Professional Documents
Culture Documents
Maani
Maani
للباحثين الكاتبين
الريشة الذهبية
ما أجمل معاني المعاني في المعنى الذي له معنى ،إذ يظهر أن ل معنى في ما ليس بمعنى
يدل على المعنى .فإن قيل وما المعنى ؟ يقال إن المعنى يعننى به شيء له معنى ،مظهرا لكل
ما ليس فيه معنى ،يدل على معاني الشياء الظاهرة في معناها الحقيقي .فالمعنى كعنوان
لشيء يدل على شيء آخر ،له معنى آخر غير ظاهر في معناه .لن له معنى آخر غيبيا
حقيقيا ،أعطى له معنى أنه شيء يعنى به شيء ،فذاك هو المعنى .وإن قيل فما معنى
المعنى ؟ يقال :ل معنى في ما ليس فيه معنى ،الصألي لكل معنى .فإن قيل :إن هذا غير
مفهوم ،يرد بجواب على سأؤال غير مطروح ،بمعنى أن الفهم يقال فهم لوجود معان
أعطيت معنى لشيء مجهول عرف معناه بما هو مفهوم .فهناك ما وراء الفهم والمفهوم يفهم
به أن كل ما يفهم به النسان إنما هو فهم يدل على فهم عرف بفهم مفهوم ،وليس بفهم نفسه ،
ولو قيل ما معنى هذا ؟ يقال إن هذا إشارة إلى معنى قيل عنه غير مفهوم ،بينما كان الفهم
بعدم الفهم بمعنى ل يعني ما ففهم أنه فهم غير مفهوم في كل هذا .فكل تستعمل عند جمع فهم
كان مفهوما أو غير مفهوم ،له معنى أو خال من كل معنى ل يعني ما يفهم في كل .وفي ،
هي جمع لفهم في فهم لعطائه معنى على أنه مفهوم في معناه الذي يعني أن فيه فهما مدركا
بفهم المعنى المدرك في المفهوم ،وإدراك الفهم ل يكون إل إذا أدرك فهم المفهوم
نفسه ،بوجود معنى يعطي له فهما مفهوما أعطي للنسان ليفهم به ،فكان الكلم المعقول
هو كلم يعتبر ككلم لدليل الفهم ،ولدراك معنى الكلم المنطوق به أو المكتوب بإثبات
فهم معقول على حسب ما يفهمه النسان .ولو لم يكن هذا ،لكان كل كلم يقال مجرد كلم
ل يفهم في معناه ،وبفقدان الفهم ل يعتبر الكلم ككلم مفهوم في ما يعنى به إذا أردنا فهما
لمعناه المدرك بالعقل ،قيل ما السؤال ؟ يقال إن هذا سأؤال نفسه ،فالسؤال سأؤال ،وإن
أعطي له معنى يصبح سأؤال ،وإن قيل ما الدليل قيل إن – ما – لها معنى وجود سأؤال
كماذا .ولو قيل فماذا ماذا ؟ يقال وجود – ما – يعني معنى – ذا – ،إذا يوجد شيء
يعنى به شيء آخر موجود دلت عليه – فاء – فأصأبح السؤال معناه في المعنى أن له
كلماا يطرح كطلب لفهم شيء كلمه السابق له كان هو السؤال ،ولو لم يكن الليل والنهار
لسأتفسر النسان عن معنى عدم وجود الليل والنهار ،وما يسعى الوضع بينهما ،وهذا
الوضع هو الفلق يوضح أن بين
5
معنيين معنى يعنى المعنيين في آن واحد له معنى آخر ل يعني المعنى الول ،إن الفهم
الثالث بين كل فهمين كان وسأيلة اعتماد الفهوم الكونية الغير المفهومة بالفهم الول أو الفهم
الثاني ،واعتمد القدماء على هذا النمط من الفهم سأعيا وراء معرفة أسأباب الكون ومعرفة
الخالق بنفسه أو التصال معه ،وكانت هذه الفهوم فوق كل فلسفة ،وفوق كل أصأول النحـو
المعروفة ،وتسمى بالعلوم اللدنية عند المتصوفة ،واسأمها الحقيقي معروف بالفهوم النمطية
.فهم القدماء بمعنى الفهم المجرد عن المعنى الغير المدرك ،أن الرجل رجل والمرأة امرأة ،
فالفهم يعني الرجل ،والفهم الثاني يعني المرأة ،ولكنهم بحثوا في معنى فهم يعطي فهما آخر
يعنى به فهم الرجل والمرأة إذا ما اختلطا بينهما ،هل يصبح الوضع في هذا الحال وضع
الرجل أم وضع المرأة أم كلهما ،أو اضمحلل علمة الرجولة وعلمة ،النوثة فظنوا أن
خلطهما يعني معنى أن هذا الوضع وضع ألوهية .ووضعت الوضاع النمطية والطلسأم
الخلطية لخلط القوى الكامنة في الرجل والمرأة للوصأول إلى النمط اللهي .ولم يكن هذا
بالمكان ،لن الخلط مثل هذا حتى ولو كان بخلط القوى يصبح الوضع المفهوم معناه فـي
خلطه غير مفهوم ،فل يعرف في ذلك أرجل هذا أم امرأة ؟ ودون الفهم الول والثانـي ،
دخل المعنى الحقيقي الذي يعني النملننك ،إذ ل أنوثة له ول ذكورة ،فالرجل هو المعنى الول،
والمرأة تعني وجود الرجل ،والنملننك معناه دليل الفهم الثالث أنه ليس برجل ول بامرأة
يعني معناه أن له معنى كامنا فيه يجعل سأره ،والخلط الول يعني بمعنى أنه ليس له معنى
يدل على معناه الحقيقي ،إن الذكورة ل تعني النوثة ،والنوثة ل تعني الذكورة ،فكانت
المباشرة بين الرجل والمرأة هي التي تعني المعنى بالتحام القوتين وجعلهما في وضع فيه
ذكورة وأنوثة ،تعني في معناها الحقيقي ،أن الرجل والمرأة بشر لوجود المباشرة تعنى في
معناها جمعا لمعنى ليس له دليل عن معناه الحقيقي ،إل بمفهوم في الفهم .أن بهذه المباشرة
يعني أن الرجل والمرأة في اجتماعهما معناه أنهما ليسا إلهين .بحث النسان منذ القديم عن
فهم ثالث يكون كل معناه ل يعني ما هو مفهوما ظاهريا بل يعني فهما وراء الفهم الذي
ظهر معناه .كان البحث في الكون عن الكون نفسه في أي كون هو كائن ،ثم ما وراءه :
أكون هـو أو كائن ؟ كل شيء في الكون قوتان ،والقوة الثالثة جامعة للثنتين ،ولم تدرك
في مفـهوم معناها ل قوة ول معنى ،إذ كان التساؤل هل القوتان منها ،أو انفصال يعني
معنى آخـر لشيء لم يكن شيئا مفهوما ،وليس كمثله شيء ،مما له معنى بين المعاني ؟ قيل
للناس إن مـا يبحثون عنه بين معاني المعاني في معنى المعنى هو ا ،وقيل لهم أن ليس
كمثله شيء وهـو السميع البصير ،ولم يكن القتناع بما أعطي من فهم ،لـيس فيـه معنـى
الفـهم نفسه ،أو الدراك في معناه .وبحث النسان عن الخالق بفهم الفهم الثالث ،
وتركزت البحوث كلها عن خالق كون في الكون نفسه ،ظنا أن معاني كل شيء وجودي ،
تعني معاني معنى شيء غير وجودي ظاهري .إن الحاضر والمضي فهمان شاملن
لمعنيين ،والغيب فهمهما الثالث ،والغيب معناه شيء غاب معناه ،وليس له معنى يظهره
بين كل المعاني الموجودة ،وكـل شيء موجود مفهوم فهو معنى في نفسه يعني أمرا
غيبيا ل يعرف معناه ،فإن قيل مـا النسان ،وجدنا أن المعنى هو معنى في نفسه ،
نفهم له معنى ظاهريا ،على أن النسان إنسان ،أما المعنى الغيبي عن كنهه في حد ذاته
6 فغيبي ،ول يمكن أن نقول إن النسان من
خالقه ،إذ خالقه هو المعنى نفسه الذي يعني النسان ،لول وجود الوجود هل يكون الوجود
وجود أم وجودا عدميا غيبيا ل معنى له في ظاهر المعاني ؟ والمعنى في هذا هل الخالق
يعرف نفسه بنفسه دون وجود الوجود ،والخلق الذي أعطي به معنى ظهور الشيء الغيبي
العدمي حتى أصأبح ظاهر فهم وجودي ،يعني معنى الشيء الغيبي ؟ ففكر من لم يدرك معنى
التفكير أن ا خلق ليعرف نفسه بالخلق ،ولم يكن هذا صأحيحا لوجود العدم ل إدراك فيه
لفهم ول لمعنى يعني شيئا وجوديا ،وا خالق العدم ،والوجود يستغني عن الخلق كله ،وهو
منفصل كل انفصال ،وفكر النسان في الحياة والموت ،فما الذي بينهما ،وظن كثير أن لو
أدرك معنى الحياة ومعنى الموت في معنى يعنيهما ،لتمكن النسان من إدراك معنى الخلود
دون موت ول حياة ،ولكن معنى الحياة يعني وجود الموت في معناه ،أنه موت فوق الحياة ،
لنه يوقفها ،ولكن في معنى آخر ،فإن الحياة بالخلود توقف الموت ،فهي فوق الموت تعني
قوة اضمحلل معنى غير وجودي يدل على العدم ،فالحياة تدل على الوجود ،والموت يـدل
على العدم ،وبين الوجود والعدم ما هو معناهما مجتمعيين ،وما بينهما في المعنى الثالث
لهما ،لو فكرنا بالتفكير المجرد من معنى عدم وجود التفكير ،لما وجدنا حل يعطي فيه
معنى ،فالعدم والوجود وجودان في كونين مختلفين منفصلين ومرتبطين في عالم ثالث يعني
وجوديا عدميا علمه عند ا .فالعدم حتى ولو لم يكن وجودا فهو موجود ،وكل موجود فهو
منفصل عن خالق الكونين :العدم والوجود ولو فكرنا بعدم التفكير لكان تفكيرنا قوة مـن
التفكير نفسه وعدمه ،فالتفكير معنى لوجود الوجود ،وعدم التفكير له معنى وجود الـعدم ،
لذا اعتمد النسان منذ القديم على توقيف حركة التفكير حتى يتم له فهم المعنى الكامن بينهما ،
وحتى لو بلغ النسان لهذا ،فإن المعنى يبقى معناه أن بالتفكير كان عدم التفكير .وظن
النسان أن العالم الوجودي الظاهري والباطني مسجون فيهما ،وفكر في ما بين الظاهـر
والباطن ،هل بالمكان إدراك بينهما في معناه بالمعنيين الظاهر و الباطن ،إن الظاهـر
والباطن ظاهران باطنان لظاهر حقيقي يعرف بالجنة ،فالجنة جامعة في معناها الوجودي
لكل ما في الباطن والظاهر ،ولم يكن بين الظاهر والباطن خالق الكون ،فكيف يمكن ذلك
وا خلق الكونين العالمين الظاهر والباطن .ولو فكرنا في التفكير نفسه ،لوجدنا معناه في
معانيه وقوته ،له قوتان يتم بهما التفكير ،وبين القوتين نجد العالـم الصوري الذي يـدل
بمعنى واضح على قوتي التفكير والخيال وبينهما الصور التي تعني في معناها وجود تفكير و
خيال يكون بالصور المسجلة في الدماغ ،إن النسان خلق في ظلمات ثلث ،ولو فكر فـي
معنى المعنى ،بكل معاني المعاني الموجودة والعدمية لما بلغ إلى أكثر من فهم ثلثي دل
عليه سأبحانه وتعالى في ما أنزله على النبياء والرسأل عليهم السلم ،فالفهم الثلثي هو مـا
.يصل إلـيه النـسان مـن فـهم لفــهم معانـي الشــياء المــوجــودة على حقيقتها الــوجــودية
إن ما وراء الوجود والعدم وجود وجودي عدمي ،يعني في معناه وجــود الوجــود ووجــود
العدم ،وما وراء الظاهر والباطن في الوجود ،وباطن في العدم الوجودي ،ولم يكن خالق
الكون في العدم حتى يقول النسان إنه إن رجع إلى العدم يرجع إلى خالقه ،ولم يكن الخالق
أصأل الخلق ،بل هو خالق الخلق ،وأصأول الخلق ل يرجع إليه منها شيء ،ولم تكن منه
7
حتى تعطي معنى كامنا فيه معنى وجود الخـالق في الشياء .إن لكل الشياء الظاهريـة
معاني تعني أشياء غيبية ل تدرك معانيها أو سأرها الخلقي ،ومعاني الشياء الغيبية تعني
معاني الشياء الظاهرية ،إن النسان إن يفكر في نفسه بأن له حياة وحركة ،ويفكر في
الشياء الجامدة ،فالشياء الجامدة والشياء الحية معناهما في المعاني ،وجود مادة متحركـة
،وأخرى غير متحركة مستقرة ،ولكن فهم النسان ل يستقر كالجماد ،بل يتحرك لوجود
الحركة فيه ،ويبحث عن معنى الجمود والحركة وفي ما بينهما ،بمعنى أن مـا معنى شيء
يعني فيه ،وفي معانيه الجمود والحركة مجتمعان في آن واحد ،ليعنيا معنى شامل لمعناهما
،ولو فكرنا في هذا لوجدنا اسأتحالة في الفهم ،والفهم الول بالمعنى التفكيري ،والفهم الثاني
بالمعنى الصوري يكون هو الدراك ،وما بينهما هو السأتحالة ،وبين العلم والجهل توجـد
الحقيقة ،والنسان إن يأبى الفهم بالفهم المفهوم في المعاني الظاهرية ،يعذب بعذاب غـير
مفهوم ،وإذا بالكافر يوم القيامة يعذب في جهنم ،ثم ل يموت فيها ول يحيى ،ألم يكن يبحث
عما هو بين الحياة والموت ؟ إن بين الحياة والموت الخلود .وبين المعنى معان تعنى المعنى
الول ،ومعان أخرى تعني المعنى الثاني ،فمعاني المعاني هي المعنى الثالث للمعنييــن
الولين ،وبين الجمود والحركة سأر الحياة ،وبين العلم والجهل سأر الحقيقة ،وبين العقل
والنسان سأر الروح ،ومعنى الروح يبقى معنى ل يعنى ظاهريا مدركا ،لذا كان الروح من
أمر ا ،وقد يوضع السؤال في معنى يراد به معرفة المعنى الذي يعني ،الملئكة لهم روح
أم ل ؟ ما أعظم السؤال ! وما أعجب المعنى ! لن الملئكة في خلود ،فهل لهم حيـاة ؟
لن من كانت له حياة ،فإن معناها في معاني الصأل تستوجب الموت ،لذا كل نفس ذائقــة
الموت ،والنفس قد ألهمها ا فجورها وتقواها ،فكان بين الفجور والتقوى معنى ما يدلي بــه
الشيطان ،فبين الملك والنس يوجد الجن ،فبين الخلق يوجد خلق ،وبين الخلق والخالق
يوجد الفاصأل في معاني الفهم والدراك ،وأن ا ليس كمثله شيء ،وهو السميع البصير ،
وليكن معنى ما نفهمه له معنى يعنى به ما هو مدرك في المعاني ،إن ا سأبحانه وتعالى له
صأفات ،وصأفاته ل تعني معنى تشخيصه ،فهو سأميع بصير ،دون وجود أسأاس معنـى
السمع بالذن ،والبصر بالعين ،فالذن تعني وجود السمع ،والعين تعني وجود البصر ،
وبين الذن والبصر في المعنى الثالث نجد البصيرة ،وبين المحبة والكراهية ،نجد الفؤاد ،
فالمعنى الثالث يعني وجود معنيين يعطيان معنى آخر غيبيا ،لن البصيرة والفؤاد يدركان ،
ولكن القلب يعني وجود البصيرة فيه ،لذا ل تعمى البصار بل تعمى القلوب التـي فـي
الصدور .إن ا سأبحانه وتعالى ،يقلب القلوب والبصار ،ويولج الليل فـي النهار والليل ،
يمحو آية النهار فيصبح ليل ،ويجعل آية النهار مبصرة ،فكان المعنى في هذه المعاني ،أن
النور أسأاس البصيرة ،والظلم أسأاس العمى ،لذا ل تستوي الظلمات والنور ،ول العمـى
والبصير ،وا سأبحانه وتعالى يخرج المؤمن المسلم من الظلمات إلى النور ،ويخرج الحـي
من الميت والميت من الحي ،وبقي النسان يبحث عن المعنى الذي يعني المعاني كلها فـي
معنى واحد يعنيها ،ولكن ا سأبحانه وتعالى يعجز الخلق في المعرفة المعروفة لــدى
النسان ،وحتى لو كان النسان ذا علم وبصيرة ،وبعيدا عن الجهل ،فهذا ل يعني أنه يعلـم
الغيب ،فالغيب هنا هو المعنى ،والعلم ل يعني المعنى ،أو معنى المعنـى فــي معانــي علــم
8
الغيب ومعرفة الحقيقة ،وإذا عرف النسان حقيقة ما ،فإنه ل يدركها في حد ذاتها حتى يعلم
كنهها ،فالمعنى بعيد كل البعد عن المعاني الظاهرية والباطنية ،لذا كانــت مشيئة ا هــي
القصوى ،وإذا بحث النسان عن معنى الشمس في المعاني الغيبية وعن معنى القمر ومعنـى
ما بينهما ،فإن الشمس والقمر يجمعان فتقوم الساعة ليظهر مـا بينهما ،وليفكر النسان بينـه
وبين نفسه ،هل بينهما حاجز أو اتصال ،لن ا سأبحانه وتعالى جعل بحرين أحدهما حلـواا
وآخر ملحا أجاجا ،وبينهما برزخ ل يبغيان ،هل بين النسان والنفس يــوجد الشيطــان أو
وسأاوس النسان ؟ إن الجن خلقوا من مارج من نار ،فهل نفخ ا فيهم من روحه أم ل ؟ إن
المعاني هي وضع السؤال ؟والجواب هل يعني معنى الجواب عن السؤال ،أم يعني معنـى ل
يعرف معناه ،إن النسان ل يهدأ حتى يعرف معاني المعاني في معنى المعنى ،لذا كان أكثر
جدل ،إن قيل له إنك فوق الرض ،يقول :وماذا في الفوق ،وإن قيل له :إن في الفـوق
سأماء ،إذا به يسأل :وماذا بينهما ؟ لعل النسان يفهم أن وجود الرض كتحت ،يعني وجـود
السماء كفوق ،لكن المعنيين معنى ما بين السموات والرض ،ول ما بينهما ،أل يكتفي
النسان بما يعرف من معرفة معناها علم يني معنى الحقيقة أن الحقيقة ل تدرك ؟ ما القـول
بين القول وما الفعل بين الفعل وما العلم أمام الجهل ،إن الجهل يعنـي معـنى وجود العلم ،
والعلم معناه نفي لمعنى وجود الجهل ،هل التراب يعني شيئا له معنى آخر غير ما نعرف في
معناه ؟ نعم ،ولم ل ،وقد خلق منه النسان ،وهل الماء يعني شيئا ؟ ومن يقول ل ،اللـــه
سأبحانه وتعالى جعل منه كل شيء حي ،لعل النسان ل يقدر ا حق قدره ،ول يعطي للماء
والتراب قيمتهما ،أل يعنيان وجود سأر ل يدرك النسان معناه ؟ ألم يخلق عيسى عليه السلم
من الطين كهيئة الطير فنفخ فيه فكان طائرا بإذن ا ؟ لعل المعنى أن النفخ في الطين يعنـي
شيئا آخر ،ولعل السر في الروح ل في النفخ بل لعل النفخ معناه الروح ،بلى يوم ينفخ فـي
الصور يصعق من في السماوات والرض إل من شاء ا ،وكما أعطى النفخ فـي أول مـرة
معنى الحياة ،فإنه يعطي مرة أخرى معنى الموت ،لعل المعنى هنا ل يعني شيئا ،بلى ،إن
ا فعال لما يريد ذو بطش شديد ،ل تعرف معنى معانيه ،لذا ضرب للنسان من كل مثل ،
وجعل له الماء يرويه ،وهو الذي يفقره ويغنيه ،وا ضرب للناس مثل الفقر والغنى ،
وفكر النسان في ما هو معنى بينهما ،فأوتي سأليمان عليه السلم ملكا ل ينبغي لحد مـن
بعده ،وليس فيه فقر ول غنى ،وسأخر له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصأاب ،وكــان
المعنى ،أن ا سأبحانه وتعالى لم يكن بالريح ول في الريح ،فليقل النسان لماذا عبدت النار
؟ لعل الذين كانوا يعبدونها ظنوا أن معناها يكمن في م عنى إذا دخلوا جهنم ترحمهم النار
لنهم كانوا يعبدونها ،إن معنى العذاب في النار يعني أن ا سأبحانه وتعالى ،ليس له اتصال
بالنار ،بل هي تحت أمره ،والباحث عن معنى وجود الجنة وعن معناها في المعاني الكونـية
الموجودة ظاهريا ،قد يدخل جهنم ليدرك معنى المعنيين ،أن بين الجنة والنار سأعيا وراء
ملك ل يبلى ،فالنسان بين الجنة والنار ،وغريب أن يسأل أين هو إذا ؟ قد ينسى أنه فــي
الحياة الدنيا يسعى إلى الخلود وإلى الملك الذي ل يبلى ،فإن بين الجنة والنار الحياة الدنيا ،
وهذه الحياة معناها ل يعني حياة كحياة في معناها ،بل وجودا بين الحياة والموت ،فالنسان
منذ أن يولد إل وهو بين الحياة والموت ،ول يمكن أن نـقول بأنه فـي الحياة ،لن الموت
9
يهدده ،لذا سأميت الحياة الدنيا بالحياة الدنيا ،فهي معنى يعنــي عــدم وجــود اسأتقرار ،
ويعنـي وجــود متـاع إلى حين ،والمتاع الـذي يكون إلى حين ،ل يسمى ملكــا لنه يفقــد
ويضمحل ،فما المعنى في القول إذاا هل لشيء معنى أم ل ؟ إن الشياء تعني أنها أشياء ،
فلها معنى كأشياء ،ولو لم تكن لفقد المعنى ،ويبقى معنى العدم أن له معنى غيبيا ،لــذا
النسان ولم يكن شيئا مذكورا ،ما أيأس الشيطان حين ل يعرف المعنى في كونه شيطانـا ،
لنه يعني ثبات إيمان المؤمن ،ويعني ثبات كفر الكافر ،والشيطان بين الكفر واليمــان،
يخاف ا رب العالمين ،وبعزة ا يغوي القوم الكافرين ،ولكن ا سأبحانه وتعالى أثبت
القول أن الشيطان كان من الكافرين ،والكافر كذلك يؤمن بال ،أليس كذلك ؟ وإذا فعل الشـر
يقول بإذن ا .إن المعنى فوق المعنى ،ويعني معاني أخرى ،إن ا سأبحانه وتعالى فوق
كل شيء له الكرسأي والعرش وله الملك الذي ل يبلى ،أمر النسان بأن يقـول :اللـه ويــذر
القوم الكافرين في خوضهم يلعبون ،إن بين الكذب والصدق حكم ا ،وبين الرجل والمرأة
ذرية ،وخلق الناس من نفس واحدة بث ا منها زوجها وجعل منهما رجال كثيرين ونساء ،
فكان بين آدم عليه السلم ونفسه زوجة وبينه وبين زوجه أبناؤه ،ويخاطب اللــه سأبحانـــــه
وتعالى بني آدم ،مثل ومعنى لعلهم يفهمون بفهم معنى المثل أنهم قد يخطئون ،كما لم
يكــــن لدم عليه السلم عزم ،ولكن ليتوبوا إلى ا فيتوب عليهم ،كما تاب على آدم عليه
الســلم ،وليبقى المعنى بعيدا كل البعد عن معناه الذي له معنى آخر فيه سأــر الخلق
وأسأبابه ،والمعنى المفهوم ،وهو أن ا سأبحانه وتعالى خلق النس والجن ليعبــدوه ،فكان
المعنــى هو أن يعبد النسان اللـه ول يشرك به شيـئا ،حتى يبقى المعنى أن النسان خلق من
أجل العبادة ،أما إذا لم يعبد النسان اللـه ،فإنه سأيبحث عن المعنى الذي خلق من أجله ،فل
يجد جوابا آخر ،لن المعنى الحقيقي قد رفضه ،ولن النسان رفـض المعنى الذي خـلــق
من أجله ،إذا به يعطي معنى آخر لوجود أنه هو إله أيضا ،فكان القول عجبا ،والمعنى ل
معنى له ،ولكن هذا يعني معنى آخر أن القائل قد كفر ،وكفره هو المعنى الصحيح ،ويدل
على معنى آخر أنه يعبد ا كرها ،لن ا سأبحانه وتعالى خلقه من أجل العبادة ،لذا ل
تبديل لكلمات ا ،وسأبحان اللــه عما يشرك الناس .وبعد هذا فإن الكافر ل يمكنه أن يجد
معنى آخر ينفي المعنى الحـقيـقي ،فيقول الكافر حين يرى العذاب ليته كان ترابا ،ألم يكن
ترابا ؟ إنه لـعجب حقا أن ل يـدرك النسان معاني ما حوله ،ويبحث عن عدم المعنى ،
فيعطي معاني أخرى لشياء لــها معــان حقيقية .إن المعنى الذي ليس له معنى هو أن يهتم
بأشياء ل معاني فيها ،ليكن الهتـمام كلــه في كل ما هو مهم ،وإذا ما أعطينا الهمية لما
ليس له أهمية ،فإن أهميتنا ل تبقى لـها أهمية ،وفي الحقيقة لماذا يهتم النسان ؟ هل يهتم
بنفسه ؟ فما هي أهميتها وما المهم فيها ؟ لعلها تعني المعنى ،أن النفس أمارة بالسوء ،ثم
ما معنى السـوء نفسه ؟ لعلـه ضد الحســان ،والحسان ما هي أهميته وما هو معناه ؟
إن الحسان ل معنى له إذا كان النسان ليس له معنى ،وليكون للنسان معنى فماذا
يجب عليه ؟ إنه قيل أن النسان ليس له معنــى ،ول تكون له معان إذا لم يعط له معنى
يعني معناه أن للنسان معنى ،وقيل أيضا إن النسان ل يكون له معنى كإنسان إل علم
معاني المعاني في معنى المعنى ،وقد قال من مكــر فـــي المعاني :إن المعاني كلها
تعني أن النسان تضرب به المثل كمعان ،وضرب مثل النسـان
10
في الكفر والطغيان والنسيان ،فهذه معان للنسان ضربت بمثل تعني أن النسان إنسان
ينسى كل ما ل يجب أن ينسيه أنه إنسان ،فإذا نسي النسان أنه إنسان ،فكيف سأيصبح
المعنـى ،إذ يفقد النسان معناه ؟ لعل المعنى أن النسان ل يعرف معناه بين المعاني التي لها
معنى ،لن كل شيء في الكون يبقى معناه ما شمل في المعاني ول يتغير في معناه ،إل
النسان ،فإنـه يفقد معناه ،لنه يسعى أن يبدل معاني المعاني ،لذا يضرب بـه المثل ،
وعندما يفقد معنـــاه يكون من شر الدواب عند ا ،لو احتفظ النسان بمعناه كإنسان خلق
من صألصال كالفخـار ،وخلق من أجل العبادة لما ضرب به المثل ،ولما كان مــن شـر
الدواب عنـد ا .لنـه يفقـد معناه كإنسان ،فلبد أن يشبه بالدواب ويجعل منه القرة
والخنازير وعبدة الطاغوت .إن اللـه سأبحانه وتعالى لم يكن ظلما للعبيد ول يعذب إل من
فقد معناه ،وغيير معاني المعاني التي تعني أن ا هو خالق كل شيء وأن المعاني كلها
ترجع ل .إن كل شيء موجود إل ويعنـي أن ا سأبحانه وتعالى هو رب الوجود ،وهو
الذي جعل للشياء معاني ،وجعل الشـمـس تعطي وجود النهار ،وغروبها يعني حلول
الليل .ليقل النسان ما هو دليل الليل ؟ هــل هــو وجود الظلم أو غروب الشمس ؟ لعل
المعنيين ل يعنيان معنى ،لن القمر يعني دليل تغييــر الظلم ،ولكن القمر يكون بالنهار ،
فلعل الذيــن فكروا في الليــل والنهار ،قــد فكــروا فــي السماوات والرض فقالوا ربنا ما
خلقت هذا باطل سأبحانك ،فقنا عذاب النار ،إن دليل القول فيه معنى وخوف من النار ،
وهذا يعني أن لو أعطى النسان معنى آخر للسمـاوات والرض فإنه يدخل النار ،والدخول
للنار يعني أن النسان فقد معنــاه ،لنــه أعطــى معانــي أخــرى لشياء أخرى ،جعل لها
.سأبحانه وتعالى معاني حقيقية
فالنسان إذن ل يفقد معناه حتى يعطي للمعاني معاني ل تعنيــها ،يعطيها على حســب ما لــم
يكن له معنى ،فرأي النسان له معنى يعني حقيقة لها معان ،بل الرأي هو العلم ،لن العلــم
يعني رأي الصواب ،والرأي من الرؤيا التي تتم بها رؤية معاني المعاني ومعنــى المعــنى ،
فالمعنى ل يفقد معناه إل إذا فقد العلم ،لن بفقدانه يفقد المعنى ،قيل للنسان ما ظنـك بــرب
العالمين ؟ لن النسان يعطي معاني أخرى ،لكل ما ل يعرف معناه ،فيظن بال السـوء ،إن
كل ما ل يعرف النسان ،وجب عليه أن يطلب معناه ،حتى ل يضل فيشقــى ،ثم ينسـى أن
إلى ربه الرجعى ،فكلما أعطى النسان معانــي أخــرى لــما لــم يعرف معناه ،يفهم معانــي
مغايرة فيضل ويشقى ،فيقول كيف تكون ل الرجعى ،وكأنه يبحث عن المعنى ،وماذا يعني
الرجوع إلى ا ،ثم كيف الجسد يبعث بعد أن يبلى ،وكيف للروح أن ترجع مرة أخرى ،إن
النسان يبحـث عـن المعنى الذي لم يعط معناه ،لماذا سأأل النسان عن الروح ويسأل عنـها ؟
إنه سأعي وراء الخلود .فهذا سأؤال له معنى كسؤال أريد به معنى آخر ل يظهـر النسـان فـي
معناه ،فلم ل يسأل النسان عن الخلود بدل من أن يسأل عن الروح ؟ ظنا منه أن الـروح لـها
خلود ،ولكن هل في النار تنزع من النسان الروح أم ل ؟ ربمـا إذا نــزعت الــروح تبقـى
الحياة ،ولكن كيف ذلك ،والكافر في جهنم ل يموت فيها ول يحيى ،لعلها حياة أخـرى ،لـها
معنـى آخر تبقي النسان ل يموت ول يحيى ،إن الكافر يحشر أعمى يوم القيامة ،ولـم يكـن
المشكل هو أنه فقد بصره ،بل المشكل أنه فقد المعنى ،إذ ليس من المعنى أن يكون له بصـر
ل يرى به شيئا يعطيه معناه ،إنه ل حاجة للكافر يوم القيامة بالبصر ،لنه عـاش فـي الحياة
11
الدنيا ،ولم ير شيئا له معنى ،فقال إنما الحياة الدنيا يموت فيهـا ويحيـى ،ولم يعط أهمـيـة
لمعنى الموت والحياة ،وما بينهما إل الخلود ،فيخلد الكافر في النار ،لنه بحث عن الخلـود
في الحياة الدنيا ،بعدما أعطى معنى آخر للموت والحياة ،لعل النسـان إن احتفظ بالمعانـي
يدرك معنى المعنى ،أن للمعاني معاني أخرى ل تعني المعاني المدركة ،بـل تعنـي معانـي
غيبية ل يدرك معناها ،وما الموت إل مثل للنسان ،معناه أن النسان يفنى ،وكل ما فيـه ل
يبقى ،لنه خلق من قبل ولم يكن شيئا مذكورا ،كذلك الكافر في جهنم ينسى ،وإذا ما نسـي
فما هو المعنى ؟ .إن ذلك يعني أن ا غني عن العالمين ،لن يعطوه نفعا ، ،ول يضرونه
شيئا ،ولو قابلنا معنى بمعنى لكان لنا معنى آخر يعني المعنيين ،ويعني معنى ثالثا لهما ،كم
من كلم أعطي له معنى ولم يكن له أصأل في المعنى ،إذا كتبنا كلمة كلمـة ،فإن الكلمة تعني
معناها أنها كلمة ،ولكن إن كتبنا كلمأات أخرى ،فإن تلك الكلمات تعني أشيـاء أخـرى ،هل
فكر النسان في الميزان أم ل ؟ إن فيه معنـيين ،وحامله معنى آخر يعني أن بيـن المعنـييـن
معنى بالتوازي أو فرق بينهما ،كم هو الضوء قوي عندمـا يخرج النسـان من الظلم ،
والضوء يعني أن النسان كان في ظلم ،ولول خروجه إلى الضوء لما عرف أنه في
ظلم ،وهذا يعني أن النسان قد يسيء ويظن أنه يحسن صأنعا ،إن قوة النسـان ل تعني
شيئا لن قوة ل جميعا ،فلو كانت قوة حقيقية لما أصأيب بالضعف ،فهذا معنى ينفي معنى .
