Professional Documents
Culture Documents
As Syukr
As Syukr
As Syukr
جد
للشيخ محمد بن صالح المن ج
ما
الشكر خير عيش السعداء لم يترقوا إلى أعلى المنازل إل بشكرهم ،ول ج
ف صبر ،كان حقيقا ا على من نصح
ف شكر ونص ف كان اليمان صفين ،نص ف
نفسه وآثر نجاتها وسعادتها.
57
تعريف الشكر
ة ً:العتراف بالحسان ،شكرت الله -شكرت لله -شكرت نعمة الله . الشكر لغ ا
فالشكر في اللغة هو ظهور أذر الغذاء في جسم الحيوان ،والشكور من
الدواب ما يكفيه العلف القليل أو الذي يسمن على العلف القليل .والشكر
خلف الكفر.
والشكر الثناء على المحسن بما أولها من معروف ،وتقول شكرته وشكرت
له وقيل اللما أنصح ،والشكران خلف الكفران.
اشتكرت السماء أي اشتد وقع مطرها .واشتكر الضرع أي امتل لبنا ا .
والشكر الزيادة والنماء.
والشكر في الصطلحا ً:ظهور أثر النعم اللهية على العبد في قلبه إيمانا ا
وفي لسانه حمدا ا وثناءا وفي جوارحه عبادة وطاعة ويكون القليل من النعمة
مستوحيا ا الكثير من الشكر فكيف إذا كانت النعم كثيرة؟ ،ومن العباد من هو
شاكر ومنهم من هو كافر.
شكرت له ،يتعدى باللما ،وكفرت به ؛ يتعدى بالباء! ،ولبن القيم نكتة طرفة
في هذا فيقول] ً:المشكور في الحقيقة هي النعمة وهي مضافة إلى المنعم
لذلك تقول شكرت له فيتعدى باللما ،أما الكفر ففيه تكذيب وجحد بالنعمة
لذلك قالوا كفر بالله وكفر بنعمته وكفر بآلئاه فلذلك تعدى بالباء[.
هذا الشكر له مقامات عظيمة في الدينً:
-1قرن الله ذكرها بشكرها وكلهما المراد بالخلق والمر والصبر خادما لهما
ووسيلة إليهما وعونا ا عليهما ،فقد قرن الله الشكر بالذكر فقالً:
))فاذكروني أذكركم واشكروني ول تكفرون((.
-2قرن الشكر باليمان ،وأنه ل غرض له في عذاب الخلق إذا قالوا آمنا
)) ماذا يفعل الله بعذابكم إن شكرتم وآمنتم(( ،أي وفيتم حقه وما
خلقتم من أجله وهو الشكر باليمان.
-3أهل الشكر هم المخصوصين بمنته عليهم من بين عبادها فقال تعالىً:
ن الله عليهم من )) وكذلك فتجنا بعضهم ببعض ليقولوا أهؤلء الذين م ج
بيننا أليس الله بأعلم بالشاكرين((.
-4قسم الناس إلى شكور وكفور فأبغض الشياء إليه الكفر وأهل الكفر
وأحب الشياء إليه الشكر وأهل الشكر )) إنا هديناها السبيل إما شاكرا ا
وإما كفوراا((.
-5يبتلي عبادها ليستخرج الشكور فقال تعالى على لسان سليمان عليه
السلما )) ً:هذا من فضل ربي يبلوني أءشكر أما أكفر ومن شكر فإنما
يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غني كريم((.
-6وعد الشاكرين بالزيادة )) وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لزيدنكم ولئن
كفرتم إن عذابي لشديد((.
-7الله يرضى عمل الشاكرين ويرضى الشكر )) إن تكفروا فإن الله غني
عنكم ول يرضى لعبادها الكفر وإن تشكروا يرضه لكم(( .فيقارن الله
دان )) وما محمد إل رسول قد خلت من بين الشكر والكفر وأنهما ض ج
قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على
عقبيه فلن يضجر الله شيئا ا وسيجزي الله الشاكرين(( .والشاكرون في
هذها اليات الذين ثبتوا على نعمة اليمان ولم ينقلبوا على أعقابهم.
فمن الناس من ل يصمد عند البتلء والمحنة فيكفر ول يثبت ،ومنهم
58
من يظهر لربه حقيقة ما في قلبه عند المحنة والبتلء ،فيتعالى لسانه
بذكر ربه وحمدها فيثبت ويشكر شكرا ا عمليا ا بالقلب واللسان والجوارحا.
-8عجلق الله المزيد بالشكر والمزيد من ل نهاية له ،كما أن الشكر ل نهاية
له ،ووقف الله الكثير من الجزاء على المشيئة..
)) -فسوف يغنيكم الله من فضله إن شاء((.
-في الجابة )) فيكشف ما تدعون إليه إن شاء((.
-في المغفرة ))يغفر لمن يشاء((.
-في الرزق )) يرزق من يشاء((.
-في التوبة ))ويتوب الله على من يشاء((.
أما الشكر فإنه أطلقه )) وسنجزي الشاكرين(())،وسيجزي الله الشاكرين(
ولم يقل ))إن شاء((!!
-9أخبر سبحانه وتعالى أن إبليس من مقاصدها أن يمنع العباد من الشكر،
فتعهد إبليس بأشياء )) ثم لتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن
أيمانهم وعن شمائالهم ول تجد أكثرهم شاكرين(( فإبليس يريد
حرمانهم من الشكر والقعود بينهم وبينه.
وصف الله الشاكرين بأنهم قليل من عبادها )) وقليل من عبادي -10
الشكور(( ،وذكر الماما أحمد عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه
سمع رجل ا يقول] ً:اللهم اجعلني من القلين[ فقال ما هذا؟ قال ] ً:يا
أمير المؤمنين ً:الله تعالى يقول ))وما آمن معه إل قليل(( ويقول
)) وقليل من عبادي الشكور(( ويقول ))إن الذين آمنوا وعملوا
الصالحات وقليل ما هم(([ قال عمر ً:صدقت ،!!..وإذا كان الشكر من
صفات النبياء والمؤمنين فإنه ليس كذلك عند كل الناس فإن كثيرا ا
منهم يتمتعون بالنعم ول يشكرونها.
أثنى الله على أول رسول بعثه إلى أهل الرض بالشكر وهو نوحا -11
ا ا
عليه السلما )) ذرية من حملنا مع نوحا إنه كان عبدا شكورا(( إشارة
إلى القتداء به.
أخبر الله أنه يعبدها من شكرها وأن من لم يشكرها فإنه ليس من -12
أهل عبادته )) ً:واشكروا لله إن كنتم إياها تعبدون((.
أمر سبحانه وتعالى عبدها موسى أن يتلقى ما آتاها من النبوة -13
والرسالة والتكليف بالشكر )) يا موسى إني اصطفيتك على الناس
برسالتي وبكلمي فخذ ما آتيتك وكن من الشاكرين((.
أول وصية أوصى بها النسان بعدما عقل أن يشكر له ثم لوالديه -14
ا
)) ووصينا النسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن وفصاله في
عامين أن اشكر لي ولوالديك إلي المصير((.
أخبر الله أن رضاها في شكرها )) إن تشكروا يرضه لكم((. -15
أخبر عن خليله إبراهيم بشكر نعمته )) إن إبراهيم كان أمة قانتا ا -16
ا ا
لله حنيفا ولم يكن من المشركين شاكرا لنعمي اجتباها وهداها إلى
صراط مستقيم(( .فمن صفات المة القدوة الذي يؤتم به بالخير يعدل
مثاقيل من أهل الرض أنه كان قانتا ا لله شاكرا ا لنعمه فجعل الشكر
غاية خليله.
الشكر هو الغاية من الخلق)) والله أخرجكم من بطون أمهاتكم ل -17
تعلمون شيئا ا وجعل لكم السمع والبصار والفئدة لعلكم تشكرون((.
فهذها غاية الخلق ،أما غاية المر )) ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة
59
فاتقوا الله لعلكم تشكرون((فكما قضى الله لهم بالنصر فليشكروا
هذها النعمة.
والخلصة أن الشكر غاية الخلق وغاية المر فخلق ليشكر وأمر ليشكر
)) فاذكروني أذكركم واشكروا لي ول تكفرون(( ،والشكر مراد لنفسه
والصبر مراد لغيرها ،أنت تصبر لجل أن يحدث ما يترتب عليه وما يؤدي إليه
من الشياء ،والشكر غاية في نفسه والصبر وسيلة إلى غيرها وإلى ما
يحمد وليس مقصودا ا لنفسه.
وفي منازل )) إياك نعبد وإياك نستعين (( ذكر ابن القيم في الشكر أيضا ا
سبعة عشر وجها ا وهيً:
-1أنه من أعلى المنازل.
-2فوق منزلة الرضا والزيادة ،فالرضا مندرج في الشكر ويستحيل وجود
الشكر بدونه.
-3نصف اليمان شكر ونصفه صبر.
-4أمر الله به ونهى عن ضدها.
-5أثنى على أهله ووصفهم بخواص خلقه.
-6جعله غاية خلقه وأمرها.
-7وعد أهله بأحسن الجزاء.
-8جعله سببا ا للمزيد من فضله.
-9حارسا ا وحافظا ا للنعمة.
أهل الشكر هم المنتفعون بآياته. -10
اشتق لهم اسما ا من أسمائاه )الشكور( وهو يوصل الشاكر إلى -11
مشكورها بل يعيد الشاكر مشكورا.ا
غاية الرب من عبدها. -12
ا ا
سمى نفسه شاكرا وشكورا ،وسمى الشاكرين بهذا السم -13
فأعطاهم من وصفه وسماهم باسمه وحسبك بهذا محبة للشاكرين
وفض ا
ل.
أخبر الله عن قلة الشاكرين في عبادها. -14
الشكر لبد معه من مزيد. -15
الشكر عكوف القلب على محبة المنعم ،والجوارحا على طاعته وجريان
اللسان بذكرها والثناء عليه.
والشكر يتعلق بأمور ثلث ً:القلب واللسان والجوارحا،
ومعنى الشكر ينطوي على معرفة ثلثة أمور وهي معاني
الشكر الثلثة.
-1معرفة النعمة ً:استحضارها في الذهن وتمييزها والتيقن منها ،فإذا
عرف النعمة توصل إلى معرفتها بمعرفة المنعم بها ولو على وجه
التفصيل ،وهذا ما نجدها في القرآن الكريم ليستحضر العبد هذها النعم
فيشكر .وإذا عرف النعمة سيبحث العقل عن المنعم فإذا عرف المنعم
أحجبه فإذا أحبه جد في طلبه وشكرها ومن هنا تحصل العبادة لنها طريق
شكر المنعم وهو الله.
-2قبول النعمة ً:تلقيها بإظهار الفقر إلى المنعم والحاجة إليه وأن
ضل .م بغير استحقاق ،فالله أعطانا النعم مجنة وتف جوصول النعم ت ج
-3الثناء بها ً:الثناء على المنعم المتعلق بالنعمة نوعان ً:
60
عاما وهو أن تصفه بالجود والكرما والبر والحسان وسعة العطاء ونحو
ذلك.
خاص أن تتحدث بنعمه عليك وتخبر بوصولها إليك )) وأما بنعمة ربك
فحدث((.
والتحديث المأمور به هنا فيه قولنً:
-1أن تذكر وتعدد ) أنعم الله علي بكذا وكذا (...ولذلك قال بعض
المفسرين اشكر ما ذكرها من النعم عليك في هذها السورة من جبرك
يتيما ا وهدايتك بعد الضلل وإغنائاك بعد العيلة.
-2أن تستعملها في طاعته.
فالتحدث بالنعمة من الثناء على الله ،فتثني على الله بالسماء المناسبة
لمقاما الشكر)المنان-الكريم-ذو الفضل العظيم – الله واسع – عطاؤها
كثير(.
ز به فإن لم يجد ما يجزي ا ا
حديث جابر مرفوعا ] ً:من صنع إليه معروفا فليج ز
ج
به فليثني فإنه إذا أثنى عليه فقد شكرها وإن كتمه فقد كفرها ومن تحلى
ط كان كلبس ثوبي زور(. بما لم ييع ط
ومن الثناء كقول جزاك الله خير ،و الدعاء أيضا ا وسيلة للشكر.
أقساما الخلق في شكر النعمة ثلثةً:
-1شاكر للنعمة مثني بها.
-2جاحد لها كاتم لها.
-3مظهر أنه من أهلها وهو ليس من أهلها ،وكما في الحديث فالمتشبع
ط كلبس ثوبي زور. بما لم يع ط
وقد روى النعمان بن بشير ] ً:من لم يشكر القليل؛ لم يشكر الكثير ،ومن
لم يشكر الناس؛ لم يشكر الله[ .والتحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر
والجماعة رحمة والفرقة عذاب ] رواها أحمد[.
والتحدث بالنعمة المأمور به ينبغي أن يكون ذلك في النفس وعند الخرين
ولكن إذا كان عند حاسديها فإن كتم ذكرها ليس من كفرها فهو لم يكتم
ذكر النعمة شحا ا بذلك وتقصيرا ا في حق الله لكن لدرء مفسدة وهي حسد
صاحب العين وكيدها وضررها ودفع الضرر من المقاصد الشرعية.
أما مقابلة النعمة فليمكن في حق الله )) لن ينال الله لحومها ول
دماءها(( ،فل سبيل إلى المجازاة ويبقى في قضية الثناء عليه استعمالها
فيما يرضيه ،أما المجازاة فل سبيل إليها ول ينتفع الله بخلقه شيء.
و واجبنا نحو الله في النعم ً:
-1الخضوع له ،خضوع الشاكر للمشكور.
-2حبه له ،حب الشاكر للمشكور.
-3اعترافه بنعمته عليه) القرار(.
-4الثناء عليه بها.
-5أن ل يستعملها فيما يكرها بل يستعملها فيما يرضيه .
وإذا كانت النعم تتفاضل فهل يتفاضل الشكر؟ نعم.
والشكر لله يكون بالقلب واللسان والجوارحا.
الشكر بالقلب
علم القلب وذلك بأن يعلم أن الله هو المنعم بكل النعم التي يتقلب فيها
]الناس يشكرون المعبر ول يشكرون المصدر!![ ،وهذا مهم في تربية
الطفال ،أن ييعررف من أين جاءت النعم))يا أيها الناس اذكروا نعمة الله
61
عليكم هل من خالق غير الله يرزقكم من السماء والرض ل إله إل هو
فأنى تؤفكون أفبالباطل يؤمنون وبنعمة الله يكفرون((!!
أول نعمة ؛ نعمة الخلق واليجاد ،ورصد النعم والتعرف إليها مرحلة
تمهيدية للشكر ،وجاءت كثير من اليات بإحصاء النعم ليكتشف النسان
كثرتها فيعلم أن النعم ل يمكن حصرها )) وإن تعدوا نعمة الله ل
تحصوها((.
كر لنا أشياء فرعية وأصلية ،والفروع نردها إلى أصولها ،كالصحة ولكن ذي ز
فهي نعمة أصلية وما يتفرع منها من النعم ) الحركة -المشي-العمل –
الرياضة-النوما -الكل – الشرب -السفر( ،كذلك المال والوقت والعلم
كلها نعم أصلية.
وتستطيع أن تضم النعم إلى ما يحاذيها ويشابهها ،أنعم علينا بوصفنا
مخلوقات بعد الخلق واليجاد ثم نعمة الدمية والنسانية وأنعم علينا
بوصفنا مسلمين من نعمة الهداية واليمان .ونعمة التربية التي ترتقي
بالفرد درجة بعد درجة وتعلم علما ا بعد علم حتى يبلغ كماله ،وفوق كل ذلك
نعمة النبوة للذين اصطفاهم الله ،والصديقين والشهداء و الصالحين.
إن عرض النعم على العامة أمر مهم جدا ا وهو قضية في الدعوة ،فالله
عزوجل خص الدمي أنه خلقه بيدها )) لما خلقت بيدي((.
)) ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السموات وما في الرض وأسبغ
عليكم نعمه ظاهرة وباطنة وأنزل من السماء ماء فأخرج به من الثمرات
رزقا ا لكم وسخر لكم النهار وسخر لكم الشمس والقمر دائابين وسخر لكم
الليل والنهار وآتاكم من كل ما سألتموها وإن تعدوا نعمة الله ل تحصوها
إن النسان لظلوما كفار((.
وذكر في سورة النحل)سورة النعم( )) ً:وهو الذي سخر البحر لتأكلوا منه
لحما ا طريا ا وتستخرجوا منه حلية تلبسونها وترى الفلك مواخر فيه
ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون* وألقى في الرض رواسي أن تميد
بكم وأنهارا ا وسبل ا لعلكم تهتدون * وعلمات وبالنجم هم يهتدون * أفمن
يخلق كمن ل يخلق أفل تذكرون* و إن تعدوا نعمة الله ل تحصوها إن الله
لغفور رحيم(( .
ا
)) والله جعل لكم مما خلق ظلل ا وجعل لكم من الجبال أكنانا وجعل لكم
سرابيل تقيكم الحر وسرابيل تقيكم بأسكم كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم
تسلمون((.
هذها المنة لليمان بعد السلما أو السلما اول ا )) يمنون عليك أن أسلموا
قل ل تمنوا علي إسلمكم بل الله يمن عليكم أن هداكم لليمان إن كنتم
صادقين((.
)) اليوما أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم السلما
ديناا((.
ومن نعمة الهداية يكون المن والسكينة والفرج والمغفرة والرحمة
والبركة والتيسير وسعة الرزق.
ومن مقاصد ووسائال الدعوة أنك تحدث المدعوين بنعم الله عليهم ليحصل
الشكر )) إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس ل يشكرون((.
فبعض الناس اتجهوا إلى أشياء غريبة في تفسير النعم أو نسبتها إلى
مصادر باطلة ليست هي ،مثل الذي فعله قارون لما ذكر بنعمة الله عليه
فقال )) إنما أوتيته على علم عندي(( ،فالغرور يجعلهم ينسبون النعمة
إلى غير المنعم ،وهذا فعل الشقياء فالله تعالى يقول )) ً:وما بكم من
62
نعمة فمن الله(())فلينظر النسان مما خلق(())فلينظر النسان إلى
طعامه(())أءنتم أنزلتموها من المزن(( )) وما أنتم له بخازنين((
)) أفرءيتم الماء الذي تشربون*أءنتم أنزلتموها من المزن أما نحن
المنزلون * لو نشاء لجعلناها أجاجا ا فلول تشكرون((.
