Professional Documents
Culture Documents
الإمام العليمي الحنبلي ومنهجه في القراءات من خلال تفسيره فتح الرحمن في تفسير القرأن
الإمام العليمي الحنبلي ومنهجه في القراءات من خلال تفسيره فتح الرحمن في تفسير القرأن
أ
ب
صفحةالتحكيم CERTIFICATION OF DISSERTATION WORK PAGE:
تمّ إقرار بحث الطالب :عمر منصور
من اآلتية أسماؤهم:
The thesis of UMAR MANSUR has been approved by the following:
أقررتُ ّ
بأن هذا البحث من عملي الخاص ،قمتُ بجمعه ودراسته ،والنقل واالقتباس
من المصادر والمراجع المتعلقة بموضوعه.
اسم الطالب :عمر منصور
التوقيع ----------------- :
ج
----------------- : التاريخ
DECLARATION
د
جامعة المدينة العالمية
إقرار بحقوق الطبع وإثبات مشروعية األبحاث العلمية غير
المنشورة
حقوق الطبع © 2015محفوظة
عمر منصور
اإلمام العُلَ ْي ِم ّي ال َحنبَ ِل ّي
ومنهجه في القراءات من خالل تفسيره "فتح الرحمن في تفسير
القرآن"
ي شكلال يجوز إعادة إنتاج أو استخدام هذا البحث غير المنشور في أ ّ
أو صورة من دون إذن مكتوب موقع من الباحث إالّ في الحاالت
اآلتية:
-1يمكن االقتباس من هذا البحث بشرط العزو إليه.
-2يحق لجامعة المدينة العالمية ماليزيا االستفادة من هذا البحث بمختلف
الطرق وذلك ألغراض تعليميّة ،ال ألغراض تجاريّة أو تسويقية.
-3يحق لمكتبة جامعة المدينة العالميّة بماليزيا استخراج نسخ من هذا
البحث غير المنشور؛ إذا طلبتها مكتبات الجامعات ،ومراكز البحوث
األخرى.
ه
-ملخص البحث
و
The Abstract
Find and boils in paving and four doors and a conclusion, eating boot relation readings
definition Arcana and types and their importance to the interpreter of the Koran, and concluded
translated fourteen readers and Roathm. And ensure that the first section of his time and life-
Alimi, who lived in it and its scientific, which left behind. Part II also addressed the approach
taken by al-Alimi said in readings and separated the statement cited by the types of readings
and how to be attributed to the readings to their owners. Speaking Part III for directing readings
when Alimi and pictures that. Finally, Section IV, a statement his choice of readings, direct and
review the role he played in the defense of the readings through this interpretation. The search
is over Conclusion including a statement contained in the findings and recommendations.
شكر وتقدير
ز
أشكر المولى عز وجل وأثني عليه رب العالمين ،على ما أمدني به من الصحة
والعافية وبركة الوقت حتى أنجزت هذا البحث من غير حول مني وال قوة ،فلله
الحمد وله النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن ،وله الحمد في األولى واآلخرة.
أتقدم بخالص الشكر والعرفان لوالدي الكريمين على ما تفضال به علي من التربية
الحسنة وما قاما – ويقومان -به تجاهي من الدعم المنقطع النظير في مسيرتي
وسترا العيب.
َ دعوا لي بالغيب،العلمية والمعيشية ،فاجزهما اللهم عني خيرا ،فقد َ
كما أشكر رفيقة حياتي زوجتي الكريمة على تشجيعها لي وصبرها علي
طيلة فترة البحث خاصة والدراسة عامة ،فجزاها هللا خيرا.
وأشكر لجامعة المدينة العالمية الرائدة دورها وبصمتها في رحلتي العلمية ،فقد
حتضنتني وأتاحت لي فرصة مواصلة دراستي في محرابها ،فالتحايا موصولة
إلى رئيسها والعاملين فيها ومن درسني فيها ،كما أخص بالذكر مدير مكتبها في
القاهرة األستاذ المشارك الدكتور محمد منصور إبراهيم الذي أمدني بالدعم
المعنوي طيلة فترة دراستي ،وشاء هللا أن يكون رئيسا لجلسة مناقشتي ،فأسأل
هللا أن يبارك في حياته وفي علمه وفي أهله.
وأتوجه بخالص الشكر لشيخي األستاذ المشارك الدكتور شريف عبدالعليم محمود
الذي أشرف على الرسالة حتى أينعت ثمارها ،وآتت أكلها ،فقد أفادني بالعلم،
وعاملني بالحلم ،بتوجيهاته الرشيدة ،ومالحظاته القيمة السديدة ،وكان حريصا
علي كثيرا ،والتمسني عند حضوري وانقطاعي ،مع تواضع جم ،وأدب رفيع.
فبارك اللهم فيه وفي علمه وفي أهله ،وأحيه على اإلسالم وتوفه على اإليمان.
والشكر والتقدير موصوالن لشيخي األستاذ المساعد الدكتور هادي حسين عبدهللا
– مناقشا داخليا -الذي كان المشرف األول على الرسالة ومرشدي على إعداد
الخطة ،واستفدت بمالحظاته القيمة حينها ،ثم قدر هللا أن يكون في عداد لجنة
مناقشتي أخيرا ،وهذا لحسن حظي وليكتمل نصابي ،وهو بال شك من عظيم منة
هللا تعالى علي ،فاللهم بارك في علمه واجزه عني خيرا.
وأشكر لألستاذ الدكتور بشير أحمد أحمد دعبس – مناقشا خارجيا –
وأستاذ مساعد بقسم القراءات بكلية القرآن الكريم بطنطا جامعة األزهر
على تكرمه بتقبله النظر في رسالتي وتضحيته بوقته النفيس لتصحيح ما سطرت،
وإفادتي بما جهلت ،وهذا لما عرف به من حبه لخدمة كتاب هللا تعالى واحتواءه
لطالبيه ،فاهلل أسأل أن يبارك في حياته ،ويرزقه شفاعة كتابه ،والنجاة من عذابه .
كما أقدر جهود األستاذ المشارك الدكتور السيد سيد أحمد نجم – ممثال للكلية –
واألستاذ سيد أبوبكر على ما قام به من التنسيق للمناقشة.
ح
وأقدر دور كل من درسني شيئا منذ نعومة أظفاري أو حفظني حرفا من كتاب هللا
،أوعلمني شيئا من معانيه ،أو حصلت منه على شيء من إجازته ،فجزاهم هللا
خيرا.
وال يسعني إال أن أشكر زمالئي ورفقاء دربي الذين شجعوني على إنجازي
مشروعي ،ونبهوني ،وراجعوا معي ،وأشاروا إلي بالمفيد ،وال أنسى بالفضل
لألخ األستاذ أحمد محمد أبوبكر الذي ساعدني على اختيار موضوع البحث،
فالشكر والعرفان له وللجميع.
فهرس المحتويات
الصفحة الموضوع
ب صفحة البسملة
ج صفحة التحكيم
د صفحة إقرارا توصية اللجنة وتوقيعات لجنة المناقشة
ه صفحة اإلقرار باللغة اإلنجليزية
و صفحة اإلقرار بحقوق الطبع
ز صفحة ملخص البحث
ح صفحة ملخص البحث باللغة اإلنجليزية
ط صفحة شكر وتقدير
ك فهرس المحتويات
1 المقدمة
ط
2 خطة البحث
2 موضوع البحث
2 مشكلة البحث
3 أهمية الموضوع وأسباب اختياره
3 أهداف البحث
3 منهج البحث
4 الدراسات السابقة
9 التمهيد
10 الفصل األول :تعريف القراءات
11 المبحث األول :تعريف القراءات لغة واصطالحا
14 المبحث الثاني :تعريف مصطلحات (القراءة ،الرواية،
الطريقة ،القارئ ،المقرئ)
15 الفصل الثاني :أركان القراءة المقبولة
16 المبحث األول :أركان القراءة الثالثة
27 المبحث الثاني :أسباب وضع هذه األركان
29 الفصل الثالث :أنواع القراءات
35 الفصل الرابع :أهمية القراءات في تفسير القرآن الكريم.
41 الباب األول :ترجمة العليمي
42 الفصل األول :ترجمته
43 المبحث األول :اسمه ،لقبه ،ونسبه
45 المبحث الثاني :مولده ونشأته
46 الفصل الثاني :حياته العلمية
47 المبحث األول :طلبه العلم ورحالته
50 المبحث الثاني :شيوخه
56 المبحث الثالث :تالمذته
57 المبحث الرابع :عقيدته ومذهبه الفقهي
60 الفصل الثالث :مكانته العلمية
61 المبحث األول :ثناء العلماء عليه
62 المبحث الثاني :تصانيفه وآثاره العلمية
64 المبحث الثالث :مكانة تفسيره ووفاته
66 المبحث الرابع :مصادره في تفسيره ،ووفاته
ي
68 الباب الثاني :منهج العُلَ ْي ِمي في عرض القراءات
69 الفصل األول :أنواع القراءات المذكورة في كتابه
71 المبحث األول :ذكره القراءات المتواترة
79 المبحث الثاني :ذكره القراءات الشاذة
81 الفصل الثاني :عزوه القراءات إلى أصحابها
83 المبحث األول :عزوه القراءات إلى أصحاب بلد
85 المبحث الثاني :عزو القراءات إلى العامة
86 الباب الثالث :منهج العليمي في توجيه القراءات
87 الفصل األول :المدخل إلى علم توجيه القراءات
88 المبحث األول :معنى التوجيه لغة واصطالحا
91 المبحث الثاني :الكتب المصنفة في ذلك
94 الفصل الثاني :صور توجيه القراءات عند العليمي
95 المبحث األول :توجيه القراءة بالمأثور
100 المبحث الثاني :توجيه القراءة باللغة
105 المبحث الثالث :التوجيه بأقوال المفسرين وعلماء اللغة
107 المبحث الرابع :التوجيه باللهجات العربية وكالم العرب
110 المبحث الخامس :التوجيه بالرسم العثماني وأحكام التالوة
والتجويد
113 المبحث السادس :التوجيه بالقراءات الشاذة
115 المبحث السابع :توجيه القراءات وأثره في األحكام الفقهية
118 المبحث الثامن :توجيه القراءات لبيان مسائل العقيدة
120 المبحث التاسع :إيراده القراءات بدون توجيه
122 الباب الرابع :منهج العليمي في اختيار القراءات والترجيح
بينها والدفاع عنها
123 الفصل األول :اختيار اإلمام العليمي للقراءات
124 المبحث األول :معنى االختيار لغة واصطالحا
129 المبحث الثاني :رأي العلماء في اختيار القراءات
132 المبحث الثالث :منهج العليمي في اختيار القراءات
134 الفصل الثاني :الترجيح بين القراءات عند العليمي
135 المبحث األول :معنى الترجيح لغة واصطالحا
137 المبحث الثاني :حكم الترجيح بين القراءات
ك
140 المبحث الثالث :منهج العليمي في الترجيح بين القراءات
143 الفصل الثالث :منهج العليمي في الدفاع عن القراءات
144 المبحث األول :توطئة عن الدفاع عن القراءات
145 المبحث الثاني :منهج العليمي في الدفاع عن القراءات
150 الخاتمة
151 أهم النتائج
151 أهم التوصيات
152 الفهارس العامة
152 فهرس اآليات
161 فهرس األحاديث النبوية
162 فهرس األعالم
165 فهرس المصادر والمراجع
ل
المقدمة
الحمد هلل الذي أنزل الكتاب على عبده ليكون للعالمين نذيرا ،أرسل به رسوال
مبشرا ونذيرا ،ويسر تالوته للعالمين ،وجعله غاية المتدبرين المتعظين ،من عمل
به نجا من الشقاء ،ومن تركه خاب وخسر وشقا .
وأصلي وأسلم على من تلقى القرآن من لدن حكيم خبير ،المبعوث رحمة
للعالمين ،بآخر رسالة أخرجت للناس أجمعين ،وعلى آله الطيبين الطاهرين،
وعلى صحابته الغر الميامين ،وعلى أزواجه أمهات المؤمنين ،وعلى من تبعهم
بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد :فإن خير ما ت ُصرف إليه الهمم العوالي ،وت ُقطع فيه األيام والليالي،
هو تعلم وتعليم القرآن الكريم وما يتصل به من علوم ،فهو أصدق ما قيل،
وأشرف ما حفظ ،خير الناس من اشتغل به تعلما وتعليما وحفظا وتدبرا وعمال
واتعاظا ،فقال عليه الصالة والسالم " َخي ُْر ُك ْم َم ْن ت َ َعلَّ َم ْالقُ ْرآنَ َو َ
علَّ َمهُ ".1
ولذلك اعتنى العلماء بعلوم القرآن الكريم على توالي األيام والعصور،
وألفوا فيها كتبا جمة ،كشفوا فيها عن دقيق هذه العلوم وجليلها تحصيال لهذه
األفضلية ،وتبليغا لهذا الدين العظيم
ومن هذه العلوم "علم القراءات" الذي هو "علم بكيفية أداء كلمات القرآن
واختالفها ،معزوا لناقله" .2
ومن العلماء األفذاذ الذين خدموا هذا العلم الجليل اإلمام القاضي مجير الدين
بن محمد العليمي المقدسي الحنبلي المتوفى 928ه من خالل تفسيره "فتح
الرحمن في تفسير القرآن" ،فهذا الكتاب يعد – بحق – مخزونا هائال لعلم
القراءات ،فهو يذكر خالف القراء العشرة المشهورين في كل كلمة وجد فيها
الخالف ،وينسب إلى كل إمام مذهبه فيها ،ويذكر أصول قراءة كل قارئ من مد
وإمالة وفتح ومدغم وهمز ونقل واختالس وأحكام الوقف واالبتداء ،مع توجيه
القراءات ،والترجيح واالختيار أحيانا ،وبيان ما يتصل بذلك من إثراء التفسير
واتساع المعنى ،واستخراج اللطائف البالغية وغير ذلك مما تناوله في هذا
التفسير القيم مما يتعلق بعلم القراءات وأصولها.
1البخاري ،محمد بن إسماعيل ،الجامع الصحيح المختصر ،تحقيق د .مصطفى ديب البغا ،ط( 3بيروت:
دار ابن كثير 1407ه – 1987م) ،كتاب قضائل القرآن ،باب خيركم من تعلم القرآن وعلمه ج 4ص1919
حديث رقم .4739
2ابن الجزري ،محمد بن محمد ،منجد المقرئين ومرشد الطالبين ،اعتنى به علي بن محمد العمران ،ط (دار
عالم الفوائد) ،ص .49
1
وقد قمت بإعداد هذا البحث والذي هو بعنوان " اإلمام العُ َليْمي الحنبلي
ومنهجه في القراءات من خالل تفسيره "فتح الرحمن في تفسير القرآن" لتقديمه
إلى قسم التفسير ،بجامعة المدينة العالمية تمهيدا لنيل درجة التخصص
"الماجستير" في القراءات ،تحت إشراف فضيلة األستاذ الدكتور شريف
عبدالعليم محمود – حفظه هللا تعالى ،وأشكر المولى عز وجل أن وفقني وسددني
على إنجازه ،وأسأله أن يتقبله خالصا لوجهه الكريم.
-خطة البحث:
وقد قسمت البحث إلى مقدمة ،وتمهيد ،وثالثة أبواب ،وخاتمة ،وفهارس علمية
كما يلي:
أوال :المقدمة ،وتشتمل على:
-موضوع البحث:
ي ومنهجه في القراءات من خالل تفسيره "فتح الرحمن في اإلمام العُلَيْم ّ
ي ال َحنبَل ّ
تفسير القرآن".
-مشكلة البحث
هذا البحث يحاول اإلجابة لجملة أسئلة لطالما طرحت نفسها ،منها أثر
القراءات القرآنية في إثراء المعنى وكيفية االستفادة من الثراء القراءاتي في
تفسير اآلية والعمل بها؟ وما هي الوجوه التي يمكن إبرازها واالستدالل لها
في هذا الخصوص؟ وما قيمة تفسير العليمي ودور صاحبه في إبراز ذلك
باعتباره أحد المفسرين المتأخرين الحنابلة؟ وما المنهاج الذي سار عليه في
تناوله لآليات التي تحتوي على شيء من كلمات الحروف العشرة المختلف
عليها؟
سيحاول الباحث خالل بحثه هذا إلقاء الضوء على هذه األسئلة المطروحة
وغيرها لتتضح الرؤية أمام كل ذي عينين باصرتين ،يستفيد منها القارئ
العام قبل المتخصص.
2
-1تعلقه بالقرآن الكريم.
- 2الرغبة الملحة في خدمة القرآن الكريم ،والعيش في ظالله ،والتي تتجلى أكثر
عند اإللمام باختالف قراءاته تفسيرا وتوجيها وتحليال واستنباطا.
-3الوقوف على منهج العليمي في عرض القراءات.
- 4عدم وجود من قام من الباحثين بهذا العمل الجليل في هذا التفسير ،مع تأكد
الحاجة إلى ذلك ،ومن هنا جاء االهتمام به ،وإخراجه إلى األضواء العلمية
ليحظى باهتمام الباحثين ولينال قيمته الحقيقية في األوساط العلمية ،وخاصة
ولكونه من التفاسير النادرة ألحد علماء الحنابلة المتأخرين بعد ضياع أكثر
تفاسيرهم ولم يسلم من ذلك إال النزر اليسير.
-6محبتي الشديدة لهذا العلم الجليل ،ورغبتي األكيدة في خدمته والنبوغ والتميز
فيه ،واإلسهام في تطويره.
-7توسيع دائرة البحوث اإلسالمية.
-أهداف البحث:
-1إظهار وشرح المنهج الذي سار عليه العليمي في عرض القراءات ونسبتها
إلى أصحابها.
-2الكشف عن قيمة العليمي العلمية التي تتجلى من خالل تقسيره هذا.
-3إبراز اختيارات العليمي رحمه هللا وتوجيهاته للقراءات ،والدفاع عنها،
والمنهج الذي سار عليه في كل ذلك.
-4إثراء المكتبة اإلسالمية ببحث جديد لم يسبق إليه.
-منهج البحث:
-1المنهج الذي التزمت به خالل هذا البحث هو المنهج الوصفي التحليلي ،حيث
أقوم بتتبع المواضيع التي استعرض فيها العليمي القراءات في تفسيره مع
بيان طبيعة كل منها ،أستنبط من خالل ذلك المنهج الذي سلكه أو التزم به
خالل استعراض ذلك.
-2وضحت هذا المنهج مدلال بأمثلة ونماذج كافية من تلك المواضيع المدروسة
معقبا عليها بالتعليق والتوضيح أحيانا ،وباالستدراك والتنبيه أحيانا أخرى.
-3وضحت منهجه في توجيه القراءات وتعليلها.
-4بينت مسلكه في ترجيح القراءات واختيارها والدفاع عنها.
-5وثقت القراءات المتواترة التي أوردها من كتب القراءات المتواترة.
-6تتبعت القراءات الشاذة التي ذكرها ووثقتها من مظانها.
3
-7وثقت اآليات القرآنية الواردة في البحث بذكر اآلية ورقمها والسورة التي
فيها.
-8خرجت األحاديث النبوية التي وردت في البحث من مظانها األصلية.
-9أ َ َح ْلتُ أقوال السلف والعلماء الواردة أثناء البحث إلى مصادرها ما استطعت.
ترجمت ألسماء األعالم الواردة في البحث وتركت منهم المشاهير -10
والمعاصرين.
التعريف بالبلدان غير المشهورة الواردة في البحث. -11
خرجت الشواهد الشعرية بعزوها إلى مصادرها. -12
قمت بعمل فهارس لآليات واألحاديث واألعالم والمصادر والمراجع -13
والموضوعات.
-الدراسات السابقة
بعد طول بحث وتنقيب وسؤال ذوي االختصاص ومراسلة موقع "قاعدة بيانات
أوعية المعلومات القرآنية" و "مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات
اإلسالمية" واالطالع على "قائمة قاعة الرسائل الجامعية في المكتبة األزهرية "
وغير ذلك من بنوك موضوعات الرسائل الجامعية المختلفة تبينت أن موضوع
الرسالة لم يتناوله أحد بالبحث والدراسة.
وقد وقفت على ورقة هي عبارة عن ملخص لمطروحة الستكمال درجة
الدكتوراة ،تقدمت بها الباحثة يسري أحمد توفيق اليبرودي إلى قسم أصول الدين
بكلية الشريعة والدراسات اإلسالمية بجامعة اليرموك بالمملكة األردنية الهاشمية،
وهي بعنوان "منهج العليمي الحنبلي في تفسيره فتح الرحمن في تفسير القرآن"،
وتقع الرسالة في 212صفحة ،وقد نوقشت بتاريخ 23شعبان 1432الموافق 25
يوليو .2011
وتهدف الرسالة – كما ذكر الملخص - 1إلى بيان منهج العليمي في تفسيره
فتح الرحمن في تفسير القرآن ،ودراسته ،حيث أفاد العليمي ممن سبقه من
والقرطبي ،والزمخشري ،وابن عطية، المفسرين األعالم ،كالطبري،
والكواشي ،والبيضاوي ،وابن كثير ،والبغوي ،وغيرهم.
4
كما كشفت الرسالة عن تميز العليمي بذكر الوقوفات وإيراد القراءات
المتواترة ،واهتمامه بالفقه ومسائله وذكر مظان االختالف واإلتفاق دون تحيز أو
تعصب لمذهبه.
وبعيدا عن تعقيدات مسائل أهل الكالم في العقيدة ،اختصر العليمي على
القارئ الكريم تلك المسائل ،والتزم طريق أهل السنة والجماعة في بيانها.
كما اختصر القضايا اللغوية ،والنحوية ،والبالغية ،واهتم بمسائل من علوم
القرآن ،كالمحكم والمتشابه ،وأسباب النزول ،والمكي والمدني ،وغيرها ،وأكثر
من ذكر الروايات اإلسرائيلية في تفسيره.
كما أكثر من إيراد القصص التاريخية ،واألمثال الشعبية ،وكان اهتمامه بالعدد
واضحا بارزا من أول تفسيره إلى آخره.
ولمعرفة مدى االختالف في المنهج واألسلوب وسبك العبارة بين مفسري
القرن الواحدَ ،عقَدَت الباحثة مقارنة بين العليمي الحنبلي ،وأبي السعودي العمادي
في تفسيره "إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم" ،وقد توصلت الرسالة
إلى مزايا عدة ذكرت في آخرها ،1انتهى.
وقد سبق أن ُحقّق تفسير العليمي كذلك في سبع رسائل علمية للماجستير في
جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية بالرياض.
والنسخة التي اعتمدتُ عليها في هذا البحث هي نسخة محققة ومطبوعة طبعت َها
الثانية سنة 1432ه – 2011م ،وهي النسخة الوحيدة المطبوعة إلى اآلن ،قامت
بطباعتها "مؤسسة دار النوادر" ،وكانت الطبعة األولى من إصدارات وزارة
األوقاف والشئون اإلسالمية بدولة قطر ،بتاريخ 1430ه – 2009م ،و كانتا
بتحقيق نور الدين طالب.
وتقع في سبع مجلدات متوسطة ،قام المحقق بالتقديم للكتاب وذكر ترجمة
للمؤلف وبيان صحة نسبة الكتاب إلى صاحبه ،ثم بين منهج العليمي في كتابه
هذا ،وموارده فيه ،ووصف أخيرا النسخ الخطية التي اعتمد عليها في تحقيقه هذا،
فجزاه هللا خيرا.
ثانيا :تقسيمات البحث ،ويشتمل على تمهيد وأربعة أبواب وخاتمة .
-التمهيد ،ويشتمل على:
مدخل في علم القراءات وأهميته في تفسير القرآن الكريم .وتحته خمسة
فصول:
الفصل األول :تعريف القراءات.
1انظر :ملخص أطروحة " منهج العليمي الحنبلي في تفسيره فتح الرحمن في تفسير القرآن" إعداد يسري
أحمد توفيق اليبرودي ص.7
5
الفصل الثاني :أركان القراءة المقبولة ،وتحته مبحثان:
المبحث األول :أركان القراءة الثالثة
المبحث الثاني :أسباب وضع هذه األركان
الفصل الثالث :أنواع القراءات القرآنية.
الفصل الرابع :أهمية القراءات في تفسير القرآن الكريم.
-الباب األول :ويتضمن ترجمة اإلمام العليمي وحياته العلمية وعصره الذي
عاش فيه ،وتحته ثالثة فصول:
الفصل األول :ترجمة اإلمام العُلَيْمي رحمه هللا .وتحته مبحثان:
المبحث األول :اسمه ,لقبه ,ونسبه.
المبحث الثاني :مولده ,ونشأته.
الفصل الثاني :حياته العلمية ،وتحته أربعة مباحث:
المبحث األول :طلبه العلم ورحالته.
المبحث الثاني :شيوخه.
المبحث الثالث :تالمذته.
المبحث الرابع :عقيدته ومذهبه الفقهي.
الفصل الرابع :مكانته العلمية ،وتحته ثالثة مباحث:
المبحث األول :ثناء العلماء عليه.
المبحث الثاني :تصانيفه وآثاره العلمية.
المبحث الثالث :مكانة تفسيره.
المبحث الرابع :مصادره في تفسيره ،ووفاته
-الباب الثاني :ويتناول منهج العُلَ ْي ِمي في عرض القراءات ،ويشتمل على
فصلين:
الفصل األول :أنواع القراءات المذكورة في كتابه .وقد قسمت الفصل إلى ثالثة
مباحث:
المبحث األول :ذكره القراءات المتواترة.
المبحث الثاني :ذكره القراءات المشهورة.
المبحث الثالث :ذكره القراءات الشاذة.
الفصل الثاني :عزوه القراءات إلى أصحابها .وينقسم الفصل إلى مبحثين:
المبحث األول :عزوه القراءة إلى األمصار.
المبحث الثاني :عزو القراءة إلى العامة.
-الباب الثالث :منهج العليمي في توجيه القراءات ،ويشتمل على فصلين
رئيسيين:
6
الفصل األول :المدخل إلى علم توجيه القراءات .ويتضمن مبحثين:
المبحث األول :معنى التوجيه لغة واصطالحا.
المبحث الثاني :الكتب المصنفة في ذلك.
الفصل الثاني :صور توجيه القراءات عند العليمي .وتحته تسعة مباحث:
المبحث األول :توجيه القراءات بالمأثور.
المبحث الثاني :توجيه القراءات من حيث اللغة.
المبحث الثالث :التوجيه بأقوال المفسرين وعلماء اللغة.
المبحث الرابع :التوجيه باللهجات العربية وكالم العرب.
المبحث الخامس :التوجيه بالرسم العثماني وأحكام التالوة والتجويد.
المبحث السادس :التوجيه بالقراءات الشاذة.
المبحث السابع :توجيه القراءات وأثره في األحكام الفقهية.
المبحث الثامن :توجيه القراءات لبيان مسائل العقيدة.
المبحث التاسع :إيراده للقراءات بدون توجيه.
-الباب الرابع :منهج العليمي في اختيار القراءات والترجيح بينها والدفاع
عنها ،وتحته ثالثة فصول:
الفصل األول :اختيار العليمي للقراءات ،وتحته ثالثة مباحث:
المبحث األول :معنى االختيار لغة واصطالحا .
المبحث الثاني :رأي العلماء في االختيار للقراءات.
المبحث الثالث :منهج العليمي في اختيار القراءات.
الفصل الثاني :الترجيح بين القراءات عند العليمي ،وتحته ثالثة مباحث:
المبحث األول :معنى الترجيح لغة واصطالحا.
المبحث الثاني :حكم الترجيح بين القراءات.
المبحث الثالث :منهج العليمي في الترجيح بين القراءات.
الفصل الثالث :منهج العليمي في الدفاع عن القراءات ،وتحته مبحثان:
المبحث األول :توطئة في الدفاع عن القراءات.
المبحث الثاني :منهج العليمي في الدفاع عن القراءات.
-الخــاتـمة :وتحتوي على اآلتي:
أ :أهم نتائج البحث وتوصياته.
ب :الفهارس العامة
أوال :فهرس اآليات القرآنية.
ثانيا :فهرس األحاديث النبوية.
ثالثا :فهرس األعالم.
7
رابعا :فهرس المصادر والمراجع.
خامسا :فهرس الموضوعات.
التمهيد
ويشتمل على مدخل في علم القراءات وأهميته في تفسير القرآن الكريم .وتحته
خمسة فصول:
الفصل األول
تعريف القراءات
8
ويستمل على مبحثين:
المبحث األول :تعريف القراءات لغة واصطالحا
المبحث الثاني :تعريف مصطلحات (القراءة ،الرواية ،الطريقة ،القارئ،
المقرئ)
9
بعض ،وقَرأْتُ الش ْي َء قُ ْرآناً: ٍ ض َّمه ،أَي ضم ب ْع َ
ضه إلى وقَ َرأ َ الشي َءَ :ج َم َعه و َ
َجم ْعتُه وض َم ْمتُ بعضه إلى بعض ،وسمي القرآن قرآنا ألنه يجمع السور
ت جنينا ً قط ،أَي لم سالً ّ
قط وما قَ َرأ َ ْ ويضمها ،ومنه قولُهم :ما قَرأ َ ْ
ت هذه الناقةُ َ
ض َّم َرحمها على ولد ،قال عمرو بن كلثوم:1 ت َ ُّ
2
ه َجان اللَّ ْون لَم ت َ ْق َرأْ َجنينا ** ط ٍل أ َ ْد َما َء ب ْك ٍر
ذ َرا َع ْي َع ْي َ
1عمرو بن كلثوم :ابن مالك بن عتّاب ،أبو األسود ،من بني تغلب ،شاعر جاهلي ،من الطبقة األولى ،مات
في الجزيرة الفراتية في حدود سنة 40ق م .والبيت من معلقته المشهورة .انظر :الجمحي ،محمد بن
سالب ،طبقات فحول الشعراء ،تحقيق محمود محمد شاكر ،ط (جدة :دار المدني) ،ج 1ص.151
2الزوزني ،الحسين ين أحمد ،شرح المعلقات السبع ،تحقيق لجنة التحقيق في الدار العالمية ،ط (بيروت:
الدار العالمية 1993م) ،ص .115
3األفريقي ،المرجع السابق ،ج 1ص .128الزبيدي ،محمد بن محمد ،تاج العروس من جواهر القاموس،
تحقيق مجموعة محققين( ،الرياض :دار الهداية ) ج 1ص .370
4القيامة ،اآلية.17 :
5بازمول ،محمد بن عمر ،القراءات وأثرها في التفسير واألحكام ،ط ( ،1القاهرة :دار الفرقان 1331ه-
2009م ) ج 1ص ،106نقال عن :ابن القيم ،محمد بن أبي بكر ،زاد المعاد في هدي خير العباد ،ط27
(بيروت :مؤسسة الرسالة 1415ه – 1994م) ،ج 5ص.635
6ابن الجزري :هو اإلمام محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف ،أبو الخير ،شمس الدين ،العمري
الدمشقي ثم الشيرازي الشافعي ،الشهير بالجزري ،شيخ اإلقراء في زمانه ،من حفاظ الحديث .ولد ونشأ في
دمشق ،مات فيها .من كتبه( :النشر في القراءات العشر) ،و(غاية النهاية في طبقات القراء) وغيرهما.
توفي سنة 833ه .انظر :الزركلي ،خير الدين ،األعالم ،ط( 15بيروت :دار العلم للماليين) ج 7ص.45
7ابن الجزري ،منجد المقرئين ،ص .49
10
أبو حيان األندلسي :1هو علم يبحث فيه عن كيفية النطق بألفاظ القرآن.2"،
يفهم من كالم أبي حيان أن علم القراءات ينحصر في كيفية النطق بألفاظ
القرآن الكريم ال غير ،وهذا ينطبق على علم التجويد وليس علم القراءات ألن علم
القراءات أوسع من ذلك ،وقد يُعذَر بأنه لم يات بهذا التعريف غرضا وإنما أتى به
عرضا فال ينظر إليه كحد يطلب فيه كونه جامعا مانعا.3
بدر الدين الزركشي" 4القراءات هي اختالف ألفاظ الوحي المذكور – أي القرآن
-في كتبة الحروف أو كيفيتها من تخفيف وتثقيل وغيرهما".5
ويؤخذ على هذا التعريف أنه حصر القراءات في اختالف الحروف وكيفية
النطق بها ولم يتطرق إلى ذكر النقل والرواية التي بها تعرف صحة القراءة من
حيث النقل.
