Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 11

‫بحث عن مرحلة المراهقة‬

‫منة الله حسن علي محمد رفعت‬


‫" شعبة ألكتروني "‬

‫مقدم للدكتور‪ :‬حمدي عرقوب‬


‫مقدمة‬
‫تعد مرحلة المراهقة مرحلة طبيعية من مراحل النمو اإلنساني ‪ ،‬وهي ذات خصائص تميزها ومتطلبات تتناسق وطابع‬

‫المرحلة ‪ ،‬وكل مربي وأب بحاجة للتعرف على هذه المرحلة وإدارك التأثيرات التي تؤثر على شخصية المراهق ومعرفة‬

‫خصائص نموه النفسية والجسمية واإلنفاعلية واالجتماعي ة ‪ ،‬لكي يستطيع التعامل معها بحكمة ويشبعها باألساليب األمثل ‪،‬‬

‫وكثر الحديث عن هذه المرحلة وأكثر الحديث يصفها بأنها مرحلة سلبية بينما هي مرحلة إيجابية ملئية بالنشاط والحيوية‬

‫في حياة أبنائنا ويجب أن نتعلم كيف نستثمرها‪.‬‬

‫فمرحله المراهقه من أهم وأخطر المراحل ال تى يمر بها االنسان ضمن أطوار حياته المختلفه التى تتسم بالتجديد المستمر ‪,‬‬

‫وهى تستحوذ على أهتمام كثير من الناس فهى تهم المراهقين أنفسهم ليفهموا أنفسهم وتهم اآلباء واالمهات والمربيين ليفهموا‬

‫طبيعه المرحله وكيفيه التعامل معها ‪ .‬تعتبر مرحلة المراهقة بين مرحلة الطفولة ومرحلة البلوغ ‪.‬ففترة المراهقة تبدأ‬

‫بالتغيرات الحيوية للجسم وتنتهي مع ثقافات المجتمع فهناك مقولة مشهورة تقول” فترة المراهقة مثل ماكينة السيارة‬

‫الرياضية يقودها شخص غيرمهاري”‪.‬‬

‫تعريف المراهقة‬

‫لغويا يرجع لفظ المراهقة إلى الفعل العربي (راهق) ويعنى االقتراب من كذا‪ .‬فراهق الغالم فهو (مراهق) أي اقترب من‬

‫النضج‪.‬‬

‫فى علم النفس فأصطالح المراهق يعنى مرحله االبتعاد عن الطفوله واألقتراب من النضج الجسمى والعقلى والنفسى‬

‫واألجتماعى ولكن ليس النضج نفسه ألن الفرد اليصل الى اكتمال النضج االبعد سنوات عديده قد تصل الى ‪ 9‬سنوات‪.‬‬

‫مراحل المراهقة‬

‫شخص إلى آخر‪ ،‬ومن‬


‫ٍ‬ ‫المدة الزمنيَّة التي ت ُ َ‬
‫س َّمى "مراهقة "ال تستمر مع األفراد خالل هذه الفترة‪ ،‬فهي تختلف من‬

‫مجتمع إلى آخر‪ ،‬فهي في المجتمع الريفي غيرها في المجتمع المدني أو المنفتح‪ ،‬وفي المجتمع المسلم غيرها في‬

‫تخطي المرحلة‬
‫المجتمع الكافر‪ ،‬والمتزوج غيره في األعزب؛ لوجود األسباب المختلفة التي إ َّما أن تساعد على ِّ‬

‫بسهولة ويُسر‪ ،‬أو تتأ َّخر معه أكثر من السنوات العشر المذكورة؛ ولذلك فقد قسَّمها العلماء إلى ثالث مراحل‪ ،‬هي‬
‫‪1‬‬
‫مرحلة المراهقة األولى "‪ 11 - 11‬عا ًما"‪ ،‬وتتميَّز بتغيُّرات بيولوجيَّة سريعة‪" ،‬الصف الخامس إلى‬ ‫‪‬‬

‫الثامن‪".‬‬

‫الوسطي "‪ 11 - 11‬عا ًما"‪ ،‬وهي مرحلة اكتمال التغيُّرات البيولوجيَّة‪" ،‬الصف التاسع‬
‫مرحلة المراهقة ُ‬ ‫‪‬‬

‫إلى الثالث ثانوي‪".‬‬

‫المتأخرة "‪"11 - 11‬؛ حيث يُصبح الشاب أو الفتاة إنسانًا راشدًا بالمظهر‬
‫ِّ‬ ‫مرحلة المراهقة‬ ‫‪‬‬

