Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 22

‫مقتطفات من كتاب أصول مذهب الشيعة اإلمامية اإلثين عشرية للشيخ انصر بن عبد هللا القفاري‬

‫بسمميحرلا نمحرلا هللا ‬


‫إن من أصول اإلسالم العظيمة االعتصام حببل هللا رتيعا وعدم التفرق قال تعاذل‪{ :‬واعتصموا حببل هللا رتيعا‬
‫وال تفرقوا} (آل عمران‪ ،‬آية‪ )103 :‬وقال سبحانو‪{ :‬إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم ُب شيء}‬
‫(األنعام‪ ،‬آية‪. )159 :‬‬
‫وقد كان اظتسلمون على ما بعث هللا بو رسولو من اعتدى ودين اضتق اظتوافق لصحيح اظتنقول وصريح اظتعقول‪،‬‬
‫فلما قتل عثمان ‪ -‬هنع هللا يضر وأرضاه ‪ -‬ووقعت الفتنة‪ ،‬فاقتتل اظتسلمون بصفٌن‪ ،‬مرقت اظتارقة ال ي قال فيها الن ي ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل‪:‬‬
‫"دترق مارق على حٌن فرقة من اظتسلمٌن‪ ،‬يقتلهم أوذل الطائفتٌن ابضتق" (‪ )1‬وكان مروقها ظتا حكم اضتكمان‪ ،‬وتفرق‬
‫الناس على غًن اتفاق‪ٍ .‬ب حدث بعد بدعة اطتوارج بدع التشيع‪ ،‬وتتابع خروج الفرق‪ ،‬كما أخرب بذلك اظتصطفى صلى‬
‫هللا عليو وسلم‪ .‬وقد خرج التشيع من الكوفة ‪ ،‬ولذلك جاء ُب أخبار الشيعة أبنو دل يقبل دعوهتم من أمصار اظتسلمٌن‬
‫إال الكوفة ‪ٍ .‬ب انتشر بعد ذلك ُب غًنىا‪ ،‬كما خرج اإلرجاء أيضا من الكوفة‪ ،‬وظهر القدر‪ ،‬واالعتزال‪ ،‬والنسك‬
‫الفاسد من البصرة‪ ،‬ظهر التجهم من انحية خراسان‪.‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬صحيح مسلم (بشرح النووي) كتاب الزكاة‪ ،‬ابب ذكر اطتوارج وصفاهتم‪168/7 :‬‬

‫‪1‬‬
‫اعتقاد الشيعة اإلمامية يف مصادر اإلسالم (القرآن‪ ،‬والسنة‪ ،‬واإلمجاع‪ ،‬والقياس)‬

‫الفصل األول‪ :‬اعتقادهم يف القرآن الكرمي‬


‫اظتسألة األوذل‪ :‬اعتقادىم أن القرآن ليس حجة إال بقيم‬
‫اظتسألة الثانية‪ :‬اعتقادىم أبن األئمة اختصوا مبعرفة القرآن ال يشركهم فيو أحد‬
‫اظتسألة الثالثة‪ :‬اعتقادىم أبن قول اإلمام ينسخ القرآن ويقيد مطلقو وخيصص عامو‪.‬‬
‫اظتسألة الرابعة‪ :‬اعتقادىم أبن للقرآن معاين ابطنة ختالف الظاىر‬
‫اظتسألة اطتامسة‪ :‬قوعتم أبن جل القرآن نزل فيهم وُب أعدائهم‬
‫اظتسألة السادسة‪ :‬ىل الشيعة تقول أبن ُب كتاب هللا نقصا أو تغيًنا؟‬
‫من نصدق؟؟؟ ابن اببويو القمي أو اظتفيد؟‬
‫بعض رواايت الشيعة ُب وجود التحريف ُب القرآن‪:‬‬
‫ىل لدى الشيعة مصحف سري يتداولونو؟‬
‫ىل إنكار اظتنكرين عتذا الكفر (من الشيعة) من قبيل التقية؟‬

‫الفصل الثاين‪ :‬اعتقادهم يف السنة‬


‫مروايت الصحابة‬

‫الفصل الثالث‪ :‬عقيدهتم يف اإلمجاع‬


‫أوال‪ :‬احلجة يف قول اإلمام ال يف اإلمجاع‬
‫اثنيا‪ :‬ما خالف العامة ففيه الرشاد‬

‫الفصل الرابع‪ :‬عقيدهتم يف القياس‬

‫‪2‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اعتقادهم يف القرآن الكرمي‬
‫اظتسألة األوذل‪ :‬اعتقادىم أن القرآن ليس حجة إال بقيم‬
‫ىذه اظتسألة يؤكد عليها ُب أكثر من كتاب من كتبهم اظتعتمدة عندىم‪ ،‬وما كان خيطر ابلبال أن تذىب طائفة‬
‫من الطوائف ال ي تزعم لنفسها اإلسالم إذل القول‪" :‬أبن القرآن ليس حجة" وهللا يقول ‪ -‬ظتن طلب آية تدل على‬
‫صدق الرسول ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل‪{ :-‬أودل يكفهم أان أنزلنا عليك الكتاب يتلى عليهم} العنكبوت‪ ،‬آية‪ . 51 :‬فالقرآن العظيم ىو‬
‫الشاىد والدليل واضتجة‪ ،‬ولكن شيخ الشيعة ومن يسمونو بـ"ثقة اإلسالم" (الكليين) يروي ُب كتابو‪ :‬أصول الكاُب‬
‫والذي ىو عندىم كصحيح البخاري عند أىل السنة‪ .‬يروي ما نصو‪ ... " :‬أن القرآن ال يكون حجة إال بقيم‪ :‬وأن‬
‫عليا كان قيم القرآن وكانت طاعتو مفرتضة‪ ،‬وكان اضتجة على الناس بعد رسول هللا"(‪.)1‬‬
‫كما توجد ىذه اظتقالة أيضا ُب طائفة من كتبهم اظتعتمدة كرجال الكشي (‪ ،)2‬وعلل الشرائع(‪ ،)3‬ووسائل‬
‫الشيعة(‪ ،)4‬وغًنىا‪.‬‬
‫ومعىن ىذا أن قول اإلمام ىو أفصح من كالم الرزتن‪ ،‬ويظهر من ىذا أهنم يرون أن اضتجة ُب قول اإلمام ألنو‬
‫األقدر على البيان من القرآن‪ ،‬وعتذا شتوه ابلقرآن الصامت وشتو اإلمام ابلقرآن الناطق‪ ،‬ويروون عن علي أنو قال‪:‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ .‬وقال‪" :‬ذلك القرآن فاستنطقوه فلن ينطق لكم أخربكم عنو إن فيو‬ ‫"ىذا كتاب هللا الصامت وأان كتاب هللا الناطق"‬
‫علم ما مضى‪ ،‬وعلم ما أيٌب إذل يوم القيامة‪ ،‬وحكم ما بينكم وبيان ما أصبحتم فيو ختتلفون‪ ،‬فلو سألتموين عنو لعلمتكم‪.)6(" ....‬‬
‫ويقولون ‪ُ -‬ب رواايهتم ‪" :-‬وعلي تفسًن كتاب هللا" (‪ ،)7‬ومرة أخرى يدعون أبن االئمة ىم القرآن نفسو(‪ ،)8‬وحينا‬
‫يزعمون أبن القرآن دل يفسر إال لرجل واحد ىو علي(‪ .)9‬وما ندري دل يكون علي قيم القرآن وىو القرآن نفسو؟! وإذا‬
‫كان ىو القرآن أو القيم عليو فلماذا يفسر لو‪ ،‬وكيف يفسر لو وىو تفسًنه؟! إهنا أقوال يضرب بعضها بعضا‪ ،‬وىي‬
‫برىان أكيد على أهنا من وضع زنديق أراد إفساد دين اظتسلمٌن‪ ،‬وكيف يقال مثل ذلك ُب كتاب أنزلو هللا سبحانو‬
‫وتعاذل ليكون ىداية للناس {إن ىذا القرآن يهدي لل ي ىي أقوم} (اإلسراء‪ ،‬آية‪. )9 :‬‬

‫أصول الكاُب‪188/1 :‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫رجال الكشي‪ :‬ص‪420‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الصدوق‪ /‬علل الشرائع‪ :‬ص ‪192‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫اضتر العاملي‪ /‬وسائل الشيعة‪141/18 :‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫اضتر العاملي‪ /‬وسائل الشيعة‪141/18 :‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫(‪ )6‬اضتر العاملي‪ /‬الفصول اظتهمة‪ :‬ص ‪235‬‬
‫(‪ )7‬البحار‪ ،209/37 :‬الطربسي‪ /‬االحتجاج‪ :‬ص ‪ ،33- 31‬الربوجودي‪ /‬تفسًن الصراط اظتستقيم‪20/30 :‬‬
‫(‪ )8‬وعتذا ؾتدىم يفسرون قولو سبحانو‪ ..{ :‬واتبعوا النور الذي أنزل معو‪ }..‬يقولون‪ :‬النور‪ :‬علي واألئمة عليهم السالم (فاألئمة بناء على ىذا أنزلوا من السماء إنزاال)‬
‫الكاُب‪ .20/1 :‬ويفسرون قولو تعاذل‪{ :‬وإذا تتلى عليهم آايتنا بينات قال الذين ال يرجون لقاءان ائت بقرآن غًن ىذا أو بدلو قل ما يكون رل أن أبدلو من تلقاء نفسي‬
‫إن أتبع إال ما يوحى إرل} يونس‪ :‬آية ‪.15‬يقولون‪{ :‬ائت بقرآن غًن ىذا أو بدلو} يعين‪ :‬أمًن اظتؤمنٌن‪( .‬انظر‪ :‬تفسًن العياشي‪ ،120/2 :‬أصول الكاُب‪،419/1 :‬‬
‫تفسًن الربىان‪ ،180/2 :‬تفسًن نور الثقلٌن‪ ،296/2 :‬تفسًن القمي‪ ،310/1 :‬حبار األنوار‪. )80/36 :‬‬
‫ومثل ذلك تفسًنىم لقوعتم تعاذل‪{ :‬أم يقولون تقولو بل ال يؤمنون‪ ،‬فليأتوا حبديث مثلو إن كانوا صادقٌن} ‪.‬الطور‪ :‬آية‪.34 ،33 :‬‬
‫جاء ُب تفسًن القمي‪{ :‬أم يقولون تقولو} يعين‪ :‬أمًن اظتؤمنٌن {بل ال يؤمنون} أنو دل يتقولو ودل يقلو برأيو‪ٍ ،‬ب قال‪{ :‬فليأتوا حبديث مثلو} أي‪ :‬رجل مثلو من عند هللا‬
‫{إن كانوا صادقٌن} ‪( .‬انظر‪ :‬تفسًن القمي‪ ،333/2 :‬البحراين‪ /‬الربىان ُب تفسًن القرآن‪ ،242/4 :‬حبار األنوار‪ )85/36 :‬ومثل ذلك كثًن‪.‬‬
‫(‪ )9‬أصول الكاُب‪250/1 :‬‬

‫‪3‬‬
‫وقال ابن عباس ‪ -‬هنع هللا يضر ‪ :-‬تضمن هللا ظتن قرأ القرآن وعمل مبا فيو أال يضل ُب الدنيا وال يشقى ُب اآلخرة‪ٍ ،‬ب قرأ ىذه‬
‫اآلية‪{ :‬فمن اتبع ىداي فال يضل وال يشقى}(‪.)1‬‬

‫اظتسألة الثانية‪ :‬اعتقادىم أبن األئمة اختصوا مبعرفة القرآن ال يشركهم فيو أحد‬
‫فإنو ؽتا علم من اإلسالم ابلضرورة أن علم القرآن دل يكن سرا تتوارثو ساللة معينة‪ ،‬ودل يكن لعلي اختصاص هبذا‬
‫دون سائر صحابة رسول هللا ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل‪ ،‬وأن الصحابة رضوان هللا عليهم ىم الطليعة األوذل الذين حازوا شرف تلقي ىذا‬
‫القرآن عن رسول البشرية دمحم بن عبد هللا ونقلو إذل األجيال كافة‪ ..‬ولكن الشيعة ختالف ىذا األصل وتعتقد أن هللا‬
‫سبحانو قد اختص أئمتهم االثين عشرية بعلم القرآن كلو‪ ،‬وأهنم اختصوا بتأويلو‪ ،‬وأن من طلب علم القرآن من غًنىم‬
‫فقد ضل‪.‬‬
‫وقد استفاض ذكر ىذه اظتقالة ُب كتب االثين عشرية أبلوان األخبار وصنوف الرواايت‪:‬‬
‫‪ .1‬جاء ُب أصول الكاُب ُب خرب طويل عن أيب عبد هللا قال‪" :‬إن الناس يكفيهم القرآن ولو وجدوا لو مفسرا‪ ،‬وإن‬
‫رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليو وآلو ‪ -‬فسره لرجل واحد‪ ،‬وفسر لألمة شأن ذلك الرجل وىو علي بن أيب طالب (‪.)2‬‬
‫(‪.)2‬‬
‫وىذا ؼتالف لقول هللا سبحانو‪{ :‬وأنزلنا إليك الذكر لتبٌن للناس ما نزل إليهم} (النحل‪ ،‬آية‪ . )44 :‬وكتب‬
‫الشيعة تقول ‪ :‬ليست من وظيفة الرسول بيان القرآن للناس‪ ،‬وإمنا مهمتو بيان "شأن ذلك الرجل وىو علي بن‬
‫أيب طالب" أما بيان القرآن للناس وتفسًنه فهو رسالة علي ال دمحم‪.‬‬
‫وكالم االثين عشرية ىنا يذكر بكالم فرقة من فرقة الغالة وىم الغرابية ال ي قالت‪ :‬إن دمحما ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل كان أشبو بعلي من‬
‫الغراب ابلغراب‪ ،‬وأن هللا عز وجل بعث جربيل عليو السالم ابلوحي إذل علي فغلط جربيل عليو السالم وأنزل‬
‫الوحي على دمحم (‪.)3‬‬
‫ما الفرق بٌن ىذه اظتقالة‪ ،‬ونص االثين عشرية؟! إن االثين عشرية أعطوا عليا الرسالة بدون دعوى الغلط‪ ،‬وزعموا‬
‫أن رسالة الن ي ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل التعريف بعلي فقط‪.‬‬
‫‪ .2‬وجاء ُب طائفة من مصادر الشيعة اظتعتمدة لديهم أن رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليو وآلو ‪ -‬قال‪" :‬إن هللا أنزل علي‬
‫القرآن وىو الذي من خالفو ضل‪ ،‬ومن يبتغي علمو عند غًن علي ىلك" (‪.)4‬‬
‫وىذا بٌن خطاؤه‪ ،‬بل الصحيح أن من ابتغى علم القرآن من القرآن‪ ،‬أو من سنة اظتصطفى ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل‪ ،‬أو من صحابة‬
‫رسول هللا ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل مبا فيهم علي فقد اىتدى‪ ،‬والقول أبن من طلب علم القرآن عند غًن علي ىلك ليس من دين‬
‫اإلسالم‪ ،‬وىو ؽتا علم بطالن و من اإلسالم ابلضرورة‪ ،‬فلم خيص الن ي ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل أحدا من الصحابة بعلم من الشريعة‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬تفسًن ابن جرير الطربي‪225/16 :‬‬