الشكر باللسان
لسان المرء يعرب عما في قلبه ،فإذا امتل القلب بشكر الله لهج اللسان
بحمدها والثناء عليه ،وتأمل ما في أذكار النبي صلى الله عليه وسلم من
الحمد والشكر لرب العالمين..
-1كان لما يفيق من نومه يقول ]ً:الحمد لله الذي أحيانا بعدما أماتنا وإليه
النشور[] ،الحمد لله الذي عافاني في جسدي ورد علي روحي وأذن لي
بذكرها[.
-2وإذا أوى إلى فراشه ليناما يقول] ً:الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا
وآوانا فكم ممن ل كافي له ومل مؤوي[.
-3ومن أذكار الصباحا والمساء] اللهم ما أصبح بي من نعمة أو بأحد من
خلقك فمنك وحدك ل شريك لك فلك الحمد والشكر[ من قالها حين
يصبح فقد أدى شكر ليله.
-4سيد الستغفار]أبوء لك بنعمتك علي وأبوء بذنبي[ اعتراف بالنعمة
واعتراف بالتقصير في شكرها لنه يذنب.
-5يفتتح الدعية بحمد الله والثناء عليه بما هو أهله.
-6في كل خطبة أو نكاحا أو أمر ذي بال يحمد الله.
-7دعاء الستفتاحا – سورة الفاتحة – الرفع من الركوع – أذكار ما بعد
السلما – ربنا ولك الحمد – أدعية التهجد – اللهم لك الحمد أنت نور
السموات والرض ومن فيهن – الله أكبر كبيرا ا والحمد لله كثيرا ا
وسبحان الله بكرة وأصي ا
ل.
-8إذا أكل أو شرب أو سئل عن حال أو سافر أو عطس.
-9في أي ساعة يحمد ربه من ليل ونهار ،له في كل تحميدة صدقة.
وقعت يد عائاشة على يد النبي صلى الله عليه وسلم وهو ساجد في بطن
الليل وقدماها منصوبتان يقول ] ً:اللهم إني أعوذ برضاك من
سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وبك منك ل أحصي ثناء عليك أنت كما
أثنيت على نفسك[.
قال صلى الله عليه وسلم ] ً:يا معاذ إني أحبك فل تدع أن تقول دبر كل
صلة اللهم أعجني على ذكرك و شكرك و حسن عبادتك[.
الشكر بالجوارحا
وهي ما سوى القلب واللسان من جوارحا ،فما من عمل يعمله ابن آدما من
الطاعات والعبادات إل وهو شاكر فيه لنعم ربه سبحانه وتعالى.
والخلصة في الشكر بالجوارحا ؛ العمل الصالح ،فعند بلوغ الربعين )) حتى
إذا بلغ أشدها وبلغ أربعين سنة قال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي
أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحا ا ترضاها(( ،فسأل الله العمل
الصالح عقب سؤاله التوفيق على شكر نعمته يعني أن الشكر باللسان
وحدها ل يكفي.
ومن وسائال الشكر بالجوارحا حديث )) كل ابن آدما يصبح وعلى كل سلما
ومفصل صدقة(( فكيف يؤدي شكر 360مفصل؟ ،كل تحميدة صدقة،
63
وكل تهليلة صدقة ،وأمر بالمعروف صدقة ،وإماطة الذى عن الطريق
صدقة ،وعدد المفاصل 360إذا شكرها المرء ]أمسى يومه وقد زحزحا عن
النار[.
والصدقات كثيرة جمعها ابن رجب في شرحه الربعين النووية]الصدقات
البدنية -المالية-الخبرة من تعليم صنعة أو تصنع لخرق -التفهيم – التعليم
– الوقت – الجاها ،[...فذو القرنين مثل ا علم شعبا ا جاهل ا صناعة السدود
حتى تقيهم شر أعدائاهم.
المقصود أن المسلم عليه أن يشكر ربه بجوارحه بسائار أنواع الصدقات
وكل معروف صدقة ول يغني شكر يوما عن يوما آخر.
وليس هناك تعارض بين شكر الله وشكر الناس ،لن الله أمر بشكر الناس
،وهو سبحانه الذي أرشدنا إلى شكر الناس إذا صنعوا لنا معروفا ا أن
نكافئهم وأولهم الوالدين )) اشكر لي ولوالديك(( )) ل يشكر الله من ل
يشكر الناس(( ،فليس شكر المخلوق قادحا ا في شكر الخالق بل المشكلة
فيمن يشكر المخلوق ول يشكر الخالق وهذها هي المصيبة ،وهناك فرق
بين شكر العبد وشكر الرب ،فشكر الرب فيه خضوع وذل وعبودية ول
يجوز لشكر العبد أن تعبدها وإنما تعطيه شيء مقابل شيء ،وتدعو له
وتثني عليه ..
شكر الله أيضا ا يختلف عن شكر الناس من جهة العبودية والدرجة ومافيه
من أنواع الطاعات له سبحانه وتعالى..
ي به أن ل يشكر الله.. والنسان الذي ل يشكر الناس إنسان لئيم وحر ف
والنعم تزيد بالشكر وتحفظ من الزوال بالشكر))لئن شكرتم لزيدنكم((
)) ول تتمنوا مافضل الله بعضكم على بعض للرجال نصيب مما اكتسبوا
وللنساء نصيب مما اكتسبن واسألوا الله من فضله((.
من الشياء التي تؤدي إلى الشكرً:
-1أنك تنظر إلى من هو دونك ،قال صلى الله عليه وسلم ] ً:انظروا إلى
من هو أسفل منكم ول تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر أل تزدروا
نعمة الله [ .فمما يحفظ العبد من ترك الشكر عندما ينظر إلى من هو
فوقه أن هذها قسمة الله )) وهو الذي جعلكم خلئاف الرض ورفع
بعضكم فوق بعض درجات ليبلوكم فيما أتاكم((.
-2أن يعلم العبد أنه مسئول عن النعمة )) ثم ليتسألن يومئذ عن النعيم((
ذب.ع ذ
ومحاسب عليها حتى الماء البارد ،ومن نوقش الحساب ي
ويشتط الناس في فهم شكر ما أسبغ الله عليهم من النعم لدرجة أنهم
يحرمون أنفسهم منها ،والله رضي لنا أن نستمتع وأن نشكر )) كلوا واشربوا
من رزق الله ول تعثوا في الرض مفسدين(())كلوا من طيبات ما رزقناكم
واشكروا لله إن كنتم إياها تعبدون((.
فل يمكن أن يكون الشكر بتحريم الحلل وهذا من مباديء الصوفية ،فالله
رضي لنا أن نستخدما النعم المباحات ونشكرها عليها سبحانه وتعالى ،ولو كان
فت كل أعمال العباد ول شرطا ا في النتفاع بالنعمة أداء ثمنها شكرا ا ؛ ما و ج
على نعمة واحدة]أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي [ فتشكر الله وتعترف بالنعم
وتستغفر من التقصير بشكر النعمة.
فالحل أن نستخدما النعم فيما يرضي الله ونثني عليه ونشكرها ونستغفرها من
التقصير في الشكر وهو تعالى رضي منا بهذا..
64
وقد جاء في الصحيحين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قاما حتى تفطرت
قدماها وتشققت قيل له أتفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدما من ذنبك وما
تأخر؟قال ] ً:أفل كون عبدا ا شكوراا!![ .فتشكر الله على المغفرة.
ومن الوسائال أن ندعو الله أن يعيننا على الشكر] اللهم أعني على ذكرك
وشكرك وحسن عبادتك[ ،قالها لمعاذ ،وسئل الرسول صلى الله عليه وسلم ً:
أي المال نتخذ؟ فلفت نظرهم صلى الله عليه وسلم فقال ] ً:ليتخذ أحدكم
قلبا ا شاكرا ا ولسانا ا ذاكرا ا وزوجة مؤمنة تعين أحدكم على أمر دينه ودنياها[.
قال صلى الله عليه وسلم )) ً:إن الله ليرضى على العبد أن يأكل الكلة
فيحمدها عليها أو يشرب الشربة فيحمدها عليها((.
قال الحسن البصري رحمه الله ً:إن الله ليمتع بالنعمة ماشاء فإذا لم يشكر
عليها قلبها عذابا ا ولهذا كانوا يسمون الشكر)الحافظ( لنه يحفظ النعم
الموجودة و ) الجالب( لنه يجلب النعم المفقودة.
صل من علو منزلة الشكر وعظمه عند الله ،ول ينقطع المزيد هكذا يحفظ ويح ج
من الله حتى ينقطع الشكر من العبد قيد النعم ،فهو يقيد النعمة أل تنقلب
ول تهرب.
قال عمر بن عبد العزيز] ً:قيدوا نعم الله بشكر الله[ ،والشكر مع المعافاة
عند بعض أهل العلم أعظم من الصبر على البتلء .فقال مطرف بن عبد
ي من أن يأبتلى فأصبر[. ب إل ج
الله] ً:لن أعافي فأشكر أح ب
فإذا رزقت الشكر على النعمة فإن هذا ل يقل عن الصبر على المصيبة.
وقال الحسن ] ً:أكثروا من ذكر هذها النعم فإن ذكرها شكر وقد أمر الله
تعالى نبيه أن يحدث بنعمة ربه )) وأما بنعمة ربك فحدث(( والله يحب من
عبدها أن يرى عليه أثر نعمته فإن ذلك شكرها بلسان الحال[.
وقال أبو رجاء العطاردي ً:خرج علينا عمران بن حصين وعليه معطف من خجز
لم نرها عليه من قبل ول من بعد فقال] ً:إن رسول الله قال إذا أنعم الله على
عبد نعمة يحب أن يرى أثر نعمته على عبدها[.
وقال صلى الله عليه وسلم ] ً:كلوا واشربوا وتصدقوا في غير مخيلة ول
سرف فإن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبدها[ ،وهنا الضابط والحد
الشرعي ،فإذا أردت أن تظهر نعم الله عليك فإن ذلك مقيد في عدما الخيلء
والسراف .
عن أبي الحوص عن أبيه قال ً:أتيت رسول الله وأنا قشف الهيئة فقال هل
لك من مال؟قلت نعم قال من أي المال؟ قلت من كل المال ،البل ،الرقيق،
النعم ،الخيل ..قال ] ً:إذا آتاك الله مال ا فليطر عليك[.
وقال الحسن ً:إذا أنعم الله على قوما سألهم الشكر فإذا شكروها كان قادرا ا
على أن يزيدهم وإذا كفروها كان قادرا ا على أن يبعث عليهم عذاباا.
وقد ذما الله الكنود وهو الذي ل يشكر نعمه ،قال الحسن) ً:إن النسان لربه
لكنود( أي يعد المصائاب وينسى النعم.
وفي النساء أظهر ،فلو أحسنت إلى إحداهن الدهر وطيلة العمر ثم رأت منك
تقصيرا ا قالت مارأيت منك خيرا ا قط! ،وهذا ظلم ،والنساء أكثر أهل النار
لنهم يكفرن العشير ،وإذا كان ترك شكر نعمة الزوج يؤدي إلى جهنم فما
حال من يكفر نعمة الله..؟!!
65
والظلم مردود على من
ظلم
إلى متى أنت وحتى متى
تشكو المصيبات وتنسى
النعم
والتحدث بالنعم شكر وتركها كفر ومن ل يشكر القليل ل يشكر الكثير ومن ل
يشكر الناس ل يشكر الله.
قرأ الرسول صلى الله عليه وسلم على أصحابه سورة الرحمن من أولها إلى
آخرها فسكتوا فقال لقد قرأتها على الجن ليلة الجن فكانوا أحسن مردودا ا
منكم فلما قرأت )فبأي آلء ربكما تكذبان( قالوا ً:ل شيء من نعمك ربنا
نكذب ربنا ولك الحمد..
شريح ً:وما أصيب عبد بمصيبة إل كان لله عليه فيها ثلث نعمً: وقال ي
-1أل تكون في دينك.
-2أنها ل تكون أعظم مما كانت.
-3أنها لبد كائانة فقد كانت.
)) ما أصاب من مصيبة في الرض ول في أنفسكم إل في كتاب من قبل أن
نبرأها إن ذلك على الله يسير لكيل تأسوا على ما فاتكم ول تفرحوا بما
آتاكم((.
ج
كان عمر بن عبد العزيز إذا قلب بصرها في نعمة أنعمها الله عليه قالً:
دل نعمتك كفرا ا وأن أكفرها بعد أن عرفتها وأن ] اللهم إني أعوذ بك أن أب ج
أنساها ول أثني بها[ ،لن الله ذما الذين بدلوا نعمة الله كفرا ا وأحلوا قومهم
دار البوار.
والنبي صلى الله عليه وسلم كان إذا يرفعت مائادته قال ] ً:الحمد لله الذي
دع ول ي ول مكفور ،الحمد لله ربنا غير مكفي ول مو ج كفانا وأروانا غير مكف ي
ن ربنا[.مستغ ن
وكذلك من شكر النعم المتجددة أنك تسجد سجود الشكر وفي ذلك أن النبي
صلى الله عليه وسلم أتاها أمر فسجر به فخجر لله ساجداا ،وأبو بكر لما جاءها قتل
مسيلمة المرتد الذي ألب عليه العرب وأشد الناس على المسلمين خجر لله
دج ساجداا ،وعلي رضي الله عنه لما رأى ذا الثدية في الخوارج أسود مخ ج
مقطوع اليد عند العضد مثل حلمة المرأة ،وأنه علمة وآية أنه سيقاتل
الخوارج أمرهم فبحثوا في جثث القتلى وأخرجوها ؛ سجد علي رضي الله عنه
شكرا ا لله .وكعب بن مالك سجد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لما بشر
بتوبة الله عليه.
والسنة لم ترد بسجود الشكر يوميا ا لكنها وردت في النعم المتجددة والتي
تذكر بالنعمة المستديمة ،ولن هذها النعم المتجددة العظيمة لها وقع في
النفوس والقلوب أعلق بها وأهنأ والنسان ييعجزى بفقدها فإن ما توجبه من
فرحا النفس وانبساطها والذي يدفع الشر والبطر عند نزول النعمة فجأة.
شرت الحسن بموت الحجاج ومن النعم المتجددة كما يقول أحد السلف ً:ب ج
ف فخجر لله ساجداا،فموت ظالم نعمة و ولدة مولود ،وجاء الخبر في وهو مخت ن
النتصار.
قال ابن القيم ] ً:الدين نصفان ،نصف شكر ونصف صبر ،فهو قاعدة كل
ة[،خير ،والشكر مما يحبه الله فهو يحب أن ييشكر عقل ا وشرعا ا وفطر ي
66
فوجوب شكرها أظهر من كل واجب ،وقد فاوت الله بين عبادها بالنسبة للنعم
الظاهرة والباطنة وفي خلقهم وأخلقهم و أديانهم وأرزاقهم ومعايشهم.
لذلك فقد روى الماما أحمد في كتاب الزهد ] ً:قال موسى هل ج سويت بين
عبادك قال إني أحببت أن أشكر[ ،فالتفاوت بين العباد يؤدي إلى الشكر.
وقد تنازع أهل العلم بين الفقير الصابر والغني الشاكر ،أيهما أفضل في
كلما طويل ،والظاهر أن كل واحد في حق صاحبه أفضل ،فالشطر في حق
الغني أفضل والصبر في حق الفقير أفضل.
أسئلة من درس الشكر
كيف نوفق بين )) وأما بنعمة ربك فحدث(( و )) استعينوا على قضاء
حوائاجكم بالكتمان فإن كل ذي نعمة محسود((؟
إظهار النعم عاما ،كيف يحدث بنعم الله قول ا وفعل ا بأن يظهرها وأن الظهار
ليس فيه إسراف ول خيلء ول كسر لنفوس الفقراء ،وأن ل يغتجر بها ،كذلك
وجد حاسد فله أن يكتم النعمة عندها فهذا خاص .فإذا وجد حاسد فكتمانها إن ي
لجل الحسد وليس كفران بالنعمة.
ما هو الفرق بين الحمد والشكر؟
الحمد يتضمن مدحا المحمود والثناء عليه بذكر محاسنه ولو لم يحسن إليك
بشيء لنه مستحق للحمد بصفاته ،ويكون باللسان أكثر ما يكون بغيرها،
والشكر لمن أحسن إليك و إحسان الشاكر إلى المشكور يكون بالقلب
واللسان والجوارحا.
كيف نجمع بين شكر الله على اليجاد وتمني أبو بكر لو كان طيرا؟ا
أبو بكر رضي الله عنه قال ذلك لما عرض عليه الخوف من الله ،قالها خوفا ا
من رجبه وليس في سائار أحواله.
هل الحمد بعد العطاس واجب؟
قال بعض العلماء بوجوبه لورودها في الحديث بصيغة المر]فليقل الحمد لله
وليقل صاحبه يرحمك الله [ .
ماذا عن شكر المفاصل؟
إذا لم يستطع فإن ركعتي الضحى تجزيان عن ذلك وتصلى ركعتان أو أربع أو
ستة أو ثمانية أو اثنتا عشرة ،من بعد ارتفاع الشمس إلى قبيل الظهر قبل
أن تسير الشمس في وسط السماء ،وقبل أذان الظهر بيربع ساعة.
هل هناك تسليم في سجود الشكر؟
ل ،بل يخجر ساجد ثم يرفع.
هل المال والولد نعمة وهم فتنة؟
نعم )) المال والبنون زينة الحياة الدنيا(( ،والنعم كلها ممكن أن يفتن بها إذا
استعملت في معصية الله.
67
سلسلة أعمال القلوب
جد
للشيخ محمد بن صالح المن ج
70
)) لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في
قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا ا قريبا ا (( . .
دون من حادج الله و رسوله و لو و هؤلء الذين هاجروا في سبيل الله ل يوا ج
كانوا آباءهم
أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم اليمان و أجيدهم
حا منه و يدخلهم جنات تجري من تحتها النهار خالدين فيها رضي الله برو ن
عنهم و رضوا عنه ..
