Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 155

‫دولة ماليزيا‬

‫وزارة التعليم العالي ) ‪( MOHE‬‬


‫جامعة المدينة العالمية‬
‫كلية العلوم اإلسالمية ‪-‬قسم التفسير‬

‫اإلمام العُلَ ْي ِم ّي ال َحنبَ ِل ّي‬


‫ومنهجه في القراءات من خالل تفسيره "فتح الرحمن في‬
‫تفسير القرآن"‬
‫بحث تكميلي مقدمة لنيل درجة الماجستيرفي القراءات القرآنية في كتب التفسير‬

‫إعداد الطالب‪ :‬عمــر منـــصور‬


‫الرقم الجامعي‪MQR131BA490 :‬‬

‫تـحـت إشراف ‪:‬االستاذ المساعد الدكتور ‪/‬شريف عبدالعليم محمود‬


‫كلية العلوم اإلسالمية – قسم التفسير وعلوم القرآن‬
‫‪1436‬هـ – ‪2015‬م‬

‫أ‬
‫ب‬
‫صفحةالتحكيم ‪CERTIFICATION OF DISSERTATION WORK PAGE:‬‬
‫تمّ إقرار بحث الطالب‪ :‬عمر منصور‬
‫من اآلتية أسماؤهم‪:‬‬
‫‪The thesis of UMAR MANSUR has been approved by the following:‬‬

‫المشرف على الرسالة‪SupervisorAcademic‬‬

‫االستاذ المساعد الدكتور‪:‬شريف عبد العليم‬

‫المشرف على التصحيح‪:Supervisor of correction‬‬

‫االستاذ المساعد الدكتور‪:‬هادى حسين‬

‫رئيس القسم‪Head of Department‬‬

‫االستاذ المشارك الدكتور‪:‬السيد سيد احمد نجم‬

‫نائب عميد الكلية‪:Dean, of the Faculty‬‬

‫االستاذ المشارك الدكتور‪:‬السيد سيد أحمد نجم‬

‫قسم اإلدارة العلمية والتخرج‪Academic Managements & Graduation Dept‬‬


‫‪ Deanship of Postgraduate Studies‬عمادة الدراسات العليا‬
‫إقرار‬

‫أقررتُ ّ‬
‫بأن هذا البحث من عملي الخاص‪ ،‬قمتُ بجمعه ودراسته‪ ،‬والنقل واالقتباس‬
‫من المصادر والمراجع المتعلقة بموضوعه‪.‬‬
‫اسم الطالب ‪ :‬عمر منصور‬
‫التوقيع ‪----------------- :‬‬

‫ج‬
----------------- : ‫التاريخ‬

DECLARATION

I hereby declare that this dissertation is result of my own investigation,


except where otherwise stated.
Name of student: UMAR MANSUR
Signature: ------------------------
Date: ------------------------

‫د‬
‫جامعة المدينة العالمية‬
‫إقرار بحقوق الطبع وإثبات مشروعية األبحاث العلمية غير‬
‫المنشورة‬
‫حقوق الطبع ‪ © 2015‬محفوظة‬
‫عمر منصور‬
‫اإلمام العُلَ ْي ِم ّي ال َحنبَ ِل ّي‬
‫ومنهجه في القراءات من خالل تفسيره "فتح الرحمن في تفسير‬
‫القرآن"‬
‫ي شكل‬‫ال يجوز إعادة إنتاج أو استخدام هذا البحث غير المنشور في أ ّ‬
‫أو صورة من دون إذن مكتوب موقع من الباحث إالّ في الحاالت‬
‫اآلتية‪:‬‬
‫‪ -1‬يمكن االقتباس من هذا البحث بشرط العزو إليه‪.‬‬
‫‪ -2‬يحق لجامعة المدينة العالمية ماليزيا االستفادة من هذا البحث بمختلف‬
‫الطرق وذلك ألغراض تعليميّة‪ ،‬ال ألغراض تجاريّة أو تسويقية‪.‬‬
‫‪ -3‬يحق لمكتبة جامعة المدينة العالميّة بماليزيا استخراج نسخ من هذا‬
‫البحث غير المنشور؛ إذا طلبتها مكتبات الجامعات‪ ،‬ومراكز البحوث‬
‫األخرى‪.‬‬

‫أك ّد هذا اإلقرار ‪.-------------- :‬‬


‫التاريخ‪-------------- :‬‬ ‫التوقيع‪------------- :‬‬

‫ه‬
‫‪ -‬ملخص البحث‬

‫ويتلخص البحث في تمهيد وأربعة أبواب وخاتمة‪ ،‬تناول التمهيد ما يتعلق‬


‫بالقراءات تعريفا وأركانا وأنواعا وأهميتها لدى مفسر القرآن الكريم‪ ،‬واختتم‬
‫بترجمة القراء األربعة عشر ورواتهم‪ .‬وتضمن الباب األول حياة العليمي‬
‫وعصره الذي عاش فيه وآثاره العلمية التي خلفها وراءه‪ .‬كما تناول الباب‬
‫الثاني المنهج الذي سلكه العليمي في ذكره القراءات وفصلت ذلك ببيان أنواع‬
‫القراءات التي ذكرها وكيفية عزوه للقراءات إلى أصحابها‪ .‬وتحدث الباب‬
‫الثالث عن توجيه القراءات عند العليمي وصور ذلك‪ .‬واختتم الباب الرابع‬
‫ببيان اختياره للقراءات وتوجيهها واستعراض الدور الذي لعبه في الدفاع عن‬
‫القراءات من خالل هذا التفسير‪ .‬وانتهى البحث ببيان الخاتمة بما تتضمنه من‬
‫النتائج والتوصيات‪.‬‬

‫و‬
The Abstract

Find and boils in paving and four doors and a conclusion, eating boot relation readings
definition Arcana and types and their importance to the interpreter of the Koran, and concluded
translated fourteen readers and Roathm. And ensure that the first section of his time and life-
Alimi, who lived in it and its scientific, which left behind. Part II also addressed the approach
taken by al-Alimi said in readings and separated the statement cited by the types of readings
and how to be attributed to the readings to their owners. Speaking Part III for directing readings
when Alimi and pictures that. Finally, Section IV, a statement his choice of readings, direct and
review the role he played in the defense of the readings through this interpretation. The search
is over Conclusion including a statement contained in the findings and recommendations.

‫شكر وتقدير‬

‫ز‬
‫أشكر المولى عز وجل وأثني عليه رب العالمين‪ ،‬على ما أمدني به من الصحة‬
‫والعافية وبركة الوقت حتى أنجزت هذا البحث من غير حول مني وال قوة‪ ،‬فلله‬
‫الحمد وله النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن‪ ،‬وله الحمد في األولى واآلخرة‪.‬‬
‫أتقدم بخالص الشكر والعرفان لوالدي الكريمين على ما تفضال به علي من التربية‬
‫الحسنة وما قاما – ويقومان ‪ -‬به تجاهي من الدعم المنقطع النظير في مسيرتي‬
‫وسترا العيب‪.‬‬
‫َ‬ ‫دعوا لي بالغيب‪،‬‬‫العلمية والمعيشية‪ ،‬فاجزهما اللهم عني خيرا‪ ،‬فقد َ‬
‫كما أشكر رفيقة حياتي زوجتي الكريمة على تشجيعها لي وصبرها علي‬
‫طيلة فترة البحث خاصة والدراسة عامة‪ ،‬فجزاها هللا خيرا‪.‬‬
‫وأشكر لجامعة المدينة العالمية الرائدة دورها وبصمتها في رحلتي العلمية‪ ،‬فقد‬
‫حتضنتني وأتاحت لي فرصة مواصلة دراستي في محرابها‪ ،‬فالتحايا موصولة‬
‫إلى رئيسها والعاملين فيها ومن درسني فيها‪ ،‬كما أخص بالذكر مدير مكتبها في‬
‫القاهرة األستاذ المشارك الدكتور محمد منصور إبراهيم الذي أمدني بالدعم‬
‫المعنوي طيلة فترة دراستي‪ ،‬وشاء هللا أن يكون رئيسا لجلسة مناقشتي ‪ ،‬فأسأل‬
‫هللا أن يبارك في حياته وفي علمه وفي أهله‪.‬‬
‫وأتوجه بخالص الشكر لشيخي األستاذ المشارك الدكتور شريف عبدالعليم محمود‬
‫الذي أشرف على الرسالة حتى أينعت ثمارها‪ ،‬وآتت أكلها‪ ،‬فقد أفادني بالعلم‪،‬‬
‫وعاملني بالحلم‪ ،‬بتوجيهاته الرشيدة‪ ،‬ومالحظاته القيمة السديدة‪ ،‬وكان حريصا‬
‫علي كثيرا‪ ،‬والتمسني عند حضوري وانقطاعي‪ ،‬مع تواضع جم‪ ،‬وأدب رفيع‪.‬‬
‫فبارك اللهم فيه وفي علمه وفي أهله‪ ،‬وأحيه على اإلسالم وتوفه على اإليمان‪.‬‬
‫والشكر والتقدير موصوالن لشيخي األستاذ المساعد الدكتور هادي حسين عبدهللا‬
‫– مناقشا داخليا ‪ -‬الذي كان المشرف األول على الرسالة ومرشدي على إعداد‬
‫الخطة‪ ،‬واستفدت بمالحظاته القيمة حينها‪ ،‬ثم قدر هللا أن يكون في عداد لجنة‬
‫مناقشتي أخيرا‪ ،‬وهذا لحسن حظي وليكتمل نصابي‪ ،‬وهو بال شك من عظيم منة‬
‫هللا تعالى علي‪ ،‬فاللهم بارك في علمه واجزه عني خيرا‪.‬‬
‫وأشكر لألستاذ الدكتور بشير أحمد أحمد دعبس – مناقشا خارجيا –‬
‫وأستاذ مساعد بقسم القراءات بكلية القرآن الكريم بطنطا جامعة األزهر‬

‫على تكرمه بتقبله النظر في رسالتي وتضحيته بوقته النفيس لتصحيح ما سطرت‪،‬‬
‫وإفادتي بما جهلت‪ ،‬وهذا لما عرف به من حبه لخدمة كتاب هللا تعالى واحتواءه‬
‫لطالبيه‪ ،‬فاهلل أسأل أن يبارك في حياته‪ ،‬ويرزقه شفاعة كتابه‪ ،‬والنجاة من عذابه ‪.‬‬
‫كما أقدر جهود األستاذ المشارك الدكتور السيد سيد أحمد نجم – ممثال للكلية –‬
‫واألستاذ سيد أبوبكر على ما قام به من التنسيق للمناقشة‪.‬‬

‫ح‬
‫وأقدر دور كل من درسني شيئا منذ نعومة أظفاري أو حفظني حرفا من كتاب هللا‬
‫‪ ،‬أوعلمني شيئا من معانيه‪ ،‬أو حصلت منه على شيء من إجازته‪ ،‬فجزاهم هللا‬
‫خيرا‪.‬‬
‫وال يسعني إال أن أشكر زمالئي ورفقاء دربي الذين شجعوني على إنجازي‬
‫مشروعي‪ ،‬ونبهوني‪ ،‬وراجعوا معي‪ ،‬وأشاروا إلي بالمفيد‪ ،‬وال أنسى بالفضل‬
‫لألخ األستاذ أحمد محمد أبوبكر الذي ساعدني على اختيار موضوع البحث‪،‬‬
‫فالشكر والعرفان له وللجميع‪.‬‬

‫فهرس المحتويات‬
‫الصفحة‬ ‫الموضوع‬
‫ب‬ ‫صفحة البسملة‬
‫ج‬ ‫صفحة التحكيم‬
‫د‬ ‫صفحة إقرارا توصية اللجنة وتوقيعات لجنة المناقشة‬
‫ه‬ ‫صفحة اإلقرار باللغة اإلنجليزية‬
‫و‬ ‫صفحة اإلقرار بحقوق الطبع‬
‫ز‬ ‫صفحة ملخص البحث‬
‫ح‬ ‫صفحة ملخص البحث باللغة اإلنجليزية‬
‫ط‬ ‫صفحة شكر وتقدير‬
‫ك‬ ‫فهرس المحتويات‬
‫‪1‬‬ ‫المقدمة‬

‫ط‬
‫‪2‬‬ ‫خطة البحث‬
‫‪2‬‬ ‫موضوع البحث‬
‫‪2‬‬ ‫مشكلة البحث‬
‫‪3‬‬ ‫أهمية الموضوع وأسباب اختياره‬
‫‪3‬‬ ‫أهداف البحث‬
‫‪3‬‬ ‫منهج البحث‬
‫‪4‬‬ ‫الدراسات السابقة‬
‫‪9‬‬ ‫التمهيد‬
‫‪10‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬تعريف القراءات‬
‫‪11‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬تعريف القراءات لغة واصطالحا‬
‫‪14‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تعريف مصطلحات (القراءة‪ ،‬الرواية‪،‬‬
‫الطريقة‪ ،‬القارئ‪ ،‬المقرئ)‬
‫‪15‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬أركان القراءة المقبولة‬
‫‪16‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أركان القراءة الثالثة‬
‫‪27‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬أسباب وضع هذه األركان‬
‫‪29‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬أنواع القراءات‬
‫‪35‬‬ ‫الفصل الرابع‪ :‬أهمية القراءات في تفسير القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪41‬‬ ‫الباب األول‪ :‬ترجمة العليمي‬
‫‪42‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬ترجمته‬
‫‪43‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬اسمه‪ ،‬لقبه‪ ،‬ونسبه‬
‫‪45‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬مولده ونشأته‬
‫‪46‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬حياته العلمية‬
‫‪47‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬طلبه العلم ورحالته‬
‫‪50‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬شيوخه‬
‫‪56‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬تالمذته‬
‫‪57‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬عقيدته ومذهبه الفقهي‬
‫‪60‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬مكانته العلمية‬
‫‪61‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬ثناء العلماء عليه‬
‫‪62‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬تصانيفه وآثاره العلمية‬
‫‪64‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬مكانة تفسيره ووفاته‬
‫‪66‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬مصادره في تفسيره‪ ،‬ووفاته‬

‫ي‬
‫‪68‬‬ ‫الباب الثاني‪ :‬منهج العُلَ ْي ِمي في عرض القراءات‬
‫‪69‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬أنواع القراءات المذكورة في كتابه‬
‫‪71‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬ذكره القراءات المتواترة‬
‫‪79‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬ذكره القراءات الشاذة‬
‫‪81‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬عزوه القراءات إلى أصحابها‬
‫‪83‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬عزوه القراءات إلى أصحاب بلد‬
‫‪85‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬عزو القراءات إلى العامة‬
‫‪86‬‬ ‫الباب الثالث‪ :‬منهج العليمي في توجيه القراءات‬
‫‪87‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬المدخل إلى علم توجيه القراءات‬
‫‪88‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬معنى التوجيه لغة واصطالحا‬
‫‪91‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬الكتب المصنفة في ذلك‬
‫‪94‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬صور توجيه القراءات عند العليمي‬
‫‪95‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬توجيه القراءة بالمأثور‬
‫‪100‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬توجيه القراءة باللغة‬
‫‪105‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬التوجيه بأقوال المفسرين وعلماء اللغة‬
‫‪107‬‬ ‫المبحث الرابع‪ :‬التوجيه باللهجات العربية وكالم العرب‬
‫‪110‬‬ ‫المبحث الخامس‪ :‬التوجيه بالرسم العثماني وأحكام التالوة‬
‫والتجويد‬
‫‪113‬‬ ‫المبحث السادس‪ :‬التوجيه بالقراءات الشاذة‬
‫‪115‬‬ ‫المبحث السابع‪ :‬توجيه القراءات وأثره في األحكام الفقهية‬
‫‪118‬‬ ‫المبحث الثامن‪ :‬توجيه القراءات لبيان مسائل العقيدة‬
‫‪120‬‬ ‫المبحث التاسع‪ :‬إيراده القراءات بدون توجيه‬
‫‪122‬‬ ‫الباب الرابع‪ :‬منهج العليمي في اختيار القراءات والترجيح‬
‫بينها والدفاع عنها‬
‫‪123‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬اختيار اإلمام العليمي للقراءات‬
‫‪124‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬معنى االختيار لغة واصطالحا‬
‫‪129‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬رأي العلماء في اختيار القراءات‬
‫‪132‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬منهج العليمي في اختيار القراءات‬
‫‪134‬‬ ‫الفصل الثاني‪ :‬الترجيح بين القراءات عند العليمي‬
‫‪135‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬معنى الترجيح لغة واصطالحا‬
‫‪137‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬حكم الترجيح بين القراءات‬

‫ك‬
‫‪140‬‬ ‫المبحث الثالث‪ :‬منهج العليمي في الترجيح بين القراءات‬
‫‪143‬‬ ‫الفصل الثالث‪ :‬منهج العليمي في الدفاع عن القراءات‬
‫‪144‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬توطئة عن الدفاع عن القراءات‬
‫‪145‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬منهج العليمي في الدفاع عن القراءات‬
‫‪150‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪151‬‬ ‫أهم النتائج‬
‫‪151‬‬ ‫أهم التوصيات‬
‫‪152‬‬ ‫الفهارس العامة‬
‫‪152‬‬ ‫فهرس اآليات‬
‫‪161‬‬ ‫فهرس األحاديث النبوية‬
‫‪162‬‬ ‫فهرس األعالم‬
‫‪165‬‬ ‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫ل‬
‫المقدمة‬
‫الحمد هلل الذي أنزل الكتاب على عبده ليكون للعالمين نذيرا‪ ،‬أرسل به رسوال‬
‫مبشرا ونذيرا‪ ،‬ويسر تالوته للعالمين‪ ،‬وجعله غاية المتدبرين المتعظين‪ ،‬من عمل‬
‫به نجا من الشقاء‪ ،‬ومن تركه خاب وخسر وشقا ‪.‬‬
‫وأصلي وأسلم على من تلقى القرآن من لدن حكيم خبير‪ ،‬المبعوث رحمة‬
‫للعالمين‪ ،‬بآخر رسالة أخرجت للناس أجمعين‪ ،‬وعلى آله الطيبين الطاهرين‪،‬‬
‫وعلى صحابته الغر الميامين‪ ،‬وعلى أزواجه أمهات المؤمنين‪ ،‬وعلى من تبعهم‬
‫بإحسان إلى يوم الدين‪.‬‬
‫أما بعد‪ :‬فإن خير ما ت ُصرف إليه الهمم العوالي‪ ،‬وت ُقطع فيه األيام والليالي‪،‬‬
‫هو تعلم وتعليم القرآن الكريم وما يتصل به من علوم‪ ،‬فهو أصدق ما قيل‪،‬‬
‫وأشرف ما حفظ‪ ،‬خير الناس من اشتغل به تعلما وتعليما وحفظا وتدبرا وعمال‬
‫واتعاظا‪ ،‬فقال عليه الصالة والسالم " َخي ُْر ُك ْم َم ْن ت َ َعلَّ َم ْالقُ ْرآنَ َو َ‬
‫علَّ َمهُ "‪.1‬‬
‫ولذلك اعتنى العلماء بعلوم القرآن الكريم على توالي األيام والعصور‪،‬‬
‫وألفوا فيها كتبا جمة‪ ،‬كشفوا فيها عن دقيق هذه العلوم وجليلها تحصيال لهذه‬
‫األفضلية‪ ،‬وتبليغا لهذا الدين العظيم‬
‫ومن هذه العلوم "علم القراءات" الذي هو "علم بكيفية أداء كلمات القرآن‬
‫واختالفها‪ ،‬معزوا لناقله" ‪.2‬‬
‫ومن العلماء األفذاذ الذين خدموا هذا العلم الجليل اإلمام القاضي مجير الدين‬
‫بن محمد العليمي المقدسي الحنبلي المتوفى ‪ 928‬ه من خالل تفسيره "فتح‬
‫الرحمن في تفسير القرآن"‪ ،‬فهذا الكتاب يعد – بحق – مخزونا هائال لعلم‬
‫القراءات‪ ،‬فهو يذكر خالف القراء العشرة المشهورين في كل كلمة وجد فيها‬
‫الخالف‪ ،‬وينسب إلى كل إمام مذهبه فيها‪ ،‬ويذكر أصول قراءة كل قارئ من مد‬
‫وإمالة وفتح ومدغم وهمز ونقل واختالس وأحكام الوقف واالبتداء‪ ،‬مع توجيه‬
‫القراءات‪ ،‬والترجيح واالختيار أحيانا‪ ،‬وبيان ما يتصل بذلك من إثراء التفسير‬
‫واتساع المعنى‪ ،‬واستخراج اللطائف البالغية وغير ذلك مما تناوله في هذا‬
‫التفسير القيم مما يتعلق بعلم القراءات وأصولها‪.‬‬

‫‪1‬البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل‪ ،‬الجامع الصحيح المختصر‪ ،‬تحقيق د‪ .‬مصطفى ديب البغا‪ ،‬ط‪( 3‬بيروت‪:‬‬
‫دار ابن كثير ‪1407‬ه – ‪1987‬م)‪ ،‬كتاب قضائل القرآن‪ ،‬باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه ج‪ 4‬ص‪1919‬‬
‫حديث رقم ‪.4739‬‬
‫‪2‬ابن الجزري‪ ،‬محمد بن محمد‪ ،‬منجد المقرئين ومرشد الطالبين‪ ،‬اعتنى به علي بن محمد العمران ‪ ،‬ط (دار‬
‫عالم الفوائد)‪ ،‬ص ‪.49‬‬

‫‪1‬‬
‫وقد قمت بإعداد هذا البحث والذي هو بعنوان " اإلمام العُ َليْمي الحنبلي‬
‫ومنهجه في القراءات من خالل تفسيره "فتح الرحمن في تفسير القرآن" لتقديمه‬
‫إلى قسم التفسير‪ ،‬بجامعة المدينة العالمية تمهيدا لنيل درجة التخصص‬
‫"الماجستير" في القراءات‪ ،‬تحت إشراف فضيلة األستاذ الدكتور شريف‬
‫عبدالعليم محمود – حفظه هللا تعالى‪ ،‬وأشكر المولى عز وجل أن وفقني وسددني‬
‫على إنجازه‪ ،‬وأسأله أن يتقبله خالصا لوجهه الكريم‪.‬‬
‫‪ -‬خطة البحث‪:‬‬
‫وقد قسمت البحث إلى مقدمة‪ ،‬وتمهيد‪ ،‬وثالثة أبواب‪ ،‬وخاتمة‪ ،‬وفهارس علمية‬
‫كما يلي‪:‬‬
‫أوال‪ :‬المقدمة‪ ،‬وتشتمل على‪:‬‬
‫‪ -‬موضوع البحث‪:‬‬
‫ي ومنهجه في القراءات من خالل تفسيره "فتح الرحمن في‬ ‫اإلمام العُلَيْم ّ‬
‫ي ال َحنبَل ّ‬
‫تفسير القرآن"‪.‬‬
‫‪ -‬مشكلة البحث‬
‫هذا البحث يحاول اإلجابة لجملة أسئلة لطالما طرحت نفسها‪ ،‬منها أثر‬
‫القراءات القرآنية في إثراء المعنى وكيفية االستفادة من الثراء القراءاتي في‬
‫تفسير اآلية والعمل بها؟ وما هي الوجوه التي يمكن إبرازها واالستدالل لها‬
‫في هذا الخصوص؟ وما قيمة تفسير العليمي ودور صاحبه في إبراز ذلك‬
‫باعتباره أحد المفسرين المتأخرين الحنابلة؟ وما المنهاج الذي سار عليه في‬
‫تناوله لآليات التي تحتوي على شيء من كلمات الحروف العشرة المختلف‬
‫عليها؟‬
‫سيحاول الباحث خالل بحثه هذا إلقاء الضوء على هذه األسئلة المطروحة‬
‫وغيرها لتتضح الرؤية أمام كل ذي عينين باصرتين ‪ ،‬يستفيد منها القارئ‬
‫العام قبل المتخصص‪.‬‬

‫‪ -‬أهمية الموضوع وأسباب اختياره‪:‬‬


‫تكمن أهمية هذا الموضوع في هذه األمور‪:‬‬

‫‪2‬‬
‫‪ -1‬تعلقه بالقرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ - 2‬الرغبة الملحة في خدمة القرآن الكريم‪ ،‬والعيش في ظالله‪ ،‬والتي تتجلى أكثر‬
‫عند اإللمام باختالف قراءاته تفسيرا وتوجيها وتحليال واستنباطا‪.‬‬
‫‪ -3‬الوقوف على منهج العليمي في عرض القراءات‪.‬‬
‫‪ - 4‬عدم وجود من قام من الباحثين بهذا العمل الجليل في هذا التفسير‪ ،‬مع تأكد‬
‫الحاجة إلى ذلك‪ ،‬ومن هنا جاء االهتمام به‪ ،‬وإخراجه إلى األضواء العلمية‬
‫ليحظى باهتمام الباحثين ولينال قيمته الحقيقية في األوساط العلمية‪ ،‬وخاصة‬
‫ولكونه من التفاسير النادرة ألحد علماء الحنابلة المتأخرين بعد ضياع أكثر‬
‫تفاسيرهم ولم يسلم من ذلك إال النزر اليسير‪.‬‬
‫‪ -6‬محبتي الشديدة لهذا العلم الجليل‪ ،‬ورغبتي األكيدة في خدمته والنبوغ والتميز‬
‫فيه‪ ،‬واإلسهام في تطويره‪.‬‬
‫‪ -7‬توسيع دائرة البحوث اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ -‬أهداف البحث‪:‬‬
‫‪ -1‬إظهار وشرح المنهج الذي سار عليه العليمي في عرض القراءات ونسبتها‬
‫إلى أصحابها‪.‬‬
‫‪ -2‬الكشف عن قيمة العليمي العلمية التي تتجلى من خالل تقسيره هذا‪.‬‬
‫‪ -3‬إبراز اختيارات العليمي رحمه هللا وتوجيهاته للقراءات‪ ،‬والدفاع عنها‪،‬‬
‫والمنهج الذي سار عليه في كل ذلك‪.‬‬
‫‪ -4‬إثراء المكتبة اإلسالمية ببحث جديد لم يسبق إليه‪.‬‬
‫‪ -‬منهج البحث‪:‬‬
‫‪ -1‬المنهج الذي التزمت به خالل هذا البحث هو المنهج الوصفي التحليلي‪ ،‬حيث‬
‫أقوم بتتبع المواضيع التي استعرض فيها العليمي القراءات في تفسيره مع‬
‫بيان طبيعة كل منها‪ ،‬أستنبط من خالل ذلك المنهج الذي سلكه أو التزم به‬
‫خالل استعراض ذلك‪.‬‬
‫‪ -2‬وضحت هذا المنهج مدلال بأمثلة ونماذج كافية من تلك المواضيع المدروسة‬
‫معقبا عليها بالتعليق والتوضيح أحيانا‪ ،‬وباالستدراك والتنبيه أحيانا أخرى‪.‬‬
‫‪ -3‬وضحت منهجه في توجيه القراءات وتعليلها‪.‬‬
‫‪ -4‬بينت مسلكه في ترجيح القراءات واختيارها والدفاع عنها‪.‬‬
‫‪ -5‬وثقت القراءات المتواترة التي أوردها من كتب القراءات المتواترة‪.‬‬
‫‪ -6‬تتبعت القراءات الشاذة التي ذكرها ووثقتها من مظانها‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫‪ -7‬وثقت اآليات القرآنية الواردة في البحث بذكر اآلية ورقمها والسورة التي‬
‫فيها‪.‬‬
‫‪ -8‬خرجت األحاديث النبوية التي وردت في البحث من مظانها األصلية‪.‬‬
‫‪ -9‬أ َ َح ْلتُ أقوال السلف والعلماء الواردة أثناء البحث إلى مصادرها ما استطعت‪.‬‬
‫ترجمت ألسماء األعالم الواردة في البحث وتركت منهم المشاهير‬ ‫‪-10‬‬
‫والمعاصرين‪.‬‬
‫التعريف بالبلدان غير المشهورة الواردة في البحث‪.‬‬ ‫‪-11‬‬
‫خرجت الشواهد الشعرية بعزوها إلى مصادرها‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫قمت بعمل فهارس لآليات واألحاديث واألعالم والمصادر والمراجع‬ ‫‪-13‬‬
‫والموضوعات‪.‬‬
‫‪ -‬الدراسات السابقة‬
‫بعد طول بحث وتنقيب وسؤال ذوي االختصاص ومراسلة موقع "قاعدة بيانات‬
‫أوعية المعلومات القرآنية" و "مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات‬
‫اإلسالمية" واالطالع على "قائمة قاعة الرسائل الجامعية في المكتبة األزهرية "‬
‫وغير ذلك من بنوك موضوعات الرسائل الجامعية المختلفة تبينت أن موضوع‬
‫الرسالة لم يتناوله أحد بالبحث والدراسة‪.‬‬
‫وقد وقفت على ورقة هي عبارة عن ملخص لمطروحة الستكمال درجة‬
‫الدكتوراة‪ ،‬تقدمت بها الباحثة يسري أحمد توفيق اليبرودي إلى قسم أصول الدين‬
‫بكلية الشريعة والدراسات اإلسالمية بجامعة اليرموك بالمملكة األردنية الهاشمية‪،‬‬
‫وهي بعنوان "منهج العليمي الحنبلي في تفسيره فتح الرحمن في تفسير القرآن"‪،‬‬
‫وتقع الرسالة في ‪ 212‬صفحة‪ ،‬وقد نوقشت بتاريخ ‪ 23‬شعبان ‪ 1432‬الموافق ‪25‬‬
‫يوليو ‪.2011‬‬
‫وتهدف الرسالة – كما ذكر الملخص‪ - 1‬إلى بيان منهج العليمي في تفسيره‬
‫فتح الرحمن في تفسير القرآن‪ ،‬ودراسته‪ ،‬حيث أفاد العليمي ممن سبقه من‬
‫والقرطبي‪ ،‬والزمخشري‪ ،‬وابن عطية‪،‬‬ ‫المفسرين األعالم‪ ،‬كالطبري‪،‬‬
‫والكواشي‪ ،‬والبيضاوي‪ ،‬وابن كثير‪ ،‬والبغوي‪ ،‬وغيرهم‪.‬‬

‫ويبدو أن الملخص من إعداد الجامعة نفسها‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪4‬‬
‫كما كشفت الرسالة عن تميز العليمي بذكر الوقوفات وإيراد القراءات‬
‫المتواترة‪ ،‬واهتمامه بالفقه ومسائله وذكر مظان االختالف واإلتفاق دون تحيز أو‬
‫تعصب لمذهبه‪.‬‬
‫وبعيدا عن تعقيدات مسائل أهل الكالم في العقيدة‪ ،‬اختصر العليمي على‬
‫القارئ الكريم تلك المسائل‪ ،‬والتزم طريق أهل السنة والجماعة في بيانها‪.‬‬
‫كما اختصر القضايا اللغوية‪ ،‬والنحوية‪ ،‬والبالغية‪ ،‬واهتم بمسائل من علوم‬
‫القرآن‪ ،‬كالمحكم والمتشابه‪ ،‬وأسباب النزول‪ ،‬والمكي والمدني‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وأكثر‬
‫من ذكر الروايات اإلسرائيلية في تفسيره‪.‬‬
‫كما أكثر من إيراد القصص التاريخية‪ ،‬واألمثال الشعبية‪ ،‬وكان اهتمامه بالعدد‬
‫واضحا بارزا من أول تفسيره إلى آخره‪.‬‬
‫ولمعرفة مدى االختالف في المنهج واألسلوب وسبك العبارة بين مفسري‬
‫القرن الواحد‪َ ،‬عقَدَت الباحثة مقارنة بين العليمي الحنبلي‪ ،‬وأبي السعودي العمادي‬
‫في تفسيره "إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم"‪ ،‬وقد توصلت الرسالة‬
‫إلى مزايا عدة ذكرت في آخرها‪ ،1‬انتهى‪.‬‬
‫وقد سبق أن ُحقّق تفسير العليمي كذلك في سبع رسائل علمية للماجستير في‬
‫جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية بالرياض‪.‬‬
‫والنسخة التي اعتمدتُ عليها في هذا البحث هي نسخة محققة ومطبوعة طبعت َها‬
‫الثانية سنة ‪1432‬ه – ‪2011‬م‪ ،‬وهي النسخة الوحيدة المطبوعة إلى اآلن‪ ،‬قامت‬
‫بطباعتها "مؤسسة دار النوادر"‪ ،‬وكانت الطبعة األولى من إصدارات وزارة‬
‫األوقاف والشئون اإلسالمية بدولة قطر‪ ،‬بتاريخ ‪1430‬ه – ‪2009‬م‪ ،‬و كانتا‬
‫بتحقيق نور الدين طالب‪.‬‬
‫وتقع في سبع مجلدات متوسطة‪ ،‬قام المحقق بالتقديم للكتاب وذكر ترجمة‬
‫للمؤلف وبيان صحة نسبة الكتاب إلى صاحبه‪ ،‬ثم بين منهج العليمي في كتابه‬
‫هذا‪ ،‬وموارده فيه‪ ،‬ووصف أخيرا النسخ الخطية التي اعتمد عليها في تحقيقه هذا‪،‬‬
‫فجزاه هللا خيرا‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬تقسيمات البحث‪ ،‬ويشتمل على تمهيد وأربعة أبواب وخاتمة ‪.‬‬
‫‪ -‬التمهيد‪ ،‬ويشتمل على‪:‬‬
‫مدخل في علم القراءات وأهميته في تفسير القرآن الكريم‪ .‬وتحته خمسة‬
‫فصول‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬تعريف القراءات‪.‬‬
‫‪ 1‬انظر‪ :‬ملخص أطروحة " منهج العليمي الحنبلي في تفسيره فتح الرحمن في تفسير القرآن" إعداد يسري‬
‫أحمد توفيق اليبرودي ص‪.7‬‬

‫‪5‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬أركان القراءة المقبولة‪ ،‬وتحته مبحثان‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬أركان القراءة الثالثة‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أسباب وضع هذه األركان‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أنواع القراءات القرآنية‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬أهمية القراءات في تفسير القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ -‬الباب األول‪ :‬ويتضمن ترجمة اإلمام العليمي وحياته العلمية وعصره الذي‬
‫عاش فيه‪ ،‬وتحته ثالثة فصول‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬ترجمة اإلمام العُلَيْمي رحمه هللا‪ .‬وتحته مبحثان‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬اسمه‪ ,‬لقبه‪ ,‬ونسبه‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مولده ‪ ,‬ونشأته‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬حياته العلمية‪ ،‬وتحته أربعة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬طلبه العلم ورحالته‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬شيوخه‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تالمذته‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬عقيدته ومذهبه الفقهي‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬مكانته العلمية‪ ،‬وتحته ثالثة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ثناء العلماء عليه‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تصانيفه وآثاره العلمية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مكانة تفسيره‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬مصادره في تفسيره‪ ،‬ووفاته‬
‫‪ -‬الباب الثاني‪ :‬ويتناول منهج العُلَ ْي ِمي في عرض القراءات‪ ،‬ويشتمل على‬
‫فصلين‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬أنواع القراءات المذكورة في كتابه‪ .‬وقد قسمت الفصل إلى ثالثة‬
‫مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ذكره القراءات المتواترة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ذكره القراءات المشهورة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬ذكره القراءات الشاذة‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عزوه القراءات إلى أصحابها‪ .‬وينقسم الفصل إلى مبحثين‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬عزوه القراءة إلى األمصار‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬عزو القراءة إلى العامة‪.‬‬
‫‪ -‬الباب الثالث‪ :‬منهج العليمي في توجيه القراءات‪ ،‬ويشتمل على فصلين‬
‫رئيسيين‪:‬‬

‫‪6‬‬
‫الفصل األول‪ :‬المدخل إلى علم توجيه القراءات‪ .‬ويتضمن مبحثين‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى التوجيه لغة واصطالحا‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الكتب المصنفة في ذلك‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬صور توجيه القراءات عند العليمي‪ .‬وتحته تسعة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬توجيه القراءات بالمأثور‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬توجيه القراءات من حيث اللغة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التوجيه بأقوال المفسرين وعلماء اللغة‪.‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬التوجيه باللهجات العربية وكالم العرب‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬التوجيه بالرسم العثماني وأحكام التالوة والتجويد‪.‬‬
‫المبحث السادس‪ :‬التوجيه بالقراءات الشاذة‪.‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬توجيه القراءات وأثره في األحكام الفقهية‪.‬‬
‫المبحث الثامن‪ :‬توجيه القراءات لبيان مسائل العقيدة‪.‬‬
‫المبحث التاسع‪ :‬إيراده للقراءات بدون توجيه‪.‬‬
‫‪ -‬الباب الرابع‪ :‬منهج العليمي في اختيار القراءات والترجيح بينها والدفاع‬
‫عنها‪ ،‬وتحته ثالثة فصول‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اختيار العليمي للقراءات‪ ،‬وتحته ثالثة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى االختيار لغة واصطالحا ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬رأي العلماء في االختيار للقراءات‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬منهج العليمي في اختيار القراءات‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الترجيح بين القراءات عند العليمي‪ ،‬وتحته ثالثة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى الترجيح لغة واصطالحا‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حكم الترجيح بين القراءات‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬منهج العليمي في الترجيح بين القراءات‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬منهج العليمي في الدفاع عن القراءات‪ ،‬وتحته مبحثان‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬توطئة في الدفاع عن القراءات‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬منهج العليمي في الدفاع عن القراءات‪.‬‬
‫‪ -‬الخــاتـمة‪ :‬وتحتوي على اآلتي‪:‬‬
‫أ ‪ :‬أهم نتائج البحث وتوصياته‪.‬‬
‫ب ‪ :‬الفهارس العامة‬
‫أوال‪ :‬فهرس اآليات القرآنية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬فهرس األحاديث النبوية‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬فهرس األعالم‪.‬‬

‫‪7‬‬
‫رابعا‪ :‬فهرس المصادر والمراجع‪.‬‬
‫خامسا‪ :‬فهرس الموضوعات‪.‬‬

‫التمهيد‬

‫ويشتمل على مدخل في علم القراءات وأهميته في تفسير القرآن الكريم‪ .‬وتحته‬
‫خمسة فصول‪:‬‬

‫الفصل األول‪ :‬تعريف القراءات‪.‬‬


‫الفصل الثاني‪ :‬أركان القراءات المقبولة‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬أنواع القراءات القرآنية‪.‬‬
‫الفصل الرابع‪ :‬أهمية القراءات في تفسير القرآن الكريم‪.‬‬

‫الفصل األول‬
‫تعريف القراءات‬

‫‪8‬‬
‫ويستمل على مبحثين‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬تعريف القراءات لغة واصطالحا‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تعريف مصطلحات (القراءة‪ ،‬الرواية‪ ،‬الطريقة‪ ،‬القارئ‪،‬‬
‫المقرئ)‬

‫المبحث األول‪ :‬تعريف القراءات لغة واصطالحا‬


‫تعريف القراءات لغة‪:‬‬
‫القراءات لغة‪ :‬جمع‪ ،‬مفرده‪ :‬قراءة‪ ،‬يقال‪ :‬قرأ‪ ،‬يقرأ‪ ،‬قراءة‪ ،‬وقَ ْر ًءا‪ ،‬وقرآنا‪ ،‬فهو‬
‫مقروء‪.1‬‬

‫‪ 1‬مادة قرأ‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪.128‬‬

‫‪9‬‬
‫بعض‪ ،‬وقَرأْتُ الش ْي َء قُ ْرآناً‪:‬‬ ‫ٍ‬ ‫ض َّمه‪ ،‬أَي ضم ب ْع َ‬
‫ضه إلى‬ ‫وقَ َرأ َ الشي َء‪َ :‬ج َم َعه و َ‬
‫َجم ْعتُه وض َم ْمتُ بعضه إلى بعض‪ ،‬وسمي القرآن قرآنا ألنه يجمع السور‬
‫ت جنينا ً قط‪ ،‬أَي لم‬ ‫سالً ّ‬
‫قط وما قَ َرأ َ ْ‬ ‫ويضمها‪ ،‬ومنه قولُهم‪ :‬ما قَرأ َ ْ‬
‫ت هذه الناقةُ َ‬
‫ض َّم َرحمها على ولد‪ ،‬قال عمرو بن كلثوم‪:1‬‬ ‫ت َ ُّ‬
‫‪2‬‬
‫ه َجان اللَّ ْون لَم ت َ ْق َرأْ َجنينا‬ ‫**‬ ‫ط ٍل أ َ ْد َما َء ب ْك ٍر‬
‫ذ َرا َع ْي َع ْي َ‬

‫معناه‪ :‬لم يضم رحمها جنينا‪ ،‬وقيل‪ :‬لم تلقه‪.3‬‬


‫وفرق ابن القيم بين معنى المعتل بالياء والمهموز‪ ،‬فاألول‪ :‬قرى‪ ،‬يقري‪،‬‬
‫بمعنى جمع وضم‪ ،‬والثاني‪ :‬قرأ يقرأ بمعنى الظهور والخروج على وجه التوقيت‬
‫والتحديد‪ ،‬ومنه قراءة القرآن‪ ،‬ألن قارئه يظهره ويخرجه مقدارا محدودا ال يزيد‬
‫وال ينقص‪،‬ومنه قوله تعالى‪[ :‬ي ﰀ ﰀ ﰀ ]‪ 4‬قال‪ :‬ففرق بين الجمع والقرآن‪ ،‬ولو‬
‫كانا واحدا لكان تكريرا محضا‪.5‬‬
‫تعريف القراءات اصطالحا‪:‬‬
‫للعلماء عدة تعريفات للقراءات‪ ،‬سأذكر بعضها‪:‬‬
‫ابن الجزري‪" :6‬علم بكيفية أداء كلمات القرآن واختالفها‪ ،‬معزوا لناقله‪.7‬‬

‫‪ 1‬عمرو بن كلثوم‪ :‬ابن مالك بن عتّاب‪ ،‬أبو األسود‪ ،‬من بني تغلب‪ ،‬شاعر جاهلي‪ ،‬من الطبقة األولى‪ ،‬مات‬
‫في الجزيرة الفراتية في حدود سنة ‪ 40‬ق م‪ .‬والبيت من معلقته المشهورة‪ .‬انظر‪ :‬الجمحي‪ ،‬محمد بن‬
‫سالب‪ ،‬طبقات فحول الشعراء‪ ،‬تحقيق محمود محمد شاكر‪ ،‬ط (جدة‪ :‬دار المدني)‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.151‬‬
‫‪ 2‬الزوزني‪ ،‬الحسين ين أحمد‪ ،‬شرح المعلقات السبع ‪ ،‬تحقيق لجنة التحقيق في الدار العالمية‪ ،‬ط (بيروت‪:‬‬
‫الدار العالمية ‪1993‬م)‪ ،‬ص ‪.115‬‬
‫‪3‬األفريقي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪ .128‬الزبيدي‪ ،‬محمد بن محمد‪ ،‬تاج العروس من جواهر القاموس‪،‬‬
‫تحقيق مجموعة محققين‪( ،‬الرياض‪ :‬دار الهداية ) ج ‪ 1‬ص ‪.370‬‬
‫‪ 4‬القيامة‪ ،‬اآلية‪.17 :‬‬
‫‪5‬بازمول‪ ،‬محمد بن عمر‪ ،‬القراءات وأثرها في التفسير واألحكام‪ ،‬ط ‪( ،1‬القاهرة‪ :‬دار الفرقان ‪1331‬ه‪-‬‬
‫‪2009‬م ) ج ‪ 1‬ص ‪ ،106‬نقال عن‪ :‬ابن القيم‪ ،‬محمد بن أبي بكر‪ ،‬زاد المعاد في هدي خير العباد‪ ،‬ط‪27‬‬
‫(بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪1415‬ه – ‪1994‬م)‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪.635‬‬
‫‪ 6‬ابن الجزري‪ :‬هو اإلمام محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف‪ ،‬أبو الخير‪ ،‬شمس الدين‪ ،‬العمري‬
‫الدمشقي ثم الشيرازي الشافعي‪ ،‬الشهير بالجزري‪ ،‬شيخ اإلقراء في زمانه‪ ،‬من حفاظ الحديث‪ .‬ولد ونشأ في‬
‫دمشق‪ ،‬مات فيها‪ .‬من كتبه‪( :‬النشر في القراءات العشر)‪ ،‬و(غاية النهاية في طبقات القراء) وغيرهما‪.‬‬
‫توفي سنة ‪833‬ه ‪ .‬انظر‪ :‬الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ ،‬األعالم‪ ،‬ط‪( 15‬بيروت‪ :‬دار العلم للماليين) ج‪ 7‬ص‪.45‬‬
‫‪7‬ابن الجزري‪ ،‬منجد المقرئين‪ ،‬ص ‪.49‬‬

‫‪10‬‬
‫أبو حيان األندلسي‪ :1‬هو علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن‪.2"،‬‬
‫يفهم من كالم أبي حيان أن علم القراءات ينحصر في كيفية النطق بألفاظ‬
‫القرآن الكريم ال غير‪ ،‬وهذا ينطبق على علم التجويد وليس علم القراءات ألن علم‬
‫القراءات أوسع من ذلك‪ ،‬وقد يُعذَر بأنه لم يات بهذا التعريف غرضا وإنما أتى به‬
‫عرضا فال ينظر إليه كحد يطلب فيه كونه جامعا مانعا‪.3‬‬
‫بدر الدين الزركشي‪" 4‬القراءات هي اختالف ألفاظ الوحي المذكور – أي القرآن‬
‫‪ -‬في كتبة الحروف أو كيفيتها من تخفيف وتثقيل وغيرهما"‪.5‬‬
‫ويؤخذ على هذا التعريف أنه حصر القراءات في اختالف الحروف وكيفية‬
‫النطق بها ولم يتطرق إلى ذكر النقل والرواية التي بها تعرف صحة القراءة من‬
‫حيث النقل‪.‬‬
‫وكذا قوله ‪":‬كتبة الحروف" يدخل فيها علم الرسم وهو علم مستقل بذاته‪.‬‬
‫عبدالفتاح القاضي‪ :‬قال‪" :‬هو علم يعرف به كيفية النطق بالكلمات القرآنية‪،‬‬
‫وطريق أدائها اتفاقا واختالفا مع عزو كل وجه لناقله"‪.6‬‬
‫ويبدو لي – والعلم عند هللا – أن أحسن التعريفات وأدقها هما تعريف ابن‬
‫الجزري والشيخ عبدالفتاح القاضي‪ ،‬ألنهما يستوعبان القراءات من جانبي الدراية‬

‫‪ 1‬أبو حيان‪ :‬هو محمد بن يوسف بن على بن يوسف بن حيان الغرناطي األندلسي الجيانى‪ ،‬النفزي‪ ،‬أثير‬
‫الدين‪ ،‬أبو حيان‪ ،‬من كبار العلماء بالعربية والتفسير والحديث والتراجم واللغات‪ .‬ولد في إحدى جهات‬
‫غرناطة‪ .‬من تصانيفه‪( :‬البحر المحيط ) ولد سنة ‪ 654‬وتوفي سنة ‪ .745‬انظر‪ :‬األعالم (‪.)152/7‬‬
‫‪2‬األندلسي‪ ،‬أبو حيان‪ ،‬البحر المحيط‪ ،‬تحقيق‪ :‬صدقي محمد جميل‪ ،‬ط ( بيروت‪ :‬دار الفكر ‪1420‬ه ) ج ‪1‬‬
‫ص ‪.26‬‬
‫‪3‬بازمول‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪.108‬‬
‫‪4‬الزركشي‪ :‬هو محمد بن بهادر بن عبد هللا الزركشي‪ ،‬أبو عبد هللا‪ ،‬بدر الدين‪ ،‬عالم بفقه الشافعية واألصول‪،‬‬
‫تركي األصل‪ ،‬مصري المولد والوفاة‪ .‬له مشاركات في عدة فنون‪ ،‬من تصانيفه‪( :‬إعالم الساجد بأحكام‬
‫المساجد)‪ ،‬و(البرهان في علوم القرآن)‪ ،‬وغيرهما ‪ .‬توفي سنة ‪ 794‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬األعالم (‪.)60/6‬‬
‫‪5‬الزركشي‪ ،‬بدر الدين‪ ،‬البرهان في علوم القرآن‪ ،‬تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم‪ ،‬ط‪ ( 1‬بيروت‪ :‬دار‬
‫المعرفة ‪ 1376‬ه – ‪ 1957‬م) ج ‪ 1‬ص ‪.318‬‬
‫‪ 6‬القاضي‪ ،‬عبدالفتاح ‪،‬البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة من طريقي الشاطبية والدرة‪ ،‬ط‬
‫(بيروت‪ :‬دار الكتاب العربي) ص ‪ .7‬المحيسن‪ ،‬محمد سالم ‪ ،‬المهذب في القراءات العشر وتوجيهها من‬
‫طريق طيبة النشر‪ ،‬ط (القاهرة‪ :‬المكتبة األزهرية للتراث ‪ )1997 – 1417‬ص ‪.8‬‬

‫‪11‬‬
‫والرواية معا وال يقتصران على جانب واحد كما صنع غيرهما‪ ،‬فهما تعريفان‬
‫جامعا مانعان مستوعبان بالشك‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تعريف مصطلحات (القراءة‪ ،‬الرواية‪ ،‬الطريقة‪ ،‬القارئ‪،‬‬


‫المقرئ)‬

‫القراءة‪ :‬ما ينسب لإلمام‬ ‫‪-‬‬


‫الرواية‪ :‬ما ينسب لآلخذين عن اإلمام ولو بواسطة‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫الطريقة‪ :‬ما ينسب لمن أخذ عن الرواة وإن سفل‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫المقرئ من علم القراءة أداء ورواها مشافهة وأجيز له أن يعلم غيره‪.‬‬ ‫‪-‬‬
‫القارئ‪ :‬هو الذي جمع القرآن حفظا عن ظهر قلب‪ ،‬وهو مبتدئ ومتوسط‬ ‫‪-‬‬
‫ومنته‪ ،‬فالمبتدئ من أفرد إلى ثالث روايات‪ ،‬والمتوسط إلى أربع أو خمس‪،‬‬
‫‪1‬‬
‫والمنتهي من عرف من القراءات اكثرها وأشهرها‬

‫‪ 1‬ال ضباع‪ :‬الضباع‪ ،‬محمد علي‪ ،‬اإلضاءة في بيان أصول القراءة‪ ،‬ملتزم الطبع والنشر‪ :‬عبدالحميد أحمد‬
‫حنفي‪ ،‬ص‪.6 – .5‬‬

‫‪12‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫أركان القراءة المقبولة‬

‫ويتضمن المبحثين التاليين‪:‬‬


‫المبحث األول‪ .:‬أركان القراءة الثالثة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أسباب وضع هذه األركان‬

‫المبحث األول‪ :‬أركان القراءة الثالثة‬

‫‪13‬‬
‫لعلماء القراءات ضابط مشهور يزنون به الروايات الواردة فيها القراءات‪،‬‬
‫فيقولون‪ :‬كل قراءة وافقت أحد المصاحف العثمانية ولو تقديرا‪ ،‬ووافقت اللغة‬
‫العربية ولو بوجه‪ ،‬وصح إسنادها‪ ،‬ولو كان عمن فوق العشرة من القراء فهي‬
‫القراءة الصحيحة التي ال يجوز ردها وال يحل إنكارها بل هي من األحرف‬
‫السبعة التي نزل عليها القرآن‪.‬‬
‫وهذه الضوابط هي المعروفة عندهم بأركان القراءة الثالث‪ ،‬أو شروط القراءة‬
‫الصحيحة‪ ،‬وقد جمعها الحافظ ابن الجزري رحمه هللا في طيبته بقوله‪:‬‬
‫فكل ما وافق وجه نحو **** وكان للرسم احتماال يحوى‬
‫ُ‪1‬‬ ‫ُ‬
‫القرآن **** فهذه الثالثة األركان‬ ‫وصح إسنادا هو‬
‫إذن هذه األركان هي‪:‬‬
‫موافقة اللغة العربية ولو بوجه‬ ‫‪-1‬‬
‫موافقة رسم أحد المصاحف العثمانية ولو تقديرا‬ ‫‪-2‬‬
‫صحة السند مع الشهرة واالستفادة‬ ‫‪-3‬‬
‫وبسط ذلك ابن الجزري بقوله‪" :‬كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه‪ ،‬ووافقت‬
‫أحد المصاحف العثمانية ولو احتماال وصح سندها‪ ،‬فهي القراءة الصحيحة التي ال‬
‫يجوز ردها وال يحل إنكارها‪ ،‬بل هي من األحرف السبعة التي نزل بها القرآن‬
‫ووجب على الناس قبولها‪ ،‬سواء كانت عن األئمة السبعة‪ ،‬أم عن العشرة‪ ،‬أم عن‬
‫غيرهم من األئمة المقبولين‪ ،‬ومتى اختل ركن من هذه األركان الثالثة أطلق عليها‬
‫ضعيفة أو شاذة أو باطلة‪ ،‬سواء كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم‪ ،‬هذا هو‬
‫الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف"‪.2‬‬
‫الركن األول‪ :‬موافقة اللغة العربية ولو بوجه‬
‫المراد بذلك أن يوافق وجها من وجوه قواعد اللغة العربية سواء كان أفصح‬
‫أم فصيحا مجمعا عليه‪ ،‬أم مختلفا فيه اختالفا ال يضر مثله‪ ،‬إذا كانت القراءة مما‬

