Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 20

1

2
‫الجزء األول‬

‫﷽‬

‫َّ‬
‫مسلم أن ينطلق منها لمعرفة‬
‫ٍ‬ ‫لكل‬ ‫ينبغ‬ ‫الذي‬ ‫األساس‬ ‫ه‬ ‫الكريمة‬ ‫اآلية‬ ‫هذه‬ ‫إن‬
‫ً ي ً‬ ‫ي‬
‫الت اصطلح بعض العلماء قديما وحديثا عىل تسميتها بالدعوة السلفية‬‫الدعوة ي‬

‫الدعوة السلفية‬

‫بدعوة أنصار السنة المحمدية ‪ ،‬وآخرون بدعوة آل الحديث ‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫قد يسميها بعضهم‬
‫معت واحد ؛ هذا المعت الواحد طالما غفل عنه جماعات‬ ‫تدل عىل ى‬
‫وكلها أسماء ُّ‬
‫ً‬
‫وحديثا ولم ينتبهوا لها أو أنهم انتبهوا لها ولم َ‬
‫يرع ْوها حق‬ ‫ً‬
‫قديما‬ ‫من المسلمي‬
‫رعايتها ‪.‬‬

‫الدعوة السلفية‬

‫َ‬
‫ولذلك ال سبيل إىل أن يكون المسلم من الفرقة الناجية إال بأن يتبع الكتاب والسنة‬
‫وعىل ما كان عليه السلف الصالح ‪.‬‬

‫‪ ) 1‬سورة التوبة ‪ ،‬اآلية ‪100 :‬‬

‫‪3‬‬
‫السلفية‬

‫ً‬
‫هذا األمر الثالث يجب أن يكون ثابتا يف أذهان المسلمي كلهم إذا كانوا صادقي يف‬
‫أن يكونوا من الناجي يوم القيامة ‪ ،‬يوم ال ينفع مال وال بنون ‪.‬‬

‫الدعوة السلفية‬

‫ولذلك عدم الرجوع إىل ما كان عليه سلفنا الصالح من المفاهيم ومن األذكار واآلراء‬
‫ً‬
‫ددا ‪.‬‬ ‫هو السبب األصيل الذي جعل المسلمي يتفرقون إىل مذاهب شت وطرائق ِق‬

‫الدعوة السلفية‬

‫ً‬
‫فمن كان يريد حقا الرجوع إىل الكتاب والسنة ؛ فيلزمه الرجوع إىل ما كان عليه‬
‫النت ‪ -‬صىل هللا عليه وآله وسلم والتابعي وأتباعهم من بعدهم ‪. -‬‬‫أصحاب ي‬

‫‪4‬‬
‫السلفية‬

‫َ‬ ‫ْ ُُ ُ َ ْ ُ َ‬ ‫َّ َ ْ َ ه َ ْ َ ُ ُ َ َ ْ َ ُ ُ َ َ ْ َ ْ ُ ُ َ َ ُ ُ‬
‫ور أنف ِسنا ومن‬ ‫ش‬ ‫ن‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫اهلل‬
‫ِ‬ ‫ب‬ ‫وذ‬ ‫لِل نحمده ونست ِعينه ونستغ ِفره ‪ ،‬ونع‬ ‫الحمد ِ ِ‬ ‫إن‬
‫ُ َ َ ُ َّ َ ُ َ َ ْ ُ ْ ِْ َ َ َ َ َ ُِ َ َ ْ َ ُ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ِّ َ‬
‫ات أ ْع َم ِالنا ‪َ ،‬م ْن َي ْه ِد ِه هللا فال م ِضل له ومن يض ِلل فال ه ِادي له ‪ ،‬وأشهد أن ال‬ ‫سي ِ‬‫ئ‬
‫َ َ َّ ُ َ ْ َ ُ َ َُ َ َ ُ َ َ ْ َ ُ َ َّ ُ َ َّ ً َ ْ ُ ُ َ َ ُ ُُ‬
‫شيك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ‪.‬‬ ‫ِإله ِإال هللا وحده ال ِ‬
‫) ‪(2‬‬ ‫َ َ َ ُ ُ َّ َّ َ َ ْ ُ ْ ُ ْ ُ َ‬ ‫َّ َ َ َّ ُ َ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ َّ ُ‬
‫﴿ يا أيها ال ِذين آمنوا اتقوا اَّلل حق تق ِات ِه وَل تموتن ِإَل وأنتم مس ِلمون ﴾‬
‫َ َ َ َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َ َّ‬ ‫َ ََ ُْ ْ َْ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ ُ َّ ُ َ َّ ُ ُ َّ‬
‫احد ٍة وخلق ِمنها زوجها وبث‬ ‫سو ِ‬ ‫﴿ يا أيها الناس اتقوا ربكم ال ِذي خلقكم ِمن نف‬
‫َ ْ َ ْ َ َ َّ َّ َ َ َ َ َ ْ ُْ‬ ‫َ َ َُ ٍ َ‬ ‫َّ َ َّ‬ ‫َّ ُ‬ ‫َ ا َ‬ ‫ُْ‬
‫اَّلل ال ِذي تساءلون ِب ِه واألرحام ِإن اَّلل كان عليكم‬ ‫ِمنه َما ِرجاَل ك ِث ر ًيا َو ِن َس ااء َواتقوا‬
‫) ‪(3‬‬ ‫َرق ً‬
‫يبا ﴾‬ ‫ِ‬