‫والتصرفات‪" ،‬ما بعد الثانوية‪".‬‬


‫ُّ‬

‫ويتَّضح من هذا التقسيم َّ‬


‫أن مرحلة المراهقة تمتدُّ لتشمل أكثر من عشرة أعوام من عُمر الفرد‪.‬‬

‫البلوغ والمراهقة‬

‫يعتبر البلوغ جزءا ً من المراهقة وليس مرادفا ً لها‪ .‬كذلك فإن البلوغ بمثل الخطوة االولى من جملة مراحل النضج‪ .‬وعليه‬

‫فإن البلوغ يهتم بالتغييرات الجسمية للشخص كإتساع الحوض للفتيات او ظهور شعر الوجه للفتيان‪ .‬اما بالنسبة للمراهقة‪،‬‬

‫فهي الفترة التي تمتد من مرحلة الطف ولة المبكرة الى مرحلة النضج ويتخللها فترة البلوغ‪ .‬فالمراهقة تشمل طفرة في‬

‫معدالت النمو البدني وكذلك العقلي للشخص‪.‬‬

‫بداية البلوغ‬

‫كلمة البلوغ تعبر عن السنوات التي يحدث فيها النمو البدني السريع وكذلك النضج الجنسي مما ينتج عنه شخصا ً بحجم‬

‫وشكل االنسان البالغ‪ .‬فم عظم النمو البدني وكذلك النضج الجنسي ينتهي بعد اربع سنوات من ظهور اول عالمة للبلوغ‪.‬‬

‫ولكن بعض االفراد قد يحصلون على زيادة في الطلول‪ ،‬الوزن والعضالت عند سن العشرين‪.‬‬

‫بالنسبة لإلناث‪ ،‬فإن التغيرات البدنية للبلوغ تبدأ عند نمو حلمة الصدر‪ .‬ثم بعد ذلك يبدأ ظهور شعر العانة قليالً ويبدأ النمو‬

‫بالتدفق سريعا ويشمل اتساع الحوض‪ ،‬بداية الحيض‪ ،‬نضوج الثدي‪ ،‬و ظهور العانة كامالً‪ .‬وعلى ذلك‪ ،‬فإن المتوسط‬

‫العمري لالناث من خالل الوزن الطبيعي لهم فإن بداية الحيض تكون عند عمر ‪ 11‬سنة و ‪ 1‬اشهر‪ ،‬والتنوع العمري‬

‫العمري بين الفتيات يعتبر طبيعياً‪ .‬اما بالنسبة للذكور‪ ،‬فيبدأ البلوغ عند ظهور شعر العانة‪ ،‬ونمو االعضاء الجنسية‪،‬‬

‫االحتالم‪ ،‬ظهور شعر الوجه‪ ،‬خشونة الصوت ثم تبدأ عملية البلوغ بالتدفق سريعاً‪ .‬المعدل العمري لالحتالم يكون عند عمر‬

‫‪ 11‬سنة وهو قريب من عمر الفتيات عند بداية الحيض‪.‬‬

‫‪2‬‬
‫خصائص النمو فى مرحلة المراهقة‬

‫تعد فترة المراهقة من أهم مراحل النمو ألنها على درجة كبيرة من األهمية في التكوين الشخصي للفرد وتتميز خصائص‬

‫مرحلة المراهقة في االنتقال تدريجيا بالمراهق من مرحلة تتصف باالعتمادية إلى مرحلة تتصف باالستقاللية في جميع‬

‫النواحي استعدادا للعب دور رئيسى فى منظومة المجتمع‪,‬وبما إننا نعمل في مجال يجعلنا على اتصال مباشر مع المراهقين‬

‫وهذا المجال له دور كبير فى مساعدتهم على تخطى هذه المرحله بدرجه كبيره من النجاح والوصول الى مرحله من النضج‬

‫سوية‪.‬‬

‫أو ًال‪ :‬خصائص النمو الجسمي‪:‬‬

‫تتميز مرحلة المراهقة بانها مرحلة نمو سريع في الجسم فنالحظ زيادة مفاجئة في الطول والعرض وحجم الذراعين‬

‫والساقين والقدمين وأجزاء الجسم األخرى وعادة ما يبدأ هذا النمو السريع في الجسم قبل البلوغ في سن العاشرة عند اإلناث‬

‫والثانية عشر عند البنين ويستمر لمدة ثالث ة أو أربعة أعوام ثم يقل ويقف تماما حوالي الثامنة عشر أو العشرين‪ ،‬وتتمثل‬

