Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 217

‫الكتاب ‪ :‬الروض النأف في شرح السيرة النأبوية لبن هشام‬

‫المؤلف ‪ :‬أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد ال بن أحمد السهيلي )المتوفى ‪581 :‬هـ(‬
‫المحقق ‪ :‬عمر عبد السلم السلمي‬
‫النأاشر ‪ :‬دار إحياء التراث العربي‪ ،‬بيروت‬
‫الطبعة ‪ :‬الطبعة الولى‪1421 ،‬هـ‪2000 /‬م‬
‫مصدر الكتاب ‪ :‬موقع مكتبة المدينأة الرقمية‬
‫‪http://www.raqamiya.org‬‬
‫]ترقيم الكتاب موافق للمطبوع وهو مذيل بالحواشي[‬

‫المجلد الول‬
‫مقدمة‬
‫‪...‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫المقدمة ‪:‬‬
‫الحمد ل رب العالمين حمدا يوافي نأعمه ويكافئ مزيده‪ ،‬الحمد ل الذي أحيا بذكره قلوب عباده‬
‫الصالحين‪ ،‬فقاموا لحياء علوم هذا الدين‪.‬‬
‫والصلة والسلم على سيدنأا ومولنأا محمد سيد الولين والخآرين وصفوة النأبياء والمرسلين وقائد الغر‬
‫المحجلين وعلى آله السادة الكرمين وأصحابه الغر الميامين ومن اتبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما‬
‫بعد‪:‬‬
‫إن أهم ما يميز هذا العصر عما تقدمه من عصور هو التفاوت أبنأائه إلى تراث الباء والجداد والسعي‬
‫الحثيث إلى بعثه وحقيقه؛ لما فيه من ذخآائر وكنأوز قل نأظيرها عنأد غيرنأا من المم الخآرى‪ ،‬مدفوعين‬
‫إلى ذلك بدافع دينأي‪ ،‬وهو الحفاظ على علوم هذا الدين‪.‬‬
‫فحري بمثقفي هذه المة والمتخآصصين من أبنأائها أن يحافظوا على تراث الباء والجداد‪ ،‬وأن يسعوا‬
‫جاهدين لتجديده إواحيائه ودراسته وفهمه وشرحه‪ ،‬والزيادة عليه بما يتوصلون إليه نأم معارف وعلوم‬
‫وفنأون؛ لن العلوم حلقات متصلة عبر مسيرة الحياة‪ ،‬وهكذا يتم التواصل بين الجداد والحفاد‪.‬‬
‫ومما ل شك فيه أن ظهور الرسالة المحمدية يعتبر أعظم حادث في تاريخ العرب خآاصة والبشرية‬
‫عامة‪ ،‬ولم يدون في تاريخ العرب أو السيرة شيء إلى أن مضت أيام الخآلفاء‪ ،‬بل لم يدون في هذه المدة‬
‫غير القرآن الكريم ومبادئ النأحو‪ ،‬فقد رأينأا‬
‫) ‪(1/5‬‬

‫المسلمين يحفزهم حرصهم على حفظ القرآن إلى كتابته في حياة النأبي صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ولما كانأت أيام الخآليفة – رضي ال عنأه – أحب أن يدون في التاريخ كتاب‪ ،‬فاستقدم عبيد بن شرية‬
‫الجرهمي من صنأعاء فكتب له كتاب "الملوك وأخآبار الماضين"‪ ،‬وبعد ذلك أخآذ أكثر من واحد من‬
‫العلماء يتجهون إلى علم التاريخ من نأاحيته الخآاصة ل العامة‪ ،‬وهي سيرة الرسول صلى ال عليه وسلم‪،‬‬
‫ولعلهم وجدوا في تدوين ما يتعلق به عليه الصلة والسلم شيئ ا يحقق ما في أنأفسهم من تعلق به‪ ،‬وحب‬
‫لتخآليد آثاره‪ ،‬بعد أن منأعوا من تدوين أحاديثه إلى أيام الخآليفة الراشدي الخآامس عمر بن عبد العزيز ‪1‬‬
‫– رضي ال عنأه – خآافة أن يخآتلط الحديث بالقرآن‪ ،‬فجاء أكثر من رجل كلهم محدث‪ ،‬فدونأوا في السيرة‬
‫كتباا‪ .‬نأذكر منأهم‪ :‬عروة بن الزبير بن العوام الفقيه المحدث الذي مكنأه نأسبه من قبل أبيه الزبير‪ ،‬وأمه‬
‫أسماء بنأت أبي بكر أن يروي الكثير من الخآبار والحاديث عن النأبي صلى ال عليه وسلم وحياة‬
‫صدر السلم‪.‬‬
‫وحسبك أن تعلم أن ابن إسحاق والواقدي والطبري‪ ،‬أكثروا من الخآذ عن عروة – رضي ال عنأه‪ -‬ول‬
‫سيما فيما يتعلق بالهجرة إلى الحبشة والمدينأة‪،‬وغزوة بدر إلى غير ذلك‪ .‬ولهذا كان ابن إسحاق من‬
‫أوائل من كتب كتاب ا في السيرة‪ ،‬ولذلك اعتبره العلماء شيخ رجال السيرة‪.‬‬
‫أضف إلى ذلك أن سيرة ابن إسحاق ت‪151 :‬هـ كانأت مقسمة إلى ثلثة أجزاء‪:‬‬
‫‪ -‬المبتدأ‪ ،‬ويتنأاول التاريخ الجاهلي‪.‬‬
‫‪ -‬المبعث‪ ،‬ويتنأاول حياة النأبي صلى ال عليه وسلم في مكة والهجرة‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ذكر الحافظ ابن حجر – رحمه ال – في "فتح الباري" ‪ 204 /1‬في شرحه قول الخآليفة عمر بن عبد‬
‫العزيز لبي بكر بن حزم‪" :‬انأظر ما كان من حديث رسول ال صلى ال عليه وسلم فاكتبه"‪.‬‬
‫وقال الحافظ في موضع آخآر من "فتح الباري" ‪" :218 /1‬أول من دون الحديث ابن شهاب الزهري‬
‫على رأس المائة بأمر الخآليفة عمر بن عبد العزيز‪ ،‬ثم كثر التدوين‪ ،‬ثم التصنأيف‪ ،‬وحصل بذلك خآير‬
‫كثير‪ ،‬فلله الحمد"‪.‬‬

‫) ‪(1/6‬‬

‫‪ -‬المغازي‪ ،‬وتشمل حياة النأبي صلى ال عليه وسلم في المدينأة المنأورة‪.‬‬


‫ثم قيض ال لهذا المجهود ‪ -‬مجهود ابن إسحاق ‪ -‬رجلا له شأنأه‪ ،‬هو أبو محمد عبد الملك بن هشام‬
‫ت‪213 :‬هـ المعافري‪ ،‬فجمع هذه السيرة ودونأها‪ ،‬وكان له فيها قلم لم ينأقطع عن تعقب ابن إسحاق في‬
‫الكثير مما أورده بالتحرير والخآتصار والنأقد‪ ،‬أو بذكر رواية أخآرى فات ابن إسحاق ذكرها‪ ،‬هذا إلى‬
‫تكملة أضافهان وأخآبار أتى بها‪.‬‬
‫ثم جاء من بعدهم أبو القاسم عبد الرحمن السهيلي المتوفي سنأة ‪518‬هـ فعنأي بهذا الكتاب وتنأاوله على‬
‫نأحو جديد ونأهج آخآر‪ ،‬وهو بمنأزلة الشرح والتعليق عليه‪ ،‬فوضع كتابه "الروض النأف" ‪ -‬وهو الكتاب‬
‫الذي بين أيدينأا‪ -‬في ظل مجهودي ابن إسحاق وابن هشام‪ ،‬يتعقبهما فيما أخآب ار بالتحرير والضبط‪ ،‬ثم‬
‫الشرح والزيادة‪ ،‬فجاء عمله هذا كتاب ا آخآر في السيرة بحجمه وكثرة ما حواه من آراء‪ ،‬تشهد لصاحبها‬
‫بطول الباع‪ ،‬وكثرة الطلع‪.‬‬
‫ومما نأقله صاحب "كشف الظنأون" ‪ 1‬في معرض حديثه عن كتاب "الروض النأف" قولا للمام السهيلي‬
‫يشرح فيه تأليفه لهذا الكتاب حيث يقول‪ ...":‬فإنأي اتنأحيت في هذا الملء بعد الستخآارة إلى إيضاح ما‬
‫وقع في سيرة رسول ال صلى ال عليه وسلم التي سبق إلى تأليفها أبو بكر محمد بن إسحاق المطلبي‪،‬‬
‫ولخآصها عبد الملك بن هشام المعافري النأسابة ما بلغنأي علمه ويسر لي فهمه من لفظ غريب أو إعراب‬
‫غامض أو كلم مستغلق أو نأسب عويص‪.‬‬
‫وكان بدء إملئي هذا الكتاب في محرم سنأة ‪ /569 /‬هـ تسع وستين وخآمسمائة‪ ،‬وكان الفراغ منأه في‬
‫جمادى الولى من ذلك العام تحصل فيه من فوائد العلوم والداب وأسماء الرجال والنأساب ومن الفقه‬
‫الباطن اللباب وتعليل النأحو وصنأعة العراب ما هو مستخآرج من نأيف على مائة وعشرين ديوانأ ا أو‬
‫نأحوها"‪ .‬اهـ‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬انأظر "كشف الظنأون" لحاجي خآليفة‪ .918 ،917 /1 :‬ط‪ .‬دار إحياء التراث ‪ -‬بل تاريخ‪.‬‬

‫) ‪(1/7‬‬

‫هذا وقد حظي كتاب "الروض النأف" اهتماما من قبل العلماء اللحقين‪ ،‬فاخآتصره عز الدين بن أبي‪،‬‬
‫المعروف بابن الجماعة المتوفى ‪ /819 /‬تسع عشة وثمانأمائة للهجرة وسماه "نأور الروض"وعليه حاشية‬
‫لقاضي القضاة يحيى المنأاوي المتوفى سنأة‪ /871 /‬هـ إحدى وسبعين وثمانأمائة‪ .‬ثم جرد سبطه زين‬
‫العابدين بن عبد الرؤوف هذه الحاشية‪.‬‬
‫وقد انأتفع بمادة هذا الكتاب كثير ممن جاؤوا بعده‪ ،‬ول سيما ابن القيم في كتابه "بدائع الفوائد"‪.‬‬
‫ومن الجدير بالذكر أن المام السهيلي تألق وعل شأنأه بين العلماء من خآلل هذا الكتاب‪ ،‬لنأهم وجدوا‬
‫من خآلله أن المام السهيلي بذلك جهدا بارعا صادعا بأن الرجل كان إماما في فنأون عصره بنأصيب‬
‫وفير‪ ،‬وقد لءم بين فنأون معرفته حتى جعل منأها وحدة يصدر عنأها في كل ما يكتب‪.‬‬
‫ومما يزيدنأا إعجاب ا بهذا المام أنأه فقد بصره‪ ،‬علم ا أن الكتب كانأت في زمانأه خآطوطة‪ ،‬فمتى طالع كل‬
‫هذا؟ وكيف طالعه؟ وتراثه يشهد له بأنأه استوعب كل ما قرأن‪ ،‬وبدت سعة اطلعه ونأفاذ بصيرته وقوة‬
‫تفكيره في أكثر ما كتب ‪.‬‬
‫ومما يجعلنأا أيضا شديدي الحترام لهذا الرجل ملحظة تلك الحقيقة التي تطالعنأا في كتابه هذان إنأها‬
‫المانأة الصادقة في النأقل‪ ،‬وفي نأسبة كل شيء إلى قائله‪ ،‬فلم يأت بزيادة مفتراه‪ ،‬أو يقترف في نأقله‬
‫نأقص ا قد يغير نأم مفهوم القولن ولهذا نأراه ينأقل ما يتفق مع الحق‪ ،‬وما يقاربه في بعض أحيانأه‪.‬‬
‫وكفى بالمرء شرف ا أن يعتنأي بقلمه وفكره وروحه بسيرة أشرف البشر سيدنأا محمد صلى ال عليه وسلم‬
‫ويحيطها بالرعاية والهتمام‪.‬‬
‫ولهذا كله فقد رأت دار إحياء التراث العربي في بيروت أن تعيد طبع كتاب‪:‬‬

‫) ‪(1/8‬‬

‫"الروض النأف" شرح سيرة ابن هشام ‪ 1‬طباعة حديثة وترتيب جديد‪ ،‬فأوكلوا لنأا العمل في هذا الكتاب‬
‫ضمن خآطة مقررة تتنأاسب وظروف الدار‪ ،‬وهذا شأن العديد من الكتب في كثير من دور النأشر كما هو‬
‫معروف‪.‬‬
‫وقد وضعنأا سيرة ابن هشام في أعلى الصفحات‪ ،‬يليها شرح المام السهيلين ثم يليه التعليقات والهوامش‬
‫في السفل‪.‬‬
‫وكانأت خآطة العمل في الكتاب كما يلي‪:‬‬
‫‪ -1‬تصحيح تجارب الشارح‪ ،‬وحل وتوضيح العديد من ألفاظه الغامضة وكلماته المصحفة‪.‬‬
‫‪ -2‬تخآريج اليات القرآنأية‪ ،‬والعديد من الحاديث النأبوية بعد ضبطها من مصادرها الساسية‪.‬‬
‫‪ -3‬وضع تعليقات وهوامش ضرورية للكتاب‪ ،‬حسبما تقتضيه الحاجة‪ ،‬وللمانأة هنأا‪ ،‬فقد اتنأفعنأا كثي ار‬
‫من تعليقات الستاذ عبد الرحمن الوكيل‪ ،‬فجزاه ال عنأا وعن المسلمين كل خآير‪.‬‬
‫‪ -4‬ضبط الكثير من العلم والكلمات الغريبة والشعار بالشكل لليضاح‪.‬‬
‫‪ -5‬وضعنأا محتوى موافق للشرح في نأهاية كل جزء‪ ،‬أضف إلى ذلك أنأنأا جعلنأا التراويس موافقة للشرح‬
‫أيض ا في كل الجزاء‪.‬‬
‫هذا‪ ،‬وزيادة في الفائدة فقد وضعنأا تراجم موجزة في أول الكتاب للئمة الثلثة‪:‬‬
‫ابن إسحاق صاحب السيرة‪ ،‬وابن هشام ملخآصها‪ ،‬والسهيلي شارحها‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬طبع الكتاب سابقا عدة مرات‪ ،‬وكان أفضل طبعاته تلك الطبعة التي حققها الستاذ الفاضل عبد‬
‫الرحمن الوكيل في ‪ 7‬مجلدات في طبعته الولى لعام ‪1410‬هـ= ‪1990‬م‪ ،‬وهذه الطبعة هي التي كانأت‬
‫أساس ا لعملنأا‪.‬‬

‫) ‪(1/9‬‬

‫وبعد‪ ،‬فهذا ما في وسعنأا تقديمه لخآدمة هذا الكتاب بما يسر ال به وأعان‪ .‬سائلين المولى تعالى أن‬
‫يتقبل منأا هذا العمل خآالص ا لوجهه الكريم‪ ،‬وأن يجعله ذخآ ار لنأا ولبائنأا وأمهاتنأا أجمعينأن وأن ينأفع به‬
‫عباده في كل حين‪ ،‬وآخآر دعوانأا أن الحمد ل رب العالمين‪.‬‬
‫بيروت في محرم ‪ /1421‬نأيسان ‪2000‬م وكتبه‬
‫الشيخ عمر عبد السلم السلمي‬

‫) ‪(1/10‬‬

‫ترجمة ابن إسحاق‪:‬‬


‫اسمه ونأسبه‪:‬‬
‫هو محمد بن إسحاق بن يسار خآيار‪ ،‬أبو بكر‪ ،‬ويقال أبو عبد ال المدنأي القرشي المطلبي‪ ،‬مولى قيس‬
‫بن مخآرمة‪ ،‬وجده‪ ،‬يسار كان من سبي "عين التمر" التي افتتحها المسلمون في السنأة الثانأية عشرة من‬
‫الهجرة أيام أبي بكر الصديق ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ ،-‬وهي بلدة قريبة من النأبار غربي الكوفة‪ ،‬وكان‬
‫فتحها على يد خآالد بن الوليد ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ .-‬وبكنأيسة "عين التمر" وجد المسلمون جد ابن إسحاق‬
‫بن الغلمة الذين كانأوا رهنأا في يد كسرى‪ ،‬كان معه جد عبد ال بن أبي إسحاق الحضرمي النأحوي‪ ،‬وجد‬
‫الكلبي‪ ،‬فجيء بيسار إلى المدينأة المنأورة‪.‬‬
‫مولده ووفاته‪:‬‬
‫ولد ابن إسحاق في المدينأة المنأورة شاب ا يافع ا جميل الوجه‪ ،‬فارسي الخآلقة‪ ،‬ومما ذكره ابن النأديم عنأه‪ :‬أن‬
‫أمير المدينأة بلغه أن محمدا يغازل النأساء‪ ،‬فأمر‬

‫) ‪(1/11‬‬
‫بإحضاره وضربه أسواطاا‪ ،‬ونأهاه عن الجلوس في مؤخآر المسجد ‪. 1‬‬
‫وممن أدرك ابن إسحاق في المدينأة المنأورة من الصحابة أنأس بن مالك – رضي ال عنأه ‪. -‬‬
‫ثم ما لبث ابن إسحاق أن ترك المدينأة ورحل إلى غيرها من البلدان‪ ،‬فكانأت رحلته اللى إلى السكنأدرية‬
‫سنأة ‪115‬هـ ‪ ،‬وفي السكنأدرية حدث عن جماعة من أهل مصر منأهم‪ :‬عبيد ال بن المغيرة‪ ،‬وعبيد ال‬
‫بن أبي جعفر‪ ،‬ويزيد بن حبيب‪ ،‬وغيرهم كثير‪ .‬وقد انأفرد ابن إسحاق برواية أحاديث عنأهم لم يروها‬
‫غيره‪.‬‬
‫ثم كانأت رحلته إلى الكوفة والجزيرة والري والحيرة وبغداد‪ ،‬وفي بغداد التقى بالخآليفة أبي جعفر‬
‫المنأصور‪ ،‬وصنأف لبنأه المهدي كتاب "السيرة" وكان أكثر رواته من تلك البلد‪ .‬وقد عاش ابن إسحاق‬
‫بقية حياته في بغداد إلى أن وافته المنأية يها سنأة ‪151‬هـ ‪ -‬على قول الخآزرجي – ودفن ابن إسحاق في‬
‫مقبرة لخآيزران من مقابر بغداد‪.‬‬
‫منأزلته ومكانأته يبن العلماء‪:‬‬
‫يعتبر ابن إسحاق أحد الئمة العلمن ول سيما في المغازي والسير‪ ،‬وهو الذي ألف السيرة المشهورة‬
‫النأسبة إلى ابن هشام‪ ،‬وقد ألفها بأمر من الخآليفة أبي جعفر المنأصور‪ ،‬ليعلمها لبنأه المهدي‪ ،‬وفي هذا‬
‫يقول ابن عدي عنأه‪" :‬لو لم يكن لبن إسحاق من الفضل إلى أنأه صرف الملوك عن الشتغال بكتب ل‬
‫يحصل منأه شيء‪ ،‬للشتغال بمغازي رسول ال صلى ال عليه وسلم ومبعثه ومبتدأ الخآلق‪ ،‬لكانأت هذه‬
‫الفضيلة سبق لها ابن إسحاق‪ ،‬وقد فتشت أحاديثه الكثيرة فلم أجدها تهيء أن يقطع عليه بالضعف‪،‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬لن المساجد آنأذاك يجتمع فيه الرجال والنأساء للصلة‪ ،‬فصفوف الرجال من المام وصفوف النأساء‬
‫خآلفها‪ ،‬وقد ورد حديثا عن النأبي صلى ال عليه وسلم في ذلك وهو قوله‪" :‬خآير صفوف الرجال أولها‬
‫وشرها آخآرها‪ ،‬وخآير صفوف النأساء آخآرها وشرها أولها" الحديث رواه مسلم في باب تسوية الصفوف‬
‫إواقامتها وفضل الول فالول منأها‪.‬‬

‫) ‪(1/12‬‬

‫وربما أخآطأ وأتهم في الشيء بعد الشيء كما يخآطئ غيره"‪.‬‬


‫كما أنأنأا نأجد غير واحد من الئمة العلمن كابن شهاب الزهري‪ ،‬وشعبة بن الحجاج وسفيان الثوري‪،‬‬
‫يوثقونأه ول يتهمونأه بشيء مما اتهمه به غيرهم‪.‬‬
‫فنأجد عالم ا جليلا كالمام مالك بن أنأس – رحمه ال ‪ ، -‬وآخآر كهشام بن عروة بن الزبير – رضي ال‬
‫عنأه ‪ ،-‬يكادان يخآرجانأه من حظيرة المحديثين‪ ،‬ول يدخآران وسعا في اتهامه بالكذب والدجل‪.‬‬
‫ومما قاله المام مالك عنأه‪" :‬ابن أسحاق كذاب ودجال من الدجاجلة" ‪ ،‬وروي عن المام أحمد بن حنأبل‬
‫– رحمه ال – أنأه قال‪" :‬ابن إسحاق ليس بحجة"‪ ،‬وحكم عليه ابن معينأفي رواية عنأه بأنأه سقيم‪ ،‬وليس‬
‫بحجة‪.‬‬
‫والحق – وال أعلم – أن الحاملين عليه لم تكن ساحتهم مبرأة عن الغاية‪،‬ولم تكن مع الحق مطابقة‪ ،‬لن‬
‫ابن إسحاق كان يطعن في نأسب مالك بن أنأس‪ ،‬وفي علمه ويقول‪ :‬ائتونأي ببعض كتبه حتى أبين‬
‫ل‪ ،‬وكانأت بينأهما هذه‬
‫عيوبه‪ ،‬فأنأا بيطار كتبه‪ .‬فانأبرى له مالك‪ ،‬وفتش هو الخآر عن عيوبه‪،‬وسماه دجا ا‬
‫الحرب الكلمية‪.‬‬
‫كام غاظ هشام بن عبد الملك من ابن إسحاق أنأه كان يدعي روايته عن امرأته‪ ،‬والرواية في ظن هشام‬
‫ل بد أن تصحبها الرؤية‪،‬ولقد فات هشام ا أن الرواية قد تكون من وراء حجاب‪ ،‬أو أن ابن إسحاق حمل‬
‫عنأها صغي ارا‪.‬‬
‫وأما ما رمي به ابن إسحاق من التدليس وغيره‪ ،‬فقد عقد في ذلك الخآطيب البغدادي في كتابه "تاريخ‬
‫بغداد"‪ ،‬وابن سيد النأاس في كتابه "عيون الثر" فصلين عرضا فيهما لتفنأيد جميع المطاعن التي وجهت‬
‫إليه‪.‬‬
‫يبقى هنأا مأخآذا على ابن إسحاق‪ ،‬وهو أنأه كانأت تعمل له الشعار‪،‬ويؤتى بها‪ ،‬ويسأل أن يدخآلها في‬
‫كتابه "السيرة" فيفعل ذلك بل وقوف ول تنأقيح‪.‬‬
‫وهذا مطعن في مقدار علمه بالشعر‪ ،‬فكان يقبل الشعار غثها وسمينأها‪ ،‬باطلها وصحيحها‪ ،‬ولو أن ابن‬
‫إسحاق حكم ذوقه‪ ،‬ووقف من هذه الشعار وقفة النأاقد‪،‬‬

‫) ‪(1/13‬‬

‫لخآص كتابه من أشعار أكثرها موضوعة‪ ،‬ولخآلص نأفسه من مطعن جارح يسجله عليه الخآرون على‬
‫مر السنأين‪.‬‬
‫ول بد من الشارة إلى أمر هام في حياة ابن إسحاق‪ ،‬وهو أنأه لم يتخآلف عنأه في الرواية كثير من الثقات‬
‫والئمة‪ ،‬فقد أخآرج له المام مسلم في المتابعات‪ ،‬واستشهد به البخآاري في مواضع‪ ،‬وروى له أبو داود‬
‫والترمذي والنأسائي وابن ماجة‪.‬‬
‫وقد روي هو عن أبيه وعن الزهري وخآلق غيرهم‪ ،‬وروى أيض ا عن شيخآه يحيى النأصاري‪ ،‬عبد ال بن‬
‫عون‪ ،‬وشعبة وسفيان الثوري وسفيان بن عيينأة‪.‬‬
‫وخآتام ا نأقول عن سيرته‪ :‬إن أصدق قول قيل فيه هو قول ابن عبد ال بن نأمير‪ ،‬حيث قال عنأه‪ :‬فقد‬
‫روى في السيرة عن المجهولين ما ل يحترمه الصدق‪ ،‬ورى أيض ا ما ينأفح بطيب الحق‪ ،‬وقد بقي فيها ما‬
‫ل يصح‪ ،‬رغم قيام ابن هشام بتهذيبها‪ ،‬وهو الذي يقول عن ابن إسحاق في مقدمة كتابه من أنأه سيترك‬
‫مما ذكر ابن إسحاق "أشعا ار ذكرها ولم أر أحدا من أهل العلم بالشعر يعرفها‪ ،‬وأشياء بعضها يشنأع‬
‫الحديث به‪ ،‬وبعض يسوء بعض النأاس ذكره‪ ،‬وبعض لم يقر لنأا البكائي بروايته‪ ،‬ومستقص – إن شاء‬
‫ال ‪ ،-‬سوى ذلك منأه بمبلغ الرواية له والعلم به"‪.‬‬
‫رحم ال محدثنأا ابن إسحاق شيخ رجال السيرة وجزاه ال عنأا وعن المسلمين كل خآير‪ ،‬وآخآر دعوانأا أن‬
‫الحمد ل رب العالمين‪.‬‬

‫) ‪(1/14‬‬

‫ترجمة ابن هشام‬


‫اسمه ونأسبه‪:‬‬
‫هو أبو محمد عبد الملك بن هشام بن أيوب الحميري ‪ ،1‬عاش في أكثر من بلد‪ ،‬ولذلك فمن الرواة من‬
‫ينأسبه إلى معافر بن يعفر‪،‬حيث نأزح منأهم إلى مصر جمهرة كثيرة‪ ،‬ومن الرواة من ينأسبه إلى ذهل‪،‬‬
‫وقيل غير ذلك‪ ،‬وهذا شأن كل من يتنأقل في البلدان ويهجر الوطان‪.‬‬
‫نأشأته‪:‬‬
‫نأشأ ابن هشام بالبصرة‪ ،‬وأخآذ العلم بدايةا عن علمائها آنأذاك‪ ،‬ثم ارتحل إلى مصر ليكمل علومه هنأاك‪،‬‬
‫ومن هنأا حصر الرواة حياة ابن هشام في هذين البلدين‪ ،‬والواقع أن ابن هشام تنأقل في بلدان كثيرة فلم‬
‫تكن حياته محصورة كذلك‪ ،‬وخآاصة في عصر كان العلم فيه يؤخآذ سماعا من العلماء‪ ،‬وكانأت الرحلت‬
‫العلمية ديدن العلماء‪.‬‬
‫مولده ووفاته‪:‬‬
‫لم تذكر المصادر المتوفرة لدينأا تاريخ مولد ابن هشام‪ ،‬وهذا حال كثير من العلماء السابقين‪ ،‬ويذكر‬
‫صاحب "العلم" أنأه ولد بالبصرة ونأشأ فيها‪ ،‬ثم قدم مصر‪،‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬نأسبة إلى حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان‪ ،‬وفي حمير بطون وأفخآاذ كثيرة‪.‬‬
‫انأظر‪" :‬النأباه" لبن عبد البر ‪ -‬ص‪. /120 /‬‬

‫) ‪(1/15‬‬

‫وحدث بها‪ ،‬وتوفي فيها‪ ،‬وقد اخآتلفت الروايات في وفاته‪ ،‬ففريق يقول كانأت وفاته سنأة ‪ 213‬ثلث عشرة‬
‫ومائتين للهجرة‪ ،‬وفريق آخآر يقول إن وفاته كانأت سنأة ‪218 /‬هـ‪ /‬وال أعلم بالصواب إواليه المرجع‬
‫والمآب‪.‬‬
‫منأزلته ومكنأته بين العلماء‪:‬‬
‫كان ابن هشام عالم ا بالنأساب واللغة وأخآبار العرب‪ ،‬وقد كان – رحمه ال‪ -‬إمام ا في النأحو واللغة‬
‫العربية‪ ،‬وهذا مما حكاه المام الذهبي عنأه‪،‬كما أنأه حين قدم مصر التقى به المام الشافعي – رضي ال‬
‫عنأه ‪ ،-‬وتنأاشدا الشعار كثي ارا‪ ،‬وهذا من غرائب ابن هشام‪ ،‬لنأه عنأدما كان ينأقل عن ابن إسحاق‬
‫الشعر‪ ،‬وكان بعضه ظاهر الفساد‪ ،‬فكان ل يستطيع أن يقطع فيه برأي‪ ،‬ويقول‪ :‬هكذا حدثنأا أهل العلم‬
‫بالشعر‪ .‬أضف إلى ذلك أن ابن هشام لما هذب سيرة ابن إسحاق خآفف كثي ار من أشعارها‪.‬‬
‫وقد أورد الدارقطنأي قولا عن المزنأي حيث يقول‪ :‬قدم علينأا الشافعي – رضي ال عنأه – وكان بمصر‬
‫عبد الملك بن هشام صاحب "المغازي" وكان علمة أهل مصر بالعربية والشعر‪ ،‬فقيل له في المصير‬
‫إلى الشافعي‪ ،‬فتثاقل‪ ،‬ثم ذهب إليه‪ ،‬فقال‪ :‬ما ظنأنأت أن ال يخآلق مثل الشافعي ‪ - 1‬رضي ال عنأه ‪.-‬‬
‫ويقول عنأه ابن خآلكان‪ :‬وهذا ابن هشام هو الذي جمع سيرة رسول ال صلى ال عليه وسلم من المغازي‬
‫والسير لبن إسحاق وهذبها ولخآصها‪ ،‬وشرحها السهيلي المذكور‪ ،‬وهي الموجودة بأيدي النأاس المعروفة‬
‫بسيرة ابن هشام‪.‬‬
‫آثار ابن هشام‪:‬‬
‫ولبن هشام العديد من الثار في كثير من الفنأون نأذكر منأها على سبيل الذكر ل الحصر‪:‬‬
‫‪" -1‬السيرة النأبوية" المعروف بسيرة ابن هشام‪ ،‬رواه عن ابن إسحاق‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬انأظر‪" :‬منأاقب الشافعي" للبيهقي ‪ ،42 /2‬و"توالي التأنأيس" ‪.60 /2‬‬

‫) ‪(1/16‬‬

‫‪" -2‬القصائد الحميرية" في أخآبار اليمن وملوكها في الجاهلية‪.‬‬


‫‪" -3‬التيجان لمعرفة ملوك الزمان" رواه عن أسد بن موسى‪ ،‬عن ابن سنأان‪ ،‬عن وهب بن منأبه‪.‬‬
‫‪" -4‬شرح ما وقع في أشعار السيرة من الغريب"‪.‬‬
‫‪" -5‬مصنأف في أنأساب حمير وملوكها"‪.‬‬
‫إلى غير ذلك من الكتب الخآرى في فنأون متنأوعة من أبواب العلم‪.‬ط‬
‫رحم ال عالمنأا الجليل عبد الملك بن هشام وجزاه ال عنأا وعن المسلمين خآير الجزاء سائلين المولى‬
‫تعالى أن يحشرنأا إواياهم تحت لواء المصطفى صلى ال عليه وسلم وآخآر دعوانأا أن الحمد ل رب‬
‫العالمين‪.‬‬

‫) ‪(1/17‬‬
‫ترجمة المام السهيلي‬
‫اسمه ونأسبه‪:‬‬
‫هو أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد ال بن أحمد بن أصبغ بن الحسين بن سعدون بن رضوان بن فتوح‬
‫بن الخآطيب أبي محمد بن الخآطيب أبي عمرو بن أبي الحسن الخآثعي السهيلي النأدلسي المالقي‪.‬‬
‫قال صاحب "الوفيات"‪ :‬والسهيلي سنأة ‪508 /‬هـ‪ /‬في النأدلس‪ ،‬وتوفي سنأة ‪581 /‬هـ‪ /‬في مراكش ‪.1‬‬
‫يقول ابن العماد الحنأبلي في كتابه "شذرات الذهب" إن أبا القاسم ممن توفوا سنأة‪581 /‬هـ‪ /‬في شعبان‬
‫من تلك السنأة‪ ،‬ويكون قد عاش اثنأتين وسبعين سنأة‪.‬‬
‫نأشأته‪:‬‬
‫نأشأ السهيلي في واد بالنأدلس يسمى سهيل من كورة مالقة‪ ،‬وهي قرية بالقرب‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬يقول ابن خآلكان عنأه في "وفيات العيان"‪ :‬ومولده سنأة ثمان وخآمسمائة للهجرة بمدينأة مالقة‪ ،‬وتوفي‬
‫بحضرة مراكش يوم الخآميس ‪ ،‬ودفن وقت الظهر‪ ،‬وهو السادس والعشرون من شعبان سنأة إحدى‬
‫وثمانأين وخآمسمائة للهجرة‪ .‬وقال عنأه أيضاا‪ :‬إنأه خآثعمي نأسبه إلى خآثعم بن أنأمار‪ ،‬وهي قبيلة كبيرة‪.‬‬

‫) ‪(1/19‬‬

‫من مالقة سميت باسم الكوكب ‪ ،1‬لنأه ل يرى في جميع النأدلس إل من جبل مطل عليها‪ ،‬ومالقة بفتح‬
‫اللم والقاف‪ ،‬هي مدينأة بالنأدلس‪.‬‬
‫ل‪ ،‬فنأهل من كنأوز العلم ما نأهل‪ ،‬وتزود من المعارف ما تزود‪ ،‬واشتهر‬
‫فأقام السهيلي بالنأدلس عم ار طوي ا‬
‫بين النأاس‪ ،‬فأخآذوا يقصدونأه ليأخآذوا عنأه العلم‪ ،‬فذاع سيطه في البلدان حتى وصل خآبره إلى مراكش‬
‫فطلبه واليها‪ ،‬وأكرمه وأحسن إليه‪ ،‬وأقبل بوجهه كل القبال عليه‪ ،‬ووله بها قضاء الجماعة ‪، 2‬وبقي‬
‫على ذلك الحال أعوام ا ثلثة إلى أن وافاه الجل فمات بها – رحمه ال ‪. -‬‬
‫أخآلقه وعلمعه‪:‬‬
‫إذا نأظرنأا مليا في مؤلفات المام السهيلي لظهر لنأا جليا اتجاهه الخآلقي النأبيل‪ ،‬فقد عاش لنأصرة هذا‬
‫الدين فوهب له حياته ما بين درس له‪ ،‬وتأليف فيه‪ ،‬ولهذا عرف بين النأاس بالصلح واشتهر بالورع‬
‫والتقوى‪ ،‬أضف إلى ذلك أنأه كان ببلده يتسوغ بالعفاف‪ ،‬ويتبلغ بالكفاف‪.‬‬
‫كان السهيلي – رحمه ال – مالكي المذهب‪ ،‬وكان ضري ار منأذ السابعة عشرة من عمره‪ ،‬وأخآذ القراءات‬
‫عن سليمان بن يحيى وجماعة‪ ،‬وروى عن أبي بكر بن العربي وكبار رجال العلم في تلك البلد‪ ،‬فأخآذ‬
‫اللغة والداب عن ابن الطراوة‪،‬ونأاظره في "كتاب سيبويه"‪.‬‬
‫وتصدر للفتاء والتدريس والحديث‪ ،‬فجمع بين الرواية والدراية‪ ،‬فأخآذ النأاس عنأه وانأتفعوابه‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬وهو سهيل‪ ،‬وهو كوكب يمان ل يرى بخآراسان‪ ،‬ويرى بالعراق‪ ،‬وقال ابن كنأاسة‪ :‬سهيل يرى بالحجاز‪،‬‬
‫وفي جميع أرض العرب‪ ،‬ول يرى بأرمينأية‪ .‬انأظر "اللسان" وعد الصفدي في "الوفيات"‪ :‬وأصله من قرية‬
‫بوادي سهيل نأم كورة مالقة‪ ،‬وهي – كما وصفها ياقوت في "معجمه" – سورها على شاطئ البحر بين‬
‫الجزيرة الخآضراء والمرية‪.‬‬
‫‪ 2‬ووالي مراكش هو‪ :‬أبو يعقوب بن عبد المؤمن الذي تولى إمرة الموحدين في المغرب سنأة ‪/‬‬
‫‪558‬هـ‪ . /‬ويقال‪ :‬إنأه استدعى السهيلي سنأة ‪578 /‬هـ‪./‬‬

‫) ‪(1/20‬‬

‫ومما حكي عن السهيلي أنأه قال‪ :‬أخآبرنأا أبو بكر بن العربي في مشيخآته عن أبي المعالي‪ ،‬أنأه سأله في‬
‫مجلسه رجل من العوام فقال‪ :‬أيها الفقيه المام‪ :‬أريد أن تذكر لي دليلا شرعيا على أن ال تعالى ل‬
‫يوصف بالجهة‪ ،‬ول يحدد بها‪ .‬فقال‪ :‬نأعم قول رسول ال صلى ال عليه وسلم‪" :‬ل تفضلونأي على يونأس‬
‫بن متى" فقال الرجال‪ :‬إنأي ل أعرف وجه الدليل من هذا الدليل‪،‬وقال كل من حضر المجلس مثل قول‬
‫الرجل فقال أبو المعالي‪ :‬أضافنأي الليلة ضيف له علي ألف دينأار‪ ،‬وقد شغلت بالي‪ ،‬فلو قضيت عنأي‬
‫قلتها‪ ،‬فقام رجلن من التجارة فقال‪ :‬هي في ذمتنأا‪ ،‬فقال أبو المعالي‪ :‬لو كان رجلا واحدا يضمنأها كان‬
‫أحب إلين فقال أحد الرجلين أو غيرهما‪ :‬هي في ذمتين فقال أبو المعالي‪ :‬نأعم إن ال تعالى أسرى بعبده‬
‫إلى فوق سبع سموات‪ ،‬حتى سمع صرير القلم‪ ،‬والتقم يونأس الحوت‪ ،‬فهوي به إلى جهة التحت من‬
‫الظلمات ما شاء ال‪ ،‬فلم يكن سيدنأا محمد صلى ال عليه وسلم في علو مكانأه بأقرب إلى ال تعالى من‬
‫يونأس في بعد مكانأه‪ ،‬فال تعالى ل يتقرب إليه بالجرام والجسام‪ ،‬إوانأما يتقرب إليه بصالح العمال‪.‬‬
‫وكان المام السهيلي فوق هذا شاع ارا‪ ،‬فله أبيات مشهورة في الفرج‪:‬‬
‫قال ابن دحية السهيلي‪ :‬أنأشدنأيها وقال‪ :‬ما يسأل ال بها في حاجة إل قضاه إياها وهي‪:‬‬
‫يا من ي ار ما في الضمير ويسمع ‪ ...‬أنأت المعد لكل ما يتوقع‬
‫يامن يرجى للشدائد كلها ‪ ...‬يا من إليه المشتكى والمفزع‬
‫يا من خآزائن ملكه في قول‪ :‬كن ‪ ...‬أمنأن فإن الخآير عنأد أجمع‬
‫مالي سوى قرعي لبابك حيلة ‪ ...‬فلئن رددت فأي باب أقرع‬
‫مالي سوى فقري إليك وسيلة ‪ ...‬وبالفتقار إليه فقري أدفع‬
‫من ذا الذي أدعو وأهتف باسمه ‪ ...‬إن كان فضلك عن فقيرك يمنأع‬
‫حاشا لمجدك أن تقنأط عاصي ا ‪ ...‬والفضل أجزل والمواهب أوسع‬
‫ثم الصلة على النأبي وآله ‪ ...‬خآير النأام ومن به يستشفع ‪1‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في مصادر أخآرى مغايرة طفيفة لما هنأا مثل‪ :‬يا من خآزائن رزقه‪ ،‬فبالفتقار إليه ربي أضرع‪ ،‬إن كان‬
‫فضلك عن فقير يمنأع‪.‬‬

‫) ‪(1/21‬‬

‫ويقول الصفدي في كتابه "نأكت الهميان"‪ :‬ومن شعره يرثي بلدهن وكان الفرنأج قد ضربته‪ ،‬وقتلت رجاله‬
‫ونأساءه "وقتلوا أهله وأقاربه‪ ،‬وكان غائب ا عنأهم‪ ،‬فاستأجر من أركبه دابة‪ ،‬وأتي به إليهن فوقف إزاءه‬
‫وقال" ‪:1‬‬
‫يا دار أين البيض والرام! ‪ ...‬أم أين جيران علي كرام‬
‫راب المحب من المنأازل أنأه ‪ ...‬حيا‪ ،‬فلم يرجع إليه سلم‬
‫أخآرسن أم بعد المدى فنأسينأه ‪ ...‬أم غال من كان المجيب حمام‬
‫دمعي شهيدي أنأنأي لم أنأسهم ‪ ...‬إن السلو على المحب حرام‬
‫لما أجابنأي الصدى عنأهم‪ ،‬ولم ‪ ...‬يلج المسامع للحبيب كلم‬
‫طارحت ورق حمامها مترنأما ‪ ...‬بمقال صب‪ ،‬والدموع سجام‬
‫يا دار ما صنأعت بك اليام ‪ ...‬ضامتك‪ ،‬واليام ليس تضام‬
‫ومن شعره ايضاا‪:‬‬
‫إذا قلت يوماا‪ :‬سلم عليكم ‪ ...‬ففيها شفاء وفيها السقام‬
‫شفاء إذا قلتها مقبل ‪ ...‬إوان أنأت أدبرت فيها الحمام‬
‫مؤلفات المام السهيلي‪:‬‬
‫وللمام السهيلي – رحمه ال – مؤلفات كثيرة من العلوم نأذكر منأها على سبيل المثال ل الحصر‪:‬‬
‫‪" -1‬الروض النأف" وهو من أهم كتبه‪ ،‬وهو الكتاب الذي بين أيدينأا‪.‬‬
‫‪" -2‬التعريف والعلم فيما أبهم في القرآن من السماء العلم"‪.‬‬
‫‪" -3‬نأتائج الفكر"‪.‬‬
‫‪" -4‬شرح آية الوصية في الفرائض"‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬مابين المعكوفتين من كتاب "المغرب في حلى المغرب"‪.‬‬
‫) ‪(1/22‬‬

‫‪" -1‬مسألة السر في عور الدجال"‪.‬‬


‫‪" -2‬مسألة رؤية ال عز وجل"‪.‬‬
‫‪" -3‬شرح الجمل" ‪.1‬‬
‫إلى غير ذلك من تآليفه المفيدة‪ ،‬وهنأاك مسائل كثيرة غير هذه اكتفى المترجمون بالشارة إليه دون‬
‫التصريح بأسمائها‪.‬‬
‫رحم ال المام السهيلي‪ ،‬وجزاه عنأا وعن السلم والمسلمين كل خآير‪ ،‬وجعلنأا إواياه من أهل الجنأة مع‬
‫النأبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقاا‪ ،‬وآخآر دعوانأا أن الحمد ل رب العالمين‪.‬‬
‫أعد هذه التراجم ورتبها‬
‫الشيخ عمر بن عبد السلم السلمي‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬قال الصفدي في كتابه "نأكت الهميان"‪ :‬كتاب "شرح الجمل" لم يتم‪.‬‬

‫) ‪(1/23‬‬

‫ذكر سرد النأسب الزكي من محمد صلى ال عليه وآله وسلم إلى آدم عليه السلم‬
‫‪...‬‬
‫بسم ال الرحمن الرحيم‬
‫الحمد ل رب العالمين وصلواته على سيدنأا محمد وآله أجمعين‪.‬‬
‫ذكر سرد النأسب الزكي من محمد ‪ -‬صلى ال عليه وآله وسلم ‪ -‬إلى آدم عليه السلم‬
‫قال أبو محمد عبد الملك بن هشام ]النأحوي[‪:‬‬
‫هذا كتاب سيرة رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وآله وسلم ‪ -‬محمد بن عبد ال بن عبد المطلب‪ ،‬واسم عبد‬
‫المطلب‪ :‬شيبة بن هاشم واسم هاشم‪:‬‬
‫__________‬
‫تفسير نأسب رسول ال صلى ال عليه وسلم‬
‫قد ذكرنأا في كتاب التعريف والعلم بما أبهم في القرآن من السماء العلم معانأي بديعة وحكمة من‬
‫ال بالغة في تخآصيص نأبيه محمد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بهذين السمين‪ :‬محمد وأحمد فلتنأظر‬
‫هنأاك ولعلنأا أن نأعود إليه في باب مولده من هذا الكتاب ‪ -‬إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫عبد المطلب‪:‬‬
‫وأما جده عبد المطلب‪ ،‬فاسمه عامر في قول ابن قتيبة‪ ،‬وشيبة ‪ 1‬في قول ابن إسحاق وغيره وهو‬
‫الصحيح‪ .‬وقيل سمي شيبة لنأه ولد وفي رأسه شيبة‪ ،‬وأما‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬جزم به القسطلنأي في "شرحه للبخآاري"‪ ،‬وعلل إضافة الحمد أنأه رجاء أن يكبر ويشيخ ويكثر حمد‬
‫النأاس له ويقول الطبري عن سبب تسميته بشيبة كان في رأسه شيبة‪.‬‬

‫) ‪(1/25‬‬

‫‪................................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫غيره من العرب ممن اسمه شيبة فإنأما قصد في تسميتهم بهذا السم التفاؤل لهم‪ ،‬ببلوغ سن الحنأكة ‪1‬‬
‫والرأي كما سموا بهرم وكبير وعاش عبد المطلب مائة وأربعين سنأة وكان لدة ‪ 2‬عبيد بن البرص‬
‫الشاعر غير أن عبيدا مات قبله بعشرين سنأة قتله المنأذر أبو النأعمان بن المنأذر‪ ،‬ويقال إن عبد المطلب‬
‫أول من خآضب بالسواد من العرب‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫وقد ذكر ابن إسحاق سبب تلقيبه بعبد المطلب‪ .‬والمطلب مفتعل من الطلب‪.‬‬
‫هاشم‪:‬‬
‫وأما هاشم فعمر ‪ -‬كما ذكر ‪ -‬وهو اسم منأقول من أحد أربعة أشياء من العمر الذي هو العمر أو العمر‬
‫الذي هو من عمور السنأان وقاله القتبي‪ :‬أو العمر الذي هو طرف الكم يقال سجد على عمريه أي على‬
‫كميه أو العمر الذي هو القرط كما قال التنأوخآي‪:‬‬
‫وعمرو هنأد كأن ال صوره‬
‫عمرو ‪ 3‬بن هنأد يسوم النأاس تعنأيتا‬
‫وزاد أبو حنأيفة وجها خآامسا‪ ،‬فقال في العمر الذي هو اسم لنأخآل السكر ويقال فيه عمر أيضا‪ ،‬قال يجوز‬
‫أن يكون أحد الوجوه التي بها سمي الرجل عم ار وقال كان ابن أبي ليلى يستاك بعسيب العمر ‪4‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬التجربة والبصر بالمور‪.‬‬
‫‪ 2‬بكسر اللم وفتح الدال من ولد معك في وقت واحد‪.‬‬
‫‪ 3‬يقول إن هنأد مثل عمرو بن هنأد أحد الملوك في الجاهلية‪.‬‬
‫‪ 4‬العسيب‪ :‬جريدة النأخآل‪.‬‬
‫) ‪(1/26‬‬

‫عمرو بن عبد منأاف‪ .‬واسم عبد منأاف‪ :‬المغيرة بن قصي‪] ،‬واسم قصي‪ :‬زيد[‬
‫__________‬
‫عبد منأاف‪:‬‬
‫وعبد منأاف اسمه المغيرة ‪ -‬كما ذكر ‪ -‬وهو منأقول من الوصف والهاء فيه للمبالغة أي إنأه مغير على‬
‫العداء أو مغير من أغار الحبل إذا أحكمه ودخآلته الهاء كما دخآلت في علمة ونأسابة لنأهم قصدوا‬
‫قصد الغاية وأجروه مجرى الطامة والداهية وكانأت الهاء أولى بهذا المعنأى لن مخآرجها غاية الصوت‬
‫ومنأتهاه ومن ثم لم يكسر ما كانأت فيه هذه الهاء فيقال في علمة علليم وفي نأسابة نأساسيب كي ل‬
‫يذهب اللفظ الدال على المبالغة كما لم يكسر السم المصغر كي ل تذهب بنأية التصغير وعلمته‪.‬‬
‫ويجوز أن تكون الهاء في مغيرة للتأنأيث ويكون منأقول من وصف كتيبة أو خآيل مغيرة‪ ،‬كما سموا‬
‫بعسكر‪ .‬وعبد منأاف هذا كان يلقب قمر البطحاء ‪ -‬فيما ذكر الطبري ‪ -‬وكانأت أمه حبى قد أخآدمته‬
‫منأاة وكان صنأما عظيما لهم وكان سمي به عبد منأاة ثم نأظر قصي فرآه يوافق عبد منأاة بن كنأانأة فحوله‬
‫عبد منأاف‪ .‬ذكره البرقي والزبير أيضا‪ ،‬وفي المعيطي عن أبي نأعيم قال قلت لمالك ما كان اسم عبد‬
‫المطلب؟ قال شيبة‪ .‬قلت‪ :‬فهاشم؟ قال عمرو‪ ،‬قلت‪ :‬فعبد منأاف؟ قال‪ :‬ل أدري ‪1‬قصي‪:‬‬
‫وقصي اسمه‪ :‬زيد وهو تصغير قصي أي‪ :‬بعيد لنأه بعد عن عشيرته في بلد قضاعة حين احتملته‬
‫أمه فاطمة مع رابه ‪ 2‬ربيعة بن حرام على ما سيأتي بيانأه في الكتاب ‪ -‬إن شاء ال تعالى ‪ -‬وصغر‬
‫على فعيل وهو تصغير فعيل ‪ 3‬لنأهم كرهوا‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬يقول ابن دريد‪ :‬منأاف صنأم من ينأوف إذا ارتفع وعل‪.‬‬
‫‪ 2‬الراب‪ :‬زوج الم يربي ابنأها من غيره‪.‬‬
‫‪ 3‬وقصي تصغير قاص إوانأما سمي قصي ا لنأه قصي عن قومه‪ ،‬يقال‪ :‬قصا الرجل يقصو قصواا‪.‬‬

‫) ‪(1/27‬‬

‫ابن كلب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النأضر‬


‫__________‬
‫اجتماع ثلث ياءات فحذفوا إحداهن وهي الياء الزائدة الثانأية التي تكون في فعيل نأحو قضيب فبقي‬
‫على وزن فعيل ويجوز أن يكون المحذوف لم الفعل فيكون وزنأه فعيا‪ ،‬وتكون ياء التصغير هي الباقية‬
‫مع الزائدة فقد جاء ما هو أبلغ في الحذف من هذا‪ ،‬وهي قراءة قنأبل يا بنأي ببقاء ياء التصغير وحدها‪،‬‬
‫وأما قراءة حفص يا بنأي فإنأما هي ياء التصغير مع ياء المتكلم ولم الفعل محذوفة فكان وزنأه فعي ومن‬
‫كسر الياء قال يا بنأي فوزنأه يا فعيل‪ ،‬وياء المتكلم هي المحذوفة في هذه القراءة‪.‬‬
‫كلب‪:‬‬
‫وأما كلب فهو منأقول إما من المصدر الذي هو معنأى المكالبة نأحو كالبت العدو مكالبة وكلبا‪ ،‬إواما‬
‫من الكلب جمع كلب‪ ،‬لنأهم يريدون الكثرة كما سموا بسباع وأنأمار‪ .‬وقيل لبي الرقيش الكلبي ‪1‬‬
‫العرابي لم تسمون أبنأاءكم بشر السماء نأحو كلب وذئب وعبيدكم بأحسن السماء نأحو مرزوق ورباح؟‬
‫فقال إنأما نأسمي أبنأاءنأا لعدائنأا‪ ،‬وعبيدنأا لنأفسنأا‪ ،‬يريد أن البنأاء عدة العداء وسهام في نأحورهم‬
‫فاخآتاروا لهم هذه السماء‪.‬‬
‫مرة‪:‬‬
‫ومرة منأقول من وصف الحنأظلة والعلقمة وكثي ار ما يسمون بحنأظلة وعلقمة ويجوز أن تكون الهاء‬
‫للمبالغة فيكون منأقول من وصف الرجل بالم اررة ويقوي هذا قولهم تميم بن مر‪ ،‬وأحسبه من المسمين‬
‫بالنأبات لن أبا حنأيفة ذكر أن المرة بقلة تقلع فتؤكل بالخآل والزيت يشبه ورقها ورق الهنأدباء ‪.2‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬زيادة من "القلئد" للقلقشنأدي وهو الدقيش‪.‬‬
‫‪ 2‬بكسر الهاء وفتح الدال أو كسرها‪ ،‬بقل زراعي حولي معروف‪.‬‬

‫) ‪(1/28‬‬

‫‪................................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫كعب‪:‬‬
‫وأما كعب فمنأقول إما من الكعب الذي هو قطعة من السمن أو من كعب القدم وهو عنأدي أشبه لقولهم‬
‫ثبت ثبوت الكعب وجاء في خآبر ابن الزبير أنأه كان يصلي عنأد الكعبة يوم قتل وحجارة المنأجنأيق ‪ 1‬تمر‬
‫بأذنأيه وهو ل يلتفت كأنأه كعب راتب‪.‬‬
‫وكعب بن لؤي هذا أول من جمع يوم العروبة ولم تسم العروبة‪ .‬الجمعة إل منأذ جاء السلم في قول‬
‫بعضهم وقيل هو أول من سماها الجمعة فكانأت قريش تجتمع إليه في هذا اليوم فيخآطبهم ويذكرهم‬
‫بمبعث النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ويعلمهم أنأه من ولده ويأمرهم باتباعه واليمان به وينأشد في هذا‬
‫أبياتا منأها قوله‪:‬‬
‫يا ليتنأي شاهد فحواء دعوته‬
‫إذا قريش تبغي الحق خآذلنأا‬
‫وقد ذكر الماوردي هذا الخآبر عن كعب في كتاب الحكام له‬
‫لؤي‪:‬‬
‫وأما لؤي‪ ،‬فقال ابن النأباري هو تصغير اللي وهو الثور الوحشي وأنأشد‪:‬‬
‫يعتاد أدحية بقين بقفرة‬
‫ميثاء يسكنأها اللي والفرقد ‪2‬‬
‫قال أبو حنأيفة‪ :‬اللي هي البقرة قال وسمعت أعرابيا يقول بكم لءك هذه وأنأشد في وصف فلة‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬آلة قديمة من آلت الحصار كانأت ترمي بها حجارة ثقيلة على السوار فتهدمها وهي مؤنأثة معربة‪.‬‬
‫‪ 2‬أدحية‪ :‬أمكنأة بيض النأعام‪ ،‬ميثاء‪ :‬لينأة سهلة‪ ،‬الفرقد‪ :‬ولد البقر‪.‬‬

‫) ‪(1/29‬‬

‫ابن كنأانأة بن خآزيمة بن مدركة‪ ،‬واسم مدركة‪ :‬عامر بن إلياس بن مضر بن‬
‫ــــ‬
‫كظهر اللي لو يبتغي رية بها ‪ ...‬نأها ار لعيت في بطون الشواجن‬
‫الشواجن‪ :‬شعب الجبال‪ ،‬والرية‪ :‬مقلوب من ورى الزنأد وأصله‪ :‬ورية وهو الحراق الذي يشعل به الشررة‬
‫من الزنأد وهو عنأدي تصغير لي واللي البطء كأنأهم يريدون معنأى النأاة وترك العجلة وذلك أنأي ألفيته‬
‫في أشعار بدر مكب ار على هذا اللفظ في شعر أبي أسامة حيث يقول‪:‬‬
‫فدونأكم بنأي لي أخآاكم ‪ ...‬ودونأك مالكا يا أم عمرو ‪1‬‬
‫مع ما جاء في بيت الحطيئة في غيره‪:‬‬
‫أتت آل شماس بن لي إوانأما ‪ ...‬أتاهم بها الحلم والحسب العد ‪2‬‬
‫وفي الحديث من قول أبي هريرة‪:‬‬
‫"والراوية يومئذ يستقى عليها" أحب إلي من شاء ولء‪ ،‬فاللء ههنأا جمع اللئي‪ ،‬وهو الثور مثل الباقر‬
‫والجامل وتوهم ابن قتيبة أن قوله لء مثل ماء فخآطأ الرواية وقال إنأما هو ألء مثل ألعاع جمع لي‬
‫وليس الصواب إل ما تقدم وأنأه لء مثل جاء‪.‬‬
‫فهروغيره‪:‬‬
‫وأما فهر فقد قيل إنأه لقب والفهر من الحجارة الطويل واسمه قريش وقيل بل اسمه فهر وقريش لقب له‬
‫على ما سيأتي الخآتلف فيه ‪ -‬إن شاء ال تعالى ‪ -‬ومالك والنأضر وكنأانأة ل إشكال فيها‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ستأتي القصيدة كاملة في الشعر الذي قيل في قتلى بدر من المشركين‪ ،‬ويريد ببنأي لي بنأي لؤي‪.‬‬
‫‪ 2‬العد‪ :‬القديم‪.‬‬

‫) ‪(1/30‬‬

‫‪...............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫خآزيمة‪:‬‬
‫وخآزيمة والد كنأانأة تصغير خآزمة وهي واحدة الخآزم ويجوز أن يكون تصغير خآزمة وكلهما موجود في‬
‫أسماء النأصار وغيرهم وهي المرة الواحدة من الخآزم ‪ 1‬وهو شد الشيء إواصلحه وقال أبو حنأيفة الخآزم‬
‫مثل الدوم تتخآذ من سعفه الحبال ويصنأع من أسافله خآليا للنأحل وله ثمر ل يأكله النأاس ولكن تألفه‬
‫الغربان وتستطيبه‪.‬‬
‫مدركة إوالياس‪:‬‬
‫وأما مدركة ‪ 2‬فمذكور في "الكتاب" إوالياس أبوه قال فيه ابن النأباري إلياس بكسر الهمزة وجعله موافقا‬
‫لسم إلياس النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وقال في اشتقاقه أقوال منأها‪ :‬أن يكون فعيال من اللس‬
‫وهي الخآديعة وأنأشد من فهة ‪ 3‬الجهل واللسة‪.‬‬
‫ومنأها أن اللس اخآتلط العقل وأنأشدوا‪:‬‬
‫إنأي إذا لضعيف العقل مألوس‬
‫ومنأها‪ :‬أنأه إفعال من قولهم‪ :‬رجل أليس وهو الشجاع الذي ل يفر‪ .‬قال العجاج‪:‬‬
‫أليس عن حوبائه ‪ 4‬سخآي‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الخآزم‪ :‬شجر تتخآذ من لحائه الجبال‪ ،‬وهو خآوص الدوم‪.‬‬
‫‪ 2‬لقب مدركة لنأه أدرك البل التي كانأت قد ضلت وهو من أدرك يدرك إدارك ا أي لحق‪.‬‬
‫‪ 3‬الفهة‪ :‬العي والزلة والجهلة‪.‬‬
‫‪ 4‬الحوباء‪ :‬النأفس أو روع القلب‪.‬‬

‫) ‪(1/31‬‬
‫نأزار بن معد بن عدنأان بن ]أدد‪ ،‬ويقال[‪ :‬أدد بن مقوم بن‬
‫ــــ‬
‫وقال الشاعر‪:‬‬
‫أليس كالنأشوان وهو صاح‪.‬‬
‫وفي "غريب الحديث" للقتبي أن فلنأا‪ :‬أليس أهيس ألد ملحس‪ .‬إن سئل أزز إوان دعي انأتهز‪ .‬وقد فسره‬
‫وزعم أن أهيس مقلوب الواو وأنأه مرة من الهوس وجعلت واوه ياء لزدواج الكلم فالليس الثابت الذي ل‬
‫يبرح والذي قاله غير ابن النأباري أصح‪ ،‬وهو أنأه الياس سمي بضد الرجاء واللم فيه للتعريف والهمزة‬
‫همزة وصل وقاله قاسم بن ثابت في الدلئل ‪ 1‬وأنأشد أبياتا شواهد منأها قول قصي‪:‬‬
‫إنأي لدى الحرب رخآي اللبب ‪ ...‬أمهتي خآنأدف والياس أبي ‪2‬‬
‫ويقال إنأما سمي السل داء ياس وداء إلياس لن إلياس بن مضر مات منأه‪ .‬قال ابن هرمة‬
‫يقول العاذلون إذا أرونأي ‪ ...‬أصبت بداء ياس فهو مودي‬
‫وقال ابن أبي عاصية‪:‬‬
‫فلو كان داء إلياس بي‪ ،‬وأعانأنأي ‪ ...‬طبيب بأرواح العقيق شفانأيا‬
‫وقال عروة بن حزام‪:‬‬
‫بي إلياس أو داء الهيام أصابنأي ‪ ...‬فإياك عنأي ل يكن بك ما بيا‬
‫ويذكر عن النأبي صلى ال عليه وسلم أنأه قال "ل تسبوا إلياس فإنأه كان مؤمنأا" وذكر أنأه كان يسمع في‬
‫صلبه تلبية النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بالحج‪ .‬ينأظر في كتاب "المولد" للواقدي‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬هو ابن حزم العوفي المالكي النأدلسي الفقيه المحدث ت ‪302‬هـ(‪.‬‬
‫‪ 2‬اللبب‪ :‬المنأحر وموضع القلدة من الصدر وهو ما يشد في صدر الدابة‪.‬‬

‫) ‪(1/32‬‬

‫‪...................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫إوالياس أول من أهدى البدن للبيت‪ .‬قاله الزبير‪ .‬وأم إلياس الرباب بنأت حميرة بن معد بن عدنأان قاله‬
‫الطبري‪ ،‬وهو خآلف ما قاله ابن هشام في هذا الكتاب‪.‬‬
‫وأما مضر‪ ،‬فقد قال القتبي هو من المضيرة أو من اللبن الماضر والمضيرة شيء يصنأع من اللبن فسمي‬
‫مضر لبياضه والعرب تسمي البيض أحمر فلذلك قيل مضر الحمراء وقيل بل أوصى له أبوه بقبة‬
‫حمراء‪ ،‬وأوصى لخآيه ربيعة بفرس فقيل مضر الحمراء وربيعة الفرس‪.‬‬
‫ومضر أول من سن للعرب حداء البل ‪ 1‬وكان أحسن النأاس صونأا فيما زعموا ‪ -‬وسنأذكر سبب ذلك‬
‫فيما بعد ‪ -‬إن شاء ال تعالى ‪ -‬وفي الحديث المروي "ل تسبوا مضر ول ربيعة‪ ،‬فإنأهما كانأا مؤمنأين"‬
‫ذكره الزبير بن أبي بكر‪.‬‬
‫نأزار ومعد‪:‬‬
‫وأما نأزار‪ ،‬فمن النأزر وهو القليل وكان أبوه حين ولد له ونأظر إلى النأور بين عينأيه وهو نأور النأبوة الذي‬
‫كان ينأتقل في الصلب إلى محمد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬فرح فرحا شديدا به ونأحر وأطعم وقال إن‬
‫هذا كله نأزر لحق هذا المولود فسمي نأ از ار لذلك ‪.2‬‬
‫وأما معد أبوه فقال ابن النأباري فيه ثلثة أقوال أحدها‪ ،‬أن يكون مفعل من العد والثانأي أن يكون فعل‬
‫من معد في الرض أي أفسد كما قال‪:‬‬
‫وخآاربين خآربا فمعدا ‪ ...‬ما يحسبان ال إل رقدا ‪3‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ذكر ابن الثير‪ :‬أنأه سقط عن بعيره فجعل يقول‪ :‬يا يداه فأتته البل‪.‬‬
‫‪ 2‬قال الصفهانأي‪ :‬سمي بذلك لنأه كان فريد عصره‪ ،‬وقيل لنأحافته‪ ،‬وقال الماوردي‪ :‬أنأه كان مهزول‬
‫البدن‪.‬‬
‫‪ 3‬معد في الرض‪ :‬إذا أبعد في الذهاب‪.‬‬

‫) ‪(1/33‬‬

‫‪................................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫إوان كان ليس في السماء ما هو على وزن فعل بفتح الفاء إل مع التضعيف فإن التضعيف يدخآل في‬
‫الوزان ما ليس فيها كما قالوا‪ .‬شمر وقشعريرة ولول التضعيف ما وجد مثل هذا‪ ،‬ونأحو ذلك الثالث أن‬
‫يكون من المعدين وهما موضع عقبي الفارس من الفرس ‪ 1‬وأصله على القولين الخآيرين من المعد‬
‫بسكون العين وهو القوة ومنأه اشتقاق المعدة‪.‬‬
‫عدنأان‪:‬‬
‫وأما عدنأان ففعلن من عدن إذا أقام ولعدنأان أخآوان نأبت وعمرو فيما ذكر الطبري‪.‬‬
‫النأسب قبل عدنأان‪:‬‬
‫وأدد مصروف‪ .‬قال ابن السراج‪ .‬هو من الود وانأصرف لنأه مثل ثقب وليس معدول كعمر وهو معنأى‬
‫قول سيبويه‪.‬‬
‫وقد قيل في عدنأان هو ابن ميدعة وقيل ابن يحثم قاله القتبي وما بعد عدنأان من السماء مضطرب فيه‬
‫فالذي صح عن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أنأه انأتسب إلى عدنأان لم يتجاوزه بل قد روي عن‬
‫طريق ابن عباس أنأه لما بلغ عدنأان‪ .‬قال "كذب النأسابون مرتين أو ثلثا" ‪ ،2‬والصح في هذا الحديث‬
‫أنأه من قول ابن مسعود وروي عن عمر ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ -‬أنأه قال "إنأما نأنأتسب إلى عدنأان وما فوق‬
‫ذلك ل نأدري ما هو" وأصح شيء روي فيما بعد عدنأان ما ذكره الدولبي أبو بشر من طريق موسى بن‬
‫يعقوب عن عبد ال بن وهب بن زمعة الزمعي عن عمته عن أم سلمة عن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "اللسان" أيض ا المعدان الجنأبان من النأسان وغيره‪.‬‬
‫‪ 2‬أخآرجه ابن عساكر وابن سعد والديلمي وقال ابن عبد البر‪ :‬ليس بالسنأاد القوي‪.‬‬

‫) ‪(1/34‬‬

‫النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أنأه قال "معد بن عدنأان بن أدد بن زنأد ‪ -‬بالنأون ‪ -‬بن اليرى بن أعراق‬
‫الثرى" قالت أم سلمة‪ .‬فزنأد هو الهميسع واليرى هو نأبت وأعراق الثرى هو إسماعيل لنأه ابن إبراهيم‬
‫إوابراهيم لم تأكله النأار كما أن النأار ل تأكل الثرى‪.‬‬
‫وقد قال الدارقطنأي‪ :‬ل نأعرف زنأدا إل في هذا الحديث وزنأد بن الجون وهو أبو دلمة الشاعر‪.‬‬
‫قال المؤلف وهذا الحديث عنأدي ليس بمعارض لما تقدم من قوله "كذب النأسابون" ول لقول عمر ‪-‬‬
‫رضي ال عنأه ‪ -‬لنأه حديث متأول يحتمل أن يكون قوله "ابن اليرى‪ ،‬ابن أعراق الثرى" كما قال "كلكم‬
‫بنأو آدم وآدم من تراب" ل يريد أن الهميسع ومن دونأه ابن لسماعيل لصلبه ول بد من هذا التأويل أو‬
‫غيره لن أصحاب الخآبار ل يخآتلفون في بعد المدة ما بين عدنأان إوابراهيم ويستحيل في العادة أن يكون‬
‫بينأهما أربعة آباء أو سبعة كما ذكر ابن إسحاق‪ ،‬أو عشرة أو عشرون فإن المدة أطول من ذلك كله‬
‫وذلك‪ .‬أن معد بن عدنأان كان في مدة بخآتنأصر ‪ 1‬ابن ثنأتي عشرة سنأة‪.‬‬
‫قال الطبري‪ :‬وذكر أن ال تعالى أوحى في ذلك الزمان إلى إرمياء بن حلقيا ‪ 2‬أن اذهب إلى بخآتنأصر‬
‫فأعلمه أنأي قد سلطته على العرب‪ ،‬واحمل معدا على البراق كيل تصيبه النأقمة فيهم فإنأي مستخآرج من‬
‫صلبه نأبيا كريما أخآتم به الرسل فاحتمل معدا على البراق إلى أرض الشام‪ ،‬فنأشأ مع بنأي إسرائيل وتزوج‬
‫هنأاك امرأة اسمها‪ :‬معانأة بنأت جوشن من بنأي دب بن جرهم‪ ،‬ويقال في اسمها‪ :‬نأاعمة‪ .‬قاله الزبير ومن‬
‫ثم وقع في كتاب "السرائيليين" نأسب معد ثبته في كتبه رخآيا‪ ،‬وهو يورخ كاتب إرمياء‪.‬‬
‫كذلك ذكر أبو عمر النأمري ‪ 3‬حدثت بذلك عن الغسانأي عنأه‪ ،‬وبينأه وبين‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ذكر المسعودي أنأه كان مرزبان العراق والمغرب وهو الذي فتح بيت المقدس‪.‬‬
‫‪ 2‬وهو أحد أنأبياء العبرانأيين كما ذكر بوست‪.‬‬
‫‪ 3‬أبو عمر بن عبد البر‪ :‬هو يوسف بن عبد ال بن محمد شيبخ علماء النأدلس وكبير محدثيها في‬
‫عصره ت‪463 :‬هـ(‪.‬‬

‫) ‪(1/35‬‬

‫نأاحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن نأابت بن إسماعيل بن إبراهيم ‪ -‬خآليل الرحمن ‪ -‬بن تارح وهو‬
‫آزر بن نأاحور بن ساروغ بن راعو بن فالخ بن عيبر بن شالخ بن أرفخآشذ بن سام بن نأوح بن لمك بن‬
‫متوشلخ بن أخآنأوخ‪ ،‬وهو إدريس النأبي ‪ -‬فيما يزعمون ‪ -‬وال أعلم وكان أول بنأي آدم أعطي النأبوة وخآط‬
‫بالقلم ‪ -‬ابن يرد بن مهليل بن قينأن بن يانأش بن شيث بن آدم صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫__________‬
‫إبراهيم في ذلك النأسب نأحو من أربعين جدا‪ ،‬وقد ذكرهم كلهم أبو الحسن المسعودي على اضطراب في‬
‫السماء ولذلك ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬أعرض النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬عن رفع نأسب عدنأان إلى‬
‫إسماعيل لما فيه من التخآليط وتغيير في اللفاظ وعواصة تلك السماء مع قلة الفائدة في تحصيلها‪ .‬وقد‬
‫ذكر الطبري نأسب عدنأان إلى إسماعيل من وجوه ذكر في أكثرها نأحوا من أربعين أبا‪ ،‬ولكن باخآتلف‬
‫في اللفاظ لنأها نأقلت من كتب عبرانأية وذكر من وجه قوي في الرواية عن نأساب العرب‪ ،‬أن نأسب‬
‫عدنأان يرجع إلى قيذر بن إسماعيل وأن قيذر كان الملك في زمانأه وأن معنأى قيذر الملك إذا فسر وذكر‬
‫الطبري في عمود هذا النأسب بو ار بن شوحا‪ ،‬وهو أول من عتر العتيرة وأن شوحا هو سعد رجب وأنأه‬
‫أول من سن رجبا للعرب‪ .‬والعتيرة هي الرجبية‪.‬‬
‫وذكر في هذا النأسب عبيد بن ذي يزن بن هماذا‪ ،‬وهو الطعان إواليه تنأسب الرماح اليزنأية ‪ 1‬وذكر فيهم‬
‫أيضا دوس العتق وكان من أحسن النأاس وجها‪ ،‬وكان يقال في المثل أعتق من دوس‪ ،‬وهو الذي هزم‬
‫جيش قطو ار بن جرهم‪.‬‬
‫وذكر فيهم إسماعيل ذا العوج وهو فرسه إواليه تنأسب الخآيل العوجية وهذا هو الذي يشبه فإن‬
‫بخآتنأصر كان بعد سليمان بمئتين من السنأين لنأه كان عامل على العراق "لكي لهراسب" ثم لبنأه "كي‬
‫بستاسب" إلى مدة بهمن قبل غلبة السكنأدر على دا ار بن دا ار بهمن‪ ،‬وذلك قريب من مدة عيسى ابن‬
‫مريم فأين هذه المدة من‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ذكر الطبري عن ابن إبداعي‪ :‬هو عبيد وهو أول من قاتل بالرماح فنأسبت إليه‪.‬‬