فالرضا هنا متبادل بين الرب و العبد . .
و يوما القيامة ستكون العيشة الراضية عاقبة هؤلء و أهل اليمين ،قال
تعالى )) ً:فأما من أوتي كتابه بيمينه * فيقول هاؤما اقرؤوا كتابيه * إني
ق حسابيه * فهو في عيشة راضية (( ،و قال تعالى )) ً:وجوها مل ن
ظننت أني ي
ذ ناعمة * لسعيها راضية (( ،و قال تعالى )) ً:يا أجيتها النفس المطمئنة يومئ ن
* ارجعي إلى ربك راضية مرضجية (( ،و قال تعالى )) ً:و سيججنبها التقى *
جطزى * إل ابتغاء وجه ربه ة تي ح
د عندها من نعم ن كى * و ما لح ن الذي يؤتي ماله يتز ج
ت موازينه *فهو قل ط ح
العلى * و لسوف يرضى ((،و قال تعالى )) ً:فأما من ث ط ي
في عيشة راضية (( . .
ㄱرضا الله عز و جل أعلى مطلوب للنبجيين و الصديقين . .
ب إجني وهن )) ذكر رحمت ربك عبدها زكرجيا * إذ نادى ربه نداءا خفيا ا * قال ر ذ
ب شقيا ا * و إني خفت العظم مجني و اشتعل الرأس شيبا ا و لم أكن بدعائاك ر ذ
الموالي من ورائاي و كانت امرأتي عاقرا ا فهب لي من لدنك ولي جا ا * يرثني و
ضي را ا (( .
بر زيرث من آل يعقوب و اجعله ر ذ
ا
)) و اذكر في الكتاب إسماعيل إن كان صادق الوعد و كان رسول ا نبيا * و
كان يأمر أهله بالصلة و الزكاة و كان عند ربه مرضي را ا (( . .
ماذا فعل موسى عندما استعجل لقاء الله ؟! و لماذا استعجل ؟!!
ت إليك )) و ما أعجلك عن قومك يا موسى * قال هم أولء على أثري و عجل ي
ب لترضى (( ..استعجل الخير و اللقاء لينال رضا الله . . ر ذ
و كذلك سليمان عليه السلما لما سمع كلما النملة تبسم ضاحكا ا من قولها ،
و قال ً:
ي و أن أعمل ب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي ر و على والد ر )) ر ذ
ا
صالحا ترضاها (( . .
وكذلك فإن هذا النسان الذي يبلغ أشدها و يبلغ أربعين سنة يقول صاحبه ً:
ي و أن أعمل ي و على والد ر ب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت عل ر )) ر ذ
ا
صالحا ترضاها (( . .
ا ا
ما عبدوا الله يبتغون فضل من الله و رضوانا .. و هذا مطلوب الصحابة ل ج
ي عنها هي التي تشفع و الذين ل يرضى و يوما القيامة ً:الفئة هذها المرض ج
الله عنهم
ليسوا من أهل الشفاعة . .
ذ ل تنفع الشفاعة إل من أذن له الرحمن و رضي له قول ا (( . . )) يومئ ن
فأهل رضاها يشفعون . .
و قال عز و جل )) ً:و ل يشفعون إل لمن ارتضى (( ..
ن لهم دينهم الذي ارتضى لهم (( . . و شرع الله لنا دينا ا يرضيه لنا )) و ليم ج
كن ج
و من المور التي ينبغي على العبد ً:أن يرضى بما قسم الله له . .
71
ن )) * ترجي من ن بالعدل بينه جو يعمل الزوج لكي ترضى زوجاته عن عيشه ج
ن و تؤوي إليك من تشاء و من ابتغيت ممن عزلت فل جناحا عليك تشاء منه ج
ن (( ..
ن كله ج
ن و يرضين بما آتيته ج
ن و ل يحز ج
ذلك أدنى أن تقرر أعينه ج
إذا انتقلنا إلى سجنة النبي صلى الله عليه و سلم ،نجد طائافة من الحاديث
عن الرضا ً:
ㄱأخبر أن الله يرضى عن العبد يأكل الكلة فيحمدها عليها و يشرب
الشربة فيحمدها عليها .
ㄱأخبر أن الله رضي لنا أن نعبدها ل نشرك به شيئا ا و أن نعتصم بحبله و أل
نتفرق ،
و كرها لنا قيل و قال و كثرة السؤال و إضاعة المال .
أخبر أن رضا الرب في رضا الوالد . ㄱ
أخبر أن السواك مطهرة للفم و مرضاة للرب . ㄱ
أخبر أن من التمس رضا الله بسخط الله رضي الله عنه و أرضى عنه ㄱ
الناس .
ㄱأخبر أن ملئاكته تلعن المتمردة على زوجها الناشزة عن فراشه حتى
يرضى عنها .
ㄱأخبر أنه عندما مات ولدها ل يقول إل ما ييرضي الرب ،فلما مات إبراهيم
ة أخرى ،و قال )) ً:إن العين جعلت عيناها تذرفان ،ثم أتبع الدمعة بدمع ن
لتدمع ،و إن القلب ليحزن ،و ل نقول إل ما ييرضي ربنا ،و إنا بفراقك يا
إبراهيم لمحزونون (( .
ㄱعجلمنا في السجود في الدعاء .
)) نستعيذ برضا الله من سخطه (( .
هذا الرضا شأنه عظيم و أمرها كبير و منزلته في الدين عالية ..
ة من المور الصالحات ،هذا الرضا الذي هو ر كثير نهذا الرضا عليه مدار أمو ن
من منازل السائارين و السالكين ،ما حكمه ؟
ب ؟!ب ؟! أما مستح ف هل هو واج ف
قال شيخ السلما ابن تيمجية رحمه الله ً:و أما الرضا فقد تنازع العلماء و
ب
المشايخ من أصحاب الماما أحمد و غيرهم في الرضا بالقضاء ،هل هو واج ف
ب على قولين ً:فعلى الول يكون من أعمال المقتصدين ،و على أو مستح ف
الثاني يكون من أعمال المقرربين .و الخلصة ً:أن أصل الرضا واجب و
منازله العليا مستحجبة .
ب أعلى من الصل . . ل و مرات ف و الرضا له أص ف
فيجب الرضا من جهة الصل ) ً:فالذي ليس عندها رضا عن الله و الدين و
الشرع و الحكاما فهذا ليس بمسلم ن ( ..
ة من الرضا ،أصل د يؤمن بالله و اليوما الخر من درج ن ح نل مسلم ن مو ج فلبد لك ذ
ب ..فقد قال صلى الله عليه و سلم ً: فرا ا ؛ لنه واج ف الرضا لبد أن يكون متو ج
)) ذاق طعم اليمان من رضي بالله ربا ا و بالسلما دينا ا و بمحمد نبيا ا (( ..
كموك فيما شجر بينهم ثم ل ح ذقال تعالى )) ً:فل و ربك ل يؤمنون حتى ي ي ط
سذلموا تسليما (( و هذا هو الرضا
ا ت و يي طيجدوا في أنفسهم حرجا ا مما قضي ط
)) و لو أنهم رضوا ما آتاهم الله و رسوله و قالوا حسبنا الله )) .. ((..ذلك
بأنهم اتبعوا ما أسخط الله و كرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم (( ..
72
حتى المنهجيات لبد أن نفهم ما معنى الرضا بالمنهجيات ؟!
شطرع الرضا بالمنهجيات طبعا ا .. ل يي ح
شطرع محبتها ؛ لن الله ل يرضاها و ل يحبها.. كما ل ت ي ح
و الله ل يحب الفساد و ل يرضى لعبادها الكفر ..و هؤلء المنافقين ي يب طجيتون ما
ل يرضى من القول ،بل اتبعوا ما أسخط الله و كرهوا رضوانه فأحبط
أعمالهم . .
د صلى فالرضا الثابت بالنص هو أن يرضى بالله ربا ا و بالسلما دينا ا و بمحم ن
الله عليه و سلم نبيا ا ،يرضى بما شرعه الله لعبادها من تحريم حراما ن أو إيجاب
حا ،يرضى عن الله سبحانه و تعالى و يرضى عن قضائاه و ب أو إباحة مبا ن واج ن
ة ،و إن حصل التألم بوقوع ل و يعلم أن ذلك لحكم ن قدرها و يحمدها على كل حا ن
المقدور ..
سه الضراء ؟.. فإن قال قائال ً:لماذا يحمد العبدي رربه على الضراء ؟ إذا م ج
فالجواب من وجهين ً:
ض عما يقع في ط
ء خلقه و أتقطنه ،فأنت را ن ن كل شي ن /1أن تعلم أن الله أحس ط
ة. أفعاله؛ لن هذا من خلقه الذي خلقه ،فالله حكيم لم يفعله إل لحكم ن
/2أن الله أعلم بما يصلحك و ما يصلح لك من نفسك ،و اختيارها لك خيفر من
اختيارك لنفسك .
ن
قال صلى الله عليه و سلم )) ً:و الذي نفسي بيدها ل يقضي الله لمؤم ن
قضاءا إل كان خيرا ا له (( و ليس ذلك إل للمؤمن )) ذاق طعم اليمان من
رضي بالله ربا ا ((
م ً:فالمسلم في أذكار الصباحا و المساء و في أذكار الذان ث عظي ف فهذا حدي ف
ا
ت بالله ربا و بعد " أشهد أن محمدا رسول الله " الثانية يقول )) ً:رضي ي ا
بالسلما دينا ا و بمحمد نبيا ا (( ..
رضا بربوبيته سبحانه و رضا برسوله صلى الله عليه و سلم و النقياد و
التسليم و لذلك من حصلت له هذها المور الربعة ً:الرضا بربوبيته و ألوهيته
سبحانه و الرضا برسوله و النقياد له و الرضا بدينه و التسليم له فهو
ديق حقا ا .. الص ذ
ة بالدعوى ،و لكن ما أصعبها عند المتحان !!! و هي سهل ف
من الرضا بمحبته وحدها و الرضا بعبادته وحدها أن تخافه أما الرضا بالله ً:فيتض ج
وحدها ترجوها و تتبجتل إليه و تتذلل إليه عز و جل و تؤمن بتدبيرها و تحب ذلك و
تفردها بالتوكل عليه و الستعانة به و تكون راضيا ا عما يفعل عز و جل فهذا
رضا بالله ..
ما ،و أن بر ما ،و أن الربا حرا ف كم أن الزنا حرا ف ح طدر و حكم ..ط ترضى بما ق ج
ض ،فيجب أن ترضى بحكمه .. ب ،و أن الزكاة فر ف الوالدين واج ف
ل ،فيجب أن ترضى .. ر ،و ضيق حا ن در عليك أشياء من فق ن ق ج
ا
د صلى الله عليه و سلم نبيا ً:أن تؤمن به و تنقاد له و تستسلم الرضا بمحم ن
ا
لمرها و يكون أولى بك من نفسك ،و أنه لو كان موجودا صلى الله عليه و
م وجب عليك أن تتلقاها عنه و أن تفتديه بنفسك ،و أن ه إليه سه ف ج طسلم و و ذ
تموت فداءا له .
و ترضى بسجنته فل تتحاكم إل إليها ..
حكم إل هي .. ذ ترضى بسجنته فل ترجع إل إليها و ل ت ي ط
ي فإنك ترضى ر أو نه ن الرضا بالسلما دينا ا ً:فما في السلما من حكم ن أو أم ن
سذلم تسليما ا كامل ا لذلك و لو خالف ج و تي ط ي حر ن عنه تماما ا و ليس في نفسك أ ج
ة و لو كانت عليك ت في غرب ن هواك و لو كان أكثر الناس على خلفه و لو كن ط
73
العداء مجتمعون فيجب أن ترضى بأحكاما الدين و تسعى لتنفيذها و إن
ت العالم .. خالف ط
ب من الله أما ه ي
ي ؟ أي ً:هل ييو ط ي أما كسب ي سؤال /الرضا هل هو شيءف موهب ي
صل هذا بالمجاهدة و رياضة ح ذي أما العبد ي ي ط يمكن للعبد تحصيله ؟ هل هو فطر ي
وض نفسه ؟!! النفس إذا ر ر
ي باعتبار حقيقته .. ي باعتبار سببه ،موهب ي الرضا كسب ي
فإذا تمكن العبد في أسباب الرضا و غرس شجرة الرضا في قلبه جنى الثمرة
..
لن الرضا آخر التوكل ..
بعدما يعجز التوكل يأتي الرضا ..
و الذي ترسخ قدمه في طريق التوكل ينال الرضا ..
صل الرضا ،و بدونها ل يحصل الرضا لن بعد التوكل و التسليم و التفويض يح ي
،
و لذلك لو قال أحدهم ً:نريد تحصيل الرضا ،نقول له ً:يجب أن يكون لديك
ض ثم ينتج الرضا بعد ذلك .. م و تفوي ف ح و تسلي ف ل صحي ف توك ف
جب الله على عبادها المنازل العالية من الرضا ؛ لن ذلك شيءف و لذلك لم ييو ز
صل لها ذلك .. ب جدا ا ،و أكثر النفوس ربما ل يح ي صع ف
فالله ندب إليه و لم يوجبه ) ليس أساس الرضا و إنما ما فوق ذلك ( ..
فإذا حصل للعبد شيءف فإنه لبد أن يكون محفوفا ا بنوعيه من الرضا ً:رضا
قبله ،و رضا بعدها ..
و كذلك الرضا من الله عز و جل عن العبد إنما هو ثمرة رضا العبد عن الرب
ت عن الله رضي الله عنك .. سبحانه ،فإذا رضي ط
سطتراحا العارفين و حياة المحبين و م حجنة الدنيا و ي و الرضا باب الله العظم و ط
نعيم العابدين و هو من أعظم أعمال القلوب ..
قال يحيى بن معاذ لما سئل ً:متى يبلغ العبد إلى مقاما الرضا ؟ قال )) ً:إذا
مل بها ربه .. ل ييعا زة أصو نأقاما نفسه على أربع ز
ت ،و إن ت ،و إن تركتني عبد ي ت ،و إن منعتني رضي ي يقول ً:إن أعطيتني قبل ي
ت .. (( .. دعوتني أجب ي
و الرضا إذا باشر القلب ؛ فإنه يدل على صحة العلم و ليس الرضا و المحبة
كالرجاء و الخوف ،فمن الفروق أن أهل الجنة مثل ا ل يخافون في الجنة و ل
يرجون مثل رجاء الدنيا ..لكن ل يفارقهم الرضا أبدا ا ..
ف عليهم و ل هم يحزنون (( .. فإن دخلوا الجنة فارقهم الخوف )) ل خو ف
في الدنيا هناك خوف ..إذا دخلوا الجنة زال الخوف ..أما الرضا فل يزول ..
خارج الجنة و داخلها ..الرضا موجودف ..
الخوف و الرجاء في الدنيا ليس موجودا ا عند أهل الجنة يفارقون العبد في
أحوال..
أما الرضا فل يفارق العبد ل في الدنيا و ل في البرزخ و ل في الخرة و ل في
منوها بدخولهم الجنة ،ينقطع عنهم الخوف ؛ لن الشيء الذي كانوا يخافونه أ ز
الجنة ،و أما الشيء الذي كانوا يرجونه فقد حصل لهم ،أما الرضا فإنه ل
ة و هم راضون ،و رضوا عن يزال معهم و إن دخلوا الجنة ً:معيشتهم راضي ف
الله ،و راضون بثوابه و ما آتاهم في دار السلما ..
م عند وقوع مصيبة ؟!
هل يشترط أن الرضا إذا حصل ل يكون هناك أل ف ㄱ
74
الجواب ً:ليس من شروط الرضا أل يحس العبد باللم و المكارها ،بل من
شروط الرضا عدما العتراض على الحكم و أل يسخط ،و لذلك فإن الرضا ل
يتناقض مع وجود التألم و كراهة النفس لما يحصل من مكروها ..
ㄱفالمريض مثل ا يرضى بشرب الدواء مع أنه يشعر بمرارته و يتألم
ل على أخذها ،لكنه في ذاتن بأخذها مقب ف
ض بالدواء مطمئ ف
لمرارته ،لكنه را ن
الوقت ي ططح ط
عم مرارة الدواء ..
سرر بذلك ..لكنه يشعر بألم الجوع ..هل ㄱالصائام رضي بالصوما و صاما و ي
ض بالصياما و ض بالصياما ؟! ل ..هو را ن بشعورها بألم الجوع يكون غير را ن
يشعر بالجوع ..
ما عليه .. د ف ح
مق ز ض عند الخروج للجهاد ..و ي * المجاهد المخلص في سبيل الله را ن
مقتنع به ..
لكن يحس باللم ..و التعب ..و الغبار ..و النعاس ..و الجراحا ..
إذا ا ل يشترط أن يزول اللم و الكراهية للشيء إذا حصل الرضا ،لكن بعض
ذون باللم إذا حصل في الجهاد أو الصياما أصحاب المقامات العالية جدا ا يستل ج
..
ض ..
لكن ل يشترط أن الفرد إذا أحس باللم في العبادة أن يكون غير را ن
ليس شرطا ا .,.
ة ،و ليست مشقتها ة جدا ا ،لكن فيها مشق ف ق مختصفر قريب ف و طريق الرضا طري ف
ة،
ة عالي ف أصعب من مشقة المجاهدة ،و لكن تعتريها عقبتان أو ثلث /1 ً:هم ف
ردي عليها من الله تعالى .. ة /3 ،توطين النفس على كل ما ي ط ز س زكي ج ف /2نف ف
هل ذلك على العبد إذا عرف ضعفه و قوة ربه ،و جهله و علم ربه ، و يس ي
ق به ،باير به ،فهو الببر الرحيم .. م شفي ف و عجزها و قدرة ربه ..و أن الله رحي ف
ف ،وهو م وهو رؤو ف م حكي ففالعبد إذا شهد هذها المقامات رضي ،فالله علي ف
صزلح العبد من العبد ،و توقن أن ما اختارها لك هو الفضل و أعلم بما ي ي ح
الحسن ..