‫(‪ )2‬أصول الكاُب‪ ،25/1 :‬وسائل الشيعة‪131/18 :‬‬
‫(‪ )3‬ابن حزم‪ /‬الفصل‪ ،42/5 :‬وانظر‪ :‬البغدادي‪ /‬الفرق بٌن الفرق ص‪ ،250 :‬اإلسفراييين‪ /‬التبصًن ُب الدين‪ :‬ص ‪ ،74‬ابن اظترتضى‪ /‬اظتنية واألمل ص‪ ،30 :‬اظتلطي‪ /‬التنبيو‬
‫والرد ص‪ 158 :‬وشتاىا (اصتمهورية)‬
‫(‪ )4‬وسائل الشيعة‪ ،138/18 :‬وانظر‪ :‬حبار األنوار‪ ،23/19 ،302/7 :‬الطربي (الرافضي) ‪ /‬بشارة اظتصطفى ص‪ ،16 :‬أمارل الصدوق ص‪40 :‬‬

‫‪4‬‬
‫دون اآلخرين‪ .‬قال تعاذل‪{ :‬وأنزلنا إليك الذكر لتبٌن للناس ما نزل إليهم} فاآلية تدل على أن البيان للناس وليس‬
‫لفرد أو طائفة منهم ولو كان أىل بيتو‪.‬‬
‫وقد خاطب الن ي ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل الصحابة‪ ،‬ومن بعدىم‪ ،‬ورغبهم ُب تبليغ سنتو ودل خيص أحدا منهم فقال ‪ -‬كما يروي زيد‬
‫بن اثبت وغًنه ‪" :-‬نضر هللا امرءا شتع منا حديثا فحفظو حىت يبلغو غًنه‪ ،‬فإنو رب حامل فقو ليس بفقيو‪ ،‬ورب‬
‫حامل فقو إذل من ىو أفقو منو ‪ . )1(" ...‬وقد روت ىذا اضتديث كتب االثين عشرية اظتعتمدة (‪ ،)2‬فيكون حجة‬
‫عليها‪.‬‬
‫‪ .3‬وزعمت أيضا كتب الشيعة أن أاب جعفر قال‪ :‬اي قتادة‪ ،‬أنت فقيو أىل البصرة؟ فقال‪ :‬ىكذا يزعمون‪ ،‬فقال أبو‬
‫جعفر ‪ -‬هنع هللا يضر ‪" :-‬بلغين أنك تفسر القرآن؟ فقال لو قتادة‪ :‬نعم ‪ -‬إذل أن قال‪ -:‬وحيك اي قتادة إمنا يعرف القرآن‬
‫(‪)3‬‬
‫من خوطب بو"‬
‫فهذا يدعي أن القول دل خياطب بو سوى األئمة االثين عشر‪ ،‬ومن ىنا فال يعرف القرآن سواىم‪ ،‬وعتذا يعترب‬
‫صحابة رسول هللا‪ ،‬والتابعون وأئمة اإلسالم على امتداد العصور قد (ىلكوا وأىلكوا) بقيامهم بتفسًن القرآن وفق‬
‫أصولو‪ ،‬أو اعتقادىم أن ُب كتاب هللا ما ال يعذر أحد جبهالتو‪ ،‬ومنو ما تعرفو العرب من كالمها‪ ،‬ومنو ما ال يعرفو‬
‫إال العلماء‪ ،‬ومنو ما ال يعلمو إال هللا (‪ .)4‬فالشيعة تزعم أنو ال يعرف القرآن سوى األئمة‪ ،‬وأهنم يعرفون القرآن‬
‫كلو‪ .‬وىذه دعوى تفتقر إذل الدليل‪ ،‬وزعم يكذبو العقل والنقل‪ ،‬وينقضو واقع التفسًن‪.‬‬
‫‪ .4‬وُب تفسًن فرات‪ .." :‬إمنا على الناس أن يقرأوا القرآن كما أنزل‪ ،‬فإذا احتاجوا إذل تفسًنه فاالىتداء بنا وإلينا"(‪.)5‬‬
‫فهذا النص يفيد أن وظيفة الناس رتيعا سوى األئمة االثين عشر ىو قراءة القرآن فقط‪ .‬وال جيوز ألحد أن يتوذل‬
‫منصب تفسًن القرآن‪ ،‬حىت وال رسول هللا ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل ألن وظيفتو بيان "شأن ذلك الرجل‪ ،"..‬كما أنو من ابب أوذل‬
‫ليس ألحد من الصحابة والسلف واألئمة أن يتوذل شيئا من ذلك‪ ،‬وإن احتاج أحد لتفسًن آية فلًنجع إذل من‬
‫عنده علم القرآن‪ :‬إذل أئمتهم‪.‬‬
‫وماذا سيجد من يرجع إذل تفاسًن الشيعة كتفسًن القمي والعياشي‪ ،‬والربىان‪ ،‬وتفسًن الصاُب‪ ،‬أو ما ُب الكاُب‪،‬‬
‫والبحار من تفسًن آلايت القرآن يزعمون نسبتها ألئمتهم؟!‪ .‬سيجد أتويالت ابطنية ليس عتا صلة بنص القرآن‪،‬‬
‫وال سياق اآلايت وال معانيها ومفهوماهتا‪.‬‬
‫إن أوضح برىان ُب ىذه الدعاوى ىو واقع التفسًن عند ىؤالء القوم‪ٍ ،‬ب إن النص اظتذكور يدعو إذل اإلعراض عن‬
‫تدبر القرآن وفهم معانيو وىذا من الصد عن دين هللا وشرعو‪ ..‬ولعل الدافع لوضع مثل ىذه الرواايت ىو ػتاولة‬

‫(‪ )1‬أخرجو أزتد‪ ،183/5 :‬واللفظ لو‪ ،‬والدارمي‪ /‬مقدمة‪ ،‬ابب االقتداء ابلعلماء‪ ،73/1 :‬وأبو داود‪ ،‬كتاب العلم‪ ،‬ابب فضل نشر العلم‪ ،69-68/4 ،‬وابن ماجو‪،‬‬
‫اظتقدمة‪ ،‬ابب من بلغ علما‪ 84/1 :‬وغًنىم‪.‬‬
‫(‪ )2‬انظر‪ :‬أصول الكاُب‪ ،403/1 :‬اضتر العاملي‪ /‬وسائل الشيعة‪63/18 :‬‬
‫(‪ )3‬الكاُب‪ ،‬كتاب الروضة‪ ،415/12 :‬رقم (‪( )485‬اظتطبوع مع شرح جامع للمازنداين) ‪ ،‬وسائل الشيعة‪ ،136/18 :‬تفسًن الصاُب‪ ،22-21/1 :‬الربىان ُب تفسًن‬
‫القرآن‪ ،18/1 :‬حبار األنوار‪238- 237/24 :‬‬
‫(‪ )4‬روي ىذا اظتعىن عن ابن عباس (انظر‪ :‬تفسًن الطربي‪ 76/1 :‬حتقيق وختريج أزتد شاكر‪ ،‬وػتمود شاكر‪ ،‬وانظر‪ :‬تفسًن ابن كثًن‪)5/1 :‬‬
‫(‪ )5‬تفسًن فرات أليب القاسم فرات بن إبراىيم بن فرات الكوُب الشيعي ص‪ ،91:‬وسائل الشيعة‪149/18 :‬‬

‫‪5‬‬
‫منع رتهور الشيعة من قراءة كتاب هللا وتدبره وفهمو ألن ُب ذلك افتضاحا لكذب مؤسسي ىذا اظتذىب وكشفا‬
‫ألضاليلهم وتعرية ظتناىجهم الباطنية ُب أتويل كتاب هللا‪.‬‬
‫وقد نفى أمًن اظتؤمنٌن ذلك نفيا قاطعا وقال‪" :‬والذي فلق اضتبة وبرأ النسمة ما عندان إال ما ُب القرآن إال فهما‬
‫يعطى رجل ُب كتابو ‪.)1( " ...‬‬
‫والن ي ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل قد بٌن ألصحابو معاين القرآن‪ ،‬كما بٌن عتم ألفاظو‪ ،‬فقولو تعاذل‪{ :‬لتبٌن للناس ما نزل إليهم}‬
‫(النحل‪ ،‬آية‪ . )44 :‬يتناول ىذا وىذا‪ .‬وقد قال أبو عبد الرزتن السلمي (‪" :)2‬حدثنا الذين كانوا يقرئوننا القرآن ‪-‬‬
‫كعثمان بن عفان‪ ،‬وعبد هللا بن مسعود وغًنمها ‪ -‬أهنم كانوا إذا تعلموا من الن ي ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل عشر آايت دل جياوزوىا حىت‬
‫يتعلموا ما فيها من العلم والعمل‪ ،‬قالوا‪ :‬فتعلمنا القرآن والعلم والعمل رتيعا" (‪.)3‬‬
‫وعتذا كانوا يبقون مدة ُب حفظ السورة‪ ،‬وذلك أن هللا تعاذل قال‪{ :‬كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آايتو}‬
‫(سورة ص‪ ،‬آية‪ . )29 :‬وقال‪{ :‬أفال يتدبرون القرآن} (النساء‪ ،‬آية‪ ،82 :‬دمحم‪ ،‬آية‪ . )24 :‬وقال‪{ :‬أفلم يدبروا‬
‫القول} (اظتؤمنون‪ ،‬آية‪ . ) 68 :‬وتدبر القرآن بدون فهم معانيو ال ديكن‪ ،‬وكذلك قال تعاذل‪{ :‬إان أنزلناه قرآان عربيا‬
‫لعلكم تعقلون} (يوسف‪ ،‬آية‪ . )2 :‬وعقل القرآن متضمن لفهمو‪ ،‬ومن اظتعلوم أن كل كالم فاظتقصود منو فهم معانيو‬
‫دون غترد ألفاظو‪ ،‬فالقرآن أوذل بذلك‪.‬‬

‫ورواايهتم أبن األئمة اختصوا مبعرفة القرآن ال يشركهم فيو أحد كثًنة جدا‪.‬‬
‫ففي الكاُب غتموعة من األبواب كل ابب يتضمن طائفة من أخبارىم ُب ىذا اظتوضوع مثل‪:‬‬
‫‪ -‬ابب "أن األئمة ‪ -‬مهنع هللا يضر ‪ -‬والة أمر هللا وخزتة علمو"(‪.)4‬‬
‫‪ -‬ابب أن أىل الذكر الذين أمر هللا اطتلق بسؤاعتم ىم األئمة(‪.)5‬‬
‫‪ -‬ابب أن من وصفو هللا تعاذل ُب كتابو ابلعلم ىم األئمة (‪. )6‬‬
‫‪ -‬ابب أن الراسخٌن ُب العلم ىم األئمة (‪. )1‬‬

‫(‪ )1‬وقد أخرج اإلمام البخاري ىذا اضتديث عدد من األبواب‪ ،‬منها‪ُ :‬ب ابب كتابة العلم (البخاري مع الفتح‪ ) 204/1 :‬وابب حرم اظتدينة (البخاري مع الفتح ‪ )81/4‬وابب‬
‫فكاك األسًن (‪ ، )167/6‬وغًنىا‪ .‬وأخرجو مسلم ُب ابب فضل اظتدينة وبيان حترديها (مسلم مع النووي‪ )144-143/9 :‬وكتاب الذابئح (مسلم مع النووي ‪)141/13‬‬
‫‪ .‬وأخرجو النسائي (اجملتىب‪ . )19/8 :‬والرتمذي (‪ . )668/4‬وأزتد (اظتسند‪)100/1 :‬‬
‫(‪ )2‬مقرئ الكوفة اإلمام العلم عبد هللا بن حبيب بن ربيعة الكوُب‪ ،‬من أوالد الصحابة‪ ،‬مولده ُب حياة الن ي ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل‪ ،‬وقد أخذ القراءات عن عثمان‪ ،‬وعلي‪ ،‬وزيد‪ ،‬وأيب‪ ،‬وابن‬
‫مسعود‪( .‬انظر‪ :‬الذى ي‪ /‬سًن أعالم النبالء‪ ،267/4 :‬السيوطي‪ /‬طبقات اضتفاظ‪ :‬ص‪ . )19‬وىو غًن أيب عبد الرزتن السلمي شيخ الصوفية‪ ،‬صاحب حقاق التفسًن‬
‫(ت‪ )412‬الذي نسب إذل جعفر الصادق أقواال ُب أتويل القرآن على طريقة الباطنية‪ ،‬وجعفر بريء من ذلك (انظر‪ :‬ابن دتيمة‪ /‬منهاج السنة‪ ،146/4 :‬والفتاوى‪:‬‬
‫‪ ،243-242/13‬وانظر ُب تررتة السلمي األخًن‪ :‬اطتطيب البغدادي‪ /‬اتريخ بغداد‪ ،249- 248/2 :‬الذى ي ميزان االعتدال‪)523/3 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬غتموع فتاوى شيخ اإلسالم‪ ،331/13 :‬وقد أخرجو الطربي ُب تفسًنه‪ ،80/1 :‬وقال احملقق ُب تعليقو على ىذا األثر‪" :‬ىذا إسناد صحيح متصل"‪ .‬انظر‪ :‬تفسًن‬
‫الطربي‪ ،‬حتقيق وتعليق ػتمود شاكر‪ ،‬وأزتد شاكر‪ .‬وأخرجو الطربي‪ 80/1 :‬عن طريق اضتسٌن بن واقد‪ ،‬حدثنا األعمش عن شقيق عن ابن مسعود قال‪ :‬كان الرجل منا‬
‫إذا تعلم عشر آايت دل جياوزىن حىت يعرف معانيهن والعمل هبن‪ .‬قال احملقق‪" :‬ىذا إسناد صحيح"‪ .‬وىو موقوف على ابن مسعود‪ ،‬ولكنو مرفوع معىن؛ ألن ابن مسعود‬
‫إمنا تعلم القرآن من رسول هللا ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل‪ .‬فهو حيكي ما كان ُب ذلك العهد النبوي اظتنًن (اظتصدر السابق ‪ )80/1‬وقال شعيب األرانؤوط‪" :‬رجالو ثقات"‪ .‬انظر تعليقو على‬
‫سًن أعالم النبالء‪270/4 :‬‬
‫(‪ )4‬أصول الكاُب‪192/1 :‬‬
‫(‪ )5‬أصول الكاُب‪210/1 :‬‬
‫(‪ )6‬أصول الكاُب‪212/1 :‬‬