‫) ‪(1/36‬‬
‫قال أبو محمد عبد الملك بن هشام حدثنأا زياد بن عبد ال البكائي‪ ،‬عن محمد بن إسحاق المطلبي بهذا‬
‫الذي ذكرت من نأسب محمد رسول ال صلى ال وآله وسلم إلى آدم عليه السلم وما فيه من حديث‬
‫إدريس وغيره‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وحدثنأي خآلد بن قرة بن خآالد السدوسي‪ ،‬عن شيبان بن زهير بن شقيق بن ثور عن‬
‫قتادة بن دعامة أنأه قال‪:‬‬
‫ــــ‬
‫مدة إسماعيل؟ وكيف يكون بين معد وبنأيه مع هذا سبعة آباء فكيف أربعة وال أعلم؟‬
‫وكان رجوع معد إلى أرض الحجاز بعد ما رفع ال بأسه عن العرب ورجعت بقاياهم التي كانأت في‬
‫الشواهق إلى محالهم ومياههم بعد أن دوخ بلدهم بخآتنأصر وخآرب المعمور واستأصل أهل حضور ‪1‬‬
‫صممكنأا مممن قكمركيةة{ٍ ]النأبياء‪[11 :‬؛ وذلك لقتلهم شعيب بن ذي‬
‫وهم الذين ذكرهم ال تعالى في قوله }كوككمم قك ك‬
‫مهدم ‪ 2‬نأبيا أرسله ال إليهم وقبره بصنأين جبل باليمن وليس بشعيب الول صاحب مدين‪ .‬ذلك شعيب‬
‫بن عيفي‪ ،‬ويقال فيه ابن صيفون وكذلك أهل عدن‪ ،‬قتلوا نأبيا أرسل إليهم اسمه حنأظلة بن صفوان‬
‫فكانأت سطوة ال بالعرب لذلك نأعوذ بال من غضبه وأليم عقابه‪.‬‬
‫عود إلى النأسب‪:‬‬
‫ثم نأعود إلى النأسب‪ :‬فأما مقوم ‪ 3‬بكسر الواو‪ ،‬وأبو أدد فمفهوم المعنأى‪ ،‬وتيرح فيعل من الترحة إن كان‬
‫عربيا‪ .‬وكذلك نأاحور من النأحر ويشجب من‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬بلدة باليمن نأم أعمال زبيد‪.‬‬
‫‪ 2‬قال في "القاموس" وذو مهدم كمنأبر ومقعد‪ :‬قيل لحمير وملك الحبش‪.‬‬
‫‪ 3‬في الطبري مقوم وفي "المعارف" بتشديد الواو مع كسر‪.‬‬

‫) ‪(1/37‬‬

‫إسماعيل بن إبراهيم ‪ -‬خآليل الرحمن ‪ -‬ابن تارح‪ ،‬وهو آزر ‪ -‬بن نأاحور بن أسرغ بن أرغو بن فالخ بن‬
‫عابر بن شالخ بن أرفخآشذ بن سام بن نأوح بن لمك بن متوشلخ بن أخآنأوخ بن يرد بن مهلئيل بن قاين‬
‫بن أنأوش بن شيث بن آدم صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫نأهج ابن هشام في هذا الكتاب‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وأنأا إن شاء ال مبتدئ هذا الكتاب بذكر إسماعيل بن إبراهيم ومن ولد رسول ال ‪-‬‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم ‪ -‬من ولده وأولدهم لصلبهم الول‬
‫ــــ‬
‫الشجب إوان كان المعروف أن يقال شجب بكسر الجيم يشجب بفتحها‪ ،‬ولكن قد يقال في المغالبة‬
‫شاجبته فشجبته أشجبه بضم الجيم في المستقبل وفتحها في الماضي ; كما يقال من العلم عالمته فعلمته‬
‫بفتح اللم أعلمه بضمها‪ .‬وقد ذكرهم أبو العباس النأاشئ في قصيدته المنأظومة في نأسب النأبي ‪ -‬صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ -‬إلى آدم كما ذكرهم ابن إسحاق‪.‬‬
‫إوابراهيم معنأاه أب راحم وآزر قيل معنأاه يا أعوج وقيل هو اسم صنأم وانأتصب على إضمار الفعل في‬
‫التلوة وقيل هو اسم لبيه كان يسمى تارح وآزر وهذا هو الصحيح لمجيئه في الحديث منأسوبا إلى آزر‬
‫وأمه نأونأا‪ ،‬ويقال في اسمها‪ :‬ليوثي ‪ ،1‬أو نأحو هذا وما بعد إبراهيم أسماء سريانأية فسر أكثرها بالعربية‬
‫ابن هشام في غير هذا الكتاب وذكر أن فالع معنأاها‪ :‬القسام وشالخ معنأاها‪ :‬الرسول أو الوكيل وذكر أن‬
‫إسماعيل تفسيره مطيع ال وذكر الطبري أن بين فالع وعابر أبا اسمه قينأن أسقط اسمه في التوراة‪ ،‬لنأه‬
‫كان ساحرا‪ ،‬وأرفخآشذ ‪ 2‬تفسيره مصباح مضيء وشاذ مخآفف بالسريانأية "الضياء ومنأه حم شاذ"‬
‫بالسريانأية وهو رابع الملوك بعد "جيومرث"‪ ،‬وهو الذي قتله الضحاك‪ ،‬واسمه "بيوراسب بن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ذكر الطبري أنأها بنأت كريتا وفي رواية أنأموتا‪.‬‬
‫‪ 2‬كذا في "المروج" و"المقصد" و"المم" وفي "المعارف"‪ :‬أرفخآشد‪.‬‬

‫) ‪(1/38‬‬

‫فالول من إسماعيل إلى رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وآله وسلم ‪ -‬وما يعرض من حديثهم وتارك ذكر‬
‫غيرهم من ولد إسماعيل على هذه الجهة للخآتصار إلى حديث سيرة رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم ‪ -‬وتارك بعض ما ذكره ابن إسحاق في هذا الكتاب مما ليس لرسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وآله‬
‫وسلم ‪ -‬فيه ذكر ول نأزل فيه من القرآن شيء وليس سببا لشيء من هذا الكتاب ول تفسي ار له ول شاهدا‬
‫عليه لما ذكرت من الخآتصار وأشعا ار ذكرها لم أر أحدا من أهل العلم بالشعر يعرفها‪ ،‬وأشياء بعضها‬
‫ــــ‬
‫إنأدراسب" والضحاك مغير من ازدهاق‪ .‬قال حبيب‪:‬‬
‫وكأنأه الضحاك في فتكاته ‪ ...‬بالعالمين وأنأت أفريدون‬
‫لن أفريدون هو الذي قتل الضحاك‪ ،‬بعد أن عاش ألف سنأة في جور وعتو وطغيان عظيم وذلك مذكور‬
‫على التفصيل في تاريخ الطبري وغيره‪.‬‬
‫نأوح ومن قبله‪:‬‬
‫وذكر نأوحا ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬واسمه عبد الغفار وسمي نأوحا لنأوحه على ذنأبه وأخآوه صابئ بن لمك‪،‬‬
‫إليه ينأسب دين الصابئين فيما ذكروا وال أعلم‪.‬‬
‫وذكر أن لمك والد نأوح عليه السلم‪ .‬ولمك أول من اتخآذ العود للغنأاء بسبب يطول ذكره واتخآذ مصانأع‬
‫الماء‪ .‬وأبوه متوشلخ‪ .‬وذكره النأاشئ في قصيدته فقال متوشلخ‪ ،‬وتفسيره مات الرسول لن أباه كان رسول‬
‫وهو خآنأوخ؟ وقال ابن إسحاق وغيره هو إدريس النأبي ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬وروى ابن إسحاق في الكتاب‬
‫الكبير عن شهر بن حوشب عن أبي ذر عن النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أنأه قال "أول من كتب‬
‫بالقلم إدريس" ‪ 1‬وعنأه ‪ -‬عليه الصلة والسلم ‪ -‬أنأه قال "أول من كتب بالعربية‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬رواه أحمد عن ابي ذر‪.‬‬

‫) ‪(1/39‬‬

‫‪................................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫إسماعيل" وقال أبو عمر‪ :‬وهذه الرواية أصح من رواية من روى‪ :‬أن أول من تكلم بالعربية إسماعيل‬
‫والخآلف كثير في أول من تكلم بالعربية‪ .‬وفي أول من أدخآل الكتاب العربي أرض الحجاز‪ .‬فقيل حرب‬
‫بن أمية‪ .‬قاله الشعبي‪ .‬وقيل هو شعبان بن أمية‪ .‬وقيل عبد بن قصي تعلمه بالحيرة ‪ 1‬أهل الحيرة من‬
‫أهل النأبار ‪.2‬‬
‫إدريس‪:‬‬
‫قال المؤلف ثم نأرجع الن إلى ما كنأا بصدده‪ .‬فنأقول إن إدريس ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬قد قيل إنأه إلياس إوانأه‬
‫ليس بجد لنأوح‪ .‬ول هو في عمود هذا النأسب‪ .‬وكذلك سمعت شيخآنأا الحافظ أبا بكر ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬يقول‬
‫‪ -‬ويستشهد بحديث السراء ‪ -‬فإن النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬كلما لقي نأبيا من النأبياء الذين‬
‫لقيهم ليلة السراء قال "مرحبا بالنأبي الصالح والخ الصالح"‪ .‬وقال له آدم مرحبا بالنأبي الصالح والبن‬
‫الصالح‪ .‬كذلك قال له إبراهيم‪ .‬وقال له إدريس والخ الصالح‪ .‬فلو كان في عمود نأسبه لقال له كما قال‬
‫له أبوه إبراهيم وأبوه آدم ولخآاطبه بالبنأوة ولم يخآاطبه بالخآوة‪ .‬وهذا القول عنأدي أنأبل والنأفس إليه أميل‬
‫لما عضده من هذا الدليل‪.‬‬
‫وقال‪ :‬إدريس بن يرد وتفسيره الضابط‪ .‬ابن مهلئيل‪ ،‬وتفسيره الممدح وفي زمنأه كان بدء عبادة‬
‫الصنأام‪.‬‬
‫"ابن قينأان" وتفسيره المستوى‪" .‬ابن أنأوش" وتفسيره الصادق وهو‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬مدينأة على ثلثة أميال من الكوفة‪.‬‬
‫‪ 2‬النأبار‪ :‬مدينأة قرب بلخ بخآراسان‪ .‬ومدينأة علىالفرات الغربي بغداد كانأت الفرس تسميها‪ :‬فيروز‬
‫سابور وهي المقصودة‪.‬‬

‫) ‪(1/40‬‬

‫‪................................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫بالعربية أنأش وهو أول من غرس النأخآلة وبوب الكعبة ‪ 1‬وبذر الحبة فيما ذكروا‪" ،‬ابن شيث" وهو‬
‫بالسريانأية‪ :‬شاث‪ .‬وبالعبرانأية‪ :‬شيث‪ .‬وتفسيره عطية ال "ابن آدم"‪.‬‬
‫آدم‪:‬‬
‫وفيه ثلثة أقوال قيل هو اسم سريانأي وقيل هو أفعل من الدمة‪ .‬وقيل أخآذ من لفظ الديم ‪ .2‬لنأه خآلق‬
‫من أديم الرض‪ .‬وروي ذلك عن ابن عباس‪ .‬وذكر قاسم بن ثابت في الدلئل عن محمد بن المستنأير‪.‬‬
‫وهو قطرب أنأه قال لو كان من أديم الرض لكان على وزن فاعل وكانأت الهمزة أصلية فلم يكن يمنأعه‬
‫من الصرف مانأع إوانأما هو على وزن أفعل من الدمة‪ .‬ولذلك جاء غير مجرى ‪.3‬‬
‫قال المؤلف‪ :‬وهذا القول ليس بشيء ; لنأه ل يمتنأع أن يكون من الديم ويكون على وزن أفعل‪ .‬تدخآل‬
‫الهمزة الزائدة على الهمزة الصلية كما تدخآل على همزة الدمة‪ .‬فأول الدمة همزة أصلية‪ .‬فكذلك أول‬
‫الديم همزة أصلية‪ .‬فل يمتنأع أن يبنأى منأها أفعل‪ .‬فيكون غير مجرى‪ .‬كما يقال رجل أعين وأرأس من‬
‫العين والرأس‪ .‬وأسوق وأعنأق من الساق والعنأق‪ .‬مع ما في هذا القول من المخآالفة لقول السلف الذين‬
‫هم أعلم منأه لسانأا‪ ،‬وأذكى جنأانأا‪.‬‬
‫حكم التكلم في النأساب‪:‬‬
‫قال المؤلف إوانأما تكلمنأا في رفع هذا النأسب على مذهب من رأى ذلك من‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ورد أن أول من أقام الكعبة إبراهيم إواسماعيل فكيف يقال أن هذا بوبها؟!‬
‫‪ 2‬ظاهر الشيء والجلد‪.‬‬
‫‪ 3‬أي ممنأوع من التنأوين‪.‬‬

‫) ‪(1/41‬‬
‫يشنأع الحديث به‪ ،‬وبعض يسوء بعض النأاس ذكره‪ ،‬وبعض لم يقر لنأا البكائي بروايته؛ ومستقص إن‬
‫شاء ال تعالى ما سوى ذلك منأه بمبلغ الرواية له‪ ،‬والعلم به‪.‬‬
‫ــــ‬
‫العلماء‪ .‬ولم يكرهه كابن إسحاق والطبري والبخآاري والزبيريين‪ ،‬وغيرهم من العلماء‪ .‬وأما مالك ‪ -‬رحمه‬
‫ال ‪ -‬فقد سئل عن الرجل يرفع نأسبه إلى آدم فكره ذلك‪ .‬قيل له فإلى إسماعيل فأنأكر ذلك أيضا‪ .‬وقال‬
‫ومن يخآبره به؟ وكره أيضا أن يرفع في نأسب النأبياء مثل أن يقال إبراهيم بن فلن بن فلن‪ .‬قال ومن‬
‫يخآبره به؟ وقع هذا الكلم لمالك في الكتاب الكبير المنأسوب إلى المعيطي إوانأما أصله لعبد ال بن محمد‬
‫بن حنأين ‪ .1‬وتممه المعيطي‪ ،‬فنأسب إليه‪ .‬وقول مالك هذا نأحو مما روي عن عروة بن الزبير أنأه قال‬
‫ما وجدنأا أحدا يعرف ما بين عدنأان إواسماعيل وعن ابن عباس ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ -‬قال بين عدنأان‬
‫إواسماعيل ثلثون أبا ل يعرفون‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "شرح المواهب" للزرقانأي بن جبير(‪.‬‬

‫) ‪(1/42‬‬

‫سياقة النأسب من ولد إسماعيل عليه السلم‬


‫‪...‬‬
‫سياقة النأسب من ولد إسماعيل عليه السلم‬
‫أولد إسماعيل عليه السلم ونأسب أمهم‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬حدثنأا زياد بن عبد ال البكائي‪ ،‬عن محمد بن إسحاق المطلبي قال‬
‫ولد إسماعيل بن إبراهيم ‪ -‬عليهم السلم ‪ -‬اثنأي عشر رجل‪ :‬نأابتا ‪ -‬وكان أكبرهم ‪ -‬وقيذر ‪ ، 1‬وأذبل‬
‫ومنأشا‪ ،‬ومسمعا‪ ،‬وماشى‪ ،‬ودما‪ ،‬وأذر‪ ،‬وطيما‪ ،‬ويطور ‪ ، 2‬ونأبش ‪ 3‬وقيذما‪ .‬وأمهم بنأت مضاض بن‬
‫عمرو الجرهمي ‪ -‬قال ابن هشام‪ :‬ويقال مضاض‪ .‬وجرهم بن قحطان ‪ -‬وقحطان أبو اليمن كلها‪ ،‬إواليه‬
‫يجتمع نأسبها ‪ -‬ابن عابر بن شالخ بن أرفخآشذ بن سام بن نأوح‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬جرهم بن يقطن بن عيبر بن شالخ‪ ،‬ويقطن هو قحطان بن عيبر بن شالخ‪.‬‬
‫ــــ‬
‫ذكر إسماعيل صلى ال عليه وبنأيه‬
‫وقد كان لبراهيم ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬بنأون سوى إسحاق إواسماعيل منأهم ستة من قطو ار بنأت يقطر وهم‬
‫مديان وزمران وسرج بالجيم ونأقشان ‪ -‬ومن ولد نأقشان البربر في أحد القوال ‪ -‬وأمهم رغوة‪ .‬ومنأهم‬
‫نأشق وله بنأون آخآرون من حجون بنأت‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ويقال فيه قيذار أيض ا راجع "أنأساب العرب" و"أصول الحساب"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "الطبري" طور وفي "أنأساب البحر" قاطور‪.‬‬
‫‪ 3‬في الطبري نأفيس‪ ،‬وفي "أصول الحساب" يافيش‪ ،‬وفي "أنأساب العرب" فنأيس‪.‬‬

‫) ‪(1/43‬‬

‫عمر إسماعيل عليه السلم ومدفنأه‪:‬‬


‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكان عمر إسماعيل ‪ -‬فيما يذكرون ‪ -‬مائة سنأة وثلثين سنأة ثم مات ‪ -‬رحمة ال‬
‫وبركاته عليه ‪ -‬ودفن في الحجر مع أمه هاجر‪ ،‬رحمهم ال تعالى‪.‬‬
‫موطن هاجر‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬تقول العرب‪ :‬هاجر وآجر فيبدلون اللف من الهاء كما قالوا‪ :‬هراق الماء وأراق الماء‬
‫وغيره وهاجر من أهل مصر‪.‬‬
‫ــــ‬
‫أهين‪ ،‬وهم كيسان وسورج وأميم ولوطان ونأافس‪ .‬هؤلء بنأو إبراهيم‪.‬‬
‫وقد ذكر ابن إسحاق أسماء بنأي إسماعيل ولم يذكر بنأته‪ ،‬وهي نأسمة ‪ 1‬بنأت إسماعيل وهي امرأة‬
‫عيصو بن إسحاق وولدت له الروم وفارس ‪ -‬فيما ذكر الطبري ‪ -‬وقال أشك في الشبان هل هي أمهم‬
‫أم ل؟ وهم من ولد عيصو‪ ،‬ويقال فيه أيضا‪ :‬عيصا‪ ،‬وذكر في ولد إسماعيل طيما ‪ ، 2‬وقيده‬
‫الدارقطنأي‪ :‬ظميا بظاء منأقوطة بعدها ميم كأنأها تأنأيث أظمى‪ ،‬والظمى مقصور سمرة في الشفتين‪.‬‬
‫وذكر دما‪ ،‬ورأيت للبكري أن دومة الجنأدل عرفت بدوما بن إسماعيل وكان نأزلها‪ ،‬فلعل دما مغير منأه‬
‫وذكر أن الطور سمي بيطور بن إسماعيل فلعله محذوف الياء أيضا ‪ -‬إن كان صح ما قاله ‪ -‬وال‬
‫أعلم‪.‬‬
‫وأما الذي قاله أهل التفسير في الطور‪ ،‬فهو كل جبل ينأبت الشجر فإن لم ينأبت شيئا فليس بطور وأما‬
‫قيدر فتفسيره عنأدهم صاحب البل وذلك أنأه كان صاحب إبل إسماعيل‪ .‬قال وأمه هاجر‪ .‬ويقال فيها‪:‬‬
‫آخآر وكانأت سرية‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "الطبري" بسمة‪ ،‬وفي "التكوين" أن عيصو أو عيسو تزوج هو ديت بنأت بيري الحثى وبسمة بنأت‬
‫إيلون الحثى‪.‬‬
‫‪ 2‬بفتح الطاء وكسرها وسكون الياء‪ ،‬وفي "أصول النأساب" تيما‪ ،‬وفي "الطبري" طما‪ ،‬وفي "التكوين"‬
‫تيما‪.‬‬
‫) ‪(1/44‬‬

‫وصاة الرسول صلى ال عليه وسلم بأهل مصر وسبب ذلك‪:‬‬


‫قال ابن هشام‪ :‬حدثنأا عبد ال بن وهب عن عبد ال بن لهيعة‪ ،‬عن عمر مولى غفرة ‪ 1‬أن رسول ال ‪-‬‬
‫صلى ال عليه وآله وسلم – قال‪:‬‬
‫"ال ال في أهل الذمة‪ ،‬أهل المدرة السوداء السحم الجعاد ‪ 2‬فإن لهم نأسبا وصهرا"‪.‬‬
‫ــــ‬
‫لبراهيم وهبتها له سارة بنأت عمه وهي سارة بنأت توبيل بن نأاحور وقيل بنأت هاران بن نأاحور وقيل‬
‫هاران بنأت تارح‪.‬‬
‫وهي بنأت أخآيه على هذا‪ ،‬وأخآت لوط‪ .‬قاله القتبي في المعارف وقاله النأقاش في التفسير وذلك أن نأكاح‬
‫ع لكككمم ممكن‬
‫بنأت الخ كان حلل إذ ذاك فيما ذكر ثم نأقض النأقاش هذا القول في تفسير قوله تعالى‪} :‬كشكر ك‬
‫صى بممه كنأوحاا{ٍ ]الشورى‪ .[13 :‬إن هذا يدل على تحريم بنأت الخ على لسان نأوح ‪ -‬عليه‬ ‫الدديمن كما كو ص‬
‫السلم ‪ -‬وهذا هو الحق‪ ،‬إوانأما توهموا أنأها بنأت أخآيه لن هاران أخآوه وهو هاران الصغر وكانأت هي‬
‫بنأت هاران الكبر وهو عمه وبهاران سميت مدينأة حران لن الحاء هاء بلسانأهم وهو سريانأي وذكر‬
‫الطبري أن إبراهيم إنأما نأطق بالعبرانأية حين عبر النأهر فا ار من النأمروذ‪ ،‬وكان النأمروذ قد قال للطلب‬
‫الذين أرسلهم في طلبه إذا وجدتم فتى يتكلم بالسريانأية‪ ،‬فردوه فلما أدركوه استنأطقوه فحول ال لسانأه‬
‫عبرانأيا‪ ،‬وذلك حين عبر النأهر فسميت العبرانأية بذلك وأما السريانأية فيما ذكر ابن سلم ‪ -‬فسميت بذلك‬
‫لن ال ‪ -‬سبحانأه ‪ -‬لما علم آدم السماء كلها‪ ،‬علمه س ار من الملئكة وأنأطقه بها حينأئذ وكانأت هاجر‬
‫قبل ذلك لملك الردن‪ ،‬واسمه صادوق ‪ -‬فيما ذكر القتبي ‪ -‬دفعها إلى سارة حين أخآذها من إبراهيم‬
‫عجبا منأه بجمالها‪ ،‬فصرع مكانأه فقال ادعي ال أن يطلقنأي‪ .‬الحديث وهو مشهور في الصحاح‪،‬‬
‫فأرسلها‪ ،‬وأخآدمها هاجر‪ ،‬وكانأت هاجر قبل ذلك الملك بنأت ملك من ملوك القبط بمصر‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬هي‪ :‬غفرة بنأت بلل وقيل‪ :‬أخآته‪.‬‬
‫‪ 2‬المدرة‪ :‬البلدة‪ ،‬والسحم‪ :‬السود‪ ،‬والجعاد‪ :‬الذين في شعرهم تكسير‪.‬‬

‫) ‪(1/45‬‬

‫قال عمر مولى غفرة‪ :‬نأسبهم أن أم إسماعيل النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬منأهم‪ .‬وصهرهم أن رسول‬
‫ال ‪ -‬صلى ال عليه وآله وسلم ‪ -‬تسرر فيهم‪.‬‬
‫قال ابن لهيعة أم إسماعيل هاجر‪ ،‬من "أم العرب" قرية كانأت أمام الفرما من مصر‪ .‬وأم إبراهيم‪ :‬مارية‬
‫سرية النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وآله وسلم ‪ -‬التي أهداها له المقوقس من حفن ‪ 1‬من كورة أنأصنأا‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬حدثنأي محمد بن مسلم بن عبيد ال بن شهاب الزهري‪ :‬أن عبد الرحمن بن عبد ال بن‬
‫كعب بن مالك النأصاري ثم السلمي حدثه أن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وآله وسلم ‪ -‬قال‪:‬‬
‫"إذا افتتحتم مصر‪ ،‬فاستوصوا بأهلها خآيرا‪ ،‬فإن لهم ذمة ورحما" فقلت لمحمد بن مسلم الزهري‪ :‬ما الرحم‬
‫التي ذكر رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وآله وسلم ‪ -‬لهم؟ فقال كانأت هاجر أم إسماعيل منأهم‪.‬‬
‫ــــ‬
‫كره الطبري من حديث سيف بن عمر أو غيره أن عمرو بن العاص حين حاصر مصر‪ ،‬قال لهلها‪:‬‬
‫إن نأبينأا عليه السلم قد وعدنأا بفتحها‪ ،‬وقد أمرنأا أن نأستوصي بأهلها خآيرا‪ ،‬فإن لهم نأسبا وصهرا‪ ،‬فقالوا‬
‫له هذا نأسب ل يحفظ حقه إل نأبي‪ ،‬لنأه نأسب بعيد‪ .‬وصدق كانأت أمكم امرأة لملك من ملوكنأا‪ ،‬فحاربنأا‬
‫أهل عين شمس فكانأت لهم علينأا دولة فقتلوا الملك واحتملوها‪ ،‬فمن هنأاك تصيرت إلى أبيكم إبراهيم ‪-‬‬
‫أو كما قالوا ‪ -‬وذكر الطبري أن الملك الذي أراد سارة هو سنأان بن علوان وأنأه أخآو الضحاك الذي تقدم‬
‫ذكره وفي كتاب التيجان لبن هشام أنأه عمرو بن امرئ القيس بن بابليون بن سبأ‪ ،‬وكان على مصر‬
‫وال أعلم‪.‬‬
‫وهاجر أول امرأة ثقبت أذنأاها‪ ،‬وأول من خآفض ‪ 2‬من النأساء وأول من جرت ذيلها‪ ،‬وذلك أن سارة‬
‫غضبت عليها‪ ،‬فحلفت أن تقطع ثلثة أعضاء من أعضائها‪،‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬قرية من قرى الصعيد‪ ،‬وقيل‪ :‬نأاحية من نأواحي مصر‪.‬‬
‫‪ 2‬خآفض الصبية خآفاضاا‪ :‬خآتنأها‪ ،‬والشريعة ل توجب هذا‪.‬‬

‫) ‪(1/46‬‬

‫أصل العرب‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬فالعرب كلها من ولد إسماعيل وقحطان وبعض أهل اليمن يقول قحطان من ولد‬
‫إسماعيل ويقول إسماعيل أبو العرب كلها‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نأوح وثمود وجديس ابنأا عابر بن إرم بن سام بن نأوح‬
‫وطسم وعملق وأميم بنأو لوذ بن سام بن نأوح‪ .‬عرب كلهم فولد نأابت بن إسماعيل‪ :‬يشجب بن نأابت‬
‫فولد يشجب يعرب بن يشجب فولد يعرب تيرح بن يعرب فولد تيرح‪ :‬نأاحور بن تيرح‪ ،‬فولد نأاحور مقوم‬
‫بن نأاحور‪ :‬فولد مقوم أدد بن مقوم فولد أدد عدنأان بن أدد‪ .‬قال ابن هشام‪ :‬ويقال عدنأان بن أد‪.‬‬
‫ــــ‬
‫فأمرها إبراهيم ‪-‬عليه السلم ‪ -‬أن تبر قسمها بثقب أذنأيها وخآفاضها‪ ،‬فصارت سنأة في النأساء وممن‬
‫ذكر هذا الخآبر ابن أبي زيد في "نأوادره"‪.‬‬
‫إواسماعيل عليه السلم نأبي مرسل أرسله ال تعالى إلى أخآواله من جرهم إوالى العماليق الذين كانأوا‬
‫بأرض الحجاز‪ ،‬فآمن بعض وكفر بعض‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وأمهم بنأت مضاض ولم يذكر اسمها‪ .‬واسمها‪ :‬السيدة ذكره الدارقطنأي‪ .‬وقد كان له امرأة سواها‬
‫من جرهم‪ ،‬وهي التي أمره أبوه بتطليقها حين قال لها إبراهيم قولي لزوجك‪ :‬فليغير عتبته ‪ 1‬يقال اسمها‪:‬‬
‫جداء بنأت سعد ثم تزوج أخآرى‪ ،‬وهي التي قال لها إبراهيم في الزورة الثانأية قولي لزوجك‪ :‬فليثبت عتبة‬
‫بيته الحديث وهو مشهور في الصحاح أيضا يقال اسم هذه الخآرة سامة بنأت مهلهل ذكرهما‪ ،‬وذكر التي‬
‫قبلها الواقدي في كتاب "انأتقال النأور" وذكرها المسعودي أيضا وقد قيل في الثانأية عاتكة‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬لنأه كما ورد في "صحيح البخآاري" سألها عن عيشهم وهيئتهم فقالت نأحن بشر نأحن في ضيق وشدة‬
‫فلما جاء إساعيل وأخآبرته بما حصل مع أبيه فقال لها ذاك أبي وقد أمرنأي أن أفارقك‪.‬‬

‫) ‪(1/47‬‬

‫أولد عدنأان‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فمن عدنأان تفرقت القبائل من ولد إسماعيل بن إبراهيم‬
‫ــــ‬
‫هدايا المقوقس‪:‬‬
‫وقوله‪ :‬في حديث عمر‪ :‬مولى غفرة‪ ،‬وغفرة هذه هي أخآت بلل بن رباح‪ .‬وقول مولى غفرة هذا‪ :‬إن‬
‫صهرهم لكون رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬تسرر منأهم يعنأي‪ :‬مارية بنأت شمعون التي أهداها‬
‫إليه المقوقس‪ ،‬واسمه جريج بن مينأاء‪ ،‬وكان رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬قد أرسل إليه حاطب‬
‫بن أبي بلتعة وجب ار مولى أبي رهم الغفاري فقارب السلم وأهدى معهما إلى النأبي ‪ -‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬بغلته التي يقال لها دلدل والدلدل القنأفذ العظيم وأهدى إليه مارية بنأت شمعون‪ ،‬والمارية بتخآفيف‬
‫الياء البقرة الفتية بخآط ابن سراج يذكره عن أبي عمرو المطرز‪.‬‬
‫وأما المارية بالتشديد فيقال قطاة مارية أي ملساء قاله أبو عبيد في الغريب المصنأف‪.‬‬
‫وأهدى إليه أيضا قدحا من قوارير فكان رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬يشرب فيه‪ .‬رواه ابن‬
‫عباس‪ ،‬فيقال أن هرقل عزله لما رأى من ميله إلى السلم‪ .‬ومعنأى المقوقس‪ :‬المطول للبنأاء والقوس‬
‫الصومعة العالية‪ ،‬يقال في مثل أنأا في القوس وأنأت في القرقوس متى نأجتمع؟ وقول ابن لهيعة بالفرما‬
‫من مصر‪ .‬الفرما‪ :‬مدينأة كانأت تنأسب إلى صاحبها الذي بنأاها‪ ،‬وهو الفرما بن قيلقوس‪ ،‬ويقال فيه ابن‬
‫قليس‪ ،‬ومعنأاه محب الغرس ويقال فيه ابن بليس‪ .‬ذكره المسعودي‪ .‬والول قول الطبري‪ ،‬وهو أخآو‬
‫السكنأدر بن قليس اليونأانأي وذكر الطبري أن السكنأدر حين بنأى مدينأة السكنأدرية قال أبنأي مدينأة فقيرة‬
‫إلى ال غنأية عن النأاس وقال الفرما‪ :‬أبنأى مدينأة فقيرة إلى النأاس غنأية عن ال فسلط ال على مدينأة‬
‫الفرما الخآراب سريعا‪ ،‬فذهب رسمها‪ ،‬وعفا أثرها‪ ،‬وبقيت مدينأة السكنأدر إلى الن وذكر الطبري أن‬
‫عمرو بن‬

‫) ‪(1/48‬‬

‫‪ -‬عليهما السلم ‪ -‬فولد عدنأان رجلين معد بن عدنأان‪ ،‬وعك بن عدنأان‪.‬‬


‫موطن عك‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬فصارت عك في دار اليمن‪ ،‬وذلك أن عكا تزوج في الشعريين فأقام فيهم فصارت الدار‬
‫واللغة واحدة والشعريون‪ :‬بنأو أشعر بن نأبت بن أدد بن‬
‫ــــ‬
‫العاص حين افتتح مصر ‪ ، 1‬وقف على آثار مدينأة الفرما‪ ،‬فسأل عنأها‪ ،‬فحدث بهذا الحديث وال أعلم‪.‬‬
‫مصر وحفن‪:‬‬
‫وأما مصر فسميت بمصر بن النأبيط ويقال ابن قبط بن النأبيط من ولد كوش بن كنأعان ‪ . 2‬وأما حفن‬
‫التي ذكر أنأها قرية أم إبراهيم بن النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬فقرية بالصعيد معروفة وهي التي كلم‬
‫الحسن بن علي ‪ -‬رضي ال عنأهما ‪ -‬معاوية أن يضع الخآراج عن أهلها‪ ،‬ففعل معاوية ذلك حفظا‬
‫لوصية رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بهم ورعاية لحرمة الصهر ذكره أبو عبيد في كتاب الموال‬
‫وذكر "أنأصنأا" وهي قرية بالصعيد يقال إنأها كانأت مدينأة السحرة‪ .‬قال أبو حنأيفة ول ينأبت اللبخ إل‬
‫بأنأصنأا‪ ،‬وهو عود تنأشر منأه ألواح للسفن وربما‪ ،‬رعف نأاشرها‪ ،‬ويباع اللوح منأها بخآمسين دينأارا‪ ،‬أو‬
‫نأحوها‪ ،‬إواذا شد لوح منأها بلوح وطرح في الماء سنأة التأما‪ ،‬وصا ار لوحا واحدا‪.‬‬
‫عك‪:‬‬
‫فصل وذكر عك بن عدنأان‪ ،‬وأن بعض أهل اليمن يقول فيه عك بن عدنأان بن عبد ال‪ ،‬بن الزد‪ ،‬وذكر‬
‫الدارقطنأي في هذا الموضع عن ابن الحباب أنأه‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬أكثر المؤرخآين على أن النأبي صلى ال عليه وسلم أرسل كتبه إلى الملوك والمراء ومنأهم المقوقس‬
‫في العام السادس من الهجرة وقيل إن المقوقس أرسل جاريتين‪ :‬مارية وشيرين‪.‬‬
‫‪ 2‬في "الطبري" ‪ ،102 /1‬أن القبط هم أولد قرط بن حام بن نأوح عليه السلم‪.‬‬
‫) ‪(1/49‬‬

‫زيد بن هميسع بن عمرو بن عريب بن يشجب بن زيد بن كهلن بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن‬
‫قحطان ويقال أشعر نأبت بن أدد ويقال أشعر بن مالك ومالك مذحج بن أدد بن زيد بن هميسع‪ .‬ويقال‬
‫أشعر بن سبأ بن يشجب‪.‬‬
‫وأنأشدنأي أبو محرز خآلف الحمر‪ ،‬وأبو عبيدة لعباس بن مرداس أحد بنأي سليم بن منأصور بن عكرمة‬
‫بن خآصفة بن قيس بن عيلن بن مضر بن نأزار بن معد بن عدنأان‪ ،‬يفخآر بعك‬
‫وعك بن عدنأان الذين تلقبوا ‪ ...‬بغسان حتى طردوا كل مطرد‬
‫__________‬
‫قال فيه عك بن عبد ال بن عدثان بالثاء المثلثة ول خآلف في الول أنأه بنأونأين كما لم يخآتلف في دوس‬
‫بن عدثان أنأه بالثاء وهي قبيلة من الزد أيضا‪ ،‬واسم عك عامر‪ .‬والديث الذي ذكره هو بالثاء ‪ 1‬وقاله‬
‫الزبير الذيب بالذال والياء ولعدنأان أيضا ابن اسمه الحارث وآخآر يقال له المذهب ولذلك قيل في المثل‬
‫أجمل من المذهب وقد ذكر أيضا في بنأيه الضحاك وقيل في الضحاك إنأه ابن معد ل ابن عدنأان وقيل‬
‫إن عدن الذي تعرف به مدينأة عدن‪ ،‬وكذلك أبين هما‪ :‬ابنأا عدنأان قاله الطبري‪ .‬ولعدنأان بن أدد أخآوان‬
‫نأبت بن أدد وعمرو بن أدد‪ .‬قاله الطبري أيضا‪.‬‬
‫ذكر قحطان والعرب العاربة‪:‬‬
‫أما قحطان فاسمه مهزم ‪ -‬فيما ذكر ابن ماكول ‪ -‬وكانأوا أربعة إخآوة فيما روي عن ابن منأبه قحطان‬
‫وقاحط ومقحط وفالغ‪ .‬وقحطان أول من قيل له أبيت اللعن وأول من قيل له عم صباحا‪ ،‬واخآتلف فيه‬
‫فقيل هو ابن عابر بن شالخ‪ ،‬وقيل هو ابن عبد ال أخآو هود‪ ،‬وقيل هو هود نأفسه فهو على هذا القول‬
‫من إرم بن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬أكثر النأسابين الذين تكلموا عن نأسب الزد لم يذكروا الديث‪ ،‬وفي "القلئد" للقلقشنأدي"‪ :‬وعك واسمه‪:‬‬
‫الديث‪.‬‬

‫) ‪(1/50‬‬

‫وهذا البيت في قصيدة له‪ .‬وغسان‪ :‬ماء بسد مأرب باليمن كان شربا لولد مازن بن السد بن الغوث‪،‬‬
‫فسموا به ويقال غسان‪ :‬ماء بالمشلل قريب من‬
‫ــــ‬
‫سام ومن جعل العرب كلها من إسماعيل قالوا فيه هو ابن تيمن بن قيذر بن إسماعيل‪ .‬ويقال هو ابن‬
‫الهميسع بن يمن ‪ 1‬وبيمن سميت اليمن في قول وقيل بل سميت بذلك لنأها عن يمين الكعبة‪ .‬وتفسير‬
‫الهميسع الصراع‪.‬‬
‫وقال ابن هشام‪ :‬يمن هو‪ .‬يعرب بن قحطان سمي بذلك لن هودا عليه السلم قال له أنأت أيمن ولدي‬
‫نأقيبة في خآبر ذكره‪ .‬قال وهو أول من قال القريض والرجز وهو الذي أجلى بنأي حام إلى بلد المغرب‬
‫بعد أن كانأوا يأخآذون الجزية من ولد قوطة بن يافث‪ .‬قال وهي أول جزية وخآراج أخآذت في بنأي آدم‪ .‬وقد‬
‫احتجوا لهذا القول ‪ 2‬أعنأي‪ :‬أن قحطان من ولد إسماعيل عليه السلم بقول النأبي ‪ -‬صلى ال عليه‬
‫وسلم –"ارموا يا بنأي إسماعيل فإن أباكم كان راميا" قال هذا القول لقوم من أسلم بن أفصى‪ ،‬وأسلم أخآو‬
‫خآزاعة وهم بنأو حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر‪ ،‬وهم من سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان‪ ،‬ول‬
‫حجة عنأدي في هذا الحديث لهل هذا القول لن اليمن لو كانأت من إسماعيل ‪ -‬مع أن عدنأان كلها من‬
‫إسماعيل بل شك ‪ -‬لم يكن لتخآصيص هؤلء القوم بالنأسب إلى إسماعيل معنأى‪ ،‬لن غيرهم من العرب‬
‫أيضا أبوهم إسماعيل ولكن في الحديث دليل وال أعلم ‪ -‬على أن خآزاعة من بنأي قمعة ‪ 3‬أخآي مدركة‬
‫بن إلياس بن مضر‪ ،‬كما سيأتي بيانأه في هذا الكتاب عنأد حديث عمرو بن لحي ‪ -‬إن شاء ال ‪-‬‬
‫وكذلك قول أبي هريرة ‪ -‬رضي ال عنأه – "هي أمكم يا بنأي ماء السماء"‪ 4‬يعنأي‪ :‬هاجر‪ ،‬يحتمل أن‬
‫يكون تأول في قحطان ما تأوله غيره ويحتمل أن‬
‫ــــ‬
‫‪1‬اخآتتلف النأسابون في نأسب قحطان فمنأهم نأسبه إلى آدم وآخآرون إلى عابر بن شالح بن سام بن نأوح‪.‬‬
‫‪ 2‬انأظر‪":‬النأباه على قبائل الرواة" لبن الثير ص ‪.75‬‬
‫‪ 3‬لقب عمير بن إلياس بن مضر‪.‬‬
‫‪ 4‬هذ جزء من حديث أخآرجه البخآاري في باب قوله تعالى‪} :‬كواتصكخآكذ اللصهك مإمب كارمهيكم كخآملي ا‬
‫ل{ٍ ]النأساء‪ :‬من الية‬
‫‪[125‬‬

‫) ‪(1/51‬‬

‫الجحفة‪ ،‬والذين شربوا منأه تحزبوا‪ ،‬فسموا به قبائل من ولد مازن بن الشد بن الغوث بن نأبت بن مالك‬
‫بن زيد بن كهلن‪ ،‬بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان‪.‬‬
‫ــــ‬
‫يكون نأسبهم إلى "ماء السماء على زعمهم "فإنأهم ينأتسبون إليه كما ينأتسب كثير من قبائل العرب إلى‬
‫حاضنأتهم إوالى رابهم أي زوج أمهم ‪ -‬كما سيأتي بيانأه في باب قضاعة إن شاء ال‪.‬‬
‫سبأ وأميم ووبار‪:‬‬
‫وسبأ اسمه‪ :‬عبد شمس ‪ -‬كما ذكر ‪ -‬وكان أول من تتوج من ملوك العرب‪ ،‬وأول من سبى فسمي سبأ‪،‬‬
‫ولست من هذا الشتقاق على يقين لن سبأ مهموز والسبي غير مهموز‪.‬‬
‫وذكر أميما‪ ،‬ويقال فيه أميم ووجدت بخآط أشياخ مشاهير أميم وأميم بفتح الهمزة وتشديد الميم مكسورة‬
‫ول نأظير له في الكلم والعرب تضطرب في هذه السماء القديمة قال المعري ‪:1‬‬
‫يراه بنأو الدهر الخآير بحاله‬
‫‪ ...‬كما قد رأته جرهم وأميم‬
‫فجاء به على وزن فعيل وهو الكثر وأميم ‪ -‬فيما ذكروا ‪ -‬أول من سقف البيوت بالخآشب المنأشور‬
‫وكان ملكا‪ ،‬وكان يسمى‪ :‬آدم وهو عنأد الفرس‪ :‬آدم الصغير وولده وبار وهم أمة هلكت في الرمل هالت‬
‫الرياح الرمل على فجاجهم ومنأاهلهم فهلكوا‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬
‫وكر دهر على وبار ‪ ...‬فأهلكت عنأوة وبار‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬أبو العلء أحمد بن عبد ال ين سليمان المعري التنأوخآي الشاعر الفيلسوف ‪ ،‬وهو فوق المتنأبي في‬
‫دقة الخآيال وتصريف القول في الفلسة وطبائع البشر ‪ ،‬ولد بمعرة النأعمان – شمال سوريا – سنأة ‪363‬هـ‬
‫وعاش عزبا حتى مات سنأة ‪449‬هـ‪.‬‬

‫) ‪(1/52‬‬

‫‪................................................................................................‬‬
‫‪.......‬‬
‫ــــ‬
‫والنأسب إليه أباري على غير قياس ومن العماليق ملوك مصر الفراعنأة منأهم الوليد بن مصعب صاحب‬
‫موسى وقابوس بن مصعب بن عمرو بن معاوية بن إراشة بن معاوية بن عمليق أخآو الول ومنأهم‬
‫الريان بن الوليد صاحب يوسف عليه السلم ويقال فيه ابن دومع فيما ذكر المسعودي‪.‬‬
‫وأما طسم وجديس فأفنأى بعضهم بعضا قتلت طسم جديسا لسوء ملكتهم إياهم وجورهم فيهم فأفلت معهم‬
‫رجل اسمه رباح بن مرة فاستصرخ بتبع وهو حسان بن تبان أسعد وكانأت أخآته اليمامة‪ ،‬واسمها عنأز‬
‫نأاكحا في طسم وكان هواها معهم فأنأذرتهم فلم يقبلوا‪ ،‬فصبحتهم جنأود تبع فأفنأوهم قتل‪ ،‬وصلبوا اليمامة‬
‫الزرقاء بباب جو وهي المدينأة‪ ،‬فسميت جو باليمامة من هنأالك إلى اليوم ‪ 1‬وذلك في أيام ملوك‬
‫الطوائف وبقيت بعد طسم يبابا ل يأكل ثمرها إل عوافي الطير والسباع ‪ 2‬حتى وقع عليها عبيد بن ثعلبة‬
‫الحنأفي‪ ،‬وكان رائدا لقومه في البلد فلما أكل الثمر قال إن هذا لطعام وحجر بعصاه على موضع قصبة‬
‫اليمامة‪ ،‬فسميت حجرا‪ 3،‬وهي منأازل حنأيفة إلى اليوم وخآبر طسم وجديس مشهور اقتصرنأا معه على‬
‫هذه النأبذة لشهرته عنأد الخآباريين‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ذكر بعض المؤرخآين أن طسما وجديسا أخآوان لثمود بن كاثر‪ ،‬وكانأت اليمامة ديار جديس وكانأت‬
‫البحرين ديا ار لطسم ‪ ،‬وعنأد الطبري أنأهما للوذ بن سام بن نأوح وكانأت ديارهم اليمامة ‪ ،‬وكان عليهم‬
‫ملك من طسم ‪ ،‬وكان غشوما ساد ار في غيه ويقال له ‪ :‬عملوق وكان مستذل لجديس ‪ ،‬حتى كان يأبى‬
‫أن تزف البكر إلى زوجها إل بعد أن يفترعها ‪ ،‬فدبر أحد أبنأاء جديس كيدا استطاع به القضاء على‬
‫عملوق وعلى الرؤساء الذين كانأوا معه‪.‬‬
‫‪ 2‬اليباب‪ :‬الخآراب العوافي‪ :‬طلب الرزق من النأاس والدواب والطير‪.‬‬
‫‪ 3‬حج ار يقال حجر الرض وعليها وحولها‪ :‬وضع على حدودها أعلما بالحجارة ونأحوها لحيازتها ‪،‬‬
‫وقصبة البلد‪ :‬مدينأتها ‪ ،‬حجر اسم ديار ثمود بوادي القرى مدينأة بين الشام والحجاز‪.‬‬

‫) ‪(1/53‬‬

‫ذكر نأسب النأصار‬


‫‪...‬‬
‫ذكر نأسب النأصار‬
‫قال حسان بن ثابت النأصاري والنأصار بنأو الوس والخآزرج‪ ،‬ابنأي حارثة بن ثعلبة بن عمرو‪ ،‬بن‬
‫عامر‪ ،‬بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن السد بن الغوث‪:‬‬
‫إما سألت فإنأا معشر نأجب ‪ ...‬السد نأسبتنأا والماء غسان‬
‫وهذا البيت في أبيات له‪.‬‬
‫__________‬
‫ذكر نأسب النأصار‬
‫وهم الوس والخآزرج‪ ،‬والوس‪ :‬الذئب والعطية أيضا‪ ،‬والخآزرج‪ :‬الريح الباردة ول أحسب الوس في اللغة‬
‫إل العطية خآاصة وهي مصدر أسته ‪ 1‬وأما أوس الذي هو الذئب فعلم كاسم الرجل وهو كقولك‪ :‬أسامة‬
‫في اسم السد‪ .‬وليس أوس إذا أردت الذئب كقولك‪ :‬ذئب وأسد‪ ،‬ولو كان كذلك لجمع وعرف ‪ -‬قال ‪-‬‬
‫كما يفعل بأسماء الجنأاس ولقيل في النأثى‪ :‬أوسة كما يقال ذئبة‪ ،‬وفي‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في القاموس‪ :‬الوس والتعويض من الشيء والذئب والنأهزة بضم النأون وسكون الهاء وهي العطية ‪:‬‬
‫وقالوا أسست الرجل ‪ ،‬أءوسه أوسا‪ :‬أعطيته ويقال الوس ‪ :‬العوض ‪،‬وأوس ‪:‬الذئب‪.‬‬
‫) ‪(1/54‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫الحديث ما يقوي هذا‪ ،‬وهو قوله عليه السلم "هذا أويس يسألكم من أموالكم" فقالوا‪" :‬ل تطيب له أنأفسنأا‬
‫بشيء" ولم يقل هذا الوس فتأمله وليس أوس على هذا من المسمين بالسباع ول منأقول من الجنأاس إل‬
‫من العطية خآاصة‪.‬‬
‫وفيه عمرو‪ ،‬وهو مزيقياء لنأه ‪ -‬فيما ذكروا ‪ -‬كان يمزق كل يوم حلة‪ .‬ابن عامر وهو ماء السماء‪ .‬ابن‬
‫حارثة الغطريف ‪ 1‬بن امرئ القيس وهو البهلول بن ثعلبة الصنأم بن مازن السراج ابن السد ويقال لثعلبة‬
‫أبيه الصنأم وكان يقال لثعلبة ابن عمرو جد الوس والخآزرج‪ :‬ثعلبة العنأقاء ‪ 2‬وكأنأهم ملوك متوجون‬
‫ومات حارثة بن ثعلبة العنأقاء والد الوس والخآزرج بالمدينأة بعد ظهورهم على الروم بالشام ومصالحة‬
‫غسان لملك الروم‪ ،‬وكان موت حارثة وجذع بن سنأان من صيحة كانأت بين السماء والرض سمع فيه‬
‫صهيل الخآيل وبعد موت حارثة كان ما كان من نأكث يهود العهود حتى ظهرت الوس والخآزرج عليهم‬
‫بمن استنأصروا به من ملوك جفنأة ويقال في السد الزد بالسين والزاي واسمه الزدراء ‪ 3‬بن الغوث‪.‬‬
‫قاله وثيمة بن موسى بن الفرات‪ .‬وقال غيره سمي أسدا لكثرة ما أسدى إلى النأاس من اليادي ‪ .4‬ورفع‬
‫في النأسب إلى كهلن بن سبأ‪ ،‬وكهلن كان ملكا بعد حمير‪ ،‬وعاش ‪ -‬فيما ذكروا ‪ -‬ثلثمائة سنأة ثم‬
‫تحول الملك إلى أخآيه حمير‪ ،‬ثم في بنأيهم وهم وائل ومالك وعمرو وعامر وسعد وعوف‪.‬‬
‫وذكر لطمة ولد عمرو بن عامر لبيه وأنأه كان أصغر ولده‪ .‬قال المسعودي‪ :‬واسمه مالك وقال غيره‬
‫ثعلبة‪ .‬وقال ويقال إنأه كان يتيما في حجره‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في الشتقاق لبن دريد ص ‪ :435‬البطريق ‪.‬‬
‫‪ 2‬في القاموس‪ :‬والشتقاق لقب بهذا لطول عنأقه‪.‬‬
‫‪ 3‬في نأهاية الرب ‪:‬دراء أو درء انأظر‪2/11 :‬‬
‫‪ 4‬في الشتقاق إنأه من قولهم ‪ :‬أسد الرجل ‪ ،‬يأسد أسدا‪ :‬إذا تشبه بالسد‪.‬‬

‫) ‪(1/55‬‬

‫فقالت اليمن وبعض عك وهم الذين بخآراسان منأهم عك بن عدنأان بن عبد ال بن السد بن الغوث‪،‬‬
‫ويقال عدثان بن الديث بن عبد ال بن السد بن الغوث‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فولد معد بن عدنأان أربعة نأفر نأزار بن معد وقضاعة بن معد وكان قضاعة بكر معد‬
‫الذي به يكنأى ‪ -‬فيما يزعمون ‪ -‬وقنأص بن معد إواياد بن معد‪.‬‬
‫فأما قضاعة فتيامنأت إلى حمير بن سبأ ‪ -‬وكان اسم سبأ‪ :‬عبد شمس‪ ،‬إوانأما سمي سبأ؟ لنأه أول من‬
‫سبى في العرب ‪ -‬ابن يشجب بن يعرب بن قحطان‪.‬‬
‫ــــ‬
‫وقول حسان‪:‬‬
‫ما سألت فإنأا معشر أنأف ‪ ...‬السد نأسبتنأا‪ ،‬والماء غسان‬
‫يا أخآت آل فراس إنأنأي رجل ‪ ...‬من معشر لهم في المجد بنأيان‬
‫واشتقاق غسان اسم ذلك الماء من الغس وهو الضعيف كما قال‪:‬‬
‫غس المانأة صنأبور فصنأبور‬
‫ويروى غسي‪ ،‬ويقال للهر إذا زجر غس بتخآفيف السين قاله صاحب العين‪ .‬والغسيسة ‪ 1‬من الرطب‬
‫التي يبدؤها الرطاب من قبل مغلقها‪ ،‬ول تكون إل ضعيفة ساقطة‪.‬‬
‫سبأ وسيل العرم‪:‬‬
‫فصل‪ :‬وذكر تفرق سبأ‪ ،‬والعرب تقول‪ :‬تفرقوا أيدي سبأ وأيادي سبأ نأصبا‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في القاموس ‪ :‬غس الغين زجر القط فقال غس ‪ -‬بكسر الغين – والمغسوسة نأخآل ترطب ول حلوة‬
‫لها والغس‪ :‬الضعيف واللئيم والغسيس الرطب الفاسد ‪.‬‬

‫) ‪(1/56‬‬

‫قضاعة‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬فقالت اليمن وقضاعة‪ :‬قضاعة بن مالك بن حمير‪ .‬وقال عمرو بن مرة الجهنأي‪،‬‬
‫وجهينأة بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم‪ ،‬بن الحاف بن قضاعة‪:‬‬
‫__________‬
‫على الحال إوان كان معرفة في الظاهر لن معنأاه مثل أيدي سبأ والياء ساكنأة فيه في موضع النأصب‬
‫لنأه صار بمنأزلة اسمين جعل اسما واحدا مثل معدي كرب ولم يسكنأوها في ثمانأي عشرة لنأها متحركة‬
‫في ثمانأية عشر‪.‬‬
‫فصل وذكر سيل العرم‪ ،‬وفي العرم أقوال قيل هو المسنأاة ‪ 1‬أي السد وهو قول قتادة‪ ،‬وقيل هو اسم‬
‫للوادي‪ ،‬وهو قول عطاء وقيل هو الجرذ الذي خآرب السد وقيل هو صفة للسيل من العرامة وهو معنأى‬
‫رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس‪ ،‬وقال البخآاري‪ :‬العرم ‪ :2‬ماء أحمر حفر في الرض حتى‬
‫ارتفعت عنأه الجنأتان فلم يسقهما‪ ،‬حتى يبست وليس الماء الحمر من السد ولكنأه كان عذابا أرسل‬
‫عليهم‪ .‬انأتهى كلم البخآاري‪ .‬والعرب تضيف السم إلى وصفه لنأهما اسمان فتعرف أحدهما بالخآر‪.‬‬
‫وحقيقة إضافة المسمى إلى السم الثانأي‪ ،‬أي صاحب هذا السم كما تقول ذو زيد أي‪ .‬المسمى بزيد‬
‫ومنأه سعد نأاشرة وعمرو بطة‪.‬‬
‫وقول العشى ‪:3‬‬
‫ومأرب عفى عليها العرم‬
‫يقوى أنأه السيل‪ .‬ومأرب بسكون الهمزة اسم لقصر كان لهم وقيل‪ :‬هو اسم‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬المسنأاة‪ :‬التي تحبس الماء ‪.‬‬
‫‪ 2‬واحد العرم‪ :‬العرمة بفتح العين والراء وكسرها ‪ ،‬وهي صفة للمسنأاة وليست اسما لها‪.‬‬
‫‪ 3‬هو أبو بصير ميمون بن قيس بن جنأدل ‪ ،‬نأشأ في اليمامة‪.‬‬

‫) ‪(1/57‬‬

‫نأحن بنأو الشيخ الهجان الزهر ‪ ...‬قضاعة بن مالك بن حمير‬


‫النأسب المعروف غير المنأكر ‪ ...‬في الحجر المنأقوش تحت المنأبر‬
‫ــــ‬
‫لكل ملك كان يلي سبأ‪ ،‬كما أن تبعا اسم لكل من ولي اليمن‪ ،‬وحضرموت والشحر‪ .‬قاله المسعودي‪.‬‬
‫وكان هذا السد من بنأاء سبأ بن يشجب بن يعرب ‪ 1‬وكان ساق إليه سبعين واديا‪ ،‬ومات قبل أن يستتمه‬
‫فأتمته ملوك حمير بعده‪ .‬وقال المسعودي‪ :‬بنأاه لقمان بن عاد‪ ،‬وجعله فرسخآا‪ ،‬وجعل له ثلثين مثقبا‪.‬‬
‫وقول العشى‪:‬‬
‫إذا جاء مواره لم يرم‬
‫من قوله تعالى‪} :‬كيموكم تككموكر الصسكماكء كممو ارا{ٍ ]الطور‪ .[9 :‬فهو مفتوح الميم وبعضهم يرويه مضموم الميم‬
‫والفتح أصح‪ .‬ومنأه قولهم دم مائر أي سائل‪ .‬وفي الحديث "أمر الدم بما شئت" ‪ 2‬أي أرسله ورواه أبو‬
‫عبيد أمر بسكون الميم جعله من مريت الضرع‪ .‬والنأفس إلى الرواية الولى أميل من طريق المعنأى‪،‬‬
‫وكذلك رواه النأقاش وفسره‪.‬‬
‫وقوله لم يرم أي‪ :‬لم يمسكه السد حتى يأخآذوا منأه ما يحتاجون إليه‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فأروي الزروع وأعنأابها أي أعنأاب تلك البلد لن الزروع ل عنأب لها‪.‬‬
‫وأنأشد لمية بن أبي الصلت‪:‬‬
‫من سبأ الحاضرين مأرب إذ ‪ ...‬يبنأون من سيله العرما ‪3‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ويقال‪ :‬إنأها بلقيس‪.‬‬
‫‪ 2‬الحديث رواه أحمد في مسنأده ‪.‬‬
‫‪ 3‬البيت في اللسان ‪ :‬شرد من دون سيله العرما ‪ .‬ويقال إن مأرب اسم لقصر الملك ‪.‬‬

‫) ‪(1/58‬‬

‫قنأص بن معد ونأسب النأعمان بن المنأذر‪:‬‬


‫قال ابن إسحاق‪ :‬وأما قنأص بن معد فهلكت بقيتهم ‪ -‬فيما يزعم نأساب معد ‪ -‬وكان منأهم النأعمان بن‬
‫المنأذر ملك الحيرة‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬حدثنأي محمد بن مسلم بن عبد ال بن شهاب الزهري‪ :‬أن النأعمان بن المنأذر كان من‬
‫ولد قنأص بن معد‪.‬قال ابن هشام‪ :‬ويقال قنأص‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وحدثنأي يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الخآنأس‪ ،‬عن شيخ من النأصار من بنأي زريق‬
‫أنأه حدثه‪:‬‬
‫أن عمر بن الخآطاب ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ -‬حين أتى بسيف النأعمان بن المنأذر‪ ،‬دعا جبير بن مطعم بن‬
‫عدي بن نأوفل بن عبد منأاف بن قصي ‪ -‬وكان جبير من أنأسب قريش لقريش وللعرب قاطبة وكان يقول‬
‫إنأما أخآذت النأسب من أبي بكر الصديق رضي ال عنأه وكان أبو بكر الصديق أنأسب العرب ‪ -‬فسلحه‬
‫إياه ثم قال ممن كان يا جبير النأعمان بن المنأذر؟ فقال كان من أشلء قنأص بن معد‪.‬‬
‫ــــ‬
‫وهذا أبين شاهد على أن العرم هو السد‪ ،‬واسم أبي الصلت ربيعة بن وهب بن علج الثقفي وأمه رقية‬
‫بنأت عبد شمس بن عبد منأاف‪.‬‬

‫) ‪(1/59‬‬

‫ذكر معد وولده‪:‬‬


‫‪...‬‬
‫ذكر معد وولده‪:‬‬
‫قوله وولد معد أربعة نأفر أما نأزاز فمتفق على أنأه ابن معد وسائر ولد معد فمخآتلف فيه فمنأهم جشم بن‬
‫معد وسلهم بن معد وجنأادة بن معد وقنأاصة بن معد وقنأص ‪ 1‬بن معد وسنأام بن معد وعوف ‪ -‬وقد‬
‫انأقرض عقبه ‪ -‬وحيدان وهم الن في قضاعة‪ ،‬وأود وهم في مذحج ينأسبون بنأي أود بن عمرو‪ ،‬ومنأهم‬
‫عبيد الرماح وحيدة وحيادة وجنأيد وقحم فأما قضاعة فأكثر النأسابين يذهبون إلى أن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬وقنأص أيضا بضم القاف والنأون ‪.‬‬

‫) ‪(1/59‬‬

‫قال ابن إسحاق‪ :‬فأما سائر العرب فيزعمون أنأه كان رجل من لخآم‪ ،‬من ولد ربيعة بن نأصر‪ ،‬فال أعلم‬
‫أي ذلك كان‪.‬‬
‫ــــ‬
‫قضاعة هو ابن معد وهو مذهب الزبيريين وابن هشام‪ ،‬وقد روي من طريق هشام بن عروة عن عائشة‬
‫عن النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أنأه سئل عن قضاعة‪ ،‬فقال‪" :‬هو ابن معد وكان بكره" ‪ .‬قال أبو‬
‫عمر وليس دون هشام بن عروة من يحتج به في هذا الحديث وقد عارضه حديث آخآر عن عقبة بن‬
‫عامر الجهنأي‪ .‬وجهينأة‪ :‬هو ابن زيد بن ليث بن سود بن أسلم ‪ -‬بضم اللم ‪ -‬ابن الحاف بن قضاعة‬
‫أنأه قال يا رسول ال لمن نأحن؟ فقال "أنأتم بنأو مالك بن حمير" وقال عمرو بن مرة ‪ -‬وهو من أصحاب‬
‫رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ويكنأى أبا مريم‪:‬‬
‫يأيها الداعي ادعنأا وأبشر ‪ ...‬وكن قضاعيا ول تنأزر‬
‫نأحن بنأو الشيخ الهجان الزهر ‪ ...‬قضاعة بن مالك بن حمير‬
‫قال ذو الحسبين قال الزبير الشعر لفلح بن اليعبوب‪ .‬وعمرو بن مرة هذا له عن رسول ال ‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ -‬حديثان أحدهما‪ :‬في "أعلم النأبوة والخآر" "من ولي أمر النأاس فسد بابه دون ذوي الحاجة‬
‫والخآلة والمسكنأة سد ال بابه دون حاجته وخآلته ومسكنأته يوم القيامة" ‪ .1‬ومما احتج به أصحاب القول‬
‫الول أيضا قول زهير ‪:2‬‬
‫قضاعية أو أخآتها مضرية ‪ ...‬يحرق في حافاتها الحطب الجزل‬
‫فجعل قضاعة ومضر أخآوين‪ :‬وأشعار كثيرة للبيد وغيره وقد قال الكميت يعاتب قضاعة في انأتسابهم‬
‫إلى اليمن ‪:‬‬
‫علم نأزلتم من غير فقر ‪ ...‬ول ضراء منأزلة الحميل‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬رواه الترمذي ‪،‬ورواه أبو داود بلفظ آخآر‪ .‬والخآلة ‪:‬الحاجة والفقر‪.‬‬
‫‪ 2‬زهيرابن أبى سلمى ربيعة بن رباح المزنأي يقال إنأه عاش حتى أدرك السلم ‪ ،‬فأقبل على الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم في وفد من قومه ‪ ،‬فأسلم وحفظ القرآن‪.‬‬
‫) ‪(1/60‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫والحميل المسبي لنأه يحمل من بلد إلى بلد‪ .‬قال العمش‪ :‬كان أبي حميل فورثه مسروق‪ .‬أراد أن‬
‫مسروقا كان يرى التوارث بولدة العاجم‪ .‬وقال ابن الماجشون كان أبي ومالك وابن دينأار والمغيرة‬
‫يقولون في الحميل ‪ -‬وهو المسبي ‪ -‬يقول ابن هرمز ‪ 1‬ثم رجع مالك قبل موته بيسير إلى قول ابن‬
‫شهاب‪ ،‬وأنأهم يتوارثون بشهادة العدول ولما تعارض القولن في قضاعة‪ ،‬وتكافأت الحجاج نأظرنأا فإذا‬
‫بعض النأسابين ‪ -‬وهو الزبير ‪ -‬قد ذكر ما يدل على صدق الفريقين وذكر عن ابن الكلبي أو غيره أن‬
‫امرأة مالك بن حمير‪ ،‬و اسمها‪ :‬عكبرة آمت منأه وهي ترضع قضاعة‪ ،‬فتزوجها معد‪ ،‬فهو رابه فتبنأاه‬
‫وتكنأى به ويقال بل ولدته على فراشه فنأسب إليه وهو قول الزبير كما نأسب بنأو عبد منأاة بن كنأانأة إلى‬
‫علي بن مسعود بن مازن بن الذئب السدي لنأه كان حاضن أبيهم وزوج أمهم فيقال لهم بنأو علي إلى‬
‫الن وكذلك عكل‪ ،‬وهو حاضن بنأي عوف بن ود بن طابخآة ولكن ل يعرفون إل بعكل وكذلك سعد بن‬
‫هذيم إنأما هم بنأو سعد بن زيد بن قضاعة‪ ،‬وهذيم كان حاضن سعد فنأسب إليه وهذا كثير في قبائل‬
‫العرب‪ ،‬وسيأتي منأه في الكتاب زيادة ‪ -‬إن شاء ال ‪ -‬وتفسير قضاعة فيما ذكر صاحب العين كلب‬
‫الماء فهو اسم منأقول منأه وهو لقب له واسمه عمرو‪ ،‬ويكنأى أبا حسن وكنأيته أبا حكم فيما ذكروا‪.‬‬
‫وقول ابن إسحاق‪ :‬كان بكر معد فالبكر أول ولد الرجل وأبوه بكر والثنأي ولده الثانأي‪ ،‬وأبوه ثنأي والثلث‬
‫ولده الثالث ول يقال للب ثلث ول يقال فيما بعد الثالث شيء من هذا‪ ،‬قاله الخآطاب‪ .‬ومما عوتبت به‬
‫قضاعة في انأتسابهم إلى‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬العمش هو ‪:‬أبو محمد سليمان بن مهران الكوفي ‪ ،‬كان حافظا مثبتا ‪،‬ولكن كان فيه تشيع ولد سنأة‬
‫‪61‬هـ وتوفي ‪148‬هـ وابن الماجشون هو‪ :‬عبد الملك بن عبد العزيز بن عبد ال بن أبي سلمى‬
‫والماجشون "ت‪ "212 :‬هـ‪ .‬ومسروق هومسروق بن الجدع بن ماملك أبو عائشة الكوفي كان فقيها من‬
‫أصحاب عبد ال بن مسعود "ت‪."62 :‬‬

‫) ‪(1/61‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫اليمن قول أعشى بنأي تغلب‪ ،‬وقيل هي لرجل من كلب‪ ،‬وكلب من قضاعة‪. .‬‬
‫أزنأيتم عجوزكم وكانأت ‪ ...‬قديما ل يشم لها خآمار‬
‫عجوز لو دنأا منأها يمان ‪ ...‬للقى مثل ما لقى يسار‬
‫يريد يسار الكواعب الذي هم بهن فخآصينأه وقال بعض شعراء حمير في قضاعة‪:‬‬
‫مررنأا على حيي قضاعة غدوة ‪ ...‬وقد أخآذوا في الزفن والزفنأان‬
‫فقلت لهم ما بال زفنأكم كذا ‪ ...‬لعرس نأرى ذا الزفن أو لخآتان‬
‫فقالوا‪ :‬أل إنأا وجدنأا لنأا أبا ‪ ...‬فقلت‪ :‬ليهنأئكم بأي مكان؟‬
‫فقالوا‪ :‬وجدنأاه بجرعاء مالك ‪ ...‬فقلت‪ :‬إذا ما أمكم بحصان‬
‫فما مس خآصيا مالك فرج أمكم ‪ ...‬ول بات منأه الفرج بالمتدانأي‬
‫فقالوا‪ :‬بلى وال حتى كأنأما ‪ ...‬خآصياه في باب استها جعلن‬
‫ذكره أبو عمر ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬في كتاب النأباه له وقال جميل بن معمر وهو من بنأي حن بن ربيعة من‬
‫قضاعة يصف بثينأة وهي من حن أيضا‪:‬‬
‫ربت في الروابي من معد وفضلت ‪ ...‬على المحصنأات البيض وهي وليد ‪1‬‬
‫وقال جميل أيضا وهو يحدو بالوليد بن عبد الملك‪:‬‬
‫أنأا جميل في السنأام من معد ‪ ...‬الضاربين النأاس في الركن الشد‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬جميل بن عبد ال بن معمر المعروف بجميل بثينأة "ت‪"82:‬هـ‪.‬‬

‫) ‪(1/62‬‬

‫ذكر قنأص بن معد‪:‬‬


‫‪...‬‬
‫ذكر قنأص بن معد‪:‬‬
‫وكان قنأص بن معد قد انأتشر ولده بالحجاز فوقعت بينأهم وبين أبيهم حرب‪،‬‬

‫) ‪(1/62‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫وتضايقوا في البلد وأجدبت لهم الرض فساروا نأحو سواد العراق‪ ،‬وذلك أيام ملوك الطوائف فقاتلهم‬
‫الردانأيون وبعض ملوك الطوائف ‪ 1‬وأجلوهم عن السواد وقتلوهم إل أشلء لحقت بقبائل العرب‪ ،‬ودخآلوا‬
‫فيهم وانأتسبوا إليهم‪.‬‬
‫فصل‪ :‬وذكر ابن إسحاق حديث جبير بن مطعم حين أتي عمر بسيف النأعمان بن المنأذر‪ ،‬وكان جبير‬
‫أنأسب النأاس ‪ -‬الحديث‪ .‬وذكر الطبري أن سيف النأعمان بن المنأذر إنأما أتي به عمر حين افتتحت‬
‫المدائن ‪ -‬وكانأت بها خآرائب كسرى وذخآائره فلما غلب عليها فر إلى إصطخآر فأخآذت أمواله ونأفائس‬
‫عدده وأخآذ له خآمسة أسياف لم ير مثلها‪ .‬أحدها‪ :‬سيف كسرى أبرويز‪ ،‬وسيف كسرى أنأوشروان وسيف‬
‫النأعمان بن المنأذر الذي كان استلبه منأه حين قتله غضبا عليه وألقاه إلى الفيلة فخآبطته بأيديها‪ ،‬حتى‬
‫مات‪ .‬وقال الطبري‪ :‬إنأما مات في سجنأه في الطاعون الذي كان في الفرس‪ ،‬وسيف خآاقان ملك الترك‪،‬‬
‫وسيف هرقل‪ ،‬وكان تصير إلى كسرى أيام غلبته على الروم في المدة التي ذكرها ال تعالى في قوله }الم‬
‫ض{ٍ ]الروم‪ [3 -1 :‬الية‪ .‬فهذا كان سبب تصير سيف النأعمان إلى كسرى‬ ‫كغلمكبمت الرروم مفي أكمدكنأى املكمر م‬
‫ك‬
‫أبرويز‪ ،‬ثم إلى كسرى يزدجرد ثم إلى عمر ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ -‬وكان الذي قتل النأعمان منأهم أبرويز بن‬
‫هرمز بن أنأوشروان ‪ 2‬وكان لبرويز فيما ذكر ألف فيل وخآمسون ألف فرس وثلثة آلف امرأة ‪ -‬فيما‬
‫ذكر الطبري ‪ -‬وتفسير أنأوشروان بالعربية مجدد الملك ‪ -‬فيما ذكروا وال أعلم ‪ -‬وكذلك تفسير أبرويز‪:‬‬
‫المظفر‪ .‬قاله‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الطوائف ‪ :‬هم الذين ملكوا بابل بعد لسكنأدر والردانأيون هم أنأباط السواد ‪،‬والنأباط قوم من الساميين‬
‫يرجعون إلى أصلين أحدهما آرامي والخآر عربي ‪ ،‬ودولتهم كانأت في القرن السابع قبل الميلد وسقطت‬
‫في أوائل الثانأي قبل الميلد ‪.‬‬
‫‪ 2‬خآاقان‪ :‬علم واسم لكل ملك خآصنأه الترك على أنأفسهم أي ملكوه ‪ .‬وهرقل‪ :‬اسم لملك الروم وكسرى‪:‬‬
‫ملك الفرس وأبرويز ملك فارس وفي عهده حدثت حروب ذي قار لتمام أربعين سنأة من مولد الرسول‬
‫صلى ال عليه وسلم‬

‫) ‪(1/63‬‬

‫نأسب لخآم بن عدي‪:‬‬


‫قال ابن هشام‪ :‬لخآم بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن هميسع بن عمرو بن عريب بن‬
‫يشجب بن زيد بن كهلن بن سبأ‪ ،‬ويقال لخآم بن عدي بن عمرو بن سبأ‪ ،‬ويقال ربيعة بن نأصر بن أبي‬
‫حارثة بن عمرو بن عامر‪ ،‬وكان تخآلف باليمن بعد خآروج عمرو بن عامر من اليمن‪.‬‬
‫) ‪(1/64‬‬