وكذا قوله ":كتبة الحروف" يدخل فيها علم الرسم وهو علم مستقل بذاته.
عبدالفتاح القاضي :قال" :هو علم يعرف به كيفية النطق بالكلمات القرآنية،
وطريق أدائها اتفاقا واختالفا مع عزو كل وجه لناقله".6
ويبدو لي – والعلم عند هللا – أن أحسن التعريفات وأدقها هما تعريف ابن
الجزري والشيخ عبدالفتاح القاضي ،ألنهما يستوعبان القراءات من جانبي الدراية
1أبو حيان :هو محمد بن يوسف بن على بن يوسف بن حيان الغرناطي األندلسي الجيانى ،النفزي ،أثير
الدين ،أبو حيان ،من كبار العلماء بالعربية والتفسير والحديث والتراجم واللغات .ولد في إحدى جهات
غرناطة .من تصانيفه( :البحر المحيط ) ولد سنة 654وتوفي سنة .745انظر :األعالم (.)152/7
2األندلسي ،أبو حيان ،البحر المحيط ،تحقيق :صدقي محمد جميل ،ط ( بيروت :دار الفكر 1420ه ) ج 1
ص .26
3بازمول ،مرجع سابق ،ج 1ص .108
4الزركشي :هو محمد بن بهادر بن عبد هللا الزركشي ،أبو عبد هللا ،بدر الدين ،عالم بفقه الشافعية واألصول،
تركي األصل ،مصري المولد والوفاة .له مشاركات في عدة فنون ،من تصانيفه( :إعالم الساجد بأحكام
المساجد) ،و(البرهان في علوم القرآن) ،وغيرهما .توفي سنة 794هـ .انظر :األعالم (.)60/6
5الزركشي ،بدر الدين ،البرهان في علوم القرآن ،تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم ،ط ( 1بيروت :دار
المعرفة 1376ه – 1957م) ج 1ص .318
6القاضي ،عبدالفتاح ،البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة من طريقي الشاطبية والدرة ،ط
(بيروت :دار الكتاب العربي) ص .7المحيسن ،محمد سالم ،المهذب في القراءات العشر وتوجيهها من
طريق طيبة النشر ،ط (القاهرة :المكتبة األزهرية للتراث )1997 – 1417ص .8
11
والرواية معا وال يقتصران على جانب واحد كما صنع غيرهما ،فهما تعريفان
جامعا مانعان مستوعبان بالشك.
1ال ضباع :الضباع ،محمد علي ،اإلضاءة في بيان أصول القراءة ،ملتزم الطبع والنشر :عبدالحميد أحمد
حنفي ،ص.6 – .5
12
الفصل الثاني
أركان القراءة المقبولة
13
لعلماء القراءات ضابط مشهور يزنون به الروايات الواردة فيها القراءات،
فيقولون :كل قراءة وافقت أحد المصاحف العثمانية ولو تقديرا ،ووافقت اللغة
العربية ولو بوجه ،وصح إسنادها ،ولو كان عمن فوق العشرة من القراء فهي
القراءة الصحيحة التي ال يجوز ردها وال يحل إنكارها بل هي من األحرف
السبعة التي نزل عليها القرآن.
وهذه الضوابط هي المعروفة عندهم بأركان القراءة الثالث ،أو شروط القراءة
الصحيحة ،وقد جمعها الحافظ ابن الجزري رحمه هللا في طيبته بقوله:
فكل ما وافق وجه نحو **** وكان للرسم احتماال يحوى
ُ1 ُ
القرآن **** فهذه الثالثة األركان وصح إسنادا هو
إذن هذه األركان هي:
موافقة اللغة العربية ولو بوجه -1
موافقة رسم أحد المصاحف العثمانية ولو تقديرا -2
صحة السند مع الشهرة واالستفادة -3
وبسط ذلك ابن الجزري بقوله" :كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ،ووافقت
أحد المصاحف العثمانية ولو احتماال وصح سندها ،فهي القراءة الصحيحة التي ال
يجوز ردها وال يحل إنكارها ،بل هي من األحرف السبعة التي نزل بها القرآن
ووجب على الناس قبولها ،سواء كانت عن األئمة السبعة ،أم عن العشرة ،أم عن
غيرهم من األئمة المقبولين ،ومتى اختل ركن من هذه األركان الثالثة أطلق عليها
ضعيفة أو شاذة أو باطلة ،سواء كانت عن السبعة أم عمن هو أكبر منهم ،هذا هو
الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف".2
الركن األول :موافقة اللغة العربية ولو بوجه
المراد بذلك أن يوافق وجها من وجوه قواعد اللغة العربية سواء كان أفصح
أم فصيحا مجمعا عليه ،أم مختلفا فيه اختالفا ال يضر مثله ،إذا كانت القراءة مما
1ابن الجزري ،طيبة النشر في القراءات العشر ،تحقيق محمد تميم الزعبي ،ط( 1جدة :مكتبة دار الهدى
1414ه – 1994م) بيتان رقم ،15 ،14ص.1
2ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج 1ص.9
14
شاع وذاع وتلقاه األئمة باإلسناد الصحيح ،إذ هو األصل األعظم والركن األقوم،
وهذا هو المختار عند المحققين في ركن موافقة العربية ،فكم من قراءة أنكرها
بعض أهل النحو أو كثير منهم ولم يعتبر إنكارهم ،بل أجمع األئمة المقتدى بهم
من السلف على قبولها .1
عواْ) 2والجمع بين ومن أمثلة ذلك إدغام أبي عمرو ،وقراءة حمزة (فَ َما ا ْس َّ
طا ُ
الساكنين في قراءة البزي ،وإسكان كلمة ([ﮚ ] 3و([ﮦ ] 4في قراءة أبي عمرو،
وقراءة حمزة [ﭨ ﭩ ] 5بالخفض ،والفصل بين المضافين في األنعام البن عامر،6
وغير ذلك مما هو معلوم لدى أهل الفن.
فيجب التعامل مع كل ذلك باالطمئنان والقبول التام ،وال يرد ذلك بقاعدة من
القواعد النحوية ،وال قياس وال فشو لغة ،ألن القراءة سنة متبعة ،7يلزم قبولها
والمصير إليها في جميع األحوال.
15
قال الزرقاني ":1وهذا كالم وجيه فإن علماء النحو إنما استمدوا قواعده من
كتاب هللا تعالى وكالم رسوله وكالم العرب ،فإذا ثبتت قرآنية القرآن بالرواية
المقبولة ،كان القرآن هو الحكم على علماء النحو وما قعدوا من قواعد ،ووجب أن
يرجعوا هم بقواعدهم إليه ال أن نرجع نحن بالقرآن إلى قواعدهم المخالفة نحكمها
فيه ،وإال كان ذلك عكسا لآلية وإهماال لألصل في وجوب الرعاية".2
2الزرقاني ،محمد عبدالعظيم ،مناهل العرفان في علوم القرآن ،تحقيق أحمد بن علي ( ،القاهرة :دار الحديث
1422ه – 2001م ) ،ج 1ص .351
3التوبة ،اآلية .100 :الداني ،المرجع السابق ،ص .85ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .393ابن زنجلة،
المرجع السابق ،ص.322
4ابن الجزري ،منجد المقرئين ص .79
5البقرة ،اآلية.116 :
6البقرة ،اآلية.259:
16
ولإلمام ابن الجزري كالم نفيس في هذا الموضوع ال غنى عنه ،يقول فيه ما
نصه:
ط] 2بالصاد المبدلة من السين ،وعدلوا الص َرا َ
" ( قلت ) :فانظر كيف كتبوا [ ّ
عن السين التي هي األصل لتكون قراءة السين وإن خالفت الرسم من وجه قد أتت
على األصل فيعتدالن ،وتكون قراءة اإلشمام محتملة ،ولو كتب ذلك بالسين على
األصل لفات ذلك وعدت قراءة غير السين مخالفة للرسم واألصل ،ولذلك كان
الخالف في المشهور في [ﭯ ﭰ] 3األعراف دون [ه ] 4البقرة ; لكون حرف البقرة
كتب بالسين وحرف األعراف بالصاد ،على أن مخالف صريح الرسم في حرف
مدغم أو مبدل أو ثابت أو محذوف أو نحو ذلك ال يعد مخالفا إذا ثبتت القراءة به
ووردت مشهورة مستفاضة ،أال ترى أنهم لم يعدوا إثبات ياءات الزوائد وحذف
صالحينَ ) 6والظاء من [ﯗ ] 7ونحو (وأ َ ُكونَ منَ ال َّ
ياء [ﯘ ] في الكهف ،وقراءة َ
5
ذلك من مخالفة الرسم المردود ،فإن الخالف في ذلك يغتفر ،إذ هو قريب يرجع
إلى معنى واحد وتمشيه صحة القراءة وشهرتها وتلقيها بالقبول ،وذلك بخالف
زيادة كلمة ونقصانها وتقديمها وتأخيرها حتى ولو كانت حرفا واحدا من حروف
المعاني ،فإن حكمه في حكم الكلمة ال يسوغ مخالفة الرسم فيه ،وهذا هو الحد
الفاصل في حقيقة اتباع الرسم ومخالفته ".8
أما الموافقة غير الصريحة فكما في كلمة ( َملك) في قوله تعالى[ :ﭞ ﭟ ﭠ
] 9فإنها مرسومة في جميع المصاحف بحذف األلف ،فقراءة الحذف هنا
محذوف األلف في قوله تعالى[ :ﮅ ﮆ] ،10وقراءة األلف
َ تحتمله تحقيقا ألنه وجد
17
تحتمله تقديرا ،كما كتب في قوله تعالى[ :ﮉ ﮊ ] 1باأللف ،فتكون األلف حذفت
اختصارا.2
الركن الثالث :صحة السند مع الشهرة واالستفادة
جعل العلماء صحة السند مع الشهرة واالستفادة شرطا من ضمن الشروط
الثالثة لصحة القراءة والقطع بها قرآنا .
وقد شرح معنى ذلك ابن الجزري بقوله" :قولنا (وصح سندها) نعني به أن
يروي تلك القراءة العدل الضابط عن مثله ،وهكذا حتى تنتهي ،وتكون مع ذلك
مشهورة عند أئمة هذا الشأن الضابطين له ،غير معدودة عندهم من الغلط أو مما
شذ به بعضهم".3انتهى.
ومعلوم أن أكثر المتقدمين على اشتراط التواتر في قبول القراءة إلى جانب
موافقة الرسم واللغة العربية ، ،إال أن مذهب األئمة المحققين المدققين اشتراط ما
أسلفناه من االكتفاء بصحة السند مع االستفادة والشهرة من دون اشتراط التواتر،
وعلى رأسهم العالمة أبو شامة ،4وأبو محمد الجعبري ،5ووافقه الحموي ،6وهو
مذهب المحقق ابن الجزري ،الذي ذَكر أنه كان في أول أمره على المذهب األول
قبل أن يرجع عنه ،7وتبعه الزرقاني وعيره.1
18
معنى التواتر:
المتواتر ما رواه جماعة عن جماعة كذا إلى منتهاه ،تفيد العلم من دون تعيين
عدد ،هذا هو الصحيح ،وقيل بالتعيين ،2واختلفوا فيه ،فقيل ستة ،وقيل اثنا عشر،
وقيل عشرون ،وقيل أربعون ،وقيل سبعون ،وقيل غير ذلك ،حتى أوصله بعضهم
إلى ثالث مئة وبضعة عشر" ،3لكن تعيين العدد غير صحيح ،فكل ما أفاد العلم
ودفع جواز تواطئهم على الكذب عادة فهو المتواتر.
مثاله ما اتفقت الطرق في نقله عن السبعة ،وهذا هو الغالب في القراءات ".4
معنى صحة السند:
يقصدون بصحة السند أن يروي تلك القراءة العدل الضابط عن مثله كذا إلى
منتهاه ،وتكون مع ذلك مشهورة عند أئمة هذا الشأن الضابطين له غير معدودة
عندهم من الغلط أو مما شذ به بعضهم ،5إال أنها لم تبلغ درجة التواتر 6.وهو
7
المعروف عندهم بالمشهور ،وقد تكون من اآلحاد.
قال الشيخ محمد عبدالعظيم الزرقاني رحمه هللا" :ومن أشهر ما صنف في
هذين النوعين "التيسير" ،للداني و"الشاطبية" و "طيبة النشر في القراءات
1أبو شامة ،شهاب الدين ،المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز ،تحقيق طيار آلتي قوالج ،ط
(بيروت :آل صادر1395 ،ه – 1975م) ،ص .137 -136الحموي ،ابن أبي الرضا ،القواعد واإلشارات
في أصول القراءات ،تحقيق د .عبدالكريم بكار ،ط( 1القاهرة :دار السالم 1435ه – 2014م) ،ص.34,33
ابن الجزري ،النشر ،ص .13الزرقاني ،المرجع السابق ،ج 1ص.355
2الشوكاني ،محمد بن علي ،إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم األصول ،تحقيق أبي حفص سامي بن
العربي األثري ،ط( 1الرياض :دار الفضيلة 1421ه 2000م) ،ج 1ص.244
3ابن الجزري ،منجد المقرئين( ،ص .)38القاري ،مال نورالدين ،شرح نخبة الفكر ،تحقيق محمد نزار
تميم وهيثم نزار تميم ،ط( 1بيروت :دار األرقم) ص .168السيوطي ،جالل الدين ،تدريب الراوي في شرح
تقريب الواوي ،تحقيق عبدالوهاب عبداللطيف ،ط (الرياض :مكتبة الرياض الحديثة) ،ج 2ص.176
4الزرقاني ،المرجع السابق ج 1ص .357
5ابن الجزري ،النشر ،ج 1ص.11
6الزرقاني ،المرجع السابق،ج 1ص .356
7وأورد العالمة أبو شامة في مرشده كالما للبغوي في شرح السنة ،ونصه" :فأما القراءة باللغات المختلفة
مما يوافق الخط والكتاب فالفسحة فيه باقية ،والتوسعة قائمة بعد ثبوتها وصحتها ،بنقل العدول عن رسول
سلَّ َم" ثم عقب ذلك أبو شامة بقوله" :قلت :وال يلزم في ذلك تواتر ،بل تكفي اآلحاد
علَيْه َو َ صلَّى َّ
َّللاُ َ هللا َ
الصحيحة من االستفاضة وموافقة خط المصحف وعدم المنكرين لها نقال وتوجيها من حيث اللغة ،وهللا
أعلم .انظر :المرشد الوجيز ،ص.145
19
العشر" .وهذان النوعان 1هما اللذان يقرأ بهما مع وجوب اعتقادهما ،وال يجوز
إنكار شيء منهما".2
مناقشة أدلة الفريقين:
يرى الفريق األول أنه ال يكفي لقبول القراءة كونها صحيحة السند من دون
استيفائها لصفة التواتر واحتجوا بعدة أدلة:
منها :أن التواتر إذا ثبت ال يحتاج فيه إلى الركنين األخيرين من الرسم
وغيره ،إذ ما ثبت من أحرف الخالف متواترا عن النبي صلى هللا عليه وسلم
وجب قبوله والقطع بكونه قرآنا سواء وافق الرسم أم خالفه".3
وعلق على ذلك الزرقاني بقوله":إن هذه األركان الثالثة تكاد تكون مساوية
للتواتر في إفادة العلم القاطع بالقراءات المقبولة .بيان هذه المساواة أن ما بين
دفتي المصحف متواتر ومجمع عليه من األمة في أفضل عهودها وهو عهد
الصحابة فإذا صح سند القراءة ووافقت قواعد اللغة ثم جاءت موافقة لخط هذا
المصحف المتواتر كانت هذه الموافقة قرينة على إفادة هذه الرواية للعلم القاطع
وإن كانت آحادا".4
ومنها :أنه ينتفي كثير من أحرف الخالف الثابت عن هؤالء األئمة السبعة
وغيرهم باشتراط التواتر في كل حرف من حروف الخالف".5
قال الجعبري ":الشرط واحد وهو صحة النقل ،ويلزم اآلخران فهذا ضابط
يعرف ما هو من األحرف السبعة وغيرها ،فمن أحكم معرفة حال النقلة وأمعن ّ
في العربية وأتقن الرسم انحلت له هذه الشبهة" .
6
قلت :ولعله ألجل هذا السبب عز وجود ما رواه الثقة وليس له وجه في
العربية ،بل لقد صرح الزرقاني بأنه لو صدر هذا فإنه ال يصدر إال على وجه
السهو والغلط وعدم الضبط ما يتنافى تماما مع حالة الثقة ،ولذلك أورد ابن
1أي المتواتر والمشهور
2الزرقاني ،مرجع سابق ،ج 1ص .357
3انظر :ابن الجزري ،النشر ،ج 1ص.13
4الزرقاني ،مرجع سابق ج 1ص .355
5ابن الجزري ،النشر ،ج 1ص.13
6ابن الجزري ،النشر ،ج 1ص.13
20
الجزري شيئا مما نسب إلى حمزة من هذا القبيل ثم تعقبه بقوله":تتبعت ذلك فلم
أجد منصوصا لحمزة ال بطرق صحيحة وال ضعيفة"ٍ.1
ومنها" :أن هذا ضابط ال تعريف ،والتواتر قد لوحظ في تعريف القرآن على
أنه شطر أو شرط على األقل ،ولم يلحظ في الضابط ألنه يغتفر في الضوابط ما
ال يغتفر في التعاريف .فالضوابط ليست لبيان الماهية والحقيقة".2
وأما الفريق الثاني ،فإنه لم يكتف بصحة السند وإنما يشترط التواتر لقبول
القراءة واالطمئنان إليها ،وهو يرى أن القراءة ال بد لثبوتها من التواتر ،فما ليس
بمتواتر ال يسمى قرآنا وال يقرأ به.3
قال النويري 4في شرحه على (الطيبة)" :وقوله :وصح إسنادا ظاهره أن
القرآن يكتفي في ثبوته مع الشرطين المتقدمين بصحة السند فقط وال يحتاج إلى
تواتر .وهذا قول حادث مخالف إلجماع الفقهاء والمحدثين وغيرهم كما ستراه إن
شاء هللا تعالى .ولقد ضل بسبب هذا القول قوم فصاروا يقرؤون أحرفا ال يصح
لها سند أصال ويقولون :التواتر ليس بشرط ،وإذا طولبوا بسند صحيح ال
يستطيعون ذلك".5
إلى أن قال ":وأما القراء فأجمعوا في أول الزمان على ذلك وكذلك في آخره
لم يخالف من المتأخرين إال أبو محمد مكي وتبعه بعض المتأخرين" 6انتهى.
قلت :والجواب على ذلك أن يقال إن القرآن الكريم قد أصبح متواترا بمجموع
تلك الشروط الثالثة ،فإنه ال بد للقراءة ألن تكون متواترة من توفر هذه الشروط
فيها مجتمعة ومن ثم توسم بالتواتر" ،فكأن التواتر كان يطلب تحصيله في اإلسناد
قبل أن يقوم المصحف وثيقة متواترة بالقرآن .أما بعد وجود هذا المصحف
21
المجمع عليه فيكفي في الرواية صحتها وشهرتها ما وافقت رسم هذا المصحف
ولسان العرب".1
وإلى هذا المعنى أشار اإلمام أبو شامة – رحمه هللا -بقوله " :كل قراءة
اشتهرت بعد صحة إسنادها وموافقتها خط المصحف ولم تنكر فهي القراءة
المعتمد عليها ،وما عدا ذلك فهو داخل في حيز الشاذ والضعيف ،وبعض ذلك
أقوى من بعض".2
وقال في مكان آخر ":وقد شاع على ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين
وغيرهم من المقلدين :أن القراءات السبع كلها متواترة ،أي في كل فرد فرد ممن
روى عن هؤالء األئمة السبعة .قالوا :والقطع بأنها منزلة من عند هللا تعالى
واجب .قال :ونحن بهذا نقول ،لكن فيما اجتمعت على نقله عنهم الطرق واتفقت
عليه الفرق من غير نكير له مع أنه شاع واشتهر واستفاض ،فال أقل من اشتراط
ذلك إذا لم يتفق التواتر في بعضها".3
وقال أيضا":فكل قراءة ساعدها خط المصحف مع صحة النقل فيها ومجيئها
على الفصيح من لغة العرب ،فهي قراءة صحيحة معتبرة".4
22
المبحث الثاني :أسباب وضع هذه األركان:
قام العلماء بوضع هذه األركان لدوافع ترجع إلى أن القراء رحمهم هللا تعالى
عندما كثروا وتوزعوا في بالد وأمصار مختلفة ،ونصبوا أنفسهم لإلقراء في تلك
البالد ،ازداد إقبال الناس على القراءة والرواية مما أدى بالطبع لكثرة القراء
والرواة والنقلة ،فمنهم الضابط الحافظ المتقن ،ومنهم المقصر الغير متقن ،ومنهم
الساقط المختلط ،وأدى ذلك إلى المزج بين القراءة الصحيحة التي هي قرآن
وغيرها مما التعد قرآنا ،وجعل الناس يختلفون عليها وبلغ بهم األمر ما بلغ،
واختلط الحابل بالنابل ،فبرز أساطين هذا العلم وبينوا الصحيح من غيره،
ووضعوا قواعد وضوابط لتمييز القراءة المقبولة ،من الشاذة التي ليست من
القرآن ،وألفوا في ذلك مؤلفات سار عليها الركبان.
يقول اإلمام ابن مجاهد" : 1فمن حملة القرآن المعرب العالم بوجوه اإلعراب
والقراءات ،العارف باللغات ومعاني الكلمات ،البصير بعيب القراءات ،المنتقد
لآلثار ،فذلك اإلمام الذي يفزع إليه حفاظ القرآن في كل مصر من أمصار
المسلمين.
1ابن مجاهد :هو اإلمام أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد ،شيخ العصر ،أبو بكر البغدادي العطشي
المقرئ األستاذ ،مصنف كتاب القراءات السبعة .ولد سنة 245ه بسوق العطش من بغداد ،توفي في شعبان
سنة 324ه .انظر :الذهبي ،معرفة القراء الكبار ج 1ص.269
23
ومنهم من يعرب وال يلحن وال علم له بغير ذلك ،فذلك كاألعرابي الذي يقرأ
بلغته وال يقدر على تحويل لسانه ،فهو مطبوع على كالمه.
ومنهم من يؤدي ما سمعه ممن أخذ عنه ،ليس عنده إال األداء لما تعلم ال
يعرف اإلعراب وال غيره ،فذلك الحافظ ،فال يلبث مثله أن ينسى إذا طال عهده،
فيضيع اإلعراب لشدة تشابهه وكثرة فتحه وضمه وكسره في اآلية الواحدة ،ألنه
ال يعتمد على علم بالعربية وال بصر بالمعاني يرجع إليه ،وإنما اعتماده على
حفظه وسماعه.
وقد ينسى الحافظ فيضيع السماع وتشتبه عليه الحروف فيقرأ بلحن ال يعرفه
وتدعوه الشبهة إلى أن يرويه عن غيره ويبرئ نفسه وعسى أن يكون عند الناس
مصدقا فيحمل ذلك عنه وقد نسيه ووهم فيه وجسر على لزومه واإلصرار عليه.
أو يكون قد قرأ على من نسي وضيع اإلعراب ودخلته الشبهة فتوهم فذلك ال
يقلد القراءة وال يحتج بنقله.
ومنهم من يعرب قراءته ويبصر المعاني ويعرف اللغات وال علم له بالقراءات
واختالف الناس واآلثار فربما دعاه بصره باإلعراب إلى أن يقرأ بحرف جائز في
1
العربية لم يقرأ به أحد من الماضين فيكون بذلك مبتدعا"
كل هذه األحوال المختلفة للقراء والمقرئين التي ذكرها ابن مجاهد جعلت
الضرورة ماسة إلى وضع شروط وضوابط لتمييز القراءة المقبولة من غيرها
ليكون المقرئون النقلة على بصيرة من أمرهم كي ال يخلطوا القرآن بما هو غير
القرآن.
24
الفصل الثالث
أنواع القراءات
يمكننا تقسيم القراءات إلى ثالثة أقسام:
القسم األول :ما يقرأ به ويعمل به.
القسم الثاني :ما ال يقرأ به ويعمل به.
القسم الثالث :ما ال يقرأ به وال يعمل به.1
1هذا التقسيم مأخوذ من اإلمام مكي بن أبي طالب في كتابه "اإلبانة عن معاني القراءات" وهو تقسيم
منطقي كما ترى .راجع :اإلبانة ص.51
25
-النوع األول :القراءة المتواترة.
-النوع الثاني :القراءة المشهورة .
النوع األول :القراءة المتواترة:
وهي ما رواها جمع عن جمع ال يمكن تواطؤهم على الكذب عن مثلهم ،مع
موافقة العربية وخط المصحف ،كالتي اتفقت الطرق في نقلها عن السبعة ،وهذا
هو الغالب في القراءات" .1
مثالها قوله تعالى ([ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ] 2فقد قرأ عاصم والكسائي ويعقوب وخلف
العاشر بإثبات األلف ،وقرأ الباقون بحذفها.3
وقوله تعالى[ :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ] 4قرأ الكوفيون وابن عامر وأبو جعفر ويعقوب هكذا
(يَ ْخدَعُونَ ) بدون ألف ،وقرأ نافع وابن كثير وأبو عمرو بإثبات األلف هكذاَ :
(و َما
يُخَادعُونَ ).5
6
فمثل هذا النوع يقرأ به ويعمل به ويكفر من جحده.
النوع الثاني :القراءة المشهورة :ويطلق عليها أحيانا (الصحيحة) :وهي ما صح
سندها بنقل العدل الضابط عن مثله إلى منتهاه مع موافقة العربية والرسم
واستفاض نقلها عند القراء فلم يعدوها من الغلط وال من الشذوذ إال أنها لم تبلغ
درجة التواتر .7
فهذا النوع صحيح مقطوع به أنه منزل على النبي صلى هللا عليه وسلم من
8
األحرف السبعة ،ويلحق بالقراءة المتواترة وإن لم يبلغ مبلغها.
1للتخريخ راجع صفحة .24
2الفاتحة ،اآلية.3 :
3الدمياطي ،المرجع السابق ،ص .163الداني ،المرجع السابق ،ص .15ابن مجاهد ،المرجع السابق،
.104ابن زنجلة ،المرجع السابق ،ص.77
4البقرة ،اآلية.9 :
5الدمياطي ،المرجع السابق ،ص .120ابن مجاهد ،المرجع السابق ،ص.114
6مكي أبو طالب ،مرجع سابق ص .51ابن الجزري ،النشر ،ص.14
7ابن الجزري ،منجد المقرئين ،ص.39
8ابن الجزري ،منجد المقرئين ،ص .39شعبان محمد إسماعيل ،المرجع السابق ،ص.91
26
مثالها ما اختلف في نقله عن السبعة فرواه بعض الرواة عنهم دون بعض،
ومن أشهر ما صنف في هذين النوعين (التيسير) للداني ،و(الشاطبية) للشاطبي.
وقيل هي القراءات الثالث المتممة للعشرة.1
وذلك مثل قراءة يعقوب في قوله تعالى[ :ﭪ ﭫ ﭬ ] 2بضم الكاف هكذا ( ُكب َْره)،
والجمهور بكسرها ،فقراءة يعقوب هنا مشهورة ولم تبلغ حد التواتر.
القسم الثاني :ما ال يقرأ به ويعمل به ,وهي القراءة الشاذة :وهي ما وافقت
العربية وصح سندها بنقل اآلحاد وخالفت الرسم العثماني. 3
مثال ذلك قراءة عبدهللا بن مسعود وأبي الدرداء( :والذكر واألنثى) 4عند
قوله تعالى[ :ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ] .5وقراءة ابن عباس[( :ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ] 6بزيادة كلمة
(صالحة) ،بعد ( سفينة) ,وغيرها.
هذه ومثيالتها ال تجوز القراءة بها ال في الصالة وال في عيرها 1ألنها خالفت
الرسم المجمع عليه ولكن يعمل بها في األحكام لتجري في العمل مجرى خبر
الواحد عندهم.2
27
قال مكي بن أبي طالب – رحمه هللا ":-فهذا يقبل وال يقرأ به لعلتين :إحداهما
أنه لم يؤخذ بإجماع ،إنما أخذ بأخبار اآلحاد وال يثبت قرآن يقرأ به بخبر الواحد،
والعلة الثانية أنه مخالف لما قد أجمع عليه ،فال يقطع على مغيبه وصحته ،وما لم
يقطع على صحته ال يجوز القراءة به ،وال يكفر من جحده ،ولبئس ما صنع إذا
جحده ".3
وقال ابن تيمية " :وأما القراءة الشاذة الخارجة عن رسم المصحف العثماني
مثل قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء رضي هللا عنهماَ ( :واللَّيْل إذَا يَ ْغشَى ( )
َوالنَّ َهار إذَا ت َ َجلَّى ( ) و َخلَقَ الذَّ َك َر َواألُنثَى) 4كما قد ثبت ذلك في الصحيحين.5
ومثل قراءة عبد هللا( :فَص َيا ُم ث َ َالثَة أَي ٍَّام ُمتَتَاب َعاتٍ) ، 6وكقراءته ( :إ ْن َكان ْ
َت إال
ُز ْق َيةً َواحدَة ً) 7ونحو ذلك .فهذه إذا ثبتت عن بعض الصحابة فهل يجوز أن يقرأ
بها في الصالة ؟ على قولين للعلماء هما روايتان مشهورتان عن اإلمام أحمد
وروايتان عن مالك ،إحداهما :يجوز ذلك ألن الصحابة والتابعين كانوا يقرءون
بهذه الحروف في الصالة ،والثانية :ال يجوز ذلك وهو قول أكثر العلماء ؛ ألن
هذه القراءات لم تثبت متواترة عن النبي صلى هللا عليه وسلم وإن ثبتت فإنها
منسوخة بالعرضة اآلخرة فإنه قد ثبت في الصحاح عن عائشة وابن عباس رضي
1تجدر اإلشارة هنا إلى أن اإلمام ابن الجزري رحمه هللا قد أورد خالف األئمة في جواز القراءة بالشاذ في
الصالة من عدمه ،فأجاز ذلك بعضهم ألن الصحابة والتابعين كانوا يقرءون بها في الصالة ،وهو أحد
القولين ألصحاب الشافعي وأبي حنيفة وإحدى الروايتين عن مالك وأحمد ،لكن الجمهور على عدم الجواز
لعدم ثبوتها متواترة عن النبي صلى هللا عليه وسلم ،والقرآن ال يثبت إال بالتواتر ،وإن ثبتت بالنقل فإنها
منسوخة بالعرضة األخيرة أو بإجماع الصحابة على المصحف العثماني أو لم تنقل إلينا بنقل يثبت بمثله
القرآن أو أنها لم تكن من األحرف السبعة .وقد قيل كالم كثير عريض في هذه المسألة محله كتب الفروع .
انظر :النشر ص.15 -14
ويبدو للباحث أن المعادلة قد انتهت ،والمعركة قد حسمت بعد ذلك العصر لصالح الطرف الذي يرى عدم
الجواز ،واستقر عليه الناس عمليا ،وال تكاد تسمع عن من َيقرأ أو يُقرأ بالشاذ اآلن حسب علمي ،وبهذا
ُخرج ما حكاه ابن عبدالبر وغيره من إجماع المسلمين على عدم جواز القراءة بالشاذ وعدم جواز الصالة ي َّ
خلف من يقرأ بها .وهللا أعلم.
2ابن الجزري ،منجد المقرئين ،ص.40
3مكي أبو طالب ،المرجع السابق :ص51
4الليل ،اآلية.3 -1 :
5البخاري ،كتاب التفسير ،باب "وما خلق الذكر واألنثى" ،ج 4ص ،1889حديث رقم 4660
6المائدة ،اآلية .89:الطبري ،المرجع السابق ،ج 10ص .559الفراء ،أبو زكريا ،معاني القرآن ،تحقيق
عبدالفتاح إسماعلي شلبي وآخرين ،ط (مصر :دار المصرية للتأليف والترجمة ) ،ج 1ص.318
النيسابوري ،نظام الدين ،غرائب القرآن ورغائب الفرقان ،تحقيق الشيخ زكريا عميران ،ط( 1بيروت :دار
الكتب العلمية 1416ه – 1996م) ،ج 3س.10
7يس ،اآلية .29 :الطبري ،المرجع السابق ،ج 1ص.54
28
ي صلى هللا عليه وسلم ب ْالقُ ْرآن ض النَّب َّ هللا عنهم {أ َ َّن ج ْبر ْي َل َعلَ ْيه ال َّ
س َال ُم َكانَ يُ َعار ُ
ضهُ به َم َّرت َ ْينَ ،و ْالعُ ْر َ
ضةُ ار َ
ض فيه َع َ في ُك ّل َع ٍام َم َّرة ً ،فَلَ َّما َكانَ ْال َعا ُم الَّذي قُب َ
غ ْيره} ،1وهي التي أمر الخلفاء الراشدون أبو ت َو َ ي ق َرا َءة ُ زَ ْيد ْبن ث َاب ٍ ْاآلخ َرة ُ ه َ
بكر وعمر وعثمان وعلي بكتابتها في المصاحف ،وكتبها أبو بكر وعمر في
خالفة أبي بكر في صحف أمر زيد بن ثابت بكتابتها ،ثم أمر عثمان في خالفته
بكتابتها في المصاحف وإرسالها إلى األمصار وجمع الناس عليها باتفاق من
الصحابة علي وغيره" .2انتهى.