‫‪6‬‬
‫‪ -‬ابب أن األئمة قد أوتوا العلم وأثبت ُب صدورىم(‪.)2‬‬
‫أما صاحب البحار فقد ضرب بسهم وافر ‪ -‬كعادتو ‪ُ -‬ب ىذا اظتضار‪ ،‬ومن أبوابو ُب ذلك‪:‬‬
‫‪ -‬ابب أهنم أىل علم القرآن‪ ،‬وذكر ُب ىذا الباب (‪ )54‬رواية (‪.)3‬‬
‫‪ -‬وابب أهنم خزان هللا على علمو وفيو (‪ )14‬رواية (‪.)4‬‬
‫كما ذكر أيضا طائفة من رواايت ىذا اظتوضوع ضمن‪:‬‬
‫‪" -‬ابب أهنم ال حيجب عنهم علم السماء واألرض" (‪.)5‬‬
‫‪ -‬وابب أهنم ال حيجب عنهم شيء (‪.)6‬‬
‫وُب وسائل الشيعة للحر العاملي "ابب عدم جواز استنباط األحكام من ظواىر القرآن إال بعد معرفة تفسًنىا من‬
‫كالم األئمة ‪ -‬مهنع هللا يضر ‪ -‬فيو ذتانون حديثا من أحاديثهم" (‪. )7‬‬
‫وُب الفصول اظتهمة ُب أصول األئمة "ابب أنو ال يعرف تفسًن القرآن إال األئمة" (‪. )8‬‬
‫وُب تفسًن الصاُب خيصص إحدى مقدمات تفسًنه عتذه القضية وىي‪" :‬اظتقدمة الثانية ُب نبذ ؽتا جاء ُب أن علم‬
‫القرآن كلو إمنا ىو عند أىل البيت ‪ -‬مهنع هللا يضر ‪. )9( "-‬‬
‫أما صاحب مقدمة الربىان فيقول‪" :‬الفصل اطتامس ُب بيان ما يدل على أن علم أتويل القرآن بل كلو عند‬
‫أىل البيت ‪ -‬عليهم السالم ‪ . )10( "-‬ويذكر ُب ىذا الفصل طائفة من أخبارىم ُب ىذه اظتسألة‪ٍ ،‬ب يقول‪" :‬أقول‪:‬‬
‫واألخبار ُب ىذا الباب أكثر من أن حتصى" (‪. )11‬‬
‫ومن العجب أهنم بدعواىم أن علم القرآن عند األئمة نسبوا إذل األئمة علم كل شئ‪ ،‬فيقول أبو عبد هللا ‪ -‬كما‬
‫يزعمون ‪" :-‬إين ألعلم ما ُب السموات وأعلم ما ُب األرضٌن‪ ،‬وأعلم ما ُب اصتنة‪ ،‬وأعلم ما ُب النار‪ ،‬وأعلم ما كان وما‬
‫يكون‪ٍ ،‬ب مكث ىنيئة فرأى أن ذلك كرب على من شتعو فقال‪ :‬علمت ذلك من كتاب هللا أن هللا يقول‪ :‬فيو تبيان كل‬
‫شيء" (‪.)12‬‬

‫اظتسألة الثالثة‪ :‬اعتقادىم أبن قول اإلمام ينسخ القرآن ويقيد مطلقو وخيصص عامو‪.‬‬

‫(‪ )1‬أصول الكاُب‪213/1 :‬‬


‫(‪ )2‬أصول الكاُب‪213/1 :‬‬
‫حبار األنوار للمجلسي‪205-188/23 :‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫حبار األنوار‪105/26 :‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫حبار األنوار‪109/26 :‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫حبار األنوار‪137/26 :‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫وسائل الشيعة للحر العاملي‪152-129/18 :‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫اضتر العاملي‪ /‬الفصول اظتهمة ص‪173 :‬‬ ‫(‪)8‬‬
‫تفسًن الصاُب‪19/1 :‬‬ ‫(‪)9‬‬
‫(‪ )10‬مقدمة الربىان‪15 :‬‬
‫(‪ )11‬مقدمة الربىان‪16 :‬‬
‫(‪ )12‬البحار‪ .111/26 :‬واآلية الصحيحة‪{ :‬تبياان لكل شيء} (النحل‪ ،‬آية‪)89 :‬‬

‫‪7‬‬
‫بناء على اعتقاد الشيعة أبن اإلمام ىو قيم القرآن‪ ،‬وىو القرآن الناطق‪ ،‬وأهنم ىم خزنة علم هللا‪ ،‬وأنو بوفاة‬
‫الرسول ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل دل يكمل التشريع‪ ،‬بل إن بقية الشريعة أودعها الرسول لعلي‪ ،‬وأخرج علي منها ما حيتاجو عصره‪ٍ ،‬ب أودع‬
‫ما بقي ظتن بعده‪ ،‬وىكذا إذل أن بقيت عند إمامهم الغائب‪ ،‬بناء على ذلك فإن مسألة ختصيص عام القرآن‪ ،‬أو تقييد‬
‫مطلقة‪ ،‬أو نسخو ىي مسألة دل تنتو بوفاة الرسول ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل؛ ألن النص النبوي‪ ،‬والتشريع اإلعتي استمر ودل ينقطع بوفاة‬
‫الرسول‪ ،‬بل استمر عندىم إذل بداية القرن الرابع اعتجري وذلك بوقوع الغيبة الكربى‪ .‬وال ي انتهت هبا صلتهم ابإلمام‪،‬‬
‫وانقطع تلقي الوحي اإلعتي عنو؛ ألهنم يعتقدون "أن حديث كل واحد من األئمة الطاىرين قول هللا عز وجل‪ ،‬وال‬
‫اختالف ُب أقواعتم كما ال اختالف ُب قولو تعاذل"(‪.)1‬‬
‫وقالوا‪ :‬جيوز ظتن شتع حديثا عن أيب عبد هللا (يعنون جعفر بن دمحم الصادق) أن يرويو عن أبيو أو أحد أجداده؛‬
‫بل جيوز أن يقول‪ :‬قال هللا تعاذل(‪ .)2‬فكان لإلمام ‪ُ -‬ب اعتقادىم ‪ -‬ختصيص القرآن أو تقييده أو نسخو‪ ،‬وىو‬
‫ختصيص أو تقييد أو نسخ للقرآن ابلقرآن‪ ،‬ألن قول اإلمام كقول هللا ‪ -‬كما يفرتون ‪.!!-‬‬
‫ذلك أهنم يرون‪" :‬أن حكمة التدريج اقتضت بيان رتلة من األحكام وكتمان رتلة‪ ،‬ولكنو ‪ -‬سالم هللا عليو ‪-‬‬
‫أودعها عند أوصيائو‪ :‬كل وصي يعهد هبا إذل اآلخر‪ ،‬لينشرىا ُب الوقت اظتناسب عتا حسب اضتكمة‪ :‬من عام‬
‫ؼتصص‪ ،‬أو مطلق‪ ،‬أو مقيد‪ ،‬أو غتمل مبٌن إذل أمثال ذلك‪ ،‬فقد يذكر الن ي عاما ويذكر ؼتصصة بعد برىة من‬
‫حياتو‪ ،‬وال قد يذكره أصال‪ ،‬بل يودعو عند وصية إذل وقتو"(‪.)3‬‬
‫ومسألة النسخ والتخصيص والتقييد ‪ ...‬ليست إال جزءا من وظيفة األمئة الكربى وىي (التفويض ُب أمر‬
‫الدين) وال ي يقررىا صاحب الكاُب ُب ابب يعقده ُب ىذا الشأن بعنوان‪" :‬ابب التفويض إذل رسول هللا ‪ -‬صلى هللا‬
‫عليو وآلو ‪ -‬وإذل األئمة ‪ -‬عليهم السالم ‪ُ -‬ب أمر الدين" (‪.)4‬‬
‫فاألئمة قد فوضوا ُب أمر ىذا الدين‪ ،‬كما فوض رسول هللا ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل‪ ،‬فلهم حق التشريع‪ .‬تقول كتب الشيعة عن‬
‫األئمة‪" :‬إن هللا عز غتل‪ ..‬فوض إذل نبيو ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل فقال‪{ :‬وما آاتكم الرسول فخذوه وما هناكم عنو فانتهوا} (اضتشر‪ ،‬آية‪:‬‬
‫‪ . )7‬فما فوض إذل رسول هللا ‪ -‬صلى هللا عليو وآلو ‪ -‬قد فوضو إلينا" (‪.)5‬‬
‫وقال أبو عبد هللا ‪ -‬كما تزعم كتب الشيعة ‪" :-‬ال وهللا ما فوض هللا إذل أحد من خلقو إال إذل رسول هللا ‪-‬‬
‫صلى هللا عليو وآلو ‪ -‬وإذل األئمة‪ .‬قال عز وجل‪{ :‬إان أنزلنا إليك الكتاب ابضتق لتحكم بٌن الناس مبا أراك هللا}‬
‫(النساء‪ ،‬آية‪ . )105 :‬وىي جارية ُب األوصياء" (‪.)6‬‬
‫ىذه الدعوى تقوم على أن دين اإل سالم انقص وحيتاج إذل األئمة االثين عشر إلكمالو‪ ،‬وأن كتاب هللا وسنة‬
‫رسولو ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل دل يكمل هبما التشريع‪ ..‬إذ إن بقية الشريعة مودعة عند األئمة‪ ،‬وأن رسول اعتدى ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل دل يبلغ ما أنزل إليو‬
‫من ربو‪ ،‬وإمنا كتم بعض ما أنزلو إليو وأسره لعلي‪ ..‬وكل ذلك كفر ابهلل ورسولو‪ ،‬ومناقضة ألصول اإلسالم‪ ،‬قال تعاذل‪:‬‬

‫(‪ )1‬اظتازندراين‪ /‬شرح جامع (علي الكاُب) ‪272/2 :‬‬


‫(‪ )2‬اظتازندراين‪ /‬شرح جامع (علي الكاُب) ‪272/2 :‬‬
‫(‪ )3‬دمحم حسٌن آل كاشف الغطا‪ /‬أصول الشيعة ص‪77 :‬‬
‫(‪ )4‬أصول الكاُب‪265/1 :‬‬
‫(‪ )5‬أصول الكاُب‪266/1 :‬‬
‫(‪ )6‬أصول الكاُب‪268/1 :‬‬

‫‪8‬‬
‫{اليوم أكملت لكم دينكم وأدتمت عليكم نعم ي ورضيت لكم اإلسالم دينا} (اظتائدة‪ ،‬آية‪ . )3 :‬ويقول سبحانو‪:‬‬
‫{ونزلنا عليك الكتاب تبياان لكل شيء} (النحل‪ ،‬آية‪ ، )89 :‬وقال تعاذل‪{ :‬لتبيننو للناس وال تكتمونو} (آل‬
‫عمران‪ ،‬آية‪ ، )187 :‬وقال تعاذل‪{ :‬إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات واعتدى من بعد ما بيناه للناس ُب‬
‫الكتاب أولئك يلعنهم هللا ويلعنهم الالعنون‪ ،‬إال الذين اتبوا وأصلحوا وبينوا} ‪( ...‬البقرة‪ ،‬اآليتان‪. )160 ،159 :‬‬
‫وىذه العقائد أصبحت من أصول االثين عشرية‪.‬‬

‫اظتسألة الرابعة‪ :‬اعتقادىم أبن للقرآن معاين ابطنة ختالف الظاىر‬


‫وىذه اظتسألة قد أخذت بعدا كبًنا وخطًنا عند الشيعة‪ ،‬حيث حتول كتاب هللا عندىم بتأثًن ىذا اظتعتقد إذل‬
‫كتاب آخر غًن ما ُب أيدي اظتسلمٌن‪.‬‬
‫فأركان الدين تفسر ابألئمة‪ ،‬وآايت الشرك والكفر تؤول ابلشرك بوالية علي وإمامتو‪ ،‬وآايت اضتالل واضترام‬
‫تفسًن ابألئمة وأعدائهم‪ ،‬وىكذا خيرج القارئ عتذه التأويالت بدين غًن دين اإلسالم‪ .‬وىذا الدين لو ركنان أساسيان‬
‫مها‪ :‬اإلديان إبمامة االثين عشر‪ ،‬والكفر واللعن ألعدائهم‪.‬‬
‫(‪)1‬‬
‫جاء ُب أصول الكاُب للكليين ما نصو‪ .." :‬عن دمحم بن منصور قال‪ :‬سألت عبدا صاضتا ‪ .‬عن قول هللا عز‬
‫وجل‪{ :‬قل إمنا حرم ريب الفواحش ما ظهر منها وما بطن} (األعراف‪ ،‬آية‪ . )33 :‬قال‪ :‬فقال‪ :‬إن القرآن لو ظهر‬
‫وبطن‪ ،‬فجميع ما حرم هللا ُب القرآن ىو الظاىر‪ ،‬والباطن من ذلك أئمة اصتور‪ ،‬ورتيع ما أحل هللا تعاذل ُب الكتاب‬
‫ىو الظاىر‪ ،‬والباطن من ذلك أئمة اضتق"(‪.)2‬‬
‫تقرر ىذه الرواية الواردة ُب أصح كتبهم األربعة مبدأ أن للقرآن معاين ابطنة ختالف الظاىر ؼتالفة اتمة‪ ،‬وتضرب‬
‫اظتثل مبا أحل هللا وحرم ُب كتابو من الطيبات‪ ،‬واطتبائث‪ ،‬وأن اظتقصود بذلك رجال أبعياهنم ىم األئمة االثنا عشرية‪،‬‬
‫وأعداؤىم وىم كل خلفاء اظتسلمٌن‪ .‬وىذا التأويل ال أصل لو من لغة أو عقل‪ ،‬أو دين‪ ،‬وىو ػتاولة لتغيًن دين اإلسالم‬
‫من أساسو ودعوة إذل التحلل واإلابحية!!‬
‫وُب ىذا النص الوارد ُب أصح كتبهم يظهر من خاللو الدافع إذل القول أبن القرآن لو ظهر وبطن‪ ،‬وىو أن‬
‫كتاب هللا سبحانو خال من ذكر أئمتهم االثين عشر ‪ ،‬ومن النص على أعدائهم‪ ،‬وىذا األمر أقض مضاجعهم‪ ،‬وأفسد‬
‫عليهم أمرىم‪ ،‬وقد صرحوا أبن كتاب هللا قد خال من ذكر األئمة فقالوا‪" :‬لو قرئ القرآن كما أنزل أللفينا مسلمٌن"‬
‫(‪ .)3‬فلما دل يكن ألصل مذىبهم وىو (اإلمامة) واألئمة ذكر ُب كتاب هللا قالوا هبذه اظتقالة إلقناع أتباعهم‪ ،‬وترويج‬
‫مذىبهم بٌن األغرار واصتهلة‪ ،‬وحىت جيعلوا عتذه اظتقالة القبول أسندوىا ‪ -‬كعادهتم ‪ -‬لبعض آل البيت‪.‬‬
‫ومسألة القول أبن لنصوص القرآن ابطنا خيالف ظاىرىا شاعت ُب كتب القوم وأصبحت أصال من أصوعتم‪،‬‬
‫ألنو ال بقاء ظتذىبهم إال هبا أو ما ُب حكمها‪ ،‬وعتذا عقد صاحب البحار اباب عتذا بعنوان‪" :‬ابب أن للقرآن ظهرا‬