‫أمر عمرو بن عامر في خآروجه من اليمن وقصة سد مأرب‪:‬‬


‫‪...‬‬
‫أمر عمرو بن عامر في خآروجه من اليمن وقصة سد مأرب‪:‬‬
‫وكان سبب خآروج عمرو بن عامر من اليمن ‪ -‬فيما حدثنأي أبو زيد النأصاري أنأه رأى جرذا يحفر في‬
‫سد مأرب الذي كان يحبس عليهم الماء فيصرفونأه حيث شاءوا من أرضهم فعلم أنأه ل بقاء للسد على‬
‫ذلك فاعتزم على النأقلة من اليمن‪ ،‬فكاد قومه فأمر أصغر ولده إذا أغلظ له ولطمه أن يقوم إليه فيلطمه‬
‫ففعل ابنأه ما أمره به فقال عمرو‪ :‬ل أقيم ببلد لطم وجهي فيه أصغر ولدي‪ ،‬وعرض أمواله فقال أشراف‬
‫من أشراف اليمن‪ :‬اغتنأموا غضبة عمرو فاشتروا منأه أمواله‪ .‬وانأتقل في ولده وولد ولده‪ .‬وقالت الزد‪ :‬ل‬
‫نأتخآلف عن عمرو بن عامر‪ ،‬فباعوا أموالهم وخآرجوا معه فساروا حتى نأزلوا بلد عك مجتازين يرتادون‬
‫البلدان‪ .‬فحاربتهم عك‪ ،‬فكانأت حربهم سجال ‪ .1‬ففي ذلك قال عباس بن مرداس البيت الذي كتبنأا‪ .‬ثم‬
‫ارتحلوا‬
‫ــــ‬
‫المسعودي والطبري أيضا‪ ،‬وزاد الطبري في حديث جبير حين سأله عمر عن نأسب النأعمان قال كانأت‬
‫العرب تقول إنأه من أشلء قنأص بن معد وهو ولد عجم بن قنأص إل أن النأاس لم يدروا ما عجم فجعلوا‬
‫مكانأه لخآما‪ :‬فقالوا‪ :‬هو من لخآم‪،‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬السجال أن يغلب هؤلء مرة وهؤلء مرة وأصله من المساجلة في الستقاء ‪.‬‬

‫) ‪(1/64‬‬

‫عنأهم فتفرقوا في البلدان فنأزل آل جفنأة بن عمرو بن عامر الشام‪ ،‬ونأزلت الوس والخآزرج يثرب‪ ،‬ونأزلت‬
‫خآزاعة مرا‪ 1،‬ونأزلت أزد السراة السراة ‪ .2‬ونأزلت أزد عمان عمان‪ .‬ثم أرسل ال تعالى على السد السيل‬
‫فهدمه ففيه أنأزل ال تبارك وتعالى على رسوله محمد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪} -‬لكقكمد ككاكن لمكسكبةأ مفي‬
‫ضوا‬
‫ب كغكفوةر فكأكمعكر ك‬ ‫طديكبةة كوكر ب‬ ‫كممسككنأممهمم آكيةة كجصنأكتامن كعمن كيمميةن ومشكماةل ككلكوا مممن مرمز م‬
‫ق كردبككمم كوامشكككروا لكهك كبملكدةة ك‬ ‫ك‬
‫ة‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫م‬ ‫ة‬ ‫ة‬ ‫ة‬ ‫ة‬
‫فكأكمركسملكنأا كعلكميمهمم كسميكل املكعمرمم كوكبصدملكنأاكهمم بمكجصنأتكميمهمم كجصنأتكميمن كذكواتكمي أكككل كخآممط كوأكمثل كوكشميء ممن سمدةر كقليل{ٍ ]سبأ‪:‬‬
‫‪.[16 15‬‬
‫والعرم‪ :‬السد‪ ،‬واحدته عرمة فيما حدثنأي أبو عبيدة‪.‬‬
‫قال العشى‪ :‬أعشى بنأي قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن هنأب بن‬
‫أفصى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نأزار بن معد قال ابن هشام‪ :‬ويقال أفصى بن دعمي بن جديلة‬
‫واسم العشى‪ :‬ميمون بن قيس بن جنأدل بن شراحيل بن عوف بن سعد بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة‪:‬‬
‫وفي ذاك للمؤتسي أسوة ‪ ...‬ومأرب عفى عليها العرم‬
‫رخآام بنأته لهم حمير ‪ ...‬إذا جاء مواره لم يرم‬
‫فأروى الزروع وأعنأابها ‪ ...‬على سعة ماؤهم إذ قسم‬
‫فصاروا أيادي ما يقدرو ‪ ...‬ن منأه على شرب طفل فطم‬
‫وهذه البيات في قصيدة له‪.‬‬
‫ــــ‬
‫ونأسبوا إليه‪ .‬وأبرويز هو الذي كتب إليه النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬فمزق كتابه فدعا عليهم النأبي‬
‫‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أن يمزقوا كل ممزق‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬مر‪:‬هو الذي يقال له مر الظهران ‪ ،‬ومر الظهران ‪ ،‬وهو موضع على مرحلة من مكة ‪.‬‬
‫‪ 2‬قال الصمعي ‪ :‬الطود حبل مشرف على عرفة ينأقاد إلى صنأعاء يقال له السراة ‪.‬‬

‫) ‪(1/65‬‬

‫وقال أمية بن أبي الصلت الثقفي ‪ -‬واسم ثقيف‪ :‬قسي بن منأبه بن بكر بن هوازن بن منأصور بن عكرمة‬
‫بن خآصفة بن قيس بن عيلن بن مضر بن نأزار بن معد بن عدنأان‪.‬‬
‫من سبأ الحاضرين مأرب إذ ‪ ...‬يبنأون من دون سيله العرما ‪1‬‬
‫وهذا البيت في قصيدة له‪ .‬وتروى للنأابغة الجعدي واسمه قيس بن عبد ال أحد بنأي جعدة بن كعب بن‬
‫ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن‪.‬‬
‫وهو حديث طويل منأعنأي من استقصائه ما ذكرت من الخآتصار‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في هذا البيت شاهد على أن العرم هو السد ‪.‬‬

‫) ‪(1/66‬‬
‫ق وكسمطيح الكاهنأين معه‬
‫أمر ربيعة بن نأصر ملك اليمن وقصة مش د‬
‫‪...‬‬
‫ق وكسمطيح الكاهنأين معه‬
‫أمر ربيعة بن نأصر ملك اليمن وقصة مش د‬
‫رؤيا ربيعة بن نأصر‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق ‪ :‬وكان ربيعة بن نأصر ملك اليمن بين أضعاف ملوك التبابعة‪ ،‬فرأى رؤيا هالته وفظع‬
‫بها‪ ،‬فلم يدع كاهنأا‪ ،‬ول ساحرا‪ ،‬ول عائفا ‪ ،2‬ول منأجما من أهل مملكته إل جمعه إليه فقال لهم إنأي قد‬
‫رأيت رؤيا هالتنأي‪ ،‬وفظعت بها‪،‬‬
‫__________‬
‫حديث ربيعة بن نأصر ورؤياه‬
‫وبعضهم يقول فيه نأصر بن ربيعة‪ ،‬وهو في قول نأساب اليمن‪ :‬ربيعة بن نأصر بن الحارث بن نأمارة بن‬
‫لخآم‪ .‬وقال الزبير في هذا النأسب نأصر بن مالك بن شعوذ بن مالك بن عجم بن عمرو بن نأمارة بن لخآم‬
‫‪ 3‬ولخآم أخآو جذام‪ ،‬وسمي‬
‫ــــ‬
‫‪ 2‬العائف‪ :‬يزجر الطير‪.‬‬
‫‪ 3‬في الشتقاق نأصر بن ربيعة بن عمرو بن الحارث بن سعود بن مالك بن عمم بن نأمارة بن لخآم ‪،‬‬
‫ومن نأسله النأعمان بن المنأذر‪.‬‬

‫) ‪(1/66‬‬

‫فأخآبرونأي بها وبتأويلها‪ ،‬قالوا له اقصصها علينأا نأخآبرك بتأويلها‪ ،‬قال إنأي إن أخآبرتكم بها لم أطمئن إلى‬
‫خآبركم عن تأويلها‪ ،‬فإنأه ل يعرف تأويلها إل من عرفها قبل أن أخآبره بها‪ ،‬فقال له رجل منأهم فإن كان‬
‫الملك يريد هذا فليبعث إلى سطيح وشق فإنأه ليس أحد أعلم منأهما‪ ،‬فهما يخآبرانأه بما سأل عنأه‪.‬‬
‫نأسب سطيح وشق‪:‬‬
‫واسم سطيح ربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن غسان‪.‬‬
‫وشق‪ :‬بن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن قسر بن عبقر بن أنأمار بن نأزار‪ ،‬وأنأمار أبو بجيلة‬
‫وخآثعم‪.‬‬
‫ــــ‬
‫لخآما لنأه لخآم أخآاه أي لطمه فعضه الخآر في يده فجذمها‪ ،‬فسمي جذاما‪ ،‬وقال قطرب اللخآم سمكة في‬
‫البحر بها سمي الرجل لخآما وأكثر المؤرخآين يقولون فيه نأصر بن ربيعة وقد تقدم ما قاله سعيد بن جبير‬
‫في نأسب النأعمان وهو من ولد ربيعة‪ ،‬وأن لخآما في نأسبه تصحيف من عجم بن قنأص‪.‬‬
‫وذكر رؤياه وسطيحا الكاهن ونأسبه وقد خآالفه محمد بن حبيب النأسابة في شيء من هذا النأسب في‬
‫كتاب المحبر وكان سطيح جسدا ملقى ل جوارح له ‪ -‬فيما يذكرون ‪ -‬ول يقدر على الجلوس إل إذا‬
‫غضب انأتفخ فجلس وكان شق شق إنأسان ‪ -‬فيما يذكرون ‪ -‬إنأما له يد واحدة ورجل واحدة وعين واحدة‬
‫ويذكر عن وهب بن منأبه ‪ 1‬أنأه قال قيل لسطيح أنأى لك هذا العلم؟ فقال لي صاحب من الجن استمع‬
‫أخآبار السماء من طور سينأاء حين كلم ال تعالى منأه موسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬فهو يؤدي إلي من ذلك‬
‫ما يؤديه‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬كان ممن يروجون قصص الماضين ‪ .‬يقول عنأه ابن خآلكان‪ :‬كانأت له معرفة بأخآبار الوائل وقيام‬
‫الدنأيا وأحوال النأبياء توفي سنأة ‪110‬هـ وقيل غير ذلك ‪ .‬لكنأي أسأل من أين كان يأتي بهذه الخآبار‬
‫التي ل توجد في كتاب ال؟‬

‫) ‪(1/67‬‬

‫نأسب بجيلة‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وقالت اليمن‪ :‬وبجيلة‪] :‬بنأو[ أنأمار‪ ،‬بن إراش بن لحيان‪ ،‬بن عمرو‪ ،‬بن الغوث‪ ،‬بن نأبت‬
‫بن مالك بن زيد بن كهلن بن سبأ‪ ،‬ويقال إراش بن عمرو بن لحيان بن الغوث‪ .‬ودار بجيلة وخآثعم‬
‫يمانأية‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق ‪ :‬فبعث إليهما‪ ،‬فقدم عليه سطيح قبل شق فقال له إنأي رأيت رؤيا هالتنأي‪ ،‬وفظعت بها‪،‬‬
‫فأخآبرنأي بها‪ ،‬فإنأك إن أصبتها أصبت تأويلها‪ .‬قال أفعل‪ .‬رأيت حممه خآرجت من ظلمه فوقعت بأرض‬
‫تهمه فأكلت منأها كل ذات جمجمه فقال له الملك ما أخآطأت منأها شيئا يا سطيح‪ ،‬ما عنأدك في تأويلها‪،‬‬
‫فقال احلف بما بين الحرتين من حنأش لتهبطن أرضكم الحبش فليملكن ما بين أبين إلى جرش‪ ،‬فقال له‬
‫الملك وأبيك يا سطيح إن هذا لنأا لغائظ‬
‫ــــ‬
‫وولد سطيح وشق في اليوم الذي ماتت فيه طريفة الكاهنأة امرأة عمرو بن عامر‪ ،‬وهي بنأت الخآير‬
‫الحميرية ودعت بسطيح قبل أن تموت فأتيت به فتفلت في فيه وأخآبرت أنأه سيخآلفها في علمها‪،‬‬
‫وكهانأتها‪ ،‬وكان وجهه في صدره لم يكن له رأس ول عنأق ودعت بشق ففعلت به مثل ما فعلت بسطيح ثم‬
‫ماتت وقبرها "الجحفة ‪ ,"1‬وذكر أبو الفرج أن خآالد بن عبد ال القسري كان من ولد شق هذا‪ ،‬فهو خآالد‬
‫بن عبد ال بن أسد بن يزيد بن كرز وذكر أن كر از كان دعيا‪ ،‬وأنأه كان من اليهود‪ ،‬فجنأى جنأاية فهرب‬
‫إلى بجيلة‪ ،‬فانأتسب فيهم ويقال كان عبدا لعبد القيس وهو ابن عامر ذي الرقعة‪ ،‬وسمي بذي الرقعة ;‬
‫لنأه كان أعور يغطي عينأه برقعة‪ .‬ابن عبد شمس بن جوين بن شق الكاهن بن صعب‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في مراصد الطلع‪ :‬كانأت قرية كبيرة ذات منأبر على طريق مكة وهي ميقات أهل مصر والشام –‬
‫إن لم يمروا بالمدينأة وفي تقويم البلدان لبي الفداء وهي رسم خآال ول ساكن به واسمها مشهور ‪ ،‬وهي‬
‫بالقرب من رابغ ‪.‬‬

‫) ‪(1/68‬‬

‫موجع فمتى هو كائن؟ أفي زمانأي هذا‪ ،‬أم بعده؟ قال ل‪ ،‬بعده بحين أكثر من ستين أو سبعين يمضين‬
‫من السنأين قال أفيدوم ذلك من ملكهم أم ينأقطع؟ قال ل‪ ،‬بل ينأقطع لبضع وسبعين من السنأين ثم يقتلون‬
‫ويخآرجون منأها هاربين قال ومن يلي ذلك من قتلهم إواخآراجهم؟‪ .‬قال يليه إرم ذي يزن‪ ،‬يخآرج عليهم‬
‫ــــ‬
‫وقوله في حديث الرؤيا‪ :‬أكلت منأها كل ذات جمجمه وكل ذات نأسمه‪ .‬نأصب كل أصح في الرواية وفي‬
‫المعنأى ; لن الحممة نأار فهي تأكل ول تؤكل على أن في رواية الشيخ برفع كل ولها وجه لكن في‬
‫"حاشية كتابه" أن في نأسخآة البرقي التي قرأها على ابن هشام‪ :‬كل ذات بنأصب اللم‪.‬‬
‫وقوله "خآرجت من ظلمه" أي من ظلمة وذلك أن الحممة قطعة من نأار وخآروجها من ظلمة يشبه خآروج‬
‫عسكر الحبشة من أرض السودان‪ ،‬والحممة الفحمة وقد تكون جمرة محرقة كما في هذا الحديث فيكون‬
‫لفظها من الحميم ومن الحمى أيضا لح اررتها‪ ،‬وقد تكون منأطفئة فيكون لفظها من الحمة وهي السواد‬
‫يقال حممت وجهه إذا سودته‪ ،‬وكل المعنأيين حاصل في لفظ الحممة ههنأا‪.‬‬
‫وقوله بين روضة وأكمة لنأها وقعت بين صنأعاء وأحوازها ‪.1‬‬
‫وقوله في أرض تهمه أي منأخآفضة ومنأه سميت تهامة‪.‬‬
‫وقوله أكلت منأها كل ذات جمجمه ولم يقل كل ذي جمجمة وهو من باب قوله تعالى سبحانأه }كول تكمزكر‬
‫كوامزكرةة مومزكر أكمخآكرى ك إومامن تكمدعك كمثمكقلكةة مإكلى محمملمكها ل كيمحكممل مممنأهك كشميء{ٍ ]فاطر ‪.[18‬‬
‫لن القصد إلى النأفس والنأسمة فهو أعم‪ ،‬ويدخآل فيه جميع ذوات الرواح ولو جاء بالتذكير لكان إما‬
‫خآاصا بالنأسان أو عاما في كل شيء حي أو جماد ومنأه قوله ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪]" -‬تنأح عنأي‪،‬‬
‫فإن[ كل بائلة تفيخ" ‪ ،‬أي‪ :‬يكون منأها إفاخآة‪ ،‬وهي‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬جمع حوزة وهو النأاحية ‪.‬‬

‫) ‪(1/69‬‬
‫من عدن‪ ،‬فل يترك أحدا منأهم باليمن‪ .‬قال أفيدوم ذلك من سلطانأه أم ينأقطع؟‬
‫قال ل‪ ،‬بل ينأقطع‪.‬‬
‫قال ومن يقطعه؟ قال نأبي زكي‪ ،‬يأتيه الوحي من قبل العلي قال وممن هذا النأبي؟‪.‬‬
‫قال رجل من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النأضر‪ ،‬يكون الملك في قومه إلى آخآر الدهر‪ .‬قال وهل‬
‫للدهر من آخآر؟ قال نأعم يوم يجمع فيه‬
‫ــــ‬
‫الحدث وقال النأحاس هو تأنأيث الصفة والخآلقة‪.‬‬
‫وقوله "ليهبطن أرضكم الحبش" هم بنأو حبش بن كوش بن حام ‪ 1‬بن نأوح وبه سميت الحبشة‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ما بين أبين إلى جرش ذكره سيبويه بكسر الهمزة على مثل إصبع وجوز فيه الفتح وكذلك تقيد في‬
‫هذا "الكتاب" وقال ابن ماكول‪ :‬هو أبين بن زهير بن أيمن بن الهميسع من حمير‪ ،‬أو من ابن حمير‬
‫سميت به البلدة وقد تقدم قول الطبري أن أبين وعدن ابنأا عدن‪ ،‬سميت بهما البلدتان‪.‬‬
‫وقوله بغلم ل دنأي ول مدن‪ .‬الدنأي معروف والمدن الذي جمع الضعف مع الدنأاءة‪ .‬قاله صاحب‬
‫"العين"‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬لحق ما فيه أمض‪ :‬أي‪ :‬ما فيه شك ول مستراب‪ ،‬وقد عمر سطيح زمانأا طويل بعد هذا الحديث‬
‫حتى أدرك مولد النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬فرأى كسرى أنأوشروان بن قباذ بن فيروز ما رأى من‬
‫ارتجاس اليوان ‪ 2‬وخآمود النأيران ولم تكن خآمدت قبل ذلك بألف عام وسقطت من قصره أربع عشرة‬
‫شرفة وأخآبره الموبذان ومعنأاه القاضي‪ ،‬أو المفتي بلغتهم أنأه رأى إبل صعابا‪ ،‬تقود خآيل عرابا‪ ،‬فانأتشرت‬
‫في بلدهم وغارت بحيرة ساوة فأرسل كسرى عبد المسيح بن عمرو بن حيان بن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في قاموس د‪ .‬بوست ‪ :‬أنأه أحد أولد نأوح ‪ ،‬وأنأه كان له أربعة بنأين ‪ :‬كوش ‪ ،‬ومصرايم ‪ ،‬وفوص‪,‬‬
‫وكنأعان ‪.‬‬
‫‪ 2‬كسرى هذا من ملوك الساسانأية أو الفرس الثانأية حكم حوالى سبعا وأربعين سنأة ‪ ،‬والرتجاس‪:‬‬
‫الضطراب ‪ ،‬أو الصوت الشديد من الرعد ‪ ،‬واليوان‪ :‬بنأاء أزج غير مسدود الوجه‪.‬‬

‫) ‪(1/70‬‬

‫الولون والخآرون يسعد فيه المحسنأون ويشقى فيه المسيئون قال أحق ما تخآبرنأي؟ قال نأعم‪ .‬والشفق‬
‫والغسق والفلق إذا اتسق إن ما أنأبأتك به لحق‪.‬‬
‫ربيعة بن نأصر وشق‪:‬‬
‫ثم قدم عليه شق‪ ،‬فقال له كقوله لسطيح وكتمه ما قال سطيح لينأظر أيتفقان أم يخآتلفان فقال نأعم رأيت‬
‫حممة خآرجت من ظلمة فوقعت بين روضة وأكمة فأكلت منأها كل ذات نأسمة‪ .‬قال فلما قال له ذلك‬
‫عرف أنأهما قد اتفقا‪ ،‬وأن‬
‫ــــ‬
‫نأفيلة الغسانأي إلى سطيح وكان سطيح من أخآوال عبد المسيح ولذلك أرسله كسرى فيما ذكر الطبري إلى‬
‫سطيح يستخآبره علم ذلك ويستعبره رؤيا الموبذان فقدم عليه وقد أشفى على الموت فسلم عليه فلم يحر‬
‫إليه سطيح جوابا فأنأشأ عبد المسيح يقول‪:‬‬
‫أصم أم يسمع غطريف اليمن ‪ ...‬أم فاد فازلم به شأو العنأن‬
‫يا فاصل الخآطة أعيت من ومن ‪ ...‬أتاك شيخ الحي من آل سنأن‬
‫وأمه من آل ذئب بن حجن ‪ ...‬أبيض فضفاض الرداء والبدن‬
‫رسول قيل العجم يسري للوسن ‪ ...‬ل يرهب الرعد ول ريب الزمن‬
‫تجوب بي الرض علنأداة شزن ‪ ...‬ترفعنأي وجنأا وتهوي بي وجن‬
‫حتى أتى عاري الجآجي والقطن ‪ ...‬تلفه في الريح بوغاء الدمن‬
‫كأنأما حثحث من حضنأي ثكن!‬
‫ثكن اسم جبل فلما سمع سطيح شعره رفع رأسه فقال عبد المسيح على جمل مشيح ‪ 1‬جاء إلى سطيح‬
‫حين أوفى على الضريح بعثك ملك بنأي ساسان لرتجاس اليوان وخآمود النأيران ورؤيا الموبذان‪ .‬رأى‬
‫إبل صعابا‪ ،‬تقود خآيل عرابا‪ ،‬قد قطعت دجلة‪ ،‬وانأتشرت في بلدها‪ .‬يا عبد المسيح إذا كثرت التلوة‪،‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬جاد مسرع ‪ ،‬وفي "الطبرى"يسيح ‪.‬‬

‫) ‪(1/71‬‬

‫قولهما واحد إل أن سطيحا قال "وقعت بأرض تهمه فأكلت منأها كل ذات جمجمه"‪ .‬وقال شق‪" :‬قعت‬
‫بين روضة وأكمة فأكلت منأها كل ذات نأسمة"‪.‬‬
‫فقال له الملك‪ :‬ما أخآطأت يا شق منأها شيئا‪ ،‬فما عنأدك في تأويلها؟ قال‪ :‬أحلف بما بين الحرتين من‬
‫إنأسان لينأزلن أرضكم السودان‪ ،‬فليغلبن على كل طفلة البنأان وليملكن ما بين أبين إلى نأجران‪.‬‬
‫ــــ‬
‫وظهر صاحب الهراوة وخآمدت نأار فارس‪ ،‬وغارت بحيرة ساوة وفاض وادي السماوة ‪ 1‬فليست الشام‬
‫لسطيح شاما‪ ،‬يملك منأهم ملوك وملكات على عدد الشرفات وكل ما هو آت آت ثم قضى سطيح مكانأه‪.‬‬
‫وقوله فازلم به معنأاه قبض قاله ثعلب‪ ،‬وقوله شأو العنأن‪ .‬يريد الموت وما عن منأه قاله الخآطابي‪ .‬وفاد‬
‫مات‪ .‬يقال منأه فاد يفود وأما يفيد فمعنأاه يتبخآتر‪.‬‬
‫وقول ابن إسحاق في خآبر ربيعة بن نأصر‪ ،‬فجهز أهله وبنأيه إلى الحيرة‪ ،‬وكتب لهم إلى ملك يقال له‬
‫سابور بن خآرزاذ‪.‬‬
‫من تاريخ ملوك الفرس‪:‬‬
‫قال المؤلف الشيخ الحافظ أبو القاسم ‪ -‬عفا ال عنأه ‪ -‬ول يعرف خآرزاذ في ملوك بنأي ساسان من‬
‫الفرس‪ ،‬وهم من عهد أزدشير بن بابك إلى يزدجرد الذي قتل في أول خآلفة عثمان ‪ -‬رضي ال عنأه ‪-‬‬
‫معروفون مسمون بأسمائهم وبمقادير مددهم‪ .‬مشهور ذلك عنأد الخآباريين والمؤرخآين ولكنأه يحتمل أن‬
‫يكون ابن خآرزاذ هذا ملكا دون الملك العظم منأهم أو يكون أحد ملوك الطوائف وهو الظاهر في‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬بادية بين الكوفة والشام وأرض مستوية لحجر فيها‪.‬‬

‫) ‪(1/72‬‬

‫فقال له الملك‪ :‬وأبيك يا شق‪ ،‬إن هذا لنأا لغائظ موجع فمتى هو كائن؟ أفي زمانأي‪ ،‬أم بعده؟ قال ل‪ ،‬بل‬
‫بعده بزمان ثم يستنأقذكم منأهم عظيم ذو شأن ويذيقهم أشد الهوان‪ .‬قال ومن هذا العظيم الشأن؟ قال‬
‫غلم ليس بدنأي‪،‬‬
‫ــــ‬
‫مدة ربيعة بن نأصر لنأه جد عمرو بن عدي وابن أخآت جذيمة البرش ‪ 1‬وكان ملك جذيمة أوله فيما‬
‫أحسب في مدة ملوك الطوائف وآخآره في مدة الساسانأيين وأول من ملك الحيرة من الساسانأية سابور بن‬
‫أزدشير وهو الذي خآرب الحضر ‪ 2‬وكانأت ملوك الطوائف متعادين يغير بعضهم على بعض قد تحصن‬
‫كل واحد منأهم في حصن وتحوز إلى حيز منأهم عرب‪ .‬ومنأهم أشغانأيون على دين الفرس‪ ،‬وأكثرهم‬
‫ينأتسبون إلى الفرس من ذرية دا ار بن دارا‪ ،‬وكان الذي فرقهم وشتت شملهم وأدخآل بعضهم بين بعض‬
‫لئل يستوثق لهم ملك ول يقوم لهم سلطان السكنأدر بن فيلبش اليونأانأي‪ ،‬حين ظهر على دارا‪ ،‬واستولى‬
‫على بلد مملكته وتزوج بنأته روشنأك‪ .‬بوصية أبيها دا ار له بذلك حين وجده مثخآنأا في المعركة ولم يكن‬
‫السكنأدر أراد قتله لنأه كان أخآاه لمه فيما زعموا‪ ،‬فوضع السكنأدر رأسه على فخآذه ‪ -‬فيما ذكروا ‪-‬‬
‫وقال يا سيد النأاس لم أرد قتلك‪ ،‬ول رضيته‪ ،‬فهل لك من حاجة؟ قال نأعم‪ .‬تزوج ابنأتي روشنأك‪ ،‬وتقتل‬
‫من قتلنأي‪ ،‬ثم قضى دارا‪ ،‬ففعل ذلك السكنأدر وفرق الفرس‪ ،‬وأدخآل بينأهم العرب‪ .‬فتحاجزوا‪ ،‬وسموا‪:‬‬
‫ملوك الطوائف لن كل واحد منأهم كان على طائفة من الرض ثم دام أمرهم كذلك أربعمائة وثمانأين سنأة‬
‫في قول الطبري‪ ،‬وقد قيل أقل من ذلك وقال المسعودي‪ :‬خآمسمائة وعشرين سنأة وفي أيامهم بعث‬
‫عيسى ابن مريم ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬وذلك بعد موت السكنأدر بثلثمائة سنأة‪ .‬فابن خآرزاذ هذا ‪ -‬وال‬
‫أعلم ‪ -‬من أولئك‪ .‬وبنأو‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ويلقب أيضا بالوضاح ‪ ،‬وقد ملك جذيمة من مشارق الشام إلى الفرات من قبل الروم‪.‬‬
‫‪ 2‬الحضر‪ :‬اسم مدينأة في البرية بإزاء تكريت بينأها وبين الموصل والفرات ‪ ،‬يقال‪ :‬لم يبق منأها إل رسم‬
‫السور‪.‬‬

‫) ‪(1/73‬‬

‫ول مدن يخآرج عليهم من بيت ذي يزن ]فل يترك أحدا منأهم باليمن[؛ قال‪:‬‬
‫ــــ‬
‫ساسان القائمون بعد ملوك الطوائف وبعد ملوك الشغانأيين‪ :‬هم وبنأو ساسان بن بهمن‪ .‬وهو من الكينأية‬
‫إوانأما قيل لهم الكينأية لن كل واحد منأهم يضاف إلى كي وهو البهاء‪ .‬ويقال معنأاه إدراك الثأر‪ .‬وأول من‬
‫تسمى بكي أفريذون بن أثفيان قاتل الضحاك بثأر جده جم ثم صار الملك في عقبه إلى منأوشهر الذي‬
‫بعث موسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬في زمانأه إلى كي قاووس‪ .‬وكان في زمن سليمان ‪ -‬عليه السلم ‪-‬‬
‫وسيأتي طرف من ذكره في الكتاب إلى كي يستاسب الذي ولي بخآتنأصر وملكه‪ .‬وبخآتنأصر هو الذي‬
‫حير الحيرة ‪ 1‬حين جعل فيها سبايا العرب‪ ،‬فتحيروا هنأاك فسميت الحيرة‪ ،‬وأخآذ اسمه من بوخآت وهي‬
‫النأخآلة لنأه ولد في أصل نأخآلة‪ .‬ثم كان بعد كي يستاسب بهمن بن إسبنأدياذ بن يستاسب‪.‬‬
‫وكان له ابنأان دا ار وساسان وكان ساسان هو الكبر فكان قد طمع في الملك بعد أبيه فصرف بهمن‬
‫المر عنأه إلى دا ار لخآبر يطول ذكره حملته على ذلك "خآمانأا أم دارا"‪ ،‬فخآرج "ساسان" سائحا في الجبال‬
‫ورفض الدنأيا‪ ،‬وهانأت عليه وعهد إلى بنأيه متى كان لهم المر أن يقتلوا كل أشغانأي وهم نأسل "داراء"‬
‫فلما قام "أزدشير بن بابك "وقيده الدارقطنأي "أردشير" بالراء المهملة ودعا ملوك الطوائف إلى القيام معه‬
‫على من خآالفه حتى ينأتظم له ملك فارس‪ ،‬وأجابه إلى ذلك أكثرهم وكانأوا يدا على القل حتى أزالوه‬
‫وجعل "أزدشير" يقتل كل من ظهر عليه من أولئك الشغانأيين‪ ،‬فقتل ملكا منأهم يقال له الردوان ‪2‬‬
‫واستولى على قصره فألقى فيه امرأة جميلة رائعة الحسن فقال لها‪ :‬ما أنأت؟ فقالت أمة من إماء الملك‬
‫وكانأت بنأت الملك الردوان لذت بهذه الحيلة من القتل لنأه كان ل يبقي منأهم‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في المراصد أنأها سميت بهذا لن تبعا لما قصد خآراسان خآلف ضعفة جنأده بهذا الموضع وقال لهم‬
‫خآيروا به أي أقيموا ‪.‬‬
‫‪ 2‬يلقب بالصغر‪ ،‬ومدة ملكه كما في الطبرى ‪13‬سنأة‪.‬‬

‫) ‪(1/74‬‬
‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫ذك ار ول أنأثى‪ ،‬فصدق قولها‪ ،‬واستسرها فحملت منأه فلما أثقلت استبشرت بالمان منأه فأقرت أنأها بنأت‬
‫الشغانأي الذي قتل واسمه أردوان ‪ -‬فيما ذكروا ‪ -‬فدعا وزي ار له نأاصحا ‪ -‬وقد سماه الطبري في التاريخ‬
‫‪ -‬فقال استودع هذه بطن الرض فكره الوزير أن يقتلها‪ ،‬وفي بطنأها ابن للملك وكره أن يعصي أمره‬
‫فاتخآذ لها قص ار تحت الرض ثم خآصى نأفسه وصبر مذاكيره وجعلها في حريرة ووضع الحريرة في حق‬
‫وخآتم عليه ثم جاء به الملك فاستودعه إياه وجعل ل يدخآل إلى المرأة في ذلك القصر سواه ول تراها إل‬
‫عينأه حتى وضعت المولود ذكرا‪ ،‬فكره أن يسميه قبل أبيه فسماه شاهبور‪ ،‬ومعنأاه ابن الملك فكان‬
‫الصبي يدعى بهذا‪ ،‬ول يعرف لنأفسه اسما غيره فلما قبل التعليم نأظر في تعليمه وتقويم أوده‪ .‬واجتهد في‬
‫كل ما يصلحه إلى أن ترعرع الغلم‪ .‬فدخآل الوزير يوما على أزدشير وهو واجم فقال ل يسوءك ال أيها‬
‫الملك فقد ساءنأي إطراقك ووجومك‪ ،‬فقال كبرت سنأي‪ ،‬وليس لي ولد أقلده المر بعدي‪ ،‬وأخآاف انأتثار‬
‫المر بعد انأتظامه وافتراق الكلمة بعد اجتماعها‪ ،‬فقال له إن لي عنأدك وديعة أيها الملك وقد احتجت‬
‫إليها‪ ،‬فأخآرج إليه الحقة ‪ 1‬بخآاتمها‪ ،‬ففض الخآاتم وأخآرج المذاكير منأها‪ ،‬فقال له الملك ما هذا؟ فقال‬
‫كرهت أن أعصي الملك حين أمرنأي في الجارية بما أمر فاستودعتها بطن الرض حية حتى أخآرج ال‬
‫منأها سليل الملك حيا‪ ،‬وأرضعته وحضنأته وها هو ذا عنأدي‪ ،‬فإن أمر الملك جئته به فأمره أزدشير‬
‫بإحضاره في مائة غلم من أبنأاء فارس‪ ،‬بأيديهم الصوالج ‪ 2‬يلعبون الكرة فلعبوا في القصر فكانأت الكرة‬
‫تقع في إيوان الملك فيتهيبون أخآذها حتى طارت للغلم فوقعت في سرير الملك فتقدم حتى أخآذها‪ ،‬ولم‬
‫يهب ذلك فقال الملك ابنأي والشمس!! متعجبا من عزة نأفسه‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬هي الحق وجمعها حقق وحقوق وحقاق ‪ ،‬وفي الطبري أنأه طلب من الملك أن يخآتم الحق بخآاتمه‪.‬‬
‫‪2‬مفردها‪ :‬الصولج ‪ ،‬والصولجة وهي عصا معقوف طرفها يضرب بها الفارس الكرة ‪.‬‬

‫) ‪(1/75‬‬

‫أفيدوم سلطانأه أم ينأقطع؟ قال بل ينأقطع برسول مرسل يأتي بالحق والعدل بين أهل الدين والفضل يكون‬
‫الملك في قومه إلى يوم الفصل قال وما يوم الفصل؟ قال يوم تجزى فيه الولة ويدعى فيه من السماء‬
‫بدعوات يسمع منأها الحياء والموات ويجمع فيه بين النأاس للميقات يكون فيه لمن اتقى الفوز‬
‫والخآيرات؛‬
‫ــــ‬
‫وصرامته ثم قال له ما اسمك يا غلم؟ فقال له شاهبور‪ ،‬فقال له صدقت أنأت ابنأي‪ .‬وقد سميتك بهذا‬
‫السم وبور هو البن وشاه هو الملك بلسانأهم إواضافتهم مقلوبة يقدمون المضاف إليه على المضاف‬
‫كما تقدم في "الكي" الكلمة التي كانأت في أوائل أسماء الملوك الكينأية فكانأوا يضافون إلى الكي ثم إن‬
‫أزدشير عهد إلى ابنأه شاهبور‪ ،‬وسيأتي في الكتاب في قول العشى‪:‬‬
‫أقام به شاهبور الجنأود ‪ ...‬حولين يضرب فيه القدم‬
‫ثم غيرت العرب هذا السم فقالوا‪ :‬سابور وتسمى به ملوك بنأي ساسان منأهم سابور ذو الكتاف الذي‬
‫وطئ أرض العرب‪ ،‬وكان يخآلع أكتافهم حتى مر بأرض بنأي تميم ففروا منأه ‪ 1‬وتركوا عمرو بن تميم‪.‬‬
‫وهو ابن ثلثمائة سنأة لم يقدر على الفرار وكان في قفة معلقا من عمود الخآيمة من الكبر فأخآذ وجيء‬
‫به الملك فاستنأطقه سابور فوجد عنأده رأيا ودهاء فقال له أيها الملك لم تفعل هذا بالعرب؟ فقال‪ :‬يزعمون‬
‫أن ملكنأا يصل إليهم على يد نأبي يبعث في آخآر الزمان فقال عمرو‪ :‬فأين حلم الملوك وعقلهم؟ إن يكن‬
‫هذا المر باطل فل يضرك‪ ،‬إوان يكن حقا ألفاك‪ ،‬وقد اتخآذت عنأدهم يدا‪ ،‬يكافئونأك عليها‪ ،‬ويحفظونأك‬
‫بها في ذويك‪ ،‬فيقال إن سابور انأصرف عنأهم واستبقى بقيتهم وأحسن إليهم بعد ذلك وال أعلم‪.‬‬
‫وأما أبرويز بن هرمز ‪ -‬وتفسيره بالعربية مظفر ‪ -‬فهو الذي كتب إليه النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬إن سابور ضرى بقتل العرب ونأزع أكتاف رؤسائهم إلى أن هلك ‪،‬وكان ملكه ‪/72/‬سنأة ذكره الطبري‬
‫‪.2/60‬‬

‫) ‪(1/76‬‬

‫قال أحق ما تقول؟ قال إي ورب السماء والرض وما بينأهما من رفع وخآفض إن ما أنأبأتك به لحق ما‬
‫فيه أمض‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬أمض‪ .‬يعنأي‪ :‬شكا‪ ،‬هذا بلغة حمير‪ ،‬وقال أبو عمرو‪ .‬أمض أي باطل‪.‬‬
‫هجرة ربيعة بن نأصر إلى العراق‪:‬‬
‫فوقع في نأفس ربيعة بن نأصر ما قال‪ ،‬فجهز بنأيه وأهل بيته إلى العراق بما‬
‫ــــ‬
‫وسيأتي طرف من ذكره وهو الذي عرض على ال تعالى في المنأام ‪ 1‬فقيل له سلم ما في يديك إلى‬
‫صاحب الهراوة فلم يزل مذعو ار من ذلك حتى كتب إليه النأعمان بظهور النأبي ‪-‬صلى ال عليه وسلم‪-‬‬
‫بتهامة فعلم أن المر سيصير إليه حتى كان من أمره ما كان وهو الذي سئل عنأه رسول ال ‪ -‬صلى‬
‫ال عليه وسلم – "ما حجة ال على كسرى؟ فقال إن ال تعالى أرسل إليه ملكا‪ ،‬فسلك يده في جدار‬
‫مجلسه حتى أخآرجها إليه وهي تتلل نأورا‪ ،‬فارتاع كسرى‪ ،‬فقال له الملك لم ترع يا كسرى‪ .‬إن ال قد‬
‫بعث رسوله فأسلم تسلم ]دنأياك وآخآرتك[‪ ،2‬فقال سأنأظر" ذكره الطبري‪ ،‬في أعلم كثيرة من النأبوة‬
‫عرضت على أبرويز أضربنأا عن الطالة بها‪ ،‬في هذا الموضع وتسمى أيضا سابور بعد هذا سابور بن‬
‫أبرويز أخآو شيرويه‪ ،‬وقد ملك نأحوا من شهرين في مدة النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وملك أخآوه‬
‫شيرويه نأحوا من ستة أشهر ثم ملكت بوران أخآتهما‪ ،‬فبلغ ذلك النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – فقال "ل‬
‫يفلح قوم ملكتهم امرأة" ‪ 3‬فملكت سنأة وهلكت وتشتت أمرهم كل الشتات‪ .‬ثم اجتمعوا على يزدجرد بن‬
‫شهريار والمسلمون قد غلبوا على أطراف أرضهم ثم كانأت حروب القادسية معهم إلى أن قهرهم السلم‬
‫وفتحت بلدهم‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬يردد ما ل يصح ‪.‬‬
‫‪ 2‬زيادة من الطبري ‪.‬‬
‫‪ 3‬أخآرجه أحمد في مسنأده والبخآاري والترمذي واليسائي عن أبي بكرة‪.‬‬

‫) ‪(1/77‬‬

‫يصلحهم وكتب لهم إلى ملك من ملوك فارس يقال له سابور بن خآرزاذ فأسكنأهم الحيرة‪.‬‬
‫ــــ‬
‫على يدي عمر بن الخآطاب ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ -‬واستؤصل أمرهم والحمد ل ‪.1‬‬
‫وسابور تنأسب إليه الثياب السابرية ‪ 2‬قاله الخآطابي‪ ،‬وزعم أنأه من النأسب الذي غير فإذا نأسبوا إلى‬
‫نأيسابور المدينأة‪ ،‬قالوا‪ :‬نأيسابوري على القياس وزعم بعضهم أن نأي هي القصب وكانأت مقصبة فبنأاها‬
‫سابور مدينأة‪ ،‬فنأسبت إليه وال أعلم‪.‬‬
‫رجوعه إلى حديث سطيح وذي يزن‪:‬‬
‫فصل وقول سطيح في حديث ربيعة‪ :‬إرم ذي يزن‪ ،‬المعروف سيف بن ذي يزن‪ ،‬ولكن جعله إرما‪ ،‬إما‬
‫لن الرم هو العلم فمدحه بذلك إواما شبهه بعاد إرم في عظم الخآلق والقوة قال ال تبارك وتعالى ‪} :‬أكلكمم‬
‫ك بمكعاةد إمكركم كذامت املمعكمامد{ٍ ]الفجر‪.[7 ،6 :‬‬
‫ف فككعكل كررب ك‬
‫تككر ككمي ك‬
‫وربيعة بن نأصر هذا هو‪ :‬أحد ملوك الحيرة‪ ،‬وهم آل المنأذر والمنأذر هو ابن ماء السماء وهي أمه عرف‬
‫بها‪ ،‬وهي من النأمر بن قاسط وابنأه عمرو بن هنأد عرف بأمه أيضا‪ ،‬وهي بنأت الحارث آكل المرار جد‬
‫امرئ القيس الشاعر ويعرف عمرو بمحرق لنأه حرق مدينأة‪ ،‬يقال لها‪ :‬ملهم وهي عنأد اليمامة‪ ،‬وقال‬
‫المبرد والقتبي سمي محرقا‪ ،‬لنأه حرق مائة من بنأي تميم وذكر خآبرهم ‪.3‬‬
‫وولد نأصر بن ربيعة هو عدي‪ ،‬وكان كاتبا لجذيمة البرش وابنأه‪ :‬عمرو‪،‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "المرصد" عن القادسية أنأها فتحت في عهد عثمان بن عفان رضي ال عنأه وقيل في عهد عمر‬
‫رضي ال عنأه‪.‬‬
‫‪ 2‬الثياب السابرية نأوع من أجود الثياب وأرقها‪.‬‬
‫‪ 3‬في "الشتقاق" ص ‪ :435‬المحرق هو‪ :‬الحارث بن عمرو بن عامر‪ ،‬وقد عرف بأنأه المحرق الثانأي‪.‬‬

‫) ‪(1/78‬‬

‫نأسب النأعمان بن المنأذر‪:‬‬


‫فمن بقية ولد ربيعة بن نأصر النأعمان بن المنأذر‪ ،‬فهو في نأسب اليمن وعلمهم النأعمان بن المنأذر بن‬
‫النأعمان بن المنأذر بن عمرو بن عدي بن ربيعة بن نأصر‪ ،‬ذلك الملك‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬النأعمان بن المنأذر بن المنأذر فيما أخآبرنأي خآلف الحمر‪.‬‬
‫ــــ‬
‫وهو ابن أخآت جذيمة ويكنأى جذيمة أبا مالك في قول المسعودي‪ ،‬وهو منأادم الفرقدين واسم أخآت جذيمة‬
‫رقاش بنأت مالك بن فهم بن غنأم بن دوس‪ ،‬وهو الذي اخآتطفته الجن ‪ ،1‬وفيه جرى المثل شب عمرو‬
‫عن الطوق‪ .‬وهو قاتل الزباء بنأت عمرو واسمها‪ :‬نأائلة في قول الطبري ويعقوب بن السكيت وميسون‬
‫في قول دريد واستشهد الطبري بقول الشاعر ‪:2‬‬
‫أتعرف منأزل بين المنأقى ‪ ...‬وبين مجر نأائلة القديم‬
‫وقد أملينأا في غير هذاالموضع ذكر نأسبها وطرفا من أخآبارها‪.‬‬
‫وأخآو عمرو بن هنأد‪ :‬النأعمان بن المنأذر‪ ،‬وهو ابن مامة وكان ملكه بعد عمرو‪ ،‬وفي ملك عمرو ولد‬
‫رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وفي زمن كسرى أنأوشروان بن قباذ‪.‬‬
‫وأسقط ابن إسحاق من هذا النأسب رجلين وهما‪ :‬النأعمان بن امرئ القيس وأبوه امرؤ القيس بن عمرو بن‬
‫عدي‪ .‬وقد قيل إن النأعمان هذا هو أخآو امرئ القيس وملك بعده وسيأتي ذكر النأعمان بعد هذا عنأد ذكر‬
‫صاحب الحضر إن شاء ال تعالى‪ ،‬وأنأه الذي بنأى الخآورنأق والسدير‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬بمثل أسطورة حطف الجن للنأاس‪ ،‬سيطر الدجاجلة على الذين ل دين لهم ول عقل‪.‬‬
‫‪ 2‬هو القعقاع بن الدرماء الكلبي‪.‬‬

‫) ‪(1/79‬‬
‫استيلء أبي كرب تبان أسعد على ملك اليمن وغزوه إلى يثرب‪:‬‬
‫‪...‬‬
‫استيلء أبي كرب تبان أسعد على ملك اليمن وغزوه إلى يثرب‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فلما هلك ربيعة بن نأصر رجع ملك اليمن كله إلى حسان بن تبان أسعد أبي كرب ‪-‬‬
‫وتبان أسعد هو تبع الخآر ‪ -‬ابن كلكي كرب بن زيد‪ ،‬وزيد‬
‫ــــ‬
‫قوم تبع ‪:‬‬
‫فصل‪ :‬وقوله في نأسب حسان بن تبان أسعد‪ :‬هو تبان أسعد‪ .‬اسمان جعل اسما واحدا‪ ،‬إوان شئت‬
‫أضفت كما تضيف معدي كرب إوان شئت جعلت العراب في السم الخآر وتبان من التبانأة وهي‬
‫الذكاء والفطنأة‪ .‬يقال رجل تبن وطبن‪.‬‬
‫وكلكي كرب اسم مركب أيضا وسيأتي معنأى الكرب في لغة حمير عنأد ذكر معدي كرب ‪ -‬إن شاء ال‬
‫تعالى ‪ -‬وكان ملك كلكي كرب ‪ 1‬خآمسا وثلثين سنأة وكان مضعفا ساقط الهمة لم يغز قط‪.‬‬
‫وقوله في نأسب حسان ابن تبان أسعد وتبان السعد ]هو[ تبع ]الخآر[ نأقص من النأسب أسماء كثيرة‬
‫وملوكا ; فإن عم ار ذا الذعار ‪ 2‬كان بعده نأاشر بن عمرو‪ ،‬ويقال له نأاشر النأعم ]بن عمرو بن يعفر[‬
‫إوانأما قيل له نأاشر لنأه نأشر الملك واسمه مالك‪ .‬ملك بعد قتل رجعيم بن سليمان عليه السلم بالشام‪،‬‬
‫وهو الذي انأتهى إلى وادي الرمل‪ ،‬وماتت فيه طائفة من جنأده جرت عليهم الرمال وبعده تبع القرن‬
‫وأفريقيس بن قيس الذي بنأى إفريقية وبه سميت وساق إليها البربر من أرض كنأعان وتبع بن القرن وهو‬
‫التبع الوسط وشمر بن مالك الذي‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "الشتقاق"‪ :‬ملكي كرب وفي غيره كلي بضم الكاف وفتحها‪.‬‬
‫‪ 2‬يقول الكلبي‪ :‬إنأه بهذا السم لنأه جلب النأسنأاس إلى اليمن فذعر النأاس‪ .‬انأظر‪" :‬الشتقاق" ص‬
‫‪.542‬‬

‫) ‪(1/80‬‬

‫هو تبع الول بن عمرو ذي الذعار بن أبرهة ذي المنأار بن الريش ‪ -‬قال ابن هشام‪ :‬ويقال الرائش ‪-‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬بن عدي بن صيفي بن سبأ الصغر بن كعب كهف الظلم بن زيد بن سهل بن عمرو‬
‫بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث‪ ،‬بن قطن‪ ،‬بن عريب بن زهير بن أيمن‬
‫بن الهميسع بن العرنأجج‪ ،‬والعرنأجج‪ :‬حمير بن سبأ الكبر بن يعرب بن يشجب بن قحطان‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬يشجب بن يعرب بن قحطان‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وتبان أسعد أبو كرب الذي قدم المدينأة‪ ،‬وساق الحبرين من يهود المدينأة إلى اليمن‪،‬‬
‫وعمر البيت الحرام وكساه وكان ملكه قبل ملك ربيعة بن نأصر‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وهو الذي يقال له‪:‬‬
‫ليت حظي من أبي كرب ‪ ...‬أن يسد خآيره خآبله‬
‫ــــ‬
‫سميت به مدينأة سمرقنأد ‪ ،1‬ومالك هو الملوك وفي بنأي الملوك يقول الشاعر‪:‬‬
‫فنأقب عن الملوك واهتف بيعفر ‪ ...‬وعش جار عز ل يغالبه الدهر‬
‫وقد قيل‪ :‬إن الملوك كان على عهد منأوشهر‪ ،‬وذلك في زمن موسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬كل هؤلء‬
‫مذكورون بأخآبارهم في غير هذا الكتاب‪.‬‬
‫وعمرو ذو الذعار كان على عهد سليمان‪ ،‬أو قبله بقليل وكان أوغل في ديار المغرب وسبى أمة‬
‫وجوهها في صدورها‪ ،‬فذعر النأاس منأهم فسمي ذا الذعار وبعده ملكت بنأت بلقيس هداهد بن شرحبيل‬
‫صاحبة سليمان ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬واسم‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "المروج" ترتيب ملوكهم هكذا‪ :‬أبرهة بن الرائش وبعده أفريقس بن أبرهة ثم العبد بن أبرهة ثم‬
‫الهدهد بن شرحبيل ثم تبع الول‪ ،‬ثم بلقيس ثم نأاشر النأعم ثم شمر بن أفريقس‪ ،‬ثم كليكرب‪ ،‬ثم حسان بن‬
‫تبع‪ ،‬ثم تبع بن حسان‪.2/75،‬‬

‫) ‪(1/81‬‬

‫غضب تبان على أهل المدينأة‪ ،‬وسبب ذلك‪:‬‬


‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكان قد جعل طريقه ‪ -‬حين أقبل من المشرق ‪ -‬على المدينأة‪ ،‬وكان قد مر به في‬
‫بدأته فلم يهج أهلها‪ ،‬وخآلف بين أظهرهم ابنأا له فقتل غيلة فقدمها وهو مجمع لخآرابها‪ ،‬واستئصال‬
‫أهلها‪ ،‬وقطع نأخآلها‪ ،‬فجمع له هذا الحي من النأصار‪ ،‬ورئيسهم عمرو بن طلة أخآو بنأي النأجار‪ ،‬ثم أحد‬
‫بنأي عمرو بن مبذول‪ ،‬واسم مبذول عامر بن مالك بن النأجار‪ ،‬واسم النأجار تيم ال بن ثعلبة‪ ،‬بن عمرو‪،‬‬
‫بن الخآزرج‪ ،‬بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو‪ ،‬بن عامر‪.‬‬
‫ــــ‬
‫أمها يلمقه بنأت جنأي‪ ،‬وقيل رواحة بنأت سكين‪ .‬قاله ابن هشام‪ .‬وزعم أيضا أنأها قتلت عم ار ذا الذعار‬
‫بحيلة ذكرها‪ ،‬وأنأه سمي ذا الذعار لكثرة ما ذعر النأاس منأه لجوره وأنأه ابن أبرهة ذي المنأار بن‬
‫الصعب وهو ذو القرنأين بن ذي مراثل الحميري‪ ،‬وأبوه أبرهة ذو المنأار سمي بذلك لنأه رفع نأيرانأا في‬
‫جبال ليهتدي بها ‪.1‬‬
‫وأما حسان الذي ذكر فهو الذي استباح طسما‪ ،‬وصلب اليمامة الزرقاء وذلك حين استصرخآه عليهم‬
‫رباح بن مرة أخآو الزرقاء‪ ،‬وهو من فل جديس وقد تقدم اليماء إلى خآبرهم‪.‬‬
‫ومعنأى تبع في لغة اليمن‪ :‬الملك المتبوع وقال المسعودي‪ :‬ل يقال للملك تبع حتى يغلب اليمن والشحر‬
‫وحضرموت‪ .‬وأول التبابعة‪ :‬الحارث الرائش وهو ابن همال بن ذي شدد ‪ 2‬وسمي الرائش لنأه راش‬
‫النأاس بما أوسعهم من العطاء وقسم فيهم من الغنأائم وكان أول من غنأم فيما ذكروا‪.‬‬
‫وأما العرنأجج الذي ذكر أنأه حمير بن سبأ‪ ،‬فمعنأاه بالحميرية العتيق‪ .‬قاله ابن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "القاموس" لنأه من ضرب المنأار على طريقه في مغازيه ليهتدي بها إذا رجع‪.‬‬
‫‪ 2‬في "جمهرة ابن حزم" شمر بن الفريقس بن أبرهة ذي المنأار بن الحارث الرائش بن شدد الملطاط بن‬
‫عمرو‪ ،‬انأظر‪ :‬ص ‪.410‬‬

‫) ‪(1/82‬‬

‫نأسب عمرو بن طلة‪:‬‬


‫قال ابن هشام‪ :‬عمرو ابن طلة عمرو بن معاوية بن عمرو بن عامر بن مالك بن النأجار‪ ،‬وطلة أمه‬
‫وهي بنأت عامر بن زريق‪ ،‬بن عامر بن زريق بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخآزرج‪.‬‬
‫ــــ‬
‫هشام‪ ،‬وفي عهد زمن تبع الوسط ‪ -‬وهو حسان بن تبان أسعد ‪ -‬كان خآروج عمرو بن عامر من اليمن‬
‫من أجل سيل العرم‪ ،‬فيما ذكر القتبي‪.‬‬
‫وأما عمرو أخآو حسان الذي ذكر ابن إسحاق قصته وقتله لخآيه‪ .‬فهو المعروف بموثبان‪ .‬سمي بذلك‬
‫للزومه الوثاب وهو ]السرير[ الفراش وقلة غزوه‪ .‬قاله القتبي‪.‬‬
‫وأما ما ذكره من غزو تبع المدينأة‪ ،‬فقد ذكر القتبي أنأه لم يقصد غزوها‪ ،‬إوانأما قصد قتل اليهود الذين‬
‫كانأوا فيها‪ ،‬وذلك أن الوس والخآزرج كانأوا نأزلوها معهم حين خآرجوا من اليمن على شروط وعهود كانأت‬
‫بينأهم فلم يف لهم بذلك يهود واستضاموهم فاستغاثوا بتبع فعنأد ذلك قدمها وقد قيل بل كان هذا الخآبر‬
‫لبي جبيلة الغسانأي وهو الذي استصرخآته الوس والخآزرج على يهود فال أعلم‪.‬‬
‫والرجل الذي عدا على عذق الملك وجده من بنأي النأجار هو مالك بن العجلن فيما قال القتبي‪ ،‬ول‬
‫يصح هذا عنأدي في القياس لبعد عهد تبع من مدة ملك بن العجلن‪.‬‬
‫وخآبر ملك بن العجلن إنأما هو مع أبي جبيلة الغسانأي حين استصرخآت به النأصار على اليهود‪ ،‬فجاء‬
‫حتى قتل وجوها من يهود‪ .‬وأما تبع فحديثه أقدم من ذلك‪ .‬يقال كان قبل السلم بسبعمائة عام‬
‫والصحيح في اسم أبي جبيلة‪ :‬جبيلة غير مكنأى‪ ،‬ابن عمرو بن جبلة بن جفنأة وجفنأة‪ :‬هو غلبة بن‬
‫عمرو بن عامر ماء‬

‫) ‪(1/83‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫السماء‪ .‬وجبيلة هو جد جبلة بن اليهم ‪ 1‬آخآر ملوك بنأي جفنأة ومات جبيلة الغسانأي من علقة شربها‬
‫في ماء وهو منأصرف عن المدينأة‪.‬‬
‫وذكر أن تبعا أراد تخآريب المدينأة‪ ،‬واستئصال اليهود‪ ،‬فقال له رجل منأهم له مائتان وخآمسون سنأة الملك‬
‫أجل من أن يطير به نأزق‪ .‬أو يستخآفه غضب وأمره أعظم من أن يضيق عنأا حلمه أو نأحرم صفحه مع‬
‫أن هذه البلدة مهاجر نأبي يبعث بدين إبراهيم‪ .‬وهذا اليهودي هو أحد الحبرين اللذين ذكر ابن إسحاق‪،‬‬
‫قال واسم الحبرين سحيت والخآر منأبه ‪ .2‬ذكر ذلك قاسم بن ثابت في الدلئل وفي رواية يونأس عن ابن‬
‫إسحاق‪ ،‬قال واسم الحبر الذي كلم الملك بليامين‪ ،‬وذكر أن امرأة اسمها‪ :‬فكيهة من بنأي زريق كانأت‬
‫تحمل له الماء من بئر رومة ‪ 3‬بعدما قال له الحبران ما قال‪ ،‬وكف عن قتال أهل المدينأة‪ ،‬ودخآلوا‬
‫عسكره فأعطى فكيهة حتى أغنأاها‪ ،‬فلم تزل هي وعشيرتها من أغنأى النأصار حتى جاء السلم ولما‬
‫آمن الملك بمحمد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وأعلم بخآبره قال‬
‫شهدت على أحمد أنأه ‪ ...‬نأبي من ال باري النأسم‬
‫فلو مد عمري إلى عمره ‪ ...‬لكنأت وزي ار له وابن عم‬
‫وجاهدت بالسيف أعداءه ‪ ...‬وفرجت عن صدره كل هم‬
‫وذكر ابن أبي الدنأيا في كتاب "القبور"‪ ،‬وذكره أيضا أبو إسحاق الزجاج في كتاب المغازي له أن قب ار‬
‫حفر بصنأعاء فوجد فيه امرأتان معهما لوح من فضة مكتوب بالذهب وفيه هذا قبر لميس وحبى ابنأتي‬
‫تبع ماتا‪ ،‬وهما تشهدان ل إله‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬وهو الذي ارتد ولحق بالروم‪ ،‬ونأسبه في "النأباه"‪ :‬جبلة بن اليهم بن جبلة بن الحارث بن جبلة بن‬
‫الحارث بن ثعلبة بن عمرو بن جفنأة‪ .‬انأظر‪ :‬ص ‪.111‬‬
‫‪ 2‬في التوراة والنأجيل بشارات ببعث نأبي اسمه‪ :‬أحمد‪.‬‬
‫‪ 3‬بئر بالمدينأة‪ ،‬ويقال إنأها التي اشتراها عثمان رضي ال عنأه وسبلها‪.‬‬

‫) ‪(1/84‬‬
‫سبب قتال تبان لهل المدينأة‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وقد كان رجل من بنأي عدي بن النأجار‪ ،‬يقال له أحمر عدا على رجل من أصحاب تبع‬
‫حين نأزل بهم فقتله وذلك أنأه وجده في عذق له يجده فضربه بمنأجله فقتله وقال إنأما التمر لمن أبره‪ ،‬فزاد‬
‫ذلك تبعا حنأقا عليهم فاقتتلوا‪ ،‬فتزعم النأصار أنأهم كانأوا يقاتلونأه بالنأهار ويقرونأه بالليل فيعجبه ذلك منأهم‬
‫ويقول وال إن قومنأا لكرام‪.‬‬
‫فبينأا تبع على ذلك من قتالهم إذ جاءه حبران من أحبار اليهود‪ ،‬من بنأي قريظة –‬
‫ــــ‬
‫إل ال وحده ل شريك له وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما‪ ،‬وقال رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم –‬
‫"ل أدري أتبع لعين أم ل" وروي عنأه ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أنأه قال "ل تسبوا تبعا ; فإنأه كان مؤمنأا"‬
‫‪ 1‬فإن صح هذا الحديث الخآير فإنأما هو بعدما أعلم بحاله ول نأدري‪ :‬أي التبايعة أراد غير أن في‬
‫حديث معمر عن همام بن منأبه عن أبي هريرة أن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – قال "ل تسبوا‬
‫أسعد الحميري‪ ،‬فإنأه أول من كسا الكعبة" ‪ 2‬فهذا أصح من الحديث الول وأبين حيث ذكر فيه أسعد‪.‬‬
‫وتبان أسعد الذي تقدم ذكره وقد كان تبع الول مؤمنأا أيضا بالنأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وهو‬
‫الرائش وقد قال شع ار ينأبئ فيه بمبعث النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬يقول فيه‪:‬‬
‫ويأتي بعدهم رجل عظيم ‪ ...‬نأبيء ل يرخآص في الحرام‬
‫وقد قيل أنأه القائل‬
‫منأع البقاء تصرف الشمس ‪ ...‬وطلوعها من حيث ل تمسي‬
‫اليوم أعلم ما يجيء به ‪ ...‬ومضى بفصل قضائه أمس‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬رواه المام أحمد في مسنأده عن سهل بن سعد‪.‬‬
‫‪ 2‬لم يروى إل في كتب السير‪ ،‬كسيرة أبي ذر وأبي فرج في "مثير الغرام"‪ ،‬وليس عليه نأفحة النأبوة‪.‬‬

‫) ‪(1/85‬‬

‫وقريظة والنأضير والنأجام وعمرو ‪ -‬وهو هدل ‪ -‬بنأو الخآزرج بن الصريح بن التومان بن السبط بن اليسع‬
‫بن سعد بن لوي بن خآير بن النأجام‪ ،‬بن تنأحوم‪ ،‬بن‬
‫ــــ‬
‫وطلوعها بيضاء مشرقة ‪ ...‬وغروبها صفراء كالورس‬
‫تجري على كبد السماء كما ‪ ...‬يجري حمام الموت في النأفس‬
‫وقد قيل إن هذا الشعر لتبع الخآر ]وقيل لسقف نأجران[‪ ،‬فال أعلم ومن هذا أخآذ أبو تمام قوله‬
‫ألقى إلى كعبة الرحمن أرحله ‪ ...‬والشمس قد نأفضت ورسا على الصل‬

‫) ‪(1/86‬‬

‫غريب حديث تبع‬


‫‪...‬‬
‫غريب حديث تبع‪:‬‬
‫ذكر فيه فجد عذق الملك‪ .‬العذق النأخآلة بفتح العين والعذق بالكسرة الكباسة بما عليها من التمر وذكر‬
‫في نأسب قريظة والنأضير عمرا‪ ،‬وهو هدل بفتح الدال والهاء كأنأه مصدر هدل هدل إذا استرخآت شفته‬
‫وذكره المير ابن ماكول عن أبي عبدة النأسابة فقال فيه هدل بسكون الدال‪.‬‬
‫وذكر فيه ابن التومان على وزن فعلن كأنأه من لفظ التوم ‪ 1‬وهو الدر أو نأحوه‪.‬‬
‫وفيه ابن السبط بكسر السين وفيه ابن تنأحوم بفتح التاء وسكون النأون والحاء المهملة وهو عبرانأي‪،‬‬
‫وكذلك عازر‪ ،‬وعزرى بكسر العين من عزري‪.‬‬
‫وقاهث‪ ،‬وبالتاء المنأقوطة باثنأتين‪ .‬وهكذا وقع في نأسخآة الشيخ أبي بحر‪ .‬وفي غيرها بالثاء المثلثة وكلها‬
‫عبرانأية‪ .‬وكذلك إسرائيل وتفصيله بالعربية سري ال‪ .‬وقوله في شعر خآالد بن عبد العزى‪ :‬أصحا أم قد‬
‫نأهى ذكره ‪ .2‬الذكر جمع‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬مفرده‪ :‬تومة بضم التاء وفتح الميم‪ ،‬والجمع توم‪ ،‬بضم التاء وسكون الواو أو فتحها‪.‬‬
‫‪ 2‬الذكر بكسر الذال‪ ،‬والذكرى والذكر بضم الذال ضد النأسيان‪ ،‬وفي "الشافية" عن جمع ما آخآره ألف‬
‫التأنأيث‪.‬‬

‫) ‪(1/86‬‬

‫عازر‪ ،‬بن عزرى‪ ،‬بن هارون بن عمران‪ ،‬بن يصهر بن قاهث‪ ،‬بن لوي بن يعقوب ‪ -‬وهو إسرائيل ‪-‬‬
‫بن إسحاق بن إبراهيم خآليل الرحمن ‪ -‬صلى ال عليهم ‪ -‬عالمان راسخآان في العلم حين سمعا بما يريد‬
‫من إهلك المدينأة وأهلها‪ ،‬فقال له أيها الملك ل تفعل فإنأك إن أبيت إل ما تريد حيل بينأك وبينأها‪ ،‬ولم‬
‫نأأمن عليك عاجل العقوبة فقال لهما‪ :‬ولم ذلك؟ فقال‪ :‬هي مهاجر نأبي يخآرج من هذا الحرم من قريش‬
‫في آخآر الزمان تكون داره وق ارره فتنأاهى عن ذلك ورأى أن لهما علما‪ ،‬وأجبه ما سمع منأهما‪ ،‬فانأصرف‬
‫عن المدينأة‪ ،‬وأتبعهما على دينأهما‪ ،‬فقال خآالد بن عبد العزى بن غزية بن عمرو بن عبد بن عوف بن‬
‫غنأم بن مالك بن النأجار يفخآر بعمرو بن طلة‬
‫أصحا أم قد نأهى ذكره ‪ ...‬أم قضى من لذة وطره‬
‫أم تذكرت الشباب وما ‪ ...‬ذكرك الشباب أو عصره‬
‫ــــ‬
‫ذرة‪ .‬كما تقول بكرة وبكر‪ ،‬والمستعمل في هذا المعنأى ذكرى باللف وقلما يجمع فعلى على فعل‪ ،‬إوانأما‬
‫يجمع على فعال فإن كان أراد في هذا البيت جمع‪ :‬ذكرى‪ ،‬وشبه ألف التأنأيث بهاء التأنأيث فله وجه قد‬
‫يحملون الشيء على الشيء إذا كان في معنأاه‪.‬‬
‫وقوله ذكرك الشباب أو عصره أراد أو عصره‪ .‬والعصر والعصر لغتان‪ .‬وحرك الصاد بالضم ‪ 1‬قال ابن‬
‫جنأي‪ :‬ليس شيء على وز فعل بسكون العين يمتنأع فيه فعل‪.‬‬
‫وقوله إنأها حرب رباعية‪ .‬مثل‪ .‬أي ليست بصغيرة ول جذعة ‪ .2‬بل هي فوق ذلك وضرب سن الرباعية‬
‫مثل‪ ،‬كما يقال حرب عوان‪ .‬لن العوان أقوى من الفتية وأدرب‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬العصر مثلثة العين وبضمتين‪ :‬الدهر‪ ،‬وجمعها‪ :‬أعصار وعصور وأعصر وعصر بضمتين‪.‬‬
‫‪ 2‬الجذعة قبل الثنأي‪ ،‬والثنأي التي ألفت ثنأيتها في السنأة الثالثة إذا كانأت من ذات الظلف والحافر‪.‬‬

‫) ‪(1/87‬‬

‫إنأها حرب رباعية ‪ ...‬مثلها آتى الفتى عبره‬


‫فاسأل عمران أو أسدا ‪ ...‬إذ أتت عدوا مع الزهره‬
‫فيلق فيها أبو كرب ‪ ...‬سبغ أبدانأها ذفره‬
‫ثم قالوا‪ :‬من نأؤم بها ‪ ...‬ابنأي عوف أم النأجره؟‬
‫بل بنأي النأجار إن لنأا ‪ ...‬فيهم قتلى‪ ،‬إوان تره‬
‫ــــ‬
‫وقوله عدوا مع الزهره‪ .‬يريد صبحهم بغلس قبل مغيب الزهرة وقوله أبدانأها ذفره يعنأي‪ :‬الدروع‪ .‬وذفرة من‬
‫الذفر‪ .‬وهي سطوع الرائحة طيبة كانأت أو كريهة‪ .‬وأما الدفر بالدال المهملة فإنأما هو فيما كره من‬
‫الروائح ومنأه قيل للدنأيا‪ :‬أم دفر وذكره القالي في المالي بتحريك الفاء وغلط في ذلك والدفر بالسكون‬
‫أيضا‪ :‬الدفع‪.‬‬
‫وقوله أم النأجرة‪ .‬جمع نأاجر والنأاجر والنأجار بمعنأى واحد وهذا كما قيل المنأاذرة في بنأي المنأذر والنأجار‬
‫وهم تيم ال بن ثعلبة بن عمرو بن الخآزرج‪ ،‬وسمي النأجار لنأه نأجر وجه رجل بقدوم فيما ذكر بعض‬
‫أهل النأسب‪.‬‬
‫وقوله فيهم قتلى إوان تره‪ .‬أظهر إن بعد الواو‪ .‬أراد إن لنأا قتلى وترة والترة الوتر فأظهر المضمر وهذا‬
‫البيت شاهد على أن حروف العطف يضمر بعدها العامل المتقدم نأحو قولك‪ :‬إن زيدا وعم ار في الدار‬
‫فالتقدير إن زيدا‪ ،‬إوان عم ار في الدار ودلت الواو على ما أردت‪ ،‬إوان احتجت إلى الظهار أظهرت كما‬
‫في هذا البيت إل أن تكون الواو الجامعة في نأحو اخآتصم زيد وعمرو‪ ،‬فليس ثم إضمار لقيام الواو مقام‬
‫صيغة التثنأية كأنأك قلت‪ :‬اخآتصم هذان وعلى هذا تقول طلع الشمس والقمر فتغلب المذكر كأنأك قلت‪:‬‬
‫طلع هذان النأيران فإن جعلت الواو هي التي تضمر بعدها الفعل قلت‪ :‬طلعت الشمس والقمر وتقول في‬
‫نأفي المسألة الولى‪ :‬ما طلع الشمس والقمر ونأفي المسألة الثانأية ما طلعت الشمس ول القمر تعيد حرف‬
‫النأفي‪ .‬لينأتفي به الفعل المضمر‪ .‬ويتفرع من هذا الصل في‬

‫) ‪(1/88‬‬

‫فتلقتهم مسايفة ‪ ...‬مدها كالغبية النأثره‬


‫فيهم عمرو بن طلة م ‪ ...‬لى الله قومه عمره‬
‫ــــ‬
‫النأحو مسائل كثيرة ل نأطول بذكرها‪.‬‬
‫وقوله فتلقتهم مسايفة بكسر الياء أي كتيبة مسايفة‪ .‬ولو فتحت الياء فقلت‪ :‬مسايفة لكان حال من‬
‫المصدر التي تكون أحوال مثل كلمته مشافهة ولعل هذه الحال أن يكون لها ذكر في الكتاب فنأكشف‬
‫عن سرها‪ ،‬ونأبين ما خآفي على النأاس من أمرها‪ ،‬وفي غير نأسخآة الشيخ فتلقتهم مسابقة بالباء والقاف‪.‬‬
‫والغبية الدفعة من المطر ‪.1‬‬
‫وقوله النأثرة أي المنأتثرة وهي التي ل تمسك ماء‪ .‬وقوله ]ملى[ الله من قولهم تمليت حينأا أي عشت معه‬
‫حينأا‪ ،‬وهو مأخآوذ من الملوة والملوين ‪ 2‬قال ابن أحمر‬
‫أل يا ديار الحي بالسبعان ‪ ... 3‬أمل عليها بالبلى الملوان‬
‫أل يا ديار الحي ل هجر بينأنأا ‪ ...‬ول كن روعات من الحدثان‬
‫نأهار وليل دائب ملواهما ‪ ...‬على كل حال النأاس يخآتلفان‬
‫معنأى قول الشاعر دائب ملواهما‪ .‬والملوان الليل والنأهار‪ .‬وهو مشكل لن الشيء ل يضاف إلى نأفسه‪.‬‬
‫لكنأه جاز ههنأا لن المل هو المتسع من الزمان والمكان وسمي الليل والنأهار ملوين لنأفساحهما‪ ،‬فكأنأه‬
‫وصف لهما‪ ،‬ل عبارة عن ذاتيهما ; ولذلك جازت إضافته إليها‪ ،‬فقال دائب ملواهما أي مداهما‬
‫وانأفساحهما‪ .‬وقد رأيت معنأى هذا الكلم في هذا البيت بعينأه لبي علي الفسوري في‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬وأيضا‪ :‬الصب‪ ،‬الكثير من الماء والسياط‪ ،‬ومن التراب ما سطع من غباره‪.‬‬
‫‪ 2‬مله ال العيش وأمله وملك ال حبيبك‪ :‬أمتعك به وأعاشك معه طويل‪.‬‬
‫‪ 3‬السبعان‪ :‬موضع في ديار بكر‪ ,‬أو ديار قيس‪.‬‬