ت أحيانا ترد لكن النسان إذا آمن بها وصل إلى المطلوب .. ا عبارا ف
ة يبلغها النسان بقلبه و يأخذ بها أجرا ا عظيما ا ت إيماني ف أحيانا ا هناك مقاما ف
كر فيها فيهتدي إليها فيأخذ ت ) يف ج كرا ن يرتقي بها عند الله وهي عبارةف عن تف ج
ة ( .. بها فيحصل على المطلوب فلم يبذل جهدا ا بل هي أشياءف تأملي ف
كر من أعظم العبادات ... فالتف ج
كر العبد أن ما يختارها له ربه هو الحسن و الفضل .. فإذا تف ج
فإذا آمن بها النسان رضي ..
د ..كيف ؟! ق نو تحصيل الرضا غير مع ج
ء لك ..سواءا كان درها عليك هو أحسن شي ن أن تؤمن بأن ما اختارها الله لك وق ج
ة ..
ك وظيف ن ض أو تر يد أو مر ن ت ول ن مو ي
ء !! أنت ل تعلم لماذا لو أعطاك ليس لكن أنت قد تجهل لماذا هو أحسن شي ن
مصلحتك !!
صل المال ..و أنت في حال الفقر ل تعلم لماذا ليس في مصلحتك أن تح ج
هكذا ..
فنتيجة إذا اعترف العبد بجهله و آمن بعلم ربه و أن اختيارها له أولى و أفضل
و أحسن من اختيارها لنفسه ..
وصلنا إلى الرضا ..
75
ق على فراشه فيصير أماما * فطريق المحبة و الرضا تسير بالعبد و هو مستل ن
الركب بمراحل !!
س يعملون و يجهدون و صاحب الرضا بعبادته القلبية يسبقهم هناك أنا ف
بمراحل ،
كرض عن الله و يتف ج و هم من خلفه مع أنه على فراشه و هم يعملون ؛ لنه را ن
س لم يصلوا لهذا المستوى و في هذا المر و يؤمن به فيقترب من الله و أنا ف
يعملون و يجهدون ...
ة جدا ا ؛ لن المرء يمكن يبلغ بها مراتب عند الله و لذلك أعمال القلوب مهم ف
هو قاعدف ..
و هذا ل يعني أل يعمل و ل يصلي ..
ا
س آخرين أكثر منه عمل ) صياما ــ صدقة ــ حج ( ،لكنهم و قد يكون هناك أنا ف
ة ..
أقل منه درج ا
لماذا ؟!!
صل مراتب عند الله أكثر منهم ؛ لن لنك بهذا العلم بأعمال القلوب قد تح ج
ر من الحيان أكثر من عمل الجوارحا … عمل القلب نفسه يرفع العبد في كثي ن
ا
فأبو بكر ما سبق أهل هذها المة لنه أكثرهم صلةا و قياما في الليل ...هناك
قطر في و ط
ء ط
س أكثر منه في عمل العبادات و الجوارحا ...لكن سبقهم بشي ن أنا ف
نفسه ..
الرضا عن الله لو تحققت في صدر العبد ؛ تميز بين مستويات العباد و ترفع
ب طن لها ..كما تعمل بالجوارحا هناك أعمال قلو ن هذا فوق هذا ..ينبغي التف ج
ة بل هي أعلى منها ،مع الجمع بين الواجب من هذا و ذاك .. ل تقل أهمي ا
ج ج ا
و لكن قد يدرك النسان أحيانا بتفطنه و تأمله و تفكرها و إيمانه مراتب أعلى
من الذي أكثر منه عمل ا بالجوارحا ..و لذلك يقول ابن القجيم ))ً:فطريق
ق على فراشه فيصبح أماما الركب الرضا و المحبة تسجير العبد و هو مستل ن
بمراحل (( " و هو على فراشه " ..
ت فمنها ً:
الرضا مقاما ف
ما ..
ن يجيدها بعض العوا ج /3الرضا بما قسم الله و أعطاها من الرزق و هذا ممك ف
و المرتبة العلى ً:
درها الله و قضاها ..
/2الرضا بما ق ج
ة أعلى من هذها .. و مرتب ف
/1أن يرضى بالله بدل ا من كل ما سواها ..
ة و ل يقدر على الخرى ،و قد يأتي البعض هذها منازل قد يأتي البعض بواحد ن
ء من الدرجة ..و ل يحقق كل الدرجة .. بجز ن
قد يرضى عن الله فيما قسم له من الزوجة و ل يرضى بما قسم له في
الراتب ..مثل ا ..
قد يصبر على سرقة المال ..و ل يصبر على فقد الولد ..
ㄱو أما أن النسان يرضى بالله عن كل ما سواها ،معنى ذلك أن يهجر كل
ة ل تقود إلى الله ( ها ــ ألعاب ــ أموفر مباح ف
ء ل يؤدي إلى الله ) مل ن
شي ن
ة
ة خاص ففالمشتغل بها ل يعتبر أنه رضي بالله عن كل ما سواها ..هذها حال ف
ق
ة كلها طري ف ة أي سكن ن ل أي حرك نء أي عم نص مع الله دائاماا ،كل شي ن
لشخ ن
إلى الله تؤدي إلى مرضاة الله .
درجات الرضا ً:
76
خط عبادة ما دون الله ،و هذا قطب رحا ㄱمنها الرضا بالله ربا ا و تس ج
ه آخر ) ..بوذا ..ما
السلما لبد منه ،أن ترضى بالله و ل ترضى بأي إل ن
ا
يعبدها المشركون ..اليهود ..النصارى ( ،لم يتخذ غير الله ربا يسكن إليه
في تدبيرها و ينزل به حوائاجه ..
ما منه غلة الصوفية المشركون عجباد القبور ،فينزلون ㄱو هذا محرو ف
كلون حوائاجهم بالولياء و القطاب و يسألونهم و يستغيثون بهم و يتو ج
عليهم و يرجون منهم ما ل يقدر عليه إل الله ..
لو آمنوا بالله حقا ا لطلبوا المدد من الله و لم يذهبوا إلى المخلوقين في
قبورهم ،يقولون ً:
يا فلن المدد ،يا فلن أغثنا !!..
صصون بالقلوب و قد ضجيعوا الساس ثم يأتي الصوفية و يقولون ً:نحن متخ ج
!!..
ء ((؟ قال ابن عباس " ً:يعني ب كل شي ن ا
)) قل أ غير الله أبغي ربا و هو ر ب
ء ؟!! "
ب كل شي ن سيدا ا و إلها ا ،فكيف أطلب ربا ا غيرها و هو ر ب
ر السماوات و الرض (( يعني ً:أ غير الله أتخذ )) قل أ غير الله أتخذ وليا ا فاط ز
معبودا ا
معينا ا و ملجأ ا ؟!! و ناصرا و ي
من الحب و الطاعة .. وليا ا من الموالة التي تتض ج
صل ا (( هل أرضى )) أ فغير الله أبتغي حكما ا و هو الذي أنزل إليكم الكتاب مف ج
حك طم ن آخر يحكم بيني و بينكم غير الله بكتابه و سجنة نبيه صلى اله عليه و سلم ب ط
..
ي يحكم بيننا ..هذا ل يمكن أن فلو قال أحدهم ً:أنا أرضى بالقانون الوضع ج
دعون الرضا بالله ثم ينطبق عليه أنه يؤمن بالله ربا !!..إذا ا هناك أنا ف
سي ج
يخالفون في تعاملتهم قاعدةا و أساسا ا من أعظم السس ،..فإذا رضيت
م إل لله (( و من خصائاصه حك ح ي ن ال ي كما ا )) إ ز ح طبالله ربا ا ً:يجب أن ترضى به ط
م له سبحانه وحدها .. حك ح طسبحانه ً:أن التحكيم و ال ي
ا
دعون الرضا بالله ربا و ت أن كثيرا من الناس ي ج ا ت هذها المور عرف ط ثم إذا تأمل ط
د نبيا ثم هنا يخالفون حكم الله و يرضون بحكم غيرها و ا ا
بالسلما دينا و بمحم ن
ت أخرى ،فأين هم من يخالفون السجنة و هناك يميلون و يوالون أصحاب ديانا ن
هذها الثلثة ؟؟!!
و القرآن مليءف بوصف المشركين أنهم اتخذوا من دون الله أولياء !! من
تماما اليمان صحة الموالة و مدار السلما على أن يرضى العبد بعبادة الله
وحدها و يسخط عبادة غيرها ،..و الفرق بين الرضا بالله والرضا عن الله ً:
أ ــ الرضا بالله ً:تحدثنا عنه .بأنه الله و أنه المعبود فقط ل غيرها و أن الحكم
له فقط ل لغيرها و أن نرضى بما شرع .و ل يمكن أن يدخل فيه المؤمن و
الكافر معاا .ل يكون إل للمؤمن ..
در ..تكون راضيا ا عن ربك ب ــ الرضا عن الله ً:أي ً:ترضى بما قضى و ق ج
فيما أحدث لك و خطلق من المقادير ..و يدخل فيه المؤمن و الكافر ..
فلبد من اجتماع المرين معا ا ً:الرضا بالله و لرضا عن الله ،و الرضا بالله
ة
ة بالمؤمنين .و الرضا عن الله مشترك ف أعلى شأنا ا و أرفع قدرا ا ؛ لنها مخت ج
ص ف
بين المؤمن و الكافر ؛ لن الرضا بالقضاء قد يصح من المؤمن و الكافر ،فقد
ض بالقضاء و مسجلم و ل اعتراض عندها ، ر فتقول ً:هذا را ن تجد تصجرف كاف ن
ا
ض بالله ربا . لكنه لم ير ط
77
مة ..فمن ل يرضى بالله ربا ا فل يصح
فالرضا بالله ربا ا آكد الفروض باتفاق ال ج
ما و ل عم ف
ل .. له إسل ف
ㄱالرضا عن الله ..الرضا بالقضاء ..ما حكمه ؟!
يجب التفصيل أول ا في قضجية القضاء ً:
ي ً:و هو ما شرعه الله لعبادها )) و قضى ربك أل تعبدوا إل إجياها /1قضاءف شرع ي
و بالوالدين إحسانا (( قضى علينا و شرع ..قد يلتزما العباد به و قد ل ا
يلتزمون به ..
ض ..أو ص ..أو مر ن ت شخ ن ن فيكون ..إذا قضى الله بمو ز ي
ي ً:ك ح /2قضاءف كون ي
ر ..إذا قضاها فل رادج لقضائاه ، ل مط ن ر ..أو نزو ز ى ..أو فق ن ء ..أو غن ا شفا ن
ن فيكون .. ي ..ل يستخلف ..لبد أن يقع ..ك ي ح قضاءف كون ي
ا
فبالنسبة للقضاء الشرعي أن يكون عندنا رضا به قطعا و هو أساس السلما
ة ..ة و ل معارض ن ج و ل منازع ن و قاعدة اليمان ..لبد أن نرضى بدون أي حر ن
كموك فيما شجر بينهم ثم ل يجدوا في )) فل و ربك ل يؤمنون حتى يح ج
ت و يسجلموا تسليما ا (( .. أنفسهم حرجا ا مما قضي ط
لكن الرضا بالمقادير التي تقع ،هناك فرقف بين الرضا و الصبر ،الرضا
بالمقدور
ة أعلى من الصبر .. و الصبر على المقدور ..الرضا درج ف
مل كلما من قال من العلماء إن ح طة ..و على ذلك ي ي ح ة سهل ا ليس الرضا عملي ا
ب في المقدور .. الرضا ليس بواج ن
الله لم يوجب على عبادها أن يرضوا بالمقدور ) المصائاب ( ؛ لن هذها الدرجة
ل يستطيعها كل العباد ،و لكن أوجب عليهم الصب ،و هناك فرقف بين الرضا
و الصبر ..
قد يصبر النسان و هو يتججرع المرارة و ألم المصيبة ،و يمسك نفسه و
ء خطأ ن ،فنقول ً:هو صابفر .. ق الجيب أو قول شي ن يحبسها عن النياحة و ش ج
لكن هل وصل إلى مرحلة الرضا ؟!!
يعني هل وصل إلى مرحلة الطمأنينة و الرضا بهذها المصيبة ؟!!
ليس كل الناس يصلون إلى هذا ..
ق الجيب ؛ لن هذا ضد الصبر الواجب، ل يجوز لطم الخدود و ل النياحة و ل ش ج
مفالرضا لم يوجبه الله على كل عبادها ..لكن من وصل إلى الرضا شأنه عظي ف
..
ع ً:
قال شيخ السلما ابن تيمية رحمه الله ) ً:الرضا بالقضاء ثلثة أنوا ن
ة .. 1ــ أحدها ً:الرضا بالطاعات ً:و حكمها طاع ف
ب ..
ب أو مستح ي 2ــ الرضا بالمصائاب ً:فهذا مأموفر به ،فهو إما واج ف
أما الواجب ً:فهو ما يوازي الصبر و هو الدرجة الولى من الرضا ..
أما الدرجة العليا من الرضا عند المصيبة التي فيها سكينة النفس التامة ً:
ة من المخلوقين .. فهذا عزيفز ل يصل إليه إل قل ج ف
و الله من رحمته لم يوجبه عليهم ؛ لنهم ل يستطيعونه ..
ة .. ( ..3ــ الرضا بالمعصية ً:معصي ف
ㄱفما حكم الرضا بالكفر و الفسوق و العصيان ؟!
ما ..
ة حرا ف
ض ..الرضا بالمعصية معصي ف
يرى في أهله الخبث و هو را ن
الرضا بالكفر ..كففر ..
حكم الرضا بالمعصية ..ل يجوز ..
78
بل النسان مأموفر ببغض المعصية ،و الله ل يحب الفساد و ل يرضى لعبادها
الكفر و ل يحب المعتدين و ل يحب الظلم و ل الظالمين ..
ثمرات الرضاً:
ت كثيرةف ..على رأسها .. إن للرضا ثمرا ف
1ــ الرضا و الفرحا و السرور بالرب تبارك و تعالى ..و النبي صلى الله عليه
و سلم كان أرضى الناس بالله و أسجر الناس بربه و أفرحهم به تبارك و تعالى
..
لو ل و رضا و ذ ي ر و توك ن فالرضا من تماما العبودية و ل تتم العبودية بدون صب ن
ر إلى الله .. ع و افتقا ن خضو ن
2ــ إن الرضا يثمر رضا الرب عن عبدها ،فإن الله عز و جل رضي بمن يعبدها
ت إليه أقبل ت عليه و طلبطته و تذجلل ط من يعبدها على من يعبدها و إذا ألحح ط ع ج
عليك.
م و الحزن و شتات القلب و كسف البال و م و الغ ج ج
3ــ الرضا يخلص من اله ج
سوء الحال ،و لذلك فإن باب جنة الدنيا يفطتح بالرضا قبل جنة الخرة ؛
فالرضا يوجب طمأنينة القلب و ب طحردها و سكونه و قرارها بعكس السخط الذي
يؤدي إلى اضطراب القلب و ريبته و انزعاجه و عدما قرارها
ة ل تتنجزل عليه بغيرها و ل أنفع له منها ؛ زل على قلب العبد سكين ا فالرضا ين ز
ي ي
لنه متى ما نزلت على قلب العبد السكينة ً:استقاما و صلحت أحواله و صلح
ش ..
ب عي ن ة و طي ز ع نن و دط ط باله ،و يكون في أم ن
4ــ الرضا يخجلص العبد من مخاصمة الرب في الشرائاع و الحكاما و القضية ..
ي
مر بالسجود عصى ؟ رفض ؟ مثل ا إبليس لما أ ز
دى ب ؟ ..فعدما الرضا من إبليس أ ج ر خلقطته من ترا ن ض ..كيف أسجد لبش ن لم ير ط
ض على أمر الله ..فإذا منافقو عصرنا الذين ل يرضون بحكم الله ا
إلى اعترا ن
ة مع الرب دد الزوجات في كل مقالتهم في مخاصم ن في الربا و الحجاب و تع ج
سبحانه ..لماذا ؟!!! … كلمهم يدور على مخاصمة الرب في شرعه و إن لم
يصجرحوا بهذا ! ..فالرضا يخجلص النسان من هذها المخاصمة ..
عر العبد بعدل الرب ..و لذلك كان صلى الله ش ز 5ــ الرضا من العدل ..الرضا ي ي ح
ي قضاؤك (( ..و الذي ل يشعر بعدل الرب فهو لف ر عليه و سلم يقول )) ً:عد ف
م ،فالله أعدل العادلين حتى في العقوبات .. جائافر ظال ف
عطترض عليه دل في قضائاه و عقوباته فل ي ي ح ة ،فالله ع ط فقطع يد السارق عقوب ف
ل في قضائاه و ل في عقوباته ..
ء أخطأك و أنت تحبه و تريدها .. ت شي ن 6ــ و عدما الرضا إما 1 ً:ــ لفوا ز
ء أصابك و أنت تكرهه و تسخطه ..فيحصل للشخص الذي ليس 2ــ أو لشي ن
ب إذا نزل به ما يكرها و فاته ما يحب حصل له أنواع ق و اضطرا ف عندها رضا قل ف
ا
الشقاء النفسي ،و إذا كان راضيا لو نزل به ما يكرها أو فاته ما يحب ما شقي
و ل تأجلم ؛ لن الرضا يمنع عنه هذا اللم ،فل هو يأسى على ما فاته و ل يفرحا
بما أوتي )) ..لكيل تأسوا على ما فاتكم و ل تفرحوا بما آتاكم (( ..
در* الرضا مفيدف جدا ا أن المرء ل يأسف على ما فاته و ل يحزن و ل يتك ج
ب .. على ما أصابه ؛ لنه مقدجفر مكتو ف
ش و الحقد و الحسد ؛ لن المرء إذا لم 7ــ الرضا يفتح باب السلمة من الغ ج
ن ..فيبقى دائاما ا عينه ضيق ف
ة ن و فل نض بقسمة الله سيبقى ينظر إلى فل ن ير ط
و حاسدف
79
ن زوال النعمة عن الخرين ..و السخط يدخل هذها الشياء في قلب و متم ي
صاحبه ..
ك في قضاء الله و قدرها و حكمته و علمه ..فتكون 8ــ الرضا يجعلك ل تش ج
م مهما حصل ..لكن النسان الساخط يش ج
ك مستسلما ا لمرها معتقدا ا أنه حكي ف
و يوسوس له الشيطان ما الحكمة هنا و هنا ؟؟!! ..
