Professional Documents
Culture Documents
أصول الدعوة السلفية
أصول الدعوة السلفية
2
الجزء األول
﷽
َّ
مسلم أن ينطلق منها لمعرفة
ٍ لكل ينبغ الذي األساس ه الكريمة اآلية هذه إن
ً ي ً ي
الت اصطلح بعض العلماء قديما وحديثا عىل تسميتها بالدعوة السلفيةالدعوة ي
الدعوة السلفية
بدعوة أنصار السنة المحمدية ،وآخرون بدعوة آل الحديث ، ِ قد يسميها بعضهم
معت واحد ؛ هذا المعت الواحد طالما غفل عنه جماعات تدل عىل ى
وكلها أسماء ُّ
ً
وحديثا ولم ينتبهوا لها أو أنهم انتبهوا لها ولم َ
يرع ْوها حق ً
قديما من المسلمي
رعايتها .
الدعوة السلفية
َ
ولذلك ال سبيل إىل أن يكون المسلم من الفرقة الناجية إال بأن يتبع الكتاب والسنة
وعىل ما كان عليه السلف الصالح .
3
السلفية
ً
هذا األمر الثالث يجب أن يكون ثابتا يف أذهان المسلمي كلهم إذا كانوا صادقي يف
أن يكونوا من الناجي يوم القيامة ،يوم ال ينفع مال وال بنون .
الدعوة السلفية
ولذلك عدم الرجوع إىل ما كان عليه سلفنا الصالح من المفاهيم ومن األذكار واآلراء
ً
ددا . هو السبب األصيل الذي جعل المسلمي يتفرقون إىل مذاهب شت وطرائق ِق
الدعوة السلفية
ً
فمن كان يريد حقا الرجوع إىل الكتاب والسنة ؛ فيلزمه الرجوع إىل ما كان عليه
النت -صىل هللا عليه وآله وسلم والتابعي وأتباعهم من بعدهم . -أصحاب ي
4
السلفية
َ ْ ُُ ُ َ ْ ُ َ َّ َ ْ َ ه َ ْ َ ُ ُ َ َ ْ َ ُ ُ َ َ ْ َ ْ ُ ُ َ َ ُ ُ
ور أنف ِسنا ومن ش ن مِ اهلل
ِ ب وذ لِل نحمده ونست ِعينه ونستغ ِفره ،ونع الحمد ِ ِ إن
ُ َ َ ُ َّ َ ُ َ َ ْ ُ ْ ِْ َ َ َ َ َ ُِ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ َ َ َ ِّ َ
ات أ ْع َم ِالنا َ ،م ْن َي ْه ِد ِه هللا فال م ِضل له ومن يض ِلل فال ه ِادي له ،وأشهد أن ال سي ِئ
َ َ َّ ُ َ ْ َ ُ َ َُ َ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ َّ ُ َ َّ ً َ ْ ُ ُ َ َ ُ ُُ
شيك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله . ِإله ِإال هللا وحده ال ِ
) (2 َ َ َ ُ ُ َّ َّ َ َ ْ ُ ْ ُ ْ ُ َ َّ َ َ َّ ُ َ َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ َّ ُ
﴿ يا أيها ال ِذين آمنوا اتقوا اَّلل حق تق ِات ِه وَل تموتن ِإَل وأنتم مس ِلمون ﴾
َ َ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َّ َ ََ ُْ ْ َْ َ َ ُّ َ َّ ُ َّ ُ َ َّ ُ ُ َّ
احد ٍة وخلق ِمنها زوجها وبث سو ِ ﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم ال ِذي خلقكم ِمن نف