‫) ‪(1/89‬‬

‫سيد سامى الملوك ومن ‪ ...‬رام عم ار ل يكن قدره‬


‫وهذا الحي من النأصار يزعمون أنأه إنأما كان حنأق تبع على هذا الحي من يهود الذين كانأوا بين أظهرهم‬
‫إوانأما أراد هلكهم فمنأعوهم منأه حتى انأصرف عنأهم ولذلك قال في شعره‪:‬‬
‫حنأقا على سبطين حل يثربا ‪ ...‬أولى لهم بعقاب يوم مفسد‬
‫ــــ‬
‫بعض مسائله الشي ارزية‪.‬‬
‫وقوله ل يكن قدره‪ .‬دعاء عليه والهاء عائدة على عمرو‪ .‬أراد ل يكن قدر عليه‪ .‬وحذف حرف الجر‬
‫فتعدى الفعل فنأصب ول يجوز حذف حرف الجر في كل فعل إوانأما جاز في هذا‪ ،‬لنأه في معنأى‪:‬‬
‫استطاعه أو أطاعه فحمل على ما هو في معنأاه ونأظائره كثيرة والبيت الذي أنأشده‪:‬‬
‫ليت حظي من أبي كرب ‪ ...‬أن يسد خآيره خآبله ‪1‬‬
‫قال البرقي‪ :‬نأسب هذا البيت إلى العشى‪ ،‬ولم يصح قال إوانأما هو لعجوز من بنأي سالم‪ .‬أحبه قال في‬
‫اسمها‪ :‬جميلة قالته حين جاء مالك بن العجلن بخآبر تبع‪ ،‬فدخآل سرا‪ ،‬فقال لقومه قد جاء تبع‪ ،‬فقالت‬
‫العجوز البيت‪.‬‬
‫وقوله في حديث تبع‪ :‬وقوم يزعمون أن حنأقه إنأما كان على هذين السبطين من يهود يقوي ما ذكرنأاه قبل‬
‫هذا عنأه‪.‬‬
‫والشعر الذي زعم ابن هشام أنأه مصنأوع قد ذكره في كتاب التيجان وهو قصيد مطول أوله‪:‬‬
‫ما بال عينأك ل تنأام كأنأما ‪ ...‬كحلت مآقيها بسم السود‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬هو ابن ملك كرب يهأمن الذي كان على اليمن سنأة ‪378/‬م‪ ،/‬ويظهر أن عقيدة التوحيد كانأت‬
‫معروفة في عهده‪ ،‬وفي عهد من جاؤوا بعده‪ .‬انأظر "تاريخ العرب قبل السلم" ‪.3/152‬‬

‫) ‪(1/90‬‬
‫قال ابن هشام‪:‬‬
‫الشعر الذي فيه هذا البيت مصنأوع فذلك الذي منأعنأا من إثباته‪.‬‬
‫اعتنأاق تبع النأصرانأية‪ ،‬وكسوته البيت وتعظيمه وشعر سبيعة في ذلك‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكان تبع وقومه أصحاب أوثان يعبدونأها‪ ،‬فتوجه إلى مكة‪ ،‬وهي طريقه إلى اليمن‪،‬‬
‫حتى إذا كان بين عسفان‪ ،‬وأمج‪ ،‬أتاه نأفر من هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نأزار بن معد‪،‬‬
‫فقالوا له أيها الملك أل نأدلك على بيت مال دائر أغفلته الملوك قبلك‪ ،‬فيه اللؤلؤ والزبرجد والياقوت‬
‫والذهب والفضة؟ قال‬
‫ــــ‬
‫حنأقا على سبطين حل يثربا ‪ ...‬أولى لهم بعقاب يوم مفسد‬
‫وذكر في القصيدة ذا القرنأين‪ ،‬وهو الصعب بن ذي مراثد فقال فيه‪:‬‬
‫ولقد أذل الصعب صعب زمانأه ‪ ...‬وأنأاط عروة عزه بالفرقد‬
‫لم يدفع المقدور عنأه قوة ‪ ...‬عنأد المنأون ول سمو المحتد‬
‫والصنأعة بادية في هذا البيت وفي أكثر شعره وفيه يقول‪:‬‬
‫فأتى مغار الشمس عنأد غروبها ‪ ...‬في عين ذي خآلب وثأط حرمد ‪1‬‬
‫والخآلب الطين والثأط الحرمد وهو الحمأ السود وروى نأقلة الخآبار أن تبعا لما عمد إلى البيت يريد‬
‫إخآرابه رمي بداء تمخآض منأه رأسه قيحا وصديدا يثج ثجا‪ ،‬وأنأتن حتى ل يستطيع أحد أن يدنأو منأه قيد‬
‫الرمح وقيل بل أرسلت عليه ريح كتعت منأه يديه ورجليه وأصابتهم ظلمة شديدة حتى دفت خآيلهم ‪2‬‬
‫فسمي ذلك المكان الدف فدعا بالحزاة ‪ 3‬والطباء فسألهم عن دائه فهالهم ما أروا منأه ولم يجد عنأدهم‬
‫فرجا‪ .‬فعنأد ذلك قال له الحبران‪ :‬لعلك هممت بشيء في أمر هذا‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬القصيدة في "الطبري" ‪.2/109‬ط‪ .‬المعارف‪ ،‬وليس فيها "ولقد أذل الصعب" وما بعده وهي ‪/23/‬‬
‫بيت‪.‬‬
‫‪ 2‬دف الشيء‪ :‬نأسفه واستأصله‪.‬‬
‫‪ 3‬جمع حازي وهو‪ :‬الكاهن أو الذي ينأظر في النأجوم ويقضي بها‪.‬‬

‫) ‪(1/91‬‬

‫بلى‪ ،‬قالوا‪ :‬بيت بمكة يعبده أهله ويصلون عنأده‪ .‬إوانأما أراد الهذليون هلكه بذلك لما عرفوا من هلك‬
‫من أراده من الملوك وبغى عنأده‪ .‬فلما أجمع لما قالوا‪ ،‬أرسل إلى الحبرين فسألهما عن ذلك فقال له ما‬
‫أراد القوم إل هلكك وهلك جنأدك‪ .‬ما نأعلم بيتا ل اتخآذه في الرض لنأفسه غيره ولئن فعلت ما دعوك‬
‫إليه لتهلكن وليهلكن من معك جميعا‪ ،‬قال فماذا تأمرانأنأي أن أصنأع إذا أنأا قدمت عليه؟ قال‪ :‬تصنأع‬
‫عنأده ما يصنأع أهله تطوف به وتعظمه وتكرمه وتحلق رأسك عنأده وتذل له حتى تخآرج من عنأده قال فما‬
‫يمنأعكما أنأتما من ذلك؟ قال‪ :‬أما وال إنأه لبيت أبينأا إبراهيم إوانأه لكما أخآبرنأاك‪ ،‬ولكن أهله حالوا بينأنأا‬
‫وبينأه بالوثان التي نأصبوها حوله وبالدماء التي يهريقون عنأده وهم نأجس أهل شرك ‪ -‬أو كما قال له ‪-‬‬
‫فعرف نأصحهما وصدق حديثهما فقرب النأفر من هذيل‪ ،‬فقطع أيديهم وأرجلهم ثم مضى حتى قدم مكة‪،‬‬
‫فطاف بالبيت ونأحر عنأده وحلق رأسه وأقام بمكة ستة أيام ‪ -‬فيما يذكرون ‪ -‬ينأحر بها للنأاس ويطعم‬
‫أهلها‪ ،‬ويسقيهم العسل وأري في المنأام أن يكسو البيت فكساه الخآصف ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك‬
‫فكساه المعافر ثم أري أن يكسوه أحسن من ذلك فكساه الملء والوصائل فكان تبع ‪ -‬فيما يزعمون ‪-‬‬
‫أول من كسا البيت وأوصى به ولته من جرهم‪ ،‬وأمرهم بتطهيره وأل يقربوه دما‪ ،‬ول ميتة ول مئلت وهي‬
‫المحايض وجعل له بابا ومفتاحا‪ ،‬وقالت سبيعة بنأت‬
‫ــــ‬
‫البيت فقال نأعم أردت هدمه‪ .‬فقال له تب إلى ال مما نأويت فإنأه بيت ال وحرمه وأمراه بتعظيم حرمته‬
‫ففعل فبرئ من دائه وصح من وجعه‪ .‬وأخآلق بهذا الخآبر أن يكون صحيحا فإن ال ‪ -‬سبحانأه ‪ -‬يقول‬
‫}كوكممن كيمرمد مفيمه بممإملكحاةد بمظكملةم كنأمذمقهك مممن كعكذاةب أكمليةم{ٍ ]الحج‪ .[25 :‬أي ومن يسهم فيه بظلم‪ .‬والباء في قوله‬
‫بظلم تدل على صحة المعنأى‪ ،‬وأن من هم فيه بالظلم ‪ -‬إوان لم يفعل ‪ -‬عذب تشديدا في حقه وتعظيما‬
‫لحرمته وكما فعل ال بأصحاب الفيل أهلكهم قبل الوصول إليه‪.‬‬
‫وقوله فكسا البيت الخآصف‪ .‬جمع‪ :‬خآصفة وهي شيء ينأسج من الخآوص والليف والخآصف أيضا‪ :‬ثياب‬
‫غلظ‪ .‬والخآصف لغة في الخآزف في كتاب‬

‫) ‪(1/92‬‬

‫الحب بن زبينأة‪ ،‬بن جذيمة بن عوف بن معاوية بن بكر بن هوازن‪ ،‬بن منأصور بن عكرمة بن خآصفة‬
‫بن قيس بن عيلن وكانأت عنأد عبد منأاف بن كعب‪ ،‬بن سعد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب‬
‫بن فهر بن مالك بن النأضر‪ ،‬بن كنأانأة لبن لها منأه يقال له خآالد تعظم عليه حرمة مكة‪ ،‬وتنأهاه عن‬
‫البغي فيها‪ ،‬وتذكر تبعا وتذل لها‪ ،‬وما صنأع بها‪:‬‬
‫أبنأي ل تظلم بمكة ‪ ...‬لالصغير ول الكبير‬
‫واحفظ محارمها بن ‪ ...‬ي ول يغرنأك الغرور‬
‫أبنأي من يظلم بمكة ‪ ...‬يلق أطراف الشرور‬
‫بنأي يضرب وجهه ‪ ...‬ويلح بخآديه السعير‬
‫أبنأي قد جربتها ‪ ...‬فوجدت ظالمها يبور‬
‫ال أمنأها‪ ،‬وما ‪ ...‬بنأيت بعرصتها قصور‬
‫ولقد غزاها تبع ‪ ...‬فكسا بنأيتها الحبير‬
‫وأذل ربي ملكه ‪ ...‬فيها فأوفى بالنأذور‬
‫ــــ‬
‫"العين"‪ .‬والخآصف بضم الخآاء وسكون الصاد هو الجوز‪ .‬ويروى أن تبعا لما كسا البيت المسوح‬
‫والنأطاع‪ .‬انأتفض البيت فزال ذلك عنأه وفعل ذلك حين كساه الخآصف فلما كساه الملء والوصائل‬
‫قبلها‪ .‬وممن ذكر هذا الخآبر‪ :‬قاسم في الدلئل‪ .‬وأما الوصائل فثياب موصلة من ثياب اليمن‪ .‬واحدتها‪:‬‬
‫وصيلة ‪.1‬‬
‫وقوله‪ :‬ول تقربوه بمئلت‪ ،‬وهي‪ :‬المحائض‪ .‬لم يرد النأساء الحيض؛ لن حائضا ل يجمع على محائض‬
‫‪ ،2‬إوانأما هي جمع محيضة‪ ،‬وهي خآرقة المحيض‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ل ريب في أن ما تقدم حديث خآرافة‪ ،‬وقد روى أحاديث كسوة الكعبة غير من تقدم الواقدي وسعيد بن‬
‫منأصور‪ ،‬وهي أحاديث واهية‪.‬‬
‫‪ 2‬في "القاموس" المرأة تحيض حيضا ومحيضا وجمعها‪ :‬حوائض‪ ،‬وحيض والحيضة الخآرقة‪ ،‬وكذلك‬
‫المحيضة‪.‬‬

‫) ‪(1/93‬‬

‫يمشي إليها ‪ -‬حافيا ‪ ...‬بفنأائها ‪ -‬ألفا بعير‬


‫ويظل يطعم أهلها ‪ ...‬لحم المهارى والجزور‬
‫يسقيهم العسل المصفى ‪ ...‬والرحيض من الشعير‬
‫والفيل أهلك جيشه ‪ ...‬يرمون فيها بالصخآور‬
‫والملك في أقصى البل ‪ ...‬د وفي العاجم والخآزير‬
‫فاسمع إذا حدثت‪ ،‬وافهم كيف عاقبة المور‬
‫قال ابن هشام‪ :‬يوقف على قوافيها ل تعرب‪.‬‬
‫دعوة تبان قومه إلى النأصرانأية‪ ،‬وتحكيمهم النأار بينأهم وبينأه‪:‬‬
‫ثم خآرج منأها متوجها إلى اليمن بمن معه من جنأوده وبالحبرين حتى إذا دخآل اليمن دعا قومه إلى‬
‫الدخآول فيما دخآل فيه فأبوا عليه حتى يحاكموه إلى النأار التي كانأت باليمن‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬حدثنأي أبو مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي قال سمعت إبراهيم بن محمد بن طلحة‬
‫بن عبيد ال يحدث أن تبعا لما دنأا من اليمن ليدخآلها حالت حمير بينأه وبين ذلك وقالوا‪ :‬ل تدخآلها‬
‫علينأا‪ ،‬وقد فارقت دينأنأا‪ ،‬فدعاهم إلى دينأه وقال إنأه خآير من دينأكم فقالوا‪ :‬فحاكمنأا إلى النأار‪ .‬قال نأعم‪.‬‬
‫قال وكانأت باليمن ‪ -‬فيما يزعم أهل اليمن ‪ -‬نأار تحكم‬
‫ــــ‬
‫ويقال للخآرقة أيضا‪ :‬مئلة وجمعها‪ :‬المآلي قال الشاعر‪:‬‬
‫كأن مصفحات في ذراه ‪ ...‬وأنأواحا عليهن المآلي ‪1‬‬
‫وهي هنأا خآرق تمسكهن النأواحات بأيديهن فكان المئلت كل خآرقة دنأسة لحيض كانأت أو لغيره وزنأها‬
‫مفعلة من ألوت‪ :‬إذا قصرت وضيعت‪ ،‬وجعلها‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬البيت للبيد يصف سحاباا‪ .‬والمصفحات‪ :‬السيوف‪ ،‬ومن رواها بكسر الفاء‪ ،‬فهي النأساء‪ ،‬شبه لمع‬
‫البرق بتصفح النأساء إذا صفقن بأيديهن‪.‬‬

‫) ‪(1/94‬‬

‫بينأهم فيما يخآتلفون فيه تأكل الظالم ول تضر المظلوم فخآرج قومه بأوثانأهم وما يتقربون به في دينأهم‬
‫وخآرج الحبران بمصاحفهما في أعنأاقهما متقلديها‪ ،‬حتى قعدوا للنأار عنأد مخآرجها الذي تخآرج منأه‬
‫فخآرجت النأار إليهم فلما أقبلت نأحوهم حادوا عنأها وهابوها‪ ،‬فذمرهم من حضرهم من النأاس وأمروهم‬
‫بالصبر لها‪ ،‬فصبروا حتى غشيتهم فأكلت الوثان وما قربوا معها‪ ،‬ومن حمل ذلك من رجال حمير‪،‬‬
‫وخآرج الحبران بمصاحفهما في أعنأاقهما تعرق جباههما لم تضرهما‪ ،‬فأصفقت عنأد ذاك حمير على دينأه‬
‫فمن هنأالك وعن ذلك كان أصل اليهودية باليمن‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وقد حدثنأي محدث أن الحبرين ومن خآرج من حمير‪ ،‬إنأما اتبعوا النأار ليردوها‪ ،‬وقالوا‪:‬‬
‫من ردها فهو أولى بالحق‪ ،‬فدنأا منأها رجال من حمير بأوثانأهم ليردوها فدنأت منأهم لتأكلهم فحادوا عنأها‬
‫ولم يستطيعوا ردها‪ ،‬ودنأا منأها الحبران بعد ذلك وجعل يتلوان التوراة وتنأكص عنأهما‪ ،‬حتى رداها إلى‬
‫مخآرجها الذي خآرجت منأه فأصفقت عنأد ذلك حمير على دينأهما‪ .‬وال أعلم أي ذلك كان‪.‬‬
‫ــــ‬
‫صاحب "العين" في باب اللية واللية‪ ،‬فلم الفعل عنأده ياء على هذا‪ ،‬وال أعلم ويروى في هذا‬
‫الموضع مئلثا بثاء مثلثة ومن قوله حين كسا البيت‪:‬‬
‫وكسونأا البيت الذي حرم ال ‪ ...‬ملء معضدا وبرودا‬
‫فأقمنأا به من الشهر عش ار ‪ ...‬وجعلنأا لبابه إقليدا‬
‫ونأحرنأا بالشعب ستة ألف ‪ ...‬فترى النأاس نأحوهن ورودا‬
‫ثم سرنأا عنأه نأؤم سهيل ‪ ...‬فرفعنأا لواءنأا معقودا ‪1‬‬
‫وقال القتبي‪ :‬كانأت قصة تبع قبل السلم بسبعمائة عام ‪.2‬‬
‫وقوله بنأت الحب بالحاء المهملة ابن زبينأة بالزاي والباء والنأون‪ :‬فعيلة من‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬هو من الشعر المنأحول‪ ،‬ولهذا أضرب عن ذكره ابن هشام‪.‬‬
‫‪ 2‬كان قبله بأقل من ذلك بكثير‪.‬‬

‫) ‪(1/95‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫الزبن ‪ 1‬والنأسب إليه زبانأي على غير قياس‪ .‬ولو سمي به رجل لقيل في النأسب إليه‪ .‬زبنأي على‬
‫القياس‪ .‬قال سيبويه‪ :‬الحب بالحاء المهملة‪ .‬يقوله أهل النأسب وأبو عبيدة يقوله بالجيم إوانأما قالت بنأت‬
‫الحب هذا الشعر في حرب كانأت بين بنأي السباق بن عبد الدار‪ ،‬وبين بنأي علي بن سعد بن تميم حتى‬
‫تفانأوا‪ .‬ولحقت طائفة من بنأي السباق بعك‪ .‬فهم فيهم‪ .‬قال وهو أول بغي كان في قريش‪ .‬وقد قيل أول‬
‫بغي كان في قريش ‪ 2‬بغي القايش وهم بنأو أقيش من بنأي سهم بغى بعضهم على بعض فلما كثر‬
‫بغيهم على النأاس أرسل ال عليهم فأرة تحمل فتيلة فأخآرقت الدار التي كانأت فيها مساكنأهم فلم يبق لهم‬
‫عقب‪.‬‬
‫كسوة الكعبة‪:‬‬
‫وقولها‪ :‬وكسا بنأيتها الحبير‪ .‬تريد الحبرات ‪ 3‬والرحيض من الشعير أي المنأقى والمصفى منأه وقال ابن‬
‫إسحاق في غير هذا الموضع‪ :‬أول من كسا الكعبة الديباج الحجاج وذكر جماعة سواه منأهم الدارقطنأي‪.‬‬
‫فتيلة بنأت جنأاب أم العباس بن عبد المطلب‪ .‬كانأت قد أضلت العباس صغيرا‪ ،‬فنأزرت إن وجدته أن‬
‫تكسو الكعبة الديباج ففعلت ذلك حين وجدته‪ .‬وكانأت من بيت مملكة وسيأتي ذكر نأسبها فيما بعد ‪ -‬إن‬
‫شاء ال‪.‬‬
‫وقال الزبير النأسابة بل أول من كساها الديباج عبد ال بن الزبير ‪.4‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الزبن‪ :‬الدفع‪.‬‬
‫‪ 2‬في "الشتقاق"‪ :‬وكان بنأو السباق أول من بغى بمكة فأهلكوا‪.‬‬
‫‪ 3‬جمع حبرة بكسر ففتح‪ :‬ما كان من البرود مخآططاا‪.‬‬
‫‪ 4‬وذكر الواقدي أن أول من كساها الديباج هو يزيد بن معاوية‪ ،‬واتبع ابن الزبير أثره‪.‬‬
‫) ‪(1/96‬‬

‫رئام وما صار إليه‪:‬‬


‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكان رئام بيتا لهم يعظمونأه وينأحرون عنأده ويكلمون منأه إذ كانأوا على شركهم فقال‬
‫الحبران لتبع إنأما هو شيطان يفتنأهم بذلك فخآل بينأنأا وبينأه‪ ،‬قال فشأنأكما به فاستخآرجا منأه ‪ -‬فيما يزعم‬
‫أهل اليمن ‪ -‬كلبا أسود فذبحاه ثم هدما ذلك البيت فبقاياه اليوم ‪ -‬كما ذكر لي ‪ -‬بها آثار الدماء التي‬
‫كانأت تهراق عليه‪.‬‬
‫__________‬
‫رئام‪:‬‬
‫وذكر البيت الذي كان لهم يقال له رئام‪ ،‬وهو فعال من رئمت النأثى ولدها ترأمه رئما ورئاما‪ :‬إذا عطفت‬
‫عليه ورحمته‪ .‬فاشتقوا لهذا البيت اسما لموضع الرحمة التي كانأوا يلتمسون في عبادته وال أعلم‪.‬‬
‫وفي رواية يونأس عن ابن إسحاق أن رئاما كان فيه شيطان وكانأوا يملئون له حياضا من دماء القربان‬
‫فيخآرج فيصيب منأها‪ ،‬ويكلمهم وكانأوا يعبدونأه فلما جاء الحبران مع تبع نأش ار التوراة عنأده وجعل يقرآنأها ;‬
‫فطار ذلك الشيطان حتى وقع في البحر‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في ‪:‬اللسان والقاموس"‪ :‬مصدر رئم هو رأم بوزن ضرب ورأمان ورئمان بكسر فسكون‪.‬‬

‫) ‪(1/97‬‬

‫ملك ابنأه حسان بن تبان وقتل عمرو أخآيه ]له[‪:‬‬


‫‪...‬‬
‫ملك ابنأه حسان بن تبان وقتل عمرو أخآيه ]له[‪:‬‬
‫سبب قتله‪:‬‬
‫فلما ملك ابنأه حسان بن تبان أسعد أبي كرب‪ ،‬سار بأهل اليمن‪ ،‬يريد أن يطأ به أرض العرب‪ ،‬وأرض‬
‫العاجم‪ ،‬حتى إذا كانأوا ببعض أرض العراق ‪ -‬قال ابن هشام‪ :‬بالبحرين‪ ،‬فيما ذكر لي بعض أهل العلم‬
‫‪ -‬كرهت حمير وقبائل اليمن المسير معه وأرادوا الرجعة إلى بلدهم وأهلهم فكلموا أخآا له يقال له‬
‫عمرو‪ ،‬وكان معه في جيشه فقالوا له اقتل أخآاك حسان ونأملك علينأا‪ ،‬وترجع بنأا إلى بلدنأا‪ ،‬فأجابهم‬
‫__________‬
‫لغة ونأحو‪ :‬وقوله في حديث عمرو أخآي حسان وهو الذي كان يقال له‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في ‪:‬اللسان والقاموس"‪ :‬مصدر رئم هو رأم بوزن ضرب ورأمان ورئمان بكسر فسكون‪.‬‬

‫) ‪(1/97‬‬

‫فاجتمعت على ذلك إل ذا رعين الحميري‪ ،‬فإنأه نأهاه عن ذلك فلم يقبل منأه‪ .‬فقال ذو رعين‬
‫أل من يشتري سه ار بنأوم ‪ ...‬سعيد من يبيت قرير عين‬
‫فإما حمير غدرت وخآانأت ‪ ...‬فمعذرة الله لذي رعين‬
‫ثم كتبهما في رقعة وخآتم عليها‪ ،‬ثم أتى بهما عمرا‪ ،‬فقال له ضع لي هذا الكتاب عنأدك‪ ،‬ففعل ثم قتل‬
‫عمرو أخآاه حسان ورجع بمن معه إلى اليمن‪ .‬فقال رجل من حمير‪:‬‬
‫له عينأا الذي رأى مثل حسا ‪ ...‬ن قتيل في سالف الحقاب‬
‫ــــ‬
‫موثبان ‪ 1‬وقد تقدم لم لقب بذلك‪ .‬وقول ذي رعين له في البيتين‪:‬‬
‫أل من يشتري سه ار بنأوم ‪ ...‬سعيد من يبيت قرير عين ‪2‬‬
‫معنأاه أمن يشتري‪ ،‬وحسن حذف ألف الستفهام هاهنأا لتقدم همزة أل‪ .‬كما حسن في قول امرئ القيس ‪:‬‬
‫أحار ترى برقا أريك وميضه‬
‫أراد ‪ :‬أترى وفي البيت حذف تقديره بل من يبيت قرير عين هو السعيد‪ .‬فحذف الخآبر لدللة أول الكلم‬
‫عليه‪ .‬وفي كتاب ابن دريد سعيد أم يبيت بحذف من وهذا من باب حذف الموصوف إواقامة الصفة‬
‫مقامه لن من هاهنأا نأكرة موصوفة ومثله قول الراجز‬
‫لو قلت ما في قومها لم تأثم ‪ ...‬يفضلها في حسب وميسم‬
‫أي من يفضلها‪ ،‬وهذا‪ ،‬إنأما يوجد في الكلم إذا كان الفعل مضارعا ل ماضيا‪ ،‬قاله ابن السراج وغيره‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "الطبري"‪ :‬لنأه وثب على أخآيه حسان بفرضة نأعم فقتله‪.‬‬
‫‪ 2‬البيتان في "الشتقاق" ص ‪ .525‬وفي الطبري ج ‪.2/116‬‬

‫) ‪(1/98‬‬

‫قتلته مقاول خآشية الحبس ‪ ...‬غداة قالوا‪ :‬لباب لباب‬


‫ميتكم خآيرنأا وحيكم ‪ ...‬رب علينأا‪ ،‬وكلكم أربابي‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وقوله لباب لباب‪ :‬ل بأس ل بأس‪ ،‬بلغة حمير‪ .‬قال ابن هشام‪ :‬ويروى‪ :‬لباب لباب‪.‬‬
‫نأدم عمرو وهلكه‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فلما نأزل عمرو بن تبان اليمن منأع منأه النأوم وسلط عليه‬
‫ــــ‬
‫وذو رعين تصغير رعن والرعن أنأف الجبل ورعين جبل باليمن ‪ 1‬قاله صاحب "العين"‪ ،‬إواليه ينأسب ذو‬
‫رعين‪.‬‬
‫وقوله في البيات بعد هذا‪ :‬له من رأى مثل حسان أراد ل وحذف لم الجر واللم الخآرى مع ألف‬
‫الوصل وهذا حذف كثير‪ .‬ولكنأه جاز في هذا السم خآاصة لكثرة دوره على اللسنأة‪ .‬مثل قول الفراء‬
‫لهنأك من برق علي كريم‪ .‬أراد وال إنأك‪ .‬وقال بعضهم أراد لنأك وأبدل الهمزة هاء‪ .‬وهذا بعيد لن اللم‬
‫ل تجمع مع إن إل أن تؤخآر اللم إلى الخآبر‪ ،‬لنأهما حرفان مؤكدان وليس انأقلب الهمزة هاء بمزيل‬
‫العلة المانأعة من اجتماعهما‪.‬‬
‫المقاول‪:‬‬
‫وقوله‪ :‬قتلته المقاول‪ :‬يريد القيال وهم الذين دون التبابعة ‪ 2‬واحدهم‪ :‬قيل مثل سيد ثم خآفف واستعمل‬
‫بالياء في إفراده وجمعه إوان كان أصله الواو لن معنأاه‪ :‬الذي يقول ويسمع قوله‪ ،‬ولكنأهم كرهوا أن‬
‫يقولوا‪ :‬أقوال فيلتبس‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "الشتقاق" والرعن‪ :‬أنأف الجبل النأادر حتى يستطيل في الرض‪.‬‬
‫‪ 2‬يروي الطبري عن ابن عباس أن أهل اليمن يسمون القائد قيل انأظر‪ ,2/491 :‬ط المعارف‪ .‬وفي‬
‫"القاموس"‪ :‬المقول كمنأبر اللسان والملك أو من ملوك حمير يقول ما يشاء فينأفذ‪.‬‬

‫) ‪(1/99‬‬

‫السهر فلما جهده ذلك سأل الطباء والحزاة من الكهان والعرافين عما به فقال له قائل منأهم إنأه ما قتل‬
‫رجل قط أخآاه أو ذا رحمه بغيا على مثل ما قتلت أخآاك عليه إل ذهب نأومه وسلط عليه السهر فلما قيل‬
‫له ذلك جعل يقتل كل من أمره بقتل أخآيه حسان من أشراف اليمن‪ ،‬حتى خآلص إلى ذي رعين‪ ،‬فقال له‬
‫ذو رعين‪ :‬إن لي عنأدك براءة فقال وما هي؟ قال الكتاب الذي دفعت إليك‪ ،‬فأخآرجه فإذا البيتان فتركه‬
‫ورأى أنأه قد نأصحه‪ .‬وهلك عمرو‪ ،‬فمرج أمر حمير عنأد ذلك وتفرقوا‪.‬‬
‫ــــ‬
‫بجمع قول كما قالوا‪ :‬عيد وأعياد إوان كان من عاد يعود لكن أماتوا الواو فيه إماتة كي ل يشبه جمع‬
‫العود إواذا أرادوا إحياء الواو في جمع قيل قالوا‪ :‬مقاول كأنأه جمع مقول أو جمع‪ :‬مقال ومقالة فلم يبعدوا‬
‫من معنأى القول وأمنأوا اللبس وقد قالوا‪ :‬محاسن ومذاكر ل واحد لها من لفظها‪ ،‬وكأنأهم ذهبوا أيضا في‬
‫مقاول مذهب المرازب وهم ملوك العجم‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫على أنأهم قالوا‪ :‬أقيال وأقوال ولم يقولوا في جمع عيد إل أعياد‪ ،‬ومثل عيد وأعياد‪ .‬ريح وأرياح في لغة‬
‫بنأي أسد وقد صرفوا من القيل فعل‪ ،‬وقالوا‪ :‬قال علينأا فلن أي ملك والقيالة المارة ومنأه قول النأبي ‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ -‬في تسبيحه الذي رواه الترمذي "سبحان الذي لبس العز وقال به" أي ملك به‬
‫وقهر‪ .‬كذا فسره الهروي في "الغريبين"‪.‬‬

‫) ‪(1/100‬‬

‫وثوب لخآنأيعة ذي شنأاتر على ملك اليمن‪:‬‬


‫‪...‬‬
‫وثوب لخآنأيعة ذي شنأاتر على ملك اليمن‪:‬‬
‫توليه الملك‪ ،‬وشيء من سيرته‪ ،‬ثم قتله‪:‬‬
‫فوثب عليهم رجل من حمير لم يكن من بيوت المملكة يقال له لخآنأيعة‬
‫ــــ‬
‫خآبر لخآنأيعة وذي نأواس‪:‬‬
‫وقال فيه ابن دريد‪ :‬لخآنأيعة وقال‪ :‬هو من اللخآع‪ ،‬وهو استرخآاء في الجسم‪،‬‬

‫) ‪(1/100‬‬

‫ينأوف ذو شنأاتر فقتل خآيارهم وعبث ببيوت أهل المملكة منأهم فقال قائل من حمير للخآنأيعة‪:‬‬
‫تقتل أبنأاءها وتنأفي سراتها ‪ ...‬وتبنأي بأيديها لها الذل حمير‬
‫تدمر دنأياها بطيش حلومها ‪ ...‬وما ضيعت من دينأها فهو أكثر‬
‫كذلك القرون قبل ذاك بظلمها ‪ ...‬إواسرافها تأتي الشرور فتخآسر‬
‫وكان لخآنأيعة امرئ فاسقا يعمل عمل قوم لوط‪ ،‬فكان يرسل إلى الغلم من أبنأاء الملوك فيقع عليه في‬
‫مشربة له قد صنأعها لذلك لئل يملك بعد ذلك ثم يطلع من مشربته تلك إلى حرسه ومن حضر من جنأده‬
‫قد أخآذ مسواكا‪ ،‬فجعله في فيه أي ليعلمهم أنأه قد فرغ منأه حتى بعث إلى زرعة ذي نأواس بن تبان أسعد‬
‫أخآي حسان وكان صبيا صغي ار حين قتل حسان ثم شب غلما جميل وسيما‪ ،‬ذا هيئة وعقل فلما أتاه‬
‫رسوله عرف ما يريد منأه فأخآذ سكينأا جديدا لطيفا‪ ،‬فخآبأه بين قدمه ونأعله ثم أتاه فلما خآل معه وثب إليه‬
‫فواثبه ذو نأواس‪ ،‬فوجأه حتى قتله‪ .‬ثم حز رأسه فوضعه في الكوة التي كان يشرف منأها‪ ،‬ووضع مسواكه‬
‫في فيه ثم خآرج على النأاس فقالوا له ذا نأواس أرطب أم يباس؟ فقال سل نأخآماس استرطبان ذو نأواس‪.‬‬
‫ــــ‬
‫وذو شنأاتر‪ .‬الشنأاتر الصابع بلغة حمير‪ ،‬واحدها‪ :‬شنأترة وذو نأواس ‪ 1‬اسمه زرعة وهو من قولهم‬
‫للغلم زرعك ال أي أنأبتك وسموا بزارع كما سموا بنأابت وقال ال تعالى‪} :‬أكأكمنأتكمم تكمزكركعوكنأهك أكمم كنأمحكن‬
‫ال صازمركعوكن{ٍ ]الواقعة ‪ [64‬أي تنأبتونأه وفي "مسنأد" وكيع بن الجراح عن أبي عبد الرحمن الجبلي أنأه كان‬
‫يكره أن يقول الرجل زرعت في أرضي كذا وكذا‪ ،‬لن ال هو الزارع وفي مسنأد البزار ‪ -‬مرفوعا ‪ -‬إلى‬
‫النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬النأهي عن ذلك أيضا‪ ،‬وقد تكلمنأا على وجه هذا الحديث‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬هو من أذواء اليمن‪ ،‬وقيل إنأه حكم من سنأة ‪515/‬م حتى‪525/‬م وبه خآتمت سلسلة ملوك حمير‪ .‬أما‬
‫الخآنأيعة ويسمى"لحيعثت ينأف" فحكم من ‪500-480/‬م انأظر‪" :‬تاريخ العرب قبل السلم" ‪.3/164‬‬

‫) ‪(1/101‬‬

‫استرطبان ل بأس‪ .‬قال ابن هشام‪ :‬هذا كلم حمير‪ .‬ونأخآماس‪ :‬الرأس‪ .‬فنأظروا إلى الكوة فإذا رأس‬
‫لخآنأيعة مقطوع فخآرجوا في إثر ذي نأواس حتى أدركوه فقالوا‪ :‬ما ينأبغي أن يملكنأا غيرك‪ ،‬إذ أرحتنأا من‬
‫هذا الخآبيث‪.‬‬
‫__________‬
‫في غير هذا الملء فقد جاء في الصحيح "ما من مسلم يغرس غرسا‪ ،‬أو يزرع زرعا" الحديث ‪ .1‬وفي‬
‫كتاب ال أيضا قال }تكمزكركعوكن كسمبكع مسمنأيكن كدكأباا{ٍ ]يوسف‪ ،[47 :‬وسمي ذا نأواس بغديرتين كانأتا له تنأوسان‬
‫أي ضفيرتان من شعر والنأوس الحركة والضطراب فيما كان متعلقا‪ ،‬قال الراجز‪:‬‬
‫لو رأتنأي والنأعاس غالبي ‪ ...‬على البعير نأائسا ذباذبي‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬بقية الحديث‪" :‬فيأكل منأه طير أو إنأسان أو بهيمة إل كان له به صدقة" رواه البخآاري ومسلم وأحمد‬
‫في مسنأده والترمذي عن أنأس‪.‬‬

‫) ‪(1/102‬‬
‫ملك ذي نأواس‪:‬‬
‫‪...‬‬
‫ملك ذي نأواس‪:‬‬
‫فملكوه واجتمعت عليه حمير وقبائل اليمن‪ ،‬فكان آخآر ملوك حمير‪ .‬وهو صاحب الخآدود‪ ،‬وتسمى‪:‬‬
‫يوسف فأقام في ملكه زمانأا‪.‬‬
‫النأصرانأية بنأجران‪:‬‬
‫وبنأجران بقايا من أهل دين عيسى ابن مريم عليه السلم على النأجيل‪ .‬أهل فضل واستقامة من أهل‬
‫دينأهم لهم رأس يقال له عبد ال بن الثامر‪ .‬وكان موقع أصل ذلك الدين بنأجران وهي بأوسط أرض‬
‫العرب في ذلك الزمان وأهلها وسائر العرب كلها أهل أوثان يعبدونأها‪ ،‬وذلك أن رجل من بقايا أهل ذلك‬
‫الدين يقال له فيميون‪ ،‬وقع بين أظهرهم فحملهم عليه‪ .‬فدانأوا به‪.‬‬

‫) ‪(1/102‬‬

‫ابتداء وقوع النأصرانأية بنأجران‬


‫‪...‬‬
‫ابتداء وقوع النأصرانأية بنأجران‪:‬‬
‫فيميون وصالح ونأشر النأصرانأية بنأجران ‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬حدثنأي المغيرة بن أبي لبيد مولى الخآنأس عن وهب بن منأبه اليمانأي أنأه حدثهم‪:‬‬
‫أن موقع ذلك الدين بنأجران كان أن رجل من بقايا أهل دين عيسى ابن مريم يقال له فيميون‪ ،‬وكان رجل‬
‫صالحا مجتهدا زاهدا في الدنأيا‪ ،‬مجاب الدعوة وكان سائحا ينأزل بين القرى‪ ،‬ل يعرف بقرية إل خآرج‬
‫منأها إلى قرية ل يعرف بها‪ ،‬وكان ل يأكل إل من كسب يديه‪ .‬وكان بنأاء يعمل الطين وكان يعظم الحد‬
‫فإذا كان يوم الحد لم يعمل فيه شيئا‪ ،‬وخآرج إلى فلة من الرض يصلي بها حتى يمسي‪ .‬قال وكان في‬
‫قرية من قرى الشام يعمل عمله ذلك مستخآفيا‪ ،‬ففطن لشأنأه رجل من أهلها‬
‫ــــ‬
‫حديث فيمؤن‬
‫ويذكر عن الطبري أنأه قال فيه قيمؤن بالقاف وشك فيه وقال القتبي فيه رجل من آل جفنأة من غسان‬
‫جاءهم من الشام‪ ،‬فحملهم على دين عيسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬ولم يسمه وقال فيه النأقاش اسمه يحيى‪،‬‬
‫وكان أبوه ملكا فتوفي وأراد قومه أن يملكوه بعد أبيه ففر من الملك ولزم السياحة ‪ 1‬وذكر الطبري قصة‬
‫الرجل الذي دعا لبنأه فشفي بأتم مما ذكرها ابن إسحاق‪ ،‬قال فيمؤن حين دخآل مع الرجل وكشف له عن‬
‫ابنأه "اللهم عبد من عبادك دخآل عليه عدوك في نأعمتك‪ ،‬ليفسدها عليه فاشفه وعافه وامنأعه منأه"‪ ,‬فقام‬
‫الصبي‪ :‬ليس به بأس ‪ 2‬فتبين من هذا أن الصبي كان مجنأونأا لقوله دخآل عليه عدوك‪ ،‬يعنأي‪:‬‬
‫الشيطان‪ ،‬وليس هذا في‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬فيمؤن في "الطبري" أيضاا‪ :‬فيميون‪ ،‬وقد وصف بالزهد‪ ،‬والولى أن يوصف بالتقوى‪.‬‬
‫‪ 2‬في "الطبري" ‪ 2/120‬كما ذكر السهيلي تماماا‪.‬‬

‫) ‪(1/104‬‬

‫يقال له صالح فأحبه صالح حبا لم يحبه شيئا كان قبله‪ .‬فكان يتبعه حيث ذهب‪ .‬ول يفطن له فيميون‪،‬‬
‫حتى خآرج مرة في يوم الحد إلى فلة من الرض‪ .‬كما كان يصنأع وقد اتبعه صالح وفيميون ل يدري ‪-‬‬
‫فجلس صالح منأه منأظر العين مستخآفيا منأه‪ .‬ل يحب أن يعلم بمكانأه وقام فيميون يصلي‪ ،‬فبينأما هو‬
‫يصلي إذ أقبل نأحوه التنأين ‪ -‬الحية ذات الرءوس السبعة ‪ -‬فلما رآها فيميون دعا عليها فماتت ورآها‬
‫صالح ولم يدر ما أصابها‪ ،‬فخآافها عليه‪ .‬فعيل عوله‪ .‬فصرخ يا فيميون التنأين قد أقبل نأحوك‪ ،‬فلم يلتفت‬
‫إليه وأقبل على صلته حتى فرغ منأها وأمسى‪ ،‬فانأصرف وعرف أنأه قد عرف وعرف صالح أنأه قد رأى‬
‫مكانأه‪ .‬فقال له يا فيميون تعلم وال أنأي ما أحببت شيئا قط حبك‪ ،‬وقد أردت صحبتك‪ ،‬والكينأونأة معك‬
‫حيث كنأت‪ ،‬فقال ما شئت‪ .‬أمري كما ترى‪ ،‬فإن علمت أنأك تقوى عليه فنأعم فلزمه صالح وقد كاد أهل‬
‫القرية يفطنأون لشأنأه وكان إذا فاجأه العبد به الضر دعا له فشفي إواذا دعي إلى أحد به ضر لم يأته‬
‫وكان لرجل من أهل القرية ابن ضرير فسأل عن شأن فيميون‪ ،‬فقيل له إنأه ل يأتي أحدا دعاه ولكنأه رجل‬
‫يعمل للنأاس البنأيان بالجر فعمد الرجل إلى ابنأه ذلك فوضعه في حجرته وألقى عليه ثوبا‪ ،‬ثم جاءه فقال‬
‫له يا فيميون‪،‬‬
‫ــــ‬
‫حديث ابن إسحاق‪.‬‬
‫وذكر ابن إسحاق في الرواية الخآرى عن محمد بن كعب القرظي‪ ،‬وعن بعض أهل نأجران‪ ،‬وما ذكروه‬
‫من خآبر فيمؤن قال ولم يسموه لي بالسم الذي سماه ابن منأبه‪ .‬قال المؤلف رحمه ال يحتمل أنأهم سموه‬
‫يحيى‪ ،‬وهو السم الذي تقدم ذكره وما قاله النأقاش والقتبي‪.‬‬
‫وفيه ذكر قرية نأجران في هذا الحديث ونأجران اسم رجل كان أول من نأزلها‪ ،‬فسميت به وهو نأجران بن‬
‫زيد بن يشجب بن يعرب بن قحطان‪ .‬قاله البكري ‪.1‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "القاموس"‪ :‬مثله وفيه "زيدان" بدل "زيد" وكذلك في "جمهرة ابن حزم"‪ :‬زيدان‪.‬‬
‫) ‪(1/105‬‬

‫إنأي قد أردت أن أعمل في بيتي عمل‪ ،‬فانأطلق معي إليه حتى تنأظر إليه فأشارطك عليه فانأطلق معه‬
‫حتى دخآل حجرته ثم قال له ما تريد أن تعمل في بيتك هذا؟ قال كذا وكذا‪ ،‬ثم انأتشط الرجل الثوب عن‬
‫الصبي ثم قال له يا فيميون‪ ،‬عبد من عباد ال أصابه ما ترى‪ ،‬فادع ال له فدعا له فيميون‪ ،‬فقام الصبي‬
‫ليس به بأس وعرف فيميون أنأه قد عرف فخآرج من القرية واتبعه صالح فبينأما هو يمشي في بعض‬
‫الشام‪ ،‬إذ مر بشجرة عظيمة فنأاداه منأها رجل فقال يا فيميون‪ .‬قال نأعم‪ .‬قال ما زلت أنأظرك‪ ،‬وأقول متى‬
‫هو جاء؟ حتى سمعت صوتك‪ ،‬فعرفت أنأك هو‪ .‬ل تبرح حتى تقوم علي فإنأي ميت الن‪ .‬قال فمات‬
‫وقام عليه حتى واراه ثم انأصرف وتبعه صالح حتى وطئا بعض أرض العرب‪ ،‬فعدوا عليهما‪،‬‬
‫فاخآتطفتهما سيارة من بعض العرب‪ ،‬فخآرجوا بهما‪ ،‬حتى باعوهما بنأجران وأهل نأجران يومئذ على دين‬
‫العرب‪ ،‬يعبدون نأخآلة طويلة بين أظهرهم لها عيد في كل سنأة إذا كان ذلك العيد علقوا عليها كل ثوب‬
‫حسن وجدوه وحلي النأساء ثم خآرجوا إليها‪ ،‬فعكفوا عليها يوما‪.‬‬
‫فابتاع فيميون رجل من أشرافهم وابتاع صالحا آخآر فكان فيميون إذا قام من الليل ‪ -‬يتهجد في بيت له‬
‫أسكنأه إياه سيده ‪ -‬يصلي‪ ،‬استسرج له البيت نأورا‪ ،‬حتى يصبح من غير مصباح فرأى ذلك سيده‬
‫فأعجبه ما يرى منأه فسأله عن دينأه فأخآبره به وقال له فيميون‪ :‬إنأما أنأتم في باطل‪ .‬إن هذه النأخآلة ل‬
‫تضر ول تنأفع ولو دعوت عليها إلهي الذي أعبده لهلكها‪ ،‬وهو ال وحده ل شريك له قال فقال له سيده‬
‫فافعل فإنأك إن فعلت دخآلنأا في دينأك‪ ،‬وتركنأا ما نأحن عليه‪ .‬قال فقام فيميون‪ ،‬فتطهر وصلى ركعتين ثم‬
‫دعا ال عليها‪ ،‬فأرسل ال عليها ريحا فجعفتها من أصلها فألقتها فاتبعه عنأد ذلك أهل نأجران على دينأه‬
‫فحملهم على الشريعة من دين عيسى ابن مريم عليه السلم ثم دخآلت عليهم الحداث التي دخآلت على‬
‫أهل دينأهم‬
‫ــــ‬
‫وذكر أصحاب الخآدود‪ ،‬وما أنأزل ال تعالى فيهم وقد روى ابن سنأجر عن جبير بن نأفير قال الذين‬
‫خآددوا الخآدود ثلثة تبع صاحب اليمن‪ ،‬وقسطنأطين ابن هلنأي ‪ -‬وهي أمه حين صرف النأصارى عن‬
‫التوحيد ودين المسيح إلى عبادة‬

‫) ‪(1/106‬‬

‫بكل أرض فمن هنأالك كانأت النأصرانأية بنأجران في أرض العرب‪.‬‬


‫قال ابن إسحاق‪ :‬فهذا حديث وهب بن منأبه عن أهل نأجران‪.‬‬
‫ــــ‬
‫الصليب ‪ 1‬وبخآتنأصر من أهل بابل حين أمر النأاس أن يسجدوا إليه فامتنأع دانأيال وأصحابه فألقاهم في‬
‫النأار فكانأت بردا وسلما عليهم وحرق الذين بغوا عليهم‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬دانأت له كل أنأحاء الدولة الرومانأية سنأة ‪323‬م‪ .‬يقول عنأه ول‪ .‬ديورانأت في كتابه ‪ 3/287‬من‬
‫المجلد الثالث‪" :‬كانأت المسيحية عنأده وسيلة ل غاية"‪ ،‬وأمه هلينأا هي التي اعتنأقت المسيحية قبله‪.‬‬

‫) ‪(1/107‬‬

‫أمر عبد ال بن الثامر وقصة أصحاب الخآدود‪:‬‬


‫‪...‬‬
‫أمر عبد ال بن الثامر وقصة أصحاب الخآدود‪:‬‬
‫فيمون وابن الثامر واسم ال العظم‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وحدثنأي يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي‪ ،‬وحدثنأي أيضا بعض أهل نأجران‬
‫عن أهلها‪:‬‬
‫"أن أهل نأجران كانأوا أهل شرك يعبدون الوثان" وكان في قرية من قراها قريبا من نأجران ‪ -‬ونأجران‪:‬‬
‫القرية العظمى التي إليها جماع أهل تلك البلد ‪ -‬ساحر يعلم غلمان أهل نأجران السحر فلما نأزلها‬
‫فيميون ‪ -‬ولم يسموه لي باسمه الذي سماه به وهب بن منأبه‪ ،‬قالوا‪ :‬رجل نأزلها ‪ -‬ابتنأى خآيمة بين‬
‫نأجران‪ ،‬وبين تلك القرية التي بها الساحر فجعل أهل نأجران يرسلون غلمانأهم إلى ذلك الساحر يعلمهم‬
‫السحر فبعث إليه الثامر ابنأه عبد ال بن الثامر مع غلمان أهل نأجران‪ ،‬فكان إذا مر بصاحب الخآيمة‬
‫ــــ‬
‫خآبر ابن الثامر‪:‬‬
‫التفاضل بين السماء اللهية‪:‬‬
‫وذكر فيه السم العظم وقول الراهب له إنأك لن تطيقه‪ .‬أي لن تطيق شروطه والنأتهاض بما يجب من‬
‫حقه وقد قيل في قول ال تعالى ‪}:‬كقاكل الصمذي‬

‫) ‪(1/107‬‬
‫أعجبه ما يرى منأه من صلته وعبادته فجعل يجلس إليه ويسمع منأه حتى أسلم‪ ،‬فوحد ال وعبده وجعل‬
‫يسأله عن شرائع السلم حتى إذا فقه فيه جعل يسأله عن السم العظم ‪ -‬وكان يعلمه ‪ -‬فكتمه إياه‬
‫وقال له يا بن أخآي إنأك لن تحمله أخآشى عليك ضعفك عنأه ‪ -‬والثامر أبو عبد ال ل يظن إل أن ابنأه‬
‫يخآتلف إلى الساحر كما يخآتلف الغلمان فلما رأى عبد ال أن صاحبه قد ضن به عنأه وتخآوف ضعفه‬
‫فيه عمد إلى قداح فجمعها‪ ،‬ثم لم يبق ل اسما يعلمه إل كتبه في قدح لكل اسم قدح حتى إذا أحصاها‬
‫أوقد لها نأارا‪ ،‬ثم جعل يقذفها فيها قدحا قدحا‪ ،‬حتى إذا‬
‫ــــ‬
‫معمنأكدهك معملةم ممكن املمككتامب{ٍ ]النأمل ‪ [40‬إنأه أوتي السم العظم الذي إذا دعي ال به أجاب وهو آصف بن‬
‫برخآيا في قول أكثرهم وقيل غير ذلك ‪ .1‬وأعجب ما قيل فيه إنأه ضبة بن أد بن طابخ قاله النأقاش ول‬
‫يصح‪ ،‬وهي مسألة اخآتلف فيها العلماء فذهبت طائفة إلى ترك التفضيل بين أسماء ال تعالى‪ ،‬وقالوا‪ :‬ل‬
‫يجوز أن يكون اسم من أسمائه أعظم من السم الخآر وقالوا‪ :‬إذا أمر في خآبر أو أثر ذكر السم‬
‫العظم فمعنأاه العظيم كما قالوا‪ :‬إنأي لوجل أي وجل‪ ،‬وكما قال بعضهم في أكبر من قولك‪ :‬ال أكبر‬
‫إن أكبر بمعنأى كبير إوان لم يكن قول سيبويه‪ ،‬وذكروا أن أهون بمعنأى‪ :‬هين من قوله عز وجل }كوكهكو‬
‫أكمهكوكن كعلكميمه{ٍ ]الروم‪ [27 :‬وأكثروا الستشهاد على هذا ونأسب أبو الحسن بن بطال هذا القول إلى‬
‫جماعة منأهم ابن أبي زيد‪ ،‬والقابسي وغيرهما‪ ،‬ومما احتجوا به أيضا‪ :‬أن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬لم يكن ليحرم العلم بهذا السم وقد علمه من هو دونأه من ليس بنأبي ولم يكن ليدعو حين اجتهد‬
‫في الدعاء لمته أل يجعل بأسهم بينأهم وهو رءوف بهم عزيز عليه عنأتهم إل بالسم العظم ليستجاب‬
‫له فيه فلما منأع ذلك علمنأا أنأه ليس اسم من أسماء ال إل وهو كسائر السماء في الحكم والفضيلة‬
‫يستجيب ال إذا دعي ببعضها إن شاء ويمنأع إذا شاء وقال ال سبحانأه }كقمل امدكعوا اللصهك أكمو امدكعوا الصرمحكمكن‬
‫أكدي ا كما‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ورأي آخآر أحق بالتقديم يقرر أنأه نأفس سليمان‪ ،‬فهو الذي كان عنأده علم من الكتاب‪.‬‬

‫) ‪(1/108‬‬

‫مر بالسم العظم قذف فيها بقدحه فوثب القدح حتى خآرج منأها لم تضره شيئا فأخآذه ثم أتى صاحبه‬
‫فأخآبره بأنأه قد علم السم الذي كتمه فقال وما هو؟ قال هو‬
‫ــــ‬
‫تكمدكعوا كفلكهك املكمسكماكء املكحمسكنأى{ٍ ]السراء‪ ،[110:‬وظاهر هذا الكلم التسوية بين أسمائه الحسنأى‪ ،‬وكذلك‬
‫ذهب هؤلء وغيرهم من العلماء إلى أنأه ليس شيء من كلم ال تعالى أفضل من شيء لنأه كلم واحد‬
‫من رب واحد فيستحيل التفاضل فيه‪.‬‬
‫قال الشيخ الفقيه الحافظ أبو القاسم ‪ -‬عفا ال عنأه وجه استفتاح الكلم معهم أن يقال هل يستحيل هذا‬
‫عقل‪ ،‬أم يستحيل شرعا؟ ول يستحيل عقل أن يفضل ال سبحانأه عمل من البر على عمل وكلمة من‬
‫الذكر على كلمة فإن التفضيل راجع إلى زيادة الثواب ونأقصانأه وقد فضلت الفرائض على النأوافل‬
‫بإجماع وفضلت الصلة والجهاد على كثير من العمال والدعاء والذكر عمل من العمال فل يبعد أن‬
‫يكون بعضه أقرب إلى الجابة من بعض وأجزل ثوابا في الخآرة من بعض والسماء عبارة عن‬
‫المسمى‪ ،‬وهي من كلم ال سبحانأه القديم ‪ 1‬ول نأقول في كلم ال هو هو ول هو غيره كذلك ل نأقول في‬
‫أسمائه التي تضمنأها كلمه إنأها هو ول هي غيره ‪ 2‬فإن تكلمنأا نأحن بها بألسنأتنأا المخآلوقة وألفاظنأا‬
‫المحدثة فكلمنأا عمل من أعمالنأا‪ ،‬وال ‪ -‬سبحانأه وتعالى – يقول }كواللصهك كخآلكقكككمم كوكما تكمعكمكلوكن{ٍ ]الصافات‪:‬‬
‫‪ ،[69‬وقبحا للمعتزلة ; فإنأهم زعموا أن كلمه مخآلوق فأسماؤه على أصلهم الفاسد محدثة غير المسمى‬
‫بها‪ ،‬وسووا بين كلم الخآالق وكلم‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ل يجوز الخآبار عن ال بأنأه قديم‪ ،‬إذ لم يرد هذا في قرآن أو حديث‪ ،‬إوانأما يقال عنأه‪ :‬إنأه الول بدل‬
‫من القديم‪ ،‬فقد وصف الضلل بأنأه قديم‪ ،‬والعرجون كذلك‪ ،‬ثم القدم ل يمنأع من أن يكون له أول أو‬
‫بداية‪.‬‬
‫‪ 2‬الرجل أشعري العقيدة‪ ،‬ورأيهم في الصفات منأبوذ من سلف المة‪ ،‬وقد رجع الشعري عن هذا‬
‫المذهب في كتابه "البانأة" و"مقالت السلميين"‪.‬‬

‫) ‪(1/109‬‬

‫كذا وكذا‪ ،‬قال وكيف علمته؟ فأخآبره بما صنأع قال أي ابن أخآي‪ ،‬قد أصبته فأمسك على نأفسك‪ ،‬وما‬
‫أظن أن تفعل‪.‬‬
‫__________‬
‫المخآلوق في الغيرية والحدوث إواذا ثبت هذا‪ ،‬وصح جواز التفضيل بين السماء إذا دعونأا بها‪ ،‬فكذلك‬
‫القول في تفضيل السور والي بعضها على بعض فإن ذلك راجع إلى التلوة التي هي عملنأا‪ ،‬ل إلى‬
‫المتلو الذي هو كلم ربنأا‪ ،‬وصفة من صفاته القديمة وقد قال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – لبي‪" :‬أي آية‬
‫معك في كتاب ال أعظم"؟ فقال ال ل إله إل هو الحي القيوم فقال‪" :‬ليهنأك العلم أبا المنأذر" ‪ 1‬ومحال‬
‫أن يريد بقوله أعظم معنأى عظيم لن القرآن كله عظيم فكيف يقول له أي آية في القرآن عظيمة وكل آية‬
‫فيه عظيمة كذلك؟ وكل ما استشهدوا به من قولهم أكبر بمعنأى كبير وأهون بمعنأى هين باطل عنأد حذاق‬
‫النأحاة ولول أن نأخآرج عما نأحن بصدده لوضحنأا بطلنأه بما ل قبل لهم به ولو كان صحيحا في العربية‬
‫ما جاز أن يحمل عليه قوله "أي آية معك في كتاب ال أعظم"‪ ,‬لن القرآن كله عظيم إوانأما سأله عن‬
‫العظم منأه والفضل في ثواب التلوة وقرب الجابة وفي هذا الحديث دليل أيضا على ثبوت السم‬
‫طكنأا‬
‫العظم وأن ل اسما هو أعظم أسمائه ومحال أن يخآلو القرآن عن ذلك السم وال تعالى يقول }كما فكصر م‬
‫مفي املمككتامب مممن كشميةء{ٍ ]النأعام ‪ ،[38‬فهو في القرآن ل محالة‪ .‬وما كان ال ليحرمه محمدا‪ ،‬وأمته وقد‬
‫فضله على النأبياء وفضلهم على المم فإن قلت‪ :‬فأين هو في القرآن؟ فقد قيل إنأه أخآفي فيه كما أخآفيت‬
‫الساعة في يوم الجمعة وليلة القدر في رمضان ليجتهد النأاس ول يتكلوا‪ .‬قال الفقيه الحافظ أبو القاسم ‪-‬‬
‫رضي ال عنأه ‪ -‬في قول النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬لبي أي "آية معك في كتاب ال أعظم" ولم‬
‫يقل أفضل إشارة إلى السم العظم أنأه فيها‪ ،‬إذ ل يتصور أن تكون هي أعظم آية ويكون السم العظم‬
‫في أخآرى دونأها‪ .‬بل إنأما صارت أعظم اليات لن السم العظم فيها‪ .‬أل ترى كيف هنأأ‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬المسؤول هو أبي بن كعب‪ ،‬والحديث في مسلم ومسنأد أحمد‪.‬‬

‫) ‪(1/110‬‬

‫ابن ثامر ودعوته إلى النأصرانأية بنأجران‪:‬‬


‫فجعل عبد ال بن الثامر إذا دخآل نأجران لم يلق أحدا به ضر إل قال ]له[ يا عبد ال أتوحد ال وتدخآل‬
‫في دينأي‪ ،‬وادعو ال فيعافيك مما أنأت فيه من البلء؟‬
‫ــــ‬
‫رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أبيا‪ ،‬بما أعطاه ال تعالى من العلم وما هنأأه إل بعظيم بأن عرف‬
‫السم العظم والية العظمى التي كانأت المم قبلنأا ل يعلمه منأهم إل الفراد عبد ال بن الثامر‪ ،‬وآصف‬
‫صاحب سليمان عليه السلم وبلعوم قبل أن يتبعه الشيطان ‪ 1‬فكان من الغاوين وقد جاء منأصوصا في‬
‫حديث أم سلمة ‪ -‬رضي ال عنأها ‪ -‬الذي خآرجه الترمذي وأبو داود‪ ،‬ويروى أيضا عن أسماء بنأت يزيد‬
‫‪ -‬وكنأيتها‪ :‬أم سلمة فلعل الحديث واحد أنأها" سألت رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬عن السم‬
‫العظم فقال رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وفي هاتين اليتين }اللصهك ل مإلكهك مإصل كهكو املكحري املقكريوكم{ٍ‬
‫]البقرة‪ [255 :‬و }الم اللصهك ل إملكهك إمصل كهكو املكحري املقكريوكم{ٍ ]آل عمران‪ ،"[2 ،1 :‬وقال سبحانأه }كهكو املكحري ل‬
‫صيكن لكهك الدديكن{ٍ ]غافر‪ [65 :‬الية أي‪ :‬فادعوه بهذا السم ثم قال } املكحممكد مللصمه كر د‬
‫ب‬ ‫مإلكه مإصل هو كفامدعوه ممخآمل م‬
‫ك كك‬ ‫ك كك‬
‫املكعالكمميكن{ٍ ]غافر‪ [65 :‬تنأبيها لنأا على حمده وشكره إذ علمنأا من هذا السم العظيم ما لم نأكن نأعلم فإن‬
‫قلت‪ :‬فقد روى أبو داود والترمذي أيضا أن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬سمع رجل ‪ -‬وهو زيد‬
‫أبو عياش الزرقي ‪ -‬ذكر اسمه الحارث بن أبي أسامة في مسنأده ‪ -‬يقول "اللهم إنأي أسألك‪ ،‬بأن لك‬
‫الحمد ل إله إل أنأت المنأان بديع السموات والرض ذو الجلل والكرام فقال لقد دعا ال باسمه العظم"‬
‫‪ .2‬ويروى أنأه قال له في هذا الحديث غفر ال له غفر ال له‪ .‬وروى الترمذي نأحو هذا فيمن قال "اللهم‬
‫إنأي أسألك ; فإنأك ال الذي ل إله إل أنأت الحد الصمد الذي لم تلد ولم تولد "‪ 3‬وهذا معارض لحديث أم‬
‫سلمة قلنأا‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬لست أدري من أين جاء بهذا؟! وهذا يأفكه المبطلون المشعبذون الذين يفترون أنأهم يعرفون اسم ال‬
‫العظم‪.‬‬
‫‪ 2‬رواه الترمذي وأبو داود والنأسائي‪.‬‬
‫‪ 3‬رواه الترمذي وأبو داود‪.‬‬

‫) ‪(1/111‬‬

‫فيقول نأعم فيوحد ال ويسلم ويدعو له فيشفى‪ ،‬حتى لم يبق بنأجران أحد به ضر إل أتاه فاتبعه على أمره‬
‫ودعا له فعوفي حتى رفع شأنأه إلى ملك نأجران‪ ،‬فدعاه فقال له أفسدت علي أهل قريتي‪ ،‬وخآالفت دينأي‬
‫ودين آبائي‪ ،‬لمثلن بك‪ ،‬قال‪:‬‬
‫ــــ‬
‫ل معارضة بين هذا‪ ،‬وبين ما تقدم فإنأا لم نأقل إن السم العظم هو الحي القيوم بل الحي القيوم صفتان‬
‫تابعتان للسم العظم‪ .‬وتتميم لذكره وكذلك المنأان‪ .‬وذو الجلل والكرام في حديث أبي داود وقد خآرجه‬
‫الترمذي أيضا في الدعوات وكذلك الحد الصمد في حديث الترمذي‪ .‬وقولك‪ :‬ال ل إله إل هو هو‬
‫السم لنأه ل سمي له ولم يتسم به غيره وقد قال بعض العلماء في التسعة والتسعين اسما‪ :‬إنأها كلها‬
‫تابعة للسم الذي هو ال وهو تمام المائة فهي مائة على عدد درج الجنأة إذ قد ثبت في الصحيح أنأها‬
‫مائة ‪ 1‬درجة بين كلك قوله في الصحيح "أسألك بأسمائك الحسنأى ما علمت منأها وما لم أعلم" ووقع في‬
‫جامع ابن وهب‪" :‬سبحانأك ل أحصي أسما درجتين مسيرة مائة عام وقال في السماء "من أحصاها‬
‫دخآل الجنأة " ‪ 2‬فهي على عدد درج الجنأة وأسماؤه تعالى ل تحصى‪ ،‬إوانأما هذه السماء هي المفضلة‬
‫على غيرها‪ ،‬والمذكورة في القرآن‪ .‬يدل على ذلءك" ومما يدل على أنأه السم العظم أنأك تضيف‬
‫جميع السماء إليه ول تضيفه إليها‪ .‬تقول العزيز اسم من أسماء ال ول تقل ال اسم من أسماء العزيز‬
‫وفخآمت اللم من اسمه ‪ -‬إوان كانأت ل تفخآم لم في كلم العرب إل مع حروف الطباق نأحو الطلق‬
‫ول تفخآم لم في شيء من أسمائه ول شيء من الحروف الواقعة في أسمائه التي ليست بمستعلية إل في‬
‫هذا السم العظيم المنأتظم من ألف ولمين وهاء‪ .‬فاللف من مبدأ الصوت والهاء راجعة إلى مخآرج‬
‫اللف فشاكل‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ورد عدد درجات الجنأة في حديث رواه البخآاري والترمذي‪ ،‬ورواية البخآاري‪" :‬ما بين الدرجتين كما بين‬
‫السماء والرض" ‪.‬‬
‫‪ 2‬يشير إلى الحديث‪" :‬إن ل تسعة وتسعين اسماا‪ ،‬مائة إل واحدا ل يحفظها أحد إل دخآل الجنأة‪ ،‬وهو‬
‫وتر يحب الوتر" متفق عليه‪.‬‬

‫) ‪(1/112‬‬

‫ل تقدر على ذلك‪ .‬قال فجعل يرسل به إلى الجبل الطويل فيطرح على رأسه فيقع إلى الرض ليس به‬
‫بأس وجعل يبعث به إلى مياه بنأجران بحور ل يقع فيها شيء إل هلك فيلقى فيها‪ ،‬فيخآرج ليس به بأس‬
‫فلما غلبه قال له عبد ال بن الثامر‪ :‬إنأك وال لن تقدر على قتلي حتى توحد ال فتؤمن بما آمنأت به‬
‫فإنأك إن فعلت ذلك سلطت علي فقتلتنأي‪ .‬قال فوحد ال تعالى ذلك الملك وشهد شهادة عبد ال بن‬
‫الثامر‪ ،‬ثم ضربه بعصا في يده فشجه شجة غير كبيرة فقتله ثم هلك الملك مكانأه واستجمع أهل نأجران‬
‫على دين عبد ال بن الثامر ‪ -‬وكان على ما جاء به عيسى ابن مريم من‬
‫ــــ‬
‫اللفظ المعنأى‪ ،‬وطابقه لن المسمى بهذا السم منأه المبدأ إواليه المعاد‪ .‬والعادة أهون من البتداء عنأد‬
‫المخآاطبين فكذلك الهاء أخآف وألين في اللفظ من الهمزة التي هي مبدأ السم‪ .‬أخآبرت بهذا الكلم أو‬
‫نأحوه في السم وحروفه عن ابن فورك رحمه ال‪ .‬ذكره أبو بكر شيخآنأا في كتاب شرح السماء الحسنأى‬
‫له‪ .‬فإن قيل فأين ما ذكروه عن السم العظم وأنأه ل يدعى ال به إل أجاب ول يسأل به شيئا إل‬
‫أعطاه‪.‬‬
‫قلنأا‪ :‬عن ذلك جوابان أحدهما‪ :‬أن هذا السم كان عنأد من كان قبلنأا ‪ -‬إذا علمه ‪ -‬مصونأا غير مبتذل‬
‫معظما ل يمسه إل طاهر ول يلفظ به إل طاهر ويكون الذي يعرفه عامل بمقتضاه متألها مخآبتا‪ ،‬قد‬
‫امتل قلبه بعظمة المسمى به ل يلتفت إلى غيره ول يخآاف سواه فلما ابتذل وتكلم به في معرض‬
‫البطالت والهزل ولم يعمل بمقتضاه ذهبت من القلوب هيبته فلم يكن فيه من سرعة الجابة وتعجيل‬
‫قضاء الحاجة للداعي ما كان قبل‪ .‬أل ترى قول أيوب عليه السلم في بلئه "قد كنأت أمر بالرجلين‬
‫يتنأازعان فيذكران ال ‪ -‬يعنأي في تنأازعهما‪ ،‬أي تخآاصمهما ‪ -‬فأرجع إلى بيتي‪ ،‬فأكفر عنأهما كراهة أن‬
‫يذكر ال إل في حق" وفي الحديث عن النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – "كرهت أن أذكر ال إل على‬
‫طهر" فقد لح لك تعظيم النأبياء له‪.‬‬
‫والجواب الثانأي‪ :‬أن الدعاء به إذا كان من القلب ولم يكن بمجرد اللسان‬

‫) ‪(1/113‬‬
‫النأجيل وحكمه ‪ -‬ثم أصابهم مثل ما أصاب أهل دينأهم من الحداث فمن هنأالك كان أصل النأصرانأية‬
‫بنأجران وال أعلم بذلك‪.‬‬
‫ــــ‬
‫استجيب للعبد غير أن الستجابة تنأقسم كما قال ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬إما أن يعجل له ما سأل إواما أن‬
‫يدخآر له وذلك خآير مما طلب إواما أن يصرف عنأه من البلء بقدر ما سأل من الخآير ‪ 1‬وأما دعاء‬
‫النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬لمته أل يجعل بأسهم بينأهم ‪ 2‬فمنأعها‪ ،‬فقد أعطي عوضا لهم من ذلك‬
‫الشفاعة لهم في الخآرة وقد قال "أمتي هذه أمة مرحومة ليس عليها في الخآرة عذاب عذابها في الدنأيا‪:‬‬
‫الزلزل والفتن خآرجه أبو داود ‪ ،3‬فإذا كانأت الفتن سببا لصرف عذاب الخآرة عن المة فما خآاب دعاؤه‬
‫ث‬‫لهم‪ .‬على أنأنأي تأملت هذا الحديث وتأملت حديثه الخآر" حين نأزلت }كقمل كهكو املكقامدكر كعكلى أكمن كيمبكع ك‬
‫كعلكميككمم كعكذاب ا مممن فكمومقككمم{ٍ ]النأعام ‪ .[65‬فقال أعوذ بوجهك‪ .‬فلما سمع }أكمو مممن تكمحمت أكمركجلمككمم{ٍ ]النأعام‪:‬‬
‫‪ [65‬قال أعوذ بوجهك‪ ،‬فلما سمع }أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض{ٍ ]النأعام‪ [65 :‬قال هذه‬
‫أهون ‪.4‬‬
‫فمن هاهنأا ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬أعيذت أمته من الولى والثانأية ومنأع الثالثة حين سألها بعد‪ .‬وقد عرضت‬
‫هذا الكلم على رجل من فقهاء زمانأنأا‪ ،‬فقال هذا حسن جدا‪ ،‬غير أنأا ل نأدري‪ :‬أكانأت مسألته بعد نأزول‬
‫الية أم ل؟ فإن كان بعد نأزول الية فأخآلق بهذا النأظر أن يكون صحيحا‪ .‬قلت له أليس في الموطأ أنأه‬
‫دعا بها في مسجد بنأي معاوية وهو في المدينأة‪ ،‬ول خآلف أن سورة النأعام مكية؟ فقال نأعم وسلم وأذعن‬
‫للحق وأقر به‪ .‬رحمه ال‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬يشير إلى الحديث‪" :‬ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم‪ ،‬ول قطيعة رحم إل أعطاه ال بها إحدى‬
‫ثلث‪ "...‬الحديث رواه أحمد والبزار وأبو يعلى بأسانأيد جيدة‪.‬‬
‫‪ 2‬يشير إلى حديث "سألت ربي ثلثاا‪ "...‬الحديث رواه مسلم وأحمد‪.‬‬
‫‪ 3‬ورواه الطبرانأي في "الكبير" والحاكم في "المستدرك" والبيهقي في "الشعب" ولكن لن تكون شفاعة إل‬
‫بعد إذن ال‪.‬‬
‫‪ 4‬رواه البخآاري والنأسائي وابن حبان‪.‬‬