واتفق فقهاء بغداد على تأديب اإلمام ابن شنبوذ 3واستتابته على قراءته وإقرائه
بالشاذ.4
القسم الثالث :ما ال يقرأ به وال يعمل به :وهي القراءة الموضوعة المدسوسة
التي ليس لها سند أو لها سند باطل مكذوب وإن وافقت العربية والرسم.
قال ابن الجزري" :وأما ما وافق المعنى والرسم بأن أخذهما من غير نقل فال
تسمى شاذة بل مكذوبة يكفر متعمدها".5
مثال ذلك ما روي عن أبي حنيفة رحمه هللا أنه قرأ قوله تعالى[ :إنَّ َما يَ ْخشَى
هللاَ م ْن عبَاده ْالعُلَ َمآ ُء] 6برفع اإلسم الشريف ونصب العلماء ،وهي مما جمعه أبو
الفضل محمد بن جعفر الخزاعي 7ونقلها عنه أبو القاسم الهذلي 1وغيره.
1مسلم ،كتاب فضائل الصحابة ،باب من فضائل فاطمة بنت النبي عليها الصالة والسالم ،حديث رقم
2450صفحة .1904
2ابن تيمية ،مجموع الفتاوى ،جمع عبدالرحمن بن القاسم ،تحقيق أنوار الباز ،وعامر البزار ،ط( 2القاهرة:
دار الوفاء 1426ه – 2005م) ج 13ص.394
3ابن شنبوذ :هو محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت ،أبو الحسن ،ابن شنبوذ ،من كبار القراء من أهل
بغداد.
انفرد بشواذ كان يقرأ بها في المحراب ،وصنف في ذلك كتبا ،منها (اختالف القراء) ،و(شواذ القراءات)
.توفي سنة 328ه .انظر :األعالم ( .)309/5الخطيب الغدادي ،أحمد بن علي ،تاريخ بغداد ،ط (بيروت :دار
الكتب العلمية) ،ج 1ص.280
4ابن الجزري ،منجد المقرئين ،ص.84 – 83
5ابن الجزري ،منجد المقرئين ،ص.84
6فاطر ،اآلية.28 :
7الخزاعي :هو محمد بن جعفر الخزاعي ،أبو الفضل ،عالم بالقراءات ،له فيها ( :المنتهى) ،و(تهذيب
األداء( ،و (الواضح) .وضع كتابا في الحروف نسبه إلى أبي حنيفة وهو موضوع ال أصل له ،توفي سنة
٤٠٨ه .انظر :ابن الجزري ،غاية النهاية في طبقات القراء ،تحقيق ج .بيجستراس ،ط( 1بيروت :دار
الكتب العلمية 1427ه – 2006م) ،ج 2ص .109األعالم (. )71/6
29
الفصل الرابع
ت ُمث ّل القراءات أهمية قصوى لدى المفسر للقرآن الكريم ،ألن كل قراءة
بمثابة آية مستقلة ،فغالبا ما تأتي بمعنى زائد على القراءة األخرى ،وذلك المعنى
الزائد هو مرتع المفسر ومقصده األسمى وغايته القصوى التي يرنو إليها.
1أبو القاسم الهذلي :هو يوسف بن علي بن جبارة بن محمد الهذلي ،الرحال الجوال ،طاف البالد في طلب
القراءات ،أخذ القراءة عن إبراهيم بن أحمد اإلزبلي وإبراهيم بن الخطيب وغيرهم كثير ،قال الذهبي :له
أغاليط كثيرة في أسانيد القراءات وحشد في كتابه أشياء منكرة ال يحل القراءة بها" .انظر :ابن الجزري،
غاية النهاية.)397/1( ،
30
يقول اإلمام ابن الجزري رحمه هللا" :وكل ما صح عن النبي -صلى هللا
عليه وسلم -من ذلك فقد وجب قبوله ،ولم يسع أحدا من األمة رده ولزم اإليمان
به ،وإن كله منزل من عند هللا ،إذ كل قراءة منها مع األخرى بمنزلة اآلية مع
اآلية يجب اإليمان بها كلها واتباع ما تضمنته من المعنى علما وعمال ،وال يجوز
ترك موجب إحداهما ألجل األخرى ظنا أن ذلك تعارض ،وإلى ذلك أشار عبد هللا
بن مسعود -رضي هللا عنه -بقوله " :ال تختلفوا في القرآن وال تتنازعوا فيه;
فإنه ال يختلف وال يتساقط ،أال ترون أن شريعة اإلسالم فيه واحدة ،حدودها
وقراءتها وأمر هللا فيها واحد ،ولو كان من الحرفين حرف يأمر بشيء ينهى عنه
اآلخر كان ذلك االختالف ،ولكنه جامع ذلك كله ،ومن قرأ على قراءة فال يدعها
رغبة عنها ،فإنه من كفر بحرف منه كفر به كله " .1
نفهم من خالل كالم ابن الجزري السابق أمرين اثنين:
األول :أن القراءتين كاآليتين ال يجوز ترك إحداهما من أجل األخرى ،بل يجب
بكليهما والعمل بمضمونهما جميعا. اإليمان
الثاني :أن الهدف من نزول القرآن الكريم على سبعة أحرف ال يقتصر على
التيسير لألمة في القراءة بها ،وإنما هنالك هدف آخر عملي ،وهو أن كل قراءة ربما
حملت معنى زائدا على القراءة األخرى ،وهذا سيؤدي بالطبع إلى إثراء المعنى
وتوسيعه ،وهنا تكمن غاية المفسرين ويقع مربط فرسهم ،فهي ترجح الحكم
المختلف فيه ،وتجمع بين حكمين مختلفين ،وتوضح ما يُتوهم غموضه ،وغير ذلك
مما يعد من مباحث المفسر الذي يهدف إلى تفسير كالم هللا تعالى وتوضيح معانيه
وبيان مقصد هللا تعالى من الوحي المنزل باألدوات المتيسرة لديه.
ونستطيع الجزم بأن كثرة تعامل المفسرين بالقراءات الشاذة إنما هو من
هذا القبيل والستخراج هذا النفيس ،وذلك بأنهم رأوا فيها تحقق قدر زائد من
المعنى يمكن اللجوء إليه في توسيع معنى اآلية أو توضيحه إلى غير ذلك
من الجوانب التي سنتناولها بالتفصيل.
31
يقول اإلمام أبو عبيد القاسم بن سالم ":1فأما ما جاء من هذه الحروف التي
لم يؤخذ علمها إال باإلسناد والروايات التي يعرفها الخاصة من العلماء دون
عوام الناس ،فإنما أراد أهل العلم منها أن يستشهدوا بها على تأويل ما بين
اللوحين ،وتكون دالئل على معرفة معانيه وعلم وجوهه ،وذلك كقراءة
ص َالة طى َ صالَة ْال ُو ْس َ صلَ َوات َوال َّ ظوا َعلَى ال َّ حفصة وعائشةَ ( :حاف ُ
طعُوا سارقَاتُ فَا ْق َ سارقُونَ َوال َّ (وال َّ صر) ،وكقراءة ابن مسعودَ :
2
ْال َع ْ
ص أ َ ْر َب َعةسآئه ْم ت َ َربُّ ُ أ َ ْي َمانَ ُه ْم) ،3ومثل قراءة أبي بن كعب( :للَّذ ْينَ يُؤْ لُونَ من نّ َ
5
أ َ ْش ُه ٍر فَإن فَآ ُءوا ف ْيه َّن) ،4وكقراءة سعد( :فَإن َكانَ لَهُ أ َخ أ َ ْو أ ُ ْخت م ْن أ ُ ّمه)
ض ًال من َّربّ ُك ْم في َم َواسم (ال ُجنَا َح َعلَ ْي ُك ْم أ َ ْن ت َ ْبت َغُوا فَ ْ
وكما قرأ ابن عباسَ :
ْال َح ّج) ،6وكذلك قراءة جابر( :فَإ َّن هللاَ من بَ ْعد إ ْك َراهه َّن لَ ُه َّن َغفُور َرحيم).7
قال :فهذه الحروف وأشباه لها كثيرة قد صارت مفسرة للقرآن ،وقد كان
يرى مثل هذا عن بعض التابعين في التفسير فيستحسن ذلك ،فكيف إذا روي
عن لباب أصحاب محمد صلى هللا عليه وسلم ،ثم صار في نفس القراءة ؟
فهو اآلن أكثر من التفسير وأقوى ،وأدنى ما يستنبط من علم هذه الحروف
معرفة صحة التأويل .8
ولتضرب لذلك أمثلة من بعض التفاسير:
32
ألن لغتهم غريبة (يُ ْفق ُهونَ ) ،1أى ال يُفهمون السامع كالمهم وال يبينونهّ ،
مجهولة".2
فكال القراءتين كما وجههما صاحب الكشاف وباقي المفسرين تشيران إلى
ما فيه هؤالء القوم من التغيب الشديد حتى إنهم ال يكادون يفهمون كالم
غيرهم إال بجهد ومشقة بالغتين ،أو أن أحدا ال يمكنه فهم كالمهم لصعوبته
وغرابته ،لدرجة صعوبة التواصل معهم إال باإلشارة ،بدليل قوله تعالى:
[قالُوا يا ذَا ْالقَ ْرنَيْن إ َّن َيأ ْ ُجو َج َو َمأ ْ ُجو َج ُم ْفسدُونَ في ْاأل َ ْرض] ،فالمفسر البصير هنا
سيحتاج إلى تخريج هاتين القراءتين ،وسيصل به الفهم في نهاية المطاف
إلى أن التواصل بين ذي القرنين وبين هؤالء القوم كان حاصال باإلشارة كما
قلنا جمعا بين القرائتين ،ألنه لو لم ترد قراءة فتح الياء والقاف في (يَ ْفقَ ُهونَ )
الحتمل أن يكونوا غير قادرين على فهم كالم غيرهم فحسب ،لكنهم
يستطيعون إيصال كالمهم إلى غيرهم كما تشير إلى ذلك آية (قَالُوا َيا ذَا
ْالقَ ْرنَيْن) ،فلما جاءت قراءة (يُ ْفق ُهونَ ) بضم الياء وكسر القاف انتفى المعنى
المتبادر من القراءة األولى ولزم الجمع بين القراءتين بأن التواصل معهم
إنما يكون باإلشارة لصعوبته وغرابة لغتهم ،فالقراءة الثانية هنا أفادت معنى
زائدا عن القراءة األولى ،وهذا هو المطلوب.
-2تفسير القرطبي:
ت) 4فيقيد عند قوله تعالىَ [ :فصيا ُم ثَالثَة أَي ٍَّام] 3قال :قرأها ابن مسعودُ ( :مت َت َاب َعا ٍ
بها المطلق ،وبه قال أبو حنيفة والثوري ،وهو أحد قولي الشافعي واختاره
المزني قياسا على الصوم في كفارة الظهار ،واعتبارا بقراءة عبد هللا" .5انتهى.
فقراءة ابن مسعود الشاذة هنا قد قيدت مطلق صيام الثالثة األيام بالتتابع.
1وهي قراءة حمزة والكساءي وخلف ،انظر :ابن مجاهد ،المرجع السابق ،ج 5ص.172
2الزمخشري ،جار هللا ،الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون األقاويل فى وجوه التأويل ،ط
(بيروت :دار الكتاب العربي 1407هـ) ج 2ص.746
3المائدة ،اآلية.89 :
4الفراء ،معاني القرآن،ىج 1ص .318النحاس ،معاني القرآن ،ج 2ص.354
5القرطبي ،المرجع السابق ،ج 6ص.283
6النحل ،اآلية.110 :
33
فقراءة الجمهور – بالبناء للمفعول – زادت هنا معنى على قراءة ابن عامر
بالبناء للفاعل.
-4تفسير العليمي:
عند قوله تعالىَ [ :واتَّقُوا هللاَ الَّذي تَ َسآ َءلُونَ به َو ْاأل َ ْر َحام] قال( :واألرحام)
2
1الشوكاني ،محمد بن علي ،فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية في علم التفسير ،تحقيق يوشف
الغوش ،ط( 4بيروت:دار المعرفة 1428ه – 2007م) ،ص.391
2النساء ،اآلية.1 :
3العليمي ،مجير الدين ،فتح الرحمن في تفسير القرآن ،تحقيق نور الدين طالب ،ط( 1السورية1430 :ه –
2009م) ،ج 2ص.82
34
الباب األول
35
الفصل األول
36
هو اإلمام ،العالمة ،المؤرخ ،المفسر،الفقيه ،القاضي ،أبو اليمن،
عبدالرحمن بن محمد بن عبدالرحمن بن يوسف ،العليمي ،العمري ،مجير
الدين ،المقدسي ،الحنبلي ..ابن يوسف بن عيسى بن تقي الدين ،عبد الواحد بن
عبد الرحيم بن محمد بن عبيد المجير بن الشيخ تقي الدين عبد السالم بن إبراهيم
بن أبي الفياض بن الشيخ الرباني القدوة العارف ،أبي الحسن علي ،المدفون
بشاطئ البحر المالح بساحل أرسوف ،1صاحب المناقب المشهورة ،والكرامات
عليل بن محمد بن يوسف بن الظاهرة ،قدس هللا روحه ونور ضريحه ،ابن الشيخ ُ
يعقوب بن عبد الرحمن بن السيد الجليل الزاهد العابد الصوام القوام الصحابي
عبد هللا رضي هللا عنه ،ابن موالنا وسيدنا أمير المؤمنين عمر بن الخطاب
العدوي القرشي ،رضي هللا عنه وعن سائر أصحاب رسول هللا أجمعين".2
علَيل" ،المشهور عند الناس بعلي بن
و"العُلَيْمي" نسبة إلى "علي بن ُ
علَيم ،والصحيح أنه عليل -بالالم ".3
ُ
ي" نسبة إلى سيدنا عمر بن الخطاب رضي هللا عنه ،الذي ينتهي
و"العُ َمر ّ
إليه نسبه".4
وذكر العليمي في ترجمة والده ،أن هذا النسب المتصل بسيدنا عمر بن
الخطاب رضي هللا عنه ثابت لجده القاضي شمس الدين بن يوسف ،ومحكوم به
لدى قاضي القضاة ابن قدامة الحنبلي في الشام المحروسة ،في شهور سنة
سبعمائة وسبعين .انتهى.5
سوف :بالفتح ثم السكون وضم السين المهملة وسكون الواو وفاء :مدينة على ساحل بحر الشام بين 1أ ُ ْر ُ
قيسارية ويافا ،كان بها خلق من المرابطين .انظر :الحموي ،ياقوت بن عبدهللا ،معجم البلدان ،ط(بيروت:
دار الفكر) ،باب الهمزة والراء ،ج 1ص.151
2العليمي ،مجيرالدين ،األنس الجليل في تاريخ القدس والخليل ،تحقيق :عدنان يونس عبد المجيد نباتة ط(
عمان :مكتبة دنديس 1420ه 1999-م ) ج 1ص . 267-266ابن الشطي ،محمد ،مختصر طبقات
الحنابلة ،تحقيق فواز أحمد زمرلي ،ط( 1بيروت :دار الكناب العربي 1976 – 1406م) ص .81
3العليمي ،األنس الجليل ،ج 1ص.266
4العليمي ،األنس الجليل ،ج 1ص.266
5العليمي ،األنس الجليل ،ج 1ص.266
37
المبحث الثاني :مولده ونشأته:
مولده:
ولد في ليلة األحد ثالث عشر ذي القعدة ،سنة ستين وثمانمائة (860ه) بالقدس
الشريف.1
نشأته:
لم تذكر لنا كتب التراجم عن تفاصيل مرحلة العليمي الطفولية ،أو عن أحوال
أسرته ،غير ما تأكد من كونه لم يدع االشتغال بالعلم منذ نعومة أظفاره ،فقد تربى
1العليمي ،األنس الجليل ،ج 2ص .189ابن حميد ،محمد بن عبدهللا النجدي ،السحب الوابلة على ضرائح
الحنابلة ،تحقيق بكر بن عبدهللا أبو زيد و د .عبدالرحمن بن سليمان العثيمين ،ط ( بيروت :مؤسسة الرسالة
) ،ج 1ص .517كحالة ،المرجع السابق ،ج 5ص.177
38
في حجر والده القاضي ،وتفقه عليه ،وأخذ عنه جملة من العلوم ،1ثم توسع بعد
ذلك في طلب العلم قبل وبعد وفاة والده سنة ثالث وسبعين وثمانمائة.2
الفصل الثاني
حياته العلمية
1الغزي ،محمد بن محمد ،النعت األكمل ألصحاب اإلمام أحمد بن حنبل ،تحقيق محمد مطيع الحافظ و نزار
أباظة ،ط (بيروت :دار الفكر المعاصر 1403ه1982 -م) ص .53
2الغزي ،المرجع السابق ،ص .53
39
المبحث األول:طلبه العلم ورحالته
بدت على العليمي مخايل النجابة منذ صغره ،فقد أخذ يطلب العلم مقبال عليه
منذ ذلك الوقت ،ولم يشغله شاغل عن التحصيل والمدارسة واالطالع والرحلة في
الطلب ،واستمر على ذلك إلى آخر نفس من حياته ،وال أدل على ذلك من سيرته
العلمية الحافلة التي نستعرضها خالل هذا المبحث.
فقد حفظ القرآن الكريم وله نحو عشر سنين على الشيخ عالء الدين علي بن
عبدهللا الغزي بقراءة عاصم ،وأحضره مجالس شيخه الشمس محمد بن موسى بن
عمران في الحديث ،منها مجلس ((صحيح البخاري)) ،1واعتنى له بتحصيل
2
اإلجازة.
وحفظ ((ملحة اإلعراب)) للحريري في النحو ،وهو في السادسة من
3
عمره ،وعرضها على بلدية التقي القرقشندي وأجازه بها وبمروياته.
كما تفقه على والده قاضي القضاة محمد بن عبدالرحمن ،وأخذ عنه جملة من
4
العلوم النافعة .
قال ابن حميد النجدي":1ثم حفظ كال من ((المقنع)) ،و((الخرقي))،2
وعرضهما على علماء بلده ،منهم كمال الدين ابن أبي شريف ،والشيخ أبي
1أي من تلك المجالس مجلس صحيح البخاري.
2ابن حميد ،مرجع سابق ص.517
3ابن حميد ،المرجع السابق ص.517
4الغزي ،مرجع سابق ص.53
40
أسباط ،والنجم ابن جماعة ،والبرهان األنصاري ،وغيرهم ،واشتغل بالفقه على
شهاب الدين العمري
َ والده ،وقرأ عليه الكتابين المذكورين ،ثم الزم الشي َخ
الشافعي بعد وفاة أبيه ، 3فقرأ عليه كتابه ((المقنع)) بعد عرضه لبعضه ،وحضر
وعظه ودروسه ،وأجازه بها".4
رحالته:
ثم رحل إلى مصر سنة ثمانين وثمانمائة ،فتعلم على يد علمائها ،ونهل من
معينها ،فلزم قاضي الحنابلة بالديار المصرية بدرالدين محمد بن محمد بن أبي
بكر السعدي ،5وأقام تحت نظره ،وتفقه عليه.6
كما سمع الحديث وهو بمصر على جماعة ،منهم الحافظ السخاوي،
ي ،7والجالل البكري ،8وغيرهم ،وقد أقام بها عشر سنين.9
والقطب الخَيضر ّ
بعد عودته:
ي قضا َء الرملة بعد عودته لمدة سنتين ،1ثم أضيف إليها قضاء الخليل ول َ
والنابلس والقدس ،وكان أمث َل القضاة فيها ،وكانت مدة واليته فيها إحدى
2
وثالثين سنة ونصفا غير السنتين المتقدمتين في الرملة لم يتخلل له فيها عزل.3
1ابن حميد :هو محمد بن عبد هللا بن علي بن عثمان بن حميد العامري ،نسبة إلى عامر بن صعصعة،
النجدي :مؤرخ ،من علماء الحنابلة .ولد في بلدة عنيزة (مركز القصيم ،بنجد) ،توفي بالطائف سنة 1295ه.
من كتبه (السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة) ،و(النعت األكمل بتراجم أصحاب اإلمام أحمد بن حنبل)
وغيرها .انظر :األعالم.)243/6( :
2مختصر الخرقي في الفقه الحنبلي.
3وكان ذلك سنة ثالث وسبعين وسبعمائة ( 773ه) انظر :المنهج األحمد جـ 5ص.273
4ابن حميد ،مرجع سابق ص .517وأيضا :ابن الشطي ،مرجع سابق ص .81قارن :الغزي ،مرجع سابق
ص.53
5ستأتي ترجمته.
6الغزي ،مرجع سابق ،ص .53ابن الشطي ،مرجع سابق ص .81
7قطب الخيضري :هو محمد بن محمد بن عبد هللا بن خيضر ،قطب الدين أبو الخير ابن الخيضرى
الزبيدى الدمشقي الشافعي ،قاض ،من العلماء بالتراجم واألنساب والحديث .ولد في بيت لهيا (من قرى
دمشق) ،وتوفى بالقاهرة سنة 894ه .له من الكتب( :االكتساب في تلخيص كتب األنساب) ،و(شرح ألفية
العراقى) وغيرها .األعالم.)55/7( :
8الجالل البكري :هو محمد بن عبد الرحمن بن أحمد بن محمد البكري الصديقي ،أبو البقاء ،جالل الدين،
فقيه مصري .ولد ونشأ بدهروط (في الصعيد األدنى) وانتقل إلى القاهرة ،له كتب ،منها( :شرح المنهاج)،
و(شرح الروض للمقري) ،و(شرح تنقيح اللباب) .انظر :األعالم.)194-195/6( :
9ابن حميد ،مرجع سابق ص .517
41
وقد حج بيت هللا الحرام سنة تسع وثمانمائة ،وأقام بمكة شهرا كامال
مالزما للتالوة والعبادة وخصوصا بعد انفصاله عن القضاء ،فإنه انقطع بالمسجد
األقصى يدرس ويؤلف ويفتي.4
42
تفقه العليمي رحمه هللا -كما هي عادة العلماء وطالب العلم -على عدة شيوخ في
علوم شتى وفي أماكن مختلفة ،وهو سر نبوغه وتبحره في أكثر من فن ،وال سيما
في فن التاريخ والتراجم والتفسير ،بله مشاركته الفعالة في القراءات والفقه وغيرها
من العلوم .ونستعرض جملة من شيوخه الذين أخذ على أيديهم العلم كما ذكرهم هو
بنفسه في شتات كتبه.
والده العالمة الخطيب الفقيه المحدث ،قاضى القضاة ،شمس الدين محمد بن
عبدالرحمن بن محمد العمري العليمي:
ولد سنة سبع وثمانمائة من الهجرة ( 807هـ) بالرملة ،ثم توجه إلى صفد وأقام
بها.
اشتغل بالعلم على مذهب اإلمام أحمد ،وكان جميع أسالفه شافعية ،وولي
القضاء في الرملة ،ولم يُعلم أن حنبليا قبله وليها ،ثم ولي قضاء القدس ومدينة
الخليل بعدها .
وتوفي بالطاعون يوم الثالثاء،رابع ذي القعدة،سنة ثالث وسبعين وسبعمائة
1
( 773ه).
شيخ اإلسالم العالمة ،كمال الدين ،أبو المعالي محمد بن األمير ،ناصر الدين،
محمد بن أبي بكر بن علي بن أبي شريف المقدسي الشافعي:
ولد سنة اثنين وعشرين وثمانمائة ( 822ه) بمدينة القدس.
قال العليمي ":وقد عرضت عليه في حياة الوالد رحمه هللا قطعة من كتاب
((المقنع)) في الفقه على مذهب اإلمام أحمد رضي هللا عنه ،ثم عرضت عليه مرة
ثانية ما حفظت بعد العرض األول ،وأجازني في شهور سنة ثالث وسبعين
وثمانمائة ،وحضرت بعض مجالسه من الدروس واإلمالء بالمدرسة الصالحية،
وحضرت كثيرا من مجالسه بالمسجد األقصى الشريف قبل رحلته إلى القاهرة
المحروسة ،وبعد قدومه إلى بيت المقدس ،وحصلت اإلجازة منه غير مرة خاصة
وعامة".2
1ابن حميد ،المرجع السابق ،ص .932العليمي ،المنهج األحمد ،جـ 5ص .262الحنبلي ،المرجع السابق،
ج 7ص.317
2العليمي ،األنس الجليل ،ص .382-377
43
الشيخ اإلمام الحبر ،محمد بن محمد بن أبي بكر السعدي المصري ،شيخ
اإلسالم ،قاضي الديار المصرية:
وهو من أجل شيوخه ،وشيوخ إجازته ومنحته ،فقد الزمه وهو بمصر عشر
سنين.
قال العليمي عند ترجمته ":شيخنا وأستاذنا وعالم عصرنا ،مولده بالقاهرة سنة
خمس أو ست وثماني مائة".1
قال" :ولقد أكرم مثواي عند تمثلي بين يديه لما قدمت إلى القاهرة (سنة ثمانين
وثمانمائة) ،وأقمت تحت نظره لالشتغال بالعلم الشريف ،فأحسن إلي وتفضل
علي ،وأفادني بالعلم وعاملني بالحلم ،ومكثت بالديار المصرية نحو عشر سنين،
إلى أن سافرت منها في سنة تسع وثمانين وثمانمائة ،وأنا مشمول منه بالصالت،
ومتصل من فضله بالحسنات ،ولما عزمت على السفر حضرت بين يديه،
واستأذنته فتألم لذلك وشق عليه وكنت أرجو االجتماع به واالبتهاج بمشاهدة ذاته
الحسنة فلم يُقدّر ،فإنه عاملني بالجميل ،وشكر المنعم واجب ،فجزاه هللا عني
خيرا".انتهى.2
وتوفي رحمه هللا سنة (902ه).
الشيخ اإلمام ،شمس الدين ،أبو العون ،محمد الغزي القاري الشافعي:
توفي في ربيع اآلخر سنة عشر وتسعمائة بمدينة الرملة.3
شيخ اإلسالم ،سعد الدين الديري الحنفي:
ولد سنة ثالث وثالثين وثمانمائة بالقدس الشريف .
44
قال العليمي رحمه هللا":وقد عرضت عليه في شهر ربيع األول سنة ثالث
وسبعين وثمانمائة قطعة من كتاب ((المقنع)) في الفقه وأجازني".1
الشيخ زين الدين ،عمر بن الشيخ عبدالمؤمن الحلبي األصل الشافعي:
قال العليمي" :شيخنا باإلجازة ،كان رجال صالحا له سند عال في الحديث
الشريف."2
ثم قال " :وقد حضرت ختم البخاري عليه في سنة اثنتين وسبعين وثمانمائة
بالصخرة الشريفة وأجازني ،توفي في سنة ثالث وسبعين وثمانمائة ،ودفن
بمامال ،3وكان مشهود الجنازة."4
الشيخ محمد بن عبدالوهاب الشافعي:
قال العليمي ":وقد عرضت عليه قطعة من كتاب المقنع في الفقه في سنة ثالث
وسبعين وثمانمائة وأجازني ،توفي في يوم الثالثاء سادس عشر ذي الحجة ،سنة
ثالث وسبعين وثمانمائة بالطاعون".5
العالمة ،شهاب الدين أبو األسباط ،أحمد بن عبدالرحمن الرملي الشافعي:
ولد سنة ثمانمائة وعشرة (810هـ) ،وتوفي سنة سبع وسبعين وثمانمائة
(877ه).
قال العليمي ":وعرضت عليه في سنة ثالث وسبعين وثمانمائة قطعة من كتاب
المقنع في الفقه وأجازني ،ثم في آخر عمره توجه إلى الرملة لضرورة له فأدركته
المنية بها في سنة سبع وسبعين وثمانمائة ودفن بالجامع األبيض".6
45
الشيخ العالمة أبو العباس شهاب الدين أحمد بن زين الدين عمر الغميري
الشافعي:
ولدسنة ثالثين وثمانمائة (830ه).
قال العليمي ":وحصلت اإلجازة منه غير مرة خاصة وعامة توفي في ليلة
السبت ثامن أو سابع شهر ربيع األول سنة تسعين وثمانمائة ودفن بمامال ظاهر
القدس الشريف".1
الشيخ أبو إسحاق إبراهيم بن زين الدين عبدالرحمن األنصاري الخليلي
الشافعي:
ولد سنة ثالثين وثمانين (830ه).
قال العليمي ":وقد عرضت عليه قطعة من كتاب ((المقنع)) في الفقه بالزاوية
الختنية 2في شهر جمادي اآلخرة سنة ثالث وسبعين وثمانمائة ،وأجازني بما
يجوز له روايته".3
46
قال العليمي ":وقد قرأت عليه القرآن -ولي نحو عشر سنين -بمكتب باب
الناظرة فأقرأني من سورة األنبياء إلى الفاتحة ،ثم كررت ختم القرآن عليه مرات
كثيرة ،وقرأت بعضه عليه ]بقراءة[ عاصم ،وأحضرني مجلس شيخنا ابن عمران
لسماع الحديث ،واعتنى بتحصيل اإلجازة لي منه .توفي في يوم الثالثاء ،ثاني
عشر ذي الحجة سنة تسعين وثمانمائة بالقدس الشريف".1
قاضي القضاة نور الدين أبو الحسن علي بن إبراهيم البدرشي البحري المالكي
المصري:
قال العليمي ":وقد قرأت عليه قطعة من آخر كتاب ((الخرقى)) في فقه مذهب
اإلمام 2رضي هللا عنه قراءة بحث وفهم ،ثم قرأت عليه قطعة من أول ((المقنع))
قراءة بحث وفهم ،فكان يقرر في العبارة تقريرا حسنا لعل كثيرا من أهل المذهب
ال يقرره ،وقرأت عليه في النحو ،والزمت مجالسته ،وترددت إليه كثيرا وحصل
لي منه غاية الخير والنفع ،ولكن اخترمته المنية بسرعة قبل بلوغ المراد منه".3
توفي سنة ثمان وسبعين وثمانمائة (878ه).
47
الشريف ،وما يجوز روايته وكتب والدي اإلجازة بخطه ،وكتب الشيخ خطه
الكريم عليها".1
48
المبحث الرابع :عقيدته ومذهبه الفقهي:
أوال :عقيدته:
أما عقيدته ،فهي عقيدة أهل السنة والجماعة أصحاب الحديث كما هو الحال
في أكثر الحنابلة ،يلتزم في المسائل العقدية بمذهب السلف الصالح ،يؤمن بما جاء
في القرآن الكريم وبما صح عن النبي عليه الصالة والسالم من غير تكييف وال
تمثيل ،ومن غير تحريف وال تعطيل.
وال يتردد العليمي في تقرير هذا المنهج الذي يؤمن به عند كل مناسبة متعلقة
بهذا الباب في كتبه ،وخاصة في تفسيره الذي نحن بصدده.
ولإلطاللة على ذلك ،فإننا نراه يقرر و يجمل مذهب أهل السنة – الذي يعتقده
-في التعامل مع نصوص الصفات في كثير من المواضيع ،والتي قد تشتبه على
البعض.