‫‪ 1‬ابن الجزري‪ ،‬طيبة النشر في القراءات العشر‪ ،‬تحقيق محمد تميم الزعبي‪ ،‬ط‪( 1‬جدة‪ :‬مكتبة دار الهدى‬
‫‪1414‬ه – ‪1994‬م) بيتان رقم ‪ ،15 ،14‬ص‪.1‬‬
‫‪ 2‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.9‬‬

‫‪14‬‬
‫شاع وذاع وتلقاه األئمة باإلسناد الصحيح‪ ،‬إذ هو األصل األعظم والركن األقوم‪،‬‬
‫وهذا هو المختار عند المحققين في ركن موافقة العربية‪ ،‬فكم من قراءة أنكرها‬
‫بعض أهل النحو أو كثير منهم ولم يعتبر إنكارهم‪ ،‬بل أجمع األئمة المقتدى بهم‬
‫من السلف على قبولها ‪.1‬‬
‫عواْ)‪ 2‬والجمع بين‬ ‫ومن أمثلة ذلك إدغام أبي عمرو‪ ،‬وقراءة حمزة (فَ َما ا ْس َّ‬
‫طا ُ‬
‫الساكنين في قراءة البزي‪ ،‬وإسكان كلمة ([ﮚ ]‪ 3‬و([ﮦ ]‪ 4‬في قراءة أبي عمرو‪،‬‬
‫وقراءة حمزة [ﭨ ﭩ ]‪ 5‬بالخفض‪ ،‬والفصل بين المضافين في األنعام البن عامر‪،6‬‬
‫وغير ذلك مما هو معلوم لدى أهل الفن‪.‬‬
‫فيجب التعامل مع كل ذلك باالطمئنان والقبول التام ‪ ،‬وال يرد ذلك بقاعدة من‬
‫القواعد النحوية‪ ،‬وال قياس وال فشو لغة‪ ،‬ألن القراءة سنة متبعة‪ ،7‬يلزم قبولها‬
‫والمصير إليها في جميع األحوال‪.‬‬

‫‪1‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.10‬‬


‫‪ 2‬الكهف‪ ،‬اآلية‪ .97 :‬ابن زنجلة‪ ،‬أبو زرعة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬تحقيق سعيد العفاني‪ ،‬ط‪( 2‬بيروت‪ :‬مؤسسة‬
‫الرسالة ‪1402‬ه – ‪1982‬م)‪ ،‬ص‪ .435‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير في القراءات العشر‪ ،‬تحقيق د‪ .‬أحمد‬
‫محمد مفلح القضاة‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ :‬دار الفرقان ‪1421‬ه – ‪ ،)2000‬ص‪.450‬‬
‫‪ 3‬البقرة‪ ،‬اآلية‪ .54 :‬الدمياطي‪ ،‬شهاب الدين‪ ،‬إتحاف فضالء البشر فى القراءات األربعة عشر‪ ،‬تحقيق أنس‬
‫مهرة‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1419‬هـ ‪ ، )1998 -‬ص‪ .178‬الداني‪ ،‬عثمان بن سعيد‪ ،‬التيسير في‬
‫القراءات السبع‪ ،‬ط (بيروت‪ :‬دار الكتاب العربي ‪1404‬ه – ‪1984‬م) ص‪ .60‬ابن مجاهد‪ ،‬أبو بكر التيمي‪،‬‬
‫السبعة في القراءات‪ ،‬تحقيق د‪ .‬شوقي ضيف‪ ،‬ط‪ ( 2‬القاهرة‪ :‬دار المعارف ‪1400‬هــ) ص‪ .155‬ابن‬
‫زنجلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.97‬‬
‫‪ 4‬البقرة‪ ،‬اآلية‪ .67 :‬الدمياطي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .8/17‬الداني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .60‬ابن الجزري‪،‬‬
‫تحبير التيسير‪ ،‬ص‪ .287‬ابن زنجلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.97‬‬
‫‪ 5‬النساء‪ ،‬اآلية‪ .1 :‬الدمياطي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .236‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير‪ ،‬ص‪ .334‬ابن‬
‫مجاهد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.226‬‬
‫‪ 6‬إشارة إلى قوله تعالى‪[[ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ] {األنعام‪}137:‬‬
‫‪ 7‬البيهقي‪ ،‬السنن الكبرى‪ ،‬كتاب الصالة‪ ،‬باب وجوب القراءة على ما نزل‪ ،‬عن زيد بن ثابت موقوفا‪ ،‬ج‪2‬‬
‫ص‪ ،474‬حديث رقم ‪ ،4164‬ط‪( 1‬حيدر آباد ‪ :‬مجلس دائرة المعارف النظامية ‪1344‬ه)‪.‬‬
‫وقد ورد هذا األثر عن كثير من السلف بألفاظ متقاربة تؤدي إلى نفس المعنى‪ ،‬منهم الشعبي‪ ،‬ومحمد بن‬
‫المنكدر‪ ،‬وعروة بن الزبير ‪ ،‬وعمر بن عبدالعزيز‪ ،‬ومالك بن أنس‪ ،‬والمازني‪ ،‬وغيرهم‪ .‬انظر‪ :‬ابن مجاهد‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .51،52 ،50 ،49‬البيهقي‪ ،‬أحمد بن الحسين‪ ،‬شعب اإليمان‪ ،‬تحقيق الدكتور عبد‬
‫العلي عبد الحميد حامد و مختار أحمد الندوي‪ ،‬ط‪( 1‬الرياض‪ :‬مكتبة الرشد ‪1423‬ه – ‪2003‬م) ج‪4‬‬
‫ص‪ . 220‬أبو عبيد‪ ،‬القاسم‪ ،‬فضائل القرآن‪ ،‬تحقيق مروان العطية وآخرين‪ ،‬ط (بيروت‪ ،‬دمشق‪ :‬دار ابن‬
‫كثير ‪1420‬ه)‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .361‬ولمن أراد التوسعة فهناك دراسة قيمة لهذه اآلثار‪ ،‬للدكتور عادل بن إبراهيم‬
‫بن محمد رفاعي‪ ،‬بعنوان‪ ":‬أقوال العلماء الواردة في أن القراءة سنة متبعة واألحكام المبنية على ذلك"‪،‬‬

‫‪15‬‬
‫قال الزرقاني‪ ":1‬وهذا كالم وجيه فإن علماء النحو إنما استمدوا قواعده من‬
‫كتاب هللا تعالى وكالم رسوله وكالم العرب‪ ،‬فإذا ثبتت قرآنية القرآن بالرواية‬
‫المقبولة‪ ،‬كان القرآن هو الحكم على علماء النحو وما قعدوا من قواعد‪ ،‬ووجب أن‬
‫يرجعوا هم بقواعدهم إليه ال أن نرجع نحن بالقرآن إلى قواعدهم المخالفة نحكمها‬
‫فيه‪ ،‬وإال كان ذلك عكسا لآلية وإهماال لألصل في وجوب الرعاية"‪.2‬‬

‫الركن الثاني‪ :‬موافقة رسم أحد المصاحف العثمانية ولو تقديرا‪:‬‬


‫ومعنى (أحد المصاحف العثمانية)‪ :‬واحد من المصاحف التي وجهها عثمان‬
‫رضي هللا عنه إلى األمصار‪ ،‬كقراءة ابن كثير في التوبة‪َ ( :‬جنَّا ٍ‬
‫ت ت َ ْجري من‬
‫ار)‪ 3‬بزيادة (من)‪ ،‬فإنها لم توجد إال في مصحف مكة‪ .4‬وكقوله‬ ‫ت َ ْحت َها األ َ ْن َه ُ‬
‫تعالى‪َ [( :‬وقَالُواْ ات َّ ّخذَ اْهللُ َولَدًا]‪ 5‬في البقرة‪ ،‬فإن ابن عامر يقرؤها بدون الواو‬
‫بخالف الجماعة‪ ،‬وذلك ثابت في المصحف الشامي‪ ،‬وغير ذلك الكثير والكثير‪.‬‬
‫وقولهم‪( :‬ولو تقديرا) يعني أن توافق القراءة رسم المصحف موافقة صريحة أو‬
‫غير صريحة‪.‬‬

‫فالموافقة الصريحة نحو كلمة (ننشزها) من قوله تعالى‪َ [[ :‬وانُ ْ‬


‫ظر إ َلى‬
‫ف نُنش ُز َها] ‪ ،6‬فإنها كتبت في المصحف بدون نقط‪ ،‬وهنا وافقت قراءة‬ ‫ْالع َ‬
‫ظام َك ْي َ‬
‫(ننشزها ) بالزاي وقراءة (نُنش ُرها) بالراء‪.1‬‬
‫وهي من إصدارات مجلة الجامعة اإلسالمية بالمدينة المنورة‪ ،‬العدد ‪ .148‬حاول خاللها الباحث حصر‬
‫األقوال الصريحة الواضحة في هذه المسألة منذ القرن األول إلى عصرنا هذا‪ .‬فجزاه هللا خيرا‪.‬‬
‫الز ْرقاني (بضم الزاي)‪ ،‬من أهالي الجعفرية في المحافظة الغربية من مصر‪.‬‬ ‫‪ : 1‬هو محمد عبدالعظيم ُّ‬
‫ونسبته إلى زرقان‪ ،‬وهي بلدة تابعة لمحافظة المنوفية‪ .‬ولد في مطلع القرن الرابع عشر الهجري‪ ،‬من علماء‬
‫األزهر بمصر‪ ،‬وتوفي بالقاهرة‪ .‬من كتبه‪( :‬مناهل العرفان في علوم القرآن )‪ .‬توفي سنة ‪ 1367‬هـ‪ .‬انظر‪:‬‬
‫األعالم (‪.)210/6‬‬

‫‪ 2‬الزرقاني‪ ،‬محمد عبدالعظيم‪ ،‬مناهل العرفان في علوم القرآن‪ ،‬تحقيق أحمد بن علي‪ ( ،‬القاهرة‪ :‬دار الحديث‬
‫‪ 1422‬ه – ‪ 2001‬م )‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪.351‬‬
‫‪ 3‬التوبة‪ ،‬اآلية‪ .100 :‬الداني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .85‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير‪ ،‬ص‪ .393‬ابن زنجلة‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ص‪.322‬‬
‫‪4‬ابن الجزري‪ ،‬منجد المقرئين ص ‪.79‬‬
‫‪ 5‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.116 :‬‬
‫‪ 6‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.259:‬‬

‫‪16‬‬
‫ولإلمام ابن الجزري كالم نفيس في هذا الموضوع ال غنى عنه‪ ،‬يقول فيه ما‬
‫نصه‪:‬‬
‫ط]‪ 2‬بالصاد المبدلة من السين‪ ،‬وعدلوا‬ ‫الص َرا َ‬
‫" ( قلت )‪ :‬فانظر كيف كتبوا [ ّ‬
‫عن السين التي هي األصل لتكون قراءة السين وإن خالفت الرسم من وجه قد أتت‬
‫على األصل فيعتدالن‪ ،‬وتكون قراءة اإلشمام محتملة‪ ،‬ولو كتب ذلك بالسين على‬
‫األصل لفات ذلك وعدت قراءة غير السين مخالفة للرسم واألصل‪ ،‬ولذلك كان‬
‫الخالف في المشهور في [ﭯ ﭰ]‪ 3‬األعراف دون [ه ]‪ 4‬البقرة ; لكون حرف البقرة‬
‫كتب بالسين وحرف األعراف بالصاد‪ ،‬على أن مخالف صريح الرسم في حرف‬
‫مدغم أو مبدل أو ثابت أو محذوف أو نحو ذلك ال يعد مخالفا إذا ثبتت القراءة به‬
‫ووردت مشهورة مستفاضة‪ ،‬أال ترى أنهم لم يعدوا إثبات ياءات الزوائد وحذف‬
‫صالحينَ )‪ 6‬والظاء من [ﯗ ]‪ 7‬ونحو‬ ‫(وأ َ ُكونَ منَ ال َّ‬
‫ياء [ﯘ ] في الكهف‪ ،‬وقراءة َ‬
‫‪5‬‬

‫ذلك من مخالفة الرسم المردود‪ ،‬فإن الخالف في ذلك يغتفر‪ ،‬إذ هو قريب يرجع‬
‫إلى معنى واحد وتمشيه صحة القراءة وشهرتها وتلقيها بالقبول‪ ،‬وذلك بخالف‬
‫زيادة كلمة ونقصانها وتقديمها وتأخيرها حتى ولو كانت حرفا واحدا من حروف‬
‫المعاني‪ ،‬فإن حكمه في حكم الكلمة ال يسوغ مخالفة الرسم فيه‪ ،‬وهذا هو الحد‬
‫الفاصل في حقيقة اتباع الرسم ومخالفته "‪.8‬‬
‫أما الموافقة غير الصريحة فكما في كلمة ( َملك) في قوله تعالى‪[ :‬ﭞ ﭟ ﭠ‬
‫]‪ 9‬فإنها مرسومة في جميع المصاحف بحذف األلف‪ ،‬فقراءة الحذف هنا‬
‫محذوف األلف في قوله تعالى‪[ :‬ﮅ ﮆ]‪ ،10‬وقراءة األلف‬
‫َ‬ ‫تحتمله تحقيقا ألنه وجد‬

‫‪1‬الزرقاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪.348‬‬


‫‪ 2‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.5 :‬‬
‫‪ 3‬األعراف‪ ،‬اآلية‪.69 :‬‬
‫‪ 4‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.247 :‬‬
‫‪ 5‬الكهف‪ ،‬اآلية‪.70 :‬‬
‫‪ 6‬المنافقون ‪ ،‬اآلية‪.10:‬‬
‫‪ 7‬التكوير‪ ،‬اآلية‪.24 :‬‬
‫‪8‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.12‬‬
‫‪ 9‬الفاتحة‪ ،‬اآلية‪.3 :‬‬
‫‪ 10‬الناس‪ ،‬اآلية‪.3 :‬‬

‫‪17‬‬
‫تحتمله تقديرا ‪،‬كما كتب في قوله تعالى‪[ :‬ﮉ ﮊ ]‪ 1‬باأللف‪ ،‬فتكون األلف حذفت‬
‫اختصارا‪.2‬‬
‫الركن الثالث‪ :‬صحة السند مع الشهرة واالستفادة‬
‫جعل العلماء صحة السند مع الشهرة واالستفادة شرطا من ضمن الشروط‬
‫الثالثة لصحة القراءة والقطع بها قرآنا ‪.‬‬
‫وقد شرح معنى ذلك ابن الجزري بقوله‪" :‬قولنا (وصح سندها) نعني به أن‬
‫يروي تلك القراءة العدل الضابط عن مثله‪ ،‬وهكذا حتى تنتهي‪ ،‬وتكون مع ذلك‬
‫مشهورة عند أئمة هذا الشأن الضابطين له‪ ،‬غير معدودة عندهم من الغلط أو مما‬
‫شذ به بعضهم"‪.3‬انتهى‪.‬‬
‫ومعلوم أن أكثر المتقدمين على اشتراط التواتر في قبول القراءة إلى جانب‬
‫موافقة الرسم واللغة العربية‪ ، ،‬إال أن مذهب األئمة المحققين المدققين اشتراط ما‬
‫أسلفناه من االكتفاء بصحة السند مع االستفادة والشهرة من دون اشتراط التواتر‪،‬‬
‫وعلى رأسهم العالمة أبو شامة‪ ،4‬وأبو محمد الجعبري‪ ،5‬ووافقه الحموي‪ ،6‬وهو‬
‫مذهب المحقق ابن الجزري‪ ،‬الذي ذَكر أنه كان في أول أمره على المذهب األول‬
‫قبل أن يرجع عنه ‪ ،7‬وتبعه الزرقاني وعيره‪.1‬‬

‫‪ 1‬آل عمران‪ ،‬اآلية‪.26 :‬‬


‫‪ 2‬ابن الجزري‪ ،‬منجد المقرئين‪ ،‬ص‪ .80‬النشر في القراءات العشر ص‪ .11‬الزرقاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪1‬‬
‫ص‪.341‬‬
‫‪3‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ص ‪.13‬‬
‫‪ 4‬أبو شامة‪ :‬هو عبد الرح من بن إسماعيل بن إبراهيم بن عثمان‪ ،‬العالمة ذو الفنون‪ ،‬شهاب الدين أبو القاسم‬
‫المقدسي ثم الدمشقي الشافعي‪ ،‬صاحب التصانيف‪ ،‬توفي سنة ‪665‬ه‪ .‬له‪( :‬الوجيز فيما يتعلق بعلوم الكتاب‬
‫العزيز) و(الباعث في إنكار البدع والحوادث) وغيرهما‪ .‬انظر‪ :‬الذهبي‪ ،‬معرفة القراء الكبار على الطبقات‬
‫واألعصار‪ ،‬تحقيق بشار عواد معروف وآخرين‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪1404‬ه)‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.673‬‬
‫األعالم (‪.)299/3‬‬
‫‪ 5‬الجعبري‪ :‬هو إبراهيم بن عمر بن إبراهيم‪ ،‬الشيخ اإلمام العالم المقرئ األستاذ‪ ،‬برهان الدين أبو إسحاق‬
‫الجعبري‪ ،‬شيخ بلد الخليل عليه السالم‪ ،‬له‪( :‬خالصة األبحاث)‪( ،‬كنز المعاني شرح حرز األماني)‪( ،‬عقود‬
‫الجمان في تجويد القرآن)‪.‬توفي سنة ‪732‬ه‪ .‬انظر‪ :‬معرفة القراء الكبار‪،‬ج‪ 2‬ص‪ .743‬األعالم (‪.)55/1‬‬
‫‪ 6‬الحموي‪ :‬هو أحمد بن عمر بن أبي الرضى‪ ،‬أبو الخير‪ ،‬شهاب الدين‪ ،‬قاض‪ ،‬من أهل حماة (بسورية) ‪،‬‬
‫كان عالما بالقراءات‪ ،‬له فيها نظم سماه (عقد البكر)‪ ،‬و(القواعد واإلشارات في أصول القراءات)‪ ،‬و(منتخب‬
‫إحياء علوم الدين للغزالي)‪ .‬توفي سنة ‪791‬ه‪ .‬انظر‪ :‬األعالم (‪.)187/1‬‬
‫‪ 7‬قال ابن الجزري‪ :‬وقد كنت قبل أجنح إلى هذا القول ‪ ،‬ثم ظهر فساده وموافقة أئمة السلف والخلف‪ .‬تنظر‪:‬‬
‫النشر (‪.)9/ 1‬‬

‫‪18‬‬
‫معنى التواتر‪:‬‬
‫المتواتر ما رواه جماعة عن جماعة كذا إلى منتهاه‪ ،‬تفيد العلم من دون تعيين‬
‫عدد‪ ،‬هذا هو الصحيح‪ ،‬وقيل بالتعيين‪ ،2‬واختلفوا فيه‪ ،‬فقيل ستة‪ ،‬وقيل اثنا عشر‪،‬‬
‫وقيل عشرون‪ ،‬وقيل أربعون‪ ،‬وقيل سبعون‪ ،‬وقيل غير ذلك‪ ،‬حتى أوصله بعضهم‬
‫إلى ثالث مئة وبضعة عشر"‪ ،3‬لكن تعيين العدد غير صحيح‪ ،‬فكل ما أفاد العلم‬
‫ودفع جواز تواطئهم على الكذب عادة فهو المتواتر‪.‬‬
‫مثاله ما اتفقت الطرق في نقله عن السبعة‪ ،‬وهذا هو الغالب في القراءات "‪.4‬‬
‫معنى صحة السند‪:‬‬
‫يقصدون بصحة السند أن يروي تلك القراءة العدل الضابط عن مثله كذا إلى‬
‫منتهاه‪ ،‬وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن الضابطين له غير معدودة‬
‫عندهم من الغلط أو مما شذ به بعضهم‪ ،5‬إال أنها لم تبلغ درجة التواتر‪ 6.‬وهو‬
‫‪7‬‬
‫المعروف عندهم بالمشهور‪ ،‬وقد تكون من اآلحاد‪.‬‬
‫قال الشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني رحمه هللا‪" :‬ومن أشهر ما صنف في‬
‫هذين النوعين "التيسير"‪ ،‬للداني و"الشاطبية" و "طيبة النشر في القراءات‬

‫‪ 1‬أبو شامة‪ ،‬شهاب الدين ‪ ،‬المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز‪ ،‬تحقيق طيار آلتي قوالج‪ ،‬ط‬
‫(بيروت‪ :‬آل صادر‪1395 ،‬ه – ‪1975‬م)‪ ،‬ص‪ .137 -136‬الحموي‪ ،‬ابن أبي الرضا‪ ،‬القواعد واإلشارات‬
‫في أصول القراءات‪ ،‬تحقيق د‪ .‬عبدالكريم بكار‪ ،‬ط‪( 1‬القاهرة‪ :‬دار السالم ‪1435‬ه – ‪2014‬م)‪ ،‬ص‪.34,33‬‬
‫ابن الجزري‪ ،‬النشر ‪ ،‬ص‪ .13‬الزرقاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.355‬‬
‫‪ 2‬الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي‪ ،‬إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول‪ ،‬تحقيق أبي حفص سامي بن‬
‫العربي األثري‪ ،‬ط‪( 1‬الرياض‪ :‬دار الفضيلة ‪1421‬ه ‪2000‬م)‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.244‬‬
‫‪ 3‬ابن الجزري‪ ،‬منجد المقرئين‪( ،‬ص‪ .)38‬القاري‪ ،‬مال نورالدين‪ ،‬شرح نخبة الفكر‪ ،‬تحقيق محمد نزار‬
‫تميم وهيثم نزار تميم‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار األرقم) ص‪ .168‬السيوطي‪ ،‬جالل الدين‪ ،‬تدريب الراوي في شرح‬
‫تقريب الواوي‪ ،‬تحقيق عبدالوهاب عبداللطيف‪ ،‬ط (الرياض‪ :‬مكتبة الرياض الحديثة)‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.176‬‬
‫‪4‬الزرقاني‪ ،‬المرجع السابق ج‪ 1‬ص ‪.357‬‬
‫‪5‬ابن الجزري‪ ،‬النشر ‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.11‬‬
‫‪6‬الزرقاني‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ج‪ 1‬ص ‪.356‬‬
‫‪ 7‬وأورد العالمة أبو شامة في مرشده كالما للبغوي في شرح السنة‪ ،‬ونصه‪" :‬فأما القراءة باللغات المختلفة‬
‫مما يوافق الخط والكتاب فالفسحة فيه باقية‪ ،‬والتوسعة قائمة بعد ثبوتها وصحتها‪ ،‬بنقل العدول عن رسول‬
‫سلَّ َم" ثم عقب ذلك أبو شامة بقوله‪" :‬قلت‪ :‬وال يلزم في ذلك تواتر‪ ،‬بل تكفي اآلحاد‬
‫علَيْه َو َ‬ ‫صلَّى َّ‬
‫َّللاُ َ‬ ‫هللا َ‬
‫الصحيحة من االستفاضة وموافقة خط المصحف وعدم المنكرين لها نقال وتوجيها من حيث اللغة‪ ،‬وهللا‬
‫أعلم‪ .‬انظر‪ :‬المرشد الوجيز‪ ،‬ص‪.145‬‬

‫‪19‬‬
‫العشر"‪ .‬وهذان النوعان‪ 1‬هما اللذان يقرأ بهما مع وجوب اعتقادهما‪ ،‬وال يجوز‬
‫إنكار شيء منهما"‪.2‬‬
‫مناقشة أدلة الفريقين‪:‬‬
‫يرى الفريق األول أنه ال يكفي لقبول القراءة كونها صحيحة السند من دون‬
‫استيفائها لصفة التواتر واحتجوا بعدة أدلة‪:‬‬
‫منها‪ :‬أن التواتر إذا ثبت ال يحتاج فيه إلى الركنين األخيرين من الرسم‬
‫وغيره‪ ،‬إذ ما ثبت من أحرف الخالف متواترا عن النبي صلى هللا عليه وسلم‬
‫وجب قبوله والقطع بكونه قرآنا سواء وافق الرسم أم خالفه"‪.3‬‬
‫وعلق على ذلك الزرقاني بقوله‪":‬إن هذه األركان الثالثة تكاد تكون مساوية‬
‫للتواتر في إفادة العلم القاطع بالقراءات المقبولة‪ .‬بيان هذه المساواة أن ما بين‬
‫دفتي المصحف متواتر ومجمع عليه من األمة في أفضل عهودها وهو عهد‬
‫الصحابة فإذا صح سند القراءة ووافقت قواعد اللغة ثم جاءت موافقة لخط هذا‬
‫المصحف المتواتر كانت هذه الموافقة قرينة على إفادة هذه الرواية للعلم القاطع‬
‫وإن كانت آحادا"‪.4‬‬
‫ومنها‪ :‬أنه ينتفي كثير من أحرف الخالف الثابت عن هؤالء األئمة السبعة‬
‫وغيرهم باشتراط التواتر في كل حرف من حروف الخالف"‪.5‬‬
‫قال الجعبري‪ ":‬الشرط واحد وهو صحة النقل‪ ،‬ويلزم اآلخران فهذا ضابط‬
‫يعرف ما هو من األحرف السبعة وغيرها‪ ،‬فمن أحكم معرفة حال النقلة وأمعن‬ ‫ّ‬
‫في العربية وأتقن الرسم انحلت له هذه الشبهة" ‪.‬‬
‫‪6‬‬

‫قلت‪ :‬ولعله ألجل هذا السبب عز وجود ما رواه الثقة وليس له وجه في‬
‫العربية‪ ،‬بل لقد صرح الزرقاني بأنه لو صدر هذا فإنه ال يصدر إال على وجه‬
‫السهو والغلط وعدم الضبط ما يتنافى تماما مع حالة الثقة‪ ،‬ولذلك أورد ابن‬
‫‪ 1‬أي المتواتر والمشهور‬
‫‪2‬الزرقاني‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪.357‬‬
‫‪3‬انظر‪ :‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.13‬‬
‫‪4‬الزرقاني‪ ،‬مرجع سابق ج‪ 1‬ص ‪.355‬‬
‫‪5‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.13‬‬
‫‪6‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.13‬‬

‫‪20‬‬
‫الجزري شيئا مما نسب إلى حمزة من هذا القبيل ثم تعقبه بقوله‪":‬تتبعت ذلك فلم‬
‫أجد منصوصا لحمزة ال بطرق صحيحة وال ضعيفة"ٍ‪.1‬‬
‫ومنها‪" :‬أن هذا ضابط ال تعريف‪ ،‬والتواتر قد لوحظ في تعريف القرآن على‬
‫أنه شطر أو شرط على األقل‪ ،‬ولم يلحظ في الضابط ألنه يغتفر في الضوابط ما‬
‫ال يغتفر في التعاريف‪ .‬فالضوابط ليست لبيان الماهية والحقيقة"‪.2‬‬
‫وأما الفريق الثاني‪ ،‬فإنه لم يكتف بصحة السند وإنما يشترط التواتر لقبول‬
‫القراءة واالطمئنان إليها‪ ،‬وهو يرى أن القراءة ال بد لثبوتها من التواتر‪ ،‬فما ليس‬
‫بمتواتر ال يسمى قرآنا وال يقرأ به‪.3‬‬
‫قال النويري‪ 4‬في شرحه على (الطيبة)‪" :‬وقوله‪ :‬وصح إسنادا ظاهره أن‬
‫القرآن يكتفي في ثبوته مع الشرطين المتقدمين بصحة السند فقط وال يحتاج إلى‬
‫تواتر‪ .‬وهذا قول حادث مخالف إلجماع الفقهاء والمحدثين وغيرهم كما ستراه إن‬
‫شاء هللا تعالى‪ .‬ولقد ضل بسبب هذا القول قوم فصاروا يقرؤون أحرفا ال يصح‬
‫لها سند أصال ويقولون‪ :‬التواتر ليس بشرط‪ ،‬وإذا طولبوا بسند صحيح ال‬
‫يستطيعون ذلك"‪.5‬‬
‫إلى أن قال‪ ":‬وأما القراء فأجمعوا في أول الزمان على ذلك وكذلك في آخره‬
‫لم يخالف من المتأخرين إال أبو محمد مكي وتبعه بعض المتأخرين"‪ 6‬انتهى‪.‬‬
‫قلت‪ :‬والجواب على ذلك أن يقال إن القرآن الكريم قد أصبح متواترا بمجموع‬
‫تلك الشروط الثالثة‪ ،‬فإنه ال بد للقراءة ألن تكون متواترة من توفر هذه الشروط‬
‫فيها مجتمعة ومن ثم توسم بالتواتر‪" ،‬فكأن التواتر كان يطلب تحصيله في اإلسناد‬
‫قبل أن يقوم المصحف وثيقة متواترة بالقرآن‪ .‬أما بعد وجود هذا المصحف‬

‫‪1‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪. 17‬‬


‫‪2‬أفاده الزرقاني‪ ،‬انظر‪ :‬مناهل العرفان ج‪ 1‬ص‪.354‬‬
‫‪ 3‬إسماعيل‪ ،‬شعبان محمد ‪ ،‬القراءات أحكامها ومصدرها‪ ،‬ط (جمعية دعوة الحق ‪1402‬ه) ص‪.98‬‬
‫‪ 4‬النويري‪ :‬هو محمد بن محمد بن علي بن محمد بن إبراهيم بن عبدالخالق النويري (أبو القاسم)‪ ،‬عالم‬
‫بالفنون‪ ،‬توفي بمكة سنة ‪857‬ه‪ .‬من تصانيفه‪( :‬بغية الراغب في شرح مختصر ابن الحاجب)‪( ،‬شرح طيبة‬
‫النشر) ‪،‬وغيرهما‪.‬انظر‪ :‬معجم المؤلفين‪ .)250/11( :‬حاجي خليفة‪ ،‬مصطفى بن عبدهللا‪ ،‬كشف الظنون عن‬
‫أسامي الكتب والفنون‪ ،‬ط (بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي)‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.1118‬‬
‫‪ 5‬نقال عن الزرقاني‪ :‬انظر ‪ :‬مناهل العرفان‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪.356‬‬
‫‪6‬الزرقاني‪ ،‬المرجع السابق‪ :‬ج‪ 1‬ص ‪.356‬‬

‫‪21‬‬
‫المجمع عليه فيكفي في الرواية صحتها وشهرتها ما وافقت رسم هذا المصحف‬
‫ولسان العرب"‪.1‬‬
‫وإلى هذا المعنى أشار اإلمام أبو شامة – رحمه هللا ‪ -‬بقوله‪ " :‬كل قراءة‬
‫اشتهرت بعد صحة إسنادها وموافقتها خط المصحف ولم تنكر فهي القراءة‬
‫المعتمد عليها‪ ،‬وما عدا ذلك فهو داخل في حيز الشاذ والضعيف‪ ،‬وبعض ذلك‬
‫أقوى من بعض"‪.2‬‬
‫وقال في مكان آخر‪ ":‬وقد شاع على ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين‬
‫وغيرهم من المقلدين‪ :‬أن القراءات السبع كلها متواترة‪ ،‬أي في كل فرد فرد ممن‬
‫روى عن هؤالء األئمة السبعة‪ .‬قالوا‪ :‬والقطع بأنها منزلة من عند هللا تعالى‬
‫واجب‪ .‬قال‪ :‬ونحن بهذا نقول‪ ،‬لكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطرق واتفقت‬
‫عليه الفرق من غير نكير له مع أنه شاع واشتهر واستفاض‪ ،‬فال أقل من اشتراط‬
‫ذلك إذا لم يتفق التواتر في بعضها"‪.3‬‬
‫وقال أيضا‪":‬فكل قراءة ساعدها خط المصحف مع صحة النقل فيها ومجيئها‬
‫على الفصيح من لغة العرب‪ ،‬فهي قراءة صحيحة معتبرة"‪.4‬‬

‫‪1‬الزرقاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪.355‬‬


‫‪ 2‬أبو شامة‪ ،‬الوجيز‪ ،‬ص‪. . 137 – 136‬‬
‫‪ 3‬أبو شامة‪ ،‬الوجيز‪ ،‬ص ‪.177‬‬
‫‪4‬أبو شامة‪ ،‬الوجيز‪ ،‬ص‪.171‬‬

‫‪22‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬أسباب وضع هذه األركان‪:‬‬
‫قام العلماء بوضع هذه األركان لدوافع ترجع إلى أن القراء رحمهم هللا تعالى‬
‫عندما كثروا وتوزعوا في بالد وأمصار مختلفة‪ ،‬ونصبوا أنفسهم لإلقراء في تلك‬
‫البالد‪ ،‬ازداد إقبال الناس على القراءة والرواية مما أدى بالطبع لكثرة القراء‬
‫والرواة والنقلة‪ ،‬فمنهم الضابط الحافظ المتقن‪ ،‬ومنهم المقصر الغير متقن‪ ،‬ومنهم‬
‫الساقط المختلط‪ ،‬وأدى ذلك إلى المزج بين القراءة الصحيحة التي هي قرآن‬
‫وغيرها مما التعد قرآنا‪ ،‬وجعل الناس يختلفون عليها وبلغ بهم األمر ما بلغ‪،‬‬
‫واختلط الحابل بالنابل‪ ،‬فبرز أساطين هذا العلم وبينوا الصحيح من غيره‪،‬‬
‫ووضعوا قواعد وضوابط لتمييز القراءة المقبولة‪ ،‬من الشاذة التي ليست من‬
‫القرآن‪ ،‬وألفوا في ذلك مؤلفات سار عليها الركبان‪.‬‬
‫يقول اإلمام ابن مجاهد‪" : 1‬فمن حملة القرآن المعرب العالم بوجوه اإلعراب‬
‫والقراءات‪ ،‬العارف باللغات ومعاني الكلمات‪ ،‬البصير بعيب القراءات‪ ،‬المنتقد‬
‫لآلثار‪ ،‬فذلك اإلمام الذي يفزع إليه حفاظ القرآن في كل مصر من أمصار‬
‫المسلمين‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن مجاهد‪ :‬هو اإلمام أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد‪ ،‬شيخ العصر‪ ،‬أبو بكر البغدادي العطشي‬
‫المقرئ األستاذ‪ ،‬مصنف كتاب القراءات السبعة‪ .‬ولد سنة ‪245‬ه بسوق العطش من بغداد‪ ،‬توفي في شعبان‬
‫سنة ‪324‬ه ‪ .‬انظر‪ :‬الذهبي‪ ،‬معرفة القراء الكبار ج‪ 1‬ص‪.269‬‬

‫‪23‬‬
‫ومنهم من يعرب وال يلحن وال علم له بغير ذلك‪ ،‬فذلك كاألعرابي الذي يقرأ‬
‫بلغته وال يقدر على تحويل لسانه‪ ،‬فهو مطبوع على كالمه‪.‬‬
‫ومنهم من يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه‪ ،‬ليس عنده إال األداء لما تعلم ال‬
‫يعرف اإلعراب وال غيره‪ ،‬فذلك الحافظ‪ ،‬فال يلبث مثله أن ينسى إذا طال عهده‪،‬‬
‫فيضيع اإلعراب لشدة تشابهه وكثرة فتحه وضمه وكسره في اآلية الواحدة‪ ،‬ألنه‬
‫ال يعتمد على علم بالعربية وال بصر بالمعاني يرجع إليه‪ ،‬وإنما اعتماده على‬
‫حفظه وسماعه‪.‬‬
‫وقد ينسى الحافظ فيضيع السماع وتشتبه عليه الحروف فيقرأ بلحن ال يعرفه‬
‫وتدعوه الشبهة إلى أن يرويه عن غيره ويبرئ نفسه وعسى أن يكون عند الناس‬
‫مصدقا فيحمل ذلك عنه وقد نسيه ووهم فيه وجسر على لزومه واإلصرار عليه‪.‬‬
‫أو يكون قد قرأ على من نسي وضيع اإلعراب ودخلته الشبهة فتوهم فذلك ال‬
‫يقلد القراءة وال يحتج بنقله‪.‬‬
‫ومنهم من يعرب قراءته ويبصر المعاني ويعرف اللغات وال علم له بالقراءات‬
‫واختالف الناس واآلثار فربما دعاه بصره باإلعراب إلى أن يقرأ بحرف جائز في‬
‫‪1‬‬
‫العربية لم يقرأ به أحد من الماضين فيكون بذلك مبتدعا"‬
‫كل هذه األحوال المختلفة للقراء والمقرئين التي ذكرها ابن مجاهد جعلت‬
‫الضرورة ماسة إلى وضع شروط وضوابط لتمييز القراءة المقبولة من غيرها‬
‫ليكون المقرئون النقلة على بصيرة من أمرهم كي ال يخلطوا القرآن بما هو غير‬
‫القرآن‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن مجاهد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.45 – 44‬‬

‫‪24‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫أنواع القراءات‬
‫يمكننا تقسيم القراءات إلى ثالثة أقسام‪:‬‬
‫القسم األول‪ :‬ما يقرأ به ويعمل به‪.‬‬
‫القسم الثاني‪ :‬ما ال يقرأ به ويعمل به‪.‬‬
‫القسم الثالث‪ :‬ما ال يقرأ به وال يعمل به‪.1‬‬

‫‪ ‬القسم األول‪ :‬ما يقرأ به ويعمل به‪ :‬وتحته نوعان‪:‬‬

‫‪ 1‬هذا التقسيم مأخوذ من اإلمام مكي بن أبي طالب في كتابه "اإلبانة عن معاني القراءات" وهو تقسيم‬
‫منطقي كما ترى‪ .‬راجع‪ :‬اإلبانة ص‪.51‬‬

‫‪25‬‬
‫‪ -‬النوع األول‪ :‬القراءة المتواترة‪.‬‬
‫‪ -‬النوع الثاني‪ :‬القراءة المشهورة ‪.‬‬
‫النوع األول‪ :‬القراءة المتواترة‪:‬‬
‫وهي ما رواها جمع عن جمع ال يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم‪ ،‬مع‬
‫موافقة العربية وخط المصحف ‪ ،‬كالتي اتفقت الطرق في نقلها عن السبعة‪ ،‬وهذا‬
‫هو الغالب في القراءات" ‪.1‬‬
‫مثالها قوله تعالى ([ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ]‪ 2‬فقد قرأ عاصم والكسائي ويعقوب وخلف‬
‫العاشر بإثبات األلف‪ ،‬وقرأ الباقون بحذفها‪.3‬‬
‫وقوله تعالى‪[ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ]‪ 4‬قرأ الكوفيون وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب هكذا‬
‫(يَ ْخدَعُونَ ) بدون ألف‪ ،‬وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بإثبات األلف هكذا‪َ :‬‬
‫(و َما‬
‫يُخَادعُونَ )‪.5‬‬
‫‪6‬‬
‫فمثل هذا النوع يقرأ به ويعمل به ويكفر من جحده‪.‬‬

‫النوع الثاني‪ :‬القراءة المشهورة‪ :‬ويطلق عليها أحيانا (الصحيحة)‪ :‬وهي ما صح‬
‫سندها بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه مع موافقة العربية والرسم‬
‫واستفاض نقلها عند القراء فلم يعدوها من الغلط وال من الشذوذ إال أنها لم تبلغ‬
‫درجة التواتر ‪.7‬‬
‫فهذا النوع صحيح مقطوع به أنه منزل على النبي صلى هللا عليه وسلم من‬
‫‪8‬‬
‫األحرف السبعة‪ ،‬ويلحق بالقراءة المتواترة وإن لم يبلغ مبلغها‪.‬‬
‫‪ 1‬للتخريخ راجع صفحة ‪.24‬‬
‫‪ 2‬الفاتحة‪ ،‬اآلية‪.3 :‬‬
‫‪ 3‬الدمياطي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .163‬الداني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .15‬ابن مجاهد‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫‪ .104‬ابن زنجلة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.77‬‬
‫‪ 4‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.9 :‬‬
‫‪ 5‬الدمياطي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .120‬ابن مجاهد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.114‬‬
‫‪ 6‬مكي أبو طالب‪ ،‬مرجع سابق ص‪ .51‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ص‪.14‬‬
‫‪ 7‬ابن الجزري‪ ،‬منجد المقرئين‪ ،‬ص‪.39‬‬
‫‪ 8‬ابن الجزري‪ ،‬منجد المقرئين ‪ ،‬ص‪ .39‬شعبان محمد إسماعيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.91‬‬

‫‪26‬‬
‫مثالها ما اختلف في نقله عن السبعة فرواه بعض الرواة عنهم دون بعض‪،‬‬
‫ومن أشهر ما صنف في هذين النوعين (التيسير) للداني‪ ،‬و(الشاطبية) للشاطبي‪.‬‬
‫وقيل هي القراءات الثالث المتممة للعشرة‪.1‬‬
‫وذلك مثل قراءة يعقوب في قوله تعالى‪[ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ]‪ 2‬بضم الكاف هكذا ( ُكب َْره)‪،‬‬
‫والجمهور بكسرها‪ ،‬فقراءة يعقوب هنا مشهورة ولم تبلغ حد التواتر‪.‬‬

‫‪ ‬القسم الثاني‪ :‬ما ال يقرأ به ويعمل به‪ ,‬وهي القراءة الشاذة‪ :‬وهي ما وافقت‬
‫العربية وصح سندها بنقل اآلحاد وخالفت الرسم العثماني‪. 3‬‬
‫مثال ذلك قراءة عبدهللا بن مسعود وأبي الدرداء‪( :‬والذكر واألنثى)‪ 4‬عند‬
‫قوله تعالى‪[ :‬ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ]‪ .5‬وقراءة ابن عباس‪[( :‬ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ]‪ 6‬بزيادة كلمة‬
‫(صالحة)‪ ،‬بعد ( سفينة)‪ ,‬وغيرها‪.‬‬
‫هذه ومثيالتها ال تجوز القراءة بها ال في الصالة وال في عيرها‪ 1‬ألنها خالفت‬
‫الرسم المجمع عليه ولكن يعمل بها في األحكام لتجري في العمل مجرى خبر‬
‫الواحد عندهم‪.2‬‬

‫‪ 1‬شعبان محمد إسماعيل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.91‬‬


‫‪ 2‬النور‪ ،‬اآلية‪ .11:‬النحاس‪ ،‬إعراب القرآن‪ ،‬تحقيق د‪ .‬زهير غازي زاهد‪ ،‬ط (بيروت‪ :‬عالم الكتب ‪1409‬هـ‬
‫‪1988 -‬م)‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ .130‬الطبري‪ ،‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ ،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪،‬‬
‫ط‪(1‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪1420‬ه – ‪2000‬م)‪ ،‬ج‪ 19‬ص‪.117‬‬
‫‪ 3‬ابن الجزري‪ ،‬منجد المقرئين‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪ 4‬ابن سيده‪ ،‬علي بن إسماعيل‪ ،‬إعراب القرآن‪ ،‬ج‪ 8‬ص‪ .205‬ابن جني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.417‬‬
‫الطبري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 24‬ص‪ .467‬عبداللطيف الخطيب‪ ،‬معجم القراءات‪ ،‬ط (القاهرة‪ :‬دار سعدالدين‬
‫) ج ‪ 10‬ص ‪.461‬‬
‫‪ 5‬الليل‪ ،‬اآلية‪.3 :‬‬
‫‪ 6‬الكهف‪ ،‬اآلية‪ .79 :‬الطبري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 18‬ص‪ .67‬أبو حيان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.213‬‬

‫‪27‬‬
‫قال مكي بن أبي طالب – رحمه هللا ‪ ":-‬فهذا يقبل وال يقرأ به لعلتين‪ :‬إحداهما‬
‫أنه لم يؤخذ بإجماع‪ ،‬إنما أخذ بأخبار اآلحاد وال يثبت قرآن يقرأ به بخبر الواحد‪،‬‬
‫والعلة الثانية أنه مخالف لما قد أجمع عليه‪ ،‬فال يقطع على مغيبه وصحته‪ ،‬وما لم‬
‫يقطع على صحته ال يجوز القراءة به‪ ،‬وال يكفر من جحده‪ ،‬ولبئس ما صنع إذا‬
‫جحده "‪.3‬‬
‫وقال ابن تيمية‪ " :‬وأما القراءة الشاذة الخارجة عن رسم المصحف العثماني‬
‫مثل قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء رضي هللا عنهما‪َ ( :‬واللَّيْل إذَا يَ ْغشَى ( )‬
‫َوالنَّ َهار إذَا ت َ َجلَّى ( ) و َخلَقَ الذَّ َك َر َواألُنثَى)‪ 4‬كما قد ثبت ذلك في الصحيحين‪.5‬‬
‫ومثل قراءة عبد هللا‪( :‬فَص َيا ُم ث َ َالثَة أَي ٍَّام ُمتَتَاب َعاتٍ)‪ ، 6‬وكقراءته ‪( :‬إ ْن َكان ْ‬
‫َت إال‬
‫ُز ْق َيةً َواحدَة ً)‪ 7‬ونحو ذلك ‪ .‬فهذه إذا ثبتت عن بعض الصحابة فهل يجوز أن يقرأ‬
‫بها في الصالة ؟ على قولين للعلماء هما روايتان مشهورتان عن اإلمام أحمد‬
‫وروايتان عن مالك‪ ،‬إحداهما‪ :‬يجوز ذلك ألن الصحابة والتابعين كانوا يقرءون‬
‫بهذه الحروف في الصالة‪ ،‬والثانية‪ :‬ال يجوز ذلك وهو قول أكثر العلماء ؛ ألن‬
‫هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي صلى هللا عليه وسلم وإن ثبتت فإنها‬
‫منسوخة بالعرضة اآلخرة فإنه قد ثبت في الصحاح عن عائشة وابن عباس رضي‬

‫‪ 1‬تجدر اإلشارة هنا إلى أن اإلمام ابن الجزري رحمه هللا قد أورد خالف األئمة في جواز القراءة بالشاذ في‬
‫الصالة من عدمه‪ ،‬فأجاز ذلك بعضهم ألن الصحابة والتابعين كانوا يقرءون بها في الصالة‪ ،‬وهو أحد‬
‫القولين ألصحاب الشافعي وأبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وأحمد‪ ،‬لكن الجمهور على عدم الجواز‬
‫لعدم ثبوتها متواترة عن النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬والقرآن ال يثبت إال بالتواتر‪ ،‬وإن ثبتت بالنقل فإنها‬
‫منسوخة بالعرضة األخيرة أو بإجماع الصحابة على المصحف العثماني أو لم تنقل إلينا بنقل يثبت بمثله‬
‫القرآن أو أنها لم تكن من األحرف السبعة ‪ .‬وقد قيل كالم كثير عريض في هذه المسألة محله كتب الفروع ‪.‬‬
‫انظر‪ :‬النشر ص‪.15 -14‬‬
‫ويبدو للباحث أن المعادلة قد انتهت‪ ،‬والمعركة قد حسمت بعد ذلك العصر لصالح الطرف الذي يرى عدم‬
‫الجواز‪ ،‬واستقر عليه الناس عمليا‪ ،‬وال تكاد تسمع عن من َيقرأ أو يُقرأ بالشاذ اآلن حسب علمي‪ ،‬وبهذا‬
‫ُخرج ما حكاه ابن عبدالبر وغيره من إجماع المسلمين على عدم جواز القراءة بالشاذ وعدم جواز الصالة‬ ‫ي َّ‬
‫خلف من يقرأ بها‪ .‬وهللا أعلم‪.‬‬
‫‪ 2‬ابن الجزري‪ ،‬منجد المقرئين‪ ،‬ص‪.40‬‬
‫‪ 3‬مكي أبو طالب‪ ،‬المرجع السابق‪ :‬ص‪51‬‬
‫‪ 4‬الليل‪ ،‬اآلية‪.3 -1 :‬‬
‫‪ 5‬البخاري‪ ،‬كتاب التفسير‪ ،‬باب "وما خلق الذكر واألنثى"‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ ،1889‬حديث رقم ‪4660‬‬
‫‪ 6‬المائدة‪ ،‬اآلية‪ .89:‬الطبري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 10‬ص‪ .559‬الفراء‪ ،‬أبو زكريا‪ ،‬معاني القرآن‪ ،‬تحقيق‬
‫عبدالفتاح إسماعلي شلبي وآخرين‪ ،‬ط (مصر‪ :‬دار المصرية للتأليف والترجمة )‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.318‬‬
‫النيسابوري‪ ،‬نظام الدين‪ ،‬غرائب القرآن ورغائب الفرقان‪ ،‬تحقيق الشيخ زكريا عميران‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪1416‬ه – ‪1996‬م)‪ ،‬ج‪ 3‬س‪.10‬‬
‫‪ 7‬يس‪ ،‬اآلية‪ .29 :‬الطبري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.54‬‬

‫‪28‬‬
‫ي صلى هللا عليه وسلم ب ْالقُ ْرآن‬ ‫ض النَّب َّ‬ ‫هللا عنهم {أ َ َّن ج ْبر ْي َل َعلَ ْيه ال َّ‬
‫س َال ُم َكانَ يُ َعار ُ‬
‫ضهُ به َم َّرت َ ْين‪َ ،‬و ْالعُ ْر َ‬
‫ضةُ‬ ‫ار َ‬
‫ض فيه َع َ‬ ‫في ُك ّل َع ٍام َم َّرة ً‪ ،‬فَلَ َّما َكانَ ْال َعا ُم الَّذي قُب َ‬
‫غ ْيره}‪ ،1‬وهي التي أمر الخلفاء الراشدون أبو‬ ‫ت َو َ‬ ‫ي ق َرا َءة ُ زَ ْيد ْبن ث َاب ٍ‬ ‫ْاآلخ َرة ُ ه َ‬
‫بكر وعمر وعثمان وعلي بكتابتها في المصاحف‪ ،‬وكتبها أبو بكر وعمر في‬
‫خالفة أبي بكر في صحف أمر زيد بن ثابت بكتابتها‪ ،‬ثم أمر عثمان في خالفته‬
‫بكتابتها في المصاحف وإرسالها إلى األمصار وجمع الناس عليها باتفاق من‬
‫الصحابة علي وغيره"‪ .2‬انتهى‪.‬‬
‫واتفق فقهاء بغداد على تأديب اإلمام ابن شنبوذ‪ 3‬واستتابته على قراءته وإقرائه‬
‫بالشاذ‪.4‬‬