و لذلك ) الرضا و اليقين ( أخوان مصطحبان ..
ك ( توأمان متلصقان !! .. و ) السخط و الش ج
ت أن تعمل الرضا مع اليقين فافعل ،فإن لم تستطع فإن ㄱإذا استطع ط
ا ا
في الصبر خيرا كثيرا ..
9ــ من أهم ثمرات الرضا ً:أنه يثمر الشكر . . .
ج
ص و حظه قه منقو ف نوح ج فصاحب السخط ل يشكر ..فهو يشعر أنه مغبو ف
س !! ..لنه يرى أنه ل نعمة له أصل ا !!.. مبخو ف
السخط نتيجة كفران المنعم و النعم !!!..
الرضا نتيجة شكران المنعم و النعم !!!..
10ــ الرضا يجعل النسان ل يقول إل ما يرضي الرب ..
ض على الرب ،و ربما يكون فيه السخط يجعل النسان يتكجلم بما فيه اعترا ف
حا في الرب عز و جل .. قد ف
ع للهوى .. صاحب الرضا متججردف عن الهوى ..و صاحب السخط مجتب ف
و ل يجتمع الرضا و اتباع الهوى ،لذلك الرضا بالله و عن الله يطرد الهوى ..
ف مع اختيار الله .. صاحب الرضا و اق ف
س أن عندها كنفز إذا رضي الله عنه أكبر من الجنة .. يح ج
ن من الله أكبر (( .. لن الله عندما ذكر نعيم الجنة قال )) ً:و رضوا ف
رضا الله إذا حصل هو أكبر من الجنة و ما فيها ..
ة ..و صفة الله أكبر من مخلوقاته كلها .. و الرضا صفة الله و الجنة مخلوق ف
ت تجري من تحتها النهار خالدين فيها )) وعد الله المؤمنين و المؤمنات جنا ن
ن من الله أكبر ذلك هو الفوز العظيم ن و رضوا ف ت عد ح نة في جنا ز ن طيب ا
و مساك ط
((..
رضا الله أكبر من الجنة !!!..
11ــ الرضا يخجلص العبد من سخط الناس ..لن الله إذا رضي عن العبد
أرضى عنه الناس ..و العبد إذا سعى في مرضاة الله ل يبالي بكلما الناس ..
أما المشكلة إذا سعى في مرضاة الناس فسيجد نفسه متعبا ا ؛ لنه لن
ء ..أما من يسعى لرضا الله فل يحسب يستطيع إرضاءهم فيعيش في شقا ن
ب نفسيا ..و لو وصل إليه كلما الناس فلن ا ب و لن يتع ط لكلما الناس أي حسا ن
يؤذطيه نفسيا ا و لن يبالي ماداما الله راضيا عنه ..
ا
12ــ الله يعطي الراضي عنه أشياءط لم يسألها ،و ل تكون عطايا الله نتيجة
الدعاء فقط ماداما في مصلحته ..
ل قليبه من الوساوس 13ـ الرضا يفجرغ قلب العبد للعبادة ..فهو في صلته خا ن
كز و ..في الطاعة غير مشجتت الذهن ..فيستفيد من العبادة ..الرضا ير ج
في الذهن فينتفع صاحبه بالعبادة .. يص ج
ب مع بقية أعمال القلوب الصالحة ،فأجرها ل ينقطع ن عجي ف 14ــ الرضا له شأ ف
ة .. ة معين نو ليس له حدي بخلف أعمال الجوارحا ،فأجرها له حدي تنتهي بمدج ن
فعمل الجوارحا محدودف ..لكن عمل القلب غير محدوند ..
80
ب ..أما أعمال القلوب فل فأعمال الجوارحا تتضاعف على حدي معلوما ن محسو ن
ينتهي تضعيفها و إن غابت عن بال صاحبها ..كيف ؟؟!!
ض عن الله و عن قضائاه ،عرضت له كر بذهنه و قلبه أنه را ن ض يف ج ن را ن إنسا ف
ة فانشغل ذهنه بها ..العلماء يقولون ً:أجر الرضا ل ينقطع و ة حسابي ج ف مسأل ف
ن
ء ثا نن ؛ لن أصله موجودف و لو انشغل القلب بشي ن ء ثا ن
غل الذهن بشي ن ش ز إن ي
الن ..
ل نتيجة هذا الخوف ،لو انشغل ن يخاف الله ،أحيانا ا يحصل له بكاءف و وج ف إنسا ف
مد جراحا ولدها و نسي موضوع التأمل في الخوف و ما يوجب باله مع ولدها يض ج
ي مركوفز ف ا
البكاء و الخشية فلزال أجرها على الخوف مستمجرا ؛ لنه عمل قلب ي
ه أجرها بل هو مستمير ..و هذا من عجائاب أعمال القلوب . . في الداخل لم ينت ز
.
ضح لماذا أجر أعمال القلوب أكثر من أجر أعمال الجوارحا ، و هذا يمكن أن يو ذ
ا
مع أنه لبد من أعمال الجوارحا طبعا ..لنه إذا لم يكن هناك أعمال جوارحا
ب .. ر ف فالقلب خ ز
ㄱهل الرضا يتنافى ) يتعارض ( مع الدعاء ؟!!
ل ..لسبب أن الدعاء يرضي الله و هو مما أمر الله به ..
ة ل يكون راضيا ا ؟!! ㄱهل النسان إذا دعا أن يزيل الله عنه مصيب ا
الجواب ً:ل ..ليس هكذا ..لن الله قال )) ً:ادعوني أستجب لكم ((
و قال )) ً:يدعون ربهم خوفا ا و طمعا ا (( يدعون ربهم يريدون نعما ا و دف ط
ع
نقم ن .
ة ..فلن الله قال ً:ادعوني و لن الدعاء ع مضجر ن
ة أو دف ز ب منفع ن الدعاء لجل ز
يرضي الله ،فإن الدعاء ل يتعارض مع الرضا ..
ا
وضه خيرا ،لم فالمرء لو كان راضيا ا بالمعصية و سأل الله أن يزيل أثرها أو يع ج
ض الدعاءي الرضا ..لن الله أمرنا أن نسأله الرزق فقال )) ً:فابتغوا عند يعار ز
الله الرزق (( ..
ㄱهل الرضا يتنافى مع البكاء على المجيت ؟!!
بو ن مستح ي قال شيخ السلما ) ً:البكاء على الميت على وجه الرحمة حس ف
عطرف ذلك ل ينافي الرضا ،بخلف البكاء عليه لفوات حظه منه ( ..و بهذا ي ي ح
ة جعلها الله قوله صلى الله عليه و سلم لما بكى على الميت )) ً:إن هذها رحم ف
في قلوب عبادها و إنما يرحم الله من عبادها الرحماء ..
و ينبغي أن نفجرق ؛ لن النبي صلى الله عليه و سلم لما رأى ولدها إبراهيم
سفا ا على فقد الولد !!.. ة أو تأ ج
يموت بكى لماذا بكى ؟ ..رحم ا
ذ
و إن هذا ليس كبكاء من يبكي لحظه إل لرحمة الميت ،فإن الفضيل بن
ت أنعياض لما مات ابنه علي ضحك و قال ) ً:رأيت أن الله قد قضى ،فأحبب ي
ن بالنسبة لهل الجزع ،و أما ل حس ف أرضى بما قضى الله به ( ..فحاله حا ف
ل كما قال صلى الله رحمة الميت مع الرضا بالقضاء و حمد الله على كل حا ن
عليه و سلم فهذا أكمل ..
ة بالميت أو فإذا قيل ً:أيهما أكمل ً:النبي صلى الله عليه و سلم بكى رحم ا
الذي من السلف ضحك ؟؟!!
بكاء رحمة الميت مع حمد الله و الرضا بالقضاء أكمل ،كما قال تعالى )) ً:ثم
كان من الذين آمنوا و تواصوا بالصبر و تواصوا بالمرحمة (( فذكر الله
التواصي بالصبر
و التواصي بالمرحمة ..
81
ة ) ما فيه رحمة ( . الناس أربعة أقساما ن 1 ً:ــ منهم من يكون فيه صبفر بقو ن
ة ) ينهار ( .ة بقو ن
2ــ و منهم من يكون فيه رحم ف
3ــ و منهم من يكون فيه القسوة و الجزع ) جمع الشر من
الطرفين ( .
4ـ المؤمن المحمود الذي يصبر على ما يصيبه و يرحم الناس
.
و مما يجب أن يعلم أنه ل يسوغ في العقل و ل في الدين طلب رضا
المخلوقين
ق ؛ لوجهين 1 ً:ــ أحدهما أن هذا غير ممكن ،كما قال الشافعي ) ً:رضا بإطل ن
ة ل ت يدحطرك ( ،فعليك بالمر الذي يصلحك فالزمه و دع ما سواها و ل الناس غاي ف
تعازنه …
ق أن2ــ أجننا مأمورون أن نتحجرى رضا الله و رسوله )) و الله و رسوله أح ب
ي يحرضوها ((..
ㄱهل نحن مكجلفون أن نرضي الناس كلهم ؟!!
ن 2،ــ لننا مكجلفون بإرضاء الله ج
ل ،لسنا مكلفين ؛ لسببين 1 ً:ــ لنه غير ممك ن
و ليس بإرضاء الناس ..
ذكر السلف رحمهم الله أقوال ا في الرضا ً:
ب أن ييرضى 1ــ قال أبو الدرداء رضي الله عنه ) ً:إن الله إذا قضى قضاءا أح ر
قطبل العباد ( .. به من ز
2ــ قال ابن مسعود رضي الله عنه ) ً:إن الله بقسطه و عدله جعل الرروحا و
ك ( .. م و الحزن في الش ج الفرحا في اليقين و الرضا و جعل اله ج
ت و ما لي سروفر إل في 3ــ قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله ) ً:أصبح ي
مواضع القضاء و القدر ( .
ة ،و من وصل إلى هذها الدرجة فينعكس هذا على نفسه انشراحا ا و طمأنين ا
ر أو أنثى و هو ر )) من عمل صالحا ا من ذك ن كان عيشه كله في نعيم ن و سرو ن
ة (( .. ن فلنحييجنه حياةا طيب ا مؤم ف
4ــ قال بعض السلف ) ً:الحياة الطيبة هي الرضا و القناعة ( ..
د رحمه الله ) ً:الرضا باب الله العظم و جنة الدنيا 5ــ قال عبد الواحد بن زي ن
عدح يشعر باللم .. مستراحا العابدين ( ..و ربما رضي المبتلى حتى لم ي ط ي و ي
ب !.. قحر ز ل ي دها ن طي ح ي
ع ي
و بي ح ب*** عذابه فيك عذ ي
6ــ و كذلك قال عمر بن الخطاب لبي موسى رضي الله عنهما ) ً:أما بعد ً:
ت أن ترضى و إل فاصبر( ..هذا مما فإن الخير كله في الرضا ،فإن استطع ط
ة أعلى من الصبر .. دما أن الرضا منزل ف تق ج
في العبد المؤمن و ذ7ــ و قال عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما ) ً:إذا ت ي ي
ة من الجنة ،فيقال ً:اخرجي أيتها النفس مطلكين و تحف ا أرسل الله إليه ط
ض ( .. ك را ن ب عن ز
نور ي حا و ريحا ن و نالمطمئنة إلى طر ح
ض بالقضاء فليس لحمقه 8ــ و قال ميمون بن مهران رحمه الله ) ً:من لم ير ط
دواءف (( ..
ل على ي إنما تستد ج 9ــ و نقل عبد الله بن المبارك رحمه الله عبارة ) ً:يا بن ج
سن رضاها ح ح
سن توكله على الله فيما ناطبه ،و ل ي ح ح ء ً:ل ي تقوى الرجل بثلثة أشيا ن
سن زهدها فيما فاته ( .. ح ح فيما آتاها ،و ل ي
منزلة الرضا هي التي تثمر محبة الله و النجاة من النار و الفوز بالجنة و
ن العبد بربه و النفس المطمئجنة و الحياة الطيبة .. سن ظ ج ح ح رضوان الله و ي
82
و الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات و صلى الله على نبينا محمد و على آله
و صحبه و سلم تسليما ا كثيرا ا ...
83
سلسلة أعمال القلوب
جد
للشيخ محمد بن صالح المن ج
الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه
أجمعين ..وبعد..
84
فإن الله جعل الصبر جوادا ا ل يكبو ،وصـارما ا ل ينبـو ،وجنـدا ا ل ييهـزما ،وحصـنا ا
حصـــينا ا ل ييهـــدما،وهـــو مطجيـــة ل يضـــل راكبهـــا فهـــو والنصـــر أخـــوان
دة ول عــدد، شقيقان،فالنصر مع الصبر ،وهو أنصر لصاحبه من الرجــال بل عــ ج
ومحله من الظفر محل الرأس من الجسد ،وهو ســبيل النجــاحا والفلحا ،وهــو
فضيلة يحتاج إليه النسان في دينه ودنياها ،فحال النسان إما بين صــبر علــى
أمر يجب عليه امتثاله وتنفيذها ،ونهي يجب عليه اجتنابه وتركه ،وقــدر يجــري
عليه اتفاقاا ،ونعمة يجب عليه شكر المنعم عليها ،وإذا كــانت هــذها الحــوال ل
تفارقه فالصبر لزما إلى الممات ،فالحيــاة ل تســتقيم إل بالصــبر ،فهــو دواء
المشكلت لدار البتلء ،والصبر زاد المجاهد إذا أبطأ عنه الصبر ،وزاد الداعيــة
إذا أبطأ عنه الناس بالجابة ،وزاد الع الم ف ي زمـن غربـة العلـم ،ب ل هـو زاد
الكبير والصغير ،والرجــل والمــرأة ،فبالصــبر يعتصــمون وإليــه يلجئــون وبــه
ينطلقون.
قال الماما أحمد – رحمه الله – في كتاب الزهد عن عمــر بــن الخطــاب رضــي
الله عنه )) ً:وجدنا خير عيشنا بالصــبر((،إن اللــه وصــف الصــابرين بأوصــاف
صهم بخصائاص لم تكن لغيرهم،وذكر الصبر في نحــو تســعين موضــعا ا مــن وخ ج
الكتاب الكريم ،وأضاف أكثر الدرجات والخيرات إلى الصبر وجعلها ثمرة له.
إن للصابرين معجية مع الله ،ظفروا بها بخير الدنيا والخرة ،وفازوا بها بنعمة
الله الظاهرة والباطنة ،وجعل الله سبحانه المامة في الدين منوطة بالصــبر
واليقين فقال تعالى} ً:وجعلنا منهم أئامة يهــدون بأمرنــا لمــا صــبروا وكــانوا
بآيتنا يوقنون{ ،قال شيخ السلما ابن تيمية رحمه الله )) ً:بالصبر واليقين ؛
يتنال المامة في الدين((.
تعريف الصبر
الصبر لغة ً:الحبس والكف ،قـال تع الى} ً:واصـبر نفسـك مـع الـذين ي دعون
ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه{ ،يعني احبــس نفســك معهــم ،والصــبر
حبس النفس عن الجزع واللسان عن التشــكي والجــوارحا عــن لطــم الخــدود
وشق الثياب ونحوهما ،ويقال صبر يصبر صبراا ،وصطبر نفسه.
والصبر في الصطلحا الشرعي ً:حبس النفس على فعل شــيء أرادها اللــه أو
عن فعل شيء نهى الله عنه فهو صبر على شيء أمر به الله وصبر عن شيء
نهى الله عنه ،جعل الله فيه الجر العظيم لمــن أراد بــه وجهــه ،وكافــأ أهــل
الجنة لنهم صــبروا ابتغــاء وجــه ربهــم ،والصــبر فيــه معنــى المنــع والشــدة
ن ،و تصجبر رجل يعني تكجلف الصبر وجاهد نفسه عليه وحمل نفسه على والض ج
هذا الخلق ،وصجبرها إذا حملها على الصبر وهو ثبات على الدين إذا جاء بــاعث
الشهوات ،وهو ثبات على الكتاب والسنة ،لن من أخذ بهما فقــد صــبر علــى
المصائاب وصبر على العبادات وصبر علــى اجتنــاب المحرمــات ،فهــذها أنــواع
الصبر الثلثة إذااً:
-1صبر على طاعة الله.
-2صبر عن معصية الله.
-3صبر على أقدار الله المؤلمة.
هذا الصبر عجلق القرآن الفلحا عليــه فقــال اللــه ســبحانه وتعــالى } ً:يــا أيهــا
الــذين آمنــوا اصــبروا وصــابروا واتقــوا اللــه لعلكــم تفلحـون{ ،فعل جــق الفلحا
بمجموع هذها المور ،ونهى عن ما يضاد الصبر فقال } ً:فاصبر كما صبر أولو
العزما من اليرســل ول تســتعجل لهــم { ،كمــا قــال} ً:ول تهنــوا ول تحزنــوا{،
وكذلك فإنه سبحانه وتعالى أخــبر عـن مضـاعفة الجــر للصــابرين } ً:أولئــك
يؤتون أجرهم مرتين بما صبروا{ ،وإذا كانت العمال لها أجــر معلــوما محــدود
85
فى الصــابرون أجرهــم بغيــر فإن الصبر أجرها ل حد له ،قال تعالى} ً:إنمــا يــو ج
حساب{ ،قال سليمان بن القاسمً:كل عمل يعرف ثوابه إل الصبر لجل هــذها
فى الصابرون أجرهــم بغيــر حســاب{ ،قــال ً:كالمــاء المنهمــر، الية}إنما يو ج
وعلق الله المامة في الدين علــى الصــبر وعلــى اليقيــن كمــا مــجر فــي اليــة
،وجعل الله الظفــر بمعيــة الصــبر فقـال } ً:إن اللــه مـع الصـابرين{ ،وجعــل
للصــابرين أمــورا ا ثلثــة لــم يجعلهــا لغيرهــم ،وهــي الصــلة منــه والرحمــة
والهداية}وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصــيبة قــالوا إنــا للــه وإنــا إليــه
راجعون* أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون{.