‫‪ ) 2‬سورة آل عمران ‪ ،‬اآلية ‪102 :‬‬


‫‪ ) 3‬سورة النساء ‪ ،‬اآلية ‪1 :‬‬

‫‪5‬‬
‫يدا ُي ْصل ْح َل ُك ْم َأ ْع َم َال ُك ْم َو َي ْغف ْر َل ُكمْ‬
‫َ َ ُ ُ َْ ا َ ً‬ ‫َ َ ُّ َ َّ َ َ ُ َّ ُ‬
‫ِ‬ ‫س ِد َ َ ِ‬ ‫َ‬
‫﴿ يا أيها ال ِذين آمنوا اتقوا هللا وقولوا قوال‬
‫) ‪(4‬‬ ‫ً‬ ‫َ‬ ‫ً‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫َ ََ ُ َ‬ ‫ُُ َ ُْ َ َ ْ ُ‬
‫ذنوبكم ومن ي ِط ِع هللا ورسوله فقد فاز فوزا ع ِظيما ﴾‬
‫َ‬
‫أ َّما َب ْع ُد ‪:‬‬
‫ى‬ ‫ى‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫َ َ َْ َْ ْ َ ْ‬ ‫ُ‬ ‫َ َّ َ َ َ َ َ‬
‫ي هدي محم ٍد – صىل هللا عليه وآله وسلم ‪، -‬‬ ‫الم هللا ُ‪ ،‬وخي َال َهد ْ ِ‬ ‫ف ِإن خي الكَل ِم ك‬
‫َ ُ َّ ْ َ َ َ َ َ ُ َّ َ َ َ‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ َُ َّ ْ ُ‬
‫ور ُم ْح َدثاتها ‪ ،‬وك َّل ُمحدث ٍة ِبدعة ‪ ،‬وكل ِبدع ٍة ضَللة ‪ ،‬وكل ضَلل ٍة ِ يف الن ِار ‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫األمُ‬ ‫وش‬
‫وبعد ‪:‬‬

‫ّ‬
‫فإن خي ما نستفتح كلمتنا هذه إنما هو قول هللا – تبارك وتعاىل ‪: -‬‬

‫ُ‬ ‫ّ‬
‫مسلم أن ينطلق منه لمعرفة‬
‫ٍ‬ ‫لكل‬ ‫ينبغ‬ ‫ذي‬ ‫ال‬ ‫األساس‬ ‫ه‬ ‫الكريمة‬ ‫اآلية‬ ‫هذه‬ ‫إن‬
‫ي ً‬ ‫ً‬
‫ي‬ ‫َ‬
‫الت اصطلح بعض العلماء قديما وحديثا عىل تسميتها بالدعوة السلفية ‪،‬‬ ‫الدعوة ي‬
‫بدعوة أنصار السنة المحمدية وآخرون بدعوة أهل الحديث‬ ‫ِ‬ ‫وقد ُيسميها بعضهم‬
‫معت واحد ؛ هذا المعت الواحد طالما غفل عنه جماعات‬ ‫وكلها أسماء تدل عىل ى‬
‫ً‬
‫وحديثا ولم ينتبهوا لها ‪ ،‬أو أنهم انتبهوا لها ولم َ‬ ‫ً‬
‫يرعوها حق‬ ‫قديما‬ ‫من المسلمي‬
‫رعايتها ؛ ذلك ألن الناس قد مض عليهم قرون طويلة وقد ران عىل قلوب هم ُ‬
‫الجمود‬
‫المذهت بي أهل السنة الذين ينتمون إىل أنهم من أهل السنة‬ ‫ي‬ ‫عىل التقليد‬
‫والجماعة ‪ ،‬ران عىل هؤالء كلهم يف القرون المتأخرة بعد القرون الثالثة المشهود‬
‫ى‬
‫لها بالخيية ‪ ،‬ران عليهم الجمود عىل التقليد ‪ ،‬والتدين بالتقليد فضَل عن غي‬
‫الت‬
‫أولئك الذين ال ينتمون إىل مذهب أهل السنة والجماعة من الفرق األخرى ي‬
‫يشملها قول نبينا ‪ -‬صلوات هللا وسالمه عليه ‪ -‬يف الحديث المشهور ‪:‬‬

‫ر ن‬
‫اآليتي ‪71-70 :‬‬ ‫‪ ) 4‬سورة األحزاب ‪،‬‬

‫‪6‬‬
‫وف رواية ُم ِّ‬
‫فّسة للرواية األوىل قال ‪ -‬عليه الصالة والسالم ‪: -‬‬ ‫ي‬

‫ى‬ ‫ُ‬ ‫ً‬


‫الت تدل ِداللة واضحة عىل أن الفرقة‬‫ي‬ ‫يحة‬‫رص‬ ‫ال‬ ‫األحاديث‬ ‫من‬ ‫الحديث‬ ‫هذا‬ ‫ا‬ ‫فإذ‬
‫الت أخي رسولنا ‪ -‬صلوات هللا وسالمه عليه ‪-‬‬ ‫الناجية من الفرق الثالث وسبعي ي‬
‫أنها ستقع ف هذه األمة وخيه ‪ -‬عليه الصالة والسالم ‪ -‬صدق ‪ ،‬ألنه كما ‪ -‬قال‬
‫تعاىل يف القرآن الكريم ‪: -‬‬

‫َ‬
‫يدع جماعات أخرى يف هذا الزمان ومن‬ ‫فالفرقة الناجية علمها ليست فقط كما ي‬
‫تنتم إىل العمل بالكتاب‬
‫ي‬ ‫قبل هذا الزمان هذه الفرقة ليست عالمتها فقط أنها‬
‫َّ‬
‫والسنة ؛ فإن هذا االنتماء ال يستطيع أحد من المسلمي ولو كانوا من الفرق‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫قديما أو حديثا أن‬ ‫فرقة من تلك الفرق‬‫ٍ‬ ‫الخارجة عن الفرقة الناجية ال تستطيع أي‬
‫تتيأ من االنتماء إىل الكتاب والسنة ؛ ألنها إن فعلت فقد رفعت علم الخروج عن‬
‫الت‬
‫اإلسالم ‪ ،‬ولذلك فكل الجماعات اإلسالمية وكل الفرق اإلسالمية ؛ هذه الفرق ي‬
‫ذكرها الرسول – عليه السالم ‪ -‬أو أشار إليها يف الحديث السابق كلها تشيك عىل‬
‫وه " االنتماء إىل الكتاب والسنة " ‪ ،‬أما الذين ُأشنا إليهم يف‬
‫كلمة واحدة ؛ أال ي‬
‫ْ‬
‫مطلع هذه الكلمة من السلفيي وغيهم ممن ين َحون منحاهم وقد يتسمون بغي‬
‫هذا االسم ؛ فهؤالء يختلفون عن كل الطوائف اإلسالمية األخرى بأنهم ينتمون إىل‬
‫الشء اآلخر هو العصمة من الخروج عن الكتاب والسنة باسم‬ ‫ُ‬ ‫ُ‬
‫شء آخر ؛ هذا ي‬ ‫ي‬

