Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 3

‫المرحلة ‪ :‬الثالثة‬ ‫المادة ‪ :‬جغرافية المدن‬

‫أستاذ المادة ‪ :‬م‪.‬م‪ .‬رويده فؤاد‬ ‫المحاضرة ‪ :‬الثالثة‬

‫الموقع والموضع‬

‫يحاول جغرافيو المدن إيضاح مفهومي الموضع ‪ Site‬والموقع ‪ Situation‬للمدينة ‪ .‬ويعود‬


‫الى راتزل الفضل في التفريق بينهما وموضع المدينة محدودة تقوم عليها المدينة ضمن حدودها‬
‫االدارية او تلك التي تحتلها مساحتها المعمورة ‪ .‬اما الموقع فيمثل دراسة مساحة أوسع من ذلك‬
‫تكشف عن مركز المدينة وعن عالقاتها بمساحات اوسع تحيط بها ‪ .‬ولذلك فقد عبر عن الموضع‬
‫على انه نقطة بينما عبر عن الموقع بأنه منطقة ‪ .‬وقد تتغير المدينة او يختار لها عدة مواضع‬
‫ضمن منطقة معينة ‪ .‬ولكن قبل االسترسال بإلقاء الضوء على كل منهما البد من التعرض الى‬
‫الموقع الفلكي ‪ Location‬وهو نقطة يمكن تحديدها بكل صرامة تكشف عن مكان المدينة بالنسبة‬
‫لخطوط الطول والعرض باإلشارة الى شبكة معينة منسوبة الى الشمس ولكل مدينة موقعها المنفرد‬
‫الذي ال يشاركها فيه غيرها ‪.‬‬

‫ويمكن تعريف الموضع على انه دراسة الظواهر الطبيعية كالتضاريس ودرجة انحدار االرض‬
‫وتركيبها الجيولوجي والمياه ومصادرها والمناطق المعرضة إلخطار الفيضان واحتمال تعرضها‬
‫للهزات األرضية والبراكين ومن ثم الطقس والمناخ لألرض التي تقوم عليها المدينة ‪.‬‬

‫أما الموقع فيقصد به دراسة الظواهر الطبيعية المشار اليها للمنطقة التي تدعي بإقليم المدينة‬
‫أو ظهيرتها ‪ Hinterland‬أو المنطقة المحيطة بالمدينة والتي ترتبط بصالت وثيقة بها وذات‬
‫تأثيرات متبادلة معها ‪ ,‬ولها دورها في صقل شخصية هذه المدينة ‪.‬‬

‫وقد تعرف المواقع على انها األماكن الحرجة او النقاط الحساسة الحيوية على صفحة االرض‬
‫الالندسكيب بمعناها الطبيعي والبشري ‪ .‬واألصل في نظرية الموقع هو االنقطاع ‪ ,‬وجانب من‬
‫االنقطاع طبيعي كانقطاع األقاليم األرضية كالماء واليابس والسهل والجبل واالستبس والغاية‬
‫والمعمور والالمعمور اما الجانب االخر فانقطاع بشري من السفينة الى القطار ومن عربات السهل‬
‫الى دواب الممر الجبلي ‪ .‬وما بين حدود دولة وأخرى ‪ ,‬فالتباين األرضي يخلق االنقطاع سواء‬
‫باالستقرار او بالحركة وكال النوعين من االنقطاع يخلق المواقع المدينة ‪.‬‬

‫وهناك أنواع عديدة لمواقع المدن وقيامها منها ما أوجدتها طبيعة التضاريس وأخرى خلقها نشاط‬
‫اإلنسان ومن هذه األنواع ‪-:‬‬

‫‪1‬‬
‫‪ )1‬المواقع العقدية ‪:‬‬

‫ومن أمثلتها المدن التي تقوم عند تالقي األنهار او تقاطع الوديان وممرات وفتحات الجبال فهي‬
‫مواقع عقدية طبيعية ‪ ,‬وهنالك مدن تتغير فيها وسائل النقل من السكك الحديدية الى طرق النقل‬
‫بالسيارات مثال ويطلق عليها مواقع عقدية مكتسبة ومن تلك المدن ذات المواقع العقدية القاهرة‬
‫والخرطوم وفينا عند تالقي األنهار او تفرعها وكذلك مدينة ديترويت في نهاية بحيرة أيرى وشيكاغو‬
‫عند نهاية بحيرة ميشغان ما بين شرق وغرب الواليات المتحدة األمريكية ‪.‬‬