َ ْ َ ْ َ َ َّ َّ َ َ َ َ َ ْ ُْ َ َ َُ ٍ َ َّ َ َّ َّ ُ َ ا َ ُْ
اَّلل ال ِذي تساءلون ِب ِه واألرحام ِإن اَّلل كان عليكم ِمنه َما ِرجاَل ك ِث ر ًيا َو ِن َس ااء َواتقوا
) (3 َرق ً
يبا ﴾ ِ
5
يدا ُي ْصل ْح َل ُك ْم َأ ْع َم َال ُك ْم َو َي ْغف ْر َل ُكمْ
َ َ ُ ُ َْ ا َ ً َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ َّ ُ
ِ س ِد َ َ ِ َ
﴿ يا أيها ال ِذين آمنوا اتقوا هللا وقولوا قوال
) (4 ً َ ً ْ َ ْ َ ُ َ ََ ُ َ ُُ َ ُْ َ َ ْ ُ
ذنوبكم ومن ي ِط ِع هللا ورسوله فقد فاز فوزا ع ِظيما ﴾
َ
أ َّما َب ْع ُد :
ى ى َّ َ ُ ُ َ َ َْ َْ ْ َ ْ ُ َ َّ َ َ َ َ َ
ي هدي محم ٍد – صىل هللا عليه وآله وسلم ، - الم هللا ُ ،وخي َال َهد ْ ِ ف ِإن خي الكَل ِم ك
َ ُ َّ ْ َ َ َ َ َ ُ َّ َ َ َ ُ َ َ َُ َّ ْ ُ
ور ُم ْح َدثاتها ،وك َّل ُمحدث ٍة ِبدعة ،وكل ِبدع ٍة ضَللة ،وكل ضَلل ٍة ِ يف الن ِار .
َّ َ ْ َ َ
ِ
األمُ وش
وبعد :
ّ
فإن خي ما نستفتح كلمتنا هذه إنما هو قول هللا – تبارك وتعاىل : -
ُ ّ
مسلم أن ينطلق منه لمعرفة
ٍ لكل ينبغ ذي ال األساس ه الكريمة اآلية هذه إن
ي ً ً
ي َ
الت اصطلح بعض العلماء قديما وحديثا عىل تسميتها بالدعوة السلفية ، الدعوة ي
بدعوة أنصار السنة المحمدية وآخرون بدعوة أهل الحديث ِ وقد ُيسميها بعضهم
معت واحد ؛ هذا المعت الواحد طالما غفل عنه جماعات وكلها أسماء تدل عىل ى
ً
وحديثا ولم ينتبهوا لها ،أو أنهم انتبهوا لها ولم َ ً
يرعوها حق قديما من المسلمي
رعايتها ؛ ذلك ألن الناس قد مض عليهم قرون طويلة وقد ران عىل قلوب هم ُ
الجمود
المذهت بي أهل السنة الذين ينتمون إىل أنهم من أهل السنة ي عىل التقليد
والجماعة ،ران عىل هؤالء كلهم يف القرون المتأخرة بعد القرون الثالثة المشهود
ى
لها بالخيية ،ران عليهم الجمود عىل التقليد ،والتدين بالتقليد فضَل عن غي
الت
أولئك الذين ال ينتمون إىل مذهب أهل السنة والجماعة من الفرق األخرى ي
يشملها قول نبينا -صلوات هللا وسالمه عليه -يف الحديث المشهور :
ر ن
اآليتي 71-70 : ) 4سورة األحزاب ،
6
وف رواية ُم ِّ
فّسة للرواية األوىل قال -عليه الصالة والسالم : - ي
َ
يدع جماعات أخرى يف هذا الزمان ومن فالفرقة الناجية علمها ليست فقط كما ي
تنتم إىل العمل بالكتاب
ي قبل هذا الزمان هذه الفرقة ليست عالمتها فقط أنها
َّ
والسنة ؛ فإن هذا االنتماء ال يستطيع أحد من المسلمي ولو كانوا من الفرق