‫‪ ) 5‬رواه أبو هريرة ‪ ،‬من صحيح البخاري‬


‫‪ ) 6‬عبدهللا بن عباس | المحدث ‪ :‬ابن باز | المصدر ‪ :‬مجموع فتاوى ابن باز‬
‫‪ ) 7‬سورة النجم ( ‪) 3‬‬

‫‪7‬‬
‫النب ‪ -‬صىل‬
‫التمسك بالكتاب والسنة ؛ أال وهو " التمسك بما كان عليه أصحاب ي‬
‫هللا عليه وآله وسلم – " من المهاجرين واألنصار والذين اتبعوهم من أتباعهم‬
‫بالخيية " يف الحديث الصحيح ؛‬ ‫ر‬ ‫وأتبا ِع أتباعهم ؛ أال وهم " القرون المشهود لهم‬
‫بل الحديث المتواتر الذي قاله رسول هللا – صىل هللا عليه وآله وسلم – أال وهو ‪:‬‬
‫‪ ،‬فاتباع هؤالء الجيل‬
‫ُ ُ َ‬ ‫ى‬
‫األول ‪ :‬جيل الصحابة األنور األطهر ‪ ،‬ثم ال ِذي َن َج ُاءوا ِمن َب ْع ِد ِه ْم َيقولون‬

‫)‬

‫َّ‬
‫ينتم إىل العمل بما كان‬
‫ي‬ ‫أن‬ ‫البد‬ ‫الناجية‬ ‫الفرقة‬ ‫من‬ ‫يكون‬ ‫أن‬ ‫اد‬
‫ر‬ ‫أ‬ ‫من‬ ‫لكل‬ ‫البد‬ ‫هؤالء‬
‫عليه هؤالء الصحابة والتابعون وهم السلف الصالح الذين نحن نقتدي بهم ‪،‬‬
‫وليس هذا األمر من وجوب االقتداء بهؤالء السلف الصالح باألمر المبتدع ؛ بل هو‬
‫األمر الواجب الذي جاءت اإلشارة إليه بل الترصي ح به يف مثل قوله – تبارك وتعاىل‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫تحذيرا شديدا عن مخالفة الرسول ‪-‬‬ ‫فاهلل – تبارك وتعاىل – قد ذكر يف هذه اآلية‬
‫صىل هللا عليه وآله وسلم ‪ -‬ومشاققته ‪ ،‬ثم عطف عىل ذلك فقال ‪:‬‬

‫وال شك أن هؤالء المؤمني الذين حذر هللا ‪ -‬سبحانه وتعاىل – الناس من‬
‫المسلمي أن يخالفوا سبيل المؤمني ‪ ،‬ال شك أن هؤالء إنما هم الذين ذكروا يف‬
‫ن‬
‫أب شيبة (‪ ،)33080‬والحارث يف ((المسند)) (‪)1036‬‬
‫‪ ) 8‬صحيح أخرجه أحمد (‪ )18447‬واللفظ له‪ ،‬وابن ي‬
‫ر‬
‫الحش ‪ :‬اآلية ‪10‬‬ ‫‪)9‬‬
‫‪ ) 10‬النساء ‪ :‬اآلية ‪115‬‬

‫‪8‬‬
‫رض هللا‬ ‫اآلية السابقة من المهاجرين واألنصار ‪ ،‬والذين اتبعوهم بإحسان فقد ‪ -‬ي‬
‫ينتم‬
‫ي‬ ‫عنهم ورضوا عن رب هم ‪ -‬؛ ذلك هو المعيار الذي يفرق بي المسلم الذي‬
‫بلسانه إىل الكتاب والسنة ‪ ،‬ثم قد يخالف الكتاب والسنة حينما ال يرجع إىل‬
‫النت ‪-‬‬
‫العصمة من مخالفة الكتاب والسنة أال وهو التمسك بما كان عليه أصحاب ي‬
‫صىل هللا عليه وآله وسلم ‪. -‬‬
‫أنتم اآلن أمام نص من اآلية ومن الحديث الصحيح ‪ ،‬ذكرت اآلية سبيل المؤمني ‪،‬‬
‫النت ‪ -‬صىل هللا عليه وآله وسلم ‪ -‬أصحابه كما ذكر سنة الخلفاء الراشدين يف‬
‫وذكر ي‬
‫الحديث اآلخر الصحيح الذي رواه جماعة من أصحاب السنة منهم أبو داوود‬
‫واليمذي واإلمام أحمد وغيهم عن العرباض بن سارية قال ‪:‬‬

‫وف الحديث اآلخر ‪:‬‬


‫ي‬
‫ً‬
‫النت ‪ -‬صىل هللا عليه وآله وسلم ‪ -‬يف هذا الحديث أيضا عطف سنة‬ ‫فتجدون ي‬
‫يلتق مع‬
‫الخلفاء الراشدين عىل سنته ‪ -‬عليه الصالة والسالم ‪ -‬؛ فهذا الحديث ي‬
‫وه قوله تبارك‬
‫ويلتق مع قوله تعاىل يف اآلية الثانية أال ي‬
‫ي‬ ‫حديث الفرقة الناجية‬
‫وتعاىل ‪:‬‬

‫ى‬
‫ولذلك فال يجوز للمسلم باسم اتباع الكتاب والسنة أن يتبع آر ىاء أو أقواًل تخالف ما‬
‫يسي‬ ‫ر‬
‫‪ ) 11‬أخرجه أبو داود (‪ ،)4607‬واليمذي (‪ ،)2676‬وابن ماجه (‪ ،)42‬وأحمد (‪ )17144‬باختالف ر‬
‫‪ [ ) 12‬سورة النساء ‪. ] 115 :‬‬

‫‪9‬‬
‫كان عليه سلفنا الصالح ذلك ألن ما كانوا عليه هو تبيان للكتاب والسنة ‪ ،‬وأنتم‬
‫ه بنص القرآن الكريم تبيان للقرآن الكريم ‪ ،‬كما قال هللا‬ ‫ً‬
‫تعلمون جميعا أن السنة ي‬
‫النت ‪ -‬صىل هللا عليه وآله وسلم ‪ -‬بقوله ‪:‬‬ ‫ً‬
‫– تبارك وتعاىل ‪ -‬مخاطبا شخص ي‬