إن معرفة معاني المعاني علم فيه التفاني في المعاني ،لذا كان المعنى أنه يخشنى ا من
عباده العلمـاء ،لن الجاهل ل يخاف اللـه ،وكيف يخافه وهو ل يدري معنى الخوف ،ول
معنـى الدراك ،ول معنى العلم ،ول معنى الجهل ،ول معنى المعنى ،لذا فهو يتمتع في
الحياة الدنيا ،لن متاع الحياة الدنيا ليس فيه معنى ،ومعنى المتـاع الحقيقي .هـو فـي
الجنة حيـث النسـان ل يشقى ،وحيث يبقى المعنى ل يغير معناه .إن القوة والضعـف
بينهما معنـى يعطـي معنـى للسكينـة ،والسكينـة معنـى ودلـيـل الحكمة ،ومن أوتـي
الحكمـة فقد أوتي خيـرا كثيـرا .إن المعاني تعني حكمة ،والحكمة تعطي الطمأنينة ،
والنفس المطمئنة ترجع إلى ربها راضية مرضية ،وتدخل الجنة بإذن ربها ،والحكيم هو
الذي يدرك أن الحكم ل والرجوع إلى اللـه ،وغير هذا ليس بحكمة ،وليس له معنى ،
والقول إن لم تكن فيه حكمة ،فإنه ل يعتبر قول بـل كلما ،والكلم قد يكون فيه معنى ،كما
قد يفقد معناه ،والكافر إنما يقول كلما ،هـو قائلـه حتى يظهر القول وصأحته حين تظهر
المعاني ،لتعني في معانيـها أن النسان ظالم لنفسـه مبين ،إن النسان مسئول ويسأل عن
كل كلم جعل له معاني ل تعنـي القـول الحقيقـي ،لــذا فإن الكافر يوم القيامة ل ينطق بشيء
وينزع منه الكلم ،لنه كلما تكلم إل ويقول شيئا لـيس فيه معنى ،أو يقول قول ل يعرف
معناه إل بمعنـى الكـفر ،هـل رأى النسـان حربـا بيـن المعاني ،ينتصر فيها معنى على
معنى آخر ،وقد يكون هنـاك معنى يحكـم بـين المعـنـيين المتحاربين ،ويعطي بحكم معنى
لئق قد يقبله المعنى الول والمعنى الثـاني ،تلك حـرب الفكار والمباديء والعقائد ،
فيأتي حكم الدين بما حكم ا سأبحانه وتعالى ،ويعطـي للفكـار البالية والمباديء الخالية من
المعاني ،معنى أن كل ذلك ليس له شيئا ،بل ا هو الذي يعلـــم الحق في القول ويضرب
الكذب بالصــدق ،ول داعــي للتساؤل ،فإن بين الصــدق والكــذب يوجد النفاق ،والنفاق
ريبا في النفس ،وشكا في الحق ،وهو معنى للكفر ،وما هــو المعنــى
12
الذي ل يفهم معناه ؟ قـد يكون لغـزا ،لن اللغـز معان تعني شيئا أو أشياء معينة ،وفي هــذا
،الحال ،فلنقل ما هو لغـز النسان ؟ وإن قيـل لحد إن فـي الرض شيئا يمشي على رجليـن
وله يدان وسأمع وبصر ،قد يقول إن ذاك معنى لقرد ،ولكن إن زيدنا أن لذلك الشيء عقل ،
فقد يعرف المعنى أن ذاك هو النسان ،إذا فالنسان إنسان لن له عقل ،وهـل المعنى أن
العقل ل يوجد إل عند النسان ؟ بلى ،إن المعنى بعيد عن معنى العقل ،لن العقل ل يدرك
هذا ،والنسان لم يشهد خلقة نفسه ،ولم ير خلق ا كله ،فال يخلق ما ل نعلم ،وليكن
المر كذلك ،فالمعنى في القول لم يفهم ،ولكن ليفهم النسان فهما ،أن هناك معانـي تعنـي
أشياء عندنا وأشياء أخرى عن قوم آخرين ،وتعني معنى آخر غيبيا ،ولنذكر مثل عـن
الناقوس ،كل الناس يعرفون معناه ،ولكن ما هو الناقور ؟ إن المعنى الول يعني المعنـى
الثاني ،جعل الناقوس لن الناس كذبوا بالناقور ،فأصأبح الناقوس معناه اسأتهزاء بالمعنـى
الحقيقي الذي هو الناقور ،ومثال آخر يعني معنى آخر مشابها للمعنى الول في المثل ،جعل
النسان البوق اسأتهزاء بالصور ،وينفخ في البوق ،وا سأبحانه وتعالـى يقـول سأينفخ فـي
الصور ل في البوق ،فكان المعنى دليل المعاني ،إذ يعني صأراعا بين معان مزيفة ومعـان
حقيقية ،كذلك النور والظلمات ،فينفخ في الصور يوم القيامة فيتحطم البـوق ،وينقر فـي
الناقور فيتحطم الناقوس ،ما أعظم معاني حكمة ا ،إنه ليحكم بما حكم بـه النسان علـى
نفسه ،لن من يعمل سأوء يجز به ،ولكن الواقع هو الواقع نفسه ل واقعا آخر مزيفا ،وليكـن
المعنى هو المعنى الذي يعني معناه ،إن المر لواضح ،كم من كلم ونطق بلسان نعني بــــه
أشياء ،بينما ذلك الكلم يعني كلما خبيثا عند قوم آخرين ،ومن يعرف لغات كثيرة قد يفهــم
معنى القول ،والسـبب في ذلك هو أن النسان انحرف عن أصأــل اللغات المنــزلة ،وجعـــل
لنفسه لغة على حسب هواه ،وبهذا يفقد معنى الكلم ،ويكون الخبث نطقا باللسان ،وهــذا ل
يحتاج إلى مثال لن المعنى مفهوم .إن الواقع واقع له معنى ،والواقع الذي ليــس له معـنى ،
فهو واقع خيالي أعطاه النسان معنى ،ومثل المعنى في الذهب يحبه الناس ،أعطي له قيمـة
،ومعناه أنه أعطي له معنى ،فأصأبح يعني مال ،والنسان هـو الذي اهتم بهذا ،ولم يكن
لهذا معنى له أصأل ،لن المال زينة الحياة الدنيا ومتاع الغـرور ،والذيــن يكنزون الذهــب
والفضة يعذبون ،كم من قائل قال إن ا سأبحانه وتعالى يستهزيء بالخلق ،ولم يكن للقــول
المزيف معنى ،وما قيل ذلك إل لن ا يمنع الناس عن الفساد والفسوق ،ولو أباح لهم ذلــك
لقالوا إن ا على حـق ،لـذلك لو اتبع اللـه سأبحانـه وتعالـى أهواء الناس لفســدت السمــاوات
والرض ،ولنبق في المعنى أن الذيــن قالــوا قولهــم ما قالوه إل لنهــم هــم المستهزئون ؛
وغريب أن نفكر قليل كيف عرف النسان السخرية .إن السخرية تكذيـب ؛ وبيـن السخريـــة
والجد يوجد الفساد ،فكان المعنى أن النسان هـو موضع السخرية ،لنه جمع حوله ما ليــس
له معنى ،هل فكر النسان يوما في ما يجمعه حوله من شيء لم يكن شيئا له معنى ،إن عـدم
وجود أشياء لها معان أرغمت النسان أن يجمع أشيــاء ويعطيهــا معانــي غير واقعية ،لـــذا
وجدت الملهي واللعاب ،واللـه سأبحانه وتعالى يترك الناس يلعبون ،لنهم فقدوا معناهـم ،
فاللعب أولى لهم ،وا يستهزيء بالكافرين ويمــدهم في طغيانــهم يعمهون ،وليكــن المــر
واضحا أن كل شيء له معنى ،ومعنى اللهو هو الهزء ،ومعنــى اللعب سأخرية ،ومعناهــما
13
كفر ونكران لما جعل ا بالحق ،وجعل ا سأبحانه وتعالى بين الكفر والشرك الهدى ،ومن
يهديه اللـه فل مضل له ،ومن يضلل فل هادي له ؛ فكان المعنى أن اللـه يهـدي من يشاء ،
وهناك معنى آخر في القول ،فإن ا يهدي من الناس من شاء منهم أن يهتدي ،وليكن المر
واضحا ،وأي أمر هو حتى يتضح ؟ لعل المعنى ل يعني معناه في أشياء لم تتضح معانيها ،
ما أغرب ما قـال النسان على نفسـه ،إذ قيل إن النسان من سأللـة من قرد ،واللـه سأبحانـه
وتعالى يقول إن النسان من سأللة من طين ،لذا فإن المر لواقع ما له من دافع ،لن المعنى
من القول لم يكن هو المعنى الول ،بل قول عني به أن قول ا سأبحانه وتعالى لم يكن على
حق ،وأنه لم يعط الحل للنسان ،بلى إن المعاني لها معان أخرى تعني معناها ،إن النسان
إن كفر ودخل النار ،فإنه يخسر نفسه وأهله ،ول يكلمه ا ول يزكيه ،ألم يقل النسان على
ا شططا وقال كذبا ؟ ألم يقل اللــه إنه فضل النسان على كثير ممن خلق تفضيل ؟ ليـكـن
المر كذلك بأنــه ل معنى لمن ل يــريد أن يفهم المعنــى ،ويبحث عن معاني المعانــي ،إن
الشمس تشرق كل يوم دالة على أن ا سأبحانه وتعالى على وعده أن رحمته سأبقت عذابــه ،
ويوم ل تشرق الشمس ،ويأتي العذاب ،فإن ا سأبحانه وتعالى غيير ما بالنـاس لنهم غيـروا
ما بأنفسهم ،لذلك فإن ا ل يخلف الميعاد ،إن المعنى الحقيقي هو أن يبحــث النســان عــن
الصواب ليعرف معنى الخطأ ،فالخطأ يوقع النسان في الشــرك ،ومنه يكــون الصأــرار ،
وأهل الصأرار هم أهل النار ،إن المعنى شامل لمعان للباحث عن نعنى الصواب ،والنسان
تأخذه العزة بالثم ،لنه ل يعرف معنى الثم ،ول يعرف معنى الفتخار ،وكل افتخار فـهو
جهل ،وما أعظم معنى الجهل ،وما أقبح أن يقال للنسان إنه جاهل ،لنـه إن قيل لــه ذلك ،
إذا به يدافع عن جهله بمعاني وسأيلة دفاع تدفع عنها المعاني الحقيقية ،وليكن أمــر النســان
كما هو من آمن بال واليوم الخر يدخل الجنة ،ومن كفر يدخل النار ،وبين المؤمن والكافـر
يصل النبياء عليهم السلم بالحق ،فيعطوا معاني اليمان ومعاني الكفــر ،وكلهما معنيــان
أن المر بيد ا ،قال قائل لم يعرف من هو بل عرف معنى قوله وسأؤاله في معنى دخـول
الكافر إلى جهنم ،وماذا سأيفعل الكفار في جهنم ؟ فـقيل له إن الكفار لن يفعلوا شيــئا ،لنــهم
فعلوا كل شيء في الحياة الدنيا ،وفي الخرة تفعل بهم أشياء ؛ هكذا ،فإن المعنى يعني معناه
أن من يعمل مثقال ذرة خيرا يره ،ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره ،وليبقى المعنـى كـما هــو
خفيا في المعاني وما فوق المعاني ،فهي مثل ا سأبحانه وتعالـى ،إذ يضــرب للنسان مــن
كل مثل ،وإذ قال طفل لوالده أي أبتتاه إني رأيت رجل شيخا يصفق بيديه ،فقال الوالـد :إن
معنى ذلك أن الشيخ يندب حاله ،ويعبر عن ندم فوق طاقته ،فقال الولد إن الشيخ كان يغني ،
فأجابه والده إن المر سأــواء والغناء بكــاء ،فليضحك الناس قليل لنهم سأيبكون كثيــرا ،إن
المعنى في هذا يعني معناه أن الغناء اسأتهزاء وضد لمعنى قراءة القرآن ،وكــم من معنــى ل
نعرف معناه ،إذا كان الغناء اسأتهزاء فماذا يكون الرقص ؟ لعله عبادة يعبد بها الشيطان ،
ربما نسي النسان الشيطان ،إنه لمر حقيقي ل يصدق به الناس ،لن المعنى غيبـي ،وكـم
من قائل قال إن كان الشيطان موجود فأخرجه ،ولو خرج الشيطـان للنـاس لرحبوا به ،ولــم
ل ؟ وهــم أخلء يكونون يوم القيامة لبعضهم البعض أعــداء ،وقال قائل كــأن الشياء يــوم
القيامة تنقلب كلها ،فأجابه من عرف معنى القول ،معنى القول ،نعم لن يوم القيامــة تأتي
14
الزلزلة ،وينقلب كل شيء ،ما أعظـم معنـى المعاني في المعنى الذي ليس لــه معنــى ،أل
يبدل ا سأبحانه وتعالى السيآت حسنان ،فما المعنى في ذلك ،كذلك ا سأبحانه وتعالى قـادر
على كل شيء ،لــذا قــال للنسان بأن ل يزكي نفسه ،لنه قد يجعل عمله هبــاء منثــورا ،
.وليعرف النسان أن الذين دخلوا الجنة ما دخلوها وهم يطمعون
إن ا مالك الملك يؤتي الملك من يشاء ،وينزعه ممن يشاء ،هل من إنسان له ملك الفكـار؟
ليتخيل النسان ملكا على الفكار كيف سأيكون عرشه ؟ ربما يكون من أفكار ،ولكن مـا هـي
الفكار ؟ إن الفكار تعني أشياء حقيقية ،وأشياء أخـرى غيبية ،ومعانيها مختلفة كلها تعنـي
معنى واحدا أن ا سأبحانه وتعالى هو مالك الملك ،فالمعنى ينفي معناه لن ا له الملك وله
الحمد ،ومن يحمد اللـه ويشكـره يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث ل يحتسب ،كذلــك فــإن
المعنى أن من يؤمن باللـه قد يجعـل لـه اللـه ملكا في الجنة ،ولكن معاني المعانــي ل تعنــي
معانيها ،لذا فالنسان يحب العاجلة لنه ل يصدق بالغيب ول يؤمــن بالحق ،وكــل معنــى
يعطى إل ويبحث له عن معنى آخر لينفي المعنى الول ،وليكن النسان صأادقا فــي معانيـــه
التي يعني بها ما ل يظهره ،لذا فإن اللـه سأبحانه وتعالى يعلم ما نخفيه في صأدورنا ويعلم مــا
نعلم ،فإن كان من باحث عن معاني المعاني في معنى المعنى ،فإن اللـه ولي التوفيق ،وكـل
الحروف لها معانيها ،والكلم معناه فيها ،كما أن كــل ما في الكــون كتابــة ،فليقرأ النسان
باسأم ربه الذي خلقه وعلم آدم السأماء كلها ،أن ا سأبحانه وتعالى أعجــز المعانــي ليظهـر
شرك النسان وكفره ،لن اللـه سأبحانه وتعالى لو شاء لخرج أضغان الناس ،ومن معانـــي
المعاني قول ل إله إل ا ،فإن معنى القول يظهر أن هناك من قال إنه إله ،لذا قيل ل إلـه إل
ا نفيا لمعنى ليس له معنى ،وإثباتا للمعنى الحقيقي أن ا سأبحانه وتعالى هو اللـه ،فاسأــم
ا شامل للبعد والقرب والكل والمعاني كلها ،واسأم اللـه بمعنى الله اسأم يعني رب البعد كله
واللنهاية ،فاللـه إله ل إله إل هـو ،رب العرش العظيم ،واشتملت المعاني كلها في قـول ل
إله إل ا ،إله ل إله إل هو الرب ،إن المعاني انطوت على المعنى بالمفهوم الثلثي ،وهــو
وسأيلة الخروج من الظلمات الثلث التي خلق فيها النسان ،وليكن العلم كما هـو لـه معنــاه ،
فل داعي لللحاد في أسأماء اللـه .إن الفهم الثلثي يمكن معرفة أصأول الذكر وأسأس اللحـاد
وتصحيح العتقاد ،ومعاني المعاني لها معنى آخر في كتاب اللـه ،لن القـرآن مثاني ،وفيه
آيات محكمات وأخر متشابهات .وكل المعانــي تبقى معانيــها ل تبديل لـها ،لنـه ل تبديــل
لكلمات ا ،وقد غير الكثير الفهم الثلثي ،وأعطى للمعاني معاني أخرى ل تعنــي المعنــى
الحقيق ،وكل تغــيير في أسأمـاء اللـه وفي أصأـول الدين يخلط المعاني بالمعانـي فل يصبــح
للمعنى معناه ،وقد خاض الكثير في المعانــي ،وفي الفهم الثلثي ،ومنهم أولئك الذين قالــوا
15
إن اللــه ثالث ثلثة ،ولم يكن لهذا معنــى ثابت لن المعنــى الحقيقــي يعنـي اللـــه ،الله ،
الـــرب ،ثلثة أسأماء للــه شاملة لسأماء اللــه الحسنى كلها ،والباحــث عـن المعنـى ليفهـــم
.المعنـى الول بالمعنى الثاني ،فإن فيه معاني المعاني في معنى المعنى
16
17
ما أعجب معنى المعنى في المعاني التي لها معاني ،إذ تظهــر معانـي المعاني في كل شامـل
لمعنى ،فإن قيل إن المعاني لم تفهم ،يقـال إن الفهم رباعـي ل ثلثي ،وليدرك المعنـى فـــي
معناه ،فإن القلم ليكتب فلبد من موضع للكتابة ،والقلـم دليل الكتابة ،ولبـد من كاتب يكتـب
بالقلم كتابة في موضع الكتابة ،فهـذا معنـى لمعنـى يعنـى به معنى ومعنـى ،والورقـة كمثـال
للمعنى الول ،واليد للمعنى الثاني والقلم للمعنى الثالث ،والكتابة للمعنـى الرابـع .إن الفـهـم
الرباعي يفهم به الفهـم الثلثـي ،والفهم المثينـى فهو فهم فكري صأوري ،والفهم الفردي هـو
صأوري ،أمـا الفهـم الثلثــي فأسأاسأه فهم فكري صأوري عقلي ،تفهـم المعاني كلها بالقـــــوة
الكامنة في الشياء ،والفهم الرباعي هو فهم بقوة الشياء في قواها ،فهو إدراك فكري عقلي،
الفهم المثنى تفهم فيه الفكار والصور بقوى العقل فقـط ،ليس فيه اتصال بالعقل نفســـه ،ول
يمكن به إدراك المعاني في معانيها الصألية ،ولكن المر كذلك أن النسان إن عجز عن فهـم
معاني المعاني في معنى المعنى ،فلبد أن يسعى إلى فهم ما لم يفهم بمعنى المعنى في معاني
المعاني ،خلق النسان من صألصال من حمإ مسنون ،إن فكر وقدر قتل كيف قدر ،فالمربـع
معناه القبر ،ومعنى الموت سأؤال في ما بعد الموت ،وإن لم يفهم النسان معنى الحياة فكيف
سأيفهم معنى الموت ،وكل نفس ذائقة الموت ،إن الموت موت بمعنى عدم وجود بعد وجود ،
أمــا معنــى ما قبــل الحياة فل يعتبــر موتا ،لن قبــل الحياة عدما ،فهو شيء في اللشيء،
واللشيء شيء في العدم ،لن العدم وجود بالنسبة ل خالق كل شيء ،فالكون معانيه ثلثــة
،كون ظاهري ،وكون باطني ،وكون عدمي ،والكون الرابع شامل للثلثة ،فهو وجودي ،
فالظلمات الثلث التي خلق فيها النسان أولها عدم ،ثم ظاهر ،وباطـن ،ومن الثلثة خــرج
النسان للوجود ولم يكن شيئا مذكورا ،فبالوجود الذي له معنى المعنى تفهم الظلمات الثـلث
في معاني المعاني ،وليكن المعنى كما هــو ،فالنسان له جسـم ،معنى لظاهر ،وله عقــل ،
بمعنى باطن ،والنسان يموت ليشمل المعنى معاني العدم ،والحياة معنى للمعاني أنها وجود
،ليقل النسان ما بنفسه ،ألم يخلق كذلك ،لذا ل يمكن أن يشهـد النسان خلقه ،ول أن يعيــد
نفسه إلى العدم بعد أن وجد في الوجود ،إن المعاني شاملة لمعنى بأن النسان ،خلق النسان
ولم يكن شيئا مذكورا ،وهذا معناه أنه ليس له اتصال بخالقــه ،ومعنــى التصال والنفصال
ليس له معنى في المعاني ،لن قبل النسان خلق ا سأبحانه وتعالى الملئكة ،وخلق الكــون
،وكل شيء إل ويسبــح للــه ،فكيف للنسان أن يخرج من طاعــة اللــه ويرفض العبـــادة ؟
والمعنى هــو أن النسان حامل للظلمات والنـــور ،فالظلمات من معنى غيبي ،والنـــور من
معنى وجودي ظاهري ،فالظلمات أسأاسأها بعث في الغيــب والعــدم ،والنـــور أسأاسأه اتبــاع
للمعنى الظاهري في معناه ،بأن اللــه ل إله إل هــو .إن المعاني شاملة لمعنى العبادة .كـــل
شيء في الوجود يعبد ا طوعا وكرها ،فكان المعنى أصأله ثابتا أن اللــه هو الخالق ،خلــق
،العدم والوجود ،أما الذين قالـوا إن اللــه سأبحانـه وتعالـى هــو العدم ،فقد خسـروا أنفسهــم
18
والخسران هذا ،دخول لعذاب ا في النار ،وينسى الكافر كما نسى ا ،وهذا النسيان عدم
.في الوجود
إن معاني المعجزات تعني معنى وجــود النور فوق كل الظلمات ،والذين لم يؤمنوا باللــه إل
لظهور المعجزات ،فإنهم قد أخطأوا في فهم معنى العجــاز بقوى النــور ،لن المعجزة ل
تظهر ا سأبحانه وتعالى ،وكان معناها الحقيقي هو وجوب اليمان بالرسأل والنبياء عليهــم
السلم ،لن المعجزة تثبت وجود نور عند الرسأـل والنبيــاء لتصدق رسأالتهم ،ولو قــارن
النسان الشيـاء في ما بينها ،لوجد أنها ل تقــارن ،لن معنى شيء ل يعنــي معنــى شــيء
آخر ،لذا فكل معنى لــه معنى يعنى بــه معناه أن لــه معنى بين المعاني كلها التي لها معنــى
والتي ليس لها معنى ،لذا يوجد الفــرق بين الظلمات والنور ،حتى ولو كان هناك تشابه فــي
ما بينها ،وكل معجــزة ظهــرت إل ولها شبــهها في الظلمات ،وكان لكل نبي عدو عندمـــا
يظهر النبي المرسأل معجزة ،فإن الناس يسعون في الظلمات حتى يستخرجوا شبهها ،وبقــي
معنى الطوفان إذ لم يظهر أحد بالظلمات مشابهه ،ذلك لن الطوفان لم يكن معجزة بل عذابـا
من عند ا ،وهذا هو الفرق بين التشابه في المعاني ،ولو كان المعنى واحداا شامل لما وجـد
الكون ،لذا يوجــد اختلف اللــيل والنهار .والشمس والقمر دليلن علـى الشياء المثناة فــي
المعاني ،وفي الليل عند حلول الظلم يبحث النسان عن دليل النـور ليضيء بـه ويــرى مــا
حوله ،كذلــك الظلمــات فيها نــور تستخرج به آيات الظلمات المتشابهة للمعجـزات ،فكــان
المعنى ثابتا .إن الخير قد يكون فيه شر ،وإن ما يراه النسان شراا قد يكون فيه خير ،وقـيل
للنسان إن عسى أن يكره شيئا وهــو خير لـه ،وعســى أن يحب شيئا وهو شر له ،وما مـن
قائل يخاطب النسان فيعتبر قوله إل قول ا سأبحانه وتعالى ،أو قول من يقول الحق الثابت،
لنه قول من عند ا ،لذا كان النسان في الرض خليفة ،ل بمعنى أن النســان جزء مــن
ا ،بل بمعنـى أن النسان وجب عليــه أن يخلف في الرض ويحتفظ بكل ما حولـه دون أن
يبعث فيه ،ويكون ذا رحمة وخير ،لن اللــه سأبحانــه وتعالــى رؤوف رحيــم ،وإذا ابتعــد
النسان عن المعنى الحقيقي ،إذ جعل خليفة ،فإن المعنى يصبح فيه معنيان ،قد يوجد في ما
يفعله النسان خير كما قد يوجد في عمله شر ،وهذا ظاهر معنى يعني أن ا سأبحانه وتعالى
يقلب معاني الشياء التي أعطاها النسان معنى من نفســه بهواه ،فل يفرض الحسان علــى
ا ،لذلك يجعل اللــه سأبحانـه وتعالـى عمل الكافرين هباء منثورا ،لنهم ظنوا أنهم يحسنون
صأنعا ،فكان المعنى كالميزان يوزن به الخير والشر على حسب اليمان أو الكفر ،لذا كانـت
الموازين ،وتعني كل المعاني الجمالية للخير والشر الذي يحمله النسان .إن المعاني كلــها
شملت معنى أن اللـه طيب ل يقبل إل طيبا ،وكانت معانـي المعانـي في ذلك أن اللـه فعال لما
يريد ،لــذا فإن الذين دخلــوا الجنة ما دخلــوها وهم يطمعــون .ليكن المعنـى الحقيقي هو أن
المعاني ل تعني المعنــى الذي يعني به النسان معانــي يفرضها ،وما خلصا النسان بثابت
إل بعد أن يتخلص من المعاني المتشابهة كما تشتبه آيات الظلمات بالمعجزات ،ومعنى الفهـم
الرباعي كمكعب كيفما قلبه النسان إل ويبقى معناه ،فكانت الكعبة في معناها أن نـور ا ل
تبديل فيه كيفما انقلب المعنى ،إل ويبقــى المعنــى يــدل على كل المعانــي ،ومن آمن باللــه
19
وبالنبي عليه السلم ،وجب عليه أن يؤمن بالنبياء جميعا ،لنـه ل فرق بينهــم ،وإن كــان
هناك معنى تفضيل بين النبياء في الدرجات ،فمعناه أن النسان لن يدرك معنى هذا ،ولن
المعنى الحقيقي غير مدرك ،فليس من واجب إعطاء معاني تعني فرقا بين النبيـاء والرسأــل
عليهم السلم ،لن المعنــى الحقيقي غير مدرك ،كذلك الحقيقة تبقى حقيقة لنهــا حقيقة فــي
نفسها ومعناها ،فإذا عرفها النسان فإنه ل يدرك معنــاها ،ولكن فهما واقعيا صأحــيحا
بعلــم ثابت فيه الفرق بين المتشابه ،فآيات ا المحكمات ل تعني معاني اليات
المـتشابـهات ،لن كل آية متشابهة تعني وجود آية محكمة ،ولكن معناها غير محكم ،لذا
كانت متشابهة ،وكـل معرفة عند النسان لم تكن معانيها محكمة فمعناها متشابه فالكون غير
متشابه بل محكــم فـي معانيه ،والظلمــات هي وحدها المتشابهـة في معانيـها ،إذ تعني
وجود حقيقة ومعاني ثابتة ،إنما بها ل تدرك الحقيقة ،فالفتـراء هو كل معرفة مأخـوذة من
متشابه فيـه كل شيء لتشابــه المعاني الغير المدركة ،بالمعانــي الحقيقـيـة الغير المدركة ،
حتى بالمعاني المحكمة ،وكــل حكمة فهي مما أحكم ا سأبحانه وتعالى فهمه ،وعلــم قانونه
،وأظهر المتشابه فيه ،وكل ما هو مشابه للحكمة بتشابه المعاني يوجب حكما متشابها بحكـم
حقيقي غير متشابه في حكمــه ،والحكم هو الفصل في المعاني المتشابهة ،وإن كان الحكم
ظاهريا دون بحث في ما هو غيبي ،فإن الحكم يكون غير محكم في أحكامه ،ول يمكن أن
يحكم بين المتخاصأميـن حتى فيظههــرا سأبب خصامهما ،وهـذا السـبــب هــو غيبي بالنسبة
لمن يحكم ،وإذا لم يعرف السبب ،فــإن الحكم ل يكون حكما ،والنسان ل يمكن أن يظهر
له ا سأبحانه وتعالى أسأباب الحكم اللهـي الغيبي ،لن معنى الظهار هو معنى الحكم ،
فالنسان بهذا كأنـه يريد أن يحكم على ا فـي حكمه ،لذا فإن ا ل يشرك في حكمه أحذا ،
ويسأل الناس عما فعلوا ول يسـأل عن شــيء ،فكان ا هو الحكم الحاكم ذو الحكمة
المحكمة في أحكامها الغيبية أو الظاهريـة المعلومة فــي معانيها السطحيــة ،فالسأباب إذا ل
أسأباب لــها بالنسبــة للنســان ،لن النسان خلــق فــي السأباب ،ولم يكن النسان سأببا في
السأبـاب ،إل أن يعطــى له سأبب ،وآتــى الـله سأبحانــه وتعالى ،ذا القرنين من كل سأبب
ول يؤتى أحد السأباب في معناها ،بل يــؤتى من السأبــاب معاني تعني معناها في
المعجزات ،فظهور المعجزات لزم لوجــود الظلمات ،فالمعجــزات نـور ،وبيـن النـور
يوجد فـرق ظاهري وفـرق باطني ،كـما أن الظلمات ظلمات في قوتين ،وهذا يشكل الفهم
الرباعـي الذي تفهم بـه كل قـوة في نور أو ظلمات ،ويعرف بع الفـرق بيـن النور والنور ،
وبين الظلمات والظلمات ،فهذه معان بينها فرق في معانيها لكل معنى شامــل لمعنيين .
