الؿديـل ‪ ،‬وكذا حديث‬
‫شداد بـ أوس طـد ابـ خزيؿة والدارمل وابـ أبل شقبة‪.‬‬

‫أما الحديث فنكف صحقح وأن رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قال (أفطر الحاجؿ والؿحجقم)‪ ،‬ولؽـ‬
‫ثبت طـف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ كؿا جاء يف البخاري طـ ابـ طباس ‪ ،‬أكف احتجؿ وهق صائؿ واحتجؿ وهق‬
‫مػطر وهق محرم ‪ ،‬ويف لػظ (احتجؿ وهق محرم صائؿ) ‪ ،‬ففذا يدل طؾك جقاز الحجامة لؾصائؿ ‪،‬‬

‫‪92‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫والحديث (أفطر الحاجؿ والؿحجقم) كان طام ا لػتح ‪ ،‬وابـ طباس إكؿا رأى الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‬
‫يحتجؿ وهق محرم صائؿ يف حجة القداع ‪ ،‬فقدل طؾك أن هذا الحديث يعترب كاسخا لؾحديث السابؼ‪.‬‬

‫وإن كان بعضفؿ قال‪ :‬مادام كان محرما فال ُيتصقر أن يؽقن محرما إٓ وهق مسافر ‪ ،‬ومادام كان مسافرا‬
‫فالؿسافر لف أن يػطر فلفط ر بالحجامة ‪ ،‬لؽـ ذكره أكف احتجؿ وهق محرم صائؿ ‪ ،‬ما أورد إٓ مـ باب‬
‫بقان فائدة جقاز الحجامة لؾصائؿ ويميد ذلؽ لػظ حديث أبل سعقد الخدري رضل اهلل طـف الذي فقف‬
‫(أن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ رخص يف الحجامة لؾصائؿ) رواه الـسائل وابـ خزيؿة والدارقطـل ‪،‬‬
‫واختؾػ يف رف عف ووقػف ولف صرق أخرى يثبت هبا ‪ ،‬ويميد ذلؽ أثار طـ الصحابة ‪ ،‬كؿا جاء طـ ابـ‬
‫طؿر أكف كان يحتجؿ وهق صائؿ ‪ ،‬لؽـ ترك ذلؽ ‪ ،‬ققؾ إكف مـ باب آحتقاط كؿا سقليت‪.‬‬

‫فـُؼؾ طـ ابـ طؿر أكف كان يحتجؿ وهق صائؿ ثؿ ترك ذلؽ ققؾ إكؿا تركف ٕجؾ آحتقاط خقف‬
‫الضعػ ‪ ،‬وقد جاء ذ لؽ طـ ابـ طؿر يف أثر أكف كان يحتجؿ وهق صائؿ يف رمضان وغقره ثؿ تركف ٕجؾ‬
‫الضعػ أي مـ باب آحتقاط ‪.‬‬

‫وجاء أيضا يف إثر طـ سعد بـ أبل وقاص رضل اهلل طـف وجاء أيضا يف أثر طـ زيد بـ ثابت وإن كان‬
‫فقف ضعػ وكحقه طـ أم سؾؿة رضل اهلل طـفا‪.‬‬

‫وذكر البخاري يف صحقحف يف أثر معؾؼ طـ أم طؾؼؿة واسؿفا مرجاكة قالت (كـا كحتجؿ طـد طائشة فال‬
‫تـفاكا) ووصؾف يف كتابف التاريخ الؽبقر رحؿف اهلل تعالك ‪.‬‬

‫ففذه أثار كؾفا تدل طؾك أهنؿ كاكقا يحتجؿقن ‪ -‬أي الصحابة‪ -‬يف هنار رمضان‪.‬‬

‫وكذلؽ جاء يف مصـػ طبد الرزاق طـ رجؾ مـ الصحابة أن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ هنك طـ‬
‫يحرمفؿا إبؼاء طؾك أصحابف ‪ ،‬بنسـاد صحقح‪.‬‬
‫الحجامة لؾصائؿ وطـ الؿقاصؾة ولؿ ّ‬

‫وجاء طـ ابـ أبل شقبة أيضا طـ أصحاب رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قالقا (إكؿا هنك رسقل اهلل‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ طـ الحجامة لؾصائؿ وكرهفا لؾضعقػ) أي لؽل ٓ يضعػ‪.‬‬

‫ويف ا لبخاري طـ أكس رضل اهلل طـف أكف سللف ثابت (أكـتؿ تؽرهقن الحجامة لؾصائؿ؟) قال (ٓ إٓ مـ‬
‫أجؾ الضعػ) ويف رواية قال (أكـتؿ تؽرهقن الحجامة لؾصائؿ طؾك طفد الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ)‬
‫قال (ٓ إٓ لؾضعػ)‪.‬‬

‫‪93‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ففذا يدل طؾك أن الحجامة ٓ ُتػطر الصائؿ وأهنا جائزة‪.‬‬

‫ومؿا يد ل طؾك ذلؽ أيضا إصؾ ‪ ،‬وهق ما ذكره ابـ طباس رضل اهلل طـفؿا يف ققلف (إكؿا اإلفطار مؿا‬
‫دخؾ ولقس مؿا خرج ) وهذا رواه ابـ أبل شقبة بسـد صحقح طـ ابـ طباس وروي كحقه طـ ابـ‬
‫مسعقد وإن كان يف إسـاده مؼال ‪،‬وجاء كحقه أيضا طـ طؽرمة رحؿف اهلل تعالك ‪.‬‬

‫وطؾك ذلؽ فإصح مـ الؼقلقـ أن الحجامة ٓ تػطر ‪ ،‬ولؽـ ُتؽره لؿـ تضعػف كؿا كؼؾ طـ أكس رضل‬
‫اهلل طـف وطـ غقره ‪.‬‬

‫قال طبقد اهلل‪:‬‬

‫[حدَّ َثـِل َي ْحقَك َط ْـ َمالِؽ َط ْـ كَافِ ٍع َط ْـ َطبْ ِد اهللِ بْ ِـ ُط َؿ َر أَكَّ ُف كَا َن َي ْحت َِج ُؿ َو ُه َق َصائِ ٌؿ‬
‫َ‬
‫َق َال ُث َّؿ َت َر َك َذل ِ َؽ َب ْعدُ َف َؽا َن إِ َذا َصا َم َل ْؿ َي ْحت َِج ْؿ َحتَّك ُي ْػطِ َر]‬
‫وجف ذلؽ ما ذكركاه يف إثر الذي جاء مقصقٓ طـ ابـ طؿر رضل اهلل طـفؿا‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫ص َو َطبْدَ اهللِ بْ َـ ُط َؿ َر كَاكَا‬ ‫[و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َط ْـ ابْ ِـ ِش َف ٍ‬


‫اب أَ َّن َس ْعدَ بْ َـ أَبِل َو َّقا ٍ‬
‫ان و ُهؿا صائِؿ ِ‬
‫ان]‬ ‫ِ ِ‬
‫َي ْحتَج َؿ َ َ َ َ‬
‫وهذا أثر مـؼطع لؽـ طـ ابـ طؿر قد ثبت ‪ ،‬وأما طـ سعد بـ أبل وقاص فؼد ذكره ابـ طبد الرب‬
‫مقصقٓ مـ صريؼ طػان بـ مسؾؿ طـ طبد القاحد بـ زياد ‪ ،‬طـ طثؿان بـ طؽقؿ طـ طامر بـ سعد أن‬
‫أباه كان يحتجؿ وهق صائؿ‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫‪94‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫َان َي ْحت َِج ُؿ َو ُه َق َصائِ ٌؿ ُث َّؿ َٓ‬ ‫[و حدَّ َثـِل َطـ مالِؽ َطـ ِه َشا ِم ب ِـ ُطرو َة َطـ أَبِ ِ‬
‫قف أَكَّ ُف ك َ‬ ‫ْ ْ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫احت ََج َؿ َق ُّط إِ َّٓ َو ُه َق َصائِ ٌؿ]‬ ‫ِ‬
‫ُي ْػط ُر َق َال َو َما َرأَ ْيتُ ُف ْ‬
‫هذا مـ فعؾ طروة بـ الزبقر رحؿة اهلل تعالك طؾقف‪ ،‬وقد قالقا أكف كان يقاصؾ‪.‬‬

‫ػ َو َل ْق َٓ َذل ِ َؽ َل ْؿ ُت ْؽ َر ْه‬ ‫ؾصائِ ِؿ إ ِ َّٓ َخ ْشقَ ًة مِ ْـ أَ ْن َي ْض ُع َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫[ َق َال َمالؽ َٓ ُت ْؽ َر ُه ا ْلح َجا َم ُة ل َّ‬
‫ان ُث َّؿ َسؾِ َؿ مِ ْـ أَ ْن ُي ْػطِ َر َل ْؿ أَ َر َط َؾقْ ِف َش ْقئًا َو َل ْؿ آ ُم ْر ُه‬ ‫احت ََج َؿ فِل َر َم َض َ‬ ‫َو َل ْق أَ َّن َر ُج ًال ْ‬
‫ؾصائِ ِؿ ل ِ َؿ ْق ِض ِع‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫احت ََج َؿ فقف ٕ َ َّن ا ْلح َجا َم َة إِكَّ َؿا ُت ْؽ َر ُه ل َّ‬ ‫بِا ْل َؼ َضاء ل َذل َؽ ا ْل َق ْق ِم ا َّلذي ْ‬
‫احت ََج َؿ َو َسؾِ َؿ مِ ْـ أَ ْن ُي ْػطِ َر َحتَّك ُي ْؿ ِس َل َف َال أَ َرى َط َؾقْ ِف َشقْئًا‬ ‫التَّ ْغ ِر ِير بِ ِّ‬
‫الصقَا ِم َف َؿ ْـ ْ‬
‫َو َل ْق َس َط َؾقْ ِف َق َضا ُء َذل ِ َؽ ا ْلقَ ْق ِم]‬
‫وهذا سبؼ بقاكف وتقضقيحف‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫قرا َء]‬ ‫[ َباب ِص َقا ِم َي ْق ِم َط ُ‬


‫اش َ‬
‫طاشقراء طؾك وزن فاطقٓء ‪ ،‬قال ابـ دريد وهق مـ طؾؿاء الؾغة (ٓ أطرف يف إوزان ماكان طؾك وزن‬
‫ساره ودالقٓء مـ د ّلف ومثؾفا طاشقراء وتاسقطاء)‬
‫فاطقٓء إٓ ضاروراء مـ الضر ‪ ،‬وساروراء مـ ّ‬

‫وهفـا يذكر ما هق يقم طاشقراء؟ وما حؽؿ صقامف ؟ وهؾ يصام معف يقم آخر أوٓ؟‬

‫فؽؿا ذكركا وزكف ‪ ،‬وأما ماهق؟ ففق الققم العاشر مـ شفر اهلل الؿحرم‪ ،‬وهذا ققل أكثر العؾؿاء ‪ ،‬جؿفقر‬
‫العؾؿاء أكف الققم العاشر مـ شفر محرم‪.‬‬

‫وذهب بعض أهؾ العؾؿ إلك أكف الققم التاسع مـ شفر محرم وطؿدهتؿ يف ذلؽ ما رواه مسؾؿ‪ ،‬طـ ابـ‬
‫طباس رضل اهلل طـفؿا أكف سئؾ طـ صقام طاشقراء فؼال لؾسائؾ (إذا أهؾ هالل محرم فاطدد تسعا ثؿ‬
‫اصبح صائؿا) قال (هؽذا كان يصقم الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ؟) قال (كعؿ هؽذا كان يصقم الـبل صؾك‬
‫اهلل طؾقف وسؾؿ)‪.‬‬

‫‪95‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫والجقاب طـف مـ كاحقتقـ‬

‫إولك‪ :‬أن ضاهره الققم العاشر ‪ٕ ،‬كف إذا طد تسعة أيام وقع صائؿا صبقحة العاشر‬

‫الثاكقة ‪ :‬وإن كان بعض إلػاظ يدل طؾك أكف يصقم التاسع فنكؿا قال لف ابـ طباس هذا ‪ٕ ،‬ن الـبل صؾك‬
‫هؿ بف‬
‫اهلل طؾقف وسؾؿ قالقا لف (إن القفقد يعظؿقكف) قال (لئـ طشت العام الؼابؾ ٕصقمـ التاسع) وما ّ‬
‫الـبل صؾك اهلل طؾق ف وسؾؿ ألقس يعد مـ سـتف؟ بؾك‪ .‬فنذن لؿا سئؾ ابـ طباس ‪ ،‬سئؾ بعد وفاة الـبل‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬فؼال مـ مـطؾؼ ماكان يريده صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬وهق لق طاش العام الؿؼبؾ‬
‫لقصقمـ التاسع وأيضا العاشر‪.‬‬

‫لؽـ بعض أهؾ العؾؿ قال ققلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (لئـ طشت العام الؼابؾ ٕصقمـ التاسع) هؾ‬
‫الؿراد ٕصقمـ التاسع خالف العاشر حتك أخالػ القفقد ؟ أم الؿراد ٕصقمـ التاسع والعاشر مخالػة‬
‫لؾقفقد؟‬

‫الجؿفقر طؾك الثاين ٓ طؾك إول‪ ،‬ودلقؾف واضح مـ الحديث مـ كاحقتقـ اثـتقـ‪:‬‬

‫أما إولك‪ :‬فألن الؿراد مـ الحديث الؿخالػة والؿخالػة تتؿ بؿاذا؟ (إن القفقد تعظؿف فتصقمف) ٓ‬
‫أصقمف ‪،‬ألقس هذه هل الؿخالػة؟ إضفر بؾك ‪.‬‬

‫فنذن الؿؼصقد مـ الحديث (ٕصقمـ التاسع) أن يخالػفؿ ‪ ،‬فالؿخالػة لفؿ طؾك هذا أضفر ما تؽقن يف‬
‫أن يػطر ٓ أن يصقم‪.‬‬

‫إمر الثاين أكف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قال (كحـ أولك بؿقسك مـؽؿ) إذن أراد صقامف تعظقؿا لـجاة مقسك‬
‫مـ فرطقن ‪ ،‬فقخالػفؿ بؿاذا؟ بلن يصقم التاسع ‪ ،‬ولفذا مع أن ابـ طباس كؼؾ طـف ققلف أن طاشقراء هل‬
‫الققم التاسع ‪ ،‬فؼد كؼؾ طـف ققل آخر وهق أيضا أهنا العاشر ‪ ،‬لؽـ يصقم التاسع والعاشر مخالػة لؾقفقد‬
‫‪ ،‬ولفذا قال ابـ طباس (فاطدد تسعا ثؿ اصبح صائؿا)‪.‬‬

‫وجاء طـف بسـد صحقح طـد البقفؼل وغقره أن يصقم التاسع والعاشر‪ ،‬أو يصقم العاشر ويقم قبؾف أو يقم‬
‫بعده تحؼقؼا لفذه الؿخالػة‪.‬‬

‫أما حؽؿ طاشقراء فؼد كان يف أول اإلسالم واجبا كؿا قالت طائشة رضل اهلل طـفا والحديث يف‬

‫‪96‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫البخاري (فؾؿا فرض رمضان ُترك طاشقراء) مامعـك ُترك؟ ُترك وجقبف‪ ،‬ترك القجقب وبؼل‬
‫آستحباب ‪ ،‬مـ أيـ أخذكا آستحباب؟ مـ أحاديث كثقرة ومـفا ققلف طؾقف الصالة والسالم فقؿا رواه‬
‫مسؾؿ مـ حديث أبل قتادة (صقم طاشقراء أحتسب طؾك اهلل أن يؽػر بف السـة الؿاضقة) بخالف صقم‬
‫طرفة سـة فائتة والؿؼبؾة‪ ،‬ففذا فقف إشارة إلك استحباب صقامف‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫قف َط ْـ َطائِشَ َة َز ْوجِ الـ َّبِ ِّل َص َّؾك‬


‫[حدَّ َثـِل يحقك َطـ مالِؽ َطـ ِه َشا ِم ب ِـ ُطرو َة َطـ َأبِ ِ‬
‫ْ ْ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫اهؾِقَّ ِة]‬
‫اشقراء يقما َتصقمف ُقري ٌش فِل ا ْلج ِ‬
‫َ‬ ‫َان َي ْق ُم َط ُ َ َ َ ْ ً ُ ُ ُ َ ْ‬ ‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َأك ََّفا َقا َل ْت ك َ‬
‫ُ‬
‫فؼريش كاكقا يصقمقكف‬

‫قل اهللِ ص َّؾك اهلل َط َؾق ِف وس َّؾؿ يصقمف فِل ا ْلج ِ‬


‫اهؾِقَّ ِة]‬ ‫َان َر ُس ُ‬
‫[وك َ‬
‫َ‬ ‫ُ ْ َ َ َ َ ُ ُُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ما وجدهؿ طؾقف‬

‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ ا ْل َؿ ِديـَ َة َصا َم ُف َوأَ َم َر ب ِ ِصقَامِ ِف]‬ ‫[ َف َؾؿا َق ِدم رس ُ ِ‬


‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َّ َ َ ُ‬
‫قدم الؿديـة كؿا جاء يف حديث ابـ طباس فقجدهؿ يصقمقكف قال (ولؿ؟) قال (ٕكف يقم كجك اهلل فقف‬
‫مقسك مـ فرطقن) قال (كحـ أولك بؿقسك مـؽؿ) فصامف وأمر بصقامف ‪ ،‬فصار صقامف طؾك القجقب ‪،‬‬
‫ولفذا جاء يف حديث الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ كؿا رواه البخاري أكف أصبح فلخرب أن الققم يقم‬
‫طاشقراء ‪ ،‬فلمر مـاديا يـادي (مـ لؿ يلكؾ فؾقتؿ صقمف ومـ أكؾ فؾقؿسؽ فنن الققم يقم طاشقراء) لؽـ‬
‫لؿا كزل رمضان ترك طاشقراء ‪ ،‬وبالتالل لؿ يدم صقم طاشقراء طؾك الػرضقة إٓ سـة واحدة ٕن‬
‫رمضان متك فرض؟ يف السـة الثاكقة‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫قرا َء َف َؿ ْـ َشا َء َصا َم ُف َو َم ْـ‬ ‫يض َة َو ُت ِر َك َي ْق ُم َط ُ‬


‫اش َ‬ ‫[ َف َؾ َّؿا ُف ِر َض َر َم َضا ُن كَا َن ُه َق ا ْل َػ ِر َ‬
‫َشا َء َت َر َك ُف]‬
‫إذن ففق طؾك آستحباب‪ .‬وحديث طائشة يف الصحقحقـ‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫ف َأكَّ ُف َس ِؿ َع‬ ‫اب َطـ حؿق ِد ب ِـ َطب ِد الرحؿ ِـ ب ِـ َطق ٍ‬


‫[و َحدَّ َثـل َط ْـ َمالؽ َط ْـ ابْ ِـ ش َف ٍ ْ ُ َ ْ ْ ْ َّ ْ َ ْ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬

‫قل َيا َأ ْه َؾ ا ْل َؿ ِديـ َِة]‬


‫قرا َء َطا َم َح َّج َو ُه َق َط َؾك ا ْل ِؿـ ْ َب ِر َي ُؼ ُ‬
‫اش َ‬ ‫ُم َع ِ‬
‫او َي َة بْ َـ أَبِل ُس ْػ َق َ‬
‫ان َي ْق َم َط ُ‬
‫يعـل العام الذي حج فقف لؿا كان يف الؿديـة خطبف‪.‬‬

‫قل ل ِ َف َذا ا ْلقَ ْق ِم َه َذا َي ْق ُم‬


‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َي ُؼ ُ‬ ‫ت رس َ ِ‬ ‫ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫اؤ ُك ْؿ َسؿ ْع ُ َ ُ‬ ‫[ َأ ْي َـ ُط َؾ َؿ ُ‬
‫َب َط َؾ ْق ُؽ ْؿ ِص َقا ُم ُف َوأَكَا َصائِ ٌؿ َف َؿ ْـ َشا َء َف ْؾ َق ُص ْؿ َو َم ْـ َشا َء َف ْؾقُ ْػطِ ْر]‬‫قرا َء َو َل ْؿ ُي ْؽت ْ‬
‫اش َ‬ ‫َط ُ‬
‫ففذا فقف إشارة إلك استحباب صقامف ‪ ،‬وجاء ما يدل طؾك ذلؽ أيضا مـ حديث ابـ طباس ‪ ،‬ومـ حديث‬
‫سؾؿة بـ إكقع رضل اهلل تعالك طـ الجؿقع‪.‬‬

‫أما ققلف (أيـ طؾؿاؤكؿ ) فالؿراد لعؾف رضل اهلل طـف أكف بؾغف أن هـاك مـ يـفك طـ صقامف‪ ،‬ويؽره صقامف‬
‫‪ ،‬أو أن هـاك مـ يقجب صقامف ‪ ،‬فلشار وقال (مـ شاء صام ومـ شاء أفطر) مؿا يدل طؾك آستحباب ‪،‬‬
‫فال كراهة يف صقامف كؿا أكف لقس بقاجب‪.‬‬

‫ار ِ‬
‫ث بْ ِـ ِهشَ ا ٍم أَ َّن‬ ‫اب أَ ْر َس َؾ إ ِ َلك ا ْل َح ِ‬ ‫[و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َأكَّ ُف بَ َؾ َغ ُف أَ َّن ُط َؿ َر بْ َـ ا ْل َ‬
‫خ َّط ِ‬

‫قرا َء َف ُص ْؿ َو ْأ ُم ْر َأ ْه َؾ َؽ أَ ْن َي ُصق ُمقا]‬ ‫َغدً ا َي ْق ُم َط ُ‬


‫اش َ‬
‫هؽذا رواه بالغا ‪ ،‬وجاء مـ صريؼ آخر طـد طبد الرزاق يف مصـػف طـ ابـ جريج طـ طبد الؿؾؽ بـ أبل‬

‫‪98‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫بؽر بـ طبد ال رحؿـ بـ الحارث بـ هشام ‪ ،‬أكف أخرب ابـ جريج أن طؿر بـ الخطاب أرسؾ إلك طبد‬
‫الرحؿـ بـ الحارث أي إلك جد طبد الؿؾؽ (أن غدا طاشقراء فصؿ وأمر أهؾؽ أن يصقمقا)‪ ،‬قال ابـ‬
‫طبد الرب‪ :‬وهذا متصؾ وأفضؾ مـ بالغ مالؽ رحؿف اهلل ‪ ،‬لؽـ يخشك ما فقف مـ آكؼطاع بقـ طبد‬
‫الؿؾؽ وأكف لؿ يدرك طؿر‪ ،‬إٓ أن يؽقن أخذه مـ جده إن أدركف أو سؿع مـف‪.‬‬

‫هذا يف الجؿؾة ما يؿؽـ ذكره فقؿا يتعؾؼ بعاشقراء ‪.‬‬

‫كؽتػل هبذا الؼدر‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫[شرح كتاب الصقام مـ مقصل اإلمام مالؽ]‬

‫لػضقؾة الشقخ أبل طبد الرحؿـ محؿد بـ خدة الجزائري‬

‫(( الؿجؾس السادس ))‬

‫إن الحؿد هلل كحؿده وكستعقـف وكستغػره ‪ ،‬وكعقذ باهلل مـ شرور أكػسـا ومـ سقئات أطؿالـا مـ يفده اهلل‬
‫فال مضؾ لف ومـ يضؾؾ فال هادي لف وأشفد أن ٓ إلف إٓ اهلل وحده ٓ شريؽ لف وأشفد أن محؿدا طبده‬
‫ورسقلف ‪ ،‬صؾك اهلل طؾقف وطؾك آلف وصحبف وسؾؿ تسؾقؿا كثقرا‪.‬أما بعد‪:‬‬

‫فنن خقر الؽالم كالم اهلل جؾ وطال ‪ ،‬وخقر الفدى هدى محؿد صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ وشر إمقر‬
‫محدثاهتا وكؾ محدثة بدطة وكؾ بدطة ضاللة وكؾ ضاللة يف الـار‪.‬‬

‫اكتفقـا طـد الؽالم طؾك ما يتعؾؼ بصقام يقم طاشقراء‪.‬‬

‫قال اإلمام مالؽ رحؿف اهلل تعالك‬

‫[ َباب ِصقَا ِم َي ْق ِم ا ْل ِػ ْط ِر َو ْإ َ ْض َحك َو ْ‬


‫الدَّه ِر]‬

‫جاء يف الؿقصل مـ رواية يحقك بـ يحقك الؾقثل إكدلسل رحؿف اهلل‬

‫[ َحدَّ َثـِل َي ْحقَك َط ْـ َمالِؽ َط ْـ ُم َح َّؿ ِد ْب ِـ َي ْحقَك ْب ِـ َحبَّا َن َط ْـ ْإ َ ْط َرجِ َط ْـ أَبِل ُه َر ْي َر َة‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ ك ََفك َط ْـ ِص َقا ِم َي ْق َم ْق ِـ َي ْق ِم ا ْل ِػ ْط ِر َو َي ْق ِم‬ ‫َأ َّن رس َ ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ُ‬
‫ْإ َ ْض َحك‪.‬‬
‫و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َأكَّ ُف َس ِؿ َع َأ ْه َؾ ا ْل ِع ْؾ ِؿ َي ُؼق ُل َ‬
‫قن َٓ بَ ْل َس بِ ِص َقا ِم الد َّْه ِر إِ َذا أَ ْف َط َر‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َط ْـ ِصقَامِ َفا َو ِه َل َأ َّيا ُم مِـًك َو َي ْق ُم‬ ‫ْإَيام ا َّلتِل كَفك رس ُ ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ َ ُ‬ ‫َّ َ‬
‫ت إِ َل َّل فِل َذل ِ َؽ ]‬ ‫ب َما َس ِؿ ْع ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ْإ َ ْض َحك َو َي ْق ُم ا ْلػ ْط ِر فق َؿا بَ َؾ َغـ َا َق َال َو َذل َؽ َأ َح ُّ‬

‫‪111‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫إذن هفـا الؽالم طـ صقام يقم الػطر وإضحك والدهر ‪ ،‬هذه الؿسللة وهل يف بقان ما يجقز صقامف مؿا‬
‫ٓ يجقز‪.‬‬

‫فالصقام طؾك أقسام صقام واجب وصقام مستحب وصقام حرام وصقام محؾ كراهة‪.‬‬

‫‪ =9‬فلما الصقام القاجب ففق طؾك قسؿقـ‪ :‬أ= صقام رمضان ‪ .‬ب= أو ماكان بسبب‪.‬‬

‫والصقام الذي هق بسبب أقسام‪ :‬فؿـف صقام الـذر ‪ ،‬وصقام قتؾ الخطل ‪ ،‬وكػارة الظفار ‪ ،‬وكػارة‬
‫الؿجامع يف هنار رمضان ‪ ،‬وكػارة القؿقـ ‪.‬‬

‫‪ =7‬وأما الصقام الؿستحب ففق أيضا طؾك أكقاع ‪ ،‬وبعضف أشد استحبابا مـ بعض ‪ ،‬كصقام طرفة وصقام‬
‫طاشقراء‪ ،‬وصقام ثالثة أيام مـ كؾ شفر ‪ ،‬وصقام أيام البقض ‪ ،‬وصقام اإلثـقـ والخؿقس‪ ،‬وصقام الست‬
‫مـ شقال ‪ ،‬واإلكثار مـ صقام شعبان ‪ ،‬وصقام التسع إول مـ شفر ذي الحجة والصقام يف شفر اهلل‬
‫الؿحرم‪.‬‬

‫وهذا الذي ذكركاه يف الصقام الؿستحب الؿـدوب إلقف مـف ما هق محؾ اتػاق ومـف ما هق محؾ خالف‪.‬‬

‫‪ =9‬والصقام الؿحرم مـف ما هق محؾ اتػاق ومـف ما هق محؾ خالف ‪ ،‬كصقام يقم الػطر ويقم إضحك‬
‫هذا مـفل طـف ‪ ،‬أما صقام الدهر محؾ خالف كؿا سقليت‪ ،‬وثؿة أيام أخرى محؾ خالف ‪ ،‬كصقام الـصػ‬
‫الثاين مـ شعبان ‪ ،‬كصقام يقم السبت وكصقام الجؿعة مـػردة لقحدها‪.‬‬

‫‪ =1‬ويف ضؿـ الصقام الؿـفل طـف مـفؿ مـ يرى كراهة الصقام‪.‬‬

‫إذن قال (باب صقام يقم الػطر ويقم إضحك) والعؾؿاء طؾك أكف ٓ يجقز صقام يقم الػطر ويقم‬
‫إضحك ‪ٕ ،‬ن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ هنك طـ ذلؽ ‪ ،‬هنك طـ صقام يقمقـ يقم الػطر ويقم‬
‫إضحك كؿا يف حديث أبل هريرة طـد البخاري ومسؾؿ‪.‬‬

‫وجاء هذا الحديث طـ طؿر رضل اهلل طـف ‪ ،‬وجاء أيضا طـ طثؿان ‪ ،‬وجاء مـ حديث طؾل رضل اهلل‬
‫طـف ‪ ،‬ومـ حديث غقرهؿ مـ الصحابة الؽرام ‪ ،‬رضقان اهلل طؾقفؿ‪.‬‬

‫فبآتػاق أكف ٓ يجقز صقام هذيـ الققمقـ‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫لؽـ لق وقع أكف كذر صقمفؿا تعققـا أو مقافؼة مـ غقر اتػاق ‪ ،‬لق قال كذرت أن أصقم يقم الػطر أو يقم‬
‫إضحك ‪ ،‬أو قال كذرت أن أصقم الققم الذي يجلء فقف فالن ‪ ،‬فققع بققم الػطر أو بققم إضحك هؾ‬
‫يجقز صقمف أو ٓ يجقز صقمف؟‬

‫يػرققن ‪ ،‬إن كذر صقمف وقال ‪ :‬كذرت أن أصقم الققم الػالين‬


‫فجؿفقر العؾؿاء طؾك أكف ٓ يصقمف ‪ ،‬ثؿ ّ‬
‫وط ّقـ إضحك أو الػطر ففذا كذر خالػ الشرع (ومـ أحدث يف أمركا مالقس مـف ففق رد) ‪( ،‬ومـ طؿؾ‬
‫طؿال لقس طؾقف أمركا ففق رد) فتعققـف هذا الققم كذرا هذا واقع يف الـفل والـفل يؼتضل الػساد طؾك‬
‫خالف بقـفؿ‪ ،‬فال يعتربون هذا الـذر‪ ،‬ويؼقلقن ‪ ٓ :‬يػل بف‪ ،‬وطدم القفاء بف هق رواية طـ الشافعل‬
‫وكذلؽ طـ أبل حـقػة ‪ ،‬وطـ مالؽ خالف ‪ ،‬ققؾ ٓ يؼضل وٓ يػل بف‪ ،‬وققؾ‪ ٓ :‬يصقم يقم الػطر وٓ‬
‫يقم إضحك ولؽـ يؼضل ذلؽ‪.‬‬

‫وطـد أبل حـقػة هذا يعترب كذرا صحقحا ولؽـ ٓ يصقمف وإكؿا يصقم يقما مؽاكف ‪ ،‬وهق ققل أيضا ٕبل‬
‫يقسػ ومحؿد بـ الحسـ ورواية طـ الشافعل‪.‬‬