‫(‪ )1‬يعنون بو موسى الكاظم والذي يعتربونو إمامهم السابع (انظر‪ :‬أصول الكاُب‪ :‬اعتامش‪)374/1 :‬‬
‫(‪ )2‬أصول الكاُب‪ ،374/1 :‬النعماين‪ /‬الغيبة‪ :‬ص ‪ ،83‬تفسًن العياشي‪16/2 :‬‬
‫(‪ )3‬انظر‪ :‬تفسًن العياشي‪ ،13/1 :‬اجمللي‪ /‬البحار‪.30/19 :‬‬

‫‪9‬‬
‫وبطنا" (‪ .)1‬وقد ذكر ُب ىذا الباب (‪ )84‬رواية‪ ،‬وىذه الرواايت ىي قليل من كثًن ؽتا أورده ُب كتابو ُب ىذا‬
‫اظتوضوع‪ ..‬فقد قال ُب صدر ىذا الباب إنو‪" :‬قد مضى كثًن من تلك األخبار ُب أبواب كتاب اإلمامة ونورد ىنا‬
‫ؼتتصرا من بعضها" (‪ٍ ،)2‬ب ساق الرواايت األربع والثمانٌن‪.‬‬
‫وُب تفسًن الربىان عقد اباب ؽتاثال ظتا ُب البحار بعنوان‪« :‬ابب ُب أن القرآن لو ظهر وبطن" (‪.)3‬‬
‫وُب مقدمة تفسًن الربىان أفاض القول ُب ىذه اظتسألة‪ ،‬فقد ذكر ستسة فصول حشر فيها رواايت أئمتو ُب ىذا‬
‫الباب انتخبها من غتموعة كبًنة من كتبهم اظتعتمدة (‪ . )4‬وقد قرر كثًن من كتب التفسًن عندىم ُب مقدماهتا ىذه‬
‫اظتسألة كأصل من أصوعتم كتفسًن القمي (‪ ،)5‬والعياشي (‪ ،)6‬والصاُب (‪ .)7‬وغًنىا‪.‬‬
‫ومن نصوصهم ُب ىذه اظتسألة‪" :‬أن للقرآن ظهرا وبطنا‪ ،‬وببطنو بطن إذل سبعة أبطن" (‪.)8‬‬
‫وعن جابر اصتعفي قال‪" :‬سألت أاب جعفر عن شيء من تفسًن القرآن فأجابين‪ٍ ،‬ب سألت اثنية فأجابين جبواب‬
‫آخر‪ ،‬فقلت‪ :‬جعلت فداك كنت أجبت ُب ىذه اظتسألة جبواب غًن ىذا قبل اليوم؟ فقال رل‪ :‬اي جابر‪ :‬إن للقرآن‬
‫بطنا‪ ،‬وللبطن بطنا وظهرا‪ ،‬وللظهر ظهرا‪ ،‬اي جابر‪ ،‬وليس شيء أبعد من عقول الرجال من تفسًن القرآن‪ ،‬إن اآلية‬
‫لتكون أوعتا ُب شيء وآخرىا ُب شيء وىو كالم متصل يتصرف على وجوه" (‪.)9‬‬
‫وتقرر نصوص الشيعة أن لكل آية معىن ابطنيا‪ ،‬بل قالوا أكثر من ذلك؛ فقالوا‪ :‬لكل آية سبعة بطون‪ٍ .‬ب‬
‫طاشت تقديراهتم فقالت‪ :‬أبن لكل آية سبعٌن ابطنا‪ ،‬واستفاضت بشأن ذلك أخبارىم؛ قال أحد شيوخهم‪ .." :‬لكل‬
‫آية من كالم هللا ظهر وبطن‪ ..‬بل لكل واحدة منها كما يظهر من األخبار اظتستفيضة سبعة وسبعون بطنا"(‪ . )10‬وما‬
‫ندري ما كنو ىذه البطون؟! واظتعىن الذي حياولون إثباتو ال يعدو أحد أمرين‪ :‬إثبات إمامة االثين عشر‪ ،‬أو الطعن ُب‬
‫ؼتالفيهم وتكفًنىم‪ ،‬فلماذا تتعدد ىذه البطون ‪ ...‬؟!‬
‫قالوا‪ « :‬وقد دلت أحاديث متكاثرة كادت أن تكون متواترة على أن بطوهنا وأتويلها بل كثًن من تنزيلها‬
‫وتفسًنىا ُب فضل شأن السادة األطهار ‪ ...‬بل اضتق اظتتبٌن أن أكثر آايت الفضل واإلنعام واظتدح واإلكرام‪ ،‬بل كلها‬
‫فيهم وُب أوليائهم نزلت‪ ،‬وأن جل فقرات التوبيخ والتشنيع والتهديد والتفظيع؛ بل رتلتها ُب ؼتالفيهم وأعدائهم ‪ ...‬إن‬
‫هللا عز وجل جعل رتلة بطن القرآن ُب دعوة اإلمامة والوالية‪ ،‬كما جعل جل ظهره ُب دعوة التوحيد والنبوة‬
‫والرسالة‪.)11( "..‬‬

‫(‪ )1‬انظر‪ :‬البحار‪106-78/92 :‬‬


‫البحار‪87/92 :‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الربىان‪19/1 :‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫مرآة األنوار‪ :‬ص ‪19-4‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫انظر‪ :‬تفسًن القمي‪16 ،14/1 :‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫انظر‪ :‬تفسًن العياشي‪11/1 :‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫تفسًن الصاُب‪29/1 :‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫تفسًن الصاُب‪31/1 :‬‬ ‫(‪)8‬‬
‫(‪ )9‬تفسًن العياشي‪ ،11/1 :‬الربقي‪ /‬احملاسن‪ :‬ص ‪ ،300‬الربىان ُب تفسًن القرآن‪ ،21-20/1 :‬تفسًن الصاُب‪ ،29/1 :‬حبار األنوار‪ ،95/92 :‬وسائل الشيعة‪142/18 :‬‬
‫(‪ )10‬أبو اضتسن الشريف‪ /‬مرآة األنوار‪ :‬ص ‪3‬‬
‫(‪ )11‬أبو اضتسن الشريف‪ /‬مرآة األنوار‪ :‬ص ‪3‬‬

‫‪10‬‬
‫ال شك أن للقرآن العظيم أسراره ولفتاتو‪ ،‬وإدياءاتو وإحياءاتو‪ ،‬وىو حبر عظيم ال تنفذ كنوزه وال تنقضي عجائبو‪،‬‬
‫وال ينتهي إعجازه‪ ..‬وكل ذلك ؽتا يتسع لو اللفظ وال خيرج عن إطار اظتعىن العام‪ ..‬ولكن دعوى أولئك الباطنيٌن غريبة‬
‫عن ىذا اظتقصد‪ ،‬وىي أتويالت ال تتصل مبدلوالت األلفاظ وال مبفهومها‪ ،‬وال ابلسياق القرآن‪ ،‬بل ىي ؼتالفة للنص‬
‫القرآين دتاما‪ ،‬ىدفها ىو البحث ُب كتاب هللا من أصل يؤيد شذوذىم‪ ،‬وغايتها الصد عن كتاب هللا ودينو‪ ،‬وحاصل‬
‫ىذا االجتاه الباطين ُب أتويل نصوص الشريعة ىو االؿتالل عن الدين (‪.)1‬‬

‫اظتسألة اطتامسة‪ :‬قوعتم أبن جل القرآن نزل فيهم وُب أعدائهم‬


‫(‪)2‬‬
‫يقول الشيعة أبن‪" :‬جل القرآن إمنا نزل فيهم (يعين ُب األئمة االثين عشرية) وُب أوليائهم وأعدائهم" ‪ .‬وزعم‬
‫شيخهم البحراين أبن عليا وحده ذكر ُب القرآن (‪ )1154‬مرة ويؤلف ُب ىذا الشأن كتااب شتاه‪" :‬اللوامع النورانية ُب‬
‫أشتاء علي وأىل بيتو القرآنية" (‪.)3‬‬
‫وأتٌب بعض رواايهتم لتقول‪" :‬إن القرآن نزل أربعة أرابع‪ :‬ربع حالل‪ ،‬وربع حرام‪ ،‬وربع سنن وأحكام‪ ،‬وربع خرب‬
‫ما كان قبلكم ونبأ ما يكون بعدكم وفصل ما بينكم" (‪ .)4‬وىذا يعين أنو ليس لألئمة ذكر صريح ُب القرآن‪.‬‬
‫ولكن أتٌب رواية أخرى عتم بتقسيم آخر لكتاب هللا جتعل فيو نصيب األئمة وأعدائهم ثلث القرآن‪ ،‬وكأهنا حتاول‬
‫أن تتالَب ما ُب الرواية السابقة من نسيان لذكر األئمة‪ ،‬إال أهنا دل جتعل لألئمة وأعدائهم إال ثلث القرآن ال جلو‪ ،‬تقول‬
‫الرواية‪" :‬نزل القرآن أثالاث‪ :‬ثلث فينا وُب عدوان‪ ،‬وثلث سنن وأمثال‪ ،‬وثلث فرائض وأحكام"(‪.)5‬‬
‫وأتٌب رواية اثلثة يزيد فيها نصيب األئمة وؼتالفيهم من الثلث إذل النصف؛ تقول الرواية‪" :‬نزل القرآن على أربعة‬
‫أرابع‪ :‬ربع فينا‪ ،‬وربع ُب عدوان‪ ،‬وربع سنن وأمثال‪ ،‬وربع ُب فرائض وأحكام"(‪.)6‬‬
‫ويالحظ أنو ليس لألمة ميزة ينفردون هبا ُب القرآن عن ؼتالفيهم ابلنسبة للتقسيم اظتذكور‪ ،‬وقد تفطن بعضهم‬
‫عتذا فوضع رواية رابعة بنفس النص السابق‪ ،‬إال أنو زاد فيها‪" :‬ولنا كرائم القرآن" (‪ .)7‬وقد أشار إذل ذلك صاحب‬
‫تفسًن الصاُب فقال‪" :‬وزاد العياشي ولنا كرائم القرآن"(‪ .)8‬فانتهوا هبذا إذل القول أبن أكثر القرآن نزل فيهم وُب‬
‫أعدائهم‪.‬‬
‫يقول شيخهم الفيض الكاشاين‪" :‬وردت أخبار رتة عن أىل البيت ُب أتويل كثًن من آايت القرآن وأبوليائهم‪،‬‬
‫وأبعدائهم‪ ،‬حىت أن رتاعة من أصحابنا صنفوا كتبا ُب أتويل القرآن على ىذا النحو رتعوا فيها ما ورد عنهم ُب أتويل‬
‫القرآن آية آية‪ ،‬إما هبم أو بشيعتهم‪ ،‬أو بعدوىم‪ ،‬على ترتيب القرآن‪ .‬وقد رأيت منها كتااب كاد يقرب من عشرين ألف‬

‫انظر‪ :‬ابن حجر‪ /‬فتح الباري‪216/1 :‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫تفسًن الصاُب‪ ،24/1 :‬وىذا النص جعلو صاحب الصاُب عنواان للمقدمة الثانية‬ ‫(‪)2‬‬
‫وقد طبع ُب اظتطبعة العلمية بقم ‪1394‬ىـ‬ ‫(‪)3‬‬
‫أصول الكاُب‪627/2 :‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫أصول الكاُب‪ ،627/2 :‬الربىان‪ 21/1 :‬تفسًن الصاُب‪ ،24/1 :‬اللوامح النورانية‪ :‬ص ‪6‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫(‪ )6‬أصول الكاُب‪ ،627/2 :‬الربىان‪21/1 :‬‬
‫(‪ )7‬تفسًن العياشي‪ ،9/1 :‬تفسًن فرات‪ ،2 ،1 :‬حبار األنوار‪ ،305/24 :‬الكراجكي‪ /‬كنز الفوائد‪ :‬ص ‪ ،2‬الربىان‪ ،21/1 :‬اللوامح النورانية‪ :‬ص ‪7‬‬
‫(‪ )8‬تفسًن الصاُب‪24/1 :‬‬