متشابهين في معنيين آخرين مختلفين متشابهين بالوليين مضادين في قواهما وفــي
معانيهما .إن النــور ل يضــاد النــور ،ولكــن الظلمات تضــاد الظلمــات ،وبيــن الظلمات
والظلمات يوجد نور معبر عن معنى قوتين متضاربتين ،والنور نور في معناه وفيــه نــور ،
وهذا معنى في معنى له معنى واحد ،فكان معنى البشـر فيه معنى وجــود الذكــر والنثــى ،
وكانت النثى في معناها كامنة في معنى معاني الذكر ،وا سأبحانه وتعالى خلق البشر مـــن
نفس واحدة وبث منها زوجها ،وهــذا معنى كــان كامنا في معنى ،وظهر معناه بعد ظهــور
المعنى الثاني وهو النثـى ،ولتكـن المعاني كمعان نفهمها في المعنى فقط دون أن ندركــها ،
وقد سأعى النسان قديما بخلط قوى الرجل بقوى المرأة بحثا عن المعنى الوجودي ،وظــنا أن
20
بذلك يمكن الرجوع إلى الصأل الجامع للذكــر والنثــى قبل الخلق ،ومعنى ذلك فهو سأعــي
لفهم العدم بقــوى الوجــود حتى يفهم أصأل الخلــق وتعرف أسأبابه ومعانيه الكاملة في المعنى
الحقيقي قبل الوجود ،وهذا ل يمكن أبدا ،لن النفصال هو الوجود من العدم ،وكذلـك فــإن
اللـه سأبحانـه وتعالـى ،لم يكن في عدم ،ول في وجود ،بل هو موجود بالمعنى المفهوم فــي
معناه أنه موجود دون جعل السأباب في وجوده ،وهو موجود ل وجوديا بمعنى مادي أو نور
يرى أو قوة ل ترى ،فالمعنى خفي في معانيه ل يعني ما نعنيه بالفهم المجرد ،وا سأبحانــه
وتعالى ،ل يعرف بمعنى أن يعرف في كنهه ،ولم يكن له كنه يعرف ول معنــى معرف بــه
في المعنى المدرك ،لــذا جعل اللــه للناس السأماء الحسنــى لنــدعوه بها دون أن نشكله فــي
معانيها ،وإن ا سأبحانـه وتعالى سأميع بصير ،ولم يكن المعنى هــو وجود بصــر أو قــوى
بصر أو نور بصر ،وهـذه معــان تنفي كل المعانــي التي يعطيها النسان كمعنى سأعيا وراء
فهم السأباب كلها ،وفهم أسأباب المعاني الملخصة في أسأماء اللــه الحسنى ،هل يعلم النسان
ل سأميا ؟ بلى إن اللـه هو اللـه ،واسأم اللـه اسأم ل يدل على اللـه في نفسه ،بل له معنى معين
يعني به ا خالق كل شيء ورب كل شيء حتى ل يبحث النسان عن خالقه بالصفة البهامية
،لن النسان يفهم بكل ما هو معلوم ،ول يفهم النسان بما هو مجهول ،ول ما هـو غيبـي ،
لذا فإنه لن يعرف اللـه سأبحانـه وتعالـى بمعنى معرفته ،ولم يكن ل سأمي ،وأعطي للنسـان
معنى أن ا لم يلد ولم يولد بمعنى مقارن للمفهوم المعلوم لمعنى الخلق الموجود ،أو لمعنــى
العدم ،وبيـن الــولدة وعــدم الولدة عــدم بالنسبة للنســان ،ووجود عدمي كذلك ،فالعــدم
والوجود خلقا في عالم موجــود كامن في سأر الوجــود وسأر العدم ،فالفهم الرباعي أيضــا ل
يمكن به فهم الخالق ول فهم أسأبــاب كـل ما هو مخلوق ،ول يمكن أن يعتقد النسان أن اللــه
يرى لنه ل يرى ،فالرؤيا من نور ترى به معان ظاهرية ،وتعني ما يراه النسان ،وكل ما
تراه العين مدرك في القوى دون إدراك القوى نفسها ،وأعطي مثل للنسان أنه يجعل أشيــاء
تضيء وتلقي الضوء ،ول يمكن مهما تبلغ معرفة النسان أن يجعل شيئا يظلم ويلقي الظـلم
،وهذا هو المعنى السأتحالي في معناه ،فالظلم فمحيت آيته ،فأصأبح ظلما بمعنى ظـــلم ،
والعدم ظهرت آيته فكانت نورا ،ولــم يخلــق النسان نــورا عدمــيا ظاهريا حتى يتمكن مـن
الرجوع إلى العدم ،فتمحى آيته التي أظهـرها اللــه سأبحانه وتعالى ،وإذ خلــق النسان مــن
تراب ونفخ فيه من روحه ولم تكن ل روح ،بل الروح من أمر ا أنها جعلت ولم تكن منه ،
ول تدرك ،لنها سأر خلق النسان ،وكيف خلق النسان ؟ ثم هـل النسان في عالم
وجــودي أو في عالم وجودي وجـودي في معنى الوجــود ؟ فالــوجود عدم والعدم وجود ،
إن لم يفهـــم المعنى ،وليتربص النسان علـى نفســه ،فما دليلــه على أنــه إنســان ،وهــل
تفكيره دليــل وجودي؟ ما معنى التفكير في معناه أو الدراك في معانيه إن لم يفهم النسان
معنى التفكيـر ،ذلك كظلمات مــن فوقــها ظلمــات دون وجود نور فيها ،حتى يعرف
التفكير بالتفكــير ،ول العقل بالعقل ول الخيال بالخيال ،فلبد من ثالث فهم في معنى تفكير
ثالث ،ثم لبد من معنى ثالث لفهم معنى العقل ،ولبد من واقع فهمي في معناه لفهم الخيال ،
ول يفهم التفكير والخيال والعقل إل بشامل لمعنى رابع فيه التفكير والخيال والعقل ،وإن كان
ذلك فإن الرابع لن يكـون العقل ،لن العقل ل يفهم بالعقل ،والشيء الرابع هـو الروح ،فمن
يســأل عــن الروح فإنــه
21
يسأل عن العقل ،ومن يسأل عن العقل فإنه يسأل عن الخالق ،ومن يسأل عن الخالق بمعنى
معرفته في نفسه ،فإنه قد فقد معناه أنه مخلوق فيما يعنيه في نفسه ،فقال ا سأبحانه وتعالـى
ل تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم ،وكل شيء يسأل عنه النسان ،ول يجد له جوابا فـإن
ذلك يسوءه ،والنسان يكثر الجدل ،لذا فهو إنسان في مشكل بين نور وظلمات ،والهدى هو
الذي بين النور والظلمات ،ثم إن الهدى من عند ا ،فكـان المعنى رباعيا في معانيه ،وكـل
فهم مفهوم فهو غيــر مفهوم في حقيقتــه ،ولكنــه مفهوم بمجــرد الفهم فقط ،وحتى ل يكـون
النسان فهمه إبهاميا ل معنى فيه ،كم من كثل يراه النسان مثل وما هو بمثل ،وكم من مثل
هو مثل فل يرى فيــه النسان مثل ،وكــل المثل التي يعطيها النسان ،ل تكون مثـل إل إن
أعطي بها ا مثل ،وا هو الذي يضرب للناس المثل بكل مثل ،وإن ا سأبحانه وتعالـى ل
يستحيي أن يضـرب مثل ما بعوضـة فما فوقــها ،وما للنسان من مثل حتى يضربه ،إل أن
يضرب بالنسان المثل على أنه يقفو ما ليس به علم ،لذا فإن ا سأبحانه وتعالى يبـدل أمثــال
الناس ،وما ا بمسبوق على أن يبدل أمثال الناس وينشئهم فينا ل يعلمون ،ولقد أصأاب اللـه
الناس بما يستعجلون من العذاب ،فجعل من الكفار القردة والخنازير وعبـدة الطاغوت ،فهذا
مثل يضربه ا سأبحانه وتعالى للنسان ،إن النسان قد يخلقه ا قردا أو خنزيرا إن كفر فل
يعلم من ذلك شيئا ،واللــه ولــي المر ينسخ اليات ويأتي بمثلها أو بأحسن منـها ،ذلــك لن
النسان يحاول أن يعطـي لشيء معنى ليـس فيه معنـى ،وا جعل لذلك الشيء معنـى آخـــر
.يعني معناه
إن النسان فقد معناه ،فكان كاليتيم فيقهر ،وكالسائـل فيحرم ،إن اليتيــم ليس الذي فقد أهلــه
فقط ،بل اليتيم من خسر نفسه فخسر أهله يــوم القيامة ،والسائــل المحروم هو الذي يضــــع
السأئلة فل يجد الجواب ،لذا فإن القرآن مثانـي في المعنى وفـي المعانــي ،وكذلك في القــوة
الكامنة فيه ،وفي اليات ،آيات محكمات وأخر متشابهات ،أما اليتيم الذي نعرفه فالناس قــد
عرفوه ولم يحسنوا إليه ،والذي ظن أنه لم يكن يتيما ول سأائل محروما ،فإن ا سأينزع منـه
أهله يوم القيامة ليعرف أنه اليتيم وأنه السائل المحروم ،ويوم القيامة فإن الكافر لن يسأل اللـه
عـن شـيء ،بـل اللـه هو الذي سأيسـأل عما فعل ،فالكافر هو السائل المحروم ،وأما اليتيم أو
السـائل أو ابـن السبيـل فـلم يحـرم مـن شـيء لنـه غنيـا مـن التعفـف ،فـذلك ما يراه الجاهـل
ويحسبه ،والجاهل يرى ما ل يراه المؤمن ،لن الجاهل يرى بالجهــل فيجهل نفسـه ويجهـل
الجهل نفسه ،ونفسه لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت ،لذا يكون يوم القيامة على نفسه حسيبـا
ويوم الحساب ل تفهم فيه قوانين الحساب ،لن الحساب بالنور قانون آخر فيه حكم الحساب ،
وا أحكم الحاكمين ،جعل اثني عشر شهرا في كتابه لنعلم عدد السنين والحساب ،فإن قلنـــا
إن يوم القيامة فيه معنى لحساب ،فلن يكون حسابنا موافقا للحساب الذي جعل ا ،لن يومـا
عند ا كان مقداره خمسون ألف سأنة مما نعد ،لذا فإن يوم الحساب يكــون حسابه غيــر مــا
يتوقعه النسان ،لن كل شيء يقلب في معناه ،لن ا يبدل السيآت حسنات ،ويجعل عمــل
الكافر هباء منثورا ،وقد يشقى من ظن أنه عمل عمل صأالحا ،فلنسان لن يدري ما يفعله
به ا ،فهو إلى ما شاء ا ،ول يمكن للنسان أن يزكـي نفســه ،كذلك اللــه يفعــل ما
22 شــاء ،
فالمعاني في معانيها ل تعني معنى يمكن أن فيصير به النسان .إن العبادة معناها طاعة اللــه
واعتبار مثله وأحكامه وأقواله دون لزوم لتصحيحها .فالنسان لن يعرف هل هو بين السمـاء
والرض أو هو في السماء أو في الرض ،ويوم ينفخ في الصـور صأعـق من في السمـاوات
ومن في الرض إل من شاء ا ،ترى هل المعنى في هذا أن الملئكة سأتأتيهم الساعة وهـــم
يعبدون ا ويقدسأونه تقديســا ؟ إن النســان ليقفـو ما ليس له به علـم ،لنــه يجهل أن معنـى
العبادة هي طاعة ا ،فإن قيل للنسان إنك في السماء ،ليقل آمنت بال دون أن يبحث عـــن
المعنى الحقيقي ابتغاء تأويل ذلك وتصحيحـه ،وبأي دليل يعرف النسان أنه فــوق الرض ،
عرف النسان ذلك لن ا سأبحانه وتعالى هو الذي قال ذلك ،وإذا أراد النسان أن يتيقن منه
ليعرف مكانه ،فإن المعنى ينقلب ،فلن يعرف مستقره ،وقد يجد نفسه في مكان غير موجود
وله صأبغة الوجود ،إن ا شديد المحال ،ل يشرك في حكمه أحــدا ،وهو خير الماكريــن ،
وإن قيل للنسان إنه فوق الرض فليقل آمنـت باللـه ،وهذا هو اليمــان بالغيب .إن الجبــال
لتمر مر السحاب ،وليس معنى ذلك يعني دوران الرض ،لن ا ل يقـول إن الرض تمـر
مر السحاب ،وهو أعلم بسر القول ،بل النسان يرى الجبال يحسبها راسأية وهي تمــر مـــر
السحاب ،ليكن المعنى كما هو ،إذ النسان قد أعطى للمعاني الحقيقية معاني أخـرى ثانيـة ل
تعني المعنى الصألي ،وهــذا معنــاه أن النســان أعطى معرفة أخرى يتباهى بها أمام العلـم
الذي أنزله ا .وإن المر كما هــو وعد اللـه بيوم لن يخلفه الكافـر أبــدا ،لذا فإن اللــه يمــد
الكافرين في طغيانهم يعمهون ،ومعنى هذا فليستمـر النسان فــي ما هــو عليه حتى تعــرف
النتيجة ،وكــان المشكــل أسأاسأــه :أن النــاس ظنوا أن المعرفة التي يدلي بها الكافر حقيقة ،
وانفضوا حول من ظنوا أنهم أهدى سأبيــل ،وتغير المعنــى وتغير كل شيء .وإذا بالنســان
يقول إن الطبيعة خالقة نفسها ،وما هذا إل قـول ،والكافــر قائلــه .وحكــم اللــه غيــر ذلك ،
والمعنى غير المعنى الذي يراه النسان كمعنى ،فحقيقـة السماوات والرض حقيقة
أخــرى ،ولو عرف النسان شيئا عن الرض لوصأل إلى الراضي السبع وعرفها ،
ولبتغى إلــى ذي العرش سأبيل ،فالمعنى هو أن النسان في الرض إذا آمــن بذلك إيمان
بالغيــب دون تأويــل المعنى في الحقيقة والمعرفة ،والنسان في مكان غير الرض التي هو
عليها إذا سأعــى إلــى معرفة الكون بنفسه دون علم من عند ا ،واللـه يستــدرج الكافرين
يوم القيامة من حيــث ل يعلمون ،ويبدل المعنى الذي جعله النسان ،ويبقى المعنى الـذي
أعطاه ا ،فيبــدل الرض غير التي نحن عليها ،وإذا بالناس في الساهرة وبرزت الجحيم ،
إن الملــك للـه ل يعلمــه إل هو ،وقد أعطى علما ونورا ،إن ا سأبحانه وتعالى مكن لذي
القرنين في الرض وآتاه مــن كل شيء سأببا ،وإن ذي القرنين بلــغ معــرب الشمس
فوجــدها تغرب في عين حمئة ،ومـن يعتقد غير الذي أنزل ا في كتابه ،فإنه مشرك حتى
ولو كان مؤمنا ،وما يؤمن أكثـر الناس بال إل وهم مشركون ،فاليمان ل يكفـي ،والفـرق
بيـن اليمان والسألم بوجـود العبـادة أو الشرك ،فإن المعنى كــما هــو ،معناه أن النســان
قد يؤمن ببعض الكتاب ويكفر ببعضــه ،والكافر لن يهتدي أبدا إلى معاني الشياء ،ولن
يعرف أبدا واقع الكون ،لنه لو عرفه لمــن بال ،ولنه لم يؤمن ،فمعنى ذلك أنه لم يعرف
المعنى ول الحقيقة ،إن المعنى واضح لمـــن آمن بال ،وغير واضح لمن كفر بال ،وإن
المؤمن كافر والكافر مؤمن ،ومعنــى ذلــك لــه
23
معان رباعية متضاربة فـي معانيــها ،فــإن المؤمــن كافــر بالطاغــوت ،والكافــر مؤمــن
بالطاغوت ،وقد يكون المؤمن كافرا باللـه وأشرك بـه ،وهذا معنـاه أن الكافر قد يؤمـن باللـه
وهو كافر ،واللـه يقـول :ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر ا ،فإن لم يكن الخشوع
يكن الكفر رغم وجود اليمان ،وما كانـت أمة لينفعـها إيمانها إل أمـة يونس متعهم اللـه إلــى
حين ،فما الذي يعني هذا ،وليكفر النسان قليل لعــل المعنى خفي ،هل المم الخرى التــي
آمنت بربها كافرة ؟ إن المعنى كان فيه مثــل للناس ،إن بنــي إسأرائيل قالـوا إنهم أبنـاء اللــه
وأحباؤه فعذبهم بذنوبهم ،وإن الناس اليوم ليعتقدون معنى ل يعني شيئا في معناه أنهم من أمة
محمد صألى ا عليه وسألم تسليما ،وأنه سأيغفر لهم مهما كانت خطاياهم ،بلى ،إن ا يعذب
كل من أحاطت به خطيئاته ،ولقد كان الناس أمة واحدة ،والبشر بني آدم عليه السلم ،ومن
آدم افترق الناس فمؤمن وكافر ،فلم ل يكون هذا شأن المم كلها ؟ ولم ل نقـول إن مــن أمــة
محمد عليه السلم يكون كذلك مؤمنون وكفار ؟ لذا قال ا سأبحانه وتعالى إنــه ما كانت أمــة
لينفعها إيمانها إل أمة يونس ،وذلك معناه أن أمة يونس عليه السلم آمنــت كلها فكانوا مائــة
ألف أو يزيدون ،فل ينفع الناس اليوم إيمانهم إن لم يكونوا مسلمين ،فما للكافرين يوم القيامة
من حميم ول شفيع يطاع ،وإن إبراهيم عليه السلم سأأل ا سأبحانه وتعالى أن يرحم ذريته ،
وا سأبحانه وتعالى أثبت أنه ل ينال عهده الظالمون ،فليقل المؤمنون اليوم والذين لم يسلموا
بعد ،هل اتخذوا عند ا عهدا ،فإن كان كذلك فإن ا لن يخلف عهده ،ومعنى عهد ا فــي
هذا المعنى ،أنه وعد الكافر بالعذاب والمؤمن بالرحمة ،فالمعنى ثابت فـي معناه أنــه يعنــي
معانيه ،ليدخل المؤمن المسلم إلى الجنة بغير حساب ،إن ا مالــك الملك ،وكل نفس لها ما
كسبت وعليها ما اكتسبت ،وهذا شأن المم كلها ،والمعنى بقي معناه أن من تبع هدى ا فل
خوف عليهم ول هم يحزنون ،والمعنى الثاني في الفهم الرباعـي معنـاه أن العـراب قــالــوا
آمنا ،فقال لهم ا سأبحانه وتعالى بأن ل يقولوا أنهم آمنـوا ،بل أسألموا ،ولما يدخل اليمــان
فـي قلوبهم ،وهذا معناه في فهمـه أن النسان قــد يكون مسلما بتطبيقــه للديــن ،ولكــن دون
وجــود إيمان ،والفهم الرباعي في هذا هو معنى اليمان والسألم ،والمعنى الثاني السألم
واليمــان ،فالمعنــى ل ينفصــل فــي معانيــه ،وأن يفهم المعنى فمعناه أن العلم قد ل يغني
النسان شيئا إيمانا باللـه دون إسألم ،أو إسألما دون إيمان ،والعبادة شاملة للربعة معاني ،
ولن تكمل العبادة إل بهذا إن النسان قــد يكـون ظلــوما كفارا ،إن لم يصــدق بمعاني الكفــر
وبمعاني اليمان المختلط بالكفر ،ثم معاني الكفر المختلط باليمان ،ويكون النسان جهــول
متى جعل معاني مثل ا سأبحانه وتعالى ،لن ا يضرب المثال للناس لعلهم يهتدون ،وإن
ضرب ا مثل للناس إذا بالكافر يقول مــاذا أراد اللـه هـذا مثل ؟ وما كان المثل إل إظهــارا
لكفر الكافر وللكافر نفسه ،لنه يسأل عما يريد ا بمثله ،ول يعتبرها مثل بل يتخذها هزؤا،
وا سأبحانه وتعالى يستهزيء بالكافرين ويختم على قلوبهم وعلى سأمعهم وعلى أبصارهــــم
غشاوة ،لذا فإن الكفار مفســدون ،ولكن ل يشعــرون ،فالشعور إذا أسأاس المعانـي وأصأــل
الخشوع ،لذا فإن المؤمـن يخشع قلبـه لذكر اللـه ،وإن معنـى المعنـى في معانـي المعاني لــه
.معنى ومعان أخرى
24
25
إن معنى المعاني في معاني المعنى ما هو إل وزن الكلم لفهمه بمعنـى مفهوم ،ل يمكــن أن
نفهمه دون إدخـال معنــى مفهوم لمعــان غير مفهومة ،فالمعاني هي كل مثال يضربــه اللــه
سأبحانه وتعالى للناس ليفهموا معنى وضعهم ،ومعنى معاني الفهم الصحيح بالعتقاد الثابت .
إن ا قال للناس إن مثل عيسى عند ا كمثل آدم خلقه من تراب فقال له كن فيكون ،
ومعنــى هذا أن من لم يهتد إلى فهم معنى خلق عيسى عليه السلم ،فليفهم بمعنى آخر فيه
مثال لخلــق ا ،إذ خلق آدم عليه السلم من تراب فقـال له كن فيكون ،فالمعاني لهــا وزن
فــي ميــزان تعادلي في الفهم ،له معــان شاملــة للفهم المفهوم بالمعنى .والنسان إن فكــر
فــي الميــزان الكوني وفي معانيه ل يجد في خلق الرحمن من تفاوت ،والنسان إن يفكر
يرجع البصـر فــل يرى من فطور ،وإن يرجع البصر كرتين ينقلب البصر خاسأئا وهو
حسير ،فل يمكن معرفة حقيقة ما خلق ا سأبحانه وتعالى ،ول يمكن إدراك أسأباب الخلق
لذا يعجز النسان عن فهــم بعد أن يرجع البصر كرتين في فهمين لهمــا معنييــن مختلفيــن ،
فينقلب البصر خاسأئا وهــو حسير ،إن المعنى شامل في معناه أن ما على المؤمن المسلم إل
أن يفكر في خلــق السماوات والرض ،ويقول :ربنا ما خلقت هذا باطل سأبحانك فقنا عذاب
النار .إنه لحق أن من يسعى إلى معرفة السماوات والرض يعذب في النار ،ول ينجو من
عذاب ا إل من قـال سأبحــان ا ،وأدرك المعنى الحقيقي في معناه ،أنه يسبح ل ما في
السماوات وما في الرض ،مثـال ومعنى أن كل من فـي السمـاوات والرض ل يبحـث فـي
الغـيب إل النسـان ،فكان النسـان ظلوما كفورا ،وكان جهول لنه ل يطيع ا في
أوامـره ،إذ اللــه يأمر بعبادتــه ،ول يأمــر بالبحث في الكـون ل بصفــة ول بأخــرى ،لم
ل يأخذ النسان مفهوم معان تنطــوي عليــه ،فالنسان إن ملك شيئا حازه إليه ،ول يترك
من يحيــط به معنا لفهم معنى ما يمتلكه ،فكيــف للنسان أن يقبل فهما معناه أن ا سأيقبل أن
يبحث النسان في ملكه ،والنسان نفسه من ملك ا ،إن ا مالك الملك ،يحكم بالحق ،ول
يشرك في حكمه أحـدا ،يجــب على النســان أن يرى عدل ا في كل شيء ،في رحمته ،
وفي عذابه ،وفي الخير ،وفي الشـر ،لن الخيـر والشر من عند ا ،وا يرحم ويعذب
من يشاء .إن عدل ا في كل شيء ،لن معنى ذلـك أن كل ما يصاب به النسان من
مصائب ما هي إل من نفسه ،وليكن المعنى ظاهرا في معناه أن اللــه ليس بظلم للعبيــد ،
ومن يــرى الظلم في حكــم ا يحكم عليه بحكم ل ظلم فيه .إن النسان يرى معاني من
جهته ،ول يرى معاني مثل اللــه .إن الذيــن قالوا إن ا فقير وهــم أغنياء ،لم يفهموا معنى
الفقر والغنى إن النسان فقير مهما كان غناه ،لنه فقير إلــى اللــه ،فقير لمعنى رحمة ا ،
فقير إلى العلم والحق والهدى ،ولهذا فإن أموال الناس ل تغني شيئـــا أمام ا ،لنه هو الذي
أغنى وأضحك وأبكى ،إن الذي يضحك كثيرا ما هو إل ضحك قليل يأتي بيعــفد بكــاء
كثيــر .فليكـن المعنى كما هو في معناه أن النسان يفرح بما يؤتى ،وا ل يحب الفرحين
ول يحب القانطين ،وبين الفرح والقنوط توجد السكينة والطمئنان ،لــذا فــإن قلوب
المؤمنين تطمئن بذكر ا ،فذكر اللـه أسأاس الطمئنـان ،وإن اطمـأن القلب اطمأنت
26
النفس ،فترجع إلى ربها راضية مرضية وتدخل الجنة لتسكن فيها ،والجنة هي مكــان كـــل
سأكون ،ول يسمع فيها لغو ول يوجد فيها غل ،لذا فإن ا يأمر بالصبر حتـى يمكــن للنــاس
دينهم الذي ارتضى لهم ،وهذا معناه أن ا يرى الظلم الموجـود في الرض ،ول يمكــن أن
نرى في هذا غير العدل ،والمعنى لهذه المعاني ،أن النسان ل يجب عليه أن يفكر في الحياة
الدنيا ومشاكلها ،بل عليه أن يفكر في مشكله الخاصا به ،ويبحث عن الطمئنان حتى ترجـع
النفس راضية مرضية إلى ربها ،وهذا يظهر أن على النسان أن يفكر في اليوم الخـر حيـن
يحشر فردا ،فكان حكم ا على من يسمع إلى فهـم معنــى مثل ا في كتابه أن ل يصل إلـى
شيء في الحياة ،إل لما شاء ا ليعذبه به .لذا فإن الحياة الدنيا صأعبة .لن النسـان يسعــى
إلى ما لم يأمر به ا ،فكان أن من أراد حرث الخـرة يزد له اللـه في حرثه ،دون أن يطلب
النسان ذلك ،ومن أراد حرث الحياة الدنيا يؤتيه ا منها مـا شــاء اللــه ،ولهذا فإن النســان
يطلب الزيادة في الحياة الدنيا ،فل ينال شيئا إل من كفر فإنه يقول ليؤتين مـال وولـدا .واللــه
سأبحانه وتعالى يرثه ما يقول ويحشره فردا ،إن كلم ا ثابت في معانيه إل أن النسان يبدل
المعنى ليفقد معناه كإنسان ،فل يمكن لمؤمــن أن يفرض إيمانه ،لن ا يمـن عليه أن هــداه
لليمان ،ول يمكن أن يقال إن كل من آمن بال ل يصاب بشيء ،لن المؤمن وجب عليه أن
يثبت إيمانه ،ول يمكن للنسان أن يقول آمنت بال ثم ل يفتن ،وا يعلم الصـادق والكاذب ،
وا هو الذي يظهر صأدق النسان ويظهر كذبه ،لذا أرسأــل النبيــاء والرسأل عليهم السـلم
مبشرين ومنذرين ،ولو ترك ا النــاس دون أن يرسأــل الرسأـل لما تبين لنا حقيقــة النـاس ،
وكأن الناس ل يكفرون ،وإذا قيل لهم إن شيئـا هـو ل فل يمسـوه ،إذا بهم يمسوه ،وقـد قـال
صأالح عليه الســلم لقومه هــذه ناقة ا فل تمسوهـا ،وإذا بقومه عقروها ،ولو لم يظهر ا
مثل في الناقة لما تبين للناس شدة كفر قوم صأالح عليه السلم ،ولـو شــاء الرحمــن لخــرج
أضغان الناس ،لن اليمان بال ل يكون سأهل ،وليس المعنى أن ا هو الذي جعله صأعبـا ،
بل الذين يسر ،ولكن النسان هو الذي يكثر الجدل ويستفسر المعنى ولسأيما معنــى المنــع ،
وضرب ا مثل بآدم عليه السلم ،إذ لم يجد له عزما ،منعه عن الكل من الشجرة ،ولو لم
يبحث في معنى المنع لما غره إبليس ،ولما أكل من الشجرة ،وقـد تـاب الـله علـى آدم عليــه
السلم مثال لنبي آدم أن من يفعل سأوءا ثم تاب فل إثم عليه ،إن اللـه أصأدق القائليـن وأحكــم
الحاكمين ،ومن يصدق من الناس في القول ،فإن ا يجعله من المحسنين ،ويحكم بالحــق ،
ويرجع الحكم ل رب العالمين ،ويدخل جنة النعيم ،ويحشر مع الصالحين ،إن المعاني كلها
لها معنى أن ا هو الملك الوهاب ،يهب ما يشاء لمن يشاء ،ويفتن من يشــاء ويتوب عمــن
يشاء ،إن ا هو التواب ،إن النسان لن يهتدي إلى شيء من علم ا إل إذا هداه اللـه ،ومـا
قول الذين قالوا بجهل إنهم يعلمون إل إظهارا لمعنى يعني أنهم ل يعلمون ،ولو كان النسـان
صأادقا في القول إذ يدعي العلم ،لما أصأابه ا بمصـائـب ل علم للنسـان عليها ،كذلـك اللـه
يضرب المثال حتى يعلموا أنهم ل يعلمون ،ومن علم أنه ل يعلم ،فليطلب العلم من ا .إن
من المعاني ما فيها معنيان اثنان ،نرى الحجر حجرا مجردا من المعنى ،إن لم نفهم أن مــن
الحجارة لما يتفجر منه النهار ،وأن منها لما يشقق فيخرج منه الماء ،وأن منــها لما يهبــط
من خشية ا ،كذلك أظهر ا في كتابه ،وإن من لم يؤمن بما جعـل اللـه ،فإن اللـه قد أعــد
27
جهنم وقودها الناس والحجارة ،أعدت للكافرين ،فالنسان يجزى بســوء عملــه ،ويجــزى
بالمعنى الحقيقي للمعنى الذي يعطيه النسان للمعاني التي أظهر ا معناها .إن من الكفـر أن
تخفى معاني الشياء إظهارا لمعان أخرى لم يكـن لهـا أصأـل ول معنـى ،إن معانـي المعانـي
معناها معرفة معنى المثل واليات التي أنزلها ا معنى ثابتا ل تغيير فيه انطلقا من المعنـى
الحقيقي ،مع ترك كل معنى هـو غيبي ل يمـكـن إدراكـه ول إدراك معنـاه ،فالعاقل عليـه أن
يكتفي بما علم ا ،ول يقفو ما ليس له به علم ،إن النــاس قــد غـيـروا معانـي الشيـاء ،إن
القرآن لم يغير ،ولكن الناس بدلوا معاني القرآن ،وهــذا معناه تحريف الكلــم عن مواضعــه
حتى ولو لم يكن هناك تغيير ظاهري في ما كتب في القرآن ،بل تغــيير في المعنى ،والــذي
غير معاني المثل التي علمـها اللـه وأظهرها في كتابه ،فإنه قد حرف الكلم عــن مواضعــه ،
ومن أحل شيئا بغير علم إسأنادا بمعنى أعطاه لية بتغيير معناها ،فإنه قد اشترى بآيـات اللــه
ثمنا قليل ،وقد سأبق من شرب الخمر وأحله بمعنى آيــة أن ل جنـاح على المؤمنيــن فــي مـا
طعموا ،وقد غير الناس معنى آية في معناها أن الرجال قوامون على النساء بإعطــاء معنــى
آخر أن المرأة بإمكانها أن تعمل وتشتغل ،وبإثبات خاطيء أن اليــة ل معنى فيها للمنع مــع
إبقاء حق معناه أنر الرجال قوامون على النساء في أشياء أخرى .وإن من يقـول إن اللـه حـل
في جسمه فمعناه أنه يدعي الولهية ،حتى ولو لم يقل إنه إله ،ومن قال إن النبي عليه السلم
يحل في جسمه فكأنه قال إنه نبي ،حتى ولو لم يقل إنه نبي ،ومن قال إنـه ل إثبـات لتحـريـم
الخمر ،فإنه أحل الخمر ،وكل تغيير لمعان لم تقارن بمعان أخـرى فــي القــرآن ،وإن هــذا
المر في معانيه كثير ،ولكن معناه الحقيقي ثابت ل تغيير في معانيه ،إنما النسان هو الـذي
يغير ما بنفسه ليغير ا ما بالنسان .إن الصدق صأدق في معانيه ،وهو فرق الكذب ،ولول
وجود الصدق لما عرف النسان الكذب ،ولول وجود العلم لما عـرف النسان الجهــل ،وإن
الناس ليحكمون على أنفسهـم ،وهـذا فـي الحـياة الدنيا فقط لن يوم القيامة ل ينفــع الكاذبيــن
صأدقهم ،لن القول قد حق عليهم .إن الصدق هو صأدق القول ،والقول هو ما قال ا ،لن
في قول ا صأدقا ،إن الكافر لن يصدق في قولـه أبـدا ،ولـن يصـدق فـي معرفتـه مهـما بلـغ
تطورها ،وقد لبس المؤمن اليوم لباس الكافر ،فلم يعد هناك فرق بينهما ،وهذا بلء من عند
ا عظيم ،ولو لم يكن هناك تغيير لما تغير أصأـل المؤمـن ،وإن قـال النـاس إنهـم لم يكونـوا
للحق عالمين لقيل لهم إنهم كانوا للكذب متبعين ،وإن ا سأبحانه وتعالى قد أظهـر لــنــا فــي
كتابه أن المنافق إذا رأيناه يعجبنا جسمه ،وإن يقل نسمع لقوله ،ولكـن ا يصــف المنافقيــن
كأنهم خشب مسندة ،يحسبون كل صأيحة عليهم ،وإن ا يحذرنا بأنهم العدو لنحذرهم ،وإن
الذين يتبعون معرفة الذين ل يعرفون ،فكأنهم يقولون بأن هتم أهـدى سأبيـل ،وإن قيـل اليـوم
لحد إن ما يفعله بدعة فــي الدين ،إذ بــه ينكر ذلــك ،وكأنـه يقـول :أن هكـذا وجدنـا آباءنـا
يفعلون .إن المر له واقعه ،حتى ولو أخفى النسان معناه ،فإن معاني المعانــي التــي فــي
القرآن تنطبق على النسان في أي عصر كان ،وهذا معناه أن كل ما يفعله النسان له معــان
في القرآن غير ظاهرية في معانيها ،ولكن ل تخلــو من معنـاها الحقيقـي ،وإذ يعنــى بها أن
النسان فقد معناه الحقيقـي ،فأصأبــح النسان اليــوم دون معنى يليــق به ،ومــن يفقد معنــاه
كمؤمن بال ،فإن ا يعطيه معنى آخر يعني حقيقة المعنى أنه كافر ،فاليمان والتقـوى همــا
28
جاعل الفرق بمعناه بين الناس ،لتلبس النفس التقوى ،فيكون النسان تقيا ،وليلبـس الجســم
التقوى ،فيه سأتر فذلك خيـر ،مـا مهمة النســان ؟ وكيف جعل لنفســه مهاما أخــرى ؟ ومـا
المهم في الحياة الدنيا ؟ حمل النسان مهمة أخرى فيه مسؤولية ل معنـى فيهــا بينمـا المعنـى
الحقيقي هو أن النسان قد حمل المانة فغفل عنها ،إن الشر قــد انتشر فــي الرض ومعنــاه
دليل الخير ،وهذا يدل على أن أمر ا قريـب ،وكان دائما قريبا ،وكل عذاب يأتــي النــاس
فهو شر على الكافر وخير على المؤمن ،وهذا معناه أيضا معان تعني معاني أخرى ل تثبت
إل بمعان أخرى تجعل واقعها وسأرها ،ولو فكر النسان في سأر الشياء لوجــد أن السأــرار
كلها غيبية ،لذا وجب اليمان بالغيب ،فالساعة قائمة ل ريب فيها ،وليكن معنى النسان أنه
إنسان خلق من أجل عبادة ا ،والعبادة تلزم احترام حدود ا وتقديـره ،والنسـان إن يغفـل
عن الحق ،فإن ا يتركه في غفلة حتى تأتي الساعــة بغتــة ،وقد ظــن الكثيـر أن مـن مـات
مــن القوم الكافرين ل يحضرون في قيام الساعة ،لنهم ماتوا قبل أن تأتي الساعـة ،ما هــذا
إل قول الجاهلين ،بل كل من كفر بال سأيكون حاضرا يوم تقوم الساعة ،وليفكر النسان في
معنى ذلك ،حتى ولو خفي المعنى ،فإن الناس سأيحشرون في الحشر الول ،وتأتيهم الساعة
بغتة كما وعد ا ،فإن المعاني تبقى معاني على أصألها في كل قول يقوله سأبحانـه وتعالــى ،
وكان على المسلمين أن أدخلوا معرفة قوم جاهلين ،وكان أولى لتلك المم أن تأخذ العلم مــن
المسلمين لمعرفة الحق ،وكأن السألم لم تبق له دعوى ،وكأن الناس لـم يصبحــوا قادريــن
على أن يفهموا معنى الخبيث ومعنى الطيب ،لنهم ل يـرون منكـرا لنهوا عنـه ول معروفــا
ليأمروا به ،ولكن الشيطان يرى ما ل يراه الناس ،لنهم اتبعوه ،ويوم القيامـة يتبرأ منهــم ،
فالنسان في مشكله ،ولن يجد له حل إن لم يعرف أنه مشكل ،ومشكل النسان معناه غـرور،
وقد غرت به الحياة الدنيا ،ومتاع الحياة الدنيا فهو متاع الغرور ليس له حقيقة ،بــل خيـال ،
لنه يوم القيامة ل يبقى .ولو كان حقيقة لما فني ،ولدخل الكافر جهنم دون أن تقوم الساعة،
ولكن قيام السعة دليل معناه أن النسان يعيش عالما لم يكن واقعيا ،فالحقيقة عنـد ا ل تفنى،
وكل شيء له خلود ،فهذا معنى في معنى أسأاس معاني المعنى ،وما هي شروط النسان فـي
الحياة الدنيا ؟ كأنه يشترط على ا أن يعيش في عزة وفي رفاهية وفي ملك ل يبلـى ،وكــان
أسأاس المعنى أن ا أخذ من النسان عهدا وميثاقا أن ل يعبـد إل اللـه ول يشرك بــه شيــئا ،
والنسان لم يوف بعهد ا ،ويشترط على النسان شروطا أخرى ظاهرة في كل المحـرمات
،لهذا فإن النسان يعيش في عالم قديم في المعنى ،إذ ل وجـود للرفاهيـة فيـه ،وكـم يتخـيـل
النسان السعادة ،ويتخيل أن ل يشقى ،وكيف يكون ذلـك وهـو يلعـب ضحـى ويـنام دون أن
يذكر ا ول قليل ؟ إن اليام تمر كالجبال مر السحاب ،وإذا بيوم يفاجأ فيه الناس تسير فيـــه
الجبال فكانت سأرابا ،وما السراب ؟ إنه شيء يوهم به ا النسان ،ومعناه يعني شيــئا غيـر
موجود ،كذلك هو مكر ا ،لنه خير الماكرين ،ل يمكنه أن يترك للنسان شيـئا يفسد فيــه
إل أن يكون ذلك الشيء سأرابا ،ومعــناه أنــه غيـر موجود ،ولم ل ؟ وقــد عــرف الناس أن
بالسحر يظهر الساحر أشياء غير موجودة ،ألم يكن ا بقادر علـى أكثر من هذا ؟ بلــى ،إن
المر معناه حقيقي ،وواقع فوق كل واقع يعرفه النسان ،يوم تبدل الرض غير التي عليــها
النسان .إن معنى هذا أن الواقع بعيد في معناه عن النسان ،فالنسان لـم يفسد فــي الرض
29
الحقيقية .وكيف له أن يفسد في ملك ا ،وا قد أحكم ملكه ،ولو أفســد النسـان في أرض
حقيقية لخذته العزة بالثم يوم القيامة ،وحتى لو أدخل النار لقال الكافر بعزة بالثم ،إنـه قـد
تمكن من الفساد ،وأفسد في الرض ،ليعرف النسان أن معاني المعاني ليست واضحـة فـي
معناها .فلنسان يأكل ويسرف ويبذر ،إنه لم يطعم أبــدا طعاما حقيقــيا ،بل طــعاما خيالــيا
كسراب ،لن ا وعد الكافر بأن يطعمه من شجرة الزقوم ،وإن قيل للمؤمن بـأن ل يسعــى
وراء عرض الحياة الدنيا ،فلن ا سأبحانه وتعالى يرشده إلى الحقيقة بأن متاع الغرور كـان
غرورا ،ومعنى ذلك أنه غير موجود في الحقيقة ،ولو كان ذلك حقيقـيا لورث اللـه الرض
للمؤمنين ،ولسأكنهم فيها ،ثم يعذب الكافرين في النار دون حاجــة إلى الجنـة .ولكن الجنــة
هي الواقع الكوني الحقيقي الذي يعيش فيــه المؤمن بعد الخــروج من عالم غير مــوجود
فــي وجود حقيقي ،ليتصور النسان فهما بسيطا في معناه أن رجـل مشــركا بغــى علــى
مؤمنــة ونزع منها طهارتها ظلما ،فكيف يكون المر لفهم معناه عندما تدخل المؤمنة الجنة
وتتـزوج مؤمنا آخر ،فإن المعنى المراد به معناه أن المؤمنة لن تهدأ أبدا حتى ولو دخلت
الجنـة لنـهـا سأتفكر في المر الذي وقع في الرض وفي الحياة الدنيا ،وليكن المعنى أن ا
جعـل أمــره ،فهو سأيبدل الجسام يوم القيامة للمؤمنين ن ومعنى هذا أن الجسام التي يعيش
بها المؤمن في الحياة الدنيا لم تكن جسما حقيقيا في معناه جسما صأوريا ويضمحل كالسراب
كما سأتضمحـــل الجبال ،والقول الصحيح أن معنى كل هذا يعني كذلك أن الذين ماتوا في
سأبيل ا لم يكونــوا أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ،فالجسم الذي قتـل لـم يكن حقيقيا .