‫والجؿفقر أن الـذر غقر صحقح وٓ يؾزمف الؼضاء‪.‬‬

‫وجاء يف صحقح البخاري طـ ابـ طؿر أن رجال سللف أكف كذر أن يصقم يقما ‪-‬أضـف قال اإلثـقـ جاء يف‬
‫الرواية‪ -‬فقافؼ ذلؽ يقم طقد ‪ ،‬فؼال ابـ طؿر رضل اهلل تعالك طـفؿا (أمر اهلل بقفاء الـذر وهنك طـ صقم‬
‫هذا الققم) فاختؾػ أهؾ العؾؿ يف تقجقف كالم ابـ طؿر هذا‪.‬‬

‫‪ =9‬فؼقؾ إن ابـ طؿر تقرع يف الػتقا ولؿ يؼؾ شقئا لتعارض هذيـ الدلقؾقـ‪.‬‬

‫‪ =7‬وققؾ لعؾ الؿراد مـف أكف أشار إلك تؼديؿ الخاص طؾك العام ‪ ،‬فاهلل أمر بالقفاء بالـذر طؿقما ‪ ،‬ولؽـ‬
‫يخص مـ ذلؽ أكف إن كان فقف هنل فال يـ ّػذ ‪ ،‬والـفل جاء طؾك خصقص يقم العقد فقؼضل الخاص طؾك‬
‫العام‪.‬‬

‫‪ =9‬وققؾ بؾ كؾ مـفؿا طام فؽؿا أن القفاء بالـذر طؾك العؿقم فؽذلؽ الـفل طـ صقام يقم العقد مقجف‬
‫خطابا لعامة الؿؽؾػقـ‪.‬‬

‫وققؾ إن الؿراد أن الـفل طـ صقم يقم العقد هفـا وذكره لؾقفاء بالـذر أشار إلك قاطدة تعارض إمر‬
‫والـفل فليفؿا يؼدّ م ؟ قالقا يؼدم الـفل فنذن أشار إلك أكف ٓ يصقمف‪.‬‬

‫‪112‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫‪ =1‬وققؾ يف ذلؽ إن ابـ طؿر أشار إلك أكف ٓ يصقم ٕن الـذر وافؼ هنقا ‪ ،‬كؿا أكف لؿا سئؾ طؿـ كذر أن‬
‫يحج ماشقا أشار إلقف أكف يركب‪.‬‬

‫ففذا معـك تقجقف ابـ طؿر رضل اهلل طـفؿا لؾصقام يف هذا الحديث‪.‬‬

‫وإققى‪:‬‬

‫‪ =9‬أكف إذا كذر كذرا معقـا الػطر أو إضحك ‪ ،‬ففذا كذر ٓ يصح‪ ،‬ومـ كذر أن يعصل اهلل فال يعصف قال‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يف حديث طؿر طـدما قال (إين كذرت يف الجاهؾقة أن أطتؽػ لقؾة يف الؿسجد‬
‫الحرام) أو قال (يقما) قال (مـ كذر أن يطقع اهلل فؾقطعف ومـ كذر أن يعصل اهلل فال يعصف) ‪ ..‬وهذا كذر أن‬
‫يصقم يقم الػطر أو يقم إضحك وهق يقم مـفل طـف‪ ،‬ففذه معصقة ٓ يليت هبا ‪ ،‬وٓ يػل بـذر الؿعصقة‪،‬‬
‫فؿـ كذر أن يعصل اهلل جؾ وطال فال يعصف‪.‬‬

‫‪ =7‬أما إن طؾؼ كذره طؾك شلء كؼدوم زيد أو كذا ‪ ،‬وكان قدومف يف يقم الػطر أو يف يقم إضحك ‪،‬‬
‫وكان قدومف يف ذاك الققم ‪ ،‬أو يقم قبؾف حتك يصقم الققم الذي بعده ‪،‬فال يجقز لف أن يصقمف ولف أن‬
‫يصقم مؽاكف يقما آخرا‪.‬‬

‫وأما صقام الدهر فالؿراد بالدهر إبد ‪ ،‬وقد قال صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (ٓ صام مـ صام إبد) وذكر‬
‫ذلؽ مرتقـ ‪ ،‬رواه البخاري ومسؾؿ طـ طبد اهلل بـ طؿرو رضل اهلل طـفؿا ‪ ،‬وجاء مـ حديث أبل قتادة‬
‫طـد مسؾؿ أيضا (لؿ يصؿ ولؿ يػطر‪ .)..‬وقد اختؾػ أهؾ العؾؿ يف ذلؽ أي يف صقام الدهر ‪.‬‬

‫‪ =9‬وقد ذكر مالؽ هفـا أكف سؿع أهؾ العؾؿ يؼقلقن (ٓ بلس بصقام الدهر إذا أفطر إيام التل هنك رسقل‬
‫اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ طـ صقامفا‪ ،‬وهل أيام مـك ويقم إضحك ويقم الػطر فقؿا بؾغـا)‪.‬‬

‫وهذا ققل أكثر أهؾ العؾؿ طؾك أكف يجقز صقام الدهر إذا اجتـب إيام التل جاء الـفل طـ صقامفا ‪،‬‬
‫قالقا‪ :‬مادام الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ هنك طـ صقام يقم كذا وكذا وكذا ‪ ،‬ففذا دلقؾ طؾك جقاز صقام‬
‫ما طداها مـ إيام ولق صام كؾ باقل أيام السـة‪.‬‬

‫‪ =7‬بؾ مـفؿ مـ ذهب إلك استحباب ذلؽ كؿا كؼؾ طـ بعض السؾػ‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫‪ =9‬وذكر بعضفؿ أكف يستحب إذا لؿ يػقت حؼا واجبا ‪ ،‬وأما إذا كان يػقتف شلء مـ الحؼ فقصقر مـ‬
‫باب الؽراهة ‪ ،‬فنن لؿ يػتف شلء مـ الحؼ أو استقى إمر طـده ‪ ،‬فقصقر جائزا أن يصقم الدهر‪،‬‬
‫واستدلقا طؾك ذلؽ بحديث طبد اهلل بـ طؿرو لؿا بؾغ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أكف يصقم الدهر قال‬
‫(بؾغـل أكؽ تصقم الدهر) قال (كعؿ) قال (ٓ تػعؾ صؿ ثالثة أيام مـ كؾ شفر ‪ ..‬ثؿ يقما وأفطر تسعا‪)...‬‬
‫قال (إين أصقؼ أكثر مـ ذلؽ) فؾؿ يزل معف حتك قال (صؿ يقما وأفطر يقما) ‪ ،‬وذكر يف لػظ الحديث لؿا‬
‫قال (ٓ تصؿ الدهر) قال (إكؽ إذا فعؾت ذلؽ هجؿت طقـؽ وكػفت كػسؽ) والؿعـك أكف قد تػقت‬
‫واجبا أو حؼا‪ ،‬فنن لؿ تػقت واجبا أو حؼا جاز لؽ أن تصقم‪.‬‬

‫ولفذا قال ابـ خزيؿة (ذكر العؾة التل هبا زجر الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ طـ صقم الدهر فؽلكف يػقت‬
‫حؼققا فنن لؿ يػقت الحؼقق فنكف يجقز لف أن يصقم) وأيدوا ذلؽ بحديث حؿزة بـ طؿرو إسؾؿل قال‬
‫(يا رسقل اهلل إين أسافر وأسرد الصقم أفلصقم؟) قال (صؿ إن شئت وأفطر إن شئت) فؼد ذكر لف سرد‬
‫الصقام وقد أذن لف الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يف ذلؽ‪.‬‬

‫وإكؿا مـع طبد اهلل بـ طؿرو ٕكف طؾؿ مـف أكف قد يػقت أمقرا أو يػقت حؼققا‪ ،‬ولفذا قال لف (صؿ يقما‬
‫وأفطر يقما)‪.‬‬

‫‪ =1‬ومـ العؾؿاء مـ ذهب إلك كراهقة صقام الدهر مطؾؼا وهق ققل الظاهرية وبف قال إسحاق وهق‬
‫رواية طـ اإلمام أحؿد وقال بف ابـ العربل ‪-‬مـ الؿالؽقة‪ -‬حقث قال (حديث رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف‬
‫وسؾؿ ٓ صام مـ صام الدهر ‪ ،‬إن كان دطاء فقيح لؿـ دطا لف الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ هبذا ‪ ،‬وإن كان‬
‫خربا فقيح لؿـ أخرب طـف الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ بذلؽ)‪.‬‬

‫وققلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يف حديث طبد اهلل بـ طؿرو (ٓ أفضؾ مـف) ‪-‬يعـل صقام داود‪ -‬دلقؾ طؾك‬
‫أكف فقف مـع طـ صقام الدهر ‪ ،‬وحؿؾقه طؾك الؽراهة‪.‬‬

‫ومـفؿ مـ قال بؾ يحؿؾ الـفل طؾك ضاهره ٕن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قال (ٓ صام مـ صام‬
‫الدهر)‪.‬‬

‫وٓ شؽ أن الؿراد صقام غقر إيام الؿـفقة ٕن بعض العؾؿاء قالقا ‪ ٓ( :‬صام مـ صام الدهر) أو (مـ‬
‫صام الدهر ٓ صام وٓ أفطر) أي لق أكف صام كؾ أيام السـة بؿا فقفا يقمل الػطر وإضحك أو أيام‬
‫التشريؼ كذلؽ قالقا لقس هذا الؿراد ‪ ،‬إكؿا الؿراد الـفل طـ الصقام ما طدا إيام الؿـفل طـفا‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ففذا الـفل يحؿؾ طؾك الظاهر ‪ ،‬وأيدوا ذلؽ بآثار طـ الصحابة ومـفا أكف جاء طـ طؿر رضل اهلل طـف أكف‬
‫بؾغف طـ رجؾ يصقم الدهر فجاءه بالدرة فعاله هبا وقال (يا دهري) رواه ابـ أبل شقبة بسـد صحقح‪.‬‬

‫وجاء أيضا مـ صريؼ آخر أن طبد الرحؿـ بـ أبل كُعؿ كان يصقم الدهر فؼال طؿرو بـ مقؿقن (لق رأى‬
‫هذا أصحاب الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ لرجؿقه) وهذا ٓشؽ وٓ ريب أن فقف الـفل الشديد ‪ ،‬والقطقد‬
‫الشديد طـ أن يصقم الدهر‪.‬‬

‫ثؿ أيضا ضاهر الحديث (ٓ صام وٓ أفطر)‪ ،‬أي (ٓصام) ٓ أجر لف ‪( ،‬وٓ أفطر) فلمسؽ ففذا يميد‬
‫الـفل كذلؽ‪.‬‬

‫وجاء يف حديث طبد اهلل بـ طؿرو أن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قال (ٓ أفضؾ مـف) ففذا فقف اإلشارة‬
‫إلك الـفل‪.‬‬

‫وجاء يف الحديث أيضا أكف مازال يستزيده (إين أصقؼ أكثر مـ ذلؽ) والـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يـفاه‬
‫ويؿـعف‪ ،‬فدل طؾك أن صقام الدهر مـفل طـف‪.‬‬

‫أما ققلفؿ ‪ :‬قد سلل حؿزة بـ طؿرو إسؾؿل الـبل طـ سرد الصقم فلذن لف فؼال (إن شئت فصؿ وإن‬
‫شئت فلفطر) ففـا إكؿا ذكر لف سرد الصقم يف السػر ‪ ،‬ولقس صقام الدهر أبدا‪.‬‬

‫ولفذا قد جاء طـ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (كان يصقم حتك يؼال ٓ يػطر وكان يػطر حتك يؼال ٓ‬
‫يصقم) وجاء طـف أكف كان يسرد الصقم ولؽـ لقس الؿراد صقام الدهر‪.‬‬

‫وأما ما جاء يف بعض إحاديث (مـ صام ثالثة أيام مـ كؾ شفر فؽلكؿا صام الدهر) ‪( ،‬ومـ صام‬
‫رمضان ثؿ أتبعف بست مـ شقال فؽلكؿا صام الدهر كؾف) قالقا‪ :‬ففذا يدل طؾك أن صقام الدهر لف شرف ‪،‬‬
‫ففذا الؿؼصقد مـف بقان الثقاب وإجر ‪ ،‬ولقس فقف تجقيز صقام الدهر كؾف‪ ،‬ويميد هذا ققة حديث أبل‬
‫مقسك إشعري رضل اهلل طـف طـ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أكف قال (مـ صام الدهر ُضقؼت طؾقف‬
‫جفـؿ) وطؼد يده صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬وهذا الحديث لف صرق كثقرة ‪ ،‬رواه الطقالسل والبزار ‪ ،‬ورواه‬
‫أيضا اإلمام أحؿد وابـ أبل شقبة بلساكقد صحاح ‪ ،‬ولف صريؼ طـد طبد الرزاق وطـد ابـ خزيؿة وغقرهؿ‬
‫كذلؽ ‪ ،‬وأساكقده صحقحة ‪ ،‬وضاهره كؿا قال ابـ حجر رحؿف اهلل أكف يحؿؾ طؾك ضاهره‪ ،‬وأكف يعـل فقف‬
‫القطقد الشديد لؿـ صام الدهر‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وبعضفؿ قال إكؿا الؿراد (ضقؼت طؾقف) أي طـف فال يدخؾفا‪ ،‬وهذا الؿعـك حؽاه إثرم طـ مسدد ورده‬
‫اإلمام أحؿد ‪ ،‬وحؽاه أيضا ابـ خزيؿة وذكره الؿزين ‪ ،‬لؽـ رده ابـ حزم رحؿف اهلل فؼال (هذه كؽتة‬
‫وكذبة) أما كقهنا كؽتة فؼال ٕن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ لؿ يؼؾ ‪ :‬ضقؼت طـف جفـؿ‪ ،‬وإكؿا قال‬
‫(ضقؼت طؾقف) وأما كقهنا كذبة قال ٕن إئؿة رووه يف باب الـفل طـ صقام الدهر ولقس يف باب‬
‫التػضقؾ لصقام الدهر‪.‬‬

‫وحؿؾف ابـ حجر طؾك مـ ضقع حؼا أو حؼققا‪.‬‬

‫وإقرب يف صقام الدهر كؿا ذكركا أكف مـفل طـف لظاهر هذه إحاديث وهق واضح‪.‬‬

‫مـ أجاز صقام الدهر أيفؿ أفضؾ طـده صقام الدهر أو صقام داود ‪ ،‬مـفؿ مـ رجح صقام الدهر ومـفؿ‬
‫مـ رجح صقام داود ‪ ،‬وٓشؽ أن صقام داود أفضؾ لؼقلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (ٓ أفضؾ مـف) بعد أن‬
‫بقـف لعبد اهلل بـ طؿرو ‪ ،‬لؽـ مـفؿ مـ قال إكؿا قال لف (ٓ أفضؾ مـف) هذا يف حؼ مـ ضقع الحؼقق ‪ ،‬أما‬
‫مـ لؿ يػقت حؼا فنكف إن صام فصقام الدهر أفضؾ مـ صقام داود لؿا فقف مـ إكثار العؿؾ والطاطة ‪ٓ،‬‬
‫مـزٓ لؾؿـزلة ‪ ،‬وإكؿا يؽقن معؾقا ورافعا لؿـزلة اإلكسان طـد اهلل جؾ وطال‪.‬‬

‫وهذا يف الحؼقؼة لقس مس ّؾؿا ٕن صالة الـافؾة يف وقت الـفل مـفل طـفا فال تجقز كؿا هق معروف‬
‫ومؼرر طـد أهؾ العؾؿ‪.‬‬

‫ولفذا إقرب وإققى أن صقام الدهر مـفل طـف وأفضؾ الصقام صقام داود طؾقف الصالة والسالم‪.‬‬

‫قال‬

‫الص َقا ِم]‬ ‫[باب الـَّف ِل َطـ ا ْل ِقص ِ ِ‬


‫ال فل ِّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬

‫قال طبقد اهلل بـ يحقك‬

‫اهلل َط َؾ ْق ِف‬ ‫[حدَّ َثـِل يحقك طـ مالِؽ طـ كَافِ ٍع طـ طب ِد اهللِ ب ِـ طؿر أَ َّن رس َ ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫ْ ُ ََ َ ُ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ َْ َ ْ َ‬ ‫َ‬
‫قل اهللِ َفنِك ََّؽ ُتق ِ‬
‫اص ُؾ َف َؼ َال إِكِّل َل ْس ُت ك ََفقْئَتِ ُؽ ْؿ‬ ‫َوس َّؾؿ ك ََفك َط ْـ ا ْل ِق َص ِ‬
‫ال َف َؼا ُلقا َيا َر ُس َ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬
‫إِكِّل أُ ْص َع ُؿ َوأُ ْس َؼك]‬

‫‪116‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وقد روى الحديث البخاري ومسؾؿ‪.‬‬

‫قال‬

‫قل اهللِ َص َّؾك‬ ‫الزك ِ‬


‫َاد َط ْـ ْإ َ ْط َرجِ َط ْـ أَبِل ُه َر ْي َر َة َأ َّن َر ُس َ‬ ‫[و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َط ْـ َأبِل ِّ‬
‫قل‬ ‫اهلل َط َؾق ِف وس َّؾؿ َق َال إِيا ُكؿ وا ْل ِقص َال إِيا ُكؿ وا ْل ِقص َال َقا ُلقا َفنِك ََّؽ ُتق ِ‬
‫اص ُؾ َيا َر ُس َ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ َ َ‬ ‫َّ ْ َ َ‬ ‫ُ ْ َ َ َ‬
‫قت ُي ْط ِع ُؿـِل َربِّل َو َي ْس ِؼقـِل]‬ ‫اهللِ َق َال إِكِّل َل ْس ُ‬
‫ت ك ََفقْئَتِ ُؽ ْؿ إِكِّل َأبِ ُ‬
‫وكذلؽ هذا الؾػظ مـ صريؼ أبل هريرة جاء يف الصحقحقـ طـد البخاري ومسؾؿ‪.‬‬

‫القصال الؿراد بالقصال أن يصؾ الققم بالققم أخر وٓ يػطر وٓ يلكؾ يف الؾقؾ شقئا قصدا‪.‬‬

‫وإحاديث يف الـفل طـ القصال كثقرة‪ ،‬وجاءت طـ كثقر مـ الصحابة ‪ ،‬مـفؿ ابـ طؿر وأبق هريرة وأبق‬
‫سعقد الخدري وأكس بـ مالؽ ‪ ،‬طائشة رضل اهلل تعالك طـ الجؿقع‪.‬‬

‫واختؾػ أهؾ العؾؿ يف جقاز ذلؽ ومـعف فؿـفؿ مـ أجازه مطؾؼا ‪ ،‬ومـفؿ مـ مـعف‪ ،‬ومـفؿ مـ مـع‬
‫وصؾ يقم بققم لؽـ القصال إلك السحر أجازه‪.‬‬

‫‪ =9‬فؿؿـ أجاز وصؾ يقم بققم وأكثر ‪ ،‬طبد اهلل بـ الزبقر ‪ ،‬وطامر بـ طبد اهلل بـ الزبقر‪ ،‬وأخت أبل‬
‫سعقد الخدري‪ ،‬وطبد الرحؿـ بـ أبل ُك ْعؿ ‪ ،‬وإبراهقؿ بـ زيد التقؿل‪ ،‬وأبق الجقزاء وغقرهؿ ‪ ..‬فؼالقا‪:‬‬
‫الؿـع لؿـ يضره القصال فنن لؿ يضره جاز لف ذلؽ واستدلقا بؼقلف طؾقف الصالة والسالم (إين لست‬
‫كفقئتؽؿ) وققلف (اكؾػقا مـ العؿؾ ما تطقؼقن) وققلف يف الحديث هنك طـ القصال رحؿة لفؿ‪ ،‬وجاء يف‬
‫رواية أخرى طـد أبل داود الـفل طـ الحجامة والؿقاصؾة قال (ولؿ يحرمفا إبؼاء طؾك أصحابف)‪.‬‬

‫فؿـ قدر طؾك القصال جاز لف ذلؽ هذا الؼقل إول‪.‬‬

‫‪ =7‬وذهب اإلمام أحؿد وإسحاق بـ راهقية وابـ الؿـذر وصائػة مـ الؿالؽقة إلك جقاز القصال إلك‬
‫السحر فؼط لؼقلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (ٓ تقاصؾقا فليؽؿ أراد أن يقاصؾ فؾققاصؾ إلك السحر) رواه‬
‫البخاري مـ حديث أبل سعقد الخدري‪.‬‬

‫‪117‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وما يدل طؾك الـفل أن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ هناهؿ طؾك القصال فلبقا إٓ أن يقاصؾقا فقاصؾ هبؿ‬
‫يقما فظفر الفالل‪ ،‬قال (لق لؿ يظفر لزدتؽؿ) قال كالؿـؽر لفؿ حقـ أبقا أن يـتفقا‪ .‬رواه البخاري طـ‬
‫أبل هريرة‪.‬‬

‫‪ =9‬وذهب الجؿفقر إلك كراهقة القصال مطؾؼا ‪ ،‬وهق ققل مالؽ والثقري وغقرهؿا ‪ٕ ،‬كف صؾك اهلل‬
‫طؾقف وسؾؿ هناهؿ طـ القصال ‪ ،‬وحديث البخاري أكف واصؾ هبؿ حتك يدع الؿتعؿؼقن تعؿؼفؿ ‪،‬‬
‫واستدلقا بؼقلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (إين لست كفقئتؽؿ) ففذا يدل طؾك خصقصقتف بف‪ ،‬وأيدوا ذلؽ‬
‫بحديث رواه اإلمام أحؿد والطرباين وغقرهؿ بسـد صحقح إلك لقؾك امرأة بشقر الخصاصقة ‪ ،‬أهنا أرادت‬
‫صقام يقمقـ وأن تقاصؾ يقمفؿا فؼال بشقر (إن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ هنك طـ ذلؽ) وقال (إكؿا‬
‫يػعؾ ذلؽ الـصارى ولؽـ صقمقا كؿا أمركؿ اهلل ثؿ أتؿقا الصقام إلك الؾقؾ فنذا كان الؾقؾ فلفطروا) ‪،‬‬
‫وأيدوا هذا بؼقلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (إذا أقبؾ الؾقؾ مـ هفـا وأدبر الـفار مـ هفـا وغاب الؼرص فؼد‬
‫أفطر الصائؿ) رواه البخاري ومسؾؿ طـ طؿر‪.‬‬

‫ففذا دلقؾ طؾك أن الؾقؾ ٓ خصقصقة فقف لؾصقام ‪ ،‬فؿـ صامف فغقر مـتػع بف ‪ ،‬ويميده ققلف تعالك { ُث َّؿ‬
‫الص َقا َم إِ َلك ا َّلؾ ْق ِؾ} [ البؼرة‪.]954/‬‬ ‫ِ‬
‫َأت ُّؿق ْا ِّ‬

‫قالقا ومـ أجازه إلك السحر فنكف محجقج بتػضقؾ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ بتعجقؾ الػطر وأكف ٓ‬
‫يزال الـاس بخقر ما طجؾقا الػطر ‪ ،‬وكان الصحابة أطجؾ الـاس فطرا‪.‬‬

‫وإققى الـفل طـ القصال وأكف إكؿا يمذن ويرخص فقف إن واصؾ إلك حد السحر‪ ،‬والؿبالغة إلك‬
‫تعجقؾ الػطر لؼقلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (ٓتزال أمتل بخقر ما طجؾقا الػطر)‪.‬‬

‫ومعـك ققلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (إين لست كفقئتؽؿ إين أصعؿ وأسؼك) ويف رواية (إين أبقت يطعؿـل‬
‫ربل ويسؼقـل) يف لػظ (أبقت) ويف لػظ (أضؾ) وأكثر الروايات طؾك لػظ (أبقت) والؿراد مـ هذا وقت‬
‫الؾقؾ‪ ،‬و(أضؾ) يف سائر الققت لقال أو هنارا ‪ ،‬وجاء يف رواية زيادة (إين أبقت طـد ربل يطعؿـل ويسؼقـل)‬
‫قال بعض العؾؿاء ‪ :‬اإلصعام واإلسؼاء طؾك الحؼقؼة ‪ ،‬ومادام إصعاما حؼقؼقا ‪ ،‬لقس الؿراد كنصعام مـ‬
‫يطعؿ صعام الدكقا ‪ ،‬وإكؿا هق صعام خاص مـ الجـة ‪،‬فؽلكف لقس بطعام ‪ ،‬ففق يف حؽؿ الؿقاصؾ الذي‬
‫لؿ يلكؾ‪.‬‬

‫وققؾ بحؿؾف طؾك الؿجاز‪ ،‬فالؿراد أكف يػاض طؾقف ما يعطقف ققة فقسد مسد الطعام والشراب‪.‬‬

‫‪118‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وققؾ الؿعـك اكشغالف بالتػؽر يف طظؿة اهلل طز وجؾ ‪ ،‬ومشاهدة طظؿتف والتغذي بؿعارفف وقرة طقـف ‪،‬‬
‫واستغراقف يف مـاجاة اهلل طز وجؾ واإلقبال طؾقف هذا يغـقف طـ الطعام والشراب‪ ،‬وهق ما اختاره اإلمام‬
‫ابـ الؼقؿ رحؿف اهلل‪ ،‬وهذا الغذاء قد يؽقن أطظؿ مـ غذاء إجسام كؿا يعؾؿ هذا ‪ ،‬فؽثقر مـ الـاس إذا‬
‫أصابف الػرح فؾربؿا أغـاه طـ كثقر مـ إكؾ ‪ ،‬وكالم ابـ ققؿ هذا أققى ‪ ،‬فالؿراد استغـاؤه بؿـاجاتف ربف‬
‫ودطائف اهلل جؾ وطال‪.‬‬

‫قال رحؿف اهلل تعالك‬

‫[ َباب ِص َقا ِم ا َّل ِذي َي ْؼتُ ُؾ َخ َط ًل َأ ْو َيتَ َظ َ‬


‫اه ُر]‬
‫والؿراد هفـا يف حؽؿ التتابع ‪ ،‬فؿثؾف مـ جامع يف هنار رمضان ولؿ يستطع العتؼ‪ ،‬واكتؼؾ إلك صقام‬
‫شفريـ متتابعقـ‪ ،‬كقػ حال التتابع؟ هؾ إذا قطع التتابع لعذر يبـل طؾك ما سبؼ ويحتسب إيام التل‬
‫صامفا سابؼا ؟ وإن أفطر لغقر طذر بدأ العد مـ جديد؟ أو أكف ٓبد مـ اإلتؿام والؿقاصؾة وأن الخطل هق‬
‫لؾصقم بسبب مـ إسباب سقاء كان لعذر أو لغقر طذر يعقد العد مـ جديد؟ هذا الذي أشار إلقف‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫ب َط َؾقْ ِف ِص َقا ُم‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫قل َأ ْح َس ُـ َما َسؿ ْع ُت فق َؿ ْـ َو َج َ‬ ‫[ َحدَّ َثـِل َي ْح َقك َس ِؿ ْعت َق ْقلف َت َعا َلك َي ُؼ ُ‬

‫َش ْف َر ْي ِـ ُمتَتَابِ َعقْ ِـ فِل َقتْ ِؾ َخ َطل ٍ َأ ْو َت َظ ُ‬


‫اه ٍر]‬
‫كذلؽ الؿجامع يف هنار رمضان‬

‫[ َف َع َر َض َل ُف َم َر ٌض َي ْغؾِ ُب ُف َو َي ْؼ َط ُع َط َؾ ْق ِف ِص َقا َم ُف َأ َّك ُف إِ ْن َص َّح مِ ْـ َم َر ِض ِف َو َق ِق َي َط َؾك‬


‫الص َقا ِم َف َؾ ْق َس َل ُف َأ ْن ُي َم ِّخ َر َذل ِ َؽ َو ُه َق َي ْبـِل َط َؾك َما َقدْ َم َضك مِ ْـ ِص َقامِ ِف]‬ ‫ِّ‬

‫وهذا ققل جؿفقر العؾؿاء ‪،‬وأكثر أهؾ العؾؿ ‪ ،‬قالقا ٕكف معذور يف قطع التتابع ‪ ،‬ولؿ يتعؿد ذلؽ‪.‬‬

‫وذهب بعض العؾؿاء إلك أكف يبدأ العد مـ جديد وهق ققل أبل حـقػة ورواية طـ الشافعل ‪ ،‬وبف قال‬
‫سعقد بـ جبقر وإبراهقؿ الـخعل وغقرهؿ ‪ ،‬قالقا بلن التتابع فرض وٓ يسؼط ٕي طذر كان ‪ ،‬وإكؿا‬
‫يسؼط طـف آثؿ ‪ ،‬فنن قطع الصقم لعذر ما أو لغقر طذر ‪ ،‬فالبد أن يستلكػ ويعقد الصقم مـ جديد‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وٓشؽ أن ققل جؿفقر العؾؿاء أققى ‪ ،‬فأيات وإحاديث متتابعة يف العذر بعدم آستطاطة ومـاط‬
‫التؽؾقػ الؼدرة كؿا يؼقل العؾؿاء ‪ ،‬فؿـ مرض يف صقم متتابع فلفطر فنكف لؿجرد أن يربأ ويصح يقاصؾ‬
‫وٓ يمخر وٓ يقما واحدا‪.‬‬

‫ت بَ ْق َـ‬ ‫س َخ َط ًل إِ َذا َح َ‬
‫اض ْ‬ ‫الص َقا ُم فِل َق ْت ِ‬
‫ؾ الـَّ ْػ ِ‬ ‫ب َط َؾ ْق َفا ِّ‬ ‫ج ُ‬ ‫[ َوك ََذل ِ َؽ ا ْلؿرأَ ُة ا َّلتِل َي ِ‬
‫َْ‬
‫الص َقا َم َو ِه َل َت ْبـِل َط َؾك َما َقدْ َصا َم ْت]‬
‫ت َٓ ُت َم ِّخ ُر ِّ‬ ‫َض ْف َر ْي ِصقَامِ َفا أَك ََّفا إِ َذا َص ُف َر ْ‬

‫وهذا ٓ خالف فقف بقـ العؾؿاء ‪ ،‬الؿرأة تلتقفا حقضتفا ‪ ،‬فنذا كان يؾزمفا صقام متتابع فققع أهنا حاضت‬
‫يف أثـائف ‪ ،‬فبعد زوال حقضفا تتابع صقامفا وتحتسب ما سبؼ‪ .‬لؽـ إذا صفرت قبؾ الػجر لزمفا أن‬
‫تصقم ذلؽ الققم ‪.‬‬

‫َاب اهللِ أَ ْن ُي ْػطِ َر إ ِ َّٓ مِ ْـ ِط َّؾ ٍة‬


‫ب َط َؾقْ ِف ِص َقا ُم َش ْف َر ْي ِـ ُمتَتَابِ َعقْ ِـ فِل كِت ِ‬ ‫ِ ٍ‬
‫[ َو َل ْق َس ٕ َ َحد َو َج َ‬
‫ض َأ ْو َحقْ َض ٍة َو َلقْ َس َل ُف أَ ْن ُي َسافِ َر َفقُ ْػطِ َر َق َال َمالِؽ َو َه َذا أَ ْح َس ُـ َما َس ِؿ ْع ُت فِل‬ ‫َم َر ٍ‬

‫َذل ِ َؽ]‬
‫إذن فالذي يعذر الؿريض والؿرأة إذا حاضت‪.‬‬

‫صقب ‪ ،‬وهؾ لف أن يسافر؟ قال (ولقس لف أن يسافر فقػطر) يعـل طـده إذا سافر فلفطر استلكػ مـ جديد‬
‫وٓ يبـل ‪ ،‬لق صام طشريـ يقما ثؿ سافر يؾزمف أن يصقم فنن أفطر ابتدأ العد مـ جديد‪.‬‬