فعند تفسير قوله تعالى في سورة التوبة[ :ه ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ
ﯛ ﯜ ﯝ].1
قال بعد إيراده للحديث الذي رواه البخاري عن النبي صلى هللا عليه وسلم قال{:
ب - ،فَإ َّن َّ
َّللاَ صعَد ُ إلَى هللا إالَّ َّ
الطيّ ُ بَ - ،والَ يَ ْ ب َ
طي ّ ٍ صدَّقَ بعَ ْدل ت َ ْم َرةٍ م ْن َك ْس ٍ
َم ْن ت َ َ
التوبة ،اآلية.103 : 1
49
صاحبه َك َما يُ َربّي أ َ َحدُ ُك ْم فَلُ َّوهُ َحتَّى ت َ ُكونَ مثْ َل ْال َج َبل}.1
َيتَقَبَّلُ َها ب َيمينه ث ُ َّم يُ َربّي َها ل َ
قال :قال البغوي 2رحمه هللا في ((شرح السنة)) :كل ما جاء به الكتاب أو السنة
من هذا القبيل في صفات هللا تعالى ،كالنفس ،والوجه ،والعين ،واليد ،والرجل،
واإلتيان ،والمجيء ،والنزول إلى السماء الدنيا ،واالستواء على العرش،
والضحك ،والفرح ،فهذه ونظائرها صفات هلل تعالى ورد بها السمع ،يجب اإليمان
بها ،وإمرارها على ظاهرها معرضا فيها عن التأويل ،مجتنبا عن التشبيه ،معتقدا
أن الباري سبحانه وتعالى ال يشبه شيء من صفاته صفات الخلق ،كما ال تشبه
ذاته ذوات الخلق ،قال هللا سبحانه وتعالى[ :ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ].3وعلى هذا مضى
سلف األمة ،وعلماء السنة ،تلقوها جميعا باإليمان والقبول ،وتجنبوا فيها عن
التمثيل والتأويل ،ووكلوا العلم فيها إلى هللا عز وجل ،كما أخبر هللا سبحانه
وتعالى عن الراسخين في العلم ،فقال عز وجل[ :ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ].4
ويؤكد هذا المعنى بشيء من التفصيل والتوضيح عند تفسير قوله تعالى[ ":ﭡ
ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ] ،5فيقول" :المراد من (مثله) :ذاته ،والشيء عبارة عن
الموجود .قال ابن عباس :ليس له نظير ،6فالتوحيد :إثبات ذات غير مشبهة
للذوات ،وال معطلة من الصفات ،ليس كذاته ذات ،وال كاسمه اسم ،وال كفعله
ظ ،وجلت الذات القديمة أنفعل ،وال كصفته صفة ،إال من جهة موافقة اللفظ اللف َ
تكون لها صفة حديثة ،كما استحال أن تكون للذات المحدثة صفة قديمة ،وحيث
تراءى في مرآة القلب صورة ،أو خطر بالبال مثال ،أو ركنت النفس إلى كيفية،
فليجزم بأن هللا بخالفه ،إذ كل ذلك من سمات الحدوث ،لدخوله في دائرة التحديد
والتكييف الالزمين للمخلوق ،المنزه عنهما هللا تعالى".7
1البخاري ،المرجع السابق ،كتاب الزكاة ،باب الصدقة من كسب طيب ،ج 2ص ،511حديث رقم .1344
2البغوي :هو الحسين بن مسعود بن محمد ،الفراء،أو ابن الفراء ،أبو محمد ،ويلقب بمحيي السنة ،البغوي،
فقيه ،محدث ،مفسر.نسبته إلى (بغا) من قرى خراسان ،بين هراة ومرو .له( :شرح السنة) ،و(لباب التأويل
في معالم التنزيل) ،و(الجمع بين الصحيحين) وغير ذلك .انظر :األعالم.)259/2:
3الشورى ،اآلية.11 :
4آل عمران ،اآلية .7 :العليمي ،فتح الرحمن ،ج 3ص .238البغوي ،حسين بن مسعود ،شرح السنة،
تحقيق شعيب األرناؤوط و محمد زهير الشاويش ،ط( 2دمشق – بيروت :المكتب اإلسالمي 1403ه –
)1983ج 1ص.170-168
5الشورى ،اآلية.11 :
6لم أقف عليه.
7العليمي ،فتح الرحمن ،ج 6ص .176
50
من خالل ما سبق يتضح لنا معتقد اإلمام العليمي رحمه هللا ،مما يدفعنا إلى
القول بأنه من العلماء الذين لم ينحرفوا عن مذهب المتقدمين ،بل إنه ليرى
ضرورة الرجوع إلى ما كان عليه السلف الصالح عقيدة ومنهجا مشددا على ذلك
في أماكن كثيرة كما رأينا ،لضمان السعادة في الدنيا والنجاة في اآلخرة.
ثانيا :مذهبه الفقهي:
اإلمام العليمي رحمه هللا كان حنبلي المذهب ،1وقد نشأ عليه ،ولعل ألبيه أثرا
في ذلك ،إذ كان حنبلي المذهب – هو اآلخر ،-وكان جميع أسالفه شافعية ،وقد
ي قبله كما أشرنا سالفا ،2إضافة إلى
ولي – أبوه -قضاء الرملة ولم يلها حنبل ٌّ
مالزمته الطويلة لشيخه السعدي المزبور في مصر – وهو حنبلي المذهب بل هو
قاضي الحنابلة في الديار المصرية -3ولزمه قرابة عشر سنين وكان يشيد به
ويثني عليه أكثر من غيره.4
الفصل الثالث
مكانته العلمية
1سعود بن عبدهللا الفنيسان ،آثار الحنابلة في علوم القرآن ،ط ( , 1اإلسكندرية :مطابع المكتب المصري
الحديث ) ص .158
2ابن حميد ،مرجع سابق ،ص .932
3الغزي ،مرجع سابق ،ص .53
4العليمي ،المنهج األحمد ،ج 5ص .316
51
وتحته ثالثة مباحث:
المبحث األول :ثناء العلماء عليه
المبحث الثاني :تصانيفه وآثاره العلمية.
المبحث الثالث :مكانة تفسيره
المبحث الرابع :مصادره في تفسيره ،ووفاته.
52
كماالت غير مرفض ،معدن اإلتقان ،ومعاد اإليقان ،طويل الباع في المعارف
التي تسترق الطباع ،وناشز لواء الفضائل ،على مناكب األفاضل ".1
وقال ابن حميد النجدي المكي":قال في الضوء :2وهو اآلن فيما بلغني -أمثل
قضاة القدس ،حسن السيرة ،له شهرة بالفضل واإلقبال على التاريخ ،مع خط
حسن ونظم".3
53
((-3األنس الجليل بتاريخ القدس والخليل)) ،وهو كتاب جليل عظيم في بابه ،يقع
في مجلدين ،تناول فيه تواريخ بيت المقدس ومدينة الخليل – عليه وعلى نبينا
أفضل الصالة وأتم التسليم – بما فيهما من آثار وأعيان ،وما جرى فيهما من
حوادث ووقائع على مدى التاريخ ،مع التزامه الواضح ببيان تاريخ الوفيات.
قال عنه محققه ":ولسنا مبالغين إذا ادعينا أن هذا الكتاب بهذا المنهج
الضخم يكاد يكون أوسع مؤلف كتب في تاريخ هذه المدينة المقدسة سواء من
الكتب الخاصة أو المصادر التاريخية العامة التي تناولت تاريخ هاتين المدينتين
خاصة وأن المؤلف هو من تلك الديار وممن تثقف في أوساطها وعانى بؤسها
ونعيمها وتذوق حلوها ومرها".1
وقال ابن حميد" :وهو عظيم في بابه ،أحيا به مآثر بالده".2
(( -4المنهج األحمد في تراجم أصحاب اإلمام أحمد)).
((-5اإلعالم بأعيان دول اإلسالم)).3
(( -6الدر المنضد في أصحاب اإلمام أحمد)).
(( -7إتحاف الزائر وإطراف المقيم والمسافر)).4
5
(( -8التاريخ المعتبر في أنباء من غبر))
(( -9اإلتحاف مختصر اإلنصاف للماوردي)).6
(( -10تصحيح الخالف المطلق في المقنع)) البن قدامة.7
54
المبحث الثالث :مكانة تفسيره ووفاته
مكانة تفسيره:
ال شك في أن لتفسير العليمي قيمة علمية معتبرة عند العلماء الذين جاءوا
بعده ،فقد أشادوا به وتغنوا بمنزلته العلمية الرصينة ،فهو تفسير وسط قريب إلى
العقول واألفهام ،يجمع بين جزالة المعنى ودقته ،وسهولة اللفظ ووضوحه ،يفسر
اآلية تفسيرا متوسطا دون تطويل ممل وال تقصير مخل ،يأتي أحيانا بشواهد من
اآليات أو اآلثار النبوية وأقوال السلف بما يخدم تفسير اآلية ويظهر معناها بشكل
أوضح ،ويلجأ إلى إيراد القراءات المتواترة -كثيرا -أو الشاذة – قليال – لتوجيه
معاني بعض اآليات وتعليلها .
لهذه األسباب وغيرها نال تفسيره مدحا واستحسانا من العلماء الذين أتوا
بعده على مدى التاريخ ،وباألخص علماء الحنابلة الذين لم تسلم كثير من كتبهم
في علوم القرآن عامة وفي التفسير خاصة من الضياع ،والذي سلم منها لم ير
النور بعد ُ إال النزر اليسير.1.
قال الغزي رحمه هللا" :وقفت له – يعني العليمي – من المؤلفات على
تفسير جليل على القرآن العظيم يشبه تفسير القاضي البيضاوي".2
55
وقد تميز التفسير بعدة أمور إضافة إلى ما سبق -قلما تجتمع في غيره ،منها
استيعابه العجيب لجميع األلفاظ القرآنية التي اختلفت فيها ألفاظ القراءات العشر
المتواترة – إال ما ندر -والذي اصطلح عليها األئمة بـــ"الفرشيات" ،وتوجيهها
وذكر معانيها في أغلب األحوال مع اإلجحاف الواضح عن ذكر القراءات الشاذة
إال فيما يخدم المعنى ويوجهه ،مع نسبة كل قراءة إلى صاحبها .أما ما بات يعرف
بـــ "األصول" - ،ومع عدم تعلقها بادي الرأي بجانب إثراء المعنى - ،فإنه ال
يخطئها قلمه كذلك ،بل نراه يستعرضها بكل عناية ودقة ،محاوال توزيع مذاهب
القراء عليها ،فال تكاد تتخطى صفحة أو صفحتين إال مررت بشيء من هذا
القبيل ،ولعل هذا المسلك منه بحد ذاته يجعل الكتاب في عداد التفاسير التي يغلب
عليها طابع القراءات ،وقد ينظر إليه البعض على كونه أقرب إلى كتب القراءات
منه إلى غيرها.1
ومنها أنه يذكر شيئا من مسائل العقيدة ومسائل الفقه على سبيل االختصار،
مع توضيح مذاهب األئمة األربعة في المسائل المشتملة عليها آيات األحكام
مختصرا ،بعيدا عن التعصب والتقليد ،مع تجنب الحشو واإلطالة والمناقشة
والردود ،كما هو الحال في بعض التفاسير.
1كما هو الحال لدى العلماء في نصنيف أو وصف التفاسير بما هو الغالب فيها حسب ميول واهتمامات
المفسر .انظر :علوان ،عبدهللا ناصح ،ثقافة الداعية ،ط (القاهرة :دار السالم) ،ص.261-260
56
المبحث الرابع :مصادره في تفسيره
تتلخص موادر العليمي في تفسيره في:
أوال :التفسير وما يتصل به:
-تفسير ابن جزير الطبري
(( -التنزيل)) ألبي القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري ،المتوفى سنة
(.)406
(( -الكشاف)) للزمخشري.
-تفسير النسفي.
(( -أحكام القرآن)) البن العربي.
-تفسير الرازي.
(( -زاد الميسر)) البن الجوزي.
-تفسير الثعلبي.
(( -الجامع ألحكام القرآن)) للقرطبي.
(( -المحرر الوجيز)) البن عطية.
-تفسير الثعالبي.
-تفسير الكواشي.
(( -البحر المحيط)) ألبي حيان.
ثانيا :القراءات
(( -اللوامع في شواذ القراءات)) ألبي الفضل الرازي المتوفى سنة (404ه).
(( -اإليضاح في علم القراءات)) ألحمد بن ابي عمر األندراني ،المتوفى سنة
(470ه).
(( -الشاطبية في القراءات)).
(( -النشر في القراءات العشر)) البن الجزري.
(( -إيضاح الرموز ومفتاح الكنوز في القراءات األربعة عشر)) لشمس الدين
القباقبي.1
57
وفاته:
توفي سنة تسعمائة وثمانية وعشرين من الهجرة (928ه) ،1وهو األصح،
وقيل سنة (927ه)2بالقدس الشريف بعد حياة زاخرة بالعلم والتأليف
واإلفتاء .فرحمة هللا عليه رحمة واسعة.
الباب الثاني
منهج العُلَ ْي ِمي في عرض القراءات
1ابن حمدان ،المرجع السابق ،ص .143الزركلي ،المرجع السابق ،ج 3ص . 331العليمي ،مجير الدين،
المنهج األحمد جـ 5ص .518
2البغدادي ،المرجع السابق ،ج 1ص.544
58
ويشتمل على فصلين:
الفصل األول :أنواع القراءات المذكورة في كتابه
الفصل الثاني :عزوه القراءات إلى أصحابها
الفصل األول
أنواع القراءات المذكورة في كتابه
59
اهتم اإلمام العليمي رحمه هللا تعالى بذكر القراءات القرآنية في الكلمات التي
يمر بها في هذا التفسير معتمدا على القراءات العشر المتواترة ،بحيث يذكر
الكلمة بما للقراء العشرة فيها من مذاهب ،وقد تحدث عن هذا المسار الذي وضعه
لنفسه في مقدمة الكتاب فقال:
"وذكرت فيه خالف القراء العشرة المشهورين الذين تواترت قراءتهم،
واشتهرت روايتهم من طرق الرواة الثقات ،واألئمة األثبات ،وهم :أبو رويم ،نافع
بن عبدالرحمن ،وأبو جعفر يزيد بن قعقاع المدنيان ،وأبو معبد عبدهللا بن كثير
المكي ،وأبو عمرو زبان بن العالء المازني ،وأبو محمد يعقوب بن زيد
الحضرمي البصريان ،وأبو عمران عبدهللا بن عامر الشامي ،وأبو بكر عاصم بن
أبي النجود األسدي ،وأبو عمارة حمزة بن حبيب الزيات ،وأبو الحسن علي بن
حمزة الكسائي الكوفيون .ويدخل معهم أبو محمد خلف بن هشام البزار ،لموافقته
لهم رضي هللا عنهم أجمعين".1
60
وقد يذكر غير العشرة تارة فيما يتصل بالتفسير وإثراء المعنى وتوسيعه،
وتوجيه القراءة وتعليلها .وسأذكر هنا أنواع تلك القراءات المذكورة مع توضيحها
ببعض النماذج الكافلة على إظهار المقصود.
وقد قسمت الفصل إلى ثالثة مباحث:
المبحث األول :ذكره القراءات المتواترة.
المبحث الثاني :ذكره القراءات الشاذة
61
وفي اصطالح القراء :عبارة عن الحكم المطرد أي الحكم الكلي الجاري في كل
ما تحقق فيه شرطه.1
وقد جعل اإلمام الضباع رحمه هللا األصول الدائرة على اختالف القراءات
سبعة وثالثين وهي:
62
فمن األصول ،عند قوله تعالى[( :ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ] 1يقول العليمي" :قرأ حمزة
ويعقوب ( َعلَ ْي ُه ْم) بضم الهاء حيث وقع ،والباقون بكسرها ،ومنهم ابن كثير وأبو
جعفر ،وقالون بخالف عنه (عليهم) بضم الميم وصلتها بواو حالة الوصل،
والباقون بإسكان الميم في الحالين ،فمن ضم الهاء ردها إلى األصل ،ألنها
مضمومة عند االنفراد ،ومن كسر ألجل الياء الساكنة ،والياء أخت الكسرة.2
يلحظ هنا أن العليمي ٍ وزع مذاهب جميع القراء العشرة في هذا الحرف (عليهم)
بتسمية بعضهم واالكتفاء بـــلقب "الباقون" للمخالفين في ما يتعلق باإلتيان بالصلة
أو اإلسكان ،وهي من صميم أصول القراءة المطردة ،وقس على ذلك جميع
األمثلة بعد ذلك.
وعند قوله تعالى[ ":ﭑ ] 3قال :قرأ أبو عمرو بإمالة الهاء وفتح الياء ،4وقرأ ابن
عامر وحمزة وخلف بفتح الهاء وإمالة الياء ضد األول ،وقرأ الكسائي وأبو بكر
عن عاصم بإمالة الهاء والياء جميعا ،واختلف عن نافع ،فروي عنه إمالتها بين
بين ،وفتحها ،واألول أشهر ،وفتحها الباقون وهم أبو جعفر وابن كثير ويعقوب
وحفص عن عاصم ،وأبو جعفر بقطع الحروف على أصله ،يسكت على كل
حرف سكتة يسيرة في جميع أحرف الهجاء من أوائل السور".5
وعند قوله تعالى [ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ] 6قال :قرأ نافع وابن كثير وأبو جعفر
وعاصم وابن ذكوان والكسائي وخالد ويعقوب وخلف(:وإذ جعلنا) بإظهار ذال
(إذ) عند الجيم حيث وقع ،والباقون باإلدغام".7
63
يظهر من خالل النماذج السابقة أن العليمي يهتم بذكر خالف القراء في أصول
القراءات في المواضيع التي ُوجد فيها.
ثانيا :الفرشيات:
والفرشيات "هي ما يذكر في السور من كيفية قراءة كل كلمة قرآنية مختلف
فيها بين القراء مع عزو كل قراءة إلى صاحبها ويسمى "فرش الحروف" وسماه
بعضهم بــــ "الفروع" مقابلة لألصول"03.1
عند قوله تعالى[ :ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ] 2قال " :قرأ نافع وأبو جعفر وابن
(مو ّهن) بفتح الواو وتشديد الهاء وبالتنوين ونصب (كيدَ)،
كثير وأبو عمرو َ
وروى حفص عن عاصم بالتخفيف من غير تنوين وخفض (كيد) على اإلضافة،
والباقون بالتخفيف والتنوين ونصب (كيد).3
وعند قوله تعالى[ :ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ] 4قال :قرأ نافع وابن
كثير وأبو عمرو ويعقوب وحفص عن عاصمَ ( :حمئَةٍ) بغير ألف بعد الحاء وهمز
الياء ،أي ذات حمأة ،وهو الطين األسود ،وقرأ الباقونَ ( :حام َيةٍ) باأللف وفتح
الياء من غير همز ،أي حارة".5
وفي قوله تعالى[:ه ه ه ه ﮮ ﮯ ﮰ ] 6قال :قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب
( َي ْو ُم) برفع الميم على معنى (هذا يوم) ،وقرأ الباقونَ ( :ي ْو َم) بالنصب على
7
الظرف والمعنى الجزاء يوم.
64
تبين لنا من خالل األمثلة السابقة أن العليمي كان يعتمد أساسا على
القراءات العشر المتواترة في نقله لخالفات القراء في الكلمات القرآنية أصولها
وفرشها ،ولم يتجاوز العشرة إال في أحوال نادرة.
ثالثا :الوقوفات:
من الجوانب التي تثير انتباه القارئ في تفسير العليمي ،شدة اهتمامه ببيان
أحكام "الوقف واالبتداء" ،ومع كونها مندرجة تحت أصول القراءة من ناحية
التقسيم العلمي والمنطقي البحت ،إال أن بروزها في هذا التفسير ،واهتمام صاحبه
بذكرها دعاني إلى أن أخصها بالذكر من باب ذكر الخاص بعد العام لبيان أهميته،
وألن أغلب التفاسير ركزت على الفرشيات ،وإن ذكرت األصول فال تتطرق
غالبا لبيان أحكام الوقوفات بشكل خاص ومفصل كما نالحظ في التفسير الذي بين
أيدينا.
وتشتمل الوقوفات على أحكام الوقف واالبتداء وما يلزم منهما من معرفة
المقطوع والموصول وتاء التأنيث المكتوبة بالتاء المبسوطة والبداءة بهمزة
الوصل والوقف على أواخر الكلم.1
وسنحاول عرض بعض النماذج لألنواع المذكورة من الوقوفات في هذا
التفسير على ما يأتي.
عند قوله تعالى[ :فَ َما ل َهؤُالء ْالقَ ْوم] 2قال :وقف أبو عمرو ،والكسائي
بخالف عنه على األلف دون الالم من قوله[ :فَ َمال َهؤ َُالء] و [ﮇ ﮈ ﮉ ] 3في سورة
سول] 4في الفرقان[( ،ﯽ ي ] 5في سأل ،ووقف الباقون الكهف ،و[ َمال َهذَا َّ
الر ُ
(فمال) على الالم اتباعا للخط ،بخالف عن الكسائي ،قال ابن عطية :6ومنعه قوم
65
جملة ،ألنها حرف جر ،فهي بعض المجرور ،وهذ كله بحسب ضرورة أوانقطاع
نفس ،وأما أن يختار أحد الوقف فيما ذكرناه ابتداء ،فال ،انتهى.1
يلحظ من المثال السابق أن العليمي ذكر اختالف القراء في الوقف على
الموصول (فمال) بين من يرى الوقوف على األلف وبين من يرى الوقوف على
الالم ،وهذا نموذج للوقف على الموصول.
ويالحظ أيضا من خالل هذا المثال – ومن خالل غيره من المواضيع التي
ذكرها العليمي في تفسيره – أنه ال يكتفي بذكر اختالف القراء في الموضع الذي
يمر به فحسب ،وإنما يحاول وضع قاعدة عامة تحصر جميع المواضيع المشابهة
وتبين حكم القراء فيها كما رأينا هنا.
ويجب التنويه إلى أن هناك قاعدة مهمة نقلها من كالم ابن عطية ،وهي أن
الوقف على ما لم يتم معناه نحو الوقوف على الالم في (فمال) وما إلى ذلك ال
يجوز ابتداء واختيارا ،وإنما سوغه األئمة فقط في حالة ضرورة أو انقطاع نفس
أو إذا كان مقام تعليم ،ومنعوه فيما عدا ذلك ألنه قد يؤدي إلى انكسار المعنى أو
تغييره ،وهذه قاعدة مهمة في هذا الباب.
وعند قوله تعالى[ :ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ] 2قال :و(رحمتُ ) رسمت بالتاء في
سبعة مواضع ،وقف عليها بالهاء ابن كثير ،وأبو عمرو ،ويعقوب ،والكسائي.3
وعند قوله تعالى[ :ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ] 4قال :وقف حمزة ،والكسائي،
ورويس عن يعقوب على قوله( :أيًّا) دون (ما) ،وعوضوا من التنوين ألفا،
ويبتدئون (ما تدعوا) بتقدير :الذي تدعوه ،ووقف الباقون على (ما).5
1العليمي ،فتح الرحمن ،ج 2ص .159ابن الجزري ،النشر ،ج 1ص .144الدمياطي ،إتحاف فضالء
البشر ،ص .244الداني ،التيسير في القراءات السبع ،ص .53ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص.264
2هود ،اآلية.73 :
3العليمي ،فتح الرحمن ،ج 3ص .359ابن الجزري ،النشر ،ج 2ص .129الدمياطي ،إتحاف فضالء
البشر ،ص .137الداني ،التيسير في القراءات السبع ،ص.53
4اإلسراء ،اآلية.110 :
5العليمي ،فتح الرحمن ،ج 4ص .141ابن الجزري ،النشر ،ج 1ص .144الدمياطي ،إتحاف فضالء
البشر ،ص .142الداني ،التيسير في القراءات السبع ،ص .56ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص.264
66
ت) بفتح
وعند قوله تعالى[ :ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ] 1قال :قرأ أبو جعفر ،وابن عامر( :يا أ َب َ
التاء حيث وقع ،والباقون بكسرها ،ووقفا( :يا أ َب ْه) بالهاء ،ووافقهما في الوقف ابن
كثير ،ويعقوب.2
الزقُّوم] 3قال :وقف ابن كثير ،وأبو عمرو،
ش َج َرت َّ
وعند قوله تعالى[ :إ َّن َ
والكسائي،ويعقوب على (شجرة) بالهاء.4
األمثلة السابقة تثبت ما قررناه من اهتمام العليمي بذكر أحكام الوقف واالبتداء
وبيان مذاهب القراء فيها.
67
المبحث الثاني :ذكره القراءات الشاذة:
القراءة الشاذة هي القراءة التي اختل فيها ركن من أركان القراءة الثالثة.1
والمتتبع لتفسير العليمي يدرك أنه لم يذكر القراءات الشاذة في تفسيره إال
نادرا ،وإنما صب كل اهتماماته على القراءات العشر المتواترة ،وفا ًء لمنهجه
الذي وعد بالسير عليه في المقدمة ،وهذه بعض النماذج التي ذكرها.
عند قوله تعالىَ [ :وأ َ ْعتَدَ ْ
ت لَ ُه َّن ُمت َّ َكئًا] 2قال :وقرأ في الشواذ( :متْكاً) بضم
الميم وإسكان التاء ،وهو اإلترج".3
يالحظ هنا أنه ذكر قراءة شاذة لكلمة (متكا) ،أي بضم الميم وإسكان التاء،
وهي قراءة المطوعي4رحمه هللا تعالى.5
وعند قوله تعالى[ :ﮨ ﮩ ه ه ه ه ﮮ ﮯ ﮰ ] 6قال :قراءة العامة( :وجناتٍ)،
نصبا عطفا على (نبات) ،وقرأ األعشى 7عن عاصم (وجنات) بالرفع نسقا على
18
قوله( :قنوان) .
68
وعند قوله تعالى[ :ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ] 2قال :قرأ العامة( :يهد) بالياء ،وقرأ زيد 3عن
يعقوب بالنون على التعظيم".4
وعند قوله تعالى[ :ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ] 5قال :قراءة العامةُ ( :مكثٍ) بضم الميم ،وقرأ
أبان 6عن عاصم بفتح الميم ،وهما لغتان.7
تبين لنا من خالل األمثلة السابقة أن اإلمام العليمي يعرض القراءات الشاذة في
تفسيره ويبين أنها شاذة ،وقد يذكرها بدون الحكم عليها بالشذوذ كما صنع مع
قراءة أبان.
كما تجلى لنا بوضوح العناية الفائقة من العليمي بالقراءات في تفسيره،
وعرضها بأنواعها المتواترة منها والمشهورة المستفيضة التي تلقتها األمة
بالقبول ،والشاذة ،واستعان بهذه القراءات في تفسير الكثير من اآليات
القرآنية ،وإثراء معانيها.
الفصل الثاني
الرحمن من وجوه اإلعراب والقراءات ،تحقيق إبراهيم عطه عوض ،ط(الهور :المكتبة العلمية) ،ج1
ص .255الدمياطي :إتحاف فضالء البشر ج 1ص.270
1العليمي ،فتح الرحمن ،ج 2ص .441الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .270ابن زنجلة ،حجة
القراءت ،ص .264ابن خالويه ،الحجة في القراءات السبع ،ص.146
2األعراف ،اآلية.100 :
3زيد :هو زيد بن أحمد بن إسحاق بن زيد بن عبد هللا بن أبي إسحاق أبو علي الحضرمي ،روى القراءة عرضا
عن عمه يعقوب بن إسحاق الحضرمي ،وعلي بن أحمد الجالب وغيرهم.انظر :غاية النهاية (.)268/1
4العليمي ،فتح الرحمن ،ج 3ص .8أبو حيان ،المرجع السابق ،ج 5ص.121
5اإلسراء ،اآلية.106 :
6أبان :أبان بن يزيد بن أحمد أبو يزيد البصري العطار النحوي ثقة صالح ،قرأ على عاصم ،وروى
الحروف عن قتادة بن دعامة ،توفي سنة بضع وستين ومائة .انظر :غاية النهاية.)11/1( :
7العليمي ،فتح الرحمن ،ج 4ص .139أبو حيان ،المرجع السابق ،ج 7ص.124
69
عزوه القراءات إلى أصحابها
الغالب أن يذكر العليمي كل قارئ باسمه أو بكنيته أو بلقبه المشتهر به ،فيقول
مثال :قرأ نافع وابن كثير والكسائي الكلمة الفالنية بكذا وكذا ،وقرأ رويس عن
يعقوب ،وهشام كذا بكذا ,وقرأ حمزة والكسائي وخلف بالجمع ،وهكذا .وهذا هو
الغالب األعم أو هو السائد في تعامله مع ذكر القراء حتى وإن توفرت في القراءة
ما يمكن أن نطلق على من قرأ بها "األلقاب الجماعية" التي اعتاد األئمة على
استخدامها ميال إلى االختصار.
ففي حالة وجود اتفاق بين نافع وابن كثير على النطق بقراة بعينها مثال ،يمكنه
إطالق لقب (الحرميان) عليهما من دون الحاجة إلى سرد اسميهما كل على حدة،
كذلك الحال في لقب (الكوفيون) لإلشارة إلى عاصم وحمزة والكسائي وخلف،
وقد سلك هذا المسلك نادرا ،واكتفى بذكر أسمائهم صراحة في أغلب األماكن من
التفسير.
70
ومن المستحسن أن نسوق بعض األماكن التي ذكر فيها األلقاب الجماعية،
وغالبا ما تمثل بلدانهم أو تجمهرهم وتكتلهم.
ونحتاج إلى تقسيم هذا الفصل إلى مبحثين:
المبحث األول :عزوه القراءة إلى أصحاب بلد
المبحث الثاني :عزو القراءة إلى العامة
71
الوصل ،فإذا وقفت على الكلمة األولى أو بدأت بالثانية ،حققت الهمز في ذلك
لجميع القراء.1
وعند قوله تعالى[ :ﮑ ﮒ ﮓ ] 2قال :قرأ الكسائي ،وهشام ،ورويس( :قيل،
وغيض ،وجيء ،وحيل ،وسيق ،وسيئت )،بإشمام الضم كسر أوائلهن ،وافقهم ابن
ذكوان في (حيل ،وسيء ،وسيئت) ،ووافقهم المدنيان في( :سيء ،وسيئت) فقط،
وقرأ الباقون بإخالص الكسر.3
وعند قوله تعالى[( :ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ] 4قال :قرأ المدنيان ،وابن كثير ،وأبو
(إني) بفتح الياء ،والباقون بإسكانها.5
َ عمرو
وعند قوله تعالى[( :ﮊ ﮋ ﮌ ] 6قال :قرأ أبو عمرو ،ويعقوب (ويقو َل) بالواو
يأتي) ،أي وعسى أن يقول الذين ءامنوا ،وقرأ َ ونصب الالم عطفا على( :أن
عاصم وحمزة والكسائي ،وخلف( :ويقولُ) بالواو ورفع الالم على االستئناف،
وقرأ الباقون ،وهم ابن كثير ،ونافع ،وأبو جعفر ،وابن عامر ،بغير واو ،ورفع
الالم ،وكذلك هو في مصحف أهل العالية.7
واضح من األمثلة السابقة عزو القراءات إلى القراء بلقب جماعي مثل
(الكوفيون) أو (أهل الكوفة) وهم عاصم وحمزة والكسائي وخلف العاشر،
و(المدنيان) ،وهم نافع وابن كثير ،و (أهل العالية) 8وهم أهل مكة والمدينة ،9وهم
كما ذكرهم :نافع وابن كثير وأبو جعفر.
1العليمي ،فتح الرحمن ،ج 1ص .62ابن الجزري ،النشر ،ج 1ص .386الدمياطي ،إتحاف فضالء
البشر ،ص.171
2البقرة ،اآلية.11 :
3العليمي ،فتح الرحمن ،ج 1ص .61الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .170ابن مجاهد ،الشبعة في
القراءات ،ص .143ابن زنجلة ،حجة القراءات .89 ،ابن الجزري ،النشر ،ج 1ص.34
4البقرة ،اآلية.30 :
5العليمي ،فتح الرحمن ،ج 1ص .80ابن زنجلة ،حجة القراءت ،ص .89ابن خالويه ،الحجة في القراءات
السبع ،ص .69الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص.180
6المائدة ،اآلية.53 :
7العليمي ،فتح الرحمن ،ج 2ص .310الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .254ابن مجاهد ،السبعة في
القراءات ،ص .245ابن زنجلة ،حجة القراءت ،ص .229ابن الجزري ،النشر ،ج 2ص .288ابن خالويه،
الحجة في القراءات ،ص.131
َ َ َ ُ
8جاء في لسان العرب " :والعالية ما فوق أرض نَجْ ٍد إلى أرض تها َمة وإلى ما وراء مكة وهي الحجاز وما
َواالها ...ويقال عالى الرج ُل وأَعْلى إذا أَتى عالية الحجاز ونَجْ دٍ" .لسان العرب.)83/15( :
9قال أبو حيان ":وكذا هي في مصاحف أهل مكة والمدينة" ،انظر :البحر المحيط (.)288/4
72
المبحث الثاني :عزو القراءة إلى العامة
ينسب العليمي القراءة أحيانا إلى العامة ويعني بذلك الجمهور ،فيقول مثال:
ومذهب العامة كذا ..وقرأ العامة بكذا ....وقرأ العامة كذا....وقراءة العامة كذا.