‫مظاهر النمو الجسمي فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -1‬النمو العام للجسم‪ :‬حيث تزداد أبعاد الجسم طوالً وعرضا ً ويزداد الوزن‪ ،‬وربما كانت هذه التغيرات الجسمية‬

‫غير متوازنة في بداية األمر‪ ،‬إال أنها تصل إلى االتزان في نهاية المرحلة‪ ،‬كما أن وتيرة النمو هذه تكون متسارعة في‬

‫البداية‪ ،‬ثم تتباطأ في نهاية المرحلة‪.‬‬

‫‪ -1‬توجد فروق فردية بين مراهق وآخر‪ ،‬وكذلك بين الجنسين‪ ،‬حيث تتقدم اإلناث في بعض مظاهر النمو الجسمي‪،‬‬

‫ثم ما يلبث أن يتقدم الذكور في مظاهر النمو كافة‪ ،‬من حيث الوزن والطول وغير ذلك من المظاهر‪ ،‬كما يزداد النسيج‬

‫العضلي لدى الذكور في الصدر والكتفين والفخذين‪ ،‬في حين ينمو النسيج الشحمي لإلناث‪ ،‬في الصدر واألرداف‪ ،‬ويتسع‬

‫الحوض‪ ،‬وغير ذلك من المظاهر التي تستقر في مرحلة الرشد‪.‬‬

‫‪ -1‬ومن حيث النضج الجنسي‪ :‬فإن الفتى أو الفتاة يصبح قادرا ً على الفعل الجنسي‪ ،‬ومن مظاهر ذلك‪ ،‬القدرة على‬

‫القذف لدى الذكور‪ ،‬والتبويض والحيض لدى اإلناث‪.‬‬

‫‪ -1‬نمو الجهاز العصبي المركزي والمخ حيث يؤدي وظيفتين‪ :‬الوظيفة التهيجية و الوظيفة القمعية ‪ ،‬حيث أنه‬

‫بمقتضى الوظيفة األولى‪ ،‬ينطلق المرء وراء انفعاالته‪ ،‬وبمقتضى الوظيفة الثانية‪ ،‬يقمع المرء تلك االنفعاالت‪ ،‬ويالحظ أن‬

‫المراهق تزداد لديه القدرة على ضبط انفعاالته‪ ،‬مما يؤكد أن وظيفة المخ القمعية أو الكفية قد ازدادت قوة لديه‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫ثانياً‪ :‬خصائص النمو العقلي ومظاهره‪:‬‬

‫يقوم األطفال والمراهقون في هذه الفئة العمرية بتفكير أكثر تعقيدًا‪ ،‬يعرف هذا النوع من التفكير أيضًا بالعمليات‬

‫المنطقية الرسمية و تتمحور أهم خصائص النمو العقلي في المظاهر النمائية التالية‪:‬‬

‫‪ -1‬ينمو الذكاء نموا ً مضطردا ً حتى السنة الثانية عشرة‪ ،‬ثم يتعثر قليالً في أوائل فترة المراهقة‪ ،‬وتظهر الفروق الفردية‬

‫بصورة واضحة‪ ،‬و يعود إلى السرعة التي يتمتع بها المخ في النمو والتفتق‪.‬‬

‫‪ -1‬تزداد قدرة المراهق على االنتباه والتذكر والتخيل‪.‬‬

‫‪ -1‬كما تتنامى القدرة على االستدالل‪ ،‬والتفكير السليم‪ ،‬المبني على الوقائع‪ ،‬والمقدمات‪ ،‬لحل المشاكل‪.‬‬

‫‪ -1‬تتنوع الميول لدى المراهق‪ ،‬وذلك حسب الفروق بين الجنسين‪ ،‬حيث يميل البنون إلى األعمال اليدوية ونشاط‬

‫األندية‪ ،‬ويقل ميلهم نحو اللعب الميكانيكي والطالء والرسم‪ ،‬أما الفتيات فيظهرن ميالً أكثر نحو الخياطة والتطريز ونشاط‬

‫األندية‪ ،‬ويتضاءل لديهن الميل نحو أعمال المنزل‪.‬‬

‫‪ -5‬يساعد التفتح الذهني خالل فترة المراهقة‪ ،‬ونمو القدرة على التفكير المعنوي المجرد‪ ،‬على اهتمام المراهق‬

‫بالظواهر‪ ،‬والقيم االجتماعية في بيئته‪ ،‬حيث يميل إلى بحث مذاهب الناس في الحياة‪ ،‬وكذلك سائر القضايا الدينية والسياسية‬