‫وكؼؾ طـف رحؿف اهلل ‪ :‬إذا سافر لزمف الصقم فنن أفطر لعذر ‪ ،‬فنكف بؿجرد ما يزول العذر يقاصؾ الصقم ‪،‬‬
‫فعـد ذلؽ يبـل طؾك ما سبؼ وٓ يعدّ مـ جديد ‪ ،‬لؽـ ققده بشرط أن ٓ يؽقن سبب إفطاره السػر ‪ ،‬كلن‬
‫يسافر فقؿرض ‪ ،‬قال‪ ٓ :‬يؽقن سبب مرضف السػر ‪ ،‬وٓشؽ أن القاجب هق التتابع‪.‬‬

‫أما الؿرض والحقض فالعذر فقفؿا واضح ‪ ،‬وأما السػر فنن الؿطالب هبذه العبادة يؾزمف أن يمدي الصقم‬
‫طؾك التتابع ‪ ،‬وٓ يجقز لف أن يػعؾ مـ إسباب ما بف يؼطع التتابع ‪ ،‬فنن فعؾ فإمر يف ذلؽ يرجع إلك‬
‫السبب يف ذلؽ ‪ ،‬إن لزمف السػر فنن الحؽؿ طـد ذلؽ يختؾػ ‪ ،‬إن لزمف السػر لف أن يسافر ويؾزمف الصقم‬
‫‪ ،‬فنن أفطر لعذر بـك طؾك ما سبؼ واهلل أطؾؿ‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫قال‪:‬‬

‫قل ْإ َ ْم ُر ا َّل ِذي‬ ‫يض فِل ِصقَامِ ِف َق َال َي ْحقَك َس ِؿ ْعت َق ْقلف َت َعا َلك َي ُؼ ُ‬ ‫[ َباب َما َي ْػ َع ُؾ ا ْل َؿ ِر ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ؾ ا ْل ِع ْؾ ِؿ َأ َّن ا ْل َؿ ِر َ‬‫َس ِؿ ْع ُت مِ ْـ َأ ْه ِ‬
‫يض إِ َذا أَ َصابَ ُف ا ْل َؿ َر ُض ا َّلذي َي ُش ُّؼ َط َؾقْف ِّ‬
‫الص َقا ُم َم َع ُف‬
‫يض ا َّل ِذي ْاشتَدَّ َط َؾقْ ِف ا ْل ِؼقَا ُم فِل‬ ‫َو ُيت ِْعبُ ُف َو َيبْ ُؾ ُغ َذل ِ َؽ مِـ ْ ُف َفن ِ َّن َل ُف أَ ْن ُي ْػطِ َر َوك ََذل ِ َؽ ا ْل َؿ ِر ُ‬
‫اهلل أَ ْط َؾ ُؿ بِ ُع ْذ ِر َذل ِ َؽ مِ ْـ ا ْل َعبْ ِد َوم ِ ْـ َذل ِ َؽ َما َٓ َت ْب ُؾ ُغ ِص َػتُ ُف َفنِ َذا‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫الص َالة َوبَ َؾ َغ مـ ْ ُف َو َما ُ‬
‫َّ‬
‫اهلل ل ِ ْؾ ُؿ َساف ِ ِر فِل ا ْل ِػ ْط ِر فِل‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ص ُ‬ ‫َب َؾ َغ َذل َؽ َص َّؾك َو ُه َق َجال ٌس َودي ُـ اهلل ُي ْس ٌر َو َقدْ َأ ْر َخ َ‬
‫اهلل َت َعا َلك فِل كِتَاب ِ ِف‬
‫يض َق َال ُ‬ ‫الص َقا ِم م ِ ْـ ا ْل َؿ ِر ِ‬ ‫الس َػ ِر َو ُه َق أَ ْق َقى َط َؾك ِّ‬ ‫َّ‬
‫يضا َأ ْو َط َؾك َس َػ ٍر َف ِعدَّ ٌة مِ ْـ أَ َّيا ٍم ُأ َخ َر }‬ ‫َان مِـْ ُؽ ْؿ َم ِر ً‬
‫{ َف َؿ ْـ ك َ‬
‫الص ْق ِم مِ ْـ ا ْل َؿ ِريض‬
‫الس َػ ِر َو ُه َق أَ ْق َقى َط َؾك َّ‬
‫ِ ِ ِ ِ‬
‫اهلل ل ْؾ ُؿ َساف ِر فل ا ْلػ ْط ِر فل َّ‬
‫َفلَر َخص ِ‬
‫ْ َ ُ‬
‫ب َما َس ِؿ ْع ُت إِ َل َّل َو ُه َق ْإ َ ْم ُر ا ْل ُؿ ْجت ََؿ ُع َط َؾقْ ِف]‬ ‫َف َف َذا أَ َح ُّ‬

‫إذن قال (إذا أصابف الؿرض الذي يشؼ طؾقف الصقام معف ويتعبف ويبؾغ ذلؽ مـف) ففذا الذي يػطر ٕجؾف ‪،‬‬
‫فؼقلف (مـ كان مـؽؿ مريضا) يريد اإلمام مالؽ لقس كؾ مرض وإكؿا الؿرض الذي يشؼ طؾقف الصقام‬
‫معف ‪ ،‬والذي يتعبف ويبؾغ مـف مبؾغا ‪ ،‬وطـد ذلؽ ففذا أمر يمتؿـ طؾقف اإلكسان وإمر يرجع إلقف ‪ ،‬وهق‬
‫الذي يعؾؿ أيستطقع الصقم أم ٓ يستطقع الصقم ‪ ،‬أم أكف يخاف زيادة الضرر طؾك كػسف‪.‬‬

‫اهلل أَ ْط َؾ ُؿ بِ ُع ْذ ِر َذل ِ َؽ م ِ ْـ ا ْل َع ْب ِد َوم ِ ْـ َذل ِ َؽ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬


‫الص َالة َو َب َؾ َغ مـْ ُف َو َما ُ‬
‫ِ ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫( َوك ََذل ِ َؽ ا ْل َؿ ِر ُ‬
‫يض ا َّلذي ْاشتَدَّ َط َؾ ْقف ا ْلؼ َقا ُم فل َّ‬
‫َما َٓ َتبْ ُؾ ُغ ِص َػتُ ُف)‬

‫يعـل اهلل جؾ وطال يعؾؿ مـ العبد هؾ هق حؼقؼة يستطقع الصقام أو ٓ ‪ ،‬وهؾ يستطقع الؼقام يف صالتف أو‬
‫ٓ؟ والعبد يعؾؿ مـ كػسف ذلؽ ‪ ،‬وكذلؽ اهلل طز وجؾ ٓ تخػك طؾقف خافقة ‪ ،‬فنذا بؾغ الؿبؾغ الذي يتعبف‬
‫ويؿـعف مـ الصقم أفطر ‪ ،‬وإذا بؾغ الؿبؾغ الذي يؿـعف مـ الؼقام جؾس يف الصالة ‪ ،‬وديـ اهلل يسر قال اهلل‬
‫ٓ ُي ِريدُ بِ ُؽ ُؿ ا ْل ُع ْس َر} [ البؼرة‪ ]952/‬وقال { َو َما َج َع َؾ َط َؾقْ ُؽ ْؿ فِل الدِّ ِ‬
‫يـ‬ ‫جؾ وطال { ُي ِريدُ ال ّؾ ُف بِ ُؽ ُؿ ا ْلقُ ْس َر َو َ‬
‫اخ ْذكَا إِن ك َِّسقـَا َأ ْو‬
‫ٓ ُت َم ِ‬
‫مِ ْـ َح َرجٍ } [ الحج‪ ،]45/‬وقال تبارك وتعالك كؿا جاء يف أواخر سقرة البؼرة { َ‬

‫‪111‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ٓ َصا َق َة َلـَا بِ ِف َوا ْط ُ‬


‫ػ‬ ‫ٓ تَ ْح ِؿ ْؾ َط َؾقْـَا إ ِ ْصراً ك ََؿا َح َؿ ْؾتَ ُف َط َؾك ا َّل ِذي َـ مِـ َقبْؾِـَا َربَّـَا َو َ‬
‫ٓ ُت َح ِّؿ ْؾـَا َما َ‬ ‫َأ ْخ َط ْلكَا َربَّـَا َو َ‬
‫اكص ْركَا َط َؾك ا ْل َؼ ْق ِم ا ْل َؽافِ ِري َـ} [ البؼرة‪ ]753/‬قال الـبل صؾك اهلل‬ ‫ٓكَا َف ُ‬ ‫كت َم ْق َ‬‫َطـَّا َوا ْغ ِػ ْر َلـَا َو ْار َح ْؿـَا َأ َ‬
‫طؾقف وسؾؿ (قال اهلل تعالك ‪ :‬قد فعؾت) رواه مسؾؿ‪ ،‬وقال صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (إن هذا الديـ يسر)‬
‫وقال (يسرا وٓ تعسرا) وقال (بعثت بالحـقػقة السؿحة)‪ ...‬إلك غقر ذلؽ مـ إدلة ‪ ،‬ولؿ يخقر صؾك‬
‫اهلل طؾقف وسؾؿ بقـ أمريـ إٓ اختار أيسرهؿا مالؿ يؽـ إثؿا‪.‬‬

‫وقد أرخص اهلل لؾؿسافر الػطر يف السػر وهق أققى طؾك الصقام مـ الؿريض فالؿريض مـ باب أولك‬
‫يضا َأ ْو َط َؾك َس َػ ٍر َف ِعدَّ ٌة م ِ ْـ َأ َّيا ٍم ُأ َخ َر} قالقا وهذا طؾك حسب ما يراه‬
‫وأية تدل طؾقف { َف َؿ ْـ كَا َن مِـْ ُؽ ْؿ َم ِر ً‬
‫الؿسؾؿ مـ كػسف يف حالة الؿرض الذي يمذن لف يف الػطر فقف‪.‬‬

‫ومـ أهؾ العؾؿ مـ حؿؾ الؿرض طؾك إصالقف ‪ ،‬فؿـ يؼال فقف الؿريض جاز فقف الػطر ‪ ،‬و مـ العؾؿاء‬
‫مـ قال ‪ :‬إكؿا الؿرض الذي يػطر فقف هق الذي يؽقن يخشك فقف مـ زيادة مرضف‪ ،‬ويخشك مـ أن يضره‬
‫وإٓ لؿ يجز لف الػطر‪.‬‬

‫وإضفر واهلل أطؾؿ حؿؾ أية طؾك ضاهرها ‪ ،‬فؿـ كان صائؿا وأصابف الؿرض جاز لف الػطر ويؼضل‬
‫يقما آخرا‪.‬‬

‫قال‪:‬‬
‫[باب الـ َّْذ ِر فِل الصقا ِم والصقا ِم َطـ ا ْلؿق ِ‬
‫ت]‬ ‫ْ َ ِّ‬ ‫ِّ َ َ ِّ َ‬ ‫َ‬
‫الؿراد بالباب الـذر يف الصقام ‪ ،‬وحؽؿ مـ كذر فؾؿ يصؿ ومات ففؾ يصام طـف أو ٓ يصام؟‬

‫قال‪:‬‬

‫ب َأكَّ ُف ُسئِ َؾ َط ْـ َر ُج ٍ‬
‫ؾ كَ َذ َر‬ ‫قد بْ ِـ ا ْل ُؿ َسقَّ ِ‬ ‫[حدَّ َثـِل يحقك َطـ مالِؽ أَكَّف ب َؾ َغف َطـ س ِع ِ‬
‫َُ ُ ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫ِص َقا َم َش ْف ٍر َه ْؾ َل ُف أَ ْن َي َت َط َّق َع َف َؼ َال َس ِعقدٌ ل ِ َق ْبدَ أْ بِالـَّ ْذ ِر َق ْب َؾ أَ ْن َيتَ َط َّق َع‬
‫ار مِثْ ُؾ َذل ِ َؽ]‬ ‫َق َال َمالِؽ َوبَ َؾ َغـِل َط ْـ ُس َؾقْ َؿا َن بْ ِـ َي َس ٍ‬

‫‪112‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫الـذر واجب فليفؿا يبدأ فقف؟ هؾ القاجب أو التطقع ‪ ،‬فذكر هـا طـ سعقد بـ الؿسقب بالغا أن إفضؾ‬
‫أن يبدأ بالقاجب ثؿ التطقع ‪ ،‬وكحق ذلؽ جاء طـ سؾقؿان بـ يسار ‪ ،‬وهق أحد الػؼفاء السبعة كسعقد بـ‬
‫الؿسقب رحؿة اهلل تعالك طؾك الجؿقع ‪ ،‬والػؼفاء السبعة مـ التابعقـ اشتفر فؼففؿ واحتاج الـاس إلك‬
‫فؼففؿ وهؿ سبعة‪.‬‬

‫إذا ققؾ مـ يف العؾؿ سبعة أبحر *** روايتفؿ لقست طـ العؾؿ خارجة‬
‫فؼؾ هؿ طبقد اهلل وطروة قاسؿ *** أبق بؽر سعقد سؾقؿان خارجة‬
‫(فؼؾ هؿ طبقد اهلل) طبقد اهلل بـ طبد اهلل بـ مسعقد ‪.‬‬
‫(وطروة) بـ الزبقر‪.‬‬
‫(قاسؿ) قاسؿ بـ محؿد بـ أبل بؽر الصديؼ‪.‬‬
‫(أبق بؽر) بـ طبد الرحؿـ بـ الحارث بـ هشام‪.‬‬
‫(سعقد) بـ الؿسقب‪.‬‬
‫(سؾقؿان) بـ يسار‪.‬‬
‫(خارجة) بـ زيد‪.‬‬
‫لؽـ مختؾػ يف السابع هؾ هق أبق بؽر أو سالؿ بـ طبد بـ طؿر‪ ،‬أو أبق سؾؿة بـ طبد الرحؿـ بـ طقف‪.‬‬
‫ففمٓء هؿ الػؼفاء السبعة‪.‬‬

‫قالقا‪ :‬إذن يبدأ بالقاجب ‪ ،‬بالػرض وهذا مـ باب الؿبادرة إلك ما يؾزم لؼقلف تبارك وتعالك { َأ ْو ُفق ْا‬
‫ار ُطق ْا إ ِ َلك‬ ‫بِا ْل ُع ُؼقدِ} [ الؿائدة‪ ،]9/‬وهذا قد لزمف كلكف طؼد فقؾزم أن يبادر إلقف‪ ،‬وقال جؾ وطال { َو َس ِ‬

‫استَبِ ُؼق ْا‬ ‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬


‫ات َوإَ ْر ُض} [ آل طؿران‪ ]999/‬وقال جؾ وطال { َف ْ‬ ‫او ُ‬ ‫َم ْغػ َرة ِّمـ َّر ِّب ُؽ ْؿ َو َجـَّة َط ْر ُض َفا َّ‬
‫الس َؿ َ‬
‫خقر ِ‬
‫ات} [ البؼرة‪ ،]915/‬لؽـ إذا قدم التطقع ثؿ صام القاجب ‪ ،‬فنكف يجزؤه مثؾؿا ذكركا يف صقام‬ ‫ا ْل َ ْ َ‬
‫رمضان مع ست مـ شقال‪ ،‬فؾق بدأ بست مـ شقال ثؿ الؼضاء فنكف يجزؤه إن شاء اهلل تعالك‪.‬‬

‫لؽـ الحديث يدل طؾك أفضؾقة بؾ تلكقد ولزوم الؿبادرة إلك الػرض (وما تؼرب طبدي إلل بشلء أحب‬
‫إلل مؿا افرتضتف طؾقف) فلحب إلك اهلل جؾ وطال أن يتؼرب إلقف بػريضة ‪ ،‬ثؿ بعد ذلؽ الـافؾة‪.‬‬

‫‪113‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ات َو َط َؾقْ ِف ك َْذ ٌر مِ ْـ َر َقبَ ٍة ُي ْعتِ ُؼ َفا َأ ْو ِص َقا ٍم َأ ْو َصدَ َق ٍة َأ ْو َبدَ ك ٍَة َف َل ْو َصك‬
‫[ َق َال َمالِؽ َم ْـ َم َ‬
‫الصدَ َق َة َوا ْلبَدَ كَ َة فِل ُث ُؾث ِ ِف َو ُه َق ُيبَدَّى َط َؾك َما ِس َقا ُه‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫بِلَ ْن ُي َق َّفك َذل َؽ َطـ ْ ُف م ْـ َمالف َفن ِ َّن َّ‬
‫ور َو َغ ْق ِر َها َك َفقْئَ ِة‬
‫ب َط َؾقْ ِف مِ ْـ الـ ُُّذ ِ‬ ‫مِ ْـ ا ْل َق َصا َيا إ ِ َّٓ ما كَا َن مِثْ َؾ ُف َو َذل ِ َؽ أَكَّ ُف َلقْ َس ا ْل َق ِ‬
‫اج ُ‬ ‫َ‬
‫س َمال ِ ِف َِٕكَّ ُف‬ ‫ون َر ْأ ِ‬ ‫اص ًة ُد َ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫ب َوإِك ََّؿا ُي ْج َع ُؾ َذل َؽ فل ُث ُؾثف َخ َّ‬ ‫اج ٍ‬‫ما َيتَ َط َّق ُع بِ ِف مِؿا َلقْ َس ب ِ َق ِ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫اجبَ ِة َط َؾ ْق ِف‬ ‫س َمال ِ ِف َٕ َ َّخ َر ا ْل ُؿت ََق َّفك مِثْ َؾ َذل ِ َؽ م ِ ْـ ْإ ُ ُم ِ‬
‫قر ا ْل َق ِ‬ ‫َل ْق َج َاز َل ُف َذل ِ َؽ فِل َر ْأ ِ‬
‫حتَّك إِ َذا ح َضر ْتف ا ْلق َفا ُة وصار ا ْلؿ ُال لِقر َثتِ ِف سؿك مِثْ َؾ ه ِذهِ ْإ َ ْشق ِ‬
‫اء ا َّلتِل َل ْؿ َي ُؽ ْـ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َّ‬ ‫َ َ ُ َ َ َ َ َ‬ ‫َ‬
‫َان َذل ِ َؽ َجائِ ًزا َل ُف أَ َّخ َر َه ِذ ِه ْإ َ ْش َقا َء َحتَّك إِ َذا كَا َن ِطـْدَ‬ ‫اها مِـ ْ ُف ُمتَ َؼ ٍ‬
‫اض َف َؾ ْق ك َ‬ ‫َيتَ َؼ َ‬
‫اض َ‬
‫قط ب ِ َج ِؿق ِع َمال ِ ِف َف َؾقْ َس َذل ِ َؽ َل ُف]‬ ‫ح َ‬ ‫اها و َطسك أَ ْن ي ِ‬
‫ُ‬
‫ِِ‬
‫َم ْقتف َس َّؿ َ َ َ‬

‫الؿراد لق أكف كذر بشلء ما ‪ ،‬ثؿ مات وجاء مـ يخربكا أكف قد كذر بؽذا وكذا ‪ ،‬هؾ ُيخرج هذا مـ مالف أو‬
‫ٓ؟ وإذا أخرجـاه هؾ كخرجف مـ رأس الؿال أو مـ الثؾث؟ ومثؾ ذلؽ لق أكف حضرتف القفاة فؼال ‪ :‬طؾل‬
‫زكاة كذا وكػارة كذا وكذر كذا وكذا ‪ُ ،‬يخرج أو ٓ؟ وإذا قؾـا يخرج ففؾ مـ رأس مالف أو مـ ثؾثف؟‬

‫هذا يدخؾ يف باب القصقة ‪ ،‬وحؼقؼة القصقة إكػاذ مال بعد وفاة صاحبف ‪ ،‬ططقة معؾؼة بالقفاة‪ ،‬هذه‬
‫حؼقؼة القصقة هبة صدقة معؾؼة بقفاة صاحبفا ‪،‬إكػاذ مال بعد القفاة‪.‬‬

‫ات َو َط َؾ ْق ِف ك َْذ ٌر مِ ْـ َر َق َب ٍة ُي ْعتِ ُؼ َفا) طؾقف رقبة كػارة يؿقـ ‪ ،‬كػارة ضفار ‪ ،‬جؿاع يف هنار رمضان ‪...‬الخ‬
‫( َم ْـ َم َ‬

‫( َأ ْو ِص َقا ٍم) أو طؾقف كذر مـ صقام ‪ ،‬وطـد مالؽ كذر الصقام ٓ يصام طـ صاحبف ‪ ،‬لؽـ ُيطعؿ ‪ ،‬واإلصعام‬
‫يحتاج إلك مال‪.‬‬

‫( َأ ْو َص َد َق ٍة) أو كذر صدقة‪.‬‬

‫الصدَ َق َة َوا ْلبَدَ كَ َة فِل ُث ُؾثِ ِف) أي ثؾث‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬
‫( َأ ْو َبدَ كَة َف َل ْو َصك بِ َل ْن ُي َق َّفك َذل َؽ َطـْ ُف م ْـ َمالف) يف هذه الحالة قال ( َفنِ َّن َّ‬
‫الؿال‪.‬‬

‫( َو ُه َق ُيبَدَّى َط َؾك َما ِس َقا ُه مِ ْـ ا ْل َق َصا َيا إِ َّٓ َما كَا َن مِثْ َؾ ُف) ما الػرق بقـ الثؾث ورأس الؿال؟ الثؾث لق أكف‬
‫ترك ثالثقـ ألػا‪ ،‬وجؿعـا هذه إمقر التل أوصك هبا فجاء مؼدارها خؿسة طشر ألػا ‪ ،‬إن قؾـا كخرجفا‬

‫‪114‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫مـ الثؾث كؿ كخرج؟ مؼدار طشرة آٓف وبالتالل تتضايؼ وإذا تضايؼت تحاصصت ‪ ،‬إذا كاكت متؿاثؾة‬
‫‪ ،‬فنذا لؿ تؽـ متؿاثؾة قدم إول فإول ‪ ،‬ومختؾػ يف أيفا يؼدم‪.‬‬

‫إذا قؾـا كخرج مـ رأس الؿال ‪ ،‬ترك ثالثقـ ألػا ‪ ،‬والقصقة بؾغت خؿسة طشر ألػا ‪ ،‬كخرجفا كؾفا مـ‬
‫رأس الؿال‪.‬‬

‫َان مِثْ َؾ ُف) القصقة طـد‬


‫الصدَ َق َة َوا ْل َبدَ كَ َة فِل ُث ُؾثِ ِف َو ُه َق ُي َبدَّى َط َؾك َما ِس َقا ُه مِ ْـ ا ْل َق َصا َيا إِ َّٓ َما ك َ‬
‫فنذن قال ( َفنِ َّن َّ‬
‫اإلمام مالؽ ُتـػذ يف الثؾث ‪ ،‬وٓ يجقز مجاوزة الثؾث ‪ ،‬الذي يقصل بف قد يؽقن مؿا يجب طؾقف وقد‬
‫يؽقن مؿا هق مستحب‪.‬‬
‫وما يجب طؾقف قد يؽقن مؿا يتعؾؼ بحؼ اهلل وقد يؽقن مؿا يتعؾؼ بحؼ الـاس ‪ ،‬فنذا تعارضت أيفا‬
‫يؼدم؟ هفـا محؾ خالف طـد مالؽ رحؿف اهلل وطـد غقره‪.‬‬

‫قال ( َو ُه َق ُيبَدَّى َط َؾك َما ِس َقا ُه مِ ْـ ا ْل َق َصا َيا إِ َّٓ َما كَا َن مِثْ َؾ ُف) قؾـا إذن تتعارض هذه الحؼقق أما ما كان مـ‬
‫باب التطقع ‪ ،‬يعـل كافؾة ففذا يمخر ويؼدم القاجب ‪ ،‬والقاجب هفـا مختؾػ طـد مالؽ كػسف فؼقؾ‬
‫يؼدم حؼ اهلل وققؾ يؼدم حؼ الـاس ‪ ،‬وققؾ بؾ إمر يف ذلؽ متػاوت ‪ ،‬فتؼدم الؽػارات ثؿ الـذر‪.‬‬

‫وإصؾ هفـا فقؿا ذكر يف الؿذهب أكف مبـل طؾك آجتفاد ‪ ،‬هل مسائؾ مبـقة طؾك آجتفاد ‪ ،‬ولفذا فنن‬
‫الػؼفاء يف تػريعفؿ فقؿا يؼدم يف القصقة اختؾػقا طؾك أققال كثقرة‪.‬‬

‫ولفذا فإققى فقؿا يبدّ ى ققلف (يبدّ ى) أي يبتدأ بف ‪ٕ ،‬كف قد يبدّ ى وقد يجؿع ‪ ،‬إن قؾـا يبدّ ى أي يبتدأ بف‬
‫‪ ،‬أول ما يبتدأ بف ‪ ،‬وأما إن قؾـا يخرج طؾك دفعة واحدة ‪ ،‬إذا تضايؼت الحؼقق تحاصصقا ‪ ،‬يعـل كؾ‬
‫يلخذ بـسبة‪ ،‬أما إذا قؾـا يبدّ ى يعـل يؼدّ م إول فإول ‪ ،‬فنذا كان هـاك ما هق مؼدم طؾك غقره استقيف كؾف‬
‫ولق أخذ ثؾث الؿال‪ ،‬أما إذا قؾـا ٓشلء يبدّ ى طؾك أخر ‪ ،‬فنن الجؿقع ُيخرج وإن ضاق الثؾث طـ‬
‫ذلؽ تحاصصقا بالـسب ‪ ،‬ففذا معـك يبدّ ى‪.‬‬

‫فإصؾ وإققى يف التؼدير هق ما ققي الدلقؾ فقف ‪ ،‬ما يتعؾؼ بحؼ اهلل جؾ وطال حؼقؼة هق مبـل طؾك‬
‫الؿسامحة ‪ ،‬ولؽـ قد قال صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (فديـ اهلل أحؼ أن يؼضك) فنذا كان كذر شقئا ‪ ،‬ففذا كذر‬
‫متعؾؼ برقبتف ألزم كػسف بف ‪ ،‬فقؾزمف أن يخرج إذا كذر طتؼ رقبة ‪ ،‬إذا كذر صدقة إخراج مال أو بدكة ‪ ،‬أو‬
‫كان طؾقف صقام طؾك ققل مـ يؼقل يف الصقام يطعؿ ُيخرج مـ مالف ‪ ،‬ففذا معـك بلن ُيقىف ذلؽ مـ مالف ‪،‬‬
‫فنن الصدقة والبدكة يف ثؾثف‪.‬‬

‫‪115‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫( َو ُه َق ُيبَدَّى َط َؾك َما ِس َقا ُه مِ ْـ ا ْل َق َصا َيا إِ َّٓ َما كَا َن مِثْ َؾ ُف) فؿا كان مساويا لؾحؼ وٓ ُيؼدم حؼ طؾك آخر ‪،‬إٓ‬
‫بالدلقؾ مثال ذلؽ‪ :‬العبد الؿد َّبر أي الذي ُيعتؼ طـ ُدبر فقؼقل لف سقده (أكت مد ّبر) أي أكؽ ُتعتؼ طـ دبر‬
‫بعد القفاة ‪ ،‬ففذا هؾ هق مبدّ ى طؾك غقره أو ٓ؟ فعـد مالؽ تجد أن هذا مبدى طؾك غقره ‪ ،‬الؿد ّبر مبدى‬
‫بعقـف يبدأ بف طؾك غقره مـ القصايا ‪ ،‬لؽـ هذا مع حؼ تعؾؼ بشخص أو تعؾؼ بحؼ اهلل جؾ وطال أيفؿ‬
‫يؼدم؟‬

‫وجدكا يف السـة أن الؿد ّبر يجقز بقعف جاء يف الصحقحقـ أن رجال د ّبر طبدا لف ‪ ،‬جاء يف رواية طـد‬
‫البخاري (فاحتاج) أي الرجؾ فجاء صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ بالعبد وباطف وأططاه ثؿـف ‪ ،‬ثؿاكؿائة درهؿ‪،‬‬
‫إذن ففذا حؼف قد يسؼط أحقاكا‪ ،‬فنذا تزاحؿ هذا مع حؼ غقره مؿا ٓ يسؼط ٓ يقجد دلقؾ طؾك سؼقصف‬
‫كالـذر وكحقه كان هذا مؼدما طؾك ذاك‪.‬‬

‫ور َو َغ ْق ِر َها َك َف ْقئَ ِة َما َيتَ َط َّق ُع بِ ِف مِ َّؿا َل ْق َس بِ َق ِ‬


‫اج ٍ‬
‫ب) القصقة التل‬ ‫ب َط َؾ ْق ِف مِ ْـ الـ ُُّذ ِ‬ ‫( َو َذل ِ َؽ َأكَّ ُف َلقْ َس ا ْل َق ِ‬
‫اج ُ‬
‫لقست بقاجبة يعـل ما ُيتطقع بف هذا ّ‬
‫يمخر‪ ،‬ويؼدم القاجب ‪.‬‬

‫س َمال ِ ِف) ‪ ،‬خشقة أكف إذا كان يريد أن يؿـع بعض الـاس ‪ ،‬إذا‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫( َوإِك ََّؿا ُي ْج َع ُؾ َذل َؽ فل ُث ُؾثف َخ َّ‬
‫اص ًة ُدو َن َرأْ ِ‬

‫حضرتف القفاة قال ‪ :‬فالن طـدي لف كذا وفالن كذا ‪ ..‬فنن قؾـا مـ رأس مالف يستقطب رأس الؿال ويؿـع‬
‫القرثة‪ ،‬فؿـعقه مـ باب التفؿة ‪ ،‬وسد الذرائع معروف طـد مالؽ‪.‬‬

‫س َمال ِ ِف ِٕ َ َّك ُف َل ْق َج َاز َل ُف َذل ِ َؽ فِل َرأْ ِ‬


‫س َمال ِ ِف ََٕ َّخ َر ا ْل ُؿت ََق َّفك مِ ْث َؾ‬ ‫ِ ِ ِِ‬
‫( َوإِك ََّؿا ُي ْج َع ُؾ َذل َؽ فل ُث ُؾثف َخ َّ‬
‫اص ًة ُدو َن َرأْ ِ‬

‫َذل ِ َؽ) يـذر وٓ يػل بـذره ‪ ٓ ،‬يػعؾ الصدقة‪ ٓ ،‬يخرج البدكة ٓ يػعؾ كذا‪...‬‬

‫اج َب ِة َط َؾ ْق ِف َحتَّك إِ َذا َح َض َر ْت ُف ا ْل َق َفا ُة َو َص َار ا ْل َؿ ُال ل ِ َق َر َثتِ ِف) يعـل يف‬ ‫( ََٕ َّخ َر ا ْل ُؿت ََق َّفك مِثْ َؾ َذل ِ َؽ مِ ْـ ْإُ ُم ِ‬
‫قر ا ْل َق ِ‬

‫حؽؿ صرورتف لؾقرثة‪.‬‬

‫اها مِـْ ُف ُمتَ َؼ ٍ‬


‫اض) كذر صدقة وديـ ‪ ...‬وغقر هذا‪.‬‬ ‫(سؿك مِثْ َؾ ه ِذهِ ْإَ ْشق ِ‬
‫اء ا َّلتِل َل ْؿ َي ُؽ ْـ َيتَ َؼ َ‬
‫اض َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬

‫قط بِ َج ِؿق ِع َمال ِ ِف َف َؾقْ َس‬


‫ح َ‬‫اها و َطسك َأ ْن ي ِ‬
‫ُ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫( َف َؾ ْق كَا َن َذل َؽ َجائ ًزا َل ُف َأ َّخ َر َهذه ْإَ ْشقَا َء َحتَّك إِ َذا كَا َن طـْدَ َم ْقتف َس َّؿ َ َ َ‬
‫َذل ِ َؽ َل ُف) إذن ف ُقجعؾ هذا يف ثؾث مالف ‪ ،‬ولقس يف رأس الؿال لؿقضع التفؿة ‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫قال‪:‬‬

‫[و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ أَكَّ ُف بَ َؾ َغ ُف َأ َّن َطبْدَ اهللِ ْب َـ ُط َؿ َر ك َ‬


‫َان ُي ْس َل ُل َه ْؾ َي ُصق ُم أَ َحدٌ َط ْـ‬
‫قل َٓ َي ُصق ُم أَ َحدٌ َط ْـ َأ َح ٍد َو َٓ ُي َص ِّؾل أَ َحدٌ َط ْـ‬ ‫َأ َح ٍد َأ ْو ُي َص ِّؾل أَ َحدٌ َط ْـ َأ َح ٍد َف َق ُؼ ُ‬
‫َأ َح ٍد]‬

‫هذا إشارة إلك مـ مات وطؾقف صقام ‪ ،‬هؾ يصام طـف أو ٓ يصام طـف ‪ ،‬يؼقل الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‬
‫(مـ مات وطؾقف صقم صام طـف ولقف)‪ ،‬وطـد مالؽ رحؿف اهلل ٓ يصقم طـف أحد ٕكف كؿا ٓ يصؾل أحد‬
‫طـ أحد فال يصقم أحد طـ أحد‪ ،‬قالقا ‪-:‬يف بعض ما كؼؾ طـف‪ -‬وهذا إمر مجتؿع طؾقف طـدهؿ أي طـد‬
‫أهؾ الؿديـة وأكف ٓ أحد يصقم طـ أحد ‪ ،‬وري ذلؽ طـ ابـ طؿر كؿا جاء يف إثر هفـا ‪ ،‬وكحقه طـ‬
‫ابـ طباس وإن كان قد ثبت طـ ابـ طباس خالف ذلؽ ‪ ،‬وطـد مالؽ أكف يطعؿ طـف وٓ يصام طـف‪.‬‬

‫واإلصعام قالقا واجب فنن أوصك أصعؿ طؾقف ‪ ،‬وإن لؿ يقص فال يؾزم القرثة شلء‪.‬‬

‫أما الشافعل رحؿف اهلل قال ‪ :‬يطعؿ طـف وٓ يصام‪.‬‬

‫وقال أبق حـقػة إن أمؽـف الؼضاء فؼد أبعد ‪ ،‬يعـل فنن لؿ يؼض أبعد ‪ ،‬فنكف طـد ذلؽ إذا مات يطعؿ طـف‪.‬‬

‫وذهب إوزاطل إلك أكف يتصدق طـف فنن لؿ يجد يصام طـف ومثؾ ذلؽ قال الثقري‪ ،‬وبف قال أبق ثقر‬
‫ورواية طـ الشافعل‪.‬‬

‫وذهب اإلمام أحؿد وأبق طبقد الؼاسؿ بـ سالم ‪ ،‬إلك أكف إذا كان الصقم مـ رمضان يطعؿ طـف طـ كؾ‬
‫يقم مدا مـ حـطة وإن كان الصقم مـ الـذر صام طـف ولقف وهذا هق إققى لؼقلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‬
‫(مـ مات وطؾقف صقم صام طـف ولقف) ‪ ،‬قال أبق داود ‪ :‬هذا يف الـذر وجاء هذا مبقـا يف رواية (مـ مات‬
‫وطؾقف صقم كذر صام طـف ولقف) ‪.‬‬

‫وروى أبق داود والـسائل والطحاوي أن امرأة ركبت البحر فـذرت إن أكجاها اهلل لتصقمـ شفرا‪،‬‬
‫فلكجاها اهلل فؾؿ تصؿ حتك ماتت ‪ ،‬فجاءت إحدى قريباهتا ‪ ،‬ابـتفا أو أختفا إلك الـبل صؾك اهلل طؾقف‬

‫‪117‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وسؾؿ وذكرت لف ما كذرت هذه الؿرأة فؼال صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (أرأيتؽ لق كان طؾقفا ديـ كـت‬
‫تؼضقـف؟) قالت (كعؿ) فؼال (فديـ اهلل أحؼ أن يؼضك فاقض طـ أمؽ)‪.‬‬

‫وروى البخاري ومسؾؿ طـ ابـ طباس أن سعدا بـ طبادة استػتك رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ فؼال‬
‫(إن أمل ماتت وطؾقفا كذر) فؼال (اقضف طـفا)‪ ،‬قال ابـ طباس رضل اهلل طـفؿا (إن مرض الرجؾ يف‬
‫رمضان ثؿ مات ولؿ يصؿ أصعؿ طـف ولؿ يؽـ طؾقف قضاء ‪ ،‬وإن كان طؾقف كذر قضك طـف ولقف) رواه أبق‬
‫داود بنسـاد صحقح ‪ ،‬ورواه ابـ حزم مـ صريؼ أخرى بنسـاد صحقح‪.‬‬

‫وجاء طـ طائشة رضل اهلل طـفا أهنا سئؾت طؿـ مات وطؾقف صقم قالت (أمـ رمضان؟) قالت (كعؿ)‬
‫قالت (أصعؿل طـفا طـ كؾ يقم مسؽقـا)‪ ،‬أما إن كان مـ كذر فنكف يصام طـف كؿا دل طؾقف الحديث‪.‬‬
‫فإقرب يف الؿسللة أن مـ مات وطؾقف صقم ‪ ،‬فنن كان مـ رمضان أصعؿقا طـف ‪ ،‬وإن كان مـ غقر‬
‫رمضان ‪ ،‬أي مـ كذر فنكف يصام طـف‪.‬‬

‫قال‬
‫ان وا ْل َؽ َّػار ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ات]‬ ‫َ‬ ‫[ َباب َما َجا َء فل َق َضاء َر َم َض َ َ‬
‫قال‬

‫قف َخال ِ ِد ْب ِـ أَ ْس َؾ َؿ َأ َّن ُط َؿ َر ْب َـ‬‫[حدَّ َثـِل يحقك َطـ مالِؽ َطـ َزي ِد ب ِـ أَس َؾؿ َطـ َأ ِخ ِ‬
‫ْ ْ ْ ْ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫ان فِل َي ْق ٍم ِذي َغقْ ٍؿ َو َر َأى َأكَّ ُف َقدْ َأ ْم َسك َو َغابَ ْت‬ ‫ات َي ْق ٍم فِل َر َم َض َ‬ ‫اب َأ ْف َط َر َذ َ‬
‫خ َّط ِ‬ ‫ا ْل َ‬
‫ب‬ ‫خ ْط ُ‬ ‫الش ْؿ ُس َف َؼ َال ُط َؿ ُر ا ْل َ‬ ‫ت َّ‬ ‫الش ْؿ ُس َف َجا َء ُه َر ُج ٌؾ َف َؼ َال َيا َأم ِ َقر ا ْل ُؿ ْممِـِق َـ َص َؾ َع ْ‬‫َّ‬
‫ِ‬
‫َيس ٌقر َو َقدْ ْ‬
‫اجت ََفدْ كَا‬
‫اهلل أَ ْط َؾ ُؿ َو ِخ َّػ َة َم ُموكَت ِ ِف‬
‫قؿا كُ َرى َو ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َيس ٌقر ا ْل َؼ َضا َء ف َ‬ ‫َق َال َمالِؽ ُي ِريدُ بِ َؼ ْقل ِ ِف ا ْل َ‬
‫خ ْط ُ‬
‫َو َي َس َارتِ ِف َي ُؼق ُل ك َُصق ُم َي ْق ًما َم َؽاكَ ُف]‬

‫الؿسللة فقؿـ أخطل يف هنار رمضان ‪ ،‬أفطر قبؾ غروب الشؿس ‪ ،‬يظـ الغروب ولقس متعؿدا ‪ ،‬الؿتعؿد‬
‫حؽؿف حؽؿ مـ أفطر متعؿدا ‪،‬أما هـا فؽان يظـ أن الشؿس غربت فلفطر فنذا هبا صالعة ماحؽؿف؟‬

‫‪118‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫إسـاد إثر فقف اكؼطاع بقـ خالد بـ أسؾؿ وطؿر ‪ ،‬لؽـ لف صريؼ آخر يرويف طـ أبقف ‪ ،‬أسؾؿ مقلك طؿر ‪،‬‬
‫فاإلسـاد إلك طؿر صحقح ‪ ،‬مـ الطريؼ الثاين ومـ صرق أخرى ‪،‬لؽـ جاء طـ طؿر أيضا ما يدل طؾك‬
‫طدم الؼضاء ‪ ،‬فاختؾػت الرواية طـف‪.‬‬

‫ِ‬ ‫هفـا قال (ا ْل َ‬


‫ب َيس ٌقر َو َق ْد ْ‬
‫اجت ََفدْ كَا) هذه رواية غقر ضاهرة يف وجقب الؼضاء ‪ ،‬لؽـ جاء يف رواية‬ ‫خ ْط ُ‬
‫رواها طبد الرزاق يف مصـػف قال كؼضل يقما ‪ ،‬ويف رواية طـد سعقد بـ مـصقر فؼال (مـ أفطر مـؽؿ‬
‫فؾقصؿ يقما مؽاكف) ‪ ،‬لؽـ جاء يف رواية طـد ابـ أبل شقبة أكف ترك الؼضاء ‪ ،‬ققؾ لف (كؼضل يقما؟) قال‬
‫(لؿ كؼضل؟ واهلل ما يجاكػـا اإلثؿ) يعـل ما جاكػـا إثؿا ‪ ،‬يعـل ما قصدكا آثؿ ‪ ،‬اختؾػت الرواية طـ طؿر‬
‫رضل اهلل تعالك طـف وأرضاه‪.‬‬

‫اهلل َأ ْط َؾ ُؿ َو ِخ َّػ َة َم ُموكَتِ ِف َو َي َس َارت ِ ِف َي ُؼ ُ‬


‫قل ك َُصق ُم َي ْق ًما‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َيس ٌقر ا ْل َؼ َضا َء ف َ‬
‫قؿا كُ َرى َو ُ‬ ‫يؼقل مالؽ ( ُي ِريدُ بِ َؼ ْقل ِ ِف ا ْل َ‬
‫خ ْط ُ‬
‫َم َؽاكَ ُف)‪.‬‬

‫وجؿفقر العؾؿاء طؾك أكف يجب طؾقف الؼضاء ‪ ،‬يعـل إذا أخطموا يف الققم يظـقن أن الشؿس قد غربت ثؿ‬
‫ضفرت لزمفؿ الؼضاء طؾك ققل جؿفقر العؾؿاء‪.‬‬

‫وذهب مجاهد والحسـ البصري وإسحاق وأحؿد يف رواية واختاره ابـ خزيؿة وهق ققل ابـ خزيؿة يف‬
‫رواية طـف ‪ ،‬قال ‪ ٓ :‬يؾزمف الؼضاء ‪ ،‬والدلقؾ ما رواه البخاري طـ أسؿاء بـت أبل بؽر رضل اهلل طـفا‬
‫قالت (أفطركا طؾك طفد رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يف يقم غقؿ ثؿ صؾعت الشؿس) اكتفك ولؿ تذكر‬
‫رضل اهلل طـفا أهنؿ قضقا أو الزمقا بالؼضاء ‪ ،‬فؼالت (أفطركا طؾك طفد رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‬
‫يف يقم غقؿ ثؿ صؾعت الشؿس) اكتفك الحديث ‪ ،‬الحديث جاء مـ صريؼ هشام بـ طروة طـ أبقف ‪ ،‬فؼال‬
‫الراوي طـ هشام لفشام (هؾ أمروا بالؼضاء؟) يف رواية قال هشام (بدٌّ مـ الؼضاء) يعـل ٓبد مـ الؼضاء‬
‫‪ ،‬ويف رواية قال هشام (ٓ أدري هؾ أمروا بالؼضاء أو ٓ) والحؼقؼة لق أهنؿ أمروا بالؼضاء ٓكتشر ذلؽ‪.‬‬

‫وبعض أهؾ العؾؿ يرى لزوم الؼضاء وهق ققل الجؿفقر‪ .‬قالقا ٕكف لق أن الققم يقم رمضان وأخطلكا‬
‫رؤية الفالل هؾ كممر بؼضاء الققم أو ٓ؟ قالقا يممر بالؼضاء إجؿاطا ‪ ،‬فؽذلؽ إذا أخطموا يف رؤية‬
‫وإدراك غروب الشؿس فنكف يؾزمفؿ قضاء الققم‪.‬‬

‫وإقرب أهنؿ إذا لؿ يتعؿدوا وكان يقم غقؿ وضفر لفؿ الغروب فنكف ٓ يؾزمفؿ الؼضاء‪ ،‬هذا هق إضفر‬
‫مـ ققلل العؾؿاء واهلل تعالك أطؾؿ‪.‬‬

‫‪119‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وهل مسللة فقفا خالف بقـ أهؾ العؾؿ لؽـ إقرب هق ما ذكرت‪.‬‬
‫ويؼابؾ هذا ما لق إذا شؽ يف صؾقع الػجر ‪ ،‬فجؿفقر أهؾ العؾؿ طؾك أكف لف أن يلكؾ لؼقلف جؾ وطال‬
‫الصقَا َم إِ َلك‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ط إَبق ُض مِـ ا ْل َ ِ‬
‫خقْط إَ ْس َقد م َـ ا ْل َػ ْج ِر ُث َّؿ َأت ُّؿقاْ ِّ‬ ‫َ‬ ‫{ َحتَّك َيتَبَقَّ َـ َل ُؽ ُؿ ا ْل َ‬
‫خقْ ُ ْ َ‬
‫ا َّلؾ ْق ِؾ}[البؼرة‪ ،]954/‬هذا يف ققل جؿفقر العؾؿاء‪.‬‬

‫إٓ أن مالؽا قال ‪ :‬إذا شؽ يؿتـع مـ إكؾ ويحرم طؾقف فؾق أكؾ قضك ‪ ،‬وققل جؿفقر العؾؿاء يظفر يف‬
‫الؿسللة أققى‪.‬‬

‫ولعؾـا كؽتػل هبذا الؼدر واهلل تعالك أطؾؿ‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫[شرح كتاب الصقام مـ مقصل اإلمام مالؽ]‬

‫لػضقؾة الشقخ أبل طبد الرحؿـ محؿد بـ خدة الجزائري‬

‫(( الؿجؾس السابع ))‬

‫الحؿد هلل رب العالؿقـ والصالة والسالم طؾك أشرف الؿرسؾقـ كبقـا محؿد وطؾك آلف وصحبف ومـ‬
‫اهتدى هبديف إلك يقم الديـ وسؾؿ تسؾقؿا كثقرا أما بعد‪:‬‬

‫فنن خقر الؽالم كالم اهلل جؾ وطال وخقر الفدى هدى محؿد صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ وشر إمقر‬
‫محدثاهتا ‪ ،‬وكؾ محدثة بدطة ‪ ،‬وكؾ بدطة ضاللة وكؾ ضاللة يف الـار‪.‬‬

‫اء َر َم َض َ‬
‫ان‬ ‫اكتفقـا يف شرح أحاديث كتاب الصقام مـ الؿقصل ‪ ،‬طـد ققل اإلمام مالؽ (باب ما جاء فِل َق َض ِ‬
‫َ َ َ َ‬
‫خ َّط ِ‬
‫اب‬ ‫قف َخال ِ ِد ْب ِـ َأ ْس َؾ َؿ أَ َّن ُط َؿ َر ْب َـ ا ْل َ‬ ‫ات)قال (حدَّ َثـِل يحقك َطـ مالِؽ َطـ َزي ِد ب ِـ َأس َؾؿ َطـ َأ ِخ ِ‬
‫ْ ْ ْ ْ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫وا ْل َؽ َّػار ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫الش ْؿ ُس َف َجا َء ُه َر ُج ٌؾ َف َؼ َال َيا أَمِ َقر‬ ‫ت َّ‬ ‫ات َي ْق ٍم فِل َر َم َضا َن فِل َي ْق ٍم ذِي َغقْ ٍؿ َو َر َأى َأكَّ ُف َقدْ َأ ْم َسك َو َغابَ ْ‬ ‫َأ ْف َط َر َذ َ‬
‫ِ‬ ‫ا ْل ُؿ ْممِـِق َـ َص َؾ َع ْت َّ‬
‫الش ْؿ ُس َف َؼ َال ُط َؿ ُر ا ْل َ‬
‫ب َيس ٌقر َو َقدْ ْ‬
‫اجت ََفدْ كَا‬ ‫خطْ ُ‬
‫قل ك َُصق ُم َي ْق ًما‬ ‫اهلل َأ ْط َؾ ُؿ َو ِخ َّػ َة َم ُموكَتِ ِف َو َي َس َارتِ ِف َي ُؼ ُ‬
‫قؿا كُ َرى َو ُ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ب َيس ٌقر ا ْل َؼ َضا َء ف َ‬ ‫َق َال َمالِؽ ُي ِريدُ بِ َؼ ْقل ِ ِف ا ْل َ‬
‫خ ْط ُ‬
‫َم َؽاكَ ُف)‬
‫اكتفقـا هـا‬

‫قال طبقد اهلل‬

‫قل َي ُصق ُم َق َضا َء َر َم َضا َن‬ ‫[و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َط ْـ كَافِ ٍع َأ َّن َط ْبدَ اهللِ ْب َـ ُط َؿ َر ك َ‬
‫َان َي ُؼ ُ‬
‫ض َأ ْو فِل َس َػ ٍر]‬
‫ُمتَتَابِ ًعا َم ْـ أَ ْف َط َر ُه م ِ ْـ َم َر ٍ‬
‫َان مِـ ُؽؿ َّم ِريضًا َأ ْو َط َؾك َس َػ ٍر َفعِدَّ ٌة‬
‫هذا يف مـ أفطر لعذر مـ مرض أو سػر ‪ ،‬قال اهلل جؾ وطال { َف َؿـ ك َ‬
‫ِّم ْـ َأ َّيا ٍم ُأ َخ َر} [ البؼرة‪.]951/‬‬

‫‪121‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وجؿفقر العؾؿاء طؾك أن ققلف جؾ وطال (فعدة مـ أيام أخر) أكف يؾزمف الؼضاء بعد رمضان وهذا الؼضاء‬
‫ٓ يؾزم أن يؽقن طؾك سبقؾ الػقرية كؿا سقليت بقاكف يف الحديث الالحؼ ‪ ،‬ولؽـ ٓبد أن يؽقن قبؾ‬
‫رمضان الالحؼ ‪ ،‬فؾف الزمـ مقسع يف ذلؽ‪.‬‬

‫ولؽـ هؾ يجب أن يتابعف إذا ابتدأ صقامف؟ ‪ ،‬هذا الذي أشار إلقف اإلمام مالؽ رحؿف اهلل تعالك‪ ،‬وقد ذكر‬
‫ان ُمتَتَابِ ًعا) وهذا ثابت طـ ابـ طؿر هبذا‬
‫أثر ابـ طؿر رضل اهلل طـفؿا هفـا يؼقل ( َي ُصق ُم َق َضا َء َر َم َض َ‬
‫آسـاد وبغقره ‪ ،‬وقد قال ابـ طؿر كؿا جاء يف أثر طـف (يصقمف متتابعا كؿا أفطره) وكؼؾ كحق ذلؽ طـ‬
‫طؾل رضل اهلل طـف لؽـ يف إسـاده ضعػ ‪ ،‬وكؼؾ مـ ققل الحسـ والشعبل رحؿة اهلل طؾك الجؿقع‪،‬‬
‫وكؼؾ هذا أيضا طـ غقرهؿ ‪.‬‬

‫وجؿفقر العؾؿاء طؾك أن هذا التتابع مـ باب آستحباب ‪ ،‬ومـ باب ققل اهلل جؾ وطال { َو َس ِ‬
‫ار ُطقاْ إِ َلك‬
‫ت ل ِ ْؾ ُؿت َِّؼق َـ } [ آل طؿران‪ ]999/‬وققلف جؾ‬‫ات َوإَ ْر ُض ُأ ِطدَّ ْ‬
‫او ُ‬
‫الس َؿ َ‬
‫ٍ‬ ‫ِ ٍ‬
‫َم ْغػ َرة ِّمـ َّر ِّب ُؽ ْؿ َو َجـَّة َط ْر ُض َفا َّ‬
‫خقر ِ‬
‫ات } [ البؼرة‪ ]915/‬ففذا مـ هذا الباب ‪ ،‬وهق محؿقل طؾك آستحباب ٓ‬ ‫اس َتبِ ُؼقاْ ا ْل َ ْ َ‬
‫وطال { َف ْ‬
‫طؾك الؾزوم وٓ طؾك وجقب والتتابع‪.‬‬

‫وجاء يف إثر طـ ابـ طباس وطـ أبل هريرة رضل اهلل طـ الجؿقع أهنؿا قآ (صؿ كقػ شئت) فدل‬
‫ذلؽ طؾك جقاز التػريؼ وجقاز الؿتابعة‪.‬‬

‫وقالت طائشة (لؿا كزل ققلف طز وجؾ { َف ِعدَّ ٌة ِّم ْـ َأ َّيا ٍم ُأ َخ َر}) قالت (متتابعات ثؿ سؼطت متتابعات) أي‬
‫لقست ٓزمة وهق ققل جؿفقر العؾؿاء كؿا ذكرت ‪ ،‬وبف قال صاووس ومجاهد وططاء وإوزاطل‬
‫وأحؿد وإسحاق والثقري وأبق حـقػة والشافعل وأبق ثقر وجؿاطة غقرهؿ‪.‬‬

‫والتتابع طـدهؿ مستحب ولقست مـ باب آلزام والقجقب ‪ ،‬وٓشؽ أن الؿبادرة يف العؿؾ الصالح‬
‫أولك‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫اختَ َؾ َػا فِل‬ ‫اب أَ َّن َط ْبدَ اهللِ بْ َـ َط َّبا ٍ‬


‫س َو َأبَا ُه َر ْي َر َة ْ‬ ‫[و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َط ْـ ابْ ِـ ِش َف ٍ‬

‫ان َف َؼ َال َأ َحدُ ُه َؿا ُي َػ ِّر ُق َبقْـَ ُف َو َق َال ْأ َخ ُر َٓ ُي َػ ِّر ُق َبقْـَ ُف َٓ َأ ْد ِري َأ َّي ُف َؿا َق َال‬ ‫َق َض ِ‬
‫اء َر َم َض َ‬
‫ُي َػ ِّر ُق بَقْـ َ ُف]‬

‫‪122‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫يعـل ما ذكر هؾ هق أبق هريرة أو ابـ طباس ‪ ،‬وابـ طباس قد ثبت طـف بلساكقد كثقرة أكف قال (يصقم كقػ‬
‫شاء إن شاء تابع وإن شاء فرق) وإن كان التتابع مستحب ‪ ،‬وأبق هريرة جاء طـف مـ صريؼ أكف قال كؼقل‬
‫ابـ طباس رضل اهلل تعالك طـ الجؿقع‪.‬‬

‫قال‬

‫استَ َؼا َء َو ُه َق‬


‫قل َم ْـ ْ‬ ‫َان َي ُؼ ُ‬ ‫[و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َط ْـ كَافِ ٍع َط ْـ َط ْب ِد اهللِ ْب ِـ ُط َؿ َر أَكَّ ُف ك َ‬
‫َصائِ ٌؿ َف َع َؾقْ ِف ا ْل َؼ َضا ُء َو َم ْـ َذ َر َط ُف ا ْل َؼ ْل ُء َف َؾقْ َس َط َؾقْ ِف ا ْل َؼ َضا ُء]‬
‫هذا حديث قد ذكره مالؽ رحؿف اهلل هفـا مقققفا ‪ ،‬وقد جاء مرفقطا طـف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ وهق‬
‫ثابت بلساكقد صحقحة قال صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (مـ استؼاء وهق صائؿ فعؾقف الؼضاء) أو قال (فؾقؼض‬
‫ومـ ذرطف الؼلء) أي غؾبف وفاتف (فؾقس طؾقف الؼضاء) وهذا الذي ذكره هـا طـ ابـ طؿر هق ققل جؿفقر‬
‫العؾؿاء أن مـ تعؿد الؼلء ‪،‬إكؿا يؾزمف الؼضاء فؼط‪ ،‬وبف قال مالؽ وأبق حـقػة وصاحباه والشافعل‬
‫وأحؿد وإسحاق‪ ،‬وهق مروي طـ طؾل وأبل هريرة وابـ شفاب وجؿاطة مـ التابعقـ‪.‬‬

‫مـ استؼاء فتعؿد الؼلء لزمف الؼضاء فؼط ‪ ،‬مـ استؼاء أي تعؿد الؼلء فؼاء كػسف أو حؿؾ كػسف طؾك‬
‫الؼلء لزمف أن يؼضل ‪ ،‬أما إذا غؾبف وفاتف فؾقس طؾقف الؼضاء ‪ ،‬وكؼؾ اإلجؿاع طؾك ذلؽ أي مـ غؾبف‬
‫الؼلء ٓ يؾزمف الؼضاء كؼؾ اإلجؿاع طؾك ذلؽ‪.‬‬

‫و ُكسب لألوزاطل وٕبل ثقر ولعطاء وطؿرو بـ ديـار ‪ ،‬أن مـ تعؿد الؼلء يؾزمف الؼضاء والؽػارة ققاسا‬
‫طؾك الؿجامع متعؿدا وأكؾ والشارب متعؿدا ‪ ،‬وحديث رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ هفـا واضح‬
‫وصريح يف مـ تعؿد الؼلء أكف يؾزمف الؼضاء فؼط‪.‬‬

‫لؽـ هفـا كـبف إلك أمر وهق أكف إذا غؾبف الؼلء فالبد أن ٓ يرجع مـف شلء أما مـ تعؿد الؼلء وقاء كػسف‬
‫ففذا يؼضل ‪ ،‬أما الذي غؾبف فال يجقز أن يرد شقئا مـ الؼلء ولف حالة مـ ثالث‪:‬‬
‫‪ =9‬إما أن يبؼك شلء يف فؿف فقؾؼقف‪ ،‬فال يؾزمف الؼضاء وصقمف صحقح‪.‬‬
‫‪ =7‬وإما أن يبؼك شلء يف فؿف فقرده إلك بطـف ‪ ،‬فنن تعؿد أفطر‪.‬‬
‫‪ =9‬وإن غؾبف ولؿ يتعؿد فال شلء طؾقف‪.‬‬

‫‪123‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ب ُي ْس َل ُل َط ْـ‬ ‫قد َأكَّ ُف َس ِؿ َع َس ِعقدَ بْ َـ ا ْل ُؿ َسقَّ ِ‬


‫[و حدَّ َثـِل َطـ مالِؽ َطـ يحقك ب ِـ س ِع ٍ‬
‫ْ َ َْ ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ب إ ِ َل َّل أَ ْن َٓ ُي َػ َّر َق َق َضا ُء َر َم َضا َن َو َأ ْن ُي َقا َت َر]‬ ‫ِ‬ ‫َق َض ِ‬
‫ان َف َؼ َال َسعقدٌ َأ َح ُّ‬
‫اء َر َم َض َ‬

‫وهذا سبؼ يف مسللة ماضقة وٓشؽ أن مـ باب آستحباب كؿا ذكركا دلقؾف‪.‬‬

‫ان َف َؾ ْق َس َط َؾقْ ِف إ ِ َطا َد ٌة‬


‫قؿ ْـ َف َّر َق َق َضاء َر َم َض َ‬ ‫[ َق َال يحقك س ِؿعت َققلف َتعا َلك ي ُؼ ُ ِ‬
‫قل ف َ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫َ َْ َ ْ‬
‫ب َذل ِ َؽ إ ِ َل َّل َأ ْن ُيتَابِ َع ُف]‬ ‫ِ‬
‫َو َذل َؽ ُم ْج ِز ٌئ َطـ ْ ُف َوأَ َح ُّ‬

‫فآستحباب طؾك الؿتابعة ‪ ،‬فؿـ لؿ يتابع ٓ يؾزمف أن يؼضل ‪ ،‬إذا صام قضاء رمضان متػرقا ففذا صقمف‬
‫صحقح وٓ شلء طؾقف‬

‫َان م ِ ْـ ِص َقا ٍم‬ ‫اهقا َأو ك ِ‬


‫َاس ًقا َأ ْو َما ك َ‬ ‫ان َس ً ْ‬
‫[ َق َال مالِؽ مـ َأك ََؾ َأو َش ِرب فِل رم َض َ ِ‬
‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ‬
‫ب َط َؾ ْق ِف َأ َّن َط َؾقْ ِف َق َضا َء َي ْق ٍم َم َؽاكَ ُف]‬ ‫َو ِ‬
‫اج ٍ‬

‫وهذه مسللة سبؼ ذكرها يف باب ما ذكر يف كػارة الؿجامع يف هنار رمضان أو كػارة مـ أفطر يف رمضان‬
‫متعؿدا ‪ ،‬فأكؾ كاسقا أو الشارب كاسقا طـد مالؽ يؾزمف الؼضاء فؼط ‪ٕ ،‬كف حؿؾ الحديث أكف ٓ إثؿ‬
‫طؾقف ‪ ،‬مـ كسل فلكؾ أو شرب وهق صائؿ فال شلء طؾقف فؾقتؿ صقمف ‪ ،‬أي ٓ إثؿ طؾقف ولؽـ يؾزمف‬
‫الؼضاء‪.‬‬

‫والجقاب أكف جاءت رواية صريحة واضحة طـد ابـ خزيؿة وغقره فقفا (فال قضاء طؾقف) ثؿ إن ققلف‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (فؾقتؿ صقمف) الصقم هفـا يحؿؾ طؾك الؿعـك الشرطل فسؿك صقمف صقما ‪،‬‬
‫فثبتت صحتف فال يؾزمف أن يعقده ‪ ،‬ما يؾزمف الؼضاء‪ ،‬وهق الصحقح ‪.‬‬

‫أما طـد مالؽ يف صقام التطقع أتؿ صقمف وٓ يؾزم أن يؼضل يقما مؽاكف ‪ ،‬وأما الؿجامع كاسقا فسبؼ ذكر‬
‫حؽؿف‪.‬‬

‫‪124‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫قال‪:‬‬

‫اه ٍد‬‫س ا ْلؿ ِّؽل َأكَّف أَ ْخبره َق َال ُكـ ُْت مع مج ِ‬


‫َ َ ُ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫[و َحدَّ َثـل َط ْـ َمالؽ َط ْـ ُح َؿقْد بْ ِـ َققْ ٍ َ ِّ ُ َ َ ُ‬
‫ِ‬
‫ت َفجاءه إِكْسا ٌن َفسلَ َلف َطـ ِصقا ِم َأيا ِم ا ْل َؽ َّػارةِ َأمتَتَابِع ٍ‬
‫ات َأ ْم َي ْؼ َط ُع َفا‬ ‫قف بِا ْلبق ِ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ ُ ْ َ َّ‬ ‫َ َُ َ‬ ‫َو ُه َق َي ُط ُ َ ْ‬
‫اهدٌ َٓ َي ْؼ َط ُع َفا َفنِك ََّفا فِل قِ َرا َءةِ ُأبَ ِّل‬ ‫ت َلف كَعؿ ي ْؼ َطعفا إ ِ ْن َشاء َق َال مج ِ‬
‫ُ َ‬ ‫َ‬ ‫َق َال ُح َؿقْدٌ َف ُؼ ْؾ ُ ُ َ ْ َ ُ َ‬
‫ب َث َال َث ِة َأيا ٍم متَتَابِع ٍ‬
‫ات‬ ‫ْب ِـ َك ْع ٍ‬
‫َّ ُ َ‬
‫قن ما سؿك اهلل فِل ا ْل ُؼر ِ‬ ‫ِ‬
‫آن ُي َصا ُم ُمتَتَابِ ًعا]‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ب إ ِ َل َّل أَ ْن َي ُؽ َ َ َ َّ‬
‫َق َال َمالؽ َو َأ َح ُّ‬