فعند قوله تعالى[ :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ] 1قال :قرأ العامة :بفتح النون والسين من النسخ،
أي :نرفعها .وقرأ ابن عامر( :نُنس ْخ) بضم النون األولى ،وكسر السين ،من
اإلنساخ ،أي نجعله من المنسوخ.2
ُ
و(نكون) نكذب)
ُ وعند قوله تعالى[ :ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ] 3قال :قرأ العامة( :وال
ُ
ونكون من المؤمنين ،وأبو عمرو بالرفع غلى معنى :يا ليتنا نرد وال نكذب بئاياتنا
على أصله في إدغام الباء في الباء ،وقرأ حمزة ،وحفص عن عاصم ،ويعقوب:
(أن) على جواب التمني ،أي: نكذب ونكونَ ) بنصب الباء والنون بإضمار ْ َ (وال
نكذب ونكونَ ،والعرب تنصب جواب التمني بالواو كما َ ليت ردَّنا وقع ،وأال
(نكذب) بالرفع إخبار ،و(نكونَ ) بالنصب تمنيا،
ُ تنصب بالفاء ،وقرأ ابن عامر:
73
ألنهم تمنوا أن يكونوا من المؤمنين ،وأخبروا عن أنفسهم أنهم ال يكذبون بآيات
ربهم إن ردوا إلى الدنيا.1
تبين من خالل النماذج السابقة كيف أن العليمي يختصر الجمهور بكلمة
(العامة) عند نسبته القراءة إلى أصحابها ،ثم يذكر من قرأ بخالف قراءة الجمهور
باسمه أو بلقبه أو بما اشتهر به.
الباب الثالث
منهج العليمي في توجيه القراءات
1العليمي ،فتح الرحمن ،ج 2ص .386-385الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .261ابن مجاهد،
السبعة في القراءات ،ص .255ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .354ابن زنجلة ،حجة القراءت،
ص .245ابن الجزري ،النشر ،ج 2ص .290الداني ،التيسير في القراءات السبع ،ص.76
74
الفصل األول
المدخل إلى علم توجيه القراءات
ويتضمن مبحثين:
المبحث األول :معنى التوجيه لغة واصطالحا
المبحث الثاني :الكتب المصنفة في ذلك
75
التوجيه لغة :مصدر وجه يوجه توجيها ،وو َّجه الشيء :جعله على جهة
واحدة .1ومنه قوله تعالى[ :ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ].2
ووجه كل شيء :مستقبله ،وفي التنزيل[ :ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ] ،3ووجه البيت:
الخد الذي يكون فيه بابه ،والجمع أوجه ووجوه.4
ووجوه القرآن :معانيهالمعجم الوسيط لمجموعة ،قال أبو الدرداء" :ال تفقه حتى ترى
للقرآن وجوها" 5أي ترى له معاني يحتملها فتهاب عليه".6
ووجوه البلد :أشرافه ،ويقال :هذا وجه الرأي ،أي هو الرأي نفسه.
ووجوه القوم :سادتهم.7
وقال الراغب األصفهاني ":8وفالن وجه القوم ،كقولهم :عينهم ورأسهم ونحو
ذلك".9
معنى التوجيه اصطالحا:
عرفه الدكتور عبدالغفور مصطفى بقوله":علم يبحث عن القراءات من جوانبها
الصوتية ،والصرفية ،والنحوية ،والبالغية ،والداللية".1
1المعجم الوسيط لمجموعة مؤلفين ،تحقيق مجمع اللغة العربية ،ط(القاهرة :دار الدعوة) ،باب الواو ،ص
..1015
2النحل ،اآلية.76 :
3البقرة ،اآلية.115 :
4األفريفي ،ابن منظور ،لسان العرب ،ط(1بيروت:دار صادر) ،مادة "وجه" ،ج 13ص.555
5أخرجه أبو نعيم في الحلية بسنده عن أبي قالبة عن أبي الدرداء قال " :إنَّكَ ال ت َ ْفقَهُ ُك َّل ْالف ْقه َحتَّى ت ََرى
ل ْلقُ ْرآن ُو ُجو ًها "..انظر :األصبهاني ،أبو نعيم ،حلية األولياء وطبقة األصفياء ،ط( 1بيروت :دار الكتب
العليمية 1409ه – 1998م) ،ج 1ص،211
6األفريقي ،المرجع السابق ،ج 13ص .556
7األفريقي ،المرجع السابق ،ج 13ص .556
8الراعب األصفهاني :هو الحسين بن محمد بن المفضل المعروف بالراغب ،أديب ،من الحكماء العلماء،
من أهل (أصبهان) سكن بغداد ،واشتهر ،حتى كان يقرن باإلمام الغزالي .من كتبه( :الذريعة إلى مكارم
الشريعة)( ،المفردات في غريب القرآن)( ،محاضرات األدباء) ،وغيرها .مات سنة 502ه .انظر :األعالم
()255/2
9األصفهاني ،الراغب ،المفردات في غريب القرآن ،تحقيق صفوان عدنان داوودي ط(دمشق -بيرون :دار
العلم – الدار الشامية 1412ه) ،كتاب الواو ،ج 1ص.856
76
وعرفه الدكتور عبدالعزيز الحربي بقوله":هو علم يبحث فيه عن معاني القراءات
والكشف عن وجوهها في العربية ،أو الذهاب بالقراءة إلى الجهة التي يتبين فيها
وجهها ومعناها".2
وقال طاشكبري زاده":3هو علم يبحث عن لميّة القراءات".4
ولهذا العلم مصطلحات كثيرة يعبرون بها عنه ،منها( :العلل ) ،و(الحجة) ،و
(االحتجاج ) ،و(معاني القراءات) ،و(إعراب القراءات ) ،و(التخريج) ،و(فقه
القراءات) ،و(االنتصار) ،و(اإلقناع) ،وغيرها ،وإن كان الغالب األعم عندهم
استعمال ثالث مصطلحات هي(:التوجيه – العلل – الحجة).5
"والتعريف االصطالحي ال يؤثر فيه هذا االختالف في األسماء ،ألن الفحوى
واحدة ،والمقصود ال يختلف ،إذ هي أسماء لمسمى واحد وعلم واحد".6
1الموسوعة القرآنية المتخصصة ،ضمن إصدار وزارة األوقاف المصرية ،تقديم د .محمد مختار جمعة،
ط( 3القاهرة 1435ه – 2014م) ،ص .336
2الحربي ،عبدالعزيز ،توجيه مشكل القراءات العشرية الفرشية لغة وتفسيرا وإعرابا ،بحث مقدم لنيل
درجة الماجستير ،جامعة أم القرى ،كلية الدعوة وأصول الدين ،قسم الكتاب والسنة ،سنة 1417ه ،ص.65
3طاشكبري زاده :هو أحمد بن مصطفى بن خليل ،أبو الخير ،عصام الدين طاشكبري زاده ،مؤرخ ،تركي
األصل ،مستعرب .ولد في بروسة ،ونشأ في أنقرة ،وتأدب وتفقه ،وكف بصره .له كتاب (الشقائق النعمانية
في علماء الدولة العثمانية) و (مفتاح السعادة ) وغيرهما .توفي سنة 919ه .انظر :األعالم .)168/7( :هدية
العارفين.)271/2( :
4طاش كبري زاده ،مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات العلوم ،ط( 1بيروت :دار الكتب
العلمية 1405هـ 1985 -م) ج 2ص .335
5مهارش ،زيد بن علي ،منهج اإلمام الطبري في القراءات وضوابط اختيارها في تفسيره ،رسالة
الماجستير ،جامعة اإلمام محمد بن سعود اإلسالمية ،قسم القرآن وعلومه ،ج 1ص .144
6األسطل ،عبدالباسط محمد ،منهج القرطبي في القراءات ،رسالة الماجستير ،الجامعة اإلسالمية بغ َّزة،
كلية أصول الدين ،قسم التفسير وعلوم القرآن ،سنة ( ،)2008 – 1429ص .89
77
المبحث الثاني :الكتب المصنفة في ذلك
من هذه الكتب – مرتبة حسب تسلسل الوفيات :-
(كتاب في وجوه القراءات) ألبي عبدهللا األعور النحوي ،1ت 170ه. -1
(معاني القرآن ) للفراء 2ت207هـ .مطبوع. -2
(معاني القرآن ) لألخفش األوسط 3ت210ه .مطبوع. -3
(معاني القرآن ) للزجاج ،4ت211ه .مطبوع. -4
(احتجاج القراءة) ألبي العباس محمد بن يزيد المبرد ،1ت285هـ. -5
1أبو عبدهللا األعور :هو هارون بن موسى أبو عبدهللا األعور العتكي البصري األزدي ،عالمة صدوق
نبيل له قراءة معروفة ،روى عن ابن أبي النجود وابن كثير وغيرهم ..انظر :بغية الوعاة ( .)321/2غاية
النهاية (.)303/2
2الفراء :هو يحيى بن زياد بن عبدهللا بن مروان الديلمي ،إمام العربية ،أبو زكريا المعروف بالفراء ،كان
أعلم الكوفيين بالنحو بعد الكسائي .،من تصانيفه (معاني القرآن) (البهاء فيما تلحن فيه العامة) (المصادر في
القرآن) وغيرها .مات سنة 210ه .انظر :بغية الوعاة (.)333/2
3األخفش األوسط :هو سعيد بن مسعدة ،أبو الحسن األخفش األوسط ،وهو أحد األخافش الثالثة
المشهورين ،كان مولى بني مجاشع بن دارم من أهل بلخ .سكن البصرة ،وكان أجلع ال تنطبق شفتاه على
لسانه .قرأ النحو على سيبويه ،وكان أسن منه ،ولم يأخذ عن الخليل .انظر :بغية الوعاة (.)590/1
4الزجاج :هو إبراهيم بن سري بن سهل ،أبو إسحاق الزجاج ،عالم باللغة واألدب ،ولد ومات ببغداد ،كان
في فتوته يخرط الزجاج ومال إلى النحو فعلمه المبرد .من تصانيفه (األمالي) ،و(االشتقاق) ،و( معاني
القرآن) وغيرها ،توفي سنة 211ه .انظر :األعالم ( .)40/1انظر :بغية الوعاة (.)431/1
78
(احتجاج القراءة) ألبي بكر محمد بن السري المعروف بابن السراج ،2ت316ه. -6
(االحتجاج للقراء) ألبي محمد بن درستويه 3،ت347هـ. -7
( المعاني في القراءات ) له أيضا. -8
(االنتصار لحمزة ) ألبي طاهر عبدالواحد البزار ،ت 349ه.
4
-9
(السبعة بعللها الكبير) لمحمد بن الحسن األنصاري ،5ت351ه. -10
6
(االحتجاج للقراءات السبعة بعللها الكبير ) ألبي بكر محمد بن الحسن بن المقسم -11
ت 362ه.
(االنتصار لقراء األمصار) له أيضا. -12
( علل القراءات ) ألبي منصور األزهري ،ت370ه .مطبوع.
7
-13
(الحجة في القراءات) لإلمام الحسين بن أحمد بن خالويه 8ت370ه .مطبوع. -14
1المبرد :هو محمد بن يزيد بن عبداألكبر األزدي البصري ،أبو العباس المبرد ،إمام العربية ببغداد في
زمانه،
قال السيوطي :كان بليغا فصيحا مفوها ثقة أخباريا عالمة ،صاحب نوادر وظرافة ،" ..مات سنة 285ه
ببغداد .انظر :بغية الوعاة (.)269/1
2ابن السراج :هو محمد بن السري البغدادي النحوي ،أبو بكر بن السراج ،قال المرزباني :كان أحدث
أصحاب المبرد سنا ،مع ذكاء وفطنة ،وكان المبرد يقربه ،ومات شابا ً في ذي الحجة ست عشرة وثالثمائة.
من كتبه( :األصول الكبير)( ،جمل األصول)( ،الموجز)( ،شرح سيبويه) ( .احتجاج القراء) ،انظر :بغية
الوعاة.)109/1( ،
طه ُ
ابن ماكوال -بالفتح ،ابن ضبَ َ
3ابن درستويه :هو عبد هللا بن جعفر بن درستويه -بضم الدال والراء و َ
الرزبان النحوي ،أبو محمد .من تصانيفه( :اإلرشاد في النحو)( ،شرح الفصيح )( ،الرد على المفصل في
الرد على الخليل) .مات سنة 348هـ .انظر :بغية الوعاة (.)37/2
4أبو طاهر البزار :هو عبد الواحد بن عمر بن محمد بن أبي هاشم البغدادي ،البزار (أبو طاهر) نحوي،
مقرئ.
من تصانيفه( :شواذ السبعة)( ،الياءات)( ،الخالف بين أبي عمرو والكسائي)( ،رسالة في الجهر ببسم هللا
الرحمن الرحيم) .توفي سنة 349ه .انظر :معجم المؤلفين (.)211/6
5محمد بن الحسن األنصاري :هو النقاش ،أبو بكر محمد بن الحسن األنصاري ،من أهل الموصل وبها
مولده ،وله من الكتب( :كتاب اإلشارة في غريب القرآن)( ،كتاب الموضح في القرآن ومعانيه)( ،كتاب
اإلشارة في غريب القرآن )( ،كتاب السبعة بعللها الكبير)( ،كتاب السبعة األوسط) ( ،كتاب السبعة
األصغر) .انظر :الفهرست (.)50/1
6أبوبكر بن مقسم :هو محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن بن مقسم اإلمام أبو بكر البغدادي المقرئ
النحوي العطار ،انظر :معرفة القراء الكبار ( .)306/1تاريخ بغداد (.)206-208/2
7أبو منصور األزهري :هو محمد بن أحمد بن األزهر بن طلحة بن نوح األزهري اللغوي األديب الهروي
الشافعي ،أبو منصور ،كان رأسا في العربية ،وعالما بالحديث ،عالي اإلسناد ،ثخين الورع ،من تصانيفه
)التهذيب في اللغة) (شرح شعر أبي تمام) وغيرهما .مات سنة 370ه .انظر :بغية الوعاة (.)19/1
8ابن خالويه :هو الحسين بن أحمد بن خالويه بن حمدان ،أبو عبدهللا الحمداني النحوي ،إمام اللغة والعربية
وغيرهما من العلوم األدبية .له من التصانيف ( االشتقاق)( ،الجمل في النحو)( ،المذكر والمؤنث)،
وغيرها .انظر :بغية الوعاة.)529/1( ،
79
(إعراب القراءات السبع وعللها ) له أيضا. -15
( الحجة للقراء السبعة ) لإلمام أبي علي الفارسي ،1ت377ه .مطبوع. -16
(المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات وإيضاح عنها) البن جني ،2ت392ه. -17
مطبوع.
(حجة القراءات ) ألبي زرعة ابن زنجلة ،ت403ه .مطبوع.
3
-18
( الموضح في تعليل وجوه القراءات) ألبي العباس المهدوي 4ت430ه. -19
( الكشف عن وجوه القراءات وعللها وحججها ) لإلمام مكي بن أبي طالب -20
القيسي ،ت437ه .مطبوع.
(الموضح لمذاهب القراء واختالفهم في الفتح واإلمالة) ألبي عمرو الداني ،
5
-21
ت444ه .مطبوع.
(إعراب القراءات الشواذ ) ألبي البقاء العكبري ،ت.616
6
-22
(إمالء ما من به الرحمن من وجوه اإلعراب والقراءات في جميع القرآن) له -23
أيضا .مطبوع.
(القراءات الشاذة وتوجيهها من لغة العرب ) للشيخ عبدالفتاح القاضي، -24
ت1404ه .مطبوع.
1أبو علي الفارسي :هو إمام العربية ،الحسن بن أحمد بن عبد الغفار بن محمد بن سليمان اإلمام ،أبو علي
الفارسي ،واحد زمانه في علم العربية .أخذ عن الزجاج وابن السراج ،وبرع من طلبته جماعة كابن جني
وعلي بن عيسى الربعي ،مات سنة 377هــ .انظر :بغية الوعاة (.)8/1
2ابن جني :هو عثمان بن جني الموصلي ،أبو الفتح ،من أئمة األدب والنحو ،وله شعر .ولد بالموصل
وتوفي ببغداد ،عن نحو 65عاما .من تصانيفه( :شرح ديوان المتنبي ) و (المحتسب في شواذ القراءات)،
و (سر الصناعة) ،و(الخصائص) .انظر :األعالم (.)204/4
3ابن زنجلة :هو عبد الرحمن بن محمد ،أبو زرعة ابن زنجلة ،عالم بالقراءات ،كان قاضيا مالكيا .قرأ
على أحمد بن فارس كتابه (الصاحبي) سنة 382في المحمدية (بالري) ،وصنف كتبا منها (حجة القراآت)،
و (شرف القراء في الوقف واالبتداء) وغيرها .انظر :األعالم (.)325/3
4المهدوي :هو أحمد بن عمار أبو العباس المهدوي نسبة إلى المهدية بالمغرب أستاذ مشهور ،صاحب
التصانيف .قال الذهبي :وكان رأسا في القراءات والعربية ،صنف كتبا مفيدة ،توفي بعد الثالثين وأربع مئة.
انظر :معرفة القراء الكبار ( ، )399/1غاية النهاية (.)86/1
5أبو عمرو الداني :هو عثمان بن سعيد بن عثمان بن سعيد بن عمر ،أبو عمرو الداني األموي موالهم
القرطبي المعروف في زمانه بابن الصيرفي ،اإلمام العالمة الحافظ أستاذ االستاذين وشيخ مشايخ المقرئين،
ولد سنة 371ه ،له( :جامع البيان) فيما رواه في القراءات السبع ،و(التيسير) المشهور ومنظومته ،توفي سنة
444ه .انظر :غاية النهاية ( .)447/1األعالم (.)206/3
6العك بري :هو عبد هللا بن الحسين بن عبد هللا بن الحسين اإلمام محب الدين ،أبو البقاء العكبري البغدادي
الضرير النحوي الحنبلي صاحب اإلعراب...له تصانيف كثيرة ،مات سنة 616هــ .انظر :بغية الوعاة
(.)39-38/2
80
( المهذب في القراءات العشر وتوجيهها من طريق طيبة النشر ) لمحمد سالم -25
محيسن .مطبوع.
(المستنير في تخريج القراءات المتواترة من حيث اللغة – اإلعراب -التفسير) -26
له أيضا .مطبوع.
(توجيه مشكل القراءات العشرية الفرشية لغة وتفسيرا وإعرابا ) د .عبدالعزيز -27
الحربي .مطبوع.
(طالئع البشر في توجيه القراءات العشر ) لمحمد صادق قمحاوي .مطبوع. -28
الفصل الثاني
صور توجيه القراءات عند العليمي
81
المبحث األول :توجيه القراءة بالمأثور
المستقرئ لتفسير العليمي يرصد أنه يذكر القراءات القرآنية ويحتج لها بالقرآن
الكريم ،وقد يحتج بالسنة ،أو بأقوال الصحابة والتابعين ،وكل ذلك يندرج تحت
االحتجاج أو توجيه القراءات بالمأثور .ولنأخذ كل قسم على حدة:
أوال :توجيه القراءة بالقرآن الكريم:
عند قوله تعالى[ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ] ،1قال :قرأ حمزة ،والكسائي ،وأبو بكر عن
ص) بفتح الواو وتشديد الصاد ،لقوله تعالى[ :ﭾ ﭿ
عاصم ،ويعقوب ،وخلفُ ( :م َو ٍ ّ
ﮀ ﮁ ][ ،2ﭑ ﭒ ] .3وقرأ الباقون بسكون الواو وتخفيف الصاد ،لقوله تعالى[ :ﮓ ﮔ
ﮕ ﮖ ﮗ ].4
وعند قوله تعالى[ :ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ه ه ه ﮮ ] 5قال :قرأ حمزة
سوهن) باأللف في الموضعين على المفاعلة ،ألن بدن كل
والكسائي وخلف( :تما ُّ
واحد يالقي بدن صاحبه ،كما قال تعالى[ :ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ] .6وقرأ
الباقون(:تمسوهن) ألن الغشيان يكون من فعل الرجل ،لقوله تعالى حكاية عن
مريم[ :ﭨ ﭩ ﮤ ].7
واضح من صنيع العليمي هنا أنه احتج للقراءة األولى (تماسونهن) بالقرآن
الكريم للتأكيد على المعنى الذي أورده وهو كونه من باب المفاعلة ،كما وجه
1البقرة ،اآلية.182 :
2الشورى ،اآلية.13 :
3األحقاف ،اآلية.15 :
4النساء ،اآلية .11 :العليمي ،فتح الرحمن ،ج 1ص .251الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .199ابن
مجاهد ،السبعة في القراءات ،ص .176ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .301ابن زنجلة ،حجة القراءات،
ص .123الداني ،التيسير في القراءات السبع ،ص .63ابن خالويه ،الحجة في القراءات السبع ،ص.93
5البقرة ،اآلية.236 :
6المجادلة ،اآلية.4 :
7مريم ،اآلية .20:العليمي ،فتح الرحمن ،ج 1ص .338الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .205ابن
مجاهد ،السبعة في القراءت ،ص .183ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص .137ابن الجزري ،النشر ،ج2
ص .260الداني ،التيسير في القراءات السبع ،ص.64ابن خالويه ،الحجة في القراءات السبع ،ص.98
82
القراءة الثانية (تمسوهن) بآية أخرى في القرآن الكريم لتدل على معنى مجرد
المسح.
وعند قوله تعالى[ :ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ] 1قال :قرأ نافع وأبو جعفر (:ولتستبين)
بالتاء ،و(سبي َل) نصب على خطاب النبي صلى هللا عليه وسلم ،أي لتعرف يا
محمد طريق المجرمين ،يقال :استنبت الشيء وتبينته :إذا عرفته .وقرأ حمزة
والكسائي وأبو بكر وخلف( :وليستبين) بالياء( ،سبيلُ) رفع ،وقرأ الباقون
(ولتستبين) بالتاء (سبيلُ) رفع ،أي ليظهر ويتضح .والسبيل يذ ّكر لقوله[ :ﭿ ﮀ ﮁ
ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ] 2ويؤنث لقوله[ :ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ].3
يالحظ هنا أن العليمي وجه كال القراءتين بالقرآن الكريم حيث جاء السبيل
مؤنثا في مكان وذُ ّكر في مكان آخر .
وعند قوله تعالى[ :ﯽ ي ي] 4قال :قرأ أبوبكر عن عاصم ورويس عن يعقوب:
(تجحدون) بالخطاب لقوله[ :ى ى ﯪ ﯫ ﯬ ] 5وقرأ الباقون :بالغيب لقوله [ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ
6
].
فالتوجيه كله هنا بالقرآن الكريم.
ثانيا :توجيه القراءة بالسنة:
وقد يلجأ أحيانا إلى توجيه القراءة بما ورد عن النبي صلى هللا عليه وسلم من
خالل سنته القولية ،إال أن هذا النوع من التوجيه لم أجد له إال مثاال واحدا فقط
وهو:
83
عند قوله تعالى[ :ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ] 1قال :قرأ ابن كثير ،وأبو عمرو ،وعاصم،
ويعقوب ،بكسر الواو ،أي معلّمين ،من العالمة ،أي سوموا خيلهم ،وقرأ الباقون
بفتح الواو ،أي سوموا أنفسهم ،قال صلى هللا عليه وسلم ألصحابه يوم
صوف ْاأل َ ْبيَض في َ
قالنيه ْم ت بال ُّ س َّوموا فَإ َّن ْال َم َالئ َكةَ قَ ْد ت َ َ
س َو َم ْ بدر{:ت َ َ
َو َمغَافره ْم }.
3 2
84
وهذا مثال واضح لتوجيه الصحابة ،حيث وجه ابن عباس القراءتين وهو عالم
األمة وحبرها .وهذا النوع نادر جدا في هذا التفسير بل لم أجد فيه إال هذا المثال.
رابعا :توجيه القراءة بأقوال التابعين:
وقد يجنح العليمي إلى تعليل القراءة وبيان وجهها بقول لتابعي أحيانا ،مثاله
الوحيد في تفسيره:
عند قوله تعالى [ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ] 1قال :قرأ أبو عمرو ،وابن كثير ،وحفص عن
سدّين) بفتح السين ،والباقون :بضمها ،وهما لغتان معناهما واحد ،وقال
عاصم( :ال ّ
عكرمة :2ما كان من صنع بني آدم فهو السد – بالفتح – وما كان من صنع هللا
فهو بالضم – 3.ألن السد – بالضم – فعل مبني لمفعول ،وبالفتح مصدر ،وهما
الجبالن بين أرمينيا وأذربيجان.4
فاإلمام عكرمة -رحمه هللا -وجه القراءتين هنا ،حيث جعل األولى – بالفتح –
على معنى ما صنعته أيدي بني آدم ،بينما ح َّمل القراءة األخرى – بالضم -معنى
ما صنعه هللا ،-وهللا أعلم.
85
المبحث الثاتي :توجيه القراءة باللغة:
عمد العليمي رحمه هللا تعالى إلى توجيه القراءة باللغة كثيرا ،سواء كان من
الناحية الصرفية أو النحوية أو غيرهما ،وهذا يعين على إظهار معنى اآلية.
أوال :التوجيه الصرفي:
عند قوله تعالى[ :ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ] ،1قال( :وإذ واعدنا) قرأ أبو عمرو وأبو
جعفر ويعقوب (وعدنا) بقصر األلف من الوعد ،والباقون( :واعدنا) بألف ،من
المواعدة.2
ش ْعيَا وزكريا ويحيى .قرأوعند قوله عز وجل[( :ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ] 3قال :ك َ
نافع ( :النبيين ،والنبيئون ،ونبيئهم ،واألنبئاء ،والنبوءة ،والنبيئ) بالمد والهمز
حيث وقع ،فيكون معناه المخبر من أنبأ ينبئ ،ألنه إنباء عن هللا .وخالفه قالون في
حرفين في األحزاب يأتي ذكرهما في محلهما -إن شاء هللا تعالى . -وقرأ
الباقون بترك الهمزة ،وله وجهان :أحدهما :هو أيضا من اإلنباء ،تُركت الهمزة
تخفيفا لكثرة االستعمال ،والثاني :هو بمعنى الرفع ،مأخوذ من النَبْوة ،وهو المكان
المرتفع.4
وعند قوله تعالى[ :ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ] 5قال :قرأ نافع وحمزة والكسائي وخلف
)متم) و (متنا) و (مت) حيث وقع بكسر الميم ،ووافقهم في غير هذه السورة
86
حفص .وقرأ الباقون بالضم ،فمن قرأ بالضم من مات يموت ،وبالكسر من مات
1
يمات.
وعند قوله تعالى[ :ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ] 2قال :قرأ العامة بفتح النون والسين من النسخ،
أي :نرفعها .وقرأ ابن عامر( :نُنسخ) بضم النون األولى وكسر السين من
اإلنساخ ،أي نجعله من المنسوخ. 3
ياللحظ هنا أن العليمي وجه قراءة العامة وهم ما عدا ابن عامر – وهي بفتح
النون والسين – بأنها من النسخ ،والقراءة األخرى البن عامر بضم النون وكسر
السين بأنها مشتقة من اإلنساخ ،ومثله ما سبق من األمثلة ،وهذا هو التوجيه
الصرفي.
ثانيا :التوجيه على القواعد النحوية:
لم يقف العليمي رحمه هللا عند االحتجاج للقراءة بالقواعد الصرفية فقط ،بل
تجاوز ذلك ليحتج باألحكام النحوية على القراءة ،وهناك نماذج كثيرة في ذلك
نكتفي بإيراد بعضها.
عند قوله تعالى[ :ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ] 4قال :قرأ ابن كثير ،وأبو عمرو ،ويعقوب
(تُقبل) بالتاء ،لتأنيث الشفاعة .وقرأ الباقون بالياء ،ألن الشفيع والشفاعة بمعنى
واحد ،أي ال تقبل منها شفاعة إذا كانت كافرة.5
وعند قوله تعالى[ :ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ] 6قال رحمه هللا :أي احدث فهو يحدث ،قرأ
ابن عامر( :كن فيكونَ ) بنصب النون في جميع المواضيع إال في آل عمران[ :ﯕ
1العليمي ،فتح الرحمن ،ج 2ص .49الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .230ابن مجاهد ،السبعة في
القراءات ،ص .218ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .328ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص .127الداني،
التيسير في القراءات السبع ،ص .134ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج 2ص.276
2البقرة ،األية.106 :
3العليمي ،فتح الرحمن ،ج 1ص .172ابن مجاهد ،السبعة في القراءات ،ص .293ابن زنجلة ،حجة
القراءات ،ص .109الداني ،التيسير في القراءات السبع ،ص .62ابن خالويه ،الحجة في القراءات السبع،
ص.82
4البقرة ،االية.48 :
5العليمي ،فتح الرحمن ،ج 1ص .96الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .34ابن مجاهد ،السبعة في
القراءات ،ص .155ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .391ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص .95الداني،
التيسير في القراءات السبع ،ص .60ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج 2ص.241
6البقرة ،اآلية.117 :
87
ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ] 1وفي األنعام[ :ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ] ،2وإنما نصبها ألن
جواب األمر بالفاء يكون منصوبا .وقرأ الباقون بالرفع على معنى :فهو يكون،
فأما حرف آل عمران فإن معناه :كن فكان ،وأما حرف األنعام فمعناه اإلخبار عن
القيامة ،وهو كائن ال محالة ،ولكنه لما كان ما يراد في القرآن من ذكر القيامة
كثيرا يذكر بلفظ الماضي ،نحو[ :ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ] ،3ونحو[( :ى ﯪ ] 4ونحو ذلك،
فشابه ذلك ،فرفع ،وال شك أنه إذا اختلفت المعاني اختلفت األلفاظ .قال األخفش
الدمشقي :إنما رفع ابن عامر في األنعام على معنى سين الخبر ،أي فسيكون.5
وعند قوله تعالى[ :ﯥ ﯦ ﯧ ى ى ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ] 6قال :قرأ نافع( :حتى يقولُ) بالرفع
على أنه في معنى الحال ،نحو :شربت اإلبل حتى يجي ُء البعير يجر بطنه ،فهي
حال ماضية محكية .وقرأ الباقون بالنصب بإضمار (أن) وجعل الفعل مستقبال،
أي إلى أن يقول.7
وعند قوله تعالى[ :ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ] 8قال :قرأ عاصم وحمزة والكسائي
وخلف( :تجارةً) بالنصب على خبر كان ،أي إال أن تكون األموال تجارةً .وقرأ
الباقون بالرفع ،أي إال أن تقع تجارة عن تراض منكم ،أي بطيبة نفس كل واحد
منكم.9
88
وعند قوله تعالى[ :ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ] 1قال :قرأ حفص عن عاصم (:من
ك ٍّل) بالتنوين ،أي من كل صنف زوجين اثنين ،ذكره تأكيدا .والباقون بغير تنوين
على اإلضافة على معنى :احمل اثنين من كل زوجين ،والقراءتان ترجعان إلى
معنى واحد.2
وعند قوله تعالى[ :ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ] 3قال :قرأ نافع وأبو جعفر وابن
عامر وابن كثير وأبو بكر عن عاصم ،ورويس عن يعقوب بخالف عنه( :يُسبَّح)
بالياء على التذكير ،لقيام (له) مقام تاء التأنيث ،وألن تأنيث (السماوات) غير
حقيقي .وقرأ الباقون :بالتاء مؤنثا على اللفظ ،والقراءتان حسنتان.4
جميع ما سبق من األمثلة يؤكد المعنى الذي أشرنا إليه من احتجاج العليمي بالنحو
إلظهار معنى اآلية وإيضاحها.
ثالثا :التوجيه بالبالغة:
عند قوله تعالى[ :ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ] 5قال :قرأ ابن كثير وأبو عمرو ويعقوب:
(يعملون) بالغيب ،وقرأ الباقون :بالخطاب على االلتفات ،وهو أبلغ في الوعيد.6
وهذا مثال واضح للتعليل بالبالغة حيث تضمنت القراءة األولى بالغيب في -
يعملون – المعنى األساسي الذي يدل عليه سياق اآلية ،ألن اآلية بدأت بقوله
8
تعالى [ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ] 7بالغيب ،وانتصفت به بقوله [ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ]
89
فاختتمت بقوله (وهللا بما يعملون خبير ) ،وهذا تطابق طبيعي حسب السياق ،أما
القراءة الثانية فاختتمت بالخطاب في كلمة (ت َ ْع َملُونَ ) وهذا ما يسمى بااللتفات عند
البالغيين وهو أبلغ في الوعيد .وهذا المثال الوحيد الذي وقعت عليه من هذا
الشكل.