‫‪ ‬القسم الثالث‪ :‬ما ال يقرأ به وال يعمل به‪ :‬وهي القراءة الموضوعة المدسوسة‬
‫التي ليس لها سند أو لها سند باطل مكذوب وإن وافقت العربية والرسم‪.‬‬
‫قال ابن الجزري‪" :‬وأما ما وافق المعنى والرسم بأن أخذهما من غير نقل فال‬
‫تسمى شاذة بل مكذوبة يكفر متعمدها"‪.5‬‬
‫مثال ذلك ما روي عن أبي حنيفة رحمه هللا أنه قرأ قوله تعالى‪[ :‬إنَّ َما يَ ْخشَى‬
‫هللاَ م ْن عبَاده ْالعُلَ َمآ ُء]‪ 6‬برفع اإلسم الشريف ونصب العلماء‪ ،‬وهي مما جمعه أبو‬
‫الفضل محمد بن جعفر الخزاعي ‪7‬ونقلها عنه أبو القاسم الهذلي‪ 1‬وغيره‪.‬‬
‫‪ 1‬مسلم‪ ،‬كتاب فضائل الصحابة‪ ،‬باب من فضائل فاطمة بنت النبي عليها الصالة والسالم ‪ ،‬حديث رقم‬
‫‪ 2450‬صفحة ‪.1904‬‬
‫‪ 2‬ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬جمع عبدالرحمن بن القاسم‪ ،‬تحقيق أنوار الباز‪ ،‬وعامر البزار‪ ،‬ط‪( 2‬القاهرة‪:‬‬
‫دار الوفاء ‪1426‬ه – ‪2005‬م) ج‪ 13‬ص‪.394‬‬
‫‪ 3‬ابن شنبوذ‪ :‬هو محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت‪ ،‬أبو الحسن‪ ،‬ابن شنبوذ‪ ،‬من كبار القراء من أهل‬
‫بغداد‪.‬‬
‫انفرد بشواذ كان يقرأ بها في المحراب‪ ،‬وصنف في ذلك كتبا‪ ،‬منها (اختالف القراء)‪ ،‬و(شواذ القراءات)‬
‫‪.‬توفي سنة ‪328‬ه‪ .‬انظر‪ :‬األعالم (‪ .)309/5‬الخطيب الغدادي‪ ،‬أحمد بن علي‪ ،‬تاريخ بغداد‪ ،‬ط (بيروت‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية)‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.280‬‬
‫‪ 4‬ابن الجزري‪ ،‬منجد المقرئين‪ ،‬ص‪.84 – 83‬‬
‫‪ 5‬ابن الجزري‪ ،‬منجد المقرئين‪ ،‬ص‪.84‬‬
‫‪ 6‬فاطر‪ ،‬اآلية‪.28 :‬‬
‫‪ 7‬الخزاعي‪ :‬هو محمد بن جعفر الخزاعي‪ ،‬أبو الفضل‪ ،‬عالم بالقراءات‪ ،‬له فيها ‪( :‬المنتهى)‪ ،‬و(تهذيب‬
‫األداء( ‪ ،‬و (الواضح) ‪ .‬وضع كتابا في الحروف نسبه إلى أبي حنيفة وهو موضوع ال أصل له‪ ،‬توفي سنة‬
‫‪ ٤٠٨‬ه ‪.‬انظر‪ :‬ابن الجزري‪ ،‬غاية النهاية في طبقات القراء‪ ،‬تحقيق ج‪ .‬بيجستراس‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪1427‬ه – ‪2006‬م)‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .109‬األعالم (‪. )71/6‬‬

‫‪29‬‬
‫الفصل الرابع‬

‫أهمية القراءات في تفسير القرآن الكريم‪.‬‬

‫ت ُمث ّل القراءات أهمية قصوى لدى المفسر للقرآن الكريم‪ ،‬ألن كل قراءة‬
‫بمثابة آية مستقلة‪ ،‬فغالبا ما تأتي بمعنى زائد على القراءة األخرى‪ ،‬وذلك المعنى‬
‫الزائد هو مرتع المفسر ومقصده األسمى وغايته القصوى التي يرنو إليها‪.‬‬

‫‪ 1‬أبو القاسم الهذلي ‪ :‬هو يوسف بن علي بن جبارة بن محمد الهذلي‪ ،‬الرحال الجوال‪ ،‬طاف البالد في طلب‬
‫القراءات‪ ،‬أخذ القراءة عن إبراهيم بن أحمد اإلزبلي وإبراهيم بن الخطيب وغيرهم كثير‪ ،‬قال الذهبي‪ :‬له‬
‫أغاليط كثيرة في أسانيد القراءات وحشد في كتابه أشياء منكرة ال يحل القراءة بها" ‪ .‬انظر‪ :‬ابن الجزري‪،‬‬
‫غاية النهاية‪.)397/1( ،‬‬

‫‪30‬‬
‫يقول اإلمام ابن الجزري رحمه هللا‪" :‬وكل ما صح عن النبي ‪ -‬صلى هللا‬
‫عليه وسلم ‪ -‬من ذلك فقد وجب قبوله ‪ ،‬ولم يسع أحدا من األمة رده ولزم اإليمان‬
‫به‪ ،‬وإن كله منزل من عند هللا‪ ،‬إذ كل قراءة منها مع األخرى بمنزلة اآلية مع‬
‫اآلية يجب اإليمان بها كلها واتباع ما تضمنته من المعنى علما وعمال‪ ،‬وال يجوز‬
‫ترك موجب إحداهما ألجل األخرى ظنا أن ذلك تعارض‪ ،‬وإلى ذلك أشار عبد هللا‬
‫بن مسعود ‪ -‬رضي هللا عنه ‪ -‬بقوله ‪ " :‬ال تختلفوا في القرآن وال تتنازعوا فيه;‬
‫فإنه ال يختلف وال يتساقط ‪ ،‬أال ترون أن شريعة اإلسالم فيه واحدة‪ ،‬حدودها‬
‫وقراءتها وأمر هللا فيها واحد‪ ،‬ولو كان من الحرفين حرف يأمر بشيء ينهى عنه‬
‫اآلخر كان ذلك االختالف‪ ،‬ولكنه جامع ذلك كله‪ ،‬ومن قرأ على قراءة فال يدعها‬
‫رغبة عنها‪ ،‬فإنه من كفر بحرف منه كفر به كله " ‪.1‬‬
‫نفهم من خالل كالم ابن الجزري السابق أمرين اثنين‪:‬‬
‫األول‪ :‬أن القراءتين كاآليتين ال يجوز ترك إحداهما من أجل األخرى‪ ،‬بل يجب‬
‫بكليهما والعمل بمضمونهما جميعا‪.‬‬ ‫اإليمان‬
‫الثاني‪ :‬أن الهدف من نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف ال يقتصر على‬
‫التيسير لألمة في القراءة بها‪ ،‬وإنما هنالك هدف آخر عملي‪ ،‬وهو أن كل قراءة ربما‬
‫حملت معنى زائدا على القراءة األخرى‪ ،‬وهذا سيؤدي بالطبع إلى إثراء المعنى‬
‫وتوسيعه‪ ،‬وهنا تكمن غاية المفسرين ويقع مربط فرسهم‪ ،‬فهي ترجح الحكم‬
‫المختلف فيه‪ ،‬وتجمع بين حكمين مختلفين‪ ،‬وتوضح ما يُتوهم غموضه‪ ،‬وغير ذلك‬
‫مما يعد من مباحث المفسر الذي يهدف إلى تفسير كالم هللا تعالى وتوضيح معانيه‬
‫وبيان مقصد هللا تعالى من الوحي المنزل باألدوات المتيسرة لديه‪.‬‬
‫ونستطيع الجزم بأن كثرة تعامل المفسرين بالقراءات الشاذة إنما هو من‬
‫هذا القبيل والستخراج هذا النفيس‪ ،‬وذلك بأنهم رأوا فيها تحقق قدر زائد من‬
‫المعنى يمكن اللجوء إليه في توسيع معنى اآلية أو توضيحه إلى غير ذلك‬
‫من الجوانب التي سنتناولها بالتفصيل‪.‬‬

‫ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.51‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪31‬‬
‫يقول اإلمام أبو عبيد القاسم بن سالم‪ ":1‬فأما ما جاء من هذه الحروف التي‬
‫لم يؤخذ علمها إال باإلسناد والروايات التي يعرفها الخاصة من العلماء دون‬
‫عوام الناس‪ ،‬فإنما أراد أهل العلم منها أن يستشهدوا بها على تأويل ما بين‬
‫اللوحين ‪ ،‬وتكون دالئل على معرفة معانيه وعلم وجوهه ‪ ،‬وذلك كقراءة‬
‫ص َالة‬ ‫طى َ‬ ‫صالَة ْال ُو ْس َ‬ ‫صلَ َوات َوال َّ‬ ‫ظوا َعلَى ال َّ‬ ‫حفصة وعائشة‪َ ( :‬حاف ُ‬
‫طعُوا‬ ‫سارقَاتُ فَا ْق َ‬ ‫سارقُونَ َوال َّ‬ ‫(وال َّ‬ ‫صر) ‪ ،‬وكقراءة ابن مسعود‪َ :‬‬
‫‪2‬‬
‫ْال َع ْ‬
‫ص أ َ ْر َب َعة‬‫سآئه ْم ت َ َربُّ ُ‬ ‫أ َ ْي َمانَ ُه ْم)‪ ،3‬ومثل قراءة أبي بن كعب‪( :‬للَّذ ْينَ يُؤْ لُونَ من نّ َ‬
‫‪5‬‬
‫أ َ ْش ُه ٍر فَإن فَآ ُءوا ف ْيه َّن)‪ ،4‬وكقراءة سعد‪( :‬فَإن َكانَ لَهُ أ َخ أ َ ْو أ ُ ْخت م ْن أ ُ ّمه)‬
‫ض ًال من َّربّ ُك ْم في َم َواسم‬ ‫(ال ُجنَا َح َعلَ ْي ُك ْم أ َ ْن ت َ ْبت َغُوا فَ ْ‬
‫وكما قرأ ابن عباس‪َ :‬‬
‫ْال َح ّج)‪ ،6‬وكذلك قراءة جابر‪( :‬فَإ َّن هللاَ من بَ ْعد إ ْك َراهه َّن لَ ُه َّن َغفُور َرحيم)‪.7‬‬
‫قال‪ :‬فهذه الحروف وأشباه لها كثيرة قد صارت مفسرة للقرآن ‪ ،‬وقد كان‬
‫يرى مثل هذا عن بعض التابعين في التفسير فيستحسن ذلك ‪ ،‬فكيف إذا روي‬
‫عن لباب أصحاب محمد صلى هللا عليه وسلم ‪ ،‬ثم صار في نفس القراءة ؟‬
‫فهو اآلن أكثر من التفسير وأقوى ‪ ،‬وأدنى ما يستنبط من علم هذه الحروف‬
‫معرفة صحة التأويل ‪.8‬‬
‫ولتضرب لذلك أمثلة من بعض التفاسير‪:‬‬

‫‪ -1‬تفسير الزمخشري (الكشاف)‪:‬‬


‫عند قوله تعالى‪َ [ :‬و َجدَ م ْن دُونهما قَ ْوما ً ال َيكادُونَ َي ْفقَ ُهونَ قَ ْوالً]‪ 9‬قال‪ :‬ال يكادون‬
‫يفهمونه إال بجهد ومشقة من إشارة ونحوها كما يفهم البكم‪ .‬وقرئ‪:‬‬
‫‪ 1‬القاسم بن سالم‪ :‬هو القاسم بن سالم الهروي األزدي الخزاعي بالوالء‪ ،‬الخراساني البغدادي‪ ،‬أبو عبيد‪،‬‬
‫من كبار العلماء بالحديث واألدب والفقه‪.‬من أهل هراة‪ .‬له‪( :‬فضائل القرآن)‪( ،‬الغريب المصنف)‪( ،‬المذكر‬
‫والمؤنث)‪ .‬توفي سنة ‪224‬ه‪ .‬انظر‪ :‬األعالم ج‪ 5‬ص‪.176‬‬
‫‪ 2‬النحاس‪ ،‬أبو جعغر‪ ،‬معاني القرآن‪ ،‬تحقيق محمد علي الصابوني‪ ،‬ط‪( 1‬مكة‪ :‬نشر جامعة أم القرآ‬
‫‪1409‬ه)‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .535‬و‪ :‬إعراب القرآن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .231‬الطبري‪ ،‬جامع البيان‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪.346‬أبو حيان‪،‬‬
‫المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.175‬‬
‫‪ 3‬الفراء‪ ،‬معاني القرآن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .306‬أبو حيان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ .382‬الطبري‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ج‪ 7‬ص‪.407‬‬
‫‪ 4‬النحاس‪ ،‬معاني القرآن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.193‬‬
‫‪ 5‬النحاس‪ ،‬معاني القرآن‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .36‬الطبري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 6‬ص‪.483‬‬
‫‪ 6‬الطبري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ .504‬النحاس‪ ،‬معاني القرآن ‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .136‬أبو حيان‪ ،‬المرجع‬
‫السابق‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.56‬‬
‫‪ 7‬النحاس‪ ،‬معاني القرآن ‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.247‬‬
‫‪ 8‬أبو عبيد‪ ،‬فضائل القرآن‪ ،‬ص‪.326 – 325‬‬
‫‪ 9‬الكهف‪ ،‬اآلية‪.93 :‬‬

‫‪32‬‬
‫ألن لغتهم غريبة‬ ‫(يُ ْفق ُهونَ )‪ ،1‬أى ال يُفهمون السامع كالمهم وال يبينونه‪ّ ،‬‬
‫مجهولة"‪.2‬‬
‫فكال القراءتين كما وجههما صاحب الكشاف وباقي المفسرين تشيران إلى‬
‫ما فيه هؤالء القوم من التغيب الشديد حتى إنهم ال يكادون يفهمون كالم‬
‫غيرهم إال بجهد ومشقة بالغتين‪ ،‬أو أن أحدا ال يمكنه فهم كالمهم لصعوبته‬
‫وغرابته‪ ،‬لدرجة صعوبة التواصل معهم إال باإلشارة‪ ،‬بدليل قوله تعالى‪:‬‬
‫[قالُوا يا ذَا ْالقَ ْرنَيْن إ َّن َيأ ْ ُجو َج َو َمأ ْ ُجو َج ُم ْفسدُونَ في ْاأل َ ْرض]‪ ،‬فالمفسر البصير هنا‬
‫سيحتاج إلى تخريج هاتين القراءتين‪ ،‬وسيصل به الفهم في نهاية المطاف‬
‫إلى أن التواصل بين ذي القرنين وبين هؤالء القوم كان حاصال باإلشارة كما‬
‫قلنا جمعا بين القرائتين‪ ،‬ألنه لو لم ترد قراءة فتح الياء والقاف في (يَ ْفقَ ُهونَ )‬
‫الحتمل أن يكونوا غير قادرين على فهم كالم غيرهم فحسب‪ ،‬لكنهم‬
‫يستطيعون إيصال كالمهم إلى غيرهم كما تشير إلى ذلك آية (قَالُوا َيا ذَا‬
‫ْالقَ ْرنَيْن)‪ ،‬فلما جاءت قراءة (يُ ْفق ُهونَ ) بضم الياء وكسر القاف انتفى المعنى‬
‫المتبادر من القراءة األولى ولزم الجمع بين القراءتين بأن التواصل معهم‬
‫إنما يكون باإلشارة لصعوبته وغرابة لغتهم‪ ،‬فالقراءة الثانية هنا أفادت معنى‬
‫زائدا عن القراءة األولى‪ ،‬وهذا هو المطلوب‪.‬‬
‫‪ -2‬تفسير القرطبي‪:‬‬
‫ت)‪ 4‬فيقيد‬ ‫عند قوله تعالى‪َ [ :‬فصيا ُم ثَالثَة أَي ٍَّام]‪ 3‬قال‪ :‬قرأها ابن مسعود‪ُ ( :‬مت َت َاب َعا ٍ‬
‫بها المطلق‪ ،‬وبه قال أبو حنيفة والثوري‪ ،‬وهو أحد قولي الشافعي واختاره‬
‫المزني قياسا على الصوم في كفارة الظهار‪ ،‬واعتبارا بقراءة عبد هللا"‪ .5‬انتهى‪.‬‬
‫فقراءة ابن مسعود الشاذة هنا قد قيدت مطلق صيام الثالثة األيام بالتتابع‪.‬‬

‫‪ -3‬تفسير الشوكاني (فتح القدير)‪:‬‬


‫عند قوله تعالى‪[ :‬ث ُ َّم إ َّن َرب ََّك للَّذينَ هَا َج ُروا م ْن َب ْعد َما فُتنُوا]‪ 6‬قال‪( :‬من َب ْعد َما‬
‫فُتنُواْ)‪ ،‬أي فتنهم الكفار بتعذيبهم لهم ليرجعوا في الكفر ‪ ،‬وقرئ (فَت َنوا) على‬
‫البناء للفاعل ‪ ،‬أي الذين فتنوا المؤمنين وعذبوهم على اإلسالم‪.1‬‬

‫‪ 1‬وهي قراءة حمزة والكساءي وخلف‪ ،‬انظر‪ :‬ابن مجاهد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪.172‬‬
‫‪ 2‬الزمخشري‪ ،‬جار هللا‪ ،‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون األقاويل فى وجوه التأويل‪ ،‬ط‬
‫(بيروت‪ :‬دار الكتاب العربي ‪1407‬هـ) ج‪ 2‬ص‪.746‬‬
‫‪ 3‬المائدة‪ ،‬اآلية‪.89 :‬‬
‫‪ 4‬الفراء‪ ،‬معاني القرآن‪،‬ىج‪ 1‬ص‪ .318‬النحاس‪ ،‬معاني القرآن‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.354‬‬
‫‪ 5‬القرطبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 6‬ص‪.283‬‬
‫‪ 6‬النحل‪ ،‬اآلية‪.110 :‬‬

‫‪33‬‬
‫فقراءة الجمهور – بالبناء للمفعول – زادت هنا معنى على قراءة ابن عامر‬
‫بالبناء للفاعل‪.‬‬

‫‪ -4‬تفسير العليمي‪:‬‬
‫عند قوله تعالى‪َ [ :‬واتَّقُوا هللاَ الَّذي تَ َسآ َءلُونَ به َو ْاأل َ ْر َحام] قال‪( :‬واألرحام)‬
‫‪2‬‬

‫القرابات‪ ،‬قراءة العامة بالنصب‪ ،‬أي‪ :‬واتقوا األرحام أن تقطعوها‪ ،‬وقراءة‬


‫حمزة بالخفض‪ ،‬أي به وباألرحام‪ ،‬واألولى أفصح‪. 3‬‬
‫القراءة الثانية هنا جاءت لتكون حجة ولتقر من يرى جواز عطف االسم‬
‫الظاهر على الضمير المجرور من دون إعادة الجار‪ ،‬وهو مذهب الكوفيين‬
‫وكثير من النحاة‪.‬‬
‫اتضح من األمثلة السابقة كيف استفاد هؤالء المفسرون من القراءات في‬
‫توسيع معنى اآلية أو توضيحها أو تقييدها وغير ذلك من الجوانب التي تمثل‬
‫أهمية بالنسبة للمفسر‪.‬‬

‫‪ 1‬الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي‪ ،‬فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية في علم التفسير‪ ،‬تحقيق يوشف‬
‫الغوش‪ ،‬ط‪( 4‬بيروت‪:‬دار المعرفة ‪1428‬ه – ‪2007‬م)‪ ،‬ص‪.391‬‬
‫‪ 2‬النساء‪ ،‬اآلية‪.1 :‬‬
‫‪ 3‬العليمي‪ ،‬مجير الدين ‪ ،‬فتح الرحمن في تفسير القرآن‪ ،‬تحقيق نور الدين طالب‪ ،‬ط‪( 1‬السورية‪1430 :‬ه –‬
‫‪2009‬م)‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.82‬‬

‫‪34‬‬
‫الباب األول‬

‫اإلمام العليمي‪ ،‬ترجمته‪ ،‬عصره‪ ،‬حياته العلمية‪ ،‬وتحته ثالثة فصول‪:‬‬


‫الفصل األول‪ :‬ترجمة اإلمام العُلَ ْي ِمي رحمه هللا‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عصره الذي عاش فيه‪ ،‬وأثر ذلك في بناء شخصيته‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬حياته العلمية‬
‫الفصل الرابع‪ :‬مكانته العلمية‪.‬‬

‫‪35‬‬
‫الفصل األول‬

‫ترجمة اإلمام العليمي‪ ،‬وتحته مبحثان‪:‬‬


‫المبحث األول‪ :‬اسمه‪ ,‬لقبه‪ ,‬ونسبه‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مولده ونشأته‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬اسمه‪ ,‬لقبه‪ ,‬ونسبه‪:‬‬

‫‪36‬‬
‫هو اإلمام‪ ،‬العالمة‪ ،‬المؤرخ‪ ،‬المفسر‪،‬الفقيه‪ ،‬القاضي‪ ،‬أبو اليمن‪،‬‬
‫عبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن بن يوسف‪ ،‬العليمي‪ ،‬العمري‪ ،‬مجير‬
‫الدين‪ ،‬المقدسي‪ ،‬الحنبلي ‪..‬ابن يوسف بن عيسى بن تقي الدين‪ ،‬عبد الواحد بن‬
‫عبد الرحيم بن محمد بن عبيد المجير بن الشيخ تقي الدين عبد السالم بن إبراهيم‬
‫بن أبي الفياض بن الشيخ الرباني القدوة العارف‪ ،‬أبي الحسن علي‪ ،‬المدفون‬
‫بشاطئ البحر المالح بساحل أرسوف‪ ،1‬صاحب المناقب المشهورة‪ ،‬والكرامات‬
‫عليل بن محمد بن يوسف بن‬ ‫الظاهرة‪ ،‬قدس هللا روحه ونور ضريحه‪ ،‬ابن الشيخ ُ‬
‫يعقوب بن عبد الرحمن بن السيد الجليل الزاهد العابد الصوام القوام الصحابي‬
‫عبد هللا رضي هللا عنه‪ ،‬ابن موالنا وسيدنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب‬
‫العدوي القرشي‪ ،‬رضي هللا عنه وعن سائر أصحاب رسول هللا أجمعين"‪.2‬‬
‫علَيل"‪ ،‬المشهور عند الناس بعلي بن‬
‫و"العُلَيْمي" نسبة إلى "علي بن ُ‬
‫علَيم‪ ،‬والصحيح أنه عليل ‪ -‬بالالم "‪.3‬‬
‫ُ‬
‫ي" نسبة إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي هللا عنه‪ ،‬الذي ينتهي‬
‫و"العُ َمر ّ‬
‫إليه نسبه"‪.4‬‬
‫وذكر العليمي في ترجمة والده‪ ،‬أن هذا النسب المتصل بسيدنا عمر بن‬
‫الخطاب رضي هللا عنه ثابت لجده القاضي شمس الدين بن يوسف‪ ،‬ومحكوم به‬
‫لدى قاضي القضاة ابن قدامة الحنبلي في الشام المحروسة‪ ،‬في شهور سنة‬
‫سبعمائة وسبعين‪ .‬انتهى‪.5‬‬

‫سوف‪ :‬بالفتح ثم السكون وضم السين المهملة وسكون الواو وفاء‪ :‬مدينة على ساحل بحر الشام بين‬ ‫‪1‬أ ُ ْر ُ‬
‫قيسارية ويافا‪ ،‬كان بها خلق من المرابطين‪ .‬انظر‪ :‬الحموي‪ ،‬ياقوت بن عبدهللا‪ ،‬معجم البلدان‪ ،‬ط(بيروت‪:‬‬
‫دار الفكر) ‪ ،‬باب الهمزة والراء‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.151‬‬
‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬مجيرالدين‪ ،‬األنس الجليل في تاريخ القدس والخليل‪ ،‬تحقيق‪ :‬عدنان يونس عبد المجيد نباتة ط(‬
‫عمان ‪ :‬مكتبة دنديس ‪1420‬ه‪ 1999-‬م ) ج‪ 1‬ص‪ . 267-266‬ابن الشطي‪ ،‬محمد‪ ،‬مختصر طبقات‬
‫الحنابلة‪ ،‬تحقيق فواز أحمد زمرلي‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار الكناب العربي ‪1976 – 1406‬م) ص ‪.81‬‬
‫‪3‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.266‬‬
‫‪4‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل ‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.266‬‬
‫‪5‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.266‬‬

‫‪37‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬مولده ونشأته‪:‬‬
‫مولده‪:‬‬
‫ولد في ليلة األحد ثالث عشر ذي القعدة‪ ،‬سنة ستين وثمانمائة (‪860‬ه) بالقدس‬
‫الشريف‪.1‬‬
‫نشأته‪:‬‬
‫لم تذكر لنا كتب التراجم عن تفاصيل مرحلة العليمي الطفولية‪ ،‬أو عن أحوال‬
‫أسرته‪ ،‬غير ما تأكد من كونه لم يدع االشتغال بالعلم منذ نعومة أظفاره‪ ،‬فقد تربى‬

‫‪1‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .189‬ابن حميد‪ ،‬محمد بن عبدهللا النجدي‪ ،‬السحب الوابلة على ضرائح‬
‫الحنابلة‪ ،‬تحقيق بكر بن عبدهللا أبو زيد و د‪ .‬عبدالرحمن بن سليمان العثيمين‪ ،‬ط ( بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة‬
‫)‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .517‬كحالة‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪.177‬‬

‫‪38‬‬
‫في حجر والده القاضي‪ ،‬وتفقه عليه‪ ،‬وأخذ عنه جملة من العلوم‪ ،1‬ثم توسع بعد‬
‫ذلك في طلب العلم قبل وبعد وفاة والده سنة ثالث وسبعين وثمانمائة‪.2‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫حياته العلمية‬

‫وتحته أربعة مباحث‪:‬‬


‫المبحث األول‪ :‬طلبه العلم ورحالته‬
‫المبحث الثاني‪ :‬شيوخه‬
‫المبحث الثالث‪ :‬تالمذته‬
‫المبحث الرابع‪ :‬عقيدته ومذهبه الفقهي‬

‫‪ 1‬الغزي‪ ،‬محمد بن محمد ‪ ،‬النعت األكمل ألصحاب اإلمام أحمد بن حنبل‪ ،‬تحقيق محمد مطيع الحافظ و نزار‬
‫أباظة‪ ،‬ط (بيروت‪ :‬دار الفكر المعاصر ‪1403‬ه‪1982 -‬م) ص ‪.53‬‬
‫‪2‬الغزي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬

‫‪39‬‬
‫المبحث األول‪:‬طلبه العلم ورحالته‬
‫بدت على العليمي مخايل النجابة منذ صغره‪ ،‬فقد أخذ يطلب العلم مقبال عليه‬
‫منذ ذلك الوقت‪ ،‬ولم يشغله شاغل عن التحصيل والمدارسة واالطالع والرحلة في‬
‫الطلب‪ ،‬واستمر على ذلك إلى آخر نفس من حياته‪ ،‬وال أدل على ذلك من سيرته‬
‫العلمية الحافلة التي نستعرضها خالل هذا المبحث‪.‬‬
‫فقد حفظ القرآن الكريم وله نحو عشر سنين على الشيخ عالء الدين علي بن‬
‫عبدهللا الغزي بقراءة عاصم‪ ،‬وأحضره مجالس شيخه الشمس محمد بن موسى بن‬
‫عمران في الحديث‪ ،‬منها مجلس ((صحيح البخاري))‪ ،1‬واعتنى له بتحصيل‬
‫‪2‬‬
‫اإلجازة‪.‬‬
‫وحفظ ((ملحة اإلعراب)) للحريري في النحو‪ ،‬وهو في السادسة من‬
‫‪3‬‬
‫عمره‪ ،‬وعرضها على بلدية التقي القرقشندي وأجازه بها وبمروياته‪.‬‬
‫كما تفقه على والده قاضي القضاة محمد بن عبدالرحمن‪ ،‬وأخذ عنه جملة من‬
‫‪4‬‬
‫العلوم النافعة ‪.‬‬
‫قال ابن حميد النجدي‪":1‬ثم حفظ كال من ((المقنع))‪ ،‬و((الخرقي))‪،2‬‬
‫وعرضهما على علماء بلده‪ ،‬منهم كمال الدين ابن أبي شريف‪ ،‬والشيخ أبي‬
‫‪ 1‬أي من تلك المجالس مجلس صحيح البخاري‪.‬‬
‫‪2‬ابن حميد‪ ،‬مرجع سابق ص‪.517‬‬
‫‪3‬ابن حميد‪ ،‬المرجع السابق ص‪.517‬‬
‫‪4‬الغزي‪ ،‬مرجع سابق ص‪.53‬‬

‫‪40‬‬
‫أسباط‪ ،‬والنجم ابن جماعة‪ ،‬والبرهان األنصاري‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬واشتغل بالفقه على‬
‫شهاب الدين العمري‬
‫َ‬ ‫والده‪ ،‬وقرأ عليه الكتابين المذكورين‪ ،‬ثم الزم الشي َخ‬
‫الشافعي بعد وفاة أبيه‪ ، 3‬فقرأ عليه كتابه ((المقنع)) بعد عرضه لبعضه‪ ،‬وحضر‬
‫وعظه ودروسه‪ ،‬وأجازه بها"‪.4‬‬
‫رحالته‪:‬‬
‫ثم رحل إلى مصر سنة ثمانين وثمانمائة‪ ،‬فتعلم على يد علمائها‪ ،‬ونهل من‬
‫معينها‪ ،‬فلزم قاضي الحنابلة بالديار المصرية بدرالدين محمد بن محمد بن أبي‬
‫بكر السعدي‪ ،5‬وأقام تحت نظره‪ ،‬وتفقه عليه‪.6‬‬
‫كما سمع الحديث وهو بمصر على جماعة‪ ،‬منهم الحافظ السخاوي‪،‬‬
‫ي‪ ،7‬والجالل البكري‪ ،8‬وغيرهم‪ ،‬وقد أقام بها عشر سنين‪.9‬‬
‫والقطب الخَيضر ّ‬
‫بعد عودته‪:‬‬
‫ي قضا َء الرملة بعد عودته لمدة سنتين ‪ ،1‬ثم أضيف إليها قضاء الخليل‬ ‫ول َ‬
‫والنابلس والقدس‪ ،‬وكان أمث َل القضاة فيها ‪ ،‬وكانت مدة واليته فيها إحدى‬
‫‪2‬‬

‫وثالثين سنة ونصفا غير السنتين المتقدمتين في الرملة لم يتخلل له فيها عزل‪.3‬‬
‫‪ 1‬ابن حميد‪ :‬هو محمد بن عبد هللا بن علي بن عثمان بن حميد العامري‪ ،‬نسبة إلى عامر بن صعصعة‪،‬‬
‫النجدي‪ :‬مؤرخ‪ ،‬من علماء الحنابلة‪ .‬ولد في بلدة عنيزة (مركز القصيم‪ ،‬بنجد)‪ ،‬توفي بالطائف سنة ‪1295‬ه‪.‬‬
‫من كتبه (السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة)‪ ،‬و(النعت األكمل بتراجم أصحاب اإلمام أحمد بن حنبل)‬
‫وغيرها‪ .‬انظر‪ :‬األعالم‪.)243/6( :‬‬
‫‪ 2‬مختصر الخرقي في الفقه الحنبلي‪.‬‬
‫‪3‬وكان ذلك سنة ثالث وسبعين وسبعمائة (‪ 773‬ه) انظر‪ :‬المنهج األحمد جـ‪ 5‬ص‪.273‬‬
‫‪4‬ابن حميد‪ ،‬مرجع سابق ص‪ .517‬وأيضا‪ :‬ابن الشطي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪ .81‬قارن‪ :‬الغزي‪ ،‬مرجع سابق‬
‫ص‪.53‬‬
‫‪ 5‬ستأتي ترجمته‪.‬‬
‫‪6‬الغزي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪ .53‬ابن الشطي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.81‬‬
‫‪ 7‬قطب الخيضري‪ :‬هو محمد بن محمد بن عبد هللا بن خيضر‪ ،‬قطب الدين أبو الخير ابن الخيضرى‬
‫الزبيدى الدمشقي الشافعي‪ ،‬قاض‪ ،‬من العلماء بالتراجم واألنساب والحديث‪ .‬ولد في بيت لهيا (من قرى‬
‫دمشق)‪ ،‬وتوفى بالقاهرة سنة ‪894‬ه‪ .‬له من الكتب‪( :‬االكتساب في تلخيص كتب األنساب)‪ ،‬و(شرح ألفية‬
‫العراقى) وغيرها‪ .‬األعالم‪.)55/7( :‬‬
‫‪ 8‬الجالل البكري‪ :‬هو محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد البكري الصديقي‪ ،‬أبو البقاء‪ ،‬جالل الدين‪،‬‬
‫فقيه مصري‪ .‬ولد ونشأ بدهروط (في الصعيد األدنى) وانتقل إلى القاهرة‪ ،‬له كتب‪ ،‬منها‪( :‬شرح المنهاج)‪،‬‬
‫و(شرح الروض للمقري)‪ ،‬و(شرح تنقيح اللباب)‪ .‬انظر‪ :‬األعالم‪.)194-195/6( :‬‬
‫‪9‬ابن حميد‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.517‬‬

‫‪41‬‬
‫وقد حج بيت هللا الحرام سنة تسع وثمانمائة‪ ،‬وأقام بمكة شهرا كامال‬
‫مالزما للتالوة والعبادة وخصوصا بعد انفصاله عن القضاء‪ ،‬فإنه انقطع بالمسجد‬
‫األقصى يدرس ويؤلف ويفتي‪.4‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬شيوخه‬

‫‪1‬الغزي‪ ،‬مرجع سابق ص ‪.54‬‬


‫‪2‬ابن حميد‪ ،‬مرجع سابق ص‪.517-516‬‬
‫‪3‬ابن حميد‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.518‬‬
‫‪4‬ابن حميد‪ ،‬المرجع السابق ص ‪.518‬‬

‫‪42‬‬
‫تفقه العليمي رحمه هللا ‪ -‬كما هي عادة العلماء وطالب العلم ‪ -‬على عدة شيوخ في‬
‫علوم شتى وفي أماكن مختلفة‪ ،‬وهو سر نبوغه وتبحره في أكثر من فن‪ ،‬وال سيما‬
‫في فن التاريخ والتراجم والتفسير‪ ،‬بله مشاركته الفعالة في القراءات والفقه وغيرها‬
‫من العلوم‪ .‬ونستعرض جملة من شيوخه الذين أخذ على أيديهم العلم كما ذكرهم هو‬
‫بنفسه في شتات كتبه‪.‬‬
‫والده العالمة الخطيب الفقيه المحدث‪ ،‬قاضى القضاة‪ ،‬شمس الدين محمد بن‬
‫عبدالرحمن بن محمد العمري العليمي‪:‬‬
‫ولد سنة سبع وثمانمائة من الهجرة (‪ 807‬هـ) بالرملة‪ ،‬ثم توجه إلى صفد وأقام‬
‫بها‪.‬‬
‫اشتغل بالعلم على مذهب اإلمام أحمد‪ ،‬وكان جميع أسالفه شافعية‪ ،‬وولي‬
‫القضاء في الرملة‪ ،‬ولم يُعلم أن حنبليا قبله وليها‪ ،‬ثم ولي قضاء القدس ومدينة‬
‫الخليل بعدها ‪.‬‬
‫وتوفي بالطاعون يوم الثالثاء‪،‬رابع ذي القعدة‪،‬سنة ثالث وسبعين وسبعمائة‬
‫‪1‬‬
‫(‪ 773‬ه)‪.‬‬
‫شيخ اإلسالم العالمة‪ ،‬كمال الدين‪ ،‬أبو المعالي محمد بن األمير‪ ،‬ناصر الدين‪،‬‬
‫محمد بن أبي بكر بن علي بن أبي شريف المقدسي الشافعي‪:‬‬
‫ولد سنة اثنين وعشرين وثمانمائة (‪ 822‬ه) بمدينة القدس‪.‬‬
‫قال العليمي‪ ":‬وقد عرضت عليه في حياة الوالد رحمه هللا قطعة من كتاب‬
‫((المقنع)) في الفقه على مذهب اإلمام أحمد رضي هللا عنه‪ ،‬ثم عرضت عليه مرة‬
‫ثانية ما حفظت بعد العرض األول‪ ،‬وأجازني في شهور سنة ثالث وسبعين‬
‫وثمانمائة‪ ،‬وحضرت بعض مجالسه من الدروس واإلمالء بالمدرسة الصالحية‪،‬‬
‫وحضرت كثيرا من مجالسه بالمسجد األقصى الشريف قبل رحلته إلى القاهرة‬
‫المحروسة‪ ،‬وبعد قدومه إلى بيت المقدس‪ ،‬وحصلت اإلجازة منه غير مرة خاصة‬
‫وعامة"‪.2‬‬

‫‪ 1‬ابن حميد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪ .932‬العليمي‪ ،‬المنهج األحمد‪ ،‬جـ‪ 5‬ص‪ .262‬الحنبلي‪ ،‬المرجع السابق‪،‬‬
‫ج‪ 7‬ص‪.317‬‬
‫‪2‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪ ،‬ص ‪.382-377‬‬

‫‪43‬‬
‫الشيخ اإلمام الحبر‪ ،‬محمد بن محمد بن أبي بكر السعدي المصري‪ ،‬شيخ‬
‫اإلسالم‪ ،‬قاضي الديار المصرية‪:‬‬
‫وهو من أجل شيوخه‪ ،‬وشيوخ إجازته ومنحته‪ ،‬فقد الزمه وهو بمصر عشر‬
‫سنين‪.‬‬
‫قال العليمي عند ترجمته‪ ":‬شيخنا وأستاذنا وعالم عصرنا‪ ،‬مولده بالقاهرة سنة‬
‫خمس أو ست وثماني مائة"‪.1‬‬
‫قال‪" :‬ولقد أكرم مثواي عند تمثلي بين يديه لما قدمت إلى القاهرة (سنة ثمانين‬
‫وثمانمائة)‪ ،‬وأقمت تحت نظره لالشتغال بالعلم الشريف‪ ،‬فأحسن إلي وتفضل‬
‫علي‪ ،‬وأفادني بالعلم وعاملني بالحلم‪ ،‬ومكثت بالديار المصرية نحو عشر سنين‪،‬‬
‫إلى أن سافرت منها في سنة تسع وثمانين وثمانمائة‪ ،‬وأنا مشمول منه بالصالت‪،‬‬
‫ومتصل من فضله بالحسنات‪ ،‬ولما عزمت على السفر حضرت بين يديه‪،‬‬
‫واستأذنته فتألم لذلك وشق عليه وكنت أرجو االجتماع به واالبتهاج بمشاهدة ذاته‬
‫الحسنة فلم يُقدّر‪ ،‬فإنه عاملني بالجميل‪ ،‬وشكر المنعم واجب‪ ،‬فجزاه هللا عني‬
‫خيرا"‪.‬انتهى‪.2‬‬
‫وتوفي رحمه هللا سنة (‪902‬ه)‪.‬‬

‫الشيخ اإلمام‪ ،‬شمس الدين‪ ،‬أبو العون‪ ،‬محمد الغزي القاري الشافعي‪:‬‬
‫توفي في ربيع اآلخر سنة عشر وتسعمائة بمدينة الرملة‪.3‬‬
‫شيخ اإلسالم‪ ،‬سعد الدين الديري الحنفي‪:‬‬
‫ولد سنة ثالث وثالثين وثمانمائة بالقدس الشريف ‪.‬‬

‫‪1‬العليمي‪ ،‬المنهج األحمد‪ ،‬جـ‪ 5‬ص‪.316‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬المنهج األحمد‪ ،‬جـ‪ 5‬ص‪.319‬‬
‫‪3‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪ ،‬جـ‪ 2‬ص‪.72‬‬

‫‪44‬‬
‫قال العليمي رحمه هللا‪":‬وقد عرضت عليه في شهر ربيع األول سنة ثالث‬
‫وسبعين وثمانمائة قطعة من كتاب ((المقنع)) في الفقه وأجازني"‪.1‬‬
‫الشيخ زين الدين‪ ،‬عمر بن الشيخ عبدالمؤمن الحلبي األصل الشافعي‪:‬‬
‫قال العليمي‪" :‬شيخنا باإلجازة‪ ،‬كان رجال صالحا له سند عال في الحديث‬
‫الشريف‪."2‬‬
‫ثم قال‪ " :‬وقد حضرت ختم البخاري عليه في سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة‬
‫بالصخرة الشريفة وأجازني‪ ،‬توفي في سنة ثالث وسبعين وثمانمائة‪ ،‬ودفن‬
‫بمامال‪ ،3‬وكان مشهود الجنازة‪."4‬‬
‫الشيخ محمد بن عبدالوهاب الشافعي‪:‬‬
‫قال العليمي‪ ":‬وقد عرضت عليه قطعة من كتاب المقنع في الفقه في سنة ثالث‬
‫وسبعين وثمانمائة وأجازني‪ ،‬توفي في يوم الثالثاء سادس عشر ذي الحجة‪ ،‬سنة‬
‫ثالث وسبعين وثمانمائة بالطاعون"‪.5‬‬
‫العالمة‪ ،‬شهاب الدين أبو األسباط‪ ،‬أحمد بن عبدالرحمن الرملي الشافعي‪:‬‬
‫ولد سنة ثمانمائة وعشرة (‪810‬هـ)‪ ،‬وتوفي سنة سبع وسبعين وثمانمائة‬
‫(‪877‬ه)‪.‬‬
‫قال العليمي‪ ":‬وعرضت عليه في سنة ثالث وسبعين وثمانمائة قطعة من كتاب‬
‫المقنع في الفقه وأجازني‪ ،‬ثم في آخر عمره توجه إلى الرملة لضرورة له فأدركته‬
‫المنية بها في سنة سبع وسبعين وثمانمائة ودفن بالجامع األبيض"‪.6‬‬

‫‪1‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪ ،‬جـ‪ 2‬ص‪.116‬‬


‫‪2‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪ ،‬جـ‪ 2‬ص‪.119‬‬
‫‪ 3‬هي مقبرة بظاهر القدس من جهة الغرب وهي أكبر مقابر البلد وفيها خلق من األعيان والعلماء‬
‫والصالحين والشهداء وتسميتها بمامال قيل إنما أصله مما من هللا وقيل باب هللا ويقال زيتون الملة‪ .‬انظر‪:‬‬
‫العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.64‬‬
‫‪4‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪ ،‬جـ‪ 2‬ص‪.119‬‬
‫‪5‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪ ،‬جـ‪ 2‬ص‪.192‬‬
‫‪6‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪،‬جـ‪ 1‬ص‪.195‬‬

‫‪45‬‬
‫الشيخ العالمة أبو العباس شهاب الدين أحمد بن زين الدين عمر الغميري‬
‫الشافعي‪:‬‬
‫ولدسنة ثالثين وثمانمائة (‪830‬ه)‪.‬‬
‫قال العليمي‪ ":‬وحصلت اإلجازة منه غير مرة خاصة وعامة توفي في ليلة‬
‫السبت ثامن أو سابع شهر ربيع األول سنة تسعين وثمانمائة ودفن بمامال ظاهر‬
‫القدس الشريف"‪.1‬‬
‫الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن زين الدين عبدالرحمن األنصاري الخليلي‬
‫الشافعي‪:‬‬
‫ولد سنة ثالثين وثمانين (‪830‬ه)‪.‬‬
‫قال العليمي‪ ":‬وقد عرضت عليه قطعة من كتاب ((المقنع)) في الفقه بالزاوية‬
‫الختنية‪ 2‬في شهر جمادي اآلخرة سنة ثالث وسبعين وثمانمائة‪ ،‬وأجازني بما‬
‫يجوز له روايته"‪.3‬‬

‫اإلمام شمس الدين‪ ،‬محمد بن محمد بن موسى بن عمران الغزي الدمشقي‬


‫الحنفي‪ ،‬أبو عبدهللا‪:‬‬
‫ولد سنة ثالث وتسعين وسبعمائة (‪793‬ه)‪ ،‬وتوفي سنة ثالث وسبعين وثمانمائة‬
‫(‪873‬ه)‪.4‬‬
‫عالء الدين‪ ،‬علي بن عبدهللا بن محمد الغزي المقري الحنفي المعروف بابن‬
‫قاموا‪:‬‬

‫‪1‬العليمي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬جـ‪ 2‬ص‪203‬‬


‫‪ 2‬هي زاوية بداخل المسجد األقصى‪ ،‬انظر‪ :‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.144‬‬
‫‪3‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.206‬‬
‫‪4‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪ ،‬جـ‪ 2‬ص‪230‬‬

‫‪46‬‬
‫قال العليمي‪ ":‬وقد قرأت عليه القرآن ‪ -‬ولي نحو عشر سنين ‪ -‬بمكتب باب‬
‫الناظرة فأقرأني من سورة األنبياء إلى الفاتحة‪ ،‬ثم كررت ختم القرآن عليه مرات‬
‫كثيرة‪ ،‬وقرأت بعضه عليه ]بقراءة[ عاصم‪ ،‬وأحضرني مجلس شيخنا ابن عمران‬
‫لسماع الحديث‪ ،‬واعتنى بتحصيل اإلجازة لي منه‪ .‬توفي في يوم الثالثاء‪ ،‬ثاني‬
‫عشر ذي الحجة سنة تسعين وثمانمائة بالقدس الشريف"‪.1‬‬
‫قاضي القضاة نور الدين أبو الحسن علي بن إبراهيم البدرشي البحري المالكي‬
‫المصري‪:‬‬
‫قال العليمي‪ ":‬وقد قرأت عليه قطعة من آخر كتاب ((الخرقى)) في فقه مذهب‬
‫اإلمام‪ 2‬رضي هللا عنه قراءة بحث وفهم‪ ،‬ثم قرأت عليه قطعة من أول ((المقنع))‬
‫قراءة بحث وفهم‪ ،‬فكان يقرر في العبارة تقريرا حسنا لعل كثيرا من أهل المذهب‬
‫ال يقرره‪ ،‬وقرأت عليه في النحو‪ ،‬والزمت مجالسته‪ ،‬وترددت إليه كثيرا وحصل‬
‫لي منه غاية الخير والنفع‪ ،‬ولكن اخترمته المنية بسرعة قبل بلوغ المراد منه"‪.3‬‬
‫توفي سنة ثمان وسبعين وثمانمائة (‪878‬ه)‪.‬‬

‫شيخ اإلسالم‪ ،‬تقي الدين‪ ،‬أبوبكر‪ ،‬عبدهللا بن محمد بن إسماعيل‪ ،‬القرمشندي‬


‫الشافعي‪ ،‬سبط الحافظ أبي سعيد العالئي‪:‬‬
‫مولده بالقدس سنة ثمان وسبعين وسبعمائة (‪778‬ه)‪ ،‬وكانت وفاته سنة سبع‬
‫وستين وثمانمائة (‪867‬ه)‪.‬‬
‫قال العليمي‪ ":‬وقد عرضت عليه ملحة اإلعراب في ثاني جمادي األولى‪ ،‬سنة‬
‫ست وستين وثمانمائة بمنزله بجوار المدرسة الصالحية ولي دون ست سنين‪ ،‬فإن‬
‫مولدي بالقدس الشريف في ليلة يسفر صباحها عن يوم األحد ثالث عشري ذي‬
‫القعدة سنة ستين وثمانمائة‪ ،‬وهو أول شيخ عرضت عليه وتشرفت بالجلوس بين‬
‫يديه‪ ،‬وأجازني بالملحة بسنده المتصل إلى المصنف وبغيرها من كتب الحديث‬

‫‪1‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪،‬جـ‪ 2‬ص‪.237‬‬


‫‪ 2‬أي اإلمام أحمد رضي هللا عنه‪.‬‬
‫‪3‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.250‬‬

‫‪47‬‬
‫الشريف‪ ،‬وما يجوز روايته وكتب والدي اإلجازة بخطه‪ ،‬وكتب الشيخ خطه‬
‫الكريم عليها"‪.1‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬تالمذته‪:‬‬


‫خلت مصادر التراجم من ذكر شيء عن من تتلمذوا على يد العليمي أو أخذوا‬
‫عنه العلم‪ ،‬وكل ما رأيته ما أورده ابن حميد في "السحب الوابلة" من أن الحافظ‬
‫المؤرخ جارهللا محمد بن عبدالعزيز بن عمر بن فهد العلوي الهاشمي المكي‪، 2‬‬
‫ذكر أنه من جملة تالميذه‪ ،‬وقد أخذ عنه بعض مؤلفاته وأجاز له روايتها"‪.3‬‬
‫وقال محقق تفسير العليمي‪":‬وأفاد الدكتور عبدالرحمن العثيمين أنه وقف على‬
‫إجازة لإلمام العليمي يجيز بها أحد تالمذته‪ ،‬وهو إبراهيم بن خليل القاقوني‬
‫الحنبلي بكتاب "التسهيل في الفقه الحنبلي"‪.4‬‬

‫‪1‬العليمي‪ ،‬األنس لجليل‪ ،‬جـ‪ 2‬ص‪.189‬‬


‫‪ 2‬جار هللا‪ :‬هو محمد بن عبد العزيز بن عمر بن محمد بن فهد‪ ،‬الهاشمي‪ ،‬من ساللة محمد بن الحنفية‪ ،‬أبو‬
‫الفضل‪ ،‬محب الدين‪ ،‬جار هللا‪ ،‬مؤرخ‪ ،‬من أهل مكة‪ .‬مولده ووفاته فيها‪ .‬رحل إلى مصر والشام‪ .‬من‬
‫تصانيفه‪( :‬التحفة اللطيفة في بناء المسجد الحرام والكعبة الشريفة)‪ ،‬توفي سنة ‪954‬ه‪ .‬انظر‪ :‬األعالم‬
‫(‪.)209/6‬‬
‫‪3‬ابن حميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.518‬‬
‫‪ 4‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .19‬نقال عن مقدمة "الدر المنضد" بتحقيق د‪ .‬عبدالرحمن العثيمين‪.‬‬

‫‪48‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬عقيدته ومذهبه الفقهي‪:‬‬
‫أوال ‪:‬عقيدته‪:‬‬
‫أما عقيدته‪ ،‬فهي عقيدة أهل السنة والجماعة أصحاب الحديث كما هو الحال‬
‫في أكثر الحنابلة‪ ،‬يلتزم في المسائل العقدية بمذهب السلف الصالح‪ ،‬يؤمن بما جاء‬
‫في القرآن الكريم وبما صح عن النبي عليه الصالة والسالم من غير تكييف وال‬
‫تمثيل‪ ،‬ومن غير تحريف وال تعطيل‪.‬‬
‫وال يتردد العليمي في تقرير هذا المنهج الذي يؤمن به عند كل مناسبة متعلقة‬
‫بهذا الباب في كتبه‪ ،‬وخاصة في تفسيره الذي نحن بصدده‪.‬‬
‫ولإلطاللة على ذلك‪ ،‬فإننا نراه يقرر و يجمل مذهب أهل السنة – الذي يعتقده‬
‫‪ -‬في التعامل مع نصوص الصفات في كثير من المواضيع‪ ،‬والتي قد تشتبه على‬
‫البعض‪.‬‬
‫فعند تفسير قوله تعالى في سورة التوبة‪[ :‬ه ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ‬
‫ﯛ ﯜ ﯝ]‪.1‬‬
‫قال بعد إيراده للحديث الذي رواه البخاري عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال‪{:‬‬
‫ب‪ - ،‬فَإ َّن َّ‬
‫َّللاَ‬ ‫صعَد ُ إلَى هللا إالَّ َّ‬
‫الطيّ ُ‬ ‫ب‪َ - ،‬والَ يَ ْ‬ ‫ب َ‬
‫طي ّ ٍ‬ ‫صدَّقَ بعَ ْدل ت َ ْم َرةٍ م ْن َك ْس ٍ‬
‫َم ْن ت َ َ‬
‫التوبة‪ ،‬اآلية‪.103 :‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪49‬‬
‫صاحبه َك َما يُ َربّي أ َ َحدُ ُك ْم فَلُ َّوهُ َحتَّى ت َ ُكونَ مثْ َل ْال َج َبل}‪.1‬‬
‫َيتَقَبَّلُ َها ب َيمينه ث ُ َّم يُ َربّي َها ل َ‬
‫قال‪ :‬قال البغوي‪ 2‬رحمه هللا في ((شرح السنة))‪ :‬كل ما جاء به الكتاب أو السنة‬
‫من هذا القبيل في صفات هللا تعالى‪ ،‬كالنفس‪ ،‬والوجه‪ ،‬والعين‪ ،‬واليد‪ ،‬والرجل‪،‬‬
‫واإلتيان‪ ،‬والمجيء‪ ،‬والنزول إلى السماء الدنيا‪ ،‬واالستواء على العرش‪،‬‬
‫والضحك‪ ،‬والفرح‪ ،‬فهذه ونظائرها صفات هلل تعالى ورد بها السمع‪ ،‬يجب اإليمان‬
‫بها‪ ،‬وإمرارها على ظاهرها معرضا فيها عن التأويل‪ ،‬مجتنبا عن التشبيه‪ ،‬معتقدا‬
‫أن الباري سبحانه وتعالى ال يشبه شيء من صفاته صفات الخلق‪ ،‬كما ال تشبه‬
‫ذاته ذوات الخلق‪ ،‬قال هللا سبحانه وتعالى‪[ :‬ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ]‪.3‬وعلى هذا مضى‬
‫سلف األمة‪ ،‬وعلماء السنة‪ ،‬تلقوها جميعا باإليمان والقبول‪ ،‬وتجنبوا فيها عن‬
‫التمثيل والتأويل‪ ،‬ووكلوا العلم فيها إلى هللا عز وجل‪ ،‬كما أخبر هللا سبحانه‬
‫وتعالى عن الراسخين في العلم‪ ،‬فقال عز وجل‪[ :‬ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ]‪.4‬‬
‫ويؤكد هذا المعنى بشيء من التفصيل والتوضيح عند تفسير قوله تعالى‪[ ":‬ﭡ‬
‫ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ]‪ ،5‬فيقول‪" :‬المراد من (مثله)‪ :‬ذاته‪ ،‬والشيء عبارة عن‬
‫الموجود‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬ليس له نظير‪ ،6‬فالتوحيد‪ :‬إثبات ذات غير مشبهة‬
‫للذوات‪ ،‬وال معطلة من الصفات‪ ،‬ليس كذاته ذات‪ ،‬وال كاسمه اسم‪ ،‬وال كفعله‬
‫ظ‪ ،‬وجلت الذات القديمة أن‬‫فعل‪ ،‬وال كصفته صفة‪ ،‬إال من جهة موافقة اللفظ اللف َ‬
‫تكون لها صفة حديثة‪ ،‬كما استحال أن تكون للذات المحدثة صفة قديمة‪ ،‬وحيث‬
‫تراءى في مرآة القلب صورة‪ ،‬أو خطر بالبال مثال‪ ،‬أو ركنت النفس إلى كيفية‪،‬‬
‫فليجزم بأن هللا بخالفه‪ ،‬إذ كل ذلك من سمات الحدوث‪ ،‬لدخوله في دائرة التحديد‬
‫والتكييف الالزمين للمخلوق‪ ،‬المنزه عنهما هللا تعالى"‪.7‬‬