‫) ‪(1/114‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فهذا حديث محمد بن كعب القرظي وبعض أهل نأجران عن عبد ال بن الثامر‪ ،‬وال‬
‫أعلم أي ذلك كان‪.‬‬
‫ــــ‬
‫هل الشهداء أحياء في قبورهم؟‬
‫فصل وذكر من وجدان عبد ال في خآربة من خآرب نأجران‪ .‬يصدقه قوله تعالى ‪} :‬كول تكمحكسكبصن الصمذيكن قكتملكوا‬
‫مفي كسمبيمل اللصمه أكممكوات ا كبمل أكمحكياةء{ٍ ]آل عمران‪ [169 :‬الية وما وجد في صدر هذه الية من شهداء أحد‪،‬‬
‫وغيرهم على هذه الصورة لم يتغيروا بعد الدهور الطويلة كحمزة بن عبد المطلب ‪ -‬رضي ال عنأه ‪-‬‬
‫فإنأه وجد حين حفر معاوية العين صحيحا لم يتغير وأصابت الفأس أصبعه فدميت وكذلك أبو جابر عبد‬
‫ال بن حرام وعمرو بن الجموح‪ ،‬وطلحة بن عبد ال ‪ -‬رضي ال عنأهم ‪ -‬استخآرجته بنأته عائشة من‬
‫قبره حين رأته في المنأام فأمرها أن تنأقله من موضعه فاستخآرجته من موضعه بعد ثلثين سنأة لم يتغير‪.‬‬
‫ذكره ابن قتيبة في المعارف‪ .‬والخآبار بذلك صحيحة ‪ .1‬وقد قال عليه السلم "إن ال حرم على الرض‬
‫أن تأكل أجساد النأبياء"‪ .‬خآرجه سليمان بن الشعث‪ .‬وذكر أبو جعفر الداوودي في "كتاب النأاس" هذا‬
‫الحديث بزيادة‪ :‬ذكر الشهداء والعلماء والمؤذنأين‪ ،‬وهي زيادة غريبة لم تقع لي في مسنأد‪ ،‬غير أن‬
‫الداوودي من أهل الثقة والعلم‪ ،‬وفي المسنأد من طريق أنأس ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ -‬قال قال رسول ال ‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم – "النأبياء أحياء يصلون في قبورهم" ‪ .‬انأفرد به ثابت البنأانأي عن أنأس وقد روي‬
‫أن ثابتا التمس في قبره بعدما دفن فلم يوجد فذكر ذلك لبنأته‪ .‬فقالت كان يصلي فلم تروه لنأي كنأت‬
‫أسمعه إذا تهجد بالليل يقول "اللهم اجعلنأي ممن يصلي في قبره بعد الموت" ‪ .2‬وفي الصحيح أن رسول‬
‫ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬قال "مررت بموسى ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬وهو يصلي في‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬إنأما أساطير تسكر العاطفة‪ ،‬فتذهلها عن هدى الكتاب السنأة‪ ...‬ألخ‪.‬‬
‫‪ 2‬هذا وما قبله ل مع النأقل الصحيح‪ ،‬ول مع العقل الصريح‪ ،‬إنأما هو خآرافات يراد بها ربط النأاس‬
‫بالموتى‪ ،‬ل بالحي القيوم‪.‬‬

‫) ‪(1/115‬‬

‫ذو نأواس وخآد الخآدود‪:‬‬


‫فسار إليهم ذو نأواس بجنأوده فدعاهم إلى اليهودية وخآيرهم بين ذلك والقتل فاخآتاروا القتل فخآد لهم‬
‫الخآدود‪ ،‬فحرق من حرق بالنأار وقتل من قتل بالسيف ومثل بهم حتى قتل منأهم قريبا من عشرين ألفا‪،‬‬
‫ب‬ ‫م‬
‫صكحا ك‬ ‫ففي ذي نأواس وجنأده تلك أنأزل ال تعالى على رسوله سيدنأا محمد صلى ال عليه وسلم }قكتكل أك م‬
‫املكمخآكدومد الصنأامر كذامت املكوكقومد إممذ كهمم كعلكميكها قككعوةد كوكهمم كعكلى كما كيمفكعكلوكن مباملكممؤمممنأيكن كشكهوةد كوكما كنأقككموا مممنأهكمم إمصل أكمن‬
‫كيمؤممنأكوا مباللصمه املكعمزيمز املكحمميمد{ٍ ]البروج‪[8 - 4 :‬‬
‫ــــ‬
‫قبره" ‪.1‬‬
‫أصحاب الخآدود‪:‬‬
‫وحديث عبد ال بن الثامر إنأما رواه ابن إسحاق موقوفا على محمد بن كعب القرظي عن بعض أهل‬
‫نأجران‪ ،‬ليصل به حديث فيمؤن وهو حديث ثابت عن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬من طريق‬
‫ابن أبي ليلى عن صهيب عن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬فهو أولى أن يعتمد عليه وهو‬
‫يخآالف حديث ابن إسحاق في ألفاظ كثيرة‪.‬‬
‫قال كان رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬إذا حدث بهذا الحديث يعنأي حديثا تقدم قبل هذا الحديث‬
‫يحدث بهذا الحديث الخآر‪ .‬قال كان ملك من الملوك وكان لذلك الملك كاهن ‪ 2‬يكهن له فقال الكاهن‬
‫انأظروا لي غلما فهما أو قال فطنأا لقنأا ; فأعلمه علمي هذا‪ ،‬فإنأي أخآاف أن أموت فينأقطع منأكم هذا‬
‫العلم ول يكون فيكم من يعلمه قال فنأظروا له غلما على ما وصف فأمروه أن يحضر ذلك الكاهن وأن‬
‫يخآتلف إليه فجعل يخآتلف إليه وكان على طريق الغلم راهب في صومعة قال معمر أحسب أن‬
‫أصحاب الصوامع يومئذ كانأوا مسلمين ‪ .3‬قال فجعل الغلم يسأل الراهب كلما مر به فلم يزل به حتى‬
‫أخآبره فقال إنأما أعبد ال قال فجعل الغلم يمكث عنأد‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬كان هذا ليلة السراء‪ ،‬وهي من خآصائص الرسول صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ 2‬وفي رواية‪ :‬ساحر‪.‬‬
‫‪ 3‬هذا تعبير دقيق‪ ،‬فكل من آمن بال وبالرسول فهو مسلم‪.‬‬

‫) ‪(1/116‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫الراهب ويبطئ على الكاهن فأرسل الكاهن إلى أهل الغلم أنأه ل يكاد يحضرنأي‪ ،‬فأخآبر الغلم الراهب‬
‫بذلك فقال له الراهب إذا قال لك الكاهن أين كنأت‪ ،‬فقل كنأت عنأد أهلي‪ ،‬فإذا قال لك أهلك‪ :‬أين كنأت؟‬
‫فأخآبرهم أنأك كنأت عنأد الكاهن قال فبينأما الغلم على ذلك إذ مر بجماعة من النأاس كثير قد حبستهم‬
‫دابة فقال بعضهم إن تلك الدابة كانأت أسدا‪ ،‬فأخآذ الغلم حجرا‪ ،‬فقال اللهم إن كان ما يقول الراهب حقا‬
‫فأسألك أن تقتله قال ثم رمى‪ ،‬فقتل الدابة فقال النأاس من قتلها؟ فقالوا‪ :‬الغلم ففزع النأاس وقالوا‪ :‬لقد علم‬
‫هذا الغلم علما لم يعلمه أحد‪ .‬قال فسمع به أعمى‪ ،‬فقال له إن أنأت رددت بصري فلك كذا وكذا‪ ،‬فقال‬
‫له ل أريد منأك هذا‪ ،‬ولكن أرأيت إن رجع إليك بصرك أتؤمن بالذي رده؟ قال نأعم‪ .‬قال فدعا ال فرد عليه‬
‫بصره فآمن العمى‪ ،‬فبلغ الملك أمرهم فبعث إليهم فأتى بهم فقال لقتلن كل واحد منأكم قتلة ل أقتل بها‬
‫صاحبه فأمر بالراهب وبالرجل الذي كان أعمى‪ ،‬فوضع المنأشار على مفرق أحدهما فقتله ثم قتل الخآر‬
‫بقتلة أخآرى‪ ،‬ثم أمر بالغلم فقال انأطلقوا به إلى جبل كذا وكذا‪ ،‬فألقوه من رأسه فانأطلقوا به إلى ذلك‬
‫الجبل فلما انأتهوا إلى ذلك المكان الذي أرادوا أن يلقوه منأه جعلوا يتهافتون من ذلك الجبل ويتردون منأه‬
‫حتى لم يبق منأهم إل الغلم قال ثم رجع فأمر به الملك أن ينأطلقوا به إلى البحر فيلقونأه فيه فانأطلق به‬
‫إلى البحر فغرق ال الذين كانأوا معه وأنأجاه فقال الغلم للملك إنأك ل تقتلنأي حتى تصلبنأي وترمينأي‪،‬‬
‫وتقول إذا رميتنأي‪" :‬باسم ال رب هذا الغلم"‪ .‬قال فأمر به فصلب ثم رماه فقال باسم ال رب هذا الغلم‬
‫فوضع الغلم يده على صدغه حين رمي ثم مات فقال النأاس لقد علم هذا الغلم علما ما علمه أحد‪ ،‬فإنأا‬
‫نأؤمن برب هذا الغلم قال فقيل للملك أجزعت أن خآالفك ثلثة فهذا العالم كلهم قد خآالفوك‪ ،‬قال فخآد‬
‫أخآدودا ‪ ،1‬ثم ألقى فيه الحطب والنأار ثم جمع‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬خآصد‪ :‬شق‪ ،‬والخآدود‪ :‬شق في الرض مستطيل غائص‪ ،‬جمعه‪ :‬أخآاديد‪.‬‬

‫) ‪(1/117‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫النأاس فقال من رجع عن ذنأبه تركنأاه ومن لم يرجع ألقينأاه في هذه النأار فجعل يلقيهم في ذلك الخآدود‪.‬‬
‫ب املكمخآكدومد الصنأامر كذامت املكوكقومد{ٍ حتى بلغ }املكعمزيمز املكحمميمد{ٍ ]البروج‪4 :‬‬
‫صكحا ك‬
‫م‬
‫قال يقول ال سبحانأه – }قكتكل أك م‬
‫‪ .[8-‬قال فأما الغلم فإنأه دفن‪ .‬قال‪ :‬فيذكر أنأه أخآرج في زمن عمر بن الخآطاب ‪ -‬رضي ال عنأه ‪-‬‬
‫وأصبعه على صدغه كما وضعها حين قتل‪ .‬رواه الترمذي عن محمود بن غيلن عن عبد الرزاق عن‬
‫معمر ورواه مسلم عن هداب بن خآالد عن حماد بن سلمة‪ ،‬ثم اتفقا عن ثابت عن ابن أبي ليلى عن‬
‫صهيب غير أن في حديث مسلم أن العمى الذي شفي كان جليسا للملك وأنأه جاءه بعد ما شفي فجلس‬
‫من الملك كما كان يجلس فقال من رد عليك بصرك‪ ،‬قال ربي‪ ،‬قال وهل لك رب غيري؟ فقال ال ربي‬
‫وربك‪ ،‬فأمر بالمنأشار فجعل على رأسه حتى وقع شقاه وأمر بالراهب ففعل به مثل ذلك وزاد مسلم في‬
‫آخآر الحديث‪ .‬قال فأتي بامرأة لتلقى في النأار ومعها صبي يرضع فقال لها الغلم يا أمه ل تجزعي‪،‬‬
‫فإنأك على الحق وذكر ابن قتيبة أن الغلم الرضيع كان من سبعة أشهر ‪.1‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ورواه أحمد أيضاا‪ ،‬وقد ذكر السدي‪ :‬كانأت الخآدود ثلثة‪ :‬خآد بالعراق‪ ،‬وخآد بالشام‪ ،‬وخآد باليمن‪,‬‬
‫رواه ابن أبي حاتم‪.‬‬

‫) ‪(1/118‬‬

‫حديث الحبشة‪:‬‬
‫‪...‬‬
‫حديث الحبشة‪:‬‬
‫وذكر فيه دوسا ذا ثعلبان الذي أتى قيصر‪ .‬ودوس‪ :‬هو ابن تبع الذي قتله أخآوه قاله ابن إسحاق في‬
‫غير رواية ابن هشام‪.‬‬
‫وذكر فيه قيصر وكتابه للنأجاشي‪ .‬وقيصر اسم علم لكل من ولي الروم وتفسيره بلسانأهم البقير الذي بقر‬
‫بطن أمه عنأه ‪ 2‬وكان أول من تسمى به بقيرا‪ ،‬فلما ملك‬
‫ــــ‬
‫‪ 2‬في "المروج"‪ :‬بقر بدل من بقير ثم يفسرها بقوله‪ :‬أي شق عنأه‪ ،‬ويطلق على هذا النأوع من الولدة‬
‫الن القيصرية‪ .‬انأظر‪.1/309 :‬‬

‫) ‪(1/118‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫وعرف به تسمى به كل من ملك بعده‪ .‬قاله المسعودي‪ .‬إوانأما كتب بذلك إلى النأجاشي‪ ،‬لنأه على دينأه‬
‫وكان أقرب إلى اليمن منأه وذكر غير ابن إسحاق أن ذا نأواس أدخآل الحبشة صنأعاء اليمن‪ ،‬حين رأى أن‬
‫ل قبل له بهم بعد أن استنأفر جميع المقاول ليكونأوا معه يدا واحدة عليهم فأبوا إل أن يحمى كل واحد‬
‫منأهم حوزته على حدته فخآرج إليهم ومعه مفاتيح خآزائنأه وأمواله على أن يسالموه ومن معه ول يقتلوا أحدا‬
‫فكتبوا إلى النأجاشي بذلك فأمرهم أن يقبلوا ذلك منأهم فدخآلوا صنأعاء ودفع إليهم المفاتيح وأمرهم أن‬
‫يقبضوا ما في بلده من خآزائن أمواله ثم كتب هو إلى كل موضع من أرضه أن اقتلوا كل ثور أسود فقتل‬
‫أكثر الحبشة‪ ،‬فلما بلغ ذلك النأجاشي وجه جيشا إلى أبرهة وعليهم أرياط وأمره أن يقتل ذا نأواس ويخآرب‬
‫ثلث بلده ويقتل ثلث الرجال ويسبي ثلث النأساء والذرية ففعل ذلك أبرهة‪ .‬وأبرهة بالحبشة هو البيض‬
‫الوجه وفي هذا قوة لقول من قال إن أبرهة هذا هو أبرهة بن الصباح الحميري وليس بأبي يكسوم‬
‫الحبشي إوان الحبشة كانأوا قد أمروا أبرهة بن الصباح ‪ 1‬على اليمن‪ ،‬وهذا القول ذكره ابن سلم في‬
‫تفسيره واقتحم ذو نأواس البحر فهلك وقام بأمره من بعده ذو جدن‪ ،‬واسمه علس بن الحارث أخآو سبيع بن‬
‫الحارث‪ ،‬والجدن حسن الصوت يقال إنأه أول من أظهر الغنأاء باليمن فسمي به وجدن أيضا‪ :‬مفازة‬
‫باليمن زعم البكري أن ذا جدن إليها ينأسب فحارب الحبشة بعد ذي نأواس فكسروا جنأده وغلبوه على أمره‬
‫ففر إلى البحر كما فعل ذو نأواس‪ ،‬فهلك فيه وذكروا سبب منأازعة أبرهة لرياط وأن ذلك إنأما كان لن‬
‫أبرهة بلغ النأجاشي أنأه استبد بنأفسه ولم يرسل إليه من جباية اليمن شيئا‪ ،‬فوجه أرياطا إلى خآلعه فعنأد‬
‫ذلك دعاه أبرهة إلى المبارزة ‪ -‬كما ذكر ابن إسحاق ‪ -‬وذكر الطبري أن عتودة الغلم الذي قتل أرياطا‪.‬‬
‫والعتودة الشدة وقد‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬أبرهة بن الصباح بن لهيعة بن شيبة بن مدثر‪ ،‬والكثرون على أنأه أبو يكسوم الحبشي‪.‬‬

‫) ‪(1/119‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫قيل في اسمه أريجدة ‪ .1‬قال له أبرهة احتكم علي قال أحتكم أن ل تزف امرأة إلى بعلها‪ ،‬حتى أكون أنأا‬
‫الذي أبدأ بها قبله ففعل ذلك أبرهة وغبر العبد زمانأا يفعل ذلك فلما اشتد الغيظ بأهل اليمن‪ ،‬قتلوا عتودة‬
‫غيلة فقال لهم الملك قد أنأى لكم يأهل اليمن أن تفعلوا فعل الحرار وأن تغضبوا لحرمكم ولو علمت أن‬
‫هذا العبد يسألنأي هذا الذي سأل ما حكمته‪ ،‬ولكن وال ل يؤخآذ منأكم فيه دية ول تطلبون بذخآل ‪ 2‬وحيثما‬
‫وقع اسم أرياط في رواية يونأس لم يسمه بهذا السم إنأما سماه روزنأة أو نأحو هذا‪.‬‬
‫وذكر الطبري أن سيف بن ذي يزن لما فعل ذو نأواس بالحبشة ما فعل ثم ظفروا به بعث عظيمهم ‪ 3‬إلى‬
‫أبي مرة سيف بن ذي يزن‪ ،‬فانأتزع منأه ريحانأة بنأت علقمة بن مالك وكانأت قد ولدت له معدي كرب‪.‬‬
‫فملكها أبرهة‪ .‬وأولدها مسروق بن أبرهة وعنأد ذلك توجه سيف إلى كسرى أنأوشروان يطلب منأه الغوث‬
‫على الحبشة‪ ،‬فوعده بذلك وأقام عنأده سنأين ثم مات وخآلفه ابنأه معدي كرب في طلب الثأر فأدخآل على‬
‫كسرى‪ ،‬فقال له من أنأت؟ فقال رجل يطلب إرث أبيه وهو وعد الملك الذي وعد به فسأل عنأه كسرى‪:‬‬
‫أهو من بيت مملكة أم ل؟ فأخآبر أنأه من بيت ملك فوجه معه وهرز الفارس في سبعة آلف وخآمسمائة‬
‫من الفرس‪ ،‬وقال ابن إسحاق‪ :‬في ثمانأمائة غرق منأهم مائتان وسلم ستمائة والقول الول قول ابن قتيبة‬
‫وهو أشبه بالصواب إذ يبعد مقاومة الحبشة بستمائة إوان كان قد جمع إليهم من العرب ‪ -‬كما ذكر ابن‬
‫إسحاق ‪ -‬ما جمع‪ .‬ثم إن معد يكرب بن سيف لما قتل الحبشة وملك هو ووهرز اليمن أقام في ذلك نأحو‬
‫أربع سنأين‪ .‬ثم قتلته عبيد‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "الطبري"‪ :‬أرنأجدة‪.‬‬
‫‪ 2‬الحقد والثأر‪ ،‬وبسكون الحاء فيجمع على ذحول‪ ،‬وبفتحها فيجمع على أذحال‪.‬‬
‫‪ 3‬في "الطبري"‪ :‬واسم العظيم‪ :‬أبرهة فهو الذي انأتزع امرأة سيف بن ذي يزن الذي كان يكنأى بأبي مرة‪.‬‬
‫انأظر‪.2/136 :‬‬

‫) ‪(1/120‬‬

‫الخآدود لغة‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬الخآدود ‪ :‬الحفر المستطيل في الرض كالخآنأدق والجدول ونأحوه وجمعه أخآاديد‪ .‬قال ذو‬
‫الرمة ‪ -‬واسمه غيلن بن عقبة أحد بنأي عدي بن عبد منأاف بن أد بن طابخآة بن إلياس بن مضر‪.‬‬
‫من العراقية اللتي يحيل لها ‪ ...‬بين الغلة وبين النأخآل أخآدود‬
‫يعنأي‪ :‬جدول‪ .‬وهذا البيت في قصيدة له‪ .‬قال ويقال لثر السيف والسكين في الجلد وأثر السوط ونأحوه‬
‫أخآدود وجمعه أخآاديد‪.‬‬
‫مقتل ابن الثامر‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬ويقال كان فيمن قتل ذو نأواس‪ ،‬عبد ال بن الثامر رأسهم إوامامهم‪.‬‬
‫مايروى عن ابن الثامر في قبره‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬حدثنأي عبد ال بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنأه حدث‪:‬‬
‫"أن رجل من أهل نأجران كان في زمان عمر بن الخآطاب ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ -‬حفر خآربة من خآرب‬
‫نأجران لبعض حاجته فوجدوا عبد ال بن الثامر تحت دفن منأها قاعدا‪،‬‬
‫ــــ‬
‫له كان قد اتخآذهم من أولئك الحبشة‪ ،‬خآرج بهم إلى الصيد فزرقوه ‪ 1‬بحرابهم ثم هربوا فأتبعوا فقتلوا‪.‬‬
‫وتفرق أمر اليمن بعده إلى مخآالف عليها مقاول كملوك الطوائف ل يدين بعضهم لبعض إل ما كان من‬
‫صنأعاء‪ ،‬وكون البنأاء فيها‪ ،‬حتى جاء السلم‪.‬‬
‫فصل‪:‬‬
‫واستشهد ابن هشام في هذا الخآبر على الخآدود ببيت ذي الرمة وهو‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬أي طعنأوه‪.‬‬

‫) ‪(1/121‬‬
‫واضعا يده على ضربة في رأسه ممسكا عليها بيده فإذا أخآرت يده عنأها تنأبعث دما‪ ،‬إواذا أرسلت يده ردها‬
‫عليها‪ ،‬فأمسكت دمها‪ ،‬وفي يده خآاتم مكتوب فيه "ربي ال" فكتب فيه إلى عمر بن الخآطاب يخآبر بأمره‬
‫فكتب إليهم عمر رضي ال عنأه أن أقروه على حاله وردوا عليه الدفن الذي كان عليه ففعلوا"‪.1‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ومن ذلك ما يروى من أن حمزة بن عبد المطلب رضي ال عنأه وجده حين حفر العين صحيح ا لم‬
‫يتغير‪ ،‬وأن الفأس أصابت أصبعه فدميت‪.‬‬

‫) ‪(1/122‬‬

‫أمر دوس ذي ثعلبان وابتداء ملك الحبشة وذكر أرياط المستولي على اليمن‬
‫‪...‬‬
‫أمر دوس ذي ثعلبان وابتداء ملك الحبشة وذكر أرياط المستولي على اليمن‬
‫قرار دوس واستنأصاره بقيصر‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وأفلت منأهم رجل من سبأ‪ ،‬يقال له دوس ذو ثعلبان على فرس له فسلك الرمل فأعجزهم‬
‫فمضى على وجهه ذلك حتى أتى قيصر ملك الروم‪ ،‬فاستنأصره على ذي نأواس وجنأوده وأخآبره بما بلغ‬
‫منأهم فقال له بعدت بلدك منأا‪ ،‬ولكن سأكتب لك إلى ملك الحبشة فإنأه على هذا الدين وهو أقرب إلى‬
‫بلدك‪ ،‬وكتب إليه يأمره بنأصره والطلب بثأره‪.‬‬
‫ــــ‬
‫غيلن بن عقبة بن بهيش بضم الباء والشين وسمي ذا الرمة ببيت قاله في الوتد‪:‬‬
‫أشعث باقي رمة التقليد ‪.2‬‬
‫وقيل إن مية سمته بذلك وكان قد قال لها‪ :‬اصلحي لي هذا الدلو فقالت له إنأي خآرقاء فولى وهي على‬
‫عنأقه برمتها‪ ،‬فنأادته يا ذا الرمة إن كنأت خآرقاء فإن لي أمة صنأاعا ; فلذلك سماها بخآرقاء ‪ 3‬كما سمته‬
‫بذي الرمة‪.‬‬
‫فصل‪:‬‬
‫وقوله فخآاض ضحضاح البحر إلى غمره‪ .‬الضحضاح من الماء الذي‬
‫ــــ‬
‫‪ 2‬الرمة‪ :‬بضم الراء وتشديد الميم وفتحها وقد تكسر الراء‪ :‬قطعة من الحبل بالية‪.‬‬
‫‪ 3‬في "القاموس"‪ :‬خآرقاء‪ :‬امرأة سوداء كانأت تقم مسجد رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ ،‬والخآرقاء‪:‬‬
‫الحمقاء‪ .‬والصنأاع‪ :‬الحاذقة الماهرة‪.‬‬

‫) ‪(1/122‬‬

‫انأتصار أرياط وهزيمة ذي نأواس وموته‪:‬‬


‫فقدم دوس على النأجاشي بكتاب قيصر فبعث معه سبعين ألفا من الحبشة‪ ،‬وأمر عليهم رجل منأهم يقال‬
‫له أرياط ‪ -‬ومعه في جنأده أبرهة الشرم ‪ -‬فركب أرياط البحر حتى نأزل بساحل اليمن‪ ،‬ومعه دوس ذو‬
‫ثعلبان وسار إليه ذو نأواس في حمير‪ ،‬ومن أطاعه من قبائل اليمن‪ ،‬فلما التقوا انأهزم ذو نأواس وأصحابه‬
‫فلما رأى ذو نأواس ما نأزل به وبقومه وجه فرسه في البحر ثم ضربه فدخآل به فخآاض به ضحضاح ‪1‬‬
‫البحر حتى أفضى به إلى غمره فأدخآله فيه وكان آخآر العهد به‪ .‬ودخآل أرياط اليمن‪ ،‬فملكها‪.‬‬
‫شعر في دوس وما كان منأه‪:‬‬
‫فقال رجل من أهل اليمن ‪ -‬وهو يذكر ما ساق إليهم دوس من أمر الحبشة‪:‬‬
‫ل كدوس ول كأعلق رحله‬
‫فهي مثل باليمن إلى هذا اليوم‪ .‬وقال ذو جدن الحميري‪:‬‬
‫هونأك ليس يرد الدمع ما فاتا ‪ ...‬ل تهلكي أسفا في إثر من ماتا‬
‫أبعد بينأون ل عين ول أثر ‪ ...‬وبعد سلحين يبنأي النأاس أبياتا‬
‫بينأون وسلحين وغمدان‪ :‬من حصون اليمن التي هدمها أرياط‪ ،‬ولم يكن في النأاس مثلها‪.‬‬
‫وقال ذو جدن أيضا‪:‬‬
‫يظهر معه القعر وكان أصله من الضح وهو حر الشمس كأن الشمس تداخآله لقلته فقلبت فيه إحدى‬
‫الحاءين ضادا‪ ،‬كما قالوا في ثرة ثرثارة وفي تملل تململ ‪ 2‬وهو قول الكوفيين من النأحويين ولست أعرف‬
‫أصل يدفعه ول دليل يرده ويقال له‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الضحضاح من الماء‪ :‬الذي يظهر منأه القعر‪.‬‬
‫‪ 2‬ثر السائل ث ار وثرو ارا‪ :‬غزر وكثر‪ ،‬وثر الرجل‪ :‬كثر كلمه وتشدق‪.‬‬

‫) ‪(1/123‬‬
‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫أيضا‪ :‬الرقراق والضهل ‪ 1‬وقد يستعار في غير الماء كقول النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬في عمه‬
‫أبي طالب حين سئل عنأه فقال "هو في ضحضاح من النأار ولول مكانأي لكان في الطمطام "وفي‬
‫البخآاري‪ :‬وجدته في غمرة من النأار فأخآرجته إلى الضحضاح والغمر هو الطمطام‪ ،‬وأما قول ذي جدن‪:‬‬
‫هونأك لسن يرد الدمع ما فاتا‬
‫وهكذا روي هذا القسيم نأاقصا قاله البرقي‪ ،‬وقد روي عن ابن إسحاق من غير رواية ابن هشام‪ :‬هونأكما‬
‫لسن يرد‪ .‬قال وهو من باب قول العرب للواحد افعل‪ ،‬وهو كثير في القرآن والكلم‪.‬‬
‫وفيه‪:‬‬
‫أبعد بينأون ل عين ول أثر ‪ ...‬وبعد سلحين يبنأي النأاس أبياتا‬
‫فبينأون وسلحين مدينأتان خآربهما أرياط كما ذكر‪ .‬قال البكري في كتاب "معجم ما استعجم "‪ :‬سميت‬
‫بينأون لنأها كانأت بين عمان والبحرين‪ ،‬فهي إذا على قوله فعلون من البين والياء أصلية وقياس‬
‫النأحويين يمنأع من هذا‪ ،‬لن العراب إذا كان في النأون لزمت السم الياء في جميع أحواله كقنأسرين ‪2‬‬
‫وفلسطين أل ترى كيف قال في آخآر البيت وبعد سلحين‪ ،‬فكذلك كان القياس أن يقول على هذا‪ :‬أبعد‬
‫بينأين وعلى مذهب من جعله من العرب بالواو في الرفع وبالياء في الخآفض والنأصب‪ .‬يقول أيضا‪ :‬أبعد‬
‫بينأين وليس للعرب فيه مذهب ثالث فثبت أنأه ليس من البين إنأما هو فيعول والواو زائدة من أبن بالمكان‬
‫وبن إذا أقام فيه لكنأه ل‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الضهل أو الضحل‪ :‬الماء القليل واللبن المجتمع‪ ،‬والضحضاح‪ :‬الماء اليسير‪ ،‬والطمطام‪ :‬وسط‬
‫البحر‪.‬‬
‫‪ 2‬قنأسرين‪ :‬مدينأة بينأها وبين حلب مرحلة‪ ،‬وحين غلب الروم سنأة‪351/‬هـ خآاف أهل قنأسرين‪ ،‬وجلوا‬
‫عنأها‪ ،‬فلم يبق سوى خآان تنأزله القوافل‪.‬‬

‫) ‪(1/124‬‬

‫‪...........................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫ينأصرف للتعريف والتأنأيث غير أن أبا سعيد السيرافي ذكر وجها ثالثا للعرب في تسمية السم بالجمع‬
‫المسلم فأجاز أن يكون العراب في النأون وتثبت الواو وقال في زيتون إنأه فعلون من الزيت وأجاز أبو‬
‫الفتح بن جنأي أن يكون الزيتون فيعول من الزيت ولكن من قولهم زتن المكان إذا أنأبت الزيتون فإن‬
‫صحت هذه الحكاية عن العرب‪ ،‬إوال فالظاهر أنأه من الزيت وأنأه فعلون وقد كثر هذا في كلم النأاس‬
‫غير أنأه ليس في كلم العرب القدماء ففي المعروفين من أسماء النأاس سحنأون وعبدون قال الشاعر ‪-‬‬
‫وهو ابن المعتز‬
‫سقى الجزيرة ذات الظل والشجر ‪ ...‬ودير عبدون هطال من المطر‬
‫ودير عبدون معروف بالشام وكذلك دير فينأون غير أن فينأون يحتمل أن يكون فيعول‪ ،‬فل يكون من هذا‬
‫الباب كما قلنأا في بينأون‪ ،‬وهو الظهر‪.‬‬
‫وأما حلزون ‪ -‬وهو دود يكون بالعشب وأكثر ما يكون في الرمث ‪ -‬فليس من باب فلسطين وقنأسرين‬
‫ولكن النأون فيه أصلية كزرجون ‪ 1‬ولذلك أدخآله أبو عبيد في باب فعلون وكذلك فعل صاحب كتاب‬
‫العين أدخآله في باب الرباعي فدل على أن النأون عنأده فيه أصلية وأنأه فعلول بلمين‪.‬‬
‫وقول ذي جدن وبعد سلحين يقطع على أن بينأون‪ :‬فيعول على كل حال لن الذي ذكره السيرافي من‬
‫المذهب الثالث إن صح فإنأما هي لغة أخآرى غير لغة ذي جدن ‪ 2‬الحميري‪ ،‬إذ لو كان من لغته لقال‬
‫سلحون وأعرب النأون مع بقاء الواو فلما لم يفعل علمنأا أن المعتقد عنأدهم في بينأون‪ :‬زيادة الياء وأن‬
‫النأونأين‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الرمث‪ :‬مرعى للبل من الحمض‪ ،‬والزرجون‪ :‬الخآمر‪.‬‬
‫‪ 2‬لقب بهذا لحسن صوته‪ ،‬والجدن‪ :‬الصوت بلغتهم‪ ،‬ويقال‪ :‬إنأه أول من تغنأى باليمن‪ ،‬واسم سيفه‪ :‬ذو‬
‫الكف‪.‬‬

‫) ‪(1/125‬‬

‫دعينأي ‪ -‬ل أبا لك ‪ -‬لن تطيقي ‪ ...‬لحاك ال قد أنأزفت ريقي‬


‫لدى عزف القيان إذ انأتشينأا ‪ ...‬إواذ نأسقى من الخآمرالرحيق‬
‫وشرب الخآمر ليس علي عا ار ‪ ...‬إذا لم يشكنأي فيها رفيقي‬
‫فإن الموت ل ينأهاه نأاه ‪ ...‬ولو شرب الشفاء مع النأشوق‬
‫ــــ‬
‫أصليتان كما تقدم‪.‬‬
‫وقوله‪:‬‬
‫دعينأي ‪ -‬ل أبا لك ‪ -‬لن تطيقي‬
‫أي لن تطيقي صرفي بالعذل عن شأنأي‪ ،‬وحذف النأون من تطيقين للنأصب أو للجزم على لغة من جزم‬
‫بلن إن كان ذلك من لغته والياء التي بعد القاف اسم مضمر في قول سيبويه‪ ،‬وحرف علمة تأنأيث في‬
‫قول الخآفش وللحجة لهما‪ ،‬وعليهما موضع غير هذا‪ .‬وقوله‪:‬‬
‫قد أنأزفت ريقي‪.‬‬
‫أي‪ :‬أكثرت علي من العذل حتى أيبست ريقي في فمي‪ ،‬وقلة الريق من الحصر‪ ،‬وكثرته من قوة النأفس‬
‫وثبات الجأش قال الراجز‪:‬‬
‫إنأي إذا زببت الشداق‬
‫وكثر اللجاج واللقلق‬
‫ثبت الجنأان مرجم وداق‬
‫زببت الشداق‪ :‬من الزبيبتين‪ ،‬وهو ما ينأعقد من الريق في جانأبي الفم عنأد كثرة الكلم وقوله وداق أي‬
‫يسيل كالودق‪ .‬يريد سيلن الريق وكثرة القول كما قال أبو المخآش في ابنأه كان أشدق خآرطمانأيا ‪ 1‬إذا‬
‫تكلم سال لعابه‪ .‬وقوله‪:‬‬
‫ولو شرب الشفاء مع النأشوق‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬أشدق‪ :‬بليغ‪ ،‬والخآرطمانأي‪ :‬الكبير النأف‪.‬‬

‫) ‪(1/126‬‬

‫ول مترهب في أسطوان ‪ ...‬ينأاطح جدره بيض النأوق‬


‫وغمدان الذي حدثت عنأه ‪ ...‬بنأوه مسمكا في رأس نأيق‬
‫بمنأهمة وأسفله جرون ‪ ...‬وحر الموحل اللثق الزليق‬
‫مصابيح السليط تلوح فيه ‪ ...‬إذا يمسي كتوماض البروق‬
‫ونأخآلته التي غرست إليه ‪ ...‬يكاد البسر يهصر بالعذوق‬
‫فأصبح بعد جدته رمادا ‪ ...‬وغير حسنأه لهب الحريق‬
‫وأسلم ذو نأواس مستكينأا ‪ ...‬وحذر قومه ضنأك المضيق‬
‫__________‬
‫أي‪ :‬لو شرب كل دواء يستشفى به وتنأشق كل نأشوق يجعل في النأف للتداوي به ما نأهى ذلك الموت‬
‫عنأه‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ول مترهب يجوز أن يكون رفعه عطفا على نأاه أي ل يرد الموت نأاه ول مترهب‪ .‬أي دعاء‬
‫مترهب يدعو لك‪ ،‬ويجوز أن يكون مترهب رفعا على معنأى‪ :‬ول ينأجو منأه مترهب‪ .‬كما قال‪:‬‬
‫تال يبقى على اليام ذو جيد ‪.1‬‬
‫البيت‪ .‬والسطوان‪ :‬أفعوال‪ .‬النأون أصلية‪ ،‬لن جمعه أساطين وليس في الكلم أفاعين‪ .‬وقوله‪:‬‬
‫ينأاطح جدره بيض النأوق‬
‫جدره‪ :‬جمع جدار وهو مخآفف من جدور وفي التنأزيل }أكمو مممن كوكارمء كجكدةر{ٍ ]الحشر‪ [14 :‬تقيد بضم الجيم‬
‫والجدر أيضا بفتح الجيم الحائط‪ ،‬ولكن الرواية في "الكتاب" هكذا كما ذكرنأا‪ .‬والنأوق النأثى من الرخآم‬
‫‪ !2‬يقال في المثل أعز من بيض النأوق إذا أراد ما ل يوجد لنأها تبيض حيث ل يدرك بيضها‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬بقيته‪ :‬بمشمحر به الظيان والس‪ .‬والبيت لمالك بن خآالد الخآنأاعي‪.‬‬
‫‪ 2‬الرخآم‪ :‬طائر غزير الريش‪ ،‬أبيض اللون‪ ،‬مبقع بسواد‪،‬له منأقار طويل قليل التقوس‪.‬‬

‫) ‪(1/127‬‬

‫‪.......................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫من شواهق الجبال‪ .‬هذا قول المبرد في الكامل ول يوافق عليه فقد قال الخآليل النأوق الذكر من الرخآم‬
‫وهذا أشبه بالمعنأى‪ ،‬لن الذكر ل يبيض‪ ،‬فمن أراد بيض النأوق فقد أراد المحال كمن أراد البلق العقوق‬
‫وقد قال القالي في المالي‪ :‬النأوق يقع على الذكر والنأثى من الرخآم‪.‬‬
‫وقوله‪:‬‬
‫وغمدان الذي حدثت عنأه‪ :‬هو الحصن الذي كان لهوذة بن علي ملك اليمامة‪ ،‬وسيأتي طرف من ذكره‪.‬‬
‫ومسمكا‪ :‬مرفعا من قوله سمك السماء والنأيق أعلى الجبل‪ .‬وقوله بمنأهمة هو موضع الرهبان‪ .‬والراهب‬
‫يقال له النأهامي ويقال للنأجار أيضا‪ :‬نأهامي‪ ،‬فتكون المنأهمة أيضا على هذا موضع نأجر ‪.1‬‬
‫وقوله وأسفله جرون‪ .‬جمع جرن وهو النأقير من جرن الثوب إذا لن ]وانأسحق[‪ .‬ورواية أبي الوليد‬
‫الوقشي جروب بالباء‪ .‬وكذلك ذكره الطبري بالباء أيضا‪ .‬وفي "حاشية كتاب الوقشي" الجروب حجارة‬
‫سود‪ .‬كذا نأقل أبو بحر عنأه في نأسخآة كتابه فإن صح هذا في اللغة إوال فالجروب جمع جريب على‬
‫حذف الياء من جريب فقد يجمع السم على حذف الزوائد كما جمعوا صاحبا على أصحاب‪ .‬وقالوا‪:‬‬
‫طوي وأطواء وغير ذلك‪ .‬والجريب والجربة المزرعة ‪.2‬‬
‫وقوله وحر الموحل بفتح الحاء وهو القياس لنأه من وحل يوحل‪ .‬ولو كان الفعل منأه وحل على مثل وعد‬
‫لكان القياس في الموحل الكسر ل غير وقد ذكر القتبي فيه اللغتين الكسر والفتح والصل ما قدمنأاه‪.‬‬
‫وقوله وحر بضم الحاء وهو خآالص كل شيء وفي "كتاب أبي بحر" عن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "القاموس" الجرن بالضم‪ :‬حجر منأقور يتوضأ منأه‪.‬‬
‫‪ 2‬الجريب‪ :‬مكيال قدر أربعة أقفز‪ ،‬جمعه‪ :‬أجربة وجربان ومعنأاه‪ :‬الوادي‪ ،‬والطوى‪ :‬البئر‪.‬‬
‫) ‪(1/128‬‬

‫وقال ابن الذئبة الثقفي في ذلك ‪ -‬قال ابن هشام‪ :‬الذئبة أمه واسمه ربيعة بن عبد ياليل بن سالم بن‬
‫مالك بن حطيط بن جشم بن قسي‪:‬‬
‫لعمرك ما للفتى من مفر ‪ ...‬مع الموت يلحقه والكبر‬
‫ــــ‬
‫اللقشي‪ :‬وحر الموحل بفتح الحاء والجيم من الموجل مفتوحة وفسر الموجل فقال حجارة ملس لينأة‬
‫والذي أذهب إليه أن الموجل ههنأا واحد المواجل وهي منأاهل الماء وفتحت الجيم لن الصل مأجل ‪1‬‬
‫كذلك قال أبو عبيد‪ :‬هي المآجل وواحدها‪ :‬مأجل‪ .‬وفي آثار المدونأة سئل مالك ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬عن‬
‫مواجل برقة يعنأي‪ :‬المنأاهل فلو كانأت الواو في الكلمة أصل لقيل في الواحد موجل مثل موضع إل أن‬
‫يراد به معنأى الوجل فيكون الماضي من الفعل مكسور الجيم والمستقبل مفتوحا‪ ،‬فيفتح الموجل حينأئذ ول‬
‫معنأى له في هذا الموضع‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬اللثق الزليق‪ .‬اللثق من اللثق وهو أن يخآلط الماء بالتراب فيكثر منأه الزلق قال بعض الفصحاء‬
‫غاب الشفق وطال الرق وكثر اللثق فلينأطق من نأطق‪ .‬وفي حاشية كتاب أبي بحر اللبق بالباء‬
‫المنأقوطة بواحدة وذكر أنأه هكذا وجد في أصل ابن هشام‪ ،‬ول معنأى للبق ههنأا‪ ،‬وأظنأه تصحيفا من‬
‫الراوي ‪ -‬وال أعلم‪.‬‬
‫وقوله في الشعر‪:‬‬
‫يكاد البسر يهصر بالعذوق‪.‬‬
‫أي تميل بها‪ ،‬وهو جمع عذق بكسر العين وهي الكباسة أو جمع عذق بفتح العين وهي النأخآلة وهو أبلغ‬
‫في وصفها باليقار أن يكون جمع عذق بالفتح‪ .‬وقوله وأسلم ذو نأواس مستكينأا‪ .‬أي خآاضعا ذليل‪ ،‬وفي‬
‫التنأزيل }فككما امستكككانأكوا لمكردبمهمم{ٍ ]المؤمنأون ‪ ،[76‬قال ابن النأباري فيه قولن أحدهما‪ :‬أن يكون من السكون‪،‬‬
‫ويكون الصل استكن على وزن افتعل ومكنأوا الفتحة فصارت ألفا كما‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "القاموس" موجل على مثال موعد‪ :‬حفرة يستنأقع فيها الماء‪.‬‬

‫) ‪(1/129‬‬

‫لعمرك ما للفتى صحرة ‪ ...‬لعمرك ما إن له من وزر‬


‫أبعد قبائل من حمير ‪ ...‬أبيدوا صباحا بذات العبر‬
‫بألف ألوف وحرابة ‪ ...‬كمثل السماء قبيل المطر‬
‫يصم صياحهم المقربات ‪ ...‬وينأفون من قاتلوا بالذفر ‪1‬‬
‫سعالي مثل عديد التر ‪ ...‬اب تيبس منأهم رطاب الشجر‬
‫وقال عمرو بن معدي كرب الزبيدي في شيء كان بينأه وبين قيس بن مكشوح المرادي فبلغه أنأه يتوعده‬
‫فقال يذكر حمير وعزها‪ ،‬وما زال من ملكها عنأها‪:‬‬
‫ــــ‬
‫قال الشاعر‪:‬‬
‫إوانأنأي حيثما يثنأي الهوى بصري ‪ ...‬من حيث ما سلكوا أدنأو فأنأظور‬
‫وقال آخآر يا ليتها جرت على الكلكال‪ .‬أراد الكلكل‪ .‬والقول الخآر أن يكون استفعل من كان يكون مثل‬
‫استقام من قام يقوم‪ .‬قال المؤلف رحمه ال هذا القول الخآير جيد في التصريف مستقيم في القياس لكنأه‬
‫بعيد في المعنأى عن باب الخآضوع والذلة والقول الول قريب في المعنأى‪ ،‬لكنأه بعيد عن قياس التصريف‬
‫إذ ليس في الكلم فعل على وزن افتعال بألف ولكن وجدت لغير ابن النأباري قول ثالثا‪ :‬إنأه استفعل من‬
‫الكين وكين النأسان عجزه ومؤخآره وكأن المستكين قد حنأا ذلك منأه كما يقال صلى‪ ،‬أي حنأا صله‬
‫والصل‪ :‬أسفل الظهر وهذا القول جيد في التصريف قريب المعنأى من الخآضوع‪.‬‬
‫وذكر قول ابن الذئبة‪ ،‬واسمه‪ ،‬وهو‪ :‬ربيعة بن عبد ياليل‪ ،‬وقال فيه‪:‬‬
‫لعمرك ما للفتى صحرة‬
‫وهو المتسع أخآذ من لفظ الصحراء والوزر الملجأ ومنأه اشتق الوزير‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬المقربات‪ :‬الخآيل العتاق التي ل تسرح في المرعى‪ ،‬ولكن تحبس قرب البيوت معدة للعدو‪ .‬والذفر‪:‬‬
‫الرائحة الشديدة‪.‬‬

‫) ‪(1/130‬‬

‫أتوعدنأي كأنأك ذو رعين ‪ ...‬بأفضل عيشة أو ذو نأواس‬


‫وكائن كان قبلك من نأعيم ‪ ...‬وملك ثابت في النأاس راسي‬
‫قديم عهده من عهد عاد ‪ ...‬عظيم قاهر الجبروت قاسي‬
‫فأمسى أهله بادوا‪ ،‬وأمسى ‪ ...‬يحول من أنأاس في أنأاس‬
‫نأسب زبيد‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬زبيد بن سلمة بن مازن بن منأبه بن صعب بن سعد العشيرة بن مذحج‪ ،‬ويقال زبيد بن‬
‫منأبه بن صعب بن سعد العشيرة ويقال زبيد بن صعب‪ .‬ومراد يحابر بن مذحج‪.‬‬
‫سبب قول عمرو بن معدي كرب هذا الشعر‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وحدثنأي أبو عبيدة قال‪:‬‬
‫ــــ‬
‫لن الملك يلجأ إلى رأيه وقد قيل من الوزر لنأه يحمل عن الملك أثقال‪ ،‬والوزر الثقل ول يصح قول من‬
‫قال هو من أزره إذا أعانأه لن فاء الفعل في الوزير واو وفي الزر الذي هو العون همزة‪.‬‬
‫وذات العبر أي‪ :‬ذات الحزن يقال عبر الرجل إذا حزن ويقال لمه العبر ‪ ،1‬كما يقال لمه الثكل‪.‬‬
‫والمقربات الخآيل العتاق التي ل تسرح في المرعى‪ ،‬ولكن تحبس قرب البيوت معدة للعدو‪ .‬وقوله وينأفون‬
‫من قاتلوا بالذفر‪ .‬أي بريحهم وأنأفاسهم ينأفون من قاتلوا‪ ،‬وهذا إفراط في وصفهم بالكثرة قال البرقي‪ :‬أراد‬
‫ينأفون من قاتلوا بذفر آباطهم أي بنأتنأها والذفر بالذال المعجمة تستعمل في قوة الريح الطيبة والخآبيثة‪.‬‬
‫قال المؤلف ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬فإن كان أراد هذا فإنأما قصده لن السودان أنأتن النأاس آباطا وأعراقا‪.‬‬
‫وقوله سعالي شبههم بالسعالي من الجن جمع سعلة ]أو سعلء[‪ .‬ويقال‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬بضم العين وسكون الباء أو بفتحهما‪.‬‬

‫) ‪(1/131‬‬

‫كتب عمر بن الخآطاب ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ -‬إلى سلمان بن ربيعة الباهلي‪ ،‬وباهلة بن يعصر بن سعد‬
‫بن قيس بن عيلن‪ .‬وهو إرمينأية يأمره أن يفضل أصحاب الخآيل العراب على أصحاب الخآيل المقارف‬
‫في العطاء فعرض الخآيل فمر به فرس عمرو بن معدي كرب‪ ،‬فقال له سلمان فرسك هذا مقرف فغضب‬
‫عمرو‪ ،‬وقال هجين عرف هجينأا مثله فوثب إليه قيس فتوعده فقال عمرو هذه البيات‪.‬‬
‫صدق كهانأة سطيح وشق‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬فهذا الذي عنأى سطيح الكاهن بقوله "ليهبطن أرضكم الحبش‪ ،‬فليملكن ما بين أبين إلى‬
‫جرش"‪ .‬والذي عنأى شق الكاهن بقوله‪ ":‬لينأزلن أرضكم‬
‫ــــ‬
‫بل هي الساحرة من الجن‪ ،‬وقوله كمثل السماء أي كمثل السحاب لسوداد السحاب وظلمته قبيل المطر‪.‬‬
‫فصل‪ :‬وقوله عمرو بن معدي كرب‪ ،‬ومعدي كرب بالحميرية وجه الفلح‪ .‬المعدي هو الوجه بلغتهم‬
‫والكرب هو الفلح وقد تقدم أبو كرب فمعنأاه على هذا‪ :‬أبو الفلح‪ .‬قاله ابن هشام في غير هذا الكتاب‪.‬‬
‫وكذلك تقدم كلكي كرب ول أدري ما كلكي‪.‬‬
‫وقوله قيس بن مكشوح المرادي‪ ،‬إنأما هو حليف لمراد واسم مراد يحابر ‪ 1‬بن سعد العشيرة بن مذحج‪،‬‬
‫ونأسبه في بجيلة‪ ،‬ثم في بنأي أحمس وأبوه مكشوح اسمه هبيرة بن هلل ويقال عبد يغوث بن هبيرة بن‬
‫الحارث بن عمرو بن عامر بن علي بن أسلم بن أحمس بن الغوث بن أنأمار‪ ،‬وأنأمار‪ :‬هو والد بجيلة‬
‫وخآثعم‪ ،‬وسمي أبوه مكشوحا‪ ،‬لنأه ضرب بسيف على كشحه ‪ 2‬ويكنأى قيس‪ :‬أبا شداد وهو قاتل السود‬
‫العنأسي الكذاب هو وذادويه وفيروز وكان قيس بطل بئيسا قتل مع علي ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ -‬يوم صفين‬
‫وله في ذلك اليوم مواقف لم يسمع‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "الشتقاق" لبن دريد‪ :‬يحابر جمع‪ :‬يحبورة بفتح أوله وهو ضرب من الطير‪.‬‬
‫‪ 2‬الكشح‪ :‬بفتح الكاف وسكون الشين ما بين الخآاصرة إلى الضلع الخآلف‪.‬‬

‫) ‪(1/132‬‬

‫السودان‪ ،‬فليغلبن على كل طفلة البنأان وليملكن ما بين أبين إلى نأجران"‪.‬‬

‫) ‪(1/133‬‬

‫غلب أبرهة الشرم على أمر اليمن وقتل أرياط‬


‫‪...‬‬
‫غلب أبرهة الشرم على أمر اليمن وقتل أرياط‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فأقام أرياط بأرض اليمن سنأين في سلطانأه ذلك ثم نأازعه في أمر الحبشة باليمن أبرهة‬
‫الحبشي‪ ،‬حتى تفرقت الحبشة عليهما‪ ،‬فانأحاز إلى كل واحد منأهما طائفة منأهم ثم سار أحدهما إلى‬
‫الخآر فلما تقارب النأاس أرسل أبرهة إلى أرياط‪ :‬إنأك ل تصنأع بأن تلقى الحبشة بعضها ببعض‬
‫__________‬
‫بمثلها عن بهمة ‪ 1‬من البهم وكذلك له في حروب الشام مع الروم وقائع ومواقف لم يسمع بمثلها‪ ،‬عن‬
‫أحد بعد خآالد بن الوليد‪.‬‬
‫وعمرو بن معدي كرب ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ -‬يكنأى‪ :‬أبا ثور تضرب المثال بفروسيته وبسالته وفيه يقول‬
‫الشاعر حين مات‬
‫فقل لزبيد بل لمذحج كلها ‪ ...‬رزيتم أبا ثور قريعكم عم ار‬
‫وصمصامته ‪ 2‬المشهورة كانأت من حديدة وجدت عنأد الكعبة مدفونأة في الجاهلية فصنأع منأها ذو الفقار‬
‫‪ 3‬والصمصامة ثم تصيرت إلى خآالد بن سعيد بن العاصي‪ .‬يقال إن عم ار وهبها له ليد كانأت له عليه‬
‫وذلك أن ريحانأة أخآت عمرو التي يقول فيها عمرو‪:‬‬
‫أمن ريحانأة الداعي السميع ‪ ...‬يؤرقنأي وأصحابي هجوع‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬البهمة ‪ :‬الشجاع الذي ل يهتدي من أين يؤتى‪ ،‬والبئيس‪ :‬الشجاع‪.‬‬
‫‪ 2‬وأصل الصمصام‪ :‬السيف ل ينأثنأي ‪ ،‬ثم اشتهر سيف عمرو باسم الصمصامة‪.‬‬
‫‪ 3‬في "القاموس" سيف العاص بن منأبه قتل يوم بدر كاف ارا‪ ،‬فصار إلى النأبي صلى ال عليه وسلم ثم‬
‫صار إلى علي رضي ال عنأه‪.‬‬

‫) ‪(1/133‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫كان أصابها خآالد بن سعيد في سبي سباه فمن عليها‪ ،‬وخآلى سبيلها‪ ،‬فشكر ذلك له عمرو أخآوها‪ ،‬وفي‬
‫آخآر الكتاب من خآبر قيس بن مكشوح وعمرو بن معدي كرب أكثر مما وقع ههنأا‪ ،‬والشعر السينأي الذي‬
‫ذكره ابن إسحاق وأوله أتوعدنأي كأنأك ذو رعين‪ .‬ذكر المسعودي أن عم ار قاله لعمر بن الخآطاب ‪-‬‬
‫رضي ال عنأه ‪ -‬حين أراد ضربه بالدرة في حديث ذكره وفي الشعر زيادة لم تقع في السيرة وهو قوله‪:‬‬
‫فل يغررك ملكك‪ ،‬كل ملك ‪ ...‬يصير لذلة بعد الشماس‬
‫وذكر سلمان بن ربيعة حين هجن فرس عمرو‪ ،‬ونأسبه إلى باهلة بن أعصر وكذلك هو عنأد أهل النأسب‬
‫باهلي‪ ،‬ثم أحد بنأي قتيبة بن معن وباهلة‪ :‬أمهم وهي بنأت صعب بن سعد العشيرة بن مذحج‪ ،‬وأبوهم‬
‫يعصر وهو منأبه بن سعد بن قيس بن عيلن وسمي يعصر لقوله‪:‬‬
‫أعمير إن أباك غير لونأه ‪ ...‬مر الليالي واخآتلف العصر ‪1‬‬
‫فيقال له أعصر ويعصر وكان سلمان بن ربيعة قاضيا لعمر بن الخآطاب ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ -‬على‬
‫الكوفة‪ ،‬ويقال سلمان الخآيل لنأه كان يتولى النأظر فيها‪ ،‬قال أبو وائل‪ :‬اخآتلفت إلى سلمان بن ربيعة‬
‫أربعين صباحا‪ ،‬وهو قاض فما وجدت عنأده أحدا يخآتصم إليه واستشهد سلمان بأرمينأية سنأة تسع‬
‫وعشرين‪.‬‬
‫وذكر خآبر عتودة غلم أبرهة وقد فرغنأا من حديثه فيما مضى‪ ،‬وما زاد فيه الطبري وغيره وأن العتودة‬
‫الشدة في الحرب‪.‬‬
‫وذكر أن أرياطا عل بالحربة أبرهة فأخآطأ يافوخآه‪ .‬واليافوخ وسط الرأس ‪.2‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬هي في "اللسان"‪" :‬أبنأي‪ ،‬وكر الليالي" بدل من‪ :‬أعمير‪ ،‬ومر‪.‬‬
‫‪ 2‬وتقال دون إظهار الهمزة‪.‬‬
‫) ‪(1/134‬‬

‫حتى تفنأيها شيئا‪ ،‬فابرز إلي وأبرز إليك‪ ،‬فأينأا أصاب صاحبه انأصرف إليه جنأده فأرسل إليه أرياط‪:‬‬
‫أنأصفت فخآرج إليه أبرهة ‪ -‬وكان رجل قصي ار لحيما حاد ار ‪ ،1‬وكان ذا دين في النأصرانأية ‪ -‬وخآرج إليه‬
‫أرياط وكان رجل جميل عظيما طويل‪ ،‬وفي يده حربة له وخآلف أبرهة غلم له يقال له عتودة ‪ 2‬يمنأع‬
‫ظهره فرفع أرياط الحربة فضرب أبرهة يريد يافوخآه ‪ 3‬فوقعت الحربة على جبهة أبرهة فشرمت حاجبه‬
‫وأنأفه وعينأه وشفته فبذلك سمي أبرهة الشرم‪ ،‬وحمل عتودة على أرياط من خآلف أبرهة فقتله وانأصرف‬
‫جنأد أرياط إلى أبرهة فاجتمعت عليه الحبشة باليمن وودى ‪ 4‬أبرهة أرياطا‪.‬‬
‫غضب النأجاشي على أبرهة لقتله أرياط ثم رضاؤه عنأه‪:‬‬
‫فلما بلغ النأجاشي غضب غضبا شديدا وقال عدا على أميري‪ ،‬فقتله بغير أمري‪ ،‬ثم حلف ل يدع أبرهة‬
‫حتى يطأ بلده ويجز نأاصيته فحلق أبرهة رأسه ومل جرابا من تراب اليمن‪ ،‬ثم بعث إلى النأجاشي‪ ،‬ثم‬
‫كتب إليه‪:‬‬
‫أيها الملك إنأما كان أرياط عبدك‪ ،‬وأنأا عبدك‪ ،‬فاخآتلفنأا في أمرك‪ ،‬وكل طاعته لك‪ ،‬إل أنأي كنأت أقوى‬
‫على أمر الحبشة‪ ،‬وأضبط لها‪ ،‬وأسوس منأه وقد حلقت رأسي‬
‫ــــ‬
‫ويقال له من الطفل‪ :‬غاذية بالذال فإذا اشتد وصلب سمي يأفوخآا بالهمز على وزن يفعول وجمعه يآفيخ‬
‫قال العجاج‪:‬‬
‫ضرب إذا صاب اليآفيخ حفر‬
‫وقوله‪ :‬شرم أنأفه وشفته أي شقهما‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬اللحيم‪ :‬الكثير لحم الجسد‪ ،‬والحادر‪ :‬السمين الغليظ‪.‬‬
‫‪ 2‬مأخآوذة من الفتودة‪ :‬وهي الشدة في الحرب‪.‬‬
‫‪ 3‬اليافوخ‪ :‬وسط الرأس‪.‬‬
‫‪ 4‬وداه‪ :‬دفع ديته‪.‬‬

‫) ‪(1/135‬‬
‫كله حين بلغنأي قسم الملك وبعثت إليه بجراب تراب من أرضي ; ليضعه تحت قدميه فيبر قسمه في"‪.‬‬
‫فلما انأتهى ذلك إلى النأجاشي رضي عنأه وكتب إليه أن اثبت بأرض اليمن حتى يأتيك أمري‪ ،‬فأقام أبرهة‬
‫باليمن‪.‬‬

‫) ‪(1/136‬‬

‫أمر الفيل‪ ،‬وقصة النأسأة‬


‫‪...‬‬
‫أمر الفيل‪ ،‬وقصة النأسأة‬
‫بنأاء القليس‪:‬‬
‫ثم إن أبرهة بنأى القليس بصنأعاء فبنأى كنأيسة لم ير مثلها في زمانأها بشيء من الرض ثم كتب إلى‬
‫النأجاشي‪ :‬إنأي قد بنأيت لك أيها الملك كنأيسة لم يبن مثلها لملك كان قبلك‪ ،‬ولست بمنأته حتى أصرف‬
‫إليها حج العرب‪ ،‬فلما تحدثت العرب بكتاب أبرهة ذلك إلى النأجاشي‪ ،‬غضب رجل من النأسأة‪ ،‬أحد بنأي‬
‫فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن مالك بن كنأانأة بن خآزيمة بن مدركة بن إلياس بن‬
‫مضر‪.‬‬
‫__________‬
‫خآبر القليس مع الفيل وذكر بنأيان أبرهة للقليس‪:‬‬
‫وهي الكنأيسة التي أراد أن يصرف إليها حج العرب‪ ،‬وسميت هذه الكنأيسة القليس لرتفاع بنأائها وعلوها‪،‬‬
‫ومنأه القلنأس لنأها في أعلى الرءوس ويقال تقلنأس الرجل وتقلس إذا لبس القلنأسوة وقلس طعاما أي‬
‫ارتفع من معدته إلى فيه وكان أبرهة قد استذل أهل اليمن في بنأيان هذه الكنأيسة وجشمهم فيها أنأواعا من‬
‫السخآر وكان ينأقل إليها العدد من الرخآام المجزع والحجارة المنأقوشة بالذهب من قصر بلقيس صاحبة‬
‫سليمان ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬وكان في موضع هذه الكنأيسة على فراسخ وكان فيه بقايا من آثار ملكها‪،‬‬
‫فاستعان بذلك على ما أراده في هذه الكنأيسة من بهجتها وبهائها‪ ،‬ونأصب فيها صلبانأا من الذهب‬
‫والفضة ومنأابر من العاج والبنأس ‪ 1‬وكان أراد أن يرفع في بنأائها حتى يشرف منأها على عدن‪ ،‬وكان‬
‫حكمه‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬يريد خآشب البنأوس الذي ينأبت في الحبشة والهنأد‪ ،‬وخآشبه أسود صلب‪.‬‬

‫) ‪(1/136‬‬
‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫في العامل إذا طلعت عليه الشمس قبل أن يأخآذ في عمله أن يقطع يده فنأام رجل منأهم ذات يوم حتى‬
‫طلعت الشمس فجاءت معه أمه وهي امرأة عجوز فتضرعت إليه تستشفع لبنأها‪ ،‬فأبى إل أن يقطع يده‬
‫فقالت اضرب بمعولك اليوم فاليوم لك‪ ،‬وغدا لغيرك‪ ،‬فقال ويحك ما قلت؟ فقالت نأعم كما صار هذا‬
‫الملك من غيرك إليك‪ ،‬فكذلك يصير منأك إلى غيرك‪ ،‬فأخآذته موعظتها‪ ،‬وأعفى النأاس من العمل فيها‬
‫بعد‪ .‬فلما هلك ومزقت الحبشة كل ممزق وأقفر ما حول هذه الكنأيسة فلم يعمرها أحد‪ ،‬وكثرت حولها‬
‫السباع والحيات وكان كل من أراد أن يأخآذ شيئا منأها أصابته الجن ‪ ،1‬فبقيت من ذلك العهد بما فيها من‬
‫العدد والخآشب المرصع بالذهب واللت المفضضة التي تساوي قنأاطير من المال ل يستطيع أحد أن‬
‫يأخآذ منأها شيئا إلى زمن أبي العباس فذكر له أمرها‪ ،‬وما يتهيب من جنأها وحياتها‪ ،‬فلم يرعه ذلك‪.‬‬
‫وبعث إليها بابن الربيع عامله على اليمن معه أهل الحزم والجلدة ‪ 2‬فخآربها‪ ،‬وحصلوا منأها مال كثي ار‬
‫ببيع ما أمكن بيعه من رخآامها وآلتها‪ ،‬فعفا بعد ذلك رسمها‪ ،‬وانأقطع خآبرها‪ ،‬ودرست آثارها‪ ،‬وكان الذي‬
‫يصيبهم من الجن ينأسبونأه إلى كعيب وامرأته صنأمين كانأت الكنأيسة عليهما‪ ،‬فلما كسر كعيب وامرأته‬
‫أصيب الذي كسره بجذام فافتتن بذلك رعاع اليمن وطغامهم ‪ 3‬وقالوا‪ :‬أصابه كعيب وذكر أبو الوليد‬
‫الزرقي أن كعيبا كان من خآشب طوله ستون ذراعا ‪.4‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬خآرافة قولا واحداا‪.‬‬
‫‪ 2‬القوة مع الصبر على المكروه‪.‬‬
‫‪ 3‬الطغام‪ :‬الوغاد من النأاس واحدة‪ :‬طغامة مثل سحابة‪ ،‬والرعاع بضم الراء وفتحها مفردها‪ :‬رعاعة‪،‬‬
‫وهو من ل قلب له وول عقل‪.‬‬
‫‪ 4‬كيف إذن يصيب هذا الخآشب النأاس بسوء؟‬

‫) ‪(1/137‬‬

‫معنأى النأسأة‪:‬‬
‫النأسأة‪ :‬الذين كانأوا ينأسئون الشهور على العرب في الجاهلية فيحلون الشهر من الشهر الحرم‪،‬‬
‫ويحرمون مكانأه الشهر من أشهر الحل ويؤخآرون ذلك الشهر ففيه أنأزل ال تبارك وتعالى ‪} :‬مإصنأكما‬
‫ضرل بممه الصمذيكن ككفككروا كيمحرلوكنأهك كعام ا كوكيكحدركموكنأهك كعام ا لمكيكوامطئكوا معصدةك كما كحصركم اللصكه{ٍ‬ ‫م‬ ‫م‬
‫الصنأسيكء مزكياكدةة في املككمفمر كي ك‬
‫]التوبة‪.[37 :‬‬
‫المواطأة لغة‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬ليواطئوا‪ :‬ليوافقوا‪ ،‬والمواطأة الموافقة تقول العرب‪ :‬واطأتك على هذا المر أي وافقتك‬
‫عليه واليطاء في الشعر الموافقة وهو اتفاق القافيتين من لفظ واحد وجنأس واحد نأحو قول العجاج ‪-‬‬
‫واسم العجاج عبد ال بن رؤبة أحد بنأي سعد بن زيد منأاة بن تميم بن مر بن أد بن طابخآة بن إلياس بن‬
‫مضر بن نأزار‪:‬‬
‫في أثعبان المنأجنأون المرسل‬
‫ثم قال‪:‬‬
‫مد الخآليج في الخآليج المرسل‬
‫وهذان البيتان في أرجوزة له‪.‬‬
‫تاريخ النأسء عنأد العرب‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكان أول من نأسأ الشهور على العرب‪ ،‬فأحلت منأها ما أحل‬
‫ــــ‬
‫النأسيء والنأسأة‪:‬‬
‫وذكر النأسأة والنأسيء من الشهر‪ .‬فأما النأسأة فأولهم‪ :‬القلمس واسمه حذيفة بن عبد بن فقيم وقيل له‬
‫القلمس لجوده إذ القلمس من أسماء البخآر وأنأشد قاسم بن ثابت‪:‬‬

‫) ‪(1/138‬‬

‫وحرمت منأها ما حرم القلمس وهو حذيفة بن عبد بن فقيم بن عدي بن عامر بن ثعلبة بن الحارث بن‬
‫مالك بن كنأانأة بن خآزيمة‪ ،‬ثم قام بعده على ذلك ابنأه عباد بن حذيفة ثم قام بعد عباد قلع بن عباد ثم قام‬
‫بعد قلع أمية بن قلع ثم قام بعد أمية عوف بن أمية ثم قام بعد عوف أبو ثمامة جنأادة بن عوف‪ .‬وكان‬
‫آخآرهم وعليه قام السلم وكانأت العرب إذا فرغت من حجها اجتمعت إليه فحرم الشهر‬
‫ـ ـ ــ‪.‬‬
‫إلى نأضد من عبد شمس كأنأهم ‪ ...‬هضاب أجا أركانأه لم تقصف ‪1‬‬
‫قلمسة ساسوا المور فأحكمت ‪ ...‬سياستها حتى أقرت لمردف‬
‫وذكر أبو علي القالي في "المالي" أن الذي نأسأ الشهور منأهم نأعيم بن ثعلبة وليس هذا بمعروف ‪ 2‬وأما‬
‫نأسؤهم للشهر فكان على ضربين أحدهما‪ :‬ما ذكر ابن إسحاق من تأخآير شهر المحرم إلى صفر‬
‫لحاجتهم إلى شن الغارات وطلب الثارات والثانأي‪ :‬تأخآيرهم الحج عن وقته تحريا منأهم للسنأة الشمسية‬
‫فكانأوا يؤخآرونأه في كل عام أحد عشر يوما‪ ،‬أو أكثر قليل‪ ،‬حتى يدور الدور إلى ثلث وثلثين سنأة‬
‫فيعود إلى وقته ولذلك قال عليه السلم في حجة الوداع ‪" :‬إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خآلق ال‬
‫السموات والرض" ‪ 3‬وكانأت حجة الوداع في السنأة التي عاد فيها الحج إلى وقته ولم يحج رسول ال ‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ -‬من المدينأة إلى مكة غير تلك الحجة وذلك لخآراج الكفار الحج عن وقته‬
‫ولطوافهم بالبيت عراة ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬إذ كانأت مكة بحكمهم حتى فتحها ال على نأبيه ‪ -‬صلى ال عليه‬
‫ت مللصنأا م‬
‫س كواملكحدج{ٍ‬ ‫ك كعمن املكمهلصمة كقمل مهكي كمكوامقي ك‬
‫وسلم ‪ -‬قال شيخآنأا أبو بكر نأرى أن قول ال سبحانأه }كيمسكألوكنأ ك‬
‫]البقرة‪ .[189 :‬وخآص الحج بالذكر دون غيره من العبادات المؤقتة بالوقات تأكيدا لعتباره بالهلة‬
‫دون حساب العاجم من أجل ما كانأوا أحدثوا في الحج من‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬أجأ‪ :‬أحد جبلي طيء‪ ،‬وفيه قرى كثيرة‪ ،‬والنأضد‪ :‬الشرف والشريف من القوم‪ :‬جماعتهم وعددهم‪.‬‬
‫‪ 2‬انأظر‪" :‬المالي" ‪ .1/4‬ط ‪ .2‬دار الكتب‪.‬‬
‫‪ 3‬أخآرجه البخآاري ومسلم وأحمد وغيرهم‪.‬‬

‫) ‪(1/139‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫العتبار بالشهور العجمية وال أعلم‪.‬‬
‫وذكر ابن هشام قول العجاج‪:‬‬
‫في أثعبان المنأجنأون المرسل ‪ .1‬الثعبان ما ينأدفع من الماء من شعبه‪ .‬والمنأجنأون أداة السانأية والميم‬
‫في المنأجنأون أصلية في قول سيبويه‪ ،‬وكذلك النأون لنأه يقال فيه منأجنأين مثل عرطليل ‪ 2‬وقد ذكر‬
‫سيبويه أيضا في موضع آخآر من كتابه أن النأون زائدة إل أن بعض رواة الكتاب قال فيه منأحنأون بالحاء‬
‫فعلى هذا لم يتنأاقض كلمه ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬وفي أداة السانأية الدولب بضم الدال وفتحها‪ ،‬والشهرق وهو‬
‫الذي يلقى عليه حبل القداس واحدها‪ :‬قدس والعامة تقول قادوس والعصامير عيدان السانأية قاله أبو‬
‫حنأيفة‪ :‬وقال صاحب العين العصمور عود السانأية‪ .‬وقوله مد الخآليج‪ .‬الخآليج‪ :‬الجبل والخآليج أيضا‪:‬‬
‫خآليج الماء‪ .‬وذكر اسم العجاج ولم يكنأه وكنأيته أبو الشعثاء‪ ،‬وسمي العجاج بقوله حتى يعج عنأدها من‬
‫عججا‪.‬‬
‫وقال عمير بن قيس‪ :‬كرام النأاس أن لهم كراما‪ .‬أي آباء كراما‪ ،‬وأخآلقا كراما‪ .‬وقوله وأي النأاس لم نأعلك‬
‫لجاما‪ .‬أي لم نأقدعهم ونأكفهم كما يقدع الفرس باللجام‪ .‬تقول أعلكت الفرس لجامه إذا رددته عن تنأزعه‬
‫فمضغ اللجام كالعلك من نأشاطه فهو مقدوع قال الشاعر‪:‬‬
‫إواذا احتبى قربوسه بعنأانأه ‪ ...‬علك اللجام إلى انأصراف الزائر‬
‫وكان عمير هذا من أطول النأاس وهو مذكور في مقبلي الظعن وسمي جذل الطعان لثباته في الحرب‬
‫كأنأه جذل شجرة واقف وقيل لنأه كان يستشفى برأيه‪،‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬المنأجنأون‪ :‬الدولب يستقى عليه‪ ،‬أو البكرة العظيمة ‪ ,‬والسانأية‪ :‬الدلو العظيمة وأداتها‪.‬‬
‫‪ 2‬العرطليل‪ :‬الضخآم والفاحش‪ ،‬والعرطويل‪ :‬الحسن الشباب والقد‪.‬‬