ً ً
قديما أو حديثا أن فرقة من تلك الفرقٍ الخارجة عن الفرقة الناجية ال تستطيع أي
تتيأ من االنتماء إىل الكتاب والسنة ؛ ألنها إن فعلت فقد رفعت علم الخروج عن
الت
اإلسالم ،ولذلك فكل الجماعات اإلسالمية وكل الفرق اإلسالمية ؛ هذه الفرق ي
ذكرها الرسول – عليه السالم -أو أشار إليها يف الحديث السابق كلها تشيك عىل
وه " االنتماء إىل الكتاب والسنة " ،أما الذين ُأشنا إليهم يف
كلمة واحدة ؛ أال ي
ْ
مطلع هذه الكلمة من السلفيي وغيهم ممن ين َحون منحاهم وقد يتسمون بغي
هذا االسم ؛ فهؤالء يختلفون عن كل الطوائف اإلسالمية األخرى بأنهم ينتمون إىل
الشء اآلخر هو العصمة من الخروج عن الكتاب والسنة باسم ُ ُ
شء آخر ؛ هذا ي ي
7
النب -صىل
التمسك بالكتاب والسنة ؛ أال وهو " التمسك بما كان عليه أصحاب ي
هللا عليه وآله وسلم – " من المهاجرين واألنصار والذين اتبعوهم من أتباعهم
بالخيية " يف الحديث الصحيح ؛ ر وأتبا ِع أتباعهم ؛ أال وهم " القرون المشهود لهم
بل الحديث المتواتر الذي قاله رسول هللا – صىل هللا عليه وآله وسلم – أال وهو :
،فاتباع هؤالء الجيل
ُ ُ َ ى
األول :جيل الصحابة األنور األطهر ،ثم ال ِذي َن َج ُاءوا ِمن َب ْع ِد ِه ْم َيقولون
)
َّ
ينتم إىل العمل بما كان
ي أن البد الناجية الفرقة من يكون أن اد
ر أ من لكل البد هؤالء
عليه هؤالء الصحابة والتابعون وهم السلف الصالح الذين نحن نقتدي بهم ،
وليس هذا األمر من وجوب االقتداء بهؤالء السلف الصالح باألمر المبتدع ؛ بل هو
األمر الواجب الذي جاءت اإلشارة إليه بل الترصي ح به يف مثل قوله – تبارك وتعاىل
ً ً
تحذيرا شديدا عن مخالفة الرسول - فاهلل – تبارك وتعاىل – قد ذكر يف هذه اآلية
صىل هللا عليه وآله وسلم -ومشاققته ،ثم عطف عىل ذلك فقال :
وال شك أن هؤالء المؤمني الذين حذر هللا -سبحانه وتعاىل – الناس من
المسلمي أن يخالفوا سبيل المؤمني ،ال شك أن هؤالء إنما هم الذين ذكروا يف
ن
أب شيبة ( ،)33080والحارث يف ((المسند)) ()1036
) 8صحيح أخرجه أحمد ( )18447واللفظ له ،وابن ي
ر
الحش :اآلية 10 )9
) 10النساء :اآلية 115
8
رض هللا اآلية السابقة من المهاجرين واألنصار ،والذين اتبعوهم بإحسان فقد -ي
ينتم
ي عنهم ورضوا عن رب هم -؛ ذلك هو المعيار الذي يفرق بي المسلم الذي
بلسانه إىل الكتاب والسنة ،ثم قد يخالف الكتاب والسنة حينما ال يرجع إىل
النت -
العصمة من مخالفة الكتاب والسنة أال وهو التمسك بما كان عليه أصحاب ي