‫‪ 1‬البخاري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬كتاب الزكاة‪ ،‬باب الصدقة من كسب طيب‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ ،511‬حديث رقم ‪.1344‬‬
‫‪ 2‬البغوي‪ :‬هو الحسين بن مسعود بن محمد‪ ،‬الفراء‪،‬أو ابن الفراء‪ ،‬أبو محمد‪ ،‬ويلقب بمحيي السنة‪ ،‬البغوي‪،‬‬
‫فقيه‪ ،‬محدث‪ ،‬مفسر‪.‬نسبته إلى (بغا) من قرى خراسان‪ ،‬بين هراة ومرو‪ .‬له‪( :‬شرح السنة)‪ ،‬و(لباب التأويل‬
‫في معالم التنزيل)‪ ،‬و(الجمع بين الصحيحين) وغير ذلك‪ .‬انظر‪ :‬األعالم‪.)259/2:‬‬
‫‪ 3‬الشورى‪ ،‬اآلية‪.11 :‬‬
‫‪ 4‬آل عمران‪ ،‬اآلية‪ .7 :‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج ‪ 3‬ص ‪ .238‬البغوي‪ ،‬حسين بن مسعود‪ ،‬شرح السنة‪،‬‬
‫تحقيق شعيب األرناؤوط و محمد زهير الشاويش‪ ،‬ط‪( 2‬دمشق – بيروت‪ :‬المكتب اإلسالمي ‪1403‬ه –‬
‫‪ )1983‬ج‪ 1‬ص‪.170-168‬‬
‫‪ 5‬الشورى‪ ،‬اآلية‪.11 :‬‬
‫‪ 6‬لم أقف عليه‪.‬‬
‫‪7‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج ‪ 6‬ص ‪.176‬‬

‫‪50‬‬
‫من خالل ما سبق يتضح لنا معتقد اإلمام العليمي رحمه هللا‪ ،‬مما يدفعنا إلى‬
‫القول بأنه من العلماء الذين لم ينحرفوا عن مذهب المتقدمين‪ ،‬بل إنه ليرى‬
‫ضرورة الرجوع إلى ما كان عليه السلف الصالح عقيدة ومنهجا مشددا على ذلك‬
‫في أماكن كثيرة كما رأينا‪ ،‬لضمان السعادة في الدنيا والنجاة في اآلخرة‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مذهبه الفقهي‪:‬‬
‫اإلمام العليمي رحمه هللا كان حنبلي المذهب‪ ،1‬وقد نشأ عليه‪ ،‬ولعل ألبيه أثرا‬
‫في ذلك‪ ،‬إذ كان حنبلي المذهب – هو اآلخر ‪ ،-‬وكان جميع أسالفه شافعية‪ ،‬وقد‬
‫ي قبله كما أشرنا سالفا‪ ،2‬إضافة إلى‬
‫ولي – أبوه ‪ -‬قضاء الرملة ولم يلها حنبل ٌّ‬
‫مالزمته الطويلة لشيخه السعدي المزبور في مصر – وهو حنبلي المذهب بل هو‬
‫قاضي الحنابلة في الديار المصرية ‪ -3‬ولزمه قرابة عشر سنين وكان يشيد به‬
‫ويثني عليه أكثر من غيره‪.4‬‬

‫الفصل الثالث‬
‫مكانته العلمية‬

‫‪ 1‬سعود بن عبدهللا الفنيسان‪ ،‬آثار الحنابلة في علوم القرآن‪ ،‬ط ‪( , 1‬اإلسكندرية‪ :‬مطابع المكتب المصري‬
‫الحديث ) ص ‪.158‬‬
‫‪2‬ابن حميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.932‬‬
‫‪3‬الغزي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.53‬‬
‫‪4‬العليمي‪ ،‬المنهج األحمد‪ ،‬ج ‪ 5‬ص ‪.316‬‬

‫‪51‬‬
‫وتحته ثالثة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ثناء العلماء عليه‬
‫المبحث الثاني‪ :‬تصانيفه وآثاره العلمية‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مكانة تفسيره‬
‫المبحث الرابع‪ :‬مصادره في تفسيره‪ ،‬ووفاته‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬ثناء العلماء عليه‪:‬‬


‫ال شك في أن للعليمي رحمه هللا قدما راسخة في العلم‪ ،‬فقد كان من العلماء‬
‫المعدودين الذين لم يجد الزمان بأمثالهم في العلم والحلم‪ ،‬فهو جدير بثناء األموات‬
‫قبل األحياء‪.‬‬
‫يقول الغزي رحمه هللا في ترجمته‪ " :‬وهذا اإلمام الكبير‪ ،‬صاحب العلم الكثير‪،‬‬
‫له اليد الطولى في الفضائل‪ ،‬كيف ال وهو من ذرية هذا السيد الجليل‪ ،‬والسند‬
‫المثيل‪ ،‬فريدة عقد الزمان‪ ،‬وغرة وجه الدهر واألوان‪ ،‬بفضل غض‪ ،‬وعقد‬

‫‪52‬‬
‫كماالت غير مرفض‪ ،‬معدن اإلتقان‪ ،‬ومعاد اإليقان‪ ،‬طويل الباع في المعارف‬
‫التي تسترق الطباع‪ ،‬وناشز لواء الفضائل‪ ،‬على مناكب األفاضل "‪.1‬‬
‫وقال ابن حميد النجدي المكي‪":‬قال في الضوء‪ :2‬وهو اآلن فيما بلغني ‪ -‬أمثل‬
‫قضاة القدس‪ ،‬حسن السيرة‪ ،‬له شهرة بالفضل واإلقبال على التاريخ‪ ،‬مع خط‬
‫حسن ونظم"‪.3‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تصانيفه وآثاره العلمية‪:‬‬


‫لقد خلف اإلمام العليمي رحمه هللا لألمة نتاجا علميا ضخما‪ ،‬ومكتبة ثرية‪ ،‬تنتفع‬
‫بها األجيال المتالحقة‪ ،‬ما يدل على سعة علمه‪ ،‬وواسع اطالعه‪ ،‬وهي بال شك‬
‫آثار نافعة جليلة القدر‪ ،‬عظيمة النفع لكل من طالعها‪ .‬وهاك أسماء هذه التصانيف‪:‬‬
‫‪((-1‬فتح الرحمن في تقسير القرآن)) وهو تفسيره الذي نحن بصدده‪ ،‬وسنتحدث‬
‫عنه بشيء من التفصيل في المبحث الثالث من هذا الفصل إن شاء هللا تعالى‪.‬‬
‫‪(( -2‬الوجيز مختصر فتح الرحمن))‪.4‬‬

‫‪1‬الغزي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.54‬‬


‫‪ 2‬يقصد به كتاب "الضوء الالمع في أعيان القرن التاسع" للحافظ السخاوي‪ .‬وبرجوعي إلى الكتاب لم أقف‬
‫له على هذا الكالم‪ ،‬بل لم يورد فيه ترجمة أو حتى ذكرا للعليمي أصال مع كون السخاوي متأخرا عنه‪.‬‬
‫‪ 3‬ابن حميد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.517-516‬‬
‫‪4‬ذكره له ابن حميد في ((السحب الوابلة) ج‪ 2‬ص‪ .516‬وابن ضويان في ((رفع النقاب عن تراجم‬
‫األصحاب)) ص ‪ .352‬والفنيسان في (آثار الحنابلة في علوم القرآن) ص ‪.159‬‬

‫‪53‬‬
‫‪((-3‬األنس الجليل بتاريخ القدس والخليل))‪ ،‬وهو كتاب جليل عظيم في بابه‪ ،‬يقع‬
‫في مجلدين‪ ،‬تناول فيه تواريخ بيت المقدس ومدينة الخليل – عليه وعلى نبينا‬
‫أفضل الصالة وأتم التسليم – بما فيهما من آثار وأعيان‪ ،‬وما جرى فيهما من‬
‫حوادث ووقائع على مدى التاريخ‪ ،‬مع التزامه الواضح ببيان تاريخ الوفيات‪.‬‬
‫قال عنه محققه‪ ":‬ولسنا مبالغين إذا ادعينا أن هذا الكتاب بهذا المنهج‬
‫الضخم يكاد يكون أوسع مؤلف كتب في تاريخ هذه المدينة المقدسة سواء من‬
‫الكتب الخاصة أو المصادر التاريخية العامة التي تناولت تاريخ هاتين المدينتين‬
‫خاصة وأن المؤلف هو من تلك الديار وممن تثقف في أوساطها وعانى بؤسها‬
‫ونعيمها وتذوق حلوها ومرها"‪.1‬‬
‫وقال ابن حميد‪" :‬وهو عظيم في بابه‪ ،‬أحيا به مآثر بالده"‪.2‬‬
‫‪(( -4‬المنهج األحمد في تراجم أصحاب اإلمام أحمد))‪.‬‬
‫‪((-5‬اإلعالم بأعيان دول اإلسالم))‪.3‬‬
‫‪(( -6‬الدر المنضد في أصحاب اإلمام أحمد))‪.‬‬
‫‪(( -7‬إتحاف الزائر وإطراف المقيم والمسافر))‪.4‬‬
‫‪5‬‬
‫‪(( -8‬التاريخ المعتبر في أنباء من غبر))‬
‫‪(( -9‬اإلتحاف مختصر اإلنصاف للماوردي))‪.6‬‬
‫‪(( -10‬تصحيح الخالف المطلق في المقنع)) البن قدامة‪.7‬‬

‫‪1‬العليمي‪ ،‬األنس الجليل‪ ،‬ص ‪.19‬‬


‫‪2‬ابن حميد‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.518‬‬
‫‪3‬ابن حميد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.18‬‬
‫ج‪5‬‬ ‫‪4‬وذكره رضا كحالة باسم ((إتحاف الزائر وأطواف المقيم والمسافر)) انظر‪(( :‬معجم المؤلفين))‬
‫ص‪.177‬‬
‫‪5‬ابن جميد‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.112‬‬
‫‪6‬ذكره ابن حميد في (السحب الوابلة ))ص‪.518‬‬
‫‪7‬ابن حميد‪ ،‬المرجع السابق‪،‬ص‪.518‬‬

‫‪54‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬مكانة تفسيره ووفاته‬
‫مكانة تفسيره‪:‬‬
‫ال شك في أن لتفسير العليمي قيمة علمية معتبرة عند العلماء الذين جاءوا‬
‫بعده‪ ،‬فقد أشادوا به وتغنوا بمنزلته العلمية الرصينة‪ ،‬فهو تفسير وسط قريب إلى‬
‫العقول واألفهام‪ ،‬يجمع بين جزالة المعنى ودقته‪ ،‬وسهولة اللفظ ووضوحه‪ ،‬يفسر‬
‫اآلية تفسيرا متوسطا دون تطويل ممل وال تقصير مخل‪ ،‬يأتي أحيانا بشواهد من‬
‫اآليات أو اآلثار النبوية وأقوال السلف بما يخدم تفسير اآلية ويظهر معناها بشكل‬
‫أوضح‪ ،‬ويلجأ إلى إيراد القراءات المتواترة ‪-‬كثيرا ‪ -‬أو الشاذة – قليال – لتوجيه‬
‫معاني بعض اآليات وتعليلها ‪.‬‬
‫لهذه األسباب وغيرها نال تفسيره مدحا واستحسانا من العلماء الذين أتوا‬
‫بعده على مدى التاريخ‪ ،‬وباألخص علماء الحنابلة الذين لم تسلم كثير من كتبهم‬
‫في علوم القرآن عامة وفي التفسير خاصة من الضياع‪ ،‬والذي سلم منها لم ير‬
‫النور بعد ُ إال النزر اليسير‪.1.‬‬
‫قال الغزي رحمه هللا‪" :‬وقفت له – يعني العليمي – من المؤلفات على‬
‫تفسير جليل على القرآن العظيم يشبه تفسير القاضي البيضاوي"‪.2‬‬

‫‪ 1‬الفنيسان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.4‬‬


‫‪2‬الغزي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪ .54‬ابن شطي‪ ،‬مرجع سابق ص‪.81‬‬

‫‪55‬‬
‫وقد تميز التفسير بعدة أمور إضافة إلى ما سبق ‪ -‬قلما تجتمع في غيره‪ ،‬منها‬
‫استيعابه العجيب لجميع األلفاظ القرآنية التي اختلفت فيها ألفاظ القراءات العشر‬
‫المتواترة – إال ما ندر ‪ -‬والذي اصطلح عليها األئمة بـــ"الفرشيات"‪ ،‬وتوجيهها‬
‫وذكر معانيها في أغلب األحوال مع اإلجحاف الواضح عن ذكر القراءات الشاذة‬
‫إال فيما يخدم المعنى ويوجهه‪ ،‬مع نسبة كل قراءة إلى صاحبها‪ .‬أما ما بات يعرف‬
‫بـــ "األصول"‪ - ،‬ومع عدم تعلقها بادي الرأي بجانب إثراء المعنى‪ - ،‬فإنه ال‬
‫يخطئها قلمه كذلك‪ ،‬بل نراه يستعرضها بكل عناية ودقة‪ ،‬محاوال توزيع مذاهب‬
‫القراء عليها‪ ،‬فال تكاد تتخطى صفحة أو صفحتين إال مررت بشيء من هذا‬
‫القبيل‪ ،‬ولعل هذا المسلك منه بحد ذاته يجعل الكتاب في عداد التفاسير التي يغلب‬
‫عليها طابع القراءات‪ ،‬وقد ينظر إليه البعض على كونه أقرب إلى كتب القراءات‬
‫منه إلى غيرها‪.1‬‬
‫ومنها أنه يذكر شيئا من مسائل العقيدة ومسائل الفقه على سبيل االختصار‪،‬‬
‫مع توضيح مذاهب األئمة األربعة في المسائل المشتملة عليها آيات األحكام‬
‫مختصرا‪ ،‬بعيدا عن التعصب والتقليد‪ ،‬مع تجنب الحشو واإلطالة والمناقشة‬
‫والردود‪ ،‬كما هو الحال في بعض التفاسير‪.‬‬

‫‪1‬كما هو الحال لدى العلماء في نصنيف أو وصف التفاسير بما هو الغالب فيها حسب ميول واهتمامات‬
‫المفسر‪ .‬انظر‪ :‬علوان‪ ،‬عبدهللا ناصح‪ ،‬ثقافة الداعية‪ ،‬ط (القاهرة‪ :‬دار السالم)‪ ،‬ص‪.261-260‬‬

‫‪56‬‬
‫المبحث الرابع‪ :‬مصادره في تفسيره‬
‫تتلخص موادر العليمي في تفسيره في‪:‬‬
‫أوال‪ :‬التفسير وما يتصل به‪:‬‬
‫‪ -‬تفسير ابن جزير الطبري‬
‫‪(( -‬التنزيل)) ألبي القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري‪ ،‬المتوفى سنة‬
‫(‪.)406‬‬
‫‪(( -‬الكشاف)) للزمخشري‪.‬‬
‫‪ -‬تفسير النسفي‪.‬‬
‫‪(( -‬أحكام القرآن)) البن العربي‪.‬‬
‫‪ -‬تفسير الرازي‪.‬‬
‫‪(( -‬زاد الميسر)) البن الجوزي‪.‬‬
‫‪ -‬تفسير الثعلبي‪.‬‬
‫‪(( -‬الجامع ألحكام القرآن)) للقرطبي‪.‬‬
‫‪(( -‬المحرر الوجيز)) البن عطية‪.‬‬
‫‪ -‬تفسير الثعالبي‪.‬‬
‫‪ -‬تفسير الكواشي‪.‬‬
‫‪(( -‬البحر المحيط)) ألبي حيان‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬القراءات‬
‫‪(( -‬اللوامع في شواذ القراءات)) ألبي الفضل الرازي المتوفى سنة (‪404‬ه)‪.‬‬
‫‪(( -‬اإليضاح في علم القراءات)) ألحمد بن ابي عمر األندراني‪ ،‬المتوفى سنة‬
‫(‪470‬ه)‪.‬‬
‫‪(( -‬الشاطبية في القراءات))‪.‬‬
‫‪(( -‬النشر في القراءات العشر)) البن الجزري‪.‬‬
‫‪(( -‬إيضاح الرموز ومفتاح الكنوز في القراءات األربعة عشر)) لشمس الدين‬
‫القباقبي‪.1‬‬

‫العليمي‪ ،‬ص‪..36 – 35‬‬ ‫من مقدمة محقق تفسبر‬ ‫‪1‬‬

‫‪57‬‬
‫وفاته‪:‬‬
‫توفي سنة تسعمائة وثمانية وعشرين من الهجرة (‪928‬ه)‪ ،1‬وهو األصح‪،‬‬
‫وقيل سنة (‪927‬ه)‪2‬بالقدس الشريف بعد حياة زاخرة بالعلم والتأليف‬
‫واإلفتاء‪ .‬فرحمة هللا عليه رحمة واسعة‪.‬‬

‫الباب الثاني‬
‫منهج العُلَ ْي ِمي في عرض القراءات‬

‫‪1‬ابن حمدان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪ .143‬الزركلي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ . 331‬العليمي‪ ،‬مجير الدين‪،‬‬
‫المنهج األحمد جـ ‪ 5‬ص ‪.518‬‬
‫‪2‬البغدادي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.544‬‬

‫‪58‬‬
‫ويشتمل على فصلين‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬أنواع القراءات المذكورة في كتابه‬
‫الفصل الثاني‪ :‬عزوه القراءات إلى أصحابها‬

‫الفصل األول‬
‫أنواع القراءات المذكورة في كتابه‬

‫‪59‬‬
‫اهتم اإلمام العليمي رحمه هللا تعالى بذكر القراءات القرآنية في الكلمات التي‬
‫يمر بها في هذا التفسير معتمدا على القراءات العشر المتواترة‪ ،‬بحيث يذكر‬
‫الكلمة بما للقراء العشرة فيها من مذاهب‪ ،‬وقد تحدث عن هذا المسار الذي وضعه‬
‫لنفسه في مقدمة الكتاب فقال‪:‬‬
‫"وذكرت فيه خالف القراء العشرة المشهورين الذين تواترت قراءتهم‪،‬‬
‫واشتهرت روايتهم من طرق الرواة الثقات‪ ،‬واألئمة األثبات‪ ،‬وهم‪ :‬أبو رويم‪ ،‬نافع‬
‫بن عبدالرحمن‪ ،‬وأبو جعفر يزيد بن قعقاع المدنيان‪ ،‬وأبو معبد عبدهللا بن كثير‬
‫المكي‪ ،‬وأبو عمرو زبان بن العالء المازني‪ ،‬وأبو محمد يعقوب بن زيد‬
‫الحضرمي البصريان‪ ،‬وأبو عمران عبدهللا بن عامر الشامي‪ ،‬وأبو بكر عاصم بن‬
‫أبي النجود األسدي‪ ،‬وأبو عمارة حمزة بن حبيب الزيات‪ ،‬وأبو الحسن علي بن‬
‫حمزة الكسائي الكوفيون‪ .‬ويدخل معهم أبو محمد خلف بن هشام البزار‪ ،‬لموافقته‬
‫لهم رضي هللا عنهم أجمعين"‪.1‬‬

‫‪ 1‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن في تفسير القرآن‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪.4‬‬

‫‪60‬‬
‫وقد يذكر غير العشرة تارة فيما يتصل بالتفسير وإثراء المعنى وتوسيعه‪،‬‬
‫وتوجيه القراءة وتعليلها‪ .‬وسأذكر هنا أنواع تلك القراءات المذكورة مع توضيحها‬
‫ببعض النماذج الكافلة على إظهار المقصود‪.‬‬
‫وقد قسمت الفصل إلى ثالثة مباحث‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬ذكره القراءات المتواترة‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ذكره القراءات الشاذة‬

‫المبحث األول‪ :‬ذكره القراءات المتواترة‪:‬‬


‫يذهب العليمي رحمه هللا إلى أن القراءات المتواترة هي مجموع القراءات‬
‫العشر المعروفة الشهيرة المتلقاة بالقبول كما أسلفنا‪ ،‬وليست منحصرة في السبعة‬
‫كما يعتقد كثير من الناس‪ ،‬لذا عمد إلى ذكرها واإلعتماد عليها عند استعراض‬
‫خالف القراء في جميع ما وجد فيه الخالف‪.‬‬
‫لقد حرص العليمي كل الحرص على ذكر كل ما يتعلق بالقراءات العشر‬
‫واستيعابها‪ ،‬وأال يفوته شئ منها سواء ما يتعلق منها بالفرشيات أو حتى األصول‬
‫والوقوفات التي ال يتعلق بها التفسير والمعنى‪ ،‬حتى أخذ تفسيره طابع كتب‬
‫القراءات الخالصة الموضوعة لبيان األصول والفرشيات‪.‬‬
‫واألمثلة على ذلك أكثر من أن تحصى‪ ،‬وسنكتفي بذكر بعض النماذج فقط‪،‬‬
‫بعد تقسيمنا لها إلى أصول وفرشيات ووقوفات‪.‬‬
‫أوال‪ :‬األصول‪:‬‬
‫األصول‪ :‬جمع أصل‪ ،‬وهو في اللغة ما يبنى عليه غيره‪.1‬‬
‫‪ 1‬الجرجاني‪ ،‬علي بن محمد‪ ،‬التعريفات‪ ،‬تحقيق إبراهيم األبياري‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار الكتاب العربي‬
‫‪1405‬هـ)‪ ،‬باب األلف‪ ،‬ص‪.45‬‬

‫‪61‬‬
‫وفي اصطالح القراء‪ :‬عبارة عن الحكم المطرد أي الحكم الكلي الجاري في كل‬
‫ما تحقق فيه شرطه‪.1‬‬
‫وقد جعل اإلمام الضباع رحمه هللا األصول الدائرة على اختالف القراءات‬
‫سبعة وثالثين وهي‪:‬‬

‫‪ . 3‬واإلقالب‬ ‫‪ . 2‬واإلدغام‬ ‫‪ . 1‬اإلظهار‬


‫‪ . 6‬والمد‬ ‫‪ . 5‬والصلة‬ ‫‪ . 4‬واإلخفاء‬
‫‪ . 9‬واإلشباع‬ ‫‪ . 8‬والقصر‬ ‫‪ . 7‬والتوسط‬
‫‪ . 12‬واإلبدال‬ ‫‪ . 11‬و التسهيل‬ ‫‪ . 10‬والتحقيق‬
‫‪ . 15‬والتخفيف‬ ‫‪ . 14‬والنقل‬ ‫‪ . 13‬واإلسقاط‬
‫‪ . 18‬والتقليل‬ ‫‪ . 17‬واإلمالة‬ ‫‪ . 16‬والفتح‬
‫‪ . 21‬والتغليظ‬ ‫‪ . 20‬والتفخيم‬ ‫‪ . 19‬والترقيق‬
‫‪ . 24‬والتتميم‬ ‫‪ . 23‬واإلخفاء‬ ‫‪ . 22‬واالختالس‬
‫‪ . 27‬واإلرسال‬ ‫‪ . 26‬والتثقيل‬ ‫‪ . 25‬والتشديد‬
‫‪ . 30‬والقطع‬ ‫‪ . 29‬والسكت‬ ‫‪ . 28‬والوقف‬
‫‪ . 33‬واإلشمام‬ ‫‪ . 32‬والروم‬ ‫‪ . 31‬واإلسكان‬
‫‪ . 36‬وياءات اإلضافة‬ ‫‪ . 35‬واإلبدال‬ ‫‪ . 34‬والحذف‬
‫‪ . 37‬وياءات الزوائد‪.2‬‬

‫‪ 1‬الضباع‪ ،‬المرجع السابق ص‪.12‬‬


‫‪ 2‬الضباع‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.12‬‬

‫‪62‬‬
‫فمن األصول‪ ،‬عند قوله تعالى‪[( :‬ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ]‪ 1‬يقول العليمي‪" :‬قرأ حمزة‬
‫ويعقوب ( َعلَ ْي ُه ْم) بضم الهاء حيث وقع‪ ،‬والباقون بكسرها‪ ،‬ومنهم ابن كثير وأبو‬
‫جعفر‪ ،‬وقالون بخالف عنه (عليهم) بضم الميم وصلتها بواو حالة الوصل‪،‬‬
‫والباقون بإسكان الميم في الحالين‪ ،‬فمن ضم الهاء ردها إلى األصل‪ ،‬ألنها‬
‫مضمومة عند االنفراد‪ ،‬ومن كسر ألجل الياء الساكنة‪ ،‬والياء أخت الكسرة‪.2‬‬
‫يلحظ هنا أن العليمي ٍ وزع مذاهب جميع القراء العشرة في هذا الحرف (عليهم)‬
‫بتسمية بعضهم واالكتفاء بـــلقب "الباقون" للمخالفين في ما يتعلق باإلتيان بالصلة‬
‫أو اإلسكان‪ ،‬وهي من صميم أصول القراءة المطردة‪ ،‬وقس على ذلك جميع‬
‫األمثلة بعد ذلك‪.‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ ":‬ﭑ ]‪ 3‬قال‪ :‬قرأ أبو عمرو بإمالة الهاء وفتح الياء‪ ،4‬وقرأ ابن‬
‫عامر وحمزة وخلف بفتح الهاء وإمالة الياء ضد األول‪ ،‬وقرأ الكسائي وأبو بكر‬
‫عن عاصم بإمالة الهاء والياء جميعا‪ ،‬واختلف عن نافع‪ ،‬فروي عنه إمالتها بين‬
‫بين‪ ،‬وفتحها‪ ،‬واألول أشهر‪ ،‬وفتحها الباقون وهم أبو جعفر وابن كثير ويعقوب‬
‫وحفص عن عاصم‪ ،‬وأبو جعفر بقطع الحروف على أصله‪ ،‬يسكت على كل‬
‫حرف سكتة يسيرة في جميع أحرف الهجاء من أوائل السور"‪.5‬‬
‫وعند قوله تعالى [ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ]‪ 6‬قال‪ :‬قرأ نافع وابن كثير وأبو جعفر‬
‫وعاصم وابن ذكوان والكسائي وخالد ويعقوب وخلف‪(:‬وإذ جعلنا) بإظهار ذال‬
‫(إذ) عند الجيم حيث وقع‪ ،‬والباقون باإلدغام"‪.7‬‬

‫‪ 1‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.6 :‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ .46‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .273‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‬
‫‪ ،‬ص‪ .164‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .80‬ابن خالويه‪ ،‬الحسين بن أحمد‪ ،‬الحجة في القراءات السبع‪،‬‬
‫تحقيق عبدالعال سالم مكرم‪ ،‬ط‪( 3‬بيروت‪ :‬دار الشروق ‪ )1401‬ص‪.80‬‬
‫‪ 3‬مريم‪ ،‬اآلية‪.1 :‬‬
‫‪ 4‬ويزاد له اإلمالة من طريق طيبة‪.‬‬
‫‪ 5‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج ‪ 4‬ص ‪ .233‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .67‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء‬
‫البشر‪ ،‬ص‪ .44‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .406‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.101‬‬
‫ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .437‬الحجة في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .234‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير‪،‬‬
‫ص‪.452‬‬
‫‪ 6‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.125 :‬‬
‫‪ 7‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .190‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .35‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير‬
‫التيسير‪ ،‬ص‪ .231‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪.122‬‬

‫‪63‬‬
‫يظهر من خالل النماذج السابقة أن العليمي يهتم بذكر خالف القراء في أصول‬
‫القراءات في المواضيع التي ُوجد فيها‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬الفرشيات‪:‬‬
‫والفرشيات "هي ما يذكر في السور من كيفية قراءة كل كلمة قرآنية مختلف‬
‫فيها بين القراء مع عزو كل قراءة إلى صاحبها ويسمى "فرش الحروف" وسماه‬
‫بعضهم بــــ "الفروع" مقابلة لألصول"‪03.1‬‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ]‪ 2‬قال‪ " :‬قرأ نافع وأبو جعفر وابن‬
‫(مو ّهن) بفتح الواو وتشديد الهاء وبالتنوين ونصب (كيدَ)‪،‬‬
‫كثير وأبو عمرو َ‬
‫وروى حفص عن عاصم بالتخفيف من غير تنوين وخفض (كيد) على اإلضافة‪،‬‬
‫والباقون بالتخفيف والتنوين ونصب (كيد)‪.3‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ]‪ 4‬قال‪ :‬قرأ نافع وابن‬
‫كثير وأبو عمرو ويعقوب وحفص عن عاصم‪َ ( :‬حمئَةٍ) بغير ألف بعد الحاء وهمز‬
‫الياء‪ ،‬أي ذات حمأة‪ ،‬وهو الطين األسود‪ ،‬وقرأ الباقون‪َ ( :‬حام َيةٍ) باأللف وفتح‬
‫الياء من غير همز‪ ،‬أي حارة"‪.5‬‬
‫وفي قوله تعالى‪[:‬ه ه ه ه ﮮ ﮯ ﮰ ]‪ 6‬قال‪ :‬قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب‬
‫( َي ْو ُم) برفع الميم على معنى (هذا يوم)‪ ،‬وقرأ الباقون‪َ ( :‬ي ْو َم) بالنصب على‬
‫‪7‬‬
‫الظرف والمعنى الجزاء يوم‪.‬‬

‫‪ 1‬الضباع‪ ،‬المرجع السابق ص‪.12‬‬


‫‪ 2‬األنفال‪ ،‬اآلية‪.19 :‬‬
‫‪ 3‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪ .100‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات السبع‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .276‬الدمياطي‪،‬‬
‫إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .297‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .304‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪،‬‬
‫ص‪ .309‬ابن خالويه‪ ،‬الحجة في القراءات‪ ،‬ص‪.170‬‬
‫‪ 4‬الكهف‪ ،‬اآلية‪.8 :‬‬
‫‪ 5‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .213‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .314‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء‬
‫البشر‪ ،‬ص‪ .371‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .398‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءت‪ ،‬ص‪ .428‬ابن‬
‫خالويه‪ ،‬الحجة في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.230‬‬
‫‪ 6‬االنفطار‪ ،‬اآلية‪.19 :‬‬
‫‪ 7‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 7‬ص ‪ .306‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .399‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء‬
‫البشر‪ ،‬ص‪ .575‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .139‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪.674‬‬
‫ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءت‪ ،‬ص‪ .753‬ابن خالويه‪ ،‬الحجة في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.365‬‬

‫‪64‬‬
‫تبين لنا من خالل األمثلة السابقة أن العليمي كان يعتمد أساسا على‬
‫القراءات العشر المتواترة في نقله لخالفات القراء في الكلمات القرآنية أصولها‬
‫وفرشها‪ ،‬ولم يتجاوز العشرة إال في أحوال نادرة‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬الوقوفات‪:‬‬
‫من الجوانب التي تثير انتباه القارئ في تفسير العليمي‪ ،‬شدة اهتمامه ببيان‬
‫أحكام "الوقف واالبتداء"‪ ،‬ومع كونها مندرجة تحت أصول القراءة من ناحية‬
‫التقسيم العلمي والمنطقي البحت‪ ،‬إال أن بروزها في هذا التفسير‪ ،‬واهتمام صاحبه‬
‫بذكرها دعاني إلى أن أخصها بالذكر من باب ذكر الخاص بعد العام لبيان أهميته‪،‬‬
‫وألن أغلب التفاسير ركزت على الفرشيات‪ ،‬وإن ذكرت األصول فال تتطرق‬
‫غالبا لبيان أحكام الوقوفات بشكل خاص ومفصل كما نالحظ في التفسير الذي بين‬
‫أيدينا‪.‬‬
‫وتشتمل الوقوفات على أحكام الوقف واالبتداء وما يلزم منهما من معرفة‬
‫المقطوع والموصول وتاء التأنيث المكتوبة بالتاء المبسوطة والبداءة بهمزة‬
‫الوصل والوقف على أواخر الكلم‪.1‬‬
‫وسنحاول عرض بعض النماذج لألنواع المذكورة من الوقوفات في هذا‬
‫التفسير على ما يأتي‪.‬‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬فَ َما ل َهؤُالء ْالقَ ْوم]‪ 2‬قال‪ :‬وقف أبو عمرو‪ ،‬والكسائي‬
‫بخالف عنه على األلف دون الالم من قوله‪[ :‬فَ َمال َهؤ َُالء] و [ﮇ ﮈ ﮉ ]‪ 3‬في سورة‬
‫سول]‪ 4‬في الفرقان‪[( ،‬ﯽ ي ]‪ 5‬في سأل‪ ،‬ووقف الباقون‬ ‫الكهف‪ ،‬و[ َمال َهذَا َّ‬
‫الر ُ‬
‫(فمال) على الالم اتباعا للخط‪ ،‬بخالف عن الكسائي‪ ،‬قال ابن عطية‪ :6‬ومنعه قوم‬

‫‪ 1‬الحربي‪ ،‬سليمان بن خالد‪ ،‬المذكرة في شرح المقدمة‪ ،‬ص‪.2‬‬


‫‪ 2‬النساء‪ ،‬اآلية‪.78 :‬‬
‫‪ 3‬الكهف‪ ،‬اآلية‪.49 :‬‬
‫‪ 4‬الفرقان‪ ،‬اآلية‪.7 :‬‬
‫‪ 5‬سأل‪ ،‬اآلية‪.36 :‬‬
‫‪ 6‬ابن عطية‪ :‬هو عبد الحق بن غالب بن عبد الملك بن غالب بن تمام بن عطية‪ ،‬اإلمام الكبير‪ ،‬قدوة‬
‫المفسرين‪ ،‬أبو محمد الغرناطي القاضي‪.،‬له‪( :‬المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز)‪ ،‬مات سنة ‪541‬ه‪.‬‬
‫انظر‪ :‬السيوطي‪ ،‬عبدالرحمن بن أبي بكر‪ ،‬طبقات المفسرين‪ ،‬تحقيق علي محمد عمر‪ ،‬ط‪( 1‬القاهرة‪ :‬دار‬
‫وهبة ‪1396‬ه)‪ ،‬ص‪.50‬‬

‫‪65‬‬
‫جملة‪ ،‬ألنها حرف جر‪ ،‬فهي بعض المجرور‪ ،‬وهذ كله بحسب ضرورة أوانقطاع‬
‫نفس‪ ،‬وأما أن يختار أحد الوقف فيما ذكرناه ابتداء‪ ،‬فال‪ ،‬انتهى‪.1‬‬
‫يلحظ من المثال السابق أن العليمي ذكر اختالف القراء في الوقف على‬
‫الموصول (فمال) بين من يرى الوقوف على األلف وبين من يرى الوقوف على‬
‫الالم‪ ،‬وهذا نموذج للوقف على الموصول‪.‬‬
‫ويالحظ أيضا من خالل هذا المثال – ومن خالل غيره من المواضيع التي‬
‫ذكرها العليمي في تفسيره – أنه ال يكتفي بذكر اختالف القراء في الموضع الذي‬
‫يمر به فحسب‪ ،‬وإنما يحاول وضع قاعدة عامة تحصر جميع المواضيع المشابهة‬
‫وتبين حكم القراء فيها كما رأينا هنا‪.‬‬
‫ويجب التنويه إلى أن هناك قاعدة مهمة نقلها من كالم ابن عطية‪ ،‬وهي أن‬
‫الوقف على ما لم يتم معناه نحو الوقوف على الالم في (فمال) وما إلى ذلك ال‬
‫يجوز ابتداء واختيارا‪ ،‬وإنما سوغه األئمة فقط في حالة ضرورة أو انقطاع نفس‬
‫أو إذا كان مقام تعليم‪ ،‬ومنعوه فيما عدا ذلك ألنه قد يؤدي إلى انكسار المعنى أو‬
‫تغييره‪ ،‬وهذه قاعدة مهمة في هذا الباب‪.‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ]‪ 2‬قال‪ :‬و(رحمتُ ) رسمت بالتاء في‬
‫سبعة مواضع‪ ،‬وقف عليها بالهاء ابن كثير‪ ،‬وأبو عمرو‪ ،‬ويعقوب‪ ،‬والكسائي‪.3‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ]‪ 4‬قال‪ :‬وقف حمزة‪ ،‬والكسائي‪،‬‬
‫ورويس عن يعقوب على قوله‪( :‬أيًّا) دون (ما)‪ ،‬وعوضوا من التنوين ألفا‪،‬‬
‫ويبتدئون (ما تدعوا) بتقدير‪ :‬الذي تدعوه‪ ،‬ووقف الباقون على (ما)‪.5‬‬

‫‪ 1‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .159‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .144‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء‬
‫البشر‪ ،‬ص‪ .244‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .53‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير‪ ،‬ص‪.264‬‬
‫‪ 2‬هود‪ ،‬اآلية‪.73 :‬‬
‫‪ 3‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪ .359‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .129‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء‬
‫البشر‪ ،‬ص‪ .137‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ 4‬اإلسراء‪ ،‬اآلية‪.110 :‬‬
‫‪ 5‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .141‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .144‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء‬
‫البشر‪ ،‬ص‪ .142‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .56‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير‪ ،‬ص‪.264‬‬

‫‪66‬‬
‫ت) بفتح‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ]‪ 1‬قال‪ :‬قرأ أبو جعفر‪ ،‬وابن عامر‪( :‬يا أ َب َ‬
‫التاء حيث وقع‪ ،‬والباقون بكسرها‪ ،‬ووقفا‪( :‬يا أ َب ْه) بالهاء‪ ،‬ووافقهما في الوقف ابن‬
‫كثير‪ ،‬ويعقوب‪.2‬‬
‫الزقُّوم]‪ 3‬قال‪ :‬وقف ابن كثير‪ ،‬وأبو عمرو‪،‬‬
‫ش َج َرت َّ‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬إ َّن َ‬
‫والكسائي‪،‬ويعقوب على (شجرة) بالهاء‪.4‬‬
‫األمثلة السابقة تثبت ما قررناه من اهتمام العليمي بذكر أحكام الوقف واالبتداء‬
‫وبيان مذاهب القراء فيها‪.‬‬

‫‪ 1‬مريم‪ ،‬اآلية‪.40 :‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .254‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .139‬الداني‪ ،‬التيسير في‬
‫القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .53‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير‪ ،‬ص‪ .264‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءت‪ ،‬ص‪ .353‬ابن‬
‫خالويه‪ ،‬الحجة في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.191‬‬
‫‪ 3‬الدخان‪ ،‬اآلية‪.43 :‬‬
‫‪ 4‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 6‬ص‪ .256‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .130‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء‬
‫البشر‪ ،‬ص‪ .499‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .23‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءت‪ ،‬ص‪.653‬‬

‫‪67‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬ذكره القراءات الشاذة‪:‬‬
‫القراءة الشاذة هي القراءة التي اختل فيها ركن من أركان القراءة الثالثة‪.1‬‬
‫والمتتبع لتفسير العليمي يدرك أنه لم يذكر القراءات الشاذة في تفسيره إال‬
‫نادرا‪ ،‬وإنما صب كل اهتماماته على القراءات العشر المتواترة‪ ،‬وفا ًء لمنهجه‬
‫الذي وعد بالسير عليه في المقدمة‪ ،‬وهذه بعض النماذج التي ذكرها‪.‬‬
‫عند قوله تعالى‪َ [ :‬وأ َ ْعتَدَ ْ‬
‫ت لَ ُه َّن ُمت َّ َكئًا]‪ 2‬قال‪ :‬وقرأ في الشواذ‪( :‬متْكاً) بضم‬
‫الميم وإسكان التاء‪ ،‬وهو اإلترج"‪.3‬‬
‫يالحظ هنا أنه ذكر قراءة شاذة لكلمة (متكا)‪ ،‬أي بضم الميم وإسكان التاء‪،‬‬
‫وهي قراءة المطوعي‪4‬رحمه هللا تعالى‪.5‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﮨ ﮩ ه ه ه ه ﮮ ﮯ ﮰ ]‪ 6‬قال‪ :‬قراءة العامة‪( :‬وجناتٍ)‪،‬‬
‫نصبا عطفا على (نبات)‪ ،‬وقرأ األعشى‪ 7‬عن عاصم (وجنات) بالرفع نسقا على‬
‫‪18‬‬
‫قوله‪( :‬قنوان) ‪.‬‬

‫‪ 1‬جوا‪ ،‬محمد بن محمود‪ ،‬المدخل إلى علم القراءات‪ ،‬ص‪.38‬‬


‫‪ 2‬يوسف‪ ،‬اآلية‪.31 :‬‬
‫‪ 3‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ .414‬ابن جني‪ ،‬عثمان‪ ،‬المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات‬
‫واإليضاح عنها‪ ،‬نشر وزارة األوقاف المصرية ‪1420‬ه – ‪ ،1999‬ج‪ 1‬ص‪.338‬‬
‫‪ 4‬المطوعي‪ :‬هو الحسن بن سعيد بن جعفر المطوعي‪ ،‬أبو العباس العباداني‪ ،‬المقرئ المعمر‪ ،‬نزيل‬
‫إصطخر‪ .‬ولد في حدود سنة ‪ 270‬وكان أحد من عني بهذا الفن وتبحر فيه‪ ،‬ولقي الكبار‪ ،‬وأكثر الرحلة في‬
‫األقطار‪ ،‬وصنف‪ ،‬وانتهى إليه علو اإلسناد في القراءات‪ ،‬توفي سنة ‪371‬هـ وقد جاوز المئة‪ .‬انظر‪ :‬معرفة‬
‫القراء الكبار (‪.)317/1‬‬
‫‪ 5‬الدمياطي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.331‬‬
‫‪ 6‬األنعام‪ ،‬اآلية‪.99 :‬‬
‫‪ 7‬األعشى‪ :‬هو عمرو بن خالد أبو حفص‪ ،‬ويقال‪ :‬أبو يوسف الكوفي‪ ،‬هو األعشى الكبير‪ ،‬روى القراءة عن‬
‫عاصم بن أبي النجود وغيره‪ ،‬توفي سنة ‪126‬ه‪ .‬غاية النهاية (‪.)530/1‬‬
‫‪ 8‬هذا التوجيه بعيد‪ ،‬ألن عطف (جنات) على (قنوان) يعني خروج العنب من النخل‪ ،‬وهذا غريب‪،‬‬
‫واألغرب منه اقتصار العليمي على إيراد هذا الوجه فقط دون غيره‪ .‬قال العكبري‪ " :‬ويقرأ بضم التاء على‬
‫أنه مبتدأ وخبره محذوف والتقدير من الكرم جنات‪ ،‬وال يجوز أن يكون معطوفا ً على (قنوان)‪ ،‬ألن العنب ال‬
‫يخرج من النخل" انتهى‪ .‬وقال ‪" :‬وعنه – أي المطوعي ‪ -‬وعن الحسن‪( :‬وجنات من أعناب) بالرفع على‬
‫االبتداء والخبر محذوف‪ ،‬أي ثم أو من الكرم أو لهم أواخر جناها" راجع‪ :‬العكبري‪ ،‬إمالء ما من به‬

‫‪68‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ]‪ 2‬قال‪ :‬قرأ العامة‪( :‬يهد) بالياء‪ ،‬وقرأ زيد‪ 3‬عن‬
‫يعقوب بالنون على التعظيم"‪.4‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ]‪ 5‬قال‪ :‬قراءة العامة‪ُ ( :‬مكثٍ) بضم الميم‪ ،‬وقرأ‬
‫أبان‪ 6‬عن عاصم بفتح الميم‪ ،‬وهما لغتان‪.7‬‬
‫تبين لنا من خالل األمثلة السابقة أن اإلمام العليمي يعرض القراءات الشاذة في‬
‫تفسيره ويبين أنها شاذة‪ ،‬وقد يذكرها بدون الحكم عليها بالشذوذ كما صنع مع‬
‫قراءة أبان‪.‬‬
‫كما تجلى لنا بوضوح العناية الفائقة من العليمي بالقراءات في تفسيره‪،‬‬
‫وعرضها بأنواعها المتواترة منها والمشهورة المستفيضة التي تلقتها األمة‬
‫بالقبول‪ ،‬والشاذة‪ ،‬واستعان بهذه القراءات في تفسير الكثير من اآليات‬
‫القرآنية‪ ،‬وإثراء معانيها‪.‬‬

‫الفصل الثاني‬

‫الرحمن من وجوه اإلعراب والقراءات‪ ،‬تحقيق إبراهيم عطه عوض‪ ،‬ط(الهور‪ :‬المكتبة العلمية)‪ ،‬ج‪1‬‬
‫ص‪ .255‬الدمياطي‪ :‬إتحاف فضالء البشر ج‪ 1‬ص‪.270‬‬
‫‪ 1‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .441‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .270‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة‬
‫القراءت‪ ،‬ص‪ .264‬ابن خالويه‪ ،‬الحجة في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.146‬‬
‫‪ 2‬األعراف‪ ،‬اآلية‪.100 :‬‬
‫‪ 3‬زيد‪ :‬هو زيد بن أحمد بن إسحاق بن زيد بن عبد هللا بن أبي إسحاق أبو علي الحضرمي‪ ،‬روى القراءة عرضا‬
‫عن عمه يعقوب بن إسحاق الحضرمي‪ ،‬وعلي بن أحمد الجالب وغيرهم‪.‬انظر‪ :‬غاية النهاية (‪.)268/1‬‬
‫‪ 4‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ .8‬أبو حيان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪.121‬‬
‫‪ 5‬اإلسراء‪ ،‬اآلية‪.106 :‬‬
‫‪ 6‬أبان‪ :‬أبان بن يزيد بن أحمد أبو يزيد البصري العطار النحوي ثقة صالح‪ ،‬قرأ على عاصم‪ ،‬وروى‬
‫الحروف عن قتادة بن دعامة‪ ،‬توفي سنة بضع وستين ومائة‪ .‬انظر‪ :‬غاية النهاية‪.)11/1( :‬‬
‫‪ 7‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .139‬أبو حيان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 7‬ص‪.124‬‬

‫‪69‬‬
‫عزوه القراءات إلى أصحابها‬

‫الغالب أن يذكر العليمي كل قارئ باسمه أو بكنيته أو بلقبه المشتهر به‪ ،‬فيقول‬
‫مثال‪ :‬قرأ نافع وابن كثير والكسائي الكلمة الفالنية بكذا وكذا‪ ،‬وقرأ رويس عن‬
‫يعقوب‪ ،‬وهشام كذا بكذا‪ ,‬وقرأ حمزة والكسائي وخلف بالجمع‪ ،‬وهكذا ‪ .‬وهذا هو‬
‫الغالب األعم أو هو السائد في تعامله مع ذكر القراء حتى وإن توفرت في القراءة‬
‫ما يمكن أن نطلق على من قرأ بها "األلقاب الجماعية" التي اعتاد األئمة على‬
‫استخدامها ميال إلى االختصار‪.‬‬
‫ففي حالة وجود اتفاق بين نافع وابن كثير على النطق بقراة بعينها مثال‪ ،‬يمكنه‬
‫إطالق لقب (الحرميان) عليهما من دون الحاجة إلى سرد اسميهما كل على حدة‪،‬‬
‫كذلك الحال في لقب (الكوفيون) لإلشارة إلى عاصم وحمزة والكسائي وخلف‪،‬‬
‫وقد سلك هذا المسلك نادرا‪ ،‬واكتفى بذكر أسمائهم صراحة في أغلب األماكن من‬
‫التفسير‪.‬‬

‫‪70‬‬
‫ومن المستحسن أن نسوق بعض األماكن التي ذكر فيها األلقاب الجماعية‪،‬‬
‫وغالبا ما تمثل بلدانهم أو تجمهرهم وتكتلهم‪.‬‬
‫ونحتاج إلى تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬عزوه القراءة إلى أصحاب بلد‬
‫المبحث الثاني‪ :‬عزو القراءة إلى العامة‬

‫المبحث األول‪ :‬عزوه القراءة إلى أصحاب بلد‪:‬‬


‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ] ‪ 1‬قال‪ :‬قرأ أهل الكوفة‪َ ( :‬يكذبون) بفتح‬
‫الياء والتخفيف‪ ،‬أي بكذبهم إذ قالوا‪ :‬ءامنا‪ ،‬وهم غير مؤمنين‪ ،‬والكذب‪ :‬إخبار بما‬
‫لم يقع‪ .‬وقرأ الباقون بضم الياء والتشديد على المعنى األول‪.2‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[( :‬ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ]‪ 3‬قال‪ :‬قرأ الكوفيون وابن عامر‪،‬‬
‫وروح‪( :‬السفهاء أال) بتحقيق الهمزتين‪ ،‬والباقون‪ :‬بتحقيق األولى وتسهيل الثانية‪،‬‬
‫وهي أن تبدل واوا محضة‪ ،‬وما ذكر من تسهيل إحدى الهمزتين إنما هو في حالة‬

‫‪ 1‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.10 :‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .60‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .207‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪،‬‬
‫ص‪ .170‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .60‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .143‬ابن‬
‫زنجلة‪ ،‬حجة القراءت‪ ،‬ص‪ .88‬ابن خالويه‪ ،‬الحجة في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.68‬‬
‫‪ 3‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.13 :‬‬

‫‪71‬‬
‫الوصل‪ ،‬فإذا وقفت على الكلمة األولى أو بدأت بالثانية‪ ،‬حققت الهمز في ذلك‬
‫لجميع القراء‪.1‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﮑ ﮒ ﮓ ]‪ 2‬قال‪ :‬قرأ الكسائي‪ ،‬وهشام‪ ،‬ورويس‪( :‬قيل‪،‬‬
‫وغيض‪ ،‬وجيء‪ ،‬وحيل‪ ،‬وسيق‪ ،‬وسيئت‪ )،‬بإشمام الضم كسر أوائلهن‪ ،‬وافقهم ابن‬
‫ذكوان في (حيل‪ ،‬وسيء‪ ،‬وسيئت)‪ ،‬ووافقهم المدنيان في‪( :‬سيء‪ ،‬وسيئت) فقط‪،‬‬
‫وقرأ الباقون بإخالص الكسر‪.3‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[( :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ]‪ 4‬قال‪ :‬قرأ المدنيان‪ ،‬وابن كثير‪ ،‬وأبو‬
‫(إني) بفتح الياء‪ ،‬والباقون بإسكانها‪.5‬‬
‫َ‬ ‫عمرو‬
‫وعند قوله تعالى‪[( :‬ﮊ ﮋ ﮌ ]‪ 6‬قال‪ :‬قرأ أبو عمرو‪ ،‬ويعقوب (ويقو َل) بالواو‬
‫يأتي)‪ ،‬أي وعسى أن يقول الذين ءامنوا‪ ،‬وقرأ‬ ‫َ‬ ‫ونصب الالم عطفا على‪( :‬أن‬
‫عاصم وحمزة والكسائي‪ ،‬وخلف‪( :‬ويقولُ) بالواو ورفع الالم على االستئناف‪،‬‬
‫وقرأ الباقون‪ ،‬وهم ابن كثير‪ ،‬ونافع‪ ،‬وأبو جعفر‪ ،‬وابن عامر‪ ،‬بغير واو‪ ،‬ورفع‬
‫الالم‪ ،‬وكذلك هو في مصحف أهل العالية‪.7‬‬
‫واضح من األمثلة السابقة عزو القراءات إلى القراء بلقب جماعي مثل‬
‫(الكوفيون) أو (أهل الكوفة) وهم عاصم وحمزة والكسائي وخلف العاشر‪،‬‬
‫و(المدنيان)‪ ،‬وهم نافع وابن كثير‪ ،‬و (أهل العالية)‪ 8‬وهم أهل مكة والمدينة‪ ،9‬وهم‬
‫كما ذكرهم‪ :‬نافع وابن كثير وأبو جعفر‪.‬‬
‫‪ 1‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪ .62‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .386‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء‬
‫البشر‪ ،‬ص‪.171‬‬
‫‪ 2‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.11 :‬‬
‫‪ 3‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .61‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .170‬ابن مجاهد‪ ،‬الشبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .143‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ .89 ،‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.34‬‬
‫‪ 4‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.30 :‬‬
‫‪ 5‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .80‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءت‪ ،‬ص‪ .89‬ابن خالويه‪ ،‬الحجة في القراءات‬
‫السبع‪ ،‬ص‪ .69‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫‪ 6‬المائدة‪ ،‬اآلية‪.53 :‬‬
‫‪ 7‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .310‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .254‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .245‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءت‪ ،‬ص‪ .229‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .288‬ابن خالويه‪،‬‬
‫الحجة في القراءات‪ ،‬ص‪.131‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫‪ 8‬جاء في لسان العرب‪ " :‬والعالية ما فوق أرض نَجْ ٍد إلى أرض تها َمة وإلى ما وراء مكة وهي الحجاز وما‬
‫َواالها‪ ...‬ويقال عالى الرج ُل وأَعْلى إذا أَتى عالية الحجاز ونَجْ دٍ"‪ .‬لسان العرب‪.)83/15( :‬‬
‫‪ 9‬قال أبو حيان‪ ":‬وكذا هي في مصاحف أهل مكة والمدينة"‪ ،‬انظر‪ :‬البحر المحيط (‪.)288/4‬‬