‫واالجتماعية‪ ،‬ويميل إلى تقييم ونقد الظواهر واألشخاص كافة‪ ،‬وحتى ذاته‪.‬‬

‫ثالثا‪ :‬خصائص النمو االنفعالي ومظاهره‪:‬‬

‫من الممكن أن يقوم المراهق بالعديد من االنفعاالت بسبب تغيرات الجسمية والنفسية التي تحدث له فتظهر عليه‬

‫السمات اآلتية‪:‬‬

‫‪ -1‬سرعة إنثالم الشعور‪ :‬حيث يتميز المراهق بحساسية مفرطة‪ ،‬قد تؤثر فيه الكلمة‪ ،‬أو النظرة أيما تأثير‪ ،‬خاصة إذا‬

‫ما كان في إطار موقف اجتماعي يشاركه فيه اآلخرون‪ ،‬ويفسر ذلك بأن المراهق يركز تفكيره في ذاته‪ ،‬وما عسى أن يظن‬

‫به اآلخرون‪ ،‬لذلك فإنه يقيم وزنا ً كبيرا ً ألي رد فعل من اآلخرين اتجاهه‪.‬‬

‫‪ -1‬سرعة االنفعال وشدته‪ :‬شدة حساسية المراهق قد يترتب عليها أن يتدفق سيل انفعاله بسرعة‪ ،‬دون أن يتمكن‬

‫المراهق من السيطرة عليه أو التحكم فيه‪ ،‬وهذا األمر تخضع له االنفعاالت المحزنة أو السارة‪ ،‬حيث قد يحزن بشدة إلى حد‬

‫االكتئاب‪ ،‬ألمر ال يستحق ذلك‪ ،‬وقد يعبر عن فرحه بصورة مبالغ فيها‪ ،‬وقد يستجيب بانفعاالت تناقض واقع الحال‪،‬‬

‫كالضحك وقت الحزن‪ ،‬وقد يتقلب بين الضحك والبكاء‪ ،‬مع مرور سنوات المراهقة‪ ،‬يبدأ المراهق باإلدراك بأن التعبير‬

‫الصريح عن االنفعاالت‪ ،‬وخاصة الغضب‪ ،‬ينظر إليه اآلخرون على أنه داللة على عدم النضج‪ ،‬فيتعلم مجاهدة نفسه للتحكم‬

‫‪4‬‬
‫في الذات‪ ،‬وضبط السلوك‪ ،‬فيتحول من التعبير اللفظي‪ ،‬والركل والبكاء‪ ،‬إلى التبرم‪ ،‬وصعوبة االنقياد‪ ،‬أو التعبير عن‬

‫طريق النظرات الجامدة‪.‬‬

‫‪ -1‬التمركز حول الذات‪ :‬فالمراهق شديد االهتمام بنفسه‪ ،‬وهو كثير الميل إلى استبطان ذاته‪ ،‬حيث يترجم األحداث‬

‫في ضوء مشاعره الشخصية‪ ،‬ويصبح اتصاله باآلخرين‪ ،‬من خالل أنفسهم‪ ،‬وعبر مشاعره الشخصية‪ ،‬ولذلك فإن أحكامه ال‬

‫تكاد تتسم بالموضوعية‪ ،‬حيث تتغير بتغير مشاعره الذاتية‪.‬‬

‫‪ -1‬القابلية الشديدة لإليحاء‪ :‬فالمراهق لديه االستعداد لالقتناع بأي أمر‪ ،‬ما دام يساق له بطريقة ترضي مشاعره‪،‬‬

‫وتوافق مزاجه‪ ،‬وفي المقابل فإنهم ينبذون أي أمر ال يتوافق مع تلك المشاعر‪ ،‬كذلك فإن المراهقين ال يقبلون التوسط‬

‫واالعتدال في المسائل الدينية‪ ،‬أو السياسية‪ ،‬أو المبادئ األخالقية‪.‬‬

‫‪ -5‬تتقلص درجة المخاوف التي الزمت المراهق في طفولته ‪ ،‬كالخوف من األمور الوهمية‪ ،‬كما أن مخاوف‬

‫المراهق تتحول من الجوانب المادية‪ ،‬إلى جوانب أكثر اتصاالً بالجوانب االجتماعية‪ ،‬التي يشعر فيها أن مكانته تتعرض‬

‫للخطر‪ ،‬وكذلك الخوف من المدرسة أو مواد دراسية محددة‪ ،‬كما تدور تلك المخاوف حول الشعور بالنقص‪ ،‬فيؤدي به‬