‫‪11‬‬
‫بيت‪ ،‬وقد روي ُب الكاُب‪ ،‬وُب تفسًن العياشي‪ ،‬وعلي بن إبراىيم القمي‪ ،‬والتفسًن اظتسموع من أيب دمحم الزكي أخبارا‬
‫كثًنة من ىذا القبيل (‪.)1‬‬
‫ىذه شهادة أو اعرتاف من أحد أساطينهم تؤكد شيوع ىذه اظتقالة بينهم‪ ،‬وأهنا أصبحت ىي القاعدة اظتتبعة ُب‬
‫كتب التفسًن اظتعتمدة عندىم‪ ،‬وُب أصح كتب اضتديث لديهم‪.‬‬
‫وىم يعتربون ىذا ىو األصل والقاعدة حىت قال بعض شيوخهم‪" :‬إن األصل ُب تنزيل آايت القرآن‪ ..‬إمنا ىو‬
‫اإلرشاد إذل والية الن ي واألئمة ‪ -‬صلوات هللا عليهم ‪ -‬حبيث ال خًن خرب بو إال وىو فيهم وُب أتباعهم‪ ،‬وعارفيهم‪ ،‬وال‬
‫سوء ذكر فيو إال وىو صادق على أعدائهم وُب ؼتالفيهم" (‪ .)2‬وعتذا نرى شيوخهم يتسابقون ُب حتريف آايت القرآن‬
‫العظيم‪ ،‬وتطبيق ىذه العقيدة‪.‬‬
‫يعقد شيخهم اضتر العاملي ُب كتابو‪ :‬الفصول اظتهمة ُب أصول األئمة اباب ُب ىذا الشأن بعنوان‪" :‬ابب أن كل‬
‫ما ُب القرآن من آايت التحليل والتحرمي‪ ،‬فاظتراد هبا ظاىرىا‪ ،‬واظتراد بباطنها أئمة العدل واصتور" (‪ ،)3‬فهو يعترب آايت‬
‫أحكام اضتالل اظتقصود هبا أئمتهم‪ ،‬وآايت اضترام اظتقصود هبا خلفاء اظتسلمٌن ابستثناء اإلمام علي وبقية األئمة االثين‬
‫عشرة‪ ،‬وىذا بال شك ابب من أبواب اإلابحية‪ ،‬وىو ما عليو طوائف الباطنية‪ ،‬ولكنو يعد ىذه اظتقالة أصال من أصول‬
‫األئمة‪.‬‬
‫وُب كتاب الكاُب ‪ -‬أصح كتاب عندىم ‪ -‬رواايت كثًنة ُب ىذا‪ .‬وحسبك أن تقرأ‪" :‬ابب فيو نكت ونتف من‬
‫التنزيل ُب الوالية" لتفاجأ إبحدى وتسعٌن رواية حشدىا ُب ىذا الباب‪ ،‬وحرف هبا آايت القرآن عن معانيها (‪.)4‬‬
‫وىذا ابب من غتموعة أبواب (‪ . )5‬على ىذا النهج وكلها تضمنت عشرات الرواايت ال ي جتعل من كتاب هللا كتااب‬
‫شيعيا ال موضوع لو سوى أئمة الشيعة وأتباعهم‪ ،‬وأعدائهم‪.‬‬
‫وُب كتاب "البحار" أحد مصادرىم اظتعتمدة عندىم ُب اضتديث أبواب كثًنة ىي مبثابة قواعد وأصول ُب تفسًن‬
‫القرآن عندىم‪ ،‬وقد حشر ُب ىذه األبواب رواايت كثًنة كلها تذىب ىذا اظتذىب ُب كتاب هللا سبحانو‪ .‬ولعلو يكفي‬
‫أن تقرأ عناوين بعض ىذه األبواب لتدرك مدى غتافاهتا للغة العرب‪ ،‬ومناقضتها للعقل‪ ،‬ومنافاهتا ألصول اإلسالم‪،‬‬
‫وأهنا من أعظم اإلضتادة ُب كتاب هللا‪ ،‬والتحريف ظتعانيو‪.‬‬
‫ولنستعرض قسما من ىذه العناوين فيما يلي‪ :‬قال اجمللسي‪:‬‬
‫‪ -‬ابب "أتويل اظتؤمنٌن واإلديان واظتسلمٌن واإلسالم هبم وبواليتهم عليهم والسالم‪ ،‬والكفار واظتشركٌن‪ ،‬والكفر‬
‫والشرك‪ ،‬واصتبت والطاغوت والالت والعزى‪ ،‬واألصنام أبعدائهم وؼتالفيهم" (‪ .)6‬وقد ذكرت حتت ىذا الباب‬
‫مائة حديث عتم‪.‬‬

‫الكاشاين‪ /‬تفسًن الصاُب‪25-24/1 :‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫أبو اضتسن الشريف‪ /‬مرآة األنوار (مقدمة الربىان) ص ‪ ،4‬وانظر‪ :‬اللوامح النورانية‪ :‬ص ‪548‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الفصول اظتهمة ُب أصول االئمة‪ :‬ص ‪256‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫انظر‪ :‬أصول الكاُب‪ 412/1 :‬وما بعدىا‬ ‫(‪)4‬‬
‫(‪ )5‬مثل‪ :‬ابب أن األئمة ‪ -‬مهنع هللا يضر ‪ -‬العالمات ال ي ذكرىا هللا عز وجل ُب كتابو (أصول الكاُب‪ ، )206/1 :‬ابب أن اآلايت ال ي ذكرىا هللا عز وجل ُب كتابو ىم األئمة‬
‫(اظتصدر السابق‪ ، )207/ 1 :‬ابب أن أىل الذكر الذين أمر هللا اطتلق بسؤاعتم ىم األئمة (اظتصدر السابق‪ )210/1 :‬وغًنىا من األبواب‬
‫(‪ )6‬حبار األنوار‪390-354/23 :‬‬

‫‪12‬‬
‫‪ -‬ابب "أهنم عليهم السالم األبرار واظتتقون‪ ،‬والسابقون واظتقربون‪ ،‬وشيعتهم أصحاب اليمٌن‪ ،‬وأعداؤىم الفجار‬
‫واألشرار وأصحاب الشمال" (‪ ،)1‬وذكر فيو (‪ )25‬رواية عتم‪.‬‬
‫ابب "أهنم عليهم السالم وواليتهم العدل واظتعروف واإلحسان والقسط واظتيزان‪ ،‬وترك واليتهم وأعدائهم الكفر‬ ‫‪-‬‬
‫والفسوق والعصيان والفحشاء واظتنكر والبغي" (‪ .)2‬وأورد فيو (‪ )14‬حديثا من أحاديثهم‪.‬‬
‫ابب أهنم الصالة والزكاة واضتج والصيام وسائر الطاعات‪ ،‬وأعداؤىم الفواحش واظتعاصي‪ ،‬وتضمن ىذا الباب‬ ‫‪-‬‬
‫(‪ )17‬رواية (‪ .)3‬وىذا ىو عٌن مذىب الباطنية الذين «جيعلون الشرائع اظتأمور هبا‪ ،‬واحملظورات اظتنهي عنها‪ :‬عتا‬
‫أتويالت ابطنة ختالف ما يعرفو اظتسلمون منها‪ ..‬وال ي يعلم ابالضطرار أهنا كذب وافرتاء على الرسل ‪ -‬صلوات‬
‫هللا عليهم ‪ ،-‬وحتريف لكالم هللا ورسولو عن مواضعو‪ ،‬وإضتاد ُب آايت هللا"‪..‬‬
‫ابب أهنم عليهم السالم آايت هللا وبيناتو وكتابو‪ ..‬وفيو (‪ )20‬رواية (‪.)4‬‬ ‫‪-‬‬
‫وابب أهنم السبع اظتثاين‪ ،‬وفيو (‪ )10‬رواايت (‪.)5‬‬ ‫‪-‬‬
‫وابب أهنم عليهم السالم الصافون واظتسبحون وصاحب اظتقام اظتعلوم وزتلة عرش الرزتن‪ ،‬وأهنم السفرة الكرام‬ ‫‪-‬‬
‫الربرة‪ ،‬وفيو (‪ )11‬رواية (‪.)6‬‬
‫وابب أهنم كلمات هللا‪ ،‬وفيو (‪ )25‬رواية (‪.)7‬‬ ‫‪-‬‬
‫وابب أهنم حرمات هللا‪ ،‬وفيو (‪ )6‬رواايت (‪. )8‬‬ ‫‪-‬‬
‫وابب اهنم الذكر وأىل الذكر‪ ،‬وفيو (‪ )65‬رواية (‪. )9‬‬ ‫‪-‬‬
‫وابب أهنم أنوار هللا‪ ،‬وفيو (‪ )42‬رواية (‪. )10‬‬ ‫‪-‬‬
‫وابب أهنم خًن أمة وخًن أئمة أخرجت للناس‪ ،‬وفيو (‪ )24‬رواية (‪. )11‬‬ ‫‪-‬‬
‫وابب أهنم اظتظلومون‪ ،‬وفيو (‪ )37‬رواية (‪. )12‬‬ ‫‪-‬‬
‫وابب أهنم اظتستضعفون‪ ،‬وفيو (‪ )13‬رواية (‪.)13‬‬ ‫‪-‬‬
‫وابب أهنم أىل األعراف الذين ذكرىم هللا ُب القرآن‪ ،‬وفيو (‪ )20‬رواية (‪.)14‬‬ ‫‪-‬‬
‫وابب أتويل الوالدين والولد واألرحام وذوي القرىب هبم ‪ -‬عليهم السالم ‪ -‬وفيو (‪ )23‬رواية (‪.)1‬‬ ‫‪-‬‬

‫حبار األنوار‪9-1/24 :‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫حبار األنوار‪191-187/24 :‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫حبار األنوار‪304-286/24 :‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫حبار األنوار‪211-206/23 :‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫حبار األنوار‪118-114/24 :‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫حبار األنوار‪91-87/24 :‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫حبار األنوار‪184-173/24 :‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫حبار األنوار‪186-185/24 :‬‬ ‫(‪)8‬‬
‫حبار األنوار‪188-172/23 :‬‬ ‫(‪)9‬‬
‫حبار األنوار‪325-304/23 :‬‬ ‫(‪)10‬‬
‫حبار األنوار‪158-153/24 :‬‬ ‫(‪)11‬‬
‫(‪ )12‬حبار األنوار‪231-221/24 :‬‬
‫(‪ )13‬حبار األنوار‪173-167/24 :‬‬
‫(‪ )14‬حبار األنوار‪256-247/24 :‬‬

‫‪13‬‬
‫فاألئمة كما ترى ُب ىذه األبواب يكونون أحياان مالئكة‪ ،‬وأحياان كتبا شتاوية‪ ،‬أو أنوارا إعتية‪ ..‬إخل‪ ،‬ومع ذلك‬
‫فهم اظتظلومون واظتستضعفون‪ ،‬وىي دعاوي ال حتتاج إذل نقد فهي مرفوضة لغة وعقال‪ ،‬فضال عن الشرع وأصول‬
‫اإلسالم‪ ،‬وىي عناوين يناقض بعضها بعضا‪ .‬ولكنو ديضي ُب ىذا النهج حىت يفسر اصتمادات ويؤوعتا ابألئمة‪ ،‬يقول‪:‬‬
‫‪ -‬ابب أهنم اظتاء اظتعٌن‪ ،‬والبئر اظتعطلة‪ ،‬والقصر اظتشيد‪ ،‬وأتويل السحاب‪ ،‬واظتطر‪ ،‬والظل‪ ،‬والفواكو وسائر اظتنافع‬
‫بعلمهم وبركاهتم‪ .‬وقد أورد ُب ىذا الباب إحدى وعشرين رواية (‪ .)2‬انتخبها ‪ -‬كعادتو ‪ -‬من طائفة من كتبهم‬
‫اظتعتمدة‪.‬‬
‫ويغلو ويشتط‪ ،‬ويتجاوز اضتد‪ ،‬ليصل إذل أوصاف الرب هلالج لج فيقول‪:‬‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ -‬ابب أهنم جنب هللا وروحو ويد هللا‪ ،‬وأمثاعتا‪ ،‬ويذكر فيو ستا وثالثون رواية ‪.‬‬
‫وجيعلهم ىم الكعبة والقبلة‪ ..‬ويعقد اباب عتذا بعنوان‪:‬‬
‫‪ -‬ابب أهنم ‪ -‬مهنع هللا يضر ‪ -‬حزب هللا وبقيتو وكعبتو وقبلتو‪ ،‬وأن األاثرة من العلم علم األوصياء‪ ،‬ويقدم ُب ىذا الباب سبع‬
‫رواايت (‪.)4‬‬
‫‪ -‬ابب أهنم البحر واللؤلؤ واظترجان‪ ،‬ويضمن ىذا الباب سبع رواايت (‪.)5‬‬
‫فهل ىم رتاد؟ أو ىذا عندىم رمز ابطين‪ ،‬وإشارة سرية إليهم!! ولكنهم ليسوا جبماد‪ ،‬فهو يعقد اباب بعنوان‪:‬‬
‫‪ -‬ابب أهنم الناس‪ ،‬وال يذكر فيو سوى ثالث رواايت (‪ .)6‬ويقرر ُب ىذا الباب أبن غًن األئمة ليسوا من الناس‪.‬‬

‫‪ -‬ابب اندر ُب أتويل النحل هبم‪ ،‬وذكر ُب ىذا سبع رواايت (‪.)7‬‬
‫‪ -‬ابب ُب أتويل األايم والشهور ابألئمة‪ ،‬ويتضمن ىذا الباب أربعة أحاديث (‪.)8‬‬
‫وىذه األبواب ال ي أوردانىا ىي قليل من كثًن‪ ،‬وقد جاءت ُب أكرب موسوعة حديثية عند الشيعة وىو كتاب‬
‫البحار‪ ،‬والذي قال شيوخهم اظتعاصرون ُب وصفو‪" :‬أرتع كتاب ُب فنون اضتديث" (‪" ،)9‬دل يكتب قبلو وال بعده جامع‬
‫مثلو" (‪" ،)10‬وقد صار مصدرا لكل من طلب اباب من أبواب علوم آل دمحم ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل" (‪" ،)11‬ىو اظترجع الوحيد ُب حتقيق‬
‫معارف اظتذىب" (‪ .)12‬أما مؤلفو فهو عندىم‪" :‬شيخ اإلسالم واظتسلمٌن" (‪" ،)1‬رئيس الفقهاء واحملدثٌن‪ ،‬آية هللا ُب‬
‫العاظتٌن‪ ،‬مالذ احملدثٌن ُب كل األعصار‪ ،‬ومعاذ اجملتهدين ُب رتيع األمصار" (‪ ،)2‬إذل آخر األلقاب ال ي خلعوىا عليو‪.‬‬