‫هذه الؿسللة يف أكقاع الصقام إخرى القاردة يف الؼران الؽريؿ ‪،‬ولؿ يب ّقـ فقفا التتابع ‪ ،‬كؽػارة القؿقـ ‪،‬‬
‫ويف إثر أن مجاهدا كان يطقف فسئؾ‪ ،‬وهذا يدل طؾك جقاز آستػتاء يف الطقاف ‪.‬‬
‫ويدل أيضا طؾك جقاز أخذ العؾؿ يف الطقاف‪.‬‬
‫وجقاز السمال وجقاز اإلجابة يف الطقاف‪.‬‬
‫وأن ذلؽ ٓ يعارض الطقاف بؾ يميده إثر (الطقاف صالة إٓ أن اهلل أذن فقف الؽالم) ويف رواية (فؿـ‬
‫تؽؾؿ فال يؼقل إٓ خقرا) وإثر ثابت لؽـ اختؾػ يف رفعف ووقػف فؿـفؿ مـ وقػف ورجح الققػ ‪،‬‬
‫ومـفؿ مـ قال إكف مرفقع‪.‬‬

‫ات َأ ْم َي ْؼطَ ُع َفا) كػارة القؿقـ { َف ِصقَا ُم َثال َ َث ِة‬


‫( َفجاءه إِكْسا ٌن َفس َل َلف َطـ ِصقا ِم َأيا ِم ا ْل َؽ َّػارةِ َأمتَتَابِع ٍ‬
‫َ ُ َ‬ ‫َ ُ ْ َ َّ‬ ‫َ َُ َ‬
‫َأ َّيا ٍم}[الؿائدة‪ ]56/‬لؿ يذكر هؾ يتابع أو ٓ‪.‬‬

‫( َق َال ُح َؿقْدٌ ) يعـل أجاب حؿقد ولؿ يجب مجاهد ‪ ،‬مـ الؿسمول؟ مجاهد ‪ ،‬ومـ الؿجقب؟ مـ كان مع‬
‫مجاهد ‪ ،‬وهذا فقف جقاز جقاب الؿتعؾؿ بقـ يدي الؿعؾؿ ‪ ،‬وأكف ٓ حرج طؾقف يف ذلؽ‪ ،‬وحسب الشقخ‬
‫أن يجقب وٓ يعـّػ‪ ،‬وإن كان إدب أن يؽقن ذلؽ بلدب ‪ ،‬أن ٓ يبادر إلك الجقاب ‪ ،‬وأن يـتظر جقاب‬
‫شقخف أو جقاب مـ هق أطؾؿ وأفضؾ ‪ ،‬ويستػاد هذا مـ آثار الصحابة الؽرام طؾقفؿ الرضقان ‪ ،‬وقد‬
‫روى اإلمام البقفؼل بنسـاد صحقح أن أبا مقسك إشعري مر طؾك مسجد فنذا فقف أققام ‪ ،‬جؿاطات‬
‫جؿاطات يذكرون اهلل ‪ ،‬فقؼقلقن سبحقا مائة حؿدوا مائة كربوا مائة ‪ ،‬فلكؽر هذا الػعؾ ولؿ يؽؾؿفؿ ‪،‬‬
‫ورجع إلك ابـ مسعقد يـتظر خروجف مـ بقتف ‪ ،‬وكان يخرج لفؿ يف إسبقع مرة واحدة فقحدثفؿ ‪،‬‬
‫فاكتظر مع مـ يـتظر ‪ ،‬قال(أخرج أبق طبد الرحؿـ؟) قالقا (ٓ) فجؾس يـتظر‪ ،‬فؾؿا خرج وسؾؿ طؾقف قال‬

‫‪125‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫(يا أبا طبد الرحؿـ إين قد رأيت يف الؿسجد أمرا مـؽرا وإين واهلل ما رأيت إٓ خقرا) ‪-‬أكظر القصػ وإن‬
‫كان إصؾ هق ذكر اهلل تعالك هذه الخقرية‪ -‬قال (وما رأيت؟) قال رأيت أققاما جؿاطات جؿاطات ‪،‬‬
‫يذكرون اهلل تعالك ‪ ،‬فقؼقل القاحد قائؿا طؾك رؤوسفؿ ‪ :‬سبحقا مائة ‪ ،‬فقؼقلقن‪ :‬سبحان اهلل سبحان‬
‫اهلل‪ ...‬جؿاطة ‪ ،‬فؼال (أفال أكؽرت طؾقفؿ) قال (ٓ اكتظار مشقرتؽ) قال (أٓ أخربهتؿ وأمرهتؿ أن يعدّوا‬
‫سقئاهتؿ وأكا ضامـ أن ٓ يـؼص شلء مـ حسـاهتؿ)‪ .‬فػقف إشارة إلك مراجعة ومشاورة العالؿ مع جقاز‬
‫الجقاب بحضرتف وبقـ يديف‪ ،‬خاصة إذا أذن ‪ ،‬لؽـ ٓبد دائؿا مراطاة أداب‪.‬‬

‫فلجاب حؿقد (فؼؾت كعؿ) يعـل يؼطعفا إن شاء‪.‬‬

‫ب َث َال َث ِة َأيا ٍم متَتَابِع ٍ‬


‫ات)‪.‬‬ ‫اهدٌ َٓ َي ْؼ َط ُع َفا) يعـل يصقمفا متتابعة ( َفنِكَّ َفا فِل قِ َرا َءةِ ُأ َبل ْب ِـ َك ْع ٍ‬
‫( َق َال مج ِ‬
‫َّ ُ َ‬ ‫ِّ‬ ‫ُ َ‬

‫ان َف َؽ َّػ َارتُ ُف إ ِ ْص َعا ُم‬‫اخ ُذ ُكؿ بِ َؿا َط َّؼد ُّت ُؿ إَ ْي َؿ َ‬ ‫اخ ُذ ُكؿ ال ّؾف بِال َّؾ ْغ ِق فِل َأيؿاك ِ ُؽؿ و َلـؽِـ ي َم ِ‬ ‫ٓ ي َم ِ‬
‫ُ‬ ‫َْ ْ َ‬ ‫ُ ُ‬ ‫ققلف طز وجؾ { َ ُ‬
‫جدْ َف ِصقَا ُم َثال َ َث ِة َأ َّيا ٍم‬ ‫ط َما ُت ْط ِع ُؿق َن َأ ْهؾِق ُؽ ْؿ أَ ْو كِ ْس َق ُت ُف ْؿ َأ ْو َت ْح ِر ُير َر َقبَ ٍة َف َؿـ َّل ْؿ َي ِ‬
‫َط َشرةِ مساكِقـ مِـ َأوس ِ‬
‫َ ََ َ ْ ْ َ‬
‫َذل ِ َؽ َك َّػ َار ُة َأ ْي َؿاك ِ ُؽ ْؿ إِ َذا َح َؾ ْػتُ ْؿ} [ الؿائدة‪ ]56/‬فؼقلف (ثالثة أيام) هؾ هل متتابعة أو غقر متتابعة؟ جاء يف‬
‫قراءة أبل ابـ كعب (فصقام ثالثة أيام متتابعات) وجاء يف قراءة ابـ مسعقد (فصقام ثالثة أيام متتابعات)‬
‫‪ ،‬ولػظة الؿتتابعات جاءت يف قراءة ابـ مسعقد ‪ ،‬وجاءت يف قراءة أبل ابـ كعب بلخبار آحاد ‪ ،‬وهل تعد‬
‫قراءة تػسقرية وهذه الؼراءة التػسقرية تثبت هبا الحجة أو ٓ تثبت هبا الحجة؟ مسللة خالفقة‪ ،‬فالذي طؾقف‬
‫الشافعقة والحـابؾة أكف يثبت هبا الحجة ‪ ،‬خالفا لؾؿالؽقة وإحـاف‪ ،‬قالقا‪ٕ :‬ن راويفا قد رواها طؾك أهنا‬
‫قران ولؿ يثبت هبا الؼرآكقة ‪ ،‬فقرد ويؽقن اختقار صاحبف وققل مـ رواه ‪ ،‬ورد الجؿفقر فؼالقا‪ ٓ :‬أقؾ‬
‫مـ أن يؽقن هذا يف حؽؿ خرب القاحد‪ ،‬وخرب القاحد يؼبؾ‪.‬‬

‫والصحقح هق ققل الجؿفقر وهق أن الؼراءة التػسقرية يحتج هبا وتعد دلقال ولذلؽ فالصحقح أن كػارة‬
‫القؿقـ مـ طجز طـ الثالثة إول وهق اإلصعام أو الؽسقة أو العتؼ بشروصفا ‪ ،‬إن لؿ يستطع واحدة مـ‬
‫هذه الثالث واكتؼؾ إلك الصقام فقصقم أياما متتابعة‪.‬‬

‫والجؿفقر طؾك استحباب التتابع ٓ طؾك القجقب كؿا أشار مالؽ ‪ ،‬وإققى وإقرب القجقب كؿا‬
‫جاء يف الدلقؾ يف الؼراءة التػسقرية‪ ،‬وسلل رجؾ صاووس طـ صقام ثالثة أيام كػارة القؿقـ ‪ ،‬فؼال لف‬
‫(صؿ كقػ شئت) فؼال مجاهد ‪-‬يعـل يف مجؾس آخر كان صاووس ومجاهد‪ -‬فسئؾ صاووس قال (صؿ‬

‫‪126‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫كقػ شئت) فؼال مجاهد (قد جاء يف قراءة ابـ مسعقد متتابعات) فؼال صاووس لؿجاهد (أخرب الرجؾ)‬
‫أي اذهب وقؾ لف ذلؽ‪.‬‬

‫فإققى أهنا تصام متتابعة‪ ،‬وهذا لؾقجقب‪.‬‬

‫قن ما سؿك اهلل فِل ا ْل ُؼر ِ‬ ‫ِ‬


‫آن ُي َصا ُم ُمتَتَابِ ًعا]‬ ‫ْ‬ ‫ُ‬ ‫ب إ ِ َل َّل أَ ْن َي ُؽ َ َ َ َّ‬
‫[ َق َال َمالؽ َو َأ َح ُّ‬

‫حؿال ‪-‬يعـل‪ٕ -‬لػاظ الؼران طؾك معـك واحد ‪ ،‬فاستحب أن يؽقن التتابع ‪ ،‬وققل مجاهد ( َٓ َي ْؼ َط ُع َفا‬
‫ات) فقف إشارة إلك أن مـ رد طؾك ققل غقره أكف يـبغل لف أن‬ ‫ب َث َال َث ِة َأيا ٍم متَتَابِع ٍ‬
‫َفنِك ََّفا فِل قِ َرا َءةِ ُأبَل بْ ِـ َك ْع ٍ‬
‫َّ ُ َ‬ ‫ِّ‬
‫يذكر الدلقؾ‪.‬‬

‫قط فِل‬
‫ان َفتَدْ َفع د ْفع ًة مِـ د ٍم َطبِ ٍ‬
‫ُ َ َ ْ َ‬ ‫[و ُسئِ َؾ َمالِؽ َط ْـ ا ْل َؿ ْرأَ ِة ُت ْصبِ ُح َصائِ َؿ ًة فِل َر َم َض َ‬
‫ان َحقْ ِض َفا ُث َّؿ َتـْتَظِ ُر َحتَّك ُت ْؿ ِس َل أَ ْن َت َرى مِثْ َؾ َذل ِ َؽ َف َال َت َرى َشقْئًا]‬
‫َغق ِر َأو ِ‬
‫ْ َ‬

‫جاءها الحقض أو جاءها دفعة مـ دم يف غقر وقت الحقض ‪ ،‬فاكتظرت الؿساء فؾؿ تجد شقئا‬

‫ون ْإُو َلك ُث َّؿ َيـْ َؼطِ ُع َذل ِ َؽ َطـْ َفا َقبْ َؾ‬ ‫آخ َر َف َت ْد َف ُع َد ْف َع ًة ُأ ْخ َرى َو ِهل ُد َ‬
‫َ‬
‫[ ُث َّؿ ُت ْصبِ ُح َي ْق ًما َ‬
‫ػ َت ْصـَ ُع فِل ِصقَامِ َفا َو َص َالتِ َفا َق َال َمالِؽ َذل ِ َؽ ال َّد ُم‬ ‫َحقْ َضتِ َفا بِلَ َّيا ٍم َف ُسئِ َؾ َمالِؽ َكقْ َ‬
‫ب َطـ َْفا الدَّ ُم َف ْؾ َت ْغت َِس ْؾ‬
‫ت َفنِ َذا َذ َه َ‬ ‫مِ ْـ ا ْل َح ْق َض ِة َفنِ َذا َر َأ ْت ُف َف ْؾتُ ْػطِ ْر َو ْل َت ْؼ ِ‬
‫ض َما َأ ْف َط َر ْ‬
‫َو َت ُصق ُم]‬

‫هذه مسللة راجعة إلك الحقض والؽالم يف الحقض يطقل ‪ ،‬لؽـ حاصؾف أن يؼال‪ :‬الؿرأة يف الحقض طؾك‬
‫أربعة أحقال‪:‬‬
‫‪ =9‬إما أن تؽقن مبتدئة‪.‬‬
‫‪ =7‬وإما أن تؽقن معتادة‪.‬‬
‫‪ =9‬وإما أن تؽقن مؿ ِّقزة‪.‬‬
‫‪ =1‬وإما أن تؽقن متح ِّقرة‪.‬‬

‫‪127‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫أ= فلما الؿبتدئة فنذا بؾغة سـ مجقئ الحقض اطتربتف دم حقض ‪ ،‬وما هق أقؾ سـ الحقض؟ ٓ طربة‬
‫ٕكثره‪ ٓ ،‬تحديد ٕكثره ‪،‬أما أقؾ سـ الحقض يف ققل كثقر مـ العؾؿاء هق السـ التاسع‪ .‬أن تبؾغ البـت‬
‫تسع سـقـ ‪ ،‬وجاء يف أثر وإن كان فقف ضعػ طـ طائشة ‪ ،‬أن البـت الجارية إذا بؾغة تسعا أي تسعة أطقام‬
‫‪ ،‬كاكت امرأة ‪ ،‬فنذا جاء الدم يف السـ التاسع اطتربتف حقضا‪ ،‬فترتبص بليام حقضتفا حتك يظفر الطفر ‪،‬‬
‫والطفر‪:‬‬
‫‪ =9‬إما الؼصة البقضاء ففق أن تدخؾ الؼطـ يف فرجفا وتخرجفا فال تجد إٓ ماء أبقضا يعؾق الؼطـ‪.‬‬
‫‪ =7‬أو تدخؾ الؼطـ فال تجد شقئا ‪ ،‬ففؿا طالمتان والخالف يف مذهب مالؽ يف أيفؿا أققى ‪ ،‬مـفؿ مـ‬
‫يرى الجػقف ومـفؿ مـ يرى الؼصة البقضاء‪.‬‬

‫ب= أما الؿعتادة ففل التل جرت طادهتا ‪ ،‬لقست مبتدئة ‪ ،‬جرت طادهتا يف الحقض أكف كذا‪ ،‬وبؿ تثبت‬
‫العادة؟ إققى أهنا تثبت بؿرتقـ اثـقتـ ‪ ،‬وذهب بعضفؿ إلك أهنا تثبت بثالث‪ ،‬فنذا ثبتت طادهتا فنهنا‬
‫تراطل طادهتا‪.‬‬

‫فنذن إن كاكت صائؿة يف تسع سـقـ الؿبتدئة فجاءها دم ‪ ،‬يف تسع سـقـ طشرة اثـا طشر‪ ،‬اطترب حقضا‪.‬‬

‫إن كاكت معتادة وجاءها دم هؾ هذا جاءها يف طادهتا التل اطتادهتا؟ والعادة تثبت بلمقر كثقرة بالزمان‬
‫وبإحقال ‪ ،‬يلتقفا صداع يف رأسفا ضرر يف بطـفا ‪ ،‬دوار ألؿ‪ ،‬يف أول الشفر يؽقن الققت‪ ،‬أو يف آخره‪،‬‬
‫أو وسطف الـصػ إول ‪ ،‬الـصػ الثاين ‪ ...‬وهؽذا‪ ،‬فففـا تراطل طادهتا طؾك الصحقح‪.‬‬

‫ج= الؿؿ ّقزة التل تؿقز الدم والتؿققز لف أحقال ‪ :‬قد تؿقز بالؾقن ‪ ،‬قال رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (إن‬
‫دم الحقض أسقد َي ْع ِرف) لف رائحة ‪ ،‬فرتاجع وتعترب التؿققز الذي طـدها ‪ ،‬تؿققز رائحة الدم لقن الدم‬
‫وغقر ذلؽ فتعترب التزمققز ‪ ،‬وتؿقز الدم إن تبقـ أكف حقض ففق حقض وإٓ فال‪.‬‬

‫أما اطتبار العادة فدلقؾف ققلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (ولقس ذلؽ بالحقض فنذا جاءت حقضتؽ)يعـل التل‬
‫اطتدتقفا (فدطل الصالة قدر إيام التل كـت تحقضقـ فقفا) ‪ ،‬فجعؾفا تابعة لعادهتا‪.‬‬

‫د= أما الؿتحقرة أي التل اختؾط طؾقفا إمر هؾ هق حقض أو لقس بحقض ؟ اختؾط طؾقفا ‪ ،‬ففذه تعقد‬
‫إلك طادة غالب كساء بؾدهتا لؼقلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ لؾؿرأة (تحقضل يف طؾؿ اهلل ستا أو سبعا كؿا‬
‫يحقض طامة الـساء ثؿ صقمل ثالثا وطشريـ أو أربعا وطشريـ) ففـا تتبع طادة غالب الـساء ‪ ،‬وبذلؽ‬

‫‪128‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫تثبت حقضفا أو تـػقف ‪ ،‬هذا جقاب هذه الؿسللة ‪ ،‬ومالؽ يؼقل يعتربها حقضا وبالتالل تػطر ‪ ،‬والصالة‬
‫ٓ تؼضك كؿا هق معؾقم ‪ ،‬إكؿا تؼضل الصقم‪ ،‬فنذا ذهب الدم تغتسؾ وتصقم‪.‬‬

‫ويظفر إقرب ما أشركا إلقف سابؼا ‪ ،‬أن هذا الدم إن كان لؾؿبتدئة يعترب حقضا ‪ ،‬وإن كان يف حؼ الؿعتادة‬
‫تراطل طادهتا ‪ ،‬يف حؼ الؿتؿقزة تتبع تؿققزها ‪ ،‬ويف طادة الؿتحقرة تـظر إلك طادة غالب كسائفا‪.‬‬

‫ب‬
‫ج ُ‬‫ان ُك ِّؾ ِف َأ ْو َي ِ‬
‫ان َه ْؾ َط َؾقْ ِف َق َضا ُء َر َم َض َ‬
‫آخ ِر َي ْق ٍم م ِ ْـ َر َم َض َ‬
‫[و سئِ َؾ َطؿـ أَس َؾؿ فِل ِ‬
‫َّ ْ ْ َ‬ ‫ُ‬
‫َط َؾ ْق ِف َق َضا ُء ا ْل َق ْق ِم ا َّل ِذي أَ ْس َؾ َؿ فِقف َف َؼ َال َلقْ َس َط َؾقْ ِف َق َضا ُء َما َم َضك َوإِك ََّؿا َي ْستَلْك ِ ُ‬
‫ػ‬
‫قف]‬‫الصقام فِقؿا يستَ ْؼب ُؾ و َأحب إ ِ َلل أَ ْن ي ْؼ ِضل ا ْلققم ا َّل ِذي َأس َؾؿ فِ ِ‬
‫ْ َ‬ ‫ِّ َ َ َ ُ ْ َ َ َ ُّ َّ َ َ َ ْ َ‬

‫هذا ققل مالؽ رحؿف اهلل ‪ ،‬وبف قال الشافعل وأبق حـقػة وأصحابف والؾقث بـ سعد وغقرهؿ ‪ ،‬قالقا‪:‬‬
‫يصقم ما بؼل ‪ ،‬كافر أسؾؿ يف مـتصػ رمضان يصقم ما تبؼك مـ رمضان وطـدهؿ استحباب أن يؼضل‬
‫الققم الذي أسؾؿ فقف ‪ ،‬وقال ططاء ‪ :‬بؾ يصقم ما مضك وما بؼل ويؼضل الققم ‪ ،‬وهق ققل طؽرمة‬
‫والحسـ ‪ ،‬وقال قتادة يف ققل ثالث ‪ ،‬يصقم ما بؼل مـ الشفر واستحبف معؿر والثقري‪.‬‬

‫ومبـك الؿسللة طؾك هؾ الؽافر مخاصب برفروع الشريعة أو ٓ؟ الؽافر هؾ مخاصب بالصالة والزكاة‬
‫والصقام والحج‪...‬الخ أو مخاصب باإليؿان فؼط؟ هؾ هق مخاصب باإليؿان فؼط أو مخاصب بآيؿان‬
‫والصالة والزكاة والصقام والصدقة والرب ‪...‬الخ‪.‬‬

‫إن قؾـا هق مخاصب بآيؿان فؼط إذن ٓ يعذب طؾك باقل إطؿال إذا لؿ يػعؾفا ‪ ،‬ولقست ٓزمة لف ‪،‬‬
‫طذب طؾك تركف لإليؿان وطؾك تركف‬ ‫وإن قؾـا هق مخاصب باإليؿان وبالػروع ‪ ،‬إذن إذا لؿ يلت هبا ّ‬
‫الػروع وهذا أققى ٕكف تبارك وتعالك { َما َس َؾ َؽ ُؽ ْؿ فِل َس َؼ َر‪َ ،‬قا ُلقا َل ْؿ ك َُؽ مِ َـ ا ْل ُؿ َص ِّؾق َـ ‪َ ،‬و َل ْؿ ك َُؽ كُ ْطعِ ُؿ‬
‫يـ ‪َ ،‬حتَّك َأ َتاكَا ا ْل َق ِؼق ُـ‪َ ،‬ف َؿا َتـ َػ ُع ُف ْؿ َش َػا َط ُة‬
‫خائِ ِضق َـ ‪َ ،‬و ُكـَّا كُ َؽ ِّذ ُب بِ َق ْق ِم الدِّ ِ‬‫قض َم َع ا ْل َ‬ ‫خ ُ‬ ‫ا ْل ِؿ ْسؽِق َـ ‪َ ،‬و ُكـَّا كَ ُ‬
‫فعذبقا طؾك ترك اإليؿان وإطؿال الصالحة ‪ ،‬قال جؾ وطال يف حؼ‬ ‫الشافِ ِعق َـ} [الؿدّ ثر‪ّ ]17-15‬‬ ‫َّ‬
‫ون}[فصؾت ‪]4-3‬‬ ‫الزكَا َة َو ُه ْؿ بِ ْأ ِخ َرةِ ُه ْؿ كَافِ ُر َ‬ ‫الؿشركقـ { َو َو ْي ٌؾ ل ِ ْؾ ُؿ ْش ِركِق َـ ‪ ،‬ا َّل ِذي َـ َٓ ُي ْم ُتق َن َّ‬
‫فتقطدهؿ بالقيؾ طؾك ترك الزكاة ‪ ،‬وهؽذا غقرها مـ إدلة ‪ ،‬إذن هق مخاصب بػروع الشريعة‪ ،‬لؽـ‬
‫ٓتصح مـف إٓ بلصؾ وهق اإليؿان‪.‬‬

‫‪129‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وأيضا اإللحاق بؿسللة مـ دخؾ طؾقف رمضان فؾؿ يدر إلك وسط الـفار قالقا‪ :‬يؿسؽ ويتؿ يقمف ثؿ‬
‫يؼضل يقما آخرا ‪ ،‬فللحؼقا بف الؽافر يف قضاء هذا الققم‪.‬‬

‫وإقرب واهلل أطؾؿ أكف ٓ يؾزمف أن يؼضل ما مضك ‪ ،‬وقد قال صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (اإلسالم يجب ما‬
‫قبؾف)‪.‬‬

‫وأما الققم الذي أسؾؿ فقف فؽذلؽ إقرب أكف ٓ يؼضقف ٕن الصبل إذا بؾغ يف أثـاء رمضان أو يف هنار‬
‫رمضان ٓ يؼضل ذلؽ الققم‪ ،‬قالقا الصبل البؾقغ لقس بقده‪ ،‬بخالف الؽافر فنكف مطالب باإلسالم ‪،‬‬
‫والصبل غقر مطالب بلن يحؿؾ كػسف طؾك البؾقغ‪ ،‬كعؿ لؽـ كؾ مـفؿا بقـفؿا اشرتاك‪.‬‬

‫ثؿ إن الحديث يدل طؾك أن اإلسالم يجب ما قبؾف‪.‬‬

‫وبعض الؿالؽقة يؼقل يف الغالم يحتؾؿ‪ :‬يصقم ما مضك ٕكف يطقؼ الصقم ‪ ،‬ابـ الؿاجشقن قال هبذا‪.‬‬

‫ويف تؽؾقػ الؽافر والبالغ صقام مالؿ يجب طؾقف ٓ دلقؾ طؾك ذلؽ‪ ،‬أما إذا قضك الؽافر الققم الذي‬
‫أسؾؿ فقف فذاك شلء صقب‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫[باب َق َض ِ‬
‫اء التَّ َط ُّق ِع]‬ ‫َ‬

‫قال‪:‬‬

‫ِ‬ ‫[ َحدَّ َثـِل َي ْحقَك َط ْـ َمالِؽ َط ْـ ا ْب ِـ ِش َف ٍ‬


‫اب َأ َّن َطائ َش َة َو َح ْػ َص َة َز ْو َج ْل الـَّبِ ِّل َص َّؾك ُ‬
‫اهلل‬
‫َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ َأ ْص َب َحتَا َصائِ َؿ َت ْق ِـ ُمتَ َط ِّق َط َتقْ ِـ َف ُل ْه ِد َي َل ُف َؿا َص َعا ٌم َف َل ْف َط َر َتا َط َؾ ْق ِف َفد ََخ َؾ‬
‫ت َح ْػ َص ُة َو َب َد َر ْتـِل‬ ‫ط َؾق ِفؿا رس ُ ِ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َقا َل ْت َطائِشَ ُة َف َؼا َل ْ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ْ َ َ ُ‬
‫قل اهللِ إِكِّل َأ ْص َب ْح ُت أَكَا َو َطائِشَ ُة َصائِ َؿ َت ْق ِـ‬ ‫بِا ْل َؽ َال ِم َوكَاك َْت بِـ َْت َأب ِ َقفا َيا َر ُس َ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ‬ ‫متَ َطقطتَق ِـ َفلُه ِدي إِ َلقـَا َصعام َفلَ ْف َطركَا ط َؾق ِف َف َؼ َال رس ُ ِ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َ ُ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫ْ َ ْ َ ٌ‬ ‫ُ ِّ َ ْ‬
‫ا ْق ِض َقا َم َؽاكَ ُف َي ْق ًما َ‬
‫آخ َر]‬

‫‪131‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫كعؿ هذا يف صقام التطقع ‪ ،‬هؾ لف أن يؼطعف أو ٓ؟ وإذا قطعف هؾ لف الؼضاء أو لقس طؾقف الؼضاء؟ هذه‬
‫الؿسللة وهل أن صقام الـافؾة هؾ يجقز أن يؼطعف وهق صائؿ ؟ أراد أن يػطر هؾ لف أن يػطر؟ وإذا أفطر‬
‫هؾ يؾزمف الؼضاء؟ يف الؿسللة أققال ٕهؾ العؾؿ‪.‬‬

‫‪ =9‬فبعض العؾؿاء قال يستحب أن يبؼك صائؿا ‪ ،‬فنذا أفطر فؾقس ذلؽ بحرام وٓ يجب طؾقف الؼضاء بؾ‬
‫يستحب لف الؼضاء‪ ،‬وهق ققل طؿر وطؾل وابـ مسعقد وابـ طؿر وابـ طباس وجابر وسػقان الثقري‬
‫والشافعل وأحؿد وإسحاق ‪ ،‬واستدلقا بلحاديث وبؼقلف تعالك { َو َٓ ُت ْبطِ ُؾقا َأ ْط َؿا َل ُؽ ْؿ} [ محؿد‪]99/‬‬
‫فقستحب أن ٓ يؼطع طؿؾف‪ ،‬أما جقازه فؾؿا ذكركا مـ حديث الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أكف ربؿا أصبح‬
‫صائؿا‪ ،‬فطؾب شقئا مـ طائشة فنذا قدمت لف أفطر ‪ ،‬ودخؾ طؾقفا فؼالت (أهدي لـا حقسا) قال (أريـقف)‬
‫فلططتف إياه فلكؾف وقال (قد أصبحت صائؿا) رواه مسؾؿ‪ ،‬ويف رواية (إين أصبحت وأكا صائؿ) فلكؾ مـف‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ رواه الـسائل‪ ،‬ولف ألػاظ كثقرة‪.‬‬

‫وجاء أيضا طـ أبل جحقػة رضل اهلل طـف ذكر أن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ كان قد آخك بقـ سؾؿان‬
‫وأبل الدرداء ‪ ،‬فؽان سؾؿان يزور أبا الدرداء وكان أبق الدرداء متعبدا يصقم الـفار ويؼقم الؾقؾ ‪ ،‬فدخؾ‬
‫مرة فنذا بلم الدرداء يف ثقاب رثة فؼال ما شلكؽ؟ قالت (أخقك أبق الدرداء ٓ شلن لف يف هذه الدكقا فنكف‬
‫يصقم الـفار ويؼقم الؾقؾ) فجاءه سؾؿان فعرض طؾقف إكؾ‪ ،‬فؼال (إين صائؿ) فؼال (ما أكا بآكؾ حتك‬
‫ولؿا جاء الؾقؾ وقام لقصؾل الؾقؾ قال (كؿ) فلراد أن‬
‫تلكؾ) فلكؾ طـد ذلؽ أبق الدرداء رضل اهلل طـف ‪ّ ،‬‬
‫يؼقم قال (كؿ) حتك جاء وسط الؾقؾ أو يف أثـائف قال (قؿ أن) فصؾك ثؿ كام فؼال لف سؾؿان (إن لربؽ‬
‫طؾقؽ حؼا‪ ،‬ولـػسؽ طؾقؽ حؼا وٕهؾؽ طؾقؽ حؼا فلطط كؾ ذي حؼ حؼف) ثؿ أتك الـبل صؾك اهلل‬
‫طؾقف وسؾؿ فذكر لف ذلؽ فؼال (صدق سؾؿان) ‪ ،‬ووجف الشاهد أن أبا الدرداء كان صائؿا فعزم طؾقف‬
‫سؾؿان أن يػطر فلفطر‪.‬‬