‫الخوف حينئذ إلى التهيب واالستحياء‪ ،‬والشعور بالحرج‪ ،‬الذي هو رد فعل انفعالي بالخوف الخفيف‪ ،‬ينشأ عن الشعور بعدم‬

‫الكفاءة‪ ،‬وبحكم اآلخرين غير المالئم على الفرد‪.‬‬

‫رابعا‪ :‬خصائص النمو االجتماعي ومظاهره‪:‬‬

‫يكتسب الفرد قدرا كبيرا من النمو االجتماعي خالل مرحلة المراهقة ويعتمد ما يحققه المراهق من نضج وسواء في‬

‫التكيف االجتماعي الى حد كبير على ما حققه من اشباعات في مراحل الطفولة السابقة وعلى خبراته االجتماعية االولى وما‬

‫كونه من اتجاهات نتيجة هذه الخبرات‪ .‬ويتصف النمو االجتماعي في المراهقة بمظاهر وخصائص أهمها‪:‬‬

‫‪ -1‬الفطام النفسي عن األسرة‪ :‬فعلى الرغم من عجز المراهقين من الجنسين عن إعالة أنفسهم‪ ،‬واالستقالل اقتصاديا ً‬

‫عن األسرة‪ ،‬إال أنهم ينزعون إلى االستقالل نفسياً‪ ،‬وذلك من خالل نقل مجال وجدانهم‪ ،‬من مجتمع األسرة إلى العالم‬

‫الخارجي‪ ،‬ويمكن اعتبار ذلك مرحلة الفطام الثانية‪ ،‬حيث ينفطم المراهق وجدانياً‪ ،‬ويتمتع باستقالل نفسي عن عالم األسرة‪،‬‬

‫فيوجه المراهق اهتماماته وعواطفه‪ ،‬توجيها ً جديدا ً على نطاقات وأشخاص متباينين‪ ،‬وتصبح له اهتمامات كثيرة جديدة‬

‫تستحوذ على قلبه‪ ،‬كما أن عملية االس تقالل والتفرد في مرحلة المراهقة تزداد‪ ،‬وأن ذلك يستهدف إعادة تنظيم الشخصية من‬

‫جديد‪ ،‬هذه العملية تحدث في نطاق قوتين‪ ،‬تكادا تكونان متعادلتين داخل األسرة‪ ،‬قوة تدفع نحو الفردية واالستقالل‪ ،‬وقد‬

‫أطلق عليها اصطالح التمايز‪ ،‬وقوة أخرى تدفع نحو االئتالف أو التجمع‪ .‬لذلك البد من تحقيق التوازن بين هاتين القوتين‪،‬‬

‫ليكون الفرد متحررا ً مستقالً بشكل جيد‪ ،‬إضافة إلى كونه عضوا ً مؤثرا ً في األسرة والمجتمع‪ ،‬وبذلك فإن المراهق يبحث‬
‫‪5‬‬
‫لنفسه عن مكان في أسرته ومجتمعه‪ ،‬ولكن بعد أن يكن قد بلور لنفسه ذاتا ً اجتماعية خاصة به‪ ،‬ألن تكوينها هدفا ً أساسيا ً‬

‫لعملية التنشئة االجتماعية‪ ،‬حيث إنها المقوم الهام الذي يميز الفرد اإلنساني في المرحلة االجتماعية النفسية‪ ،‬عنه في‬

‫المرحلة الفردية البيولوجية‪.‬‬

‫‪ -1‬الميل إلى الجنس اآلخر‪ :‬يتضح بصورة جلية ميول كال الجنسين إلى الجنس اآلخر‪ ،‬حيث يؤثر هذا الميل على‬

‫نمط سلو كه ونشاطه‪ ،‬ومحاوالت جذب االنتباه بالطرق المختلفة ‪ ،‬وهذا الميل يتطور على مراحل‪ ،‬حيث أنه في البداية‬

‫يكون المراهق غير قادر على التعامل مع الجنس اآلخر‪ ،‬وإن كان راغبا ً في ذلك‪ ،‬ثم يحاول في أواسط المرحلة أن يلفت‬

‫االنتباه بطرق مختلفة‪ ،‬كاألناقة واللباقة في الحديث والروح المرحة والتفوق في أنواع الرياضات‪ ،‬ونحو ذلك‪ ،‬ثم تأخذ هذه‬

‫الميول صبغة جنسية‪ ،‬تتبلور في نهاية المرحلة باالتجاه نحو الزواج واالستقرار العاطفي واألسري‪.‬‬