‫(‪ )1‬حبار األنوار‪272-257-24 :‬‬


‫(‪ )2‬حبار األنوار‪110-100/24 :‬‬
‫حبار األنوار‪203-191/24 :‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫حبار األنوار‪213-211/24 :‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫حبار األنوار‪99-97/24 :‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫حبار األنوار‪96-94/24 :‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫حبار األنوار‪113-110/24 :‬‬ ‫(‪)7‬‬
‫حبار األنوار‪243-238/24 :‬‬ ‫(‪)8‬‬
‫ػتسن األمٌن‪ /‬أعيان الشيعة‪293/1 :‬‬ ‫(‪)9‬‬
‫(‪ )10‬أغابزرك الطهراين‪ /‬الذريعة‪26/3 :‬‬
‫(‪ )11‬أغابزرك الطهراين‪ /‬الذريعة‪27-26/3 :‬‬
‫(‪ )12‬البهبودي‪ /‬مقدمة البحار‪ :‬ص ‪19‬‬

‫‪14‬‬
‫اظتسألة السادسة‪ :‬ىل الشيعة تقول أبن ُب كتاب هللا نقصا أو تغيًنا؟‬
‫‪ -‬أرتع اظتسلمون كلهم أن كتاب هللا سبحانو ػتفوظ حبفظ هللا لو {ال أيتيو الباطل من بٌن يديو وال من خلفو} ‪.‬‬
‫ومن قال أبن ُب القرآن نقصا وحتريفا فليس من أىل القبلة وليس من اإلسالم ُب شيء‪.‬‬
‫‪ -‬بداية االفرتاء بوجود النقص ُب القرآن كانت من الشيعة‪ .‬يقول اإلمام أبو بكر دمحم بن القاسم األنباري (‪" :)3‬دل‬
‫يزل أىل الفضل والعقل يعرفون شرف القرآن وعلو منزلتو‪ ..‬حىت نبغ ُب زماننا ىذا زائع عن اظتلة وىجم على‬
‫األمة مبا حياول بو إبطال الشريعة‪ ..‬فزعم أن اظتصحف الذي رتعو عثمان ‪ -‬هنع هللا يضر ‪ -‬ابتفاق أصحاب رسول هللا‬
‫‪:‬ملسو هيلع هللا ىل على تصويبو فيما ف عل ال يشتمل على رتيع القرآن‪ ،‬إذا كان قد سقط منو ستسمائة حرف‪ٍ( ..‬ب ذكر ابن‬
‫األبناري) أن ىذا الزنديق أخذ يقرأ آايت من القرآن على غًن وجهها زندقة وإضتادا‪ ،‬فكان يقرأ‪( :‬ولقد نصركم هللا‬
‫ببدر بسيف علي وأنتم أذلة) "(‪.)4‬‬
‫ىذا النص قالو ابن األنباري اظتولود سنة (‪271‬ىـ) واظتتوَب سنة (‪328‬ىـ) وىو يشًن إذل أن ىذا االفرتاء بدأ ُب‬
‫زمنو ُب هناية القرن الثالث وبداية القرن الرابع‪ .‬ويدل النص اظتذكور أيضا على‪ :‬أن مصدر ىذا االفرتاء من طائفة‬
‫الشيعة كما تفيده تلك الزايدة اظتفرتاة (بسيف علي) كما يدل على أنو دل يكن لألمة اظتسلمة ُب ماضيها عهد هبذه‬
‫اظتفرتايت حىت ظهر ىذا الزائغ عن اظتلة‪ ،‬وكأن ابن األنباري هبذا يشًن إذل شخص بعينو إال أنو دل يذكره ابشتو‪ ..‬ولكن‬
‫بدت ىويتو اظتذىبية من خالل افرتاءاتو‪ٍ .‬ب فشت ىذه اظتقالة ُب الشيعة االثين عشرية‪.‬‬

‫من نصدق؟؟؟ ابن اببويه القمي أو املفيد؟‬


‫‪ -‬يقول شيخ الشيعة ُب زمنو ابن اببويو القمي (ت‪381‬ىـ ) صاحب من ال حيضره الفقيو‪ ..‬وىو واحد من أىم‬
‫كتبهم األربعة اظتعتمدة ُب اضتديث‪ ،‬يقول‪" :‬اعتقادان أن القرآن الذي أنزلو هللا تعاذل على نبيو دمحم وىو ما بٌن‬
‫الدفتٌن وىو ما ُب أيدي الناس ليس أبكثر من ذلك‪ ..‬ومن نسب إلينا أان نقول أكثر من ذلك فهو‬
‫كاذب"(‪.)5‬ىذا قول شيخهم اظتلقب عندىم ابلصدوق‪ ،‬ووافقو الشريف اظترتضى (ت ‪ ،)436‬والطوسي (ت‬
‫‪ ،)450‬والطربسي‪.‬‬
‫‪ -‬ويقول اظتفيد (ت‪413‬ىـ) ‪" :‬إن األخبار قد جاءت مستفيضة عن أئمة اعتدى من آل دمحم ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل ابختالف القرآن‬
‫وما أحدثو بعض الطاعنٌن فيو من اضتذف والنقصان" (‪ .)6‬ويقول‪" :‬واتفقوا ‪ -‬أي اإلمامية ‪ -‬على أن أئمة‬

‫(‪ )1‬األردبيلي‪ /‬جامع الرواة‪78/2 :‬‬


‫(‪ )2‬مقدمة البحار‪ :‬ص‪39‬‬
‫(‪ )3‬دمحم بن القاسم بن دمحم‪ ..‬أبو بكر بن األنباري‪ ،‬قال اطتطيب البغدادي‪" :‬كان صدوقا فاضال دينا خًنا من أىل السنة‪ ،‬وصنف كتبا كثًنة ُب علوم القرآن‪ ..‬والوقف‬
‫واالبتداء والرد على من خالف مصحف العامة‪ ..‬وكان من أحفظ الناس للغة وتفسًن القرآن"‪( .‬انظر‪ :‬اتريخ بغداد‪)186-181/3 :‬‬
‫(‪ )4‬تفسًن القرط ي‪28/1 :‬‬
‫(‪ )5‬االعتقادات‪ :‬ص ‪102-101‬‬
‫(‪ )6‬أوائل اظتقاالت‪ :‬ص ‪54‬‬

‫‪15‬‬
‫الضالل (‪ )1‬خالفوا ُب كثًن من أتليف القرآن وعدلوا فيو عن موجب التنزيل وسنة الن ي ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل" (‪ .)2‬ويقول مبا قالو‬
‫مفيدىم ‪ -‬الذي يلقبونو بركن اإلسالم وآية هللا اظتلك العالم ‪ -‬طائفة من شيوخهم‪.‬‬
‫‪ -‬وإذا الحظنا أن من أركان الدين عند ىؤالء «التقية» والدين ظتن ال تقية لو؛ أدركنا أن اضتقيقة ػتجوبة بغيوم من‬
‫الكذب والتزوير‪ ،‬وركام من التناقضات والتعارضات‪ ،‬وعقبات من التقية والكتمان‪ ..‬وعتذا سنرى ُب مبحث التقية‬
‫أن اضتقيقة ال ي تعرب عن مذىب األئمة قد ختفى على شيوخ الشيعة أنفسهم فال يعلمون أي القولٌن تقية‪ ،‬فكان‬
‫ىذا من أسباب ضياع مذىب األئمة واستمرار الغلو‪.‬‬

‫بعض رواايت الشيعة يف وجود التحريف يف القرآن‪:‬‬


‫‪" -‬لوال أنو زيد ُب كتاب هللا ونقص منو ظتا خفي حقنا على ذي حجى" (‪. )3‬‬
‫‪" -‬لو قرئ القرآن كما أنزل أللفينا فيو مسمٌن"(‪.)4‬‬
‫فهذه الرواية تكشف الدوافع لوضعها وىي أن األئمة االثين عشر الذين جعلوا اإلديان هبم ىو اإلسالم‪ ،‬وإنكار‬
‫واحد منهم ىو الكفر ال ذكر عتم ُب كتاب هللا‪ ،‬وىذا يهدد رتعهم ابلفشل وبنياهنم ابالهنيار‪ ،‬ففزعوا يبحثون عن حيلة‬
‫ظتواجهة ىذه اظتعضلة عندىم فلجؤوا إذل وسائل شىت‪ ،‬أخطرىا ىذه اظتقالة‪.‬‬
‫وأتٌب الرواايت من علي بن إبراىيم القمي صاحب التفسًن وتلميذه الكليين صاحب الكاُب‪ ،‬وىذان الرجالن مها‬
‫ؽتن أرسى دعائم ىذه العقيدة الباطلة وعمال على تروجيها ونشرىا واإلكثار من اضتديث عنها‪ ،‬أتٌب إبقحام كلمة "ُب‬
‫علي" بعد أي آية فيها لفظ‪" :‬أنزل هللا إليك"‪" ،‬وأنزلنا إليك"‪ ،‬وزايدة لفظ‪" :‬آل دمحم حقهم" بعد لفظ‪" :‬ظلموا"‬
‫حيثما وقع ُب القرآن‪ ،‬وزايدة لفظ‪ُ" :‬ب والية علي" بعد لفظ‪" :‬أشركوا" حيثما جاء ُب القرآن‪ ،‬وتغيًن كلمة "أمة"‬
‫بكلمة أئمة حيثما وقعت‪.‬‬
‫‪ -‬يروي الكليين عن القمي بس نده إذل جابر اصتعفي عن أيب جعفر قال‪ :‬نزل جربائيل هبذه اآلية على دمحم "بئسما‬
‫اشرتوا بو أنفسهم أن يكفروا مبا أنزل هللا (ُب علي) بغيا" (‪.)5‬‬
‫‪ -‬وكذلك يقولون‪" :‬نزل جربائيل هبذه اآلية على دمحم ىكذا‪" :‬وإن كنتم ُب ريب ؽتا نزلنا (ُب علي) فأتوا بسورة من‬
‫مثلو" (‪.)6‬‬
‫‪ -‬ويروون عن أيب عبد هللا أنو قال‪" :‬نزل جربائيل ‪ -‬عليو السالم ‪ -‬على دمحم هبذه اآلية ىكذا‪" :‬اي أيها الذين أوتوا‬
‫الكتاب آمنوا مبا نزلنا (ُب علي) نورا مبينا"(‪ .)7‬ويالحظ ىنا أنو خلط بٌن أكثر من آية(‪.)8‬‬

‫يعين هبم كبار صحابة رسول ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل الذين هنع هللا يضر ورضوا عنو‪ ،‬وعلى رأسهم اطتلفاء الثالثة قبل علي مهنع هللا يضر‬ ‫(‪)1‬‬
‫أوائل اظتقاالت‪ :‬ص ‪13‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الربىان‪ :‬مقدمة ص ‪ ،37‬حبار األنوار‪ ،30/19 :‬تفسًن الصاُب‪41/1 :‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫تفسًن العياشي‪ ،13/1 :‬حبار األنوار‪ ،55/92 :‬تفسًن الصاُب‪ ، 41/1 :‬اللوامع النورانية‪ :‬ص ‪547‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫اآلية ‪ 90‬من سورة البقرة والكالم احملرف الذي ذكرتو أعاله ُب أصول الكاُب‪417/1 :‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫اآلية ‪ 23‬من سورة البقرة‪ ،‬والكالم احملرف اظتذكور ُب أصول الكاُب‪417/1 :‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫(‪ )7‬أصول الكاُب‪417/1 :‬‬
‫(‪ )8‬فأول اآلية‪{ :‬اي أيها الذين أوتوا الكتاب آمنوا مبا نزلنا مصدقا ظتا معكم} ىي اآلية ‪ 47‬من سورة النساء‪ ،‬فأقحم مع ىذه اآلية قولو‪{ :‬نورا مبينا} ‪ ،‬وىي جزء من آية‬
‫أخرى ُب نفس السورة وىي‪{ :‬اي أيها الناس قد جاءكم برىان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا} اآلية ‪ 174‬من سورة النساء‬

‫‪16‬‬
‫‪ -‬وقال القمي‪" :‬وأما ما ىو ػترف فمنو قولو‪" :‬لكن هللا يشهد مبا أنزل إليك (ُب علي) أنزلو بعلمو واظتالئكة‬
‫يشهدون" (النساء‪ ،‬آية‪ ، ) 166 :‬وقولو‪" :‬اي أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك من ربك (ُب علي) وإن دل تفعل فما‬
‫بلغت رسالتو" (اظتائدة‪ ،‬آية‪ ، )67 :‬وقولو‪" :‬إن الذين كفروا وظلموا (آل دمحم حقهم) دل يكن هللا ليغفر عتم" (‪،)1‬‬
‫وقولو‪" :‬وسيعلم الذين ظلموا (آل دمحم حقهم) ُب غمرات اظتوت" (‪ .)2‬قال ىذا القمي ومثلو كثًن نذكره ُب‬
‫مواضعو (‪ ،)3‬وقد حشى كتابو هبذا الكفر كما وعد(‪ .)4‬وعلى نفس النسق الذي أشران إليو‪.‬‬
‫‪ -‬ويروي ىذا القمي أيضا عن أيب عبد هللا أنو قرأ عنده قولو سبحانو‪{ :‬كنتم خًن أمة أخرجت للناس} (آل‬
‫عمران‪ ،‬آية‪ .) 110 :‬قال أبو عبد هللا‪" :‬خًن أمة" يقتلون أمًن اظتؤمنٌن واضتسن واضتسٌن ‪-‬عليهم السالم‪-‬؟ فقال‬
‫القارئ‪ :‬جعلت فداك كيف نزلت؟ قال‪ :‬نزلت (كنتم خًن أئمة أخرجت للناس) ‪ ،‬أال ترى مدح هللا عتم {أتمرون‬
‫ابظتعروف وتنهون عن اظتنكر} " (‪ .)5‬وىذا يعين أن األمة مبا فيها الشيعة ال خًن فيها ماعدا األئمة االثين عشر‪.‬‬