‫النت ‪ -‬صىل هللا عليه وآله وسلم ‪ -‬توىل بيان القرآن بسنته وسنته‬
‫فكما أن ي‬
‫أقسام ‪:‬‬
‫ٍ‬ ‫تنقسم إىل ثالثة‬
‫وفعل وتقرير ؛ وهذه السنة ليس لنا طريق إىل الوصول إليها والتعرف‬
‫ٍ‬ ‫قول‬
‫إىل ٍ‬
‫النت ‪ -‬صىل هللا عليه وآله وسلم ‪. -‬‬
‫عليها إال من طريق أصحاب ي‬
‫ولذلك فال سبيل إىل أن يكون المسلم من الفرقة الناجية إال بأن يتبع الكتاب‬
‫ً‬
‫والسنة وعىل ما كان عليه السلف الصالح ؛ هذا األمر الثالث يجب أن يكون ثابتا يف‬
‫أذهان المسلمي كلهم إذا كانوا صادقي يف أن يكونوا من الناجي يوم القيامة‬

‫تنتم إىل اإلسالم ‪ ،‬وكلها تعتقد أن‬


‫ي‬ ‫تدع أنها‬
‫جماعات كلها ي‬
‫ٍ‬ ‫ونحن اليوم نعيش مع‬
‫اإلسالم هو القرآن والسنة ‪ ،‬ولكن الجماهي منهم لم يرتضوا االعتماد عىل ما سبق‬
‫سبيل الصحابة المكرمي ومن‬ ‫بيانه من األمر الثالث أال وهو‬
‫ً‬
‫تبعهم بإحسان من التابعي وأتباعهم كما ذكرنا آنفا يف حديث‬
‫إىل آخره ‪.‬‬
‫ولذلك فعدم الرجوع إىل ما كان عليه سلفنا الصالح من المفاهيم ومن األفكار‬
‫شت‬‫واآلراء ؛ هو السبب األصيل الذي جعل المسلمي يتفرقون إىل مذاهب ى‬

‫‪ [ ) 13‬سورة النحل ‪. ] 44 :‬‬


‫‪ [ ) 14‬سورة الشعراء ‪. ] 89 - 88 :‬‬

‫‪10‬‬
‫ًّ‬ ‫ً‬ ‫وطر َ‬
‫ائق ِقددا ‪ ،‬فمن كان يريد حقا الرجوع إىل الكتاب والسنة فليمه الرجوع إىل ما‬
‫النت ‪ -‬صىل هللا عليه وآله وسلم ‪ -‬والتابعي وأتباعهم من‬ ‫كان عليه أصحاب ي‬
‫بعدهم ‪.‬‬
‫ى‬
‫ينتم إىل العلم‬
‫ي‬ ‫كثي من المناسبات أقواًل يتلفظ بها بعض من‬ ‫وأنتم تسمعون يف ٍ‬
‫ً‬
‫ولكن ليس هذا هو العلم الذي طريقه ما ذكرته آنفا ؛ الكتاب والسنة وما كان عليه‬
‫الصحابة ‪ ،‬وإنما يعنون بالعلم ما يفهمونه هم من الكتاب والسنة دون أن يرجعوا‬
‫الت تحفظهم من أن يكونوا من الفرق الضالة ؛ لذلك تجدون‬ ‫إىل العصمة ي‬
‫ويطبع يف العرص الحاض من رسائل أو من مقاالت أن‬ ‫نّس ُ‬ ‫وتسمعون ف بعض ما ُي ُ‬
‫َ َّ‬ ‫ي‬
‫كثيا من هؤالء الذين يدعون العلم أو ينتمون إىل العلم أو يزعم جماهي أنهم من‬ ‫ً‬
‫ً‬ ‫ً‬
‫الت ذكرناها آنفا يقول ‪:‬‬
‫ي‬ ‫األدلة‬ ‫هذه‬ ‫لكل‬ ‫ا‬ ‫الف‬ ‫أهل العلم تسمعون منهم من يقول مخ‬
‫الخلف أعلم وأحكم " ؛ هذا إعالن ضي ح‬ ‫ُ‬ ‫ن‬ ‫ُ‬
‫ومذهب‬ ‫ُ‬
‫أسلم‬ ‫ن‬
‫السلف‬ ‫ُ‬
‫مذهب‬ ‫"‬
‫ً‬ ‫ي‬ ‫ي‬
‫الت‬
‫ي‬ ‫النصوص‬ ‫من‬ ‫ا‬ ‫آنف‬ ‫مفضوح بأن هذا القائل وأمثاله لم يرجعوا إىل ما ذكرنا‬
‫ُ‬
‫النت – صىل هللا عليه وآله وسلم‬ ‫ي‬ ‫أصحاب‬ ‫عليه‬ ‫كان‬ ‫ما‬ ‫إىل‬ ‫يلتفتوا‬ ‫أن‬ ‫عليهم‬ ‫ب‬ ‫وج‬
‫ِ‬ ‫ت‬
‫– من الهدى والنور ‪ ،‬فقول هؤالء ‪:‬‬
‫" إن علم السلف أسلم وعلم الخلف أعلم وأحكم " ؛ معت ذلك أنهم أعرضوا‬
‫النت – صىل هللا عليه وآله وسلم – باتباع سنتهم ‪.‬‬ ‫عن اتباع السلف الذين أمر ي‬
‫السلق‬ ‫الت تبي لكم الفرق بي من يتخذ هذا المنهج‬ ‫ولي أردتم بعض األمثلة‬
‫ي‬ ‫يُ ُ‬ ‫ً‬
‫منهجا لهم وبي أولئك الذين يعرضون عن هذا المنهج إىل اتباع الخلف بزعم أنهم‬
‫أعلم وأحكم ‪ ،‬نقول عىل سبيل المثال ‪:‬‬
‫تجدون هؤالء الذين ال يلتفتون إىل معرفة ما كان عليه سلفنا الصالح يأتون بأقوال‬
‫وبأفكار وبمذاهب نقطع ببطالنها وبمخالفتها للكتاب والسنة ؛ ألنها عىل خالف ما‬
‫النت – صىل هللا عليه وآله وسلم – والصحابة والتابعون لهم بإحسان ‪.‬‬ ‫كان عليه ي‬