‫وجاء يف حديث آخر حديث أم هاكئ أن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ دخؾ طؾقفا فدطا بشراب فشرب ثؿ‬
‫كاولفا فشربت فؼالت يا رسقل اهلل (أما إين كـت صائؿة) فؼال صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ( الصائؿ الؿتطقع‬
‫أمقـ كػسف) ويف رواية (أمقر كػسف إن شاء صام وإن شاء أفطر) لؽـ هذا الحديث مختؾػ فقف اختالف‬
‫شديد ‪ ،‬وإقرب وإرجح ضعػف ‪ ،‬واهلل تعالك أطؾؿ‪ .‬ولؽـ يف إحاديث السابؼة ما يغـل وما يؽػل ‪.‬‬

‫‪131‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫واستدلقا بآثار كثقرة كؼقل ابـ مسعقد (إذا أصبحت وأكت كاويا الصقم ‪ ..‬إن شئت صؿت وإن شئت‬
‫أفطرت) رواه البقفؼل بنسـاد صحقح‪.‬‬
‫وطـ جابر اكف لؿ يؽـ ير بنفطار الؿتطقع بلسا ‪ ،‬رواه الدارقطـل والبقفؼل بنسـاد صحقح‪.‬‬
‫وطـ ابـ طباس قال ( صقام التطقع والطقاف والصدقة إن شاء مضك وإن شاء قطع) رواه ابـ حزم‬
‫والبقفؼل بنسـاد صحقح‪.‬‬
‫وطـ سعقد بـ الؿسقب قال (خرج طؿر يقما مع أصحابف فؼال‪ :‬إين أصبحت صائؿا ‪ ،‬فؿرت بل جارية‬
‫فققعت طؾقفا فؿا ترون؟قال‪ :‬فؾؿ يللقا ما شؽقا طؾقف‪ ،‬وقال لف طؾل‪ ،‬رضل اهلل تعالك طـف‪ :‬أصبت حالٓ‬
‫وتؼضل يقما مؽاكف‪ ،‬قال لف طؿر‪ ،‬رضل اهلل تعالك طـف‪ :‬أكت أحسـفؿ فتقا) وهق بنسـاد صحقح ‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫وطـ ابـ طؿر أن الذي يلكؾ بعد أن أصبح صائؿا قال (ٓ جـاح طؾقف مالؿ يؽـ كذرا أو قضاء) وهق‬
‫بنسـاد صحقح إٓ رجؾ فقف يعـل فقف كالم‪.‬‬

‫وأثار يف الباب طـ كثقر مـ السؾػ كثقرة وكثقرة جدا ‪ ،‬ففذا الؼقل إول‪.‬‬

‫‪ =7‬أما الؼقل الثاين فؼالقا الذي صام متطقطا يجب أن يتؿ صقامف ‪ ،‬فنن خرج مـف لعذر وجب الؼضاء‬
‫دون إثؿ وإن خرج مـف لغقر طذر وجب الؼضاء مع اإلثؿ‪ ،‬وهق ققل أبل حـقػة وأبل يقسػ ومحؿد‬
‫وزفر‪ ،‬هذا الؼقل الثاين‪.‬‬

‫واحتجقا بعؿقم أية { َو َٓ ُت ْبطِ ُؾقا أَ ْط َؿا َل ُؽ ْؿ} [ محؿد‪ ]99/‬ومـ دخؾ يف طبادة ثؿ خرج مـفا فؼد‬
‫أبطؾفا ‪ ،‬فؼالقا هذا صريح يف طدم الجقاز ‪ ،‬وقالقا حديث الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (كؾ طؿؾ ابـ آدم‬
‫لف إٓ الصقم فنكف لل وأكا أجزي بف) ففذا العؿؾ هلل جؾ وطال فال دخؾ لؾعبد فقف ‪ ،‬فال يصح لف أن يؼطع‬
‫صقمف ‪ ٓ ،‬يصح لف أن يبطؾف‪.‬‬

‫واستدلقا بحديث ‪-‬أيضا‪ -‬الذي جاء لؾـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يسلل طـ شرائع اإلسالم قال‬
‫(مايجب طؾل مـ الصقام؟) قال (رمضان) ‪ ،‬فؼال (هؾ يجب طؾل غقره) قال (ٓ إٓ أن تطقع) فؿعـك‬
‫الحديث ٓ يجب طؾقؽ صقام شلء إٓ إذا تطقطت فنكف يصقر واجبا‪.‬‬

‫وقالقا بالؼقاس أيضا طؾك الحج والعؿرة فاهلل جؾ وطال قال { َو َأتِ ُّؿق ْا ا ْل َح َّج َوا ْل ُع ْؿ َر َة‬
‫ل ِ ّؾ ِف}[البؼرة‪ ]963/‬ومـ أفسد حجف أو طؿرتف فبآتػاق يؿضل يف الحج أو العؿرة الػاسديـ ويؼضقفا‬

‫‪ 2‬مع أن بعضهم ينفي إدراك ابن المسيب لعمر‪.‬‬

‫‪132‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫مـ قابؾ ‪ ،‬ففذا يف الجؿؾة أدلة الؼقل الثاين‪ ،‬ولفؿ أدلة أخرى هل يف الغالب ‪ -‬وإن كاكت!‪ -‬ترجع إلك‬
‫بعض أيات وإحاديث لؽـ أخذ مـفا أخذا وففقما واجتفادات وفقفا كظر‪.‬‬

‫واستدلقا بحديث آخر أيضا وهق الذي ذكره مالؽ رحؿف اهلل هفـا حقث أن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‬
‫قال (اقضقا يقما آخرا مؽاكف) وهذا الحديث قد أخرجف أبق داود ورواه أيضا الرتمذي ورجح فقف‬
‫اإلرسال‪ ،‬ورواه أيضا مـ صريؼ آخر البقفؼل وقال البقفؼل (قال الرتمذي سللت البخاري طـ هذا‬
‫الحديث فؼال ٓ يصح حديث الزهري طـ طروة طـ طائشة) ولف صرق أخرى ضعقػة ٓ تؼقم هبا الحجة‬
‫مـ صريؼ زمقؾ وغقره ‪ ،‬وجاء أيضا طـد الجصاص مـ صريؼ ضعقػ كذلؽ‪ ،‬ولف صرق أخرى أيضا فقفا‬
‫ضعػ وإقرب يف هذا الحديث ‪ ،‬أكف ضعقػ ‪ ،‬ولؿ يلت بنسـاد تؼقم بف الحجة‪ .‬واهلل تعالك أطؾؿ‪،‬‬
‫ولفؿ أدلة أخرى ‪ ،‬هذا يؽػل فقؿا ذكركاه‪.‬‬

‫‪ =9‬أما الؼقل الثالث فؼالقا الصائؿ الؿتطقع يؾزمف إتؿام الصقم ‪،‬فنن خرج بال طذر فعؾقف الؼضاء‪ ،‬وإن‬
‫خرج بعذر فال قضاء طؾقف‪ ،‬وهق ققل مالؽ رحؿف اهلل تعالك ‪ ،‬ويف الجؿؾة حجتف ما سبؼ ذكره مـ‬
‫إدلة‪.‬‬

‫ولؽـ الذي يرتجح مـ إققال يف الؿسللة وهق فقف جؿع بقـ مجؿقع إحاديث وإدلة‪ ،‬هق الؼقل‬
‫إول أٓ وهق ققل أكثر أهؾ العؾؿ أن مـ دخؾ يف التطقع يستحب لف أن يتؿف ‪ ،‬فنن أوقػف وقطعف فنن‬
‫ذلؽ جائز لف ولقس حراما ‪ ،‬وٓ يجب طؾقف تحؿؾف ذلؽ ولؽـ يستحب لف ذلؽ‪.‬‬

‫وأما أية يف ققلف طز وجؾ { َو َٓ ُتبْطِ ُؾقا َأ ْط َؿا َل ُؽ ْؿ} [ محؿد‪ ]99/‬فؽؿا جاء يف تػسقر أية إبطال العؿؾ‬
‫بالشرك والرياء وارتؽاب الؽبائر وكحق ذلؽ‪.‬‬

‫وٓشؽ أن أية طامة وآطتبار بعؿقم الؾػظ ٓ بخصقص السبب كؿا تؼدم يف إصقل‪ ،‬هذا قد يؼال ‪،‬‬
‫ولؽـ الؿؼصقد مـ أية هق إبطال العؿؾ بالرياء والشرك ‪ ،‬وطؾك فرض الؼقل بعؿقمفا فـؼقل هذا‬
‫العؿقم قد دخؾف التخصقص‪ ،‬ويدل طؾك التخصقص إحاديث التل جاءت فقفا أن الـبل صؾك اهلل طؾقف‬
‫وسؾؿ كان صائؿا وأفطر‪ ،‬وأيضا أثار إخرى التل ذكركاها‪.‬‬

‫أما حديث صؾحة بـ طبقد اهلل (هؾ طؾل غقرها) قال (ٓ إٓ أن تطقع) فتؼدير الؽالم‪ :‬لقس طؾقؽ غقرها‬
‫إٓ أن تطقع ‪ ،‬وإصؾ يف آستثـاء آتصال ‪ ،‬أي ما بعد إٓ مـ جـس ما قبؾ إٓ ‪ ،‬وحؽؿ الؿستثـك‬
‫خالف حؽؿ الؿستـثك مـف كؿا ذكر أهؾ العؾؿ لؽـ قد رد هذا آستدٓل كؿا قال اإلمام الطقبل‬

‫‪133‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫والؼرصبل وغقرهؿ ‪ ،‬قالقا وما تؿسؽ بف يف هذا آستثـاء ‪ٕ ،‬ن التطقع ٓ يؼال فقف طؾقؽ فؽلكف قال ‪ٓ :‬‬
‫يجب طؾقؽ شلء‪ ،‬ولؽـ إذا أردت أن تتطقع فؾؽ أن تتطقع فتصقم تطقطا ‪،‬فال يجب طـد ذلؽ شلء‬
‫أصال‪.‬‬

‫وإحاديث يف الباب تدل طؾك أن هذا الؿعـك الؿستػاد ‪ ،‬مستثـك ٕن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قطع‬
‫تطقطف وقطع الصحابة تطقطفؿ بعؾؿ مـف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‪.‬‬

‫أما الؼقاس طؾك الحج والعؿرة فـؼقل ‪ :‬الـص جاء واضحا وخاصا بالحج والعؿرة فقبؼك إمر طؾك‬
‫ذلؽ ‪ ،‬واهلل تعالك أطؾؿ‪.‬‬

‫قال رحؿف اهلل تعالك‬

‫َاسقًا فِل ِص َقا ِم‬ ‫اهقا َأو ك ِ‬ ‫ِ‬


‫قل َم ْـ َأك ََؾ َأ ْو َش ِر َب َس ً ْ‬ ‫[ َق َال َي ْح َقك َس ِؿ ْعت َق ْقلف َت َعا َلك َي ُؼ ُ‬
‫ب َو ُه َق ُمتَ َط ِّق ٌع َو َٓ ُي ْػطِ ْر ُه‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َت َط ُّق ٍع َف َؾقْ َس َط َؾقْف َق َضا ٌء َو ْلقُت َّؿ َي ْق َم ُف ا َّلذي َأك ََؾ فقف َأ ْو َش ِر َ‬
‫َو َل ْق َس َط َؾك َم ْـ أَ َصابَ ُف َأ ْم ٌر َي ْؼ َط ُع ِص َقا َم ُف َو ُه َق ُمتَ َط ِّق ٌع َق َضا ٌء]‬

‫لقس طؾقف لعذر يعـل كؿا ذكركا‬

‫[إِ َذا كَا َن إِك ََّؿا َأ ْف َط َر مِ ْـ ُط ْذ ٍر َغقْ َر ُمتَ َع ِّؿ ٍد ل ِ ْؾ ِػ ْط ِر َو َٓ أَ َرى َط َؾقْ ِف َق َضا َء َص َالةِ كَاف ِ َؾ ٍة إِ َذا‬
‫قء َق َال َمالِؽ َو َٓ‬ ‫قف إ ِ َلك ا ْلق ُض ِ‬ ‫دَث َٓ يستَطِقع حبسف مِؿا يحتَاج فِ ِ‬ ‫ُهق َق َطعفا مِـ ح ٍ‬
‫ُ‬ ‫َ ْ ُ َ ْ َ ُ َّ َ ْ ُ‬ ‫َ ََ ْ َ‬
‫الصقَا ِم َوا ْل َح ِّج‬ ‫ِ‬
‫الص َالة َو ِّ‬
‫ِ ِ‬
‫الصال َحة َّ‬ ‫ال َّ‬ ‫دْخ َؾ الر ُج ُؾ فِل َشل ٍء م ِ ْـ ْإ َ ْطؿ ِ‬ ‫َيـ ْ َب ِغل أَ ْن َي ُ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬
‫َّاس َف َق ْؼ َط َع ُف َحتَّك ُيتِ َّؿ ُف َط َؾك‬ ‫ِ ِ ِ‬
‫الصال َحة ا َّلتل َي َت َط َّق ُع بِ َفا الـ ُ‬ ‫ال َّ‬ ‫َوما أَ ْشبَ َف َه َذا م ِ ْـ ْإ َ ْطؿ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ف َحتَّك ُي َص ِّؾ َل َر ْك َعتَ ْق ِـ َوإِ َذا َصا َم َل ْؿ ُي ْػطِ ْر َحتَّك ُيتِ َّؿ َص ْق َم‬ ‫ُسـ َّتِ ِف إِ َذا َك َّب َر َل ْؿ َيـ َْص ِر ْ‬
‫اف َل ْؿ َي ْؼ َط ْع ُف َحتَّك ُيت ِ َّؿ‬ ‫يقم ِ ِف وإِ َذا َأ َه َّؾ َلؿ ير ِجع حتَّك يتِؿ حجف وإِ َذا د َخ َؾ فِل ال َّطق ِ‬
‫َ‬ ‫ْ َ ْ ْ َ ُ َّ َ َّ ُ َ َ‬ ‫َْ َ‬
‫قف َحتَّك َي ْؼ ِضقَ ُف إ ِ َّٓ م ِ ْـ أَ ْم ٍر َي ْع ِر ُض‬ ‫سبق َطف و َٓ يـْب ِغل أَ ْن يتْر َك َشقئًا مِـ َه َذا إ ِ َذا د َخ َؾ فِ ِ‬
‫َ‬ ‫ْ ْ‬ ‫َ ُ‬ ‫ُ ُ ُ َ َ َ‬
‫قر ا َّلتِل ُي ْع َذ ُرو َن بِ َفا‬ ‫ون بِ َفا َو ْإ ُ ُم ِ‬ ‫َّاس مِ ْـ ْإ َ ْس َؼا ِم ا َّلتِل ُي ْع َذ ُر َ‬‫َل ُف مِ َّؿا َي ْع ِر ُض لِؾـ ِ‬

‫‪134‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫خقْ ُط‬ ‫قل فِل كِتَاب ِ ِف { َو ُك ُؾقا َو ْاش َربُقا َحتَّك َيتَبَقَّ َـ َل ُؽ ْؿ ا ْل َ‬ ‫ِ‬
‫َو َذل َؽ أَ َّن َ‬
‫اهلل َتبَ َار َك َو َت َعا َلك َي ُؼ ُ‬
‫ؾ } َف َع َؾقْ ِف إِ ْت َؿا ُم‬
‫الص َقا َم إ ِ َلك ال َّؾ ْق ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫خقْط ْإ َ ْس َقد م ْـ ا ْل َػ ْج ِر ُث َّؿ َأت ُّؿقا ِّ‬
‫ْإَبق ُض مِـ ا ْل َ ِ‬
‫ْ‬ ‫َْ‬
‫اهلل َت َعا َلك { َو َأتِ ُّؿقا ا ْل َح َّج َوا ْل ُع ْؿ َر َة ل ِ َّؾ ِف } َف َؾ ْق أَ َّن َر ُج ًال َأ َه َّؾ‬
‫اهلل َو َق َال ُ‬
‫الصقَا ِم ك ََؿا َق َال ُ‬ ‫ِّ‬
‫يض َة َلؿ ي ُؽـ َلف أَ ْن يتْر َك ا ْلحج بعدَ أَ ْن د َخ َؾ فِ ِ‬
‫قف‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ ْ‬ ‫بِا ْل َح ِّج َت َط ُّق ًطا َو َقدْ َق َضك ا ْل َػ ِر َ ْ َ ْ ُ َ ُ‬
‫َو َي ْر ِج َع َح َال ًٓ م ِ ْـ ال َّط ِر ِيؼ َو ُك ُّؾ َأ َح ٍد َد َخ َؾ فِل كَافِ َؾ ٍة َف َع َؾقْ ِف إِ ْت َؿا ُم َفا إِ َذا َد َخ َؾ فِق َفا َك َؿا‬
‫يض َة َو َه َذا َأ ْح َس ُـ َما َس ِؿ ْع ُت]‬ ‫ُيتِ ُّؿ ا ْل َػ ِر َ‬

‫فالحج والعؿرة جاء فقفؿا الدلقؾ ‪ ،‬أما غقرهؿا فال دلقؾ طؾك لزوم الؼضاء ‪ ،‬فقظفر أن الؿستحب أن يتؿ‬
‫صقمف ‪ ،‬فنن قطعف فؾقس حراما طؾقف وهق جائز لف ويستحب لف الؼضاء‪ٕ ،‬ن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‬
‫قال يف الحديث لعؿران بـ حصقـ وقد كاكت طادتف أن يصقم آخر كؾ شفر فسللف (هؾ أكت صائؿ) قال‬
‫(ٓ) قال (إذا أفطرت فصؿ يقما مؽاكف)‪.‬‬

‫وأيضا قال (إذا دطل أحدكؿ وهق صائؿ فؾقػطر ولقصؿ يقما مؽاكف) ‪ ،‬وإحاديث التل جاءت يف كقن مـ‬
‫داوم طؾك شلء مـ إطؿال الصالحة وأكف يستحب لف أن يؼضل كثقرة ‪ ،‬فقستحب الؼضاء ‪ ،‬لقس مـ‬
‫باب القجقب وهذا أققى ما يؿؽـ أن يؼال ‪ ،‬واهلل تعالك أطؾؿ‪.‬‬

‫قال‬

‫ان مِ ْـ ِط َّؾ ٍة]‬


‫[بَاب فِدْ َي ِة َم ْـ َأ ْف َط َر فِل َر َم َض َ‬

‫مـ غقر طؾة صار متعؿدا سبؼ الؽالم طؾقف ‪ ،‬وما يليت يدل طؾقف ٕكف يذكر الشقخ الؽبقر والؿرأة الحامؾ‬
‫والؿرضع هذه لفا طؾة‪ ،‬هذه فقفا طؾة ‪ ،‬معؾقلة مريضة ‪.‬‬

‫‪135‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫قال‪:‬‬

‫َان َٓ َي ْؼ ِد ُر َط َؾك‬ ‫[حدَّ َثـِل يحقك َطـ مالِؽ أَكَّف ب َؾ َغف أَ َّن أَكَس بـ مال ِ ٍ‬
‫ؽ كَبِ َر َحتَّك ك َ‬ ‫َ ْ َ َ‬ ‫َُ ُ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫ان َي ْػت َِدي]‬
‫الص َقا ِم َف َؽ َ‬
‫ِّ‬
‫هذا يف مسللة العجقز والشقخ الؽبقر إذا طجز طـ الصقام وكرب ‪ ،‬هؾ يطالب بالصقام أوٓ؟ ٓ يطالب‬
‫بالصقام ‪ ،‬وإذا لؿ يطالب بالصقام وأفطر هؾ يؾزمف الؼضاء أو ٓ يؾزمف ؟ خالف‬

‫َان َق ِق ًّيا َط َؾقْ ِف َف َؿ ْـ َفدَ ى‬


‫ب إ ِ َلل َأ ْن َي ْػ َع َؾ ُف إِ َذا ك َ‬
‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫ح‬
‫َ‬ ‫[ َق َال مالِؽ َو َٓ أَرى َذل ِ َؽ َو ِ‬
‫اج ًبا َوأَ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾؿ]‬ ‫َفنِكَّ َؿا ُي ْط ِع ُؿ َم َؽ َ‬
‫ان ُك ِّؾ َي ْق ٍم ُمدًّا بِ ُؿدِّ الـ َّبِ ِّل َص َّؾك ُ‬

‫كؼقل بالـسبة لؾشقخ الؽبقر والعجقز الؾذان ٓ يطقؼان الصقم ‪ ،‬هذان قد أجؿعت إمة طؾك أن لفؿا‬
‫الػطر ‪ ،‬إذا كان شقخا كبقرا أوطجقزا كبقرة ٓ يستطقعان الصقم فاإلجؿاع أهنؿا يػطران ويؼقل جؾ‬
‫قـ} [ البؼرة‪ ]951/‬وجاءة أية إخرى فؼال جؾ‬ ‫وطال يف أية { َو َط َؾك ا َّل ِذي َـ ُيطِق ُؼقكَ ُف فِدْ َي ٌة َص َعا ُم مِ ْسؽِ ٍ‬

‫الش ْف َر َف ْؾقَ ُص ْؿ ُف} [ البؼرة‪ ]952/‬فؼقلف تعالك { َف َؿـ َش ِفدَ مِـ ُؽ ُؿ َّ‬
‫الش ْف َر‬ ‫وطال فقفا { َف َؿـ َش ِفدَ مِـ ُؽ ُؿ َّ‬
‫َف ْؾ َق ُص ْؿ ُف} [ البؼرة‪ ]952/‬اختؾػ أهؾ العؾؿ يف أية هؾ هل كاسخة لؼقلف { َو َط َؾك ا َّل ِذي َـ ُيطِق ُؼق َك ُف فِدْ َي ٌة‬
‫َص َعا ُم م ِ ْسؽِق ٍـ} [ البؼرة‪ ]951/‬أو لقست بـاسخة‪.‬‬

‫‪ =9‬فبعض العؾؿاء قال هل مـسقخة ‪،‬والذيـ قالقا هل مـسقخة لفؿ ققٓن‪:‬‬

‫أ= ققؾ هل مـسقخة جؿؾة يف كؾ واحد ‪ ،‬وطؾقف فؿـ طجز طؾك الصقم فال شلء طؾقف‪ ٓ ،‬قضاء وٓ فدية‬
‫وٓ غقر ذلؽ وهق ققل الؼاسؿ بـ محؿد بـ أبل بؽر الصديؼ ‪ ،‬وسالؿ بـ طبد اهلل بـ طؿر ‪ ،‬ومؽحقل‬
‫وربقعة ومالؽ وأصحابف وأبق ثقر وداوود ورواية طـ قتادة وابـ شفاب ‪ ،‬وهل الرواية الصحقحة طـف ‪،‬‬
‫إٓ أن مالؽ يستحب لف اإلصعام طـ كؾ يقم مدا إذا قدر طؾك الػدية ولقس ذلؽ بقاجب كؿا ذكرهفـا‪.‬‬

‫يطقققكف ويتؽؾػقن‬
‫ب= وققل آخر قالقا هل مـسقخة لؽـ يف حؼ بعضفؿ ‪ ،‬وهؿ الذيـ يطقؼقكف ‪ ،‬أي ّ‬
‫فقف ‪ ،‬فؼالقا هل مـسقخة إٓ يف حؼ الذيـ يتؽؾػقن الصقام‪ ،‬ففمٓء لقست مـسقخة يف حؼفؿ ‪ ،‬أي الشقخ‬
‫الؽبقر والعجقز الؽبقرة ‪ ،‬يستطقعان أن يصقما ولؽـ فقف مشؼة طؾقفؿا ففذان يػطران ويطعؿان طـ كؾ‬
‫يقم مسؽقـا‪.‬‬

‫‪136‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫‪ =7‬وقالت صائػة أخرى هل محؽؿة أي أية ‪ ،‬فؿـ أصاق الصقام صام ‪ ،‬ومـ لؿ يطؼف وطجز ووجد‬
‫مشؼة ومضرة فؾف أن يػطر ويػتدي بدلقؾ أية ‪ ،‬وهذا يشؿؾ الشقخ الؽبقر والعجقز الؽبقرة والحامؾ‬
‫والؿرضع كؿا سقليت حقث ٓ يطقؼقن الصقم إٓ بجفد ومشؼة وهذا ققل جؿاطة مـ العؾؿاء ومـفؿ‬
‫أكس بـ مالؽ وابـ طباس يف رواية وططاء ومجاهد وصاووس وطؽرمة ‪ ،‬وشريح وبف قال الثقري‬
‫وأصحابف والحسـ البصري وإوزاطل والشافعل وصائػة مـ أهؾ الؿديـة‪ ،‬وبف قال يحقك بـ سعقد ‪،‬‬
‫وابق الزكاد ورواية طـ ابـ شفاب ‪ ،‬واإلمام أحؿد رحؿة اهلل طؾك الجؿقع‪.‬‬

‫وطؾقف فؿعـك ققل اهلل تعالك (وطؾك الذيـ يطقؼقكف) كؿا جاء يف قراءة أخرى ذكرها ابـ طباس (وطؾك‬
‫يطقققكف) أي يتؽؾػقن صقامف بؿشؼة ‪ ،‬وهذا حجة مـ رأى وجقب اإلصعام ‪ ،‬أن أية لقست‬
‫الذيـ َّ‬
‫مـسقخة وإكؿا هل مخصصة‪ ،‬قالقا ويؼاس هذا طؾك مـ طجز طـ الحج أن يحج ‪ ،‬فنكف إذا كان لف مال‬
‫كؾػ غقره لؾحج ‪ ،‬وكذلؽ هفـا‪.‬‬

‫ورجح ابـ طبد الرب ‪ ،‬طدم وجقب الػدية قال ٕكف ٓ دلقؾ طؾك ذلؽ ولف كالم هفـا جؿقؾ مـ حقث‬
‫التلصقؾ قال ( لؿ تجب الػدية يف كتاب مجؿتع طؾك تلويؾف وٓ سـة يػؼففا مـ تجب الحجة بػؼفف وٓ‬
‫إجؿاع يف ذلؽ مـ الصحابة وٓ مـ بعدهؿ ‪ ،‬والػرائض ٓ تجب إٓ هبذه القجقه‪ ،‬والذمة بريئة وٓ يجب‬
‫شلء إٓ بدلقؾ ٓ تـازع فقف) ففذا كلصؾ كالم ققي‪.‬‬

‫واختالف السؾػ يف وجقب الػدية وارد كؿا قال ابـ طبد الرب ‪ ،‬وذكرت رواية طـ طبد اهلل بـ طباس أكف‬
‫اختؾػ طـف فؼقؾ هل مـسقخة وققؾ لقست بؿـسقخة ‪.‬‬

‫والصقاب طـ ابـ طباس أكف لؿ يختؾػ إمر طؾقف فنكف قال‪ :‬أية مـسقخة بؿعـك مخصصة ‪ ،‬وققلف‬
‫لقست بؿـسقخة يعـل الـسخ إصقلل ‪ٕ ،‬ن الـسخ معـاه رفع الحؽؿ ‪ ،‬لؽـ طـد السؾػ كاكقا يطؾؼقن‬
‫الـسخ طؾك كؾ تغققر طؾك الـسخ إصقلل كػسف وطؾك التخصقص‪ ،‬فؿا جاء مـ رواية أهنا مـسقخة‬
‫بؿعـك مخصقصة ‪ ،‬وما جاء يف رواية أكف لقست بؿـسقخة معـاها يعـل الـسخ إصقلل‪.‬‬

‫والصقاب هفـا أكف يطعؿ طـ كؾ يقم مسؽقـا ُمدّ ا كؿا ثبت طـ أكس بـ مالؽ رضل اهلل طـف يف آثار طـف‬
‫مـ صرق كثقرة ثابتة طـف ‪ ،‬أكف كرب فعجز طـ الصقام وذلؽ طام أو طامقـ قبؾ وفاتف فؽان يف رمضان‬
‫يجؿع الؿساكقـ ويطعفؿفؿ‪.‬‬

‫‪137‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫واإلصعام يف ققل جؿفقر العؾؿاء لؽؾ مسؽقـ مد واحد ‪ ،‬وهق ققل أهؾ الحجاز ‪ ،‬وأما أهؾ الؽقفة‬
‫فقؼقلقن لؽؾ مسؽقـ كصػ صاع ‪ ،‬ففذا هق الصقاب يف مسللة الشقخ والعجقز الؽبقريـ الؿػطريـ‬
‫يطعؿان طـ كؾ يقم مسؽقـ ‪ ،‬وقد جاء أثر طـ ابـ طباس يف البخاري وجاء طـ غقره كذلؽ رضل اهلل‬
‫تعالك طـ الجؿقع ‪ ،‬وأيضا رواه الـسائل بـحقه ‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫[و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َأكَّ ُف بَ َؾ َغ ُف أَ َّن َط ْبدَ اهللِ ْب َـ ُط َؿ َر ُسئِ َؾ َط ْـ ا ْل َؿ ْرأَ ِة ا ْل َحامِ ِؾ إِ َذا َخا َف ْت‬
‫ان ُك ِّؾ َي ْق ٍم مِ ْسؽِقـًا ُمدًّ ا م ِ ْـ‬‫الصقَا ُم َق َال ُت ْػطِ ُر َو ُت ْط ِع ُؿ َم َؽ َ‬ ‫ِ‬
‫َط َؾك َو َلد َها َو ْاشتَدَّ َط َؾقْ َفا ِّ‬
‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾؿ‬ ‫ِ ٍ‬
‫حـْ َطة بِ ُؿدِّ الـَّبِ ِّل َص َّؾك ُ‬
‫اهلل َط َّز َو َج َّؾ { َف َؿ ْـ كَا َن مِـْ ُؽ ْؿ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َق َال َمالؽ َو َأ ْه ُؾ ا ْلع ْؾ ِؿ َي َر ْو َن َط َؾقْ َفا ا ْل َؼ َضا َء ك ََؿا َق َال ُ‬
‫اض َم َع‬ ‫يضا َأ ْو َط َؾك َس َػ ٍر َف ِعدَّ ٌة مِ ْـ َأ َّيا ٍم أُ َخ َر } َو َي َر ْو َن َذل ِ َؽ َم َر ًضا مِ ْـ ْإ َ ْم َر ِ‬ ‫َم ِر ً‬
‫ف َط َؾك َو َل ِد َها‪].‬‬ ‫خق ِ‬
‫ا ْل َ ْ‬

‫يف مسللة الحامؾ ما الذي يؾزمفا ؟ أما إثر الذي ذكره طـ ابـ طؿر فنكف ثابت ‪ ،‬قد جاء طـ ابـ طؿر‬
‫طـد الدارقطـل بسـد صحقح جقد‪ ،‬وجاء طـ ابـ طباس بللػاظ كثقرة ‪ ،‬قال (إذا خافت الحامؾ طؾك‬
‫كػسفا أو الؿرضع طؾك ولدها يػطران ويطعؿان مؽان كؾ يقم مسؽقـا وٓ يؼضقان يقما) أو (صقما) رواه‬
‫ابـ جرير الطربي بنسـاد صحقح‪ ،‬كؿا روى الدارقطـل أن ابـ طباس رأى ّأم ولده حامال أو مرضا فؼال‬
‫(أكت بؿـزلة التل ٓ يطقؼقن طؾقؽ أن تطعؿل مؽان كؾ يقم مسؽقـا وٓ قضاء طؾقؽ)‪ ،‬وكذا جاء بللػاظ‬
‫كثقرة صريحة يف أكف تطعؿ وٓ قضاء طؾقفا‪.‬‬

‫وروى الدارقطـل أيضا إذا طجز الشقخ الؽبقر طـ الصقام أصعؿ طـ كؾ يقم مدا مدا بنسـاد صحقح ‪،‬‬
‫وطـ ابـ طباس {وطؾك الذيـ يطقؼقكف} ‪ :‬الشقخ الؽبقر الذي ٓ يستطقع الصقام فقػطر ويطعؿ طـ كؾ‬
‫يقم مسؽقـا كصػ صاع مـ حـطة‪ ،‬هذا رواه الدارقطـل يف حؼ الشقخ الؽبقر‪.‬‬