صىل هللا عليه وآله وسلم . -
أنتم اآلن أمام نص من اآلية ومن الحديث الصحيح ،ذكرت اآلية سبيل المؤمني ،
النت -صىل هللا عليه وآله وسلم -أصحابه كما ذكر سنة الخلفاء الراشدين يف
وذكر ي
الحديث اآلخر الصحيح الذي رواه جماعة من أصحاب السنة منهم أبو داوود
واليمذي واإلمام أحمد وغيهم عن العرباض بن سارية قال :
ى
ولذلك فال يجوز للمسلم باسم اتباع الكتاب والسنة أن يتبع آر ىاء أو أقواًل تخالف ما
يسي ر
) 11أخرجه أبو داود ( ،)4607واليمذي ( ،)2676وابن ماجه ( ،)42وأحمد ( )17144باختالف ر
[ ) 12سورة النساء . ] 115 :
9
كان عليه سلفنا الصالح ذلك ألن ما كانوا عليه هو تبيان للكتاب والسنة ،وأنتم
ه بنص القرآن الكريم تبيان للقرآن الكريم ،كما قال هللا ً
تعلمون جميعا أن السنة ي
النت -صىل هللا عليه وآله وسلم -بقوله : ً
– تبارك وتعاىل -مخاطبا شخص ي
النت -صىل هللا عليه وآله وسلم -توىل بيان القرآن بسنته وسنته
فكما أن ي
أقسام :
ٍ تنقسم إىل ثالثة
وفعل وتقرير ؛ وهذه السنة ليس لنا طريق إىل الوصول إليها والتعرف
ٍ قول
إىل ٍ
النت -صىل هللا عليه وآله وسلم . -
عليها إال من طريق أصحاب ي
ولذلك فال سبيل إىل أن يكون المسلم من الفرقة الناجية إال بأن يتبع الكتاب
ً
والسنة وعىل ما كان عليه السلف الصالح ؛ هذا األمر الثالث يجب أن يكون ثابتا يف
أذهان المسلمي كلهم إذا كانوا صادقي يف أن يكونوا من الناجي يوم القيامة
10
ًّ ً وطر َ
ائق ِقددا ،فمن كان يريد حقا الرجوع إىل الكتاب والسنة فليمه الرجوع إىل ما
النت -صىل هللا عليه وآله وسلم -والتابعي وأتباعهم من كان عليه أصحاب ي
بعدهم .
ى
ينتم إىل العلم
ي كثي من المناسبات أقواًل يتلفظ بها بعض من وأنتم تسمعون يف ٍ
ً
ولكن ليس هذا هو العلم الذي طريقه ما ذكرته آنفا ؛ الكتاب والسنة وما كان عليه
الصحابة ،وإنما يعنون بالعلم ما يفهمونه هم من الكتاب والسنة دون أن يرجعوا
الت تحفظهم من أن يكونوا من الفرق الضالة ؛ لذلك تجدون إىل العصمة ي
ويطبع يف العرص الحاض من رسائل أو من مقاالت أن نّس ُ وتسمعون ف بعض ما ُي ُ
َ َّ ي
كثيا من هؤالء الذين يدعون العلم أو ينتمون إىل العلم أو يزعم جماهي أنهم من ً
ً ً
الت ذكرناها آنفا يقول :
ي األدلة هذه لكل ا الف أهل العلم تسمعون منهم من يقول مخ
الخلف أعلم وأحكم " ؛ هذا إعالن ضي ح ُ ن ُ
ومذهب ُ
أسلم ن
السلف ُ
مذهب "
ً ي ي
الت
ي النصوص من ا آنف مفضوح بأن هذا القائل وأمثاله لم يرجعوا إىل ما ذكرنا
ُ