‫‪11‬‬
‫ن‬
‫الحاض ‪:‬‬ ‫ن‬ ‫ر‬
‫والب يلهج بها بعض الناس يف العرص‬
‫من أوضح األمثلة عىل ذلك ي‬

‫تفريقهم بي حديث اآلحاد وبي حديث التواتر ‪ ،‬إن هذا التفريق من أبرز األدلة عىل‬
‫ً‬
‫خروجهم عن اتباع السلف الصالح ألنهم ال يعرفون شيئا اسمه حديث متواتر وهو‬
‫حديث آحاد وبخاصة أن هؤالء الخلف الذين اصطلحوا عىل هذا التفريق بي‬
‫عيا ‪ ،‬فقالوا ‪:‬‬ ‫الحديث اآلحاد وأحاديث التواتر بنوا عىل ذلك ً‬
‫حكما ُش ًّ‬
‫ُ َ‬ ‫ا‬ ‫ً‬
‫" بأن حديث اآلحاد ولو كان صحيحا إذا كان قد تضمن عقيدة فال يؤخذ بهذا‬
‫ِّ‬ ‫ً َّ‬
‫الحديث ولو كان صحيحا إَل إذا بلغ مبلغ التواتر " ؛ هذا التقسيم الذي ُرتب‬
‫َ‬
‫عليه هذا الحكم وهو التفريق بي العقيدة فال ُيؤخذ فيها بحديث اآلحاد وبي‬
‫س ما‬‫س السلف ‪ ،‬من َد َر َ‬ ‫األحكام فيؤخذ فيها بحديث اآلحاد ‪ ،‬هذا التقسيم من َد َر َ‬
‫ً‬
‫كان عليه الصحابة وما كان عليه أتباعهم من بعدهم يقطع يقينا بأن مثل هذا‬
‫وه فلسفة يتيأ منها اإلسالم ‪ ،‬وكلنا يعلم وهم‬ ‫دخيل يف اإلسالم ي‬ ‫التقسيم هو‬
‫ً‬
‫يعلمون أيضا ولكنهم يجحدون كما قال هللا – عز وجل – يف غيهم‬

‫ً‬ ‫ً‬
‫النت – صىل هللا عليه وآله وسلم – كان يرسل أفرادا من‬‫‪ ،‬فإنهم جميعا يعلمون أن ي‬
‫أصحابه ‪ -‬عليه الصالة والسالم – يدعون الناس البعيدين عن المدينة حيث كان‬
‫ً‬ ‫فيها ّ‬
‫النت – صىل هللا عليه وسلم – كان يرسل أفرادا يدعونهم إىل اإلسالم ‪ ،‬وليس‬
‫ى‬ ‫يّ‬
‫اإلسالم إال ما جاء به الرسول – عليه الصالة والسالم – شامَل كما ال خالف يف ذلك‬
‫ً‬ ‫ى‬
‫أحكاما ومن األمثلة المشهورة يف السنة الصحيحة‬ ‫‪ ،‬بي ما كان عقيدة وبي ما كان‬
‫الت يعرفونها ثم ينحرفون عنها إرسال ّ‬
‫النت – صىل هللا عليه وسلم – إىل اليمن تارة‬
‫ي‬ ‫ً‬ ‫ي‬
‫ً‬
‫معاذا وتارة أبا موش األشعري وتارة عليا ‪...‬‬

‫‪ ) 15‬النمل [ اآلية ‪. ] 14 :‬‬

‫‪12‬‬
‫ماذا كان هؤالء الصحابة‬

‫ّ‬
‫ال شك أنهم كانوا يدعونهم إىل اإليمان باهلل ورسوله وهو أصل كل عقيدة ‪ّ ،‬ثم إىل‬
‫وف‬
‫اإلسالم الذي جاء به ‪ -‬عليه الصالة والسالم – وقد جاء يف صحيح البخاري ي‬
‫رض هللا تعاىل عنه – أن ّ‬
‫النت ‪ -‬صىل هللا عليه‬ ‫ّ‬
‫ي‬ ‫ً‬ ‫أنس – ي‬
‫مسلم من حديث ٍ‬‫ٍ‬ ‫صحيح‬
‫وآله وسلم – ّ‬
‫لما أرسل معاذا إىل اليمن قال له ‪:‬‬

‫ً‬ ‫إىل آخر الحديث الصحيح ففيه أن ّ‬


‫النت – صىل هللا عليه وآله وسلم – أمر معاذا‬
‫ي‬
‫آحاد فأمره – عليه الصالة والسالم‬
‫ٍ‬ ‫وهو فرد وحديثه اصطالح المتأخرين ‪ ،‬حديث‬
‫– أن يكون أول ما يدعوهم إليه هو االعتقاد باهلل وحده ال ُشيك له‬
‫ى‬
‫فإذا أنتم قابلتم هذا الحديث المجمع عىل صحته بي المسلمي قاطبة ؛ بي‬
‫النت – صىل هللا عليه وآله‬‫متبعي للسلف والمخالفي لهم يعتقدون معنا أن ّ‬
‫ّ‬ ‫ي‬ ‫ً‬
‫وسلم – أرسل معاذا إىل اليمن و أمرهم أن يدعوهم إىل شهادة أن ال إله إال هللا ‪..‬‬

‫من هنا يتبي لكم أن الحيدة ّ‬


‫عما كان عليه أصحابه – صىل هللا عليه وسلم – من‬
‫انتشارهم يف اآلفاق ودعوة الناس إىل اإلسالم دون فلسفة التفريق بي حديث‬
‫عاقل خطر‬
‫ٍ‬ ‫مسلم‬
‫ٍ‬ ‫تكق لتبي لكل‬
‫التواتر وحديث اآلحاد ؛ هذه المسألة وحدها ي‬
‫االنحراف عن اتباع الكتاب والسنة وعىل منهج السلف الصالح ‪.‬‬