‫وطـ أكس بـ مالؽ الؽعبل قال قال رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (إن اهلل وضع طـ الؿسافر شطر‬
‫الصالة‪ ،‬والصقم طـ الؿسافر وطـ الؿرضع والحبؾك) رواه أبق داود والـسائل والرتمذي وقد صححف‬

‫‪138‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫بعض أهؾ العؾؿ‪ .‬وهبذا الؼقل قال سعقد بـ الجبقر والؼاسؿ بـ محؿد وصائػة ومـفؿ إسحاق وططاء‬
‫وطؽرمة‪ ،‬وهذا الؼقل هق الصقاب‪.‬‬

‫فالحامؾ إذا خافت طـ كػسفا أفطرت وأصعؿت وٓ قضاء طؾقفا ‪ ،‬والؿرضع إذا خافت طـ كػسفا أو‬
‫ولدها أفطرت وأصعؿت وٓ قضاء طؾقفا‪.‬‬

‫وقال آخرون الحؿؾ والرضاع مرض فنذا أفطرتا قضتا الصقام وٓ إصعام طؾقفؿا ‪ ،‬وهذا ققل الحسـ‬
‫وإبراهقؿ الـخعل وططاء والزهري والضحاك وإوزاطل وربقعة والثقري وأبل حـقػة وأصحابف‬
‫والؾقث والطربي وبف قال أبق ثقر وأبق طبقد‪.‬‬

‫وطـد مالؽ يف ققل التػريؼ بقـ الؿرضع والحامؾ فالحامؾ مريضة فتؼضل أما الؿرضع تؼضل وتطعؿ ‪،‬‬
‫فؾف ققٓن يف حؼ الؿرضع‪ ،‬ققؾ تؼضل وتطعؿ وققؾ تؼضل فؼط ‪ ،‬وبف قال الشافعل أي بؼقل مالؽ يف‬
‫الؿرضع‪.‬‬

‫وأما الؼقل الثالث فؼالقا طؾقفؿا الؼضاء واإلصعام معا وهق رواية لؾشافعل وأحؿد‪.‬‬

‫وقد قال أبق طبد اهلل الؿروزي (ٓ أطؾؿ أحدا جؿع طؾقفؿا الؼضاء واإلصعام إٓ مجاهد) وٓ يثبت طـ‬
‫ابـ طؿر الؼقل بالؼضاء ‪ ،‬وإكؿا الصحقح طـ ابـ طؿر أكف قال اإلصعام فؼط‪.‬‬

‫فنذن مالؽ يرى أن الحامؾ كالؿريض تؼضل وٓ إصعام طؾقفا والؿرضع أيضا كالؿريض تؼضل فؼط ‪،‬‬
‫ويف رواية أهنا تطعؿ مدا ويف رواية أهنا ٓ تطعؿ‪.‬‬

‫والصقاب أكف ٓ قضاء طؾقفا وإكؿا تطعؿ‪.‬‬

‫قل َم ْـ كَا َن َط َؾ ْق ِف َق َضا ُء‬ ‫اس ِؿ َطـ أَبِ ِ‬


‫قف َأ َّك ُف كَا َن َي ُؼ ُ‬ ‫ْ‬
‫[و حدَّ َثـِل َطـ مالِؽ َطـ َطب ِد الرحؿ ِـ ب ِـ ا ْل َؼ ِ‬
‫ْ ْ َّ ْ َ ْ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫آخ ُر َفنِكَّ ُف ُي ْط ِع ُؿ َم َؽا َن ُك ِّؾ َي ْق ٍم‬
‫ان َف َؾ ْؿ َي ْؼ ِض ِف َو ُه َق َق ِق ٌّي َط َؾك ِص َقامِ ِف َحتَّك َجا َء َر َم َضا ُن َ‬
‫َر َم َض َ‬
‫مِ ْسؽِقـًا ُمدًّ ا مِ ْـ ِحـْ َط ٍة َو َط َؾقْ ِف َم َع َذل ِ َؽ ا ْل َؼ َضا ُء‬
‫قد بْ ِـ ُج َب ْق ٍر مِثْ ُؾ َذل ِ َؽ]‬
‫و حدَّ َثـِل َطـ مالِؽ أَكَّف ب َؾ َغف َطـ س ِع ِ‬
‫َُ ُ ْ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬

‫هذا الذي يؾزمف الؼضاء ‪ ،‬أفطر مـ رمضان فؾزمف الؼضاء فؾؿ يؼض حتك دخؾ رمضان آخر ‪ ،‬فؿا الذي‬
‫طؾقف؟‬

‫‪139‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫لؿ يذكر اإلمام مالؽ هـا رحؿف اهلل أثرا طـ صحابل ‪ ،‬وإكؿا ذكر آثارا طـ بعض التابعقـ‪.‬‬

‫وقد جاءت آثار طـ ابـ طباس وابـ طؿر وأبل هريرة فقفا ذكر اإلصعام قال يحقك بـ أكثؿ (إكف وجب يف‬
‫هذه الؿسللة اإلصعام طـ ستة مـ الصحابة ٓ يعؾؿ لفؿ مخالػ) وباإلصعام قال مالؽ كؿا ذكركا هفـا‬
‫والثقري والؾقث بـ سعد والشافعل والحسـ بـ حقل وإوزاطل وططاء وابـ شفاب الزهري وأحؿد‬
‫وإسحاق وبعض الؽقفققـ ‪ ،‬مـفؿ مـ قال يؼضل ويطعؿ مدا لؽؾ مسؽقـ ‪ ،‬وققؾ يؼضل ويطعؿ كصػ‬
‫صاع وهق ققل الؽقفققـ‪ ،‬لؽـ هذا إذا فرط حتك دخؾ رمضان آخر‪ ،‬أما إذا لؿ يػرط حتك دخؾ رمضان‬
‫آخر فلكثرهؿ ٓ يؾزمف اإلصعام إكؿا الؼضاء فؼط‪.‬‬

‫وقال أبق حـقػة وأصحابف والحسـ ‪-‬أي البصري‪ -‬يف رواية وإبراهقؿ الـخعل وداود والطحاوي يؼضل‬
‫وٓ إصعام طؾقف إذ لؿ يدل طؾك ذلؽ دلقؾ ٓ مـ كتاب وٓ مـ سـة وٓ إجؿاع ‪ ،‬وضاهر أية {فعدة مـ‬
‫أيام أخر} فال يزاد طؾك غقر ذلؽ‪.‬‬

‫أما مـ قال بقجقب اإلصعام فؾقرود بعض أثار طـ الصحابة لؽـ ققدوا وجقب اإلصعام بالتػريط ‪،‬‬
‫يػرط كلن يؽقن مريضا ودام طؾقف الؿرض حتك دخؾ رمضان آخر‪ ،‬فال يؾزمف اإلصعام طـ‬
‫أما إذا لؿ ّ‬
‫يػرط فال شلء طؾقف ويؼضل‬
‫إول وبعضفؿ قال بؾ يطعؿ ‪ ،‬والصقاب يف الؿسللة واهلل أطؾؿ أكف إن لؿ ّ‬
‫فؼط بعد رمضان الثاين‪ ،‬أما إذا ّفرط فنكف يلثؿ ‪ ،‬وٓ يؼقى الدلقؾ طؾك إلزامف باإلصعام لظاهر أية {فعدة‬
‫مـ أيام أخر} ‪ ،‬وقد ورد ما يخالػ مـ ألزم اإلصعام‪.‬‬

‫ِ‬ ‫ِ‬
‫[بَاب َجام ِع َق َضاء ِّ‬
‫الصقَا ِم]‬

‫قال‬
‫ِ‬ ‫ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫[ َحدَّ َثـل َي ْحقَك َط ْـ َمالؽ َط ْـ َي ْحقَك ْب ِـ َسعقد َط ْـ أَبِل َس َؾ َؿ َة ْب ِـ َطبْد َّ‬
‫الر ْح َؿ ِـ أَكَّ ُف‬
‫الصقَا ُم م ِ ْـ‬ ‫قل إ ِ ْن ك َ‬
‫َان َل َق ُؽق ُن َط َؾ َّل ِّ‬ ‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َت ُؼ ُ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َسؿ َع َطائ َش َة َز ْو َج الـ َّبِ ِّل َص َّؾك ُ‬
‫َر َم َضا َن َف َؿا أَ ْستَطِق ُع َأ ُصق ُم ُف َحتَّك َي ْلتِ َل َش ْعبَا ُن]‬

‫‪141‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫رواه البخاري ومسؾؿ ‪ ،‬هذا يف بقان سعة الققت لؿـ طؾقف الؼضاء ‪ ،‬مـ افطر يف رمضان وكان طؾقف‬
‫الؼضاء ‪ ،‬فققتف متسع إلك أن يليت رمضان آخر ‪ ،‬لؽـ ٓ يجقز أن يجاوز رمضان‪.‬‬

‫فؼالت كان يؽقن طؾقفا الصقم فال تستطقع الؼضاء إلك شعبان ‪ ،‬قالقا السبب يف ذلؽ أن الققت متسع‬
‫فلخذت بالرخصة ‪ ،‬وققؾ كاكت تشتغؾ برسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ ‪ ،‬لؽـ ُر ّد هذا‪ ،‬قالقا‪ٕ :‬ن الـبل‬
‫صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ كان يسقي جؿقع الـساء يف الؿعامؾة ‪ ،‬وكؾفـ كـ يـشغؾـ بف كؿا تـشغؾ هل بف‬
‫رضل اهلل طـ الجؿقع‪.‬‬

‫ولؽـ جاءت رواية طـد مسؾؿ أهنا قالت (فؿا أستقطع قضاءها مع رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ) مؿا‬
‫لؿا كاكت يف وقتف أما بعد ذلؽ صارت طؾك خالف ذلؽ ‪ ،‬ولفذا ذكر يف رواية لؾرتمذي وأبل‬
‫يدل ّ‬
‫خزيؿة بؾػظ (ما قضقت شقئا مـ رمضان إٓ يف شعبان حتك قبض رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ) وهذا‬
‫يدل طؾك جقاز تلخقر قضاء رمضان مطؾؼا سقاء لعذر أو لغقر طذر‪.‬‬

‫لؽـ ٓ يجقز أن يجاوز رمضان الثاين ‪ ،‬وٕن طائشة كاكت تػعؾ هذا يف حضرة رسقل اهلل صؾك اهلل طؾقف‬
‫وسؾؿ ‪ ،‬ويعؾؿف كساؤه ففذا مؿا يدل طؾك أكف أقر طؾك ذلؽ‪.‬‬

‫و ققلفا (فال أقضل إٓ يف شعبان) دلقؾ طؾك تلخقر الؼضاء إلك ما قبؾ رمضان الجديد‪.‬‬

‫قال‪:‬‬

‫[باب ِصقا ِم ا ْلقق ِم ا َّل ِذي ي َش ُّؽ ف ِ ِ‬


‫قف]‬ ‫ُ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬

‫قال‪:‬‬

‫[حدَّ َثـِل يحقك َطـ مالِؽ أَكَّف س ِؿع أَ ْه َؾ ا ْل ِع ْؾ ِؿ يـْفق َن أَ ْن يصام ا ْلققم ا َّل ِذي ي َش ُّؽ ف ِ ِ‬
‫قف‬ ‫ُ‬ ‫ُ َ َ َْ ُ‬ ‫َ َْ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫ان َو َي َر ْو َن أَ َّن َط َؾك َم ْـ َصا َم ُف َط َؾك َغ ْق ِر ُر ْؤ َي ٍة ُث َّؿ‬ ‫ان إِ َذا ك ََقى ب ِ ِف ِص َقا َم َر َم َض َ‬ ‫مِ ْـ َش ْع َب َ‬
‫ان أَ َّن َط َؾقْ ِف َق َضا َء ُه َو َٓ َي َر ْو َن ب ِ ِصقَامِ ِف َت َط ُّق ًطا بَلْ ًسا َق َال َمالِؽ‬ ‫َجا َء الثَّبْ ُت أَكَّ ُف مِ ْـ َر َم َض َ‬
‫ْت َط َؾقْ ِف أَ ْه َؾ ا ْل ِع ْؾ ِؿ بِبَ َؾ ِدكَا]‬
‫َو َه َذا ْإ َ ْم ُر ِطـْدَ كَا َوا َّل ِذي َأ ْد َرك ُ‬
‫هذا الختالف يف صقام يقم الشؽ ‪ ،‬هؾ يشرع صقامف أو ٓ يشرع صقامف؟‬

‫‪141‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ويقم الشؽ هق لقؾة الثالثقـ أي ما بعد يقم التاسع والعشريـ مـ شعبان ‪ ،‬قال الـقوي رحؿف اهلل يف يقم‬
‫الشؽ ‪ :‬يف يقم الثالثقـ مـ شعبان ‪ ،‬إذا وقع يف ألسـة الـاس أكف رؤي ولؿ يؼؾ بذلؽ طدل أكف رآه فؾؿ‬
‫تؼبؾ الشفادة ‪ ،‬أو قالف طدد مـ الـساء أو الصبقان أو العبقد والػساق مؿـ ٓ تؼبؾ شفادهتؿ ‪ ،‬فنن لؿ‬
‫ُيتحدث برؤيتف فؾقس بققم شؽ‪.‬‬

‫وققؾ إذا كاكت السؿاء مصحقة ولؿ ير الفالل ففق شؽ وإٓ فال‪.‬‬

‫وققؾ إن يقم الشؽ ما ترددوا فقف بقـ الجائز مـ غقر ترجقح ‪ ،‬أي أكف رؤي أو لؿ ير ‪ ،‬فنن شفد طبد أو‬
‫صبل أو امرأة فؼد ترجح أحد الجاكبقـ ولقس بشؽ ‪ ،‬وأما إذا كان يف السؿاء قطع سحاب يؿؽـ رؤية‬
‫الفالل مـ خاللفا‪ ،‬ويؿؽـ أن يخػك تحتفا ولؿ يتحدث أحد طؾك رؤيتف ‪ ،‬فؼقؾ هق يقم شؽ وققؾ لقس‬
‫بققم شؽ‪.‬‬

‫وققؾ يقم الشؽ هق الثالثقـ مـ شعبان إذا لؿ ير الفالل يف لقؾة بغقؿ ساتر أو كحقه‪.‬‬

‫وإضفر يف يقم الشؽ أكف ما بعد مغرب يقم التاسع والعشريـ إذا كاكت السؿاء فقفا غقؿ ولؿ يتؿؽـقا‬
‫مـ رؤية الفالل ‪ ،‬ففذا هق يقم الشؽ ولقؾة الشؽ‪.‬‬

‫أما إذا كاكت فقفا غقؿ ورؤي الفالل فؾقست بشؽ ‪ ،‬أو كاكت مصحقة ورؤي الفالل أو لؿ ُير فؾقست‬
‫بؾقؾة شؽ ‪ ،‬وإكؿا لقؾة الشؽ هل ما بعد مغرب التاسع والعشريـ إذا كان ثؿة غقؿ ولؿ يؿؽـ رؤية‬
‫الفالل‪.‬‬

‫فلققال أهؾ العؾؿ يف صقام يقم الشؽ طؾك أربعة أققال‪:‬‬

‫الؼقل إول‪ :‬طدم جقاز صقام يقم الشؽ بـقة رمضان ‪ ،‬وهق مذهب الشافعقة وحؽاه ابـ الؿـذر طـ‬
‫طؿر وطؾل وابـ طباس وابـ مسعقد وطؿار وحذيػة ‪ ،‬وأكس وأبل هريرة وأبل وائؾ وطؽرمة ‪ ،‬وابـ‬
‫الؿسقب والشعبل والـخعل ‪ ،‬وابـ جريج وإوزاطل‪.‬‬

‫وقال مالؽ سؿعت أهؾ العؾؿ يـفقن طـ ذلؽ فال يجقز صقامف طـ رمضان ‪ ،‬وإن صامف طـ غقر‬
‫رمضان جاز طـد مالؽ وأبل حـقػة ‪ ،‬والؼقل بعدم جقازه أيضا هق ققل طثؿان وداود الظاهري ورواية‬
‫طـ أحؿد وهق ققل أبل حـقػة كؿا ذكرت‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫والؼقل الثاين‪ :‬وهق أيضا ققل طؿر وأبل سعقد الخدري وطائشة والؼاسؿ بـ محؿد والحسـ وابـ‬
‫سقريـ وغقره ‪ ،‬الؼقل الثاين يصام مـ رمضان وهق ققل يـسب لعائشة وأختفا أسؿاء‪ ،‬وكؼؾ طـفؿا (ٕن‬
‫أصقم يقما مـ شعبان أحب إلل مـ أن أفطر يقما مـ رمضان) وهذا إثر يف سـده مؼال‪.‬‬

‫والؼقل الثالث‪ :‬يتابع فقف اإلمام ‪،‬فنن صامف صامقا وإن أفطره أفطرو ‪ ،‬وهق ققل الحسـ البصري‬
‫ومحؿد بـ سقريـ ورواية طـ أحؿد‪.‬‬

‫والؼقل الرابع‪ :‬و هق التػرقة بقـ يقم صحق ويقم غقؿ‪ ،‬فققم الصحق إن كان صحقا لؿ يجز صقمف‪ ،‬وإن‬
‫كان غقؿا وجب صقمف‪ ،‬وهق مذهب أحؿد والؿـؼقل طـ ابـ طؿر‪.‬‬

‫والصقاب إققى يف الؿسللة ققل جؿفقر العؾؿاء وهق أكف ٓ يجقز صقام يقم الشؽ ويؽػل يف ذلؽ‬
‫حديثا ودلقال ققلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (صقمقا لرؤيتف وأفطروا لرؤيتف)‪ ،‬وحديث (إذا رأيتؿقه فصقمقا‬
‫وإذا رأيتؿقه فلفطروا) وكذا الروايات التل ذكركاها مـ رواية ابـ طباس وغقره‪ ،‬وكذا ما ثبت طـ طؿار‬
‫بـ يسار يف ققلف (مـ صام الققم الذي يشؽ فقف فؼد طصك أبا الؼاسؿ) ‪ ،‬فؼد صرح طؿار بـ ياسر رضل‬
‫اهلل طـف بلن مـ صام يقم الشؽ فؼد طصك الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ والؿعصقة ٓ تؽقن إٓ لرتك‬
‫واجب أو فعؾ مـفل طـف وهذا واضح وققي‪.‬‬

‫وأما أصحاب الؼقل الثاين والثالث والرابع فؾفؿ أدلتفؿ التل استدلقا هبا ‪ ،‬ويف الحؼقؼة سردها‬
‫ومـاقشتفا يطقل جدا فلقتصر طؾك ما ذكرت ‪ ،‬وإن كان الؿػرتض أن أسرد مـ ذلؽ شلء لؽـ ضاق‬
‫الققت وٓبد مـ إتؿام ما تبؼك مـ الؽتاب‪.‬‬

‫قال‬

‫الصقَا ِم‬ ‫ِ‬


‫[بَاب َجام ِع ِّ‬
‫َحدَّ َثـِل َي ْح َقك َط ْـ َمالِؽ َط ْـ َأبِل الـ َّْض ِر َم ْق َلك ُط َؿ َر ْب ِـ ُط َب ْق ِد اهللِ َط ْـ أَبِل َس َؾ َؿ َة بْ ِـ‬
‫قل اهللِ‬ ‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ أَك ََّفا َقا َل ْت ك َ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َان َر ُس ُ‬ ‫الر ْح َؿ ِـ َط ْـ َطائ َش َة َز ْوجِ الـَّب ِ ِّل َص َّؾك ُ‬ ‫َطبْد َّ‬
‫قل َٓ َي ُصق ُم َو َما‬ ‫قل َٓ ُي ْػطِ ُر َو ُي ْػطِ ُر َحتَّك كَ ُؼ َ‬ ‫اهلل َط َؾ ْق ِف َو َس َّؾ َؿ َي ُصق ُم َحتَّك كَ ُؼ َ‬
‫َص َّؾك ُ‬

‫‪143‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫استَ ْؽ َؿ َؾ ِصقَا َم َش ْف ٍر َق ُّط إ ِ َّٓ َر َم َضا َن َو َما‬ ‫ِ‬ ‫ت رس َ ِ‬


‫اهلل َط َؾقْف َو َس َّؾ َؿ ْ‬
‫قل اهلل َص َّؾك ُ‬ ‫َرأَ ْي ُ َ ُ‬
‫َرأَ ْيتُ ُف فِل َش ْف ٍر َأ ْكثَ َر ِصقَا ًما مِـ ْ ُف فِل َش ْع َبا َن]‬

‫الحديث رواه البخاري ومسؾؿ وفقف شؿائؾ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يف الصقام وأكف كان يؽثر الصقم‬
‫ولربؿا يسرده حتك يؼقلقا ٓ يػطر ‪ ،‬ولربؿا يسرد الػطر حتك يؼقلقا ٓ يصقم ‪ ،‬وما صام شفرا وأكثر مـ‬
‫صقامف إٓ شعبان ‪ ،‬بؾ ققؾ كان يصقم جؾف بؾ قالت كؾف‪ ،‬بؾ قالت يف رواية (ما رأيتف صام شفريـ‬
‫مؿتتابعقـ إٓ شعبان ورمضان) حؿؾف العؾؿاء طؾك أكف هؽان يصقم أكثره وأغؾبف‪.‬‬

‫قل اهللِ َص َّؾك‬ ‫الزك ِ‬


‫َاد َط ْـ ْإ َ ْط َرجِ َط ْـ أَبِل ُه َر ْي َر َة أَ َّن َر ُس َ‬ ‫[و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َط ْـ أَبِل ِّ‬
‫الص َقا ُم ُجـ َّ ٌة َفنِ َذا كَا َن َأ َحدُ ُك ْؿ َصائِ ًؿا َف َال َي ْر ُف ْث َو َٓ َي ْج َف ْؾ َفن ِ ْن‬ ‫ِ‬
‫اهلل َط َؾقْف َو َس َّؾ َؿ َق َال ِّ‬
‫ُ‬
‫ا ْم ُر ٌؤ َقا َت َؾ ُف َأ ْو َشا َت َؿ ُف َف ْؾ َق ُؼ ْؾ إِكِّل َصائِ ٌؿ إِكِّل َصائِ ٌؿ]‬

‫رواه البخاري ومسؾؿ ‪ ،‬الصقام كؿا ذكركا هق يف الؾغة اإلمساك ‪ ،‬وققلف (جـة) أي وقاية وسرت مـ الـار‬
‫ويؽػقف ذلؽ فضال ‪ ،‬وقد جاء يف الحديث ققلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ (الصقام جـة يستجـ هبا العبد مـ‬
‫الـار) رواه ابـ ماجة وهق حديث صحقح‪.‬‬

‫وققلف (فال يرفث) الرفث الؽالم الؼبقح والشتؿ والخـك والغقبة والجػاء‪ ،‬وأن تغضب صاحبؽ بؿا‬
‫يسقؤه ‪ ،‬والؿراء ‪ ،‬ويطؾؼ طؾك الجؿاع كذلؽ‪.‬‬

‫(وٓ يجفؾ) أي مؿا يصقبف مـ أذى إخقاكف فال يجفؾ لؽقهنؿ جفؾقا طؾقف كؿا قال الشاطر‪:‬‬

‫أٓ ٓ يجفؾـ أحد طؾقـا *** فـجفؾ فقق جفؾ الجاهؾقـا‬

‫اهلل الؿستعان ‪ ،‬بؾ يحؾؿ ويرأف ويرفؼ والصقام يحؿؾ طؾك إدب والخؾؼ الحسـ‪.‬‬

‫(فنن امرؤ قاتؾف وشاتؿف) قاتؾف أي مال إلك قتالف وشتامف وسبف‪.‬‬

‫(فؾقؼؾ إين صائؿ إين صائؿ) ققؾ يؼقل هذا جفرا ‪ ،‬فقذكر كػسف ويؿتـع طـ فعؾ شلء يـؼص مـ أجؾ‬
‫صقامف ‪ ،‬وققؾ أيضا لقذكّر أخر‪.‬‬

‫‪144‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وققؾ بؾ يؼقل ذلؽ سرا إلبعاد الرياء وهذا فقف كظر ‪ ،‬وقد يؼال هذا يف صقام التطقع ٓ يف صقام الػرض ‪،‬‬
‫صقم ‪،‬فنذن يف رمضان يؼقل إين صائؿ جفرا ‪ ،‬وأما يف غقر رمضان فقؼقل يف‬
‫أما يف الػرض الـاس كؾفؿ ّ‬
‫كػسف إبعادا لؾرياء ‪ ،‬لؽـ لػظة (فؾقؼؾ) الؼقل كطؼ مػقد ‪ ،‬فػقف إشارة إلك الجفر ‪ ،‬ولربؿا إذا خشل طؾك‬
‫كػسف الرياء قالف يف كػسف ن وإذا صؿع يف أن يبتعد صاحب الشر طـف فؾقؼؾ ذلؽ جفرا لقسؿعف‪.‬‬

‫ذكركا حديث أبل هريرة (الصقام جـة ‪ )...‬الخ هذا فقف فضؾ الصقام كؿا هق واضح‬

‫قال‪:‬‬

‫قل اهللِ َص َّؾك‬ ‫الزك ِ‬


‫َاد َط ْـ ْإ َ ْط َرجِ َط ْـ أَبِل ُه َر ْي َر َة َأ َّن َر ُس َ‬ ‫[و َحدَّ َثـِل َط ْـ َمالِؽ َط ْـ َأبِل ِّ‬
‫الصائِ ِؿ]‬
‫قف َف ِؿ َّ‬ ‫خ ُؾ ُ‬‫اهلل َط َؾقْ ِف َو َس َّؾ َؿ َق َال َوا َّل ِذي كَ ْػ ِسل بِقَ ِدهِ َل ُ‬
‫ُ‬

‫خؾقف فؿ الصائؿ) هذه إوزان َف ُعقل و ُفعقل ‪،‬‬


‫وخؾقف ‪،‬أما حديث (والذي كػسل بقده ل ُ‬
‫خؾقف ُ‬
‫إصؾ أن ُفعقل ما كان بضؿ الػاء ففق الػعؾ ‪ ،‬وماكان بالػتح ففق الشلء ‪ ،‬فنذا قؾـا ال ُّطفقر ففق فعؾ‬
‫القجقر فذاك‬ ‫التطفر ‪ ،‬وإذا قؾـا ( َص ُفقر) ففق الؿاء الذي ُيتطفر بف ‪ ،‬إذا قؾـا ُ‬
‫القجقر ففق الػعؾ وإذا قؾـا َ‬
‫والسعقط ففق فعؾ التسعط‪.‬‬
‫السعقط ففق الذي يقضع يف إكػ ‪ُّ ،‬‬
‫قج ُر بف‪ ،‬إذا قؾـا َّ‬
‫الذي ُي َ‬

‫فرجحقا أكف بالضؿ ُف ُعقل‬


‫أما هـا الخؾقف ففق مـ باب الؿصدر ‪ ،‬والؿصادر طؾك وزن ( َف ُعقل) قؾقؾة ‪ّ ،‬‬
‫– ُخؾقف‪ -‬وقالقا ‪ :‬هل الرواية الصحقحة ‪.‬‬

‫(الخ ُؾقف) ففق خطل وغؾط قالف الخطابل ‪ ،‬وقال الـقوي ‪ ٓ :‬يجقز الػتح ‪ ،‬وأجاز الؼاسؿل‬
‫أما بالػتح َ‬
‫القجفقـ ‪ .‬والؿراد بف تغقر رائحة فؿ الصائؿ بسبب الصقام‪.‬‬

‫[ َأ ْصقب ِطـْدَ اهللِ مـ ِريحِ ا ْل ِؿس ِ‬


‫ؽ]‬ ‫ْ‬ ‫َ ُ‬

‫(أصقب) فقف إثبات صػة آستطابة هلل جؾ وطال ‪ ،‬كؿا ذكر ذلؽ لالمام ابـ ققؿ رحؿف اهلل يف كتابف‬
‫"القابؾ الصقب" خالفا لؿـ أولفا ‪ ،‬فصػة آستطابة ثابتة بدلقؾ هذا الحديث طؾك كؿال ما يؾقؼ باهلل‬
‫جؾ وطال وطظؿتف تبارك وتعالك‪.‬‬

‫‪145‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫(أصقب طـد اهلل مـ ريح الؿسؽ) وهذا فقف دلقؾ طؾك تػضقؾ العبادة طؾك ما يؼابؾفا ‪ ،‬فالعبادة وأثرها‬
‫طظقؿ ‪ ،‬فقف تػضقؾ العبادات طؾك أمقر الدكقا ‪ ،‬وفقف أن ما قد يرتتب طؾك العبادة ‪ ،‬ولق قد يجد آكسان‬
‫فقف شلء مـ العسر فنكف أفضؾ وٓ مؼاركة بقـف وبقـ أمر الدكقا ‪ ،‬وفقف أن العبادات وأثرها وما يرتتب‬
‫طؾقفا أرفع مـ أمقر الدكقا وٓ مؼاركة بقـ إمريـ‪.‬‬

‫[إِك ََّؿا َي َذ ُر َش ْف َق َت ُف َو َص َعا َم ُف َو َش َرابَ ُف مِ ْـ أَ ْجؾِل]‬

‫(يذر) أصؾ الػعؾ وذر بؿعـك ترك‪ ،‬لؽـف ترك ماضقف ‪ ،‬فقذر ترك استعؿالف بؾ ٓ يستعؿؾ ‪ ،‬وإكؿا‬
‫يستعؿؾ مـف (يذر) يف الؿضارع ‪ ،‬و(ذر) يف إمر كؿا قال جؾ وطال { َو َي َذ ُر ُه ْؿ فِل صُ ْغقَاك ِ ِف ْؿ َي ْع َؿ ُف َ‬
‫قن} [‬
‫إطراف‪َّ { ]953/‬ما كَا َن ال ّؾ ُف لِقَ َذ َر ا ْل ُؿ ْممِـِق َـ َط َؾك َما َأكتُ ْؿ َط َؾقْ ِف} [ آل طؿران‪ ]946/‬وققلف { َذ ْركِل‬
‫ت َو ِحقد ًا } [ الؿدّ ثر‪.]99/‬‬
‫َو َم ْـ َخ َؾ ْؼ ُ‬

‫(يذر) يرتك‪.‬‬

‫(مـ أجؾل) ٕن الصائؿ إكؿا ترك الطعام والشراب وشفقة بطـف وفرجف هلل جؾ وطال‪.‬‬

‫الص َقا ُم لِل َوأَكَا أَ ْج ِزي ب ِ ِف]‬


‫[ َف ِّ‬

‫كؾ إطؿال مضافة هلل جؾ وطال ‪ ،‬فؽقػ أضاف الصقام هلل؟ ما الؿراد؟‬

‫ققؾ إكف كؾ العبادات قد يؽقن لؾعبد فقفا حظ‪ ،‬إٓ الصقم ففق محض طبادة هلل جؾ وطال‪ ،‬وققؾ هذه مـ‬

‫باب التشريػ لؾصقام‪ ،‬وققؾ لؾصقام أجر وثقاب فال أحد يعؾؿ ثقابف وأجره {إِك ََّؿا ُي َق َّفك َّ‬
‫الصابِ ُرو َن‬
‫اب} [ الزمر‪ ،]91/‬وققؾ ما مـ طبادة إٓ وقد يدخؾفا الرياء بخالف الصقام فسقاء‬ ‫َأ ْج َر ُهؿ بِ َغقْ ِر ِح َس ٍ‬