‫‪72‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬عزو القراءة إلى العامة‬
‫ينسب العليمي القراءة أحيانا إلى العامة ويعني بذلك الجمهور‪ ،‬فيقول مثال‪:‬‬
‫ومذهب العامة كذا‪ ..‬وقرأ العامة بكذا‪ ....‬وقرأ العامة كذا‪....‬وقراءة العامة كذا‪.‬‬
‫فعند قوله تعالى‪[ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ]‪ 1‬قال‪ :‬قرأ العامة‪ :‬بفتح النون والسين من النسخ‪،‬‬
‫أي‪ :‬نرفعها‪ .‬وقرأ ابن عامر‪( :‬نُنس ْخ) بضم النون األولى‪ ،‬وكسر السين‪ ،‬من‬
‫اإلنساخ‪ ،‬أي نجعله من المنسوخ‪.2‬‬
‫ُ‬
‫و(نكون)‬ ‫نكذب)‬
‫ُ‬ ‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ]‪ 3‬قال‪ :‬قرأ العامة‪( :‬وال‬
‫ُ‬
‫ونكون من المؤمنين‪ ،‬وأبو عمرو‬ ‫بالرفع غلى معنى‪ :‬يا ليتنا نرد وال نكذب بئاياتنا‬
‫على أصله في إدغام الباء في الباء‪ ،‬وقرأ حمزة‪ ،‬وحفص عن عاصم‪ ،‬ويعقوب‪:‬‬
‫(أن) على جواب التمني‪ ،‬أي‪:‬‬ ‫نكذب ونكونَ ) بنصب الباء والنون بإضمار ْ‬ ‫َ‬ ‫(وال‬
‫نكذب ونكونَ ‪ ،‬والعرب تنصب جواب التمني بالواو كما‬ ‫َ‬ ‫ليت ردَّنا وقع‪ ،‬وأال‬
‫(نكذب) بالرفع إخبار‪ ،‬و(نكونَ ) بالنصب تمنيا‪،‬‬
‫ُ‬ ‫تنصب بالفاء‪ ،‬وقرأ ابن عامر‪:‬‬

‫‪ 1‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.106 :‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .172‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .293‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .109‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .62‬ابن خالويه‪ ،‬الحجة في القراءات السبع‪،‬‬
‫ص‪.82‬‬
‫‪ 3‬األنعام‪ ،‬اآلية‪.27 :‬‬

‫‪73‬‬
‫ألنهم تمنوا أن يكونوا من المؤمنين‪ ،‬وأخبروا عن أنفسهم أنهم ال يكذبون بآيات‬
‫ربهم إن ردوا إلى الدنيا‪.1‬‬
‫تبين من خالل النماذج السابقة كيف أن العليمي يختصر الجمهور بكلمة‬
‫(العامة) عند نسبته القراءة إلى أصحابها‪ ،‬ثم يذكر من قرأ بخالف قراءة الجمهور‬
‫باسمه أو بلقبه أو بما اشتهر به‪.‬‬

‫الباب الثالث‬
‫منهج العليمي في توجيه القراءات‬

‫ويشتمل على فصلين‪:‬‬


‫الفصل األول‪ :‬المدخل إلى علم توجيه القراءات‪.‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬صور توجيه القراءات عند العليمي‪.‬‬

‫‪ 1‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .386-385‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .261‬ابن مجاهد‪،‬‬
‫السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .255‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير‪ ،‬ص‪ .354‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءت‪،‬‬
‫ص‪ .245‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .290‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.76‬‬

‫‪74‬‬
‫الفصل األول‬
‫المدخل إلى علم توجيه القراءات‬

‫ويتضمن مبحثين‪:‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى التوجيه لغة واصطالحا‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الكتب المصنفة في ذلك‬

‫المبحث األول‪ :‬معنى التوجيه لغة واصطالحا‬

‫‪75‬‬
‫التوجيه لغة‪ :‬مصدر وجه يوجه توجيها‪ ،‬وو َّجه الشيء‪ :‬جعله على جهة‬
‫واحدة‪ .1‬ومنه قوله تعالى‪[ :‬ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ]‪.2‬‬
‫ووجه كل شيء‪ :‬مستقبله‪ ،‬وفي التنزيل‪[ :‬ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ]‪ ،3‬ووجه البيت‪:‬‬
‫الخد الذي يكون فيه بابه‪ ،‬والجمع أوجه ووجوه‪.4‬‬
‫ووجوه القرآن‪ :‬معانيهالمعجم الوسيط لمجموعة ‪ ،‬قال أبو الدرداء‪" :‬ال تفقه حتى ترى‬
‫للقرآن وجوها"‪ 5‬أي ترى له معاني يحتملها فتهاب عليه"‪.6‬‬
‫ووجوه البلد‪ :‬أشرافه‪ ،‬ويقال‪ :‬هذا وجه الرأي‪ ،‬أي هو الرأي نفسه‪.‬‬
‫ووجوه القوم‪ :‬سادتهم‪.7‬‬
‫وقال الراغب األصفهاني‪ ":8‬وفالن وجه القوم‪ ،‬كقولهم‪ :‬عينهم ورأسهم ونحو‬
‫ذلك"‪.9‬‬
‫معنى التوجيه اصطالحا‪:‬‬
‫عرفه الدكتور عبدالغفور مصطفى بقوله‪":‬علم يبحث عن القراءات من جوانبها‬
‫الصوتية ‪ ،‬والصرفية‪ ،‬والنحوية‪ ،‬والبالغية‪ ،‬والداللية"‪.1‬‬

‫‪ 1‬المعجم الوسيط لمجموعة مؤلفين‪ ،‬تحقيق مجمع اللغة العربية‪ ،‬ط(القاهرة‪ :‬دار الدعوة)‪ ،‬باب الواو‪ ،‬ص‬
‫‪..1015‬‬
‫‪ 2‬النحل‪ ،‬اآلية‪.76 :‬‬
‫‪ 3‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.115 :‬‬
‫‪ 4‬األفريفي‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ط‪(1‬بيروت‪:‬دار صادر)‪ ،‬مادة "وجه"‪ ،‬ج‪ 13‬ص‪.555‬‬
‫‪ 5‬أخرجه أبو نعيم في الحلية بسنده عن أبي قالبة عن أبي الدرداء قال‪ " :‬إنَّكَ ال ت َ ْفقَهُ ُك َّل ْالف ْقه َحتَّى ت ََرى‬
‫ل ْلقُ ْرآن ُو ُجو ًها‪ "..‬انظر ‪ :‬األصبهاني‪ ،‬أبو نعيم‪ ،‬حلية األولياء وطبقة األصفياء‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار الكتب‬
‫العليمية ‪1409‬ه – ‪1998‬م)‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪،211‬‬
‫‪ 6‬األفريقي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 13‬ص ‪.556‬‬
‫‪ 7‬األفريقي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 13‬ص ‪.556‬‬
‫‪ 8‬الراعب األصفهاني‪ :‬هو الحسين بن محمد بن المفضل المعروف بالراغب ‪ ،‬أديب‪ ،‬من الحكماء العلماء‪،‬‬
‫من أهل (أصبهان) سكن بغداد‪ ،‬واشتهر‪ ،‬حتى كان يقرن باإلمام الغزالي‪ .‬من كتبه‪( :‬الذريعة إلى مكارم‬
‫الشريعة)‪( ،‬المفردات في غريب القرآن)‪( ،‬محاضرات األدباء)‪ ،‬وغيرها‪ .‬مات سنة ‪502‬ه‪ .‬انظر‪ :‬األعالم‬
‫(‪)255/2‬‬
‫‪ 9‬األصفهاني‪ ،‬الراغب‪ ،‬المفردات في غريب القرآن‪ ،‬تحقيق صفوان عدنان داوودي ط(دمشق‪ -‬بيرون‪ :‬دار‬
‫العلم – الدار الشامية ‪1412‬ه)‪ ،‬كتاب الواو‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.856‬‬

‫‪76‬‬
‫وعرفه الدكتور عبدالعزيز الحربي بقوله‪":‬هو علم يبحث فيه عن معاني القراءات‬
‫والكشف عن وجوهها في العربية‪ ،‬أو الذهاب بالقراءة إلى الجهة التي يتبين فيها‬
‫وجهها ومعناها"‪.2‬‬
‫وقال طاشكبري زاده‪":3‬هو علم يبحث عن لميّة القراءات"‪.4‬‬
‫ولهذا العلم مصطلحات كثيرة يعبرون بها عنه‪ ،‬منها‪( :‬العلل )‪ ،‬و(الحجة)‪ ،‬و‬
‫(االحتجاج )‪ ،‬و(معاني القراءات)‪ ،‬و(إعراب القراءات )‪ ،‬و(التخريج)‪ ،‬و(فقه‬
‫القراءات)‪ ،‬و(االنتصار)‪ ،‬و(اإلقناع)‪ ،‬وغيرها‪ ،‬وإن كان الغالب األعم عندهم‬
‫استعمال ثالث مصطلحات هي‪(:‬التوجيه – العلل – الحجة)‪.5‬‬
‫"والتعريف االصطالحي ال يؤثر فيه هذا االختالف في األسماء‪ ،‬ألن الفحوى‬
‫واحدة‪ ،‬والمقصود ال يختلف‪ ،‬إذ هي أسماء لمسمى واحد وعلم واحد"‪.6‬‬

‫‪ 1‬الموسوعة القرآنية المتخصصة‪ ،‬ضمن إصدار وزارة األوقاف المصرية‪ ،‬تقديم د‪ .‬محمد مختار جمعة‪،‬‬
‫ط‪( 3‬القاهرة ‪1435‬ه – ‪2014‬م)‪ ،‬ص ‪.336‬‬
‫‪ 2‬الحربي‪ ،‬عبدالعزيز‪ ،‬توجيه مشكل القراءات العشرية الفرشية لغة وتفسيرا وإعرابا‪ ،‬بحث مقدم لنيل‬
‫درجة الماجستير‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬كلية الدعوة وأصول الدين‪ ،‬قسم الكتاب والسنة‪ ،‬سنة ‪1417‬ه‪ ،‬ص‪.65‬‬
‫‪ 3‬طاشكبري زاده ‪ :‬هو أحمد بن مصطفى بن خليل‪ ،‬أبو الخير‪ ،‬عصام الدين طاشكبري زاده‪ ،‬مؤرخ‪ ،‬تركي‬
‫األصل‪ ،‬مستعرب‪ .‬ولد في بروسة‪ ،‬ونشأ في أنقرة‪ ،‬وتأدب وتفقه‪ ،‬وكف بصره‪ .‬له كتاب (الشقائق النعمانية‬
‫في علماء الدولة العثمانية) و (مفتاح السعادة ) وغيرهما‪ .‬توفي سنة ‪919‬ه‪ .‬انظر‪ :‬األعالم‪ .)168/7( :‬هدية‬
‫العارفين‪.)271/2( :‬‬
‫‪ 4‬طاش كبري زاده‪ ،‬مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار الكتب‬
‫العلمية ‪1405‬هـ ‪1985 -‬م) ج ‪ 2‬ص ‪.335‬‬
‫‪ 5‬مهارش‪ ،‬زيد بن علي‪ ،‬منهج اإلمام الطبري في القراءات وضوابط اختيارها في تفسيره‪ ،‬رسالة‬
‫الماجستير‪ ،‬جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية‪ ،‬قسم القرآن وعلومه‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪.144‬‬
‫‪ 6‬األسطل‪ ،‬عبدالباسط محمد ‪ ،‬منهج القرطبي في القراءات‪ ،‬رسالة الماجستير‪ ،‬الجامعة اإلسالمية بغ َّزة‪،‬‬
‫كلية أصول الدين‪ ،‬قسم التفسير وعلوم القرآن‪ ،‬سنة (‪ ،)2008 – 1429‬ص ‪.89‬‬

‫‪77‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬الكتب المصنفة في ذلك‬
‫من هذه الكتب – مرتبة حسب تسلسل الوفيات ‪:-‬‬
‫(كتاب في وجوه القراءات) ألبي عبدهللا األعور النحوي‪ ،1‬ت‪ 170‬ه‪.‬‬ ‫‪-1‬‬
‫(معاني القرآن ) للفراء‪ 2‬ت‪207‬هـ‪ .‬مطبوع‪.‬‬ ‫‪-2‬‬
‫(معاني القرآن ) لألخفش األوسط ‪ 3‬ت‪210‬ه‪ .‬مطبوع‪.‬‬ ‫‪-3‬‬
‫(معاني القرآن ) للزجاج ‪ ،4‬ت‪211‬ه‪ .‬مطبوع‪.‬‬ ‫‪-4‬‬
‫(احتجاج القراءة) ألبي العباس محمد بن يزيد المبرد ‪ ،1‬ت‪285‬هـ‪.‬‬ ‫‪-5‬‬

‫‪ 1‬أبو عبدهللا األعور‪ :‬هو هارون بن موسى أبو عبدهللا األعور العتكي البصري األزدي‪ ،‬عالمة صدوق‬
‫نبيل له قراءة معروفة‪ ،‬روى عن ابن أبي النجود وابن كثير وغيرهم‪ ..‬انظر‪ :‬بغية الوعاة (‪ .)321/2‬غاية‬
‫النهاية (‪.)303/2‬‬
‫‪ 2‬الفراء‪ :‬هو يحيى بن زياد بن عبدهللا بن مروان الديلمي‪ ،‬إمام العربية‪ ،‬أبو زكريا المعروف بالفراء‪ ،‬كان‬
‫أعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائي‪ .،‬من تصانيفه (معاني القرآن) (البهاء فيما تلحن فيه العامة) (المصادر في‬
‫القرآن) وغيرها‪ .‬مات سنة ‪210‬ه‪ .‬انظر‪ :‬بغية الوعاة (‪.)333/2‬‬
‫‪ 3‬األخفش األوسط‪ :‬هو سعيد بن مسعدة‪ ،‬أبو الحسن األخفش األوسط‪ ،‬وهو أحد األخافش الثالثة‬
‫المشهورين‪ ،‬كان مولى بني مجاشع بن دارم من أهل بلخ‪ .‬سكن البصرة‪ ،‬وكان أجلع ال تنطبق شفتاه على‬
‫لسانه‪ .‬قرأ النحو على سيبويه‪ ،‬وكان أسن منه‪ ،‬ولم يأخذ عن الخليل‪ .‬انظر‪ :‬بغية الوعاة (‪.)590/1‬‬
‫‪ 4‬الزجاج‪ :‬هو إبراهيم بن سري بن سهل‪ ،‬أبو إسحاق الزجاج‪ ،‬عالم باللغة واألدب‪ ،‬ولد ومات ببغداد‪ ،‬كان‬
‫في فتوته يخرط الزجاج ومال إلى النحو فعلمه المبرد‪ .‬من تصانيفه (األمالي)‪ ،‬و(االشتقاق)‪ ،‬و( معاني‬
‫القرآن) وغيرها‪ ،‬توفي سنة ‪211‬ه‪ .‬انظر‪ :‬األعالم (‪ .)40/1‬انظر‪ :‬بغية الوعاة (‪.)431/1‬‬

‫‪78‬‬
‫(احتجاج القراءة) ألبي بكر محمد بن السري المعروف بابن السراج‪ ،2‬ت‪316‬ه‪.‬‬ ‫‪-6‬‬
‫(االحتجاج للقراء) ألبي محمد بن درستويه‪ 3،‬ت‪347‬هـ‪.‬‬ ‫‪-7‬‬
‫( المعاني في القراءات ) له أيضا‪.‬‬ ‫‪-8‬‬
‫(االنتصار لحمزة ) ألبي طاهر عبدالواحد البزار ‪ ،‬ت‪ 349‬ه‪.‬‬
‫‪4‬‬
‫‪-9‬‬
‫(السبعة بعللها الكبير) لمحمد بن الحسن األنصاري ‪ ،5‬ت‪351‬ه‪.‬‬ ‫‪-10‬‬
‫‪6‬‬
‫(االحتجاج للقراءات السبعة بعللها الكبير ) ألبي بكر محمد بن الحسن بن المقسم‬ ‫‪-11‬‬
‫ت ‪ 362‬ه‪.‬‬
‫(االنتصار لقراء األمصار) له أيضا‪.‬‬ ‫‪-12‬‬
‫( علل القراءات ) ألبي منصور األزهري ‪ ،‬ت‪370‬ه‪ .‬مطبوع‪.‬‬
‫‪7‬‬
‫‪-13‬‬
‫(الحجة في القراءات) لإلمام الحسين بن أحمد بن خالويه‪ 8‬ت‪370‬ه‪ .‬مطبوع‪.‬‬ ‫‪-14‬‬

‫‪ 1‬المبرد‪ :‬هو محمد بن يزيد بن عبداألكبر األزدي البصري‪ ،‬أبو العباس المبرد‪ ،‬إمام العربية ببغداد في‬
‫زمانه‪،‬‬
‫قال السيوطي‪ :‬كان بليغا فصيحا مفوها ثقة أخباريا عالمة‪ ،‬صاحب نوادر وظرافة‪ ،" ..‬مات سنة ‪285‬ه‬
‫ببغداد‪ .‬انظر‪ :‬بغية الوعاة (‪.)269/1‬‬
‫‪ 2‬ابن السراج‪ :‬هو محمد بن السري البغدادي النحوي‪ ،‬أبو بكر بن السراج‪ ،‬قال المرزباني‪ :‬كان أحدث‬
‫أصحاب المبرد سنا‪ ،‬مع ذكاء وفطنة‪ ،‬وكان المبرد يقربه‪ ،‬ومات شابا ً في ذي الحجة ست عشرة وثالثمائة‪.‬‬
‫من كتبه‪( :‬األصول الكبير)‪( ،‬جمل األصول)‪( ،‬الموجز)‪( ،‬شرح سيبويه)‪ ( .‬احتجاج القراء)‪ ،‬انظر‪ :‬بغية‬
‫الوعاة‪.)109/1( ،‬‬
‫طه ُ‬
‫ابن ماكوال ‪ -‬بالفتح‪ ،‬ابن‬ ‫ضبَ َ‬
‫‪ 3‬ابن درستويه‪ :‬هو عبد هللا بن جعفر بن درستويه ‪ -‬بضم الدال والراء و َ‬
‫الرزبان النحوي‪ ،‬أبو محمد‪ .‬من تصانيفه‪( :‬اإلرشاد في النحو)‪( ،‬شرح الفصيح )‪( ،‬الرد على المفصل في‬
‫الرد على الخليل)‪ .‬مات سنة ‪348‬هـ‪ .‬انظر‪ :‬بغية الوعاة (‪.)37/2‬‬
‫‪ 4‬أبو طاهر البزار‪ :‬هو عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم البغدادي‪ ،‬البزار (أبو طاهر) نحوي‪،‬‬
‫مقرئ‪.‬‬
‫من تصانيفه‪( :‬شواذ السبعة)‪( ،‬الياءات)‪( ،‬الخالف بين أبي عمرو والكسائي)‪( ،‬رسالة في الجهر ببسم هللا‬
‫الرحمن الرحيم)‪ .‬توفي سنة ‪349‬ه‪ .‬انظر‪ :‬معجم المؤلفين (‪.)211/6‬‬
‫‪ 5‬محمد بن الحسن األنصاري‪ :‬هو النقاش‪ ،‬أبو بكر محمد بن الحسن األنصاري‪ ،‬من أهل الموصل وبها‬
‫مولده‪ ،‬وله من الكتب‪( :‬كتاب اإلشارة في غريب القرآن)‪( ،‬كتاب الموضح في القرآن ومعانيه)‪( ،‬كتاب‬
‫اإلشارة في غريب القرآن )‪( ،‬كتاب السبعة بعللها الكبير)‪( ،‬كتاب السبعة األوسط)‪ ( ،‬كتاب السبعة‬
‫األصغر)‪ .‬انظر‪ :‬الفهرست (‪.)50/1‬‬
‫‪ 6‬أبوبكر بن مقسم‪ :‬هو محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن بن مقسم اإلمام أبو بكر البغدادي المقرئ‬
‫النحوي العطار‪ ،‬انظر‪ :‬معرفة القراء الكبار (‪ .)306/1‬تاريخ بغداد (‪.)206-208/2‬‬
‫‪ 7‬أبو منصور األزهري‪ :‬هو محمد بن أحمد بن األزهر بن طلحة بن نوح األزهري اللغوي األديب الهروي‬
‫الشافعي‪ ،‬أبو منصور‪ ،‬كان رأسا في العربية‪ ،‬وعالما بالحديث‪ ،‬عالي اإلسناد‪ ،‬ثخين الورع‪ ،‬من تصانيفه‬
‫)التهذيب في اللغة) (شرح شعر أبي تمام) وغيرهما‪ .‬مات سنة ‪370‬ه‪ .‬انظر‪ :‬بغية الوعاة (‪.)19/1‬‬
‫‪ 8‬ابن خالويه‪ :‬هو الحسين بن أحمد بن خالويه بن حمدان‪ ،‬أبو عبدهللا الحمداني النحوي‪ ،‬إمام اللغة والعربية‬
‫وغيرهما من العلوم األدبية ‪ .‬له من التصانيف ( االشتقاق)‪( ،‬الجمل في النحو)‪( ،‬المذكر والمؤنث)‪،‬‬
‫وغيرها‪ .‬انظر‪ :‬بغية الوعاة‪.)529/1( ،‬‬

‫‪79‬‬
‫(إعراب القراءات السبع وعللها ) له أيضا‪.‬‬ ‫‪-15‬‬
‫( الحجة للقراء السبعة ) لإلمام أبي علي الفارسي ‪ ،1‬ت‪377‬ه‪ .‬مطبوع‪.‬‬ ‫‪-16‬‬
‫(المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات وإيضاح عنها) البن جني‪ ،2‬ت‪392‬ه‪.‬‬ ‫‪-17‬‬
‫مطبوع‪.‬‬
‫(حجة القراءات ) ألبي زرعة ابن زنجلة ‪ ،‬ت‪403‬ه‪ .‬مطبوع‪.‬‬
‫‪3‬‬
‫‪-18‬‬
‫( الموضح في تعليل وجوه القراءات) ألبي العباس المهدوي‪ 4‬ت‪430‬ه‪.‬‬ ‫‪-19‬‬
‫( الكشف عن وجوه القراءات وعللها وحججها ) لإلمام مكي بن أبي طالب‬ ‫‪-20‬‬
‫القيسي‪ ،‬ت‪437‬ه‪ .‬مطبوع‪.‬‬
‫(الموضح لمذاهب القراء واختالفهم في الفتح واإلمالة) ألبي عمرو الداني ‪،‬‬
‫‪5‬‬
‫‪-21‬‬
‫ت‪444‬ه‪ .‬مطبوع‪.‬‬
‫(إعراب القراءات الشواذ ) ألبي البقاء العكبري ‪ ،‬ت‪.616‬‬
‫‪6‬‬
‫‪-22‬‬
‫(إمالء ما من به الرحمن من وجوه اإلعراب والقراءات في جميع القرآن) له‬ ‫‪-23‬‬
‫أيضا‪ .‬مطبوع‪.‬‬
‫(القراءات الشاذة وتوجيهها من لغة العرب ) للشيخ عبدالفتاح القاضي‪،‬‬ ‫‪-24‬‬
‫ت‪1404‬ه‪ .‬مطبوع‪.‬‬

‫‪ 1‬أبو علي الفارسي‪ :‬هو إمام العربية‪ ،‬الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان اإلمام‪ ،‬أبو علي‬
‫الفارسي‪ ،‬واحد زمانه في علم العربية‪ .‬أخذ عن الزجاج وابن السراج‪ ،‬وبرع من طلبته جماعة كابن جني‬
‫وعلي بن عيسى الربعي‪ ،‬مات سنة ‪377‬هــ‪ .‬انظر‪ :‬بغية الوعاة (‪.)8/1‬‬
‫‪ 2‬ابن جني‪ :‬هو عثمان بن جني الموصلي‪ ،‬أبو الفتح‪ ،‬من أئمة األدب والنحو‪ ،‬وله شعر‪ .‬ولد بالموصل‬
‫وتوفي ببغداد‪ ،‬عن نحو ‪ 65‬عاما‪ .‬من تصانيفه‪( :‬شرح ديوان المتنبي ) و (المحتسب في شواذ القراءات)‪،‬‬
‫و (سر الصناعة)‪ ،‬و(الخصائص)‪ .‬انظر‪ :‬األعالم (‪.)204/4‬‬
‫‪ 3‬ابن زنجلة‪ :‬هو عبد الرحمن بن محمد‪ ،‬أبو زرعة ابن زنجلة‪ ،‬عالم بالقراءات‪ ،‬كان قاضيا مالكيا‪ .‬قرأ‬
‫على أحمد بن فارس كتابه (الصاحبي) سنة ‪ 382‬في المحمدية (بالري)‪ ،‬وصنف كتبا منها (حجة القراآت)‪،‬‬
‫و (شرف القراء في الوقف واالبتداء) وغيرها‪ .‬انظر‪ :‬األعالم (‪.)325/3‬‬
‫‪ 4‬المهدوي‪ :‬هو أحمد بن عمار أبو العباس المهدوي نسبة إلى المهدية بالمغرب أستاذ مشهور‪ ،‬صاحب‬
‫التصانيف‪ .‬قال الذهبي‪ :‬وكان رأسا في القراءات والعربية‪ ،‬صنف كتبا مفيدة ‪ ،‬توفي بعد الثالثين وأربع مئة‪.‬‬
‫انظر‪ :‬معرفة القراء الكبار (‪ ، )399/1‬غاية النهاية (‪.)86/1‬‬
‫‪ 5‬أبو عمرو الداني‪ :‬هو عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر‪ ،‬أبو عمرو الداني األموي موالهم‬
‫القرطبي المعروف في زمانه بابن الصيرفي‪ ،‬اإلمام العالمة الحافظ أستاذ االستاذين وشيخ مشايخ المقرئين‪،‬‬
‫ولد سنة ‪371‬ه‪ ،‬له‪( :‬جامع البيان) فيما رواه في القراءات السبع‪ ،‬و(التيسير) المشهور ومنظومته‪ ،‬توفي سنة‬
‫‪444‬ه ‪ .‬انظر‪ :‬غاية النهاية (‪ .)447/1‬األعالم (‪.)206/3‬‬
‫‪ 6‬العك بري‪ :‬هو عبد هللا بن الحسين بن عبد هللا بن الحسين اإلمام محب الدين‪ ،‬أبو البقاء العكبري البغدادي‬
‫الضرير النحوي الحنبلي صاحب اإلعراب‪...‬له تصانيف كثيرة‪ ،‬مات سنة ‪616‬هــ‪ .‬انظر‪ :‬بغية الوعاة‬
‫(‪.)39-38/2‬‬

‫‪80‬‬
‫( المهذب في القراءات العشر وتوجيهها من طريق طيبة النشر ) لمحمد سالم‬ ‫‪-25‬‬
‫محيسن ‪ .‬مطبوع‪.‬‬
‫(المستنير في تخريج القراءات المتواترة من حيث اللغة – اإلعراب ‪ -‬التفسير)‬ ‫‪-26‬‬
‫له أيضا‪ .‬مطبوع‪.‬‬
‫(توجيه مشكل القراءات العشرية الفرشية لغة وتفسيرا وإعرابا ) د‪ .‬عبدالعزيز‬ ‫‪-27‬‬
‫الحربي‪ .‬مطبوع‪.‬‬
‫(طالئع البشر في توجيه القراءات العشر ) لمحمد صادق قمحاوي‪ .‬مطبوع‪.‬‬ ‫‪-28‬‬

‫الفصل الثاني‬
‫صور توجيه القراءات عند العليمي‬

‫وتحته تسعة مباحث‪:‬‬


‫المبحث األول‪ :‬توجيه القراءات بالمأثور‬
‫المبحث الثاني‪ :‬توجيه القراءات من حيث اللغة‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬التوجيه بأقوال المفسرين وعلماء اللغة‬
‫المبحث الرابع‪ :‬التوجيه باللهجات العربية وكالم العرب‪.‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬التوجيه بالرسم العثماني وأحكام التالوة والتجويد‬
‫المبحث السادس‪ :‬التوجيه بالقراءات الشاذة‬
‫المبحث السابع‪ :‬توجيه القراءات وأثره في األحكام الفقهية‬
‫المبحث الثامن‪ :‬توجيه القراءات لبيان مسائل العقيدة‬
‫المبحث التاسع‪ :‬إيراده للقراءات بدون توجيه‬

‫‪81‬‬
‫المبحث األول‪ :‬توجيه القراءة بالمأثور‬
‫المستقرئ لتفسير العليمي يرصد أنه يذكر القراءات القرآنية ويحتج لها بالقرآن‬
‫الكريم‪ ،‬وقد يحتج بالسنة‪ ،‬أو بأقوال الصحابة والتابعين‪ ،‬وكل ذلك يندرج تحت‬
‫االحتجاج أو توجيه القراءات بالمأثور‪ .‬ولنأخذ كل قسم على حدة‪:‬‬
‫أوال‪ :‬توجيه القراءة بالقرآن الكريم‪:‬‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ]‪ ،1‬قال‪ :‬قرأ حمزة‪ ،‬والكسائي‪ ،‬وأبو بكر عن‬
‫ص) بفتح الواو وتشديد الصاد‪ ،‬لقوله تعالى‪[ :‬ﭾ ﭿ‬
‫عاصم‪ ،‬ويعقوب‪ ،‬وخلف‪ُ ( :‬م َو ٍ ّ‬
‫ﮀ ﮁ ]‪[ ،2‬ﭑ ﭒ ]‪ .3‬وقرأ الباقون بسكون الواو وتخفيف الصاد‪ ،‬لقوله تعالى‪[ :‬ﮓ ﮔ‬
‫ﮕ ﮖ ﮗ ]‪.4‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ه ه ه ﮮ ]‪ 5‬قال‪ :‬قرأ حمزة‬
‫سوهن) باأللف في الموضعين على المفاعلة‪ ،‬ألن بدن كل‬
‫والكسائي وخلف‪( :‬تما ُّ‬
‫واحد يالقي بدن صاحبه‪ ،‬كما قال تعالى‪[ :‬ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ]‪ .6‬وقرأ‬
‫الباقون‪(:‬تمسوهن) ألن الغشيان يكون من فعل الرجل‪ ،‬لقوله تعالى حكاية عن‬
‫مريم‪[ :‬ﭨ ﭩ ﮤ ]‪.7‬‬
‫واضح من صنيع العليمي هنا أنه احتج للقراءة األولى (تماسونهن) بالقرآن‬
‫الكريم للتأكيد على المعنى الذي أورده وهو كونه من باب المفاعلة‪ ،‬كما وجه‬
‫‪ 1‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.182 :‬‬
‫‪ 2‬الشورى‪ ،‬اآلية‪.13 :‬‬
‫‪ 3‬األحقاف‪ ،‬اآلية‪.15 :‬‬
‫‪ 4‬النساء‪ ،‬اآلية‪ .11 :‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .251‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .199‬ابن‬
‫مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .176‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير‪ ،‬ص‪ .301‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪،‬‬
‫ص‪ .123‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .63‬ابن خالويه‪ ،‬الحجة في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.93‬‬
‫‪ 5‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.236 :‬‬
‫‪ 6‬المجادلة‪ ،‬اآلية‪.4 :‬‬
‫‪ 7‬مريم‪ ،‬اآلية‪ .20:‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .338‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .205‬ابن‬
‫مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءت‪ ،‬ص‪ .183‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .137‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪2‬‬
‫ص‪ .260‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.64‬ابن خالويه‪ ،‬الحجة في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.98‬‬

‫‪82‬‬
‫القراءة الثانية (تمسوهن) بآية أخرى في القرآن الكريم لتدل على معنى مجرد‬
‫المسح‪.‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ]‪ 1‬قال‪ :‬قرأ نافع وأبو جعفر‪ (:‬ولتستبين)‬
‫بالتاء‪ ،‬و(سبي َل) نصب على خطاب النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬أي لتعرف يا‬
‫محمد طريق المجرمين‪ ،‬يقال‪ :‬استنبت الشيء وتبينته‪ :‬إذا عرفته‪ .‬وقرأ حمزة‬
‫والكسائي وأبو بكر وخلف‪( :‬وليستبين) بالياء‪( ،‬سبيلُ) رفع‪ ،‬وقرأ الباقون‬
‫(ولتستبين) بالتاء (سبيلُ) رفع‪ ،‬أي ليظهر ويتضح‪ .‬والسبيل يذ ّكر لقوله‪[ :‬ﭿ ﮀ ﮁ‬
‫ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ]‪ 2‬ويؤنث لقوله‪[ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ]‪.3‬‬
‫يالحظ هنا أن العليمي وجه كال القراءتين بالقرآن الكريم حيث جاء السبيل‬
‫مؤنثا في مكان وذُ ّكر في مكان آخر ‪.‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﯽ ي ي]‪ 4‬قال‪ :‬قرأ أبوبكر عن عاصم ورويس عن يعقوب‪:‬‬
‫(تجحدون) بالخطاب لقوله‪[ :‬ى ى ﯪ ﯫ ﯬ ]‪ 5‬وقرأ الباقون‪ :‬بالغيب لقوله [ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ‬
‫‪6‬‬
‫]‪.‬‬
‫فالتوجيه كله هنا بالقرآن الكريم‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬توجيه القراءة بالسنة‪:‬‬
‫وقد يلجأ أحيانا إلى توجيه القراءة بما ورد عن النبي صلى هللا عليه وسلم من‬
‫خالل سنته القولية‪ ،‬إال أن هذا النوع من التوجيه لم أجد له إال مثاال واحدا فقط‬
‫وهو‪:‬‬

‫‪ 1‬األنعام‪ ،‬اآلية‪.55 :‬‬


‫‪ 2‬األعراف‪ ،‬اآلية‪.146 :‬‬
‫‪ 3‬آل عمران‪ ،‬اآلية‪ .99 :‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .404‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪.264‬‬
‫ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءت‪ ،‬ص‪ .258‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .253‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪،‬‬
‫ص‪.292‬‬
‫‪ 4‬النحل‪ ،‬اآلبة‪.71 :‬‬
‫‪ 5‬النحل‪ ،‬اآلبة‪.71 :‬‬
‫‪ 6‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .40‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .352‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ .374 ،‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .392‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.342‬‬

‫‪83‬‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ]‪ 1‬قال‪ :‬قرأ ابن كثير‪ ،‬وأبو عمرو‪ ،‬وعاصم‪،‬‬
‫ويعقوب‪ ،‬بكسر الواو‪ ،‬أي معلّمين‪ ،‬من العالمة‪ ،‬أي سوموا خيلهم‪ ،‬وقرأ الباقون‬
‫بفتح الواو‪ ،‬أي سوموا أنفسهم‪ ،‬قال صلى هللا عليه وسلم ألصحابه يوم‬
‫صوف ْاأل َ ْبيَض في َ‬
‫قالنيه ْم‬ ‫ت بال ُّ‬ ‫س َّوموا فَإ َّن ْال َم َالئ َكةَ قَ ْد ت َ َ‬
‫س َو َم ْ‬ ‫بدر‪{:‬ت َ َ‬
‫َو َمغَافره ْم }‪.‬‬
‫‪3 2‬‬

‫س َّومين)‪ ،‬أي أن المالئكة‬


‫فالعليمي أورد هنا هذا الحديث لتوجيه قراءة الفتح ( ُم َ‬
‫سهم وليست خيولهم كما تدل عليه رواية الكسر‪ ،‬ودليل ذلك لفظ‬ ‫هم ال ُم َعلَّمين أنف ُ‬
‫الحديث (فإن المالئكة قد تسومت)‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬توجيه القراءة بأقوال الصحابة‪:‬‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ]‪ 4‬قال‪ :‬قرأ حمزة والكسائي وخلف‪:‬‬
‫(يُفقهون) بضم الياء وكسر القاف على معنى‪ :‬ال يُفهمون غيرهم قوال‪ .‬وقرأ‬
‫الباقون بفتح الياء والقاف‪ ،‬أي‪ :‬ال يفهمون كالم غيرهم‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬أي ال‬
‫يفهمون كالم أحدهم‪ ،‬وال يفهم الناس كالمهم"‪.5‬‬

‫‪ 1‬آل عمران‪ ،‬اآلية‪.125 :‬‬


‫‪ 2‬رواه الطبري في تفسيره قال‪ :‬حدثني يعقوب‪ ،‬قال أخبرنا ابن علية قال‪ ،‬أخبرنا ابن عون‪ ،‬عن عمير بن‬
‫وسلم‪":‬تسوموا‪،‬‬
‫َّ‬ ‫إسحاق قال‪ :‬إن أول ما كان الصوف ليومئذ ‪ -‬يعني يوم بدر ‪ -‬قال رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫تسومت"‪ .‬قال العالمة أحمد شاكر في التعليق عليه‪ :‬و"عمير بن إسحاق القرشي" أبو محمد‬ ‫ّ‬
‫فإن المالئكة قد َّ‬
‫مولى بني هاش م ‪ ،‬روى عن المقداد بن األسود ‪ ،‬وعمرو بن العاص ‪ ،‬وأبي هريرة ‪ ،‬وكان قليل الحديث‪.‬‬
‫وقال أبو حاتم والنسائي‪" :‬ال نعلم روى عنه غير ابن عون"‪ .‬قال ابن معين‪" :‬ثقة" ‪ ،‬وقال أيضا‪" :‬ال يساوي‬
‫حديثه شيئًا ‪ ،‬ولكن يكتب حديثه"‪ .‬فهذا الحديث كما ترى مرسل ‪ ،‬وعن رجل يكتب حديثه وال يحتج‬
‫به"‪.‬انتهى‪.‬‬
‫و رواه ابن أبي شيبة في مصنفه بسنده عن عمير بن إسحاق وعبد الرحمن بن أبي الزناد وغيرهما‪ .‬انظر‪:‬‬
‫جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ .)186/7( ،‬و‪ :‬ابن أبي شيبة‪ ،‬أبوبكر‪ ،‬المنصنف‪ ،‬تحقيق محمد عوامة‪،‬‬
‫ط‪( 1‬جدة‪ :‬دار القبلة للثقافة اإلسالمية ‪1431‬ه – ‪2010‬م)‪ ،)261/12( ،‬حديث رقم ‪،)112/14( .33391‬‬
‫رقم ‪ )358/14( .37066‬رقم‪.37823‬‬
‫‪ 3‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .20‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .228‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .216‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .327‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .173‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.70‬‬
‫‪ 4‬الكهف‪ ،‬اآلية‪.93 :‬‬
‫‪ 5‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .216‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .372‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .399‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .448‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .430‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .100‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.432‬‬

‫‪84‬‬
‫وهذا مثال واضح لتوجيه الصحابة‪ ،‬حيث وجه ابن عباس القراءتين وهو عالم‬
‫األمة وحبرها‪ .‬وهذا النوع نادر جدا في هذا التفسير بل لم أجد فيه إال هذا المثال‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬توجيه القراءة بأقوال التابعين‪:‬‬
‫وقد يجنح العليمي إلى تعليل القراءة وبيان وجهها بقول لتابعي أحيانا‪ ،‬مثاله‬
‫الوحيد في تفسيره‪:‬‬
‫عند قوله تعالى [ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ]‪ 1‬قال‪ :‬قرأ أبو عمرو‪ ،‬وابن كثير‪ ،‬وحفص عن‬
‫سدّين) بفتح السين‪ ،‬والباقون‪ :‬بضمها‪ ،‬وهما لغتان معناهما واحد‪ ،‬وقال‬
‫عاصم‪( :‬ال ّ‬
‫عكرمة‪ :2‬ما كان من صنع بني آدم فهو السد – بالفتح – وما كان من صنع هللا‬
‫فهو بالضم‪ – 3.‬ألن السد – بالضم – فعل مبني لمفعول‪ ،‬وبالفتح مصدر‪ ،‬وهما‬
‫الجبالن بين أرمينيا وأذربيجان‪.4‬‬
‫فاإلمام عكرمة ‪ -‬رحمه هللا ‪ -‬وجه القراءتين هنا‪ ،‬حيث جعل األولى – بالفتح –‬
‫على معنى ما صنعته أيدي بني آدم‪ ،‬بينما ح َّمل القراءة األخرى – بالضم ‪ -‬معنى‬
‫ما صنعه هللا ‪ ،-‬وهللا أعلم‪.‬‬

‫‪ 1‬الكهف‪ ،‬اآلية‪.93 :‬‬


‫‪ 2‬عكرمة‪ :‬هو عكرمة بن عبد هللا البربري المدني‪ ،‬أبو عبد هللا‪ ،‬مولى عبد هللا بن عباس‪ ،‬تابعي‪ ،‬كان من‬
‫أعلم الناس بالتفسير والمغازي‪ .‬طاف البلدان‪ ،‬وروى عنه زهاء ثالثمائة رجل‪ ،‬منهم أكثر من سبعين تابعيا‪.‬‬
‫توفي سنة ‪105‬ه‪ .‬انظر‪ :‬األعالم (‪.)244/4‬‬
‫‪ 3‬إلى هنا انتهى كالم عكرمة رحمه هللا والباقي للعليمي‪.‬‬
‫‪ 4‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .216‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .372‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .399‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .448‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .430‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .100‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.454‬‬

‫‪85‬‬
‫المبحث الثاتي‪ :‬توجيه القراءة باللغة‪:‬‬
‫عمد العليمي رحمه هللا تعالى إلى توجيه القراءة باللغة كثيرا‪ ،‬سواء كان من‬
‫الناحية الصرفية أو النحوية أو غيرهما‪ ،‬وهذا يعين على إظهار معنى اآلية‪.‬‬
‫أوال‪ :‬التوجيه الصرفي‪:‬‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ]‪ ،1‬قال‪( :‬وإذ واعدنا) قرأ أبو عمرو وأبو‬
‫جعفر ويعقوب (وعدنا) بقصر األلف من الوعد‪ ،‬والباقون‪( :‬واعدنا) بألف‪ ،‬من‬
‫المواعدة‪.2‬‬
‫ش ْعيَا وزكريا ويحيى ‪ .‬قرأ‬‫وعند قوله عز وجل‪[( :‬ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ]‪ 3‬قال‪ :‬ك َ‬
‫نافع‪ ( :‬النبيين‪ ،‬والنبيئون‪ ،‬ونبيئهم‪ ،‬واألنبئاء‪ ،‬والنبوءة‪ ،‬والنبيئ) بالمد والهمز‬
‫حيث وقع‪ ،‬فيكون معناه المخبر من أنبأ ينبئ‪ ،‬ألنه إنباء عن هللا ‪ .‬وخالفه قالون في‬
‫حرفين في األحزاب يأتي ذكرهما في محلهما ‪ -‬إن شاء هللا تعالى ‪ . -‬وقرأ‬
‫الباقون بترك الهمزة‪ ،‬وله وجهان‪ :‬أحدهما‪ :‬هو أيضا من اإلنباء‪ ،‬تُركت الهمزة‬
‫تخفيفا لكثرة االستعمال‪ ،‬والثاني‪ :‬هو بمعنى الرفع‪ ،‬مأخوذ من النَبْوة‪ ،‬وهو المكان‬
‫المرتفع‪.4‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ]‪ 5‬قال‪ :‬قرأ نافع وحمزة والكسائي وخلف‬
‫)متم) و (متنا) و (مت) حيث وقع بكسر الميم‪ ،‬ووافقهم في غير هذه السورة‬

‫‪ 1‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.51 :‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪ .102‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .177‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .155‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .286‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .96‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.60‬‬
‫‪ 3‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.61 :‬‬
‫‪ 4‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ .116‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .180‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .522‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .288‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .98‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .60‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.258‬‬
‫‪ 5‬آل عمران‪ ،‬اآلة‪.18 :‬‬

‫‪86‬‬
‫حفص‪ .‬وقرأ الباقون بالضم‪ ،‬فمن قرأ بالضم من مات يموت‪ ،‬وبالكسر من مات‬
‫‪1‬‬
‫يمات‪.‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ]‪ 2‬قال‪ :‬قرأ العامة بفتح النون والسين من النسخ‪،‬‬
‫أي‪ :‬نرفعها‪ .‬وقرأ ابن عامر‪( :‬نُنسخ) بضم النون األولى وكسر السين من‬
‫اإلنساخ‪ ،‬أي نجعله من المنسوخ‪. 3‬‬
‫ياللحظ هنا أن العليمي وجه قراءة العامة وهم ما عدا ابن عامر – وهي بفتح‬
‫النون والسين – بأنها من النسخ‪ ،‬والقراءة األخرى البن عامر بضم النون وكسر‬
‫السين بأنها مشتقة من اإلنساخ‪ ،‬ومثله ما سبق من األمثلة‪ ،‬وهذا هو التوجيه‬
‫الصرفي‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬التوجيه على القواعد النحوية‪:‬‬
‫لم يقف العليمي رحمه هللا عند االحتجاج للقراءة بالقواعد الصرفية فقط‪ ،‬بل‬
‫تجاوز ذلك ليحتج باألحكام النحوية على القراءة‪ ،‬وهناك نماذج كثيرة في ذلك‬
‫نكتفي بإيراد بعضها‪.‬‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ]‪ 4‬قال‪ :‬قرأ ابن كثير‪ ،‬وأبو عمرو‪ ،‬ويعقوب‬
‫(تُقبل) بالتاء‪ ،‬لتأنيث الشفاعة‪ .‬وقرأ الباقون بالياء‪ ،‬ألن الشفيع والشفاعة بمعنى‬
‫واحد‪ ،‬أي ال تقبل منها شفاعة إذا كانت كافرة‪.5‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ]‪ 6‬قال رحمه هللا‪ :‬أي احدث فهو يحدث‪ ،‬قرأ‬
‫ابن عامر‪( :‬كن فيكونَ ) بنصب النون في جميع المواضيع إال في آل عمران‪[ :‬ﯕ‬
‫‪ 1‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج ‪ 2‬ص‪ .49‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .230‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .218‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .328‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .127‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .134‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.276‬‬
‫‪ 2‬البقرة‪ ،‬األية‪.106 :‬‬
‫‪ 3‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪ .172‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .293‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .109‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .62‬ابن خالويه‪ ،‬الحجة في القراءات السبع‪،‬‬
‫ص‪.82‬‬
‫‪ 4‬البقرة‪ ،‬االية‪.48 :‬‬
‫‪ 5‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .96‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .34‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .155‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .391‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .95‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .60‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.241‬‬
‫‪ 6‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.117 :‬‬

‫‪87‬‬
‫ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ]‪ 1‬وفي األنعام‪[ :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ]‪ ،2‬وإنما نصبها ألن‬
‫جواب األمر بالفاء يكون منصوبا‪ .‬وقرأ الباقون بالرفع على معنى‪ :‬فهو يكون‪،‬‬
‫فأما حرف آل عمران فإن معناه‪ :‬كن فكان‪ ،‬وأما حرف األنعام فمعناه اإلخبار عن‬
‫القيامة‪ ،‬وهو كائن ال محالة‪ ،‬ولكنه لما كان ما يراد في القرآن من ذكر القيامة‬
‫كثيرا يذكر بلفظ الماضي‪ ،‬نحو‪[ :‬ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ]‪ ،3‬ونحو‪[( :‬ى ﯪ ]‪ 4‬ونحو ذلك‪،‬‬
‫فشابه ذلك‪ ،‬فرفع‪ ،‬وال شك أنه إذا اختلفت المعاني اختلفت األلفاظ‪ .‬قال األخفش‬
‫الدمشقي‪ :‬إنما رفع ابن عامر في األنعام على معنى سين الخبر‪ ،‬أي فسيكون‪.5‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﯥ ﯦ ﯧ ى ى ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ]‪ 6‬قال‪ :‬قرأ نافع‪( :‬حتى يقولُ) بالرفع‬
‫على أنه في معنى الحال‪ ،‬نحو‪ :‬شربت اإلبل حتى يجي ُء البعير يجر بطنه‪ ،‬فهي‬
‫حال ماضية محكية‪ .‬وقرأ الباقون بالنصب بإضمار (أن) وجعل الفعل مستقبال‪،‬‬
‫أي إلى أن يقول‪.7‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ]‪ 8‬قال‪ :‬قرأ عاصم وحمزة والكسائي‬
‫وخلف‪( :‬تجارةً) بالنصب على خبر كان‪ ،‬أي إال أن تكون األموال تجارةً‪ .‬وقرأ‬
‫الباقون بالرفع‪ ،‬أي إال أن تقع تجارة عن تراض منكم‪ ،‬أي بطيبة نفس كل واحد‬
‫منكم‪.9‬‬

‫‪ 1‬آل عمران‪ ،‬اآلية‪.60 -59 :‬‬


‫‪ 2‬األنعام‪ ،‬اآلية‪.73 :‬‬
‫‪ 3‬الحاقة‪ ،‬اآلية‪.16 ,15 :‬‬
‫‪ 4‬الفجر‪ ،‬اآلية‪.22 :‬‬
‫‪ 5‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ .184 – 183 1‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .190‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة‬
‫في القراءات‪ ،‬ص‪ .169‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .322‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .111‬ابن‬
‫الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .251‬ابن خالويه‪ ،‬الحجة في القراءات‪ ،‬ص‪.88‬‬
‫‪ 6‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.214 :‬‬
‫‪ 7‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪ .301‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .202‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .181‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .204‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .131‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .64‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .209‬الحجة في‬
‫القراءات السبع‪ ،‬ابن خالويه‪ ،‬ص‪.95‬‬
‫‪ 8‬النساء‪ ،‬اآلية‪.29 :‬‬
‫‪ 9‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .117‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .240‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .231‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .338‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .199‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .72‬ابن الجزري‪.‬‬

‫‪88‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ]‪ 1‬قال‪ :‬قرأ حفص عن عاصم‪ (:‬من‬
‫ك ٍّل) بالتنوين‪ ،‬أي من كل صنف زوجين اثنين‪ ،‬ذكره تأكيدا‪ .‬والباقون بغير تنوين‬
‫على اإلضافة على معنى‪ :‬احمل اثنين من كل زوجين‪ ،‬والقراءتان ترجعان إلى‬
‫معنى واحد‪.2‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ]‪ 3‬قال‪ :‬قرأ نافع وأبو جعفر وابن‬
‫عامر وابن كثير وأبو بكر عن عاصم‪ ،‬ورويس عن يعقوب بخالف عنه‪( :‬يُسبَّح)‬
‫بالياء على التذكير‪ ،‬لقيام (له) مقام تاء التأنيث‪ ،‬وألن تأنيث (السماوات) غير‬
‫حقيقي ‪ .‬وقرأ الباقون‪ :‬بالتاء مؤنثا على اللفظ‪ ،‬والقراءتان حسنتان‪.4‬‬
‫جميع ما سبق من األمثلة يؤكد المعنى الذي أشرنا إليه من احتجاج العليمي بالنحو‬
‫إلظهار معنى اآلية وإيضاحها‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬التوجيه بالبالغة‪:‬‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ]‪ 5‬قال‪ :‬قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب‪:‬‬
‫(يعملون) بالغيب‪ ،‬وقرأ الباقون‪ :‬بالخطاب على االلتفات‪ ،‬وهو أبلغ في الوعيد‪.6‬‬
‫وهذا مثال واضح للتعليل بالبالغة حيث تضمنت القراءة األولى بالغيب في ‪-‬‬
‫يعملون – المعنى األساسي الذي يدل عليه سياق اآلية‪ ،‬ألن اآلية بدأت بقوله‬
‫‪8‬‬
‫تعالى [ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ]‪ 7‬بالغيب‪ ،‬وانتصفت به بقوله [ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ]‬