90
الرازي ،1ألن هذا ليس من نداء النكرة المقبل عليها ،وقرأ الباقون :بكسر الياء
اكتفى بها عن الياء.2
يتضح من خالل األمثلة السابقة أن العليمي يورد أحيانا أقوال المفسرين
وعلماء اللغة في توجيه القراءات الواردة في بعض الكلمات القرآنية كما رأينا في
(كرها) – بالفتح وبالضم ،و(زكية) باأللف وبالتشديد ،و(رب) بالكسر وبالضم،
وغير ذلك من األماكن الواردة في الكتاب.
1أبو الفضل الرازي :هو عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار بن إبراهيم بن جبريل بن محمد بن علي
بن سليمان أبو الفضل الرازي العجلي اإلمام المقرئ ،شيخ اإلسالم الثقة الورع الكامل ،مؤلف كتاب (جامع
الوقوف) وغيره ،مولده بمكة ،كان ثقة جواالً إماما ً في القراءات .توفي سنة 454هـ .غاية النهاية (.)327/1
2العليمي ،فتح الرحمن ،ج 4ص .397الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .395ابن مجاهد ،السبعة في
القراءات ،ص .431ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .467ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص .471الداني،
التيسير في القراءات السبع ،ص .105ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج 2ص.365
3آل عمران ،اآلية.97 :
91
وعند قوله تعالى[ :ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ] 2قال :قرأ حمزة والكسائي
وخلف ( :وال تقتلوهم حتى يقتلوكم فإن قتلوكم) بغير ألف فيهن على معنى :وال
تقتلوا بعضهم ،تقول العرب :قتلنا بني فالن ،وإنما قتلوا بعضهم .وقرأ الباقون
باأللف من القتال .كان في ابتداء اإلسالم ال يحل بدايتهم بالقتال في البلد الحرام،
ثم صار منسوخا.3
َ
(وباالخرة) بنقل حركة وعند قوله تعالى[ :ﭯ ﭰ ﭱ ] 4قال :قرأ ورش عن نافع:
الهمز إلى الساكن قبله ،وترقيق الراء حيث وقع ،وحمزة يسكت في الم التعريف
حيث أتت ،نحو (األرض) و (اآلخرة) سكتة من دون تنفس ،وإذا وقف له النقل
بخالف عنه ،يسكت رويس على ذلك دون سكته .5وقرأ الكسائي( :وباآلخرة)
باإلمالة حيث وقف على هاء التأنيث ،وقيل للكسائي :إنك تُميل ما قبل هاء
التأنيث ،فقال :هذا طباع العربية.6
فقول الكسائي (هذا طباع العربية) -تعليال لهذه القراءة ،مثال واضح للتوجيه
بلسان العرب الذي نزل به القرآن.
وعند قوله تعالى[ :ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ] 7قال :قرأ أبو بكر عن عاصم:
ورضوانا)بضم الراء حيث وقع إال قوله[ :ﮈ ﮉ ﮊ ] 8ثاني المائدة، (ورضوان ُ ُ
والباقون :بالكسر ،وهما لغتان كالعُدوان والعدوان .
9
1العليمي ،فتح الرحمن ،ج 1ص .495الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .227ابن مجاهد ،السبعة في
القراءات ،ص .214ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .326ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص .170الداني،
التيسير في القراءات السبع ،ص .69ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج 2ص.270
2البقرة ،اآلية.191 :
3العليمي ،فتح الرحمن ،ج 1ص .270الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .209ابن مجاهد ،السبعة في
القراءات ،ص .179ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .302ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص .127الداني،
التيسير في القراءات السبع ،ص .64ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج 2ص.208
4البقرة ،اآلية.4 :
الصحيح أنه إدريس.
5
6العليمي ،فتح الرحمن ،ج 1ص .53ابن الجزري ،النشر ،ج 2ص .82الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر،
ص.87
7آل عمران ،اآلية.15 :
8المائدة ،اآلية.16 :
9العليمي ،فتح الرحمن ،ج 1ص .427الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .220ابن مجاهد ،السبعة في
القراءات ،ص .202ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .319ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص .157الداني،
التيسير في القراءات السبع ،ص .68ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج 2ص.276
92
وعند قوله تعالى[( :ﰀ ﰀ ﰀ ] 1قال :قرأ السوسي عن أبي عمرو( :يأت ْه)
بإسكان الهاء ( ،مومنا) بإسكان الواو بغير همز ،وقرأ أبو جعفر وقالون عن نافع،
وهشام عن ابن عامر ،ورويس عن يعقوب باختالس كسرة الهاء ،بخالف عنهم،
إال رويس ،وقرأ الباقون بإشباع الهاء ،وكلها لغات.2
عند قوله تعالى[ :ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ] 3قال :قرأ نافع ،وأبو جعفر ،ويعقوب( :دفاع)
باأللف ،والباقون بغير ألف ،ألن هللا تعالى ال يغالبه أحد ،وهو الدافع وحده ،ومن
قرأ باأللف قال قد يكون الدفاع من واحد ،مثل قول العرب :أحسن هللا عنك
الدفاع.4
جميع هذه األمثلة نماذج واضحة من حيث توجيه القراءة باللهجات العربية
وكالم العرب الذي به نزل القرآن ،وقد وسع العليمي في إيراد هذا النوع من
التوجيه ما يدل على كثرته في كتاب هللا تعالى.
93
المبحث الخامس :التوجيه بالرسم العثماني وأحكام التالوة والتجويد:
عند قوله تعالى[ :ﮛ ﮜ ﮝ ] 1قال :أثبت نافع ،وأبو عمرو ،وأبو جعفر الياء في
قوله( :اتبعني) حالة الوصل ،وأثبتها يعقوب وصال ووقفا ،وحذفها الباقون في
الحالين ،ألن رسمها في المصحف بغير ياء.2
وعند قوله تعالى[( :ﮨ ﮩ ه ه ه ه ] 3قال :قرأ ابن عامر( :ولدَار اآلخرة )
وجر (اآلخرة) إضافة ،أي :دار الساعة اآلخرة ،وكذلك هو في ّ بالم واحدة
مصاحف أهل الشام ،وقرأ الباقون :بالمين وتشديد الدال لإلدغام ،وبالرفع على
النعت ،وكذا هو في مصاحفهم.4
وعند قوله تعالى[ :ﯔ ﯕ ﯖ ] 5قال :قرأ نافع ،وابن كثير ،وأبو جعفر ،وعاصم:
(يقص الحق) بضم القاف وكسر الضاد المهملة مشددا ،أي :يقول الحق ،ألنه في
َّ
(الحق) ولم يقل :بالحق .وقرأ الباقون: جميع المصاحف بغير ياء ،وألنه قال:
94
(يقض) بسكون القاف وكسر الضاد المعجمة ،من قضيت ،أي يحكم بالحق ،بدليل
أنه قال[ :ﯗ ﯘ ﯙ ] أي الحاكمين.1
وعند قوله تعالى[ :ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ] 2قال :قرأ ابن كثير( :من تحتها) بزيادة
كلمة (من) ،وخفض (تحتها) ،وكذلك هي في المصاحف المكية ،وقرأ الباقون
بحذف لفظة (من) ،وكذلك هي في مصاحفهم ،واتفقوا على إثبات (من) قبل
(تحتها) في سائر القرآن.3
وعند قوله تعالى[ :ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ] 4قال :قرأ أبو جعفر ،وابن عامر:
(ينشركم) بفتح الياء ونون ساكنة بعدها وشين معجمة مضمومة ،من النشر،
وكذلك هي في مصاحف أهل الشام وغيرها ،وقرأ الباقون :بضم الياء وسين
مهملة مفتوحة بعدها ياء مكسورة مشددة من التيسير ،وكذلك هي في مصاحفهم.5
ف] 6قال :وأجمع القراء وعند قوله تعالى[ :قَالُوا يَا أَبَانَا َما لَ َك َال تَأ ْ َمنَّا َعلَى يُو ُ
س َ
على قراءة (ما لك ال تأمنا) بإدغام النون األولى في الثانية ،واختلفوا في اللفظ به،
فقرأ أبو جعفر بإدغامه محضا من غير إشارة ،بل يلفظ بنون مفتوحة مشددة،
وهو على أصله في إبدال الهمز حرف مد ،وقرأ الباقون باإلشارة واختلفوا فيها،
فبعضهم جعلها روما ،فيكون حينئذ إخفاء ،وال يتم معها اإلدغام الصحيح،
وبعضهم جعلها إشماما ،فيشير إلى ضم النون بعد اإلدغام .قال ابن الجزري:
وبالقول الثاني قطع سائر أئمة أهل األداء من مؤلفي الكتب ،وحكاه أيضا
1العليمي ،فتح الرحمن ،ج 2ص .406الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .264ابن مجاهد ،السبعة في
القراءات ،ص .259ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .356الداني ،التيسير في القراءات السبع ،ص.76
ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج 2ص.292
2التوبة ،اآلية.100 :
3العليمي ،فتح الرحمن ،ج 3ص .234الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .305ابن مجاهد ،السبعة في
القراءات ،ص .317ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .393ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص .322الداني،
التيسير في القراءات السبع ،ص .64ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج 2ص.315
4يونس ،اآلية.22 :
5العليمي ،فتح الرحمن ،ج 3ص .276 – 275الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .311ابن مجاهد،
السبعة في القراءات ،ص .325ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .398ابن زنجلة ،حجة القراءات،
ص .329الداني ،التيسير في القراءات السبع ،ص .64ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج2
ص.318
6يوسف ،اآلية.111 :
95
الشاطبي ،1قال وهو اختياري ،ألني لم أجد نصا يقتضي خالفه ،وألنه األقرب
إلى حقيقة اإلدغام وأصرح في اتباع الرسم ،اننهى.2
في األمثلة السابقة يتضح جليا تعليل القراءة بالرسم وأحكام التجويد ،فالجمهور
بقراءتهم (يسيركم) بضم الياء وسين مهملة مفتوحة بعدها ياء مكسورة مشددة،
وهو من التسيير أي اإلجراء ،أي يجريكم ،وهذا الثابت في مصاحفهم ،أما ابن
عامر وأبو جعفر ،فيقرؤونها هكذا (ينشركم) بفتح الياء ونون ساكنة بعدها وشين
معجمة مضمومة ،من النشر ،فهي عندهم بمعنى النشر والتوزيع ،أي أن هللا هو
الذي نشر عباده ووزعهم في البحر ،وهذا هو الثابت في مصاحفهم ،و المعنيان
صحيحان وكالهما يخدم اآلخر ،وقس على ذلك باقي األمثلة.
يره بن خلف بن أحمد اإلمام أبو محمد ،وأبو القاسم الرعيني الشاطبي المقرئ 1الشاطبي :هو القاسم بن ف ُّ
الضرير ،أحد األعالم ،ولد في آخر سنة 538ه .،توفي سنة 590ه .من آثاره (منظومة حرز األماني)
المشهورة بالشاطبية ،و(عقيلة أتراب القصائد) وغيرهما .انظر :معرفة القراء الكبار( .)573/2
2العليمي ،فتح الرحمن ،ج 3ص .398الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .329ابن مجاهد ،السبعة في
القراءات ،ص .345ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .412الداني ،التيسير في القراءات السبع ،ص.90
ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج 1ص.346
3البقرة ،اآلية.100 :
96
الصيف :1وهللا ما عهد إلينا في محمد عهدا ،فأنزل هللا هذه اآلية .يدل عليه قراءة
عوهدوا) فجعلهم مفعولين.3 أبي رجاء العطاردي( :2أو كلما ُ
(فرقناه) بتخفيف الراء ،أيوعند قوله تعالى[ :ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ] قالَ :
4
بيّناه وأوضحناه ،وقرأ أبان عن عاصم :بتشديد الراء ،أي :أنزلناه نجوما شيئا بعد
شيء( .لتقرأه على الناس على مكث) قراءة العامةُ ( :م ْكث) بضم الميم ,وقرأ أبان
عن عاصم :بفتح الميم ،وهما لغتان معناهما تؤدة وتثبت ليفهموه.5
فقراءة أبي رجاء العطاردي في المثال األول دعمت المعنى الذي وجه به ابن
عهد إليهم اإليمان عباس اآلية بأن اليهود كفروا بمحمد صلى هللا عليه وسلم بعدما ُ
به ،ولذلك جاءت القراءة الشاذة بصيغة (عوهدوا) .وهي قراءة تخالف رسم
المصحف .وانتصاب (عهدا ً) على أنه مصدر على غير الصدر ،أي معاهدة ،أو
على أنه مفعول على تضمين عاهد معنى :أعطى ،أي أعطوا عهدا ً.6
أما قراءة التخفيف في (فرقناه) في المثال الثاني فإن معناها واضح ،أي بيناه
ووضحناه بينما جاءت القراءة الشاذة (قراءة أبان) بتضعيف الراء بمعنى أنزل
منجما شيئا بعد شيئ ،كما قرأ أبان كذلك (مكث) بفتح الميم خالفا لقراءة الجمهور
بضمها وهما لغتان.
1مالك بن الصيف :من اليهود المعاصرين للنبي صلى هللا عليه وسلم ،وكان من ألد أعدائه وأشد خصومه،
وهو الذي عناه النبي -صلى هللا عليه وسلم -بقوله "الحبر السمين" جلى مع قومه بني قينقاع في السنة
ال ثانية للهجرة .راجع :الحوشان ،يوسف بن حمود ،اآلثار الواردة عن السلف في اليهود في تفسير الطبري
جمعا ودراسة" ،رسالة دكتوراه ،بكلية أصول الدين ،رياض سنة 1424ه (.)269/1
2العطاردي :هو أبو رجاء العطاردي ،عمران بن تيم البصري ،أخذ القراءة عرضا عن ابن عباس رضي
هللا عنهما وتلقن القرآن من أبي موسى ،ولقي أبا بكر رضي هللا عنهما .قرأ عليه القرآن أبو األشهب
العطاردي .قال ابن معين :مات سنة خمس ومئة ،وله مئة وسبع وعشرون سنة .انظر :معرفة القراء الكبار
(.)58/1
3العليمي ،فتح الرحمن ،ج 1ص .160األندلسي ،المرجع السابق ،ج 1ص.520
4اإلسراء ،اآلية.106 :
5العليمي ،فتح الرحمن ،ج 4ص .139أبو حيان ،المرجع السابق ،ج 7ص .124العكبري ،التبيان في
إعراب القرآن ،ج 2ص .835ابن جني ،المرجع السابق ،ج 2ص.22
6أبو حيان ،المرجع السابق ،ج 1ص.278
97
المبحث السابع :توجيه القراءات وأثره في األحكام الفقهية:
كان األئمة الفقهاء رحمهم هللا تعالى على علم كبير بالقراءات ،وكانوا يهتمون
بها اهتماما عظيما ،وذلك لكونهم يبحثون عن وجوهها لالستدالل بها على األحكام
الشرعية وما يترتب على القراءات من أحكام فقهية.1
وعند تطبيق ذلك في قوله تعالى[ :ه ه ﮮ ﮯ ﮰ ] 2يقول العليمي :أي ينقطع
ّ
(يط ّه ْرنَ ) بفتح الطاء الدم ،قرأ حمزة والكسائي وأبو بكر عن عاصم ،وخلف،
والهاء وتشديدهما ،يعني يغتسلن.3
اتضح أن القراءتين هنا لكلمة (يطهرن) أفادتا معنيين متغايرين أو شرطين
قبل جواز وطأة الحائض ،ألن القراءتين كاآليتين يجب العمل بهما ،ورأي
1آل إسماعيل ،نبيل محمد ،علم القراءات ،نشأته ،أطواره ،وأثره في العلوم الشرعية ،ط( 1الرياض:
مكتبة التوبة 1419هـ 2000 -م) ،ص.367
2البقرة ،اآلية.222 :
3العليمي ،فتح الرحمن ،ج 1ص .314الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .ابن مجاهد ،السبعة في
القراءات ،ص .182ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .304ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص .134الداني،
التيسير في القراءات السبع ،ص .64ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج 2ص.259
98
الباحث أن قراءتي التخفيف والتشديد في (يطهرن) تفيدان تعلق الحكم بشرطين،
وهما انقطاع الدم لقوله تعالى ) َحتَّى َي ْ
ط ُه ْرنَ ) ،واالغتسال ،لقوله تعالى (فَإذَا
ط َّه ْرنَ ) ،أي فعلن الغسل بالماء ،وهذا مثل قوله تعالى[ :ﯥ ﯦ ﯧ ى ى ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ تَ َ
ﯰ ﯱ ﯲ ] ،1فعلق الحكم وهو جواز دفع المال على شرطين :أحدهما :بلوغ
المكلف النكاح .والثاني :إيناس الرشد ،وكذلك قوله تعالى في المطلقة[ :ﯽ ي ي ﰀ
ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ] ،2ثم جاءت السنة باشتراط العسيلة ،فوقف التحليل على
األمرين جميعا ،وهو انعقاد النكاح ووجود الوطء.3
وعند قوله تعالى[ :ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ] 4قال :قرأ أبو جعفر ،وحمزة ،ويعقوب:
(يُخافا) بضم الياء ،أي يعلم ذلك منهما ،يعني :يعلم المسلمون والقاضي ذلك من
الزوجين ،بدليل قوله( :فإن خفتم) فجعل الخوف لغير الزوجين ،ولم يقل :فإن
خافا ،وقرأ الباقون :بفتح الياء ،أي يعلم الزوجان من أنفسهما.5
يفهم من اختالف القرائتين هنا اختالف الحكمين المبنيين عليهما ،فالقراءة
األولى بفتح ياء ( َيخافا) تجعل أمر الخلع بيد الزوجين إن علما أال يقيما حدود
هللا ،أما قراءة حمزة وأبو جعفر ويعقوب بضم الياء في (يُخافا) فإنها تجعل
الخوف لغير الزوجين وهم الوالة والسلطان والمتوسطون ،فلهم إلزام الزوج على
أخذ الفدية وتنفيذ الخلع إذا رأوا المصلحة في ذلك ولو لم يُرد الزوجان ذلك ،بدليل
قوله( :فَإ ْن خ ْفت ُ ْم) ،وهو مذهب سعيد بن جبير 6والحسن 7وابن سيرين 8وغيرهم.1
1النساء ،اآلية.6 :
2البقرة ،اآلية.230 :
3القرطبي ،أبو عبدهللا ،الجامع ألحكام القرآن ،تحقيق سمير البخاري ،ط (الرياض :دار عالم الكتب
1423ه – 2002م) ،ج 3ص.92-89
4البقر ،اآلية.229 :
5العليمي ،فتح الرحمن ،ج 1ص .324الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .204ابن مجاهد ،السبعة في
القراءات ،ص .184ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .305ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص .135الداني،
التيسير في القراءات السبع ،ص .64ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج 2ص.259
6سعيد بن جبير :هو سعيد بن جبير األسدي ،بالوالء ،الكوفي ،أبو عبد هللا ،تابعي ،كان أعلمهم على
االطالق ،أخذ العلم عن عبد هللا بن عباس وابن عمر .قتله الحجاح بواسط ،وذلك سنة 95ه .انظر :األعالم
(.)93/2
7الحسن :هو الحسن بن يسار البصري ،أبو سعيد :تابعي ،كان إمام أهل البصرة ،وحبر األمة في زمنه.
وهو أحد العلماء الفقهاء الفصحاء الشجعان النساك .ولد بالمدينة ،وشب في كنف علي بن أبي طالب،
واستكتبه الربيع .مات سنة 110ه .انظر :األعالم (.)225/2
8ابن سيرين :هو محمد بن سيرين البصري ،األنصاري بالوالء ،أبو بكر ،إمام وقته في علوم الدين
بالبصرة ،تابعي من أشراف الكتاب.مولده ووفاته في البصرة ،واشتهر بالورع وتعبير الرؤيا .مات سنة
110ه .انظر :األعالم (.)154/6
99
قال ابن تيمية" :فكال المعنيين -في مثل هذه الحاالت وغيرها – حق ,وهو
اختالف تنوع وتغاير ال اختالف تضاد وتناقض...وكل قراءة منها مع القراءة
األخرى بمنزلة اآلية مع اآلية ،يجب اإليمان بها كلها واتباع ما تضمنته من
المعنى علما وعمال ،ال يجوز ترك موجب إحداهما ألجل األخرى ظنا أن ذلك
تعارض ،بل كما قال عبد هللا بن مسعود رضي هللا عنه :من كفر بحرف منه فقد
كفر به كله.2
100
عبارة عما يظهره هللا تعالى في جانب المتعجب منه من التعظيم أو التحقير حتى
يصير الناس متعجبين منه ،وقرأ الباقون :بالفتح خطابا للنبي صلى هللا صلى هللا
عليه وسلم ،المعنى :تعجبت يا محمد من تركهم اإليمان بعد قيام البرهان.1
واضح من قراءة ضم التاء في (عجبتُ ) كيف أثبتت هذه القراءة صفة التعجب هلل
سبحانه وتعالى وهي من المسائل العقدية.
وعند قوله تعالى[ :ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ] 2قال :قراءة العامة( :أيمان) بفتح الهمزة ،جمع
يمين ،وقرأ ابن عامر بكسر الهمزة بمعنى التصديق ،أي :إن لم يف لكم
المشركون وعابوا دينكم فقاتلوهم (لعلهم ينتهون) عما هم عليه.3
هذا هو القدر اليسير الذي حظيت به عن توجيه القراءة لبيان مسائل
العقيدة في تفسير العليمي ،وهو بال شك قدر كاف إليصال المعنى المراد.
منه من العجب العجاب .اهـ .انظر :المناوي ،زين الدين ،فيض القدير شرح الجامع الصغير ،ط( 1بيروت:
دار الكتب العلمية 1415ه – 1994م) ،ج 2ص.334
1العليمي ،فتح الرحمن ،ج 5ص .508الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .472ابن مجاهد ،السبعة في
القراءات ،ص .547ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .528ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص .606الداني،
التيسير في القراءات السبع ،ص .121ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج 2ص.396
2التوية ،اآلية.12 :
3العليمي ،فتح الرحمن ،ج 3ص .158- 157الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .302ابن مجاهد،
السبعة في القراءات ،ص .312ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .388ابن زنجلة ،حجة القراءات،
ص .315الداني ،التيسير في القراءات السبع ،ص .84ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج2
ص.312
101
المبحث التاسع :إيراده القراءة بدون توجيه
مما سبق يتبين لنا بوضوح أن اإلمام العليمي رحمه هللا قد وجه القراءات التي
يذكرها في تفسيره من خالل األوجه التي تم ذكرها ،وهذا هو الغالب األعم ،وقد
أعرض عن توجيه وتعليل بعض القراءات القرآنية التي أوردها وإن كان هذا ال
يذكر إلى جانب ما تم استعراضه من التوجيه والتعليل ألعلب الكلمات الفرشية
كما أشرت ،وهذا بخالف األصول التي ال يتعلق بها التفسير وال أثر لها في
معاني القرآءن الكريم ،إضافة إلى كون هذه الخالفات األصولية ناشئة إما عن
اختالف في اللهجات العربية – نطقا -أو في أحكام التالوة وغيرها ،وسأحاول
إلقاء الضوء على القراءات التى أعرض عن توجيهها بذكر بعض النماذج
الكافية.
فعند قوله تعالى[ :ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ] ،1قال :قرأ قنبل عن ابن كثير (ضيآ ًء)
بهمزتين بينهما ألف ،والباقون بياء مفتوحة بعد الضاد.2
وعند قوله تعالى[ :أ ُ ُكلُ َها دَآئم وظلُّ َها] 3قال :قرأ نافع وأبو عمرو وابن كثير:
(أ ْكلها) بإسكان الكاف ،والباقون بضمها.4
وعند قوله تعالى[ :ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ] 5قال :قرأ نافع وابن كثير ،وأبو عمرو:
1
(أ ُ ُكلَ َها) ،بإسكان الكاف ،والباقون بضمها"
102
وعند قوله تعالى[ :ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ] 2قال :قرأ ابن عامر ،والكسائي ،وقنبل عن
ابن كثير ،وحفص عن عاصم ،وأبو جعغر ،ويعقوبُ ( :خ ُ
ط َوات) ،بضم الطاء،
والباقون بإسكانها.3
واضح من خالل األمثلة السابقة أن العليمي لم يتطرق فيها إلى التوجيه
والتعليل ،بل اكتفى بمجرد ذكر خالف القراء فيها ،وهذا النوع شاع في
تفسيره.
الباب الرابع
منهج العليمي في اختيار القراءات والترجيح بينها والدفاع عنها
وتحته ثالثة فصول:
الفصل األول :اختيار اإلمام العليمي للقراءات.
1العليمي ،فتح الرحمن ،ج 4ص .174ابن مجاهد ،السبعة في القراءات ،ص .190ابن الجزري ،تحبير
التيسير ،ص .310ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص .416الداني ،التيسير في القراءات السبع ،ص .65ابن
الجزري ،النشر ،ج 2ص .216الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص.366
2األنعام ،اآلية.142 :
3العليمي ،فتح الرحمن ،ج 2ص .478ابن مجاهد ،السبعة في القراءات ،ص .190ابن الجزري ،تحبير
التيسير ،ص .298ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص .120الداني ،التيسير في القراءات السبع ،ص .63ابن
الجزري ،النشر ،ج 2ص .216الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص.185
103
الفصل الثاني :الترجيح بين القراءات عند العليمي.
الفصل الثالث :منهج العليمي في الدفاع عن القراءات.
الفصل األول
اختيار اإلمام العليمي للقراءات
104
المبحث األول :معنى االختيار لغة واصطالحا:
تعريف االختيار لغة:
أصل مادة (خ ي ر) تدل على الميل والعطف واالنتقاء واالصطفاء ...وهو
مصدر من باب االفتعال ،من :الخير ،وهو ما يرغب فيه ك ُّل أح ٍد كالعقل والعدل
والفضل ...وأصله بمعنى :العطف والميل ،ويستعمل في ضد الشر.
طلَب ما هو خير وفعلُه ،ومنه :االستخارة،
طلب خير األمرين ،أو َ واالختيارَ :
أي :طلب العبد ما عند هللا تعالى من الخير ،وخار الشيء واختاره وتخيره :انتقاه،
واصطفاه ،والخيرات :جمع خيرة ،وهي الفاضلة من كل شيء ،وبمعنى التفضيل
يقال :فالن خير الناس ،وفالنة خير الناس.1
قال الراغب األصفهاني" :والخير :الفاضل المختص بالخير ،ويقال :ناقة
خيار ،وجمل خيار .واستخار هللاَ العبدُ فخار له ،أي طلب منه الخير
1األفريقي ،المرجع السابق ،مادة (خير) ،ج 4ص .267 – 264الزييدي ،تاج العروس ،مادة (الخير)
ج 11ص.243
105
فأواله..والخيرة :الحالة التي تحصل للمستخير والمختار ..واالختيار :طلب ما هو
خير وفعلُه".1
تعريف االختيار اصطالحا:
ال يوجد تعريف واضح ومحدد لدى المتقدمين لمصطلح (االختيار عند
القراء) ،وذلك ألسباب ترجع إلى كون معناه االصطالحي ال يختلف عن المعنى
اللغوي بمعناه العام ،فهو في كال الحالتين يحمل معنى "االصطفاء" و "االنتقاء"،
فالعالم بالقراءات حين يختار القراءة فإنما يصطفيها وينتقيها من بين سائر
القراءات مائال إليها .
نفهم هذا من عبارات وإطالقات العديد من أئمة القراءة والمفسرين المتقدمين،
كابن مجاهد والجعبري وابن الجزري والطبري 2والقرطبي 3والرازي 4وغيرهم.
وكما نجد هذا المعنى عند القراء نجده أيضا عند النحاة واللغويين واألصوليين
وغيرهم من أرباب الفنون العلمية المختلفة ،نجدهم يقولون مثال :اختار فالن كذا،
أو هو المختار عندنا ،أو وعليه االختيار ،فكل هذه العبارات بمعنى االختيار
واالصطفاء واالنتقاء والترجيح.
"فحين يقول الفقهاء :هذه اختيارات فالن الفقهية ،فإنهم يقصدون بذلك اآلراء
واألقوال التي اصطفاها ،وانتقاها ،وفضلها ،ورجحها.
وحين يقول النحويون أو األصوليون :واختاره فالن ،وهذا اختيار فالن،
واالختيار كذا ،فإنهم يعنون الراجح ،والوجه المنتقى المصطفى".5
1األصفهاني ،المرجع السابق ،ص.161 -160
2الطبري :هو محمد بن جرير بن يزيد بن كثير بن غالب الطبري اإلمام أبو جعفر ،رأس المفسرين على
اإلطالق ،أحد األئمة ،جمع من العلوم ما لم يشاركه فيه أحد من أهل عصره ،مولده بآمل سنة 224ه ،ووفاته
سنة 310ه .أجل كتبه تفسيره (جامع البيان عن تأويل آي القرآن) .انظر :طبقات المفسرين (.)182/1
3القرطبي :هو محمد بن أحمد بن أبي فرح األنصاري الخزرجي المالكي أبو عبد هللا القرطبي ،مصنف
التفسير المشهور (الجامع ألحكام القرآن) الذي سارت به الركبان و(التذكرة في أحوال الموتى وأمور
اآلخرة) .مات سنة 671ه .انظر :طبقات المفسرين (.)79/1
4الرازي :هو محمد بن عمر بن الحسين بن الحسن بن علي اإلمام فخر الدين الرازي القرشي البكري ،من
ذرية أبي بكر الصديق رضي هللا عنه ،الشافعي المفسر المتكلم .له تفسير (مفاتيح الغيب) ،و(المحصول في
أصول الفقه) وغيرهما .انظر :طبقات المفسرين (.)100/1
5فالتة ،أمين بن إدريس ،االختيار عند القراء ،مفهومه ،مراحه ،وأثره في القراءات ،رسالة ماجستير
(1421ه) ،ص .26
106
وقد أشار الراغب األصفهاني إلى أن المتكلمين استخدموا "االختيار" في مقابل
"اإلكراه" فيكون له معنى خاص عندهم.
قال ":واالختيار :طلب ما هو خير وفعله ،وقد يقال لما يراه اإلنسان خيرا وإن
لم يكن خيرا … والمختار -في عرف المتكلمين -يقال :لكل فعل يفعله اإلنسان
ال على سبيل اإلكراه ،فقولهم :هو مختار في كذا ..فليس يريدون به ما يراد
بقولهم :فالن له اختيار ،فإن االختيار :أخذ ما يراه خيرا. 1
وقال السمين الحلبي":2واالختيار في عرف الفقهاء والمتكلمين هو ضد
اإلكراه ،والمختار :هو ضد المكروه".3
وقد عرف المعاصرون "االختيار" :بعبارات مختلفة:
تعريف الشيخ طاهر الجزائري" :4االختيار عند القوم :أن يعمد من كان أهال
له إلى القراءات المروية ،فيختار ما هو الراجح عنده ،ويجرد من ذلك طريقا في
القراءة على حدة" ثم قال ":وقد وقع من الكسائي ،وممن اختار من القراءات كما
اختار الكسائي :أبو عبيد 5وأبو حاتم 6والمفضل 1وأبو جعفر الطبري ،وذلك
واضح في تصانيفهم".2
107
تعريف الشيخ عبدالرزاق علي موسى ":هو اختيار بعض المروي دون بعض
عند اإلقراء والتلقي".