‫ىل لدى الشيعة مصحف سري يتداولونو؟‬


‫‪ -‬قال الكليين ُب الكاُب ما نصو‪ .." :‬عدة من أصحابنا عن سهل بن زايد عن دمحم بن سليمان عن بعض‬
‫أصحابو‪ ،‬عن أيب اضتسن ‪ -‬هنع هللا يضر ‪ -‬قال‪ :‬قلت‪ :‬جعلت فداك إان نسمع اآلايت ُب القرآن‪ ،‬ليس ىي عندان كما‬
‫نسمعها‪ ،‬وال ؿتسن أن نقرأىا كما بغلنا عنكم‪ ،‬فهل أنٍب؟ فقال‪ :‬ال‪ ،‬اقرؤوا كما تعلمتم فسيجيئكم من‬
‫يعلمكم"(‪.)6‬‬
‫ومن ىذا النص أنخذ أهنم فيما بينهم يتلون مفرتايهتم كما يدل عليو قولو‪" :‬كما نسمعها"‪" ،‬كما بلغنا عنكم"‪،‬‬
‫ٍب إهنم اشتكوا أهنم ال حي سنون قراءة ما يسمعون أو ما يبلغهم فوعدىم إمامهم أبنو سيأتيهم من يعلمهم‪ ،‬وىذا الوعد‬
‫كان ُب عهد إمامهم أيب اضتسن ‪ -‬كما يفرتون ‪ .-‬وعبارة "سيأتيكم" توحي أبن ىذا اظتعلم سيأٌب ىؤالء الذين ال‬
‫حيسنون القراءة‪ ،‬ولكن ىذا اظتعلم دل أيت ومر ذلك اصتيل ومرت بعده قرون متطاولة‪ ..‬وقد فسر شيوخ الشيعة فيما‬
‫بعد اظتقصود ابظتعلم أبهنم مهديهم اظتنتظر(‪.)7‬‬
‫والشيعة مأمورة بقراءة القرآن‪ ،‬وانتظر ما أيٌب بو منتظرىم وعدم قراءة تلك اظتفرتايت ألهنم ال حيسنون قراءهتا كما‬
‫يدل النص اظتذكور‪ ،‬وابلتارل ال جتعل ُب مصحف متداول بينهم‪ ،‬ىذا ما تدل عليو رواية الكاُب‪.‬‬

‫(‪ )1‬النساء‪ ،‬آية‪ ،168 :‬والكالم اظتقحم ُب تفسًن القمي‪159/1 :‬‬


‫(‪ )2‬الحظ أن ىؤالء بعيدون عن كتاب هللا روحا وحسا فيخطئون حىت ُب نقل اآلايت أو يتعمدون وينسبون ذلك ألىل البيت زورا وهبتاان‪ ،‬فتأمل كيف خلط بٌن آيتٌن‬
‫بطريقة غبية جاىلة بٌن قولو سبحانو‪{ :‬وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} ‪ ...‬الشعراء‪ ،‬آية‪ ،227 :‬وقولو‪{ :‬ولو ترى إذ الظاظتون ُب غمرات اظتوت} (األنعام‪،‬‬
‫آية‪ )93 :‬فجعلها "وسيعلم الذين ظلموا ُب غمرات اظتوت"‪.‬‬
‫والشك أن رؤية الظاظتٌن ُب غمرات اظتوت يعانون من سكراتو وآالمو ىي ػتل للعربة والذكرى‪ ،‬وىي أبلغ وأعظم من القول أبهنم سيعلمون ُب غيمرات اظتوت؛ ألنو سيأٌب‬
‫من يقول أبهنم ُب غمرات اظتوت قد ذىلوا فهم ال يكادون يفقهون شيئا وال يعلمون‪ ،‬وال نسرتسل أكثر من ىذا فمثل ىذه األساطًن ال تستحق اظتناقشة‪.‬‬
‫(‪ )3‬تفسًن القمي‪11-10/1 :‬‬
‫(‪ )4‬انظر مثال‪ :‬ج‪ 1‬ص‪ ،125 ،123 ،118 ،159 ،142 ،122 ،110 ،100 ،48‬وغًنىا‬
‫(‪ )5‬تفسًن القمي‪110/1 :‬‬
‫(‪ )6‬أصول الكاُب‪619/2 :‬‬
‫(‪ )7‬انظر‪ :‬اظتازندراين ‪ /‬شرح جامع (على الكاُب) ‪ ،47/11 :‬وىناك نصوص كثًنة للرافضة تصرح أبنو القائم أو اظتهدي‪.‬‬

‫‪17‬‬
‫‪ -‬ويقول مفيدىم‪" :‬إن اطترب قد صح من أئمتنا ‪ -‬عيلهم السالم ‪ -‬أهنم أمروا بقراءة ما بٌن الدفتٌن‪ ،‬وأن ال نتعداه‪،‬‬
‫بال زايدة فيو وال نقصان منو‪ ،‬حىت يقوم القائم ‪-‬عليو السالم ‪ -‬فيقرأ الناس القرآن على ما أنزلو هللا تعاذل ورتعو‬
‫أمًن اظتؤمنٌن ‪ -‬عليو السالم ‪.)1( "-‬‬
‫‪ -‬وقال شيخهم نعمة هللا اصتزائري‪" :‬قد روي ُب األخبار أهنم عليهم السالم أمروا شيعتهم بقراءة ىذا اظتوجود من‬
‫القرآن ُب الصالة وغًنىا والعمل أبحكامو حىت يظهر موالان صاحب الزمان فًنتفع ىذا القرآن من أيدي الناس‬
‫إذل السماء‪ ،‬وخيرج القرآن الذي ألفو أمًن اظتؤمنٌن فيقرأ ويعمل أبحكامو" (‪.)2‬‬
‫وىذه النصوص ال ي تدعو إذل العمل ابلقرآن يكاد يقابلها نصوص أخرى تدعو أبسلوب "مقنع" وغًن صريح إذل‬
‫إمهال حفظ القرآن ألنو مغًن ‪ -‬بزعمهم ‪ -‬ومن حفظو على حتريفو يصعب عليو حفظو إذا جاء بو منتظرىم‪.‬‬
‫‪ -‬فقد روى مفيدىم إبسناده إذل جابر اصتعفي عن أيب جعفر أنو قال‪ :‬إذا قام قائم آل دمحم صلى هللا عليو وآلو‬
‫ضرب فساطيط‪ ،‬ويعلم الناس القرآن على ما أنزل هللا عز وجل‪ ،‬فأصعب ما يكون على من حفظو اليوم‪ ،‬ألنو‬
‫خيالف فيو التأليف(‪.)3‬‬
‫هل إنكار املنكرين هلذا الكفر (من الشيعة) من قبيل التقية؟‬
‫قد أنكر تلك الرواايت كبار ػتققيهم كالشريف اظترتضى‪ ،‬وابن اببويو القمي والطوسي والطربسي‪ ،‬ومن اتبعهم‬
‫من اظتتأخرين‪ .‬فهل ذلك تقية منهم؟‬
‫يقول شيخهم نعمة هللا اصتزائري‪" :‬والظاىر أن ىذا القول إمنا صدر منهم ألجل مصاحل كثًنة‪ ،‬منها سد ابب الطعن‬
‫عليهم أبنو إذا جاز ىذا ُب القرآن فكيف جاز العمل بقواعده وأحكامو مع جواز ضتوق التحريف عتا"(‪ٍ .)4‬ب قدم‬
‫برىان دعواه بقولو‪" :‬كيف وىؤالء األعالم رووا ُب مؤلفاهتم أخبارا تشتمل على وقوع تلك األمور ُب القرآن‪ ،‬وأن اآلية‬
‫ىكذا أنزلت ٍب غًنت إذل ىذا"(‪.)5‬‬
‫وكذلك يرى ىذا صاحب فصل اطتطاب؛ فإنو نقل كالم اصتزائري اظتذكور مؤيدا لو‪ ،‬كما نقل ما ذكره شيخهم‬
‫ابن طاوس من أن كتاب التبيان الذي أنكر فيو الطوسي ىذا الضالل موضوع على غاية اضتذر واظتدارة للمخالفٌن(‪.)6‬‬
‫للمخالفٌن(‪.)6‬‬

‫(‪ )1‬حبار األنوار‪74 :92 :‬‬


‫(‪ )2‬األنوار النعمانية‪364-363/2 :‬‬
‫(‪ )3‬اظتفيد‪ /‬اإلرشاد‪ :‬ص‪413‬‬
‫(‪ )4‬اصتزائري‪ /‬األنوار النعمانية‪358/2 :‬‬
‫(‪ )5‬اصتزائري‪ /‬األنوار النعمانية‪359-358/2 :‬‬
‫(‪ )6‬فصل اطتطاب‪ :‬ص‪( 38‬النسخة اظتخطوطة)‬

‫‪18‬‬
‫الفصل الثاين‪ :‬اعتقادهم يف السنة‬
‫اعترب اإلمام عبد القاىر البغدادي الشيعة من اظتنكرين للسنة لرفضهم قبول مروايت صحابة رسول اعتدى ‪ -‬عليو‬
‫الصالة والسالم(‪ )1‬؛ ولكن الشيعة تروي عن أئمتها "أن كل شيء مردود إذل الكتاب والسنة وكل حديث ال يوافق‬
‫كتاب هللا فهو زخرف" (‪ ،)2‬وهبذا اظتعىن رواايت أخر(‪ )3‬عندىم‪ .‬وىو يفيد أن الشيعة ال تنكر سنة رسول هللا صلى هللا‬
‫عليو وسلم؛ بل تعتمد عليها‪ ،‬وجتعلها مع كتاب هللا اظتيزان واضتكم‪ .‬غًن أن الدارس لنصوص الشيعة ورواايهتا قد ينتهي‬
‫إذل اضتكم أبن الشيعة تقول ابلسنة ظاىرا وتنكرىا ابطنا؛ إذ إن معظم رواايهتم وأقواعتم تتجو اجتاىا غتانفا للسنة ال ي‬
‫يعرفها اظتسلمون‪ُ ،‬ب الفهم والتطبيق‪ ،‬وُب األسانيد‪ ،‬واظتتون‪ ،‬وذلك‪ :‬قول اإلمام كقول هللا ورسوله‪.‬‬
‫فالسنة عندىم ىي‪" :‬كل ما يصدر عن اظتعصوم من قول أو فعل أو تقرير" (‪ .)4‬ومن ال يعرف طبيعة مذىبهم ال‬
‫ال يلمح مدى غتانبتهم للسنة ُب ىذا القول؛ إذ إن اظتعصوم ىو رسول هللا ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل؛ ولكن الشيعة تعطي صفة العصمة‬
‫آلخرين غًن رسول هللا ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل‪ ،‬وجتعل كالمهم مثل كالم هللا وكالم رسولو‪ ،‬وىم األئمة االثنا عشر‪ ،‬ال فرق عندىم ُب ىذا‬
‫بٌن ىؤالء االثين عشر وبٌن من ال ينطق عن اعتوى‪ ،‬إن ىو إال وحي يوحى‪ .‬فهم "ليسوا من قبيل الرواة عن الن ي‬
‫واحملدثٌن عنو‪ ،‬ليكون قوعتم حجة من جهة أهنم ثقات ُب الرواية؛ بل ألهنم ىم اظتنصوبون من هللا تعاذل على لسان‬
‫الن ي لتبليغ األحكام الواقعية‪ ،‬فال حيكمون إال عن األحكام الواقعية عند هللا تعاذل كما ىي"(‪.)5‬‬
‫وال فرق ُب كالم ىؤالء االثين عشر بٌن سن الطفولة‪ ،‬وسن النضج العقلي؛ إذ إهنم ‪ُ -‬ب نظرىم ‪ -‬ال خيطئون‬
‫عمدا وال سهوا وال نسياان طوال حياهتم‪ .‬وعتاذ قال أحد شيوخهم اظتعاصرين‪" :‬إن االعتقاد بعصمة األئمة جعل‬
‫األحاديث ال ي تصدر عنهم صحيحة دون أن يشرتطوا إيصال سندىا إذل الن ي ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل كما ىو اضتال عند أىل السنة"(‪،)6‬‬
‫السنة"(‪ ،)6‬ذلك إن اإلمامة عندىم "استمرار للنبوة" (‪ ،)7‬وأن األئمة كالرسل "قوعتم قول هللا وأمرىم أمر هللا وطاعتهم‬
‫طاعة هللا ومعصيتهم معصية هللا وإهنم دل ينطقوا إال عن هللا تعاذل وعن وحيو" (‪.)8‬‬
‫وقد جاء ُب الكاُب ما يعدونو حجة عتم ُب ىذا اظتذىب وىو قول أيب عبد هللا – جعفر الصادق كما يزعم‬
‫صاحب الكاُب ‪" -‬حديثي حديث أيب‪ ،‬وحديث أيب حديث جدي‪ ،‬وحديث جدي حديث اضتسٌن‪ ،‬وحديث‬
‫اضتسٌن حديث اضتسن‪ ،‬وحديث اضتسن حديث أمًن اظتؤمنٌن‪ ،‬وحديث أمًن اظتؤمنٌن حديث رسول هللا ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل‪ ،‬وحديث‬
‫رسول هللا قول هللا عز وجل"(‪.)9‬‬

‫انظر‪ :‬الفرق بٌن الفرق ص‪346 ،327 ،322 :‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫البهبودي‪ /‬صحيح الكاُب‪11/1 :‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫انظر‪ :‬أصول الكاُب مع شرحو‪ ،‬ابب األخذ ابلسنة وشواىد الكتاب ‪ ،417/2‬وصحيح الكاُب‪11/1 :‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫دمحم تقي اضتكيم‪ /‬األصول العامة للفقو اظتقارن ص‪122 :‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫اظتظفر‪ /‬أصول الفقو اظتقارن‪ ، 51/3 :‬وانظر‪ :‬السالوس‪ /‬أثر اإلمامة ص‪274‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫عبد هللا فياض‪ /‬اتريخ اإلمامية ص‪140 :‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫(‪ )7‬دمحم رضا اظتظفر‪ /‬عقائد اإلمامية ص‪166 :‬‬
‫(‪ )8‬ابن اببويو‪ /‬االعتقادات ص‪106 :‬‬
‫(‪ )9‬أصول الكاُب‪ ،‬كتاب فضل العلم‪ ،‬ابب رواية الكتب واضتديث‪ ، 53/1 :‬وسائل الشيعة‪58/18 :‬‬

‫‪19‬‬
‫مروايت الصحابة‬
‫يقول دمحم حسٌن آل كاشف الغطا ُب تقرير مذىب طائفتو ُب ذلك‪" :‬إن الشيعة ال يعتربون من السنة (أعين‬
‫األحاديث النبوية) إال ما صح عتم من طرق أىل البيت‪ ..‬أما ما يرويو مثل أيب ىريرة‪ ،‬وشترة بن جندب‪ ،‬وعمرو بن‬
‫العاص ونظائرىم فليس عتم عند اإلمامية مقدار بعوضة" (‪ ،)1‬فهو ىنا يقرر أن مذىب الشيعة ىو قبول "ما صح عتم‬
‫من طرق أىل البيت" (‪ )1( )2‬دون ما سواه من رواايت صحابة رسول هللا ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل‪.‬‬