وجعــل الصــبر ســبحانه وتعــالى عونــا ا وعــدة وأمــر بالســتعانة بــه ،فقــال ً:
}واستعينوا بالصبر والصلة { ،فمن ل صبر له؛ ل عون له ،وعجلق النصر علــى
الصبر والتقوى فقال تعالى} ً:بلى إن تصبروا وتتقــوا ويــأتوكم مــن فــورهم
هذا يمددكم ربكم بخمسة آلف من الملئاكة مسومين{ ،وقال صلى الله عليه
وسلم )) ً:واعلم أن النصر مع الصبر((،وجعل سبحانه الصــبر والتقــوى جنــة
عظيمة من كيد العدو ومكرها فقال }ً:وإن تصبروا وتتقــوا ل يضــركم كيــدهم
شيئاا{ ،وأخبر أن ملئاكتـه تسـجلم فـي الجنـة علـى الصـابرين فق ال} ً:سـل ف
ما
عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار{ ،وجعل اللــه الصــبر منزلــة فــوق منزلــة
قب لمن عاقبه بمثــل العقوبــة فهــو أفضــل وأكــثر أجــرا ا فقــال } ً:وإن المعا ز
عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به ولئن صبرتم لهو خيفر للصابرين{ ،فتأمـل
ما أخرى للتأكيد)لهو(. هذا التأكيد )لئن( اللما ول ف
ورتب المغفرة والجر الكبير على الصبر مع العمل الصالح فقال }ً:إل الــذين
صبروا وعملوا الصالحات أولئك لهم مغفرة وأجر كبير{ ،وجعــل الصــبر علــى
المصائاب من عزما المور وهذها مرتبة ل ينالها أي أحد فقال عز وجل }ً:ولمن
صبر وغفر إن ذلك لمن عزما المور{ ،وأوصى لقمان الرجل الصــالح الحكيــم
ولدها بأن يصبر على ما أصــابه فــي ســبيل اللــه }ً:يــا بنــي أقــم الصــلة وأمــر
بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزما المور{.
ووعد الله المؤمنين بالنصر والظفر ،وهي كلمتــه الــتي ســبقت لهــم نالوهــا
مــت كلمــة ربــك الحســنى علــى بنــي إســرائايل بمــا بالصبر فقال تعالى} ً:وت ج
صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون{.
وعجلق تعالى محبته بالصبر ،وجعلهــا لهــل الصــبر فقــال} ً:وكــأين مــن نــبي
قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما أصابهم في سبيل الله ومــا ضــعفوا ومــا
استكانوا والله يحب الصــابرين{ ،وأخــبر عــن خصــال مــن الخيــر ل يلقاهــا إل
الصــابرون فقــال تعــالى فــي أهــل العلــم الــذين علمــوا قــومهم المفتــونين
بقــارون } ً:ويلكــم ثــواب اللــه خيــر لمــن آمــن وعمــل صــالحا ول يلقاهــا إل
الصابرون{ ،وعند الدفع بالتي هي أحسن} وما يلقاها إل الــذين صــبروا ومــا
يلقاهــا إل ذو حــظ عظيــم{ ،وأخــبر أنــه ل ينتفــع بآيــاته ول يســتفيد منهــا إل
صاحب الصبر المكثر منه فأتى به بصيغة المبالغة فــي قــوله تعــالى }ً:ولقــد
أرسلنا موسى بآياتنا أن أخرج قومك من الظلمات إلى النــور وذكرهــم بأيــاما
الله إن في ذلك ليات لكل صجبار شكور{ ،وفي سورة لقمـان قـال} ً:ألـم تـر
أن الفلك تجري في البحر بنعمة الله ليريكم من آياته إن في ذلك ليــات لكــل
صبار شكور{ ،وبعد قصة سبأ قال}ً:فجعلناهم أحاديث ومزقناهم كل ممــزق
إن في ذلك ليات لكل صبار شكور{ ،وفي ذكر النعمــة بالســفن علــى العبــاد
تنقل أنفسهم وبضائاعهم قال} ً:ومن آياته الجوار في البحر كالعلما إن يشأ
يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهرها إن في ذلك ليات لكل صبار شكور{،
فهذها أربع مواضع في القرآن الكريم تدل على أنــه ل ينتفــع باليــات إل أهــل
86
الصبر والشكر ،الدين كلــه صــبر وشـكر ،اليمـان نصــفان صـبر وشــكر ،حيـاة
المسلم كلها صبر وشكر،ماذا يوجد فــي الطاعــات والعبــادات والتقــرب إلــى
الله غير الصبر والشكر..؟!
وأثنى الله على عبدها أيوب بأحسن الثناء لنه صبر فقال} ً:إنا وجدناها صــابرا ا
واب{ ،فمدحه بقوله نعم العبد لنه صبر ،وحكم الله بالخســران نعم العبد إنه أ ج
حكما ا عاما ا على من لم يكن من أهل الصبر فقال} ً:والعصر*إن النسان لفي
خسر*إل الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصــوا بــالحق وتواصــوا بالصــبر{،
وخص الله أهل الميمنة) أصحاب اليمين( بأنهم أهل الصبر والمرحمــة فقــال
تعالى} ً:ثم كان من الذين آمنوا وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة{ ،وقرن
الصبر بأركان السلما ومقامات اليمان فقرنه بالصــلة فقــال} ً:واســتعينوا
بالصبر والصلة{ ،وقرنه بالعمال الصالحة فقال } ً:إل الذين صبروا وعملوا
ق ويصبر { ،وقرنه بالتواصــي الصالحات{ ،وقرنه بالتقوى فقال } ً:إنه من يت ز
بالحق فقال } ً:وتواصوا بالحق وتواصــوا بالصــبر{ ،وقرنــه بالرحمــة فقــالً:
} وتواصوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة{ ،وقرنه باليقين فقال } ً:لمــا صــبروا
وكانوا بآياتنا يوقنــون{ ،وقرنــه بالصــدق فقــال } ً:والصــادقين والصــادقات
والصابرين والصابرات{ ،فنعم المنزلة منزلة الصبر ونعم الخلق خلــق الصــبر
ونعم أهله أهل الصبر ،فالصبر طريــق الجنــة} ً:أما حســبتم أن تــدخلوا الجنــة
ولما يأتكم مثل الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلـوا حـتى
يقول الرسول والذين آمنوا معه متى نصر الله أل إن نصر الله قريب{.
هذا الصبر العناية به في القرآن الكريم كــبيرة جــدا ا دليل ا علــى أهميتــه ،دليل ا
على أنه خلق عظيمً:
ن وإن طالتل تيأس ج
مطالبة
إذا استعنت بصبر أن ترى
الفرج
أخلق بذي الصبر أن
يحظى بحاجته
ومدمن القرع للبواب أن
يلج
وقل من جد في أمر
يحاوله
واستصحب الصـبر إل فاز
بالظفر
والصبر لدخول الجنة وسبب النجاة من النار ،فالجنة حفــت بالمكــارها ،والنــار
حفت بالشهوات ،فكيف تدخل الجنة بدون صبر على المكــارها؟ ،وكيــف تقــي
نفسك النار بدون صبر عن الشهوات؟ ،وقد نجبه شيخ السلما ابن تيمية رحمه
الله على المعنى اللطيف في هذا الحديث ،حفت الجنة بالمكارها؛ علمنا أنه ل
فت ،من جميع الجهات ،فإذا ما ركبت ح ج
طريق للجنة إل عبر المكارها ،لنه قال ي
المكارها ل تدخل الجنة ،والمكارها هي ما تكرهه النفس من المجاهــدة اللزمــة
لداء العبــادات) صــلة الفجــر – الوضــوء فــي الــبرد -الصــبر علــى المصــائاب-
87
الجهاد ،(....فل يمكن دخول الجنة إل باختراق المكارها ،ول يمكن اختراقها إل
بالصبر ،وأما النار فإنها حفت بالشهوات ،ول يمكن منع النفس مــن الــدخول
في النار إل إذا صبر عن المعاصي وامتنع عن المعصية وحبس نفسه عن ذلك
فهذها إذا ا فضائال هذا الخلق الكريم.
ما حكم الصبر؟
أصل الصبر واجب ،الصبر من حيث الجملة واجب ،والله أمــر بــه } واســتعينوا
بالصبر والصلة{}اصبروا وصابروا{ ،ونهــى عــن ضــدها}ول تســتعجل لهــم{
}فل تولــوهم الدبــار{}ول تبطلــوا أعمــالكم{ ،ورتــب عليــه خيــري الــدنيا
والخرة ،لكن عندما نأتي إلى التفصيل فالصبر منه ما هو صــبر واجــب ،يــأثم
النسان إذا لم يصبر ومنه ما هو صبر مســتحب فهــو واجــب فــي الواجبــات و
واجب عن المحرمات و مستحب عن المكروهات و إذا صبر عن المستحب ولم
يفعله فصبرها مكروها ،ومما يدل علىأن الصبر قد يكون لزما ا قول الله تعالىً:
}ولئن صبرتم لهو خير للصابرين{،فهذا يدل على أن الصبر قد ل يكون لزما ا
كقوله } ً:وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل مــا عــوقبتم بــه ولئــن صــبرتم لهــو خيــر
للصابرين{ ،فما حكم الصبر هنا ؟ ،أنت مخجير بين أن تعاقب من عاقبــك؟ ،مــا
الحكم الشرعي؟،يجوز لك القصاص فتنتق م منـه بمثـل م ا ظلمـك ،م ا حكـم
الصبر وعدما النتقاما؟ ،مستحب ،فإذا ا لــو قلــت مــا حكــم الصــبر علــى صــلة
الفجر؟ ،واجب ،ما حكم الصبر عند المصيبة بمنع النفس عن النياحة؟ واجب،
ما حكم الصبر عن النتقاما ممن أساء إليك بمثل ما أساء؟ مستحب..
فالصبر إذا ا منه ما يكون واجبا ا ومنه ما يكون مستحبا ا والصبر جــاء فــي صــيغة
المفاعلة في القرآن فقال } وصابروا{ ،وهذها عادة ما تكون إل بين طرفين
}وصابروا{ ،فمعنى ذلك أن هناك مغالبات بين المسلم والعدو ،وأننا لبــد أن
نصابر أنفسنا على باطلهم وعلى جهادهم وعلــى مقــاتلتهم ومرابطتنــا فــي
الثغور وثباتنا عليها حتى ل ينفذوا إلينا من هذها الجهات فهذا صبر مهــم جــدا ا
..
الصبر نوعان ً:
-1بدني .
-2نفسي.
وكل منهما قسمان ً:اختياري واضطراري ،فصارت القسمة أربعة..
-1بدني اختياري ً:تعاطي العمال الشاقة.
-2بدني اضطراري ً:الصبر على ألم الضرب ،لنه يضرب وماله حيلة إل الصبر.
-3نفسي اختياري ً:صبر النفس عن فعل مال يحسن شرعاا ،مكروها مث ا
ل.
-4نفسي اضطراريً:صبر النفس عن فقد المحبوب الذي حيل بينها وبينه بحيث
لو لم تصبر هذا الصبر لوقعت في الجزع المحرما أو النياحة أو لطم الخدود أو
شق الجيوب أو قص وحلق الشعور ونحو ذلك.
والبهائام تشارك النسان في النوعين الضطراريين ولكن الصــبر الختيــاري
هو الذي يميز النسان عن البهيمة ،فقال رجل من أهل الحكمة )) ً:ما غلبني
رجل كما غلبني شاب من مرو ،قال لي مرة ما الصبر ،قلت ً:إن وجــدنا أكلنــا
وإن فقدنا صبرنا ،قال ً:هذا مــا تفعلــه كلب مــرو عنــدنا! ،قلــت فمــا الصــبر
عندكم؟ قال ً:إن فقدنا صبرنا وإن وجدنا آثرنا وأعطينا لغيرنــا(( ،فــإذا ا هنــاك
صبر تشارك فيه البهائام النسان ولكن هناك صبر يتفوق به المسلم النســان
على البهيمة والدابة ،وقد تجد من الكفار من يصبر على المصائاب ويتجلد ول
ينهار ولكن ل يرجو من وراء ذلك جزاء من عند ربه ول أجرا ا يوما القيامة..
88
وكذلك فإن الصبر متعلــق بــالتكليف لن اللــه ابتلــى العبــاد بواجبــات لبــد أن
يفعلوها ومحرمات لبد أن يتركوها ،وأقدار لبد أن يصــبروا عليهــا،فل يقعــوا
في الجزع والتسخط و شكوى الخالق إلى المخلوقين.
وقد ورد الصبر في السنة أيضا ا في مواضع متعددةً:
-1بشر النبي صلى الله عليه وسلم الذي يصــبر علــى فقــد عينيــه بالجنــة )) ً:إن
الله تعالى قال إذا ابتليــت عبــدي بحبيبــتيه ثــم صــبر عوضــته منهمــا الجنــة((
]رواها البخاري[.
)) -2ومال عبد مؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفجيه من أهل الدنيا ثم احتســبه إل
الجنة((.
-3لما مرضت المة السوداء بالصرع جاءت تشتكي للنبي صلى الله عليــه وســلم
ت صــبرتي فقالت ً:إني يأصرع وإني أتكشف فاد ي
ع الله لــي ،قــال )) ً:إن شــئ ز
ك(( فقـالت ً:أصـبر ولكـن ادع اللـه ولك الجنة ،وإن شئت دعوت الله أن يعافي ز
لي أل أتكشف .فدعا لها فكانت تصرع ول تتكشف] .متفق عليه[.
-4ورد في السنة ما يفيد أن الصبر خلق يمكن تحصيله ،فهناك أناس جبلهم الله
على الصبر وبعضهم جبله على قليل منه ،فلو كان عند المرء نقــص فــي هــذا
العمــل مــن أعمــال القلــوب فيمكــن تحصــيله بــالمران والرياضــة النفســية
والتدريب عليه والمجاهدة ،فهو شــيء ممكــن اكتســابه وليــس شــيئا ا فطريــا ا
فقط ل يمكن الزيادة عليه ،والدليل على أن الصبر خلق مكتسب وليس خلــق
فطري فقط أن النبي صلى اللــه عليــه وســلم قــال )) ً:ومــن يتصــجبر يصــجبرها
الله(( ،فقد يكون إنسان جزع بأصل طبعه لكن لما علــم فضــل الصــبر وأجــرها
وأهميتــه ومكــانته فــي الــدين قــرر أل يمــر بحــادث وموقــف فــي حيــاته إل
ويستعمل الصبر ويجاهد نفسه عليه ويجبرها عليه حتى تصبح صجبارة.
-5بينت السنة أن الصبر للمؤمن خير عظيم ،إذا أصابته ضراء يكون الخير له.
-6بين الرسول صلى الله عليه وسلم أن الصبر ضياء ،كما جاء في حديث مسلم
فقال)) ً:الصلة نور ،والصـدقة برهــان ،والصـبر ضـياء والقــرآن حجــة لـك أو
عليك((.
-7لما مر النبي صلى الله عليه وسلم عند امرأة تبكي عند قبر فــأراد أن يعظهــا
فقــال لهــا )) ً:اتقــي اللــه واصــبري(( قــالت ً:إليــك عنــي فإنــك لــم تصــب
بمصيبتي ،ولم تعرفه.فلما مضى صلى اللــه عليــه وســلم لــم يشــأ أن يجــادل
المرأة في هذها الحالة ،وهذا هو الموقف الصحيح للداعية في مثل هذا الحــال
،فلما مضى صلى الله عليه وسلم قيل لها إنه النبي صـلى اللـه عليـه وسـلم
فأخذها مثل الموت لنه ردت عليه هذا الــرد وهــو نــبي اللــه صــلى اللــه عليــه
وسلم فأتت بابه لتعتذر فلم تجد عندها بوابين ول حرس مــن تواضــعه فقــالت
معتــذرة ً:لــم أعرفــك .فقــال )) ً:إنمــا الصــبر عنــد الصــدمة الولــى((].رواها
البخاري[.
-8كذلك لما مات أبو سلمة ،ماذا تقول أما سلمة وزوجها بهــذها المكانــة الكــبيرة
في نفسها ،قالت ما تعلمته سابقاا)) ً:إنا لله وإنا إليه راجعون ،اللهم آجرنــي
في مصيبتي واخلف لي خيرا ا منها(( ،ولما مات زوجها وجاءت لتقول العبارة
فقالت أي المســلمين خيــر مــن أبــي ســلمة؟بعــدما رأت مــن حســن معشــرها
وطيب خصاله،ولنها مؤمنة قالت ما تعلمته ،قالت ً:فأخلف اللــه لــي رســول
الله صلى الله عليه وسلم .فقد خطبها وتزوجها .
-9وإذا صبر العبد على فقد الولد ،يقول صلى الله عليه وسلم )) ً:إذا مــات ولــد
العبد قال الله لملئاكته قبضتم ولد عبدي فيقولون نعــم ،قــال قبضــتم ثمــرة
فؤادها فيقولون نعم ،فيقول ماذا قــال عبــدي ،فيقولــون حمــدك واســترجع،
89
فقال ً:ابنوا لعبدي بيتا ا في الجنة وســموها بيــت الحمــد(( .فل يقبــض لمــؤمن
صفي من أهل الرض فيصبر ويحتسب إل وكان له ثواب إل الجنة.
كذلك فالناس يبتلون على حسب دينهم وعلــى حســب صــبرهم )) أشــد -10
الناس بلء النبياء ثم المثل فالمثل ،يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان
دينه صلبا ا وعندها صبر قوي زيد له في البلء ليزداد أجــراا((.يــوما القيامــة يــود
أهل العافية عندما يعطى أهل البلء الثــواب ويقســم عليهــم ،الــذين صــبروا
فــي الــدنيا،يتمنــون لــو أن جلــودهم كــانت قرضــت فــي الــدنيا بمقــاريض!..
]الحديث في الترمذي وحسنه اللباني[.
ج ا
والنبي صلى الله عليه وسلم مما ورد في سنته أيضا وعلمنا إياها تمهيد -11
نفسي للمواجهة )) ً:إن من ورائاكم أياما الصبر للمتمسك فيهن يومئــذ بمــا
أنتم عليــه أجــر خمســين منكــم(( .أيــاما الصــبر هــي أيــا ما البتلء فــي الــدين
والشهوات المستعرة والشبهات المســتحكمة ومــع ذلــك المــرء صــابر لــدينه.