إن المـر بسيط ،فـإن الكافر يفسد في عالم غير وجودي في معنى الوجود ،بل موجود في
وجود غاب معناه ،وإن كان المؤمن ليس له جسم حقيقي في الحياة الدنيا فما هو الجسم
الحقيقي للنسان ؟ كذلك كــان السؤال ،ولم يعط له جواب ،لن اللــه يبــدل أمثال الناس
وينشئهم فيما يعلمون ،وكــل مــن عرف معاني المعاني ،وعمل بحكمتها فإنه يحكم بحكمة
ا ،ويدرك معنى أن ا قد أعطـى مثل ،إذ جعل من الذين كفروا القردة والخنازير وعبـدة
الطاغـوت ،فأمـر الكافر علمـه عنـد ا ،لن ا يأمر المؤمن بأن يذره هو ومن خلق وحيدا
،فيومئذ سأيعرف الكافر أمره ،إنما الوصأية للمؤمن ،وما أنزل اللــه القــرآن إل ليــزداد
المــؤمـن إيمانا ،ويزداد الكافر كفــرا ،فالمعاني لها معانيها أن الرض ليست كما نراها ،
ولـن يحيط الكافر بأقطارها ،ولــن يدخـل حجبها ،ولن يخرج منها ،فهو فيها يفسد فيها إلى
يوم القيامة ،إن ا سأبحانه وتعالــى شــدد أسأر الكافرين ،ولو شــاء بــدل أمثالهم تبديل ،إينا
بهذا القــول الــذي فيه معان شاملة لمعــان أخرى ،ل نبتغي عن الحقيقة تحويل .إن المر
الواقع واقع حقيقـي وحـق ،والحقيقــة فوقـها سأواء إن أظهرنا قبولها أو إن كرهنا ،وسأــواء
أشكــرنا أم كفرنا ،لن من شكر فإنما يشكــر لنفسه ،ومن كفر فإن ا غني عن العالمين ،
.وقــول الصــدق قد ينفع يوم القيامة ،يـوم ينفـع الصادقين صأدقهم
30
العقل
الثابت
مثــــلــث
قوى عقل
قوى العقل قوى عقل
الجسم الفعال الجسم
الظاهري الظاهري
الثانإي الول
31
إن المعنى الكامن في المعاني ،هو أن النسان بإمكانه أن يكون له جسمان ظاهران ،والعقل
ينفـق عليهما في آن واحد بقوى العقل المسمى بالعقل الفعال ،والعقل الفعال هو وسأيلة انتقال
الـقوى بيــن العقل ،والجسم الول ،والجسم الثاني .إن المر بســيــط بإمكــان كــل متصـل
بالباطــن الحقيــقــي ،أن يدرك هذا المر الواقعي ،والذي يظهــره العلم الدينــي وإن بحــث
النسان عن دليـل في القــرآن ،فإنا ذكرنا معاني ثابتة في ذلك ،وخلصأة المعنى فـي هـذا ،
معناه أن المــر واقعــه عندما يــزوج اللــه النفوس ،فيتبين للنسان أن ا سأبحانـه وتعالــى
شديد المحال ،جعـل للواقــع واقعــا آخــر واقعــيا ،وجعل للمعانـي معانـي أخرى ثابتـة فـي
معانيها ،وما كان للنسان أن يعلــم شيـئا إن لــم يعلمــه اللــه سأبحانه وتعالى ،وحتى لو بلـغ
النسان مبلغا كبيرا في علم المعاني ،فإن المعنى الحقيقي يبقى معناه أن النسان لم يؤت مـن
العلم إل قليل ،ولو كانـت الحضــارة الحديثة حضارة لتمكن النــاس من معرفــة أمــر خفــي
واقعي ،دون الخوض في علم جهلي أصأله عدمي غيبـي ،ل يمكـن للنسـان أن يعـرف عنـه
شيـئا إل إن توفر علم من عند ا أنزله وأثبته ،وليكن المر الواقعي أمرا نفهمـه في معنـاه ،
وليكن السؤال واضحا ،معناه هل بإمكان من كفر بال أن يعلم أصأـل الشـيـاء وحقيقتـها ؟ إن
الكافر لو بلغ إلى علم فيه حقيقة لما عذبه اللــه ،لن بهـدى ا يبلغ النسان إلى العلم الدينــي
الحقيقي ،ومن هدى ا فقد آمن بال ،أما الكافر فإن ا ل يهديـه إلـى شـيء ،لن اللـه قــد
أضله ،فما بال الذين يتحدثون عن العقل وقواه دون علم ديني ظاهري وباطنــي ؟ ومــا بــال
الذين يقولون إنهم عرفوا الرض بأكملها ومواقع النجوم ؟ إنه ل يوجد علم آخر غير ما أنزل
.ا في كتابه
إن الواقع الذي نجهله هو الذي يهم في كل بحث حتى يتمكن النسان من معرفة الواقع الـــذي
يعيشه ،لنه واقع يجهله ،فالواقــع المجهــول هو الواقع الــذي نظن أنه معلوم ،بينــما هـــو
مجهول ،إن لم يتوفر العلم المثبت لمعنويته في كل معانيه المحيطة به ،والصورية
المتشابهة فيه ،والتي تدل على واقع آخر عن النسان وبعيد فـي معانيــه .إن المعنى هو
دليــل الواقــع المجهول ،والذي ل نفهمه إل بمثل ضربها ا سأبحانه وتعالى للنسان ،وكل
مثال فهو يـدل على معان تعني معاني كثيرة ،مختلفة في معانيها وفي أصأولها ،فالنسان ل
يجب عليــه أن يدعي العلم مادام ل يعلم ،فكان المبدأ العلمي الول والديني في معرفة معاني
المعاني ،هـــو وسأيلة فهم مقتصر في المعنى ،ليتمكن النسان من فهم معان معناها أنه ل
يعلم ،وكل بالــــغ في العلم الديني ،فإنه ل يصر علــى معرفــة ،ول يثبتها إل في معان
يمكن تبديل معانيــها ،حتى ل يكون العلم محصورا ،فالمتدين عليه أن يعيش واقعا آخر ،
ويؤمن به ،وكــل معنــاه غيبي ،فمن واجب المسلم أن يفكر فــي الجنة وفي النار ،ويثبت
وجودهما في المعاني التــي يفهمها ،وبهذا فإنه يعيش عالما آخر واقعيا ،ولكنـه غيبي في
المعنى المدرك والمفهوم ،أمـا إن بحث المؤمن في الرض وفي السماء بالوسأائل الحديثة
الغير الدينية ،فإنه سأيعتقد اعتقـادا آخر يضله بمعانيه الغيــر الواقعيــة ،فيصبــح يعيش
واقعــا خيالــيا ل وجود له في المعانــي الحقيقية ،وإن أصأيب النسان بهــذا العتقاد فإنه
يصبح يرى الكون صأغيرا أمام عينيه ،ول يمكــن بذلك أن يقدر ا حق قدره ،أمـا إن فكــر
المؤمــن بالصفة المركــزة فــي القــرآن أن الرض واسأعة فيها حجب ثمانية ،وفي كل
حجاب ثمانية حجب أخرى ،ثم أن السماء سأبـــع
32
سأماوات طباقا ،وأن من الرض يوجد مثلـهـم ،لتمكن المؤمن من تعظيــــم الخالق بظهــور
عظمة الخلق ،فالوجود مظهر لقدرة الخالق ،وإذا ظن النسان أن الرض ما هي إل البقعــة
التي يعيش فيها ،فإن المعنى يفقد معناه وعظمة الخالق ل تصبــح متجلية في ظاهــر الكــون
المعلوم والمجهول ،فالمعنى الصحيح في المعاني أن المؤمن عليه أن يفكر مثل في الوجــود
وما بعد الظاهر لنا ،بصفة فيها معان فقــط ،فالوجود الظاهــري يعني دليــل وجود
غيبــي ،وعلمه عند ا ،فليفكر النسان في الملئكة وفي السماوات السبع وفي الرض ،
ليجد اللــــه كبيرا ،وبهذه الطريقة ،تتطور قوى العقل والجسم بالعلم الديني الثابت في
معانيه ،وليفكـــر النسان قليل في اللنهاية .إن العلم الكوني ل نهاية له ،والكوان كلـها
تسمــى بالعــروش ،والسماوات والرض تسمى عند ا بالكرسأــي ،لن الكــرسأي وسأــع
السمـاوات والرض ،والجنة عرضها السماوات والرض ،بمعـنى أن السمــاوات
والرض كلها جنــة إل الرض التي نعيش على سأطحها فهي مستــودع الحياة الدنــيا ،
والجنة هي المستقر ،وليمكــن إدراك المعنى فلبد من فهم أول ،يتعلق بالفجاج الرضية .
إن الفج وسأيلة انتقال من مكان إلى آخـر في ظرف وقت قصير ،والسبب هو وجود نور
يمكن به الرحيل دون أن يتمكن النسان مــن إدراك تلك القوة ليعرفها ،والفجــاج وجـدت
قديــما بصفــة كان النــاس يعرفونها ،والفجــاج الموجودة اليوم فهي فجاج خفية ،وقل من
يعرفها ،فكان النسان يدخل كهفا في أرض ،وإذا به يجد نفسه في أرض أخرى ،سأدت
الفجاج لسأباب كثيرة ،والمهم معرفتـه هــو أن النــاس بعد الطوفان انتشروا في الرض
ودخلوا من الفجاج إلى الحجب الرضية الخرى ،وجعــل ا سأبحانه وتعالى من بين أيديهم
سأدا ومن خلفهم سأدا ،وسأدت الفجاج ،وتكاثـر النــاس فــي الراضي المحجوبة ،وسأكون
فيها ،كما تكاثر الناس في هـذه الرض وسأكنوها فالذيــن فـي الحجب ل يعلم أغلبهم أن بشرا
آخرين موجودون في الرض ،كـما أن الناس اليوم يجهلــون ذلك أيضا ،وعندما يظهر ا
الواقع المجهول ،فإن معنى الفجاج يظهر للناس ،ويتبين لهـــم أن كل فئة لم تكن وحدها في
.الرض ،وأن ا سأبحانه وتعالى يخلق ما ل نعلم
أرض أرض
محجوبة
مخر ظاهرية
مدخ
ج ل
الفج الفج
يتم التنقل بواسأطة الفجاج بقوى النور الكامن في عمق الفج ،ول يمكــن معرفة المسافـة بيــن
الرضين :الرض الظاهريــة والرض المحجوبــة وكــل الرضين لـهــا مساحة واحــدة ،
والنسان ل يشعر بالمسافة المقطوعة بين الرضين ،رغم أن المسافة فــي حقيقتها كبيــرة ،
ويظهر للنسان بعد ذلك أن الرض الظاهرية والرض المحجوبة ما هي إل واحدة محجوبـة
.في الخرى ،والواقع هو غير ذلك ،ول يمكن الفهم الصحيح إل بقوة باطنية
أعماق الفج الموصل بين الرضين
33
34
إن النبي محمد صألــى اللــه عليه وسألــم تسليما ،أسأري به من المسجد الحرام إلــى المسجــد
القصى ،وعرج به إلى السماء ،وبين السماوات السبع يوجد معـراج إلى سأــدرة المنتهــى ،
وسأدرة المنتهى هي ملتقـى كل المـعارج السماويـة ومــعارج الراضي السبعة ،ومن سأــدرة
المنتهى يتم الخروج من الكون الول ،والدخول إلى عالم العروش كلها التي ل نهايــة لــها ،
ولم تكن سأدرة المنتهى هي الحد الكوني ،بل هي بداية المــعارج كلها التــي بعــد الســماوات
والرض ،وبعد الكون الول الظاهري ،والكون الشامل للسماوات والرض سأابح في كـون
آخر ول يمكن البلوغ أبدا إلى نهاية الكوان ،لن كل كون إل وهو سأابـح فــي كــون آخــر ،
فاللنهاية ل نهاية لها ،ويبقى المعنى كما هو أن ا سأبحانه وتعالى ل يرى بصفــة نهائيــة ،
لن وراء كل كون كونا ،فالمعنى الصحيح هو أن ا سأبحانه وتعالى دون كل كون ،بمعنـى
35
أنه ل وجود لمعنى أن ا يرى كشيء يمكن للعين أن تراه ،والمعنى الثابت هو أن كــل مــا
.يرى فهو مخلوق ،وا سأبحانه وتعالى فإنه تعالى عما يشرك الناس علوا كبيرا
إن الفهم واضح بالنسبة للمؤمن ،والذين سأعوا إلى تغيير المعنى الحقيقي لم يغيروه في أصألـه
،فإن تكلموا ويتكلمون كتبوا وما زالوا يكتبون ضلوا وما زالوا يضلون ،ولكن من هدى اللـه
فل مضل له ،وكل قائل ل يقول حقا فإنما يقول ،ويبقى معنى مجرد قول ل يغير شيئا ،لن
الكون ما زال على حاله ،والدين ما زال ثابتاا ،إنما النسان هو الذي يفكر على حسب هــواه
،ولم يكن الكرسأي شيئا للجلوس ،بمعنى معناه نعرفــه ،بلى ،إن الواقع لـه معناه الحقيقـي ،
وا سأبحانه وتعالى ،تكون الرض يوم القيامة قبضته والسمــاوات مطويات بيمينــه ،ولــو
فكرنا بالمعنى المجــرد لشركــنا باللــه ،لن القول ظاهر معناه ،يمكن به تشخيـص اللــه ،
وسأبحان ا عما يشرك النــاس ،إن المــر غير ما يمكــن تصــوره ،وإن لم نثبت المعانــي
كمعان لها أصأل ،فإن الكفر يكون أقرب من اليمان ؛ والشرك معناه البتـعاد عن الحقيقــة ،
فالرض تكون قبضة ا يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه ،وإن من يحاول أن يعــرف
المعنى في ذلك فإنه قد يصل بين المعاني ،ويفقد المعنــى الحقيقــي ،إن لـــم يكن هناك علــم
مظهري للمعنى الصألي ،وإن ل المشارق والمغارب ،ول المشرق والمغرب ،فالمشــارق
والمغارب ،اتجاهية في كل الجهات الكونية ،والمشرق معــناه تصاعــد ،والمغــرب معــناه
.هبوط
36
إن المعنى في المشارق والمغارب أن اللــه سأبحانه وتعالــى لم يجعــل للكون فهــما مفهومــا
مدركا ،ولنفهم بمعنى حتى ولو لم يكن له معنــى أصألــي ،وذلك في فهــم دوران الرض ،
فالناس فوق ثم يصبحون تحت علــى حسب الــدوران ،وبهذا فالكون ليس له اتجاه فيه فــوق
وتحت ،بمعنى مفهوم مدرك ،فالكوان كلها بما شملت لها معنى في الدوران الكوني ،فكـأن
الكوان كلها لها دوران كمثل في الرض ،لذا فإن المفهوم هو أن ل المشارق والمغــارب ل
يعلمها إل هو ،فنحن فوق الرض ،وهناك من هـــو فــوق السماء ،ولكــن الكــون الشامــل
للسماوات والرض ،فإن النسان ل يمكنه أن يعلم هل هو فـوق كون أم تحتــه ،لن للكــون
الول دورانا ،كذلك فإن الرض يوم القيامة هي في قبضة ا يقبضها من كل مكان بأمـره ،
فل يمين ول شمال في الكوان بما يمكن أن يفهمه النسان ،كذلك فإن السمــاوات مطويــات
بيمين ا يوم القيامة ،فاليمين يسار واليسار يمين ،فكان كل شيء يمينا ،فالمشرق والمغرب
مشرقان ومغربان مشارق ومغارب ،أما الشرق والغرب والشمال والجنوب فميــدان معنــى
آخر كذلك في معناه ،لنه يعني نفس الشيء ،وإنا لنفهم علــى حسب الفهــم أن الشــرق هــو
الجهة التي تشرق منه الشمس ،ولو اتبعنا الشمس في شروقها دون تأخر حتى تغرب ،فـــإن
الغرب يصبح شرقا ،كذلك المر بالنسبة للشمال والجنوب ،وإن المعنى فــي هــذا ظاهــر ،
ومعنى آخر مفهوم في معناه ،إذا ما وجد النسان في مكان في الرض ،حتى تصبح الكعبـة
في الجهة الخرى المقابلة من الرض ،فلي اتجاه سأيتجـه النسان قبلة ليصـلـي ،هـل إلـى
الجهة الشرقية أم إلى الجهة الغربية أم إلــى الجهة الشمالية أو إلى الجهــة الجنوبية ،كــذلــك
:المر
37
إن بهذا الفهم يتضح المر الحقيقي ،وإذا اتضح المعنى ،فإن النسان يكزن بإمكانه أن يبتعد
عن الشرك ،لن الشرك أصأله فقدان المعنى بإعطاء فهم آخر لمعان لم يكن الفهم يــدل علـى
معناها .إن ما أظهرناه بسيط في حقيقته ،وبهذا المثال يمكن فهم المعنى المعقـد ،فإن المثــل
التي جعل ا سأبحانه وتعالى هي مثل عظيمة ،ل يمكن الفهم بغيرها ،لنها إظهار علم مــن
عند ا ،وكان المعنى أن ما أظهرناه ما هو إل معنى للفهـم يتجرد منــه النسان بعد فهمــه ،
لن الرض لها أسأرار أخرى ،ومعان أخرى مظهرة لحقيقتها ،فالفهم هو أسأــاس كــل فهــم
صأحيح في معناه الحقيقي ،ومن فهم معنى الشياء على أصألها فقد بلغ إلى علم جعله ا فــي
.الكون ،وهو معنى المعاني في معاني المعنى
38
39
إن الذين اعتمدوا على التنجيم لفهم فعالية النجوم على النسان ،لو اعتمدوا على فهم ما أراد
ا سأبحانه وتعالى إظهارا لمثل في النجوم ،لتمكنــوا من فهــم معانــي المعنــى فــي معانــي
المعاني .إن النجوم مثل للكون ،فالكوان في الكون الكلي ل نهاية لها وكلها كنجوم .أمـا إن
فهم النسان معنى غير هذا ،فإن المعنى يفقد معناه ،فالنجـوم لهـا وضـع ركـزت فيـه بصفـة
تقابلية في القوة ،كذلك خلقها ا سأبحانه وتعالى ،ونعطي مثـال لصفـة مواضع النجـوم فــي
.الرسأم التالي بمعنى كل نقطة كنجم
بين كل نجم ونجم توجد هذه الثماني قوات من نور ول يوجد غيرها ،والمعنــى يطبق كذلــك
.على العروش الكونية في الكون كلي اللنهائي ،إل أن الوضع يختلف ويصبح هكذا
40
إن ا رب السماوات والرض وما بينهما ،وما بين السماوات والرض ،والشمس والقمــر
والنجوم ،فالشمس جعلها اللــه سأبحانــه وتعالى سأراجا وهاجا ،بمعنى نورا ل نارا ،ونــور
الشمس أصأله من النور الصأفر ،ومــورده من سأدرة المنتهــى ،والقمر جعله ا نــورا ،ل
بمعنى أرض كما هو معتقد ،ولم يكن نور القمر بمعنى ضوء يلقى عليــه من الشمــس ،بــل
نور أبيــض ومــورده مــن سأدرة المنتهى ،فسدرة المنتهى هــي مجمع النورين فـي القوتيــن
النورانية البيضاء ،والقوة النورانية الصفراء .والبالغ إلى سأدرة المنتهى يرى منـها ملكــوت
السماوات والرض ،وما يبلغ إليها في الرض من الجن والــنس إل مــن كانــت لــه نبــوة
ورسأالة .وقد اختص بعلوم سأدرة المنتهى النبي محمد صألى ا عليه وسألم تسليما ،وكل مـن
كان له علم من هذا فمما أنزل على محمد من فهم وعلم .وأمرنا ا سأبحانه وتعالى بالصــلة
والتسليم عليه ،وكان المعنى الموضوع هو السؤال يعني سأؤال عن الكيفية التي وجبــت بــها
الصلة والسلم على النبي صألى ا عليه وسألم تسليما ،وإن لم يفهم المعنى ،إذ ا سأبحانــه
وتعالى والملئكة يصلون على النبي ،فإن الفهم في عدمه يبقى حاجزا في الوصأل هـو أن ا
سأبحانه وتعالى يوصأل إلى النبي عليه الصلة والسلم النـور ،والملئكــة كذلــك ،فالصــلة
وصأل النور وإيصاله للنور الذي أنزل ا ،والمعنى به القرآن ،وإن قلنا ،اللهم صأــل علــى
محمد وسألم عليه تسليما ،فقد دعونا ا أن يزيد لمحمد عليه الصـلة والســلم نــورا ليــزداد
41
المؤمنون نورا ،وإن أخذنا ما أنزل على النبي فتلك صألة عليه ،فالصلة على النبي واجبـة
لنها وسأيلة اسأتمداد النور ،وفي الفهم معنيان ،وأخذ وصأل ،ودعاء من أجل الوصأـل ،وإن
ا سأبحانه وتعالى يصلي على المؤمنين ،بمعنى يمدهم بنـور يوصألـه إليهم ليمـشـوا به بيــن
الناس وليزكيهم ويزيدهم هدى وثباتا في اليمان ،فالمعانـي هنا شاملة لمعـنـى الصـلة .أمـا
الصلة بالوقوف والركوع والسجود فهي تمام كل وصأــل ،فهــي وصأل النــور ،ولــم تكــن
الصلة مجرد حركات أو مجرد امتثال لمر ،وإن لم تتوفر في النسان قوى من نور متركز
في الجسم والعقل ،فإن الصلة ل يتـم وصألــها ول تكــون عبادة في أتمــها .والجسم يكســى
بالنور متى تركز العقل في كل ما هو شامل للتقوى ،وكان المعنى أن اللــه سأبحانه وتعالى ل
يناله شيء ،ولكن يناله التقوى منا ،وا غني عن العالمين ،ل نضـره ول ننفعـه فـي شـيء
لذا كان النسان مسؤول .إن كل فهم يفهمه النسان إل وله معنى في الدين إما إيمانا أو كفرا،
ول وجود لعمل بينهما ل يعرف معناه أصأالة في اليمان أو في الكفر ،وكل ما يعمله النسان
بجهالة دون إدراك لمعناه ،قد يصبح عمل له معنــى أنــه عمــل جهلــي إن وجد التقوى دون
عدوان أو بغي .أما إن كان إصأرار في عمل على أنه عمل صأالح ،ومعناه الصألـي لـم يكـن
كذلك ،فإن النسان بذلك يكون في كفر ثابت في الشرك ،وعلــى النـســان أن يراقــب كــل
أعماله ،وتصبح النية أسأاس العمال في الدين على شرط السعي وراء البينة واسأتشارة أهــل
الذكر ،إن كان النسان ل يعلم ،ثم إن كل معرفة كلم منصوصا بحسن تعبيــر وأقــوال فـي
تطوير ،فإن معناها مفقود ،إن لم يكن كلما دينيا ،أو يدنو إليـه اعتــبارا لفائــدة مستدرجــة
بالكلم في مضمون الفهم ،فالثقافة في الدين ل معنى لها أصأل ،لن معناها في ما ليس فيــه
معنى ،ما هي إل معرفة ل تنطوي على أصأل ثابت بعلم ديني ،وكل ثقافــة معتــرف بـها ل
تكون إل تفقها في الدين ؛ إن الثقافة صأبغة كلم مفقود أمام معنى التفقه في الـدين ،فالمعانــي
كلها وزن في الكلم مقارنة أمام الحكام الدينية ،لهذا ل وجود لفلسفة فـي الديــن ،والمعنــى
الصألي حكمة بعلم ديني ،فالكلمات الدخيلة في المعاني ل يبقى لـها أمـام المعنـى الصألــي ،
ولنفهم أن ميزان وزن الكلم بالمعاني ،هو كالرياضيات في احتمالت الفهـم ،إنــما بالكــلم
المنطوق والمكتوب في كل فهم مفهوم ومدرك في معناه السطحي ،أو فـي معانيه العميقـــة ،
:ومن المثل في هذا ،إن أعطينا طريقة للفهم النمطي كنمــوذج بالفهــم والحســاب نقــول إن
1 + ... = 5
:فالمعنى الول بالضافة معنى ثان مجهول يكون مجمــوع الفهم في معان خمســة وإن قلــنا
1 + ... + ... = 5
فالمعنى يختلف في فهمه ،رغم أنه يختلف في مجموع معانيه ،لن المعنى الول أضفنا إليه
معنيين بدل من معنى واحد ،والمعنيان مجهولن ولكنهــما مــدركان .وهذا يعنــي أن
الفهــم المدرك قد يختلف في فهمه ،ول يختلف في مضمون فهمــه .فالرياضــيات
المعروفــة هــي وسأيلة فهم معان مجهولة قد تكون غيبية ،وكذلك معاني المعنــى فــي
معانــي المعانــي هــي مسطرة فهم مدرك لفهـم بمعنــى غيبــي مدرك ،ولفهم الكلم
بالمعاني المنفردة والمجموعــة حول معنى ،فلبد من فهم الكلم الصألي العربي الذي ل
عوج فيه ،ول يتم ذلـك إل بعــزل
42
كل معنى كلم دخيل على العربية ،وما أصأبح القرآن يستلــزم تفسيــرا إل بعــد أن انفقــدت
معان أصألية عربيـة ،بإدخــال معان أخرى تفسيريــة ظاهـريـة كأنها لغة عربية ،إن اللـغــة
العربية التي ل عوج فيها ،لها فرق واضح في معانيها ،مقارنة باللغة الفصحـى ،والمنتميـة
بالسأتدراج النطقي للغة العربية ،فمعنى الثقافة في اللغة العربية ل وجـود لــه ،لنه ديــنا ل
يوجد إل معنى التفقه في الدين ،ومعنى أولي اللـباب كمعنـى العباقـرة بكـلم مغايـر للمعنـى
الصألي ،والحكمة تحل محل الفلسفة في المعنى ،فاللغة الفصحى المقارنة باللغة العربية مــا
هي إل اسأتدراج فهم معاني أشياء ،لـم يكن لــها وجود من قبــل .ول يمكن بمعانيها أن يفهـم
المعنى الحقيقي الكامن في اللغة العربية ،التي ل عوج فيها ،وكثير مـن اليــات فـي القـرآن
انفقد معناها لدخول معان أخرى في اللغة ،وتستوجب تفسيرا ،وهذا لم يكن مشكل سأابقا عند
العرب ،لنهم كانوا يعرفون وزن الكلم ،ولم تكن هناك قواعد نحوية مدروسأة ،واسأتخراج
النحو كوسأيلة للتأويل سأعيا وراء الفهم الغبي في معاني اليات ،والمشكل أعمـق مــن هــذا ،
فالمعاني دخات عليها معان أخرى ،سأعيا وراء معرفة المعنى الغيبي ،ووضع السؤال :هـل
القرآن مخلوق أو غير مخلوق ؟ وهذا سأؤال كان له معنى فيه شرك وكفر ،لن السائل يبحث
عن المعنى الغيبي ليظهر معنى مظهرا إن كان للــه سأبحانه وتعالى كلم أو ل ،وقـال النـاس
هل ا سأبحانه وتعالى أزلي أم ل ؟ كما دخلت معان أخرى لفهم معنى القضاء والقدر ،سأعـيا
وراء تثبيت معنى ظاهر معناه في حرية النسان ،إن كان أصأـل المعنى مخيــرا أم
مسيــرا ،إدلل بغيب أريد فيه حكم ،لن من لم يستطع من أئمة الدين أن يثبت للسائل
معنــى القضــاء والقدر ،يجعل الفرق بينهما ،فإنه يقول إن النسان مهما أنه مسير فل ذنب
عليه في شـيء ،ول يسأل عن شيء ،فهذه الوسأائل كلها بمعان في السأئلة ،ل يطرحها
الناس إل سأعـيا وراء إثبات التكذيب ،وقد فتن الناس بكلم لم يكن له معنى ول أصأل في
الدين ،فالقـرآن لـه أصأـل في المعنى بمعنى القراءة ،وأول سأورة نزلت على النبي صألى ا
عليه وسألــم تسليــما هــي سأورة العلق ،إذ قيل للنبي عليه السلم : -اقرأ باسأم ربك خلق –
وا سأبحانــه وتعالــى هــو الذي علم بالقلم ،علم النسان ما لم يعلم ،واللوح المحفوظ عند
ا سأبحانه وتعالى كتب بالقلم ،ومنه تكون القراءة بالوحي ،والوحي من عند ا ،فالقرآن
هو وحي اللـه ،وما كتــب فــي القرآن فهو مما أوحي للنبي صألى ا عليه وسألم تسليما ،
وأمره ا سأبحانه وتعالى أل يحرك به لسانه ليعجل به ،والمعنى هو أن القرآن فيه نور
جمعه ا سأبحانه وتعالى ،وأعطى بيانـه في كلم مفهوم للنسان ،لذا لم يكن مجال فهم
معنى غيـر مفهــوم ،بــأن يقـال هــل القــرآن مخلوق أو غير مخلوق ،كما أنه ل يوجد
معنى لقول بسؤال هل ا سأبحانه وتعالى أزلــي أم ل ؟ لن ا مالك الملك ،بمعنى أنه دون
كل ملكه ،ل دخول لمعنى الزل في هذا المعنــى ،والنسان إن يقل هل هو مسير أم
مخير ،فإن ا يقول للنسان إن من شـاء فليؤمــن ،ومــن شاء أن يكفر ،وما يشاء النسان
إل أن يشاء ا رب العالمين – والمعنى الكامن في هذا هــو أن النسان حتى لو شاء أن يكفر
فلبد أن يقبل ا كفره ليمده في كفره ،وإن شاء النسان أن يؤمن فالمر كذلك حتى يقبل ا
إيمان عباده ،ليهديهم إلى الهدى ودين الحــق ،إن المعانــي مختلفة في معانيها .فالية في
القرآن ليست بجملة ،بل هي آية ،ول يطبق عليها من شروط النحو ،كما أنها ل تخضع
،لقانون نحوية ،ول وجـود لكلم ناسأـخ ليــة أو لكــلم منســوخ
43
والقرآن قرآن فيه نور وذكر للناس ،والذي يسعى إلى فهم ما لم يكن فيه فهم له أصأـل ،فإنـه
سأيفهم أشياء ل فهم فيها فاقدة للمعنى ،وقد قال كثير إن القرآن فيه تناقض ،ولم يكن التناقض
إل في أفكار القائل ،لنه يحكم على المعاني بما لم يكن حكما فيه معنى الحكم كمعنى محكـــم
.في القول
إن معنى المعنى هو القصد ،فماذا يقصد من قول معناه أن الطبيعة خالقة لنفسـها ،وبالمعنـى
الصأح فما المعنى من القول ؟ قد يقول النسان قول بعزم وإصأرار وحكم ،بمجرد اكتشــاف
قانون محرك لشيء بسيط في الطبيعة ،وكل ما بلغ إليه النسان لــم يكــن هــو فهــم
المعنــى العلى لفهم معاني الشياء ،والنسان إن ظن أن هناك من بلغ إلى القمر ،فإن هذا
الظن إثـم قد يؤدي إلى كفر بإصأرار في القول ،وحتى لو بلغ النسان إلى معرفة قد أعمته ،
فإن المـر لم ينته بعد ،لن ل أمراا آخر ،ويأتي عذاب ا متى ظن النسان أنه تمكن من
شيء هو ل ،فالمؤمن وجب عليه أن يستغني عـن بعـض الفهـوم التـي إن سأعـى وراءهـا قد
تـؤدي بـه إلـى انهيار فكري ،واعتماد على معرفة لم تنزل أصأالتــها فــي كــتاب من كتــب
اللــه ،فالمتبــع المستطلع إلى ما بلغ إليه من يظن أنه بلغ إلى شيء ،قد تنطوي أفكاره علــى
معــان مضــادة لصأول علوم الدين ،فيخيب ظنه يوم يعلم الذي يظن أنه يعلم بأنه ل يعلم
شيئا ،وإن كان من اعتماد فكري اعتقادي له أصأل ،فلن يكون أبدا غير العلم الديني ،لنه
منــزل مــن عند اللــه عالم الغيب والشهادة ،ولو اتبعنا أهواء الناس اعتقادا في كل ما يدلون
به مـن معرفــة لظـنـنا بال ظن السوء ،ودليل من ل يعلمون هو أنهم ل يهتدون ،فلو كان
فيما يعلمــون خيــرا لــما ظنوا بال ظن السوء ،ولما قالوا بأن الطبيعة خالقة لنفسها ،إن
زخرف القول ل يغنـي شيــئا أمام الواقع الذي جعله ا ،ومهما بلغت معرفة من ليس له علم
ديني ،فإنه أمي بالنسبة للدين ،ويحكم عليه بالجهل ،لنه لم يتوفر لديه يقين ،ويحكم عليه
بالكفر والشرك لنه يعتمـد فــي معرفته على من لم تكن معرفته من الدين .وهكذا يصبح
النســان مشـــركا بجهالــة ،ودون إدراك منه ،لنه لم ينسب العلم ل ،وهؤلء يسمون
بالمقتسمين الذين جعلوا القرآن غضين ،يحاولون أن يجعلوا ما بلغوا إليه من معرفة جهلية
مطابقة لما في القـرآن بصفــة مزعومــة ،وذلك ل ينطبــق أبــدا لن ما يثبتـه اللــه فهو
مخالف لما يريد إثباته المقتسمون .إن العصــر الحالي هو عصر المقتسمين ،قالوا إن حرية
المرأة أصألها في الدين ،وقسـموا أمــور الديــن بوجوب الحياة الدنيا أن لها خاصأية أخرى ،
وأن الخرة لها شروط ل دخل لحكام ضرورية فيها ،أما المرأة فإن حريتها كانت في بيتها
تحت تصرف زوجها ورضاه ،وشهادة المـرأة ل تقبل إل إن وجدت امرأتان ورجل ،لتذكر
إحداهم الخرى ،فالمعنى هنا ل ينفرد في معنـاه ،وله معنيان بمعنى ثالث ثابت في انفراد
معناه ،وإن المرأة لم تعرف لها نبوة ول رسأالة ولـــم يعط لها حكم دنيا ،وإن كان الناس
ضربوا مثل بملكة سأبإ ،فإن ملكة سأبإ أسألمت مع سأليـمان ل رب العالمين ،وما كانت تملكه
وتتصرف فيه صأار ملكا لسليمان عليه السلم ،وإن كانت من امرأة فضلت عن العالمين ،
فإن ا سأبحانه وتعالى اصأطفى مريم على نسـاء العالميــن ،ولم يؤتها ملكا ول حكما .