النت – صىل هللا عليه وآله وسلم ي أصحاب عليه كان ما إىل يلتفتوا أن عليهم ب وج
ِ ت
– من الهدى والنور ،فقول هؤالء :
" إن علم السلف أسلم وعلم الخلف أعلم وأحكم " ؛ معت ذلك أنهم أعرضوا
النت – صىل هللا عليه وآله وسلم – باتباع سنتهم . عن اتباع السلف الذين أمر ي
السلق الت تبي لكم الفرق بي من يتخذ هذا المنهج ولي أردتم بعض األمثلة
ي يُ ُ ً
منهجا لهم وبي أولئك الذين يعرضون عن هذا المنهج إىل اتباع الخلف بزعم أنهم
أعلم وأحكم ،نقول عىل سبيل المثال :
تجدون هؤالء الذين ال يلتفتون إىل معرفة ما كان عليه سلفنا الصالح يأتون بأقوال
وبأفكار وبمذاهب نقطع ببطالنها وبمخالفتها للكتاب والسنة ؛ ألنها عىل خالف ما
النت – صىل هللا عليه وآله وسلم – والصحابة والتابعون لهم بإحسان . كان عليه ي
11
ن
الحاض : ن ر
والب يلهج بها بعض الناس يف العرص
من أوضح األمثلة عىل ذلك ي
تفريقهم بي حديث اآلحاد وبي حديث التواتر ،إن هذا التفريق من أبرز األدلة عىل
ً
خروجهم عن اتباع السلف الصالح ألنهم ال يعرفون شيئا اسمه حديث متواتر وهو
حديث آحاد وبخاصة أن هؤالء الخلف الذين اصطلحوا عىل هذا التفريق بي
عيا ،فقالوا : الحديث اآلحاد وأحاديث التواتر بنوا عىل ذلك ً
حكما ُش ًّ
ُ َ ا ً
" بأن حديث اآلحاد ولو كان صحيحا إذا كان قد تضمن عقيدة فال يؤخذ بهذا
ِّ ً َّ
الحديث ولو كان صحيحا إَل إذا بلغ مبلغ التواتر " ؛ هذا التقسيم الذي ُرتب
َ
عليه هذا الحكم وهو التفريق بي العقيدة فال ُيؤخذ فيها بحديث اآلحاد وبي
س ماس السلف ،من َد َر َ األحكام فيؤخذ فيها بحديث اآلحاد ،هذا التقسيم من َد َر َ
ً
كان عليه الصحابة وما كان عليه أتباعهم من بعدهم يقطع يقينا بأن مثل هذا
وه فلسفة يتيأ منها اإلسالم ،وكلنا يعلم وهم دخيل يف اإلسالم ي التقسيم هو
ً
يعلمون أيضا ولكنهم يجحدون كما قال هللا – عز وجل – يف غيهم
ً ً
النت – صىل هللا عليه وآله وسلم – كان يرسل أفرادا من ،فإنهم جميعا يعلمون أن ي
أصحابه -عليه الصالة والسالم – يدعون الناس البعيدين عن المدينة حيث كان
ً فيها ّ
النت – صىل هللا عليه وسلم – كان يرسل أفرادا يدعونهم إىل اإلسالم ،وليس
ى يّ
اإلسالم إال ما جاء به الرسول – عليه الصالة والسالم – شامَل كما ال خالف يف ذلك
ً ى
أحكاما ومن األمثلة المشهورة يف السنة الصحيحة ،بي ما كان عقيدة وبي ما كان
الت يعرفونها ثم ينحرفون عنها إرسال ّ
النت – صىل هللا عليه وسلم – إىل اليمن تارة
ي ً ي
ً
معاذا وتارة أبا موش األشعري وتارة عليا ...