‫) ‪(1/140‬‬

‫الحرم الربعة رجبا‪ ،‬وذا القعدة وذا الحجة والمحرم‪ .‬فإذا أراد أن يحل شيئا أحل المحرم فأحلوه وحرم‬
‫مكانأه صف ار فحرموه ليواطئوا عدة الربعة الشهر الحرم‪ .‬فإذا أرادوا الصدر قام فيهم فقال "اللهم إنأي قد‬
‫أحللت لك أحد الصفرين الصفر الول ونأسأت الخآر للعام المقبل"‪ .1‬فقال في ذلك عمير بن قيس‬
‫"جذل الطعان" أحد بنأي فراس بن غنأم بن ثعلبة بن مالك بن كنأانأة‪ ،‬يفخآر بالنأسأة على العرب‪:‬‬
‫لقد علمت معد أن قومي ‪ ...‬كرام النأاس أن لهم كراما‬
‫فأي النأاس فاتونأا بوتر ‪ ...‬وأي النأاس لم نأعلك لجاما‬
‫ألسنأا النأاسئين على معد ‪ ...‬شهور الحل نأجعلها حراما‬
‫قال ابن هشام‪ :‬أول الشهر الحرم‪ :‬المحرم‪.‬‬
‫ــــ‬
‫ويستراح إليه كما تستريح البهيمة الجرباء إلى الجذل تحتك به ونأحو منأه قول الحباب ]ابن المنأذر[‪ :‬أنأا‬
‫جذيلها المحكك وعذيقها المرجب وقول العرابي يصف ابنأه إنأه لجذل حكاك ومدره لكاك‪ .‬واللكاك‬
‫الزحام‪.‬‬
‫فصل‪ :‬وذكر جنأادة بن عوف من النأسأة‪ ،‬وعليه قام السلم ولم يذكر هل أسلم أم ل‪ ،‬وقد وجدت له‬
‫خآب ار يدل على إسلمه حضر الحج في زمن عمر فرأى النأاس يزدحمون على الحج فنأادى‪ :‬أيها النأاس‬
‫إنأي قد أجرته منأكم فخآفقه عمر بالدرة وقال ويحك‪ :‬إن ال قد أبطل أمر الجاهلية‪ .‬وذكر البرقي عن ابن‬
‫الكلبي قال فنأسأ قلع بن عباد سبع سنأين ونأسأ بعده أمية بن قلع إحدى وعشرين سنأة ثم نأسأ من بعده‬
‫جنأادة وهو أبو أمامة وهو القلمس أربعين سنأة‪.‬‬
‫الشهر الحرم‪:‬‬
‫وقول ابن هشام‪ :‬أول الشهر الحرم‪ :‬المحرم قول وقد قيل أولها ذو‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬كان النأسيء عنأدهم على ضربين‪ :‬أحدهما ما ذكر ابن إسحاق من تأخآير شهر المحرم إلى صفر=‬

‫) ‪(1/141‬‬
‫إحداث الكنأانأي في القليس‪ ،‬وحملة أبرهة على الكعبة‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فخآرج الكنأانأي حتى أتى القليس فقعد فيها ‪ -‬قال ابن هشام‪:‬‬
‫ــــ‬
‫القعدة‪ ،‬لن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بدأ به حين ذكر الشهر الحرم ‪ ،1‬ومن قال المحرم‬
‫أولها‪ ،‬احتج بأنأه أول السنأة وفقه هذا الخآلف أن من نأذر صيام الشهر الحرم‪ ،‬فيقال له على الول ابدأ‬
‫بالمحرم ثم برجب ثم بذي القعدة وذي الحجة وعلى القول الخآر يقال له ابدأ بذي القعدة حتى يكون آخآر‬
‫صيامك في رجب من العام الثانأي‪.‬‬
‫القعود على المقابر‪:‬‬
‫وقوله خآرج الكنأانأي حتى قعد في القليس أي أحدث فيها‪ ،‬وفيه شاهد لقول مالك‪ ،‬وغيره من الفقهاء في‬
‫تفسير القعود على المقابر المنأهي عنأه وأن ذلك للمذاهب كما قال مالك وال أعلم‪.‬‬
‫أنأساب‪:‬‬
‫وذكر قول نأفيل الخآثعمي وهاتان يداي لك على شهران ونأاهس‪ ،‬وهما قبيل خآثعم‪ ،‬أما خآثعم‪ :‬فاسم جبل‬
‫سمي به بنأو عفرس ‪ 2‬بن خآلف بن أفتل بن أنأمار‪ ،‬لنأهم نأزلوا عنأده وقيل إنأهم تخآثعموا بالدم عنأد حلف‬
‫عقدوه بينأهم أي‪:‬‬
‫ــــ‬
‫= لحاجتهم إلى شن الغارات وطلب الثارات‪ .‬والثانأي تأخآيرهم الحج عن وقته تحري ا منأهم للسنأة‬
‫الشمسية‪.‬‬
‫‪ 1‬راجع حديث‪" :‬إن الزمان استدار"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "الشتقاق" عفرس‪ :‬الخآذ بالقهر والغلبة‪ .‬أما أفتل فمن قولهم بعير أفتل‪ :‬وهو الذي يتباعد منأكباه‬
‫عن زوره‪ .‬وشهران‪ :‬إما من الشهرة إواما من الشهر وهو البياض الذي حول صفرة النأرجس ونأاهس‪ :‬من‬
‫النأهس وهو النأهش‪.‬‬

‫) ‪(1/142‬‬

‫يعنأي أحدث فيها ‪ -‬قال ابن إسحاق‪ :‬ثم خآرج فلحق بأرضه فأخآبر بذلك أبرهة فقال من صنأع هذا؟ فقيل‬
‫له صنأع هذا رجل من العرب من أهل هذا البيت الذي تحج العرب إليه بمكة لما سمع قولك‪" :‬أصرف‬
‫إليها حج العرب" غضب فجاء فقعد فيها‪ ،‬أي أنأها ليست لذلك بأهل‪ .‬فغضب عنأد ذلك أبرهة وحلف‬
‫ليسيرن إلى البيت حتى يهدمه ثم أمر الحبشة فتهيأت وتجهزت ثم سار وخآرج معه بالفيل وسمعت بذلك‬
‫العرب‪ ،‬فأعظموه وفظعوا به و أروا جهاده حقا عليهم حين سمعوا بأنأه يريد هدم الكعبة‪ ،‬بيت ال الحرام‪.‬‬
‫__________‬
‫تلطخآوا‪ ،‬وقيل بل خآثعم ثلث شهران ونأاهس وأكلب غير أن أكلب عنأد أهل النأسب هو ابن ربيعة بن‬
‫نأزار ولكنأهم دخآلوا في خآثعم‪ ،‬وانأتسبوا إليهم فال أعلم‪ .‬قال رجل من خآثعم‪:‬‬
‫ما أكلب منأا‪ ،‬ول نأحن منأهم ‪ ...‬وما خآثعم يوم الفخآار وأكلب‬
‫قبيلة سوء من ربيعة أصلها ‪ ...‬فليس لها عم لدينأا‪ ،‬ول أب‬
‫فأجابه الكلبي فقال‪:‬‬
‫إنأي من القوم الذين نأسبتنأي ‪ ...‬إليهم كريم الجد والعم والب‬
‫فلو كنأت ذا علم بهم ما نأفيتنأي ‪ ...‬إليهم ترى أنأي بذلك أثلب‬
‫فإن ل يكن عماي خآلفا ونأاهسا ‪ ...‬فإنأي امرئ قلبه كيف يركب‬
‫يريد أنأه من ربيعة‪ ،‬وربيعة كان يقال له‪ :‬ربيعة الفرس‪.‬‬
‫وأما ثقيف وما ذكر من اخآتلف النأسابين فيهم فبعضهم ينأسبهم إلى إياد‪ ،‬وبعضهم ينأسبهم إلى قيس‪،‬‬
‫وقد نأسبوا إلى ثمود أيضا‪ .‬وقد روي في ذلك حديث عنأه ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬رواه معمر بن راشد في‬
‫جامعه وكذلك أيضا روي في الجامع أن أبا رغال من ثمود‪ ،‬وأنأه كان بالحرم حين أصاب قومه الصيحة‬
‫فلما خآرج من الحرم أصابه من الهلك ما أصاب قومه فدفن هنأاك ودفن معه غصنأان من ذهب وذكر‬
‫أن‬

‫) ‪(1/143‬‬

‫هزيمة ذي نأفر أمام أبرهة‪:‬‬


‫فخآرج إليه رجل من أشراف أهل اليمن وملوكهم يقال له ذو نأفر‪ ،‬فدعا قومه ومن أجابه من سائر العرب‬
‫إلى حرب أبرهة وجهاده عن بيت ال الحرام‪ ،‬وما يريد‬
‫ــــ‬
‫رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬مر بالقبر‪ ،‬وأمر باستخآراج الغصنأين منأه فاستخآرجا ‪ .1‬وقال جرير‬
‫أو غيره‪:‬‬
‫إذا مات الفرزدق فارجموه ‪ ...‬كرجمكم لقبر أبي رغال‬
‫ووقع في هذه النأسخآة في نأسب ثقيف الول ابن إياد بن معد‪ .‬وفي الحاشية أن القاضي أبا الوليد غيره‬
‫فجعل مكان ابن معد من معد وذلك ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬لن إياد هذا هو ابن نأزار وليس بابن معد لصلبه‬
‫ولمعد ابن اسمه‪ :‬إياد‪ ،‬وهو ابنأه لصلبه‪ ،‬وقد ذكره ابن إسحاق‪ ،‬وقد قدمنأا ذكره مع بنأي معد في أول‬
‫الكتاب وهو عم إياد‪ ،‬والياد في اللغة التراب الذي يضم إلى الخآباء ليقيه من السيل ونأحوه وهو مأخآوذ‬
‫من اليد وهي القوة لن فيه قوة للخآباء وهو بين النأؤي والخآباء والنأؤي يشتق من النأائي‪ ،‬لنأه حفير ينأأى‬
‫به المطر أي يبعد عن الخآباء‪.‬‬
‫وأنأشد لمية بن أبي الصلت واسم أبي الصلت ربيعة بن وهب في قول الزبير‪:‬‬
‫قومي إياد لو أنأهم أمم ‪ ...‬أولو أقاموا‪ ،‬فتهزل النأعم‬
‫يريد‪ :‬أي‪ :‬لو أقاموا بالحجاز إوان هزلت نأعمهم لنأهم انأتقلوا عنأها‪ ،‬لنأها ضاقت عن مسارحهم فصاروا‬
‫إلى ريف العراق; ولذلك قال والقط والقلم والقط‪ :‬ما قط من الكاغد والرق ‪ 2‬ونأحوه وذلك أن الكتابة كانأت‬
‫في تلك البلد التي ساروا إليها‪ ،‬وقد قيل لقريش ممن تعلمتم القط؟ فقالوا‪ :‬تعلمنأاه من أهل الحيرة‪،‬‬
‫وتعلمه أهل الحيرة من أهل النأبار ونأصب قوله فتهزل النأعم بالفاء على‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬هذا ليس من كلم النأبي‪ ،‬إوانأما هو من الخآرافات‪.‬‬
‫‪ 2‬الكاغد‪ :‬القرطاس‪ ،‬معرب‪ ،‬والرق بكسر الراء وفتحها‪ :‬جلد رقيق يكتب فيه‪ .‬ما قك ص‬
‫ط‪ :‬أي ما قطع‪.‬‬

‫) ‪(1/144‬‬

‫من هدمه إواخآرابه فأجابه إلى ذلك من أجابه ثم عرض له فقاتله فهزم ذو نأفر وأصحابه وأخآذ له ذو نأفر‪،‬‬
‫فأتي به أسيرا‪ ،‬فلما أراد قتله قال له ذو نأفر‪ :‬أيها الملك ل تقتلنأي فإنأه عسى أن يكون بقائي معك خآي ار‬
‫لك من قتلي‪ ،‬فتركه من القتل وحبسه عنأده في وثاق وكان أبرهة رجل حليما‪.‬‬
‫ما وقع بين نأفيل وأبرهة‪:‬‬
‫ثم مضى أبرهة على وجهه ذلك يريد ما خآرج له حتى إذا كان بأرض خآثعم عرض له نأفيل بن حبيب‬
‫الخآثعمي في قبيلي خآثعم شهران ونأاهس‪ ،‬ومن تبعه من قبائل العرب‪ ،‬فقاتله فهزمه أبرهة وأخآذ له نأفيل‬
‫أسيرا‪ ،‬فأتي به فلما هم بقتله قال له نأفيل أيها الملك ل تقتلنأي فإنأي دليلك بأرض العرب‪ ،‬وهاتان يداي لك‬
‫على قبيلي خآثعم‪ :‬شهران ونأاهس بالسمع والطاعة فخآلى سبيله‪.‬‬
‫ابن معتب وأبرهة‪:‬‬
‫وخآرج به معه يدله حتى إذا مر بالطائف خآرج إليه مسعود بن معتب بن مالك بن كعب بن عمرو بن‬
‫سعد بن عوف بن ثقيف في رجال ثقيف‪.‬‬
‫__________‬
‫جواب التمنأي المضمن في لو نأحو قوله تعالى ‪} :‬كفلكمو أكصن لككنأا ككصرةا فككنأككوكن ممكن املكممؤمممنأيكن{ٍ ]الشعراء‪[102 :‬‬
‫وأما تسمية قسي بثقيف فسيأتي سبب ذلك في غزوة الطائف ‪ -‬إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫المغمس‪:‬‬
‫وقوله فلما نأزل أبرهة المغمس هكذا ألفيته في نأسخآة الشيخ أبي بحر المقيدة على أبي الوليد القاضي‬
‫بفتح الميم الخآرة من المغمس‪ .‬وذكر البكري في كتاب المعجم عن ابن دريد وعن غيره من أئمة اللغة‬
‫أنأه المغمس‪ .‬بكسر الميم الخآرة وأنأه أصح ما قيل فيه وذكر أيضا أنأه يروى بالفتح فعلى رواية الكسر‬
‫هو مغمس مفعل من غمست‪ ،‬كأنأه اشتق من الغميس وهو الغمير‪ ،‬وهو النأبات الخآضر الذي ينأبت في‬
‫الخآريف تحت اليابس يقال‪ :‬غمس المكان وغمر إذا نأبت فيه ذلك كما‬

‫) ‪(1/145‬‬

‫نأسب ثقيف وشعر ابن أبي الصلت في ذلك‪:‬‬


‫واسم ثقيف‪ :‬قسي بن النأبيت بن منأبه بن منأصور بن يقدم بن أفصى بن دعمي بن إياد ‪ 1‬بن نأزار بن‬
‫معد بن عدنأان‪ .‬قال أمية بن أبي الصلت الثقفي‪:‬‬
‫قومي إياد لو أنأهم أمم ‪ ...‬أو لو أقاموا فتهزل النأعم‬
‫قوم لهم ساحة العراق إذا ‪ ...‬ساروا جميعا والقط والقلم‬
‫وقال أمية بن أبي الصلت أيضا‪:‬‬
‫فإما تسألي عنأي ‪ -‬لبينأى ‪ ...‬وعن نأسبي ‪ -‬أخآبرك اليقينأا‬
‫فإنأا للنأبيت أبي قسي ‪ ...‬لمنأصور بن يقدم القدمينأا‬
‫قال ابن هشام‪ :‬ثقيف‪ :‬قسي بن منأبه بن بكر بن هوازن بن منأصور بن عكرمة بن خآصفة بن قيس بن‬
‫عيلن بن مضر بن نأزار بن معد بن عدنأان‪ ،‬والبيتان الولن والخآران في قصيدتين لمية‪.‬‬
‫استسلم أهل الطائف لبرهة‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فقالوا له أيها الملك إنأما نأحن عبيدك سامعون لك مطيعون ليس عنأدنأا لك خآلف وليس‬
‫بيتنأا هذا البيت الذي تريد ‪ -‬يعنأون اللتي ‪ -‬إنأما يريد البيت الذي بمكة‪ ،‬ونأحن نأبعث معك من يدلك‬
‫عليه فتجاوز عنأهم‪.‬‬
‫ــــ‬
‫يقال صوح وشجر ‪ 2‬وأما على رواية الفتح فكأنأه من غمست الشيء إذا غطيته‪ ،‬وذلك أنأه مكان مستور‬
‫إما بهضاب إواما بعضاه ‪ 3‬إوانأما قلنأا هذا; لن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬بين النأسابين خآلف في نأسب ثقيف‪ ،‬فبعضهم ينأسبهم إلى إياد‪ ،‬وبعضهم ينأسبهم إلى قيس‪ ،‬وبعضهم‬
‫ينأسبهم إلى ثمود‪.‬‬
‫‪ 2‬صوح النأبت‪ :‬يبس حتى تشقق‪ .‬وشجر النأبات‪ :‬صار شج ارا‪.‬‬
‫‪ 3‬العضاه‪ :‬كل شجر له شوك صغر أو كبر‪.‬‬

‫) ‪(1/146‬‬
‫اللت‪:‬‬
‫واللت‪ :‬بيت لهم بالطائف كانأوا يعظمونأه نأحو تعظيم الكعبة‪ .‬قال ابن هشام‪ :‬أنأشدنأي أبو عبيدة النأحوي‬
‫لضرار بن الخآطاب الفهري‪:‬‬
‫وفرت ثقيف إلى لتها ‪ ...‬بمنأقلب الخآائب الخآاسر‬
‫وهذا البيت في أبيات له‪.‬‬
‫معونأة أبي رغال لبرهة وموته وقبره‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فبعثوا معه أبا رغال يدله على الطريق إلى مكة‪ ،‬فخآرج أبرهة ومعه أبو رغال حتى‬
‫أنأزله المغمس ‪ ،1‬فلما أنأزله به مات أبو رغال هنأالك فرجمت قبره العرب‪ ،‬فهو القبر الذي يرجم النأاس‬
‫بالمغمس‪.‬‬
‫السود واعتداؤه على مكة‪:‬‬
‫فلما نأزل أبرهة المغمس‪ ،‬بعث رجل من الحبشة يقال له السود بن مقصود على خآيل له حتى انأتهى إلى‬
‫مكة‪ ،‬فساق إليه أموال تهامة من قريش وغيرهم وأصاب فيها مئتي بعير لعبد المطلب بن هاشم وهو‬
‫يومئذ كبير قريش وسيدها‪ ،‬فهمت قريش وكنأانأة وهذيل‪ ،‬ومن كان بذلك الحرم بقتاله ثم عرفوا أنأهم ل‬
‫طاقة لهم به فتركوا ذلك‪.‬‬
‫حنأاطة وعبد المطلب‪:‬‬
‫وبعث أبرهة حنأاطة الحميري إلى مكة‪ ،‬وقال له سل عن سيد أهل هذا البلد وشريفها‪ ،‬ثم قل له إن الملك‬
‫يقول لك‪ :‬إنأي لم آت لحربكم إنأما جئت لهدم هذا البيت فإن لم تعرضوا دونأه بحرب فل حاجة لي‬
‫بدمائكم فإن هو لم يرد حربي‬
‫__________‬
‫رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬إذ كان بمكة كان إذا أراد حاجة النأسان خآرج إلى المغمس‪ ،‬وهو‬
‫على ثلث فرسخ منأها‪ ،‬كذلك رواه علي بن السكن في كتاب "السنأن" له وفي‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬المغمس "بالكسر على صيغة الفاعل‪ ،‬وروي بالفتح على زنأة اسم المفعول"‪ :‬موضع بطريق الطائف‬
‫على ثلثي فرسخ من مكة المكرمة‪.‬‬

‫) ‪(1/147‬‬

‫فأتنأي به فلما دخآل حنأاطة مكة‪ ،‬سأل عن سيد قريش وشريفها‪ ،‬فقيل له عبد المطلب بن هاشم فجاءه‬
‫فقال له ما أمره به أبرهة فقال له عبد المطلب‪ :‬وال ما نأريد حربه وما لنأا بذلك من ‪ 1‬طاقة هذا بيت ال‬
‫الحرام وبيت خآليله إبراهيم عليه السلم ‪ -‬أو كما قال ‪ -‬فإن يمنأعه منأه فهو بيته وحرمه ‪ 2‬إوان يخآل بينأه‬
‫وبينأه فوال ما عنأدنأا دفع عنأه فقال له حنأاطة فانأطلق معي إليه فإنأه قد أمرنأي أن آتيه بك‪.‬‬
‫ذو نأفر وأنأيس وتوسطهما لعبد المطلب لدى أبرهة‪:‬‬
‫فانأطلق معه عبد المطلب‪ ،‬ومعه بعض بنأيه حتى أتى العسكر فسأل عن ذي نأفر وكان له صديقا‪ ،‬حتى‬
‫دخآل عليه وهو في محبسه فقال له يا ذا نأفر هل عنأدك من غنأاء فيما نأزل بنأا؟ فقال له ذو نأفر‪ :‬وما‬
‫غنأاء رجل أسير بيدي ملك ينأتظر أن يقتله غدوا أو عشيا؟ ما عنأدنأا غنأاء في شيء مما نأزل بك إل أن‬
‫أنأيسا سائس الفيل صديق لي‪ ،‬وسأرسل إليه فأوصيه بك‪ ،‬وأعظم عليه حقك‪ ،‬وأسأله أن يستأذن لك على‬
‫الملك فتكلمه بما بدا لك‪ .‬ويشفع لك عنأده بخآير إن قدر على ذلك فقال حسبي‪ .‬فبعث ذو نأفر إلى أنأيس‬
‫فقال له إن عبد المطلب سيد قريش‪ ،‬وصاحب عير ‪ 3‬مكة‪ ،‬يطعم النأاس بالسهل والوحوش في رءوس‬
‫الجبال وقد أصاب له الملك مئتي بعير فاستأذن له عليه وانأفعه عنأده بما استطعت‪ ،‬فقال أفعل‪.‬‬
‫فكلم أنأيس أبرهة فقال له أيها الملك هذا سيد قريش ببابك يستأذن عليك‪ ،‬وهو صاحب عير مكة‪ ،‬وهو‬
‫يطعم النأاس في السهل والوحوش في رءوس الجبال فأذن له عليك‪ ،‬فيكلمك ‪ 4‬في حاجته]وأحسن إليه[‬
‫قال فأذن له أبرهة‬
‫ــــ‬
‫"السنأن" لبي داود أن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬كان إذا أراد البراز أبعد‪ ،‬ولم يبين مقدار‬
‫البعد‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬كذا في "الطبري"‪ ،‬وفي الصول‪" :‬منأه"‪.‬‬
‫‪ 2‬كذا في "الطبري"‪ ،‬وفي الصول‪" :‬حرمته"‪.‬‬
‫‪ 3‬كذا في "الطبري"‪ ،‬وفي الصل "عين"‪.‬‬
‫‪ 4‬كذا في "الطبري"‪ ،‬وفي سائر الصول "فليكلمك"‪.‬‬

‫) ‪(1/148‬‬

‫عبد المطلب وخآويلد بين يدي أبرهة‪:‬‬


‫قال وكان عبد المطلب أوسم النأاس وأجملهم وأعظمهم فلما رآه أبرهة أجله وأعظمه وأكرمه عن أن‬
‫يجلسه تحته وكره أن تراه الحبشة يجلس معه على سرير ملكه فنأزل أبرهة عن سريره فجلس على بساطه‬
‫وأجلسه معه عليه إلى جنأبه ثم قال لترجمانأه قل له حاجتك؟ فقال له ذلك الترجمان فقال حاجتي أن يرد‬
‫علي الملك مئتي بعير أصابها لي‪ ،‬فلما قال له ذلك قال أبرهة لترجمانأه قل له قد كنأت أعجبتنأي حين‬
‫رأيتك‪ ،‬ثم قد زهدت فيك حين كلمتنأي‪ ،‬أتكلمنأي في مئتي بعير أصبتها لك‪ ،‬وتترك بيتا هو دينأك ودين‬
‫آبائك قد جئت لهدمه ل تكلمنأي فيه؟ قال له عبد المطلب‪ :‬إنأي أنأا رب البل إوان للبيت ربا سيمنأعه قال‬
‫ما كان ليمتنأع منأي‪ ،‬قال أنأت وذاك‪.‬‬
‫وكان ‪ -‬فيما يزعم بعض أهل العلم ‪ -‬قد ذهب مع عبد المطلب إلى أبرهة حين بعث إليه حنأاطة يعمر‬
‫بن نأفاثة بن عدي بن الدئل بن بكر بن منأاة بن كنأانأة ‪ -‬وهو يومئذ سيد بنأي بكر ‪ -‬وخآويلد بن واثلة‬
‫الهذلي ‪ -‬وهو يومئذ سيد هذيل ‪ -‬فعرضوا على أبرهة ثلث أموال تهامة‪ ،‬على أن يرجع عنأهم ول يهدم‬
‫البيت فأبى عليهم‪ .‬وال أعلم أكان ذلك أم ل‪ ،‬فرد أبرهة على عبد المطلب البل التي أصاب له‪.‬‬
‫ــــ‬
‫وهو مبين في حديث ابن السكن ‪ -‬كما قدمنأا ‪ -‬ولم يكن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ليأتي‬
‫مكانأا للمذهب إل وهو مستور منأخآفض فاستقام المعنأى فيه على الروايتين جميعاا‪.‬‬
‫وسامة عبد المطلب‪:‬‬
‫وقوله في صفة عبد المطلب‪ :‬أوسم النأاس وأجمله ‪ .1‬ذكر سيبويه هذا الكلم محكيا عن العرب‪ ،‬ووجهه‬
‫عنأدهم أنأه محمول على المعنأى‪ ،‬فكأنأك قلت‪ :‬أحسن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "السيرة" وأجملهم‪.‬‬

‫) ‪(1/149‬‬

‫عبد المطلب في الكعبة يستنأصر بال على رد أبرهة‪:‬‬


‫فلما انأصرفوا عنأه انأصرف عبد المطلب إلى قريش‪ ،‬فأخآبرهم الخآبر‪ ،‬وأمرهم بالخآروج من مكة‪ ،‬والتحرز‬
‫‪ 1‬في شعف ‪ 2‬الجبال والشعاب ‪ 3‬تخآوفا عليهم من معرة ‪ 4‬الجيش ثم قام عبد المطلب‪ ،‬فأخآذ بحلقة‬
‫باب الكعبة‪ ،‬وقام معه نأفر من قريش يدعون ال ويستنأصرونأه على أبرهة وجنأده فقال عبد المطلب وهو‬
‫آخآذ بحلقة باب الكعبة‪:‬‬
‫ل هم إن العبد يم ‪ ...‬نأع رحله فامنأع حللك ‪5‬‬
‫ل يغلبن صليبهم ‪ ...‬ومحالهم غدوا محالك‬
‫قال ابن هشام‪ :‬هذا ما صح له منأها‪.‬‬
‫ــــ‬
‫رجل وأجمله فأفرد السم المضمر التفاتا إلى هذا المعنأى‪ ،‬وهو عنأدي محمول على الجنأس كأنأه حين‬
‫ذكر النأاس قال هو أجمل هذا الجنأس من الخآلق إوانأما عدلنأا عن ذلك التقدير الول لن في الحديث‬
‫الصحيح "خآير نأساء ركبن البل صوالح نأساء قريش‪ :‬أحنأاه على ولده في صغره وأرعاه على زوج في‬
‫ذات يده"‪ ،6‬ول يستقيم ههنأا حمله على الفراد لن المفرد ههنأا امرأة فلو نأظر إلى واحد النأساء لقال‬
‫أحنأاها على ولده فإذا التقدير أحنأى هذا الجنأس الذي هو النأساء وهذا الصنأف ونأحو هذا‪.‬‬
‫وذكر قول عبد المطلب‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬التحرز‪ :‬التمنأع‪ ،‬ويروى‪" :‬التحرز"‪ ،‬وهو أن ينأحاز إلى جهة ويتمنأع‪.‬‬
‫‪ 2‬شعف الجبال‪ :‬رؤوسها‪.‬‬
‫‪ 3‬الشعاب‪ :‬المواضع الخآفية بين الرجال‪.‬‬
‫‪ 4‬معرة الجيش‪ :‬شدته‪.‬‬
‫‪ 5‬لهم‪ :‬أصلها اللهم‪ .‬الحلل "بالكسر"‪ :‬جمع حلة‪ ,‬وهي جماعة البيوت‪.‬‬
‫‪ 6‬متفق عليه‪ ،‬وأحمد في "مسنأده" عن أبي هريرة‪.‬‬

‫) ‪(1/150‬‬

‫شعر لعكرمة في الدعاء على السود بن مقصود‪:‬‬


‫قال ابن إسحاق‪ :‬وقال عكرمة بن عامر بن هاشم بن عبد منأاف بن عبد الدار بن قصي‪:‬‬
‫ل هم أخآز السود بن مقصود ‪ ...‬الخآذ الهجمة فيها التقليد ‪1‬‬
‫بين حراء وثبير فالبيد ‪ ...‬يحبسها وهي أولت التطريد ‪2‬‬
‫فضمها إلى طماطم سود ‪ ...‬أخآفره يا رب وأنأت محمود‬
‫قال ابن هشام‪ :‬هذا ما صح له منأها‪ ،‬والطماطم العلج‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬ثم أرسل عبد المطلب حلقة باب الكعبة‪ ،‬وانأطلق هو ومن معه من قريش إلى شعف‬
‫الجبال فتحرزوا فيها ينأتظرون ما أبرهة فاعل بمكة إذا دخآلها‪.‬‬
‫__________‬
‫ل هم إن المرء يم ‪ ...‬نأع رحله فامنأع حللك‬
‫العرب تحذف اللف واللم من اللهم وتكتفي بما بقي وكذلك تقول له أبوك تريد ل أبوك‪ ،‬وقد تقدم قول‬
‫من قال في لهنأك ]أو‪ :‬لهنأك[‪ ،‬وأن المعنأى‪ :‬وال إنأك‪ ،‬وهذا لكثرة دور هذا السم على اللسنأة وقد قالوا‬
‫فيما هو دونأه في الستعمال أجنأك تفعل كذا وكذا‪ .‬أي من أجل أنأك تفعل كذا وكذا والحلل في هذا‬
‫البيت القوم الحلول في المكان والحلل مركب من مراكب النأساء‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬
‫بغير حلل غادرته مجحفل ‪3‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الهجمة‪ :‬القطعة من البل ما بين التسعين إلى المائة‪ .‬التقليد‪ :‬يريد في أعنأاقها القلئد‪.‬‬
‫‪ 2‬حراء وثبير‪ :‬جبلن‪.‬‬
‫‪ 3‬جحفلة‪ :‬صرعه ورماه وبكته‪ ,‬والبيت لطفيل وهو‪:‬‬
‫وراكضة ما تستجن بجنأة‬
‫بغير حلل غادرته مجحفل‬

‫) ‪(1/151‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫والحلل أيضا‪ :‬متاع البيت وجائز أن يستعيره ههنأا‪ ،‬وفي الرجز بيت ثالث لم يقع في الصل وهو قوله‬
‫وانأصر على آل الصليب ‪ ...‬وعابديه اليوم آلك‬
‫وفيه حجة على النأحاس والزبيدي حيث زعما‪ ،‬ومن قال بقولهما أنأه ل يقال اللهم صل على محمد وعلى‬
‫آله لن المضمر يرد المعتل إلى أصله وأصله أهل فل يقال إل‪ :‬وعلى أهله وبهذه المسألة خآتم النأحاس‬
‫كتابه الكافي‪ .‬وقولهما خآطأ من وجوه وغير معروف في قياس ول سماع وما وجدنأا قط مضم ار يرد‬
‫معتل إلى أصله إل قولهم أعطيتكموه برد الواو وليس هو من هذا الباب في ورد ول صدر ول نأقول‬
‫أيضا‪ :‬إن آل أصله أهل ول هو في معنأاه ول نأقول إن أهيل تصغير آل كما ظن بعضهم ولتوجيه‬
‫الحجاج عليهم موضع غير هذا‪ ،‬وفي الكامل من قول الكتابي لمعاوية حين ذكر عبد الملك من آلك‪،‬‬
‫وليس منأك ‪.1‬‬
‫وقول عكرمة بن عامر‪ :‬الخآذ الهجمة فيها التقليد الهجمة هي ما بين التسعين إلى المائة والمائة منأها‪:‬‬
‫هنأيدة والمائتان هنأد‪ ،‬وقال بعضهم والثلثمائة أمامة وأنأشدوا‪:‬‬
‫تبين رويدا ما أمامة من هنأد ‪2‬‬
‫وكأن اشتقاق الهجمة من الهجيمة وهو الثخآين من اللبن لنأه لما كثر لبنأها لكثرتها‪ ،‬لم يمزج بماء وشرب‬
‫صرفا ثخآينأا‪ ،‬ويقال للقدح الذي يحلب فيه إذا كان كبيرا‪ :‬هجم ‪.3‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "اللسان" كلم طويل عن آل في مادة أهل فانأظره‪.‬‬
‫‪ 2‬في "اللسان" ورد هكذا في مادة‪ :‬أمم‪.‬‬
‫‪ 3‬وقيل‪ :‬يحرك أيضاا‪.‬‬

‫) ‪(1/152‬‬
‫دخآول أبرهة مكة‪ ،‬وما وقع له ولفيله‪ ،‬وشعر نأفيل في ذلك‪:‬‬
‫فلما أصبح أبرهة تهيأ لدخآول مكة‪ ،‬وهيأ فيله وعبى جيشه ‪ -‬وكان اسم الفيل محمودا ‪ -‬وأبرهة مجمع‬
‫لهدم البيت ثم النأصراف إلى اليمن‪ .‬فلما وجهوا الفيل إلى مكة‪ ،‬أقبل نأفيل بن حبيب حتى قام إلى جنأب‬
‫الفيل ثم أخآذ بأذنأه فقال ابرك محمود أو ارجع راشدا من حيث جئت‪ ،‬فإنأك في بلد ال الحرام ثم أرسل‬
‫أذنأه‪ .‬فبرك الفيل وخآرج نأفيل بن حبيب يشتد حتى أصعد في الجبل وضربوا الفيل ليقوم فأبى‪ ،‬فضربوا‬
‫في رأسه بالطبرزين ‪ 1‬ليقوم فأبى‪ ،‬فأدخآلوا محاجن ‪ 2‬لهم في مراقه ‪ 3‬فبزغوه بها ليقوم فأبى‪ ،‬فوجهوه‬
‫راجعا إلى اليمن فقام يهرول ووجهوه إلى الشام ففعل مثل ذلك ووجهوه إلى المشرق ففعل مثل ذلك‬
‫ووجهوه إلى مكة فبرك فأرسل ال تعالى عليهم طي ار من البحر أمثال الخآطاطيف والبلسان مع كل طائر‬
‫معها ثلثة أحجار يحملها‪ :‬حجر في منأقاره وحجران في رجليه أمثال الحمص والعدس ل تصيب منأهم‬
‫أحدا إل هلك وليس كلهم أصابت وخآرجوا هاربين يبتدرون الطريق الذي منأه جاءوا‪ ،‬ويسألون عن نأفيل‬
‫بن حبيب ليدلهم على الطريق إلى اليمن‪ ،‬فقال نأفيل حين رأى ما أنأزل ال بهم من نأقمته‪:‬‬
‫ــــ‬
‫في حديث الفيل‪:‬‬
‫وقوله‪ :‬أخآفره يا رب‪ .‬أي انأقض عزمه وعهده فل تؤمنأه يقال أخآفرت الرجل إذا نأقضت عهده وخآفرته‬
‫أخآفره إذا أجرته‪ ،‬فينأبغي أن ل يضبط هذا إل بقطع الهمزة وفتحها‪ ،‬لئل يصير الدعاء عليه دعاء له‪.‬‬
‫وقوله إلى طماطم سود‪ .‬يعنأي‪ :‬العلوج‪ .‬ويقال لكل أعجمي طمطمانأي‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬آلة معقفة من حديد‪ ،‬وطبر بالفارسية معنأاها الفأس‪.‬‬
‫‪ 2‬جمع محجن وهي عصا معوجة وقد يجعل طرفها من حديد‪.‬‬
‫‪ 3‬يعنأي أسفل بطنأه‪.‬‬

‫) ‪(1/153‬‬

‫أين المفر والله الطالب ‪ ...‬والشرم المغلوب ليس الغالب‬


‫قال ابن هشام‪ :‬قوله "ليس الغالب" عن غير ابن إسحاق‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وقال نأفيل أيضا‪:‬‬
‫أل حييت عنأا يا ردينأا ‪ ...‬نأعمنأاكم مع الصباح عينأا ‪1‬‬
‫ردينأة لو رأيت ‪ -‬ول تريه ‪ ...‬لذي جنأب المحصب ما رأينأا ‪2‬‬
‫إذا لعذرتنأي وحمدت أمري ‪ ...‬ولم تأسى على ما فات بينأا‬
‫حمدت ال إذ أبصرت طي ار ‪ ...‬وخآفت حجارة تلقى علينأا‬
‫وكل القوم يسأل عن نأفيل ‪ ...‬كأن علي للحبشان دينأا‬
‫فخآرجوا يتساقطون بكل طريق ويهلكون بكل مهلك على كل منأهل وأصيب أبرهة في جسده وخآرجوا به‬
‫معهم يسقط ]أنأامله[ أنأملة أنأملة كلما سقطت أنأملة أتبعتها منأه مدة تمث ‪ 3‬قيحا ودما‪ ،‬حتى قدموا به‬
‫صنأعاء وهو مثل فرخ الطائر فما مات حتى انأصدع صدره عن قلبه فيما يزعمون‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬حدثنأي يعقوب بن عتبة أنأه حدث‪.‬‬
‫أن أول ما رئيت الحصبة والجدري بأرض العرب ذلك العام وأنأه أول ما رئي بها مرائر الشجر الحرمل‬
‫والحنأظل والعشر ‪ 4‬ذلك العام‪.‬‬
‫ماذكر في القرآن عن قصة الفيل‪ ،‬وشرح ابن هشام لمفرداته‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فلما بعث ال تعالى محمدا ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬كان مما يعد ال على قريش من‬
‫نأعمته عليهم وفضله ما رد عنأهم من أمر الحبشة لبقاء أمرهم ومدتهم‪ ،‬فقال ال‬
‫__________‬
‫وطمطم ويذكر عن الخآفش طمطم بفتح الطاء‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ردين مرخآم ردينأة وهو اسم امرأة‪.‬‬
‫‪ 2‬المصحف موضع فيما بين مكة ومنأى‪.‬‬
‫‪ 3‬مث يمث‪ :‬رشح‪.‬‬
‫‪ 4‬شجر مر له صمغ ولبن وتعالج بلبنأة الجلود قبل الدباغ‪.‬‬

‫) ‪(1/154‬‬

‫ضمليةل‬‫صكحامب املمفيمل أكلكمم كيمجكعمل ككميكدكهمم مفي تك م‬‫ك بمأك م‬


‫ف فككعكل كررب ك‬
‫تبارك وتعالى‪} :‬أكلكمم تككر ككمي ك‬
‫ف كممأككوةل{ٍ ]الفيل‪ .[5-1 :‬وقال‬ ‫طمي ار أكبامبيكل تكرمميمهم بممحجارة ممن مسدجيةل فكجعلكهم ككعص ة‬
‫ك ك كم ك م‬ ‫م م كك م‬ ‫كوأكمركسكل كعلكميمهمم ك ك‬
‫طكعكمهكمم مممن كجوةع كوآكمكنأهكمم مممن‬
‫ب كهكذا املكبميمت الصمذي أك م‬ ‫صمي م‬
‫ف كفملكيمعكبكدوا كر ص‬ ‫ش مإيلمفمهمم مرمحلكةك الدشكتامء كوال ص‬ ‫}ممليل م‬
‫ف قككرمي ة‬
‫ف{ٍ ]قريش‪ .[4 – 1 :‬أي لئل يغير شيئا من حالهم التي كانأوا عليها‪ ،‬لما أراد ال بهم من الخآير لو‬ ‫كخآو ة‬
‫م‬
‫قبلوه‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬البابيل الجماعات ولم تتكلم لها العرب بواحد علمنأاه ‪ 1‬وأما السجيل فأخآبرنأي يونأس‬
‫النأحوي وأبو عبيدة أنأه عنأد العرب‪ :‬الشديد الصلب قال رؤبة بن العجاج‪:‬‬
‫ومسهم ما مس أصحاب الفيل ‪ ...‬ترميهم حجار من سجيل‬
‫ولعبت طير بهم أبابيل‬
‫وهذه البيات في أرجوزة له‪ .‬ذكر بعض المفسرين أنأهما كلمتان بالفارسية جعلتهما العرب كلمة واحدة‬
‫إوانأما هو سنأج وجل يعنأي بالسنأج الحجر‪ ،‬وبالجل الطين يعنأي‪ :‬الحجارة من هذين الجنأسين الحجر‬
‫والطين‪ .‬والعصف ورق الزرع الذي لم يعصف وواحدته عصفة‪ .‬قال وأخآبرنأي أبو عبيدة النأحوي أنأه يقال‬
‫له العصافة والعصيفة‪ .‬وأنأشدنأي لعلقمة بن عبدة أحد بنأي ربيعة بن مالك بن زيد منأاة بن تميم‪:‬‬
‫تسقى مذانأب قد مالت عصيفتها ‪ ...‬جدورها من أتي الماء مطموم ‪2‬‬
‫ــــ‬
‫وقوله عبى جيشه‪ .‬يقال عبيت الجيش بغير همزة وعبأت المتاع بالهمز وقد حكي عبأت الجيش بالهمز‬
‫وهو قليل‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬وقيل‪ :‬إن واحدها أبيل وأبول إوابالة‪.‬‬
‫‪ 2‬المذانأب‪ :‬جمع مذنأب وهو مسيل الماء إلى الروضة‪ .‬حدورها‪ :‬بالحاء المهملة أي ما انأحدر منأها‬
‫ويروى جدورها جمع جدر‪ ،‬وهي الحواجز التي تحبس الماء‪ .‬التي ‪ :‬السيل يأتي من بلد بعيد‪ .‬مطموم‪:‬‬
‫مرتفع‪.‬‬

‫) ‪(1/155‬‬

‫وهذا البيت في قصيدة له‪ .‬وقال الراجز‪:‬‬


‫فصيروا مثل كعصف مأكول‬
‫قال ابن هشام‪ :‬ولهذا البيت تفسير في النأحو‪.‬‬
‫__________‬
‫وقوله فبرك الفيل‪ .‬فيه نأظر لن الفيل ل يبرك فيحتمل أن يكون بروكه سقوطه إلى الرض لما جاءه من‬
‫أمر ال سبحانأه ويحتمل أن يكون فعل فعل البارك الذي يلزم موضعه ول يبرح فعبر بالبروك عن ذلك‬
‫وقد سمعت من يقول إن في الفيلة صنأفا منأها يبرك كما يبرك الجمل فإن صح إوال فتأويله ما قدمنأاه‪.‬‬
‫والسود بن مقصود صاحب الفيل هو السود بن مقصود بن الحارث بن منأبه بن مالك بن كعب بن‬
‫الحارث بن كعب بن عمرو بن علة ويقال فيه عله على وزن عمر ابن خآالد ‪ 1‬بن مذجج وكان السود‬
‫قد بعثه النأجاشي مع الفيلة والجيش وكانأت الفيلة ثلثة عشر فيل‪ ،‬فهلكت كلها إل محمودا‪ ،‬وهو فيل‬
‫النأجاشي ; من أجل أنأه أبى من التوجه إلى الحرم وال أعلم‪.‬‬
‫ونأفيل الذي ذكره هو نأفيل بن عبد ال بن جزء بن عامر بن مالك بن واهب بن جليحة بن أكلب بن ربيعة‬
‫بن عفرس بن جلف ‪ 2‬بن أفتل وهو خآثعم‪ .‬كذلك نأسبه البرقي‪ .‬وفي الكتاب نأفيل بن حبيب ونأفيل من‬
‫المسمين بالنأبات قاله أبو حنأيفة‪ .‬وقال هو تصغير نأفل وهو نأبت مسلنأطح ‪ 3‬على الرض‪.‬‬
‫وذكر النأقاش أن الطير كانأت أنأيابها كأنأياب السبع وأكفها كأكف الكلب وذكر البرقي أن ابن عباس‬
‫قال "أصغر الحجارة كرأس النأسان وكبارها كالبل" وهذا الذي ذكره البرقي ذكره ابن إسحاق في رواية‬
‫يونأس عنأه‪ .‬وفي تفسير النأقاش أن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "الشتقاق" و"جمهرة ابن حزم"‪ :‬جلد بفتح الجيم وسكون اللم‪.‬‬
‫‪ 2‬في "جمهرة ابن حزم"‪:‬حلف بالحاء المضمومة واللم الساكنأة أو حلف بفتح الحاء وكسر اللم‪ .‬وبنأو‬
‫عفرس في "جمهرة ابن حزم" هما‪ :‬نأاهس وشهران‪.‬‬
‫‪ 3‬يعنأي أنأه منأبسط على الرض‪.‬‬

‫) ‪(1/156‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫السيل احتمل جثثهم فألقاها في البحر وكانأت قصة الفيل أول المحرم من سنأة اثنأتين وثمانأين وثمانأمائة‬
‫من تاريخ ذي القرنأين‪.‬‬
‫وقوله فضربوا رأسه بالطبرزين هكذا تقيد في نأسخآة الشيخ أبي بحر بسكون الباء وذكره البكري في‬
‫المعجم وأن الصل فيه طبرزين بفتح الباء وقال طبر هو الفأس وذكر طبرستان بفتح الباء وقال معنأاه‬
‫شجر قطع بفأس لنأها قبل أن تبنأى كانأت شجراء فقطعت ولم يقل في طبرية مثل هذا‪ .‬قال ولكنأها‬
‫نأسبت إلى طباراء وهو اسم الملك الذي بنأاها‪ ،‬وقد ألفيته في شعر قديم طبرزين ‪ -‬بفتح الباء ‪ -‬كما قال‬
‫البكري‪ ،‬وجائز في طبرزين ‪ -‬إوان كان ما ذكر أن تسكن الباء ‪ -‬لن العرب تتلعب بالسماء‬
‫العجمية تلعبا ل يقرها على حال‪ .‬قاله ابن جنأي‪.‬‬
‫وقوله فبزغوه أي أدموه ومنأه سمي المبزغ وفي رواية يونأس عن ابن إسحاق أن الفيل ربض فجعلوا‬
‫يقسمون بال أنأهم رادوه إلى اليمن‪ ،‬فحرك لهم أذنأيه كأنأه يأخآذ عليهم عهدا بذلك فإذا أقسموا له قام‬
‫يهرول فيردونأه إلى مكة‪ ،‬فيربض فيحلفون له فيحرك لهم أذنأيه كالمؤكد عليهم ففعلوا ذلك م اررا‪.‬‬
‫وقوله أمثال الحمص والعدس يقال حمص‪ ،‬وحمص‪ ،‬كما يقال جلق وجلق قاله الزبيدي‪ ،‬ولم يذكر أبو‬
‫حنأيفة في الحمص إل الفتح وليس لهما نأظير في البنأية إل الحلزة وهو القصير ‪ 1‬وقال ابن النأباري‬
‫الحلز البخآيل بتشديد الزاي‪ ،‬وصوب القالي هذه الرواية في الغريب المصنأف لن فعل بالتشديد ليس من‬
‫الصفات عنأد سيبويه‪.‬‬
‫ويعنأي بمماثلة الحجارة للحمص أنأها على شكلها ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬لنأه قد روي أنأها كانأت ضخآاما تكسر‬
‫الرءوس وروي أن مخآالب الطير كانأت كأكف الكلب ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬وفي رواية يونأس عن ابن إسحاق‬
‫قال جاءتهم طير من‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬والسيء الخآلق‪ ،‬ونأبات‪ ،‬والبوم‪ ,‬ودويبة‪.‬‬

‫) ‪(1/157‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫البحر كرجال الهنأد‪ ،‬وفي رواية أخآرى عنأه أنأهم استشعروا العذاب في ليلة ذلك اليوم لنأهم نأظروا إلى‬
‫النأجوم كالحة إليهم تكاد تكلمهم من اقترابها منأهم ففزعوا لذلك‪1.‬‬
‫ولم تأسى على ما فات بينأا‬
‫نأصب بينأا نأصب المصدر المؤكد لما قبله إذ كان في معنأاه ولم يكن على لفظه لن فات معنأى‪ :‬فارق‬
‫وبان كأنأه قال على ما فات فوتا‪ ،‬أو بان بينأا‪ ،‬ول يصح لن يكون مفعول من أجله يعمل فيه تأسى‪ ،‬لن‬
‫السى باطن في القلب والبين ظاهر ول يجوز أن يكون المفعول من أجله إل بعكس هذا‪ .‬تقول بكى‬
‫أسفا‪ ،‬وخآرج خآوفا‪ ،‬وانأطلق حرصا على كذا‪ ،‬ولو عكست الكلم كان خآلفا من القول وهذا أحد شروط‬
‫المفعول من أجله ولعل له موضعا من الكتاب فنأذكره فيه‪.‬‬
‫وقوله نأعمنأاكم مع الصباح عينأا‪ :‬دعاء أي نأعمنأا بكم فعدى الفعل لما حذف حرف الجر وهذا كما تقول‬
‫أنأعم ال بك عينأا‪ .‬وقوله في أول البيت أل حييت عنأا يا ردينأا‪ .‬هو اسم امرأة كأنأها سميت بتصغير ردنأة‬
‫وهي القطعة من الردن وهو الحرير‪ .‬ويقال لمقدم الكم ردن ولكنأه مذكر وأما درينأة بتقديم الدال على الراء‬
‫فهو اسم للحمق قاله الخآليل‪.‬‬
‫وقوله في خآبر أبرهة تبعتها مدة تمث قيحا ودما‪ .‬ألفيته في نأسخآة الشيخ تمث‪ ،‬وتمث بالضم والكسر‪.‬‬
‫فعلى رواية الضم يكون الفعل متعديا‪ ،‬ونأصب قيحا على المفعول وعلى رواية الكسر يكون غير متعد‬
‫ونأصب قيحا على التمييز في قول أكثرهم وهو عنأدنأا على الحال وهو من باب تصبب عرقا‪ ،‬وتفقأ شحما‬
‫‪،2‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬كل هذه الراويات تحتاج إلى سنأد‪.‬‬
‫‪ 2‬مطاوع فقأ‪ :‬شق الشيء وأخآرج ما فيه‪.‬‬

‫) ‪(1/158‬‬
‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫وكذلك كان يقول شيخآنأا أبو الحسين في مثل هذا‪ ،‬وقد أفصح سيبويه في لفظ الحال في‪ :‬ذهبن كلكل‬
‫وصدو ار ‪ .1‬وأشرق كاهل‪ ،‬وهذا مثله ولكشف القنأاع عن حقيقة هذا موضع غير هذا إوانأما قلنأا‪ :‬إن من‬
‫رواه تمث بضم الميم فهو متعد كأنأه مضاعف والمضاعف إذا كان متعديا كان في المستقبل مضموما‬
‫نأحو رده يرده إل ما شذ منأه نأحو عل يعل ويعل‪ ،‬وهر الكأس يهر ويهر‪ ،‬إواذا كان غير متعد كان‬
‫مكسو ار في المستقبل نأحو خآف يخآف‪ ،‬وفر يفر إل ستة أفعال جاءت فيها اللغتان جميعا‪ ،‬وهي في أدب‬
‫الكاتب وغيره ‪ 2‬فغنأينأا بذلك عن ذكرها‪ .‬على أنأهم قد أغفلوا‪ :‬هب يهب وخآب يخآب وأج يؤج إذا أسرع‬
‫وشك في المر يشك‪ ،‬ومعنأى تمث قيحا‪ :‬أي تسيل يقال فلن يمث كما يمث الزق ‪.3‬‬
‫وقوله يسقط أنأملة أنأملة أي ينأتثر جسمه والنأملة طرف الصبع ولكن قد يعبر بها عن طرف غير‬
‫الصبع والجزء الصغير‪ .‬ففي مسنأد الحارث بن أبي أسامة عن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – إن‬
‫في الشجرة شجرة هي مثل المؤمن ل تسقط لها أنأملة‪ .‬ثم قال هي النأخآلة وكذلك المؤمن ل تسقط له‬
‫دعوة‪.‬‬
‫وقوله مرائر الشجر يقال شجرة مرة ثم تجمع على مرائر كما تجمع حرة على حرائر ول تعرف فعلة تجمع‬
‫على فعائل إل في هذين الحرفين وقياس جمعهما فعل نأحو درة ودرر ولكن الحرة من النأساء في معنأى‪:‬‬
‫الكريمة والعقيلة ونأحو ذلك فأجروها مجرى ما هو في معنأاها من الفعيلة وكذلك المر قياسه أن يقال فيه‬
‫مرير لن الم اررة في الشيء طبيعة فقياس فعله‪ :‬أن يكون فعل كما‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬شطرته الولى‪" :‬مشق الهواجر لحمهن مع السرى"‪.‬‬
‫‪ 2‬الفعال هي‪ :‬جد‪ ،‬وشب‪ ،‬وجم‪ ،‬وصد‪ ،‬وشح‪ ،‬وفح‪ .‬انأظر‪" :‬أدب الكاتب" ‪.1/471‬‬
‫‪ 3‬وعاء من جلد يجز شعره ول ينأتف –للشرب وغيره‪ -‬جمعها أزقاق زقاق‪ ،‬ومث الرجل مثا‪ :‬عرق ورؤي‬
‫على جلده مثل الدهن‪.‬‬

‫) ‪(1/159‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫تقول عذب الشيء وقبح‪ .‬وعسر إذا صار عسيرا‪ ،‬إواذا كان قياسه فعل فقياس الصفة منأه أن تكون على‬
‫فعيل والنأثى‪ :‬فعيلة والشيء المر عسير أكله شديد فأجروا الجمع مجرى هذه الصفات التي هي على‬
‫فعيل لنأها طباع وخآصال وأفعال الطباع والخآصال كلها تجري هذا المجرى‪.‬‬
‫وذكر العشر‪ .‬وهو شجر مر يحمل ثم ار كالترج وليس فيه منأتفع ولبن العشر تعالج به الجلود قبل أن‬
‫تجعل في المنأيئة وهي المدبغة كما تعالج بالغلقة وهي شجرة وفي العشر الخآرفع والخآرفع وهو شبه‬
‫القطن ويجنأى من العشر المغافير واحدها‪ :‬مغفور ومغافر وواحدها‪ :‬مغفر ويقال لها‪ :‬سكر العشر ول‬
‫تكون المغافير إل فيه وفي الرمث ‪ 1‬وفي الثمام والثمام أكثرها لثى‪ ،‬وفي المثل هذا الجنأى ل أن يكد‬
‫المغفر من كتاب أبي حنأيفة‪.‬‬
‫وذكر ابن هشام‪ :‬البابيل وقال لم يسمع لها بواحد وقال غيره واحدها‪ :‬إباله إوابول وزاد ابن عزيز إوابيل‬
‫وأنأشد ابن هشام لرؤبة‬
‫وصيروا مثل كعصف مأكول‬
‫وقال ولهذا البيت تفسير في النأحو وتفسيره أن الكاف تكون حرف جر وتكون اسما بمعنأى‪ :‬مثل ويدلك‬
‫أنأها حرف وقوعها صلة للذي ; لنأك تقول رأيت الذي كزيد ولو قلت‪ :‬الذي مثل زيد لم يحسن ويدلك‬
‫أنأها تكون اسما دخآول حرف الجر عليها‪ ،‬كقوله ورحنأا بكابن الماء ينأفض رأسه‪ .‬ودخآول الكاف عليها‪،‬‬
‫وأنأشدوا‪ :‬وصاليات ككما يؤثفين ]أو يؤثفين[‪ .‬إواذا دخآلت على مثل كقوله تعالى ‪} :‬لكميكس ككمممثلممه كشميةء{ٍ‬
‫]الشورى‪ [11 :‬فهي إذا حرف إذ ل يستقيم أن يقال مثل مثله وكذلك هي حرف في بيت رؤبة "مثل‬
‫كعصف" لكنأها مقحمة لتأكيد التشبيه كما أقحموا اللم من قوله يا بؤس للحرب ول يجوز أن يقحم حرف‬
‫من‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الرمث‪ :‬مرعى للبل من الحمض وشجر يشبه الغضا‪.‬‬

‫) ‪(1/160‬‬

‫حروف الجر سوى اللم والكاف أما اللم فلنأها تعطي بنأفسها معنأى الضافة فلم تغير معنأاها‪ ،‬وكذلك‬
‫الكاف تعطي معنأى التشبيه فأقحمت لتأكيد معنأى المماثلة غير أن دخآول مثل عليها كما في بيت رؤبة‬
‫قبيح ودخآولها على مثل كما في القرآن أحسن شيء لنأها حرف جر تعمل في السم والسم ل يعمل‬
‫فيها‪ ،‬فل يتقدم عليها إل أن يقحمها كما أقحمت اللم‪.‬‬
‫وأنأشد شاهدا على العصيفة قول علقمة‪ ،‬وآخآره‪:‬‬
‫حدورها من أتي الماء مطموم‪.‬‬
‫وهذا البيت أنأشده أبو حنأيفة في النأبات جدورها‪ :‬هو جمع جدر بالجيم وهي الحواجز التي تحبس الماء‬
‫ويقال للجدر حباس ‪ 1‬أيضا‪ :‬وفي الحديث "أمسك الماء حتى يبلغ الجدر ثم أرسله"‪ .‬وقد ذكر غيره‬
‫رواية الجيم وقال إنأما قال جدورها من أتي الماء مطموم‪ .‬وأفرد الخآبر‪ ،‬لنأه رده على كل واحد من‬
‫الجدر كما قال الخآر‪:‬‬
‫ترى جوانأبها بالشحم مفتوقا‬
‫أي‪ :‬ترى كل جانأب فيها‪.‬‬
‫فصل‪:‬‬
‫ويقال للعصيفة أيضا‪ :‬أذنأة ‪ 2‬ولما تحيط به الجدور التي تمسك الماء دبرة وحبس ومشارة ولمفتح الماء‬
‫منأها‪ :‬آغية بالتخآفيف والتثقيل ]أو أتي[‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "القاموس"‪ :‬حبس بكسر الحاء خآشبة أو حجارة تبنأى في مجرى الماء لتحبسه‪.‬‬
‫‪ 2‬هي ورقة الحنأة أول ما تنأبت وخآوصة الثمام والتبنأة‪.‬‬

‫) ‪(1/161‬‬

‫إوايلف قريش‪ :‬إيلفهم الخآروج إلى الشام في تجارتهم وكانأت لهم خآرجتان خآرجة في الشتاء وخآرجة في‬
‫الصيف‪ .‬أخآبرنأي أبو زيد النأصاري‪ :‬أن العرب تقول ألفت الشيء إلفا‪ ،‬وآلفته إيلفا‪ ،‬في معنأى واحد‬
‫وأنأشدنأي لذي الرمة‪:‬‬
‫من المؤلفات الرمل أدماء حرة ‪ ... 1‬شعاع الضحى في لونأها يتوضح‬
‫وهذا البيت في قصيدة له‪ .‬وقال مطرود بن كعب الخآزاعي‪:‬‬
‫المنأعمين إذا النأجوم تغيرت ‪ ...‬والظاعنأين لرحلة اليلف‬
‫ــــ‬
‫وذكر إيلف قريش للرحلتين وقال هو مصدر ألفت الشيء وآلفته فجعله من اللف للشيء وفيه تفسير‬
‫آخآر أليق لن السفر قطعة من العذاب ول تألفه النأفس إوانأما تألف الدعة والكينأونأة مع الهل‪ .‬قال‬
‫الهروي‪ :‬هي حبال أي عهود كانأت بينأهم وبين ملوك العجم‪ ،‬فكان هاشم يؤالف إلى ملك الشام‪ ،‬وكان‬
‫المطلب يؤالف إلى كسرى‪ ،‬والخآران يؤالفان أحدهما إلى ملك مصر‪ ،‬والخآر إلى ملك الحبشة‪ ،‬وهما‪:‬‬
‫عبد شمس ونأوفل‪ .‬قال ومعنأى يؤالف يعاهد ويصالح ونأحو هذا‪ ،‬فيكون الفعل منأه أيضا آلف على وزن‬
‫فاعل والمصدر إلفا بغير ياء مثل قتال‪ ،‬ويكون الفعل منأه أيضا آلف على وزن أفعل مثل آمن ويكون‬
‫المصدر إيلفا بالياء مثل إيمانأا‪ ،‬وقد قرئ للف قريش بغير ياء ولو كان من آلفت الشيء على وزن‬
‫أفعلت إذا ألفته لم تكن هذه القراءة صحيحة وقد قرأها ابن عامر فدل هذا على صحة ما قاله الهروي‪،‬‬
‫ش{ٍ متعلقة بقوله‬ ‫وقد حكاه عمن تقدمه‪ .‬وظاهر كلم ابن إسحاق أن اللم من قوله تعالى‪} :‬ممليل م‬
‫ف قككرمي ة‬
‫سبحانأه }فكجعلكهم ككعص ة‬
‫ف كممأككوةل{ٍ وقد قاله غيره ومذهب الخآليل وسيبويه‪ :‬أنأها متعلقة بقوله‪} :‬كفملكيمعكبكدوا‬ ‫ك ك كم ك م‬
‫ب كهكذا املكبميمت{ٍ أي فليعبدوه من أجل ما فعل بهم‪ .‬وقال قوم هي لم التعجب وهي متعلقة بمضمر كأنأه‬ ‫كر ص‬
‫قال اعجب ليلف قريش‪ ،‬كما قال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬في سعد بن معاذ ‪ -‬رضي ال عنأه ‪-‬‬
‫حين دفن "سبحان ال لهذا العبد‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الدماء من الظباء‪ :‬السمراء الظهر البيضاء البطن‪.‬‬

‫) ‪(1/162‬‬

‫وهذا البيت في أبيات له سأذكرها في موضعها إن شاء ال تعالى‪ .‬واليلف أيضا‪ :‬أن يكون للنأسان‬
‫ألف من البل أو البقر أو الغنأم أو غير ذلك‪ .‬يقال آلف فلن إيلفا‪ .‬قال الكميت بن زيد‪ ،‬أحد بنأي أسد‬
‫بن خآزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نأزار معد‪:‬‬
‫بعام يقول له المؤلفو ‪ ...‬ن هذا المعيم لنأا المرجل ‪1‬‬
‫وهذا البيت في قصيدة له‪ .‬واليلف أيضا‪ :‬أن يصير القوم ألفا‪ ،‬يقال آلف القوم إيلفا‪ .‬قال الكميت بن‬
‫زيد‪:‬‬
‫وآل مزيقياء غداة لقوا ‪ ...‬بنأي سعد بن ضبة مؤلفينأا‬
‫وهذا البيت في قصيدة له‪ .‬واليلف أيضا‪ :‬أن تؤلف الشيء إلى الشيء فيألفه ويلزمه يقال آلفته إياه‬
‫إيلفا‪ .‬واليلف أيضا‪ :‬أن تصير ما دون اللف ألفا‪ ،‬يقال آلفته إيلفا‪.‬‬
‫ما أصاب قائد الفيل وسائسه‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬حدثنأي عبد ال بن أبي بكر‪ ،‬عن عمرة ‪ 2‬ابنأة عبد الرحمن بن‬
‫__________‬
‫الصالح ضم في قبره حتى فرج ال عنأه!!"‪ .‬وقال في عبد حبشي مات بالمدينأة "لهذا العبد الحبشي جاء‬
‫من أرضه وسمائه إلى الرض التي خآلق منأها"‪ .‬أي اعجبوا لهذا العبد الصالح‪ .‬وأنأشد للكميت‪:‬‬
‫بعام يقول له المؤلفو ‪ ...‬ن أهذا المعيم لنأا المرجل‬
‫المؤلف صاحب اللف من البل كما ذكر والمعيم بالميم من العيمة‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬المعيم‪ :‬من العيمة وهي الشوق إلى اللبن‪ ,‬ولمرجل‪ :‬الذي تذهب إبله فيمشي على رجليه‪.‬‬
‫‪ 2‬هي عمرة بنأت عبد الرحمن بن سعد بن ز اررة النأصارية المدنأية الفقيهة‪ ،‬وكانأت حجة توفيت ]‪98‬هـ[‬
‫وقيل ]‪106‬هـ[‪.‬‬

‫) ‪(1/163‬‬
‫سعد ‪ 1‬بن ز اررة عن عائشة ‪ -‬رضي ال عنأها ‪ -‬قالت‬
‫"لقد رأيت قائد الفيل وسائسه بمكة أعميين مقعدين يستطعمان النأاس"‪.‬‬
‫ــــ‬
‫أي تجعل تلك السنأة صاحب اللف من البل يعام إلى اللبن وترجله فيمشي راجل‪ ،‬لعجف الدواب‬
‫وهزالها‪.‬‬
‫وذكر قول ابن الزبعرى‪:‬‬
‫تنأكلوا عن بطن مكة‬
‫البيت‪ .‬ونأسبه إلى عدي بن سعيد بن سهم وكرر هذا النأسب في كتابه م ار ار وهو خآطأ والصواب سعد بن‬
‫سهم إوانأما سعيد أخآو سعد وهو في نأسب عمرو بن العاص بن وائل وقد أنأشد في الكتاب ما يدل على‬
‫خآلف قوله وهو قول المبرق وهو عبد ال بن الحارث بن عدي بن سعد‪:‬‬
‫فإن تك كانأت في عدي أمانأة ‪ ...‬عدي بن سعد في الخآطوب الوائل‬
‫فقال عدي بن سعد ولم يقل سعيد وكذلك ذكره الواقدي والزبيريون وغيرهم‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬استشهد عبد ال يوم الطائف وستأتي قصيدته في الحديث عن المهاجرين‪.‬‬

‫) ‪(1/164‬‬

‫ما قيل في صفة الفيل من الشعر‬


‫‪...‬‬
‫ما قيل في صفة الفيل من الشعر‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فلما رد ال الحبشة عن مكة‪ ،‬وأصابهم بما أصابهم به من النأقمة أعظمت العرب‬
‫قريشا‪ ،‬وقالوا‪ :‬هم أهل ال قاتل ال عنأهم وكفاهم مئونأة عدوهم فقالوا في ذلك أشعا ار يذكرون فيها ما‬
‫صنأع ال بالحبشة وما رد عن قريش من كيدهم‪.‬‬
‫ــــ‬
‫حول الشعر الذي قيل في الفيل ‪:‬‬
‫وقوله‪ :‬تنأكلوا عن بطن مكة إنأها‪ .‬وهذا خآرم في الكامل وقد وجد في غير هذا البيت‬
‫في أشعار هذا الكتاب الخآرم في الكامل ول يبعد أن يدخآل الخآرم في‬

‫) ‪(1/164‬‬
‫شعر ابن الزبعري في وقعة الفيل‪:‬‬
‫فقال عبد ال بن الزبعرى بن عدي بن قيس بن عدي بن سعيد بن سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب‬
‫بن لؤي بن غالب بن فهر‪:‬‬
‫تنأكلوا عن بطن مكة إنأها ‪ ...‬كانأت قديما ل يرام حريمها‬
‫لم تخآلق الشعرى ليالي حرمت ‪ ...‬إذ ل عزيز من النأام يرومها ‪1‬‬
‫سائل أمير الجيش عنأها ما رأى ‪ ...‬ولسوف ينأبي الجاهلين عليمها‬
‫ستون ألفا لم يئوبوا أرضهم ‪ ...‬ولم يعش بعد الياب سقيمها‬
‫كانأت بها عاد وجرهم قبلهم ‪ ...‬وال من فوق العباد يقيمها‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬يعنأي ابن الزبعرى بقوله‪:‬‬
‫‪ ...‬بعد الياب سقيمها‬
‫أبرهة‪ ،‬إذ حملوه معهم حين أصابه ما أصابه حتى مات بصنأعاء‪.‬‬
‫شعر ابن السلت في وقعة الفيل‪:‬‬
‫وقال أبو قيس بن السلت النأصاري ثم الخآطمي‪ ،‬واسمه صيفي‪ .‬قال ابن هشام‪ :‬أبو قيس‪ :‬صيفي بن‬
‫السلت بن جشم بن وائل بن زيد بن قيس بن عامرة ‪ 2‬بن مرة بن مالك بن الوس‪:‬‬
‫ومن صنأعه يوم فيل الحبو ‪ ...‬ش إذ كلما بعثوه رزم ‪3‬‬
‫محاجنأهم تحت أقرابه ‪ ...‬وقد شرموا أنأفه فانأخآرم ‪4‬‬
‫وقد جعلوا سوطه مغول ‪ ...‬إذا يمموه قفاه كلم‬
‫فولى وأدبر أدراجه ‪ ...‬وقد باء بالظلم من كان ثم‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الشعري‪ :‬اسم النأجم‪.‬‬
‫‪ 2‬كذا في "شرح السيرة" لبي ذر‪ ،‬وفي الصول‪" :‬عامر" وهو تحريف‪.‬‬
‫‪ 3‬رزم‪ :‬ثبت بمكانأه فلم يبرحه‪ ،‬وأكثر ما يكون ذلك من العياء‪.‬‬
‫‪ 4‬أقرابه‪ :‬جمع قرب وهو الخآصر‪ .‬شرموا‪ :‬شقوا‪.‬‬

‫) ‪(1/165‬‬

‫فأرسل من فوقهم حاصبا ‪ ...‬فلفهم مثل لف القزم‬


‫تجض على الصبر أحبارهم ‪ ...‬وقد ثأجوا كثؤاج الغنأم‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وهذه البيات في قصيدة له‪.‬‬
‫والقصيدة أيضا تروى لمية بن أبي الصلت‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وقال أبو قيس بن السلت‬
‫فقوموا فصلوا ربكم وتمسحوا ‪ ...‬بأركان هذا البيت بين الخآاشب ‪1‬‬
‫فعنأدكم منأه بلء مصدق ‪ ...‬غداة أبي يكسوم هادي الكتائب‬
‫كتيبته بالسهل تمسي‪ ،‬ورجله ‪ ...‬على القادفات في رءوس المنأاقب ‪2‬‬
‫فلما أتاكم نأصر ذي العرش ردهم ‪ ...‬جنأود المليك بين ساف وحاصب ‪3‬‬
‫فولوا سراعا هاربين ولم يؤب ‪ ...‬إلى أهله ملحبش غير عصائب‬
‫قال ابن هشام‪ :‬أنأشدنأي أبو زيد النأصاري قوله‪:‬‬
‫على القاذفات في رءوس المنأاقب‬
‫وهذه البيات في قصيدة لبي قيس‪ ،‬سأذكرها في موضعها إن شاء ال‪ .‬وقوله "غداة أبي يكسوم "‪:‬‬
‫يعنأي‪ :‬أبرهة كان يكنأى أبا يكسوم‪.‬‬
‫شعر طالب في وقعة الفيل‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وقال طالب بن أبي طالب بن عبد المطلب‪:‬‬
‫ألم تعلموا ما كان في حرب داحس ‪ ...‬وجيش أبي يكسوم إذ ملئوا الشعبا ‪4‬‬
‫فلول دفاع ال ل شيء غيره ‪ ...‬لصبحتم ل تمنأعون لكم سربا‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وهذان البيتان في قصيدة له في يوم بدر سأذكرها في موضعها إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬صلوا ربكم‪ :‬ادعوا ربكم‪ .‬الخآاشب‪ :‬جبال مكة وجبال منأى‪.‬‬
‫‪ 2‬القاذفات‪ :‬أعالي الجبال البعيدة‪ .‬والمنأاقب‪ :‬جمع منأقبة‪ ،‬وهي الطريق في رأس الجبل‪.‬‬
‫‪ 3‬ساف‪ :‬الذي غطاه التراب‪ .‬والحاصب‪ :‬الذي أصابته الحجارة‪.‬‬
‫‪ 4‬داحس‪ :‬اسم فرس مشهور‪ ،‬وكانأت حرب بسببه‪.‬‬

‫) ‪(1/166‬‬

‫شعر أبي الصلت في وقعة الفيل‪:‬‬


‫قال ابن إسحاق‪ :‬وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي في شأن الفيل ويذكر الحنأيفية دين إبراهيم عليه‬
‫السلم‪ .‬قال ابن هشام‪ :‬تروى لمية بن أبي الصلت بن أبي ربيعة الثقفي‪:‬‬
‫إن آيات ربنأا ثاقبات ‪ ...‬ل يماري فيهن إل الكفور‬
‫خآلق الليل والنأهار فكل ‪ ...‬مستبين حسابه مقدور‬
‫ثم يجلو النأهار رب رحيم ‪ ...‬بمهاة شعاعها منأشور ‪1‬‬
‫حبس الفيل بالمغمس حتى ‪ ...‬ظل يحبو كأنأه معقور‬
‫لزما حلقة الجران كما قط ‪ ...‬ر من صخآر كبكب محدور ‪2‬‬
‫حوله من ملوك كنأدة أبطا ‪ ...‬ل ملويث في الحروب صقور ‪3‬‬
‫خآلفوه ثم ابذعروا جميعا ‪ ...‬كلهم عظم ساقه مكسور ‪4‬‬
‫كل دين يوم القيامة عنأد ال إل دين الحنأيفة بور‪.‬‬
‫شعر الفرزدق في وقعة الفيل‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وقال الفرزدق ‪ -‬واسمه هشام بن غالب أحد بنأي مجاشع بن دارم بن مالك بن حنأظلة بن‬
‫مالك بن زيد منأاة بن تميم ‪ -‬يمدح سليمان بن عبد الملك بن مروان‪ ،‬ويهجو الحجاج بن يوسف ويذكر‬
‫الفيل وجيشه‪:‬‬
‫فلما طغى الحجاج حين طغى به غنأى ‪ ...‬قال إنأي مرتق في السللم‬
‫فكان كما قال ابن نأوح سأرتقي ‪ ...‬إلى جبل من خآشية الماء عاصم‬
‫رمى ال في جثمانأه مثل ما رمى ‪ ...‬عن القبلة البيضاء ذات المحارم‬
‫جنأودا تسوق الفيل حتى أعادهم ‪ ...‬هباء وكانأوا مطرخآمي الطراخآم‬
‫نأصرت كنأصر البيت إذ ساق فيله ‪ ...‬إليه عظيم المشركين العاجم‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬المهاة‪ :‬الشمس‪ ،‬سميت بذلك لصفائها‪ ،‬والمها من الجسام التي يرى باطنأه من ظاهره‪.‬‬
‫‪ 2‬الجران‪ :‬الصدر‪ .‬والقطر الجانأب‪ .‬وكبكب‪ :‬اسم جبل‪ .‬والمحدور‪ :‬الحجر الذي انأحدر حتى بلغ‬
‫الرض‪.‬‬
‫‪ 3‬ملويث‪ :‬أشداء‪.‬‬
‫‪ 4‬ابذعروا‪ :‬تفرقوا‪.‬‬