‫الفصل الثالث‪ :‬عقيدهتم يف اإلمجاع‬


‫الشيعة ال ترى إرتاع الصحابة والسلف أو إرتاع األمة إرتاعا‪ ،‬وعتا ُب ىذا الباب عقائد ؼتالفة نذكرىا فيما‬
‫يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬احلجة يف قول اإلمام ال يف اإلمجاع‬
‫يقول ابن اظتطهر اضتلي‪" :‬اإلرتاع إمنا ىو حجة عندان الشتمالو على قول اظتعصوم‪ ،‬فكل رتاعة كثرت أو‬
‫قلت كان قول اإلمام ُب رتلة أقواعتا‪ ،‬فإرتاعها حجة ألجلو ال ألجل اإلرتاع"(‪ . )1( )3‬ومبثل ىذا قال عدد من‬
‫شيوخهم(‪. )2( )4‬‬
‫إذن اإلرتاع ليس حجة عندىم بدون وجود اإلمام الذي يعتقدون عصمتو‪ ،‬فمدار حجية اإلرتاع ىو على‬
‫قولو ال على نفس اإلرتاع‪ ،‬فهم ُب اضتقيقة دل يقولوا حبجة اإلرتاع‪ ،‬وإمنا قالوا حبجية قول اظتعصوم‪ ،‬ودعواىم االحتجاج‬
‫ابإلرتاع تسمية ال مسمى عتا‪ ،‬فقول ابن اظتطهر‪" :‬اإلرتاع حجة عندان" من لغو القول؛ إذ األصل أن يقول‪ :‬اإلرتاع‬
‫ليس حبجة عندان‪ ،‬ألن اضتجة ُب قول اإلمام اظتعصوم‪ ..‬ألن ىذا ىو مقتضى مذىبهم‪ ،‬فهم جعلوا اإلمام مبثابة الن ي أو‬
‫أعظم‪.‬‬

‫اثنيا‪ :‬ما خالف العامة ففيه الرشاد‬


‫اإلرتاع عند رتهور اظتسلمٌن ينظر فيو إذل إرتاع األمة‪ ،‬ألن األمة ال ديكن أن جتتمع على ضاللة‪ .‬قال تعاذل‪:‬‬
‫{ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبٌن لو اعتدى ويتبع غًن سبيل اظتؤمنٌن نولو ما توذل ونصلو جهنم وساءت مصًنا}‬
‫(النساء‪ ،‬آية‪. )115 :‬‬

‫(‪ )1‬أصل الشيعة وأصوعتا‪ :‬ص‪79‬‬


‫(‪ )2‬قولو‪" :‬ما صلح عتم من طرق أىل البيت" ىذا تعبًن فيو شيء من التمويو واطتداع‪ ،‬ألن من ال يعرف طبيعة مذىب الشيعة يظن أن العمدة عندىم ىو كالم رسول هللا‬
‫‪:‬ملسو هيلع هللا ىل ‪ -‬الذي جاء من طرق آل البيت ‪ُ -‬ب حٌن أهنم يعدون الواحد من االثين عشر كالرسول ال ينطق عن اعتوى‪ ،‬وقولو كقول هللا ورسولو‪ ،‬ولذلك يندر وجود أقوال‬
‫الرسول ُب مدوانهتم؛ ألهنم اكتفوا مبا جاء عن أئمتهم‪ ،‬كما أن قولو‪ :‬أىل البيت‪ ،‬إمنا يعين بعضهم‪ ،‬فليس كل آل البيت يصلحون ‪ -‬عندىم ‪ -‬طريقا للرواية‪ ،‬ألن آل‬
‫البيت ليسوا رتيعا أئمة‪ ،‬فالرواية عن ذرية فاطمة من ولد اضتسن ‪ -‬هنع هللا يضر ‪ -‬ال تعترب روايتهم؛ ألن من بعد اضتسن من ذريتو ليسوا أئمة عندىم‪ ،‬وغاية أمرىم أن يعتربوا غترد‬
‫رواة خيضعون للرد والقبول‪ ،‬ولذلك كفر االثنا عشرية كل من خرج وادعى اإلمامة من آل البيت (ما عدا األئمة االثين عشر عندىم) ‪( .‬أصول الكاُب‪ 372/1:‬رقم ‪،1‬‬
‫‪ . )3‬ويلحظ أن الطوسي ُب االستبصار يرد رواايت زيد بن علي (االستبصار‪ . )66/1 :‬فتعبًن آل كاشف الغطا فيو شيء من التمويو واطتداع‪ ،‬ألن الكتاب وضع‬
‫للدعاية للتشيع ُب العادل اإلسالمي‪.‬‬
‫(‪ )3‬ابن اظتطهر‪ /‬هتذيب الوصول إذل علم األصول‪ :‬ص ‪ ،70‬ط‪ :‬طهران ‪1308‬ىـ‬
‫(‪ )4‬انظر‪ :‬اظتفيد‪ /‬أوائل اظتقاالت ص ‪ ،100-99‬قوامع الفضول ص ‪ ،305‬حسٌن معتوق‪ /‬اظترجعية الدينية العليا ص ‪ ،16‬وراجع كتب األصول عندىم عامة‬

‫‪20‬‬
‫وقال ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل‪" :‬ال تزال طائفة من أم ي قائمة أبمر هللا ال يضرىم من خذعتم أو خالفهم حىت أيٌب أمر هللا وىو‬
‫ظاىرون على الناس" (‪.)1‬‬
‫وأما طائفة الشيعة فالنظر عندىم ُب اإلرتاع إذل اإلمام ال إذل األمة‪ ،‬واالعتبار مبن دان إبمامة االثين عشر‬
‫بشرط أن يكون من ضمنهم اإلمام‪ ،‬أو يكون إرتاعهم كاشفا عن قول اإلمام ‪ -‬كما قدمنا ‪ -‬وال يلتفت إذل اتفاق‬
‫العلماء اجملتهدين من أمة دمحم ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل‪.‬‬
‫بل األمر أعظم من عدم اعتبار إرتاعهم‪ ،‬حيث تعدى ذلك إذل القول أبن ؼتالفة إرتاع اظتسلمٌن فيو الرشاد‪،‬‬
‫وصار مبدأ اظتخالفة أصال من أصول الرتجيح عندىم‪ ،‬وأساسا من أسس مذىبهم‪ ،‬وجاءت عندىم نصوص كثًنة تؤكد‬
‫ىذا اظتبدأ وتدعو إليو‪.‬‬
‫‪ -‬ففي أصول الكاُب سؤال أحد أئمتهم يقول‪ :‬إذا "‪ ..‬وجدان أحد اطتربين موافقا للعامة (يعين أىل السنة) واآلخر‬
‫ؼتالفا عتم أبي اطتربين يؤخذ؟ فقال‪ :‬ما خالف العامة ففيو الرشاد‪ ،‬فقلت (القائل ىو الراوي) ‪ :‬جعلت فداك‪،‬‬
‫فإن وافقها اطتربان رتيعا؟ قال‪ :‬ينظر إذل ما ىم إليو أميل حكامهم وقضاهتا فيرتك ويؤخذ ابآلخر‪ ،‬قلت‪ :‬فإن‬
‫وافق حكامهم اطتربين رتيعا؟ قال‪ :‬إذا كان ذلك فارجئو حىت تلقى إمامك‪ ،‬فإن الوقوف عند الشبهات خًن من‬
‫االقتحام ُب اعتلكات"(‪.)2‬‬
‫وذكر ثقتهم الكليين أن من وجوه التمييز عند اختالف رواايهتم قول إمامهم‪" :‬دعوا ما وافق القوم فإن الرشد ُب‬ ‫‪-‬‬
‫خالفهم"(‪.)3‬‬
‫وقال أبو عبد هللا ‪ -‬كما يفرتون ‪" :-‬إذا ورد عليكم حديثان ؼتتلفان فخذوا مبا خيالف القوم"(‪.)4‬‬ ‫‪-‬‬
‫وعن اضتسن بن اصتهم قال‪ :‬قلت للعبد الصاحل (‪ - )5‬هنع هللا يضر ‪" :-‬ىل يسعنا فيما ورد علينا منكم إال التسليم لكم؟‬ ‫‪-‬‬
‫فقال‪ :‬ال وهللا ال يسعكم إال التسليم لنا‪ ،‬فقلت‪ :‬فًنوى عن أيب عبد هللا شيء‪ ،‬ويروى عنو خالفو فأيهما أنخذ؟‬
‫فقال‪ :‬خذ مبا خالف القوم (إشارة ألىل السنة) وما وافق القوم فاجتنبو" (‪.)6‬‬
‫ويعللون األخذ هبذا اظتبدأ مبا يرويو أبو بصًن عن أيب عبد هللا قال‪" :‬ما أنتم وهللا على شيء ؽتا ىم فيو‪ ،‬وال ىم‬ ‫‪-‬‬
‫على شيء ؽتا أنتم فيو‪ ،‬فخالفوىم فما ىم من اضتنيفية على شيء" (‪.)7‬‬

‫رواه مسلم ُب كتاب اصتهاد‪ ،‬ابب قول الن ي ‪:‬ملسو هيلع هللا ىل‪" :‬ال تزال طائفة من أم ي ظاىرين على اضتق ال يضرىم من خالفهم" ‪.1524/2‬‬ ‫(‪)1‬‬
‫الكليين‪ /‬أصول الكاُب‪ ،68-67/1 :‬ابن ابوبيو القمي‪ /‬من ال حيضره الفقيو‪.5/3 :‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫أصول الكاُب‪ /‬خطبة الكتاب ص ‪ ،8‬وانظر‪ :‬وسائل الشيعة‪80/18 :‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫وسائل الشيعة‪85/18 :‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫(‪ )5‬ىذا اللقب اظتراد بو اإلمام‬
‫(‪ )6‬وسائل الشيعة‪85/18 :‬‬
‫(‪ )7‬وسائل الشيعة‪85/18 :‬‬

‫‪21‬‬
‫الفصل الرابع(‪ :)1‬عقيدهتم يف القياس‬
‫يذىب اإلمامية إذل حترمي ال قياس والرأي مطلقا ‪ ،‬لورود عشرات الرواايت عن األئمة اظتعصومٌن‬
‫عندىم ُب ذلك األمر‪.‬‬
‫‪ -‬فرووا عن عثمان بن عيسى قال‪ :‬سألت أاب اضتسن موسى عن القياس فقال‪ " :‬ما لكم والقياس‪ ،‬إن هللا ال يُسأل‬
‫كيف أحل وكيف حرم "(‪.)2‬‬
‫‪ -‬ورووا عن أيب عبد هللا ‪ " :‬إن أصحاب القياس طلبوا العلم ابلقياس فلم يزدادوا من هللا إال بعدا‪ .‬إن دين هللا ال‬
‫يصاب ابلقياس " (‪.)3‬‬
‫‪ -‬وعن أيب عبد هللا قال ‪ " :‬أول من قاس إبليس حٌن قال‪ :‬خلقتين من انر وخلقتو من طٌن‪ .‬فقاس ما بٌن النار‬
‫والطٌن "(‪.)4‬‬
‫(‪)5‬‬
‫‪ -‬وعن أيب عبد هللا أن رجال قال لو أرأيت كذا وكذا‪ .‬فقال لو أبو عبد هللا‪ " :‬لسنا من – أرأيت ُب شيء "‬
‫(‪، )4‬‬
‫‪ -‬وعن أيب عبد هللا قال ‪ " :‬إن السنة ال تقاس‪ ،‬أال ترى أن اظترأة تقضي صومها وال تقضي صالهتا؟ إن السنة إذا‬
‫قيست ُِػت َق " (‪.)6‬‬
‫واستقر ُب اظتذىب عندىم حترمي القياس والرأي مطلقا ‪ ،‬وفقا للرواايت السابقة ال ي تعد عندىم مستفيضة متواترة‬
‫‪ ،‬كما يقول يوسف البحراين‪ " :‬وعتذا قد استفاضت األخبار ابلنهي عن القول ُب األحكام الشرعية بغًن شتاع منهم‬
‫عليهم السالم‪ ،‬و علم صادر عنهم ـ صلوات هللا عليهم ـ‪ ،‬ووجوب التوقف واالحتياط مع عدم تيسر طريق العلم‪ ،‬و‬
‫وجوب الرد إليهم ُب رتلة منها ‪ ،‬وما ذاك إال لقصور العقل اظتذكور عن اإلطالق على أغوارىا‪ ،‬وإحجامو عن التلجج‬
‫ُب صتج حباىا ‪ ،‬بل لو ًب للعقل االستقالل بذلك لبطل إرسال الرسل ‪ ،‬و إنزال الكتب ‪ ،‬ومن ٍب تواترت األخبار انعية‬
‫على أصحاب القياس بذلك "(‪.)7‬‬
‫ويقول اآلقا برزك الطهراين ‪ " :‬إن اظتذىب اإلمامي اصتعفري دل يرفض األحكام العقلية كليًّا ‪ ،‬بل يرفض األحكام‬
‫العقلية الناقصة فقط ‪ ،‬ال ي دل يقم علها دليل قطعي ‪ ،‬ولذلك أنكروا القياس ‪ ،‬واالستحسان "(‪.)8‬‬
‫وىذا ال ينفي أن األصوليٌن منهم يستعملون القياس بشكل خفي‪ ،‬لكن ىذا االستعمال دل يكن يوما ابلتصريح‬
‫أن ىذا الذي يستخدمونو ىو بعينو القياس الذي يقول بو أىل السنة‪ ،‬بل يسمونو الدليل العقلي(‪.)9‬‬

‫زايدة يسًن من خارج كتاب الشيخ انصر القفاري‪.‬‬ ‫(‪)1‬‬


‫الكاُب ‪.47/1‬‬ ‫(‪)2‬‬
‫الكاُب ‪46/1‬‬ ‫(‪)3‬‬
‫الكاُب ‪47/1‬‬ ‫(‪)4‬‬
‫الكاُب ‪47/1‬‬ ‫(‪)5‬‬
‫الكاُب ‪46/1‬‬ ‫(‪)6‬‬
‫(‪ )7‬اضتدائق الناضرة ‪130/1‬‬
‫(‪ )8‬حصر االجتهاد ‪46‬‬
‫(‪ )9‬انظر‪https://bit.ly/2PPhcdv :‬‬

‫‪22‬‬

You might also like