فالمعنى الصأح هو أن المرأة اليوم فقدت معناها ،وأصأبح المؤمـن ل يتمنى لقياها ول يسكن
إليها لنها لم تعد حرثا ول يكمن فيـها نـور ،ولـن يغير معنـى هــذا
44
القول إل إذا تغيرت المرأة ،ودخلت بيتها وما لباسأها تقوى باعتبار حـدود ا ،فالمقتسمــون
جعلوا للمرأة حكما في الدين ،وبهذا جعلوا القرآن عضين .ولن تنفك كلمات ا أبـدا لنــه ل
مغير ل مغير لكلماته ،فالمعنى يبقى معناه أن للرجال على النساء درجة ،ولكن هناك معنـى
هو أن الرجل ل تعتبر له رجولة إل إن كان متدينا ،وإن لم يكن له دين فل بأس أن تحكم فيـه
المرأة ،لن ذلك بلء من عند ا يبتلى به من ل يؤمن بال ،فالمعنيان لهما معنــى أن حكــم
ا ثابت ل تغيير فيه ،ولو كان ما يزعمه الناس عن حرية المرأة حق ،لما تحكم النساء فــي
الرجال ،إن الرجل له معنى أول ،والمرأة لها معنى ثان ،مختلفان في معانيها وفي قوتهما ،
فالرجل كل قواه اسأتمدادها من دائرة مـن نـور صأفـراء ،والمـرأة اسأتمـداد قـواها من الدائـرة
البيضاء ،فالمثل في هذا كالشمس والقمر ،ولفهم المعنى الذي هو وراء الكــون الظاهــري ،
:فالدائرتات :الصفراء والبيضاء موقعهما الحقيقي هو وراء سأدرة المنتهى
سدرة
المنتهى
السماوات السبع
مواقع النجوم
الراضي السبع
45
إن سأدرة المنتهى يتمم منها الخروج من السماوات والرض ،ومنها يتم كذلــك المعــراج
:إلى العروش الثمانية ثم إلى العروش الخرى
46
لنتمكن من الفهم ،فإن الكرسأي شمل السماوات والرض ،وسأدرة المنتهـى هـي فوق السمـاء
السابعة ،والكرسأــي محاط به ثمانيــة عــروش ،بمعنــى كـون ،وبعد الثمانية توجد ثمانيــة
عروش ،بمعنى ثمانية أكوان فوق الكرسأي ،والرسأــم السابــق يظهــر ذلك ،وبعــد الربــع
والستين عرشا توجد الدائرة الصفــراء والبيضــاء كاملتيــن كالشمــس والقمــر .والدائرتــان
سأابحتان في عالم ثان فوق العالم الول ،وبعد الدائرتين يوجد عالم آخر فيه ثمانية عـروش ،
:وبالرسأم التالي نظهر ذلك
47
وكما هو ملحظ فإن بعد الدائرتين الصفراء والبيضاء توجد ثمانية عوالــم دون العالــم الول
الشامل للعروش والكرسأي ،وبعد الثمانية عوالم توجد ثماني دوائر لكــل واحدة قوة ظاهريــة
في لون مختلف ،وبعد هذه الدوائر توجد ثمانية أكوان أخرى ،نعطي مثـل للفهــم :كقــوس
قزح المعروف ،لكل لون نور له لون ،وبعد ذلك يوجد نــور أصأفــر شامــل ونــور أبيــض
.شامل ،والرسأم بالتالي نظهر ذلك
48
ونقــف فــي هذا الحـد أمـام اللنهايـة ،والمهم بعد كل ما ذكر هو إظهار حقيقة قوة المثــلــث
:النوراني الظاهر في ثلث دوائر
النور
النور النور
الوردي
البيض الصأفر
اللون
إن الدوائر الثلث تعبر عن ثلث قوات أسأاس كل فهم عميق وثابت ،ومـن هـذه القـوات مـن
نور ،تظهر حقيقة الفهم الثلثــي الــذي شمـل معناه أن كل معنيين بينهما معنى ثالث مظهــر
لحقيقة المعنيين ،فالفهم الثالث ،هو المعنى الثالث ،وحقيقتــه غير ظاهرة رغم أنها ظاهــرة
فهي غيبية ومعلومة في آن واحد ،ول ترى بالعين ولكنها ترى بالبصيـرة ،ل تدرك بالعقــل
ولكنها تدرك بالقلب ،وإنها ل تعمى العين ،ولكن تعمى القلوب التي في الصدور ،واللــــه
سأبحانه وتعالى جعل في الرجل قوة من النور الصأفر ،وجعل فـي المــرأة قــوة مــن النــور
البيض ،وتتم العبادة بالتحام النورين الصأفر والبيض ،وبعد اللتحام يظهر النور الوردي
49
اللون أسأاس كل شيء موجود ،فالفهم الكلي بثماني درجات في العقل ،يكون بواسأطة القــوة
الثالثة التي منها انشقت القوتان أسأاس الكون ،وجسم النسان إن فقد النور الكامن فيـه ،فــإن
الظلمات تحل محله ،والظلمات أصألها تغيير النور البيض الذي جعل منه مثــلـث الظلمــات
أسأاس السحر باتصال قوى عقل النسان بقوى الطبيعة ،والنسان خلق فــي ظلمات ثــلث ،
.ول يفهم قوى التغيير والسحر والظلمات إل البالغ إلى الفهم الثلثـي الشامـل لمعنـى المعنـى
50
إن ا سأبحانه وتعالى جعل أسأاسأا للخلق له معنى ظاهر في نور وردي اللون شامل لكل قوة
ونور ،ومنه خلق الكون كله ،فهو عدم في عـدم ل يــدرك بشــيء مــدرك ول فــي المعنــى
المفهوم ،خلق ا آدم عليه الســلم من تراب ،فــقال لــه كن فيكون ،وكان في جسمه نــور
وردي اللون ،ولما بث ا من آدم زوجه أصأبح لدم عليـه الســلم قوة صأفراء في جسمــه ،
ولزوجه قوة بيضاء ،فكان المعنى في التحام النورين ،وبالمعنى الول ل يفهم المعنى الثاني
،والعبادة أسأاسأها هو إيصال النور البيض بالنور الصأفر ،وبهذا يتم وصأــل المانــة التــي
حملها النســان إذ كــان جهول ،ولــم يكن يعلم أن المشكل في المعنيين أصألهما من المعنــى
الثالث الذي ظاهره الغيبي في معنى النور الـوردي اللــون ،ولما نزل آدم عليــه السلم إلــى
النور قوى النور
البيض الظلمات الصأفر
الرض ،ومعه زوجــه والشيطان ،أصأبـح للمثـلــث الحقيقي معنى آخـر بوجود الظلمــات ،
فأصأبح بين النور البيض والصأفر قوة الظلمات ،ووقع النسان في المشكل الذي أسأاسأه أنه
إذا أراد إيصال النور البيض بالنور الصأفر ،لبد له من المرور على قوى الظلمات حتـــى
.يتم وصأل المانة
وهكذا تغيرت الحقيقة وألبس الحق بالباطل ،فكانت الظلمات أصأعب شــيء فــي معناه ،لن
بها يدعي النسان الولهية ويكفر بال ،فالظلمات حلت محل النور الوردي اللون ،لوم يكــن
من الواجب السعي في البحث فيه لنه أمر غيبي ،وأصأبح النسان يبحث عن الــروح أصأــل
خلقته ،ثم يبحث في الكون ،والظلمات تنقسم إلــى ثلث قــوات بالتطبيــق ،فالقــوة الولــى
تستعمل فيها الحركة الشاملة للجسم ،والقوة الثانية تستعمل فيها قوى العقـل ،والقــوة الثالثــة
تستعمل فيها الرموز كتابة ونقشا .إن حركات جسم النسان فيها سأر لوجود نور في الجسـم ،
والتغيير في الحركات كالتغيير في الصلة ،وقد اسأتعمل القدماء طرقا تطبيقية لتغــيير قــوى
النور باسأتعمال وسأائل خاصأة في الجماع ،وبترتيب نماذج متناسأقة في الحركات .أما القــوة
الثانية المطبقة لسأتخراج الظلمات ،فباسأتعمـال وسأائـل خاصأـة أيضـا لتقويـة قـوى الحـواس
وقوى العقل بطريقة ظن بها الناس أنها تمكنهم من خلصا الروح والرجوع إلى أصأل إلهـــي
مزعوم ،والمطبق يتصل بالباطن ،ويخيل إليه أن الكــون فيه ،وأن خـالـق الكـون يحـل فـي
جسمه ،أما القوة الثالثة فتطبيقها يتم بتغيير ما أنزل في كتب ا بجعل أوضـاع فيــها رمــوز
52
تسيمــى بالطــلسأم ،وكل هذا سأعيا وراء الخلود الغير الممكن بصفة نهائية .ولـو لـم يبحث
النسان في المعنى الثالث الشامل لمعنيين ،لما وقع في مشكله الحـالـي الــذي تطــورت فيــه
الظلمات بصفة شاملة لكل تغيير ،وعلى المؤمن أن يفكر فـي المــر ويوجــه نفســه لوجهــة
حسنة يرضاها ا ،وليحذر من التغيير الكامن في الحركات ،والتغيير المدرك بقوى العقل ،
ثــم مــن التغــييـر الكامن في الرموز ،وكـل ما يفعلـه النسـان فإنـه مسؤول عليه ،وليعرف
المؤمن أن ا لم يخلق شيئا عبثا ،وأن النور الكامن في الجسـم وجــب الحفــاظ عليه باتخــاذ
طرق في الجماع أصألها من الدين ،وليتحرك بكل حركة اسأتقامية ،وليكتب ما يسره أن يـراه
يوم القيامة معروضا عليه ،كذلك وجب على المؤمن أن يجاهد في سأبيل اللــه ،إن لــم يكــن
جهاد ظاهريا فجهادا باطنيا ،إن فهم معنى المعنى ل يعنــي فهــم المعانــي ،ول إدراك فهــم
معاني المعاني ؛ فمعنى المعنى معناه كامن في سأــر حركــة القوتين الظاهرتيــن فــي النــور
الصأفر والنور البيض ،ولقد عبد الناس من قبل الشمس والقمر ،وجعلـت أصأنــام ركــزت
فيها قوى من ظلمات تضل النسان ،وإن إبراهيم عليه السلم سأأل اللــه سأبحانـه وتعالــى أن
يجنبه عبادة الصأنام ،وذلك لوجود أثـر فيــها وفعاليــة في القــوة الكامنة فيــها .وإن عبــادة
الصأنام ل تعني إل ما هو ظاهر ،فالذي ل يعبد الصأنام ظاهريا قد يكـون لــه اتصال معــها
باطنيا ،والسر في ذلك هو سأر السأتمداد والسأتمداد إن لم يكن من النورين ،فإنه يكون مــن
الظلمات ؛ والغائص في الظلمات يصعب عليه الخروج منها ،وإن الصــلة ل تكفــي إن لــم
يتوفر في الجسم نور ،فالمستمد من الظلمات تكون صألته لغـير ا .والمستمــد من نــور ،
فإن صألته ل ل شك في ذلك ،ولقد اختلطت الفهوم الدينيـة بفهـوم غيـر دينيـة ،وإنا نعـيـش
عصرا بلغت فيه قوى الظلمات إلى الدرجة العاشرة ،والتي ل وجود لقوة أخرى بعدها .وقد
كملت الظلمات في معانيها ،والعصر الحديث شمل كل تغيير سأابق عند كل المم ،وكل شـر
يصاب به النسان فإن أصأله من ظلمات ،وإن الفهم بعد كل ما ذكر لمفهوم ومعنــى المعنــى
ظاهر في معناه ،إن المعاني تغيرت معانيها بدخول معنى أصأـلــه من ظلــمات ،والظلــمات
تطورت وما زالت تطور بكل تطبيق ليس له أصأل في الدين .وقوى الظلمات تزداد بازديــاد
اللت والمصانع ،وحتى لو كان ظاهرا أن النسان له نفــع فــي مــا يكتسيه ،فإن الضــرر
أعظم من النفع في هذا الحال والعصر الحديث هو خلصأـة كل العصــور ،ولبد أن ينتظــر
النسان اليوم الموعود ،لن المعاني الصأليــة تغيــرت معانيــها ،وأصأبح بين أيدي النــاس
نماذج معرفة شائعة ،لم يكن لها أصأل حقيقي ،واعتبـرت أنـها علـم أصأـلـي ،لذا فالـمعانــي
تغيرت ،ولكن معنى المعنى باق معناه ،إن ا سأبحانه وتعالى غالب علــى أمـره ل يضــره
شيء ،والحضارة الحالية ل تعني حضارة أصألية ،والنسان يعذب بحكم إلهي ،يحكــم فيــه
بعذاب على حسب ما بلغ إليه النسان ولم يؤمن ،ولكل شيء نهاية طبقا لما علم ا علــى أن
الساعة آتية ل ريب فيها ،وخلق ا سأبحانه وتعالى آدم من تراب ،ونفخ فيه من روحه ،ولم
يكن المعنى أن ل روحا من نفسه ،وقد أظهر ا معجزة عند عيسى عليه السلم إذ خلق مـن
الطين كهيئة الطير فنفخ فيه فكان طائرا بإذن ا ،ولم يكن عيسى عليه السلم خالــقا بمعنـى
الخلق والبداع ،لن ا سأبحانه وتعالى ضرب مثل أم مثل عيسى عند اللـه كمثـل آدم خلقــه
من تراب ،فقال له كن فيكون ،وا بديع السماوات والرض ،أوجدها ولم تكن موجــودة ل
53
في العدم ول في وجود عدمي قبل الوجود الوجـودي الظاهــري أو الباطنــي ،لذا فالبــداع
إبداع في معناه الذي ل وجود فيه لمعنى قبل المعنى ،والشــيء بعــد البــداع يكــون
خلــقا ،فيخلق الخلق في عالم البداع والختراع ،والنسان ل يخلق شيئا كخلق ،بمعنى
خلق ،فيــه إبداع ،ول يمكن أن نغير لغة بنطق معناه خلق أو إبــداع أو اختــراع ،ول
يختــرع النسان شيئا ،ولكن ما خلق ا في الظاهر والباطن ،ويكتشف مصدرها من عالم
الشياء الموجـودة في الوجود ،لذا فكل ما في الرض موجود في السماء ،لن في السماء
كل مـا وعد ا بـه ،كذلك هو المر قبل وجود قلم فوق الرض ؛ فكر النسان في وسأيلة
نقــش وكتابــة فاكتشــف النسان بعقله أشياء جعل منها قلــما وأشــياء أخرى جعل منها لوحا
،وتطور المـر إلــى أن أصأبحت من القلم أنواع ،ومن الوراق أصأناف ،والكل راجع
إلى أصأــل كان فيـه معـنـى البداع ،فال هو المخترع ،بديع القلم واللــوح وهــو البديــع ،
بــديع الســماوات والرض ،فالعقل له اتصال بعالم باطني ،أودع ا فيه من كل ما خلق في
صأور من نور لها أصأل فــي العالم الغيبي الغائب عنا ،والمعلوم في الجنة .لهذا فإن النسان
ليس له اختراع ،ول يكـــون له إبداع ،بل النسان يستخرج بالعقل صأورا الشياء لزمــة
لعيشــه ،ويجعــل لــها صأبغــة مغايرة للصأل تقريبية فـي المعنــى ،والنســان في معنــى
المعنى لم يختــرع طائــرات ول غواصأات ول صأواريخ ول شيئا مما بين يديه ،لن كل
شيء بين يدي اللـه ،واللــه لم يكــن مسبوقا في شيء ،بل الطائرات صأورة لشبهها لها
معنى في المعنى الصألـي الموجــود فــي الجنة ،والنسان اسأتخرج شيئا مشابها لشيء هـو
عنــد اللــه ،وظهر هذا الشيء على شكــل طائرة نعرفها اليوم ،لذا فإن معنى المعنى كامن
معناه في أن المؤمن يؤتى في الجنة مـا هــو متشابه في الرض ،له شبه لم يكن معنى
المعنى ،وهذا شأن الغواصأـات والصواريـخ وكـل ما تملكه يد النسان وما ملكته في كل
العصور ،والنسان فــوق الرض كل محــاولته لــها معنى واحد معناه :أنه يريد أن يجعل
جنة فوق الرض ،ويخلد فيها ،ويجلب إليها السعادة ،ولن تكون الرض جنة ،وحتى لو
اسأتطاع النسان أن يجعل فيها شيئا فإن ذلك يكـون شبــها للجنة فقط ،وا يحطم هذا الشبه ،
لنه كفر بما عند ا ،لهـذا لـم يستخـرج النبـياء قوانـيـن آلت حتى ل يتمتعوا بما لم يكن
حقيقيا في أصأل معناه ،يعني معنـى المعنــى ،واللــه يقــول للكافرين إنهم اخذوا نصيبهم
وتمتعوا في الحياة الدنيا ،والنسان يحسب أن ما يمده به ا من متاع هو خير ،بل هو شر
لمن لم يؤمن بال ،فكان المعنى أن النسان اليوم وقع فـي مشكــل ل يمكنه الخروج منه إل
بفناء الحياة الدنيا ،وقد كلف ا سأبحانه وتعالى ملكين ببابل هاروت وماروت ،يعلمان من
أراد أن يكفر بال ،فهما فتنة ،وبما يتعلمه النسان منهما تستخرج كل الكتشافات الظاهرة ،
كاللت ،وتعرف كل الفلسفات والتغييرات الدينيــة ،والمــر بسيــط للتصال بهما ،لن
النسان له اتصال باطني شعوري ول شعوري ،وا سأبحانــه وتعالــى جعل علم الفكار ،
وأودع قوى الفكار في أرض ،فالكافر لـه اتصــال بــأرض الظلمــات ،يستخرج منها كل
وسأائل اللحاد والكفر والشرك ،يظهر ذلك في أفكاره وتصرفاته وأعمالــه ،والمؤمن له
اتصال بأرض النور يستخرج منها كل الوسأائل التي لم يجعل فيها اللـه كفــرا ،وبين أرض
:النور و أرض الظلمات توجد الجنة
54
ونرجع إلى الفهم الثالث ،وهو كما هو ظاهر هنا أن بين المعنيين معنى ثالثا يعني الجنـة ،إذ
فيها ما في أرض النور وما تمناه النسان مما في أرض الظلمات ،فالجنة عرضها السماوات
والرض ،وأرض النور فهي محجوبة ،وأرض الظلمات كذلك واللـه سأبحانـه وتعالى أودع
كل ما أبدع في أماكن في الكون يستمد منها النسان ،فيكون سأر اختراعه إما فـي الرض أو
في السماء ،فالرض ل نهاية لها في وسأعها ،رغم وجود حدود في أبعدها ،إن قوى السمــع
والبصر موضوعتان في أرض كذلك ،والبالغ في العلم يدرك المعنـى ،بمعنــى أن النســان
ليس له اتصال بانفصال مع الخالق ول انفصـال باتصــال ،والراضــي التــي يستمــد منــها
النسان قواه كلها ،هي قطع كذلك متجاورة ،وكل واحدة منها تكبر الخرى بمائة مرة ،إلى
حد بشكل دائري ،وهذا الحد لم يكن حدا نهائيا ،لن الرض ل نهاية لها في امتدادها ،وهذه
القوى الخاصأة بمن فــي الرض مــودعة فــي الرض الولــى ،وتـــب قطعـهـا كـتـرتـيـب
العروش حول الكرسأي ،والــذي سأبــق تفسيــره .أما الراضــي الستة الخرى فهـي طبقات
واحدة فوق الخرى ،وموضوعها موضوع آخر بعيد عن دليــل المعانــي بالفهــم الثلثــي ،
والمهم في الفهم الول ،معناه أن الرض حـولها قــوة تشبــه الســراب الحاجــب عن رؤيــة
:الرض وواقعها ،وموقعها الصألي في الرض الولى
55
إن الرض التي نعيش على سأطحها ما هي إل قطعــة مــن القطــع العديدة المتجاورة والتـــي
مستقرها كلها فوق الولى وبين هذه القطع كلها قوى سأراب يجعلها كنجوم بعيدة عن بعضــها
:البعض
إن المؤمن بال يؤمن بما في كتاب ا ول يفسره على حسب هواه ،وقــد ذكر اللــه سأبحانــه
وتعالى في القرآن ذا القرنين عليه السلم بلغ إلـى معـرب الشمس فوجـدها تـغـرب فـي عـيـن
حمئة ووجد عندها قوما ،ووجد قوما آخــرين عند مطلع الشمس ،والذيــن عرفوا الحق مــن
بعدما أظهره ا ،فإنهم ل يغيرون معنى المعنى ول يؤمنون بغير مــا أنــزل فــي الكــتاب .
والقطع الرضية كلها محجوبة عنا ،والقطعة الرضية الوسأطى تكبر القطعة الرضية التـي
نعيش على سأطحها بمائة مرة ،ومطلع الشمس قطعة تكبر القطعة الوسأطى بمائة مرة ،وبعد
هذه القطع ثماني قطع أخرى تكبر القطع المتجاورة الولى ،وكل واحدة بمائة مـرة ،وكلــها
مسكونة كذلك ،فالفهم واضح ،وترتيب القطع المتجاورة سأيرته ثمانـي قطــع بثمانــي قطــع
مفصولت عن بعضها البعض ،إن القطعة الوسأطى والثماني قطـع حولــها المحاطــة بقــوى
السراب هي القطع الرضية المتجاورة الولى ،ومطلع الشمس ومغربها ،والستة قطع حول
القطع الولى هي القطع الرضية المتجاورة الثانية .أما القطع الثمانية الثالثـة فرسأمــها كــما
:يلي
في هذا الرسأم أظهرنا موقع القطعة الرضية التــي تسكنــها دابــة تخــرج للــناس فتكلمهــم ،
وأظهرنا كذلك موقع أرض السمـع وأرض البصــر ،والقطــع التــي لــم نذكــر عنــها شيــئا
فموضوعها موضوع آخر ،وبعد القطع الثالثة تأتي قطع ثمانيـة أخــرى ،فيها نــور القــرآن
الكريم ،وهي غير محصورة ،ومن بينها توجد قطع فيها السبعة أبحر ،والقطع التي توضـع
57
فيها أرواح البشر ،وقطع خاصأة بالملئكة عليهم السلم ،إن أرض ا واسأعة وملكه أوسأــع
بكثير .إن ل ملكا عظيما ل يحصيه النسان ،وهذه القطع الرضية قد بلغ إليها ذو القرنيـــن
عليه السلم ،والمتصل بالباطــن يراها كلـها دون أن يتجاوز العلم الــذي بلــغ إليــه النبــياء
والمرسألون عليهم الســلم ،ونقــف عنــد هــذا الحــد مـن الفهم في ما يخص القطع الرضية
المتجاورة والمحجوبة عن النس والجن ،فالسبعة أبحر تمدها أبحر أخرى من بعدها ،وكـان
عرش الرحمن على الماء ،أسأاسأه كله ماء ،ومن الماء جعل ا كل شيء حي ،أما السمـــاء
وما فيها ،فمختلف عما في الرض ،فيها المعصرات ،وفيها جبال أخرى غير الجبال التــي
نعرفها ونراها راسأية وهي تمر مر السحاب ،فالعالم كله له واقع آخر مغاير لما نظنه واقعا ،
ول يمكن لمخلوق أن يعطي علما عن الرض أو عن ملك ا إل أعطاه ا ،ول يمكن لحـد
أن يعرف شيئا فوق الذي عرفه النبياء والمرسألون عليهم السلم .فمعنى المعنى ثابت معناه
أن النسان لم يؤت من العلم إل قليل ،ليقرأ النسان القرآن لعله يستفيد كثيرا ،والذين كفروا
يستعجلون عذاب ا ،وا سأبحانه وتعالى قد ردف لهم الذي يستعجلون ،وجعل لهم عذابا
في الحياة الدنيا ،في مكان خصه لهم في أرض السد ،وهي القطعة الوسأطى المحاطة
:بالثماني قطع الولى
أرض أرض
النور الظلمات
يأجوج
ومأجوج
الرض
التي نإعيش
على
أرض
سطحها الجن
58
إن السور المربع سأور كبير ذو علو شاهق ،مبني في القطعــة الرضية الوسأطــى ،والتــي
تكبر الرض التي نعيش على سأطحها بمائة مرة ،أمر بنيانها موضوع آخر ،إنما المهـم هـو
أن السور خاصا بالعذاب ،يعذب فيه القوم الكافرون ومنهم أئمة الكفر بصفة خاصأة ،كعاد ،
وثمود ،وفرعن ،وهامان .وقد سأجن فيها يأجوج ومأجوج ؛ وأئمـة الكفــر يعذبهــم ملئكــة
العذاب في الحياة الدنيا ،فبعد موت الكافر ،ينشأ مرة أخرى في أرض السد فــي جســم ثــان
ليعذب بكل أنواع العذاب قبل عذاب الخرة ،وفي السد أماكن خاصأة بتعذيب الكافرين كافة ،
دون أئمة الكفر ،ول يعذب في السد الموتى فقـط من الكافرين ،بــل النسان إن كفــر يدخــل
أرض السد عند نومه ،وا يتوفى النفس عند منامها وينشئها في جسم آخر لتعذب ،وهــــذا
دون شعور الكافر ،لن ا سأبحانه وتعالـى يقطــع الحبل المــوصأل للدراك ،واليوم ،فــي
أرض السد مقداره ألف سأنة مما نعد ،وهذا أمر بسيط ،فاليام في القطع المتجاورة متفاوتــة
في ما بينها ،والرض المباركة اليوم فيها مقدار أثنا عشر يوما مما نعد ،وأرض الجن اليوم
عندها بخمسمائة سأنة عندهم ،وا شديد المحال فعال لما يريد ذو بطش شـديــد ،فالكافــر ل
ينجو من العذاب في حياته أو في مماته ،وكما هو معلوم ومعـروف ،فـإن المتصـل بالباطـن
يعلم أنه بالمكان أن يكون للنسان جسمان في آن واحد ،ويقطع الوصأل بينهما ،فل يـــدرك
النسان أن له جسمين ،وا لم يكن مسبوقا لينشئنا في ما ل نعلم ،وا سأبحانه وتعالى قـادر
أن يمسخ النسان على مكانته فل يستطيع مضيا ول يرجع ،وقد جعل من الذين كفروا القردة
والخنازير وعبدة الطاغوت ،والطاغوت هم أحياء في أرض السد يعذبون ،وفي نفس الوقت
يمدون من يعبدهم ويستمد منهم ،فنهفيم في طغيانهم يعمهون ،وا سأبحانه وتعالى جعــل مــن
بين أيدي الكافرين سأدا ومن خلفهــم سأــدا فهم ل يبصرون ،والرض سأدت من كل جهــة ل
يمكن الخروج منها ،سأدت بنـور كالســراب ،وهو مانع نشبهــه بالزجاج ،تدخل منه أشعــة
الشمس دون التمكن من الخروج من الرض ،والجن لمسوا السماء فوجـدوها ملئــت حــرسأا
شديدا ؛ ووسأائل الجن أغلب من وسأائل النس ،وهم أقوى بحثا في الفضــاء ،ول يجتــازون
الحجاب الول الذي هو فوق الرض ،وا سأبحانه وتعالى جعل الشمس تجري لمستقر لها ،
:والقمر قدره منازل حتى عاد كالعرجون القديم
إن الشمس تجري من مطلعها لتستقر في مغربها ،حيث تغرب في العين الحمئة .ولن يكـون
المر معناه كما هو معروف اليوم بمعرفة ل أصأل لها في الديـن ،بل اللــه سأبحانــه وتعالــى
أعطى علما في القرآن وجب اليمان به إيمانا بالغيــب ،ولــن يستطيـــع النســان بالوسأائــل
الحديثة أن يعلم ما أخفى ا في كونه ،لن الكون ملك ا ،ول يمكن للكافر أن يعلم شيئا من
علم ا ،بل الكافر في ضللة ،والمؤمن ليس من واجبه أن يتخــذ الكافريــن أولياء ليعلمــوه
شيئا ،ومعنى المعنى معناه الشامل هو أن ما يدلي به الكافرون من علم فهـو غير صأـحيــح ،
ولن يكون صأحيحا أبدا مهما بلغ ،المر ،بدلئل لم يكن مثلـها كمـثـل المعجــزات ،وإنــه ل
يؤمن مكر ا إل القوم الخاسأرون ،وليكمل الموضوع فله موضوع آخر في مكان آخر ،كما
.أن للمعنى معنى آخر يعني معاني أخرى فهي معاني المعاني
60
إن معاني المعاني شملت معنى المعنى في معانيها ،والنسان يعيـش عالما لــم يكن حقيقــيا ،
فهذا العالم مستودع والجنة هي المستقر ،اسأتودع ا في الرض في المعاني الغيبيـة ،فهــي