‫‪ 1‬هود‪ ،‬اآلية‪.40 :‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج ‪ 3‬ص ‪ .341‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .321‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .331‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .405‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .339‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .88‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.325‬‬
‫‪ 3‬اإلسراء‪ ،‬اآلية‪.44 :‬‬
‫‪ 4‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج ‪ 4‬ص ‪ .103‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .358‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .381‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .437‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .405‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .97‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.346‬‬
‫‪ 5‬آل عمران‪ ،‬اآلية‪.180 :‬‬
‫‪ 6‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .65‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .233‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .220‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .328‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .186‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .60‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.279‬‬
‫‪ 7‬آل عمران‪ ،‬اآلية‪180 :‬‬
‫‪ 8‬آل عمران‪ ،‬اآلية‪180 :‬‬

‫‪89‬‬
‫فاختتمت بقوله (وهللا بما يعملون خبير ) ‪ ،‬وهذا تطابق طبيعي حسب السياق‪ ،‬أما‬
‫القراءة الثانية فاختتمت بالخطاب في كلمة (ت َ ْع َملُونَ ) وهذا ما يسمى بااللتفات عند‬
‫البالغيين وهو أبلغ في الوعيد‪ .‬وهذا المثال الوحيد الذي وقعت عليه من هذا‬
‫الشكل‪.‬‬

‫المبحث الثالث‪ :‬التوجيه بأقوال المفسرين وعلماء اللغة‪:‬‬


‫عند قوله تعالى‪[ :‬ه ه ه ه ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ]‪ 1‬قال‪ :‬قرأ حمزة‬
‫والكسائي وخلف‪ُ ( :‬كرها) بضم الكاف‪ ،‬والباقون بالفتح‪ ،‬قال الفراء‪ :‬الكره بالفتح‪:‬‬
‫ما أكره عليه‪ ،‬وبالضم ما كان من قبل نفسه من المشقة‪.2‬‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ]‪ 3‬قال‪ :‬قرأ الكوفيون وابن عامر وروح‬
‫عن يعقوب‪( :‬زكية) بغير ألف بعد الزاي وتشديد الياء‪ ،‬وقرأ الباقون باأللف‬
‫وتخفيف الياء‪ ،‬معناهما واحد‪ ،‬مثل‪ :‬قاسية وقسية‪ ،‬أي طاهرة من الذنوب‪ .‬قال أبو‬
‫عمرو بن العالء‪ :‬الزاكية‪ :‬التي لم تذنب قط‪ ،‬والزكية‪ :‬التي أذنبت ثم تابت‪.4‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﯥ ﯦ ﯧ ى ى ]‪ ،5‬قال‪ :‬قرأ أبو جعفر‪( :‬ربُّ ) بضم الباء‪ ،‬وقال‬
‫ابن الجزري‪ :‬ووجهه أنه لغة معروفة جائزة في نحو يا غالمي تنبيها على الضم‪،‬‬
‫وأنت تنوي اإلضافة‪ ،‬وليس ضمه على أنه منادى مفرد كما ذكره أبو الفضل‬

‫‪ 1‬النساء‪ ،‬اآلية‪.19 :‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .102‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .239‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .229‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .337‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .195‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .72‬ابن الجزري‪.‬‬
‫‪ 3‬الكهف‪ ،‬اآلية‪.74 :‬‬
‫‪ 4‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .202‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .370‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .395‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .447‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .423‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .100‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.352‬‬
‫‪ 5‬األنبياء‪ ،‬اآلية‪.112 :‬‬

‫‪90‬‬
‫الرازي‪ ،1‬ألن هذا ليس من نداء النكرة المقبل عليها‪ ،‬وقرأ الباقون‪ :‬بكسر الياء‬
‫اكتفى بها عن الياء‪.2‬‬
‫يتضح من خالل األمثلة السابقة أن العليمي يورد أحيانا أقوال المفسرين‬
‫وعلماء اللغة في توجيه القراءات الواردة في بعض الكلمات القرآنية كما رأينا في‬
‫(كرها) – بالفتح وبالضم‪ ،‬و(زكية) باأللف وبالتشديد‪ ،‬و(رب) بالكسر وبالضم‪،‬‬
‫وغير ذلك من األماكن الواردة في الكتاب‪.‬‬

‫المبحث الرابع‪ :‬التوجيه باللهجات العربية وباألمثلة العربية‪:‬‬


‫عند قوله تعالى‪[ :‬ه ه ﮮ ﮯ ﮰ ]‪ 3‬قال‪ :‬قرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي‬
‫وحفص وخلف‪ (:‬حج) بكسر الحاء‪ ،‬والباقون بالفتح‪ ،‬وهي لغة أهل الحجاز‪ ،‬وهما‬
‫لغتان فصيحتان معناهما واحد‪.1‬‬

‫‪ 1‬أبو الفضل الرازي‪ :‬هو عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار بن إبراهيم بن جبريل بن محمد بن علي‬
‫بن سليمان أبو الفضل الرازي العجلي اإلمام المقرئ‪ ،‬شيخ اإلسالم الثقة الورع الكامل‪ ،‬مؤلف كتاب (جامع‬
‫الوقوف) وغيره‪ ،‬مولده بمكة‪ ،‬كان ثقة جواالً إماما ً في القراءات‪ .‬توفي سنة ‪454‬هـ‪ .‬غاية النهاية (‪.)327/1‬‬
‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .397‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .395‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .431‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .467‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .471‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .105‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.365‬‬
‫‪ 3‬آل عمران‪ ،‬اآلية‪.97 :‬‬

‫‪91‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ]‪ 2‬قال‪ :‬قرأ حمزة والكسائي‬
‫وخلف‪ ( :‬وال تقتلوهم حتى يقتلوكم فإن قتلوكم) بغير ألف فيهن على معنى‪ :‬وال‬
‫تقتلوا بعضهم‪ ،‬تقول العرب‪ :‬قتلنا بني فالن‪ ،‬وإنما قتلوا بعضهم‪ .‬وقرأ الباقون‬
‫باأللف من القتال‪ .‬كان في ابتداء اإلسالم ال يحل بدايتهم بالقتال في البلد الحرام‪،‬‬
‫ثم صار منسوخا‪.3‬‬
‫َ‬
‫(وباالخرة) بنقل حركة‬ ‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭯ ﭰ ﭱ ]‪ 4‬قال‪ :‬قرأ ورش عن نافع‪:‬‬
‫الهمز إلى الساكن قبله‪ ،‬وترقيق الراء حيث وقع‪ ،‬وحمزة يسكت في الم التعريف‬
‫حيث أتت‪ ،‬نحو (األرض) و (اآلخرة) سكتة من دون تنفس‪ ،‬وإذا وقف له النقل‬
‫بخالف عنه‪ ،‬يسكت رويس على ذلك دون سكته‪ .5‬وقرأ الكسائي‪( :‬وباآلخرة)‬
‫باإلمالة حيث وقف على هاء التأنيث‪ ،‬وقيل للكسائي‪ :‬إنك تُميل ما قبل هاء‬
‫التأنيث‪ ،‬فقال‪ :‬هذا طباع العربية‪.6‬‬
‫فقول الكسائي (هذا طباع العربية) ‪ -‬تعليال لهذه القراءة‪ ،‬مثال واضح للتوجيه‬
‫بلسان العرب الذي نزل به القرآن‪.‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ]‪ 7‬قال‪ :‬قرأ أبو بكر عن عاصم‪:‬‬
‫ورضوانا)بضم الراء حيث وقع إال قوله‪[ :‬ﮈ ﮉ ﮊ ]‪ 8‬ثاني المائدة‪،‬‬ ‫(ورضوان ُ‬ ‫ُ‬
‫والباقون‪ :‬بالكسر‪ ،‬وهما لغتان كالعُدوان والعدوان ‪.‬‬
‫‪9‬‬

‫‪ 1‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج ‪ 1‬ص ‪ .495‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .227‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .214‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .326‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .170‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .69‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.270‬‬
‫‪ 2‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.191 :‬‬
‫‪ 3‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .270‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .209‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .179‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .302‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .127‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .64‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.208‬‬
‫‪ 4‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.4 :‬‬
‫الصحيح أنه إدريس‪.‬‬
‫‪5‬‬

‫‪ 6‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .53‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .82‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪،‬‬
‫ص‪.87‬‬
‫‪ 7‬آل عمران‪ ،‬اآلية‪.15 :‬‬
‫‪ 8‬المائدة‪ ،‬اآلية‪.16 :‬‬
‫‪ 9‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج ‪ 1‬ص‪ .427‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .220‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .202‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .319‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .157‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .68‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.276‬‬

‫‪92‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[( :‬ﰀ ﰀ ﰀ ]‪ 1‬قال‪ :‬قرأ السوسي عن أبي عمرو‪( :‬يأت ْه)‬
‫بإسكان الهاء‪ ( ،‬مومنا) بإسكان الواو بغير همز‪ ،‬وقرأ أبو جعفر وقالون عن نافع‪،‬‬
‫وهشام عن ابن عامر‪ ،‬ورويس عن يعقوب باختالس كسرة الهاء‪ ،‬بخالف عنهم‪،‬‬
‫إال رويس‪ ،‬وقرأ الباقون بإشباع الهاء‪ ،‬وكلها لغات‪.2‬‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ]‪ 3‬قال‪ :‬قرأ نافع‪ ،‬وأبو جعفر‪ ،‬ويعقوب‪( :‬دفاع)‬
‫باأللف‪ ،‬والباقون بغير ألف‪ ،‬ألن هللا تعالى ال يغالبه أحد‪ ،‬وهو الدافع وحده‪ ،‬ومن‬
‫قرأ باأللف قال قد يكون الدفاع من واحد‪ ،‬مثل قول العرب‪ :‬أحسن هللا عنك‬
‫الدفاع‪.4‬‬
‫جميع هذه األمثلة نماذج واضحة من حيث توجيه القراءة باللهجات العربية‬
‫وكالم العرب الذي به نزل القرآن‪ ،‬وقد وسع العليمي في إيراد هذا النوع من‬
‫التوجيه ما يدل على كثرته في كتاب هللا تعالى‪.‬‬

‫‪ 1‬طه‪ ،‬اآلية‪.75 :‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .311‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .386‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .210‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .406‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.104‬‬
‫ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.353‬‬
‫‪ 3‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.251 :‬‬
‫‪ 4‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .360‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .207‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .187‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .140‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .65‬ابن‬
‫الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.263‬‬

‫‪93‬‬
‫المبحث الخامس‪ :‬التوجيه بالرسم العثماني وأحكام التالوة والتجويد‪:‬‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﮛ ﮜ ﮝ ]‪ 1‬قال‪ :‬أثبت نافع‪ ،‬وأبو عمرو‪ ،‬وأبو جعفر الياء في‬
‫قوله‪( :‬اتبعني) حالة الوصل‪ ،‬وأثبتها يعقوب وصال ووقفا‪ ،‬وحذفها الباقون في‬
‫الحالين‪ ،‬ألن رسمها في المصحف بغير ياء‪.2‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[( :‬ﮨ ﮩ ه ه ه ه ]‪ 3‬قال‪ :‬قرأ ابن عامر‪( :‬ولدَار اآلخرة )‬
‫وجر (اآلخرة) إضافة‪ ،‬أي‪ :‬دار الساعة اآلخرة‪ ،‬وكذلك هو في‬ ‫ّ‬ ‫بالم واحدة‬
‫مصاحف أهل الشام‪ ،‬وقرأ الباقون‪ :‬بالمين وتشديد الدال لإلدغام‪ ،‬وبالرفع على‬
‫النعت‪ ،‬وكذا هو في مصاحفهم‪.4‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﯔ ﯕ ﯖ ]‪ 5‬قال‪ :‬قرأ نافع‪ ،‬وابن كثير‪ ،‬وأبو جعفر‪ ،‬وعاصم‪:‬‬
‫(يقص الحق) بضم القاف وكسر الضاد المهملة مشددا‪ ،‬أي‪ :‬يقول الحق‪ ،‬ألنه في‬
‫َّ‬
‫(الحق) ولم يقل‪ :‬بالحق‪ .‬وقرأ الباقون‪:‬‬ ‫جميع المصاحف بغير ياء‪ ،‬وألنه قال‪:‬‬

‫‪ 1‬يوسف‪ ،‬اآلية‪108 :‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .430‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .153‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .223‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .158‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .71‬ابن‬
‫الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.282‬‬
‫‪ 3‬األنعام‪ ،‬اآلية‪.32 :‬‬
‫‪ 4‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪ .388‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .279‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .256‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .364‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .246‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .76‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.290‬‬
‫‪ 5‬األنعام‪ ،‬اآلية‪.57 :‬‬

‫‪94‬‬
‫(يقض) بسكون القاف وكسر الضاد المعجمة‪ ،‬من قضيت‪ ،‬أي يحكم بالحق‪ ،‬بدليل‬
‫أنه قال‪[ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ] أي الحاكمين‪.1‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ]‪ 2‬قال‪ :‬قرأ ابن كثير‪( :‬من تحتها) بزيادة‬
‫كلمة (من)‪ ،‬وخفض (تحتها)‪ ،‬وكذلك هي في المصاحف المكية‪ ،‬وقرأ الباقون‬
‫بحذف لفظة (من)‪ ،‬وكذلك هي في مصاحفهم‪ ،‬واتفقوا على إثبات (من) قبل‬
‫(تحتها) في سائر القرآن‪.3‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ]‪ 4‬قال‪ :‬قرأ أبو جعفر‪ ،‬وابن عامر‪:‬‬
‫(ينشركم) بفتح الياء ونون ساكنة بعدها وشين معجمة مضمومة‪ ،‬من النشر‪،‬‬
‫وكذلك هي في مصاحف أهل الشام وغيرها‪ ،‬وقرأ الباقون‪ :‬بضم الياء وسين‬
‫مهملة مفتوحة بعدها ياء مكسورة مشددة من التيسير‪ ،‬وكذلك هي في مصاحفهم‪.5‬‬
‫ف]‪ 6‬قال‪ :‬وأجمع القراء‬ ‫وعند قوله تعالى‪[ :‬قَالُوا يَا أَبَانَا َما لَ َك َال تَأ ْ َمنَّا َعلَى يُو ُ‬
‫س َ‬
‫على قراءة (ما لك ال تأمنا) بإدغام النون األولى في الثانية‪ ،‬واختلفوا في اللفظ به‪،‬‬
‫فقرأ أبو جعفر بإدغامه محضا من غير إشارة‪ ،‬بل يلفظ بنون مفتوحة مشددة‪،‬‬
‫وهو على أصله في إبدال الهمز حرف مد‪ ،‬وقرأ الباقون باإلشارة واختلفوا فيها‪،‬‬
‫فبعضهم جعلها روما‪ ،‬فيكون حينئذ إخفاء‪ ،‬وال يتم معها اإلدغام الصحيح‪،‬‬
‫وبعضهم جعلها إشماما‪ ،‬فيشير إلى ضم النون بعد اإلدغام‪ .‬قال ابن الجزري‪:‬‬
‫وبالقول الثاني قطع سائر أئمة أهل األداء من مؤلفي الكتب‪ ،‬وحكاه أيضا‬

‫‪ 1‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 2‬ص ‪ .406‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .264‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .259‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .356‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.76‬‬
‫ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.292‬‬
‫‪ 2‬التوبة‪ ،‬اآلية‪.100 :‬‬
‫‪ 3‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪ .234‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .305‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .317‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .393‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .322‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .64‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.315‬‬
‫‪ 4‬يونس‪ ،‬اآلية‪.22 :‬‬
‫‪ 5‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ .276 – 275‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .311‬ابن مجاهد‪،‬‬
‫السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .325‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .398‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪،‬‬
‫ص‪ .329‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .64‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪2‬‬
‫ص‪.318‬‬
‫‪ 6‬يوسف‪ ،‬اآلية‪.111 :‬‬

‫‪95‬‬
‫الشاطبي‪ ،1‬قال وهو اختياري‪ ،‬ألني لم أجد نصا يقتضي خالفه‪ ،‬وألنه األقرب‬
‫إلى حقيقة اإلدغام وأصرح في اتباع الرسم‪ ،‬اننهى‪.2‬‬
‫في األمثلة السابقة يتضح جليا تعليل القراءة بالرسم وأحكام التجويد‪ ،‬فالجمهور‬
‫بقراءتهم (يسيركم) بضم الياء وسين مهملة مفتوحة بعدها ياء مكسورة مشددة‪،‬‬
‫وهو من التسيير أي اإلجراء‪ ،‬أي يجريكم‪ ،‬وهذا الثابت في مصاحفهم‪ ،‬أما ابن‬
‫عامر وأبو جعفر‪ ،‬فيقرؤونها هكذا (ينشركم) بفتح الياء ونون ساكنة بعدها وشين‬
‫معجمة مضمومة‪ ،‬من النشر ‪ ،‬فهي عندهم بمعنى النشر والتوزيع‪ ،‬أي أن هللا هو‬
‫الذي نشر عباده ووزعهم في البحر‪ ،‬وهذا هو الثابت في مصاحفهم‪ ،‬و المعنيان‬
‫صحيحان وكالهما يخدم اآلخر‪ ،‬وقس على ذلك باقي األمثلة‪.‬‬

‫المبحث السادس‪ :‬التوجيه بالقراءات الشاذة‪:‬‬


‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ]‪ 3‬قال‪ :‬يعني لئن خرج محمد لنؤمنن به‪،‬‬
‫فلما خرج محمد كفروا به‪ .‬قال ابن عباس‪ :‬لما ذكر رسول هللا صلى هللا عليه‬
‫وسلم لهم ما أخذ هللا عليهم‪ ،‬وعهد إليهم في محمد أن يؤمنوا به‪ .‬قال مالك بن‬

‫يره بن خلف بن أحمد اإلمام أبو محمد‪ ،‬وأبو القاسم الرعيني الشاطبي المقرئ‬‫‪ 1‬الشاطبي‪ :‬هو القاسم بن ف ُّ‬
‫الضرير‪ ،‬أحد األعالم‪ ،‬ولد في آخر سنة ‪538‬ه‪ .،‬توفي سنة ‪590‬ه‪ .‬من آثاره (منظومة حرز األماني)‬
‫المشهورة بالشاطبية‪ ،‬و(عقيلة أتراب القصائد) وغيرهما‪ .‬انظر‪ :‬معرفة القراء الكبار( ‪.)573/2‬‬
‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ .398‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .329‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .345‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .412‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.90‬‬
‫ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.346‬‬
‫‪ 3‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.100 :‬‬

‫‪96‬‬
‫الصيف‪ :1‬وهللا ما عهد إلينا في محمد عهدا‪ ،‬فأنزل هللا هذه اآلية‪ .‬يدل عليه قراءة‬
‫عوهدوا) فجعلهم مفعولين‪.3‬‬ ‫أبي رجاء العطاردي‪( :2‬أو كلما ُ‬
‫(فرقناه) بتخفيف الراء‪ ،‬أي‬‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ] قال‪َ :‬‬
‫‪4‬‬

‫بيّناه وأوضحناه‪ ،‬وقرأ أبان عن عاصم ‪ :‬بتشديد الراء‪ ،‬أي‪ :‬أنزلناه نجوما شيئا بعد‬
‫شيء‪( .‬لتقرأه على الناس على مكث) قراءة العامة‪ُ ( :‬م ْكث) بضم الميم‪ ,‬وقرأ أبان‬
‫عن عاصم‪ :‬بفتح الميم‪ ،‬وهما لغتان معناهما تؤدة وتثبت ليفهموه‪.5‬‬
‫فقراءة أبي رجاء العطاردي في المثال األول دعمت المعنى الذي وجه به ابن‬
‫عهد إليهم اإليمان‬ ‫عباس اآلية بأن اليهود كفروا بمحمد صلى هللا عليه وسلم بعدما ُ‬
‫به‪ ،‬ولذلك جاءت القراءة الشاذة بصيغة (عوهدوا)‪ .‬وهي قراءة تخالف رسم‬
‫المصحف‪ .‬وانتصاب (عهدا ً) على أنه مصدر على غير الصدر ‪ ،‬أي معاهدة ‪ ،‬أو‬
‫على أنه مفعول على تضمين عاهد معنى ‪ :‬أعطى ‪ ،‬أي أعطوا عهدا ً‪.6‬‬
‫أما قراءة التخفيف في (فرقناه) في المثال الثاني فإن معناها واضح‪ ،‬أي بيناه‬
‫ووضحناه بينما جاءت القراءة الشاذة (قراءة أبان) بتضعيف الراء بمعنى أنزل‬
‫منجما شيئا بعد شيئ‪ ،‬كما قرأ أبان كذلك (مكث) بفتح الميم خالفا لقراءة الجمهور‬
‫بضمها وهما لغتان‪.‬‬

‫‪ 1‬مالك بن الصيف‪ :‬من اليهود المعاصرين للنبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬وكان من ألد أعدائه وأشد خصومه‪،‬‬
‫وهو الذي عناه النبي ‪ -‬صلى هللا عليه وسلم ‪ -‬بقوله "الحبر السمين" جلى مع قومه بني قينقاع في السنة‬
‫ال ثانية للهجرة‪ .‬راجع ‪ :‬الحوشان‪ ،‬يوسف بن حمود‪ ،‬اآلثار الواردة عن السلف في اليهود في تفسير الطبري‬
‫جمعا ودراسة"‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬بكلية أصول الدين‪ ،‬رياض سنة ‪1424‬ه (‪.)269/1‬‬
‫‪ 2‬العطاردي‪ :‬هو أبو رجاء العطاردي‪ ،‬عمران بن تيم البصري‪ ،‬أخذ القراءة عرضا عن ابن عباس رضي‬
‫هللا عنهما وتلقن القرآن من أبي موسى‪ ،‬ولقي أبا بكر رضي هللا عنهما‪ .‬قرأ عليه القرآن أبو األشهب‬
‫العطاردي‪ .‬قال ابن معين‪ :‬مات سنة خمس ومئة‪ ،‬وله مئة وسبع وعشرون سنة‪ .‬انظر‪ :‬معرفة القراء الكبار‬
‫(‪.)58/1‬‬
‫‪ 3‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .160‬األندلسي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.520‬‬
‫‪ 4‬اإلسراء‪ ،‬اآلية‪.106 :‬‬
‫‪ 5‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .139‬أبو حيان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 7‬ص‪ .124‬العكبري‪ ،‬التبيان في‬
‫إعراب القرآن‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .835‬ابن جني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.22‬‬
‫‪ 6‬أبو حيان‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.278‬‬

‫‪97‬‬
‫المبحث السابع‪ :‬توجيه القراءات وأثره في األحكام الفقهية‪:‬‬
‫كان األئمة الفقهاء رحمهم هللا تعالى على علم كبير بالقراءات‪ ،‬وكانوا يهتمون‬
‫بها اهتماما عظيما‪ ،‬وذلك لكونهم يبحثون عن وجوهها لالستدالل بها على األحكام‬
‫الشرعية وما يترتب على القراءات من أحكام فقهية‪.1‬‬
‫وعند تطبيق ذلك في قوله تعالى‪[ :‬ه ه ﮮ ﮯ ﮰ ]‪ 2‬يقول العليمي ‪ :‬أي ينقطع‬
‫ّ‬
‫(يط ّه ْرنَ ) بفتح الطاء‬ ‫الدم‪ ،‬قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم‪ ،‬وخلف‪،‬‬
‫والهاء وتشديدهما‪ ،‬يعني يغتسلن‪.3‬‬
‫اتضح أن القراءتين هنا لكلمة (يطهرن) أفادتا معنيين متغايرين أو شرطين‬
‫قبل جواز وطأة الحائض‪ ،‬ألن القراءتين كاآليتين يجب العمل بهما‪ ،‬ورأي‬

‫‪ 1‬آل إسماعيل‪ ،‬نبيل محمد‪ ،‬علم القراءات‪ ،‬نشأته‪ ،‬أطواره‪ ،‬وأثره في العلوم الشرعية‪ ،‬ط‪( 1‬الرياض‪:‬‬
‫مكتبة التوبة ‪1419‬هـ ‪2000 -‬م)‪ ،‬ص‪.367‬‬
‫‪ 2‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.222 :‬‬
‫‪ 3‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .314‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .182‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .304‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .134‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .64‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.259‬‬

‫‪98‬‬
‫الباحث أن قراءتي التخفيف والتشديد في (يطهرن) تفيدان تعلق الحكم بشرطين‪،‬‬
‫وهما انقطاع الدم لقوله تعالى ) َحتَّى َي ْ‬
‫ط ُه ْرنَ )‪ ،‬واالغتسال‪ ،‬لقوله تعالى (فَإذَا‬
‫ط َّه ْرنَ )‪ ،‬أي فعلن الغسل بالماء‪ ،‬وهذا مثل قوله تعالى‪[ :‬ﯥ ﯦ ﯧ ى ى ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ‬ ‫تَ َ‬
‫ﯰ ﯱ ﯲ ]‪ ،1‬فعلق الحكم وهو جواز دفع المال على شرطين ‪ :‬أحدهما ‪ :‬بلوغ‬
‫المكلف النكاح‪ .‬والثاني ‪ :‬إيناس الرشد ‪ ،‬وكذلك قوله تعالى في المطلقة‪[ :‬ﯽ ي ي ﰀ‬
‫ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ]‪ ،2‬ثم جاءت السنة باشتراط العسيلة ‪ ،‬فوقف التحليل على‬
‫األمرين جميعا ‪ ،‬وهو انعقاد النكاح ووجود الوطء‪.3‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ]‪ 4‬قال‪ :‬قرأ أبو جعفر‪ ،‬وحمزة‪ ،‬ويعقوب‪:‬‬
‫(يُخافا) بضم الياء‪ ،‬أي يعلم ذلك منهما‪ ،‬يعني‪ :‬يعلم المسلمون والقاضي ذلك من‬
‫الزوجين‪ ،‬بدليل قوله‪( :‬فإن خفتم) فجعل الخوف لغير الزوجين‪ ،‬ولم يقل‪ :‬فإن‬
‫خافا‪ ،‬وقرأ الباقون‪ :‬بفتح الياء‪ ،‬أي يعلم الزوجان من أنفسهما‪.5‬‬
‫يفهم من اختالف القرائتين هنا اختالف الحكمين المبنيين عليهما‪ ،‬فالقراءة‬
‫األولى بفتح ياء ( َيخافا) تجعل أمر الخلع بيد الزوجين إن علما أال يقيما حدود‬
‫هللا‪ ،‬أما قراءة حمزة وأبو جعفر ويعقوب بضم الياء في (يُخافا) فإنها تجعل‬
‫الخوف لغير الزوجين وهم الوالة والسلطان والمتوسطون‪ ،‬فلهم إلزام الزوج على‬
‫أخذ الفدية وتنفيذ الخلع إذا رأوا المصلحة في ذلك ولو لم يُرد الزوجان ذلك‪ ،‬بدليل‬
‫قوله‪( :‬فَإ ْن خ ْفت ُ ْم)‪ ،‬وهو مذهب سعيد بن جبير‪ 6‬والحسن‪ 7‬وابن سيرين‪ 8‬وغيرهم‪.1‬‬
‫‪ 1‬النساء‪ ،‬اآلية‪.6 :‬‬
‫‪ 2‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.230 :‬‬
‫‪ 3‬القرطبي‪ ،‬أبو عبدهللا‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬تحقيق سمير البخاري‪ ،‬ط (الرياض‪ :‬دار عالم الكتب‬
‫‪1423‬ه – ‪2002‬م)‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪.92-89‬‬
‫‪ 4‬البقر‪ ،‬اآلية‪.229 :‬‬
‫‪ 5‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .324‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .204‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .184‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .305‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .135‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .64‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.259‬‬
‫‪ 6‬سعيد بن جبير‪ :‬هو سعيد بن جبير األسدي‪ ،‬بالوالء‪ ،‬الكوفي‪ ،‬أبو عبد هللا‪ ،‬تابعي‪ ،‬كان أعلمهم على‬
‫االطالق‪ ،‬أخذ العلم عن عبد هللا بن عباس وابن عمر‪ .‬قتله الحجاح بواسط‪ ،‬وذلك سنة ‪95‬ه‪ .‬انظر‪ :‬األعالم‬
‫(‪.)93/2‬‬
‫‪ 7‬الحسن‪ :‬هو الحسن بن يسار البصري‪ ،‬أبو سعيد‪ :‬تابعي‪ ،‬كان إمام أهل البصرة‪ ،‬وحبر األمة في زمنه‪.‬‬
‫وهو أحد العلماء الفقهاء الفصحاء الشجعان النساك‪ .‬ولد بالمدينة‪ ،‬وشب في كنف علي بن أبي طالب‪،‬‬
‫واستكتبه الربيع‪ .‬مات سنة ‪110‬ه‪ .‬انظر‪ :‬األعالم (‪.)225/2‬‬
‫‪ 8‬ابن سيرين‪ :‬هو محمد بن سيرين البصري‪ ،‬األنصاري بالوالء‪ ،‬أبو بكر‪ ،‬إمام وقته في علوم الدين‬
‫بالبصرة‪ ،‬تابعي من أشراف الكتاب‪.‬مولده ووفاته في البصرة‪ ،‬واشتهر بالورع وتعبير الرؤيا‪ .‬مات سنة‬
‫‪110‬ه‪ .‬انظر‪ :‬األعالم (‪.)154/6‬‬

‫‪99‬‬
‫قال ابن تيمية‪" :‬فكال المعنيين ‪ -‬في مثل هذه الحاالت وغيرها – حق‪ ,‬وهو‬
‫اختالف تنوع وتغاير ال اختالف تضاد وتناقض‪...‬وكل قراءة منها مع القراءة‬
‫األخرى بمنزلة اآلية مع اآلية‪ ،‬يجب اإليمان بها كلها واتباع ما تضمنته من‬
‫المعنى علما وعمال‪ ،‬ال يجوز ترك موجب إحداهما ألجل األخرى ظنا أن ذلك‬
‫تعارض‪ ،‬بل كما قال عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه‪ :‬من كفر بحرف منه فقد‬
‫كفر به كله‪.2‬‬

‫المبحث الثامن‪ :‬توجيه القراءات لبيان مسائل العقيدة‪:‬‬


‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﮙ ﮚ ﮛ ]‪ 3‬قال‪ :‬قرأ حمزة‪ ،‬والكسائي‪ ،‬وخلف بضم التاء‬
‫خبرا عن النبي صلى هللا عليه وسلم‪ ،‬أي قل يا محمد‪ :‬بل عجبتُ ! وقيل‪ :‬هو خبر‬
‫عن هللا تعالى‪ ،‬والتعجب من هللا ليس كالتعجب من اآلدميين‪ ،‬ألنه من الناس إنكار‬
‫وتعظيم‪ ،‬ومن هللا قد يكون بمعنى اإلنكار والذم‪ ،‬وقد يكون بمعنى االستحسان‬
‫ت لَهُ َ‬
‫ص ْب َوة}‪ ،4‬وهي‬ ‫شابّ ٍ لَ ْي َ‬
‫س ْ‬ ‫ب َربُّ ُك ْم م ْن َ‬
‫والرضا كما جاء في الحديث‪َ { :‬عج َ‬

‫‪ 1‬القرطبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪3‬ص‪.136‬‬


‫‪ 2‬ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬ج ‪ 13‬ص‪.392-391‬‬
‫‪ 3‬الصافات‪ ،‬اآلية‪.12 :‬‬
‫‪ 4‬أخرجه أحمد بن حنبل في مسنده‪ ،‬من حديث عقبة بن عامر قال‪ :‬قال رسول هللا صلى هللا عليه و سلم ‪ :‬إن‬
‫هللا عز و جل ليعجب من الشاب ليست له صبوة" ‪ .‬تعليق شعيب األرنؤوط ‪ :‬حسن لغيره‪ ،‬انظر‪ :‬أحمد‪ ،‬أبو‬
‫عبدهللا‪ ،‬المسند‪ ،‬تحقيق شعيب أرنؤوط وآخرين‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪1421‬ه – ‪2001‬م)‪ ،‬حديث‬
‫رقم ‪ 17409‬ج‪ 28‬ص‪.600‬‬
‫قال المناوي‪( :‬ليست له صبوة)‪ :‬أي ميل إلى الهوى بحسن اعتياده للخير وقوة عزيمته في البعد عن‬
‫الشر‪ ،‬قال حجة اإلسالم‪ :‬وهذا عزيز نادر فلذلك قرن بالتعجب‪ ،‬وقال القونوي‪ :‬سره أن الطبيعة تنازع‬
‫الشاب وتتقاضاه الشهوات من الزنا وغيره وتدعوه إليها على ذلك ظهير وهو الشيطان فعدم صدور الصبوة‬

‫‪100‬‬
‫عبارة عما يظهره هللا تعالى في جانب المتعجب منه من التعظيم أو التحقير حتى‬
‫يصير الناس متعجبين منه‪ ،‬وقرأ الباقون‪ :‬بالفتح خطابا للنبي صلى هللا صلى هللا‬
‫عليه وسلم‪ ،‬المعنى‪ :‬تعجبت يا محمد من تركهم اإليمان بعد قيام البرهان‪.1‬‬
‫واضح من قراءة ضم التاء في (عجبتُ ) كيف أثبتت هذه القراءة صفة التعجب هلل‬
‫سبحانه وتعالى وهي من المسائل العقدية‪.‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ]‪ 2‬قال‪ :‬قراءة العامة‪( :‬أيمان) بفتح الهمزة‪ ،‬جمع‬
‫يمين‪ ،‬وقرأ ابن عامر بكسر الهمزة بمعنى التصديق‪ ،‬أي‪ :‬إن لم يف لكم‬
‫المشركون وعابوا دينكم فقاتلوهم (لعلهم ينتهون) عما هم عليه‪.3‬‬
‫هذا هو القدر اليسير الذي حظيت به عن توجيه القراءة لبيان مسائل‬
‫العقيدة في تفسير العليمي‪ ،‬وهو بال شك قدر كاف إليصال المعنى المراد‪.‬‬

‫منه من العجب العجاب‪ .‬اهـ‪ .‬انظر‪ :‬المناوي‪ ،‬زين الدين‪ ،‬فيض القدير شرح الجامع الصغير‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪:‬‬
‫دار الكتب العلمية ‪1415‬ه – ‪1994‬م)‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.334‬‬
‫‪ 1‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪ .508‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .472‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .547‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .528‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .606‬الداني‪،‬‬
‫التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .121‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.396‬‬
‫‪ 2‬التوية‪ ،‬اآلية‪.12 :‬‬
‫‪ 3‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 3‬ص ‪ .158- 157‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .302‬ابن مجاهد‪،‬‬
‫السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .312‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .388‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪،‬‬
‫ص‪ .315‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .84‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪2‬‬
‫ص‪.312‬‬

‫‪101‬‬
‫المبحث التاسع‪ :‬إيراده القراءة بدون توجيه‬
‫مما سبق يتبين لنا بوضوح أن اإلمام العليمي رحمه هللا قد وجه القراءات التي‬
‫يذكرها في تفسيره من خالل األوجه التي تم ذكرها‪ ،‬وهذا هو الغالب األعم‪ ،‬وقد‬
‫أعرض عن توجيه وتعليل بعض القراءات القرآنية التي أوردها وإن كان هذا ال‬
‫يذكر إلى جانب ما تم استعراضه من التوجيه والتعليل ألعلب الكلمات الفرشية‬
‫كما أشرت‪ ،‬وهذا بخالف األصول التي ال يتعلق بها التفسير وال أثر لها في‬
‫معاني القرآءن الكريم‪ ،‬إضافة إلى كون هذه الخالفات األصولية ناشئة إما عن‬
‫اختالف في اللهجات العربية – نطقا ‪ -‬أو في أحكام التالوة وغيرها‪ ،‬وسأحاول‬
‫إلقاء الضوء على القراءات التى أعرض عن توجيهها بذكر بعض النماذج‬
‫الكافية‪.‬‬
‫فعند قوله تعالى‪[ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ]‪ ،1‬قال‪ :‬قرأ قنبل عن ابن كثير (ضيآ ًء)‬
‫بهمزتين بينهما ألف‪ ،‬والباقون بياء مفتوحة بعد الضاد‪.2‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬أ ُ ُكلُ َها دَآئم وظلُّ َها]‪ 3‬قال‪ :‬قرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير‪:‬‬
‫(أ ْكلها) بإسكان الكاف‪ ،‬والباقون بضمها‪.4‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ]‪ 5‬قال‪ :‬قرأ نافع وابن كثير‪ ،‬وأبو عمرو‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫(أ ُ ُكلَ َها)‪ ،‬بإسكان الكاف‪ ،‬والباقون بضمها"‬

‫‪ 1‬يونس‪ ،‬اآلية‪.5 :‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪ .265‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .323‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير‬
‫التيسير ‪ ،‬ص‪ .396‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .328‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.86‬‬
‫الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪.309‬‬
‫‪ 3‬الرعد‪ ،‬اآلية‪.15 :‬‬
‫‪ 4‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج ‪ 3‬ص‪ .499‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .190‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير‬
‫التيسير ‪ ،‬ص‪ .310‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .146‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .94‬ابن‬
‫الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .216‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪.342‬‬
‫‪ 5‬الكهف‪ ،‬اآلية‪.33 :‬‬

‫‪102‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ]‪ 2‬قال‪ :‬قرأ ابن عامر‪ ،‬والكسائي‪ ،‬وقنبل عن‬
‫ابن كثير‪ ،‬وحفص عن عاصم‪ ،‬وأبو جعغر‪ ،‬ويعقوب‪ُ ( :‬خ ُ‬
‫ط َوات)‪ ،‬بضم الطاء‪،‬‬
‫والباقون بإسكانها‪.3‬‬
‫واضح من خالل األمثلة السابقة أن العليمي لم يتطرق فيها إلى التوجيه‬
‫والتعليل‪ ،‬بل اكتفى بمجرد ذكر خالف القراء فيها‪ ،‬وهذا النوع شاع في‬
‫تفسيره‪.‬‬

‫الباب الرابع‬
‫منهج العليمي في اختيار القراءات والترجيح بينها والدفاع عنها‬
‫وتحته ثالثة فصول‪:‬‬
‫الفصل األول‪ :‬اختيار اإلمام العليمي للقراءات‪.‬‬
‫‪ 1‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .174‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .190‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير‬
‫التيسير ‪ ،‬ص‪ .310‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .416‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .65‬ابن‬
‫الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .216‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪.366‬‬
‫‪ 2‬األنعام‪ ،‬اآلية‪.142 :‬‬
‫‪ 3‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .478‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .190‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير‬
‫التيسير ‪ ،‬ص‪ .298‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .120‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .63‬ابن‬
‫الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .216‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪.185‬‬

‫‪103‬‬
‫الفصل الثاني‪ :‬الترجيح بين القراءات عند العليمي‪.‬‬
‫الفصل الثالث‪ :‬منهج العليمي في الدفاع عن القراءات‪.‬‬

‫الفصل األول‬
‫اختيار اإلمام العليمي للقراءات‬

‫وتحته ثالثة مباحث‪:‬‬


‫المبحث األول‪ :‬معنى االختيار لغة واصطالحا ‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬رأي العلماء في االختيار للقراءات‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬منهج العليمي في اختيار القراءات‪.‬‬

‫‪104‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معنى االختيار لغة واصطالحا‪:‬‬
‫تعريف االختيار لغة‪:‬‬
‫أصل مادة (خ ي ر) تدل على الميل والعطف واالنتقاء واالصطفاء‪ ...‬وهو‬
‫مصدر من باب االفتعال‪ ،‬من‪ :‬الخير‪ ،‬وهو ما يرغب فيه ك ُّل أح ٍد كالعقل والعدل‬
‫والفضل ‪ ...‬وأصله بمعنى‪ :‬العطف والميل‪ ،‬ويستعمل في ضد الشر‪.‬‬
‫طلَب ما هو خير وفعلُه‪ ،‬ومنه‪ :‬االستخارة‪،‬‬
‫طلب خير األمرين‪ ،‬أو َ‬ ‫واالختيار‪َ :‬‬
‫أي‪ :‬طلب العبد ما عند هللا تعالى من الخير‪ ،‬وخار الشيء واختاره وتخيره‪ :‬انتقاه‪،‬‬
‫واصطفاه‪ ،‬والخيرات‪ :‬جمع خيرة‪ ،‬وهي الفاضلة من كل شيء‪ ،‬وبمعنى التفضيل‬
‫يقال‪ :‬فالن خير الناس‪ ،‬وفالنة خير الناس‪.1‬‬
‫قال الراغب األصفهاني‪" :‬والخير‪ :‬الفاضل المختص بالخير‪ ،‬ويقال‪ :‬ناقة‬
‫خيار‪ ،‬وجمل خيار‪ .‬واستخار هللاَ العبدُ فخار له‪ ،‬أي طلب منه الخير‬

‫‪ 1‬األفريقي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬مادة (خير)‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .267 – 264‬الزييدي‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬مادة (الخير)‬
‫ج‪ 11‬ص‪.243‬‬

‫‪105‬‬
‫فأواله‪..‬والخيرة‪ :‬الحالة التي تحصل للمستخير والمختار ‪..‬واالختيار‪ :‬طلب ما هو‬
‫خير وفعلُه"‪.1‬‬
‫تعريف االختيار اصطالحا‪:‬‬
‫ال يوجد تعريف واضح ومحدد لدى المتقدمين لمصطلح (االختيار عند‬
‫القراء)‪ ،‬وذلك ألسباب ترجع إلى كون معناه االصطالحي ال يختلف عن المعنى‬
‫اللغوي بمعناه العام‪ ،‬فهو في كال الحالتين يحمل معنى "االصطفاء" و "االنتقاء"‪،‬‬
‫فالعالم بالقراءات حين يختار القراءة فإنما يصطفيها وينتقيها من بين سائر‬
‫القراءات مائال إليها ‪.‬‬
‫نفهم هذا من عبارات وإطالقات العديد من أئمة القراءة والمفسرين المتقدمين‪،‬‬
‫كابن مجاهد والجعبري وابن الجزري والطبري‪ 2‬والقرطبي‪ 3‬والرازي‪ 4‬وغيرهم‪.‬‬
‫وكما نجد هذا المعنى عند القراء نجده أيضا عند النحاة واللغويين واألصوليين‬
‫وغيرهم من أرباب الفنون العلمية المختلفة‪ ،‬نجدهم يقولون مثال‪ :‬اختار فالن كذا‪،‬‬
‫أو هو المختار عندنا‪ ،‬أو وعليه االختيار‪ ،‬فكل هذه العبارات بمعنى االختيار‬
‫واالصطفاء واالنتقاء والترجيح‪.‬‬
‫"فحين يقول الفقهاء‪ :‬هذه اختيارات فالن الفقهية‪ ،‬فإنهم يقصدون بذلك اآلراء‬
‫واألقوال التي اصطفاها‪ ،‬وانتقاها‪ ،‬وفضلها‪ ،‬ورجحها‪.‬‬
‫وحين يقول النحويون أو األصوليون‪ :‬واختاره فالن‪ ،‬وهذا اختيار فالن‪،‬‬
‫واالختيار كذا‪ ،‬فإنهم يعنون الراجح‪ ،‬والوجه المنتقى المصطفى"‪.5‬‬
‫‪ 1‬األصفهاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.161 -160‬‬
‫‪ 2‬الطبري‪ :‬هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري اإلمام أبو جعفر‪ ،‬رأس المفسرين على‬
‫اإلطالق‪ ،‬أحد األئمة‪ ،‬جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره‪ ،‬مولده بآمل سنة ‪224‬ه‪ ،‬ووفاته‬
‫سنة ‪310‬ه‪ .‬أجل كتبه تفسيره (جامع البيان عن تأويل آي القرآن)‪ .‬انظر‪ :‬طبقات المفسرين (‪.)182/1‬‬
‫‪ 3‬القرطبي‪ :‬هو محمد بن أحمد بن أبي فرح األنصاري الخزرجي المالكي أبو عبد هللا القرطبي‪ ،‬مصنف‬
‫التفسير المشهور (الجامع ألحكام القرآن) الذي سارت به الركبان و(التذكرة في أحوال الموتى وأمور‬
‫اآلخرة)‪ .‬مات سنة ‪671‬ه‪ .‬انظر‪ :‬طبقات المفسرين (‪.)79/1‬‬
‫‪ 4‬الرازي‪ :‬هو محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي اإلمام فخر الدين الرازي القرشي البكري‪ ،‬من‬
‫ذرية أبي بكر الصديق رضي هللا عنه‪ ،‬الشافعي المفسر المتكلم‪ .‬له تفسير (مفاتيح الغيب)‪ ،‬و(المحصول في‬
‫أصول الفقه) وغيرهما‪ .‬انظر‪ :‬طبقات المفسرين (‪.)100/1‬‬
‫‪ 5‬فالتة‪ ،‬أمين بن إدريس‪ ،‬االختيار عند القراء‪ ،‬مفهومه‪ ،‬مراحه‪ ،‬وأثره في القراءات‪ ،‬رسالة ماجستير‬
‫(‪1421‬ه)‪ ،‬ص ‪.26‬‬

‫‪106‬‬
‫وقد أشار الراغب األصفهاني إلى أن المتكلمين استخدموا "االختيار" في مقابل‬
‫"اإلكراه" فيكون له معنى خاص عندهم‪.‬‬
‫قال‪ ":‬واالختيار‪ :‬طلب ما هو خير وفعله‪ ،‬وقد يقال لما يراه اإلنسان خيرا وإن‬
‫لم يكن خيرا … والمختار ‪ -‬في عرف المتكلمين ‪ -‬يقال‪ :‬لكل فعل يفعله اإلنسان‬
‫ال على سبيل اإلكراه‪ ،‬فقولهم‪ :‬هو مختار في كذا ‪ ..‬فليس يريدون به ما يراد‬
‫بقولهم‪ :‬فالن له اختيار‪ ،‬فإن االختيار‪ :‬أخذ ما يراه خيرا‪. 1‬‬
‫وقال السمين الحلبي‪":2‬واالختيار في عرف الفقهاء والمتكلمين هو ضد‬
‫اإلكراه‪ ،‬والمختار‪ :‬هو ضد المكروه"‪.3‬‬
‫وقد عرف المعاصرون "االختيار"‪ :‬بعبارات مختلفة‪:‬‬
‫تعريف الشيخ طاهر الجزائري‪" :4‬االختيار عند القوم‪ :‬أن يعمد من كان أهال‬
‫له إلى القراءات المروية‪ ،‬فيختار ما هو الراجح عنده‪ ،‬ويجرد من ذلك طريقا في‬
‫القراءة على حدة" ثم قال‪ ":‬وقد وقع من الكسائي‪ ،‬وممن اختار من القراءات كما‬
‫اختار الكسائي‪ :‬أبو عبيد‪ 5‬وأبو حاتم‪ 6‬والمفضل‪ 1‬وأبو جعفر الطبري‪ ،‬وذلك‬
‫واضح في تصانيفهم"‪.2‬‬

‫‪ 1‬األصفهاني‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.161‬‬


‫‪ 2‬السمين الحلبي‪ :‬هو أحمد بن يوسف بن عبد الدائم بن محمد شهاب الدين السمين الحلبي الشافعي‪ ،‬نزيل‬
‫مصر‪ ،‬توفي سنة ‪756‬ه‪ .‬له من التصانيف‪( :‬الدر المصون في علم الكتاب المكنون)‪( ،‬شرح تسهيل الفوائد‬
‫البن مالك)‪( ،‬عمدة الحفاظ في تفسير أشرف األلفاظ)‪( ،‬العقد النضيد في شرح القصيد) يعني الشاطبية‪.‬‬
‫توفي سنة ‪ .756‬انظر‪ :‬هدية العارفين (‪.)59/1‬‬
‫‪ 3‬السمين الحلبي‪ ،‬عمدة الحفاظ في تفسير أشرف األلفاظ‪ ،‬تحقيق محمد باسل عيون السور‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪:‬‬
‫دار الكتب العلمية ‪1417‬ه – ‪1996‬م)‪ ،‬فصل الخاء والياء‪ ،‬مادة خ ي ر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.547‬‬
‫‪ 4‬طاهر الجزائري‪ :‬هو طاهر بن صالح بن أحمد بن موهوب السمغوني الجزائري‪ ،‬ثم الدمشقي‪ ،‬بحاثة‪ ،‬من‬
‫أكابر العلماء باللغة واألدب في عصره‪ ،‬أصله من الجزائر‪ ،‬ومولده ووفاته بدمشق‪ ،‬ومن كتبه‪( :‬التبيان‬
‫لبعض المباحث المتعلقة بالقرآن)‪( ،‬توجيه النظر إلى أصول األثر)‪ ،‬توفي سنة ‪1338‬ه‪ .‬نقال من (االختيار‬
‫عند القراء‪ ،‬مفهومه‪ ،‬مراحله‪ ،‬وآثاره في القراءات ص‪.32‬‬
‫‪ 5‬أبو عبيد‪ :‬هو القاسم بن سالم األزدي‪ ،‬أبو عبيد البغدادي األديب الفقيه اللغوي‪ ،‬ولد سنة ‪ 154‬ه‪ ،‬وتوفي‬
‫بمكة سنة ‪ 224‬ه‪ .‬من تصانيفه‪( :‬أدب القاضي)‪( ،‬األمثال السائرة)‪( ،‬غريب الحديث)‪( ،‬غريب القرآن)‪،‬‬
‫(فضائل القرآن)‪( ،‬كتاب األموال)‪ ،‬وعيرها‪ ،‬انظر‪ :‬كشف الظنون (‪.)825 /5‬‬
‫‪ 6‬أبو حاتم‪ :‬هو سهل بن محمد بن عثمان بن يزيد‪ ،‬أبو حاتم السجستاني‪ ،‬إمام البصرة في النحو والقراءة‬
‫واللغة والعروض‪ ،‬وكان إمام جامع البصرة‪ .‬قال ابن الجزري‪ :‬وأحسبه أول من صنف في القراءات‪،‬‬
‫عرض على يعقوب الحضرمي وهو من جلة أصحابه‪ .‬توفي سنة ‪255‬ه‪ .‬له‪( :‬إعراب القرآن)‪( ،‬القراءات)‪،‬‬
‫(الوحوش) وغيرها‪ .‬انظر‪ :‬معرفة القراء الكبار (‪.)219/1‬‬

‫‪107‬‬
‫تعريف الشيخ عبدالرزاق علي موسى‪ ":‬هو اختيار بعض المروي دون بعض‬
‫عند اإلقراء والتلقي"‪.‬‬
‫ووضح ذلك بقوله‪ّ ":‬‬
‫ألن ك ّل قارئ من األئمة وغيرهم‪ ،‬يأخذ األحرف القرآنية‬
‫عدد من الشيوخ ويحاول قدر جهده أن يتلقى على أكبر عدد منهم‪،‬‬ ‫من‬
‫فصاروا يجوبون األقطار بحثًا عن النقلة الضابطين لكتاب هللا يأخذون عنهم‪،‬‬
‫ويتلقّون منه‪ ،‬ولكن القارئ إذا أراد أن يقرئ غيره من الطالب فإنه ال يقرئه بك ّل‬
‫ما سمع‪ ،‬بل هو يختار من مسموعاته فيقرئ به ويترك بعضا آخر فال يقرئ به"‪.3‬‬
‫تعريف الدكتور عبدالهادي الفضلي‪ ،‬قال‪ ":‬نستطيع أن نعرف االختيار بأنه‪:‬‬
‫الحرف الذي يختاره القارئ من بين مروياته‪ ،‬مجتهدا في اختياره"‪.4‬‬
‫تعريف زيد مهارش‪" :‬أن يعمد إمام من أئمة االختيار إلى القراءات المروية‬
‫الثابتة عنده فيختار منها قراءة لعلة موجبة‪ ،‬وتنسب إليه بلفظ االختيار"‪.5‬‬
‫تعريف الدكتور السيد رزق الطويل ‪":‬إسناد كل حرف من حروف القراءة إلى‬
‫صاحبه من الصحابة فمن بعدهم‪ ،‬يعني‪ :‬أنه كان أضبط لهذا الحرف‪ ،‬وأكثر قراءة ً‬
‫وإقرا ًءا به‪ ،‬ومالزمةً له وميالً إليه"‪.6‬‬
‫نستطيع القول من خالل التعريفات السابقة بأن االختيار للقراءة يعتمد على‬
‫أسس علمية متينة يجب توافرها وليس عمال عشوائيا يخوض فيه كل من سولت‬
‫له نفسه ويتصرف فيه كيف يشاء‪.‬‬
‫كما يمكننا فهم هذه الشروط من كالم اإلمام مكي بن أبي طالب بقوله‪" :‬وأكثر‬
‫اختياراتهم إنما هو في الحرف‪ ،‬إذا اجتمعت فيه ثالثة أشياء‪:‬‬