‫‪ -1‬تتطور لديه البصيرة االجتماعية‪ ،‬بمعنى أن يصبح أكثر قدرة على إدراك العالقات القائمة بينه وبين األفراد‪،‬‬

‫وعلى اإلحساس بآثار تفاعله مع الناس‪ ،‬وتقدير آثار سلوكه على اآلخرين‪ ،‬مما يزيد قدرته على التصرف في المواقف‬

‫االجتماعية‪.‬‬

‫‪ -1‬في هذه المرحلة‪ ،‬يصبح المراهق على استعداد للتضحية في سبيل ما يؤمن به‪ ،‬حيث يكون على استعداد لفداء‬

‫الدين أو الوطن‪ ،‬كما أن المراهق يصبح قادرا ً على التضحية في سبيل الجماعة‪ ،‬بحكم ما أكتسبه من بصيرة‪ ،‬بما يعزز‬

‫دوره في رفعة مجتمعه لتحقيق الصالح العام‪.‬‬

‫‪ -5‬توجد فروق في اتجاهات المراهقين االجتماعية‪ ،‬عن المراهقات‪ ،‬حيث أن المراهقين يمتازون بالميل إلى‬

‫المغامرات الجماعية‪ ،‬وخاصة مع شلة الرفاق‪ ،‬كما يميلون إلى الضبط وااللتزام داخل هذه الشلة‪ ،‬وااللتزام بنسق جماعي‬

‫واحد ال خروج عنه‪ ،‬كما يميلون إلى كتابة الرسائل كوسيلة للتعارف‪ ،‬أما المراهقات فيبدين الغيرة من المراهقات األكثر‬

‫جماالً منهن‪ ،‬كما تستعين المراهقات بالكبرياء‪ ،‬وبعض الجفاء‪ ،‬لتعزيز مكانتهن عند المراهقين‪ ،‬وإثارة إعجابهم بهن‪ ،‬كما‬

‫تقارن المراهقات أنفسهن بمجموعة المراهقين ويتحفزن للتفوق عليهم‪.‬‬

‫‪ -6‬في مقابل محاوالت المراهق االستقالل عن أسرته يميل المراهق إلى الخضوع ألساليب أصدقائه وأترابه ومعاييرهم‬
‫ونظمهم‪ ،‬وبذلك يتحول والؤه الجماعي من األسرة إلى األصدقاء‪ ،‬حيث أن المراهق يشعر وسط أصدقائه‪ ،‬بالتشابه‬
‫والتجانس وبوحدة األهداف والمشاعر‪ ،‬وفي ذات الوقت يشعر بهوة واسعة‪ ،‬تفصل بينه وبين الكبار‪ ،‬في كثير من األحيان‪،‬‬
‫يميل المراهق إلى الصداقات األكثر دواماً‪ ،‬بدالً من الزماالت الوقتية‪ ،‬وكذلك فإنه يتحول من االرتباط العام مع أشخاص‪،‬‬
‫إلى االرتباط بشلة منتقاة‪ ،‬ويؤكد العلماء أن من أقوى العوامل المؤثرة على حياة المراهق في هذه الفترة هم الرفاق‬
‫واألصدقاء‪ ،‬في حين يتراجع تأثير دور الجماعات األخرى‪ ،‬كاألسرة والمدرسة‪.‬‬

‫‪6‬‬
‫مشكالت مرحلة المراهقة‬

‫ينشأ صراع لدى المراهق نتيجة للتغيرات البيولوجية‪ ،‬الجسدية والنفسية التي تطرأ عليه في هذه المرحلة‪ ،‬فجسديا ً‬

‫يشعر بنمو سريع في أعضاء جسمه قد يسبب له قلقا ً وإرباكاً‪ ،‬وينتج عنه إحساسه بالخمول والكسل والتراخي‪ ،‬كذلك تؤدي‬

‫سرعة النمو إلى جعل المهارات الحركية عند المراهق غير دقيقة‪ ،‬وقد يعتري المراهق حاالت من اليأس والحزن واأللم‬

‫التي ال يعرف لها سبباً‪ ،‬ونفسيا يبدأ بالتحرر من سلطة الوالدين ليشعر باالستقاللية واالعتماد على النفس‪ ،‬وبناء المسؤولية‬

‫االجتماعية‪ ،‬وهو في الوقت نفسه ال يستطيع أن يبتعد عن الوالدين؛ ألنهم مصدر األمن والطمأنينة ومنبع الجانب المادي‬