ووضح ذلك بقولهّ ":
ألن ك ّل قارئ من األئمة وغيرهم ،يأخذ األحرف القرآنية
عدد من الشيوخ ويحاول قدر جهده أن يتلقى على أكبر عدد منهم، من
فصاروا يجوبون األقطار بحثًا عن النقلة الضابطين لكتاب هللا يأخذون عنهم،
ويتلقّون منه ،ولكن القارئ إذا أراد أن يقرئ غيره من الطالب فإنه ال يقرئه بك ّل
ما سمع ،بل هو يختار من مسموعاته فيقرئ به ويترك بعضا آخر فال يقرئ به".3
تعريف الدكتور عبدالهادي الفضلي ،قال ":نستطيع أن نعرف االختيار بأنه:
الحرف الذي يختاره القارئ من بين مروياته ،مجتهدا في اختياره".4
تعريف زيد مهارش" :أن يعمد إمام من أئمة االختيار إلى القراءات المروية
الثابتة عنده فيختار منها قراءة لعلة موجبة ،وتنسب إليه بلفظ االختيار".5
تعريف الدكتور السيد رزق الطويل ":إسناد كل حرف من حروف القراءة إلى
صاحبه من الصحابة فمن بعدهم ،يعني :أنه كان أضبط لهذا الحرف ،وأكثر قراءة ً
وإقرا ًءا به ،ومالزمةً له وميالً إليه".6
نستطيع القول من خالل التعريفات السابقة بأن االختيار للقراءة يعتمد على
أسس علمية متينة يجب توافرها وليس عمال عشوائيا يخوض فيه كل من سولت
له نفسه ويتصرف فيه كيف يشاء.
كما يمكننا فهم هذه الشروط من كالم اإلمام مكي بن أبي طالب بقوله" :وأكثر
اختياراتهم إنما هو في الحرف ،إذا اجتمعت فيه ثالثة أشياء:
1المفضل :هو المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر ،ويقال المفضل بن محمد بن سالم ،أبو محمد الضبي
الكوفي إمام مقرئ نحوي أخباري موثق ،أخذ القراءة عرضا ً عن عاصم بن أبي النجود واألعمش ،روى
القراءة عرضا ً عنه علي بن حمزة الكسائي ،مات سنة 168ه .انظر :غاية النهاية (.)268/2
2الجزائري ،طاهر ،التبيان في بعض المسائل المتعلقة بالقرآن على طريق اإلتقان ،اعتنى به أبو غدة ،ط3
(بيروت :دار البشائر اإلسالمية 1412ه) ص.121
3موسى ،عبدالزاق علي ،تأمالت حول تحريرات العلماء للقراءات المتواترة .ص.26
4الفضلي ،عبدالهادي ،القراءات القرآنية ،تاريخ وتعريف ،ط( 2بيروت :دار القلم 1980م) ،ص .105
5زيد بن علي مهارش ،المرجع السابق ،ج 1ص.141
6ذكره الدكتور نبيل آل إسماعيل ،انظر :آل إسماعيل ،المرجع السابق ص.31
108
–1قوة وجهه في الغربية
-2موافقته للمصحف.
-3إجماع العامة عليه.
واضح من كالم مكي ومن سبقه أن االختيار يشترط له أمور منها قوته في
العربية وأن يكون صاحب االختيار أهال لذلك ،مجتهدا فيه ،إلى جانب موافقته
للمصحف وشهرته.
109
ولذلك فإن العلماء لم يروا أي غضاضة في اختيار القارئ لحرفه ما دام متقنا
للروايات ملما بها ،مجتهدا فيها ،وكانت موافقة للمصحف ،وللغة العربية،
وحظيت بالقبول لدى العامة كما أسلفنا.
يقول ابن الجزري" :وكذلك إضافة الحروف والقراءات إلى أئمة القراءة
ورواتهم المراد بها أن ذلك القارئ وذلك اإلمام اختار القراءة بذلك الوجه من
اللغة حسبما قرأ به ،فآثره على غيره ،وداوم عليه ولزمه حتى اشتهر وعرف به،
وقصد فيه ،وأخذ عنه ; فلذلك أضيف إليه دون غيره من القراء ،وهذه اإلضافة
إضافة اختيار ودوام ولزوم ال إضافة اختراع ورأي واجتهاد".1
وقال القرطبي" :وهذه القراءات المشهورة هي اختيارات أولئك األئمة القراء،
وذلك أن كل واحد منهم اختار فيما روى وعلم وجهه من القراءات ما هو األحسن
عنده واألولى ،فالتزمه طريقة ورواه واقرأ به واشتهر عنه ،وعرف به ونسب
إليه ،فقيل :حرف نافع ،وحرف ابن كثير ،ولم يمنع واحد منهم اختيار اآلخر وال
أنكره ،بل سوغه وجوزه ،وكل واحد من هؤالء السبعة ُروى عنه اختياران أو
أكثر ،وكل صحيح".2
وقد اختار – على هذا األساس – اإلما ُم ُ
ابن مجاهد القراء السبعة ،ولذلك
يقول :وأما اآلثار التي رويت في الحروف ،فكاآلثار التي رويت في األحكام،
منها المجتمع عليه السائر المعروف ،ومنها المتروك المكروه عند الناس المعيب
من أخذ به وإن كان قد روى وحفظ ،ومنها ما توهم فيه من رواه فضيع روايته
ونسي سماعه لطول عهده ،فإذا عرض على أهله عرفوا توهمه وردوه على من
حمله ،وربما سقطت روايته لذلك بإصراره على لزومه وتركه االنصراف عنه،
ولعل كثيرا ممن ترك حديثه واتهم في روايته كانت هذه علته .وإنما ينتقد ذلك
أهل العلم باألخبار والحرام والحالل واألحكام ،وليس انتقاد ذلك إلى من ال يعرف
الحديث ،وال يبصر الرواية واالختالف.
كذلك ما روى من اآلثار في حروف القرآن ،منها المعرب السائر الواضح،
ومنها المعرب الواضح غير السائر ،ومنها اللغة الشاذة القليلة ،ومنها الضعيف
المعنى في اإلعراب ،غير أنه قد قرئ به ،ومنها ما توهم فيه فغلط به فهو لحن
110
غير جائز عند من ال يبصر من العربية إال اليسير ،ومنها اللحن الخفي الذي ال
يعرفه إال العالم النحرير ،وبكل قد جاءت اآلثار في القراءات".1
وبيّن اإلمام نافع كيف أنه اختار قراءته من بين مروياته ،وهو الذي قرأ على
سبعين من التابعين ،حيث قال" :أدركت هؤالء األئمة الخمسة 2وغيرهم ممن
سمى ،فلم يحفظ أبي أسماءهم ،قال نافع :فنظرت إلى ما اجتمع عليه اثنان منهم
فأخذته وما شذ فيه واحد فتركته حتى ألفت هذه القراءة في هذه الحروف".3
وقرأ الكسائي على حمزة ،واختار قراءته من قراءته ومن قراءة غيره ،4كما
اختار أبو عبيد القاسم بن سالم من أقاويل السلف في الفقه ومن قراءتهم ،وهو
اختيار قائم على مبدإ الكثرة بمسائل النحو والصرف واللغة ،وأساليب القرآن
الكريم والشعر وأقوال العرب ،5وكان اإلمام القرطبي يتوسع في إيراد اختياراته
في جامعه ،ومن تتبعه وجد ذلك غير منقوص.
يتضح مما ذُكر أن االختيار بين القراءات أمر جائز بإجماع العلماء ما لم يؤد
إلى إلغاء القراءة األخرى أو التقليل واالنتقاص منها ،وهذا اإلجماع خيار استقر
عليه عمل أئمة األداء واإلقراء سلفا وخلفا.
111
المبحث الثالث :منهج العليمي في اختيار القراءات:
المستقرأ لتفسير العليمي سيجد أنه قد حصر ذكره الختيارات األئمة في خيار
القراء العشرة المشهورين ،بل إن المواضيع التي ذكر فيها خيارات غيرهم ال
تتجاوز موضعين أو ثالثة مواضيع ،نذكرها:
1
ف) الموضع األول :عند قوله تعالى( :قَالُوا َيا أ َ َبانَا َما لَ َك َال تَأ ْ َمنَّا َعلَى يُو ُ
س َ
قال :وأجمع القراء على قراءة (ما لك ال تأمنا) بإدغام النون األولى في الثانية،
واختلفوا في اللفظ به ،فقرأ أبو جعفر بإدغامه محضا من غير إشارة ،بل يلفظ
بنون مفتوحة مشددة ،وهو على أصله في إبدال الهمز حرف مد ،وقرأ الباقون
باإلشارة واختلفوا فيها ،فبعضهم جعلها روما ،فيكون حينئذ إخفاء ،وال يتم معها
اإلدغام الصحيح ،وبعضهم جعلها إشماما ،فيشير إلى ضم النون بعد اإلدغام .قال
ابن الجزري :وبالقول الثاني قطع سائر أئمة أهل األداء من مؤلفي الكتب ،وحكاه
أيضا الشاطبي ،قال وهو اختياري ،ألني لم أجد نصا يقتضي خالفه ،وألنه
األقرب إلى حقيقة اإلدغام وأصرح في اتباع الرسم ،اننهى".2
112
واضح هنا أن العليمي وزع مذاهب القراء إلى من يأتي بالروم ومن يأتي
باإلشمام في النطق بكلمة (تأمنا) بعد إجماعهم على إدغام النون األولى في
الثانية ،فاختار البعض الروم وقرأ الباقون باإلشمام ،ويرى ابن الجزري أن
مذهب اإلشمام هو مذهب عامة أئمة القراءة -بما فيهم الشاطبي ،واختاره ألسباب
أثرية وأدائية دعته إلى ذلك.
الموضع الثاني :عند قوله تعالى[ :ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ] 1قال :قرأ أبو جعفر بكسر التاء
منهما بغير تنوين ،والباقون بفتحها فيهما ،ووقف بالهاء :البزي ،والكسائي،
وروح ،والباقون يقفون عليهما بالتاء ،وهو المختار".2
المال َحظ من المثال األخير أن العليمي ذكر خالف األئمة في كيفية الوقوف
على تاء التأنيث في (هيهات) بين من رأى الوقوف عليها بالهاء ومن يرى
الوقوف بالتاء ،ثم اختار المذهب األخير.
113
الفصل الثاني
الترجيح بين القراءات عند العليمي
114
كلمة "الترجيح" مشتقة من مادة (ر ج ح) ،وهي تدل على الزيادة والقوة
والميل والرزانة .يقال :أرجح الميزان ،أي أثقله حتى مال ،وأرجح له ورجح:
أعطاه راجحا ،ورجحت إحدى الكفتين األخرى :مالت بالموزون.1
وفي "المعجم الوسيط"" :رجح الشيء رجوحا ورجحانا ورجاجة :ثقل ،ويقال:
رجحه غيره ،ويقال :رجحت إحدى الكفتين األخرى :مالت بالموزون ،وفي
مجلسه :ثقل فيه فلم يخف ،وعقله أو رأيه :اكتمل ،والشيء بيده :رفعه لينظر ما
ثقله ،وفالنا :زاد عليه في الرزانة ،يقال :راجحه فرجحه ،وقول راجح ،ورأي
مرجوح.2
تعريف الترجيح اصطالحا:
عرفه جمال أبو سحلوب بقوله" :هو أن يرجح أحد العلماء ،سواء كان قارئا أم
مفسرا قراءة على أخرى ،متواترة كانت أم شاذة ،العتبارات معينة".3
وعرفته أحالم طوير بقولها" :هو تفضيل قراءة بأخرى تفضيال ال يقدح بصحة
القراءة المرجوحة أو المفضولة ،وال ينقص من قيمتها".4
وعرفه عبدالباسط األسطل بقوله" :هو ترجيح قراءة على أخرى متواترة
كانت أم شاذة العتبارات معينة".5
نستخلص من هذه التعريفات أن الترجيح عند القراء يتمحور في أربعة أشياء:
أوال :أنه اختيار وتفضيل بين حروف القراءات.
ثانيا :أن هذا التفضيل ال يقدح في القراءة المفضولة وال يسقطها.
1الفيرزر آبادي ،القاموس المحيط ،فصل الراء ،ج 1ص .279الفيومي ،أبو العباس ،المصباح المنير،
فصل ر ج ح ،ج 3ص .359الزبيدي ،تاج العروس ،مادة رجح ،ج 6ص .383األفريقي ،لسان العرب،
مادة رجح ،ج 2ص.445
2المعجم الوسيط ،ج 1ص.329
3سحلوب ،جمال عبدهللا ،منهج القرطبي في القراءات وأثرها في تفسيره ،رسالة ماجستير ،كلية أصول
الدين ،قسم التفسير وعلوم القرآن ،الجامعة اإلسالمية بغزة ،ص.125
4طوير ،أحالم محمد ،منهج أبي حيان في عرضه للقراءات وأثرها في تفسيره البحر المحيط ،رسالة
ماجستير ص.203
5األسطل ،المرجع السابق ،ص .147
115
ثالثا :ال بد أن يصدر عن العلماء العارفين.
رابعا :أن هناك أسبابا تدعو َمن رجح إلى هذا الترجيح.
116
وقال السيوطي" :ينبغي التنبيه على شيء ،وهو أنه قد ت ُ َر ّجح إحدى القراءتين
على األخرى ترجيحا يكاد يسقطها ،وهذا غير مرضي ،ألن كال منهما متواتر،
وقد حكى أبو عمر الزاهد 1في كتاب اليواقيت 2عن ثعلب أنه قال :إذا اختلف
اإلعرابان في القرآن لم أفضل إعرابا على إعراب ،فإذا خرجت إلى كالم الناس
فضلت األقوى ،وقال أبو جعفر النحاس :السالمة عند أهل الدين إذا صحت
القراءتان أال يقال إحداهما أجود ،ألنهما جميعا عن النبي ،فيأثم من قال ذلك،
وكان رؤساء الصحابة ينكرون مثل هذا ،3وقال أبو شامة :أكثر المصنفون من
الترجيح بين قراءة (مالك) و(ملك) ،حتى إن بعضهم يبالغ إلى حد يكاد يسقط وجه
القراءة األخرى ،وليس هذا بمحمود بعد ثبوت القراءتين ،4انتهى.5
واضح من خالل كالم ابن الجزري ومن نقوالت اإلمام السيوطي ما كان عليه
األئمة من التحذير الشديد من الترجيح بين القراءات المتواترة الثابتة ،وعللوا ذلك
بأنه قد يؤدي إلى إسقاط ما ثبت من القرآن الكريم.
ولذلك نقم العلماء على الزمخشري 6وشنعوا عليه في طعنه على بعض
القراءات التي يراها مرجوحة إلى حد إسقاطها .وممن قام بالرد عليه أبو حيان
في (البحر المحيط) ،واآللوسي 7في (روح المعاني) وغيرهما.
وبعد تحذيرهم من هذا النوع من الترجيح اختلفوا في مجرد الترجيح بين
القراءات المتواترة من دون الطعن في األخرى ،فمنعه البعض مطلقا سدا
1أبو عمر الزاهد :هو محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم أبو عمر الزاهد المطرز اللغوي غالم ثعلب ،قال
ابن برهان :لم يتكلم في العربية أحد من األولين واآلخرين أعلم منه .وله من التصانيف ( :اليواقيت)،
(شرح الفصيح)( ،فائت الفصيح)( ،غريب مسند أحمد)( ،المرجان) ،وغيرها ، .مات سنة 345ه ببغداد.
انظر :بغية الوعاة (.)164/1
2وهو كتاب مفقود.
3النحاس ،المرجع السابق ،ج 5ص.62
4أبو شامة ،إبراز المعاني من حرز األماني ،تحقيق إبراهيم عطوه عوض ،ط(بيروت :دار الكتب العلمية)
ص.70
5السيوطي ،اإلتقان ،ج 2ص.537-536
6الزمخشري :هو محمود بن عمر بن محمد بن أحمد الخوارزمي الزمخشري ،جار هللا ،أبو القاسم ،من
أئمة العلم بالدين والتفسير واللغة واآلداب .توفى سنة 538ه .من كتبه (الكشاف)( ،أساس البالغة)( ،مقدمة
األدب) وغيرها .انظر :األعالم (.)178/7
7اآللوسي :هو محمود بن عبد هللا الحسينى األلوسى ،شهاب الدين ،أبو الثناء ،مفسر ،محدث ،أديب ،من
المجددين ،من أهل بغداد ،مولده ووفاته فيها .كان سلفي االعتقاد ،مجتهدا ,من كتبه ( :تفسير روح المعاني)،
(دقائق التفسير)( ،غرائب االغتراب) وغيرها .توفي سنة 1270ه .انظر :األعالم.)176/7( :
117
للذريعة ،وألن هذا قد يؤدي إلى المفاضلة بين كالم هللا تعالى ،ومن هؤالء أبو
جعفر النحاس ،1وجوزه البعض باعتبار أن من القرآن ما هو فصيح وما هو
أفصح ،وما هو فاش وما هو أفشى ،وما هو أقيس ،وهكذا ،كما يقولون في لفظي
(ملك) و(مالك) ،وإذا كان كذلك فيجوز إذن ترجيح قراءة على أخرى ،ألن كال
القراءتين من لسان العرب ،والقرآن إنما نزل بلسان عربي مبين.
ممن أجاز ذلك اإلمام الطبري2 ،والقرطبي ،وابن عطيه ،وابن الجزري ،وابن
عاشور ،3والعليمي وغيرهم.
وأما إذا كان الترجيح بين القراءة المتواترة والشاذة ،فقد أجمعوا على ترجيح
وتفضيل القراءة المتواترة على الشاذة ،ألن القراءة الشاذة ليست قرآنا.
وشذ في ذلك الزمخشري ،فقد فضل في تفسيره الشاذة على المتواترة ،حيث
قال عند تفسير قوله تعالى[ :ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ] 4قال :وقرأ قتادة:5
الضر) 6على :فاعل بمعنى فعل ،وهو أقوى من كشف ،ألن بناء المغالبة
َّ ( َك َ
اشف
يدل على المبالغة .
7
1أبو جع فر النحاس :هو أحمد بن محمد بن إسماعيل بن يونس المرادي ،أبو جعفر النحاس المصري ،كان
إماما ً في النحو ،توفي مغروقا ً بمصر سنة 338ه .من تصانيفه( :أدب الكاتب)( ،التفاحة في النحو) ،
(إعراب القرآن)( ،تفسير القرآن) (،شرح شواهد كتاب سيبويه) .انظر :بغية الوعاة (.)262/1
2تنازع الباحثون عن موقف الطبري الحقيقي من الترجيح بين القراءات ،هل هو من المرجحين أم من
الطاعنين؟ فمن جعله من الطاعنين حشده إلى جانب الزمخشري ،كما يراه اآلخرون من المرجحين ال غير،
ومنهم الدكتوى محمد حسين الذهبي ،والراجح أنه من الطاعنين ،راجع :الذهبي ،محمد حسين ،التفسير
والمفسرون ،ط (القاهرة :مكتبة وهبة) ج 1ص .153و :الحسن ،محمد علي ،ابن جرير والقراءات.،
3ابن عاشور :هو محمد الطاهر بن عاشور ،رئيس المفتين المالكيين بتونس ،وشيخ جامع الزيتونة
وفروعه بتونس.
مولده ووفاته ودراسته بها .عين (عام )1932شيخا لإلسالم مالكيا .من كتبه( :التحرير والتنوير)( ،مقاصد
الشريعة اإلسالمية)( ،الوقف وآثاره في اإلسالم) وغيرها .توفي سنة 1393ه .انظر :األعالم (.)173/6
4النحل ،اآلية.54 :
5قتادة :هو قتادة بن دعامة بن قتادة بن عزيز ،أبو الخطاب السدوسي البصري :مفسر حافظ ضرير أكمه.
مات بواسط في الطاعون ،سنة 118ه .انظر :األعالم (.)189/5
6السمين الحلبي ،المرجع السابق ،ج 7ص .240ابن جني ،المحتسب ،ج 2ص .9ابن خالويه ،مختصر في
شواذ القرآن ،ط(القاهرة :مكتبة المتنبي) ص.77
7الزمخشري ،المرجع السابق ،ج 2ص.611
118
واضح من تصرف الزمخشري في المثال السابق أنه خرق ما عليه الجمهور
من عدم جواز ترجيح القراءة الشاذة على المتواترة ،ودفعه إلى ذلك داعي اللغة,
وهي مخالفة صريحة لما استقر عليه العلماء.
المبحث الثالث :منهج العليمي في الترجيح بين القراءات.
العليمي رحمه هللا من العلماء الذين يرون جواز الترجيح بين القراءات
المتواترة ما لم يؤد ذلك إلى إسقاط القراءة األخرى أو النيل منها ،بل إن المتتبع
لتفسيره سيجد أنه كان من المدافعين بشدة عن القراءات التي طعن البعض فيها
بحجة مخالفة لغة العرب ،كما سنرى ذلك.
ويستخدم العليمي ألفاظا مختلفة تؤدي كلها إلى معنى الترجيح والتفضيل ،من
هذه األلفاظ التي استخدمها قوله :وهي األرجح ،وهو األوجه في القياس ،وهي
اللغة الفصيحة ،وهو أجزل اللغتين ،وغير ذلك.
وسنورد بعض األمثلة على ذلك حتى تكتمل الصورة.
عند قوله تعالى[ :ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ] 1قال :قرأ نافع ،وأبو عمرو ،وابن كثير،
وأبو جعفر ،ورويس( :يشاء إلى) بتحفيف الهمزة األولى ،وتسهيل الثانية،
واختلف في كيفية تسهيلها ،فذهب جمهور المتقدمين إلى أنها تبدل واوا خالصة
مكسورة ،وذهب بعضهم إلى أنها تجعل بين الهمزة والياء ،وهو مذهب أئمة
النحو والمتأخرين من القراء ،وهو األوجه في القياس ،وقرأ الباقون ،وهم
الكوفيون ،وابن عامر ،وروح ،بتحقيق الهمزتين.2
وعند قوله تعالى[ :ﭧ ﭨ ﭩ ] 3قال :قرأ نافع( :عسيتم) بكسر السين ،ك َخش ْيت ُ ْم،
والباقون بالفتح ،كرميتم ،وهي اللغة الفصيحة.4
119
وعند قوله تعالى[ :ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ] 1قال :قرأ ابن عامر( :إن هللا) بكسر الهمزة،
شرك) بضم أوله وكسر الشين مشددا ،وقرأ حمزة( :إن هللا) كابن عامر، (يُ َب ّ
ش ُرك) بفتح الياء وضم الشين مخففا ،وقرأ الكسائي( :أَن هللا) بفتح الهمزة، (يَ ْب ُ
شرك) كقراءة ش ُرك) كقراءة حمزة ،وقرأ الباقون( :أَن هللا) بفتح الهمزة( ،يُبَ ّ (يَ ْب ُ
ابن عامر ،فالقراءة بكسر األلف على إضمار القول ،تقديره :فنادته المالئكة
فقالت :إن ،وبالفتح بإيقاع النداء عليه ،كأنه قال :فنادته المالئكة ّ
بأن ،والقراءة
ش َر ،وهو األفصح ،وبفتح الباء بضم الياء وفتح الباء وكسر الشين مشددا من َب َّ
وضم الشين مخففا من بَش ََر ،وهي لغة تهامة.2
وعند قوله تعالى[ :ﭝ ﭞ ﭟ ] 3قال :قرأ الكوفيون ،وابن عامر :بإسكان العين،
والباقون :بفتحها ،وهو أجزل اللغتين. 4
وعند قوله تعالى[ :ﮡ ﭨ] 5قال :قرأ ابن عامر ،والكسائي( :لَت ُ َر ُو َّن) بضم التاء
مجهوال من أريته الشيء .وقرأ الباقون :بفتح التاء ،وهي األرجح ،أي ترونها
بأبصاركم عن بعيد.6
اتضح من خالل النماذج السابقة أن العليمي يرجح أحيانا بعض القراءات على
بعض من دون التنقيص من القراءة المرجوحة عنده وذلك بعبارات مختلفة كلها
تؤدي إلى معنى واحد ،والترجيح هنا مجرد خيار استئناس وميل العتبارات
معينة عنده ،وال يقصد التنقيص أو التفضيل الذي يؤدي إلى إسقاط القراءة
األخرى أو الحط من قيمتها ،وهذا جائز عند العلماء كما أسلفنا.
120
الفصل الثالث
منهج العليمي في الدفاع عن القراءات
121
المبحث األول :توطئة عن الدفاع عن القراءات:
ال شك في أن القرآن الكريم وحي من هللا تعالى ،نزل به الروح األمين على
قلب نبينا محمد صلى هللا عليه وسلم ليكون من المنذرين ،بلسان عربي مبين ،وال
يأتيه الباطل من بين يديه وال من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
وقد أخبرنا النبي صلى هللا عليه وسلم بأن هذا القرآن قد أنزل على سبعة
أحرف ،وأمرنا أن نقرأ بما تيسر منه تيسرا ورحمة لهذه األمة ،1فبكل حرف من
هذه الحروف قرأ المرء المسلم جاز له ذلك ،وال يجوز الطعن في شيء منها
بحجة الرد إلى القياس أو فشو لغة" ،وأئمة القراء ال تعمل في شيء من حروف
القرآن على األفشى في اللغة واألقيس في العربية ،بل على األثبت في األثر
واألصح في النقل والرواية ،إذا ثبت عنهم لم يردها قياس عربية وال فشو لغة ;
ألن القراءة سنة متبعة يلزم قبولها والمصير إليها".2
1البخاري ،المرجع السابق ،كتاب فضائل القرآن ،باب أنزل القرآن على سبعة أحرف ،ج 4ص،1909
حديث رقم.4706
2الداني ،جامع البيان في القراءات السبع المشهورة ،تحقيق محمد صدوق الجزائري ،ط( 1بيروت :دار
الكتب العلمية 2005م 1426-ه) ص.396
122
وقد رأيت كالما صارما للدكتور محمد علي الحسن 1في بحث له بعنوان" :ابن
جرير والقراءات" وقفت عليه طويال ،ألنه يخدم هذا المعنى بعمق ،مع ما فيه من
جرأة علمية عجيبة ،لكني أتفق معه في رأيه إلى حد كبير ،سأختتم به المبحث،
يقول فيه ما نصه " :لقد سبق وأن تعرضنا لضوابط القراءات ورجحنا أن
الضابط الوحيد هو صحة السند ورأينا أن الضابطين موافقة الرسم وموافقة اللغة،
ال يعتبران في قبول القراءة ورفضها ،فقد توافق القراءة الرسم وال تعتبر ،وقد
توافق اللغة وال تقبل ما دامت القراءة لم يصح سندها .فإذا تواتر السند أصبحت
القراءة قرآنًا ال مجال لردها ،وفي هذه الحالة لن تخالف رس ًما ولن تخالف لغة ؛
ألن قواعد اللغة تُص َّحح وفقًا للقرآن الكريم ،وال تُص ّح ُح هي القرآنَ الكريم. 2
المبحث الثاني :منهج العليمي في الدفاع عن القراءات:
لقد سلك اإلمام العليمي منهجا مميزا في الدفاع والذب عن القراءات ضد
الطاعنين فيها ،ويتمثل في إيراد رد من سبقه من العلماء على من طعن في
القراءة المطعون فيها من دون مباشرة الرد أو الدفاع بشخصه .وهاك بعض
األمثلة:
ذكره دفاع الكواشي:3
عند قوله تعالى[ :ﭖ ] 4قال :قرأ أبو عمرو ،وابن كثير ،وأبو جعفر ،وقالون،
ورويس عن يعقوب( :أأنذرتهم) بتحقيق الهمزة األولى وتسهيل الثانية بين الهمزة
واأللف ،وأبو عمرو ،وقالون ،وأبو جعفر يفصلون بين الهمزتين بألف ،وورش
يبدلها ألفا خالصة ،وروي عنه التسهيل بين بين .وقرأ الباقون ،وهم الكوفيون،
وابن ذكوان ،وروح بتحقيق الهمزتين ،من غير فصل بينهما كل القرآن .واختلف
عن هشام في الفصل مع تحقيق الهمزتين ،واختلف عنه أيضا في تسهيل الثانية
بين بين وتحقيقها ،وزعم بعضهم 5أن من قلب الهمزة الثانية ألفا على أحد
123
الوجهين لورش الحن ،لجمعه بين ساكنين على غير حدّه .قال الكواشي :1وفي
زعمه نظر ،ثم بين وجه القراءة بذلك ،وجواز الجمع بين ساكنين ،وملخصه أنه
يجوز الجمع بين ساكنين مطلقا إذا صح نقله ،وقد صح ،ومتى اجتمعت همزتان
في كلمة الثانية ساكنة ،واألولى متحركة بأي حركة كانت ،فأجمع القراء أن
األولى محققة ،والثانية مسهلة تبدل واوا إذا انضم ما قبلها ،وألفا إذا انفتح ،وياء
إذا انكسر ،كآدم وأوتي وإيمان.2
ذكره دفاع ابن الجزري:
عند قوله تعالى[ :ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ] 3قال :قرأ أبو جعفر( :للمالئكةُ) بضم التاء حالة
الوصل إتباعا ،وروي عنه إشمام كسرتها الضم ،والوجهان صحيحان عنه،
ووجه اإلشمام أنه أشار إلى الضم تنبيها على أن الهمزة المحذوفة التي هي همزة
الوصل مضمومة حالة االبتداء ،ووجه الضم أنهم استثقلوا اإلنتقال من الكسرة إلى
الضمة إجراء للكسرة الالزمة مجرى العارضة ،وعللها أبو البقاء 4أنه نوى
الوقف على التاء فسكنها ،ثم حركها بالضم إتباعا لضمة الجيم ،وهذا من إجراء
الوصل مجرى الوقف ،5وقد اعترض جماعة 6على أبي جعفر في قراءته لذلك،
فرد ابن الجزري اعتراضه ،وانتصر ألبي جعفر ،وصوب قراءته ،وقال :إنه لم
ينفرد بهذه القراءة ،بل قرأها غيره من السلف ،7وقرأ الباقون بإخالص كسرة
التاء".8
ذكره دفاع ابن الجزري والقاسم بن معن النحوي:9
124
ي) بفتح الياء،
صرخ َّ
عند قوله تعالى[ :ه ﮮ ﮯ ﮰ ] :1قال :قراءة العامة ( :ب ُم ْ
وقرأ حمزة بكسرها ،قال ابن الجزري :وهو لغة بني يربوع ،نص على ذلك
قطرب ،2وأجازها هو والفراء ،وإمام اللغة والنحو والقراءة أبو عمرو بن العالء.
وقال القاسم بن معن النحوي :هي صواب ،وال عبرة بقول الزمخشري وغيره
ممن ضعفها أو لحنها ،فإنها قراءة صحيحة اجتمعت فيها األركان الثالثة ،وقرأ
بها أيضا يحيى بن وثاب ،3وسليمان بن مهران األعمش ،وحمران بن أعين،4
وجماعة من التابعين ،وقياسها في النحو صحيح ،وذلك أن الياء األولى ،وهي ياء
الجمع ،جرت مجرى الصحيح ألجل اإلدغام ،فدخلت ساكنةً عليها ياء اإلضاقة،
وحركت بالكسر على األصل في اجتماع الساكنين ،وهذه اللغة شائعة ذائعة باقية
ي أعمل كذا ،ويطلقونها في كل ياءات في أفواه الناس إلى اليوم ،يقولون :ما ف َّ
ى أمرك ،وبعضهم يبالغ في ي منك ،وال إل ّ اإلضافة المدغم فيها ،فيقولون :ما عل ّ
كسرتها حتى تصير ياء ،انتهى.5
ذكره دفاع ابن عطية والكواشي:
وتقرير هذه
ُ عند قوله تعالى[( :ﭩ ﭪ ] 6قال :قرأ نافع بكسر النون وتخفيفها،
القراءة أنه حذفت النون التي للمتكلم ،وحذفت النون التي هي عالمة الرفع ،ثم
حذفت الياء لداللة الكسرة عليها .قال ابن عطية :وغلط أبو حاتم نافعا في هذه
(النوادر في اللغة)( ،غريب المصنف) وكتبا في النحو ،وله فيه مذهب متروك .مات سنة 175ه أو 188ه.
انظر :بغية الوعاة (.)263/2
1إبراهيم ،اآلية.22 :
2قطرب :هو محمد بن المستنير بن أحمد ،أبو على ،الشهير بقطرب ،نحوى ،عالم باألدب واللغة ،من أهل
البصرة من الموالي .كان يرى رأي المعتزلة النظامية .وهو أول من وضع (المثلث) في اللغة .من كتبه
(معاني القرآن) ،و(النوادر) ،و( األزمنة) وغيرها .مات سنة .206انظر :األعالم (.)95/7
3يحيى بن وثاب :هو يحيى بن وثاب األسدي الكوفي القارئ العابد ،أحد األعالم مولى بني أسد ،روى عن
ابن عباس وابن عمر رضي هللا عنهم وعن مسروق وعبيدة السلماني وزر وغيرهم .توفي سنة 103ه.