‫‪ ) 16‬صحيح البخاري ومسلم‬

‫‪13‬‬
‫ِّ‬
‫السلق كما يدرس الكتاب‬ ‫ي‬ ‫لذلك كان لز ًاما عىل كل من يريد أن يكون عىل هذا المنهج‬
‫ً‬ ‫ّ‬
‫والسنة ؛ عليه أن يدرس أيضا ما كان عليه السلف من الصحابة والتابعي وأتباعهم‬
‫ألنهم هم الذين نقلوا إلينا هذه الدعوة عىل الوجه الصحيح ‪ ،‬وهذا المثال بي‬
‫أيديكم تفريقهم بي حديث اآلحاد وحديث التواتر ؛ فهم يقولون بأن العقيدة ال‬
‫عجيبة‬
‫ٍ‬ ‫تؤخذ إال من حديث التواتر ‪ ،‬ولقد وقعوا يف بعض األحيان يف متناقضات‬
‫السلق ؛ فإن بعض النصوص ُ‬ ‫ّ‬ ‫ً‬
‫الّسعية‬ ‫ي‬ ‫المنهج‬ ‫هذا‬ ‫عن‬ ‫ابتعادهم‬ ‫بسبب‬ ‫وذلك‬ ‫ا‬ ‫جد‬
‫ً‬ ‫ى‬
‫وحكما ‪ ،‬كمثل قوله – عليه الصالة والسالم –‬ ‫آن واحد عقيدة‬ ‫تتضمن يف ٍ‬
‫رض هللا تعاىل عنه – قال ‪:‬‬
‫أب هريرة – ي‬ ‫والحديث يف الصحيحي من حديث ي‬

‫فه مسألة فيها حكم من أحكام‬ ‫هذا الحديث فيه أمر باالستعاذة من هذه األرب ع ي‬
‫الّسعية لذلك ال‬‫الّسيعة وهم معنا عىل أن الحديث اآلحاد تثبت فيه األحكام ُ‬‫ُ‬
‫يسعهم إال أن يأخذوا بهذا الحديث وفيه األمر باالستعاذة من هذه األرب ع‬

‫ن‬
‫هنا يقعون كما يقال ‪ " :‬يف حيص بيص " عذاب القي عقيدة وعذاب القي يف‬
‫اعتقادهم لم يثبت بحديث متواتر ‪ ،‬ولذلك فهم ال يعتقدون بعذاب القي ؛ اللهم‬
‫إال ما جاء ذكره يف آية يف القرآن يف حق فرعون‬
‫ى‬
‫هذه النار يقولون عذاب فرعون وآل فرعون أما عامة الكفار أوًل‬
‫شء من عذاب القي فهذا مما ال‬ ‫ُ‬
‫الذين ثبت يف حقهم ي‬
‫ً‬
‫ثم المسلمون العصاة‬
‫وه قولهم ‪ " :‬أن‬ ‫يؤمنون به وما ذاك إال انطالقا منهم من تلك العقيدة الباطلة ي‬
‫متواترا ال تثبت فيه عقيدة " ولذلك فهم ينكرون‬ ‫ً‬ ‫الحديث الصحيح ما لم يكن‬
‫ً‬
‫جدا بزعم أنها لم تصل مرتبة التواتر ‪.‬‬ ‫أحاديث كثية وكثية‬

‫‪ ) 17‬أخرجه مسلم ( ‪)558‬‬


‫‪ ) 18‬سورة غافر اآلية (‪)46‬‬

‫‪14‬‬
‫ى‬
‫رض هللا تعاىل‬
‫ََ ي‬ ‫‪-‬‬ ‫عباس‬ ‫ابن‬ ‫عن‬ ‫البخاري‬ ‫حديث‬ ‫‪-‬‬ ‫هللا‬ ‫شاء‬ ‫إن‬ ‫‪-‬‬ ‫تعلمون‬ ‫مثَل‬ ‫أنتم‬
‫َ‬ ‫َّ‬
‫ت ‪ -‬صىل هللا عليه وآله وسلم ‪ِ -‬بق ْ َيْي ِن فقال ‪:‬‬ ‫عنه ‪ -‬قال ‪َ :‬م َّر الن ِّ‬
‫ِي‬

‫َّ‬
‫هذا الحديث يف صحيح البخاري ‪ ،‬وتسمعون أن الن يت ‪ -‬صىل هللا عليه وسلم ‪-‬‬
‫ُ ّ‬
‫عذبان فدعا َّ‬
‫الرسول ‪ -‬عليه السالم‬ ‫ض َح فيه بأن هذين مسلمي ‪ ،‬ومع ذلك فهما ي‬
‫َّ‬
‫بق هذان الغصنان رطبان ‪.‬‬ ‫‪ -‬لهما بأن ُيخفف هللا عنهما العذاب بقدر ما َ‬
‫ي‬
‫ه‬
‫النت ‪ -‬صىل هللا عليه وعىل آله وسلم ‪: -‬‬‫كذلك هناك حديث آخر يقول فيه ي‬

‫ُ‬ ‫ُ‬ ‫ً‬ ‫ًّ‬


‫وهكذا فاألحاديث كثية وكثية جدا ‪ ،‬من ذلك أيضا وال أطيل قوله ‪ -‬عليه الصالة‬
‫ّ‬
‫الجاهلية قال ‪ -‬عليه الصالة والسالم ‪-‬‬ ‫مر بقيين ُ‬
‫لم ُّسكي ماتا يف‬ ‫والسالم ‪ّ -‬‬
‫لما ّ‬

‫المّسكي ولبعض المسلمي‬‫مع ورود هذه األحاديث ف عذاب القي بالنسبة لبعض ُ‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫ِّ‬
‫مع ذلك ُعطلت هذه األحاديث ولم يعتقد بها وبمضمونها بفلسفة أنها أحاديث‬
‫ُ‬
‫آحاد ‪.‬‬