‫لديه‪ ،‬وهذا التعارض بين الحاجة إلى االستقالل والتحرر والحاجة إلى االعتماد على الوالدين‪ ،‬وعدم فهم األهل لطبيعة‬

‫المرحلة وكيفية التعامل مع سلوكيات المراهق‪ ،‬وهذه التغيرات تجعل المراهق طريد مجتمع الكبار والصغار‪ ،‬إذا تصرف‬

‫كطفل سخر منه الكبار‪ ،‬وإذا تصرف كرجل انتقده الرجال‪ ،‬مما يؤدي إلى خلخلة التوازن النفسي للمراهق‪ ،‬ويزيد من حدة‬

‫المرحلة ومشاكلها‪.‬‬

‫**أبرز المشكالت والتحديات السلوكية في حياة المراهق‪:‬‬

‫‪-1‬الصراع الداخلي ‪:‬الصراع حيث يعاني المراهق من جود عدة صراعات داخلية‪ ،‬ومنها‪ :‬صراع بين االستقالل‬

‫عن األسرة واالعتماد عليها‪ ،‬وصراع بين مخلفات الطفولة ومتطلبات الرجولة واألنوثة‪ ،‬وصراع بين طموحات المراهق‬

‫الزائدة وبين تقصيره الواضح في التزاماته‪ ،‬وصراع بين غرائزه الداخلية وبين التقاليد االجتماعية‪ ،‬والصراع الديني بين ما‬

‫تعلمه من شعائر ومبادئ ومسلمات وهو صغير وبين تفكيره الناقد الجديد وفلسفته الخاصة للحياة‪ ،‬وصراعه الثقافي بين‬

‫جيله الذي يعيش فيه بما له من آراء وأفكار والجيل السابق‪.‬‬

‫‪ -1‬االغتراب و التمرد ‪:‬فالمراهق يشكو من أن والديه ال يفهمانه‪ ،‬ولذلك يحاول االنسالخ عن مواقف وثوابت‬

‫ورغبات الوالدين كوسيلة لتأكيد وإثبات تفرده وتمايزه‪ ،‬وهذا يستلزم معارضة سلطة األهل؛ ألنه يعد أي سلطة فوقية أو أي‬

‫توجيه إنما هو استخفاف ال يطاق بقدراته العقلية التي أصبحت موازية جوهريا ً لقدرات الراشد‪ ،‬واستهانة بالروح النقدية‬

‫المتيقظة لديه‪ ،‬والتي تدفعه إلى تمحيص األمور كافة‪ ،‬وفقا لمقاييس المنطق‪ ،‬وبالتالي تظهر لديه سلوكيات التمرد والمكابرة‬

‫والعناد والتعصب والعدوانية‪.‬‬

‫‪ -3‬الخجل و التمرد‪ :‬فالتدليل الزائد والقسوة الزائدة يؤديان إلى شعور المراهق باالعتماد على اآلخرين في حل مشكالته‪،‬‬

‫لكن طبيعة المرحلة تتطلب منه أن يستقل عن األسرة ويعتمد على نفسه‪ ،‬فتزداد حدة الصراع لديه‪ ،‬ويلجأ إلى االنسحاب من‬

‫العالم االجتماعي واالنطواء والخجل‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫‪-4‬السلوك المزعج ‪:‬والذي يسببه رغبة المراهق في تحقيق مقاصده الخاصة دون اعتبار للمصلحة العامة‪ ،‬وبالتالي‬

‫قد يصرخ‪ ،‬يشتم‪ ،‬يسرق‪ ،‬يركل الصغار ويتصارع مع الكبار‪ ،‬يتلف الممتلكات‪ ،‬يجادل في أمور تافهة‪ ،‬يتورط في المشاكل‪،‬‬

‫يخرق حق االستئذان‪ ،‬وال يهتم بمشاعر غيره‪.‬‬

‫‪-5‬العصبية و حدة الطباع ‪:‬فالمراهق يتصرف من خالل عصبيته وعناده‪ ،‬يريد أن يحقق مطالبه بالقوة والعنف الزائد‪،‬‬

‫ويكون متوترا ً بشكل يسبب إزعاجا ً كبيرا ً للمحيطين به‪.‬‬

‫قد اتفق خبراء االجتماع وعلماء النفس والتربية على أهمية إشراك المراهق في المناقشات العلمية المنظمة التي تتناول‬

‫عالج مشكالته‪ ،‬وتعويده على طرح مشكالته‪ ،‬ومناقشتها مع الكبار في ثقة وصراحة‪ ،‬وكذا إحاطته علما ً باألمور الجنسية عن‬