معان صأورية لها أصأل في الجنة ،والنسان إن أفسد شيئا فــي هــذه الرض ،فإنه ل يفســد
شيئا ،لن ا محيط بالكافرين ،والكافر إن أكل أو شرب فإن ذلك ل يعني أنه أكل حقا مـــما
جعل ا ،بل يأكل مما له شبه ،ومن أجل الفهم فإن فإن كل ما في الرض التي نعيش علــى
سأطحها ما هو قوة أخذت أشكال ملموسأة واقعية دون أن يكون لها واقع أصألي ،والمـؤمـن ل
يصل إليه الكافر بشيء ،لن الجسم الحقيقي للمؤمن ،هــو مــودع فــي الرض المباركــة ،
والجسم الذي يعيش به في الرض التي على سأطحها ،ما هو إل لبس جعلـه اللـه ،والمـؤمـن
يحشر في جسم آخر مليء نورا ،ولم يمسـس بســوء ول بفاحشــة ،فالكــل يشبــه للــناس ،
والجسام كذلك ،والوقع الحقيقي بعيد جدا عن متناول النسان ،والساعة هي يوم يظهر فيــه
الواقع وتبدل الرض غير الرض التي نحن عليها ،وإذا بالكافرين في الساهرة ،والساهــرة
:هي أرض محجوبة عنا إل أننا فوقها
الجحيم
أرض
الساهرة
جهنم
وكما هو ظاهر في الرسأم ،فإن بعد الساهرة توجـد النــار في مكانين ،لكــل مكان قــوة نــار
مختلفة عن الخرى ،فالولى نارها صأفراء ،وقد خصــها اللــه لتعذيــب أصأحــاب مثــلــث
الظلمات ،والثانية فنارها بيضاء ،وبهذا نرجع إلى الواقع الول الذي أظـهـرنــا بــه الدائــرة
الصفراء ،و الدائرة البيضاء ،وبينهما الدائرة الوردية اللون ،ومعناها هــنا الساهــرة وفيــها
62
يكون الحساب ،وبعد زلـزلـة الساعـة يظـهـر العالـم الحقيقــي ،وتظهـر الشمس الصأليــة ،
وتعرف حرارتها الحقيقية ،وهكذا فإن وراء الواقع الذي نعرفــه يوجــد واقــع آخــر ،وفــي
الرض والسماوات ما ل نعلم ،وا وحده هو الذي يعلم غيب السماوات والرض ،ورغـــم
كل ما علم ا ،فإن وراء العلم علما آخر وحقيقـة أخـرى ،ول يجـب علـى النسـان أن يهتـم
بمعرفة أخرى لم يظهرها ا في كتابه كعلم علمه للناس ،كما أنـه ل يجـب علـى النسـان أن
يقفو ما ليس له به علم ،وكل ما ذكر هنا فمما فــي القرآن ،وكــل تفصيل ما هــو إل إعانـــة
للفهـم ،أما المعرفة التي انتشرت فإنا ل نهتم بها إل إن كانت علما من عند ا ،والدين ليـس
فيه تجارب من أجل التصحيح ،بل اليمان بالغيب هو ما فرض ا سأبحانه وتعالى ،وليبــق
الذين كفروا في خوضهم يلعبون ،وما ذكر في القرآن ل يجب أن يقارن بمعرفــة بلــغ إليــها
النسان بوسأائل كان أصألها كفراا بال ،وحتى لو كان النس والجن لبعضـهم ظاهـريـن ،لـما
اسأتطاعوا شيئا ،وإذا سأعوا أن ينفذوا في أقطار السماوات والرض ،فإن ا يرسأل عليهــما
شواظا من نار ونحاس فل ينتصران ،ومهما كان لديهم من سألطان ،والذين غيروا معانــــي
آيات ا ،وما كان عليهم أن يفعلوا ذلك ،وإنهم لغافلون ،ثم إنهم بعـذاب اللـه ل يشعــرون ،
وباليوم الخر هم مكذبون ،وما علينا إل أن نبحث في العلـوم الدينيــة ،ونـتـدارس القــرآن ،
ونتفقه في الدين ،كذلك أوجب ا على المؤمنين ،وفي السماء أقطار أخـرى غيــر القطــار
التي هي على الرض ،فأقطار الرض قد سأبق ذكرها ،أما أقطار السماء فوق الرض فهي
النجوم ،زينة السماء و رجوم الشياطين ،فالنجم الحمــر ،هو الذي سأيهوي علـى الرض ،
وهو النجم الوسأط يكبر النجوم كلها ،ومواقع النجوم هي من بعد الشمس والقمر ،ونراها من
تحت الحجاب الثاني ،والنجم الحمر تحيط به النجــوم كلــها ،ومنــه يستمــد النسان قــوى
:الخوف والفزع ،وتحيط به أربعة نجوم أولى
النجم
الخضر
النجم النجم
البيض النجم الحمر الصأفر
النجم
الزأرق
63
ومن النجم الحمر يرسأل شواظ من نار ونحــاس ،ومــن الربعــة نجوم الخــرى ،تــرجم
:الشياطين ،وبعد هذه النجوم توجد نجوم أربعة أخرى
النجم
الحمر
ولكل نجم دور خاصا وقوى لها أهمية عظمى ،ومعرفة التنجيم المعروفة ام يكــن لها أصأــل
في الصأل ،لن النجوم الظاهرة ما هي إل صأورة لواقع هو عند ا ،فالنجم الحمر كله نار
،ونشبهه بحجر أصأبح أحمر تحــت فعاليــة نـار قويــة ،إل أنه من نحاس ،وهــذا ل يعنــي
النحاس الذي نعرفه ،وسأيرة النجوم هي بالعـدد التســع ،والقــوى الموجــودة فــي السماوات
والرض لها سأيرة في سأتة أيام وسأيرة أخرى في يومين ،ول يجب أن نفهم فهما معناه أن ا
سأبحانه وتعالى خلق السموات والرض في سأتة أيام بمعنى اليام التـي نعدها ،ول يجــب أن
ننسى أن ا إذا أراد شيئا فإنما يقول له كن فيكـون ،وهــنا يكمــن المعنــى ،وسأـــر معانــي
المعاني ،أما غدو الرياح فشهر ،ورواحها شهر كذلك ،وذلك لن الـريح تأتــي من مصــدر
هو مكان أودعها ا فيه ،كما أن الليل له مكان أيضا ،وكل شيء جعل له ا مستقرا ،لهـذا
64
فإن ا سأبحانه وتعالى ل يوجد في الطبيعة ،ول يمكن التصال بــه .وبع كل كــون يوجــد
كون آخر ،وبعد السماوات والرض توجد العـروش ،وهكــذا إلى ما ل نهايــة لــه ،وعلــم
اللنهاية فهو عند ا ،وعلى النسان أن يفكر في نهايته ،ويفكـر فــي المــوت ،وفي اليــوم
الخر ،قبل أن ينفخ في الصور ،فالصور وضعه ا في مكان بعيد يـرى منه كــل مــا فــي
السماوات وما في الرض أكبيرا كان أم صأغيرا ،وا ل يهمل شيـئا ،وإن كــان قــد أمهــل
الكافرين ،فلنه قد جعل لهم يوما لن يخلفه أحـد ،يحشــر فيــه الطيــر والوحــوش والنــس
والشياطين ،وأمر ا واقع ما له من دافع .وبين النجوم توجد معارج أخرى يتم بــها التنقــل
من نجم لخر ،وإن ذلك ل يتم بالصواريخ ،بل بإذن اللــه الذي جعل لذلــك سأبـبا ل يدركــه
النسان .وقد بحث الناس في كل شيء منذ العصور الولى ،ولم يبلغوا إلى شيء ،واللت
عرفت عند الجن قبل أن تعرف عند النس ،وإن النسان كان جهول يكثر الجدل ،وظلوما ،
ولو فكرنا في موقفنا أمام ا لوجدنا موقفا حرجا ،لن النسان جعل دون علم ا علما آخــر
يعتمد عليه ويصدق بدلئله ،وليرتفع النسان إلى سأمو العلم فإن عليـه أن يعتــرف بجهلـــه ،
والعتراف بالجهل هو أول طريق يسلكه النسان ،والتفكير في الحق هو أول سأـلح فكــري
يجتاز به النسان عالم الخيال المسيطر على قوى عقل النسان ،ومعنى التفكير فــي الدمــاغ
كمعنى النجوم في السماء ،وسأر السأتمداد كامن في سأر الفهم فقط ،فالـذي رسأــخ في ذهنــه
علم عن النجوم ،لم يكن إل معرفة بالظن ،فإنه يستمد من قوى الظلمات ،والذي يفكــر فــي
علم هو علم حقيقي عن النجوم والرض وكل ما خلق ا ،فإن اسأتمداده يكون من نور ،وإن
المشكل أعظم مما يظنه النسان ،فبالتفكير يتم التصاعد الفكري ،وبالتأمل يتــم السأتمــداد ،
وعلى النسان أن يهتم بهذا ،لن فيه معاني اختياره ،إما باتجاه نحـو الصــواب ،أو باتجــاه
نحو الخطأ ،وإن فكر النسان في العقل فلينظر إلى النجوم لن العقل والدماغ لهما في القـوى
،وترتيب من إبداع الخالق ،والنسان إن كان له اتصال بقوى الطبيعة فإن ذلك سأببه وجــود
اسأتمداد القوى البشرية من قوى وضعت في أماكن معينة خلقها ا ،ولم يكن المعنى هــو أن
النسان شامل للطبيعة ،بمعنى يوجب الخلود ،فإن تفنى الرض يفنى النسان ،حتــى ولــو
كان في الفضاء ،لن من الرض خلق النسان ،فيــها يعيــش ،ومنــها يأكــل ،ول وجــود
للنسان الكوني ،كما زعم الكثير ،وكل التطبيقات من أجل خلصا الروح ،فإنـه ل أسأــاس
لها ول تنفع إل عبادة ا ،وا جعل للناس قبلة ليتجهوا إليها ،والكعبة ترى في كــل القطــع
الرضية المتجاورة ،فالجن يطوفون حولها والنس كذلك ،والمر كذلك بالنسبـة لقــوم فــي
أرض محجوبة أخرى ،وكل إل ويكسوها برداء خاصا ،وكيف الواقع فــي هــذا ؟ فالقــرآن
يوجد عند الجن والنس ،وقد بلغ إليه كما بلغ إلينا ،والبشر الخرون بلغ إليهم كذلك ،وعلى
النسان أن يفكر قليل لعله يجد إلى الفهم سأبيل ،إنه ل يجب علينا أن نحصر أمــر اللــه فــي
شيء ،لن ا على كل شيء قدير ،ولن نعجــز اللــه شيئا ،والظاهر الذي نراه يوجد بعــده
ظاهر ل نراه ،ويوجد بيننا من الخلق ما علمه عـند اللـه ،من الملئكة ما يتشكل في صأــورة
إنسان ،ومن الشياطين ما يظهر للناس دون أن يعرف ذلك ،والنسـان لــن يحصــي للخلــق
عددا ،ولن يعرفهم أبدا ،بل يحشر فردا ،والكافرون يوم القيامة يسألون عن أشخاصا كانـوا
يعدونهم من الشرار ،تلك من أسأرار ا ،وعلى النسـان أن يلجأ إلى اللـه ويعبــده دون أن
65
يشرك به شيئا ،وقد جعل ا كل شيء بمقدار ،وجعل النهار والليل ،وعلم النسان مــا لــم
يعلم ،وإن الذي اسأتهوته الشياطين نجده في الرض حيرانا ،وله أصأحاب يدعونه إلى الهدى
ايتنا ،ولكن هدى ا هو الهدى ،وقد أمرنا أن نسلم ل رب العالمين ،كذلك نجد اليــوم أناسأا
يدعون إلى معرفة أخرى يظنونها علما ،ونجدهم في حيرة يتساءلوت عن سأر النسان وسأـر
الكون .إن المر ل يستلزم تساؤل ،لن ا هو خـالق كــل شــيء ،قــد فصل اليات للناس
لعلهم يهتدون ؛ وإن الذين يدعون على المعرفة الخرى يظنـون أنهــم أهدى سأبيل ،وكأنهــم
يدعون إلى الهدى ، ،وا قد أثبت في كتابه أن الهدى هدى ا ،وأن العلم هو ما علم اللـته ،
لن العلم ل ،وكل علم ثابت فهو دين ،ومن يبتغي غير السألم دينا ،فإنه يكون في شقـــاق
بعيد ،والشقاق ظاهر للناس ،لن أولئــك الذيــن يبحـثـون في الكـون وفـي الخلق ،كل مـرة
يغيرون ما بلغوا إليه من معرفة ،وكل ما بين أيديهم يجهلون سأره وسأـبــب فعـاليـته ،كذلــك
يكون النسان في حيرة من أمره عندما يكون في ضلل بعيد ،ومن كـان يظـن أنـه بلـغ إلـى
علم دون العلم فليظهر للمؤمنين ،الجن ،وليظهــر حــجــب الرض ،وليبلغ إلى الراضــي
السبع .وكيف يكون ذلك من المكان ،إن النسان في اسأتحالة الفهم ،ل ينطبق ما يعرفه في
معانيه معنى على معنى ،بل الكافرون في فهم ينفي فهماا ،وفي علم ليس بعلم ،كذلـك كتــب
ا أن الكافرين في أرض لم تكن بالرض ،وأن المعاني عند الذين ل يعلمون مختلفة ،نجــد
معنى يتغير معناه في كل يوم ،ومعاني ل تعني شيئا ،ثم معاني ل تعني واقــعا ،تلــك هــي
الضللة ،والضللة لم تكن لها معان ،بل معنى واحد ،إنها كفر بال وبما أنزل ا ،وكــأن
النسان ل يثق في ا ،فسار يبحث في الكون بنفسه ،ويبحث في نفسه عن نفسه ،ويبحـــث
في عقله بعقله ،ويبحث عن معنى بمعناه ،ول يمكن ذلك لن المعنى له معان ،وليفهم العقل
،وجب شيء آخر فوق العقل ،وليفهم الخيال وجب الواقع ،وليفهم الواقع وجبت هناك حقيقة
،وللبلوغ إلى معرفة الحقيقة ،فلبد من علم ،والعلم من عند ا وهو عند ا يؤتيه من يشاء
من عباده ،كذلك المور كلها ترجع ل ،والنسان مرجعه إلى ا فيحكم ا في مــا اختلــف
فيه الناس .وإن المعاني العلمية الدينية لها صأراع مع جهلية إلحادية مضلة ،ومن لم يحـارب
الكفار جهادا في سأبيل ا ،فليحارب أفكار من ضلوا السبيل ،أولئك الذيــن يبغونهــا عوجــا
ويرضون بالحياة الدنيا ،وظنوا أنهم سأيجدون إلى ذي العرش سأبيل ،بلى ،إن ا بالمرصأاد،
يعلم ما يخوض فيه النسان ،وهو الذي يمد الكافرين في طـغـيـانـهم يعمهون ،لتكن أفــكــار
المؤمن كشهاب ثاقب ،ترجم به كل الفكار التي تتشكل في خيال كـما تـتـشكــل الشياطيــن ،
وليكن لعقل النسان سأور كسور السد ،تعذب فيه أفكار الجهــال ،ولتكــن كذلـك قــوى عقـل
النسان كالقطع المتجاورة منيعة ،ثم لتكن العلـوم الدينيــة كنجوم بعيدة ل يمكن البلوغ إليــها
ول يمكن تحطيمها ،إن من واجب المؤمن أن يحصن نفسه بحصن منيع كله من نــور بــمــا
أنزل ا .إن المعاني الموجودة لها معان تنطبق على النسان ،كذلك ضــرب اللــه المثــال
للناس لعلهم يعقلون ،إن الذين فكروا في خلق السماوات والرض لم يفكروا في البلوغ إليــها
،ولم يهتموا باتخاذ المصانع لعلهم يخلدون .إن النجـوم بعـيـدة ومحصـنـة ،والسـمـاء ملئـت
حرسأا شديدا ،ول يمكن العتراف بمعرفة ليس لها أصأل في الدين ،ول وجود لعالم ل يعلــم
شيئا مما علم ا ،ول يخشى ا إل العلماء ،والذين لهم معرفة دون علم ،وقيل عنهم إنهـــم
66
علماء ،فإنهم ل يخافون ا ،لــذا فإنـهـم ليسـوا بعلـمـاء ،وقد أعطـوا معاني كثيرة مخالفــة
للمعنى الحقيقي ،وإنهم في غرور ويقولون ما ل يعلمــون ،ويتبعهم الجاهلون الذين يظــنون
بال ظن السوء ،وقالوا إن الدين ل تتوفر فيه العلوم عن الكون ول العلوم عن النسان ،فـمـا
خطب الذين يفسرون القرآن تفسيرا لم يكن فيه يقينا ؟ يلبسون الحــق بالباطل ،ويحلــون مــا
حرم ا ،وقد منعنا ا من اتخاذ علوم لم تكن دينية ،ول يرضى أن نتخذ الكافرين أوليــاء ،
وقد تعجبنا أجسامهم ،وإن يقولوا نسمع لقولهم كأنهم خشب مسندة ،ولقد لعنهم ا ،وأثـبــت
لنا أنهم العدو وأمرنا أن نحذر منهم ،فأما صأـور القـوم الكافــرين فإنها ليسـت لهـم ،
والكفـار يحشرون زرقا ثم صأما وعميا وبكما ،ذلك أن ا جعل سأرا في ذلك ،ويركب
النســان فــي أي صأورة ما شاء ويبدل الناس تبديل ،فالنسان قد ينام ول يعود إلى جسمه
ويدخل في جسم آخر ،ويفقد ما ملك من وعي ،ويظن أنه هو ذلك الشخص ليكفر ويتـم
كفــره ،ونجــد كــأن الناس ل يسيئون شيئا ،ل يسرقون ،ول يزنون ،وهم قد كفروا ،
فهؤلء يدخلـون أجســامــا أخرى ،ويسرقون بها ،ويزنون كذلك ،ول يعرف النسان سأر
هذا إلى يوم القيــامـة ،يــوم يعود إليه كل شيء فعله ،وتزوج النفوس ويتبين له أنه قد كفر
بأنواع الكفـر كلـها ،وقد رحل من جسم لخر ،وعاش حياة مليئة بالخبث .والمؤمن أمره ل
يكون كذلك ،وتـرحال العقـول يكون بقوى مثلث النور ،ومثلث له أسأرار كثيرة في كل
حكمة ،والفهم الثلثي هو فهم شامل للمعاني ،والفهم بقوى المربع قد ذكرنا منه قليل .أما
الفهم الخماسأي ،فإنـه أشــد صأعوبــة ،لن بمعنى واحد تستخرج خمس معان ،كمـا أن
بخمـس معـان يستخـرج معنـى واحـد ؛ وقـد اختص بعلوم الفهم الخماسأي سأليمان عليه السلم
،إذا سأخرت لـه الجـن والشياطيـن والطـيـر والجبال والرياح ،وأوتي ملكا ل ينبغي لحد من
بعده ،وملك سأليمـان عليـه السـلم ل يمكـن أن يفسر عنه شيء بفهم ثنائي بمعنى الفهم
العادي ،الذي يفهم فيه النسـان بمعانـي الـحـرارة والبرودة والليل والنهار والذكر والنثى ،
وقـد سأبـق أن ذكـرنـا أن بيــن الرجـل والمـرأة فـي المعنى ومعاني المعاني ،يوجد الملك ،
وبين الليل والنهار يوجد الفلق ،والفهم الثلثي خاصا بالملئكة عليهم السلم ،وقد اختص به
جبريل عليه السلم ،وإن بلغ إلينا شيء من هذا العلم فلن جبريل عليه السلم ،علمه بإذن
ا للنبي محمد صألى ا عليـه وسألـم ،وقـد ذكرنا منـه واقع القطع الرضية المتجاورة ،لن
ذا القرنيــن عليــه الســلم بلــغ إلــى معــرب الـشمـس ومطلعها ،ويعرف عنده المثلث
:الرابع بهذه الصفة كتابة
:وسأليمان عليه السلم له وحي بإدراك فهم خماسأي يعرف بالنجمة الخماسأية أو كتابـة هكـذا
والفهم السداسأي خص به ا الملكين هاروت وماروت ،ولكل منها مثلث بمعنى وجود مثلثين
متضاربين ،ويأخذ الكافر من الملكين من القوة وعلم التغيير بقوى مثلث الظلمات لتغيير
.مثلث النور
إن الفهم السداسأي هو أصأعب فهم بالنسبة للغائص فيه ،لن المعاني المدركة فيه هي معان
لها أصأل من ظلمات يظن بها النسان أنه بالغ إلى علم من نور فيه هدى ،والفهم السداسأي
هذا اختص بتطبيقاته كل متصل بقوى الطبيعة ،والذين يعتمدون على السحر ،ول يفهم
الوضع ويضيع المعنى ،والملكان لهما فهم سأداسأي مشترك بينهما ،ول يعلمان من أحد حتى
يقول إنهما فتنة ،ويأمران النسان البالغ إليهما بأن ل يكفر ،لن مــن يأخذ علـوما مثناة فـي
مثلثين ،يبحث عن المثلث الثالث الموجود بين المثلثين ،والمعنى الصأح أن البالــغ يــبحــث
بفهومه عن معنى الولهية وينسبها لنفسه ،ولهذا يبلـغ النســان إلــى مرحلــة فــي الكفـــر ،
،ويستخرج الكرامات المشابهة للمعجزات ،فالمثلثان بمثلث ثالث لهم معنى الفهم بتسع قوات
68
والفهم بتسع قوات اختص به النافخ في الصور ،وكــل معانيه كالنجــوم متفرقــة ومتعــددة ،
والفهم بالدرجة الثامنة يكون فهما بالتصال الباطني ،يعني أن البالــغ فــي الــدين إلــى هــذه
الدرجة يعرف قوات الظلمات وتقلبها ؟ ويعرف الفهــم الثلثــي ،والرباعــي ،
والخماسأــي ،والسباعــي ،والمثـمـن ،والمتسـع ،ذلك لنه يتعلمه من الباطن دون إدراك
الفهم بإدراك تام يستوجب نبوة أو رسأالة أو معجزات ،فالمؤمنون يفهمون بثماني قـوات ،
وذلــك بالمعانــي ،ويضادون بما يعلمون الفهم السداسأي بست قوات من نور ،ظاهرة في
:المعاني بـدرجة أولــى فيها
فالفهم بثماني قــوات لــه ثمانيــة رمــوز مــن نـور ،تحيط بمثلث واحد ،له معنى مثلثين في
:قوتيــن
الممثلثان
69
إن القدماء الذين اعتمدوا على التأويـل الخاصا بفهــم معنــى المثــلـث ،قد سأفكــوا الدمــاء ،
واتخذوا بعضهم البعض آلهة ،وطوروا طرقا خاصأة لجلب قوى الظلمات سأعيا وراء الخلـود
،وقد ظنوا أن النسان جزء إلهي ،واعتمدوا على تقوية قوى العقل ،وأسأسوا مباني وأبراجا
مشيدة لتركيز قواهم فيها ،وقد كانت لهم قوة وبطش ،وكانوا جبارين ،وعتوا عتـوا كبيـرا ،
وأن أغلب القوى المستمدة من الظلمات ،قد اسأتعملت قبـل الطوفــان ،فلم يكتســب الناس إل
قوة قليلة لم تمكنهم من السيطرة الكلية للطبيعة ،وضعفت الكرامات كما أنها تكاد تنفقـد اليـوم
تماما ،وأصأبح النسان اليوم يعيش مرحلة أخرى في الحياة الدنيا .ول يظـن النسـان اليــوم
أن ما سأبق من التطبيقات السحرية الولى لها آثار وفعالية عليه ،رغم أن كــل قــوة ركــزها
القدماء يعمل بها الناس اليوم ،والقدماء هم الذين جعلوا قوات مركزة في أماكن أرضية هامـة
تمكن بها الناس اليوم من اسأتخراج الوسأائل الجديدة الظاهرة في اللت التـي جعلــت أسأــاس
الحضارة اليوم ،وإذا ما أراد الناس أن يتيقنوا من هذا فما عليهــم إل أن يحطمــوا كــل آثــار
قديمة جعلها القدماء ليتبين المر ،فالنسان الحديث ما هو إل في مجال تطوير ما اسأتخـرجه
القدماء ،ولو بقي القدماء أحياء إلى اليوم هذا لبلغوا أيضا إلى ما نراه اليوم ،ولـو لــم تحطــم
المراكز السحرية بالطوفان لبلغ النسان إلى أشياء أخطر مما وجد الن ،فالحضارة الحديثــة
حتى ولو كانت آلية فقد سأبقتها حضارة أسأاسأها قوى عقليـة ورثــها النســان ،وزاد عليــها ،
وأظهرها في آلت ،والمهم في الفهم هو أن قوى الظلمات تخنق نارها في هذا العصـر ،لن
الطلسأم الموضوعة والتي كانت ملك العقـول قديــما ،أصأبحــت ظاهــرة بارزة فــي آلت ،
ويمكن تغييرها بسهولة ،وإرجاع قواها من نور ؛ وهذا هو المر الواقع ،فإن كــل مــا فــي
الرض من ظلمات أصأبح يتحول إلى نور مسيطر يقي علـى الظلمـات ،فالظلمـات فـي هــذا
العصر تضاد قواها نفسها ،ويتسرب النور إلى كل شيء ،والتحطيم باطنيا يراه كل متصــل
بالباطن ،والنسان بوسأائله الحديثة قد دخل إلى دائرة مقفلة ،هي دائرة الحاطــة ،ونــورها
وردي اللون ،ول يمكن لفيها لي قوة من ظلمات أن تسيطر على قوى النور ،وكما قد سأبق
للظلمات أن تطورت ،فإن النور يتطور بدوره ليظهر ا أمره ،وإن كان من سأابق إلحــاد ،
فإن الطلسأم يكسوها نور عم كل قواها ،وهذا العصر يسمـى بعصــر التبنــي ،ترجــع فيــه
الظلمات نورا ،لن الظلمات ما هي إل نور قد تغير فأصأبح ظلمات ،وبإمكانه أن يرجع إلى
أصأله بإذن ا ،وحراس النار المقدسأة زعما ،فإنهم أصأيبوا بقلق وخــوف عظيمــيــن ،لن
كثيرا من المنافذ الباطنية سأدت في وجوههم ،وضعــف السأتمداد عندهم ،وقد اعتمدوا فــي
هذا العصر على نشر طرقهم الكثيرة ابتغاء اسأترجاع القـوى الباطنيـة .والمتصلـون بالباطـن
بالطرق الدينية يكثر عددهم ،والقرآن يقوى نوره ،وهذا ل يشعر به إل مـن يهتــم بالمــر ،
وقد وجدنا نماذج الفهم الثلثي عند كثير من الناس ،يهتمون بالعلوم الدينية ،وأكبـر الشيــوخ
في الهند والصين ،وقد غيروا وسأائل تطبيقاتهم ،ويعملون لتطوير قــوى النـور ،والمشكــل
كله متركز في قوى الدائرة البيضاء ،لنها هي التي غيرت واسأتعملت قواهـا فــي السحــر ،
ومها اسأتخرجـت الكرامــات المشابهــة للمعجـزات ،ولـم يبـق لئمة الكفـر دور السأتمـداد ،
وتسمى قوة الظلمات الحالية بالقوة الدخانية ،يسهل إطفاء نارها ،فتخمد بصفة نهائية ،ولكن
ذلك جعل له ا أجل .وكل ما يهمنا هو أن نفهم الوضع الحالي بالنسبـة للديــن ،وإن كانــت
70
هناك مبان قديمة تنفق منها قوى الظلمات فإنها قد أصأبحت قواها من نور ،وهكذا تضمحــل
الظلمات ،ولبد من وقت لجل ذلك ،إن دليل النسان ليبقى إنسانا معناه فــي اليمــان ،
لن الكفار يصفهم ا سأبحانه وتعالى بشر الدواب ،وإن ا قادر أن يبدل أمثال الناس
وينشئــهــم فيما ل يعلمون ،وهذا يعني أن الكفار قد جعل منهم ا القردة والخنازير وعبدة
الطاغــوت ،وهذا ل يعني تناسأخا في الرواح بالمعنى المعتقد عند كثير من الشعوب ،وا
ل يعييه الخلق وله النشأة الخرى ،فالنسان قد يخلق مرتين ،وينشأ في لبس من خلـق جديـد
،كمـا أنـه قـد يخلق عدة مرات ،وهذا مشكل ل يقع فيه المؤمن أبدا ،بل هذا أمر خصه ا
سأبحانه وتعالى بمن كفر وعصي وآمن بالطاغوت ،وبهذه الطريقة يوصأل ا الدين
للنسان ،حتى ل تكـون للناس حجة على أن الدين لم يبلغ إليهم في مكان ،وإنه لشيء
معروف أن السحـرة بإمكانهــم أن يتشكلوا في رهط كثير ،وا يعاقبهم على ذلك فيبــدل
مكانتهم فل يستطيعــون مضيـا ول يرجعون ،أما المؤمن بال فإنا ل نقول إنه ينشأ فيما ل
يعلم بالمعنى الذي ينشأ فيه الكافر ،إن ا ل يعجزه شيء في الرض ول في السماء ،ول
يمكن أن تكون حياة المؤمن ومماته كمثل الكافر ،بل ل أحكام ،وله مكر عظيم ،إن مكر ا
حقا ،وبمكــره يجازي القوم الكافريــن ؛ جعل في الرض حجبا فيــها الشياطيــن يؤزون
الكافــرين أزا ،ويــرون الناس من حيــث ل يرونهم .وإن الشيطان يشارك الناس في
الموال والولد ويعدهم غــرورا ،ويدخل بجسمـه جسم النسان ويشاركه في كل شيء .