ل إل الصــبر. فســماها أيــاما الصــبر لنــه ل يســتعمل فيهــا إل الصــبر ول حــ ج
المؤمنون في مكة ابتلوا فيأتي الصحابي فيأتي الصحابي يقول للنبي صــلى
الله عليه وسلم ادع الله لنا ،أل تستنصر لنا؟ ،فصبرهم صلى الله عليه وسلم
بأنه كان من قبلهم كان الرجل ييحفر له في الرض فيجــاء بالمئشــار فيوضــع
على رأسه فيشق اثنتين ،وما يصدها ذلك عن دينه ،ويمشط بأمشاط الحديد ما
بين لحمه وعظمه وعصبه ما يصدها ذلك عن دينه .فهناك مواقف والصــبر هــو
القائاد وهو الملذ والحصن الحصين ،من دخله عصم..
الناس في الصبر أنواع وهذا تقسيم شيخ السلما ابن تيمية لنه سبر نفــوس
الناس حسب ما رأى من الدينً:
-1أهل الصبر والتقوى ،وهم الذين أنعم الله عليهم من أهل السعادة في الــدنيا
والخرة ،صبروا على طاعته وصبروا على ترك محارمه.
-2ناس عندهم تقوى بل صبر ،فقد يكــون هنــاك رجــل عابــد زاهــد قــواما صــواما
متصدق منفق ذاكر قانت لكن إذا نزلت به المصيبة ينهار ،فعنــدها تقــوى لكــن
إذا نزلت به مصيبة انهار .يقول ابن الجوزي ً:رأيت كبيرا ا قارب الثمانين كــان
يحافظ على الجماعة فمات ولد لبنته فقال ما ينبغــي لحــد أن يــدعو فــإنه ل
يستجيب .فإذا ا من الناس من عندها عبــادة لكــن ل يصــبر ول يتجلــد ول يقــاوما
عند المصيبة فينهار .بل إن أحد هؤلء قال ً:عندي كذا أولد ل أخشــى عليهــم
إل منه! -تعالى الله انظر إلى الكفر إذا وصــل إلــى درجــات فــي هــذا البــاب ،
سوء ظنه بالله ،ماذا تنفع الصلة وهذها عقيــدته الــتي فــي قلبــه؟ }قــل مــن
يكلكم بالليل والنهار له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظــونه مــن أمــر
الله{ .-إذا ا الذي ليس عندها صبر ل تنفعه عبادته.
-3ناس لــديهم صــبر بل تقــوى .مثــل الفجــار لكنهــم جلــدين يصــبرون علــى مــا
يصيبهم ككثير من اللصوص وقطــاع الطــرق يصــبرون علــى اللما والمشــاق
لنيل الحراما ،وكذلك طلب الرياسة والعلو ،يصبرون على أنــواع مــن الذى ل
يصبر عليها أكثر الناس.فهو من أجل أن يصل إلى هدفه يضيع صلوات ويأكل
حراما ول يبالي فعندها صبر بل تقوى وغالب هــؤلء ل يرجــون مــن اللــه جــزاء
على صبرهم ،فالصبر لديهم خلق مفطــورين عليــه .ويوجــد مــن الكفــار مــن
يتججلد عند المصيبة فقد جاء مدحا الروما في حديث عمرو بن العاص )) ً:أســرع
الناس إفاقة بعد مصيبة(( ،تقع عليهم الكارثــة فيســتدركونها بســرعة ،ومــن
تأمل ما حدث لهم وهم النصارى بعد الحرب العالميــة الولــى والثانيــة ،كيــف
تهدمت بلدهم فما أسرع ما أعادوا بنائاها و أعادوا مسيرة القتصــاد و النتـاج
والزراعة والصناعة وقد مات منهم أكثر من 40مليــون .قــال ً:وكــذلك أهــل
90
المحبة للصور المحرمة من العشق ،يصبرون على ما يهــوونه مــن المحرمــات
من أنواع الذى ،فربما هذا المعشوق يجعل العاشق يتعذب من أجله ويشــتغل
لجلــه ويحــاول إرضــائاه بشــتى الطــرق ،فعنــدها صــبر ولكــن بل تقــوى
وهكذا،..وقد يصبر الرجل على ما يصــيبه مــن مصــائاب كــالمرض والفقــر ول
يكون فيه تقوى إذا قدر ،إذا قدر صار جبارا ا شقياا.
-4وهو شر القســاما ،ل يتقــون إذا قــدروا ول يصــبرون إذا ابتلــوا }إن النســان
خلق هلوعا ا إذا مسه الشر جزوعا وإذا مسه الخير منوعا{.
مراتب الصبر
والصبر مراتب فالصبر على طاعة الله أعلى منزلة من الصــبر عــن المعاصــي
والصبر عن المعاصي أعلــى منزلــة مــن الصــبر علــى القــدار .فالصــبر علــى
الواجبات أعلى أنواع الصبر لن جنس فعل الواجبات أعلى درجة عند الله من
جنــس تــرك المحرمــات ،وأجــر تــرك المحرمــات أكــبر مــن أجــر الصــبر علــى
المصائاب ،لن الصبر على الواجب والصبر على ترك الحراما عملية اختياريــة،
لكن لما نزلت ب ه المصـيبة ،ش يء ب دون اختيـارها ،ليـس ل ه إل كـف النفـس
والصبر .فقال شيخ السلما ابن تيمية رحمه الله عن يوسف عليه الســلما" ً:
كان صبر يوسف عن مطاوعة امرأة العزيز على شــأنها الــذي دعتــه إليــه مــن
ب" ،فصــبرها علــى الحــراما أكمــل مــن صــبرها علــى إلقــاء أخــوته لــه فــي الجــ ج
الفاحشة أكمل وأعظم وأكثر أجرا ا من صبرها على الســجن وإلقــاء أخــوته لــه
لن الول فيه شيءاختياري وصبرها عليها صبر رضا ومحاربة للنفس ل ســيما
مع وجود السباب القوية المزينة للحراما فكان شابا ا أعزبا ا وغريبا ا عند البلد و
عبدا ا مملوكــا ا والمــرأة جميلــة وصــاحبة منصــب وهــي الــتي دعتــه فســقطت
الحواجز النفسية ثم استعانت عليــه بكيــد النســوة وهــددته بالســجن ،ثــم إن
زوجهــا ليســت عنــدها غيــرة }يوســف أعــرض عــن هــذا واســتغفري لــذنبك{،
غجلقت البواب وغاب الرقيب ،فصار داعي الزنا قوي جــدا ا جــدا ا ولكنــه صــبر و ي
عليه الصلة و السلما،أما المور الخرى مــن الســجن وإلقــاء أخــوته لــه فــي
ب فجرت عليه بغير اختيارها ول كسب له فيها. الج ج
مجالت الصبر
الصبر على بلء الــدنيا }لقــد خلقنــا النســان فــي كبــد{ مشــقة وعنــاء وبلء -1
وفتن ،والله تعالى قال}ً:ولنبلونكم بشيء مـن الخــوف والجــوع ونقــص مـن
الموال والنفس والثمرات وبشر الصابرين{.
الصبر علــى مشــتهيات النفــس }يــا أيهــا الــذين آمنــوا ل تلهكــم أمــوالكم ول -2
أولدكم عن ذكر الله { ،ولذلك قال بعض السلف " ً:ابتلينا بالضــراء فصــبرنا
وابتلينا بالسراء فلم نصبر."!..وقالوا " ً:البلء يصبر عليــه المــؤمن والعافيــة
ديق" .والصبر على مشتهيات النفس لبــدج أن يكــون مــن ل يصبر عليها إل ص ج
وجوها أربعة كما قال ابن القيم رحمه الله ً:
-1أن ل يركن إليها ول يغتجر بها.
-2أن ل ينهمك في نيلها ويبالغ في استقصائاها.
-3أن يصبر على أداء حق الله فيها.
-4أن ل يصرفها في حراما.
الصبر عن التطلع إلى ما بيد الخرين ،وعن الغترار بما ينعمون به مــن مــال -3
وبنين ،فبعــض قــوما قــارون مــا صــبروا فقــالوا} ً:يــاليت لنــا مثــل مــا أوتــي
قارون{ ،والله تعالى قال} ً:أيحسبون أنما نمدهم به من مال وبنين نســارع
دن عينيك إلى ما متعنا بــه أزواجــا ا لهم في الخيرات بل ل يشعرون{} ،ول تم ر
91
منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه{ } ،إنما أعطيناهم لنفتنهم ورزق ربك
خيفر وأبقى{.
الصـــبر علـــى طاعـــة اللـــه ،وهـــذا أعظـــم أنـــواع الصـــبر وأشـــدها علـــى -4
النفوس} فاعبدها واصطبر لعبادته{ ،اصطبر أكمل وأبلغ من اصــبر فالزيــادة
في المبنى تدل علــى الزيــادة فــي المعنــى }وأمــر أهلــك بالصــلة واصــطبر
عليها{ على الصلة وعلى أمر الزوجة بالصلة ،والصبر على الطاعة لــه ثلث
أحوالً:
قبل الطاعة بتصحيح النية وطرد شوائاب الرياء . -1
ح ال الطاعـة أن ل تغفـل عـن اللـه فيهـا ول تتكاسـل عـن أدائاهـا وتراع ي -2
واجباتها وأركانها والخشوع في الصلة.
مع بــه فــيســ ج
جــب بــه وت ي ط
بعــد الفــراغ منهــا بــأن ل تفشــي مــا عملــت ويتع ط -3
ن والذى{} ،ول تبطلوا أعمالكم{. المجالس}ل تبطلوا صدقاتكم بالم ج
ف على الدعاة الصبر على مشاق الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى فإنه غير خا ن -5
حال الناس اليوما من البعد عن الدين و البعد هذا يستلزما دعوة كبيرة وإنكــارا ا
للمنكرات وصدع بالحق ،عمر بن عبد العزيز لما استشعر المسؤولية الكــبيرة
في تغيير النحرافات المتراكمة من سنوات طويلة في العهود السابقة قــال
" ً:إني أعاجل أمرا ا ل يعين عليه إل الله".!..فنوحا عليه السلما صبر هذا الصبر
العظيم في الدعوة 950سنة ،ألف سنة إل خمسين عاما ا علــى جميــع أنــواع
البتلءات }دعوت قومي ليل ا ونهارا ا فلم يزدهــم دعــائاي إل فــرارا ا { ،وهكــذا
سرا ا وجهارا ا ماترك فرصة إل قاما بالدعوة ،ثم الدعوة ليست عملية سهلة لن
النسان يجد كيد من العــداء وحســد حــتى مــن النــاس الــذين يظنهــم معهــم
والقريبين منــه علــى مــا آتــاها اللــه مــن فضــله فيتمنــون أن يوقــع بــه ويضــر
ويتوقــف ولــذلك لبــد للداعيــة أن يصــبر فــي الــداخل والخــارج ،القريــبين
والبعيدين ،مع الناس الذين هم ضدها علنــا ا أو الــذين يضــمرون لــه الشــر فــي
ن مـن الــذين أوتـوا داخل أنفسهم} ،لتبلون في أموالكم وأنفســكم ولتسـمع ج
ى كــثيرا ا { ،والحــل }..وإن تصــبروا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشــركوا أذ ا
وتتقوا فإن ذلك من عزما المور{ } ،واصبر على ما يقولون واهجرهم هجــرا ا
ل{ ،الرسل كان من رأس مالهم وبضاعتهم الصبر على إيذاء أقوامهم بل جمي ا
ن علــى مــا آذيتمونــا كدوا على ذلــك وقــالت الرســل لقــوامهم } ً:ولنصــبر ج أ ج
كذبت رسل من قبلك فصبروا علــى وعلى الله فليتوكل المتوكلون{} ،ولقد ي
ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا { ،وهكذا يصبر الداعية على طول الطريــق
وعقباته وبطء النصر وتأخرها } ،أما حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يــأتكم مثــل
الذين خلوا من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا حتى يقــول الرســول
والذين آمنوا معه متى نصر الله أل إن نصر اللــه قريــب{} حــتى إذا اســتيئس
الرسل وظنوا أنهم كذبوا جاءهم نصرنا فنجي مــن نشــاء ول يــرد بأســنا عــن
القوما المجرمين{.
إن هناك صبرا ا حين البأس وفي الحرب وعند لقاء العــدو والتحــاما الصــفين -6
فيكون الصبر شرط للنصر والفرار كبيرة ولذلك أوجب الله الثبات}إذا لقيتــم
فئة فــاثبتوا{ وحـذر مـن الفــرار وتــولي الدبــار وعنــدما تضــطرب المعركــة
وينفرط العقد فيكون الصبر أشد }أما حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يعلم اللــه
الذين جاهدوا منكم ويعلم الصابرين{} ،وما محمــد إل رســول قــد خلــت مــن
قبله الرسل أفئن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه
فلن يضر الله شيئاا{ ،وحدثنا الله عن الثلة المؤمنة البقية الباقية بعد عمليات
الترشيح المستمرة في قصة طالوت} ،إن اللــه مبتليكــم بنهــر{وعصــوها مــن
92
قبل ومن بعد وما بقي معه إل قليل} ،فلما جاوزها هــو والــذين آمنــوا معــه{،
حتى الذين جاوزا النهر كان بعضهم استسلميين فقالوا} ً:ل طاقة لنا اليــوما
بجالوت وجنودها{} ،قال الذين يظنون أنهم ملقــوا اللــه كــم مــن فئــة قليلــة
صيبر عنــد اللقــاء ،يصــبرون غلبت فئة كثيرة بإذن الله{ ،لذلك كان المسلمون ي
وكانوا يتناقلون بينهم عبارة " إنما النصر صبير ساعة" ،والمراغمة والمدافعة
الن بين فريقين ،الــذي يصــبر أكــثر هــو الــذي ينتصــر ،فأوصــى اللــه عبــادها
بالصبر على ما يلقونه من ضــرر النــاس وأن ل يقــابلوا الســيئة بمثلهــا } ول
تستوي الحسنة ول السيئة ادفع بــالتي هــي أحســن{ ،فالصــبر يكــون أحيانــا ا
و ،للمربــي علــى أذى للمعلــم علــى أذى التلميــذ ،للداعيــة علــى أذى المــدع ج
المتربي وهكذا ، ..ولــذلك يقــول الخضــر لموســى}ً:إنــك لــن تســتطيع معــي
هد وقال}ً:ستجدني إن شــاء صبراا*وكيف تصبر على مالم تحط به خبرا{ ،فتع ج
الله صابراا{ ،تعهد ولكنه لم يستطع أن يصبر في تلك المواقف ،فــإذا ا الصــبر
له مواقف ومواطن وحالت ومجالت ينبغي علينا أن نكون من الصابرين للــه
فيها...
ماهي السباب المعينة على الصبر؟
جزبلت عليـه مـن المشـقة والعنـاء وأن اللـه
-1المعرفة بطبيعة الحياة الدنيا وما ي
ا
خلق النسان في كبد وأنه كادحا إلى ربه كدحا فملقيــه وأن اللما والتنغيــص
من طبيعة هذها الدنيا والبتلءات}ولنبلوجنكم{..
ر وأنت تريدهاجبلت على كد ن
صفو من اللما والكدار
ومكلف الياما ضد طباعها
متقلب في الماء جذوة نار
ومن ل يعرف هذها الحقيقة سيتفاجأ بالحداث ،أما الذي يعرف طبيعة الحيــاة
الدنيا إذا حصل له أي ابتلء ومنغصات فإن المر عندها يهون.
-2اليمان بأن الدنيا كلها ملك لله تعــالى ،يعطــي مــن يشــاء ويمنــع مــن يشــاء،
}ومابكم من نعمة فمن اللــه{ ،ولــذلك النســان إذا حــرما مــن شــيء وابتلــي
يقول} ً:إنا لله وإنا إليــه راجعــون{ ،ل يوجــد كلمــة أبلــغ فــي علج المصــاب
وأنفع له عند المصيبة من تذكير العبد نفسه بهذين الصلين .والــدنيا فانيــة،
والعبد وأهله وماله ملــك للــه ،والمــال وأولدها جعلــوا عنــدها عاري جــة ،وصــاحب
العارية متى ما شاء استردها ،ومصير الناس العودة إلى الله سبحانه وتعالى.
وأما سليم لما فقهت هذا كان لها مع أبي طلحة ذلك الموقف المشهور فلمــا
مات ولدها الذي يحبه فقالت ) ً:يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما ا أعاروا أهل بيت
عارية فطلبوا عاريتهم ألهم أن يمنعوهم؟(قال ً:ل ..إن العارية مؤداة ،قالتً:
) إن الله أعارنا فلنا ا – ولدنا -ثم أخذها منا( فاسترجع..
-3معرفة الجزاء والثواب على هذا الصبر ..وقد تقدما ذكر شيء من هذا} ..نعم
أجـر الع املين الـذين صـبروا وعلـى ربهـم يتوكلـون{ ،يوفـون أجرهـم بغيـر
حساب..
-4الثقة بحصول الفرج ،والله جعل مــع كــل عســر يســرين رحمــة منــه عزوجــل
}فإن مع العسر يسرا ا إن مع العسر يسراا{ ،العسر معرفة بأل ،و يسر نكرة ،
ن ،ولن يغلب عسفر يسرين .والله تعالى جعل فالعسر هو نفسه و يسر يسر فثا ن
اليسر مع العسر وليس بعدها ،ولــذلك فــالله ينــزل المعونــة علــى قــدر البلء،
فنك الــذين ل واللــه ل يخلــف الميعــاد} ،فاصــبر إن وعــد اللــه حــق ول يســتخ ج
يوقنون{ ،والفجر ينبلج ولو بعد ليل طويل..
93
اشتدي يا أزمة
تنفرجي
قد آذن ليلك بالبلج
يعقوب صبر علـى فقــد يوســف والولــد الثــاني ،وقــال } ً:فصــبر جميــل{ ل
خط فيه ول جزع ،وقال } ً:عســى اللــه أن يــأتيني بهــم جميعــاا{ ،فبعــض تس ج
ج ا
النــاس يصــبرون صــبرا غيــر جميــل ،والصــبر الجميــل ليــس فيــه تشــكي
للمخلوقين}،إنما أشكو بذثي وحزني إلى الله{ وليس إليكم.