‫‪ 1‬المفضل‪ :‬هو المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر‪ ،‬ويقال المفضل بن محمد بن سالم‪ ،‬أبو محمد الضبي‬
‫الكوفي إمام مقرئ نحوي أخباري موثق‪ ،‬أخذ القراءة عرضا ً عن عاصم بن أبي النجود واألعمش‪ ،‬روى‬
‫القراءة عرضا ً عنه علي بن حمزة الكسائي‪ ،‬مات سنة ‪168‬ه‪ .‬انظر‪ :‬غاية النهاية (‪.)268/2‬‬
‫‪ 2‬الجزائري‪ ،‬طاهر‪ ،‬التبيان في بعض المسائل المتعلقة بالقرآن على طريق اإلتقان‪ ،‬اعتنى به أبو غدة‪ ،‬ط‪3‬‬
‫(بيروت‪ :‬دار البشائر اإلسالمية ‪1412‬ه) ص‪.121‬‬
‫‪ 3‬موسى‪ ،‬عبدالزاق علي‪ ،‬تأمالت حول تحريرات العلماء للقراءات المتواترة ‪ .‬ص‪.26‬‬
‫‪ 4‬الفضلي‪ ،‬عبدالهادي‪ ،‬القراءات القرآنية‪ ،‬تاريخ وتعريف‪ ،‬ط‪( 2‬بيروت‪ :‬دار القلم ‪1980‬م)‪ ،‬ص ‪.105‬‬
‫‪ 5‬زيد بن علي مهارش‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.141‬‬
‫‪ 6‬ذكره الدكتور نبيل آل إسماعيل‪ ،‬انظر‪ :‬آل إسماعيل‪ ،‬المرجع السابق ص‪.31‬‬

‫‪108‬‬
‫‪ –1‬قوة وجهه في الغربية‬
‫‪ -2‬موافقته للمصحف‪.‬‬
‫‪-3‬إجماع العامة عليه‪.‬‬
‫واضح من كالم مكي ومن سبقه أن االختيار يشترط له أمور منها قوته في‬
‫العربية وأن يكون صاحب االختيار أهال لذلك‪ ،‬مجتهدا فيه‪ ،‬إلى جانب موافقته‬
‫للمصحف وشهرته‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬رأي العلماء في اختيار القراءات‬


‫جرت عادة العلماء رحمهم هللا على اختيار الحروف التي سكنوا إليها من بين‬
‫حروف القرآن الكريم التي رووها أو قرأوا بها على مشايخهم‪ ،‬فقد كان الواحد‬
‫منهم ربما قرأ على أكثر من شيخ أو قرأ أكثر من حرف أو قراءة على شيخ‬
‫واحد‪ ،‬فيعمد إلى اختيار حرف من بين مروياته‪ ،‬مجتهدا في اختياره‪ ،‬من دون‬
‫إلغاء الحرف اآلخر ألن القراءة سنة متبعة يأخذها الخلف عن السلف‪.‬‬

‫‪109‬‬
‫ولذلك فإن العلماء لم يروا أي غضاضة في اختيار القارئ لحرفه ما دام متقنا‬
‫للروايات ملما بها‪ ،‬مجتهدا فيها‪ ،‬وكانت موافقة للمصحف‪ ،‬وللغة العربية‪،‬‬
‫وحظيت بالقبول لدى العامة كما أسلفنا‪.‬‬
‫يقول ابن الجزري‪" :‬وكذلك إضافة الحروف والقراءات إلى أئمة القراءة‬
‫ورواتهم المراد بها أن ذلك القارئ وذلك اإلمام اختار القراءة بذلك الوجه من‬
‫اللغة حسبما قرأ به‪ ،‬فآثره على غيره‪ ،‬وداوم عليه ولزمه حتى اشتهر وعرف به‪،‬‬
‫وقصد فيه‪ ،‬وأخذ عنه ; فلذلك أضيف إليه دون غيره من القراء‪ ،‬وهذه اإلضافة‬
‫إضافة اختيار ودوام ولزوم ال إضافة اختراع ورأي واجتهاد"‪.1‬‬
‫وقال القرطبي‪" :‬وهذه القراءات المشهورة هي اختيارات أولئك األئمة القراء‪،‬‬
‫وذلك أن كل واحد منهم اختار فيما روى وعلم وجهه من القراءات ما هو األحسن‬
‫عنده واألولى‪ ،‬فالتزمه طريقة ورواه واقرأ به واشتهر عنه‪ ،‬وعرف به ونسب‬
‫إليه‪ ،‬فقيل‪ :‬حرف نافع‪ ،‬وحرف ابن كثير‪ ،‬ولم يمنع واحد منهم اختيار اآلخر وال‬
‫أنكره‪ ،‬بل سوغه وجوزه‪ ،‬وكل واحد من هؤالء السبعة ُروى عنه اختياران أو‬
‫أكثر‪ ،‬وكل صحيح"‪.2‬‬
‫وقد اختار – على هذا األساس – اإلما ُم ُ‬
‫ابن مجاهد القراء السبعة‪ ،‬ولذلك‬
‫يقول‪ :‬وأما اآلثار التي رويت في الحروف‪ ،‬فكاآلثار التي رويت في األحكام‪،‬‬
‫منها المجتمع عليه السائر المعروف‪ ،‬ومنها المتروك المكروه عند الناس المعيب‬
‫من أخذ به وإن كان قد روى وحفظ‪ ،‬ومنها ما توهم فيه من رواه فضيع روايته‬
‫ونسي سماعه لطول عهده‪ ،‬فإذا عرض على أهله عرفوا توهمه وردوه على من‬
‫حمله‪ ،‬وربما سقطت روايته لذلك بإصراره على لزومه وتركه االنصراف عنه‪،‬‬
‫ولعل كثيرا ممن ترك حديثه واتهم في روايته كانت هذه علته‪ .‬وإنما ينتقد ذلك‬
‫أهل العلم باألخبار والحرام والحالل واألحكام‪ ،‬وليس انتقاد ذلك إلى من ال يعرف‬
‫الحديث‪ ،‬وال يبصر الرواية واالختالف‪.‬‬
‫كذلك ما روى من اآلثار في حروف القرآن‪ ،‬منها المعرب السائر الواضح‪،‬‬
‫ومنها المعرب الواضح غير السائر‪ ،‬ومنها اللغة الشاذة القليلة‪ ،‬ومنها الضعيف‬
‫المعنى في اإلعراب‪ ،‬غير أنه قد قرئ به‪ ،‬ومنها ما توهم فيه فغلط به فهو لحن‬

‫ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪1‬ص‪.52‬‬ ‫‪1‬‬

‫القرطبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪.46‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪110‬‬
‫غير جائز عند من ال يبصر من العربية إال اليسير‪ ،‬ومنها اللحن الخفي الذي ال‬
‫يعرفه إال العالم النحرير‪ ،‬وبكل قد جاءت اآلثار في القراءات"‪.1‬‬
‫وبيّن اإلمام نافع كيف أنه اختار قراءته من بين مروياته‪ ،‬وهو الذي قرأ على‬
‫سبعين من التابعين‪ ،‬حيث قال‪" :‬أدركت هؤالء األئمة الخمسة‪ 2‬وغيرهم ممن‬
‫سمى‪ ،‬فلم يحفظ أبي أسماءهم‪ ،‬قال نافع‪ :‬فنظرت إلى ما اجتمع عليه اثنان منهم‬
‫فأخذته وما شذ فيه واحد فتركته حتى ألفت هذه القراءة في هذه الحروف"‪.3‬‬
‫وقرأ الكسائي على حمزة‪ ،‬واختار قراءته من قراءته ومن قراءة غيره‪ ،4‬كما‬
‫اختار أبو عبيد القاسم بن سالم من أقاويل السلف في الفقه ومن قراءتهم‪ ،‬وهو‬
‫اختيار قائم على مبدإ الكثرة بمسائل النحو والصرف واللغة‪ ،‬وأساليب القرآن‬
‫الكريم والشعر وأقوال العرب‪ ،5‬وكان اإلمام القرطبي يتوسع في إيراد اختياراته‬
‫في جامعه‪ ،‬ومن تتبعه وجد ذلك غير منقوص‪.‬‬
‫يتضح مما ذُكر أن االختيار بين القراءات أمر جائز بإجماع العلماء ما لم يؤد‬
‫إلى إلغاء القراءة األخرى أو التقليل واالنتقاص منها‪ ،‬وهذا اإلجماع خيار استقر‬
‫عليه عمل أئمة األداء واإلقراء سلفا وخلفا‪.‬‬

‫‪ 1‬ابن مجاهد‪ ،‬المرجع السابق ص‪.48‬‬


‫‪ 2‬هم‪ :‬عبد الرحمن بن هرمر‪ ،‬وأبو جعفر يزيد بن القعقاع‪ ،‬وشيبة بن نصاح‪ ،‬ومسلم بن جندب‪ ،‬ويزيد بن‬
‫رومان‪.‬‬
‫‪ 3‬ابن مجاهد‪ ،‬المرجع السابق‪ :‬ص‪.61‬‬
‫‪ 4‬ابن مجاهد‪ ،‬المرجع السابق‪ :‬ص ‪.78‬‬
‫‪ 5‬مكي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.38‬‬

‫‪111‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬منهج العليمي في اختيار القراءات‪:‬‬
‫المستقرأ لتفسير العليمي سيجد أنه قد حصر ذكره الختيارات األئمة في خيار‬
‫القراء العشرة المشهورين‪ ،‬بل إن المواضيع التي ذكر فيها خيارات غيرهم ال‬
‫تتجاوز موضعين أو ثالثة مواضيع‪ ،‬نذكرها‪:‬‬
‫‪1‬‬
‫ف)‬ ‫الموضع األول‪ :‬عند قوله تعالى‪( :‬قَالُوا َيا أ َ َبانَا َما لَ َك َال تَأ ْ َمنَّا َعلَى يُو ُ‬
‫س َ‬
‫قال‪ :‬وأجمع القراء على قراءة (ما لك ال تأمنا) بإدغام النون األولى في الثانية‪،‬‬
‫واختلفوا في اللفظ به‪ ،‬فقرأ أبو جعفر بإدغامه محضا من غير إشارة‪ ،‬بل يلفظ‬
‫بنون مفتوحة مشددة‪ ،‬وهو على أصله في إبدال الهمز حرف مد‪ ،‬وقرأ الباقون‬
‫باإلشارة واختلفوا فيها‪ ،‬فبعضهم جعلها روما‪ ،‬فيكون حينئذ إخفاء‪ ،‬وال يتم معها‬
‫اإلدغام الصحيح‪ ،‬وبعضهم جعلها إشماما‪ ،‬فيشير إلى ضم النون بعد اإلدغام‪ .‬قال‬
‫ابن الجزري‪ :‬وبالقول الثاني قطع سائر أئمة أهل األداء من مؤلفي الكتب‪ ،‬وحكاه‬
‫أيضا الشاطبي‪ ،‬قال وهو اختياري‪ ،‬ألني لم أجد نصا يقتضي خالفه‪ ،‬وألنه‬
‫األقرب إلى حقيقة اإلدغام وأصرح في اتباع الرسم‪ ،‬اننهى"‪.2‬‬

‫‪ 1‬يوسف‪ ،‬اآلية‪.11 :‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ .398‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .304،346‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء‬
‫البشر‪ ،‬ص‪ .329‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .345‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪.412‬‬
‫الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.90‬‬

‫‪112‬‬
‫واضح هنا أن العليمي وزع مذاهب القراء إلى من يأتي بالروم ومن يأتي‬
‫باإلشمام في النطق بكلمة (تأمنا) بعد إجماعهم على إدغام النون األولى في‬
‫الثانية‪ ،‬فاختار البعض الروم وقرأ الباقون باإلشمام‪ ،‬ويرى ابن الجزري أن‬
‫مذهب اإلشمام هو مذهب عامة أئمة القراءة ‪ -‬بما فيهم الشاطبي‪ ،‬واختاره ألسباب‬
‫أثرية وأدائية دعته إلى ذلك‪.‬‬
‫الموضع الثاني‪ :‬عند قوله تعالى‪[ :‬ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ]‪ 1‬قال‪ :‬قرأ أبو جعفر بكسر التاء‬
‫منهما بغير تنوين‪ ،‬والباقون بفتحها فيهما‪ ،‬ووقف بالهاء‪ :‬البزي‪ ،‬والكسائي‪،‬‬
‫وروح‪ ،‬والباقون يقفون عليهما بالتاء‪ ،‬وهو المختار"‪.2‬‬
‫المال َحظ من المثال األخير أن العليمي ذكر خالف األئمة في كيفية الوقوف‬
‫على تاء التأنيث في (هيهات) بين من رأى الوقوف عليها بالهاء ومن يرى‬
‫الوقوف بالتاء‪ ،‬ثم اختار المذهب األخير‪.‬‬

‫‪ 1‬المؤمنون‪ ،‬اآلية‪.36 :‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .471‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .403‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في‬
‫القراءات‪ ،‬ص‪ .345‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .263‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.328‬‬

‫‪113‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫الترجيح بين القراءات عند العليمي‬

‫وتحته ثالثة مباحث‪:‬‬


‫المبحث األول‪ :‬معنى الترجيح لغة واصطالحا‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬حكم الترجيح بين القراءات‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬منهج العليمي في الترجيح بين القراءات‪.‬‬

‫المبحث األول‪ :‬معنى الترجيح لغة واصطالحا‪.‬‬


‫تعريف الترجيح لغة‪:‬‬

‫‪114‬‬
‫كلمة "الترجيح" مشتقة من مادة (ر ج ح)‪ ،‬وهي تدل على الزيادة والقوة‬
‫والميل والرزانة‪ .‬يقال‪ :‬أرجح الميزان‪ ،‬أي أثقله حتى مال‪ ،‬وأرجح له ورجح‪:‬‬
‫أعطاه راجحا‪ ،‬ورجحت إحدى الكفتين األخرى‪ :‬مالت بالموزون‪.1‬‬
‫وفي "المعجم الوسيط"‪" :‬رجح الشيء رجوحا ورجحانا ورجاجة‪ :‬ثقل‪ ،‬ويقال‪:‬‬
‫رجحه غيره‪ ،‬ويقال‪ :‬رجحت إحدى الكفتين األخرى‪ :‬مالت بالموزون‪ ،‬وفي‬
‫مجلسه‪ :‬ثقل فيه فلم يخف‪ ،‬وعقله أو رأيه‪ :‬اكتمل‪ ،‬والشيء بيده‪ :‬رفعه لينظر ما‬
‫ثقله‪ ،‬وفالنا‪ :‬زاد عليه في الرزانة‪ ،‬يقال‪ :‬راجحه فرجحه‪ ،‬وقول راجح‪ ،‬ورأي‬
‫مرجوح‪.2‬‬
‫تعريف الترجيح اصطالحا‪:‬‬
‫عرفه جمال أبو سحلوب بقوله‪" :‬هو أن يرجح أحد العلماء‪ ،‬سواء كان قارئا أم‬
‫مفسرا قراءة على أخرى‪ ،‬متواترة كانت أم شاذة‪ ،‬العتبارات معينة"‪.3‬‬
‫وعرفته أحالم طوير بقولها‪" :‬هو تفضيل قراءة بأخرى تفضيال ال يقدح بصحة‬
‫القراءة المرجوحة أو المفضولة‪ ،‬وال ينقص من قيمتها"‪.4‬‬
‫وعرفه عبدالباسط األسطل بقوله‪" :‬هو ترجيح قراءة على أخرى متواترة‬
‫كانت أم شاذة العتبارات معينة"‪.5‬‬
‫نستخلص من هذه التعريفات أن الترجيح عند القراء يتمحور في أربعة أشياء‪:‬‬
‫أوال‪ :‬أنه اختيار وتفضيل بين حروف القراءات‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬أن هذا التفضيل ال يقدح في القراءة المفضولة وال يسقطها‪.‬‬

‫‪ 1‬الفيرزر آبادي‪ ،‬القاموس المحيط‪ ،‬فصل الراء‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .279‬الفيومي‪ ،‬أبو العباس‪ ،‬المصباح المنير‪،‬‬
‫فصل ر ج ح‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ .359‬الزبيدي‪ ،‬تاج العروس‪ ،‬مادة رجح‪ ،‬ج‪ 6‬ص ‪ .383‬األفريقي‪ ،‬لسان العرب‪،‬‬
‫مادة رجح‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.445‬‬
‫‪ 2‬المعجم الوسيط‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.329‬‬
‫‪ 3‬سحلوب‪ ،‬جمال عبدهللا‪ ،‬منهج القرطبي في القراءات وأثرها في تفسيره‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية أصول‬
‫الدين‪ ،‬قسم التفسير وعلوم القرآن‪ ،‬الجامعة اإلسالمية بغزة‪ ،‬ص‪.125‬‬
‫‪ 4‬طوير‪ ،‬أحالم محمد‪ ،‬منهج أبي حيان في عرضه للقراءات وأثرها في تفسيره البحر المحيط‪ ،‬رسالة‬
‫ماجستير ص‪.203‬‬
‫‪ 5‬األسطل‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.147‬‬

‫‪115‬‬
‫ثالثا‪ :‬ال بد أن يصدر عن العلماء العارفين‪.‬‬
‫رابعا‪ :‬أن هناك أسبابا تدعو َمن رجح إلى هذا الترجيح‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬حكم الترجيح بين القراءات‪.‬‬


‫حذر العلماء سلفا وخلفا من الترجيح بين القراءات المتواترة ترجيحا يكاد‬
‫يسقط القراءة األخرى‪ ،‬أو ينتقص منها‪ ،‬وقد شددوا عليه ألنه يؤدي إلى إسقاط‬
‫جزء من القرآن الكريم باعتبار كال القراءتين قرآنا‪.‬‬
‫قال ابن الجزري‪" :‬وبهذا افترق اختالف القراء من اختالف الفقهاء‪ ،‬فإن‬
‫اختالف القراء كل حق وصواب نزل من عند هللا وهو كالمه ال شك فيه واختالف‬
‫الفقهاء اختالف اجتهادي والحق في نفس األمر فيه واحد‪ ،‬فكل مذهب بالنسبة إلى‬
‫اآلخر صواب يحتمل الخطأ‪ ،‬وكل قراءة بالنسبة إلى األخرى حق وصواب في‬
‫نفس األمر نقطع بذلك ونؤمن به‪ ،‬ونعتقد أن معنى إضافة كل حرف من حروف‬
‫االختالف إلى من أضيف إليه من الصحابة وغيرهم‪ ،‬إنما هو من حيث إنه كان‬
‫أضبط له وأكثر قراءة وإقراء به‪ ،‬ومالزمة له‪ ،‬وميال إليه‪ ،‬ال غير ذلك"‪.1‬‬
‫ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.52‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪116‬‬
‫وقال السيوطي‪" :‬ينبغي التنبيه على شيء‪ ،‬وهو أنه قد ت ُ َر ّجح إحدى القراءتين‬
‫على األخرى ترجيحا يكاد يسقطها‪ ،‬وهذا غير مرضي‪ ،‬ألن كال منهما متواتر‪،‬‬
‫وقد حكى أبو عمر الزاهد‪ 1‬في كتاب اليواقيت‪ 2‬عن ثعلب أنه قال‪ :‬إذا اختلف‬
‫اإلعرابان في القرآن لم أفضل إعرابا على إعراب‪ ،‬فإذا خرجت إلى كالم الناس‬
‫فضلت األقوى‪ ،‬وقال أبو جعفر النحاس‪ :‬السالمة عند أهل الدين إذا صحت‬
‫القراءتان أال يقال إحداهما أجود‪ ،‬ألنهما جميعا عن النبي‪ ،‬فيأثم من قال ذلك‪،‬‬
‫وكان رؤساء الصحابة ينكرون مثل هذا‪ ،3‬وقال أبو شامة‪ :‬أكثر المصنفون من‬
‫الترجيح بين قراءة (مالك) و(ملك)‪ ،‬حتى إن بعضهم يبالغ إلى حد يكاد يسقط وجه‬
‫القراءة األخرى‪ ،‬وليس هذا بمحمود بعد ثبوت القراءتين‪ ،4‬انتهى‪.5‬‬
‫واضح من خالل كالم ابن الجزري ومن نقوالت اإلمام السيوطي ما كان عليه‬
‫األئمة من التحذير الشديد من الترجيح بين القراءات المتواترة الثابتة‪ ،‬وعللوا ذلك‬
‫بأنه قد يؤدي إلى إسقاط ما ثبت من القرآن الكريم‪.‬‬
‫ولذلك نقم العلماء على الزمخشري‪ 6‬وشنعوا عليه في طعنه على بعض‬
‫القراءات التي يراها مرجوحة إلى حد إسقاطها‪ .‬وممن قام بالرد عليه أبو حيان‬
‫في (البحر المحيط)‪ ،‬واآللوسي‪ 7‬في (روح المعاني) وغيرهما‪.‬‬
‫وبعد تحذيرهم من هذا النوع من الترجيح اختلفوا في مجرد الترجيح بين‬
‫القراءات المتواترة من دون الطعن في األخرى‪ ،‬فمنعه البعض مطلقا سدا‬

‫‪ 1‬أبو عمر الزاهد‪ :‬هو محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم أبو عمر الزاهد المطرز اللغوي غالم ثعلب‪ ،‬قال‬
‫ابن برهان ‪ :‬لم يتكلم في العربية أحد من األولين واآلخرين أعلم منه‪ .‬وله من التصانيف ‪( :‬اليواقيت)‪،‬‬
‫(شرح الفصيح)‪( ،‬فائت الفصيح)‪( ،‬غريب مسند أحمد)‪( ،‬المرجان)‪ ،‬وغيرها‪ ، .‬مات سنة ‪345‬ه ببغداد‪.‬‬
‫انظر‪ :‬بغية الوعاة (‪.)164/1‬‬
‫‪ 2‬وهو كتاب مفقود‪.‬‬
‫‪ 3‬النحاس‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 5‬ص‪.62‬‬
‫‪ 4‬أبو شامة‪ ،‬إبراز المعاني من حرز األماني‪ ،‬تحقيق إبراهيم عطوه عوض‪ ،‬ط(بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية)‬
‫ص‪.70‬‬
‫‪ 5‬السيوطي‪ ،‬اإلتقان‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.537-536‬‬
‫‪ 6‬الزمخشري‪ :‬هو محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشري‪ ،‬جار هللا‪ ،‬أبو القاسم‪ ،‬من‬
‫أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة واآلداب‪ .‬توفى سنة ‪538‬ه‪ .‬من كتبه (الكشاف)‪( ،‬أساس البالغة)‪( ،‬مقدمة‬
‫األدب) وغيرها‪ .‬انظر‪ :‬األعالم (‪.)178/7‬‬
‫‪ 7‬اآللوسي‪ :‬هو محمود بن عبد هللا الحسينى األلوسى‪ ،‬شهاب الدين‪ ،‬أبو الثناء‪ ،‬مفسر‪ ،‬محدث‪ ،‬أديب‪ ،‬من‬
‫المجددين‪ ،‬من أهل بغداد‪ ،‬مولده ووفاته فيها‪ .‬كان سلفي االعتقاد‪ ،‬مجتهدا‪ ,‬من كتبه‪ ( :‬تفسير روح المعاني)‪،‬‬
‫(دقائق التفسير)‪( ،‬غرائب االغتراب) وغيرها‪ .‬توفي سنة ‪1270‬ه‪ .‬انظر‪ :‬األعالم‪.)176/7( :‬‬

‫‪117‬‬
‫للذريعة‪ ،‬وألن هذا قد يؤدي إلى المفاضلة بين كالم هللا تعالى‪ ،‬ومن هؤالء أبو‬
‫جعفر النحاس‪ ،1‬وجوزه البعض باعتبار أن من القرآن ما هو فصيح وما هو‬
‫أفصح‪ ،‬وما هو فاش وما هو أفشى‪ ،‬وما هو أقيس‪ ،‬وهكذا‪ ،‬كما يقولون في لفظي‬
‫(ملك) و(مالك)‪ ،‬وإذا كان كذلك فيجوز إذن ترجيح قراءة على أخرى‪ ،‬ألن كال‬
‫القراءتين من لسان العرب‪ ،‬والقرآن إنما نزل بلسان عربي مبين‪.‬‬
‫ممن أجاز ذلك اإلمام الطبري‪2 ،‬والقرطبي‪ ،‬وابن عطيه‪ ،‬وابن الجزري‪ ،‬وابن‬
‫عاشور‪ ،3‬والعليمي وغيرهم‪.‬‬
‫وأما إذا كان الترجيح بين القراءة المتواترة والشاذة‪ ،‬فقد أجمعوا على ترجيح‬
‫وتفضيل القراءة المتواترة على الشاذة‪ ،‬ألن القراءة الشاذة ليست قرآنا‪.‬‬
‫وشذ في ذلك الزمخشري‪ ،‬فقد فضل في تفسيره الشاذة على المتواترة‪ ،‬حيث‬
‫قال عند تفسير قوله تعالى‪[ :‬ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ]‪ 4‬قال‪ :‬وقرأ قتادة‪:5‬‬
‫الضر)‪ 6‬على‪ :‬فاعل بمعنى فعل‪ ،‬وهو أقوى من كشف‪ ،‬ألن بناء المغالبة‬
‫َّ‬ ‫( َك َ‬
‫اشف‬
‫يدل على المبالغة ‪.‬‬
‫‪7‬‬

‫‪ 1‬أبو جع فر النحاس‪ :‬هو أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس المرادي‪ ،‬أبو جعفر النحاس المصري‪ ،‬كان‬
‫إماما ً في النحو‪ ،‬توفي مغروقا ً بمصر سنة ‪338‬ه‪ .‬من تصانيفه‪( :‬أدب الكاتب)‪( ،‬التفاحة في النحو) ‪،‬‬
‫(إعراب القرآن)‪( ،‬تفسير القرآن) ‪(،‬شرح شواهد كتاب سيبويه)‪ .‬انظر‪ :‬بغية الوعاة (‪.)262/1‬‬
‫‪ 2‬تنازع الباحثون عن موقف الطبري الحقيقي من الترجيح بين القراءات‪ ،‬هل هو من المرجحين أم من‬
‫الطاعنين؟ فمن جعله من الطاعنين حشده إلى جانب الزمخشري‪ ،‬كما يراه اآلخرون من المرجحين ال غير‪،‬‬
‫ومنهم الدكتوى محمد حسين الذهبي‪ ،‬والراجح أنه من الطاعنين‪ ،‬راجع‪ :‬الذهبي‪ ،‬محمد حسين‪ ،‬التفسير‬
‫والمفسرون‪ ،‬ط (القاهرة‪ :‬مكتبة وهبة) ج‪ 1‬ص‪ .153‬و‪ :‬الحسن‪ ،‬محمد علي‪ ،‬ابن جرير والقراءات‪.،‬‬
‫‪ 3‬ابن عاشور‪ :‬هو محمد الطاهر بن عاشور‪ ،‬رئيس المفتين المالكيين بتونس‪ ،‬وشيخ جامع الزيتونة‬
‫وفروعه بتونس‪.‬‬
‫مولده ووفاته ودراسته بها‪ .‬عين (عام ‪ )1932‬شيخا لإلسالم مالكيا‪ .‬من كتبه‪( :‬التحرير والتنوير)‪( ،‬مقاصد‬
‫الشريعة اإلسالمية)‪( ،‬الوقف وآثاره في اإلسالم) وغيرها‪ .‬توفي سنة ‪1393‬ه‪ .‬انظر‪ :‬األعالم (‪.)173/6‬‬
‫‪ 4‬النحل‪ ،‬اآلية‪.54 :‬‬
‫‪ 5‬قتادة‪ :‬هو قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز‪ ،‬أبو الخطاب السدوسي البصري‪ :‬مفسر حافظ ضرير أكمه‪.‬‬
‫مات بواسط في الطاعون‪ ،‬سنة ‪118‬ه‪ .‬انظر‪ :‬األعالم (‪.)189/5‬‬
‫‪ 6‬السمين الحلبي‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 7‬ص‪ .240‬ابن جني ‪ ،‬المحتسب‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .9‬ابن خالويه‪ ،‬مختصر في‬
‫شواذ القرآن‪ ،‬ط(القاهرة‪ :‬مكتبة المتنبي) ص‪.77‬‬
‫‪ 7‬الزمخشري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.611‬‬

‫‪118‬‬
‫واضح من تصرف الزمخشري في المثال السابق أنه خرق ما عليه الجمهور‬
‫من عدم جواز ترجيح القراءة الشاذة على المتواترة‪ ،‬ودفعه إلى ذلك داعي اللغة‪,‬‬
‫وهي مخالفة صريحة لما استقر عليه العلماء‪.‬‬
‫المبحث الثالث‪ :‬منهج العليمي في الترجيح بين القراءات‪.‬‬
‫العليمي رحمه هللا من العلماء الذين يرون جواز الترجيح بين القراءات‬
‫المتواترة ما لم يؤد ذلك إلى إسقاط القراءة األخرى أو النيل منها‪ ،‬بل إن المتتبع‬
‫لتفسيره سيجد أنه كان من المدافعين بشدة عن القراءات التي طعن البعض فيها‬
‫بحجة مخالفة لغة العرب‪ ،‬كما سنرى ذلك‪.‬‬
‫ويستخدم العليمي ألفاظا مختلفة تؤدي كلها إلى معنى الترجيح والتفضيل‪ ،‬من‬
‫هذه األلفاظ التي استخدمها قوله‪ :‬وهي األرجح‪ ،‬وهو األوجه في القياس‪ ،‬وهي‬
‫اللغة الفصيحة‪ ،‬وهو أجزل اللغتين‪ ،‬وغير ذلك‪.‬‬
‫وسنورد بعض األمثلة على ذلك حتى تكتمل الصورة‪.‬‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ]‪ 1‬قال‪ :‬قرأ نافع‪ ،‬وأبو عمرو‪ ،‬وابن كثير‪،‬‬
‫وأبو جعفر‪ ،‬ورويس‪( :‬يشاء إلى) بتحفيف الهمزة األولى‪ ،‬وتسهيل الثانية‪،‬‬
‫واختلف في كيفية تسهيلها‪ ،‬فذهب جمهور المتقدمين إلى أنها تبدل واوا خالصة‬
‫مكسورة‪ ،‬وذهب بعضهم إلى أنها تجعل بين الهمزة والياء‪ ،‬وهو مذهب أئمة‬
‫النحو والمتأخرين من القراء‪ ،‬وهو األوجه في القياس‪ ،‬وقرأ الباقون‪ ،‬وهم‬
‫الكوفيون‪ ،‬وابن عامر‪ ،‬وروح‪ ،‬بتحقيق الهمزتين‪.2‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭧ ﭨ ﭩ ]‪ 3‬قال‪ :‬قرأ نافع‪( :‬عسيتم) بكسر السين‪ ،‬ك َخش ْيت ُ ْم‪،‬‬
‫والباقون بالفتح‪ ،‬كرميتم‪ ،‬وهي اللغة الفصيحة‪.4‬‬

‫‪ 1‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.142 :‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .212‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ ..194‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير‬
‫التيسير ‪ ،‬ص‪ .213‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .28‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪،‬‬
‫ج‪ 1‬ص‪.387‬‬
‫‪ 3‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.246 :‬‬
‫‪ 4‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .351‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .139‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء‬
‫البشر‪ ،‬ص‪ .207‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .186‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪.307‬‬
‫الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .65‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.230‬‬

‫‪119‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ]‪ 1‬قال‪ :‬قرأ ابن عامر‪( :‬إن هللا) بكسر الهمزة‪،‬‬
‫شرك) بضم أوله وكسر الشين مشددا‪ ،‬وقرأ حمزة‪( :‬إن هللا) كابن عامر‪،‬‬ ‫(يُ َب ّ‬
‫ش ُرك) بفتح الياء وضم الشين مخففا‪ ،‬وقرأ الكسائي‪( :‬أَن هللا) بفتح الهمزة‪،‬‬ ‫(يَ ْب ُ‬
‫شرك) كقراءة‬ ‫ش ُرك) كقراءة حمزة‪ ،‬وقرأ الباقون‪( :‬أَن هللا) بفتح الهمزة‪( ،‬يُبَ ّ‬ ‫(يَ ْب ُ‬
‫ابن عامر‪ ،‬فالقراءة بكسر األلف على إضمار القول‪ ،‬تقديره‪ :‬فنادته المالئكة‬
‫فقالت‪ :‬إن‪ ،‬وبالفتح بإيقاع النداء عليه‪ ،‬كأنه قال‪ :‬فنادته المالئكة ّ‬
‫بأن‪ ،‬والقراءة‬
‫ش َر‪ ،‬وهو األفصح‪ ،‬وبفتح الباء‬ ‫بضم الياء وفتح الباء وكسر الشين مشددا من َب َّ‬
‫وضم الشين مخففا من بَش ََر‪ ،‬وهي لغة تهامة‪.2‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﭝ ﭞ ﭟ ]‪ 3‬قال‪ :‬قرأ الكوفيون‪ ،‬وابن عامر‪ :‬بإسكان العين‪،‬‬
‫والباقون‪ :‬بفتحها‪ ،‬وهو أجزل اللغتين‪. 4‬‬
‫وعند قوله تعالى‪[ :‬ﮡ ﭨ]‪ 5‬قال‪ :‬قرأ ابن عامر‪ ،‬والكسائي‪( :‬لَت ُ َر ُو َّن) بضم التاء‬
‫مجهوال من أريته الشيء‪ .‬وقرأ الباقون‪ :‬بفتح التاء‪ ،‬وهي األرجح‪ ،‬أي ترونها‬
‫بأبصاركم عن بعيد‪.6‬‬
‫اتضح من خالل النماذج السابقة أن العليمي يرجح أحيانا بعض القراءات على‬
‫بعض من دون التنقيص من القراءة المرجوحة عنده وذلك بعبارات مختلفة كلها‬
‫تؤدي إلى معنى واحد‪ ،‬والترجيح هنا مجرد خيار استئناس وميل العتبارات‬
‫معينة عنده‪ ،‬وال يقصد التنقيص أو التفضيل الذي يؤدي إلى إسقاط القراءة‬
‫األخرى أو الحط من قيمتها‪ ،‬وهذا جائز عند العلماء كما أسلفنا‪.‬‬

‫‪ 1‬آل عمران‪ ،‬اآلية‪.39 :‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .447‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .162‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء‬
‫البشر‪ ،‬ص‪ .223‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .205‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪.322‬‬
‫الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .68‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.239‬‬
‫‪ 3‬النحل‪ ،‬اآلية‪.80 :‬‬
‫‪ 4‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .46‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .393‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء‬
‫البشر‪ ،‬ص‪ .353‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .375‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪.433‬‬
‫الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .96‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.304‬‬
‫‪ 5‬التكاثر‪ ،‬اآلية‪.6 :‬‬
‫‪ 6‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 7‬ص‪ .426‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .771‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء‬
‫البشر‪ ،‬ص‪ .597‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .695‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪.433‬‬
‫الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .141‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.403‬‬

‫‪120‬‬
‫الفصل الثالث‬
‫منهج العليمي في الدفاع عن القراءات‬

‫ويحتوي على مبحثين‪:‬‬


‫المبحث األول‪ :‬توطئة عن الدفاع عن القراءات‪.‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬منهج العليمي في الدفاع عن القراءات‪.‬‬

‫‪121‬‬
‫المبحث األول‪ :‬توطئة عن الدفاع عن القراءات‪:‬‬
‫ال شك في أن القرآن الكريم وحي من هللا تعالى‪ ،‬نزل به الروح األمين على‬
‫قلب نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم ليكون من المنذرين‪ ،‬بلسان عربي مبين‪ ،‬وال‬
‫يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه تنزيل من حكيم حميد‪.‬‬
‫وقد أخبرنا النبي صلى هللا عليه وسلم بأن هذا القرآن قد أنزل على سبعة‬
‫أحرف‪ ،‬وأمرنا أن نقرأ بما تيسر منه تيسرا ورحمة لهذه األمة‪ ،1‬فبكل حرف من‬
‫هذه الحروف قرأ المرء المسلم جاز له ذلك‪ ،‬وال يجوز الطعن في شيء منها‬
‫بحجة الرد إلى القياس أو فشو لغة‪" ،‬وأئمة القراء ال تعمل في شيء من حروف‬
‫القرآن على األفشى في اللغة واألقيس في العربية‪ ،‬بل على األثبت في األثر‬
‫واألصح في النقل والرواية‪ ،‬إذا ثبت عنهم لم يردها قياس عربية وال فشو لغة ;‬
‫ألن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها"‪.2‬‬

‫‪ 1‬البخاري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬كتاب فضائل القرآن ‪ ،‬باب أنزل القرآن على سبعة أحرف‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪،1909‬‬
‫حديث رقم‪.4706‬‬
‫‪ 2‬الداني‪ ،‬جامع البيان في القراءات السبع المشهورة‪ ،‬تحقيق محمد صدوق الجزائري‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪2005‬م ‪1426-‬ه) ص‪.396‬‬

‫‪122‬‬
‫وقد رأيت كالما صارما للدكتور محمد علي الحسن‪ 1‬في بحث له بعنوان‪" :‬ابن‬
‫جرير والقراءات" وقفت عليه طويال‪ ،‬ألنه يخدم هذا المعنى بعمق‪ ،‬مع ما فيه من‬
‫جرأة علمية عجيبة‪ ،‬لكني أتفق معه في رأيه إلى حد كبير‪ ،‬سأختتم به المبحث‪،‬‬
‫يقول فيه ما نصه‪ " :‬لقد سبق وأن تعرضنا لضوابط القراءات ورجحنا أن‬
‫الضابط الوحيد هو صحة السند ورأينا أن الضابطين موافقة الرسم وموافقة اللغة‪،‬‬
‫ال يعتبران في قبول القراءة ورفضها‪ ،‬فقد توافق القراءة الرسم وال تعتبر‪ ،‬وقد‬
‫توافق اللغة وال تقبل ما دامت القراءة لم يصح سندها‪ .‬فإذا تواتر السند أصبحت‬
‫القراءة قرآنًا ال مجال لردها‪ ،‬وفي هذه الحالة لن تخالف رس ًما ولن تخالف لغة ؛‬
‫ألن قواعد اللغة تُص َّحح وفقًا للقرآن الكريم‪ ،‬وال تُص ّح ُح هي القرآنَ الكريم‪. 2‬‬
‫المبحث الثاني‪ :‬منهج العليمي في الدفاع عن القراءات‪:‬‬
‫لقد سلك اإلمام العليمي منهجا مميزا في الدفاع والذب عن القراءات ضد‬
‫الطاعنين فيها‪ ،‬ويتمثل في إيراد رد من سبقه من العلماء على من طعن في‬
‫القراءة المطعون فيها من دون مباشرة الرد أو الدفاع بشخصه‪ .‬وهاك بعض‬
‫األمثلة‪:‬‬
‫ذكره دفاع الكواشي‪:3‬‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﭖ ]‪ 4‬قال‪ :‬قرأ أبو عمرو‪ ،‬وابن كثير‪ ،‬وأبو جعفر‪ ،‬وقالون‪،‬‬
‫ورويس عن يعقوب‪( :‬أأنذرتهم) بتحقيق الهمزة األولى وتسهيل الثانية بين الهمزة‬
‫واأللف‪ ،‬وأبو عمرو‪ ،‬وقالون‪ ،‬وأبو جعفر يفصلون بين الهمزتين بألف‪ ،‬وورش‬
‫يبدلها ألفا خالصة‪ ،‬وروي عنه التسهيل بين بين‪ .‬وقرأ الباقون‪ ،‬وهم الكوفيون‪،‬‬
‫وابن ذكوان‪ ،‬وروح بتحقيق الهمزتين‪ ،‬من غير فصل بينهما كل القرآن‪ .‬واختلف‬
‫عن هشام في الفصل مع تحقيق الهمزتين‪ ،‬واختلف عنه أيضا في تسهيل الثانية‬
‫بين بين وتحقيقها‪ ،‬وزعم بعضهم‪ 5‬أن من قلب الهمزة الثانية ألفا على أحد‬

‫‪ 1‬أستاذ علوم القرآن في كلية الدراسات العربية واإلسالمية في دبي‪.‬‬


‫‪ 2‬محمد علي حسن‪ ،‬ابن جرير والقراءات‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫‪ 3‬الكواشي‪ :‬هو أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع اإلمام موفق الدين الكواشي الموصلي المفسر الفقيه‬
‫الشافعي‪ .‬قال الذهبي‪ :‬برع في العربية والقراءات والتفسير‪ ،‬له‪( :‬التفسير الكبير) ‪( ،‬والصغير)‪ ،‬مات‬
‫بالموصل سنة ‪680‬ه‪ .‬انظر‪ :‬بغية الوعاة (‪.)401/1‬‬
‫‪ 4‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.6 :‬‬
‫‪ 5‬هو الزمخشري في كشافه عند تفسيره لآلية‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.48‬‬

‫‪123‬‬
‫الوجهين لورش الحن‪ ،‬لجمعه بين ساكنين على غير حدّه‪ .‬قال الكواشي‪ :1‬وفي‬
‫زعمه نظر‪ ،‬ثم بين وجه القراءة بذلك‪ ،‬وجواز الجمع بين ساكنين‪ ،‬وملخصه أنه‬
‫يجوز الجمع بين ساكنين مطلقا إذا صح نقله‪ ،‬وقد صح‪ ،‬ومتى اجتمعت همزتان‬
‫في كلمة الثانية ساكنة‪ ،‬واألولى متحركة بأي حركة كانت‪ ،‬فأجمع القراء أن‬
‫األولى محققة‪ ،‬والثانية مسهلة تبدل واوا إذا انضم ما قبلها‪ ،‬وألفا إذا انفتح‪ ،‬وياء‬
‫إذا انكسر‪ ،‬كآدم وأوتي وإيمان‪.2‬‬
‫ذكره دفاع ابن الجزري‪:‬‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ]‪ 3‬قال‪ :‬قرأ أبو جعفر‪( :‬للمالئكةُ) بضم التاء حالة‬
‫الوصل إتباعا‪ ،‬وروي عنه إشمام كسرتها الضم‪ ،‬والوجهان صحيحان عنه‪،‬‬
‫ووجه اإلشمام أنه أشار إلى الضم تنبيها على أن الهمزة المحذوفة التي هي همزة‬
‫الوصل مضمومة حالة االبتداء‪ ،‬ووجه الضم أنهم استثقلوا اإلنتقال من الكسرة إلى‬
‫الضمة إجراء للكسرة الالزمة مجرى العارضة‪ ،‬وعللها أبو البقاء‪ 4‬أنه نوى‬
‫الوقف على التاء فسكنها‪ ،‬ثم حركها بالضم إتباعا لضمة الجيم‪ ،‬وهذا من إجراء‬
‫الوصل مجرى الوقف‪ ،5‬وقد اعترض جماعة‪ 6‬على أبي جعفر في قراءته لذلك‪،‬‬
‫فرد ابن الجزري اعتراضه‪ ،‬وانتصر ألبي جعفر‪ ،‬وصوب قراءته‪ ،‬وقال‪ :‬إنه لم‬
‫ينفرد بهذه القراءة‪ ،‬بل قرأها غيره من السلف‪ ،7‬وقرأ الباقون بإخالص كسرة‬
‫التاء"‪.8‬‬
‫ذكره دفاع ابن الجزري والقاسم بن معن النحوي‪:9‬‬

‫‪ 1‬لعله ذكر ذلك في تفسيره الكبير أو الصغير‪ ،‬ولم يطبعا بعد‪.‬‬


‫‪ 2‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص ‪ .56-55‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .86‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء‬
‫البشر‪ ،‬ص‪ .64‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .695‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .187‬ابن‬
‫الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.273‬‬
‫‪ 3‬البقرة‪ ،‬اآلية‪.34 :‬‬
‫‪ 4‬يعني العكبري‪.‬‬
‫‪ 5‬العكبري‪ ،‬المرجع السابق‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪.30‬‬
‫‪ 6‬منهم ابن الزجاج والفارسي وابن جني‪ ،‬وغيرهم‪ ،‬انظر البحر المحيط (ج‪/1‬ص‪.)302‬‬
‫‪ 7‬كسليمان بن مهران وغيرهم‪ .‬انظر البحر المحيط‪( ،‬ج‪/1‬ص‪.)302‬‬
‫‪ 8‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 1‬ص‪ .84-83‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .210‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪،‬‬
‫ص‪ .771‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .175‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪.285‬‬
‫‪ 9‬القاسم بن معن النحوي‪ :‬هو القاسم بن معن بن عبد الرحمن بن عبد هللا بن مسعود الصحابي ‪ ،‬أبي اإلمام‬
‫أبي عبد هللا المسعودي الهذلي‪ ،‬كان من علماء الكوفة بالعربية واللغة والفقه والحديث والشعر واألخبار ‪ ،‬له‪:‬‬

‫‪124‬‬
‫ي) بفتح الياء‪،‬‬
‫صرخ َّ‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬ه ﮮ ﮯ ﮰ ]‪ :1‬قال‪ :‬قراءة العامة‪ ( :‬ب ُم ْ‬
‫وقرأ حمزة بكسرها‪ ،‬قال ابن الجزري‪ :‬وهو لغة بني يربوع‪ ،‬نص على ذلك‬
‫قطرب‪ ،2‬وأجازها هو والفراء‪ ،‬وإمام اللغة والنحو والقراءة أبو عمرو بن العالء‪.‬‬
‫وقال القاسم بن معن النحوي‪ :‬هي صواب‪ ،‬وال عبرة بقول الزمخشري وغيره‬
‫ممن ضعفها أو لحنها‪ ،‬فإنها قراءة صحيحة اجتمعت فيها األركان الثالثة‪ ،‬وقرأ‬
‫بها أيضا يحيى بن وثاب‪ ،3‬وسليمان بن مهران األعمش‪ ،‬وحمران بن أعين‪،4‬‬
‫وجماعة من التابعين‪ ،‬وقياسها في النحو صحيح‪ ،‬وذلك أن الياء األولى‪ ،‬وهي ياء‬
‫الجمع‪ ،‬جرت مجرى الصحيح ألجل اإلدغام‪ ،‬فدخلت ساكنةً عليها ياء اإلضاقة‪،‬‬
‫وحركت بالكسر على األصل في اجتماع الساكنين‪ ،‬وهذه اللغة شائعة ذائعة باقية‬
‫ي أعمل كذا‪ ،‬ويطلقونها في كل ياءات‬ ‫في أفواه الناس إلى اليوم‪ ،‬يقولون‪ :‬ما ف َّ‬
‫ى أمرك‪ ،‬وبعضهم يبالغ في‬ ‫ي منك‪ ،‬وال إل ّ‬ ‫اإلضافة المدغم فيها‪ ،‬فيقولون‪ :‬ما عل ّ‬
‫كسرتها حتى تصير ياء‪ ،‬انتهى‪.5‬‬
‫ذكره دفاع ابن عطية والكواشي‪:‬‬
‫وتقرير هذه‬
‫ُ‬ ‫عند قوله تعالى‪[( :‬ﭩ ﭪ ]‪ 6‬قال‪ :‬قرأ نافع بكسر النون وتخفيفها‪،‬‬
‫القراءة أنه حذفت النون التي للمتكلم‪ ،‬وحذفت النون التي هي عالمة الرفع‪ ،‬ثم‬
‫حذفت الياء لداللة الكسرة عليها‪ .‬قال ابن عطية‪ :‬وغلط أبو حاتم نافعا في هذه‬

‫(النوادر في اللغة)‪( ،‬غريب المصنف) وكتبا في النحو‪ ،‬وله فيه مذهب متروك‪ .‬مات سنة ‪175‬ه أو ‪188‬ه‪.‬‬
‫انظر‪ :‬بغية الوعاة (‪.)263/2‬‬
‫‪ 1‬إبراهيم‪ ،‬اآلية‪.22 :‬‬
‫‪ 2‬قطرب‪ :‬هو محمد بن المستنير بن أحمد‪ ،‬أبو على‪ ،‬الشهير بقطرب‪ ،‬نحوى‪ ،‬عالم باألدب واللغة‪ ،‬من أهل‬
‫البصرة من الموالي‪ .‬كان يرى رأي المعتزلة النظامية‪ .‬وهو أول من وضع (المثلث) في اللغة‪ .‬من كتبه‬
‫(معاني القرآن)‪ ،‬و(النوادر)‪ ،‬و( األزمنة) وغيرها‪ .‬مات سنة ‪ .206‬انظر‪ :‬األعالم (‪.)95/7‬‬
‫‪ 3‬يحيى بن وثاب‪ :‬هو يحيى بن وثاب األسدي الكوفي القارئ العابد‪ ،‬أحد األعالم مولى بني أسد‪ ،‬روى عن‬
‫ابن عباس وابن عمر رضي هللا عنهم وعن مسروق وعبيدة السلماني وزر وغيرهم‪ .‬توفي سنة ‪103‬ه‪.‬‬
‫انظر‪ :‬معرفة القراء الكبار (‪.)62/1‬‬
‫‪ 4‬حمران بن أعين‪ :‬هو حمران بن أعين‪ ،‬مولى بني شيبان‪ ،‬كوفي مقرئ كبير‪ .‬قال الداني‪ :‬أخذ القراءة‬
‫عرضا وسماعا عن عبيد بن نضيلة وأبي حرب بن أبي األسود ويحيى بن وثاب‪ ،‬عرض عليه حمزة الزيات‬
‫وغيره‪ .‬توفي في حدود الثالثين ومئة‪ .‬انظر‪ :‬معرفة القراء الكبار (‪.)70/1‬‬
‫‪ 5‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ .517-516‬ابن الجزري‪ ،‬النشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪ .299 – 298‬ابن زنجلة‪،‬‬
‫حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .377‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .342‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪،‬‬
‫ص‪ .362‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪ .424‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪.141‬‬
‫‪ 6‬الحجر‪ ،‬اآلية‪.54 :‬‬