هذا لمن ل يخشى الرحمن ولم يستعذ بال من الشيطـان الرجيم ،فالشياطين في حجاب
أرضي محجوبين عنا ل نراهــم ،أما نحـن فلسـنا محجوبـيــن عنهم ،ول نحجب عنهم إل
إن كان هناك نور مانع لهم ،فالحجب الرضية الولـى ثمانيــة ،نعيش في أولها ،
والشياطين في الحجاب الثاني ،والحجاب الثالث فيه الملئكة الكاتبون ،مع كل شخص
ملكان ،الول عن اليمين ،والثاني عــن الشمـال ،فهــم محجوبــون عــنا وعــن الشياطين ،
وهم يروننا ويرون كذلك الشياطين ،والحجاب الرابع فيه شخص واحد ل يعرف اسأمه ،وله
دور في الدين ،والحجاب الخامس فيه ملك سأليمـان عليــه الســلم ،والحــجــاب السادس
فيه قوى الظلمات ،أما الحجاب السابع ففيه الفجاج الرضية كلها ،والحجاب الثامـن فيه
أرض النور ،وبعد هذه الحجب توجد ثمانية حجب أخرى ثانية ،وبعدها ثمانيـة حــجــب
أخرى ثالثة ،فيها صأورة للرض منذ هبط آدم عليه السلم إلــى الرض إلــى يومــنا هــذا ،
وفيها الملكان هاروت وماروت ،والحجب الثمانية الرابعة نجد فيها مطلع الشمس ومغربـها ،
والحجب الثمانية الخامسة فيها مواقع النجوم ،والحجب الثمانية السادسأة فيها فضاء ،وهكــذا
فالحجب الرضية ل نهاية لها ،والمتصل بالباطن يراهــا دون أن يجتــاز الحجــاب الكونــي
الول ،وفي هذه الحجب نجد صأورة للواقع الحقيقــي ،إذ بــها تعــرف مــواقع النجــوم دون
الصعود إلى السماء ،ويمكن الدخول إلى هذه الحجب الرضية بالجسم الظاهري ،إذا توفــر
نور عظيم وعلم عن حقيقتها .إن الحجب الرضية ل تعني القطع المتجــاورة فــي الرض ،
والتي يمكن رؤيتها بواسأطة التصال الباطني ،والتصال الباطني له علقة بالمنام ،وبعيــدا
عن الحلم هو رؤيا لبد من تصديقها ،لنه ل دخل للشيطان فيها إن كانت من نــور ،وقــد
أعطى ا سأبحانه وتعالى مثل بإبراهيم إذ صأدق الرؤيا بعد أن رأى في المنام أنه يذبـح ابنــه
إسأماعيل عليه السلم ،فالمعنى في تلك الرؤيا لم تكن الهدف منها ذبح إسأماعيل عليه السلم،
71
لن ا افتداه بذبح عظيم ،ولكن الهدف كان فــي تصديق الــرؤيا التي أراهـا اللــه سأبحانــه
وتعالى لبراهيم عليه السلم ،ولبد من اتباع أوامر ا في كل شيء دون البحث فيـها ،لن
ا علم لبراهيم من قبل ،أن النسان ل يذبح كقربان ل ،فالمعنى الثاني ينفي المعنـى الول
وبما افتدي إسأماعيل عليه السلم ثبـت المعنــى الول ،فهــذا معنى ثان نفي المعنــى الول ،
والمعنى الثالث أثبت المعنى الول ،فالمعاني الثلثة لها معنى واحد في معنــى طاعــة اللـــه
والتصديق المثبت لمعنى اليمان ،فطاعة ا أسأاس العبادة ،والعبادة تنفيذ أوامر ا بإظهـار
معنى الطاعة ،وعلى النسان أن يصدق ما في كتاب اللـه دون السعــي وراء التصــحيــح أو
التجربة ،فاليمان بال هو إيمان بالغيب ل يستلزم بحثا في الكون ول بحثا في الخلق أو فـــي
النفس لجل البلوغ إلى معنى الدراك ،فإن قيل ما ا ؟ قيل إن المعنى معناه أن ا هو الله
،فإن قيل وما الله ؟ يقال إن الله هو ا الذي ل إلـه إل هــو ،فهــذه معـان تـثـبــت معنــى
اللوهية بمعنى ا الله ،كذلك ترجع المعاني لتثبت معانيــها أن اللــه ل نعرف لــه سأمــيا ،
وأسأماؤه الحسنى ما كانت إل لندعوه بها ،حتى ل يكون معنى الدعاء مبهما إبهاميا في
معنتى غير مدرك في معناه ،وأوصأاف ا ل تنطبق على نفسه ،فال سأميع وعليــم بفقــدان
معنــى السمع والعلم الكامن معناه في سأمع بأذن أو علم بإدراك يحتاج إلى موصأل للمعنى ،
وهذا يدل على أن ا لم نكن لنعلم له سأميا ،فهو السميع بمعنى جعل السمع ،وقد جعل
البصــر وجعـل الفهم /والنسان ل يفهم شيئا إن لم يكن هناك أمر من عند ا سأابق الفهــم
فــي فهــم معانــي الشياء ،ويجب أن يكون لنا فهم بمعنى أننا في الوجود ،دون أن يكون لنا
وجود معنــاه فــي الخلود مجبر للبقاء الزلي ،بل النسان لم يكن من قبل شيئا مذكورا ،
فأصأبح إنسـانا بمعنــى نخيلق فيه إبداع الخالق ،والنسان يخاطب على حسب المعاني التي
تتوفر لديه من أجــل فهــم المعنى ،والمعاني يختلف فهمها عند الملئكة ،لن لهم مفهوما
معناه لم يشركوا بال شيــئا ،فمعنى ل إله إل ا يفقد معناه بالنسبة للملئكة لنهم ل يعلمون
من إلــه آخــر إل اللـه ،فهــم يذكرون ا بذكر مختلف عما يذكره به البشر ،فقول ل إله إل
ا إثبات للوهية ا ،ونفــي لولهية أخرى مزعومة ،لذا كانت الشهادة لزمة بقـول ل
إلــه إل اللــه بـزيادة معنــى آخــر يستوجب إثبات اليمان بالرسأل ،لن هناك زعما معناه
يدعي فيه أحد آخر بوجود علم معـناه كرسأالة أو نبوة ،وفهم المعاني لزم لثبات المعنى
الذي معناه كامن في العتقاد ،فل وجـود لحرية العتقاد ،ول يمكن اليمان بال بمجرد قول
دون تصحيح ثابت معناه يظـهـر حـقـيـقـة اليمان ،ولهذا يفتن النسان بمعان كثيرة عندما
يقول إنه آمـن بال ،واللــه يعلــم الكاذبــيــن والصادقين ،ويظهر الناس على حقيقتهم في كل
حين ،وقد نجد من يؤمن بال ،وإذا أصأيـب بمصيبة إذا به يكفر بال ،فكان معنى إيمانه له
معنى آخر فيه كفر بال ،ولو لم يكن المعنــى كذلك ،لما كفر بعد أن أصأيب بمصيبة لهذا ما
يؤمن أكثر الناس بال إل وهم مشـركون ،ول يوجد كفر دون شرك ،كما ل يوجد إيمان
دون إسأــلم ،فالكافــر مشرك والمـؤمـن مـسـلـم ،فالكفر في ميزان المعنى هو معان ،
والشرك معنى للمعانــي ،فــكان سأــر الفهـم فـي معانـي المعاني ،كذلك أوصأى ا بالوالدين
إحسانا ،وبذي القربى ،واليتامـى ،والمساكيــن ،وابــن السبيل ،فهذه خمسة معان لها معنى
واحد معناه في الحسان ،وإن لم يكن الحسان بالمـال ،فإن ا يأمرنا أن نقول للناس حسنا
كامنا معناه في الحسان ،ومن أوصأل علما أوصأى به ا
72
بأن يوصأل ،وقاله للناس ،فقد أحسن صأنعا ،فأصأبح معنى القول عمل جعل ا لـه
أجــــرا ،فأصأبح معنى الجر إحسانا من عند ا ،لذا كان جـزاء الحســان هــــو
الحســان ،فهــذا هــو معاني المعاني في معنى المعنى ،ومن يعمل سأوءا يجز به ،وعلـى
النسان أن يـتـبـيـن معانــي الحسان ،حتى يكون عمه مشكورا ،وقد أوصأى ا بالصدقة ،
وعلى النسان أن ل يـتـيـمـم الخبيث منه ينفق ،لن صأدقته تصبح معانيها شاملة لخبــث ،
فيكــون جـزاء الخـبـث سأوءا ،فــل يعطي طعاما قد أكل منه ،ول لباسأا قد لبسه إل إن كان
معناه ل يعنـي صأدقــة ،فالعطاء معنـاه لم يكن هو معنى الحسان ،وإنــه ل وجــود لمعنـى
فيــه معنـى العطـاء ،ول معنـى لـه مـعانـي الهدايا ،وبين العطاء والهدية يوجد الحسان ،
والحســان إن كان عــطـاء فمعناه صأدقة ،واللـه أمر بأن تعطى لهلها ،والمعنى معناه فيه
أمر أن ل يمنــع الماعــون ،فمن لم يستطع أن يعطي طعاما لم يؤكل منه ،فعليه أن يضيف
المحروم ليأكـل معــه لـيـبـقى معنى الحسان هـو الحسـان ،وقد يغيب معنى الحسان في
معان كثيرة ،وقد قال شيخ لبنه :يا بني إني ل أعرف معنـى الحسان ،فقال البن أن
انتظرني يا أبتاه حتـى أرجـع فـأقـــول لـك مـا الحسـان ،ذهـب البــن وغاب سأاعات ،
فقلــق عليه الب وتبعه ،ولم يكـن بعيــدا ،فقال البــن إنك قد أحسنت يا أبتاه فإن قلقك علي
إحسان لم يكن معناه عطاء ،إن المحسـنـيـن هم عباد ا الصالحون ،فالحسـان والصألح
معنيان لهما معنى واحد في المر بالمعـروف والنهي عن المنكر ،وقد قال الشيــخ لبنه مـرة
أخــرى ،أن :بيــن إني لــم أسأتطــع أن آمـر بالمعروف ول أن أنهى عن المنكـر ،فـقـال
البــن ،أتحب الخير يا أبتاه ؟ قال الب :نعـم ،وقال البن :وهل تحب الشـر ؟ ،قـال الب
:ل يا بني ،فقال البن كذلك :أنت أنرت نفسك بالمعروف ،ونهيتها عن المنكر ،فكان سأر
المعاني في هـذه المعانـــي معنــى للنفــس ،وإن النفس لمارة بالسوء ،إل ما رحم ا ،
ومن لم يهتم بنفسه فقد يفقد نفسه ،والنفس ل تطمئــن إل بعبادة ا ،وبذكر ا تطمئن
القلوب ،والذاكر ل يذكر ا فقط بوسأائل الذكر ،بل يذكـره في أوامره ونواهيه ليعرف
الخير والشر ،وإن لم تفهم المعاني فإن الذكر يصبح معنـاه بحــثا عن سأبيل الرشاد ول معنى
للعبادة فيه ،والعبادة تستوجب الفهم والدراك لفهم معنـى طاعــة ا ،ولو لم يكن المر
كذلك ،لكان في كتاب ا آية واحدة يؤمر فيها الناس بعبـادة اللـه دون تفصيل .ولكن ا
فصل آياته للناس ليتبين لهم الحق ،وليعرفوا الباطل .فالقـرآن هـو كــتاب ا ،ولم يكن من
اللزم أن توجد في الرض كتب أخرى مهما يكن نوعها ،ولكـن مهــما أن الملحدين
يكتبون ،فإن أهل الذكر هم أيضا كاتبـون ،واللـه يحكــم يــوم القيامــة فــي ما هــم مختلفون
،فالكلم معناه كسلح ،والمعاني كلها صأراع بين الحق والباطل ،والذين قالـوا إن النسان
له تركيب من طبيعة خالقة لنفسها ،ما كان معنى قولهم إل كفراا بما خلق ا سأبحانه
وتعالى ،وقد خلق ا آدم من تراب ،فقال له كن فيكون ،والكتب كلها فيها إثبــات للمعانــي
الولى كلها التي فصل فيها ا معاني الوجود ،والقرآن شامل للكتب الخرى ،ولو بحثنا في
كل معرفة لم يكن لها أصأل ديني ،لوجدناها تبتعد لمعانيها لتتجه إلى معنى فيه كفــر وإلحــاد
وشرك بال ،وقد غابت عن الناس معاني الشرك في أبعاده ،وإن من المثـل السهلــة للفهــم ،
وإن كان النسان به خصاصأة ،فإنه يفكر في فلن وفلن ،ولعلهم يمنون عليــه بعطـاء لسـد
حاجته ،فإن ذلك معناه شرك بال ،لن الناس ل يملكون نفعا ول ضـرا ،بل بينهــم معاملــة
73
فقط ،وللمعاملة بين الناس شروط في الدين ،والبيع والشراء ل بد مـن تــراض فيهــما بـيـن
الناس ،وإن لم يكن المر كذلك فقد يدخل الربا وينفقـد المعنــى ،وقــد أمــر اللــه بالتقــوى ،
والتقوى شاملة للمعاني كلها ،وإذا انفقدت فإن الفساد يلبس معناه بالصألح ،والسـوء يلـبـس
معناه بالحسان ،والحق يلبس بالباطل ،فيأتي أمر ا المظهر للمعنى الحقيقي :أن النســان
أفسد ولم يصلح شيئا ،واليوم إن قيل للناس إنهم مفسدون يقولون ل ،إنهم مصلحون ،واللــه
يشهد إنهم مفسدون ،وإن المعاني إذا طمست معانيها في عصرنا هذا ،فإنه لن يأتـي نـبـي أو
رسأول ليرشد الناس مرة أخرى ،بل يأتي عذاب ا ،وتأتي الساعــة التــي ل ريــب فيــها ،
وأقوال الناس لن تصح معانيها إن لم تكن مستوردة من القرآن بدليل ظاهــري أو باطنــي لــه
دليل بما ظهر في القرآن ،والقرآن ل بيع فيه بشراء ثمن قليل بآيات اللــه ،مما يستعمل فــي
أغراض خاصأة ،بل القرآن هو لذكر ا فقط ،دون لزوم لبحث عن تأويل ،ودراسأته معناها
فهم للمعاني الكامنة في اليات ،وإذا قلبت آياته كتابة لغـرض معيــن ،فذلــك إلحاد وابتــغاء
للفتنة ،والذين بلغوا في معرفة أصأول التغييـر كـان لهــم اتصـال بالباطــن الخيالــي بالقــوى
الشعورية ،أو اللشعورية ،فكل المعاني الظاهرية لها معان أخرى باطنية ،قد تختلف تماما
عن الواقع الظاهري ،وخيال النسان له في الباطن معنى تشكيلي يأخذ صأورة مغايرة للواقع
باتصال مع قوى من ظلمات ،فالصأنام باطنيا ترى كشخص متحـرك لــه قــوة وسأــيطــرة ،
وأغلب الفكار تتشكل في الباطن في حيوانات يفهم بها المعنى ،والنسان إن كان له غــدر ،
يرى في الباطن كأنه أفعى ،وقد ضرب ا مثل بالكافر يكون كالكلب إن تحمل عليه يلهـث ،
وإن نتركه يلهث ،والفهم ليكون له معنى مفهوما في معناه فإنه يكون في سأير بإدراك المعنـى
كسير السلحفاة ،تسير ببطء ،فالحيوانات كلها لها معـان ثابتــة فيــها ،فالسلحفــاة إذ تـدخــل
أعضاءها في نفسها ،كان المعنــى بأن النســان عليــه أن يدخــل في نفسـه ،بمعنى أن عليه
خاصأة نفسه ،ول يجب على النسان أن يكون كالفعى أو كالحربـاء يتقلب فـي معانيه ،وقـد
وصأف ا الذين كفروا بشر الدواب عنده ،فهـم كالحمــر المستنفــرة ،يفرون من الفهم ،ول
يفقهون شيئا ،وضرب ا المثل بالبل ،وأمرنا أن ننظر إليـها كيـف خلقــت ،وضــرب ا
مثل بالنعام ،إن الكافرين يأكلون كما تأكل النعام ،والطير أمم أمثالنا ،والوحـوش تحشــر
يوم القيامة ،فعلى النسان أن يفكر في كل المعانــي ليجـد أن كل شيء له معنى والســر فــي
الفهم ،ومن بلغ إلى فهم معاني كل شيء ،فإنه يدرك أن كل شيء يسبح ل ،فيبلغ إلى عبـادة
ا بالتسبيح ،والملئكة يسبحون ل ويقدسأونه تقديسا ،يسبحون ا بحمــده ويقــدسأــون لـه ،
فالمعاني مختلفة في كل معانيها ،وكل ما في السماوات وما في الرض يسبح للــه ،فالنجـــم
والشجر يسجدان ،ومعنى سأجودهما هو غير السجـود الـذي نعـرف في هيئــة يسجــد فـيـــها
النسان ل .وإنا ل نفقه سأجود كل شيء إل بالمعنى ،كذلك ل نفهم أمر ا إل بمعنى مفهـوم
لدينا ،وليس له معنى الفهم ،كما هو معناه في الصأل ،فكان علم الغيـــب عند اللـــه ،ومـــن
الملئكة من ل يعرف عن وجود النسان شيئا ،ومنهم من يستغفر لمن فـي الرض ،ومنهـم
ملئكة رسأل ،وملئكة غلظ شداد ل يرحمون ،وهؤلء هم خزنة النار ،ولكنهم ل يعذبـون
ول تمسهم النار بسوء ،فالعذاب هو عذاب ا يعذب من يشاء .وقد ضرب ا مثل بإبراهيم
إذ ألقوه في النار ،فكانت النار بنيرداا وسألما على إبراهيم عليه السلم ،فالمعاني توصأل إلــى
74
معان أخرى ،كما انطلق الفهم من مـثـل لـها معـان فـي الحيـوانـات .فالـفهـم الثلثي عـرف
منذ القديم أنه فهم متفرع ومجتمع ظاهر معناه في الطاووس ،إن ا سأبحانـه وتعالى سأــخــر
لسليمان الوحوش والطير ،ولقد جاءه الهدهد من سأبإ بنبإ يقين ،وعلـم سأليمان عليــه الســلم
منطق الطير ،وكان المعنى أن كل ما خلق ا سأبحانه وتعالى له فهم وعلم ،وقد علم الهدهـد
أن الناس في سأبإ كانوا يعبدون الشمس من دون اللــه رب العالمـين .فكل ما خلق ا إل ولـه
إدراك مفهوم عند النسان أو غيبي ل يمكن معرفته إل بوحي من عند ا .والنسان إذا أفسد
شيئا كبيرا أو صأغيرا مما تصل إليه يداه فإن المعنى كان عظيما في معناه ،ويحسب النسـان
ذلك هينا ،وهو عند ا عظيم ،لذا لو فكر النسان في مدى عمره ،يجده قليل مهما عمــر ،
ولكن ا يحكم على الكافر بالخلود في جهنم أبدا ،ولو لم يكن ما فعله الكافر عظيما في معنى
فساده لما حكم عليه بمثل ذلك ،فالشياء كلها تسبح ل ول نفقه تسبيحــها ،وإذا أفسـد النسان
شيئا ،فإن التسبيح ينفقد بانفقاد النور الكامن في تلك الشياء ،فتـحل الظلــمات محل النــور ،
وا هو الصانع ،صأنع كل شيء بإبداع أظهره في كل ما خلقه ،وفي صأنعه يتجلى تسبيح له
،ولو فكر النسان قليل في ما صأنع بيديه من أشياء خاصأة لمصالحه ،هل هذه المصانع هي
أيضا تسبح ل أم ل ؟ إن ا سأبحانه وتعالى علم لسليمان عليه السلم منطـق الطيــر ،فــزاده
ذلك علما وإيمانا وهدى ورحمة من عند ا ،ولو في عصرنا هذا علمنا منطق اللت لفهمنا
هل سأتزيدنا رحمـة أم تـزيدنـا شقـاء ،أيمكـن أن يعقـل بـأن يكـون ما فـي السماوات ومـا فـي
الرض يسبح ل باسأتثناء الكافر وما صأنع الكافر ؟ بلى ،إن كـل شــيء يعبـد اللــه طوعـا أو
كرها ،فالعبادة كرها هي للكافر ،واللة ل طوعا لها ول كرها ،لنها صأنعت بيد النسـان ،
ويبقى مشكلها ،هل تسبح ل أم ل ؟ وليسبح ما يصنعه النسان فإن الصنع لبد له أن يكــــون
بوحي ا ،أو صأنعا موروثا في صأنعه مما أوحى به ا ،ولقد صأنع نوح عليه السلم الفلـك
بأعين ا ووحيه ،فما كان عليه إل أن يقول باسأـم ا مجراها ومـرسأاها ،لتسـيـر السفينـة ،
فالسفينة التي صأنع نوح عليه السلم كان تسبيحها ل ،لذا سأارت باسأـم اللــه ،ولنها صأنعت
بوحي ا ،وقد ألن ا الحديد لداوود عليه السلم ،وأمر آل داوود أن يعملوا شكرا بمعنى ،
معناه أن يكون عملهم مشكورا ،لنه عمل بإذن ا ورث مما علم ا ،فكــل مـا في الرض
ل يجب أن يصنع منه شيء بجهالة ،وإن كان النسان ظن أنه صأنع شيئا لن يسأل عنه ،فإن
ا قد أعد للكافرين سألسأل وأغلل ،وسأاءت جهنم مستقـرا ومقامـا .فـاللت هــي وسأائــل
تطوير قوى الظلمات ،لذا لم يختص بها أحد من النبياء والرسأل ،وبالمكان تغييـر اسأتمـداد
قواها ،وللبلوغ إلى ذلك ،وجب أن نعرف اللت ،ومعناها في المعاني التـي ل معنـى لها ،
أمام الحقيقة التي جعل ا وعلم أصأولها .وإن كان النسان اليوم فـي حـرج مـما هـو عليـه ،
واشتدت حاجته لما صأنعه بيديه وتقوت ضرورته ،فإنه ل يعني أن الضرورة تنفي حكم اللـه
في هذا ،ونفي معنى المعنى في هذا المر يعني أن الكفار كلهم يدخلون الجنة ،لن كفــرهـم
كان ضرورة ولم يكونوا على بينة مما فعله آباؤهم ،والنسان اليوم يولد ويجد الدنيا كما هي،
فيستحسنها فمعناه أنه قد رضي بها ،وإن كان الحال يرضيه فإنه سأيسأل هو كذلـك ،والحكـم
ل ،وعلينا أن نطلب رضاه ليرضى عنا ،لن رضى ا يعني مغفرته ،والمغفرة من رحمة
ا ،كذلك وجب أن نفهم معاني الظلمات لنفهم معاني النور ،فالمعنيان لهما معنى ثالث ،إن
75
الذين خلطوا الطيب بالخبيث ،فإن ا يغفر منهم لمن يشاء ويعذب من يشاء ،فالمعنى ثابـت
.معناه في النسان إلى ما شاء ا
76
إن المعنى الثالث هو أول فهم من الفهم الثلثي الواضح في معانيه ،فالظاهر له المعنى الول
،والباطن له المعنى الثاني ،والعالم المجهول له المعنى الثالث ،وقد ذكـرنا بالمعانـي أن
كـل مفسد في الظاهر إل وفساده له تسرب إلى الباطن فينطوي فهم معنى الفساد علـى فهـم
باطنـي مغاير للمعنى الذي فسد في الظاهر .ولنـفهـم الـوضـع فـي المعانـي لبـد أن نـعـرف
بداية أن الخيال لم يكن له واقع أصألي ،ومستودع قوى الخيال في حجــاب أرضـي ثالــث
بعيــد عــن الحجب الرضية المتكلم عنها ،وللعقل اتصال بهذا العالم الذي كان خاليا في
مثلث الخيالـي ،ولما بدأ النسان يهتم بالرموز ومعانيها في الظلمات ضد النور ،أصأبح
المثلث الخالـي مليــئا بالمعاني التي معناها خيال في الفهم الثلثي ،وبالتصال الباطني يعرف
هذا الواقع الــذي بــه يفهم كل متخيل ،ويغيب عن الفهم المدرك لمعرفة حقيقته .فالنسان إذا
رسأم شجرة في ورقة وتمكن من قوة تركيزية ،فإن الشجرة في العالم الخيالي تصبح لها
صأورة مطابقة للحركة في الظاهر ،ومناسأبة للرسأم المطبق بقوة في الورقة ،وإذا رسأم
النسـان وحشــا ،فإن الوحــش تصبح له حركة في العالم الصوري الخيالي ،فما يتخيله
الناس اليوم ويرسأمونه ما هـو إل مـا رسأمه الولون دون أن يتخيلوه ،لن رسأمهم كـان
تحريفـا لواقـع معلـوم أو مجهـول متحـدث عنه ،فالرسأوم التشكيلية المعروفة في عصرنا هذا
،كان لها واقع جهلي ظهر معنــاه رسأمــا لقوى من ظلمات تتشكل في الباطن الخيالي على
حسب تصرف النسان ،وقد ذكرنا أن كــل مفسد يصبح له معنى آخر في الباطن يظهر
معنى الفساد الكامن في نفس الشخص ،ولهذا لـم تكـن للنسـان مكانـة فـي الختـراع ،ول
البـداع ،ودينا ل يعترف بـما يستخـرج مـن عالـم الظلمات المنطوي على معان مغايرة في
الدين ،ولهـذا ل يعتـرف بـأي فيلســوف كـان ،لن فلسفته هي معطاة من عند ا ،تملى
على النسان بواسأطة الملكين هاروت وماروت ،فاللــه سأبحانه وتعالى هو الذي جعل
الفكار الطيبة والخبيثة ،وأودعها في العوالم التي تتصــل بـها بقوى العقل ،والنسان يأخذ
على حسب سأعيه إما ليشكر أو ليكفر ،وهنا يظهر واقع الختيار إذ بإمكان النسان أن يختار
إمـا الكفـر وإمـا اليمـان واللــه سأبحانـه وتعالـى هـو الـذي أودع أسأراره في الكون ،وكل
من يستخرج أصأول مصانع ،فإنه دينا ل يعترف بـه كصانـع ،لن ا هو الصانع ،وأودع
ما يصنع بالظلمات فـي أرض الظلمات ،وسأـر كـل صأنـع فـي كـفـر يكون بعد اتصال
بالملكين هاروت وماروت ،وما بلغ إليه النسان اليوم في صأنع اللت مــا هو إل سأحر
أسأاسأه ظلمات بظلمات ،ولو كان في ذلك حق لمر به المرسألون ،والموضـوع في المعنى
الثالث أول أصأوله هو فهم معنى الرسأوم الخيالية الكامنة في الحجاب الخيالي طبقا لصورة
كان لها معنى فساد ظاهري ،فالنسان في الظاهر قد يرسأم خطاا فـيـأخـذ فـي الباطـن
78
معنى يصبح فيه كحاجز يضـر من يتصـل بالعالـم الخيالـي ،والمتصـل بالعالـم الخيالـي فإنـه
يتخيل الشباح ويراها في أحلمه ،ول يتمكن من الخروج إلى العالم الباطني الحقيقي ،ومنذ
القديم والناس يرسأمون ما ل يعلمون سأره ،ول معنـاه حتـى ملـيء العالـم الخيـالــي بأشـبــاح
دخانية متحركة ،كما ملئت الرض بالناس ،ومن جملـة مـا رسأمــه القدمـاء نظهـر الـرسأـوم
التالية ،والكامن فيها معنى لقوى الظلمات ،والمعبر بها عن فساد كـان لـه معنــى ظاهـري ،
.فأصأبح له معنى آخر باطني يضر بالنسان
صأورة باطنية لشخص سأمي بعاد ،جمع ظاهريا من قوى الظلمات ما جعله يأخذ هذا الشكـل
الذي أصأبح معناه ضمن معاني الخيال ،فأعمال النسان لها أشكال في الباطن ،والمعنـى لــه
اتصال بالمعاني الصورية في الحلم ،لذا كانت الحلم تستلزم تأويل لحاديثــها الصوريـة
.والتي يخاطب بها النسان ليتبع عمل طيبا أو ليتجنب عمل فيه سأوء
79
صأورة ثانية باطنية وهي لثمود تظهر قوى جمع الذي جمع قوى من ظلمات أيضــا ،سأيطــر
بها في فترة حياته ،وبعد موته تصبح هذه القوة حاجزا في الباطن يصعــب اقتحامــه ،وقـــد
يستمد من هذه القوة كل من يعتمد على أصأول التغيير ويهتم بالسحـر ،وكــل هــذه الشكـــال
.تكون لها قوة وفعالية تضر بالنسان ويصعب تحطيمها
80
هذه الصورة الثالثة مظهر باطني لفرعون ذي الوتاد ،ولمعنى القوة الظلمانية التي اكتسبهــا
عقليا وجسميا ،وبهذا يتضح لنا أن كل عمل يعمله النسان إل وله صأورة تأخذ شكل مثاليــــا
يمثل قوة إما في النور أو في الظلمات ،ولهذه الشكال تفاسأير أخـرى رمــوزها لــها معـــان
أخرى ثانية في أصألها المظهر لحقيقة الناس في الباطن ،فالشكال قد تكون هزلية لشـخاصا
طوروا قوى الخيال واعتمدوا على ما ل معنى فيه ،ومن المهم جدا أن يعرف النسان مبلـــغ
المعاني بأقواله ،لن الكلم يصبح له كذلك رسأم تشكيلي في أشكال مختلفة مثل هذه وأكـثـــر
81
تعقيدا ،والذين لهم اتصال باطني ديني ،فإن بإمكانهم أن يستخرجوا ألوفا من هذه الشكــال
بهدف معناه تحطيم لقواه ،لن كل شكل من هذه الشكال يستخرج بوسأائل من نور يجعلـهـــا
تضمحل ،وكثير ممن لهم اتصال بالباطن يستخرجون هذه الشكال فيحرقونها حتى ل تبقــى
لها فعالية في الباطن ،وإن عرضناها هنا فلن لها معاني ثلثية فـي الفهــم ،تعنــي أسأــبـاب
وقوع النسان حاليا ،باتصال دائم بقوى الخيال ،مما يجعله ل يبلغ إلى معرفة علم حقيقــي ،
وهناك أشكال هندسأية أخرى ترمز إلى أشياء مختلفة اعتمد عليها القدماء في السحر لتغيــيــر
:قوى النور وسأد الفجاج الباطنية ،فالخطوط تصبح لها معان أخرى باطنيا
.وإن هذه الخطوط البسيطة تصبح في الباطن درجا إذا رسأمت بقوة تركيزية
وهذا الشكل الهندسأي سأد به قديما فج باطني من نور ،وهكـذا عرفـت الطلسأـم ،وكـأن بهـذا
تبنى في الباطن مدن بقوى من ظلمات تسكنها الشكال السابق بيانــها ،والذيــن ل يملــكــون
82
قوة باطنية أسأاسأها ظلمات ل تخضع لهم هذه الشكال في قواها ،وتصبح مجـرد شكــل فــي
العالم الخيالي متركز بقوى شبه دخانية ،وقد أدرك القدمــاء هــذه الفعاليــة ،وطــوروا هــذه
المعرفة ،وأسأسوا مباني ظاهرية لتحل أماكن باطنية كأبواب الشـمـس المعــروفــة فــي كــل
الحضارات القديمة ،والتماثيل ،والصأنام التي خصصت لها عبادة للتطور فعاليتها ،وهـــذه
الرسأوم قد تصبح ضخمة في قواها متى اعتمـد عليـها النسـان ،واهتـم بها اهتـماما شـديـدا ،
والمثل في هذا ينطبق كذلك في معناه على اللواح المرسأومة فيها مناظر طبيعية أو أشخـاصا
في زينة أو عري ،فالنسان قد جلب عليه من الشر ما يصعب الخروج منه وما دام النســان
يستصغر أعماله وأفكاره ،فل يلزمه أن يستغرب يوم القيامة إذا وجد معانيها ضخمة ،ولــها
معاني أخرى ثابتة في الكفر ،والنسان لم يخلق في الرض ليعبث أو ليلهو ،بـل خلــق مــن
أجل عبادة ا ،أما الرموز التي اسأتخرجها النسان دون علم ديني ،فإن لها أصأــل سأحــريا
خاضعا لقانون الظلمات ،وعلى المسلم أن يتجنب ما ليس له به علــم ،وعليــه أن يحطــم ما
ليس فيه فائدة ،فالمعنى الباطني هو المعنى الثانــي ،أما المعنى الثالث فمعناه أن كــل شــيء
ظاهري ،فإن له واقعا ظاهريا آخر وحقيقيا ،والمفسد في الرض يكون معنى فساده له أبعاد
كبيرة ،إن جبل طور سأيناء الذي نعـرفـه فـي الرض يــوجد لــه أصأــل في القطع الرضيـة
المتجاورة ،ويبعــد عــن الرض التــي نعيــش علــى سأـطـحها بخمسة آلف قطعة أرضـيـة
متجاورة ،وكما سأبق أن ذكرنا ،فإن كل قطعة تكبر الخرى بمائة مــرة وعلــى الباحــث أن
:يجعل حسابا في ذلك ليعرف أن جبل الطور هو أعظم جبل في الرض كلها
83
إن قرب جبل الطور يوجد الواد المقدس طوى ،لهذا ل يمكن أن يقبل الفسـاد فــي الرض ،
لن لها صأورة من الجنة في واقعــها ،والــواد المقدس طــوى ،هو أكبـر واد الرض ،
وقـد أظهر ا لبني إسأرائيل حقيقة جبل الطور إذ رأوه مرفوعا فوقهم بعلوه الشاهــق ،ولــم
يكــن معنى الرفع المذكور في القرآن كما ظن كثير ،رفع ا الجبـل فــوق بنــي إسأرائيل
بإظــهار حقيقة كانت غائبة عن الناس ،وأغلب الوديان والجبال في هذه الرض أعطـيت لها
أهميــة ،لن الدين منذ القديم كان يظهر للناس أن واقع الرض وراءه واقع آخـر حقـيـقـي ،
وقـيـل إن النيل ونهر العنج بالهند منبعهما من الجنــة ،بينــما الحقيقـة أنهما صأورة لوديان
في الجنــة ،والنسان إن أفسد في هذه الرض ،فكأنما يفسد في الجنة ،مثال معناه أن
الكافر لو كان فــي الجنة لفسد فيها ،لهذا لم يخلق النسان في الجنة ،ول يدخلها حتى يظهر
حقيقته في اليمـان بال أو في الكفر ،والكعبة لها أصأل في الرض المباركة ،وفي سأدرة
المنتهى ،كما أن ملـك سأليمان عليه السلم موقعه في أرض تبعد عن أرضنا بثلثة آلف
قطعــة أرضيــة متجــاورة كذلك ،ويسع مساحة يمكن أن يجتمع فيها النس والجن جميعا ،
فـأرض اللــه واسأعة وملـكـه عظيم ،وإن الرض التي نسكنها ما هي إل كنقطة صأغيرة أمام
أرض اللــه الواسأعــة .وأول شرط في الدين هو اليمان بالغيب ،والذين سأعوا إلى معرفة
موقع الرض ومواقع النجــوم ،ما هم إل في ضلل مبين ،يظهره ا في يوم كان عظيما ،
وـلو اتبعنــا الذيــن ل يعلمــون ،لنفقد المعنى في الدين أن ا يعلم غيب السماوات
والرض وعلى النسان أن يهتــم بما هــو مهم .وإن النبياء عندما ذكروا الحقيقة للناس
اعتبروا مجانين ،ولكـن ا أحكــم الحاكميــن ،هو صأاحب السلطان المبين ،وترجع له
الحجة على الناس أجمعين ،وإن أئمة الدين لصادقون إذ ل يؤمنون بقول الكاذبين ،والناس
إن كانوا في حيرة ،فلنهم ل يعلمون ،تبنوا معرفة لــم تكن علما ،واتخذوا الجاهلين أولياء
كأنهم تتنزل عليهم الملئكة أو يـوحى إليهــم ،بلــى إنــه لتتنزل عليهم الشياطين ،ويملي لهم
الشيطان سأوء أعمالهم ليلهيهم بمثل ما ألهى بــه الوليــن ممن كذبوا بآيات ا ولم يكونوا من
المحسنين ،ولقد جاءنا مـن أنبــاء الوليــن ،وفــي يــوم القيامة فإن الولين سأيعرفون نبأ
الخرين ،الذين ظنوا أن لهـم سألطانا مبيــنا ،وأن اللــه لــن يوقفهم إذا أكثروا في الرض
فسادا ،أو بحثوا فــي أقطــار السمــاوات والرض ،فـمـا ظـن الناس بال رب العالمين ،
.ربما يظل الناس في فتنتهم هذه إلى يوم الدين
84
إن المعنى الثاني كان معناه أن بالمعنى الول يفهم المعنى الثاني ،فهو معـان تفهـم بـها معـان
أخرى ،ومثال المعنى معناه أنه لو لم تكن الحرارة لما أدرك النسان معنى البرودة ،ولو لــم
يكن النور لما فهم النسان معنى الظلمات ،والغائص في الظلمات ل يدرك معنى النور لنـه
في ظلمات ،كما أن السابح في الخيال ل يدرك معنى الخيال لنه فيه ،فالشياء لها ترابط في
ما بينها ،والمعنى الثاني له معنى في المعاني أن الفوق تحت والتحت فوق إن لم يكـن هنــاك
أصأل مظهر للمعنى الثابت للفوق والتحت ،وكم من أناس أعطيت لهم قيمة ، ،وفي الدين لـم
تعط لهم قيمة ،فالمتدين يراهم جاهلين وفي أسأفل المعنى ،وبينما هم كذلك يرون المتديــن ل
تعني ظواهفره شيئا ،والمعاني الثنائية إذا اختلطت يصبح الحق يرى باطل والباطل يرى حــقا
،وهذا مشكل وقعت فيه الشعوب كلها فـي وقــت يكــون فيــه السحر يرى دينا قويما ،ويرى
الدين الحقيقي سأحرا ،تلك فترة يفقد فيها الديــن معنــاه الصألي ،فالحياة هي المعنى الول ،
والموت هو المعنى الثاني ،وإن النسان إن ظن أنه قد عاش حياته وعرفــها فهو
مخطــىء ،لنه قد يعيش لشيء آخر ل لنفسه ،هذا إن لم يكن هناك إيمان بال ،والمــوت
يأتـي النسـان في فترة فيها غفلة فتنزع الروح وهي شاملة للعقــل والحياــة ،وتبقــى قــوى
العقــل الشاملـة للحواس ،فالروح تودع في مكـان خـاصا لها ،وقــوى العقل تبقى في العالـم
الباطني يستـمـد منها ،وقد عرفت منذ القديم وسأاـئل التحـنيـط التـي اعتقـد مستعملـوها أن
الـروح بإمكانها أن ترجع إلى الجسد مرة أخرى للخلد ،وكانت بداية هذه الوسأائل التحنيطية
لمـا اكتـشـف مطبقـوا القوى السحرية أن النسان بعد موته يبقى منه شيء في الرض ،
وظنوا أن ذلك الشـيء هـو الروح ،وفي الحقيقة أن ما يبقى من النسان بعد موته في
الرض ما هو إل قوى من ظلمات جمعت بالعقل والجسد ،وأخذت صأورة في الباطن ،أما
الروح فـل تبقـى أبـدا .وقـوى عقـل المؤمن ل تبقى كذلك ،إنما الكافر فقط الذي تبقى قواه
العقليـة ،لها تجـوال باطنـي ،والـذيـن يستحضرون الرواح كما يظنون ،فإنهـم ل