‫) ‪(1/167‬‬

‫وهذه البيات في قصيدة له‪:‬‬


‫شعر ابن الرقيات في وقعة الفيل‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وقال عبد ال بن قيس الرقيات‪ .‬أحد بنأي عامر بن لؤي بن غالب يذكر أبرهة ‪ -‬وهو‬
‫الشرم ‪ -‬والفيل \‬
‫كاده الشرم الذي جاء بالفي ‪ ...‬ل فولى وجيشه مهزوم‬
‫واستهلت عليهم الطير بالجنأد ‪ ...‬ل حتى كأنأه مرجوم‬
‫ذاك من يغزه من النأاس يرجع ‪ ...‬وهو فل من الجيوش ذميم ‪1‬‬
‫وهذه البيات في قصيدة له‪.‬‬
‫ملك يكسوم ثم مسروق على اليمن‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فلما هلك أبرهة‪ ،‬ملك الحبشة ابنأه يكسوم بن أبرهة وبه كان يكنأى‪ ،‬فلما هلك يكسوم بن‬
‫أبرهة ملك اليمن في الحبشة أخآوه مسروق بن أبرهة‪.‬‬
‫__________‬
‫متفاعل فيحذف من السبب حرف كما حذف من الوتد في الطويل حرف إواذا وجد حذف السبب الثقيل‬
‫كله فأحرى أن يجوز حذف حرف منأه وذلك في قول ابن مفرغ‪:‬‬
‫هامة تدعو صدى ‪ ...‬بين المشقر واليمامة ‪2‬‬
‫وهو من المرفل والمرفل من الكامل‪ .‬أل ترى أن قبله‪:‬‬
‫وشريت بردا ليتنأي ‪ ...‬من بعد برد كنأت هامة‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الفل‪ :‬الجيش المنأهزم‪.‬‬
‫‪ 2‬الهامة‪ :‬من طير الليل‪ ،‬وهو الصدى وكانأت العرب تزعم أن روح القتيل الذي ل يدرك بثأره تصير‬
‫هامة‪ ،‬فترقو عنأد قبره قائلة اسقونأي فإذا أدرك بثأره طارت‪.‬‬

‫) ‪(1/168‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫فالمحذوف من الطويل إذا خآرم حرف من وتد مجموع والمحذوف من الكامل إذا خآرم حرف من سبب‬
‫ثقيل بعده سبب خآفيف ولما كان الضمار فيه كثيرا‪ ،‬وهو إسكان التاء من متفاعلن فمن ثم قال أبو علي‬
‫ل يجوز فيه الخآرم لن ذلك يئول إلى البتداء بساكن وهذا الكلم لمن تدبره بارد غث ; لن الكلمة التي‬
‫يدخآلها الخآرم لم يكن قط فيها إضمار نأحو تنأكلوا عن بطن مكة‪ ،‬والتي يدخآلها الضمار ل يتصور فيها‬
‫الخآرم نأحو ل يبعدن قومي‪ ،‬ونأحو قوله "لم تخآلق الشعرى ليالي حرمت" فتعليله في هذا الشعر إذا ل يفيد‬
‫شيئا‪ ،‬وما أبعد العرب من اللتفات إلى هذه الغراض التي يستعملها بعض النأحاة وهي أوهى من نأسج‬
‫الخآزرنأق ‪.1‬‬
‫وقوله‪:‬‬
‫لم تخآلق الشعرى ليالي حرمت‬
‫إن كان ابن الزبعرى قال هذا في السلم فهو منأتزع من قول النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪" -‬إن ال‬
‫حرم مكة‪ ،‬ولم يحرمها النأاس"‪ .‬ومن قوله في حديث آخآر "إن ال حرمها يوم خآلق السموات والرض"‪،2‬‬
‫والتربة خآلقت قبل خآلق الكواكب إوان كان ابن الزبعرى‪ ،‬قال هذا في الجاهلية فإنأما أخآذه ‪ -‬وال أعلم ‪-‬‬
‫من الكتاب الذي وجدوه في الحجر بالخآط المسنأد ‪ 3‬حين بنأوا الكعبة‪ ،‬وفيه"أنأا ال رب مكة خآلقتها يوم‬
‫خآلقت السموات والرض" الحديث‪ .‬وقوله "ولم يعش بعد الياب سقيمها "هكذا في النأسخآة المقيدة على‬
‫أبي الوليد المقابلة بالصلين اللذين كانأا عنأده وقابلها أبو بحر ‪ -‬رحمه ال – بهما‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الخآزرنأق‪ :‬العنأكبوت‪.‬‬
‫‪ 2‬أخآرجهما البخآاري ومسلم‪.‬‬
‫‪ 3‬أي خآط حمير‪.‬‬

‫) ‪(1/169‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫مرتين وحسب بعضهم أنأه كسر في البيت فزاد من قبل نأفسه فقال بل لم يعش‪ .‬فأفسد المعنأى‪ ،‬إوانأما هو‬
‫خآرم ‪ 1‬في أول القسم من عجز البيت كما كان في الصدر من أول بيت منأها‪.‬‬
‫وقول قيس بن السلت‪ :‬مثل لف القزم‪ .‬القزم‪ :‬صغار الغنأم‪ .‬ويقال رذال المال ورزم‪ :‬ثبت ولزم‬
‫موضعه‪ ،‬وأرزم من الرزيم وهو صوت ليس بالقوي وكذلك صوت الفيل ضئيل على عظم خآلقته ويفرق‬
‫من الهر وينأفر منأه وقد احتيل على الفيلة في بعض الحروب مع الهنأد‪ .‬أحضرت لها الهرة فذعرت‬
‫وولت وكان سببا لهزيمة القوم‪ .‬ذكره المسعودي‪ ،‬ونأسب هذه الحيلة إلى هارون بن موسى حين غ از بلد‬
‫الهنأد‪ ،‬وأول من ذلل الفيلة ‪ -‬فيما قال الطبري ‪ -‬أفريدون بن أثفيان ومعنأى أثفيان صاحب البقر وهو‬
‫أول من نأتج البغال واتخآذ للخآيل السروج والوكف ‪ - 2‬فيما ذكروا ‪ -‬وأما أول من سخآر الخآيل وركبها‬
‫"فطمهورث" وهو الثالث من ملوك الرض ‪ -‬فيما زعموا ‪ -‬وثؤاج الغنأم صوتها‪ ،‬ووقع في النأسخآة ثجوا‪،‬‬
‫وعليه مكتوب الصواب ثأجوا كثؤاج الغنأم‪.‬‬
‫وقول ابن السلت فقوموا‪ ،‬فصلوا ربكم وتمسخآوا‪ .‬سيأتي شرح هذه البيات في القصيدة حيث يذكرها ابن‬
‫إسحاق بكمالها ‪ -‬إن شاء ال‪.‬‬
‫وذكر قول طالب بن أبي طالب‪" :‬فأصبحتم ل تمنأعون لكم سربا" ويروى سربا بالكسر والسرب بالفتح‬
‫المال الراعي‪ ،‬والسرب بالكسر القطيع من البقر والظباء ومن النأساء أيضا‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬
‫فلم تر عينأي مثل سرب رأيته ‪ ...‬خآرجن علينأا من زقاق ابن واقف‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬هو وقص في اصطلح العروضيين‪.‬‬
‫‪ 2‬الوكف‪ :‬جمع وكاف‪ ،‬وهو بردعة الحمار‪.‬‬
‫) ‪(1/170‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫وطالب بن أبي طالب كان أسن من عقيل بعشرة أعوام وكان عقيل أسن من جعفر بعشرة أعوام وجعفر‬
‫أسن من علي ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ -‬بمثل ذلك وذكروا أن طالبا اخآتطفته الجن‪ ،‬فذهب ولم يذكر أنأه أسلم‬
‫‪.1‬‬
‫وذكر شعر أبي الصلت واسمه ربيعة بن وهب بن علج‪ .‬وفيه حبس الفيل بالمغمس وأن كسر الميم‬
‫الخآرة أشهر فيه‪ .‬وفيه بمهاة شعاعها منأشور‪ .‬والمهاة الشمس سميت بذلك لصفائها‪ ،‬والمهامن الجسام‬
‫الصافي الذي يرى باطنأه من ظاهره‪ .‬والمهاة البلورة والمهاة الظبية‪ .‬ومن أسماء الشمس الغزالة إذا‬
‫ارتفعت فهذا في معنأى المهاة‪ .‬ومن أسمائها‪ :‬البتيراء‪ .‬سئل علي بن أبي طالب ‪ -‬رضوان ال عليه ‪-‬‬
‫عن وقت صلة الضحى‪ ،‬فقال‪" :‬حتى ترتفع البتيراء" ذكره الهروي والخآطابي‪ ،‬ومن أسمائها‪ :‬حنأاذ‬
‫وبراح والضح وذكاء والجارية والبيضاء وبوح ويقال يوح بالياء وهو قول الفارسي وبالباء ذكره ابن‬
‫النأباري والشرق والسراج‪.‬‬
‫وقوله‪" :‬حلقه الجران" الجران العنأق ‪ 2‬يريد ألقى بجرانأه إلى الرض وهذا يقوي أنأه برك كما تقدم أل تراه‬
‫يقول كما قطر ‪3‬من صخآر كبكب‪ ،‬وهو جبل‪ .‬محدور أي حجر حدر حتى بلغ الرض‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬ابذعروا ‪ :4‬تفرقوا من ذعر وهي كلمة منأحوتة من أصلين من البذر والذعر‪ .‬وقوله إل دين‬
‫الحنأيفة‪ .‬يريد بالحنأيفة المة الحنأيفة أي المسلمة التي‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬وهذا من الخآرافات التي تحتاج إلى توثيق‪.‬‬
‫‪ 2‬باطن العنأق من البعير وغيره ومقدم عنأقه‪.‬‬
‫‪ 3‬رمى به على جانأبه‪.‬‬
‫‪ 4‬ابذعرت الخآيل‪ :‬ركضت تبادر شيئ ا تطلبه‪.‬‬

‫) ‪(1/171‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫على دين إبراهيم الحنأيف ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وذلك أنأه حنأف عن اليهودية والنأصرانأية‪ ،‬أي عدل‬
‫عنأها‪ ،‬فسمي حنأيفا‪ ،‬أو حنأف عما كان يعبد آباؤه وقومه‪.‬‬
‫وقوله في شعر الفرزدق‪ :‬كما قال ابن نأوح‪ .‬اسمه يام‪ ،‬وقيل كنأعان‪.‬‬
‫وقوله‪" :‬مطرخآمي الطراخآم" المطرخآم‪ :‬الممتلئ كب ار أو غضبا‪ .‬والطراخآم جمع مطرخآم على قياس‬
‫الجمع فإن المطرخآم اسم من ستة أحرف فيحذف منأه في الجمع والتصغير ما فيه من الزوائد وفيه‬
‫زائدتان الميم الولى‪ ،‬والميم المدغمة في الميم الخآرة لن الحرف المضاعف حرفان يقال في تصغير‬
‫مطرخآم طريخآم وفي جمعه طراخآم وفي مسبطر سباطر ‪ 1‬وذكره يعقوب في اللفاظ بالغين فقال اطرغم‬
‫الرجل ولم يذكر الخآاء‪.‬‬
‫وذكر عبد ال بن قيس الرقيات‪ .‬واخآتلف في تلقيبه قيس الرقيات فقيل كان له ثلث جدات كلهن رقية‬
‫فمن قال فيه ابن الرقيات فإنأه نأسبه إلى جداته ومن قال قيس الرقيات دون ذكر ابن فإنأه نأسبة وقيل بل‬
‫شبب بثلث نأسوة كلهن تسمى‪ :‬رقية وقيل بل ببيت قاله وهو "رقية ما رقية ما رقية أيها الرجل"‪ .‬وقال‬
‫الزبير كان يشبب برقية بنأت عبد الواحد بن أبي السرح من بنأي ضباب بن حجير بن عبد بن معيص‬
‫وبابنأة عم لها اسمها رقية وهو ابن قيس بن شريح من بنأي حجير أيضا‪ ،‬وحجير أخآو حجر بن عبد بن‬
‫معيص بن عامر رهط عمرو بن أم مكتوم العمى‪.‬‬
‫وقوله‪" :‬حتى كأنأه مرجوم" وهو قد رجم فكيف شبهه بالمرجوم وهو مرجوم بالحجارة وهل يجوز أن يقال‬
‫في مقتول كأنأه مقتول؟ فنأقول لما ذكر استهلل الطير وجعلها كالسحاب يستهل بالمطر والمطر ليس‬
‫برجم إوانأما الرجم بالكف ونأحوها‪ ،‬شبهه بالمرجوم الذي يرجمه الدميون أو من يعقل ويتعمد الرجم من‬
‫عدو ونأحوه فعنأد ذلك يكون المقتول بالحجارة مرجوما على الحقيقة ولما لم يكن جيش الحبشة كذلك إوانأما‬
‫أمطروا حجارة فمن ثم قال كأنأه مرجوم‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬سبطر‪ :‬اضطجع وامتد‪ ،‬واسبطر في السير أسرع فيه‪ ،‬واسبطرت البلد‪ :‬استقامت‪.‬‬

‫) ‪(1/172‬‬

‫خآروج سيف بن ذي يزن وملك وهرز على اليمن‪:‬‬


‫‪...‬‬
‫خآروج سيف بن ذي يزن وملك وهرز على اليمن‪:‬‬
‫ابن ذي يزن عنأد قيصر‪ :‬ابن ابن‬
‫فلما طال البلء على أهل اليمن‪ ،‬خآرج سيف بن ذي يزن الحميري وكان يكنأى بأبي مرة حتى قدم على‬
‫قيصر ملك الروم‪ ،‬فشكا إليه ما هم فيه وسأله أن يخآرجهم عنأه ويليهم هو ويبعث إليهم من شاء من‬
‫الروم‪ ،‬فيكون له ملك اليمن‪ ،‬فلم يشكه ]ولم يجد عنأده شيئ ا مما يريد[‪.‬‬
‫توسط النأعمان لبنأذي يزن لدى كسرى‪:‬‬
‫فخآرج حتى أتى النأعمان بن المنأذر ‪ -‬وهو عامل كسرى ‪ 1‬على الحيرة‪ ،‬وما يليها‬
‫ــــ‬
‫سيف بن ذي يزن وكسرى وذكر سيف بن ذي يزن وخآبره مع النأعمان وكسرى‪ ،‬وقد ذكرنأا قصته في أول‬
‫حديث الحبشة‪ ،‬وأنأه مات عنأد كسرى‪ ،‬وقام ابنأه مقامه في الطلب وهو سيف بن ذي يزن بن ذي أصبح‬
‫‪ 2‬بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن الغوث‬
‫بن قطن بن عريب بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن العرنأجح وهو‪ :‬حمير بن سبأ‪ ،‬وكسرى هذا هو‬
‫أنأوشروان بن قباذ ومعنأاه مجدد الملك لنأه جمع ملك فارس بعد شتات‪ .‬والنأعمان اسم منأقول من النأعمان‬
‫الذي هو الدم‪ .‬قاله صاحب العين والقنأقل الذي شبه به التاج هو مكيال عظيم‪ .‬قال الراجز يصف‬
‫الكمأة‪:‬‬
‫ما لك ل تجرفها بالقنأقل ‪ ...‬ل خآير في الكمأة إن لم تفعل‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬هو أنأو شروان ومعنأاه مجدد الملك‪ ،‬لنأه جمع ملك فارس الكبير بعد شتات‪.‬‬
‫‪ 2‬قال في "الشتقاق" يزن‪ :‬موضع‪ .‬يقال ذو أ أز وذو يزن‪ ,‬وهو أول من اتخآذ أسنأة الحديد فنأسبت إليه‬
‫يقال للسنأة يزنأي‪ ،‬وأزنأي‪ ،‬يزأنأي‪ ،‬إوانأما كانأت أسنأة العرب قرون البقر‪ ،‬إوالى ذي أصبح نأسب السوط‬
‫فقيل‪ :‬الصبحي‪.‬‬

‫) ‪(1/173‬‬

‫من أرض العراق ‪ -‬فشكا إليه أمر الحبشة‪ ،‬فقال له النأعمان إن لي على كسرى وفادة في كل عام فأقم‬
‫حتى يكون ذلك ففعل ثم خآرج معه فأدخآله على كسرى‪ ،‬وكان كسرى يجلس في إيوان مجلسه الذي فيه‬
‫تاجه وكان تاجه مثل القنأقل العظيم ‪ -‬فيما يزعمون ‪ -‬يضرب فيه الياقوت واللؤلؤ والزبرجد بالذهب‬
‫والفضة معلقا بسلسلة من ذهب في رأس طاقة في مجلسه ذلك وكانأت عنأقه ل تحمل تاجه إنأما يستر‬
‫بالثياب حتى يجلس في مجلسه ذلك ثم يدخآل رأسه في تاجه فإذا استوى في مجلسه كشفت عنأه الثياب‬
‫فل يراه رجل لم يره قبل ذلك إل برك هيبة له فلما دخآل عليه سيف بن ذي يزن برك‪.‬‬
‫ابن ذي يزن بين يدي كسرى‪ ،‬ومعاونأة كسرى له‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬حدثنأي أبو عبيدة‪:‬‬
‫أن سيفا لما دخآل عليه طأطأ رأسه فقال الملك إن هذا الحمق يدخآل علي من هذا الباب الطويل ثم‬
‫يطأطئ رأسه؟ فقيل ذلك لسيف فقال إنأما فعلت هذا لهمي‪ ،‬لنأه يضيق عنأه كل شيء‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬ثم قال له أيها الملك غلبتنأا على بلدنأا الغربة‪ ،‬فقال له كسرى‪ :‬أي الغربة‪ :‬الحبشة‬
‫أم السنأد؟ فقال بل الحبشة‪ ،‬فجئتك لتنأصرنأي‪ ،‬ويكون ملك بلدي لك‪ ،‬قال بعدت بلدك مع قلة خآيرها‪،‬‬
‫فلم أكن لورط ‪ 1‬جيشا من فارس بأرض العرب‪ ،‬ل حاجة لي بذلك ثم أجازه بعشرة آلف درهم واف‬
‫وكساه كسوة حسنأة فلما قبض ذلك منأه سيف خآرج فجعل ينأثر ذلك الورق للنأاس فبلغ ذلك الملك فقال إن‬
‫لهذا لشأنأا‪ ،‬ثم بعث إليه فقال عمدت إلى حباء الملك تنأثره للنأاس فقال وما أصنأع بهذا؟ ما جبال أرضي‬
‫التي جثت منأها إل ذهب وفضة ‪ -‬يرغبه فيها فجمع كسرى م ارزبته ‪ 2‬فقال لهم ماذا ترون في أمر هذا‬
‫الرجل وما‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬لورط‪ :‬أي لنأتشب في شر‪ ،‬والورطة‪ :‬النأتشاب في الشر‪.‬‬
‫‪ 2‬هم وزراء الفرس‪ ،‬واحدهم مرزبان‪.‬‬

‫) ‪(1/174‬‬

‫جاء له؟ فقال قائل أيها الملك إن في سجونأك رجال قد حبستهم للقتل فلو أنأك بعثتهم معه فإن يهلكوا كان‬
‫ذلك الذي أردت بهم إوان ظفروا كان ملكا ازددته‪ ،‬فبعث معه كسرى من كان في سجونأه وكانأوا ثمانأمائة‬
‫رجل‪.‬‬
‫وهرز وسيف بن ذي يزن وانأتصارهما على مسروق وما قيل في ذلك من الشعر‪:‬‬
‫واستعمل عليهم رجل يقال له وهرز وكان ذا سن فيهم وأفضلهم حسبا وبيتا‪ ،‬فخآرجوا في ثمان سفائن‬
‫فغرقت سفينأتان ووصل إلى ساحل عدن ست سفائن فجمع سيف إلى وهرز من استطاع من قومه وقال‬
‫له رجلي مع رجلك حتى نأموت جميعا‪ ،‬أو نأظفر جميعا‪ .‬قال له وهرز أنأصفت‪ ،‬وخآرج إليه مسروق بن‬
‫أبرهة ملك اليمن‪ ،‬وجمع إليه جنأده فأرسل إليهم وهرز ابنأا له ليقاتلهم فيخآتبر قتالهم فقتل ابن وهرز فزاده‬
‫ذلك حنأقا عليهم فلما تواقف النأاس على مصافهم قال وهرز أرونأي ملكهم فقالوا له أترى رجل على الفيل‬
‫عاقدا تاجه على رأسه بين عينأيه ياقوتة حمراء؟ قال نأعم قالوا‪ :‬ذاك ملكهم فقال اتركوه قال فوقفوا طويل‪،‬‬
‫ثم قال علم هو؟ قالوا‪ :‬قد تحول على الفرس‪ ،‬قال اتركوه‪ .‬فوقفوا طويل‪ ،‬ثم قال علم هو؟ قالوا‪ :‬قد‬
‫تحول على البغلة‪ .‬قال وهرز بنأت الحمار ذل وذل ملكه إنأي سأرميه فإن رأيتم أصحابه لم يتحركوا‪،‬‬
‫فاثبتوا حتى أوذنأكم فإنأي قد أخآطأت الرجل إوان رأيتم القوم قد استداروا ولثوا به فقد أصبت الرجل فاحملوا‬
‫عليهم‪ .‬ثم وتر قوسه وكانأت فيما يزعمون ل يوترها غيره من شدتها‪ ،‬وأمر بحاجبيه فعصبا له ثم‬
‫__________‬
‫وفي "الغربيين" للهروي القنأقل مكيال يسع ثلثة وثلثين منأا ‪ ،1‬ولم يذكر كم المنأا‪ ،‬وأحسبه وزن رطلين‬
‫وهذا التاج قد أتى به عمر بن الخآطاب ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ -‬حين استلب من يزدجرد بن شهريار تصير‬
‫إليه من قبل جده أنأوشروان المذكور فلما أتى به عمر رضي ال عنأه دعا سراقة بن مالك المدلجي‪،‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬منأا‪ :‬بفتح الميم‪ ،‬مقصور‪ ،‬يكتب باللف وهو‪ :‬الكيل أو الميزان الذي يوزن به‪ ،‬وتثنأيته منأا‪ :‬منأوان‬
‫ومنأيان‪ ،‬والول أعلى‪.‬‬

‫) ‪(1/175‬‬

‫رماه فصك الياقوتة التي بين عينأيه فتغلغلت النأشابة في رأسه حتى خآرجت من قفاه‪ ،‬ونأكس عن دابته‬
‫واستدارت الحبشة ولثت به وحملت عليهم الفرس‪ ،‬وانأهزموا‪ ،‬فقتلوا وهربوا في كل وجه وأقبل وهرز‬
‫ليدخآل صنأعاء‪ ،‬حتى إذا أتى بابها‪ ،‬قال ل تدخآل رايتي منأكسة أبدا‪ ،‬اهدموا الباب فهدم ثم دخآلها نأاصبا‬
‫رايته فقال سيف بن ذي يزن الحميري‪:‬‬
‫يظن النأاس بالملكين ‪ ...‬أنأهما قد التأما‬
‫ومن يسمع بلمهما ‪ ...‬فإن الخآطب قد فقما‬
‫قتلنأا القيل مسروقا ‪ ...‬وروينأا الكثيب دما ‪1‬‬
‫إوان القيل قيل النأا ‪ ...‬س وهرز مقسم قسما‬
‫يذوق مشعشعا حتى ‪ ...‬يفيء السبي والنأعما ‪2‬‬
‫ــــ‬
‫فحله بأسورة كسرى‪ ،‬وجعل التاج على رأسه وقال له "قل الحمد ل الذي نأزع تاج كسرى‪ ،‬ملك الملك‬
‫من رأسه ووضعه في رأس أعرابي من بنأي مدلج وذلك بعز السلم وبركته ل بقوتنأا" إوانأما خآص عمر‬
‫سراقة بهذا ; لن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬كان قال له "يا سراق كيف بك إذا وضع تاج‬
‫كسرى على رأسك إواسواره في يديك" أو كما قال صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫وذكر قدوم سيف مع وهرز على صنأعاء في ستمائة وقد قدمنأا قول ابن قتيبة أنأهم كانأوا سبعة آلف‬
‫وخآمسمائة وانأضافت إليهم قبائل من العرب‪.‬‬
‫صنأعاء‪:‬‬
‫وذكر دخآول وهرز صنأعاء وهدمه بابها‪ ،‬إوانأما كانأت تسمى قبل ذلك أوال‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬القيل‪ :‬الملك‪.‬‬
‫‪ 2‬المشعشع‪ :‬الشراب الممزوج بالماء‪ .‬يفيء‪ :‬يغنأم‪.‬‬

‫) ‪(1/176‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وهذه البيات في أبيات له‪ .‬وأنأشدنأي خآلد بن قرة السدوسي آخآرها بيتا لعشى بنأي قيس‬
‫بن ثعلبة في قصيدة له وغيره من أهل العلم بالشعر ينأكرها له‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وقال أبو الصلت بن أبي ربيعة الثقفي‪ ،‬قال ابن هشام‪ :‬وتروى لمية بن أبي الصلت‪:‬‬
‫ليطلب الوتر أمثال ابن ذي يزن ‪ ...‬ريم في البحر للعداء أحوال ‪1‬‬
‫يمم قيصر لما حان رحلته ‪ ...‬فلم يجد عنأده بعض الذي سال‬
‫ثم انأثنأى نأحو كسرى بعد عاشرة ‪ ...‬من السنأين يهين النأفس والمال‬
‫متى أتى ببنأي الحرار يحملهم ‪ ...‬إنأك عمري لقد أسرعت قلقال ‪2‬‬
‫ل درهم من عصبة خآرجوا ‪ ...‬ما إن أرى لهم في النأاس أمثال‬
‫بيضا م ارزبة غلبا أساورة ‪ ...‬أسدا تربب في الغيضات أشبال ‪3‬‬
‫__________‬
‫قال ابن الكلبي وسميت صنأعاء لقول وهرز حين دخآلها‪ :‬صنأعة صنأعة يريد أن الحبشة أحكمت صنأعها‪،‬‬
‫قال ابن مقبل يذكر أوال‪:‬‬
‫عمد الحداة بها لعارض قرية ‪ ...‬وكأنأها سفن بسيف أوال ‪4‬‬
‫وقال جرير‪:‬‬
‫وشبهت الحدوج غداة قو ‪ ...‬سفين الهنأد روح من أوال ‪5‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬رصيم‪ :‬أقام‪ ،‬أو هو مأخآوذ من رام يريم إذا برح‪.‬‬
‫‪ 2‬بنأو الحرار‪ :‬الفرس‪ .‬القلقال‪ :‬بالكسر وبالفتح‪ :‬شدة الحركة‪.‬‬
‫‪ 3‬الغلب‪ :‬الشداد‪ .‬أساورة‪ :‬رماة الفرس‪ .‬تربب‪ :‬من التربية‪ .‬والغيضات‪ :‬جمع غيضة‪ ،‬وهي الشجر‬
‫الكثير الملتف‪.‬‬
‫‪ 4‬العارض‪ :‬ما اعترض في الفق من سحاب أو جراد أو نأحل‪.‬‬
‫‪ 5‬الحدوج‪ :‬جمع حدج بكسر الحاء‪ ،‬مركب للنأساء كالمحفة‪ .‬وقو‪ :‬يقال إنأها منأزل للقاصد إلى المدينأة‬
‫من البصرة بعد النأباح‪.‬‬

‫) ‪(1/177‬‬

‫يرمون عن شدف كأنأها غبط ‪ ...‬بزمخآر يعجل المرمي إعجال ‪1‬‬


‫أرسلت أسدا على سود الكلب فقد ‪ ...‬أضحى شريدهم في الرض فلل‬
‫فاشرب هنأيئا عليك التاج مرتفقا ‪ ...‬في رأس غمدان دا ار منأك محلل‬
‫واشرب هنأيئا فقد شالت نأعامتهم ‪ ...‬وأسبل اليوم في برديك إسبال ‪2‬‬
‫تلك المكارم ل قعبان من لبن ‪ ...‬شيبا بماء فعادا بعد أبوال‬
‫ــــ‬
‫وقال الخآطل‪:‬‬
‫خآوص كأن شكيمهن معلق ‪ ...‬بقنأا ردينأة أو جذوع أوال‬
‫وقد قيل إن صنأعاء اسم الذي بنأاها‪ ،‬وهو صنأعاء بن أوال بن عبير بن عابر بن شالخ فكانأت تعرف تارة‬
‫بأوال وتارة بصنأعاء‪.‬‬
‫شرح لمية ابن أبي الصلت‪:‬‬
‫وقوله في شعر أمية بن أبي الصلت‪ :‬ريم في البحر‪ .‬أي أقام فيه ومنأه الروايم وهي الثافي‪ ،‬كذلك‬
‫وجدته في حاشية الشيخ التي عارضها بكتابي "أبي الوليد الوقشي"‪ ,‬وهو عنأدي غلط لن الروايم من‬
‫رأمت إذا عطفت وريم ليس من رأم إوانأما هو من الريم وهو الدرج أو من الريم الذي هو الزيادة والفضل‬
‫أو من رام يريم إذا برح كأنأه يريد غاب زمانأا‪ ،‬وأحوال‪ ،‬ثم رجع للعداء وارتقى في درجات المجد أحوال‬
‫إن كان من الريم الذي هو الدرج ووجدته في غير هذا الكتاب خآيم مكان ريم فهذا معنأاه أقام‪ .‬وقوله‬
‫عمري‪ .‬أراد لعمري وقد قال الطائي‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬شدف‪ :‬عظام الشخآاص‪ ،‬يعنأي بها القسي‪.‬غبط‪ :‬جمع عبيط‪ ،‬وهي عيدان الهودج وأدواته‪ .‬الزمخآر‪:‬‬
‫القصب اليابس‪.‬‬
‫‪ 2‬شالت نأعامتهم ‪ :‬أهلكوا‪ ،‬والنأعامة باطن القدم‪ ،‬ومن هلك ارتفعت رجله فظهرت نأعامة قدمه‪.‬‬

‫) ‪(1/178‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫عمري لقد نأصح الزمان إوانأه ‪ ...‬لمن العجائب نأاصح ل يشفق‬
‫وقوله‪ :‬أسرعت قلقال بفتح القاف وكسرها‪ ،‬وكقول الخآر "وقلقل يبغي العز كل مقلقل" وهي شدة‬
‫الحركة‪.‬‬
‫وقوله‪" :‬يرمون عن شدف كأنأها غبط" الشدف الشخآص ويجمع على شدف ولم يرد ههنأا إل القسي‬
‫وليس شدف جمعا لشدف إوانأما هو جمع شدوف وهو النأشيط المرح يقال شدف فهو شدف ثم تقول‬
‫شدوف كما تقول مروح وقد يستعار المرح والنأشاط للقسي لحسن تأتيها وجودة رميها إواصابتها‪ ،‬إوانأما‬
‫احتجنأا إلى هذا التأويل لن فعل ل يجمع على فعل إل وثن ووثن فإن قلت‪ :‬فيجمع على فعول مثل‬
‫أسود فتقول شدوف ثم تجمع الجمع فتقول شدف قلنأا‪ :‬الجمع الكثير ل يجمع إوانأما يجمع منأه أبنأية‬
‫القليل‪ .‬نأحو أفعال وأفعل وأفعلة وأشبه ما يقال في هذا البيت إنأه جمع على غير قياس هذا إن كان‬
‫الشدف القسي‪ ،‬ويجوز أن يكون جمع شدفا على شدف مثل أسد وأسد‪ ،‬ثم حرك الدال وجائز أن يكون‬
‫أراد المرح من الخآيل كما تقدم‪ .‬وجعلها كالغبط لشراف ظهورها وعلوها‪.‬‬
‫وقوله يرمون عن شدف أي يدفعون عنأها بالرمي ويكون الزمخآر القسي‪ ،‬أو النأبل‪ .‬والغبط الهوادج‬
‫والزمخآر القصب الفارسي‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬في رأس غمدان‪ .‬ذكر ابن هشام أن غمدان أسسه يعرب بن قحطان وأكمله بعده واحتله وائل بن‬
‫حمير بن سبأ‪ ،‬وكان ملكا متوجا كأبيه وجده‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬شالت نأعامتهم‪ ،‬أي‪ :‬هلكوا‪ ،‬والنأعامة‪ :‬باطن القدم وشالت ارتفعت ومن هلك ارتفعت رجله‬
‫وانأتكس رأسه فظهرت نأعامة قدمه تقول العرب‪ :‬تنأعمت إذا مشيت حافيا‪ ،‬قال الشاعر‪:‬‬
‫تنأعمت لما جاءنأي سوء فعلهم ‪ ...‬أل إنأما البأساء للمتنأعم‬

‫) ‪(1/179‬‬

‫قال ابن هشام‪ :‬هذا ما صح له مما روى ابن إسحاق منأها‪ ،‬إل آخآرها بيتا قوله‬
‫تلك المكارم ل قعبان من لبن ‪1‬‬
‫فإنأه للنأابغة الجعدي‪ .‬واسمه ]حبان بن[ عبد ال بن قيس‪ ،‬أحد بنأي جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر‬
‫بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن‪ ،‬في قصيدة له‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وقال عدي بن زيد الحيري‪ ،‬وكان أحد بنأي تميم‪ .‬قال ابن هشام‪ :‬ثم أحد بنأي امرئ‬
‫القيس بن زيد منأاة بن تميم‪ ،‬ويقال عدي من العباد من أهل الحيرة‪:‬‬
‫ما بعد صنأعاء كان يعمرها ‪ ...‬ولة ملك جزل مواهبها‬
‫رفعها من بنأى لدى قزع ال ‪ ...‬مزن وتنأدى مسكا محاربها ‪2‬‬
‫محفوفة بالجبال دون عرى ال ‪ ...‬كائد ما ترتقى غواربها ‪3‬‬
‫ــــ‬
‫والنأعامة أيضا‪ :‬الظلمة والنأعامة الدعامة التي تكون عليها البكرة والنأعامة الجماعة من النأاس وابن‬
‫النأعامة عرق في باطن القدم‪.‬‬
‫النأابغة وعدي بن زيد‪:‬‬
‫وذكر النأابغة الجعدي واسمه‪ :‬قيس بن عبد ال وقيل إن اسمه حبان بن قيس بن عبد ال بن وحوح‬
‫والوحوح في اللغة وسط الوادي‪ ،‬قاله أبو عبيد وأبو حنأيفة وهو أحد النأوابغ وهم ثمانأية ذكرهم البكري‪،‬‬
‫وذكر العاشي وهم‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬القعبان‪ :‬تثنأية قعب‪ ،‬وهو قدح يحلب فيه‪.‬‬
‫‪ 2‬قزع‪ :‬السحاب المتفرق‪ :‬المزن‪ :‬السحاب‪ .‬المحارب‪:‬الغرف المرتفعة‪.‬‬
‫‪ 3‬يريد دون عرى السماء وأسبابها‪ ،‬والكائد‪ :‬هو الذي كادهم‪ ،‬وهو الباري تعالى‪ .‬والغوارب العالي‪.‬‬

‫) ‪(1/180‬‬

‫يأنأس فيها صوت النأهام إذا ‪ ...‬جاوبها بالعشي قاصبها‬


‫ساقت إليه السباب جنأد بنأي الحرار فرسانأها مواكبها‬
‫وفوزت بالبغال توسق بالحتف وتسعى بها توالبها‬
‫حتى رآها القوال من طرف المنأقل مخآضرة كتائبها‬
‫يوم ينأادون آل بربر واليكسوم ل يفلحن هاربها‬
‫وكان يوم باقي الحديث و از ‪ ...‬لت إمة ثابت مراتبها‬
‫وبدل الفيج بالزرافة واليا ‪ ...‬م جون جم عجائبها‬
‫بعد بنأي تبع نأخآاورة ‪ ...‬قد اطمأنأت بها م ارزبها‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وهذه البيات في قصيدة له‪ .‬وأنأشدنأي أبو زيد النأصاري ورواه لي عن المفضل الضبي‬
‫قوله‪:‬‬
‫يوم ينأادن آل بربر واليكسوم‪...‬الخ‪.‬‬
‫ــــ‬
‫خآمسة عشر‪ .‬والنأابغة ‪ 1‬شاعر معمر عاش مائتين وأربعين سنأة أكثرها في الجاهلية وقدومه على رسول‬
‫ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬إوانأشاده إياه ودعاء النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أل يفض ال فاه‬
‫مشهور وفي كتب الدب والخآبر مسطور فل معنأى للطالة به‪.‬‬
‫وذكر شعر عدي بن زيد العبادي‪ ،‬نأسب إلى العباد وهم من عبد القيس بن أفصى بن دعمي بن جديلة‬
‫بن أسد بن ربيعة‪ ،‬قيل إنأهم انأتسلوا من أربعة عبد المسيح وعبد كلل وعبد ال وعبد ياليل‪ ،‬وكذلك‬
‫سائرهم في اسم كل واحد منأهم عبد وكانأوا قدموا على ملك فتسموا له فقال أنأتم العباد فسموا بذلك وقد قيل‬
‫غير هذا‪.‬‬
‫وفي الحديث المسنأد "أبعد النأاس عن السلم الروم والعباد"‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الرجل العظيم الشأن‪ ،‬والنأوابغ من الشعراء هم‪ :‬زياد بن معاوية الذبيانأي‪ ،‬وقيس بن عبد ال الجعدي‪،‬‬
‫وعبد ال بن المخآارق الشيبانأي‪ ،‬أو جمل بن سعدانأة‪ ،‬ويزيد بن أباب الحارثي‪ ،‬وابن لي الغنأوي والحارث‬
‫بن بكر اليربوعي والحارث بن عدوان التغلبي‪ ،‬والنأابغة العدوانأي‪.‬‬
‫) ‪(1/181‬‬

‫هزيمة الحباش‪ ،‬ونأبوءة سطيح وشق‪:‬‬


‫وهذا الذي عنأى سطيح بقوله‪" :‬يليه إرم ذي يزن‪ ،‬يخآرج عليهم من عدن‪ ،‬فل يترك أحدا منأهم باليمن"‪.‬‬
‫والذي عنأى شق بقوله‪" :‬غلم ليس بدنأي ول مدن يخآرج عليهم من بيت ذي يزن"‪.‬‬
‫ــــ‬
‫وأحسبهم هؤلء لنأهم تنأصروا‪ ،‬وهم من ربيعة‪ ،‬ثم من بنأي عبد القيس وال أعلم‪ .‬والذي ذكره الطبري في‬
‫نأسب عدي بن زيد أنأه ابن زيد بن حماد بن أيوب بن مجروف بن عامر بن عصية بن امرئ القيس بن‬
‫زيد منأاة بن تميم‪ .‬وقد دخآل بنأو امرئ القيس بن زيد منأاة في العباد‪ .‬فلذلك ينأسب عدي إليهم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬صوت النأهام يريد ذكر اليوم وقاصبها‪ :‬الذي يزمر في القصب‪ .‬وقوله فيها‪ :‬دون عرى الكائد‬
‫يريد عرى السماء وأسبابها‪ ،‬ووقع في نأسخآة الشيخ عرى بفتح العين وهي النأاحية وأضافها إلى الكائد‬
‫وهو الذي كادهم والباري ‪ -‬سبحانأه وتعالى ‪ -‬كيده متين‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬فوزت بالبغال أي ركبت المفاوز ‪.1‬‬
‫وقوله‪ :‬توسق بالحتف أي أوسق البغال الحتوف‪ ،‬وتوالبها‪ :‬جمع تولب وهو ولد الحمار والتاء في تولب‬
‫بدل من واو كما في توأم وتولج ‪ 2‬وفي توراة على أحد القولين لن اشتقاق التولب من الوالبة وهي ما‬
‫يولده الزرع وجمعها‪ :‬أوالب‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬من طرف المنأقل أي من أعالي حصونأها‪ ،‬والمنأقال الخآرج ينأقل إلى الملوك من قرية إلى قرية‬
‫فكأن المنأقل من هذا‪ ،‬وال أعلم‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬مخآضرة كتائبها‪ .‬يعنأي من الحديد ومنأه الكتيبة الخآضراء ‪.3‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬المفاوز‪ :‬المهالك أو الصحاري‪.‬‬
‫‪ 2‬التولج‪ ،‬كنأاس الوحش‪ ،‬أي مولجة في الغابة‪.‬‬
‫‪ 3‬وهي التي غلب عليها لبس الحديد‪.‬‬

‫) ‪(1/182‬‬

‫ذكر ما انأتهى غليه أمر الفرس باليمن‬


‫‪...‬‬
‫ذكر ما انأتهى إليه أمر الفرس باليمن‪:‬‬
‫ملك الحبشة في اليمن وملوكهم‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فأقام وهرز والفرس باليمن‪ ،‬فمن بقية ذلك الجيش من الفرس‪ :‬البنأاء الذين باليمن‬
‫اليوم‪ .‬وكان ملك الحبشة باليمن‪ ،‬فيما بين أن دخآلها أرياط إلى أن قتلت الفرس مسروق بن أبرهة‬
‫وأخآرجت الحبشة‪ ،‬اثنأتين وسبعين سنأة توارث ذلك منأهم أربعة أرياط‪ ،‬ثم أبرهة‪ ،‬ثم يكسوم بن أبرهة ثم‬
‫مسروق بن أبرهة‪.‬‬
‫ملوك الفرس على اليمن‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬ثم مات وهرز فأمر كسرى ابنأه المرزبان بن وهرز على اليمن‪،‬‬
‫ــــ‬
‫وقوله‪ :‬ينأادون آل بربر ; لن البربر والحبشة من ولد حام ‪ .1‬وقد قيل إنأهم من ولد جالوت من العماليق‪.‬‬
‫وقد قيل في جالوت إنأه من الخآزر‪ ،‬إوان أفريقس لما خآرج من أرض كنأعان سمع لهم بربرة وهي اخآتلط‬
‫الصوات فقال ما أكثر بربرتهم فسموا بذلك وقيل غير هذا‪.‬‬
‫وقوله والغرب أراد الغرب بضم الراء جمع‪ :‬غراب إوان كان المعروف أغربة وغربان ولكن القياس ل‬
‫يدفعه وعنأى بهم السودان‪.‬‬
‫وقوله وبدل الفيج بالزرافة وهو المنأفرد في مشيته والزرافة الجماعة ‪ 2‬وقيل في الزرافة التي هي حيوان‬
‫طويل العنأق إنأه اخآتلط فيها النأسل بين البل الوحشية والبقر الوحشية والنأعام إوانأها متولدة من هذه‬
‫الجنأاس الثلثة‪ .‬وكذلك ذكر الزبيدي وغيره وأنأكر الجاحظ هذا في كتاب الحيوان له وقال إنأما دخآل‬
‫ــــ‬
‫ل‪ ،‬ول‬
‫‪ 1‬ويرد ابن حزم على ذلك بأنأه ما علم النأسابون لقيس عيلن ابنأا اسمه‪ :‬برن بفتح فتضعيف أص ا‬
‫كان لحمير طريق إلى بلد البربر‪ .‬انأظر‪" :‬الجمهرة" ص ‪.461‬‬
‫‪ 2‬ذكر الخآشنأي أن الفيج‪ :‬الذي يسير للسلطان بالكتب على رجليه‪.‬‬

‫) ‪(1/183‬‬

‫ثم مات المرزبان فأمر كسرى ابنأه التينأجان بن المرزبان على اليمن‪ ،‬ثم مات التينأجان فأمر كسرى ابن‬
‫التينأجان على اليمن‪ ،‬ثم عزله وأمر باذان فلم يزل باذان عليها حتى بعث ال محمدا النأبي ‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪-‬‬
‫كسرى وبعثة النأبي صلى ال عليه وسلم‪:‬‬
‫فبلغنأي عن الزهري أنأه قال كتب كسرى إلى باذان‪ :‬أنأه بلغنأي أن رجل من قريش خآرج بمكة‪ ،‬يزعم أنأه‬
‫نأبي‪ ،‬فسر إليه فاستتبه فإن تاب إوال فابعث إلي برأسه فبعث باذان بكتاب كسرى إلى رسول ال ‪ -‬صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ -‬فكتب إليه رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – "إن ال قد وعدنأي أن يقتل كسرى في‬
‫يوم كذا من شهر كذا" فلما أتى باذان الكتاب توقف لينأظر وقال إن كان نأبيا‪ ،‬فسيكون‬
‫ــــ‬
‫هذا الغلط عليهم من تسمية الفرس لها "اشتر ‪ -‬كاو ‪ -‬ماه ‪ ."1‬والفرس إنأما سمته بذلك لن في خآلقتها‬
‫شبها من جمل ونأعامة وبقرة فاشتر هو الجمل وكاو النأعامة وماه البقرة والفرس تركب السماء وتمزج‬
‫اللفاظ إذا كان في المسمى شبه من شيئين أو أشياء ويقال زرافة بتشديد الفاء حكاه أبو عبيد عن‬
‫القنأانأي‪.‬‬
‫وقوله بعد بنأي تبع بجاورة‪ .‬هكذا في نأسخآة سفيان بن أبي العاص السدي مصححا عليه وقد كتب في‬
‫الحاشية نأخآاورة في المين وفي الحاشية النأخآاورة الكرام وكذلك في المسموعة على ابن هشام يعنأي‬
‫نأسخآتي أبي الوليد الوقشي اللتين قابل بهما مرتين ويعنأي بالحاشية حاشية "تينأك المين" وأن فيهما‪:‬‬
‫نأخآاورة بالنأون والخآاء المنأقوطة وهم الكرام كما ذكر‪.‬‬
‫باذان وكسرى‪:‬‬
‫وذكر قصة باذان‪ ،‬وما كتب به إلى كسرى‪ ،‬وكسرى هذا هو أبرويز بن هرمز بن أنأوشروان‪ ،‬ومعنأى‬
‫أبرويز بالعربية المظفر وهو الذي غلب الروم حين أنأزل ال‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬انأظر‪ :‬كتاب "الحيوان" ‪.7/76‬ط‪1324 .‬هـ‬

‫) ‪(1/184‬‬

‫ما قال‪ .‬فقتل ال كسرى في اليوم الذي قال رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬قتل على يدي ابنأه شيرويه وقال خآالد بن حق الشيبانأي‪. :‬‬
‫وكسرى إذ تقسمه بنأوه ‪ ...‬بأسياف كما اقتسم اللحام ‪1‬‬
‫تمخآضت المنأون له بيوم ‪ ...‬أنأى‪ ،‬ولكل حاملة تمام ‪2‬‬
‫إسلم باذان‪:‬‬
‫قال الزهري‪ :‬فلما بلغ ذلك باذان بعث بإسلمه ‪ 3‬إواسلم من معه من الفرس إلى رسول ال ‪ -‬صلى ال‬
‫عليه وسلم ‪ -‬فقالت الرسل من الفرس لرسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬إلى من نأحن يا رسول ال؟‬
‫قال "أنأتم منأا إوالينأا أهل البيت" ‪.‬‬
‫ــــ‬
‫ض{ٍ ]الروم‪ [3-1 :‬وهو الذي عرض على ال في المنأام فقال له سلم ما‬ ‫}الم كغلمكبمت الرروم مفي أكمدكنأى املكمر م‬
‫ك‬
‫في يديك إلى صاحب الهراوة فلم يزل مذعو ار من ذلك حتى كتب إليه النأعمان بن المنأذر بظهور النأبي ‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بتهامة ‪ ،4‬فعلم أن المر سيصير إليه حتى كان من أمره ما كان وهو الذي كتب‬
‫إليه النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وحفيده يزدجرد بن شهريار بن أبرويز وهو آخآر ملوك الفرس‪،‬‬
‫وكان سلب ملكه وهدم سلطانأه على يدي عمر بن الخآطاب‪ ،‬ثم قتل هو في أول خآلفة عثمان‪ ،‬وجد‬
‫مستخآفيا في رحى ‪ 5‬فقتل وطرح في قنأاة الرحى‪ ،‬وذلك بمرو من أرض فارس‪.‬‬
‫وذكر حديث باذان ومقتل كسرى‪ ،‬وكان مقتل كسرى حين قتله بنأوه ليلة الثلثاء لعشر من جمادى‬
‫الولى سنأة سبع من الهجرة وأسلم باذان باليمن في سنأة‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬اللحام‪ :‬جمع لحم‪.‬‬
‫‪ 2‬أنأى‪ :‬بمعنأى حان‪.‬‬
‫‪ 3‬كان إسلم باذان في اليمن في سنأة عشر‪ ،‬وفيها بعث رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى البنأاء‬
‫يدعوهم إلى السلم‪.‬‬
‫‪ 4‬قد يكون المقصود بها مكة نأفسها‪.‬‬
‫‪ 5‬قال الرحى من الرض‪ :‬مكان مستدير غليظ يكون بين رمال‪ ،‬أو القارة الضخآمة الغليظة‪.‬‬

‫) ‪(1/185‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫عشر وفيها بعث رسول ال صلى ال عليه وسلم إلى البنأاء ‪ 1‬يدعوهم إلى السلم فمن البنأاء وهب‬
‫بن منأبه بن سيج بن ذكبار‪ ،‬وطاووس وذادويه وفيروز اللذان قتل السود العنأسي الكذاب وقد قيل في‬
‫طاووس إنأه ليس من البنأاء إوانأه من حمير‪ ،‬وقد قيل من فارس‪ ،‬واسمه ذكوان بن كيسان وهو مولى‬
‫بجير بن ريسان وقد قيل مولى الجعد وكان يقال له طاووس القراء لجماله‪.‬‬
‫وقول خآالد بن حق‪:‬‬
‫تمخآضت المنأون له بيوم ‪ ...‬أنأى ; ولكل حاملة تمام ‪2‬‬
‫المنأون‪ :‬المنأية وهو أيضا من أسماء الدهر وهو من منأنأت الحبل إذا قطعته‪ ،‬وفعول إذا كان بمعنأى‬
‫فاعل لم تدخآل التاء في مؤنأثه لسر بديع ذكرنأاه في غير هذا الكتاب فيقال امرأة صبور وشكور فمعنأى‬
‫المنأون المقطوع وتمخآضت أي حملت والمخآاض الحمل ووزنأه فعال ومخآاضة الماء ومخآاضة ]النأهر[‬
‫وزنأه مفعل من الخآوض‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬أنأى‪ ،‬أي‪ :‬حان‪ ،‬وقد قلبوه فقالوا‪ :‬آن يئين والدليل على أن آن يئين مقلوب من أنأى يأنأى‪ ،‬قوله‬
‫آنأاء الليل وواحدها‪ :‬إنأى وأنأى إوانأي فالنأون مقدمة على الياء في كل هذا‪ ،‬وفي كل ما صرف منأه نأحو‬
‫النأاء والنأي‪ :‬الذي بلغ أنأاه أي منأتهى وقته في التسخآين وهذا المعنأى كقولهم في المثل الدهر حبلى ل‬
‫يدري ما تضع إن كان أراد بالمنأون في البيت الدهر إوان كان أراد بالمنأون المنأية فبعيد أن يقال تمخآضت‬
‫المنأون له بهذا اليوم الذي مات فيه فإن موته منأيته فكيف تتمخآض المنأية بالمنأية إل أن يريد أسبابها‪،‬‬
‫وما منأي له‪ ،‬أي‪ :‬قدر من وقتها‪،‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬البنأاء‪ :‬هم أبنأاء فارس الذين استوطنأوا اليمن‪.‬‬
‫‪ 2‬معنأى البيت كما في "اللسان" أن المنأية تهيأت لن تلد له الموت‪.‬‬

‫) ‪(1/186‬‬

‫سلمان منأا‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬فبلغنأي عن الزهري أنأه قال‪:‬‬
‫فمن ثم قال رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – "سلمان منأا أهل البيت" ‪.‬‬
‫بعثة النأبي‪ ،‬ونأبوءة سطيح وشق‪:‬‬
‫عود إلى شق وسطيح قال ابن هشام‪ :‬فهو الذي عنأى سطيح بقوله "نأبي زكي‪ ،‬يأتيه الوحي من قبل‬
‫العلي"‪ .‬والذي عنأى شق بقوله "بل ينأقطع برسول مرسل يأتي بالحق والعدل من أهل الدين والفضل‬
‫يكون الملك في قومه إلى يوم الفصل"‪.‬‬
‫ــــ‬
‫فتصح الستعارة حينأئذ ويستقيم التشبيه‪.‬‬
‫وقول ابن حق وكسرى إذ تقسمه بنأوه‪ .‬إوانأما كان قتله على يدي ابنأه شيرويه لكن ذكر بنأيه لن بدء الشر‬
‫بينأه وبينأهم أن فرخآان رأى في النأوم أنأه قاعد على سرير الملك في موضع أبيه فبلغ أباه ذلك فكتب إلى‬
‫ابنأه شهريار ‪ -‬وكان واليا له على بعض البلد أن اقتل أخآاك فرخآان فأخآفى شهريار الكتاب من أخآيه‬
‫فكتب إليه مرة أخآرى‪ ،‬فأبى من ذلك فعزله وولى فرخآان وأمره بقتل شهريار فعزم على ذلك فأراه شهريار‬
‫الكتاب الذي كتب له أبوه فيه فتواطآ عنأد ذلك على القيام على أبيهما‪ ،‬وأرسل إلى ملك الروم يستعينأان‬
‫به في خآبر طويل فكان هذا بدء الشر ثم إن الفرس خآلعت كسرى لحداث أحدثها‪ ،‬وولت ابنأه شيرويه‬
‫فكان كسرى أبرويز ربما أشار برأي من محبسه فقالت الم ارزبة لشيرويه ل يستقيم لك الملك إل أن تقتل‬
‫أباك ‪ ،1‬فأرسل إليه من يقتله فيقال إنأه كان يضرب بالسيف فما يعمل فيه شيئا‪ ،‬ففتش فوجد على‬
‫عضده حجر معلق كالخآرزة فنأزع فعملت فيه السلح ‪،2‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "الطبري" أنأهم قالوا له‪" :‬إنأه ل يستقيم أن يكون لنأا ملكان فإما أن تأمر بقتل كسرى ونأحن خآولك‬
‫]خآدمك[ المانأحون الطاعة إواما أن نأخآلعك ونأعطيه الطاعة"‪.‬‬
‫‪ 2‬اسم قاتل كسرى‪ :‬مهر هرمز بن مردانأشاه‪.‬‬

‫) ‪(1/187‬‬

‫الحجر الذي وجد باليمن‪:‬‬


‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكان في حجر باليمن ‪ -‬فيما يزعمون ‪ -‬كتاب بالزبور كتب في الزمان الول "لمن‬
‫ملك ذمار؟ لحمير الخآيار لمن ملك ذمار؟ للحبشة الشرار لمن ملك ذمار؟ لفارس الحرار لمن ملك‬
‫ذمار؟ لقريش التجار"‪.‬‬
‫وذمار ‪ :‬اليمن أو صنأعاء‪ ،‬قال ابن هشام‪ :‬ذمار ‪ :‬بالفتح فيما أخآبرنأي يونأس‪.‬‬
‫شعر العشى في نأبوءة سطيح وشق‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وقال العشى ‪ -‬أعشى بنأي قيس بن ثعلبة في وقوع ما قال سطيح وصاحبه‪:‬‬
‫ما نأظرت ذات أشفار كنأظرتها ‪ ...‬حقا كما صدق الذئبي إذ سجعا ‪1‬‬
‫ــــ‬
‫وكان قبل يقول لبنأه يا قصير العمر فلم يدم أمره بعده إل أقل من ستة أشهر ‪ -‬فيما ذكروا ‪ -‬وال‬
‫أعلم‪.‬‬
‫"ذمار وحمير وفارس والحبشة"‪:‬‬
‫وقوله وجد بحجر باليمن ‪ :‬لمن ملك ذمار؟‬
‫وحكى ابن هشام عن يونأس ذمار بفتح الذال فدل على أن رواية ابن إسحاق بالكسر فإذا كان بكسر‬
‫الذال فهو غير مصروف لنأه اسم لمدينأة والغالب عليه التأنأيث ويجوز صرفه أيضا ; لنأه اسم بلد إواذا‬
‫فتحت الذال فهو مبنأي ‪ 2‬مثل رقاش وحذام وبنأو تميم يعربون مثل هذا البنأاء فيقولون رقاش ]وحذام[ في‬
‫الرفع ورقاش وحذام في النأصب والخآفض يعربونأه ول يصرفونأه فإذا كان لم الفعل راء‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ذات أشفار‪ :‬زرقاء اليمامة‪ ،‬وكانأت العرب تزعم أنأها ترى الشخآاص على مسيرة ثلثة أيام في‬
‫الصحراء وخآبرها مشهود‪.‬‬
‫‪ 2‬في "المرصد"‪ :‬ذمار بكسر أوله ويفتح مبنأي على الكسر‪ ،‬قرية باليمن على مرحلتين من صنأعاء‪،‬‬
‫وقيل‪ :‬ذمار اسم لصنأعاء‪.‬‬

‫) ‪(1/188‬‬
‫وكانأت العرب تقول لسطيح الذئبي‪ ،‬لنأه سطيح بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وهذا البيت في قصيدة له‪.‬‬
‫ــــ‬
‫اتفقوا مع أهل الحجاز على البنأاء والكسر‪ .‬وذمار ‪ :‬من ذمرت الرجل إذا حرضته على الحرب‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬لحمير الخآيار لنأهم كانأوا أهل دين كما تقدم في حديث فيمون وابن الثامر‪.‬‬
‫وقوله لفارس الحرار فلن الملك فيهم متوارث من أول الدنأيا من عهد جيومرت ‪ 1‬في زعمهم إلى أن‬
‫جاء السلم لم يدينأوا لملك من غيرهم ول أدوا التاوة ‪ 2‬لذي سلطان من سواهم فكانأوا أح ار ار لذلك‪.‬‬
‫وأما قوله للحبشة الشرار فلما أحدثوا في اليمن من العيث والفساد إواخآراب البلد حتى هموا بهدم بيت‬
‫ال الحرام‪ ،‬وسيهدمونأه في آخآر الزمان ‪ 3‬إذا رفع القرآن وذهب من الصدور اليمان وهذا الكلم‬
‫المسجع ذكره المسعودي منأظوما‪:‬‬
‫حين شيدت ذمار قيل لمن أن ‪ ...‬ت فقالت لحمير الخآيار‬
‫ثم سيلت من بعد ذاك؟ فقالت ‪ ...‬أنأا للحبش أخآبث الشرار‬
‫ثم قالوا من بعد ذاك لمن أن ‪ ...‬ت؟ فقالت لفارس الحرار‬
‫ثم قالوا من بعد ذاك لمن أن ‪ ...‬ت فقالت إلى قريش التجار‬
‫وهذا الكلم الذي ذكر أنأه وجد مكتوبا بالحجر هو ‪ -‬فيما زعموا ‪ -‬من كلم‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬أو كيومرت‪ ،‬والفرس يجمعون على أنأه أول ملوكهم‪ ،‬ولكنأهم اخآتلفوا في شأنأه‪.‬‬
‫‪ 2‬التاوة‪ :‬الخآراج أو الجزية‪.‬‬
‫‪ 3‬لعله يشير إلى حديث‪" :‬اتركوا الحبشة ما تركوكم‪ ،‬فإنأه ل يستخآرج كنأز الكعبة إل ذو السويقية من‬
‫الحبشة" وقد رواه أبو داود بسنأد ضعيف‪.‬‬

‫) ‪(1/189‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫هود ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬وجد مكتوبا في منأبره وعنأد قبره حين كشفت الريح العاصفة عن منأبره الرمل حتى‬
‫طهر وذلك قبل ملك بلقيس بيسير وكان خآطه بالمسنأد ويقال إن الذي بنأى ذمار هو شمر بن الملوك‬
‫والملوك هو مالك بن ذي المنأار ويقال ذمار وظفار‪ ،‬ومنأه المثل من دخآل ظفار حمر أي تكلم‬
‫بالحميرية‪.‬‬
‫زرقاء اليمامة‪:‬‬
‫وذكر قول العشى‪:‬‬
‫ما نأظرت ذات أشفار كنأظرتها‪ .‬البيت‪ .‬يريد زرقاء اليمامة‪ ،‬وكانأت تبصر على مسيرة ثلثة أيام وقد‬
‫تقدم طرف من ذكرها في خآبر جديس وطسم وقبل البيت‪:‬‬
‫قالت أرى رجل في كفه كتف ‪ ...‬أو يخآصف النأعل لهفي أية صنأعا‬
‫فكذبوها بما قالت فصبحهم ‪ ...‬ذو آل حسان يزجي الموت والسلعا ‪1‬‬
‫وكان جيش حسان هذا قد أمروا أن يخآيلوا عليها بأن يمسك كل واحد منأهم نأعل كأنأه يخآصفها‪ ،‬وكتفا‬
‫كأنأه يأكلها‪ ،‬وأن يجعلوا على أكتافهم أغصان الشجر فلما أبصرتهم قالت لقومها‪ :‬قد جاءتكم الشجر أو‬
‫قد غزتكم حمير‪ ،‬فقالوا‪ :‬قد كبرت وخآرفت‪ ،‬فكذبوها‪ ،‬فاستبيحت بيضتهم ‪ 2‬وهو الذي ذكر العشى‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬السلع‪ :‬شجر مر ينأبت في اليمن‪ ،‬وهو من الفصيلة الكرمية‪،‬وفي "الطبري"‪ :‬والشرعا‪ ،‬ويخآصف‬
‫النأعل‪ :‬يخآزها ويصلحها‪ ،‬وانأظر قصيدتها في "الطبري"‪ .1/631 :‬وهي ستة أبيات‪.‬‬
‫‪ 2‬حوزتهم وحماهم‪.‬‬

‫) ‪(1/190‬‬

‫قصة ملك الحضر‪:‬‬


‫نأسب النأعمان‪ ،‬وشيء عن الحضر‪ ،‬وشعر عدي فيه‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وحدثنأي خآلد بن قرة بن خآالد السدوسي عن جنأاد‪ ،‬أو عن بعض علماء أهل الكوفة‬
‫بالنأسب أنأه يقال إن النأعمان بن المنأذر من ولد ساطرون ملك الحضر‪.‬‬
‫والحضر حصن عظيم كالمدينأة‪ ،‬كان على شاطئ الفرات‪ ،‬وهو الذي ذكر عدي بن زيد في قوله‬
‫وأخآو الحضر إذ بنأاه إواذ دجلة يجبى إليه والخآابور‬
‫شاده مرم ار وجلله كلسا فللطير في ذراه وكور‬
‫لم يهبه ريب المنأون فبان ال ‪ ...‬ملك عنأه فبابه مهجور‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وهذه البيات في قصيدة له‪.‬‬
‫والذي ذكره أبو دواد اليادي في قوله‪:‬‬
‫وأرى الموت قد تدلى من الحضر على رب أهله الساطرون‬
‫ــــ‬
‫خآبر الحضر والساطرون‬
‫ذكر فيه قول من قال إن النأعمان من ولد الساطرون وهو صاحب الحضر‪ .‬قال المؤلف فنأذكر شرح‬
‫قصة الحضر وصاحبه وما قيل في ذلك ملخآصا بعون ال‪.‬‬
‫الساطرون بالسريانأية‪ :‬هو الملك واسم الساطرون الضيزن بن معاوية‪ .‬قال الطبري‪ :‬هو جرمقانأي ‪،1‬‬
‫وقال ابن الكلبي هو قضاعي من العرب الذين تنأخآوا بالسواد فسموا‪ :‬تنأوخ‪ ،‬أي أقاموا بها‪ ،‬وهم قبائل‬
‫شتى‪ ،‬ونأسبه ابن الكلبي‪،‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الجرامقة‪ :‬قوم من العجم صاروا بالموصل في أوائل السلم‪ ،‬وجرمقك بلدة بفارس‪ ،‬وقيل‪ :‬من أهل‬
‫باجرمي وهي قرية قرب الرقة من أرض الجزيرة‪.‬‬

‫) ‪(1/191‬‬

‫وهذا البيت في قصيدة له‪ .‬ويقال إنأها لخآلف الحمر ويقال لحماد الراوية‪.‬‬
‫دخآول سابور الحضر‪ ،‬وزواجه بنأت ساطرون‪ ،‬وما وقع بينأهما‪:‬‬
‫وكان كسرى سابور ذو الكتاف غ از ساطرون ملك الحضر‪ ،‬فحصره سنأتين فأشرفت بنأت ساطرون‬
‫يوما‪ ،‬فنأظرت إلى سابور وعليه ثياب ديباج وعلى رأسه تاج من ذهب مكلل بالزبرجد والياقوت واللؤلؤ‬
‫وكان جميل‪ ،‬فدست إليه أتتزوجنأي إن فتحت لك باب الحضر؟ فقال نأعم فلما أمسى ساطرون شرب‬
‫حتى سكر وكان ل يبيت إل سكران فأخآذت مفاتيح باب الحضر من تحت رأسه فبعثت بها مع مولى لها‬
‫ففتح الباب فدخآل سابور فقتل ساطرون واستباح الحضر وخآربه وسار بها فتزوجها‪ ،‬فبينأا هي نأائمة على‬
‫فراشها ليل إذ جعلت تتململ ل تنأام فدعا لها بشمع ففتش فراشها‪ ،‬فوجد عليه ورقة آس فقال لها سابور‬
‫أهذا الذي أسهرك؟ قالت نأعم قال فما كان أبوك يصنأع بك؟ قالت كان يفرش لي الديباج ويلبسنأي الحرير‬
‫ويطعمنأي المخ ويسقينأي الخآمر قال أفكان جزاء أبيك ما صنأعت به؟ أنأت إلي بذلك أسرع ثم أمر بها‪،‬‬
‫فربطت قرون رأسها بذنأب فرس ثم ركض الفرس‬
‫ــــ‬
‫فقال هو ابن معاوية بن عبيد‪ ،‬ووجدته بخآط أبي بحر عبيد بضم العين بن أجرم من بنأي سليح بن حلوان‬
‫بن الحاف بن قضاعة‪ ،‬وأمه جيهلة وبها كان يعرف وهي أيضا قضاعية من بنأي تزيد الذين تنأسب إليهم‬
‫الثياب التزيدية‪.‬‬
‫وذكر قول أبي دواد‪:‬‬
‫وأرى الموت قد تدلى من الحض ‪ ...‬ر على رب أهله الساطرون ‪1‬‬
‫واسم أبي دواد‪ :‬جارية بن حجاج وقيل حنأظلة بن شرقي وبعد هذا البيت‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الحضر كما في "المراصد"‪ :‬مدينأة مبنأية بالحجارة المهنأدمة بيوتها وسقوفها وأبوابها ويقولون كان فيها‬
‫ستون برج ا كبا ارا‪ ،‬بين كل برجين تسعة أبراج صغار‪ .‬وقال‪ :‬إنأها بإزاء تكريت‪.‬‬
‫) ‪(1/192‬‬

‫حتى قتلها‪ ،‬ففيه يقول أعشى بنأي قيس بن ثعلبة‪:‬‬


‫ألم تر للحضر إذ أهله ‪ ...‬بنأعمى‪ ،‬وهل خآالد من نأعم‬
‫أقام به شاهبور الجنأو ‪ ...‬د حولين تضرب فيه القدم ‪1‬‬
‫فلما دعا ربه دعوة ‪ ...‬أنأاب إليه فلم ينأتقم‬
‫وهذه البيات في قصيدة له‪.‬‬
‫وقال عدي بن زيد في ذلك‪:‬‬
‫والحضر صابت عليه داهية ‪ ...‬من فوقه أيد منأاكبها‬
‫ربية لم توق والدها ‪ ...‬لحينأها إذ أضاع راقبها‬
‫إذ غبقته صهباء صافية ‪ ...‬والخآمر وهل يهيم شاربها‬
‫فأسلمت أهلها بليلتها ‪ ...‬تظن أن الرئيس خآاطبها‬
‫فكان حظ العروس إذ جشر ‪ ...‬الصبح دماء تجري سبائبها‬
‫وخآرب الحضر واستبيح وقد ‪ ...‬أحرق في خآدرها مشاجبها‬
‫وهذه البيات في قصيدة له‪.‬‬
‫ــــ‬
‫صرعته اليام من بعد ملك ‪ ...‬ونأعيم وجوهر مكنأون ‪2‬‬
‫وكان الضيزن من ملوك الطوائف وكان يقدمهم إذا اجتمعوا لحرب عدو من غيرهم وكانأت الحضر بين‬
‫دجلة والفرات‪ ،‬وكان ملكه يبلغ أطرار الشام‪ ،‬وكان سابور قد تغيب عن العراق إلى خآراسان‪ ،‬فأغار‬
‫الضيزن على بلده بمن معه من العرب‪ ،‬فلما قفل سابور وأخآبر بصنأع الضيزن نأهد إليه وأقام عليه أربع‬
‫سنأين‪.‬‬
‫وذكر العشى في شعره حولين ل يقدر على فتح الحصن وكان للضيزن بنأت اسمها‪ :‬النأضيرة وفيها‬
‫قيل‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬شاهبور‪ :‬معنأاه ابن الملك‪ .‬وشاه‪:‬ملك‪ ،‬وبور‪ :‬ابن‪ .‬القككدم‪:‬جمع قدوم‪ ،‬وهو الفأس ونأحوها‪.‬‬
‫‪ 2‬البيت في "المروج" ‪ 2/256‬كما يأتي‪:‬‬
‫ولقد كان آمنأا للدواهي‬
‫ذا ثراء وجوهر مكنأون‬

‫) ‪(1/193‬‬
‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫أقفر الحضر من نأضيرة فالم ‪ ...‬رباع منأها فجانأب الثرثار‬
‫وكانأت سنأتهم في الجارية إذا عركت أي حاضت أخآرجوها إلى ربض المدينأة‪ ،‬فعركت النأضيرة فأخآرجت‬
‫إلى ربض الحضر ‪ 1‬فأشرفت ذات يوم فأبصرت سابور ‪ -‬وكان من أجمل النأاس ‪ -‬فهويته فأرسلت‬
‫إليه أن يتزوجها‪ ،‬وتفتح له الحضر واشترطت عليه والتزم لها ما أرادت ثم اخآتلف في السبب الذي دلت‬
‫عليه فقال ابن إسحاق ما في الكتاب وقال المسعودي‪ :‬دلته على نأهر واسع ]اسمه الثرثار[ كان يدخآل‬
‫منأه الماء إلى الحضر فقطع لهم الماء ودخآلوا منأه ‪.2‬‬
‫وقال الطبري‪ :‬دلته على طلسم ]أو طلسم[ كان في الحضر وكان في علمهم أنأه ل يفتح حتى تؤخآذ‬
‫حمامة ورقاء وتخآضب رجلها بحيض جارية بكر زرقاء ثم ترسل الحمامة فتنأزل على سور الحضر‬
‫فيقع الطلسم فيفتح الحضر ففعل سابور ذلك فاستباح الحضر وأباد قبائل من قضاعة كانأوا فيه منأهم بنأو‬
‫عبيد رهط الضيزن لم يبق منأهم عقب وحرق خآزائن الضيزن واكتسح ما فيها‪ ،‬ثم قفل بنأضيرة معه وذكر‬
‫الطبري في قتله إياها حين تململت على الفراش الوثير ولين الحرير أنأه قال لها‪ :‬ما كان يصنأع بك‬
‫أبوك؟ فقالت كان يطعمنأي المخ والزبد وشهد أبكار النأحل وصفو الخآمر‪ .‬وذكر أنأه كان يرى مخآها من‬
‫صفاء بشرتها‪ ،‬وأن ورقة الس أدمتها في عكنأة من عكنأها‪ ،‬وأن الفراش الذي نأامت عليه كان من حرير‬
‫حشوه القز‪ .‬وقال المسعودي‪ :‬كان حشوه زغب ‪ 3‬الطير ثم اتفقوا في صورة قتلها ‪ 4‬كما ذكر ابن‬
‫إسحاق غير أن ابن إسحاق قال كان المستبيح للحضر سابور‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ربض المدينأة‪ :‬ما حولها‪.‬‬
‫‪ 2‬انأظر "المروج" ‪.2/256‬‬
‫‪ 3‬وهو الشعيرات الصفر على ريش الفرخ‪.‬‬
‫‪ 4‬ربط غدائرها إلى فرسين جموحين‪ ،‬ثم استركضهما فقطعاها‪.‬‬