-5الستعانة بالله تعالى واللجوء إلى حماها وطلبة معونته سبحانه،قالها موســى
لقومه} ً:إن الرض للــه يورثهــا مــن يشــاء مــن عبــادها والعاقبــة للمتقيــن{ ،
وحاجة الصابرين إلى الستعانة عظيمة جدا ا ولذلك كان التوكل جانبا ا للمعونة
من الله } إل الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون{.
-6اليمان بالقضاء والقدر من أعظم ما يعيــن علــى الصــبر ،وأن يعلــم العبــد أن
قضاء الله نافذ وأن يستسلم لما قضاها وقدرها مما ل حيلة له بــه} ،مــا أصــاب
من مصيبة في الرض ول في أنفسكم إل في كتاب من قبل أن نبرأها { ،ثــم
كي والتضــجر ل إن العبد يعلم أن الجــزع والهلــع والتــبرما والعــتراض والتشــ ج
ل إل بالصبر ،والعاقل يفعل فــي أول يــوما يجدي شيئا ا ول يعيد مفقودا ا فل ح ج
من المصيبة ما يفعله الجاهل بعد سبعة أياما ،!..أي يستسلم.
آفات في طريق الصبر
-1قضية الســتعجال }خلــق النســان مــن عجــل{ ،النســان يجــب أن يصــبر
ويتأنى والثمـرة تـأتي ولـو بعـد حيـن} ،..فاصـبر كمـا صـبر أولـو العـزما مـن
الرسل{..لقد باءت دعوات بالفشل ..لماذا؟ ..لن أصحابها لم يصبروا..
-2الغضب ينافي الصبر ،ولذلك لما خرج يونس مغاضبا ا قومه ابتلها الله بالحوت،
فتعلــم الصــبر فــي بطــن الحــوت} فاصــبر لحكــم ربــك ول تكــن كصــاحب
الحوت{ ،..ولول أنه كان من المسجبحين قبل أن يبتلعه الحوت للبث في بطنه
إلى يوما يبعث ون ،ل ذلك العبـادة فـي وقـت الرخـاء تجلـب الفـرج فـي وقـت
الشدة ،تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة ،ولذلك لما نــادى يــونس
في بطن الحوت؛ عرفت الملئاكة صوته لنها كانت تسمعه وهو يذكر الله في
حال الرخاء..
-3اليأس أعظم عوائاق الصبر ،ولذلك حــذر يعقــوب أولدها منــه }يــا بنـي اذهبــوا
فتحسسوا من يوسف وأخيه ول تيأسوا من روحا الله{ }.ول تهنوا ول تحزنوا
وأنتم العلون{} ،والله معكم ولن يتركم أعمالكم{ ،إذا ا إضاءة شــمعة المــل
دواء اليأس والستعانة بالله هي المل ،لن الله ل يخيب ول يضيع مــن رجــاها
ويأتي الفرج ولو بعد حين..
التأمل في قصــص الصــابرين مــن أعظــم الســباب المعينــة
على الصبرً:
حا عليه السلما صبر في دعوته لقومه صبرا ا عظيمــا ا داما ألــف ســنة إل فهذا نو ف
ا
خمسين عاما جاهد ودعوة ،وصبر على اليــذاء والســخرية ،اتهمــوها بــالجنون
والسحر والضلل وهو يقابل ذلك بالصبر حتى قــالوا} ً:لئــن لـم تنتــه يــا نــوحا
لتكونن من المرجومين{ ،وصبر..
إبراهيم تعرض لمحنة عظيمة ويصبر صبر الموحد الموقن بوعد الله ،حتى لما
مــر بذبــح ولــدها ي
ألقي في النار قال} ً:حسبي الله ونعم الوكيل{ ،حــتى لمــا أ ز
94
م بذبح الولد ،وأخــذ الســكين وأضــطجع الولــد استســلما ا لمــر اللــه، صبر وه ج
والله ابتلها بهذا المر فصبر.
وموسى واجه التهديد واليذاء من قومه وقوما فرعــون قبلهــم ،فصــبر علــى
دعوة قومين!.
والنبي صلى الله عليه وسلم قال لما تذكرأخيه موسى } ً:يرحم الله موســى
قد أوذي بأكثر من هذا فصبر{.
مر بترك ولدها وهو حـديث عهـد ولدة ،وقـد كــان عقيمـا ا ،جـاءها ي
إبراهيم لما أ ز
اسماعيل بعد سنوات طويلة جدا ا وهو شيخ كبير ،وجاءها المر من اللــه اتركــه
وأمه فــي واند غيــر ذي زرع! ،مانــال الخليــل هــذها المرتبــة مــن شــيء قليــل،
فمضى ولم يلتفت ولم يتحسر ولم يتردد ،حتى قالت هاجر ً:لمن تتركنا؟آلله
أمرك بهذا؟ قال ً:نعم ،فرجع للشــاما ورزقــه اللــه مــن ســارة بإســحاق ومــن
ورائاه يعقوب.
وعيسى عانى من بني إسرائايل من التهم الباطلة ،تآمروا على قتلــه وصــلبه
وصبر حتى رفعه الله إليه.
وخاتم النبياء صلى الله عليه وسلم كم تعرض للذى والضطهاد ،قــالوا عنــه
مجنون ساحر كذاب خائان ،وأشد شيء على الصــادق أن يتهــم بالكــذب ,أشــد
شيء على العاقل أن يقال عنه مجنون ،وأشــد شــيء علــى الميــن أن يتهــم
بالخيانة ،وأشد شيء على المؤمن أن يقال عنه شــاعر ســاحر بــه جن جــة ،وهــو
أكمل الخلق وأصدقهم وأعقلهم ،ووضعوا الشوك وأخرجوها من بلدها ،وذهب
س بالضــطهاد وخــرج مــن مكــة ل للطائاف يعرض نفسه علــى القبائاــل ،وأحــ ج
يــدري مــن الهــم لــم يســتفق إلــى فــي قــرن الثعــالب ،حــتى تــآمروا علــى
قتله}لييثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك{ ،وقتلوا بعض أصحابه وعذبوا بعضــهم،
وأشد شيء على النبي أن يرى أتباعه يضطهدون ويقتلون أمامه ،يمر عليهم
فيقول ) ً:صبرا ا آل ياسر فإن موعدكم الجنة( ،وهكــذا صــبر صــلى اللــه عليــه
دى المانــة حــتى لمــا ذهــب وسلم حتى أتاها اليقين مــن رب جــه بل جــغ الرســالة وأ ج
فت لنه عانى مــن المنــافقين معانــاة ن أن مجالت الصبر قد خ ج المدينة ل ي يظط ج
عظيمة ،يكفي حادثــة الفــك ،وصــبر علــى كيــد اليهــود ،ووضــعوا لــه الســم،
وكانت نوبات الحمى تنتابه حتى مات في آخر نوبة منها فكان في ذلــك أجلــه
وهكذا أصحابه ،بلل ،سمية،صهيب،عمــار ،مقــداد ،أبــو بكــر ،صــهروهم فــي
الشمس وعذبوهم..
وهذا الصحابي خبيب ،يسجن ليقتل ويصلب..
ولست أبالي حين أقتل
مسلما ا
ب كان في الله على أي جن ن
مصرعي
قزتل أبوها وأخوها وزوجها في يوما أحد فصــبرت علــى مــا حصــل المرأة التي ي
لها من هذها القدار ،فماتوا في رفعــة الــدين ونصــرة الــدين وجهــاد الكفــار،
وهكذا سار على هذا المنوال التابعون وتابعو التابعين..
عروة بن الزبير من أفاضل التابعين وأخيار التابعين ،كان له ولد اسمه محمــد
من أحسن الناس وجهاا ،دخل على الوليد في ثياب جميلة فقال الوليــدً:هكــذا
تكون فتيان قريش ،ول دعا بالبركة فقالوا أنه أصابه بالعين،خرج هــذا محمــد
بن عروة بن الزبير من المجلس فوقع في اصطبل للدواب فل زالــت الــدواب
تطأها حتى مات ،ثم مباشرة وقعت الكلة)الغرغرينا(في رجــل عــروة وقــالوا
لبد من نشــرها بالمنشــار وقطعهــا حــتى ل تســري لمــاكن الجســد فيهلــك،
95
فنشروها فلما وصل المنشــار إلــى القصــبة)وط الســاق( وضــع رأســه علــى
در مــن وجهــه وهــو يهلــل ويكب جــر الوسادة فغشي عليه ثم أفــاق والعــرق يتحــ ج
ويذكر الله ،فأخذها وجعل يقلبها ويقبلها في يدها وقال)) ً:أما والذي حملنــي
عليك إنه ليعلم أنني ما مشيت بك إلــى حــراما ول إلــى معصــية ول إلــى مــا ل
يرضي الله(( ،ثم أمر بها فغســلت وطيبــت وكفنــت وأمــر بهــا أن تقــدما إلــى
المقبرة ،لما جاء من السفر بعد أن بترت رجله وفقد ولدها قال لقد لقينا مــن
سفرنا هذا نصبا ا ،ولما قالوا ً:نسقيك شيئا ا يزيل عقلــك؟قــال ً:إنمــا ابتلنــي
ليرى صبري ،ورفض.
أبوقلبة ممن ابتلي في بــدنه ودينــه،وأريــدعلى القضــاء وهــرب إلــى الشــاما
فمات بعريضة وقد ذهبت يداها ورجلها وبصرها وهو مع ذلك حامد شاكر.
أحمد بــن بنصــر الخزاعــي مــن كبــار علمــاء الســلف كــان قــوال ا بــالحق آمــرا ا
بالمعروف ،نهاءا عن المنكر ،ثبت في محنة خلق القرآن ،حملوها إلــى ســامراء
فجلس مقيدا ا وعرض عليه الرجوع عن القول بأن القــرآن كلما اللــه المنــزل
وعــرض عليــه القــول بخلــق القــرآن فرفــض ،وقــاموا عليــه بحــرب نفســية
وجسدية ،..فيقوما القاضي عند خليفة السوء فيقول إنه حلل الدما ،ووافقــه
من كان حاضراا ،وأحمد بن أبي دؤاد قال شيخ كبير ،يتظاهر بالشــفقة عليــه،
فقال الخليفةً:ما أراها إل مؤديا ا لكفرها فأخذ السيف وقال إني أحتسب خطاي
إلى هذا الكافر ،!..فضرب به عنقه بعد أن مــدوا رأســه بحبــل ،ونصــب رأســه
بالجانب الشرقي من بغداد ،يقول أحد أهــل العلــم جعفــر بــن محمــد الصــائاغ
قت زــل قــال رأســه ل إلــه إل اللــه وهــذا مــن رأيت أحمد بن نصر الخزاعي حين ي
كراماته رحمه الله ،قال الماما أحمد رحمه الله عنه ً:جاد بنفسه فــي ســبيل
الله.
مل هــو ومحمــد بــن ح ز والماما أحمد نفسه كيف صبر في محنة خلق القرآن؟ ،ي
مـل إلـى الم أمون، ح ز نوحا وهو شاب وليس عالما ا لكن صبر مع الماما أحمد ،ف ي
يشاء الله أن محمد بن نوحا يمرض ويوصي الماما أحمد ً:أنت إماما وأنــا أمــوت
ول أحد يأبه لي ،فاصبر ،..ويموت محمــد فــي الطريــق ،ويؤخــذ المــاما أحمــد
رحمه الله مقيد ،ودخل عليه بعض الناس قبل الدخول على الخليفــة ) هنــاك
أحاديث في التقية والمرء عند الشدة يمكن أن يوذري حتى تمض ي العاصـفة(،
شر أحــدهم بالمنشــار قال ً:كيف تصنعون بحديث خجباب؟ إنه من كان قبلكم يين ط
ثم ل يصدها ذلك عن دينــه فيئسـوا منـه وتركـوها ،وقـال اللهــم ل ترينـي وجــه
المأمون،فم ات الم أمون قبـل أن يصـل أحمـد ،ووصـل الخليفـة الـذي بعـدها
والمحنة مازالت مستمرة ،فيقول له ً:يا أحمد إنها والله نفسك ،إنه ل يقتلــك
ظر ابــن أبــي دؤاد، بالسيف ولكن يضربك ضربا ا بعد ضرب حتى تموت ،قال نا ط
فأسكت ،هاتوا شيء من القرآن أقول به ،هاتوا شيء من السنة أقول بــه فل
يأتون بدليل ،يقول الخليفـة لحمــد ً:تعــرف صـالح الرشــيدي؟،قـال ً:ســمعت
باسمه ،قالً:كان مؤدبي ،فسألته عن القرآن فخالفني ،ولما خــالفني وأصــر
ب حتى مات ،قـال ً:ه اتوا ي
ح ط
س ز
مرت به فوطيء و ي على أن القرآن غير مخلوق أ ز
العقابين والسياط ،قالً:اءتوني بغيرها ،ثم قال الخليفة للجلديــن ً:تقــدموا
واضربوها ،وربطوا الماما أحمد ،وكل فرد منهم يضرب سوطين و بــأقوى مــا
عندها ويقول الخليفة للجلد ً:شدج يدا ا قطع الله يدك،..لينال أحمــد رحمــه اللــه
ما تقتل نفسك إنــي أعظم العذاب بالضرب على أيديهم ،ثم يقول الخليفة عل ط
عليك لشفيق وجعل ذلك القائام على رأسه الحــارس ينخســه بالســيف ،وذاك
يقول ويحك يا أحمد ما أجبتني ،أجبني إلى أي شيء يكون لك فيه فرج حــتى
أطلقك فيقول ً:يا أمير المــؤمنين أعطنــي شــيئا ا مــن كتــاب اللــه ومــن ســنة
96
رسول الله صلى اللـه عليــه وســلم ،ثـم يـأتي الجلد ويضــرب وهكـذا تسـتمر
عملية الضرب حتى قال ذهب عقلي فأفقت والقياد في يدي فقال لي رجل
كببناك على وجهك وجعلنا فوقك حصيرا ا ووطئنا عليك فقال ماشعرت بذلك،
أتوني بأكل فقلت ل أفطر وكان صائاماا ،ثم جاؤوا به والــدما يســيل فــي ثــوبه
فصلى فقال أحدهم ً:صليت والدما يسيل في ثوبــك؟ قـال أحمـدً:صــلى عمــر
عــلج زخجلي عنه بعــد 28شـهراا ،ثـم ي
وجرحه يثعب دماا ،ثم مكث في السجن ثم ي
في القامة الجبرية ،في بيته ،وليس هناك أصعب على العالم من أن يتوقــف
عن نشر العلم ،سئل أحدهم عن الماما أحمد رحمه اللــه فقــال ً:رجــل هــانت
عليه نفسه في سبيل اللــه فبــذلها كمــا هــانت علــى بلل نفســه ،لــول أحمــد
لذهب السلما.
فيا ضعيف العزما الطريق طويل..تعب فيه آدما ..وجاهد فيه نوحا ..وألقي في
النــار إبراهيــم ..واضــطجع للذبــح إســماعيل ..وشــق بالمنشــار زكريــا وذبــح
الحصــور يحيــى وقاســى الضــر أيــوب وزاد علــى المقــدار بكــاء داود ،واتهــم
بالسحر والجنون نبي الله الكريم وكسرت رباعيته وشج رأسه ووجهــه و ي
قت زــل
عمــر مطعونــا ا وذو النــورين علــي والحســين وســعيد بــن جــبير وعــذب ابــن
المسيب ومالك ،..فالشاهد أنه في النهاية ل سبيل إل الصبر..
ولذلك يقول عمر رضي الله عنه )) ً:أدركنا أفضل عيشنا بالصبر((،يعنــي مــا
طابت الحياة إل بالصــبر مــع مافيهــا مــن المنغصــات والشــدائاد ،فهــو العمــل
القلبي الذي تطيب معه الحياة ول تطيب بدونه ،ولذلك ينبغي على العبد أن ل
يفعل شيئا ا ينافي الصبر ،مثــل شــكوى الخــالق للمخلــوق والتــبرما والتضــجر
فإما أن يخبر النسان الطبيب بعلته ليداويه فل بأس..
والنين ..اللم ..ما يحــدث مــن صــوت مــن المريــض المتــألم ،..هنــاك أنيــن
استراحة وتفريح فل يكرها ،وأنين شكوى فيكرها ففيه تفصيله..
ومما ينافي الصبر ما يحدث من النائاحات وغيرهم وحتى من الرجال الن مــن
لطــم الــرأس والخــد و ضــرب الــوجه باليــدين والكفيــن والنياحــة ..واويلها..
واثبوراها..
ولذلك فإن المسلم عليــه أن يتقــي اللــه ســبحانه وتعــالى وأن يســلك ســبيل
الصابرين ،نسأل الله عزوجل أن يجعلنا منهم ،وأن يرزقنا هذا الخلق الكريم،
إنه جواد كريم..
97
نعم لكنها معصية واجبة ،يجب أن تعصــي زوجهــا لنــه ل طاعــة لمخلــوق فــي
معصية الخالق ،وهناك طاعة أوجب من طاعة الزوج.
كلما المرأة في البال توك مع الرجال؟
باب فتنة عظيم ،وسبق التنبيه عليه والتحذير منه ،والتي تريد أن تكتب شــيئا ا
في مكان بأسلوب شرعي مـؤدب تكتـب وييعل جــق أمـا الحـوارات المباشــرة فل
لنها طريق فتنة.
إذا لم تدرس فإن أمها ستغضب عليها والدراسة فيها منكرات؟
ل طاعة لمخلوق في طاعــة الخــالق ،فــإذا كــانت الدراســة مختلطــة ،والبنــت
عليها خوف وخشية من هذها الماكن المختلطة ،فإنها ل تطيع أمهــا ول أباهــا
في هذا ،وتنتظر فرج الله بزوج ينقذها من المحنة التي هي فيها.
ذهبنا إلى مكة لزيارة أحد الصدقاء،وأدوا صلة العصر ،هل يلزما الحراما؟
من أدى عمرة الفريضة من قبل فل يلزمه أن يــدخل مكــة محرمــاا ،لن النــبي
صلى الله عليه وسلم دخل مكة وقـد دخـل وعلـى رأس ه المغفـر ،م اداما أدى
عمرة وحج الفريضة فل يجب عليه الحراما ولو كان في وقت الحج.
98