يستحضـرون أرواح الموتـى ،بل يستحضـرون قوى عقول الموتى التي هي صأورة من قوى
الظلمات ،والتي تشـكلت فـي صأـورة الشخـص مستعملها ،والدين في كل عصر يعطي
الوسأيلـة اللزمـة فـي تحنيـط الموتـى حتـى ل تكـون هناك قوى عقول يكون لها تجوال
باطني أو ظهور ظاهري ،يمكن مستعملي قوى الظلـمـات من التصال بها واسأتعمال
قواها ،فالكفن يكون من ثوب أبيض مربـع يوضـع فيـه الـمـيـت ،ويحنط فيه ،دون أن
يخاط ،والميت يطهر بالماء تبعا لترتيب الغسل ،وتختم أعضاؤه بصفة
86
دينية لم يعد هناك من يعرف اسأتعمالها الن ،ورجل الميت في قبره تكونان في اتجاه القبلة ،
.وبعد ردم القبر بالتراب يوضع مربع حوله
الجهة الشرقية
رجل الميت
القبر
رأس الميت
المربع
بهذه الطريقة الدينية ل يمكن أبدا أن تستعمل قوى عقول الموتى ممن بقيت قواهـم في تجـوال
باطني ،ودون الطريقة الدينية ،فإنــه ل يمكــن سأـجـن قوى عـقـل الـمـيـت ،وهــذه الطريقة
الصحيحة انفقدت وأصأبح الباطن مليئا بقوى العقول التي تمكن مستعملـي قـوى الظلمـات مـن
تطوير قواهم ،ودور الكفن بالثوب البيض له اسأتمداد من قوى الدائرة البيضاء ،والمــربــع
المحاط بالقبر له اسأتمداد من النور الصأفر ،وهكذا يكسى الميت بنـور مانـع لقـوى الظلمـات
واتصالتها ،ولو كانت هذه الطريقة متبعة لما تمكن أحد مـن اسأتحضــار قــوى الموتــى ول
اسأتنطاقهم .إن الشر قد انتشر بكل أنواعه في عصرنا هذا ،ولم نذكر ما يخص بالدفن إل مـا
تغير معناه ،والناس قد أصأبحت لهم عادات تجاه موتاهم ،لم تعرف في الدين من قبـل ،ولـم
يكن لها أصأل ،ككتابة آيات من القرآن على جسد الميت ،إلى ما هنالك من بدع ل تجـلـب إل
الشر ،وقد اسأتصغر الناس من قـبـل جعـل المـربع حـول القبـر ،وهـو أسأـاس في هذا ،لنـه
يجلب قوى نور من الكعبة ،وهناك أشياء أخرى قد أفرط فيها الناس ،ول يمكن ذكرها كلها
،لن موضوع المعنى الثاني ل يختص إل بمعاني العقل فـقــط ،إن قــوى العقــل بعد مــوت
النسان يمكنها أن تتطور وتكبر إذا ما اهتم النسان بالميت ،وقرب له ذبائح ،وكثرت حوله
التجمعات البشرية ،كما هو الشأن اليوم ،ولم يكن لهذا المر أصأل في الدين ،وعلى النــاس
أن يذكروا موتاهم بخير ويتركوهم ،ول يمكن اتخاذ ميت كوسأيلة للتوسأل والتقرب إلى
اللـه ،أو ذكر اسأمه عند الشدة ،وابتغـاء قضاء الحاجات ،والـذيـن يقـولـون إن الذيـن
عـرفـت لـهـم كرامات هم أولياء ا فإنهم مخطئون ،لن المؤمنين أجمعين هم أولياء ا ول
خوف عليهــم ول هم يحزنون ،ولـيكـون النـسـان مـؤمـنا فـإنـه ل حـاجـة لكـرامـات
كوسأيلة إثبات لوجود اليمان ،وقد اختلف الناس في الدين لدخول المعنى الثانـي الــذي
تغيـرت بــه أصأـول الــدين
87
والشامل لكل معرفة جهلية ،فالصأنام لها دور فعال ،وكل تمثال موضوع فهو صأنم يكتسـب
قوة وفعالية ضد النسان ،والدمى المنتشرة لها نفس الــدور بالنسبــة لتطوير قوى الظلمات ،
وإن هذه الحقيقة ل يمكن تغييـرها أبـدا إل بإبادة ما يحيــط بـنا مــن وسأائل شنيعة في معنـاهـا
وجالبة للشر بوجودها ،فلن يعيش النسان حياة ظاهرة مادامت هناك أشياء ل نفع فيها إل أن
تكون مضرة ،واللواح المرسأومة بإظهار وجوه بشرية مـا كانـت لتـكـون خيالـيـة ،بـل كـل
صأورة موضوعة يظنها صأاحبها من وحي خياله لم تكـن إل صأــورة لـشـخـص قـد وجـد فـي
الحياة أو موجود ،فالنسان ل يكتسب وحيا خياليا يخلق به نماذج لصور بشـريـة ،لن اللــه
سأبحانه وتعالى أكمل الخلق في الحتمالت كلها سأواء في النور أو فـي الظلمـات ،والنسـان
يبقى له دور العبث ليحق عليه القول أنه كان من العابثين ،وكل المـزايا التـي يـراها النسـان
مزايا ،ل تعتبر كذلك ،لن ا جعلها وأودعـها ،وينالـها النسـان بعد البحث فيـها أو إظهار
رغبة لنيلها ،كذلك ا سأبحانه وتعالـى يـمــد الناس إمـا بالخيـر أو بالشـر علـى حسـب سأعـي
النسان في الحياة الدنيا ،وإن الحياة لحافلة بالسأرار ،ما كان النسان ليحيـط بها أو لـيـعـلـم
أمر ا ،وا كل يوم هو في شأن ،ولو بحثنا في المعاني كلها لنفقد الفهـم ،ولصأـبـحـنا ل
ندري أشرا أريد بمن في الرض أم أراد بهم ربهم رشدا ،وإن ا أنزل الهدى ودين الحـق ،
وحتى لو تفرقت السبل ،فإن سأبيل ا واحد ،ومن يجاهد في ا ليهـديـه اللـه سأبلـه ،وعلـى
النسان أن يبحث في الواقع الذي يعيشه الن لينجو بنفسه ويخلـص من الشـر ،أمـا إن تركـنا
الشياء كما هي فإن المشاكل تزداد حدة كـل يـوم ،ويصعـب الحـل ،فالمعنـى الثانـي أسأـاس
فهمه يتعلق بقوى العقل .وكما ذكرنا فإن المؤمن بعد موته ل يبقى منه شيء فــي
البــاطــن ،لهذا فإن قبور المؤمنين ل يجوز التجمع حولها ،لن أهلها ليسوا فيها ،
وبالتجمــع الــبشــري تحل في القبر قوة من ظلمات لشخص اختص بها لتتطور قواه الباطنية
،والمؤمن بعـد مـوتـه يلتحق بجسمه الصألي في الرض المباركة التي هي شبه الجنة ل
تصل إليها قوى الظـلـمات ،يمتع فيها المؤمن إلى ما شاء ا ،وإن فيها من كل شيء بهيج ،
وللمـؤمـنـيـن فيـهـا أجسـام مكسوة بنور ظاهري ،والبنيان فيها له أشكال مختلفة طبقا
لهندسأـة معماريـة كأن أصألـها مـن دين ،جالبة للنور ،أبواب بيوتها قبلة ،ول وجود لطبقات
فوقها ،البواب مـربعـة والبـيـوت مكعبة ،والجدران حجرية لم تكسر حجارتها ،وكل ما
فيها يخضع لثمانية أشكـال هندسأـيـة ،وقد سأبق بيانها ،وهذه الشكال لها فعاليـة قصـوى ،
وبالتصـال الباطـنـي يـمـكـن اسأتخـراج نماذج بنيانه مشابهة لها ،والمعنى يبقى أصأله في
القرآن ،وإن الذين ماتوا في سأبيل اللــه هم أحياء عند ربهم يرزقون ،والذين يكذبون بما في
القرآن ،فإنهـم ل يؤمـنـون ،سأـواء عليـهـم أفهموا أم لم يفهموا فل حاجة لهم بالفهم ،إن لم
يكن هناك هدى ،وفي الرض المباركة توجد ثماني قطع أرضية ،كل قطعة تسكنها أمة
مسلمة ،ول يمـكـن الدخـول إلـى هـذه الرض إل بالموت ،لهذا ل تبقى عقول المؤمنين في
الرض ،والذيـن يعيشـون فـي الرض المبـاركــة يعرفون كل ما يجري في أرضنا هذه ،
ويستطلعون أخبارها ،إن كل ما في الرض المباركة يعجز النسـان عـن وصأفـه ،فيـها
حضـارة أصألـها نـور ل ظلمـات فيـها ،ول تغـيـيـر ،ول أمراض ،ول شكوى ،مكن ا
.فيها للناس الدين الذي ارتضى لهم ،وهكذا يتم اللـــه كلمـاتـه ونوره للمؤمنين
فهم المعنى الول فهم فردي وهو خلصأة المعاني ،ومفتاح الفهم الثلثي ،تفكيرا في نقصان
المعنى الثاني ،بمعنى إذا لم يكن في الرض ليل .فكيف يكون الفهم .وإذا فقد النهار فكـيـف
يكون المر ،ثم انفقد المعنى الظاهر في الرجل ،أو في المرأة ،فمـاذا يكـون مصيـرها أمـام
المعاني ،ولقد فكر القدماء في هذا ،ونجد المتصوفــة ل يتــزوجــون ول ينامـون إل فــتــرة
يعتبرونها موتا ،واليقظة حياة أخرى ،في يوم دون وجود ليل بالنسبة للعقل .فهذه التطبيقات
حاول بها مستعملوها أن يفهموا معنى الفردانية الخاصأة بال سأعيا وراء اتصال دائم بالخالق ،
ولم يكن هذا إل انحرافا عن الدين ،واليوغيون يطبقون نفس الشكل ،وبهذه الطــريقة يــنــال
النسان كرامات يعتمدون عليها اعتمادا كليا ،وخلفا للناس قديما في التطبيقات العقلية التــي
أسأاس اعتمادها فهم ثلثي ،فإن الناس بالفهم الفردي لسر المعنى الول ،لم ينالـوا مـن القـوة
ما ناله القدماء أصأحاب الفهم الثلثي ،فالفهم بالمعاني الثلثي أقوى فعالية بالنسبة لجلب قوى
الظلمات ،إذ كان القدماء يعتبرون أنفسهم بشـرا رجـال باعتـقـاد معنـاه أن فيهـم قـوى المـرأة
وفيهم ما بينهما بظاهر غيبي معتقد فيه ،معناه أنهم ملئكة ،وأنهم بالثلث معـان هـم آلـهـة ،
أما الفهم الفردي فيعتقد فيه أن النسان راجع إلى أصأل لم تكن المرأة فيه موجودة ،كما خلـق
آدم عليه السلم أول مرة قبل أن يبث ا من آدم زوجه ،وهذا أيضا لم يكن له أصأل في الفهم
الموزون بالمعاني لن آدم عليه السلم بشر أيضا ،ولم يكن ملكا ،ولم يخلـق مــن نـور ،بل
خلقه ا من تراب ،فقال له كن فيكـون ،وإن أصأـحـاب الفهــم المثنــى اعتقــدوا أن الــرجل
والمرأة إلهان ،وهذا أيضا ما هــو إل فهــم رجعت العبادة فيـه للشمس والقمر ،وكل الشياء
الثنائية في الكون ،أما الذين تمكنوا من جلب قوى الظلمات بالفهم الرباعي ،فإنهــم اعتقــدوا
أن الرجل في جسمه قوى المرأة ،وأن المرأة في جسمها قوى الرجل ،والثنان معا يجعـلن
قوة رباعية يمكن بها إدماج القوى في بعضها البعـض ،وبهذا الفهم اعتقــد قــوم لــوط عليــه
السلم أن الذكورة أنوثة ،وأن القوة كلها لها أصأل من أنثى ،كما اعتقدوا أن الملئكـة إناث ،
وبهذا الفهم الخاطيء اتخذوا الرجال شهوة من دون النساء ،سأعـيا وراء تطبيق ظنــوه جالــبا
للقوى السأاسأية للخلود الغيبي ،والذين فكروا في الفهم الخماسأي هم أولئك الذيـن اعتــمــدوا
على تحنيط موتاهم ،أمل في الرجوع إلـى الجسـام ،ليتمكنـوا مـن الخلـود ،وكان فـهـمـهـم
خماسأي الشكل ،معناه أن الرجل أسأاسأه وشكله شكل كوني تطور في خمس مراحل راجـعــة
إلى أصأل إلهي ،أما الذيــن اعتبــروا الفهـوم فهــما فـي معـان سأداسأية ،فإنهم قالوا إن الناس
جمعاء جزء إلهي ،فجعلوا من عباد ا جزءا ،ثم إن أصأحاب الفهم السباعي ،قالوا إن اللــه
يحل في أجسامهم ،وإن النبياء والرسأل عليهم السلم لهم أجسام باطنية تحل في أجسامهــم ،
والفهم المثمن خاصا بالمؤمنين يفهمون به واقع المعانـــي والفهوم كـلـها ،بتصديــق وإيمــان
بالغيب ،معناه أن النسان خلق لجـل عـبادة اللــه ،وأن اللــه ل إله إل هــو .فهذا فهم ديني
90
خالص بعيد من كل فهم أصأله ظلماني .والفهم بثلث مثلثات في المعنى التاسأع ،اختص بــه
الذين اعتقدوا أنهم خلقوا النجوم والكواكب ،وأنهــم آلهـة يخلقون ما يشاؤون ،والفهم العاشر
.فهو خال من المعاني التطبيقية ،وهو فهم عصرنا هذا يعتمد عليه من ل يؤمن بال
عرفت كل المم نوعا معينا من التغييرات الدينية بتطبيقات ،أسأاس معانيها سأحريـة ،بأصأـل
من ظلمات لم تكن لو لم يغير النسان المعاني الدينية ،والظلمات لها تسـع قـوات قـد طـبـقـت
وانتهت مراحلها ،والقوة العاشرة شاملة لكل فساد ،بجـمـع ما عـرف مـنـذ القـديـم ،وهـذا ما
يغوصا في الناس اليوم ،ول توجد مرحلة أخرى فوق هذا إل أن يأتي عذاب اللــه ليضمـحـل
أصأل كل فساد في الرض ،والمعنى الول طبقا للفهم ل يكون فهما مفهوما معنـاه فــي وزن
المعاني التي كل معانيها تنفي الفهم الفردي ،فال أحد صأمد ،لم يلد ولم يولد ،والمعنى معناه
أن الفهم في هذا هو غير ما يظنه النسان على حسب ما يعرفه ،والملئكة ل يقال لهم إن ا
لم يلد ولم يولد ،لنهم ل يولدون أيضا ،فمعاني الفهم الول تنطبق على البـشــر وحده طبـقـا
للمعاني التي فهم بها فقط ،ومن قبل آدم عليه الســلم سأـكـنـت الرض ،وبـقـيـت مـسـكـونـة
بالحيوانات والجن ،وقد خلق ا الجن من قبل من نار السموم ،والجن أكــثــر مــن الــبشــر
عـددا ،والشيطان من الجن ،وكان من الكافـريــن ،فـبـقـيـت المانــة التــي حــملــها
النسان مجـهـولـة فـي معناها الكلي ،فإن قيل إن المانة هي العبادة ،قيل إن الكفر
واليـمــان وجــدا من قبل عند الجن ،والملئكة يعبدون ا ،ولم يحملوا المانة ،
والسماوات والرض أبـيــن أن يحملن المانة لما عرضت عليهن ،وا قد أشفق منهن ،
وحملها النسان وكان جـهـول ،ومـن هـنا بـدأ جـهـل النسان يظهر في المعاني الجهلية مـما
جعلــه فــي مشكــل فيـــه نـــور وظلمـات فـي صأراع دائـم ،والمانة معناها غيبي ،ولم
يذكر ا سأبحانه وتعالــى أن الجــن حمل المانة ،فالثقلن بيـنـهـما فرق ،والفرق غير
ظاهر في معناه ،والمعنى الول يعـتـمـد على هذا النوع من الفهوم .والذين عـرفـوا الفـهـم
الفردي بحثوا في هذه المعاني ،سأعيا وراء فهم حقيقي ثابت في معنى مفهوم ،والفهم في
نفسه غامض لنه يستلزم فهـما ثانيا يــدرك بــه الفهم الول ،وفهما ثالثا يدرك به المعنيان ،
فكل المعاني المعروفـة ل تـدل بدليـل فيـه معنـى على معنى المانة التي حملها النسان ،
وإن قال النسان شيئا معرفا عن المانة ،فإنما يقول معنى مشابها ليعرف أنه حامل لمانة
كان بحملها جهول ،وخلق ا سأبحانه وتعالـى آدم مـن تراب ،وأمر الملئكة أن يقعوا له
سأاجدين ،ولم يكن يعرف عـند الـخـلـق أن السجـود يكـون لغير ا ،وا قد أثبت للملئكة
أنه يعلـم غـيـب السمــاوات والرض ويعلــم ما يسـرون وما يعلنون ،فسجد الملئكة لدم
عليه السلم دون أن يدرك المعنــى الول فــي معنــى السجــود لدم ،وقال إبليس إنه خير
من آدم إذ خلق من نار ،والشيطان يأمر الناس بعبادته وبالسجـود له في الرض ،ويأمر
بعبادة النار كأسأاس أصألي للخلق قبل خلق البشر .فالمشكل الذي فــي البداية هو نفس
المشكل الذي ظهر معناه فـي الرض ،وا يأمر أن ل يكون السجــود لغيــر ا ،وإن كان
الناس قد فكروا في هذا المر ،فإن المعنى غير ثابت ،والساجـد للـه يعلــم أن اللــه غني عن
العالمين .وبقي معنى السجود غـيـبـيا ،كما هــو كان ،ول يعـــرف للسجــود معنـى فـي
معـنـاه الصألـي الموصأـل لعبـادة اللــه ،فبقـي سأر العبـادة فهـما غيـر مفهــوم ول
91
معلـوم فـي وزن المعنى الول ،وظهر المشكل مرة أخرى بالنسبة للباحثين في هذا ،إذ لـمـا
رفع يوسأف عليــه السلم أبويه على العرش خروا له سأجدا ،وهكـذا بحـث الناس فـي معنــى
السجـود دون اهتـداء للفهم الكامن فيه ،وكل ما هو معروف في الدين هو أن السجود ل
يكون لغير ا ،والسجود قبل المشرق يقف عند الكعبة ،ويتم السجود وجهتها ،وإن ظـن
النـسـان أنه يعرف معنى السجود ،فإنه قد يخسر نفسه كما خسر الشيطان .إن ا أمر
بالسجـود وهـو يعلم ما ل نعلم ،ولم يظهر الحقيقـة من أجـل الفهـم الجزئـي أو الكلـي فـي
هـذا المعنـى الول الشامل لمعاني المشكل الخاصا والمتعلق بالمانة التي حملها .ولم نكن
لنعلم الغيـب ول سأــر السجود ،فالعبادة في فهمها الول بالمعنى الول هي طاعة اللــه إذ
أمـر أل نـعـبـد إل إيــاه ،فالعبادة وأسأاسأها مجهول تماما ومعلومة في معنى واحد لتأديــة
الصــلة ،الـتـي هـي وصأـل لمعنى العبادة ،وإن ذكرنا الفهم الول فلن المعنى مفقود ،
وبهذا أظهرنا أن الذيـن اعتمــدوا على الفهم الفردي لمعرفة ا كانوا خاطئين ،وا سأبحانه
وتعالى ل يعرف بقوة ظاهرية ول باطنية ،ول يعرف له معنى ،لذلـك فـقـد السجود كل
معـنـى مفهوم أو مـدرك ،ولو تمــكــن النسان من فهم معنى السجود ل لدرك المعاني
المعرفة بال في فهم مدرك ،فالسجود غـيـر مفهوم في معنى تأديته ،لننا لن نعرف ا في
نفسه ،وا لم تكن له ذات إلهيـة ليقــال عـنـه أأزلي أم ل ،فهذا قول قيل ،وفيه غرض
معناه فتنة لمن يؤمن بال ؟ فال إله ل إلـه إل هـو ،له السأماء الحسنى ،ول نعرف له
سأميا ،خالق كل شـيء وهـو فـوق الخلـق ،وتعالـى عـما يشرك الناس علوا كبيرا ،وإن كان
مغيروا معنى الفهم الول قد جمعوا معانـي تنطـوي علـى إعجاز في فهـم معنـى السجـود ،
فلنهــم اعتبـروا أنفسهـم أجزاء اللــه ،وأن اللــه يحـل فـي أجسامهم ،وقالوا إن آدم عليه
السلم قد حـل ا فـي جسمـه لمـا نفـخ فيـه مـن روحـه ،لذلـك اسأتوجب أن يسجد له الملئكة
،ولم يكن هذا صأحـيحا ،لن اللـه أظهر سأـر الـنـفـخ إذ خـلـق عيسى عليه السلم من الطين
كهيأة الطير فنفخ فيه ،فكان طائرا بإذن ا ،وقد ضـرب اللــه مثل عيسى عند ا كمثل
آدم ،خلقه من تراب ،وقال له كن فيكون ،فالروح لم تكن من اللـه بمعنى أنها من نفسه ،
ولـما سأـدت المعانـي فـي هـذا اعتقـد النـاس في ألوهيـة عيسـى عليـه السلم ،وقال ا إن ا
لم يلد ولم يولد ،فالمعنى الثلثي الذي اعتقد فيه أن ا ثالث ثلثــة ،كان معناه أن الفهم في
هذا شيء إن يسأل عنه الناس يسؤهم ،ولم يكن سأـر المعنـى إل فـرديا ل جزئية فيه ،ولم
يكن النسان جـزءا إلهـيا ،ويعبـد اللـه دون أن يكـون هناك إدراك لمعنـى العبادة ويسجد له ،
وإن فكر الناس في معنى السجود ليوسأف عليه السلم ،إذ لما رفـع أبويـه على العرش خروا
له سأجدا ،فل ننسى أن يعقوب عليه السلم كان نبيا يعلم من ا ما لم يكن يعلمه الخرون ،
فالسجود له معنى ظاهر فيـه ،فهو سأجــود ل يكــون إل للــه بظاهر غــاب معناه ،لن الفهم
فيه فهم أول وفردي ،ل يوجد فيه فهم ثان لفهمه بفهم ثلثي ،ولكي ل يقــع النسان في
مشكل معنى السجود ،كان المعنى الول في فهم ل تتم الصلة بالسجود فقط ،بل لزم
الركوع والوقوف ،فالثلثة حركات كان لها معنى واحد تؤدى به الصلة ،والصلة هي
نفس الصلة التي عرفت منذ القديم في الدين ،والمعاني بقيت كلها في أصألها كما كانـت ،إل
أنها غربت في فهمها ،فأصأبح النسان يفهم معاني أخرى ،ل فهم فيها ول معنى ،إن أصأـل
المعاني تفكير ،والتفكير فهم مدرك بالنطق المسموع والصور المرئية والشيــاء الملـموسأــة
92
والمحسوسأة ،فالحواس الخمس أسأاس التفكيـر ،والخيــال هو تطـويـر التفكـيــر فــي معـان
غــيــر أصألية ،أما التفكير بمعان حقيقية ،فيؤدي دائما إلى اتصال باطني بعيد عن الخيـال ،
متطـور بين قوى الحلم والمنام ،وهذا أمر ديني يستلزم تصحيح العتقـاد ،وفهــم معانــي
اللحاد ،ومعرفة قوى الظلمات لجتناب فعاليتـها ،والنسـان إذا نجـا مـن الشـر الكامـن فـي
نفسه ،فقد نجا بنفسه من نفسه ،والمعنى الكامن في النسان هــو أن يفـهــم النسـان مــعنــاه
كإنسان يستوجب الفهم ليتجنب كل طغيان ،ويهتدي إلى الصراط القويـم ،وإن كـان النسـان
يظن أن له أبعادا كونية متصلة به ،فإنه يفقد معناه كإنسان ،لنه يظن بفهمه أنه كوني شامـل
لمعاني الكون بالكواكب والنجوم ،وهذا ظن الولين الذين عوقبوا على سأوء فهمهم الظـاهــر
في أعمالهم وتطبيقاتهم الغير الصحيحة ،وإذا ظن النسان أن المعانــي الكونـيــة مفهومــة ل
تعقيد فيها ،ول وجود لسأرار كامنة في الشياء ،فإن النسان بهذا يفقـد معناه أيضـا كإنسـان
يعتقد أن له سأرا ظاهرا فيه ،وآخر غيبيا ل يعلمـه ،وليتمكـن النسـان مـن البلوغ إلى معنـى
يربطه بالواقع ،فإن عليه أن يعترف بوجود الخير والشر الكامنين فـي النفـس ،وأن النسـان
في نفسه غل ل ينزع منه إل إذا دخل الجنة ،ومادام النسان في الرض حيا ويـرزق فيـها ،
فإن عليه أن يعتني بالمعاني المحيطة به ،ويصحـح مـا بظاهـره ومـا بـبـاطـنـه علـى حـسـب
الشروط الدينية الموجبة لمعنى السأتقامة .إن الكلم أصأـون فـي معانـيـه ،هـو مـا أنـزل فـي
القرآن ،ولم يكن أصأل المعاني فلسفة متخبـطـة فـي معانيـهـا كأفعـى قـطـع رأسأـهـا ،والذيـن
يعتقدون أن الفلسأفة كانوا عظماء بما يقولون ،فإن عليهم أن يعلموا أن كل قول جميل هو كل
كلم منطوق أو مكتوب حامل لحق ولو دون حسن تعبير ،ورجوع معانيه راجع لما علم اللـه
رب العالمين ،ولو كانت المعرفة الحقيقية ملك يدي القوم الكافرين لمسكوها ،ولـما علـمـوا
منها شيئا ،ولو كانت معرفتهم ذات أصأالة فكرية مستوعبة راجعة لعلم ديني لما ظهر الفسـاد
في الرض كما هو الن ،فالكافر كان شكل غيبيا مشكل في عدم الشكال وفاقدا للمعنى ،ثم
إنه وجد وخلق ،وهو من شر ما خلق اللـه ،واتـخـذ شكـل النسـان ليكفـر بمعنـى النسـان ،
وبالمعاني كلها الغيبية منها والمعلومة ،ولم يبقى الكافر على هيئة النسان يوم القيامة لفرض
وجوده كذلك ولنسب لنفسه الخلود ،حتى ولو في العذاب ،والمؤمن إن فكر في الكافر فإنه ل
يجد حل أمام مشكل ل يعرف أصأله ،لن الكفر ل يعـرف معنـاه ،ول أسأبـاب وجـوده ،ول
الهدف منه ،ولو شاء ا لمن من في الرض جميعا ،ثم لو شاء كذلك لمـا اختلـف النـاس ،
وماذا يريد ا من تعذيب الناس وهو غني عن العالمين ،وذلك مـا غـاب معنـاه ،ولم تعـرف
معانيه ،والفهوم في المعنى الول كلها أسأئلة ل جواب فيها ،بمعنى ظاهر في ميزان المعاني
كلها ،إن ا ل يعذب من آمن ويعذب من كفر ،ثم إن الخير والشر من عنـده ،ولـو شـاء مـا
أفسد الناس في الرض ،ولكن ا فعال لما يريد ،ويفعل ما يشاء ،وليفهم معنى الكفر فلبـد
من فهم ثان ،معناه في فهم إرادة ا ،ولبد من فهم ثالث كامن معناه في فـهـم مشيئـة اللــه ،
والمعنيان فوق المعنى الول ،ول يمكن الوزن بينهما ،فـإرادة اللـه إرادتـه ل إرادة بعـدها ،
وإن فهمنا معناها ينفقد المعنى الديني الذي معناه أن اللـه فعـال لما يــريد ،فـإن أدرك
النسـان معنى الرادة لما بقيت إرادة ا ،لهذا فإن النسان ليس له إرادة ،ولن يفعل ما يريد
،وكـــل ما يفعله النسان فبإذن ا ،بمعنى بإرادة ا ،والنسان لن يفعل أبـدا مـا شـاء
93 علـى حـسـب
هواه ،لذا فإنه ل يشاء النسان شيئا إل أن يشاء ا رب العالمين ،ولو فعل النسان ما شـاء
لقال إنه هو رب العالمين ،فالنسان مقيد في قدر قــدرة اللــه ،وعليـنا نحن أن نقدر ا حـق
قدره ليعطى لنا حرية في الجنة ،وإن حــريــة النســان لــن تكون أبدا حرية قلب المعاني أو
تغيير ما جعل ا بالحق ،بل المعنى أن النسان حر إذا أطاع ا ،وخضع لما كتـبه اللــه أن
النسان خلق ليعبد اللـه ،ولــو بحثــنا فــي أمــر مشكل النسان لوجدنا أن المشكل أمران في
معنيين مختلفين ،ومعناهما جعله ا اختياريا باتباع الهدى أو الضللــة ،وكــل المـعـنـيـيـن
أمرهما راجع ل ،لن ا يهدي من يشاء ويعذب من يشاء ،فالكفر واليمان بين يـدي اللـه ،
والنسان بينهما ،وهو إلى ما شاء ا ،لذا فإن النسان ل يملك شيئا في ملك ا ،ول يملـك
لنفسه ضرا ول نفعا ،وا سأبحانه وتعالـى أثـبـت فـي كتابـه أنـه مـا كـان ليعبـأ بالنـاس لـول
دعاؤهم ،وأنه ما كان ليعذب الناس وهم يستغفرون ،وبهذا المعنى يظهر المعنى الختيـاري
أن من اختار اليمان بال ودعا ا واسأتغفره ـ فإنه يجد ا غفورا رحيما ،وهذا يدل على أن
النسان سأابق في الظلم لنفسه مبين ،وما ظهر ظلم النسان إل بعـد أن حمل المانــة وكــان
جهول ،وا ل يحب الجهل ؛ ومــا كان علــى النسان أن يأخذ المانة ويحملها حتــى يعلــم
أمرها بعلم من عند ا ،إن المر لم يكن هينا في الفهم ،وإن كـان النسان يتسـاءل عن ذنبـه
وعن وجوده في الرض ،فإن ا عالم الغيب والشهادة ،وأشهد النسان على نفسه حين قـال
ا للناس ألست بربكم ،قالوا بلى ،وهذا يظهر أن النسان له مشكل غيبي غاب معناه ،ولــم
يظهر في المعاني ،والنسان قد يفقد المعنى أيضا إن لم يعتبر كل ما هو غـيـبــي وجد عليــه
علما مفهوما بالمعاني ضمن ما أنزل ا ،ومن كان يظن أنه قد بلغ إلى شيء فإن اللـه يلقيــه
في الهاوية ،لن النسان يظن أنه قد بلغ إلى علو فيه سأمو المعرفة ،وعلم المعانــي الولــى
الغير المدركة ،وبالظن فإن النسان يسير إلى الخلف ،ويعتقد أنه يسير إلـى المـام ،كذلــك
فإن ا يضل من يشاء ،ومن يظن أن معرفة جهلية كانت في نفسـه مستيقـنـة بـأن لـها أصأـل
دون أن يكون لديه بينة ،فإن تلك المعرفة قد تؤدي به إلى تحقيق ظن بدخـولـه إلـى جـهـنـم ،
فجهنم كان يظنها غير موجودة ،فالحقيقة الثابتة كلها غيبية ،وكل مؤمن مسلـم فإنـه ل يكـون
بالغيب ظنينا ،وإن كانت المعاني ل تـؤدي المعنــى فإن الفهم نفسه ما هــو إل معنــى للـفـهـم
الحقيقي ،إنه كيفما كان إيمان النسان قويا ،فإن النسان لن يقوى أبدا أن يفهم معنى اليمان،
واليمان معـناه منفـرد فـي المعاني ،لن من أجله يجازى النسان بأحسن جزاء ،ولـو أدرك
النسان معنى اليمان لدرك معنى الحكم اللهي ،وإذا أدرك ذلـك ،فإن المعنـى يـنـفـقـد فـي
المعنى الذي معناه أن ا ل يشرك في حكمه أحدا ،فالمعاني إذا ،كان سأــر فهمها هــو فهــم
تناسأق الشياء ،وصألتها مع بعضها البعض .وميزان المعانـي يظـهـر الحكـم فيـه بالـتسـاوي
عندما يمـس معنى أثبت معناه فـي كتاب ا ،فحكم على المعنى الذي مـس المعانـي الصأليـة
بأنه معنى فيه ،ويؤخذ المعنى الحقيقي الذي يظهر معناه الصألي ،وهكذا يظهر بمـا ذكـر
أن حكم ا على إيمان الناس حكم غيبي ،فكيف يمكن أن نشهد لشخص عرف بالصلة
والـزكاة والصيام والحج على أنه شخص آمن بال وأنه من أهل الجنة ،إل أن يكـون نـبـيا أو
رسأول ،وفي هذا الحال لن نشهد له بشيء بل نشهد أنه رسأول ا ،وا قـد كتـب لـه الـجـنة
،وبـهـذا
القول فإن الذين يعتقدون في أشخاصا يظنونهم أولياء فإنهـم اتخـذوا مـن دون اللـه ،وكل مـن
94
ظهر إسألمه فإنه ل يظهر إيمانه ،وا لم يوصأنا بالذين تظهر عندهم كرامات ،بل أوصأانـا
باتباع النبياء والرسأل ،ولو أوقف النسان عادات وتقاليد لم تكن فـرائـضا مـن الـديـن لـكـان
أطيب وأحسن لنفس المسلمين ،إنه ل وجود لعادات وتقاليد في الدين ،بل توجـد الفـرائــض
وسأنن النبيين والمرسألين عليهم السلم ،وغير هذا فهو بدعة ،وإن الناس ليـتـجـهـون اتجاهـا
فيه سأوء ،أحلوا الغناء والرقص والشعوذة كذلك ،ولم يكن أئمة الدين أحلوا هذا ،بـل النـاس
يختارون لنفسهم كل ما يلهيهم ،فهم مسؤولون عن أنفسهم ،والنسان إن سأئل عن نفسه يوم
القيامة ،فكأنما أعطيت له ليحتفظ بها ولم يفعل ،كذلك كان المعنى أن الخلق ل رب العالمين
،إن النسان لم يكن ملكا لنفسه ،فهو ملك ل ،وا قد اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهـم
،وكان المال معناه إظهارا لمعنى الكسب ،وكل ما هو موجود حول النسان ومعانيه
وجــدت من أجل الفهم ،لعل النسان يهتدي إلى الحق ،وتبقى المعاني معانيها غيبية دائما
في المعنى الول ،وتعرف بالمعنى الثاني ،والمعنيان يعرفان بالمعنى الثالث ،وكل معنى
.إل ويعـــرف بمعاني المعاني في معنى المعنى
95
هل النسان كان شمسا ؟ أم كان قمرا ؟ حتى يقـول إن لـه صألـة بالكواكب والبراج ،وإن لـه
اتصال بالكون أو بالحق .إن بقيام الساعة يظهـر اللــه أن النسـان لـم تـكـن صألـة بالـكـون ،
وعندما يفنى النسان فإن ا يظهر أن النسان لم تكن له صألة بالخالق ،لن اللــه ل يـفنـى ،
ماذا كان النسان قبل أن يخلق وأين كان ؟ إن النسـان لـم يكـن ،لنـه لم يكن شيئا
مذكـورا ،وإذا بالنسان يبحث عن سأر وجوده ،كأنه ل يعلم أن ا هو الذي خلقه ،وجعل
اللــه النــاس شعوبا وقبائل ليتعارفوا ،وكان الناس أمما ،ولم يكن النسان ليعلم ما العلم وما
اليمان ،ولو لم ينزل ا بيانه وأحكامه ،ولو لم يأت بالنبيئين والمرسألين ليرشدوا النـاس
إلـى الحـق .ولـم يعرف السحر حتى عرف الحق ،ولم تعـرف الضللة حتى عـرف
الهـدى ،وما عرف الشر حتى عرف الخير ولم يعرف الرجل نفسه كرجل حتى عـرف
المـرأة ،وهـل المـرأة تــعـرف نفسها ،ولماذا ل يوحى إليها ؟ لقد قال الناس :لم لم توجد
امرأة كلمـها اللــه تكليـما ،ولـم لـم توجد امرأة مكان نبي ،أو تكون رسأول ،كذلك قال
الناس لم ل يرسأل الملئكـة ليكـونـوا هـم المبشرين ،ويكونوا منذرين ،إن كل قول قيل من
هذا القبيـل ل يـزيد إل سأــوء فـهـم يـنـشـر ضللة وعدم يقين ،إن ا يصطفي من الملئكة
رسأل ومن البشر كذلك ،ويوحي لمن يشـاء من عباده ،وما كان للناس أن يحكموا في هذا
بشيء ،إنما الشيطان يملي للنسان ويستهويــه ليضله عن سأبيل ا ،ومـا كـان النسـان
ليعـلـم السأباب حتـى يجيـب عـن السـؤال يستوجب العقاب ،إن أصأر عليه النسان بإلحاد ،
وأعـطى جـوابا عــن هـذا للنـاس لـما آمنوا به ،وما يستوجبه اليمان هو أن نعلم أن ا ل
يشرك في حكمه أحد ،وليس شرطا على ا أن يعطي تفاصأيل الخلق ،وتفاصأيل ملكه للناس
.وإن ا يعلم ما شاء ويهب ما يشاء لمـن يشـاء ،ومـا كان على النسان أن يطلب ما بعد
الهدى ،وديـن الحـق ،إنـه ل يـوجـد جـواب بين المـعانـي لسؤال كان معناه إعجازا ،فال
سأبحانه وتعالى قادر أن يجيب عباده عن كل سأـؤال بإقـنـاع ،ولكن النسان يسأل أسأئلة كان
معناها إعجازا ،لذا فإن ا قد أعجز الخلق وتركهم ل يعلمون ،ولن المؤمن مؤمن بال فل
حاجة له إلى تفاصأـيـل فـي المعانـي ،والجـوبة ل تفيد الكـافـر شيئا إل أن يزداد كفره
وطغيانه ،فالمعانـي فـي معـرفتـها لـها حـدود فـي الجوبة والسأئلـة ،وبين السؤال والجواب
حقيقة غيبية ،وبين حقيقة وحقيقة أخرى ،يوجد الغيب نفسه ،والغيب علمه عند ا ،ومما
أعطى ا من المثل لجل هذا الفهم ،هو أن آدم عليـه السـلم خلـق مـن تراب شامل للنورين
الصأفر والبيض ظاهر في النور الوردي اللون ،ولما بث اللـه من آدم زوجه ظهر آدم عليه
السلم في نور أصأفر ،وظهرت زوجته في نور أبيض ،ولما أكل مـن الشجرة بعد أن
أدلهما الشيطـان بـغـرور انـفـقـدت الـدائرة البيضاء ،واسأتعملـت قـواهـا فـي
96
السحر ،والوحي نوره وردي قابل لللتحام بالنور الصأـفـر ،وبهـذا ل يمكـن أن يـوحى
للمرأة شيء ،ورغم هذا الفهم المعلوم يوجد فهم غيـبي علمه عند اللــه ،فالمـعاني كلها يبقـى
سأرها عند ا ،وكل من تمكن من الفهم الثلثي في فهم المعاني يعرف أن السر كله في النور
الصأفر والبيض والنور الجامع لهما وهو النور الوردي اللون ،فالعبادة ل تتـم إل إذا تـوفـر
في الجسم نور أبيض وأصأفر ،أما النور الوردي اللون فهو نور الوحي ،والوحي اختص بـه
النبياء والرسأل عليهم السلم ،وبالوحي يعرفون من الجواب ما يأذن به ا سأبحانه وتعالـى،
وهكذا فإن المعرفة لها حدود بعلم محدود وحقيقة محدودة ومعان محدودة .والمؤمـن عنـدمــا
يكون في الجنة فإنه يفهم أشياء أخرى أعظـم مـما يعلمـه الن فـي الحياة الدنـيا ،وذلـك لـعـدم
.وجود الظلمات ،والعلم في الجنة ل يتم كذلك
97