12
ماذا كان هؤالء الصحابة
ّ
ال شك أنهم كانوا يدعونهم إىل اإليمان باهلل ورسوله وهو أصل كل عقيدة ّ ،ثم إىل
وف
اإلسالم الذي جاء به -عليه الصالة والسالم – وقد جاء يف صحيح البخاري ي
رض هللا تعاىل عنه – أن ّ
النت -صىل هللا عليه ّ
ي ً أنس – ي
مسلم من حديث ٍٍ صحيح
وآله وسلم – ّ
لما أرسل معاذا إىل اليمن قال له :
13
ِّ
السلق كما يدرس الكتاب ي لذلك كان لز ًاما عىل كل من يريد أن يكون عىل هذا المنهج
ً ّ
والسنة ؛ عليه أن يدرس أيضا ما كان عليه السلف من الصحابة والتابعي وأتباعهم
ألنهم هم الذين نقلوا إلينا هذه الدعوة عىل الوجه الصحيح ،وهذا المثال بي
أيديكم تفريقهم بي حديث اآلحاد وحديث التواتر ؛ فهم يقولون بأن العقيدة ال
عجيبة
ٍ تؤخذ إال من حديث التواتر ،ولقد وقعوا يف بعض األحيان يف متناقضات
السلق ؛ فإن بعض النصوص ُ ّ ً
الّسعية ي المنهج هذا عن ابتعادهم بسبب وذلك ا جد
ً ى
وحكما ،كمثل قوله – عليه الصالة والسالم – آن واحد عقيدة تتضمن يف ٍ
رض هللا تعاىل عنه – قال :
أب هريرة – ي والحديث يف الصحيحي من حديث ي
فه مسألة فيها حكم من أحكام هذا الحديث فيه أمر باالستعاذة من هذه األرب ع ي
الّسعية لذلك الالّسيعة وهم معنا عىل أن الحديث اآلحاد تثبت فيه األحكام ُُ
يسعهم إال أن يأخذوا بهذا الحديث وفيه األمر باالستعاذة من هذه األرب ع
ن
هنا يقعون كما يقال " :يف حيص بيص " عذاب القي عقيدة وعذاب القي يف
اعتقادهم لم يثبت بحديث متواتر ،ولذلك فهم ال يعتقدون بعذاب القي ؛ اللهم
إال ما جاء ذكره يف آية يف القرآن يف حق فرعون
ى
هذه النار يقولون عذاب فرعون وآل فرعون أما عامة الكفار أوًل
شء من عذاب القي فهذا مما ال ُ
الذين ثبت يف حقهم ي
ً
ثم المسلمون العصاة
وه قولهم " :أن يؤمنون به وما ذاك إال انطالقا منهم من تلك العقيدة الباطلة ي
متواترا ال تثبت فيه عقيدة " ولذلك فهم ينكرون ً الحديث الصحيح ما لم يكن
ً
جدا بزعم أنها لم تصل مرتبة التواتر . أحاديث كثية وكثية
14
ى
رض هللا تعاىل
ََ ي - عباس ابن عن البخاري حديث - هللا شاء إن - تعلمون مثَل أنتم
َ َّ
ت -صىل هللا عليه وآله وسلم ِ -بق ْ َيْي ِن فقال : عنه -قال َ :م َّر الن ِّ
ِي
َّ
هذا الحديث يف صحيح البخاري ،وتسمعون أن الن يت -صىل هللا عليه وسلم -
ُ ّ
عذبان فدعا َّ
الرسول -عليه السالم ض َح فيه بأن هذين مسلمي ،ومع ذلك فهما ي
َّ
بق هذان الغصنان رطبان . -لهما بأن ُيخفف هللا عنهما العذاب بقدر ما َ
ي
ه
النت -صىل هللا عليه وعىل آله وسلم : -كذلك هناك حديث آخر يقول فيه ي
المّسكي ولبعض المسلميمع ورود هذه األحاديث ف عذاب القي بالنسبة لبعض ُ
ِ ي
ِّ
مع ذلك ُعطلت هذه األحاديث ولم يعتقد بها وبمضمونها بفلسفة أنها أحاديث
ُ
آحاد .
أب هريرة
فماذا موقفهم بالنسبة لحديث ي
ً
تنفيذا لهذا الحكم ُ ْ
ع وهو ي الّس القي عذاب من باهلل استعاذوا إن القي
ِ منها عذاب
ُ ُ
يجب األخذ بحديث اآلحاد يف األحكام ؛ واجبهم ؛ ألنهم ال يختلفون معنا يف أنه
) 19الراوي :عبدهللا بن عباس | المحدث :البخاري | المصدر :صحيح البخاري
) 20للحاكم ،وهو صحيح اإلسناد
أب بكر .