انظر :معرفة القراء الكبار (.)62/1
4حمران بن أعين :هو حمران بن أعين ،مولى بني شيبان ،كوفي مقرئ كبير .قال الداني :أخذ القراءة
عرضا وسماعا عن عبيد بن نضيلة وأبي حرب بن أبي األسود ويحيى بن وثاب ،عرض عليه حمزة الزيات
وغيره .توفي في حدود الثالثين ومئة .انظر :معرفة القراء الكبار (.)70/1
5العليمي ،فتح الرحمن ،ج 3ص .517-516ابن الجزري ،النشر ،ج 2ص .299 – 298ابن زنجلة،
حجة القراءات ،ص .377الدمياطي ،إتحاف فضالء البشر ،ص .342ابن مجاهد ،السبعة في القراءات،
ص .362ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص .424الداني ،التيسير في القراءات السبع ،ص.141
6الحجر ،اآلية.54 :
125
القراءة ،وقال :إن شاهد الشعر في هذا اضطرار ،1وهذا حمل منه .2وقال
الكواشي ،وال يلتفت إلى الطاعن في هذه القراءة ،لصحة نقلها ،بل لتواترها،
شرونني)، قتكون أصال يحتج له ،ال له .وقرأ ابن كثير بكسر النون مشددة ،أي (تُبَ ّ
أدغمت نون الجمع في نون اإلضافة ،ثم حذفت الياء للتعليل المتقدم ،وقرأ الباقون
بفتح النون مخففةً عالمة الرفع.3
عند قوله تعالى[ :ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ] 4قال :قرأ أبو عمرو :بتشديد النون (هذَيْن) بالياء
على األصل ،وقرأ ابن كثير ،وحفص عن عاصم( :إ ْن) بتخفيف النون (هذَان)
ان) وحفص يخففها ،أي :ما هذان إال باأللف ،فابن كثير يشدد النون من (هذَ ّ
ساحران ،كقوله تعالى[ :ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ] ،5أي :ما نظنك إال من الكاذبين ،وقرأ الباقون:
(إن) بتشديد النون كأبي عمرو ،و(هذان) باأللف وتخفيف النون من (هذَان) َّ
(إن) بمعنى :نعم ،و(هذان) مبتدأ ،و(ساحران) خبر مبتدإ كحفص ،فيكون َّ
محذوف ،والالم داخلة على الجمله ،تقديره :هذان لهما ساحران ،أو (هذان)
(إن) ونصب مبتدأ( ،ساحران) خبره ،والالم زائدة .قال الكواشي :والقراءة بتشديد َّ
(هذين) زعموا أنها مخالفة لخط المصحف ،وزعم بعضهم أنه حمله على ذلك
كثرة اللحن ،وهذا طعن في عدالة أبي عمرو وعلمه ،ألنه هو الذي قرأها ،ألن
هذا يُشعر أنه قرأها من تلقاء نفسه ،لم يأخذها متواترة عن النبي صلى هللا عليه
(إن) ،وكيف يجوز اعتقاد وسلم ،وأنه غير عالم بتعليل (إن هذان) بالرفع وتشديد ّ
هذا بمن شهد له بالعدالة والبراعة في علم العربية ،حتى زعموا أنه قال :إني
(إن هذان) ،يعنون :بالرفع وتشديد (إن) ،وكيف يجوز ألستحيي من هللا أن أقرأ ّ
أن يعتقد بأحد من المسلمين أنه يستحيي من قراءة ما صح وتواتر عن النبي صلى
هللا عليه وسلم ،مع أن أبا عمرو وغيره من األئمة كانوا ينشدون ويسمعون
األشعار المنحولة والغريبة ،وال يؤخذ ذلك عليهم ،انتهى.6
1في نحو قول الشاعر :ال أَباك تُخ َّوفيْني .وقول اآلخر :يَ ُ
سو ُء القَاليَات إذَا قَلَيْني
2ابن عطية ،أبو محمد ،المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ،تحقيق عبدالسالم الشافي محمد،
ط(1بيروت :دار الكتب العلمية 1422ه – 2001م) ،ج 3ص.365
3العليمي ،فتح الرحمن ،ج 3ص .557ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص .382الدمياطي ،إتحاف فضالء
البشر ،ص . 196ابن مجاهد ،السبعة في القراءات ،ص .367ابن الجزري ،تحبير التيسير ،ص.428
الداني ،التيسير في القراءات السبع ،ص .95ابن الجزري ،النشر في القراءات العشر ،ج 2ص.302
4طه ،اآلية.63 :
5الشعراء ،اآلية.136 :
6العليمي ،فتح الرحمن ،ج 4ص .304-303ابن زنجلة ،حجة القراءات ،ص .454الدمياطي ،إتحاف
فضالء البشر ،ص .384ابن مجاهد ،السبعة في القراءات ،ص .419ابن الجزري ،تحبير التيسير ،
126
يالحظ من المواضيع المذكورة أن العليمي قد دافع عن القراءات التي طعنها
بعض المفسرين والنحاة كالزمخشري وغيره ،ولم يكتف بذلك بل عزز موقفه هذا
بنقل كالم العلماء واألئمة الذين جاءوا قبله كابن الجزري والكواشي والعكبري
وغيرهم ،وال شك أن هذا موقف شريف يدل على تعظيمه لوحي هللا تعالى
المقدس المنزل إلى آخر رسله عليه الصالة والسالم.
الخــاتـمة
127
رابعا :فهرس المصادر والمراجع.
128
،وهو ما يفتح الباب أمام أعداء الملة للطعن في القراءات وفي
مصادرها.
على الباحثين توجيه العناية بهذا التفسير ،فهو جدير بذلك من نواح -3
متعددة ،فمن الناحية القراءاتية كما في هذا البحث ،ومن الناحية
الفقهية تصلح المسائل التي يذكرها مختصرة ألن تكون قاعدة أو
كشافة لمذاهب األئمة في المسائل المتبعثرة الخاصة بآيات األحكام ،
و تصلح كذلك أن تُصاغ متنا مستقال إذا فصلت ،سه َل الحفظ يُرجع
إليه سريعا لمعرفة أقول المذاهب األربعة في األحكام.
– 2الفهارس العامة:
129
85 11 [ﮑ ﮒ ﮓ ]
86 30 [ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ]
90،1 106 [ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ]
09
94 115 [ﮘ ﮙ ﮚ ﮛ ﮜ ﮝ ]
102 182 [ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ]
102 236 [ﮡ ﭨ ﭩ ﮤ ﮥ ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ه ه ه ﮮ ]
108 51 [ﭰ ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ]
108 61 [ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ]
110 48 [ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ]
110 117 [ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ]
111 214 [ﯥ ﯦ ﯧ ى ى ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ]
116 191 [ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ]
116 5 [ َوباآلخ َرة ُه ْم يُوقنُونَ ]
118 251 [ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ]
122 100 [ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ]
124 222 [ َوالَ ت َ ْق َربُو ُه َّن َحتَّى يَ ْ
ط ُه ْرنَ ﯝ]
150 142 [ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ]
151 246 [ﭧ ﭨ ﭩ ]
156 6 [ﭖ ]
157 34 [ﮦ ﮧ ﮨ ﮩ ه ]
125 230 [ﯽ ي ي ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ]
125 229 [ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ]
آل عمران
62 7 [ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ]
23 24 [ﮉ ﮊ ]
104 129 [ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ]
109 181 [ﭑ ﭒ ﭓ ﭔ ﭕ ﭖ ﭗ ]
113 140 [ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ]
116 97 [ه ه ﮮ ﮯ ﮰ ]
117 15 [ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ]
130
151 39 [ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ]
103 99 [ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ]
110 59،6 [ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ]
0
113 180 [ﯲ ﯳ ﯴ ﯵ ﯶ ﯷ ﯸ ]
113 180 [ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ]
النساء
20،4 1 [ َواتَّقُوا هللاَ الَّذي تَ َسآ َءلُونَ به َو ْاأل َ ْر َحام]
3
80 78 [فَ َما ل َهؤُالء ْالقَ ْوم]
102 11 [ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ]
111 29 [ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ﭵ ﭶ ﭷ ﭸ ]
114 19 [يأ أَيُّ َها الَّذينَ آ َمنُواْ الَ يَح ُّل لَ ُك ْم أَن تَرثُواْ النّ َ
ساء َك ْر ًها ﯲ
]
124 6 [ﯥ ﯦ ﯧ ى ى ﯪ ﯫ ﯬ ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ]
المائدة
42 89 [ﰀ ﰀ ﰀ ]
89 53 [ﮊ ﮋ ﮌ ]
117 16 [ﮈ ﮉ ﮊ ]
األنعام
83 9 [ﮨ ﮩ ه ه ه ه ﮮ ﮯ ﮰ ]
90 27 [ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ]
103 55 [ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ]
110 73 [ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ]
119 32 [ﮨ ﮩ ه ه ه ه ]
119 57 [ﯔ ﯕ ﯖ ]
130 142 [ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ﯳ ]
األعراف
22 69 [ﭯ ﭰ ]
84 100 [ﮄ ﮅ ﮆ ﮇ ﮈ ]
103 146 [ﭿ ﮀ ﮁ ﮂ ﮃ ﮄ ﮅ ]
131
األنفال
78 19 [ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ]
التوبة
61 103 [ه ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ﯜ ﯝ ]
128 12 [ﯕ ﯖ ﯗ ﯘ ]
،21 100 [ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ]
120
يونس
120 22 [ﭪ ﭫ ﭬ ﭭ ﭮ ﭯ ﭰ ]
129 5 [ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ﯛ ]
يوسف
83 31 [ َوأ َ ْعتَدَ ْ
ت لَ ُه َّن ُمت َّ َكئًا ]
119 108 [ﮛ ﮜ ﮝ ]
،120 111 ف] [ َقالُواْ َيا أ َ َبانَا َما لَ َك الَ تَأ ْ َمنَّا َعلَى يُو ُ
س َ
141
هود
81 73 َّللا َوبَ َر َكاتُهُ َعلَ ْي ُك ْم أ َ ْه َل ْالبَيْت]
[ َر ْحمةُ َّ
112 40 [ﭷ ﭸ ﭹ ﭺ ﭻ ﭼ ﭽ ]
الرعد
129 33 [أ ُ ُكلُ َها دَآئم وظلُّ َها]
إبراهيم
158 22 [ه ﮮ ﮯ ﮰ]
الحجر
159 54 [ ﭩ ﭪ]
النحل
42 110 [ث ُ َّم إ َّن َرب ََّك للَّذينَ هَا َج ُروا م ْن بَ ْعد َما فُتنُوا]
94 76 [ﮛ ﮜ ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ]
104 71 [ﯽ ي ي ]
104 71 [ى ى ﯪ ﯫ ﯬ ]
104 71 [ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ]
148 54 [ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ]
132
151 80 [ﭝ ﭞ ﭟ ]
اإلسراء
81 110 [ﮑ ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ]
112 44 [ﮒ ﮓ ﮔ ﮕ ﮖ ﮗ ﮘ ﮙ ]
،84 106 [ﭜ ﭝ ﭞ ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ]
122
الكهف
22 70 [ﯘ ]
34 79 [ﮝ ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ﭨ ﭩ ]
78 8 [ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ﭨ ﭩ ﭪ ﭫ ﭬ ]
80 49 [ﮇ ﮈ ﮉ ]
،41 93 [ﯛ ﯜ ﯝ ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ]
105
106 93 [ﯖ ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ]
114 74 [ﰀ ﰀ ﰀ ﰀ ]
130 33 [ﯯ ﯰ ﯱ ﯲ ]
مريم
77 1 [ﭑ ]
82 40 [ﭱ ﭲ ﭳ ﭴ ]
103 20 [ﭟ ﭠ ﭡ ﭢ ]
طه
117 75 [ﰀ ﰀ ﰀ ]
159 63 [ﯭ ﯮ ﯯ ﯰ]
األنبياء
114 112 [ﯥ ﯦ ﯧ ى ى ]
المؤمنون
142 36 [ﯗ ﯘ ﯙ ﯚ ]
النور
34 11 [ﭪ ﭫ ﭬ ]
الفرقان
133
80 9 سول] [ َمال َهذَا َّ
الر ُ
الشعراء
160 136 [ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ]
الشورى
62 11 [ﭡ ﭢ ﭣ ﭤ ﭥ ﭦ ﭧ ]
فاطر
37 28 [ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ ﯤ ]
يس
الصافات
127 12 [ﮙ ﮚ ﮛ]
ص
الدخان
82 43 الزقُّوم]
ش َج َرت َّ
[إ َّن َ
األحقاف
102 15 [ﭞ ﭟ ]
المنافقون
22 10 [ﯣ ﯤ ﯥ ﯦ ]
المجادلة
103 4 [ﮊ ﮋ ﮌ ﮍ ﮎ ]
الحاقة
111 15،16 [ﭼ ﭽ ﭾ ﭿ ﮀ ﮁ ]
سأل
80 36 [ﯽ ي ]
القيامة
14 17 [ي ﰀ ﰀ ﰀ ]
التكوير
22 24 [ﯗ ]
االنفطار
79 19 [ه ه ه ه ﮮ ﮯ ﮰ ]
الفجر
111 22 [ى ﯪ ]
134
الليل
34 3 [ﮞ ﮟ ﮠ ﮡ ]
التكاثر
152 6 [ﮡ ﭨ ]
الناس
23 2 [ﮅ ﮆ ]
ثالثا :فهرس األحاديث النبوية
135
رابعا :فهرس األعالم
الصفح اسم العلم
ة
84 أبان بن يزيد بن أحمد أبو يزيد البصري العطار
97 إبراهيم بن سري بن سهل أبو إسحاق – الزجاج
23 إبراهيم بن عمر بن إبراهيم -الجعبري
98 أبو بكر محمد بن الحسن األنصاري – النقاش
99 أحمد بن عمار أبو العباس المهدوي
24 أحمد بن عمر بن أبي الرضى – الحموي
147 أحمد بن محمد بن إسماعيل أبو جعفر النحاس
95 أحمد بن مصطفى بن خليل -طاشكبري زاده
17 أحمد بن موسى بن العباس بن مجاهد
156 أحمد بن يوسف بن حسن بن رافع – الكواشي
135 أحمد بن يوسف بن عبد الدائم – السمين الحلبي
98 الحسن بن أحمد بن عبد الغفار أبو علي الفارسي
83 الحسن بن سعيد بن جعفر أبو العباس – المطوعي
125 الحسن بن يسار البصري أبو سعيد
98 الحسين بن أحمد بن خالويه
94 الحسين بن محمد بن المفضل -الراعب األصفهاني
62 الحسين بن مسعود بن محمد – البغوي
158 حمران بن أعين الكوفي
84 زيد بن أحمد بن إسحاق بن زيد الحضرمي
125 سعيد بن جبير األسدي الكوفي
97 سعيد بن مسعدة أبو الحسن -األخفش األوسط
136 سهل بن محمد بن عثمان أبو حاتم السجستاني
135 طاهر بن صالح بن أحمد بن موهوب الجزائري
80 عبد الحق بن غالب بن عبد الملك – ابن عطية
115 عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن بن بندار أبو
الفضل الرازي
24 عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم – أبو شامة
136
99 عبد الرحمن بن محمد أبو زرعة -ابن زنجلة
99 عبد هللا بن الحسين بن عبد هللا – العكبري
98 عبد هللا بن جعفر بن درستويه
98 عبد الواحد بن عمر بن محمد أبو طاهر البزار
99 عثمان بن جني الموصلي
99 عثمان بن سعيد بن عثمان أبو عمرو الداني
106 عكرمة بن عبد هللا البربري المدني
122 عمران بن تيم أبو رجاء العطاردي المصري
83 عمرو بن خالد أبو حفص – األعشى
13 عمرو بن كلثوم بن مالك أبو األسود
40 القاسم بن سالم أبو عبيد األزدي
121 يره بن خلف – الشاطبي القاسم بن ف ُّ
158 القاسم بن معن بن عبد الرحمن الهذلي
148 قتادة بن دعامة بن قتادة السدوسي
148 محمد الطاهر بن عاشور
134 محمد بن أحمد بن أبي فرح أبو عبدهللا – القرطبي
98 محمد بن أحمد بن األزهر أبو منصور األزهري
36 محمد بن أحمد بن أيوب بن الصلت -ابن شنبوذ
143 محمد بن الحسن بن يعقوب بن الحسن أبوبكر بن
مقسم
97 محمد بن السري البغدادي – ابن السراج
158 محمد بن المستنير بن أحمد أبو على – قطرب
15 محمد بن بهادر بن عبد هللا أبو عبدهللا – الزركشي
134 محمد بن جرير بن يزيد أبو جعفر الطبري
37 محمد بن جعفر الخزاعي أبو الفضل – الخزاعي
125 محمد بن سيرين البصري األنصاري
51 محمد بن عبد الرحمن بن أحمد – الجالل البكري
60 محمد بن عبد العزيز بن فهد ،الهاشمي – جار هللا
50 محمد بن عبد هللا بن علي – ابن حميد النجدي
146 محمد بن عبد الواحد بن أبي هاشم أبو عمر الزاهد
134 محمد بن عمر بن الحسين – الرازي
137
51 محمد بن محمد بن عبد هللا بن خيضر – قطب
الخيضري
27 محمد بن محمد بن علي أبو القاسم – النويري
14 محمد بن محمد بن محمد بن علي – ابن الجزري
13 محمد بن مكرم بن على – ابن منظر األفريقي
97 محمد بن يزيد بن عبداألكبر أبو العباس – المبرد
14 محمد بن يوسف بن على بن يوسف – أبو حيان
20 محمد عبدالعظيم ُّ -
الز ْرقاني
147 محمود بن عبد هللا الحسينى األلوسى
147 محمود بن عمر بن محمد جار هللا – الزمخشري
136 المفضل بن محمد بن يعلى بن عامر
97 هارون بن موسى أبو عبدهللا األعور
97 يحيى بن زياد بن عبدهللا بن مروان – الفراء
158 يحيى بن وثاب األسدي الكوفي
37 يوسف بن علي بن جبارة أبو القاسم الهذلي
خامسا :فهرس المصادر والمراجع
-1ابن مجاهد ،أبو بكر التيمي ،السبعة في القراءات ،تحقيق د .شوقي ضيف،
ط ( 2القاهرة :دار المعارف 1400هــ) .
-2ابن أبي شيبة ،أبوبكر ،المنصنف ،تحقيق محمد عوامة ،ط( 1جدة :دار القبلة
للثقافة اإلسالمية 1431ه – 2010م).
-3ابن الجزري ،تحبير التيسير في القراءات العشر ،تحقيق د .أحمد محمد مفلح
القضاة ،ط( 1عمان :دار الفرقان 1421ه – .)2000
-4ابن الجزري ،طيبة النشر في القراءات العشر ،تحقيق محمد تميم الزعبي،
ط( 1جدة :مكتبة دار الهدى 1414ه – 1994م).
-5ابن الجزري ،غاية النهاية في طبقات القراء ،تحقيق ج .بيجستراس ،ط1
(بيروت :دار الكتب العلمية 1427ه – 2006م).
-6ابن الجزري ،محمد بن محمد ،منجد المقرئين ومرشد الطالبين ،اعتنى به علي
بن محمد العمران ،ط (دار عالم الفوائد).
-7ابن الشطي ،محمد ،مختصر طبقات الحنابلة ،تحقيق فواز أحمد زمرلي ،ط1
(بيروت :دار الكناب العربي 1976 – 1406م).
138
-8ابن القيم ،محمد بن أبي بكر ،زاد المعاد في هدي خير العباد ،ط( 27بيروت:
مؤسسة الرسالة 1415ه – 1994م).
-9ابن تيمية ،مجموع الفتاوى ،جمع عبدالرحمن بن القاسم ،تحقيق أنوار الباز،
وعامر البزار ،ط( 2القاهرة :دار الوفاء 1426ه – 2005م).
ابن جني ،عثمان ،المحتسب في تبيين وجوه شواذ القراءات واإليضاح -10
عنها ،نشر وزارة األوقاف المصرية 1420ه – 1999م.
ابن حميد ،محمد بن عبدهللا النجدي ،السحب الوابلة على ضرائح -11
الحنابلة ،تحقيق بكر بن عبدهللا أبو زيد و د .عبدالرحمن بن سليمان العثيمين،
ط ( بيروت :مؤسسة الرسالة ).
ابن خالويه ،الحسين بن أحمد ،الحجة في القراءات السبع ،تحقيق -12
عبدالعال سالم مكرم ،ط( 3بيروت :دار الشروق .)1401
ابن زنجلة ،أبو زرعة ،حجة القراءات ،تحقيق سعيد العفاني ،ط2 -13
(بيروت :مؤسسة الرسالة 1402ه – 1982م).
ابن سيده ،علي بن إسماعيل ،إعراب القرآن. -14
ابن عطية ،أبو محمد ،المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ،تحقيق -15
عبدالسالم الشافي محمد ،ط(1بيروت :دار الكتب العلمية 1422ه – 2001م).
أبو شامة ،إبراز المعاني من حرز األماني ،تحقيق إبراهيم عطوه -16
عوض ،ط(بيروت :دار الكتب العلمية).
أبو شامة ،شهاب الدين ،المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب -17
العزيز ،تحقيق طيار آلتي قوالج ،ط (بيروت :آل صادر1395 ،ه – 1975م).
أبو عبيد ،القاسم ،فضائل القرآن ،تحقيق مروان العطية وآخرين ،ط -18
(بيروت ،دمشق :دار ابن كثير 1420ه).
أبو عبيد ،القاسم ،فضائل القرآن ،تحقيق مروان العطية وآخرين ،ط -19
(بيروت ،دمشق :دار ابن كثير 1420ه).
األسطل ،عبدالباسط محمد ،منهج القرطبي في القراءات ،رسالة -20
الماجستير ،الجامعة اإلسالمية بغ َّزة ،كلية أصول الدين ،قسم التفسير وعلوم
القرآن ،سنة (.)2008 – 1429
إسماعيل ،شعبان محمد ،القراءات أحكامها ومصدرها ،ط (جمعية -21
دعوة الحق 1402ه).
األصبهاني ،أبو نعيم ،حلية األولياء وطبقة األصفياء ،ط( 1بيروت :دار -22
الكتب العليمية 1409ه – 1998م).
139
األصفهاني ،الراغب ،المفردات في غريب القرآن ،تحقيق صفوان -23
عدنان داوودي ط(دمشق -بيرون :دار العلم – الدار الشامية 1412ه).
األفريفي ،ابن منظور ،لسان العرب ،ط(1بيروت:دار صادر). -24
األفريقي ،ابن منظور ،لسان العرب ،ط (،1بيروت :دار صادر ). -25
آل إسماعيل ،نبيل محمد ،علم القراءات ،نشأته ،أطواره ،وأثره في -26
العلوم الشرعية ،ط( 1الرياض :مكتبة التوبة 1419هـ 2000 -م).
األندلسي ،أبو حيان ،البحر المحيط ،تحقيق :صدقي محمد جميل ،ط ( -27
بيروت :دار الفكر 1420ه ).
بازمول ،محمد بن عمر ،القراءات وأثرها في التفسير واألحكام ،ط ،1 -28
(القاهرة :دار الفرقان 1331ه2009 -م ).
البخاري ،محمد بن إسماعيل ،الجامع الصحيح المختصر ،تحقيق د. -29
مصطفى ديب البغا ،ط( 3بيروت :دار ابن كثير 1407ه – 1987م).
البغوي ،حسين بن مسعود ،شرح السنة ،تحقيق شعيب األرناؤوط و -30
محمد زهير الشاويش ،ط( 2دمشق – بيروت :المكتب اإلسالمي 1403ه –
.)1983
البيهقي ،أحمد بن الحسين ،شعب اإليمان ،تحقيق الدكتور عبد العلي -31
عبد الحميد حامد و مختار أحمد الندوي ،ط( 1الرياض :مكتبة الرشد 1423ه
– 2003م).
البيهقي ،السنن الكبرى ،ط( 1حيدر آباد :مجلس دائرة المعارف -32
النظامية 1344ه).
الجرجاني ،علي بن محمد ،التعريفات ،تحقيق إبراهيم األبياري ،ط1 -33
(بيروت :دار الكتاب العربي 1405هـ).
الجزائري ،طاهر ،التبيان في بعض المسائل المتعلقة بالقرآن على -34
طريق اإلتقان ،اعتنى به أبو غدة ،ط( 3بيروت :دار البشائر اإلسالمية
1412ه).
حاجي خليفة ،مصطفى بن عبدهللا ،كشف الظنون عن أسامي الكتب -35
والفنون ،ط (بيروت :دار إحياء التراث العربي).
الحربي ،عبدالعزيز ،توجيه مشكل القراءات العشرية الفرشية لغة -36
وتفسيرا وإعرابا ،بحث مقدم لنيل درجة الماجستير ،جامعة أم القرى ،كلية
الدعوة وأصول الدين ،قسم الكتاب والسنة ،سنة 1417ه.
الحسن ،محمد علي ،ابن جرير والقراءات. -37
140
الحموي ،ابن أبي الرضا ،القواعد واإلشارات في أصول القراءات، -38
تحقيق د .عبدالكريم بكار ،ط( 1القاهرة :دار السالم 1435ه – 2014م).
الحموي ،ياقوت بن عبدهللا ،معجم البلدان ،ط(بيروت :دار الفكر). -39
الحوشان ،يوسف بن حمود ،اآلثار الواردة عن السلف في اليهود في -40
تفسير الطبري جمعا ودراسة" ،رسالة دكتوراه ،بكلية أصول الدين ،رياض
سنة 1424ه (.)269/1
الخطيب الغدادي ،أحمد بن علي ،تاريخ بغداد ،ط (بيروت :دار الكتب -41
العلمية).
الداني ،جامع البيان في القراءات السبع المشهورة ،تحقيق محمد -42
صدوق الجزائري ،ط( 1بيروت :دار الكتب العلمية 2005م 1426-ه).
الداني ،عثمان بن سعيد ،التيسير في القراءات السبع ،ط (بيروت :دار -43
الكتاب العربي 1404ه – 1984م).
الدمياطي ،شهاب الدين ،إتحاف فضالء البشر فى القراءات األربعة -44
عشر ،تحقيق أنس مهرة ،ط( 1بيروت :دار الكتب العلمية 1419هـ .)1998 -
الذهبي ،محمد حسين ،التفسير والمفسرون ،ط (القاهرة :مكتبة وهبة). -45
الذهبي ،معرفة القراء الكبار على الطبقات واألعصار ،تحقيق بشار -46
عواد معروف وآخرين ،ط( 1بيروت :مؤسسة الرسالة 1404ه).
الزرقاني ،محمد عبدالعظيم ،مناهل العرفان في علوم القرآن ،تحقيق -47
أحمد بن علي ( ،القاهرة :دار الحديث 1422ه – 2001م ).
الزركشي ،بدر الدين ،البرهان في علوم القرآن ،تحقيق محمد أبو -48
الفضل إبراهيم ،ط ( 1بيروت :دار المعرفة 1376ه – 1957م).
الزركلي ،خير الدين ،األعالم ،ط( 15بيروت :دار العلم للماليين). -49
الزمخشري ،جار هللا ،الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل وعيون -50
األقاويل فى وجوه التأويل ،ط (بيروت :دار الكتاب العربي 1407هـ).
سحلوب ،جمال عبدهللا ،منهج القرطبي في القراءات وأثرها في -51
تفسيره ،رسالة ماجستير ،كلية أصول الدين ،قسم التفسير وعلوم القرآن،
الجامعة اإلسالمية بغزة.
سعود بن عبدهللا الفنيسان ،آثار الحنابلة في علوم القرآن ،ط , 1 -52
(اإلسكندرية :مطابع المكتب المصري الحديث ).
السمين الحلبي ،عمدة الحفاظ في تفسير أشرف األلفاظ ،تحقيق محمد -53
باسل عيون السور ،ط( 1بيروت :دار الكتب العلمية 1417ه – 1996م).
141
السيوطي ،جالل الدين ،تدريب الراوي في شرح تقريب الواوي، -54
تحقيق عبدالوهاب عبداللطيف ،ط (الرياض :مكتبة الرياض الحديثة).
السيوطي ،عبدالرحمن بن أبي بكر ،طبقات المفسرين ،تحقيق علي -55
محمد عمر ،ط( 1القاهرة :دار وهبة 1396ه).
الشوكاني ،محمد بن علي ،إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علم -56
األصول ،تحقيق أبي حفص سامي بن العربي األثري ،ط( 1الرياض :دار
الفضيلة 1421ه 2000م).
الشوكاني ،محمد بن علي ،فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية -57
في علم التفسير ،تحقيق يوشف الغوش ،ط( 4بيروت:دار المعرفة 1428ه –
2007م).
طاش كبري زاده ،مفتاح السعادة ومصباح السيادة في موضوعات -58
العلوم ،ط( 1بيروت :دار الكتب العلمية 1405هـ 1985 -م).
الطبري ،جامع البيان عن تأويل آي القرآن ،تحقيق أحمد محمد شاكر، -59
ط(1بيروت :مؤسسة الرسالة 1420ه – 2000م)
طوير ،أحالم محمد ،منهج أبي حيان في عرضه للقراءات وأثرها في -60
تفسيره البحر المحيط ،رسالة ماجستير.
عبداللطيف الخطيب ،معجم القراءات ،ط (القاهرة :دار سعدالدين ). -61
العكبري ،إمالء ما من به الرحمن من وجوه اإلعراب والقراءات، -62
تحقيق إبراهيم عطه عوض ،ط(الهور :المكتبة العلمية).
علوان ،عبدهللا ناصح ،ثقافة الداعية ،ط (القاهرة :دار السالم). -63
العليمي ،مجيرالدين ،األنس الجليل في تاريخ القدس والخليل ،تحقيق: -64
عدنان يونس عبد المجيد نباتة ط( عمان :مكتبة دنديس 1420ه 1999-م).
الغزي ،محمد بن محمد ،النعت األكمل ألصحاب اإلمام أحمد بن -65
حنبل ،تحقيق محمد مطيع الحافظ و نزار أباظة ،ط (بيروت :دار الفكر
المعاصر 1403ه1982 -م).
الفراء ،أبو زكريا ،معاني القرآن ،تحقيق عبدالفتاح إسماعلي شلبي -66
وآخرين ،ط (مصر :دار المصرية للتأليف والترجمة ).
الفضلي ،عبدالهادي ،القراءات القرآنية ،تاريخ وتعريف ،ط( 2بيروت: -67
دار القلم 1980م).
فالتة ،أمين بن إدريس ،االختيار عند القراء ،مفهومه ،مراحه ،وأثره -68
في القراءات ،رسالة ماجستير (1421ه).
142
القاري ،مال نورالدين ،شرح نخبة الفكر ،تحقيق محمد نزار تميم وهيثم -69
نزار تميم ،ط( 1بيروت :دار األرقم).
القاضي ،عبدالفتاح ،البدور الزاهرة في القراءات العشر المتواترة من -70
طريقي الشاطبية والدرة ،ط (بيروت :دار الكتاب العربي).
القرطبي ،أبو عبدهللا ،الجامع ألحكام القرآن ،تحقيق سمير البخاري ،ط -71
(الرياض :دار عالم الكتب 1423ه – 2002م).
المحيسن ،محمد سالم ،المهذب في القراءات العشر وتوجيهها من -72
طريق طيبة النشر ،ط (القاهرة :المكتبة األزهرية للتراث .)1997 – 1417
المعجم الوسيط لمجموعة مؤلفين ،تحقيق مجمع اللغة العربية، -73
ط(القاهرة :دار الدعوة).
المناوي ،زين الدين ،فيض القدير شرح الجامع الصغير ،ط1 -74
(بيروت :دار الكتب العلمية 1415ه – 1994م).
مهارش ،زيد بن علي ،منهج اإلمام الطبري في القراءات وضوابط -75
اختيارها في تفسيره ،رسالة الماجستير ،جامعة اإلمام محمد بن سعود
اإلسالمية ،قسم القرآن وعلومه.
الموسوعة القرآنية المتخصصة ،ضمن إصدار وزارة األوقاف -76
المصرية ،تقديم د .محمد مختار جمعة ،ط( 3القاهرة 1435ه – 2014م).
موسى ،عبدالزاق علي ،تأمالت حول تحريرات العلماء للقراءات -77
المتواترة.
النحاس ،أبو جعغر ،معاني القرآن ،تحقيق محمد علي الصابوني ،ط1 -78
(مكة :نشر جامعة أم القرآ 1409ه).
النحاس ،إعراب القرآن ،تحقيق د .زهير غازي زاهد ،ط (بيروت: -79
عالم الكتب 1409هـ 1988 -م).،
النيسابوري ،نظام الدين ،غرائب القرآن ورغائب الفرقان ،تحقيق -80
الشيخ زكريا عميران ،ط( 1بيروت :دار الكتب العلمية 1416ه – 1996م).
143