‫أب هريرة‬
‫فماذا موقفهم بالنسبة لحديث ي‬
‫ً‬
‫تنفيذا لهذا الحكم ُ‬ ‫ْ‬
‫ع وهو‬ ‫ي‬ ‫الّس‬ ‫القي‬ ‫عذاب‬ ‫من‬ ‫باهلل‬ ‫استعاذوا‬ ‫إن‬ ‫القي‬
‫ِ‬ ‫منها عذاب‬
‫ُ‬ ‫ُ‬
‫يجب األخذ بحديث اآلحاد يف األحكام ؛‬ ‫واجبهم ؛ ألنهم ال يختلفون معنا يف أنه‬
‫‪ ) 19‬الراوي ‪ :‬عبدهللا بن عباس | المحدث ‪ :‬البخاري | المصدر ‪ :‬صحيح البخاري‬
‫‪ ) 20‬للحاكم ‪ ،‬وهو صحيح اإلسناد‬
‫أب بكر ‪.‬‬
‫‪ ) 21‬أخرجه البخاري ( ‪ )187/1‬ومسلم ( ‪ )624/2‬من طريق فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت ي‬
‫ن‬
‫رض هللا عنه ‪-‬‬
‫اب هريرة ‪ -‬ي‬
‫‪ ) 22‬أخرجه مسلم ( ‪ )588‬من حديث ي‬

‫‪15‬‬
‫ع أمرنا الرسول ‪ -‬عليه السالم ‪ -‬أن ندعو بهذا الدعاء يف التشهد‬ ‫ُ‬
‫فهذا حكم ش ي‬
‫قوله ْم وقولهم ّ‬
‫حق ألنهم معنا هنا ‪..‬‬ ‫األخي ؛ فإن هم أخذوا به كما هو ُ‬

‫ضالي ‪ ،‬منحرفي بسبب الفلسفة الت خرجوا بها َّ‬ ‫ِّ‬ ‫ً‬
‫عما كان عليه‬ ‫ي‬ ‫‪،‬‬ ‫حيارى‬ ‫هم‬ ‫ا‬ ‫فإذ‬
‫النت ‪ -‬صىل هللا عليه وآله وسلم ‪ -‬من عدم التفريق بي األحاديث وجعلها‬ ‫أصحاب ي‬
‫ً‬
‫أحد من األئمة األربعة‬
‫آحاد وجعلها تواتر ‪ ،‬ال تفريق عند السلف إطالقا ‪ ،‬وال عند ٍ‬
‫الذين اتبعوا السلف الصالح يف عقائدهم ؛ إال من انحرف من أتباع األتباع من بعض‬
‫الفرق الضالة كالمعيلة والخوارج ونحو ذلك ؛ فهؤالء خالفوا سبيل المؤمني فحق‬
‫فيهم وعيد رب العالمي ‪:‬‬

‫ً‬
‫هذا مثال واضح جدا يؤكد لكم أن التمسك بالكتاب والسنة وحده ال يفيدهم ؛ فقد‬
‫أنكروا السنة يف ما يتعلق بما سموه بحديث اآلحاد فالعصمة العصمة التمسك بما‬
‫كان عليه السلف ‪ ،‬لذلك نجد أحد أئمتنا والذين لهم الفضل يف إرشادهم إيانا إىل‬
‫وأعت‬
‫ي‬ ‫التمسك بهذا المنهج " منهج السلف الصالح " يف فهم الكتاب والسنة‬
‫بذلك ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬الذي جمع هذا المعت يف بيتي له من الشعر فقال ‪-‬‬
‫رحمه هللا ‪: -‬‬

‫؛ بل أضاف إليهما‬ ‫لم يقترص عىل قوله‬


‫الت تدل أن‬
‫؛ وقد عرفتم السبب يف ذلك اآلية واألحاديث الصحيحة ي‬

‫‪ ) 23‬سورة النساء (‪)115‬‬

‫‪16‬‬
‫النت ‪ -‬صىل هللا عليه وآله‬
‫الت تتمسك بما كان عليه أصحاب ي‬ ‫ه ي‬
‫الفرقة الناجية ي‬
‫وسلم ‪ -‬ولذلك قال ابن القيم ‪:‬‬

‫بيت ابن القيم ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬إشارة إىل مثال آخر غي‬
‫الثاب من ي‬
‫ي‬ ‫وف هذا البيت‬
‫ي‬
‫المثال األول الذي يتعلق بتفريقهم بي حديث اآلحاد وحديث التواتر ‪ ،‬فال يأخذون‬
‫بحديث اآلحاد يف العقيدة مع أن هذا خالف ما كان عليه السلف من األخذ بكل‬
‫األحاديث ف كل ما يتعلق باإلسالم سواء كان عقيدة أو كان ً‬
‫حكما ‪.‬‬ ‫ي‬
‫يشي ابن قيم يف قوله ‪:‬‬

‫ً‬
‫فإن من المنهج الذي سلكه هؤالء الخلف خالفا لمنهج السلف ؛ هو تأويل اآليات‬
‫رض هللا عنهم ‪-‬‬
‫وعدم اتباعها كما جاءت دون تأويل ودون تعطيل ‪ ،‬فالسلف ‪ -‬ي‬
‫منهم األئمة األربعة قد ذهبوا يف موقفهم من آيات الصفات وأحاديث الصفات إىل‬
‫اإليمان بحقائق معانيها دون تشبيه ودون تعطيل ‪.‬‬

‫التشبيه من مذهب المشبهة‬


‫التعطيل من مذهب المؤولة‬

‫معاب الصفات عىل حقائقها مع تييه هللا ‪-‬‬


‫ي‬ ‫أما السلف فقد جمعوا بي إثبات‬

‫‪17‬‬
‫آب يف ذلك ضي ح كما تعلمون‬
‫تبارك وتعاىل ‪ -‬عن مشابهته للحوادث ؛ والنص القر ي‬
‫أال وهو قوله ‪ -‬عز وجل ‪: -‬‬