‫‪ )2‬المواقع البؤرية ‪:‬‬

‫وهي المدن التي تقع في الوسط الهندسي للسهول المنبسطة حيث تمثل مركز استقطاب لتلك‬
‫السهول ‪ .‬ومن أمثلتها برلين بؤرة والسهل األلماني وموسكو قلب سهول شرق أوربا وميالنو في‬
‫سهل لمبارديا وباريس مركز استقطاب حوض باريس ‪ .‬وقد تمثل بعض الجزر بؤرة تتجمع عندها‬
‫خطوط المالحة كما هي الحال في موقع جزر هاواي كمركز لحوض المحيط الهادي الشمالي ‪.‬‬

‫‪ )3‬المركزية ‪:‬‬

‫وهي تقترب من فكرة البؤرية اال انها قد تتوسط بيئات متباينة كما هي الحال في بغداد حيث تتوسط‬
‫العراق والقاهرة التي تحتل موقعا وسطيا ما بين الدلتا والصعيد ‪.‬‬

‫‪ )4‬الهامشية ‪:‬‬

‫وهي التي تقع على حافة األقاليم ‪ .‬وليس بالضرورة ان تكون الهامشية مواقع غير ذات أهمية فعالة‬
‫‪ ,‬فكثي ار من مواقع الموانئ تمثل مواقع هامشية اال انها بوابات لظهيرة واسعة تقع خلفها كما هو‬
‫الحال في موقع بوينس أيرس كبوابة للسهول البمباس الغنية ‪ .‬ونيويورك بوابة الميدلند األمريكي‬
‫واإلسكندرية في مصر وشنغهاي في الصين والبصرة في العراق ‪.‬‬

‫‪ )5‬المواقع البينية ‪:‬‬

‫وهي تلك المواقع التي تؤدي الى نشوء مدن ما بين بيئتين او إقليمين هامين ‪ ,‬ومن أمثلتها سنغافورة‬
‫ما بين المحيطين الهادي والهندي ودمشق التي تقع ما بين الساحل السوري وارض ما بين النهرين‬
‫‪ .‬واذا ما تم تمييز أنواع من المواقع ‪ ,‬فباالستطاعة أيضاً تصنيف أنواع من المواضع ومن تلك ‪:‬‬
‫المواضع النهرية كالقاهرة وبغداد والساحلية كالجزائر وبيروت والجبلية كالسليمانية وصنعاء ومواضع‬
‫الوديان كموضع مكة المكرمة وقد تقوم بعض المواضع االولى التي تتبلور حولها المدن على جزر‬
‫بحرية او نهرية صغيرة كما هو الحال بالنسبة لمدينة البندقية او مدينة نيويورك ومدينة باريس ‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫وتعتبر المواضع السهلية أفضل أنواع المواضع بالنسبة إلمكانية توسع المدينة مستقبل وقد تكون‬
‫للمواضع الجبلية خصوصيتها كمواضع دفاعية محصنة وكلك الحال بالنسبة للجزر ‪.‬‬

‫ومن اجل ان نوضح فكرة الموقع والموضع سنتخذ من بغداد مثال تطبيقيا على ذلك ‪ .‬تقع بغداد‬
‫بحدودها االدارية ( البلدية ) على جانبي دجلة ما بين خطي عرض (‪ )33,11‬و (‪ )33,29‬وخطي‬
‫طول (‪ )4410‬و(‪ )4435‬شرقا ‪ .‬وتحتل هذه المدينة موقعا مثاليا عقديا ما بين الشمال الجبلي‬
‫من جهة والجنوب السهل المنخفض من جهة اخرى ( اذ انها تكون اقرب الى رأس الدلتا او شمال‬
‫السهل الرسوبي ) ‪ .‬وما بين الهضبة من الغرب والسهول المروحية من الشرق ‪ .‬وهي فضال عن‬
‫ذلك تقوم عند خاصرة الرافدين في موقع أوسطي من العراق غير منازع فهي تجمع ما بين العقدية‬
‫والمركزية في آن ‪ .‬وبالرغم من انها تقوم على دجلة اال ان بعض المناطق المحيطة بها ترتوي من‬
‫الفرات وتفرعاته (الصقالوية وأبو غريب واليوسفية) كما هي الحال في مناطق أبي غريب والمحمودية‬
‫واليوسفية او ديالى كما في األقسام الجنوبية منها ‪ .‬وهي كعاصمة للعراق يكاد يكون موقعها‬
‫الهندسي مثاليا بالنسبة ألجزائه المختلفة ‪ ,‬وذلك ألنها تبعد عن الحدود السياسية للقطر بمسافات‬
‫متساوية تقريباً ‪ ,‬باستثناء ميالن قليل الى الشرق ‪ ,‬فهي تبعد لمسافة ‪ 150‬كم عن الحدود الشرقية‬
‫و‪ 450‬كم عن الحدود الغربية و‪500‬كم عن الحدود الشمالية و‪ 550‬كم عن الحدود الجنوبية ‪.‬‬

‫‪3‬‬

You might also like