‫أطؾؿ اإلكسان غقره أكف صائؿ أو ٓ ‪ ،‬فحؼقؼة صقمف ٓ يعؾؿفا أحد إٓ اهلل جؾ وطال ‪ ،‬وققؾ يعـل حؼقؼة‬
‫الؿراءاة ٓ تؽقن ففق خالص لقجف اهلل ‪ ،‬بؾ حتك ققؾ الحػظة ٓ تعؾؿف هؾ هق فقف الؿراءاة أو لقس فقف‬
‫الؿراءاة ‪ ،‬كؿا ذكر ذلؽ ابـ طبد الرب وابـ رجب رحؿة اهلل تعالك طؾك الجؿقع‪.‬‬

‫الصقَا َم َف ُف َق لِل َوأَكَا َأ ْج ِزي ب ِ ِف]‬ ‫ِ ِ ِ ٍ‬ ‫ِ‬ ‫ٍ‬


‫[ ُك ُّؾ َح َسـ َة بِ َع ْش ِر أَ ْمثَال َفا إِ َلك َسبْ ِع مائَة ض ْعػ إِ َّٓ ِّ‬

‫‪146‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫أي كؾ حسـة تضاطػ ‪ ،‬فتضعقػف هلل طز وجؾ ‪ ،‬ويدل طؾك ذلؽ أن الصقم صرب ‪ ،‬قال صؾك اهلل طؾقف‬
‫وسؾؿ (صقام شفر الصرب وثالثة أيام مـ كؾ شفر ذاك صقام الدهر) ‪ ،‬وقال (صقام شفر الصرب وثالثة أيام‬
‫مـ كؾ شفريذهب وحر الصدور) أي الحؼد والغقظ الذي يف الصدر‪.‬‬

‫(وأكا أجزي بف) وهذا دلقؾ طظقؿ طؾك فضؾ الصقام‪.‬‬

‫أققل هذه الرواية وردت بثالثة ألػاظ‪:‬‬

‫‪ =9‬لػظ (كؾ طؿؾ ابـ آدم لف إٓ الصقم فنكف لل وأكا أجزي بف) هذا فقف إشارة إلك إضافة الصقام هلل جؾ‬
‫وطال وأن فقف فضؾ وتشريػ وتػضقؾ لؾصقام والصائؿ ‪ ،‬وهق بالؿعـك السابؼ‪.‬‬

‫‪ =7‬ويف لػظ (كؾ طؿؾ ابـ آدم يضاطػ الحسـة بعشر أمثالفا إٓ الصقم فنكف لل وأكا أجزي بف) فقؽقن‬
‫الؿراد كؾ إطؿال تضاطػ إلك طشر حسـات إلك سبعؿائة ضعػ إلك أضعاف معقـة ‪ ،‬إٓ الصقم‬
‫فتضعقػف ٓ يعؾؿف إٓ اهلل جؾ وطال بدلقؾ أية السابؼة‪.‬‬

‫‪ =9‬ورواية جاء( كؾ طؿؾ ابـ آدم لف كػارة إٓ الصقم فنكف لل وأكا أجزي بف) فقدل طؾك أن التؽػقر الذي‬
‫يؼع بالصقم أكثر مؿا يؼع مـ سائر العبادات‪.‬‬

‫كؿا أشار إلك ذلؽ سػقان بـ طققـة رحؿف اهلل وغقره مـ أهؾ العؾؿ ‪.‬‬

‫ؽ َطـ أَبِ ِ‬
‫قف َط ْـ َأبِل ُه َر ْي َر َة أَكَّ ُف َق َال‬ ‫[و حدَّ َثـِل َطـ مالِؽ َطـ َطؿ ِف َأبِل سفق ِؾ ب ِـ مال ِ ٍ‬
‫ْ‬ ‫ُ َْ ْ َ‬ ‫ْ ِّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫دَت الشَّ َقاصِق ُـ]‬ ‫اب الـ َِّار َو ُص ِّػ ْ‬
‫ت َأبْ َق ُ‬‫اب ا ْل َجـ َِّة َو ُغ ِّؾ َؼ ْ‬ ‫إِ َذا َد َخ َؾ َر َم َضا ُن ُفت َِّح ْ‬
‫ت َأبْ َق ُ‬

‫وهفـا رواه مالؽ مقققفا طـ أبل هريرة ‪ ،‬جاء يف جؿقع الـسخ والروايات طـ مالؽ مقققفا أي يف‬
‫الؿقصل ‪ ،‬لؽـ يف رواية معؿر بـ طقسك ‪ ،‬وهق أحد رواة الؿقصل طـ مالؽ ذكرها مرفقطة ‪ ،‬والحديث‬
‫مرفقع جاء يف البخاري ومسؾؿ وغقرهؿا‪ ،‬وطؾك فرض أكف جاء مقققفا هفـا فال يؼال بالرأي وٓ باجتفاد‬
‫ففق محض تقققػ ‪ ،‬وهق مرفقع إلك الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‪.‬‬

‫ُتػتّح أبقاب الجـة وأبقاب الرحؿة ‪ ،‬وتغؾؼ أبقاب الـار وتصػد الشقاصقـ ‪ ،‬ويف رواية (تسؾسؾ) ولؽـ‬
‫ذلؽ بؼقد وهق (الؿردة) كؿا جاء يف رواية ‪ ،‬و ُتؼ ّقد مردة الشقاصقـ‪.‬‬

‫‪147‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫ؾصائِ ِؿ فِل َر َم َضا َن‬ ‫[و حدَّ َثـِل َطـ مالِؽ َأكَّف س ِؿع َأ ْه َؾ ا ْل ِع ْؾ ِؿ َٓ ي ْؽر ُهق َن السق َ ِ‬
‫اك ل َّ‬ ‫ِّ َ‬ ‫َ َ‬ ‫ُ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫آخ ِر ِه َو َل ْؿ أَ ْس َؿ ْع َأ َحدً ا م ِ ْـ أَ ْه ِؾ‬
‫ار َٓ فِل َأول ِ ِف و َٓ فِل ِ‬
‫َّ َ‬
‫فِل سا َط ٍة مِـ سا َط ِ‬
‫ات الـ ََّف ِ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ‬
‫ا ْل ِع ْؾ ِؿ َي ْؽ َر ُه َذل ِ َؽ َو َٓ َيـ َْفك َطـ ْ ُف]‬

‫هذا فقف إشارة إلك مسللة مـ مسائؾ الصقام وهل استعؿال السقاك ‪ ،‬هؾ يشرع أو ٓ يشرع؟‬

‫مـ العؾؿاء مـ يؿـع استعؿال السقاك مطؾؼا ‪ ،‬ومـفؿ مـ يرى استعؿالف مطؾؼا ‪ ،‬ومـفؿ مـ يجقز‬
‫استعؿال القابس ٓ الرصب ‪ ،‬ومـفؿ مـ يجقز استعؿالف يف أول الـفار ٓ يف آخره‪.‬‬

‫فرخص يف استعؿال السقاك اإلمام مالؽ وأبق حـقػة وأصحابف والثقري وإوزاطل وبف قال إبراهقؿ‬
‫الـخعل وابـ سقريـ وطروة بـ الزبقر وهق مروي طـ ابـ طؿر وابـ طباس ‪ ،‬لعؿقم حديث (لقٓ أن‬
‫أشؼ طؾك أمتل ٕمرهتؿ بالسقاك طـد كؾ صالة) ويف رواية (مع كؾ وضقء) ولؿ يخص الـبل صؾك اهلل‬
‫طؾقف وسؾؿ ٓ رمضان وٓ غقر رمضان ‪ ٓ ،‬أول الـفار وٓ آخر الـفار ‪ ٓ ،‬السقاك الرصب وٓ السقاك‬
‫القابس‪.‬‬

‫ولؽـ يؽره اإلمام مالؽ استعؿال السقاك الرصب أول الـفار وآخره ‪ ،‬وهق ققل لإلمام أحؿد وإسحاق‬
‫والشافعل والحاكؿ وابـ قتقبة ‪ ،‬ورخص فقف ‪-‬أي يف السقاك الرصب‪ -‬الثقري وإوزاطل والشافعل‬
‫وأبق حـقػة وأصحابف ‪ ،‬وهق ققل لؿجاهد وإبراهقؿ وططاء وابـ سقريـ ‪ ،‬كؿا أكف ققل طـد الشافعل‬
‫وطـد أحؿد وهـاك مـ كره السقاك آخر الـفار وهق ققل الشافعل ‪ ،‬قالقا لحديث (لخؾقف فؿ الصائؿ) ‪،‬‬
‫فؿا يرتكف الصقم مـ أثر أفضؾ مـ الؿسؽ‪ ،‬فنذا استعؿؾ السقاك أزالف‪ ،‬وهذا كؿا قال أهؾ العؾؿ فقف‬
‫كظر ‪ ،‬وهق ققل يـسب إلسحاق وأحؿد وأبل ثقر وروي طـ مجاهد وطـ ططاء‪.‬‬

‫والصقاب جقاز استعؿال السقاك رصبا كان أو يابسا ‪،‬أول الـفار أو آخره ‪ ،‬بؾ يستحب ذلؽ ‪ ،‬بدلقؾ‬
‫حديث الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ يف استحباب السقاك لؾقضقء ولؾصالة‪.‬‬

‫وأما تغ ّقر الػؿ فال يؾزم بالضرورة أن يتغقر ‪ ،‬ولفذا قال البخاري‪ :‬لؿ يخص الصائؿ طـ غقره ‪ ،‬وقال ابـ‬
‫طؿر (يستاك أول الـفار وآخره) ‪ ،‬وقال ابـ سقريـ (ٓ بلس بالسقاك الرصب) ققؾ (لف صعؿ) قال (الؿاء‬

‫‪148‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫لف صعؿ إذا مضؿض بف) قالقا‪ :‬السقاك الرصب فقف صعؿ! إذا كان رصبا فقف صعؿ ‪ ،‬قال والؿاء فقف صعؿ! إذا‬
‫تقضلت بؼل شلء مـ الؿاء ‪ ،‬فال ُيػطر كذلؽ السقاك ‪ ،‬وأثر ابـ سقريـ رواه البخاري معؾؼا وأوصؾف‬
‫ابـ أبل شقبة بنسـاد صحقح ‪ ،‬ولفذا قال البخاري (باب السقاك القابس والرصب) أي جقازه‪ ،‬وهذا‬
‫الؼقل الذي ذكرت هق رواية لإلمام أحؿد ورواية لؾشافعل واختاره شقخ اإلسالم ابـ تقؿقة ‪ ،‬وبف قال‬
‫أبق شامة وطبد السالم مـ الؿالؽقة ‪ ،‬وهق ققل إكثر‪ ،‬وٓ دلقؾ طؾك كراهقة السقاك ‪ ،‬بؾ الدلقؾ العام‬
‫يدل طؾك جقازه أول الـفار وآخره سقاء كان رصبا أو يابسا‪.‬‬

‫ولؽـ استعؿال السقاك الذي فقف ذوق ‪ ،‬الؿعطر ‪ ،‬الؿـ ّؽف فقف كؽفة هؾ يجقز استعؿالف أو ٓ؟ هذا فقف‬
‫كؽفة ‪ ،‬فقف الـعـاع أو الؾقؿقن أو الػراولة أو العسؾ ‪ ،‬هذا فقف صعؿ أدخؾ طؾقف‪.‬‬

‫فالسقاك الرصب العادي الطبقعل هذا الجائز ‪ ،‬سقاء كان رصبا أو يابسا ‪ ،‬أما الذي أدخؾت فقف كؽفة فػل‬
‫اطتؼادي ٓ يشرع‪.‬‬

‫ويؾحؼ أيضا جقاز استعؿال الطقب ‪ ،‬وآدهان ‪ ،‬وأكف ٓ حرج فقف فؼد جاء طـ ابـ مسعقد أكف كان إذا‬
‫كان صائؿا ‪ ،‬قال (فؾقصبح الصائؿ دهقـا مرتجال) رواه البخاري معؾؼا مجزوما بف‪.‬‬

‫قل فِل ِصقَا ِم ِست َِّة أَ َّيا ٍم بَ ْعدَ ا ْل ِػ ْط ِر مِ ْـ َر َم َضا َن‬ ‫[ َق َال َي ْحقَك و َس ِؿ ْعت َق ْقلف َت َعا َلك َي ُؼ ُ‬
‫ػ‬‫إِكَّف َلؿ ير َأحدًا مِـ َأ ْه ِؾ ا ْل ِع ْؾ ِؿ وا ْل ِػ ْؼ ِف يصقمفا و َلؿ يب ُؾ ْغـِل َذل ِ َؽ َطـ أَح ٍد مِـ الس َؾ ِ‬
‫ْ َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ُ ُ َ َ ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ُ ْ ََ َ‬
‫ان َما َلقْ َس مِـ ْ ُف أَ ْه ُؾ‬
‫ح َؼ بِ َر َم َض َ‬ ‫قن بِدْ َطتَف وأَ ْن ي ْؾ ِ‬
‫ُ َ ُ‬ ‫خا ُف َ‬ ‫قن َذل ِ َؽ َو َي َ‬
‫َوإِ َّن أَ ْه َؾ ا ْل ِع ْؾ ِؿ َي ْؽ َر ُه َ‬
‫قن َذل ِ َؽ]‬ ‫ا ْلجفا َل ِة وا ْلج َػ ِ‬
‫اء َل ْق َر َأ ْوا فِل َذل ِ َؽ ُر ْخ َص ًة ِطـْدَ َأ ْه ِؾ ا ْل ِع ْؾ ِؿ َو َر َأ ْو ُه ْؿ َي ْع َؿ ُؾ َ‬ ‫َ َ َ َ‬

‫أما صقام ست أيام مـ شقال بعد رمضان فالحديث فقفا ثابت ‪ ،‬وهق حديث أبل أيقب إكصاري ‪ ،‬أن‬
‫الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قال (مـ صام رمضان وأتبف ستا مـ شقال كان كصقام الدهر) رواه مسؾؿ‪،‬‬
‫وجاء مـ حديث ثقبان رضل اهلل طـف طـد ابـ ماجة والدارمل وهق صحقح ققلف صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ‬
‫(جعؾ اهلل الحسـة بعشر مـ أمثالفا فشفر رمضان بعشرة أشفر وست أيام بشفريـ فذلؽ تؿام السـة)‬
‫وروي طـ جابر أيضا‪.‬‬
‫ُ‬

‫‪149‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫أما كقن مالؽ لؿ يؼؾ بف فؼقؾ إكف لؿ يبؾغف الحديث ‪ ،‬قالقا‪ :‬واإلحاصة بؽؾ العؾؿ ٓ سبقؾ إلقفا‪.‬‬

‫وققؾ إكؿا مـعف مالؽ لؿعان ‪ ،‬وهق ما ذكره هفـا ماذا قال؟ (إِكَّ ُف َل ْؿ َي َر َأ َحدً ا مِ ْـ َأ ْه ِؾ ا ْل ِع ْؾ ِؿ َوا ْل ِػ ْؼ ِف َي ُصق ُم َفا‬
‫قن بِدْ َطتَف و َأ ْن ي ْؾ ِ‬
‫ح َؼ‬ ‫خا ُف َ‬ ‫قن َذل ِ َؽ) لؿ؟ َ( َي َ‬ ‫ػ َوإِ َّن َأ ْه َؾ ا ْل ِع ْؾ ِؿ َي ْؽ َر ُه َ‬ ‫و َلؿ يب ُؾ ْغـِل َذل ِ َؽ َطـ َأح ٍد مِـ الس َؾ ِ‬
‫ُ َ ُ‬ ‫ْ َّ‬ ‫ْ َ‬ ‫َ ْ َْ‬
‫ؾ ا ْل ِع ْؾ ِؿ َو َر َأ ْو ُه ْؿ َي ْع َؿ ُؾق َن َذل ِ َؽ)‬
‫اء َل ْق َرأَ ْوا فِل َذل ِ َؽ ُر ْخ َص ًة ِطـْدَ َأ ْه ِ‬ ‫بِرم َضا َن ما َلقس مِـْف َأه ُؾ ا ْلجفا َل ِة وا ْلج َػ ِ‬
‫َ َ َ َ‬ ‫َ ْ َ ُ ْ‬ ‫َ َ‬
‫فؽلن الؽراهقة طـد مالؽ مؼقدة ‪:‬‬
‫‪َ =9‬أ َو ًّٓ أن يؾصؼف برمضان فال يػصؾف إٓ بققم واحد‪.‬‬
‫‪ =7‬أن يدوم طؾك ذلؽ ويستؿر‪.‬‬
‫‪ =9‬أن يؽقن مـ أهؾ العؾؿ والػضؾ‪.‬‬
‫فخشل اإلمام مالؽ لق ُفعؾ هذا هبذه الشروط ‪ ،‬أن يذهب العؾؿ فقصقر أهؾ الجفالة والجػاء يرون أن‬
‫الست مـ شقال مـ تؿام رمضان‪.‬‬

‫وأن هؾ تشاصروكـل الرأي أن بعض العقام وقعقا فقؿا قالف مالؽ؟ تقافؼقن أو ٓ؟‬

‫إذا صؿـا رمضان وصام ست مـ شقال يؼقل لؽ القاحد مـفؿ ‪ :‬غدا طقدي ‪ ،‬كحـ مضك طـ طقدكا ست‬
‫أيام ‪ ،‬كقػ تؼقل غدا طقدي؟! صام ست مـ شقال قال غدا طقدي الثاين ‪ ،،،‬ففذا الذي كرهف اإلمام‬
‫مالؽ‪.‬‬

‫متك قالف؟ قبؾ أزيد مـ ألػ وثالثؿائة وخؿسقـ سـة ‪ ،‬رحؿف اهلل مقلقد سـة ‪69‬هـ ومتقىف سـة ‪946‬هـ‬
‫قال هذا الؽالم! وقد جاء يف هذا الزمان مـ يؼع فقف ‪ ،‬إذن ما يصح أن تؼقل غدا طقدي ‪ ،‬إذا أفطرت مـ‬
‫رمضان طـدك سعة كؾ ما شئت وطـدك ست أيام مـ شقال صؿفا متك شئت إلك تؿام الشفر‪.‬‬

‫وٓ يؾزم أن ضاهر حديث أبل أيقب (مـ صام رمضان وأتبعف‪ )...‬أن تؽقن متابعة لف بؾ أكت يف سعة ‪،‬‬
‫وإن أتبعفا فنن ذلؽ جائز كذلؽ‪.‬‬

‫ققؾ إكؿا مـعف مالؽ رحؿف اهلل تعالك ٕكف كان متحػظا كثقر آحتقاط لؾديـ‪ ،‬أما صقام ست مـ شقال‬
‫صؾبا لؾػضؾ والثقاب قال ابـ طبد الرب ‪ :‬فنكف ثابت يف حديث ثقبان وٓ يؽره مالؽ مثؾ هذا‪ ،‬وٓ يجفؾ‬
‫مثؾ هذا ‪ ،‬ولؿ يؽـ مالؽ إٓ خائػا مـ أهؾ الجفالة أن يػعؾقا مثؾ هذا إذا استؿر طؾقف أهؾ العؾؿ‪،‬‬
‫فخشل أن ُيجعؾ مـ رمضان‪ ،‬قال ‪ :‬وما أضـ أن مالؽا يجفؾ مثؾ هذا ‪ ،‬وٕن الحديث مدين ‪ ،‬ولربؿا‬

‫‪151‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫مالؽ رحؿف اهلل ‪-‬احتؿال آخر‪ ٓ -‬يؽقن الحديث قد ققي طـده ‪ٕ ،‬كف مـ رواية طؿر بـ ثابت وقد قال‬
‫فقف كالما‪.‬‬

‫وققؾ يحتؿؾ أن يؽقن مالؽ لؿ يبؾغف هذا الحديث ‪ ،‬ولؽـ كظر مالؽ كظر بعقد جدا ‪ ،‬ويميده ماذا؟ يف‬
‫زمـ طثؿان رضل اهلل طـف حجقا فحج أكاس كثقرون ‪ ،‬مـ كؾ الؿـاصؼ ‪ ،‬بعض إطراب رأوا طثؿان ‪-‬‬
‫وكان مسافرا‪ -‬كان يصؾل ركعتقـ ‪ ،‬فعثؿان رضل اهلل طـف يف خالفتف كان يصؾل يف السػر ركعتقـ يف‬
‫الحج ‪ ،‬ثؿ صار يصؾل أربعا ‪ ،‬سبب ذلؽ اختؾػ فقف العؾؿاء ‪ ،‬لؽـ هذه الؼصة القاردة كـؼؾفا لؽؿ‪،‬‬
‫فرأوه بعض إطراب يصؾل ركعتقـ ‪ ،‬مـ العام الذي بعده جاؤوا فؽؾؿفؿ طثؿان ‪ ،‬فرآهؿ يصؾقن ‪،‬‬
‫يؼصر‬
‫فؼال لفؿ ‪ :‬كقػ تصؾقن هذه الصالة؟ قالقا‪ :‬مازلـا كصؾل ركعتقـ مـذ رأيـاك العام الؿاضل رأوه ّ‬
‫يؼصرون يف بالدهؿ‪.‬‬
‫قصروا ‪ ،‬طام بلكؿؾف وهؿ ّ‬
‫ّ‬

‫إذن مؿؽـ يتلثر العامل بلهؾ العؾؿ ‪ ،‬فال يحؿؾ ققلف أو طؿؾف طؾك القجف الصحقح‪ ،‬وإن كان العالؿ أو‬
‫يـزلف ‪ ،‬فقـبغل آكتباه لفذا‪.‬‬
‫صاحب العؾؿ يدري مقضع ما يػعؾ وما يؼقل ‪ ،‬وحقث ّ‬

‫والصحقح أن صقام الست مـ شقال مشروع ولؽـ يـبغل أن يع ّؾؿ الـاس‪.‬‬

‫قل َل ْؿ َأ ْس َؿ ْع أَ َحدً ا مِ ْـ أَ ْه ِؾ ا ْل ِع ْؾ ِؿ َوا ْل ِػ ْؼ ِف َو َم ْـ‬


‫[و َق َال َي ْحقَك َس ِؿ ْعت َق ْقلف َت َعا َلك َي ُؼ ُ‬
‫ؾ ا ْل ِع ْؾ ِؿ‬
‫ُي ْؼتَدَ ى ب ِ ِف َيـ َْفك َط ْـ ِصقَا ِم َي ْق ِم ا ْل ُج ُؿ َع ِة َو ِص َقا ُم ُف َح َس ٌـ َو َقدْ َرأَ ْي ُت َب ْع َض َأ ْه ِ‬
‫َي ُصق ُم ُف َوأُ َرا ُه ك َ‬
‫َان َيت ََح َّرا ُه]‬

‫مسللة صقام يقم الجؿعة جاءت فقفا أحاديث تـفك مـفا حديث جابر أكف سئؾ (هنك الـبل صؾك اهلل طؾقف‬
‫وسؾؿ طـ صقام يقم الجؿعة مـػردا؟) قال (كعؿ) ‪،‬وقال (هنك الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ أن يػرد يقم‬
‫الجؿعة بالصقام) ‪ ،‬و(هنك أن يصقم يقم الجؿعة وحده) ‪ ،‬وطـ أبل هريرة (هنك طـ صقام يقم الجؿعة إٓ‬
‫أن يصقم يقما قبؾف أو يقما بعده) ‪-‬وهذا كؾف يف الصحقح‪ -‬ودخؾ الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ طؾك‬
‫ِ‬
‫صؿت أمس؟) قالت (ٓ!) قال (أتصقمقـ غدا؟) قالت (ٓ!)‬ ‫جقيرية فقجدها صائؿة يقم الجؿعة قال (‬
‫قال (فلفطري إذن) وكان هذا يقم الجؿعة ‪،‬رواه البخاري‪ ،‬ويف لػظ (ٓ تخصقا يقم الجؿعة بالصقام)‬

‫‪151‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫الخص ِ‬
‫اص َّقة‬ ‫ويف لػظ آخر (ٓ تػردوا يقم الجؿعة بصقام) ‪ ،‬ويف رواية طـد اإلمام أحؿد مـ صريؼ بشقر بـ َ َّ‬
‫أن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ قال (ٓ تصقمقا يقم الجؿعة إٓ يف أيام هق أحدها)‪.‬‬

‫ففذا يدل طؾك أن صقام يقم الجؿعة مـفل أن ُيخص ‪ ،‬أو أن ُيػرد بؾ يصقم يقم قبؾ أو يقم بعده ‪،‬‬
‫وبذلؽ قال اإلمام أحؿد وابـ الؿـذر والشافعقة ‪ ،‬ومـع ابـ حزم وابـ الؿـذر وهق ققل طـ طؾل وأبل‬
‫هريرة وسؾؿان وأبل ذر وبف قال غقره مـ السؾػ مـعقا صقام يقم الجؿعة‪.‬‬

‫وجؿفقر العؾؿاء طؾك أن الـفل لقس لؾتحريؿ وإكؿا هق لؾتـزيف‪.‬‬

‫وطـد مالؽ وأبل حـقػة ٓ كراهة يف صقامف ‪ ،‬قال الداودي ‪ -‬الداودي هذا تعرفقكف؟ أبق جعػر الداودي‬
‫مـ طؾؿاء الؼرن الرابع هجري أول مـ شرح البخاري وهق مـ بسؽرة رحؿف اهلل تعالك‪ ،‬وققؾ غقر هذا ‪،‬‬
‫لؽـ هق مـ الؼطر الجزائري‪ ،‬أول مـ شرح البخاري يف كتاب سؿاه الـصقحة يف شرح صحقح البخاري‬
‫‪ ،‬يؼال إن بعض إجزاء مـف مقجقدة يف الؿغرب يسر اهلل الحصقل طؾقف ‪( -‬لعؾ مالؽا لؿ يبؾغف الـفل)‬
‫وقال طقاض (يمخذ مـ كالم مالؽ اإلفراد بالصقم أو أن يخصف) أما إذا صامف مطؾؼا فال إشؽال يف‬
‫ذلؽ‪.‬‬

‫وقال الؼاضل طبد القهاب (ٓ يؽره صقم الجؿعة مع غقره فال يؽره إذن مـػردا ققاسا) وهذا ققاس مؼابؾ‬
‫لؾـص والـص قد ثبت أكف هنك طـ صقامف‪.‬‬

‫أما حديث ابـ مسعقد أن الـبل صؾك اهلل طؾقف وسؾؿ كان يصقم مـ كؾ شفر ثالثة أيام وقؾؿا يػطر يقم‬
‫وحسـف ‪ ،‬ففذا يعـل ٓ يؾزم بالضرورة أكف كان يتعؿد فطره ‪ ،‬ولعؾف كان يصقمف‬
‫ّ‬ ‫الجؿعة‪ ،‬رواه الرتمذي‬
‫يف أيام مع أيام أخرى ‪ ،‬أو هـاك مـ قال إكف مـ خصائصف وذلؽ بعقد‪.‬‬

‫والصقاب أن يقم الجؿعة يـفك طـ صقامف لقحده بؾ يصقم يقما قبؾف أو يقما بعده ‪ ،‬وٓ يػرده‪.‬‬

‫لؽـ هؾ الؿؼصقد بـ(ٓ يػرده) أي ٓ يخصف؟ أو الؿؼصقد ٓ يػرده؟‬

‫إذا قؾـا ٓ يخصف أي ٓ يؼصده بالـقة ‪ ،‬وطـد ذلؽ ٓ يصقمف سقاء بققم قبؾ أو بققم بعد ‪ ،‬لؽـ إن قؾـا ٓ‬
‫يػرده ‪ ،‬لف أن يصقم يقما قبؾ أو يقما بعد ‪ ،‬لؽـ لقس صقمف مـػردا‪.‬‬

‫‪152‬‬
‫شرح "كتاب الصيام" من الموطأ ‪ ------‬للشيخ أبي عبد الرحمن محمد بن خ ّدة ‪ ------‬تفريغ أبي مالك إبراهيم الفوكي‬

‫وإققى واهلل أطؾؿ أن الـفل جاء طـ صقامف لقحده فنن صامف يصقم يقما قبؾ ‪ ،‬أما يقم بعد فػقف‬
‫الخالف الؿعروف‪.‬‬

‫لؿاذا ٓ يصام يقم الجؿعة؟ ققؾ ٕكف يقم طقد ‪ ،‬ققؾ ٕكف يضعػ العبادة ‪ ،‬وققؾ ٕن فقف مبالغة يف التعظقؿ‬
‫‪ ،‬وققؾ خقف اطتؼاد وجقبف ‪ ،‬وققؾ خقف افرتاضف ‪ ،‬وققؾ مخالػة لؾـصارى ‪ ،‬وهل أققال يف الحؼقؼة ٓ‬
‫أدلة ققية طؾقفا إٓ الؼقل إول ‪ :‬كقكف طقد ‪ ،‬لؿا روي بسـد حسـ طـ طؾل رضل اهلل طـف قال (مـ كان‬
‫مـؽؿ متطقطا مـ الشفر فؾقصؿ يقم الخؿقس وٓ يصؿ يقم الجؿعة فنكف يقم صعام وشراب وذكر)‪،‬‬
‫وجاء أيضا فقؿا رواه الحاكؿ طـ أبل هريرة (يقم الجؿعة يقم طقد فال تجعؾقا طقدكؿ يقم صقمؽؿ إٓ أن‬
‫تصقمقا قبؾف أو بعده) هذا مروي طـد الحاكؿ رحؿف اهلل تعالك يف الؿستدرك‪.‬‬

‫وهبذا كؽقن قد أهنقـا كتاب الصقام مـ مقصل مالؽ‪ ،‬وبذلؽ أهنقـا الؽتب الؿربمجة بتقفقؼ مـ اهلل جؾ‬
‫وطال‪.‬‬

‫كسللف تبارك وتعالك أن يتؼبؾ مـا ومـؽؿ صالح إطؿال وأن يجعؾ طؿؾـا خالصا لقجفف الؽريؿ وأن‬
‫يؿ ّـ طؾقـا وطؾقؽؿ جؿقعا بالعؾؿ الـافع والعؿؾ الصالح‪.‬‬

‫وأققل كؾؿة أسلل اهلل جؾ وطال أن يرزقـا وإياكؿ العؾؿ الـافع واإلخالص هلل تبارك وتعالك وما ذكركاه‬
‫يف مجالسـا هذه مـ طؾؿ ماكان مـف صقابا ففق فضؾ اهلل طز وجؾ الخالص ‪ ،‬فضؾف تبارك وتعالك فؾف‬
‫الحؿد والؿـّة‪ ،‬ولؿـ طؾؿـا مـ طؾؿائـا ومشايخـا الدطاء بالرحؿة والؿغػرة ورفع درجاهتؿ ‪ ،‬وما كان‬
‫مـ خطل فؿـ كػسل ومـ الشقطان‪.‬‬

‫وكسلل اهلل تعالك أن يتجاوز طـا أجؿعقـ وما كان مـ زلة أو سبؼ لسان ‪-‬وهذا يؼع وٓ يسؾؿ مـف أحد‪-‬‬
‫فنكف ُيصحح و ُيصقب لؿـ وقع طؾقف وستؼعقن طؾك كثقر مـف‪.‬‬

‫واهلل أطؾؿ وصؾك اهلل وسؾؿ وبارك طؾك كبقـا محؿد وطؾك آلف وصحبف أجؿعقـ‬

‫‪153‬‬

You might also like