‫واجب عىل كل مسلم والخلف زعموا أنهم ييهون‬ ‫شء ؛ تييه وهذا‬ ‫ُ‬
‫ٍ‬ ‫ليس كمثله ي‬
‫معنا رب العالمي ؛ ولكنهم بالغوا يف التييه فوقعوا يف التعطيل !‬
‫ف بها إىل عباده َت َع َّر َ‬‫وهو إنكار صفات هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬الت َت َع َّر َ‬
‫ف ربنا ‪ -‬عز وجل ‪-‬‬ ‫ي‬
‫وف بعض األحاديث ؛ فعطل الخلف‬ ‫إىل عباده حينما وصف نفسه ببعض اآليات ي‬
‫معاب هذه اآليات بإخراجها عن معانيها الظاهرة ؛ زعموا أنهم فعلوا ذلك من باب‬ ‫ي‬
‫ُ ُّ َ‬
‫التييه فخالفوا اآليات وخالفوا السلف الصالح الذين كانوا ي ِمرونها عىل معانيها‬
‫الظاهرة والمعروفة يف اللغة العربية ؛ مع تييه هللا ‪ -‬تبارك وتعاىل ‪ -‬عن مشابهته‬
‫للمخلوقات ‪.‬‬

‫رض هللا‬
‫األئمة األربعة ؛ إمام دار الهجرة مالك بن أنس – ي‬ ‫وأنتم تعلمون أن من‬
‫ً‬
‫عنه ‪ ، -‬فقد أصبح معلوما لدى الخاصة والعامة ‪ ،‬ما ثبت عنه بالسند الصحيح أن‬
‫ى‬
‫رجَل جاء إليه يسأله قال ‪ " :‬يا مالك‬

‫قال ‪ :‬االستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة ‪ ،‬أخرجوا الرجل فإنه‬
‫واف ‪ ،‬حيث‬‫شاف ٍ‬‫ٍ‬ ‫بجواب‬
‫ٍ‬ ‫مبتدع " ؛ لقد أجاب هنا اإلمام مالك – رحمه هللا –‬
‫َّبي أن االستواء يف اللغة العربية معلوم وهو العلو ؛ أي إن قوله تعاىل‬

‫‪ ) 24‬سورة الشورى ‪ ،‬اآلية ‪11 :‬‬


‫‪ ) 25‬سورة طه ‪ ،‬اآلية ‪5‬‬

‫‪18‬‬
‫ً‬
‫؛‬ ‫مسلم يعبد هللا ساجدا‬
‫ٍ‬ ‫يعت استعىل ‪ ،‬ولذلك يقول كل‬
‫ي‬
‫ى‬
‫فأجاب مالك بأن االستواء المذكور يف اآلية معلوم لغة ‪ ،‬لكن أنت تسأل عن الكيف‬

‫َّ‬
‫الحق أن صفات هللا – عز وجل ‪ُ -‬يقال فيها ما ُيقال يف ذاته‬ ‫الكيف مجهول ؛ ألن‬
‫كل مسلم ُيثبت وجود هللا – تبارك وتعاىل – وذاته ‪ ،‬كذلك‬ ‫– عز وجل ‪ ، -‬فكما أن َّ‬
‫يثبت صفاته – عز وجل ‪ ، -‬وكما أنه عاجز عىل أن يكيف ذات هللا – تبارك وتعاىل‬
‫ً‬ ‫– فكذلك هو عاجز أن ِّ‬
‫شيئا من صفات هللا – تبارك وتعاىل ‪ -‬؛ ولذلك قال ‪:‬‬ ‫يكيف‬
‫" والكيف مجهول ‪ ،‬والسؤال عنه ‪ -‬أي عن الكيف ‪ -‬بدعة " ؛ فأنت مبتدع ؛ لذلك‬
‫أمر بطرد الرجل من ذلك المجلس الذي كان فيه مالك – رحمه هللا تبارك وتعاىل ‪-‬‬
‫ً‬
‫فإذا ؛ مذهب السلف اإليمان بآيات الصفات وأحاديث الصفات عىل المعت‬
‫يناف التييه المرصح به يف قوله‬ ‫اللغوي دون تأويل ألنه تعطيل ‪ ،‬ودون تشبيه ألنه ي‬
‫تعاىل ‪:‬‬

‫إن بعض المذاهب الموجودة اليوم عىل وجه األرض بعضها ليست من أهل السنة‬
‫؛ كالرافضة وأمثالهم ؛ فهم معطلة فيما يتعلق يف الصفات اإللهية ؛ أي إنهم عىل‬
‫الت خالفهم فيها بعض‬ ‫ً‬ ‫ً‬
‫مذهب المعيلة قديما والمعيلة قد أولوا كثيا من اآليات ي‬
‫الخلف من األشاعرة والماتريدية ؛ أي إن األشاعرة والماتريدية يلتقون مع المعيلة‬
‫ى‬
‫مثَل فإنهم يفّسونها بالمعت ُ‬
‫المبتدع‬ ‫يف تأويلهم لبعض اآليات منها ‪ :‬آية االستواء‬
‫وهو يف الواقع ضالل وقعوا فيه من حيث أرادوا يف زعمهم الفرار من الضالل حينما‬
‫فّسوا قوله تعاىل ‪:‬‬

‫‪19‬‬
‫أي قالو استوىل ‪ ،‬ال أريد أن أقف ها هنا قد أعود إليه إن ساعد الوقت ولكن أريد أن‬
‫ألفت النظر بأن بعض الفرق من الذين يتمسكون بمذهب الخلف يف اآليات آيات‬
‫الصفات وأحاديث الصفات يلتقون مع المعيلة يف تأويل بعض هذه اآليات‬
‫ويخالفونهم يف بعضها ؛ من هذه اآليات أن المعيلة حينما وقفوا عند اآلية السابقة‬

‫صفت السمع والبرص ‪...‬‬


‫ي‬ ‫يف اآلية كما ترون تييه هلل ‪ -‬عز وجل ‪ -‬وإثبات له‬

‫التاىل من هذا اإلصدار‬ ‫المقدم ‪ :‬أخ الكريم نكمل استماع هذه المادة عىل ُ‬
‫الّسيط‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫أخ الكريم ال تنسنا بدعوة بظهر الغيب ليقول لك الملك ولك بمثلها ‪،‬‬ ‫ً‬
‫وأخيا ي‬
‫سائلي هللا ‪ -‬عز وجل ‪ -‬أن ينفعنا بما علمنا وأن يعلمنا ما جهلنا ‪.‬‬
‫والسالم عليكم ورحمة هللا وبركاته ‪.‬‬

‫‪20‬‬

You might also like