) 21أخرجه البخاري ( )187/1ومسلم ( )624/2من طريق فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت ي
ن
رض هللا عنه -
اب هريرة -ي
) 22أخرجه مسلم ( )588من حديث ي
15
ع أمرنا الرسول -عليه السالم -أن ندعو بهذا الدعاء يف التشهد ُ
فهذا حكم ش ي
قوله ْم وقولهم ّ
حق ألنهم معنا هنا .. األخي ؛ فإن هم أخذوا به كما هو ُ
ضالي ،منحرفي بسبب الفلسفة الت خرجوا بها َّ ِّ ً
عما كان عليه ي ، حيارى هم ا فإذ
النت -صىل هللا عليه وآله وسلم -من عدم التفريق بي األحاديث وجعلها أصحاب ي
ً
أحد من األئمة األربعة
آحاد وجعلها تواتر ،ال تفريق عند السلف إطالقا ،وال عند ٍ
الذين اتبعوا السلف الصالح يف عقائدهم ؛ إال من انحرف من أتباع األتباع من بعض
الفرق الضالة كالمعيلة والخوارج ونحو ذلك ؛ فهؤالء خالفوا سبيل المؤمني فحق
فيهم وعيد رب العالمي :
ً
هذا مثال واضح جدا يؤكد لكم أن التمسك بالكتاب والسنة وحده ال يفيدهم ؛ فقد
أنكروا السنة يف ما يتعلق بما سموه بحديث اآلحاد فالعصمة العصمة التمسك بما
كان عليه السلف ،لذلك نجد أحد أئمتنا والذين لهم الفضل يف إرشادهم إيانا إىل
وأعت
ي التمسك بهذا المنهج " منهج السلف الصالح " يف فهم الكتاب والسنة
بذلك ابن القيم -رحمه هللا -الذي جمع هذا المعت يف بيتي له من الشعر فقال -
رحمه هللا : -
16
النت -صىل هللا عليه وآله
الت تتمسك بما كان عليه أصحاب ي ه ي
الفرقة الناجية ي
وسلم -ولذلك قال ابن القيم :
بيت ابن القيم -رحمه هللا -إشارة إىل مثال آخر غي
الثاب من ي
ي وف هذا البيت
ي
المثال األول الذي يتعلق بتفريقهم بي حديث اآلحاد وحديث التواتر ،فال يأخذون
بحديث اآلحاد يف العقيدة مع أن هذا خالف ما كان عليه السلف من األخذ بكل
األحاديث ف كل ما يتعلق باإلسالم سواء كان عقيدة أو كان ً
حكما . ي
يشي ابن قيم يف قوله :
ً
فإن من المنهج الذي سلكه هؤالء الخلف خالفا لمنهج السلف ؛ هو تأويل اآليات
رض هللا عنهم -
وعدم اتباعها كما جاءت دون تأويل ودون تعطيل ،فالسلف -ي
منهم األئمة األربعة قد ذهبوا يف موقفهم من آيات الصفات وأحاديث الصفات إىل
اإليمان بحقائق معانيها دون تشبيه ودون تعطيل .
17
آب يف ذلك ضي ح كما تعلمون
تبارك وتعاىل -عن مشابهته للحوادث ؛ والنص القر ي
أال وهو قوله -عز وجل : -
واجب عىل كل مسلم والخلف زعموا أنهم ييهون شء ؛ تييه وهذا ُ
ٍ ليس كمثله ي
معنا رب العالمي ؛ ولكنهم بالغوا يف التييه فوقعوا يف التعطيل !
ف بها إىل عباده َت َع َّر َوهو إنكار صفات هللا -عز وجل -الت َت َع َّر َ
ف ربنا -عز وجل - ي
وف بعض األحاديث ؛ فعطل الخلف إىل عباده حينما وصف نفسه ببعض اآليات ي
معاب هذه اآليات بإخراجها عن معانيها الظاهرة ؛ زعموا أنهم فعلوا ذلك من باب ي
ُ ُّ َ
التييه فخالفوا اآليات وخالفوا السلف الصالح الذين كانوا ي ِمرونها عىل معانيها
الظاهرة والمعروفة يف اللغة العربية ؛ مع تييه هللا -تبارك وتعاىل -عن مشابهته
للمخلوقات .