‫طريق التدريس العلمي الموضوعي‪ ،‬حتى ال يقع فريسة للجهل والضياع أو اإلغراء‪ .‬كما أوصوا بأهمية " تشجيع النشاط‬

‫الترويحي الموجه والقيام بالرحالت واالشتراك في مناشط الساحات الشعبية واألندية‪ ،‬كما يجب توجيههم نحو العمل‬

‫بمعسكرات الكشافة‪ ،‬والمشاركة في مشروعات الخدمة العامة والعمل الصيفي‪ ...‬إلخ‬

‫كما أكدت الدراسات العلمية أن أكثر من ‪ %18‬من مشكالت المراهقين في عالمنا العربي نتيجة مباشرة لمحاولة أولياء األمور‬

‫تسيير أوالدهم بموجب آرائهم وعاداتهم وتقاليد مجتمعاتهم‪ ،‬ومن ثم يحجم األبناء‪ ،‬عن الحوار مع أهلهم؛ ألنهم يعتقدون أن‬

‫اآلباء إما أنهم ال يهمهم أن يعرفوا مشكالتهم‪ ،‬أو أنهم ال يستطيعون فهمها أو حلها‪.‬‬

‫وقد أجمعت االتجاهات الحديثة في دراسة طب النفس أن األذن المصغية في تلك السن هي الحل لمشكالتها‪ ،‬كما أن‬

‫إيجاد التوازن بين االعتماد على النفس والخروج من زي النصح والتوجيه باألمر‪ ،‬إلى زي الصداقة والتواصي وتبادل‬

‫الخواطر‪ ،‬و بناء جسر من الصداقة لنقل الخبرات بلغة الصديق واألخ ال بلغة ولي األمر‪ ،‬هو السبيل األمثال لتكوين عالقة‬

‫حميمة بين اآلباء وأبنائهم في سن المراهقة‪.‬‬

‫و قد أثبتت دراسة قامت بها المدرسة المتخصصة للدراسات االجتماعية بالواليات المتحدة على حوالي ‪ 188‬طفل‪،‬‬

‫بداية من سن رياض األطفال وحتى سن ‪ 11‬على لقاءات مختلفة في سن ‪ ،11 ،11 ،15 ،9 ،5‬أن المراهقين في األسرة‬

‫المتماسكة ذات الروابط القوية التي يحظى أفرادها بالترابط واتخاذ القرارات المصيرية في مجالس عائلي محببة يشارك فيها‬
‫‪8‬‬
‫الجميع‪ ،‬ويهتم جميع أفرادها بشؤون بعضهم البعض‪ ،‬هم األقل ضغو ً‬
‫طا‪ ،‬واألكثر إيجابية في النظرة للحياة وشؤونها ومشاكلها‪،‬‬

‫في حين كان اآلخرون أكثر عرضة لالكتئاب والضغوط النفسية‪ .‬لذللك فدور األبوين و المعلمين هام جدا في تربية المراهقين و‬

‫توفير البيئة الصحية المناسبة لهم‪ .‬فمن الضروري ان يكونوا مرنين ازاء ما يصدر عن المراهقين من أنفعاالت حادة و‬

‫يحرصوا علي توجيهم أكثر من معاقب تهم‪ .‬و يعملوا علي توفير فرص النجاح لديهم حتي ال يتدني فرص الذات لديهم و يتخطوا‬

‫هذه المرحلة بنجاح‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫المراجع‪:‬‬

‫‪-1‬أبراهيم وجيه محمود(‪ :)1891‬المراهقة خصائصها و مشكالتها‪ ,‬مصر‪ ,‬دار المعارف‪.‬‬

‫‪-2‬مريم سليم(‪ :)2002‬علم نفس النمو ‪,‬بيروت" لبنان"‪ ,‬دار النهضة العربية‪.‬‬

‫‪-3‬عبد الرحمن العيسوي(‪:)1883‬مشكلت الطفولة و المراهقة‪ ,‬بيروت" لبنان"‪ ,‬دار‬

‫العلوم العربية‪.‬‬

‫‪-4‬عباس محمد عوض(‪:) 1888‬المدخل ألي علم نفس النمو‪ ,‬مصر‪ ,‬دار المعرفة‬

‫الجامعية‪.‬‬

‫‪ -5‬عبد الكريم بكار(‪ ,) 2010‬المراهق كيف نفهمه و كيف نوجهه؟‪ ,‬مصر‪ ,‬دار السالم‬

‫للطباعة و النشر و التوزيع و الترجمة‪.‬‬

‫‪11‬‬

You might also like