‫‪125‬‬
‫القراءة‪ ،‬وقال‪ :‬إن شاهد الشعر في هذا اضطرار‪ ،1‬وهذا حمل منه‪ .2‬وقال‬
‫الكواشي‪ ،‬وال يلتفت إلى الطاعن في هذه القراءة‪ ،‬لصحة نقلها‪ ،‬بل لتواترها‪،‬‬
‫شرونني)‪،‬‬ ‫قتكون أصال يحتج له‪ ،‬ال له‪ .‬وقرأ ابن كثير بكسر النون مشددة‪ ،‬أي (تُبَ ّ‬
‫أدغمت نون الجمع في نون اإلضافة‪ ،‬ثم حذفت الياء للتعليل المتقدم‪ ،‬وقرأ الباقون‬
‫بفتح النون مخففةً عالمة الرفع‪.3‬‬
‫عند قوله تعالى‪[ :‬ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ]‪ 4‬قال‪ :‬قرأ أبو عمرو‪ :‬بتشديد النون (هذَيْن) بالياء‬
‫على األصل‪ ،‬وقرأ ابن كثير‪ ،‬وحفص عن عاصم‪( :‬إ ْن) بتخفيف النون (هذَان)‬
‫ان) وحفص يخففها‪ ،‬أي‪ :‬ما هذان إال‬ ‫باأللف‪ ،‬فابن كثير يشدد النون من (هذَ ّ‬
‫ساحران‪ ،‬كقوله تعالى‪[ :‬ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ]‪ ،5‬أي‪ :‬ما نظنك إال من الكاذبين‪ ،‬وقرأ الباقون‪:‬‬
‫(إن) بتشديد النون كأبي عمرو‪ ،‬و(هذان) باأللف وتخفيف النون من (هذَان)‬ ‫َّ‬
‫(إن) بمعنى‪ :‬نعم‪ ،‬و(هذان) مبتدأ‪ ،‬و(ساحران) خبر مبتدإ‬ ‫كحفص‪ ،‬فيكون َّ‬
‫محذوف‪ ،‬والالم داخلة على الجمله‪ ،‬تقديره‪ :‬هذان لهما ساحران‪ ،‬أو (هذان)‬
‫(إن) ونصب‬ ‫مبتدأ‪( ،‬ساحران) خبره‪ ،‬والالم زائدة‪ .‬قال الكواشي‪ :‬والقراءة بتشديد َّ‬
‫(هذين) زعموا أنها مخالفة لخط المصحف‪ ،‬وزعم بعضهم أنه حمله على ذلك‬
‫كثرة اللحن‪ ،‬وهذا طعن في عدالة أبي عمرو وعلمه‪ ،‬ألنه هو الذي قرأها‪ ،‬ألن‬
‫هذا يُشعر أنه قرأها من تلقاء نفسه‪ ،‬لم يأخذها متواترة عن النبي صلى هللا عليه‬
‫(إن)‪ ،‬وكيف يجوز اعتقاد‬ ‫وسلم‪ ،‬وأنه غير عالم بتعليل (إن هذان) بالرفع وتشديد ّ‬
‫هذا بمن شهد له بالعدالة والبراعة في علم العربية‪ ،‬حتى زعموا أنه قال‪ :‬إني‬
‫(إن هذان)‪ ،‬يعنون‪ :‬بالرفع وتشديد (إن)‪ ،‬وكيف يجوز‬ ‫ألستحيي من هللا أن أقرأ ّ‬
‫أن يعتقد بأحد من المسلمين أنه يستحيي من قراءة ما صح وتواتر عن النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم‪ ،‬مع أن أبا عمرو وغيره من األئمة كانوا ينشدون ويسمعون‬
‫األشعار المنحولة والغريبة‪ ،‬وال يؤخذ ذلك عليهم‪ ،‬انتهى‪.6‬‬

‫‪ 1‬في نحو قول الشاعر‪ :‬ال أَباك تُخ َّوفيْني‪ .‬وقول اآلخر‪ :‬يَ ُ‬
‫سو ُء القَاليَات إذَا قَلَيْني‬
‫‪ 2‬ابن عطية‪ ،‬أبو محمد‪ ،‬المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز‪ ،‬تحقيق عبدالسالم الشافي محمد‪،‬‬
‫ط‪(1‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1422‬ه – ‪2001‬م)‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪.365‬‬
‫‪ 3‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن‪ ،‬ج‪ 3‬ص‪ .557‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .382‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف فضالء‬
‫البشر‪ ،‬ص‪ . 196‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .367‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪ ،‬ص‪.428‬‬
‫الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .95‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪ 2‬ص‪.302‬‬
‫‪ 4‬طه‪ ،‬اآلية‪.63 :‬‬
‫‪ 5‬الشعراء‪ ،‬اآلية‪.136 :‬‬
‫‪ 6‬العليمي‪ ،‬فتح الرحمن ‪ ،‬ج‪ 4‬ص‪ .304-303‬ابن زنجلة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬ص‪ .454‬الدمياطي‪ ،‬إتحاف‬
‫فضالء البشر‪ ،‬ص‪ .384‬ابن مجاهد‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬ص‪ .419‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير ‪،‬‬

‫‪126‬‬
‫يالحظ من المواضيع المذكورة أن العليمي قد دافع عن القراءات التي طعنها‬
‫بعض المفسرين والنحاة كالزمخشري وغيره‪ ،‬ولم يكتف بذلك بل عزز موقفه هذا‬
‫بنقل كالم العلماء واألئمة الذين جاءوا قبله كابن الجزري والكواشي والعكبري‬
‫وغيرهم‪ ،‬وال شك أن هذا موقف شريف يدل على تعظيمه لوحي هللا تعالى‬
‫المقدس المنزل إلى آخر رسله عليه الصالة والسالم‪.‬‬

‫الخــاتـمة‬

‫وتحتوي على التالي‪:‬‬


‫‪ - 1‬أهم نتائج البحث وتوصياته‪.‬‬
‫‪ -2‬الفهارس العامة‪:‬‬
‫أوال‪ :‬فهرس اآليات القرآنية‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬فهرس األحاديث النبوية‪.‬‬
‫ثالثا ‪ :‬فهرس األعالم‪.‬‬
‫ص‪ .459‬الداني‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ص‪ .141‬ابن الجزري‪ ،‬النشر في القراءات العشر‪ ،‬ج‪2‬‬
‫ص‪.321‬‬

‫‪127‬‬
‫رابعا‪ :‬فهرس المصادر والمراجع‪.‬‬

‫أهم النتائج‪:‬‬ ‫أ‪-‬‬


‫اإلمام العليمي يصنَّف في المفسرين الذين يهتمون بذكر القراءات والتوسع‬ ‫‪-1‬‬
‫في ذلك‪ ،‬حتى إنه ال يترك كلمة إال وذكر خالف القراء في النطق بها‬
‫أصوال وفرشا إال ما ندر‪.‬‬
‫يستعرض العليمي القراءات العشر المتواترة فقط إال في حاالت نادرة مع‬ ‫‪-2‬‬
‫نسبتها إلى أصحابها وتوجيهها والدفاع عنها‪.‬‬
‫يجمع في تفسيره بين سهولة العبارة في اللفظ والوضوح والدقة في‬ ‫‪-3‬‬
‫المعنى‪.‬‬
‫يذكر شيئا من مسائل العقيدة ويذكر مسائل الفقه على سبيل اإليجاز ‪ ،‬مع‬ ‫‪-4‬‬
‫ذكر خالف األئمة األربعة في المسائل المتعلقة بآيات األحكام مختصرا مع‬
‫تجنب اإلطالة والمناقشة والرد والتعقيب ‪ ،‬كما في بعض التفاسير‪.‬‬
‫يلتزم في مستهل كل سورة بذكر كونها مكية أو مدنية ‪ ،‬مع ذكر عدد‬ ‫‪-5‬‬
‫كلماتها وحروفها كذلك‪.‬‬

‫ب‪ -‬أهم التوصيات ‪:‬‬


‫‪ -1‬أوصي الباحثين بإفراد بحث مستقل في توجيه القراءات عند العليمي‬
‫نظرا لغزارة المادة التي أوردها في ذلك وتفننه فيها‪.‬‬
‫‪ -2‬يوجه الباحث وصية إلى معاهد وكليات القرآن الكريم بتوجيه العناية‬
‫بالقراءات نظرا لخطورتها ‪ ،‬ألن عدم القيام بذلك سيؤدي إلى تعطلها‬

‫‪128‬‬
‫‪ ،‬وهو ما يفتح الباب أمام أعداء الملة للطعن في القراءات وفي‬
‫مصادرها‪.‬‬
‫على الباحثين توجيه العناية بهذا التفسير‪ ،‬فهو جدير بذلك من نواح‬ ‫‪-3‬‬
‫متعددة‪ ،‬فمن الناحية القراءاتية كما في هذا البحث ‪ ،‬ومن الناحية‬
‫الفقهية تصلح المسائل التي يذكرها مختصرة ألن تكون قاعدة أو‬
‫كشافة لمذاهب األئمة في المسائل المتبعثرة الخاصة بآيات األحكام ‪،‬‬
‫و تصلح كذلك أن تُصاغ متنا مستقال إذا فصلت‪ ،‬سه َل الحفظ يُرجع‬
‫إليه سريعا لمعرفة أقول المذاهب األربعة في األحكام‪.‬‬

‫‪ – 2‬الفهارس العامة‪:‬‬

‫أوال‪ :‬فهرس اآليات‬

‫الصفحة‬ ‫رقمها‬ ‫السورة‬ ‫اآلية‬


‫الفاتحة‬
‫‪23،3‬‬ ‫‪3‬‬ ‫[ﭞ ﭟ ﭠ ]‬
‫‪3‬‬
‫‪76‬‬ ‫‪6‬‬ ‫[ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ]‬
‫‪22‬‬ ‫‪5‬‬ ‫الص َرا َ‬
‫ط]‬ ‫[ ّ‬
‫البقرة‬
‫‪19‬‬ ‫‪54‬‬ ‫[ﮚ ]‬

‫‪19‬‬ ‫‪67‬‬ ‫[ﮦ ]‬


‫‪22‬‬ ‫‪247‬‬ ‫[ه ]‬
‫‪21‬‬ ‫‪116‬‬ ‫[ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ]‬
‫‪21‬‬ ‫‪259‬‬ ‫ف نُنش ُز َها]‬ ‫ظر إلَى ْالع َ‬
‫ظام َك ْي َ‬ ‫[ َوانُ ْ‬
‫‪33‬‬ ‫‪9‬‬ ‫[ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ]‬
‫‪77‬‬ ‫‪125‬‬ ‫[ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ]‬
‫‪85‬‬ ‫‪10‬‬ ‫[ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ﮏ]‬
‫‪85‬‬ ‫‪13‬‬ ‫[ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ]‬

‫‪129‬‬
‫‪85‬‬ ‫‪11‬‬ ‫[ﮑ ﮒ ﮓ ]‬
‫‪86‬‬ ‫‪30‬‬ ‫[ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ]‬
‫‪90،1‬‬ ‫‪106‬‬ ‫[ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ]‬
‫‪09‬‬
‫‪94‬‬ ‫‪115‬‬ ‫[ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ]‬
‫‪102‬‬ ‫‪182‬‬ ‫[ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ]‬
‫‪102‬‬ ‫‪236‬‬ ‫[ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ه ه ه ﮮ ]‬
‫‪108‬‬ ‫‪51‬‬ ‫[ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ]‬
‫‪108‬‬ ‫‪61‬‬ ‫[ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ]‬
‫‪110‬‬ ‫‪48‬‬ ‫[ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ]‬
‫‪110‬‬ ‫‪117‬‬ ‫[ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ]‬
‫‪111‬‬ ‫‪214‬‬ ‫[ﯥ ﯦ ﯧ ى ى ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ]‬
‫‪116‬‬ ‫‪191‬‬ ‫[ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ]‬
‫‪116‬‬ ‫‪5‬‬ ‫[ َوباآلخ َرة ُه ْم يُوقنُونَ ]‬
‫‪118‬‬ ‫‪251‬‬ ‫[ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ]‬
‫‪122‬‬ ‫‪100‬‬ ‫[ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ]‬
‫‪124‬‬ ‫‪222‬‬ ‫[ َوالَ ت َ ْق َربُو ُه َّن َحتَّى يَ ْ‬
‫ط ُه ْرنَ ﯝ]‬
‫‪150‬‬ ‫‪142‬‬ ‫[ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ]‬
‫‪151‬‬ ‫‪246‬‬ ‫[ﭧ ﭨ ﭩ ]‬
‫‪156‬‬ ‫‪6‬‬ ‫[ﭖ ]‬
‫‪157‬‬ ‫‪34‬‬ ‫[ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ]‬
‫‪125‬‬ ‫‪230‬‬ ‫[ﯽ ي ي ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ]‬
‫‪125‬‬ ‫‪229‬‬ ‫[ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ]‬
‫آل عمران‬
‫‪62‬‬ ‫‪7‬‬ ‫[ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ]‬
‫‪23‬‬ ‫‪24‬‬ ‫[ﮉ ﮊ ]‬
‫‪104‬‬ ‫‪129‬‬ ‫[ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ]‬
‫‪109‬‬ ‫‪181‬‬ ‫[ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ]‬
‫‪113‬‬ ‫‪140‬‬ ‫[ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ]‬
‫‪116‬‬ ‫‪97‬‬ ‫[ه ه ﮮ ﮯ ﮰ ]‬
‫‪117‬‬ ‫‪15‬‬ ‫[ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ]‬

‫‪130‬‬
‫‪151‬‬ ‫‪39‬‬ ‫[ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ]‬
‫‪103‬‬ ‫‪99‬‬ ‫[ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ]‬
‫‪110‬‬ ‫‪59،6‬‬ ‫[ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ]‬
‫‪0‬‬
‫‪113‬‬ ‫‪180‬‬ ‫[ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ]‬
‫‪113‬‬ ‫‪180‬‬ ‫[ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ]‬
‫النساء‬
‫‪20،4‬‬ ‫‪1‬‬ ‫[ َواتَّقُوا هللاَ الَّذي تَ َسآ َءلُونَ به َو ْاأل َ ْر َحام]‬
‫‪3‬‬
‫‪80‬‬ ‫‪78‬‬ ‫[فَ َما ل َهؤُالء ْالقَ ْوم]‬
‫‪102‬‬ ‫‪11‬‬ ‫[ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ]‬
‫‪111‬‬ ‫‪29‬‬ ‫[ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ]‬
‫‪114‬‬ ‫‪19‬‬ ‫[يأ أَيُّ َها الَّذينَ آ َمنُواْ الَ يَح ُّل لَ ُك ْم أَن تَرثُواْ النّ َ‬
‫ساء َك ْر ًها ﯲ‬
‫]‬
‫‪124‬‬ ‫‪6‬‬ ‫[ﯥ ﯦ ﯧ ى ى ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ]‬
‫المائدة‬
‫‪42‬‬ ‫‪89‬‬ ‫[ﰀ ﰀ ﰀ ]‬
‫‪89‬‬ ‫‪53‬‬ ‫[ﮊ ﮋ ﮌ ]‬
‫‪117‬‬ ‫‪16‬‬ ‫[ﮈ ﮉ ﮊ ]‬
‫األنعام‬
‫‪83‬‬ ‫‪9‬‬ ‫[ﮨ ﮩ ه ه ه ه ﮮ ﮯ ﮰ ]‬
‫‪90‬‬ ‫‪27‬‬ ‫[ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ]‬
‫‪103‬‬ ‫‪55‬‬ ‫[ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ]‬
‫‪110‬‬ ‫‪73‬‬ ‫[ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ]‬
‫‪119‬‬ ‫‪32‬‬ ‫[ﮨ ﮩ ه ه ه ه ]‬
‫‪119‬‬ ‫‪57‬‬ ‫[ﯔ ﯕ ﯖ ]‬
‫‪130‬‬ ‫‪142‬‬ ‫[ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ]‬
‫األعراف‬
‫‪22‬‬ ‫‪69‬‬ ‫[ﭯ ﭰ ]‬
‫‪84‬‬ ‫‪100‬‬ ‫[ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ]‬
‫‪103‬‬ ‫‪146‬‬ ‫[ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ]‬

‫‪131‬‬
‫األنفال‬
‫‪78‬‬ ‫‪19‬‬ ‫[ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ]‬
‫التوبة‬
‫‪61‬‬ ‫‪103‬‬ ‫[ه ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ]‬
‫‪128‬‬ ‫‪12‬‬ ‫[ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ]‬
‫‪،21‬‬ ‫‪100‬‬ ‫[ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ]‬
‫‪120‬‬
‫يونس‬
‫‪120‬‬ ‫‪22‬‬ ‫[ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ]‬
‫‪129‬‬ ‫‪5‬‬ ‫[ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ]‬
‫يوسف‬
‫‪83‬‬ ‫‪31‬‬ ‫[ َوأ َ ْعتَدَ ْ‬
‫ت لَ ُه َّن ُمت َّ َكئًا ]‬
‫‪119‬‬ ‫‪108‬‬ ‫[ﮛ ﮜ ﮝ ]‬
‫‪،120‬‬ ‫‪111‬‬ ‫ف]‬ ‫[ َقالُواْ َيا أ َ َبانَا َما لَ َك الَ تَأ ْ َمنَّا َعلَى يُو ُ‬
‫س َ‬
‫‪141‬‬
‫هود‬
‫‪81‬‬ ‫‪73‬‬ ‫َّللا َوبَ َر َكاتُهُ َعلَ ْي ُك ْم أ َ ْه َل ْالبَيْت]‬
‫[ َر ْحمةُ َّ‬
‫‪112‬‬ ‫‪40‬‬ ‫[ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ]‬
‫الرعد‬
‫‪129‬‬ ‫‪33‬‬ ‫[أ ُ ُكلُ َها دَآئم وظلُّ َها]‬
‫إبراهيم‬
‫‪158‬‬ ‫‪22‬‬ ‫[ه ﮮ ﮯ ﮰ]‬
‫الحجر‬
‫‪159‬‬ ‫‪54‬‬ ‫[ ﭩ ﭪ]‬
‫النحل‬
‫‪42‬‬ ‫‪110‬‬ ‫[ث ُ َّم إ َّن َرب ََّك للَّذينَ هَا َج ُروا م ْن بَ ْعد َما فُتنُوا]‬
‫‪94‬‬ ‫‪76‬‬ ‫[ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ]‬
‫‪104‬‬ ‫‪71‬‬ ‫[ﯽ ي ي ]‬
‫‪104‬‬ ‫‪71‬‬ ‫[ى ى ﯪ ﯫ ﯬ ]‬
‫‪104‬‬ ‫‪71‬‬ ‫[ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ]‬
‫‪148‬‬ ‫‪54‬‬ ‫[ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ]‬

‫‪132‬‬
‫‪151‬‬ ‫‪80‬‬ ‫[ﭝ ﭞ ﭟ ]‬
‫اإلسراء‬
‫‪81‬‬ ‫‪110‬‬ ‫[ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ]‬
‫‪112‬‬ ‫‪44‬‬ ‫[ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ]‬
‫‪،84‬‬ ‫‪106‬‬ ‫[ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ]‬
‫‪122‬‬

‫الكهف‬
‫‪22‬‬ ‫‪70‬‬ ‫[ﯘ ]‬
‫‪34‬‬ ‫‪79‬‬ ‫[ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ]‬
‫‪78‬‬ ‫‪8‬‬ ‫[ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ]‬
‫‪80‬‬ ‫‪49‬‬ ‫[ﮇ ﮈ ﮉ ]‬
‫‪،41‬‬ ‫‪93‬‬ ‫[ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ]‬
‫‪105‬‬
‫‪106‬‬ ‫‪93‬‬ ‫[ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ]‬
‫‪114‬‬ ‫‪74‬‬ ‫[ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ]‬
‫‪130‬‬ ‫‪33‬‬ ‫[ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ]‬
‫مريم‬
‫‪77‬‬ ‫‪1‬‬ ‫[ﭑ ]‬
‫‪82‬‬ ‫‪40‬‬ ‫[ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ]‬
‫‪103‬‬ ‫‪20‬‬ ‫[ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ]‬
‫طه‬
‫‪117‬‬ ‫‪75‬‬ ‫[ﰀ ﰀ ﰀ ]‬
‫‪159‬‬ ‫‪63‬‬ ‫[ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ]‬
‫األنبياء‬
‫‪114‬‬ ‫‪112‬‬ ‫[ﯥ ﯦ ﯧ ى ى ]‬
‫المؤمنون‬
‫‪142‬‬ ‫‪36‬‬ ‫[ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ]‬
‫النور‬
‫‪34‬‬ ‫‪11‬‬ ‫[ﭪ ﭫ ﭬ ]‬
‫الفرقان‬

‫‪133‬‬
‫‪80‬‬ ‫‪9‬‬ ‫سول]‬ ‫[ َمال َهذَا َّ‬
‫الر ُ‬
‫الشعراء‬
‫‪160‬‬ ‫‪136‬‬ ‫[ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ]‬
‫الشورى‬
‫‪62‬‬ ‫‪11‬‬ ‫[ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ]‬
‫فاطر‬
‫‪37‬‬ ‫‪28‬‬ ‫[ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ]‬
‫يس‬
‫الصافات‬
‫‪127‬‬ ‫‪12‬‬ ‫[ﮙ ﮚ ﮛ]‬
‫ص‬
‫الدخان‬
‫‪82‬‬ ‫‪43‬‬ ‫الزقُّوم]‬
‫ش َج َرت َّ‬
‫[إ َّن َ‬
‫األحقاف‬
‫‪102‬‬ ‫‪15‬‬ ‫[ﭞ ﭟ ]‬
‫المنافقون‬
‫‪22‬‬ ‫‪10‬‬ ‫[ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ]‬
‫المجادلة‬
‫‪103‬‬ ‫‪4‬‬ ‫[ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ]‬
‫الحاقة‬
‫‪111‬‬ ‫‪15،16‬‬ ‫[ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ]‬
‫سأل‬
‫‪80‬‬ ‫‪36‬‬ ‫[ﯽ ي ]‬
‫القيامة‬
‫‪14‬‬ ‫‪17‬‬ ‫[ي ﰀ ﰀ ﰀ ]‬
‫التكوير‬
‫‪22‬‬ ‫‪24‬‬ ‫[ﯗ ]‬
‫االنفطار‬
‫‪79‬‬ ‫‪19‬‬ ‫[ه ه ه ه ﮮ ﮯ ﮰ ]‬
‫الفجر‬
‫‪111‬‬ ‫‪22‬‬ ‫[ى ﯪ ]‬

‫‪134‬‬
‫الليل‬
‫‪34‬‬ ‫‪3‬‬ ‫[ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ]‬
‫التكاثر‬
‫‪152‬‬ ‫‪6‬‬ ‫[ﮡ ﭨ ]‬
‫الناس‬
‫‪23‬‬ ‫‪2‬‬ ‫[ﮅ ﮆ ]‬
‫ثالثا‪ :‬فهرس األحاديث النبوية‬

‫رقم‬ ‫طرف الحديث‬


‫الصفحة‬
‫‪61‬‬ ‫ب‬
‫طي ّ ٍ‬ ‫ب َ‬‫صدَّقَ بعَ ْدل ت َ ْم َرةٍ م ْن َك ْس ٍ‬ ‫َم ْن ت َ َ‬
‫‪36‬‬ ‫أن جبريل عليه السالم كان يعارض النبي صلى‬
‫هللا عليه وسلم بالقرآن‬
‫‪105‬‬ ‫صوف‬ ‫ت بال ُّ‬ ‫س َّوموا فَإ َّن ْال َم َالئ َكةَ قَ ْد ت َ َ‬
‫س َو َم ْ‬ ‫تَ َ‬
‫ْاأل َ ْبيَض‬
‫‪127‬‬ ‫ص ْب َوة‬‫ت لَهُ َ‬ ‫س ْ‬ ‫شابّ ٍ لَ ْي َ‬‫ب َربُّ ُك ْم م ْن َ‬ ‫َعج َ‬

‫‪135‬‬
‫رابعا‪ :‬فهرس األعالم‬
‫الصفح‬ ‫اسم العلم‬
‫ة‬
‫‪84‬‬ ‫أبان بن يزيد بن أحمد أبو يزيد البصري العطار‬
‫‪97‬‬ ‫إبراهيم بن سري بن سهل أبو إسحاق – الزجاج‬
‫‪23‬‬ ‫إبراهيم بن عمر بن إبراهيم ‪ -‬الجعبري‬
‫‪98‬‬ ‫أبو بكر محمد بن الحسن األنصاري – النقاش‬
‫‪99‬‬ ‫أحمد بن عمار أبو العباس المهدوي‬
‫‪24‬‬ ‫أحمد بن عمر بن أبي الرضى – الحموي‬
‫‪147‬‬ ‫أحمد بن محمد بن إسماعيل أبو جعفر النحاس‬
‫‪95‬‬ ‫أحمد بن مصطفى بن خليل ‪ -‬طاشكبري زاده‬
‫‪17‬‬ ‫أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد‬
‫‪156‬‬ ‫أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع – الكواشي‬
‫‪135‬‬ ‫أحمد بن يوسف بن عبد الدائم – السمين الحلبي‬
‫‪98‬‬ ‫الحسن بن أحمد بن عبد الغفار أبو علي الفارسي‬
‫‪83‬‬ ‫الحسن بن سعيد بن جعفر أبو العباس – المطوعي‬
‫‪125‬‬ ‫الحسن بن يسار البصري أبو سعيد‬
‫‪98‬‬ ‫الحسين بن أحمد بن خالويه‬
‫‪94‬‬ ‫الحسين بن محمد بن المفضل ‪ -‬الراعب األصفهاني‬
‫‪62‬‬ ‫الحسين بن مسعود بن محمد – البغوي‬
‫‪158‬‬ ‫حمران بن أعين الكوفي‬
‫‪84‬‬ ‫زيد بن أحمد بن إسحاق بن زيد الحضرمي‬
‫‪125‬‬ ‫سعيد بن جبير األسدي الكوفي‬
‫‪97‬‬ ‫سعيد بن مسعدة أبو الحسن ‪ -‬األخفش األوسط‬
‫‪136‬‬ ‫سهل بن محمد بن عثمان أبو حاتم السجستاني‬
‫‪135‬‬ ‫طاهر بن صالح بن أحمد بن موهوب الجزائري‬
‫‪80‬‬ ‫عبد الحق بن غالب بن عبد الملك – ابن عطية‬
‫‪115‬‬ ‫عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار أبو‬
‫الفضل الرازي‬
‫‪24‬‬ ‫عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم – أبو شامة‬

‫‪136‬‬
‫‪99‬‬ ‫عبد الرحمن بن محمد أبو زرعة ‪ -‬ابن زنجلة‬
‫‪99‬‬ ‫عبد هللا بن الحسين بن عبد هللا – العكبري‬
‫‪98‬‬ ‫عبد هللا بن جعفر بن درستويه‬
‫‪98‬‬ ‫عبد الواحد بن عمر بن محمد أبو طاهر البزار‬
‫‪99‬‬ ‫عثمان بن جني الموصلي‬
‫‪99‬‬ ‫عثمان بن سعيد بن عثمان أبو عمرو الداني‬
‫‪106‬‬ ‫عكرمة بن عبد هللا البربري المدني‬
‫‪122‬‬ ‫عمران بن تيم أبو رجاء العطاردي المصري‬
‫‪83‬‬ ‫عمرو بن خالد أبو حفص – األعشى‬
‫‪13‬‬ ‫عمرو بن كلثوم بن مالك أبو األسود‬
‫‪40‬‬ ‫القاسم بن سالم أبو عبيد األزدي‬
‫‪121‬‬ ‫يره بن خلف – الشاطبي‬ ‫القاسم بن ف ُّ‬
‫‪158‬‬ ‫القاسم بن معن بن عبد الرحمن الهذلي‬
‫‪148‬‬ ‫قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي‬
‫‪148‬‬ ‫محمد الطاهر بن عاشور‬
‫‪134‬‬ ‫محمد بن أحمد بن أبي فرح أبو عبدهللا – القرطبي‬
‫‪98‬‬ ‫محمد بن أحمد بن األزهر أبو منصور األزهري‬
‫‪36‬‬ ‫محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت ‪ -‬ابن شنبوذ‬
‫‪143‬‬ ‫محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن أبوبكر بن‬
‫مقسم‬
‫‪97‬‬ ‫محمد بن السري البغدادي – ابن السراج‬
‫‪158‬‬ ‫محمد بن المستنير بن أحمد أبو على – قطرب‬
‫‪15‬‬ ‫محمد بن بهادر بن عبد هللا أبو عبدهللا – الزركشي‬
‫‪134‬‬ ‫محمد بن جرير بن يزيد أبو جعفر الطبري‬
‫‪37‬‬ ‫محمد بن جعفر الخزاعي أبو الفضل – الخزاعي‬
‫‪125‬‬ ‫محمد بن سيرين البصري األنصاري‬
‫‪51‬‬ ‫محمد بن عبد الرحمن بن أحمد – الجالل البكري‬
‫‪60‬‬ ‫محمد بن عبد العزيز بن فهد‪ ،‬الهاشمي – جار هللا‬
‫‪50‬‬ ‫محمد بن عبد هللا بن علي – ابن حميد النجدي‬
‫‪146‬‬ ‫محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم أبو عمر الزاهد‬
‫‪134‬‬ ‫محمد بن عمر بن الحسين – الرازي‬

‫‪137‬‬
‫‪51‬‬ ‫محمد بن محمد بن عبد هللا بن خيضر – قطب‬
‫الخيضري‬
‫‪27‬‬ ‫محمد بن محمد بن علي أبو القاسم – النويري‬
‫‪14‬‬ ‫محمد بن محمد بن محمد بن علي – ابن الجزري‬
‫‪13‬‬ ‫محمد بن مكرم بن على – ابن منظر األفريقي‬
‫‪97‬‬ ‫محمد بن يزيد بن عبداألكبر أبو العباس – المبرد‬
‫‪14‬‬ ‫محمد بن يوسف بن على بن يوسف – أبو حيان‬
‫‪20‬‬ ‫محمد عبدالعظيم ‪ُّ -‬‬
‫الز ْرقاني‬
‫‪147‬‬ ‫محمود بن عبد هللا الحسينى األلوسى‬
‫‪147‬‬ ‫محمود بن عمر بن محمد جار هللا – الزمخشري‬
‫‪136‬‬ ‫المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر‬
‫‪97‬‬ ‫هارون بن موسى أبو عبدهللا األعور‬
‫‪97‬‬ ‫يحيى بن زياد بن عبدهللا بن مروان – الفراء‬
‫‪158‬‬ ‫يحيى بن وثاب األسدي الكوفي‬
‫‪37‬‬ ‫يوسف بن علي بن جبارة أبو القاسم الهذلي‬
‫خامسا‪ :‬فهرس المصادر والمراجع‬

‫‪ -1‬ابن مجاهد‪ ،‬أبو بكر التيمي‪ ،‬السبعة في القراءات‪ ،‬تحقيق د‪ .‬شوقي ضيف‪،‬‬
‫ط‪ ( 2‬القاهرة‪ :‬دار المعارف ‪1400‬هــ) ‪.‬‬
‫‪ -2‬ابن أبي شيبة‪ ،‬أبوبكر‪ ،‬المنصنف‪ ،‬تحقيق محمد عوامة‪ ،‬ط‪( 1‬جدة‪ :‬دار القبلة‬
‫للثقافة اإلسالمية ‪1431‬ه – ‪2010‬م)‪.‬‬
‫‪ -3‬ابن الجزري‪ ،‬تحبير التيسير في القراءات العشر‪ ،‬تحقيق د‪ .‬أحمد محمد مفلح‬
‫القضاة‪ ،‬ط‪( 1‬عمان‪ :‬دار الفرقان ‪1421‬ه – ‪.)2000‬‬
‫‪ -4‬ابن الجزري‪ ،‬طيبة النشر في القراءات العشر‪ ،‬تحقيق محمد تميم الزعبي‪،‬‬
‫ط‪( 1‬جدة‪ :‬مكتبة دار الهدى ‪1414‬ه – ‪1994‬م)‪.‬‬
‫‪ -5‬ابن الجزري‪ ،‬غاية النهاية في طبقات القراء‪ ،‬تحقيق ج‪ .‬بيجستراس‪ ،‬ط‪1‬‬
‫(بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1427‬ه – ‪2006‬م)‪.‬‬
‫‪ -6‬ابن الجزري‪ ،‬محمد بن محمد‪ ،‬منجد المقرئين ومرشد الطالبين‪ ،‬اعتنى به علي‬
‫بن محمد العمران ‪ ،‬ط (دار عالم الفوائد)‪.‬‬
‫‪ -7‬ابن الشطي‪ ،‬محمد‪ ،‬مختصر طبقات الحنابلة‪ ،‬تحقيق فواز أحمد زمرلي‪ ،‬ط‪1‬‬
‫(بيروت‪ :‬دار الكناب العربي ‪1976 – 1406‬م)‪.‬‬

‫‪138‬‬
‫‪ -8‬ابن القيم‪ ،‬محمد بن أبي بكر‪ ،‬زاد المعاد في هدي خير العباد‪ ،‬ط‪( 27‬بيروت‪:‬‬
‫مؤسسة الرسالة ‪1415‬ه – ‪1994‬م)‪.‬‬
‫‪ -9‬ابن تيمية‪ ،‬مجموع الفتاوى‪ ،‬جمع عبدالرحمن بن القاسم‪ ،‬تحقيق أنوار الباز‪،‬‬
‫وعامر البزار‪ ،‬ط‪( 2‬القاهرة‪ :‬دار الوفاء ‪1426‬ه – ‪2005‬م)‪.‬‬
‫ابن جني‪ ،‬عثمان‪ ،‬المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات واإليضاح‬ ‫‪-10‬‬
‫عنها‪ ،‬نشر وزارة األوقاف المصرية ‪1420‬ه – ‪1999‬م‪.‬‬
‫ابن حميد‪ ،‬محمد بن عبدهللا النجدي‪ ،‬السحب الوابلة على ضرائح‬ ‫‪-11‬‬
‫الحنابلة‪ ،‬تحقيق بكر بن عبدهللا أبو زيد و د‪ .‬عبدالرحمن بن سليمان العثيمين‪،‬‬
‫ط ( بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة )‪.‬‬
‫ابن خالويه‪ ،‬الحسين بن أحمد‪ ،‬الحجة في القراءات السبع‪ ،‬تحقيق‬ ‫‪-12‬‬
‫عبدالعال سالم مكرم‪ ،‬ط‪( 3‬بيروت‪ :‬دار الشروق ‪.)1401‬‬
‫ابن زنجلة‪ ،‬أبو زرعة‪ ،‬حجة القراءات‪ ،‬تحقيق سعيد العفاني‪ ،‬ط‪2‬‬ ‫‪-13‬‬
‫(بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪1402‬ه – ‪1982‬م)‪.‬‬
‫ابن سيده‪ ،‬علي بن إسماعيل‪ ،‬إعراب القرآن‪.‬‬ ‫‪-14‬‬
‫ابن عطية‪ ،‬أبو محمد‪ ،‬المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز‪ ،‬تحقيق‬ ‫‪-15‬‬
‫عبدالسالم الشافي محمد‪ ،‬ط‪(1‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1422‬ه – ‪2001‬م)‪.‬‬
‫أبو شامة‪ ،‬إبراز المعاني من حرز األماني‪ ،‬تحقيق إبراهيم عطوه‬ ‫‪-16‬‬
‫عوض‪ ،‬ط(بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية)‪.‬‬
‫أبو شامة‪ ،‬شهاب الدين ‪ ،‬المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب‬ ‫‪-17‬‬
‫العزيز‪ ،‬تحقيق طيار آلتي قوالج‪ ،‬ط (بيروت‪ :‬آل صادر‪1395 ،‬ه – ‪1975‬م)‪.‬‬
‫أبو عبيد‪ ،‬القاسم‪ ،‬فضائل القرآن‪ ،‬تحقيق مروان العطية وآخرين‪ ،‬ط‬ ‫‪-18‬‬
‫(بيروت‪ ،‬دمشق‪ :‬دار ابن كثير ‪1420‬ه)‪.‬‬
‫أبو عبيد‪ ،‬القاسم‪ ،‬فضائل القرآن‪ ،‬تحقيق مروان العطية وآخرين‪ ،‬ط‬ ‫‪-19‬‬
‫(بيروت‪ ،‬دمشق‪ :‬دار ابن كثير ‪1420‬ه)‪.‬‬
‫األسطل‪ ،‬عبدالباسط محمد ‪ ،‬منهج القرطبي في القراءات‪ ،‬رسالة‬ ‫‪-20‬‬
‫الماجستير‪ ،‬الجامعة اإلسالمية بغ َّزة‪ ،‬كلية أصول الدين‪ ،‬قسم التفسير وعلوم‬
‫القرآن‪ ،‬سنة (‪.)2008 – 1429‬‬
‫إسماعيل‪ ،‬شعبان محمد ‪ ،‬القراءات أحكامها ومصدرها‪ ،‬ط (جمعية‬ ‫‪-21‬‬
‫دعوة الحق ‪1402‬ه)‪.‬‬
‫األصبهاني‪ ،‬أبو نعيم‪ ،‬حلية األولياء وطبقة األصفياء‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار‬ ‫‪-22‬‬
‫الكتب العليمية ‪1409‬ه – ‪1998‬م)‪.‬‬

‫‪139‬‬
‫األصفهاني‪ ،‬الراغب‪ ،‬المفردات في غريب القرآن‪ ،‬تحقيق صفوان‬ ‫‪-23‬‬
‫عدنان داوودي ط(دمشق‪ -‬بيرون‪ :‬دار العلم – الدار الشامية ‪1412‬ه)‪.‬‬
‫األفريفي‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ط‪(1‬بيروت‪:‬دار صادر)‪.‬‬ ‫‪-24‬‬
‫األفريقي‪ ،‬ابن منظور‪ ،‬لسان العرب‪ ،‬ط‪ (،1‬بيروت‪ :‬دار صادر )‪.‬‬ ‫‪-25‬‬
‫آل إسماعيل‪ ،‬نبيل محمد‪ ،‬علم القراءات‪ ،‬نشأته‪ ،‬أطواره‪ ،‬وأثره في‬ ‫‪-26‬‬
‫العلوم الشرعية‪ ،‬ط‪( 1‬الرياض‪ :‬مكتبة التوبة ‪1419‬هـ ‪2000 -‬م)‪.‬‬
‫األندلسي‪ ،‬أبو حيان‪ ،‬البحر المحيط‪ ،‬تحقيق‪ :‬صدقي محمد جميل‪ ،‬ط (‬ ‫‪-27‬‬
‫بيروت‪ :‬دار الفكر ‪1420‬ه )‪.‬‬
‫بازمول‪ ،‬محمد بن عمر‪ ،‬القراءات وأثرها في التفسير واألحكام‪ ،‬ط ‪،1‬‬ ‫‪-28‬‬
‫(القاهرة‪ :‬دار الفرقان ‪1331‬ه‪2009 -‬م )‪.‬‬
‫البخاري‪ ،‬محمد بن إسماعيل‪ ،‬الجامع الصحيح المختصر‪ ،‬تحقيق د‪.‬‬ ‫‪-29‬‬
‫مصطفى ديب البغا‪ ،‬ط‪( 3‬بيروت‪ :‬دار ابن كثير ‪1407‬ه – ‪1987‬م)‪.‬‬
‫البغوي‪ ،‬حسين بن مسعود‪ ،‬شرح السنة‪ ،‬تحقيق شعيب األرناؤوط و‬ ‫‪-30‬‬
‫محمد زهير الشاويش‪ ،‬ط‪( 2‬دمشق – بيروت‪ :‬المكتب اإلسالمي ‪1403‬ه –‬
‫‪.)1983‬‬
‫البيهقي‪ ،‬أحمد بن الحسين‪ ،‬شعب اإليمان‪ ،‬تحقيق الدكتور عبد العلي‬ ‫‪-31‬‬
‫عبد الحميد حامد و مختار أحمد الندوي‪ ،‬ط‪( 1‬الرياض‪ :‬مكتبة الرشد ‪1423‬ه‬
‫– ‪2003‬م)‪.‬‬
‫البيهقي‪ ،‬السنن الكبرى‪ ،‬ط‪( 1‬حيدر آباد ‪ :‬مجلس دائرة المعارف‬ ‫‪-32‬‬
‫النظامية ‪1344‬ه)‪.‬‬
‫الجرجاني‪ ،‬علي بن محمد‪ ،‬التعريفات‪ ،‬تحقيق إبراهيم األبياري‪ ،‬ط‪1‬‬ ‫‪-33‬‬
‫(بيروت‪ :‬دار الكتاب العربي ‪1405‬هـ)‪.‬‬
‫الجزائري‪ ،‬طاهر‪ ،‬التبيان في بعض المسائل المتعلقة بالقرآن على‬ ‫‪-34‬‬
‫طريق اإلتقان‪ ،‬اعتنى به أبو غدة‪ ،‬ط‪( 3‬بيروت‪ :‬دار البشائر اإلسالمية‬
‫‪1412‬ه)‪.‬‬
‫حاجي خليفة‪ ،‬مصطفى بن عبدهللا‪ ،‬كشف الظنون عن أسامي الكتب‬ ‫‪-35‬‬
‫والفنون‪ ،‬ط (بيروت‪ :‬دار إحياء التراث العربي)‪.‬‬
‫الحربي‪ ،‬عبدالعزيز‪ ،‬توجيه مشكل القراءات العشرية الفرشية لغة‬ ‫‪-36‬‬
‫وتفسيرا وإعرابا‪ ،‬بحث مقدم لنيل درجة الماجستير‪ ،‬جامعة أم القرى‪ ،‬كلية‬
‫الدعوة وأصول الدين‪ ،‬قسم الكتاب والسنة‪ ،‬سنة ‪1417‬ه‪.‬‬
‫الحسن‪ ،‬محمد علي‪ ،‬ابن جرير والقراءات‪.‬‬ ‫‪-37‬‬

‫‪140‬‬
‫الحموي‪ ،‬ابن أبي الرضا‪ ،‬القواعد واإلشارات في أصول القراءات‪،‬‬ ‫‪-38‬‬
‫تحقيق د‪ .‬عبدالكريم بكار‪ ،‬ط‪( 1‬القاهرة‪ :‬دار السالم ‪1435‬ه – ‪2014‬م)‪.‬‬
‫الحموي‪ ،‬ياقوت بن عبدهللا‪ ،‬معجم البلدان‪ ،‬ط(بيروت‪ :‬دار الفكر)‪.‬‬ ‫‪-39‬‬
‫الحوشان‪ ،‬يوسف بن حمود‪ ،‬اآلثار الواردة عن السلف في اليهود في‬ ‫‪-40‬‬
‫تفسير الطبري جمعا ودراسة"‪ ،‬رسالة دكتوراه‪ ،‬بكلية أصول الدين‪ ،‬رياض‬
‫سنة ‪1424‬ه (‪.)269/1‬‬
‫الخطيب الغدادي‪ ،‬أحمد بن علي‪ ،‬تاريخ بغداد‪ ،‬ط (بيروت‪ :‬دار الكتب‬ ‫‪-41‬‬
‫العلمية)‪.‬‬
‫الداني‪ ،‬جامع البيان في القراءات السبع المشهورة‪ ،‬تحقيق محمد‬ ‫‪-42‬‬
‫صدوق الجزائري‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية ‪2005‬م ‪1426-‬ه)‪.‬‬
‫الداني‪ ،‬عثمان بن سعيد‪ ،‬التيسير في القراءات السبع‪ ،‬ط (بيروت‪ :‬دار‬ ‫‪-43‬‬
‫الكتاب العربي ‪1404‬ه – ‪1984‬م)‪.‬‬
‫الدمياطي‪ ،‬شهاب الدين‪ ،‬إتحاف فضالء البشر فى القراءات األربعة‬ ‫‪-44‬‬
‫عشر‪ ،‬تحقيق أنس مهرة‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1419‬هـ ‪.)1998 -‬‬
‫الذهبي‪ ،‬محمد حسين‪ ،‬التفسير والمفسرون‪ ،‬ط (القاهرة‪ :‬مكتبة وهبة)‪.‬‬ ‫‪-45‬‬
‫الذهبي‪ ،‬معرفة القراء الكبار على الطبقات واألعصار‪ ،‬تحقيق بشار‬ ‫‪-46‬‬
‫عواد معروف وآخرين‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪1404‬ه)‪.‬‬
‫الزرقاني‪ ،‬محمد عبدالعظيم‪ ،‬مناهل العرفان في علوم القرآن‪ ،‬تحقيق‬ ‫‪-47‬‬
‫أحمد بن علي‪ ( ،‬القاهرة‪ :‬دار الحديث ‪ 1422‬ه – ‪ 2001‬م )‪.‬‬
‫الزركشي‪ ،‬بدر الدين‪ ،‬البرهان في علوم القرآن‪ ،‬تحقيق محمد أبو‬ ‫‪-48‬‬
‫الفضل إبراهيم‪ ،‬ط‪ ( 1‬بيروت‪ :‬دار المعرفة ‪ 1376‬ه – ‪ 1957‬م)‪.‬‬
‫الزركلي‪ ،‬خير الدين‪ ،‬األعالم‪ ،‬ط‪( 15‬بيروت‪ :‬دار العلم للماليين)‪.‬‬ ‫‪-49‬‬
‫الزمخشري‪ ،‬جار هللا‪ ،‬الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون‬ ‫‪-50‬‬
‫األقاويل فى وجوه التأويل‪ ،‬ط (بيروت‪ :‬دار الكتاب العربي ‪1407‬هـ)‪.‬‬
‫سحلوب‪ ،‬جمال عبدهللا‪ ،‬منهج القرطبي في القراءات وأثرها في‬ ‫‪-51‬‬
‫تفسيره‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬كلية أصول الدين‪ ،‬قسم التفسير وعلوم القرآن‪،‬‬
‫الجامعة اإلسالمية بغزة‪.‬‬
‫سعود بن عبدهللا الفنيسان‪ ،‬آثار الحنابلة في علوم القرآن‪ ،‬ط ‪, 1‬‬ ‫‪-52‬‬
‫(اإلسكندرية‪ :‬مطابع المكتب المصري الحديث )‪.‬‬
‫السمين الحلبي‪ ،‬عمدة الحفاظ في تفسير أشرف األلفاظ‪ ،‬تحقيق محمد‬ ‫‪-53‬‬
‫باسل عيون السور‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1417‬ه – ‪1996‬م)‪.‬‬

‫‪141‬‬
‫السيوطي‪ ،‬جالل الدين‪ ،‬تدريب الراوي في شرح تقريب الواوي‪،‬‬ ‫‪-54‬‬
‫تحقيق عبدالوهاب عبداللطيف‪ ،‬ط (الرياض‪ :‬مكتبة الرياض الحديثة)‪.‬‬
‫السيوطي‪ ،‬عبدالرحمن بن أبي بكر‪ ،‬طبقات المفسرين‪ ،‬تحقيق علي‬ ‫‪-55‬‬
‫محمد عمر‪ ،‬ط‪( 1‬القاهرة‪ :‬دار وهبة ‪1396‬ه)‪.‬‬
‫الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي‪ ،‬إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم‬ ‫‪-56‬‬
‫األصول‪ ،‬تحقيق أبي حفص سامي بن العربي األثري‪ ،‬ط‪( 1‬الرياض‪ :‬دار‬
‫الفضيلة ‪1421‬ه ‪2000‬م)‪.‬‬
‫الشوكاني‪ ،‬محمد بن علي‪ ،‬فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية‬ ‫‪-57‬‬
‫في علم التفسير‪ ،‬تحقيق يوشف الغوش‪ ،‬ط‪( 4‬بيروت‪:‬دار المعرفة ‪1428‬ه –‬
‫‪2007‬م)‪.‬‬
‫طاش كبري زاده‪ ،‬مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات‬ ‫‪-58‬‬
‫العلوم‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1405‬هـ ‪1985 -‬م)‪.‬‬
‫الطبري‪ ،‬جامع البيان عن تأويل آي القرآن‪ ،‬تحقيق أحمد محمد شاكر‪،‬‬ ‫‪-59‬‬
‫ط‪(1‬بيروت‪ :‬مؤسسة الرسالة ‪1420‬ه – ‪2000‬م)‬
‫طوير‪ ،‬أحالم محمد‪ ،‬منهج أبي حيان في عرضه للقراءات وأثرها في‬ ‫‪-60‬‬
‫تفسيره البحر المحيط‪ ،‬رسالة ماجستير‪.‬‬
‫عبداللطيف الخطيب‪ ،‬معجم القراءات‪ ،‬ط (القاهرة‪ :‬دار سعدالدين )‪.‬‬ ‫‪-61‬‬
‫العكبري‪ ،‬إمالء ما من به الرحمن من وجوه اإلعراب والقراءات‪،‬‬ ‫‪-62‬‬
‫تحقيق إبراهيم عطه عوض‪ ،‬ط(الهور‪ :‬المكتبة العلمية)‪.‬‬
‫علوان‪ ،‬عبدهللا ناصح‪ ،‬ثقافة الداعية‪ ،‬ط (القاهرة‪ :‬دار السالم)‪.‬‬ ‫‪-63‬‬
‫العليمي‪ ،‬مجيرالدين‪ ،‬األنس الجليل في تاريخ القدس والخليل‪ ،‬تحقيق‪:‬‬ ‫‪-64‬‬
‫عدنان يونس عبد المجيد نباتة ط( عمان ‪ :‬مكتبة دنديس ‪1420‬ه‪ 1999-‬م)‪.‬‬
‫الغزي‪ ،‬محمد بن محمد ‪ ،‬النعت األكمل ألصحاب اإلمام أحمد بن‬ ‫‪-65‬‬
‫حنبل‪ ،‬تحقيق محمد مطيع الحافظ و نزار أباظة‪ ،‬ط (بيروت‪ :‬دار الفكر‬
‫المعاصر ‪1403‬ه‪1982 -‬م)‪.‬‬
‫الفراء‪ ،‬أبو زكريا‪ ،‬معاني القرآن‪ ،‬تحقيق عبدالفتاح إسماعلي شلبي‬ ‫‪-66‬‬
‫وآخرين‪ ،‬ط (مصر‪ :‬دار المصرية للتأليف والترجمة )‪.‬‬
‫الفضلي‪ ،‬عبدالهادي‪ ،‬القراءات القرآنية‪ ،‬تاريخ وتعريف‪ ،‬ط‪( 2‬بيروت‪:‬‬ ‫‪-67‬‬
‫دار القلم ‪1980‬م)‪.‬‬
‫فالتة‪ ،‬أمين بن إدريس‪ ،‬االختيار عند القراء‪ ،‬مفهومه‪ ،‬مراحه‪ ،‬وأثره‬ ‫‪-68‬‬
‫في القراءات‪ ،‬رسالة ماجستير (‪1421‬ه)‪.‬‬

‫‪142‬‬
‫القاري‪ ،‬مال نورالدين‪ ،‬شرح نخبة الفكر‪ ،‬تحقيق محمد نزار تميم وهيثم‬ ‫‪-69‬‬
‫نزار تميم‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار األرقم)‪.‬‬
‫القاضي‪ ،‬عبدالفتاح ‪،‬البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة من‬ ‫‪-70‬‬
‫طريقي الشاطبية والدرة‪ ،‬ط (بيروت‪ :‬دار الكتاب العربي)‪.‬‬
‫القرطبي‪ ،‬أبو عبدهللا‪ ،‬الجامع ألحكام القرآن‪ ،‬تحقيق سمير البخاري‪ ،‬ط‬ ‫‪-71‬‬
‫(الرياض‪ :‬دار عالم الكتب ‪1423‬ه – ‪2002‬م)‪.‬‬
‫المحيسن‪ ،‬محمد سالم ‪ ،‬المهذب في القراءات العشر وتوجيهها من‬ ‫‪-72‬‬
‫طريق طيبة النشر‪ ،‬ط (القاهرة‪ :‬المكتبة األزهرية للتراث ‪.)1997 – 1417‬‬
‫المعجم الوسيط لمجموعة مؤلفين‪ ،‬تحقيق مجمع اللغة العربية‪،‬‬ ‫‪-73‬‬
‫ط(القاهرة‪ :‬دار الدعوة)‪.‬‬
‫المناوي‪ ،‬زين الدين‪ ،‬فيض القدير شرح الجامع الصغير‪ ،‬ط‪1‬‬ ‫‪-74‬‬
‫(بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1415‬ه – ‪1994‬م)‪.‬‬
‫مهارش‪ ،‬زيد بن علي‪ ،‬منهج اإلمام الطبري في القراءات وضوابط‬ ‫‪-75‬‬
‫اختيارها في تفسيره‪ ،‬رسالة الماجستير‪ ،‬جامعة اإلمام محمد بن سعود‬
‫اإلسالمية‪ ،‬قسم القرآن وعلومه‪.‬‬
‫الموسوعة القرآنية المتخصصة‪ ،‬ضمن إصدار وزارة األوقاف‬ ‫‪-76‬‬
‫المصرية‪ ،‬تقديم د‪ .‬محمد مختار جمعة‪ ،‬ط‪( 3‬القاهرة ‪1435‬ه – ‪2014‬م)‪.‬‬
‫موسى‪ ،‬عبدالزاق علي‪ ،‬تأمالت حول تحريرات العلماء للقراءات‬ ‫‪-77‬‬
‫المتواترة‪.‬‬
‫النحاس‪ ،‬أبو جعغر‪ ،‬معاني القرآن‪ ،‬تحقيق محمد علي الصابوني‪ ،‬ط‪1‬‬ ‫‪-78‬‬
‫(مكة‪ :‬نشر جامعة أم القرآ ‪1409‬ه)‪.‬‬
‫النحاس‪ ،‬إعراب القرآن‪ ،‬تحقيق د‪ .‬زهير غازي زاهد‪ ،‬ط (بيروت‪:‬‬ ‫‪-79‬‬
‫عالم الكتب ‪1409‬هـ ‪1988 -‬م)‪.،‬‬
‫النيسابوري‪ ،‬نظام الدين‪ ،‬غرائب القرآن ورغائب الفرقان‪ ،‬تحقيق‬ ‫‪-80‬‬
‫الشيخ زكريا عميران‪ ،‬ط‪( 1‬بيروت‪ :‬دار الكتب العلمية ‪1416‬ه – ‪1996‬م)‪.‬‬

‫‪143‬‬

You might also like