رض هللا
األئمة األربعة ؛ إمام دار الهجرة مالك بن أنس – ي وأنتم تعلمون أن من
ً
عنه ، -فقد أصبح معلوما لدى الخاصة والعامة ،ما ثبت عنه بالسند الصحيح أن
ى
رجَل جاء إليه يسأله قال " :يا مالك
قال :االستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة ،أخرجوا الرجل فإنه
واف ،حيثشاف ٍٍ بجواب
ٍ مبتدع " ؛ لقد أجاب هنا اإلمام مالك – رحمه هللا –
َّبي أن االستواء يف اللغة العربية معلوم وهو العلو ؛ أي إن قوله تعاىل
18
ً
؛ مسلم يعبد هللا ساجدا
ٍ يعت استعىل ،ولذلك يقول كل
ي
ى
فأجاب مالك بأن االستواء المذكور يف اآلية معلوم لغة ،لكن أنت تسأل عن الكيف
َّ
الحق أن صفات هللا – عز وجل ُ -يقال فيها ما ُيقال يف ذاته الكيف مجهول ؛ ألن
كل مسلم ُيثبت وجود هللا – تبارك وتعاىل – وذاته ،كذلك – عز وجل ، -فكما أن َّ
يثبت صفاته – عز وجل ، -وكما أنه عاجز عىل أن يكيف ذات هللا – تبارك وتعاىل
ً – فكذلك هو عاجز أن ِّ
شيئا من صفات هللا – تبارك وتعاىل -؛ ولذلك قال : يكيف
" والكيف مجهول ،والسؤال عنه -أي عن الكيف -بدعة " ؛ فأنت مبتدع ؛ لذلك
أمر بطرد الرجل من ذلك المجلس الذي كان فيه مالك – رحمه هللا تبارك وتعاىل -
ً
فإذا ؛ مذهب السلف اإليمان بآيات الصفات وأحاديث الصفات عىل المعت
يناف التييه المرصح به يف قوله اللغوي دون تأويل ألنه تعطيل ،ودون تشبيه ألنه ي
تعاىل :
إن بعض المذاهب الموجودة اليوم عىل وجه األرض بعضها ليست من أهل السنة
؛ كالرافضة وأمثالهم ؛ فهم معطلة فيما يتعلق يف الصفات اإللهية ؛ أي إنهم عىل
الت خالفهم فيها بعض ً ً
مذهب المعيلة قديما والمعيلة قد أولوا كثيا من اآليات ي
الخلف من األشاعرة والماتريدية ؛ أي إن األشاعرة والماتريدية يلتقون مع المعيلة
ى
مثَل فإنهم يفّسونها بالمعت ُ
المبتدع يف تأويلهم لبعض اآليات منها :آية االستواء
وهو يف الواقع ضالل وقعوا فيه من حيث أرادوا يف زعمهم الفرار من الضالل حينما
فّسوا قوله تعاىل :
19
أي قالو استوىل ،ال أريد أن أقف ها هنا قد أعود إليه إن ساعد الوقت ولكن أريد أن
ألفت النظر بأن بعض الفرق من الذين يتمسكون بمذهب الخلف يف اآليات آيات
الصفات وأحاديث الصفات يلتقون مع المعيلة يف تأويل بعض هذه اآليات
ويخالفونهم يف بعضها ؛ من هذه اآليات أن المعيلة حينما وقفوا عند اآلية السابقة
التاىل من هذا اإلصدار المقدم :أخ الكريم نكمل استماع هذه المادة عىل ُ
الّسيط
ي ي
أخ الكريم ال تنسنا بدعوة بظهر الغيب ليقول لك الملك ولك بمثلها ، ً
وأخيا ي
سائلي هللا -عز وجل -أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما جهلنا .
والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته .
20