Professional Documents
Culture Documents
مجلة دراسات أفريقية
مجلة دراسات أفريقية
مجلة دراسات أفريقية
القارة الإفريقية على مدار �أكثر من ن�صف قرنٍ من الزمان– مع خروج اال�ستعمار من معظم
وطني نه�ضوي ،يحقّق ال�سالم والأم��ن واال�ستقرار ٍّ ال��دول الإفريقية -تعثّرت في بناء م�شرو ٍع
كلمة
والرفاهية لأبنائها ،وي�ضعها في المكانة التي تليق بها بين قارات العالم ،هذا الف�شل يعود �إلى
كثير من العوامل� ،إال �أنّ المالحظ في معالجة هذه الحالة هو منهج �إلقاء اللوم دائم ًا على القوى ٍ
التحرير
الخارجية؛ دون تحميل الذات � ّأي م�س�ؤولية.
غني عن البيان �أنّ لقوى اال�ستعمار الخارجية َد ْور ًا رئي�س ًا فيما و�صلت �إليه القارة من �أزماتٍ ٌّ
وم�شكالتٍ مزمنة ،وهذه الحقيقة �أ�صبحت من البديهيات التي ال تحتاج �إلى مناق�شة ،لكن لي�س
اال�ستعمار وحدَ ه هو َمن يتح ّمل الم�س�ؤولية؛ ف�إنّ �أبناء القارة تقع على عاتقهم الم�س�ؤولية الأكبر.
ت�سلّط الأعداء ال ينبغي �أن ي�س ّوغ لنا ف�شلنا وعجزنا عن النهو�ض ،فجميع الأمم التي نه�ضت،
إفريقيا
وترب�ص بها من قوى خارجية ،لكن بعزيمة
ثم كانت التحرر من ربقة الخارج ،وتعجيل بناء الداخل ،ومن ّ
ٍ في ال�شرق والغرب ،تمكّنت من النهو�ض في ظلّ �صرا ٍع
ّ �أبنائها وجهدهم ا�ستطاعت مسؤلية
النه�ضة..
ل�سنن وقوانين تنطبق على كلّ الب�شر ،لي�ست �إنّ الإ�صالح والتغيير في المجتمعات يخ�ضع ُ
خا�صّةً بقارة �أو بمجتمعٍ دون غيره ،و�أول هذه ال�سُّنن� :ضرورة تغيير الذات لكي يتحقّق التغيير
أبنائها
في المجتمع.
�إننا نحتاج �إلى �أن نقف طوي ًال مع �أنف�سنا ونت�ساءل بجدّ ية حول الأو�ضاع الفو�ضوية التي
وتع�س ٍف في ال�سلطات، ّ تعي�ش فيها القارة الإفريقية :من �صراعاتٍ عِ ْرقية ،ونزاعاتٍ حدودية،
ونهب للثروات ،وهجرةٍ للعقول ،وغيرها من ق�ضايا كثيرة وانق�سام في الهو ّيات ،وف�سادٍ في الإدارةٍ ،
ٍ
ال يمكن تعدادها دون و�ضع قائمة طويلة ،ذلك �أننا نريد �أن ن�ضع حلو ًال تنبع من داخلنا؛ دون �أن
ن�ستعين بغيرنا في حلّها.
�إنّ القارة الإفريقية ال تنق�صها الموارد الطبيعية وال المواد الخام ،لكنها تحتاج �إلى تعزيز
�إرادة الإ�صالح ،وبناء الإن�سان ،وغر�س ُروح العمل ،وبذل الجهد ،وال�صبر والم�صابرة..
ثم يتغ ّير المجتمع ،هذه هي �أُ�س�س النه�ضة التي تقوم �إنّ تغيير الإن�سان هو البداية ،ومن ّ
عليها الأم��م ،وهذا هو ال�شرط القر�آني للنهو�ض�} :إِنَّ هّ َ
الل َ
ال ُي َغ ِّي ُر َما ِب َق ْو ٍم َحتَّى ُي َغ ِّي ُرو ْا َما ّ
ِب�أَنْفُ �سِ ه ِْم{ (الرعد .)11 :