‫) ‪(1/194‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫ذو الكتاف وجعله غير سابور بن أزدشير بن بابك‪ ،‬وقد تقدم أن أزدشير هو أول من جمع ملك فارس‪،‬‬
‫وأذل ملوك الطوائف حتى دان الملك له والضيزن كان من ملوك الطوائف فيبعد أن تكون هذه القصة‬
‫لسابور ذي الكتاف وهو سابور بن هرمز وهو ذو الكتاف لنأه كان بعد سابور الكبر بدهر طويل‬
‫وبينأهم ملوك مسمون في كتب التاريخ وهم هرمز بن سابور وبهرام بن هرمز وبهرام بن بهرام وبهرام‬
‫الثالث ونأرسي بن بهرام وبعده كان ابنأه سابور ذو الكتاف وال أعلم‪.‬‬
‫وقول العشى‪ :‬شاهبور الجنأود بخآفض الدال يدل على أنأه ليس بشاهبور ذي الكتاف وأما إنأشاده‬
‫لبيات عدي بن زيد‪:‬‬
‫وأخآو الحضر إذ بنأاه إواذ ‪ ...‬دجلة يجبى إليه و الخآابور‬
‫فللشعر خآبر عجيب‪ .‬حدثنأا إجازة القاضي الحافظ أبو بكر عن ابن أيوب عن البرقانأي عن أبي الحسن‬
‫علي بن عمر قال حدثنأا أبو بكر الزرق يوسف بن يعقوب بن إسحاق بن البهلول قال حدثنأي جدي‪،‬‬
‫قال حدثنأي أبي‪ ،‬عن إسحاق بن زياد من بنأي سلمة بن لؤي عن شبيب بن شيبة عن خآالد بن صفوان بن‬
‫الهتم قال أوفدنأي يوسف بن عمر إلى هشام بن عبد الملك في وفد ]أهل[ العراق قال فقدمت عليه وقد‬
‫خآرج متبديا بقرابته وأهله وحشمه وغاشيته من جلسائه فنأزل في أرض قاع صحصح متنأايف ‪ 1‬أفيح في‬
‫عام ]قد[ بكر وسميه وتتابع وليه ‪ 2‬وأخآذت الرض ]فيه[ زينأتها من اخآتلف أنأوار نأبتها من نأور ربيع‬
‫مونأق فهو أحسن منأظرا‪ ،‬وأحسن مستنأظرا‪ ،‬وأحسن مخآتب ار بصعيد كأن ترابه قطع الكافور حتى لو أن‬
‫قطعة ألقيت فيه لم تترب قال وقد ضرب له سرادق من حبرة كان صنأعه‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬القاع المستوي من الرض‪ ،‬صحصح‪ :‬الرض الواسعة المستوية الجرداء ذات الحصى الصغار‪.‬‬
‫‪ 2‬الوسمي‪ :‬مطر الربيع الول‪ ،‬والولي‪ :‬المطر الذي يليه‪.‬‬

‫) ‪(1/195‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫له يوسف بن عمر باليمن‪ ،‬فيه فسطاط ‪ 1‬فيه أربعة أفرشة من خآز أحمر مثلها مرافقها وعليه دراعة ‪2‬‬
‫من خآز أحمر مثلها عمامتها‪ ،‬قال وقد أخآذ النأاس مجالسهم فأخآرجت رأسي من نأاحية الطاق فنأظر إلي‬
‫شبه المستنأطق ]لي[ ; فقلت‪ :‬أتم ال عليك يا أمير المؤمنأين نأعمة سوغكها بشكر وجعل ما قلدك من‬
‫هذا المر رشدا‪ ،‬وعاقبة ما تئول إليه حمدا‪ ،‬وأخآلصه لك بالتقى‪ ،‬وكثره لك بالنأماء ول كدر عليك منأه ما‬
‫صفا‪ ،‬ول خآالط سروره الردى ; فقد أصبحت للمسلمين ثقة ومستراحا‪ .‬إليك يقصدون في أمورهم إواليك‬
‫يفزعون في مظالمهم وما أجد يا أمير المؤمنأين شيئا ‪ -‬جعلنأي ال فداءك ‪ -‬هو أبلغ في قضاء حقك‬
‫وتوقير مجلسك مما من ال ]جل وعز[ به علي من مجالستك‪ ،‬والنأظر إلى وجهك من أن أذكرك نأعم ال‬
‫عليك‪ ،‬وأنأبهك لشكرها‪ ،‬وما أجد يا أمير المؤمنأين شيئا هو أبلغ من حديث من سلف قبلك من الملوك‬
‫فإن أذن لي أمير المؤمنأين أخآبرته عنأه‪ .‬قال فاستوى جالسا ‪ -‬وكان متكئا ‪ -‬ثم قال هات يا ابن الهتم‬
‫]قال[‪ :‬فقلت‪ :‬يا أمير المؤمنأين إن ملكا من الملوك قبلك خآرج في عام مثل عامنأا هذا إلى الخآورنأق‬
‫والسدير ‪ 3‬في عام قد بكر وسميه وتتابع وليه وأخآذت الرض فيه زينأتها من نأور ربيع مونأق فهو في‬
‫أحسن منأظر وأحسن مستنأظر وأحسن مخآتبر بصعيد كأن ترابه قطع الكافور ‪ 4‬حتى لو أن قطعة ألقيت‬
‫فيه لم تترب‪ .‬قال وقد كان أعطي فتاء السن مع الكثرة والغلبة والقهر قال فنأظر فأبعد النأظر فقال‬
‫لجلسائه لمن ]مثل[ هذا؟ هل رأيتم مثل ما أنأا فيه؟ ]و[ هل أعطي أحد مثل ما أعطيت؟ قال وعنأده رجل‬
‫من بقايا حملة الحجة‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬بيت من الشعر‪.‬‬
‫‪ 2‬الدراعة‪ :‬جبة مشقوقة المقدم‪ ،‬وثوب من صوف‪.‬‬
‫‪ 3‬الخآورنأق‪ :‬قصر كبير بنأاه النأعمان بن امرئ القيس‪ ،‬وهو معرب خآورنأكاه‪ :‬أي موضع الكل‪.‬‬
‫والسدير‪ :‬موضع معروف بالحيرة‪.‬‬
‫‪ 4‬شجر يتخآذ منأه مادة شفافة بلورية الشكل يميل لونأها إلى البياض‪.‬‬

‫) ‪(1/196‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫والمضي على أدب الحق ومنأهاجه‪ .‬قال‪ :‬ولن تخآلوا الرض من قائم ل بحجته في عباده فقال أيها‬
‫الملك إنأك قد سألت عن أمر أفتأذن في الجواب عنأه؟ قال نأعم‪ .‬قال أرأيت ما أنأت فيه أشيء لم تزل فيه‬
‫أم شيء صار إليك ميراثا من غيرك‪ ،‬وهو زائل عنأك‪ ،‬وصائر إلى غيرك‪ ،‬كما صار إليك ميراثا من لدن‬
‫غيرك؟ قال فكذلك هو‪ .‬قال فل أراك ]إل[ أعجبت بشيء يسير تكون فيه قليل‪ ،‬وتغيب عنأه طويل‪،‬‬
‫وتكون غدا بحسابه مرتهنأا‪ .‬قال ويحك فأين المهرب؟ وأين المطلب؟ قال إما أن تقيم في ملكك‪ ،‬تعمل‬
‫فيه بطاعة ]ال[ ربك على ما ساءك وسرك‪ ،‬ومضك وأرمضك إواما أن تضع تاجك‪ ،‬وتضع أطمارك‪،‬‬
‫وتلبس أمساحك ‪ ،1‬وتعبد ربك في هذا الجبل حتى يأتيك أجلك‪ .‬قال فإذا كان في السحر فاقرع علي‬
‫بابي‪ ،‬فإنأي مخآتار أحد الرأيين فإن اخآترت ما أنأا فيه كنأت وزيرا‪ ،‬ل تعصى‪ ،‬إوان اخآترت خآلوات الرض‬
‫وقفر البلد كنأت رفيقا‪ ،‬ل تخآالف‪ .‬قال فقرع عليه بابه عنأد السحر فإذا هو قد وضع تاجه ]وخآلع أطماره[‬
‫ولبس أمساحه وتهيأ للسياحة قال فلزما ‪ -‬وال ‪ -‬الجبل حتى أتتهما آجالهما‪ ،‬وهو حيث يقول أحد بنأي‬
‫تميم‪ :‬عدي بن ]زيد[ بن سالم المري العدوي‪:‬‬
‫أيها الشامت المعير بالد ‪ ...‬هر أأنأت المب أر الموفور؟‬
‫أم لديك العهد الوثيق من اليا ‪ ...‬م؟ بل أنأت جاهل مغرور‬
‫من رأيت المنأون خآلدن أم من ‪ ...‬ذا عليه من أن يضام خآفير‬
‫أين كسرى كسرى الملوك أنأو ‪ ...‬شروان أم أين قبله سابور؟‬
‫وبنأو الصفر الكرام ملوك الر ‪ ...‬وم؟ لم يبق منأهم مذكور‬
‫وأخآو الحضر إذ بنأاه إواذ دج ‪ ...‬لة تجبى إليه و الخآابور‬
‫شاده مرمرا‪ ،‬وجلله كلس ‪ ...‬ا فللطير في ذراه وكور‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬المساح‪ :‬جمع مسح‪ :‬الكساء من الشعر‪.‬‬

‫) ‪(1/197‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫لم يهبه ريب المنأون فبا ‪ ...‬ن الملك عنأه فبابه مهجور‬
‫وتذكر رب الخآورنأق إذ ‪ ...‬أشرف يوما‪ ،‬وللهدى تفكير‬
‫سره ماله وكثرة ما يملك ‪ ...‬والبحر معرضا والسدير‬
‫فارعوى قلبه وقال وما غبطة ‪ ...‬حي إلى الممات يصير؟‬
‫ثم أضحوا كأنأهم ورق جف ‪ ...‬فألوت به الصبا والدبور‬
‫ثم بعد الفلح والملك ‪ ...‬والمة وارتهم هنأاك القبور ‪1‬‬
‫قال فبكى ]وال[ هشام حتى أخآضل لحيته وبل عمامته وأمر بنأزع أبنأيته وبنأقلن قرابته وأهله وحشمه‬
‫وغاشيته من جلسائه ولزم قصره‪.‬‬
‫قال فأقبلت الموالي والحشم على خآالد بن صفوان بن الهتم وقالوا‪ :‬ما أردت إلى أمير المؤمنأين؟ أفسدت‬
‫عليه لذته ونأغصت عليه مأدبته‪ .‬قال إليكم عنأي فإنأي عاهدت ال ]عز وجل[ عهدا أل أخآلو بملك إل‬
‫ذكرته ال عز وجل‪.‬‬
‫والذي ذكره عدي بن زيد في هذا الشعر هو النأعمان بن امرئ القيس جد النأعمان بن المنأذر‪ ،‬وأول هذا‬
‫الشعر‪:‬‬
‫أرواح مودع أم بكور ‪] ...‬لك[ فانأظر لي ذاك تصير‬
‫قاله عدي‪ ،‬وهو في سجن النأعمان بن المنأذر‪ ،‬وفيه قتل وهو عدي بن زيد بن حماد بن زيد بن أيوب بن‬
‫محروب بن عامر بن عصية بن امرئ القيس بن زيد بن منأاة بن تميم وقال عمرو بن آلة بن الخآنأساء‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬المرمر‪ :‬الرخآام‪ .‬والكلس‪ :‬الجير أو مادة لطلء القصور‪ .‬ومعرض‪ :‬أعرض الشيء ظهر وأبرز‪.‬‬
‫ارعوى‪ :‬كف وارتدع‪ .‬وألوى به‪ :‬ذهب به‪ .‬الصبا‪ :‬ريح مهبها من مشرق الشمس‪ .‬الدبور‪ :‬ريح تهب من‬
‫المغرب إلى المشرق‪ .‬والمة‪ :‬النأعمة‪.‬‬

‫) ‪(1/198‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫ألم ينأبئك والنأباء تنأمى ‪ ...‬بما لقت سراة بنأي العبيد ‪1‬‬
‫ومصرع ضيزن وبنأي أبيه ‪ ...‬وأحلس الكتائب من تزيد ‪2‬‬
‫أتاهم بالفيول مجللت ‪ ...‬وبالبطال سابور الجنأود‬
‫فهدم من أواسي الحضر صخآ ار ‪ ...‬كأن ثقاله زبر الحديد ‪3‬‬
‫وقال العشى‪:‬‬
‫أقام به شاهبور الجنأو ‪ ...‬د حولين تضرب فيه القدم‬
‫وقد قدمنأا أن شاهبور معنأاه ابن الملك وأن بور هو البن بلسانأهم وفي هذا البيت دليل على ما قلنأاه من‬
‫أن سابور مغير عن شاهبور‪ .‬والقدم جمع قدوم وهو الفأس ونأحوه والقدوم‪ :‬اسم موضع أيضا اخآتتن فيه‬
‫إبراهيم عليه السلم الذي جاء في الحديث أن إبراهيم اخآتتن بالقدوم مخآفف أيضا‪ ،‬وقد روي فيه التشديد‪.‬‬
‫وبعده‪:‬‬
‫فهل زاده ربه قوة ‪ ...‬ومثل مجاوره لم يقم‬
‫وكان دعا قومه دعوة ‪ ...‬هلموا إلى أمركم قد صرم‬
‫فموتوا كراما بأسيافكم ‪ ...‬أرى الموت يجشمه من جشم‬
‫وفي الشعر‪ :‬وهل خآالد من نأعم‪ .‬يقال نأعم ينأعم وينأعم مثل حسب يحسب ويحسب‪ .‬وفي أدب الكاتب أنأه‬
‫يقال نأعم ينأعم مثل فضل يفضل‪ .‬حكي ذلك عن سيبويه‪ ،‬وهو غلط من القتبي ومن تأمله في كتاب‬
‫سيبويه تبين له غلط القتبي‪،‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "الطبري" و "المسعودي" و "الغانأي"‪ :‬ألم يحزنأك‪ .‬وتمنأى‪ :‬تنأتشر‪.‬‬
‫‪ 2‬في "المسعودي"‪ :‬وأحلف‪ .‬وأحلس الكتائب‪ :‬الشجعان الملزمون لها‪.‬‬
‫‪ 3‬الواسي‪ :‬جمع آسية‪ ،‬وهو ما أسس من بنأيان فأحكم أصله من سارية أو غيرها‪ ،‬وزبر‪ :‬جمع زبرة‪:‬‬
‫القطعة الضخآمة‪.‬‬
‫) ‪(1/199‬‬

‫وأن سيبويه لم يذكر الضم إل في فضل يفضل ‪.1‬‬


‫وقول عدي بن زيد‪ :‬ربية لم توق والدها‪ .‬يحتمل أن تكون فعيلة من ربيت إل أن القياس في فعيلة‬
‫بمعنأى‪ :‬مفعولة أن تكون بغير هاء ويحتمل أنأه أراد معنأى الربو والنأماء لنأها ربت في نأعمة فتكون‬
‫بمعنأى فاعلة ويكون البنأاء موافقا للقياس وأصح من هذين الوجهين أن يكون أراد ربيئة بالهمز وسهل‬
‫الهمزة فصارت ياء وجعلها ربيئة لنأها كانأت طليعة حيث اطلعت حتى رأت سابور وجنأوده ويقال‬
‫للطليعة ذك ار كان أو أنأثى‪ :‬ربيئة ‪ 2‬ويقال له رباء على وزن فعال وأنأشدوا‪:‬‬
‫رباء شماء ل يأوي لقلتها‬
‫البيت‪.‬‬
‫وقوله أضاع راقبها‪ ،‬أي أضاع المربأة الذي يرقبها ويحرسها‪ ،‬ويحتمل أن تكون الهاء عائدة على الجارية‬
‫أي أضاعها حافظها‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬والخآمر وهل‪ .‬يقال‪ :‬وهل الرجل وهل ووهل إذا أراد شيئا‪ ،‬فذهب وهمه إلى غيره‪ .‬ويقال فيه وهم‬
‫أيضا بفتح الهاء وأما وهم بالكسر فمعنأاه غلط وأوهم باللف معنأاه أسقط‪.‬‬
‫وقوله سبائبها‪ .‬السبائب جمع‪ :‬سبيبة وهي كالعمامة أو نأحوها‪ ،‬ومنأه السب وهو الخآمار‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬في خآدرها مشاجبها‪ .‬المشاجب جمع مشجب وهو ما تعلق منأه الثياب ومنأه قول جابر إوان ثيابي‬
‫لعلى المشجب وكانأوا يسمون القربة شجبا;‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "المخآتار"‪ :‬نأعم وبابه سهل‪ ،‬وكذا نأعم من باب علم‪.‬‬
‫‪ 2‬الطليعة الذي يرقب العدو من مكان عال لئل يدهم قومه‪ ،‬وفي "اللسان" الربيئة‪ :‬الطليعة‪ ،‬إوانأما أنأثوه‪،‬‬
‫لن الطليعة يقال له‪ :‬العين‪ ،‬لنأه يرعى أمورهم ويحرسهم‪.‬‬

‫) ‪(1/200‬‬

‫ــــ‬
‫لنأها جلد ماء قد شجب أي عطب وكانأوا ل يمسكون القربة وهي الشجب إل معلقة فالعود الذي تعلق به‬
‫هو المشجب حقيقة ثم اتسعوا‪ ،‬فسموا ما تعلق به الثياب مشجبا تشبيها به‪.‬‬
‫وفي شعر عدي المتقدم ذكر الخآابور‪ ،‬وهو واد معروف وهو فاعول من خآبرت الرض إذا حرثتها‪ ،‬وهو‬
‫واد عظيم عليه مزارع‪ .‬قالت ليلى أخآت الوليد بن طريف الخآارجي الشيبانأي حين قتل أخآوها الوليد قتله‬
‫يزيد بن مزيد الشيبانأي أيام الرشيد فلما قتل قالت أخآته‪:‬‬
‫أيا شجر الخآابورما لك مورقا ‪ ...‬كأنأك لم تحزن على ابن طريف ‪1‬‬
‫فقدنأاه فقدان الربيع وليتنأا ‪ ...‬فدينأاه من ساداتنأا بألوف‬
‫وأما الخآافور بالفاء فنأبات تخآفر ريحه أي تقطع شهوة النأساء كما يفعل الحبق ويقال له المرو وبهذا‬
‫السم يعرفه النأاس وهو الزغبر أيضا‪.‬‬

‫) ‪(1/201‬‬

‫ذكر ولد نأزار بن معد‬


‫‪...‬‬
‫ذكر ولد نأزار بن معد‬
‫أولده في رأي ابن إسحاق وابن هشام‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق فولد نأزار بن معد ثلثة نأفر مضر بن نأزار‪ ،‬وربيعة بن نأزار‪ ،‬وأنأمار بن نأزار‪.‬‬
‫ــــ‬
‫ذكر نأزار بن معد ومن تنأاسل منأهم‪:‬‬
‫قد ذكرنأا أولد معد العشرة فيما تقدم فأما مضر فقد تقدم ذكره في عمود نأسب النأبي ‪ -‬صلى ال عليه‬
‫وسلم ‪ -‬وذكرنأا أنأه أول من سن حداء البل وسببه ‪ -‬فيما ذكروا ‪ -‬أنأه سقط عن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الخآابور‪ :‬يستعمل في الطب‪ ،‬وفي الزينأة‪ ،‬وله زهر زاهي المنأظر أصفر جيد الرائحة‪ .‬والخآافور‪ :‬كما‬
‫في "اللسان" نأبات تجمعه النأمل في بيوتها‪ .‬والحبق‪ :‬حبق الماء أو البحر‪ :‬نأبات طيب الرائحة يسمى‪:‬‬
‫نأعنأع الماء‬

‫) ‪(1/201‬‬

‫داود اليادي‪ ،‬واسمه جارية بن الحجاج‪:‬‬


‫قال ابن هشام‪ :‬إواياد بن نأزار‪ .‬قال الحارث بن دوس اليادي‪ ،‬ويروى لبي‪:‬‬
‫وفتو حسن أوجههم ‪ ...‬من إياد بن نأزار بن معد‬
‫وهذا البيت في أبيات له‪.‬‬
‫فأم مضر إواياد‪ :‬سودة بنأت عك بن عدنأان‪ .‬وأم ربيعة وأنأمار ‪ :‬شقيقة بنأت عك بن عدنأان‪ ،‬ويقال جمعة‬
‫بنأت عك بن عدنأان‪.‬‬
‫أولد أنأمار‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فأنأمار أبو خآثعم وبجيلة‪ .‬قال جرير بن عبد ال البجلي وكان سيد بجيلة‪ ،‬وهو الذي‬
‫يقول له القائل‪:‬‬
‫لول جرير هلكت بجيله ‪ ...‬نأعم الفتى‪ ،‬وبئس القبيله‬
‫وهو ينأافر الفرافصة ‪ 1‬الكلبي إلى القرع بن حابس التميمي بن عقال بن مجاشع بن دارم بن مالك بن‬
‫حنأظلة بن مالك بن زيد منأاة ‪:‬‬
‫ــــ‬
‫بعير فوثبت يده وكان أحسن النأاس صوتا‪ ،‬فكان يمشي خآلف البل ويقول وايدياه وايدياه يترنأم بذلك‬
‫فأعنأقت البل وذهب كللها ; فكان ذلك أصل الحداء عنأد العرب‪ ،‬وذلك أنأها تنأشط بحدائها البل‬
‫فتسرع‪.‬‬
‫وأما أنأمار بن نأزار‪ ،‬وهو أبو بجيلة وخآثعم فسمي بالنأمار جمع نأمر كما سموا بسباع وكلب وأم بنأيه‬
‫بجيلة بنأت صعب بن سعد العشيرة ولد له من غيرها أفتل ‪ 2‬وهو خآثعم ‪ ،3‬وولدت له عبقر في خآمسة‬
‫عشر سماهم أبو الفرج عنأهم‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ينأافر‪ :‬يحاكم‪ .‬الفرافصة‪ :‬بالضم‪ :‬السد‪ ،‬وبالفتح اسم الرجل‪.‬‬
‫‪ 2‬وقيل‪ :‬أفيل وأقيل‪.‬‬
‫‪ 3‬خآثعم‪ :‬أمه هنأد بنأت مالك بن الغافق بن الشاهد بن عك "الجمهرة" ص ‪.365‬‬

‫) ‪(1/202‬‬

‫يا أقرع بن حابس يا أقرع ‪ ...‬إنأك إن تصرع أخآاك تصرع‬


‫وقال‪:‬‬
‫ابنأي نأزار انأص ار أخآاكما ‪ ...‬إن أبي وجدته أباكما‬
‫لن يغلب اليوم أخ والكما‬
‫وقد تيامنأت‪ ،‬فلحقت باليمن‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬قالت اليمن‪ :‬وبجيلة‪ :‬أنأمار بن إراش بن لحيان بن عمرو بن الغوث بن نأبت بن مالك‬
‫بن زيد بن كهلن بن سبأ‪ ،‬ويقال إراش بن عمرو بن لحيان بن الغوث‪ .‬ودار بجيلة وخآثعم‪ :‬يمانأية‪.‬‬
‫أولد مضر‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فولد مضر بن نأزار رجلين إلياس بن مضر‪ ،‬وعيلن بن مضر‪ .‬قال ابن هشام‪:‬‬
‫وأمهما‪ :‬جرهمية‪.‬‬
‫ــــ‬
‫تنأاسلت قبائل بجيلة وهم وداعة وخآزيمة وصهيبة ]في الصل صحيهم[ والحارث ومالك وشيبة وطريفة‬
‫وفهم والغوث وسهل وعبقر وأشهل كلهم بنأو أنأمار‪ ،‬ويقال إن بجيلة حبشية حضنأت أولد أنأمار الذين‬
‫سمينأا‪ ،‬ولم تحضن أفتل وهو خآثعم‪ ،‬فلم ينأسب إليها‪ .‬روى الترمذي من طريق فروة بن مسيك أنأه لما‬
‫أنأزل ال في سبأ ما أنأزل قال رجل يا رسول ال ما سبأ‪ :‬امرأة أم أرض؟ قال "ليس بامرأة ول أرض ولكنأه‬
‫رجل ولد عشرة من العرب‪ ،‬فتيامن منأهم ستة وتشاءم ‪ 1‬أربعة فأما الذين تشاءموا‪ :‬فلخآم وجذام وعاملة‬
‫وغسان‪ ،‬وأما الذين تيامنأوا‪ :‬فالزد والشعرون وحمير ومذحج وكنأدة وأنأمار‪ ،‬قال‪ :‬الرجل ومن أنأمار؟‬
‫قال الذين منأهم خآثعم وبجيلة‪ .‬وقوله‪:‬‬
‫لول جرير هلكت بجيلة ‪ ...‬نأعم الفتى‪ ،‬وبئست القبيله‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬تيامن‪ :‬أي ذهب إلى اليمن وعاش فيها‪،‬وتشاءم‪ :‬قصد الشام وعاش فيها‪.‬‬

‫) ‪(1/203‬‬

‫أولد إلياس‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فولد إلياس بن مضر ثلثة نأفر مدركة بن إلياس‪ ،‬وطابخآة بن إلياس وقمعة بن إلياس‬
‫وأمهم خآنأدف‪ :‬امرأة من اليمن‪.‬‬
‫شيء عن خآنأدف وأولدها‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬خآنأدف ‪ 1‬بنأت عمران بن الحاف بن قضاعة‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكان اسم مدركة عامرا‪ ،‬واسم طابخآة عمرا‪ ،‬وزعموا أنأهما كانأا في إبل لهما يرعيانأها‪،‬‬
‫فاقتنأصا صيدا‪ ،‬فقعدا عليه يطبخآانأه وعدت عادية على إبلهما‪ ،‬فقال عامر لعمرو‪ :‬أتدرك البل أم تطبخ‬
‫هذا الصيد؟ فقال عمرو‪ :‬بل أطبخ فلحق عامر بالبل فجاء بها‪ ،‬فلما راحا على أبيهما حدثاه بشأنأهما‪،‬‬
‫فقال لعامر‪ :‬أنأت مدركة؛ وقال لعمرو‪ :‬وأنأت طابخآة وخآرجت أمهم لما بلغها الخآبر‪ ،‬وهي مسرعة‪ ،‬فقال‬
‫لها‪ :‬تخآنأدفين فسميت‪ :‬خآنأدف ‪.‬‬
‫وأما قمعة فيزعم نأساب مضر‪ :‬أن خآزاعة من ولد عمرو بن لحي بن قمعة بن إلياس‪.‬‬
‫__________‬
‫قال لما سمع هذا‪ :‬ما مدح رجل هجي قومه وجرير هذا هو ابن عبد ال بن جابر وهو الشليل بن مالك‬
‫بن نأصر بن ثعلبة بن جشم بن عويف بن جذيمة ‪ 2‬بن عدي بن مالك بن سعد بن يزيد بن قسر وهو‬
‫مالك بن عبقر بن أنأمار بن إراش بن عمرو بن الغوث‪ ،‬يكنأى‪ :‬أبا عمرو‪ ،‬وقيل أنأا عبد ال وفيه قال‬
‫النأبي صلى ال عليه وسلم "يطلع عليكم خآير ذي يمن‪ ،‬عليه مسحة ملك" ‪ 3‬وكان عمر يسميه يوسف‬
‫هذه المة وكان من مقبلي الظعن وكانأت نأعله طولها‪ :‬ذراع فيما ذكروا‪ .‬ومن النأذير بن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬واسمها ليلى‪ ،‬وأمها ضرية بنأت ربيعة بن نأزار التي ينأسب إليها حمى ضرية‪ ،‬وخآنأدف هذه هي التي‬
‫ضربت المثال بحزنأها على إلياس‪.‬‬
‫‪ 2‬في "الشتقاق"‪ :‬ابن حزيمة‪ ،‬وفي "نأسب قريش"‪ :‬خآزيمة‪،‬وفي "الصابة"‪ :‬عوف بن خآزيمة‪.‬‬
‫‪ 3‬رواه الطبرانأي في "الوسط" وفيه‪ :‬محمد بن السائب الكلبي‪ ،‬وهو كذاب‪.‬‬

‫) ‪(1/204‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫قسر العرنأيون الذين قدموا على رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬فاجتووا المدينأة‪ ،‬وحديثهم مشهور‬
‫وهم بنأو عرينأة بن النأذير‪ ،‬أو بنأو عرينأة بن ربيعة بن نأذير‪ ،‬لنأهما عرينأتان وأحدهما‪ :‬عم الخآر‪.‬‬
‫وقال ابن إسحاق في السيرة من بنأي قيس ‪ :‬كبة من بجيلة‪.‬‬
‫وقوله وهو ينأافر الفرافصة ]بن الحوص[ الكلبي إلى القرع بن حابس التميمي‪ .‬ينأافر أي يحاكم‪ .‬قال‬
‫قاسم بن ثابت لفظ المنأافرة مأخآوذ من النأفر وكانأوا إذا تنأازع الرجلن وادعى كل واحد منأهم أنأه أعز نأف ار‬
‫من صاحبه تحاكموا إلى العلمة فمن فضل منأهما قيل نأفره عليه أي فضل نأفره على نأفر الخآر فمن‬
‫هذا أخآذت المنأافرة وقال زهير‪:‬‬
‫فإن الحق مقطعه ثلث ‪ ...‬يمين أو نأفار أو جلء‬
‫والفرافصة بالضم‪ :‬اسم السد وبالفتح اسم الرجل وقد قيل كل فرافصة في العرب بالضم إل الفرافصة أبا‬
‫نأائلة صهر عثمان بن عفان فإنأه بالفتح‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬إنأك إن تصرع أخآاك تصرع‪ .‬وجدت في حاشية أبي بحر قال الشهر في الرواية إن يصرع‬
‫أخآوك‪ ،‬إوانأما لم ينأجزم الفعل الخآر على جواب الشرط لنأه في نأية التقديم عنأد سيبويه‪ ،‬وهو على‬
‫إضمار الفاء عنأد المبرد وما ذكر في أنأمار من قول أهل اليمن يشهد له حديث الترمذي المتقدم‪.‬‬
‫وذكر أم إلياس وقال فيها‪ :‬امرأة من جرهم‪ ،‬ولم يسمها‪ ،‬وليست من جرهم‪ ،‬إوانأما هي الرباب بنأت حيدة ‪1‬‬
‫بن معد بن عدنأان فيما ذكر الطبري‪ ،‬وقد قدمنأا ذلك في نأسب النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "نأهاية الرب" وغيره‪ :‬حيد‪ ،‬وفي "نأسب قريش"‪ :‬أن أم إلياس هي الحنأفاء بنأت إياد بن معد‪.‬‬
‫) ‪(1/205‬‬

‫‪.............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫وأما عيلن أخآو إلياس فقد قيل إنأه قيس نأفسه ل أبوه وسمي بفرس له اسمه عيلن ‪ 1‬وكان يجاوره قيس‬
‫كبة من بجيلة عرف بكبة اسم فرسه فرق بينأهما بهذه الضافة وقيل عيلن اسم كلب له وكان يقال له‬
‫النأاس ولخآيه إلياس وقد تقدم في أول الكتاب القول في عمود نأسب رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬
‫وما فيه غنأية من شرح تلك السماء‪.‬‬
‫وذكر مدركة وطابخآة وقمعة وسبب تسميتهم بهذه السماء وفي الخآبر زيادة وهو أن إلياس قال لمهم ‪-‬‬
‫واسمها ليلى‪ ،‬وأمها‪ :‬ضرية بنأت ربيعة بن نأزار التي ينأسب إليها‪ :‬حمى ضرية‪ ،‬وقد أقبلت تخآنأدف في‬
‫مشيتها‪ :‬ما لك تخآنأدفين؟ فسميت خآنأدف‪ ،‬والخآنأدفة سرعة في مشي وقال لمدركة‪:‬‬
‫وأنأت قد أدركت ما طلبتا‬
‫وقال لطابخآة‪:‬‬
‫وأنأت قد أنأضجت ما طبخآتا‬
‫وقال لقمعة وهو عمير‪:‬‬
‫وأنأت قد قعدت فانأقمعتا‬
‫وخآنأدف التي عرف بها بنأو إلياس وهي التي ضربت المثال بحزنأها على إلياس وذلك أنأها تركت بنأيها‪،‬‬
‫وساحت في الرض تبكيه حتى ماتت كمدا‪ ،‬وكان مات يوم خآميس وكانأت إذا جاء الخآميس بكت من‬
‫أول النأهار إلى آخآره فمما قيل من الشعر في ذلك‪:‬‬
‫إذا مؤنأس لحت خآراطيم شمسه ‪ ...‬بكته به حتى ترى الشمس تغرب‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "الطبري"‪ :‬أنأه سمي عيلن لنأه كان يعاتب على جوده‪ .‬فيقول له‪ :‬لتغلبن عليك العيلة يا عيلن‪.‬‬

‫) ‪(1/206‬‬

‫ــــ‬
‫فما رد بأسا حزنأها وعويلها ‪ ...‬ولم يغنأها حزن ونأفس تعذب‬
‫وكانأوا يسمون الخآميس مؤنأسا ‪ 1‬قال الزبير إوانأما نأسب بنأو إلياس لمهم لنأها حين تركتهم شغل لحزنأها‬
‫على أبيهم رحمهم النأاس فقالوا‪ :‬هؤلء أولد خآنأدف الذين تركتهم وهم صغار أيتام حتى عرفوا ببنأي‬
‫خآنأدف‪ .‬وأما عوانأة بنأت سعد بن قيس عيلن فسميت العوانأة وهي النأاقة الطويلة‪.‬‬

‫) ‪(1/207‬‬

‫قصة عمرو بن لحي وذكر أصنأام العرب‬


‫‪...‬‬
‫قصة عمرو بن لحي وذكر أصنأام العرب‬
‫حديث جر عمرو قصبه في النأار‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وحدثنأي عبد ال بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال حدثت أن‬
‫رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬قال "رأيت عمرو بن لحي يجر قصبه في النأار فسألته عمن بينأي‬
‫وبينأه من النأاس فقال هلكوا"‪.‬‬
‫ــــ‬
‫وذكر حديث عمرو بن لحي ‪ 2‬بن قمعة بن إلياس وقد تقدم في نأسب خآزاعة وأسلم أنأهما ابنأا حارثة بن‬
‫ثعلبة وأن ربيعة بن حارثة هو أبو خآزاعة من بنأي أبي حارثة بن عامر ل من حارثة وسيأتي ذلك‪ .‬وقول‬
‫النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬لسلم "ارموا يا بنأي إسماعيل فإن أباكم كان راميا" وهو معارض لحديث‬
‫أكثم بن الجون في الظاهر إل أن بعض أهل النأسب ذكر أن عمرو بن لحي كان حارثة قد خآلف على‬
‫أمه بعد أن آمت من قمعة ولحي صغير‪.‬‬
‫ولحي هو ربيعة‪ ،‬فتبنأاه حارثة وانأتسب إليه فيكون النأسب صحيحا بالوجهين جميعا‪ :‬إلى حارثة بالتبنأي‪،‬‬
‫إوالى قمعة بالولدة وكذلك أسلم بن أفصى بن حارثة فإنأه أخآو خآزاعة‪ ،‬والقول فيه كالقول في خآزاعة‪،‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "صبح العشى"‪ :‬أنأها تسمية العرب العاربة من بنأي قحطان وجرهم الولى‪.‬‬
‫‪ 2‬في "البخآاري"‪ :‬نأسبه عمرو بن عامر بن لحي‪ ،‬وفي "نأسب قريش"‪ :‬عمرو بن لحي بن قمعة بن‬
‫خآنأدف‪.‬‬

‫) ‪(1/207‬‬

‫قال ابن إسحاق‪ :‬وحدثنأي محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي أن أبا صالح السمان حدثه أنأه سمع أبا‬
‫هريرة ‪ -‬قال ابن هشام‪ :‬واسم أبي هريرة‪ .‬عبد ال بن عامر‪ ،‬ويقال اسمه عبد الرحمن بن صخآر ‪-‬‬
‫يقول سمعت رسول ال صلى ال عليه وسلم يقول لكثم بن الجون الخآزاعي "يا أكثم رأيت عمرو بن‬
‫لحي بن قمعة بن خآنأدف يجر قصبه في النأار فما رأيت رجل أشبه برجل منأك به ول بك منأه‪ .‬فقال أكثم‬
‫عسى أن يضرنأي شبهه يا رسول ال؟ قال ل‪ ،‬إنأك مؤمن وهو كافر إنأه كان أول من غير دين إسماعيل‬
‫فنأصب الوثان وبحر البحيرة وسيب السائبة ووصل الوصيلة وحمى الحامي" ‪.‬‬
‫__________‬
‫وقيل في أسلم بن أفصى‪ :‬إنأهم من بنأي أبي حارثة بن عامر ل من بنأي حارثة‪ ،‬فعلى هذا ل يكون في‬
‫الحديث حجة لمن نأسب قحطان إلى إسماعيل وال أعلم‪.‬‬
‫ومن حجة من نأسب خآزاعة إلى قمعة مع الحديث المذكور في ذلك قول المعطل ]الهذلي[ يخآاطب قوما‬
‫من خآزاعة‪:‬‬
‫لعلكم من أسرة قمعية ‪ ...‬إذا حضروا ل يشهدون المعرفا ‪1‬‬
‫وقوله في حديث أكثم الذي يرويه أبو هريرة‪ .‬اسم أبي هريرة عبد ال بن عمرو‪ ،‬وقيل عبد الرحمن بن‬
‫صخآر وقيل هو الذي ذكره ابن هشام‪ .‬وقال البخآاري اسمه عبد شمس بن عبد نأهم وقيل اسمه عبد غنأم‬
‫ويحتمل أن يكون هذا اسمه في الجاهلية فبدله رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬كما بدل كثي ار من‬
‫السماء وقد قيل اسمه يزيد بن عشرقة وقيل كردوس وقيل سكين‪ .‬قاله النأفسوي‪] ،‬لعله البغوي أو‬
‫النأفوسي[ وقيل غير هذا‪ .‬وكنأاه أبا هريرة رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬لهرة رآها معه وقد ذكر‬
‫أن الهرة كانأت وحشية ‪.2‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬المعرفا‪ :‬الموقف بعرفة‪.‬‬
‫‪ 2‬روى الترمذي أن أهله الذين كنأوه بهذا‪ ،‬وقد استوفى ما قيل في نأسبه ابن حجر في "الصابة" وفي‬
‫ل‪.‬‬
‫اسمه أربعة وأربعون قو ا‬

‫) ‪(1/208‬‬

‫جلب الصنأام من الشام إلى مكة‪:‬‬


‫قال ابن هشام‪ :‬حدثنأي بعض أهل العلم‪:‬‬
‫أن عمرو بن لحي خآرج من مكة إلى الشام في بعض أموره فلما قدم مآب من‬
‫ــــ‬
‫وأما أكثم الذي ذكره فقد صرح في حديثه بنأسب عمرو والد خآزاعة‪ ،‬وذكره لقوة الشبه بين أكثم وبينأه يدل‬
‫على أنأه نأسب ولدة ‪ -‬كما تقدم ول سيما على رواية الزبير فإن فيها أنأه قال "رأيت عمرو بن لحي والد‬
‫خآزاعة يجر قصبه في النأار" وقوله لكثم "إنأك مؤمن وهو كافر "‪ 1‬قد روى الحديث الحارث بن أبي‬
‫أسامة في مسنأده أن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬قال هذه المقالة في حديث الدجال لعبد العزى‬
‫بن س‪ ،‬وأن عبد العزى قال "أيضرنأي شبهي به يا رسول ال؟ يعنأي‪ :‬الدجال فقال كما قال لكثم إنأك‬
‫مؤمن وهو كافر" وأحسب هذا وهما في الحديث وال أعلم كما ذكره البخآاري عن الزهري‪ .‬قال ابن قطن‬
‫رجل من خآزاعة هلك في الجاهلية ولكثم عن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬حديثان‪ .‬أحدهما‬
‫خآير الرفقاء أربعة وقد تكلمنأا على معنأاه في كتاب التعريف والعلم‪ .‬والخآر اغز مع غير قومك‪،‬‬
‫تحسن خآلقك‪ ،‬قال السكاف في كتاب فوائد الخآبار معنأى هذا لن الرجل إذا غ از مع غير قومه تحفظ‬
‫ولم يسترسل وتكلف من رياضة نأفسه ما ل يتكلفه في صحبة من يثق باحتماله لنأظرهم إليه بعين‬
‫الرضى‪ ،‬ولصحة إدلله فلذلك تحسن خآلقه لرياضة نأفسه على الصبر والحتمال فهذا حسن من التأويل‬
‫غير أن الحديث مخآتلف في لفظه فقد روي فيه سافر مع قومك‪ ،‬وذكر الروايتين أبو عمر رحمه ال‪.‬‬
‫قطن رجل من خآزاعة هلك في الجاهلية ولكثم عن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬حديثان‪.‬‬
‫أحدهما "خآير الرفقاء أربعة" وقد تكلمنأا على معنأاه في كتاب التعريف والعلم‪ .‬والخآر "اغز مع غير‬
‫قومك‪ ،‬تحسن خآلقك" قال السكاف في كتاب فوائد الخآبار معنأى هذا لن الرجل إذا غ از مع غير قومه‬
‫تحفظ ولم يسترسل وتكلف من رياضة نأفسه ما ل يتكلفه في صحبة من يثق باحتماله لنأظرهم إليه بعين‬
‫الرضى‪ ،‬ولصحة إدلله فلذلك تحسن خآلقه لرياضة نأفسه على الصبر والحتمال فهذا حسن من التأويل‬
‫غير أن الحديث مخآتلف في لفظه فقد روي فيه سافر مع قومك‪ ،‬وذكر الروايتين أبو عمر ‪ 2‬رحمه ال‪.‬‬
‫وذكر في الحديث عمرو بن لحي‪ ،‬وأنأه أول من بحر البحيرة وقد روي أيضا أن أول من بحر البحيرة‬
‫رجل من بنأي مدلج كانأت له نأاقتان فجدع آذانأهما‪ ،‬وحرم ألبانأهما‪ .‬قال رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم‬
‫– "فرأيته في النأار يخآبطانأه بأخآفافهما‪ ،‬ويعضانأه بأفواههما" ‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬وقيل عن أكثم إنأه ابن أبي الجون‪ ،‬واسمه‪ :‬عبد العزى بن منأقذ بن ربيعة بن أحرم‪.‬‬
‫‪ 2‬في حديثه أبو سلمة المعاملي‪ ،‬قال ابن أبي حاتم‪ :‬سمعت أبي يقول عنأه‪ :‬متروك الحديث باطل‪.‬‬

‫) ‪(1/209‬‬

‫أرض البلقاء‪ ،‬وبها يومئذ العماليق ‪ -‬وهم ولد عملق‪ .‬ويقال‪ :‬عمليق بن لوذ بن سام بن نأوح ‪ -‬رآهم‬
‫يعبدون الصنأام فقال لهم ما هذه الصنأام التي أراكم تعبدون؟ قالوا له هذه أصنأام نأعبدها‪ ،‬فنأستمطرها‬
‫فتمطرنأا‪ ،‬ونأستنأصرها فتنأصرنأا‪ ،‬فقال لهم أفل تعطونأنأي منأها صنأما‪ ،‬فأسير به إلى أرض العرب‪،‬‬
‫فيعبدوه؟ فأعطوه صنأما يقال له هبل فقدم به مكة‪ ،‬فنأصبه وأمر النأاس بعبادته وتعظيمه‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬ويزعمون أن أول ما كانأت عبادة الحجارة في بنأي إسماعيل أنأه كان ل يظعن من مكة‬
‫ظاعن منأهم حين ضاقت عليهم والتمسوا الفسح في البلد إل حمل معه حج ار من حجارة الحرم تعظيما‬
‫للحرم فحيثما نأزلوا وضعوه فطافوا به كطوافهم بالكعبة حتى سلخ ذلك ‪ 1‬بهم إلى أن كانأوا يعبدون ما‬
‫استحسنأوا من الحجارة وأعجبهم حتى خآلف الخآلوف ‪ 2‬ونأسوا ما كانأوا عليه واستبدلوا بدين إبراهيم‬
‫إواسماعيل غيره فعبدوا الوثان وصاروا إلى ما كانأت عليه المم قبلهم من الضللت وفيهم على ذلك‬
‫بقايا من عهد إبراهيم يتمسكون بها‪ :‬من تعظيم البيت‪ ،‬والطواف به والحج والعمرة والوقوف على عرفة‬
‫والمزدلفة‪ ،‬وهدي البدن والهلل بالحج والعمرة مع إدخآالهم فيه ما ليس منأه‪.‬‬
‫فكانأت كنأانأة وقريش إذا أهلوا قالوا‪" :‬لبيك اللهم لبيك لبيك ل شريك لك‪ ،‬إل شريك هو لك‪ ،‬تملكه‬
‫ــــ‬
‫وقال عليه السلم‪" :‬قد عرفت أول من سيب السائبة ونأصب النأصب‪ .‬عمرو بن لحي رأيته يؤذي أهل‬
‫النأار بريح قصبه" ‪ .‬رواه ابن إسحاق عن عبد ال بن أبي بكر مرسل‪ ،‬ولم يقع في رواية البكائي عنأه‪.‬‬
‫أصل عبادة الوثان‪:‬‬
‫يقال لكل صنأم من حجر أو غيره صنأم ول يقال وثن إل لما كان من غير‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬سلخ بهم‪ :‬خآرج بهم‪.‬‬
‫‪ 2‬الخآلوف‪ :‬جمع خآلف "بالفتح"‪ ،‬وهو القرن بعد القرن‪.‬‬

‫) ‪(1/210‬‬

‫وما ملك"‪ .‬فيوحدونأه بالتلبية ثم يدخآلون معه أصنأامهم ويجعلون ملكها بيده‪ .‬يقول ال تبارك وتعالى‬
‫لمحمد ‪ -‬صلى ال عليه وسلم – }كوكما كيمؤممكن أكمكثككركهمم مباللصمه مإصل كوكهمم كممشمرككوكن{ٍ ]يوسف ‪ [106‬أي ما‬
‫يوحدونأنأي لمعرفة حقي إل جعلوا معي شريكا من خآلقي‪.‬‬
‫أصنأام عنأد قوم نأوح‪:‬‬
‫وقد كانأت لقوم نأوح أصنأام قد عكفوا عليها‪ ،‬قص ال ‪ -‬تبارك وتعالى ‪ -‬خآبرها على رسول ال ‪ -‬صلى‬
‫ضلروا‬
‫ق كوكنأمس ار كوقكمد أك ك‬ ‫ال عليه وسلم ‪ -‬فقال }كوكقالكوا ل تككذكرصن آلمهكتكككمم كول تككذكرصن كوددا كول كسكواع ا كول كيكغو ك‬
‫ث كوكيكعو ك‬
‫ككمثي ارا{ٍ ]نأوح‪[24 - 23 :‬‬
‫__________‬
‫صخآرة كالنأحاس ونأحوه وكان عمرو بن لحي حين غلبت خآزاعة على البيت‪ ،‬ونأفت جرهم عن مكة‪ ،‬قد‬
‫جعلته العرب ربا ل يبتدع لهم بدعة إل اتخآذوها شرعة لنأه كان يطعم النأاس ويكسو في الموسم فربما‬
‫نأحر في الموسم عشرة آلف بدنأة وكسا عشرة آلف حلة حتى ]قيل[ إنأه اللتي الذي‪ ،‬يلت السويق ‪1‬‬
‫للحجيج على صخآرة معروفة تسمى‪ :‬صخآرة اللتي‪ ،‬ويقال إن الذي يلت كان من ثقيف‪ ،‬فلما مات قال‬
‫لهم عمرو‪ :‬إنأه لم يمت ولكن دخآل في الصخآرة ثم أمرهم بعبادتها‪ ،‬وأن يبنأوا عليها بيتا يسمى‪ :‬اللتي‪،‬‬
‫ويقال دام أمره وأمر ولده على هذا بمكة ثلثمائة سنأة فلما هلك سميت تلك الصخآرة اللتي مخآففة التاء‬
‫واتخآذ صنأما يعبد وقد ذكر ابن إسحاق‪ ،‬أنأه أول من أدخآل الصنأام الحرم‪ ،‬وحمل النأاس على عبادتها‪،‬‬
‫وسيأتي ذكر إساف ونأائلة وما كان منأه في أمرهما‪.‬‬
‫وذكر أبو الوليد الزرقي في أخآبار مكة أن عمرو بن لحي فقأ أعين عشرين بعيرا‪ ،‬وكانأوا يفقئون عين‬
‫الفحل إذا بلغت البل ألفا‪ ،‬فإذا بلغت ألفين فقئوا العين الخآرى قال الراجز‪:‬‬
‫وكان شكر القوم عنأد المنأن ‪ ...‬كي الصحيحات وفقأ العين‬
‫وكانأت التلبية من عهد إبراهيم‪ :‬لبيك ل شريك لك لبيك حتى كان‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬طعام يتخآذ من مدقوق الحنأطة والشعير‪.‬‬

‫) ‪(1/211‬‬

‫القبائل وأصنأامها‪ ،‬وشيء عنأها‪:‬‬


‫فكان الذين اتخآذوا تلك الصنأام من ولد إسماعيل وغيرهم وسموا بأسمائهم حين فارقوا دين إسماعيل‬
‫هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر‪ ،‬اتخآذوا سواعا‪ ،‬فكان لهم برهاط‪ .‬وكلب بن وبرة من قضاعة‪،‬‬
‫اتخآذوا ودا بدومة الجنأدل‪.‬‬
‫ــــ‬
‫عمرو بن لحي‪ ،‬فبينأما هو يلبي تمثل له الشيطان في صورة شيخ يلبي معه ‪ 1‬فقال عمرو‪ :‬لبيك ل‬
‫شريك لك‪ ،‬فقال الشيخ إل شريكا هو لك‪ ،‬فأنأكر ذلك عمرو‪ ،‬وقال ما هذا؟ فقال الشيخ قل تملكه وما‬
‫ملك فإنأه ل بأس بهذا‪ ،‬فقالها عمرو‪ ،‬فدانأت بها العرب ‪.2‬‬
‫وذكر ابن إسحاق ما كان في قوم نأوح ومن قبلهم من عبادة الصنأام وتلك هي الجاهلية الولى التي ذكر‬
‫لوكلى{ٍ ]الحزاب‪ [33 :‬وكان بدء ذلك في عهد‬ ‫ال في القرآن في قوله }كول تككبصرمجكن تككبرركج املكجامهلمصيمة ا م ك‬
‫مهليل بن قينأان فيما ذكروا‪ ،‬وقد ذكر البخآاري عن ابن عباس قال‪" :‬صارت الوثان التي كانأت في قوم‬
‫نأوح في العرب بعد وهي أسماء قوم صالحين من قوم نأوح فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن‬
‫انأصبوا في مجالسهم التي كانأوا يجلسونأها أنأصابا‪ ،‬وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك‬
‫وتنأوسخ العلم عبدت"‪ .‬وذكر الطبري هذا المعنأى وزاد أن سواعا كان ابن شيث وأن يغوث كان ابن سواع‬
‫وكذلك يعوق ونأسر كلما هلك الول صورت صورته وعظمت لموضعه من الدين ولما عهدوا في دعائه‬
‫من الجابة فلم يزالوا هكذا حتى خآلفت الخآلوف وقالوا‪ :‬ما عظم هؤلء آباؤنأا إل لنأها ترزق وتنأفع‬
‫وتضر‪ ،‬واتخآذوها آلهة وهذه أسماء سريانأية وقعت إلى الهنأد‪ ،‬فسموا بها أصنأامهم التي زعموا أنأها صور‬
‫الدراري السبعة وربما كلمتهم الجن من‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬هو شيطان مثل عمرو بن لحي‪.‬‬
‫‪ 2‬في "الصحيحين" إن هذه كانأت تلبية المشركين‪ ،‬وفي "صحيح مسلم" أنأهم كانأوا إذا قالوا‪ :‬لبيك ل‬
‫شريك لك قال رسول ال صلى ال عليه وسلم‪ :‬قد قد أي حسب حسب‪.‬‬

‫) ‪(1/212‬‬

‫قال ابن إسحاق‪ :‬وقال كعب بن مالك النأصاري‬


‫ونأنأسى اللت والعزى وودا ‪ ...‬ونأسلبها القلئد والشنأوفا‬
‫رأي ابن هشام في نأسب كلب بن وبرة‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وهذا البيت في قصيدة له سأذكرها في موضعها إن شاء ال‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وكلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة‪.‬‬
‫يغوث وعبدته‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وأنأعم من طيئ‪ ،‬وأهل جرش من مذحج اتخآذوا يغوث بجرش‪.‬‬
‫رأي ابن هشام في أنأعم‪ ،‬وفي نأسب طيئ‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬ويقال أنأعم‪ .‬وطيئ بن أدد بن مالك ومالك مذحج بن أدد ويقال طيئ بن أدد بن زيد بن‬
‫كهلن بن سبأ‪.‬‬
‫يوق وعبدته‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وخآيوان بطن من همدان‪ ،‬اتخآذوا يعوق بأرض همدان من أرض اليمن‪ .‬قال ابن هشام‪:‬‬
‫وقال مالك بن نأمط الهمدانأي‪:‬‬
‫ــــ‬
‫جوفها ففتنأتهم ثم أدخآلها إلى العرب عمرو بن لحي كما ذكر أو غيره ‪ 1‬وعلمهم تلك السماء وألقاها‬
‫الشيطان على ألسنأتهم موافقة لما كانأوا في عهد نأوح‪.‬‬
‫وذكر ابن إسحاق أن كلب بن وبرة من قضاعة‪ .‬وبرة بسكون الباء تقيد في‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "البخآاري" عن ابن عباس‪ :‬صارت الوثان التي كانأت في قوم نأوح في العرب بعد‪ ،‬أما ود‪ :‬فكانأت‬
‫لكلب‪،‬وأما سواع‪ :‬فكانأت لهذيل‪ ،‬وأما يغوث‪ :‬فكانأت لمراد‪ ،‬وأما يعوق‪ :‬فكانأت لهمدان‪ ،‬وأما نأسر‪:‬‬
‫فكانأت لحمير‪ ،‬وهي أسماء رجال صالحين من قوم نأوح عليه السلم‪.‬‬

‫) ‪(1/213‬‬
‫يريش ال في الدنأيا ويبري ‪ ...‬ول يبري يعوق ول يريش‬
‫وهذا البيت في أبيات له‪.‬‬
‫همدان ونأسبه‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬اسم همدان‪ :‬أوسلة بن مالك بن زيد بن ربيعة بن أوسلة بن الخآيار بن مالك بن زيد بن‬
‫كهلن بن سبأ‪ ،‬ويقال أوسلة بن زيد بن أوسلة بن الخآيار‪ .‬ويقال همدان بن أوسلة بن ربيعة بن مالك بن‬
‫الخآيار بن مالك بن زيد بن كهلن بن سبأ‪.‬‬
‫ــــ‬
‫نأسخآة الشيخ وهي النأثى من الوبر اتخآذوا ودا في دومة الجنأدل‪ ،‬ودومة هذه ‪ -‬بضم الدال ذكروا أنأها‬
‫سميت بدومى بنأي إسماعيل كان نأزلها‪ ،‬ودومة أخآرى بضم الدال عنأد الكوفة‪ ،‬ودومة ‪ -‬بفتح الدال ‪-‬‬
‫أخآرى مذكورة في أخآبار الردة كذا وجدته للبكري ]في معجم ما استعجم[ مقيدا في أسماء هذه المواضع‪.‬‬
‫وذكر طيء بن أدد أو ابن مالك بن أدد على الخآلف ومالك هو مذحج‪ ،‬وسموا مذحجا بأكمة نأزلوا‬
‫إليها‪] .‬وطي[ من الطاءة ‪ 1‬وهي بعد الذهاب في الرض‪ .‬قاله ابن جنأي‪ ،‬ولم يرض قول القتبي إنأه أول‬
‫من طوى المنأاهل لن طيئا مهموز وطويت غير مهموز‪.‬‬
‫وذكر جرش في مذحج‪ .‬والمعروف أنأهم في حمير‪ ،‬وأن مذحج من كهلن بن سبأ‪ ،‬ويقال إن الملك كان‬
‫لكهلن بعد حمير‪ ،‬وأن ملكه دام ثلثمائة سنأة ثم عاد في بنأي حمير‪ ،‬قاله المسعودي ‪ .2‬وذكر‬
‫الدارقطنأي أن جرش وحرش بالحاء أخآوان وأنأهما ابنأا عليم بن جنأاب الكلبي‪ ،‬فهما قبيلن من كلب ‪-‬‬
‫وال أعلم‪.‬‬
‫وذكر مالك بن نأمط الهمدانأي ]الخآارفي[‪ ،‬وهو أبو ثور يلقب ذا المشعار‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "الشتقاق" أنأهم سموا بهذا السم أكمة ولدت عليها أمهم‪ ،‬ومذحج من الذحج وهو‪ :‬الدلك‪ ،‬والطاءة‬
‫–كالطاعة‪ -‬البعاد في المرعى‪.‬‬
‫‪" 2‬مروج الذهب"‪2/74 :‬‬

‫) ‪(1/214‬‬

‫نأسر وعبدته‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وذو الكلع من حمير‪ ،‬اتخآذوا نأس ار بأرض حمير ‪.1‬‬
‫عميانأس وعبدته‪:‬‬
‫وكان لخآولن صنأم يقال له عميانأس بأرض خآولن‪ ،‬يقسمون له من أنأعامهم وحروثهم قسما بينأه وبين ال‬
‫بزعمهم فما دخآل في حق عميانأس من حق ال تعالى الذي سموه له تركوه له وما دخآل في حق ال‬
‫تعالى من حق عميانأس ردوه عليه وهم بطن من خآولن‪ ،‬يقال لهم الديم وفيهم أنأزل ال ‪ -‬تبارك وتعالى‬
‫صيبا فككقالكوا كهكذا مللصمه بمكزمعمممهمم كوكهكذا ملكشكرككائمكنأا فككما‬
‫‪ -‬فيما يذكرون }وجعلكوا مللصمه ممصما كذ أكر ممن املحرمث واملكمنأعامم كنأ م‬
‫ك ك كم ك ك‬ ‫ككك‬
‫صكل مإكلى كشكرككائممهمم كساكء كما كيمحكككموكن{ٍ ]النأعام‪:‬‬ ‫صكل مإكلى اللصمه وما ككان لملصمه فكهو ي م‬
‫كك ك‬ ‫كك ك‬
‫ككان لمكشرككائممهم كفل ي م‬
‫ك ك م ك‬
‫‪.[136‬‬
‫نأسب خآولن‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬خآولن بن عمرو بن الحاف بن قضاعة‪ ،‬ويقال خآولن بن عمرو بن مرة بن أدد بن زيد‬
‫بن مهسع بن عمرو بن عريب بن زيد بن كهلن بن سبأ‪ ،‬ويقال خآولن بن عمرو بن سعد العشيرة بن‬
‫مذحج‪.‬‬
‫ــــ‬
‫وهو من بنأي خآارف‪ ،‬وقد قيل‪ .‬إنأه من يام بن أصي‪ ،‬وكلهما من همدان وقوله‪:‬‬
‫يريش ال في الدنأيا ويبري‬
‫هو من رشت السهم وبريته‪ ،‬استعير في النأفع والضر‪ .‬قال سويد‪:‬‬
‫فرشنأي بخآير طالما قد بريتنأي ‪ ...‬وخآير الموالي من يريش ول يبرى ‪2‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬كان هذا الصنأم بأرض يقال لها‪ :‬بلخآع‪ ،‬موضع من أرض سبأ‪ ,‬ولم تزل تعبده حمير ومنأوالهم حتى‬
‫هودهم ذو نأواس‪.‬‬
‫‪ 2‬نأسبه "اللسان" إلى حمير بن حباب‪ ،‬ورشت فلنأاا‪ :‬إذا قويته وأعنأته على معاشه وأصلحت حاله‪،‬‬
‫والبرى خآلفه‪.‬‬

‫) ‪(1/215‬‬

‫سعد وعبدته‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكان لبنأي ملكان بن كنأانأة بن خآزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر صنأم يقال له سعد‬
‫صخآرة بفلة من أرضهم طويلة فأقبل رجل من بنأي ملكان بإبل له مؤبلة ليقفها عليه التماس بركته ‪-‬‬
‫فيما يزعم ‪ -‬فلما رأته البل وكانأت مرعية ل تركب وكان يهراق عليه الدماء نأفرت منأه فذهبت في كل‬
‫وجه وغضب ربها الملكانأي‪ ،‬فأخآذ حج ار فرماه به ثم قال ل بارك ال فيك‪ ،‬نأفرت علي إبلي‪ ،‬ثم خآرج في‬
‫طلبها حتى جمعها‪ ،‬فلما اجتمعت له قال‪:‬‬
‫أتينأا إلى سعد ليجمع شملنأا ‪ ...‬فشتتنأا سعد فل نأحن من سعد‬
‫وهل سعد إل صخآرة بتنأوفة ‪ ...‬من الرض ل تدعو لغي ول رشد‬
‫صنأم دوس‪:‬‬
‫وكان في دوس صنأم لعمرو بن حممة الدوسي‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬سأذكر حديثه في موضعه إن شاء ال‪.‬‬
‫__________‬
‫وذكر حديث الملكانأي وقوله‪:‬‬
‫فشتتنأا سعد فل نأحن من سعد‬
‫ويمتنأع في العربية دخآول ل على البتداء المعرفة والخآبر إل مع تكرار ل‪ ،‬مثل أن تقول ل زيد في الدار‬
‫ول عمرو‪ ،‬وذكر سيبويه قولهم ل نأولك أن تفعل وقال إنأما جاز هذا ; لن معنأاه معنأى الفعل أي ل‬
‫ينأبغي لك أن تفعل ‪ 1‬وكذلك ينأبغي أن يقال في بيت الملكانأي أي لم يقلها على جهة الخآبر‪ ،‬ولكن على‬
‫قصد التبري منأه فكان معنأى الكلم فل نأتولى سعدا‪ ،‬ول نأدين به فهذا المعنأى حسن دخآول ل على‬
‫البتداء كما حسن ل نأولك‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ومثلها‪ :‬نأوالك ومنأوالك‪ ،‬وقد قال سيبويه‪ :‬أما نأول‪ :‬فتقول‪ :‬نأولك أن تفعل كذا‪ ،‬أي ينأبغي لك فعل‬
‫كذا‪.‬‬

‫) ‪(1/216‬‬

‫نأسب دوس‪:‬‬
‫ودوس بن عدثان بن عبد ال بن زهران بن كعب بن الحارث بن كعب بن عبد ال بن مالك بن نأصر بن‬
‫السد بن الغوث‪ .‬ويقال‪ :‬دوس بن عبد ال بن زهران بن السد بن الغوث‪.‬‬
‫هبل‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق وكانأت قريش قد اتخآذت صنأما على بئر في جوف الكعبة يقال له هبل‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬سأذكر حديثه إن شاء ال في موضعه‪.‬‬
‫ــــ‬
‫وقوله إل صخآرة بتنأوفة‪ .‬التنأوفة القفر ‪ 1‬وجمعها‪ :‬تنأائف بالهمز ووزنأها‪ :‬فعولة ولو كانأت تفعلة من‬
‫النأوف وهو الرتفاع لجمعت تنأاوف ولكنأه ل يجوز أن تكون تفعلة إل أن تحرك الواو بالضم لئل يشبه‬
‫بنأاء الفعل ولو قيل فيها‪ :‬تنأوفة بضم التاء لحتمل حينأئذ أن تكون فعولة أو تفعلة على مثال تنأفلة إذ‬
‫ليس في الفعال تفعل بالضم وهذا من دقيق علم التصريف‪.‬‬
‫وأما ملكان بن كنأانأة فبكسر الميم‪ .‬قال أبو جعفر بن حبيب النأسابة كل شيء في العرب فهو ملكان‬
‫بكسر الميم ساكن اللم غير ملكان في قضاعة‪ ،‬وملكان في السكون‪ ،‬فإنأهما بفتح الميم واللم فملكان‬
‫قضاعة هو ابن جرم بن ربان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة‪ ،‬وملكان السكون هو ابن عباد‬
‫بن عياض بن عقبة بن السكون بن أشرس من كنأدة‪ ،‬وكذلك قال الهمدانأي في ملكان بن جرم‪ ،‬وقال مثل‬
‫غطفان‪ ،‬وقال ابن حبيب مشايخ خآزاعة يقولون ملكان بفتح اللم قال أبو الوليد يعنأي ابن حبيب ملكان‬
‫بن أفصى بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر‪ ،‬وذكر أبو علي القالي في "أماليه" عن أبي بكر بن‬
‫النأباري عن أبيه عن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ولها معان أخآر‪ ،‬وقد جعلها "اللسان" في مادة‪ :‬تنأف‪.‬‬

‫) ‪(1/217‬‬

‫إساف ونأائلة‪ ،‬وحديث عائشة عنأهما‪:‬‬


‫قال ابن إسحاق‪ :‬واتخآذوا إسافا ونأائلة على موضع زمزم ‪ 1‬ينأحرون عنأدهما‪ ،‬وكان إساف ونأائلة رجل‬
‫وامرأة من جرهم ‪ -‬هو إساف بن بغي ونأائلة بنأت ديك ‪ -‬فوقع إساف على نأائلة في الكعبة‪ ،‬فمسخآهما‬
‫ال حجرين‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬حدثنأي عبد ال بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم‪ ،‬عن عمرة بنأت عبد الرحمن‬
‫بن سعد بن ز اررة أنأها قالت‪:‬‬
‫سمعت عائشة ‪ -‬رضي ال عنأها – تقول "ما زلنأا نأسمع أن إسافا ونأائلة كانأا رجل وامرأة من جرهم‪،‬‬
‫أحدثا في الكعبة‪ ،‬فمسخآهما ال تعالى حجرين" وال أعلم‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وقال أبو طالب‪:‬‬
‫وحيث ينأيخ الشعرون ركابهم ‪ ...‬بمفضى السيول من إساف ونأائل‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وهذا البيت في قصيدة له سأذكرها في موضعها إن شاء ال تعالى‪.‬‬
‫ما كان يفعله العرب مع الصنأام‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬واتخآذ أهل كل دار في دارهم صنأما يعبدونأه فإذا أراد الرجل منأهم سف ار تمسح به حين‬
‫يركب فكان ذلك آخآر ما يصنأع حين يتوجه إلى سفره‪ ،‬إواذا‬
‫ــــ‬
‫أشياخآه‪ :‬أن كل ملكان في العرب فهو ملكان بكسر الميم إل ملكان في جرم بن زبان ‪.2‬‬
‫قال المؤلف‪ :‬وابن حبيب النأسابة مصروف اسم أبيه ورأيت لبن المغربي قال إنأما هو ابن حبيب بفتح‬
‫الباء غير مجرى‪ ،‬لنأها أمه وأنأكر ذلك عليه غيره‪،‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬وكان أحد هذين الصنأمين أول بلصق الكعبة‪ ،‬والخآر في موضع زمزم‪ ،‬فنأقلت قريش الذي كان‬
‫بلصق الكعبة إلى الخآر‪ ،‬فكانأا في موضعهما هذا‪.‬‬
‫‪ 2‬في "اللسان"‪ :‬كل ما في العرب ملكان بكير الميم وسكون اللم إل ملكان بفتح فسكون ابن جرم بن‬
‫زبان‪.‬‬

‫) ‪(1/218‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫وقالوا‪ :‬هو حبيب بن المحبر معروف غير منأكر إوانأما ذكرنأاه هاهنأا لما حكينأا قوله في ملكان‪.‬‬
‫فصل‪:‬‬
‫وذكر إسافا ونأائلة وأنأهما رجل وامرأة من جرهم‪ ،‬وأن إسافا وقع عليها في الكعبة فمسخآا‪ ،‬وأخآرجه رزين‬
‫في فضائل مكة عن بعض السلف ما أمهلهما ال إلى أن يفج ار فيها‪ ،‬ولكنأه قبلها‪ ،‬فمسخآا ‪ 1‬حجرين‬
‫فأخآرجا إلى الصفا والمروة‪ ،‬فنأصبا عليهما‪ ،‬ليكونأا عبرة وموعظة فلما كان عمرو بن لحي نأقلهما إلى‬
‫الكعبة‪ ،‬ونأصبهما على زمزم‪ ،‬فطاف النأاس بالكعبة وبهما‪ ،‬حتى عبدا من دون ال‪.‬‬
‫وأما هبل فإن عمرو بن لحي جاء به من هيت ‪ ،2‬وهي من أرض الجزيرة حتى وضعه في الكعبة‪ .‬وذكر‬
‫الواقدي أن نأائلة حين كسرها النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬عام الفتح خآرجت منأها سوداء شمطاء‬
‫تخآمش وجهها‪ ،‬وتنأادي بالويل والثبور وذكر باقي الحديث‪.‬‬
‫وقول عائشة "أحدثا في الكعبة" أرادت الحدث الذي هو الفجور كما قال ‪ -‬عليه السلم – "من أحدث‬
‫]فيها[ حدثا‪ ،‬أو آوى محدثا‪ ،‬فعليه لعنأة ال ]والملئكة والنأاس أجمعين[" ‪ .‬وقال عمر حين كانأت الزلزلة‬
‫بالمدينأة‪" :‬أحدثتم‪ .‬وال لئن عادت لخآرجن من بين أظهركم"‪.‬‬
‫وقول أبي طالب‪ :‬من إساف ونأائل وهو ترخآيم في غير النأداء للضرورة كما قال أمال بن حنأظل‪ .‬وذكر‬
‫قول الشاعر‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ذكر المسعودي رأيا مفاده‪ :‬أن إساف ا ونأائلة حجران نأحتا ومثل بالفاجرين إساف ونأائلة‪ .‬انأظر‪" :‬مروج‬
‫الذهب" ‪.2/50‬‬
‫‪ 2‬سميت باسم بانأيها هيت بن البنأدي‪ ،‬وهي بلدة على الفرات فوق النأبار على جهة البرية غربي‬
‫الفرات‪.‬‬

‫) ‪(1/219‬‬
‫قدم من سفره تمسح به فكان ذلك أول ما يبدأ به قبل أن يدخآل على أهله فلما بعث ال رسوله محمدا ‪-‬‬
‫ب{ٍ ]ص‪:‬‬‫صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بالتوحيد قالت قريش ‪} :‬أككجكعكل اململهكةك مإكلها كوامحدا مإصن كهكذا لككشميةء كعكجا ة‬
‫‪ [5‬وكانأت العرب قد اتخآذت مع الكعبة طواغيت وهي بيوت تعظمها كتعظيم الكعبة‪ ،‬لها سدنأة وحجاب‬
‫وتهدي لها كما تهدي للكعبة وتطوف بها كطوافها بها وتنأحر عنأدها‪ ،‬وهي تعرف فضل الكعبة عليها ;‬
‫لنأها كانأت قد عرفت أنأها بيت إبراهيم الخآليل ومسجده‪.‬‬
‫العزى وسدنأتها‪:‬‬
‫فكانأت لقريش وبنأي كنأانأة‪ :‬العزى بنأخآلة ‪ ،1‬وكان سدنأتها وحجابها بنأو شيبان من سليم‪ ،‬حلفاء بنأي‬
‫هاشم‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬حلفاء بنأي أبي طالب خآاصة وسليم سليم بن منأصور بن عكرمة بن خآصفة بن قيس بن‬
‫عيلن‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فقال شاعر من العرب‪:‬‬
‫لقد أنأكحت أسماء رأس بقيرة ‪ ...‬من الدم أهداها امرئ من بنأي غنأم‬
‫رأى قدعا في عينأها إذ يسوقها ‪ ...‬إلى غبغب العزى فوسع في القسم‬
‫ــــ‬
‫رأى قدعا في عينأها‪ .‬والقدع‪ :‬ضعف البصر من إدمان النأظر‪.‬‬
‫وقوله في الغبغب‪ :‬وهو المنأحر ‪ 2‬ومراق الدم كانأه سمي بحكاية صوت الدم عنأد انأبعاثه ويجوز أن‬
‫يكون مقلوبا من قولهم بئر بغبغ وبغيبغ إذا كانأت كثيرة الماء‪ .‬قال الراجز بغيبغ قصيرة الرشاء‪ .‬ومنأه‬
‫قيل لعين أبي نأيزر البغيبغة‪ .‬ومعنأى هذا البيت الذم وتشبيه هذا المهجو برأس بقرة قد قربت أن يذهب‬
‫بصرها‪ ،‬فل تصلح إل للذبح والقسم‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬هي نأخآلة الشامية‪ ،‬وكانأت العزى بواد منأها‪ ،‬يقال لها الحرض‪ ،‬وقد حمت قريش العزى شعب ا من واد‬
‫الحراض‪ ،‬يقال له‪ :‬سقام‪ ,‬يضاهون به حرم مكة‪.‬‬
‫‪ 2‬قيل‪ :‬كان لمتعب بن قيس بيت كانأوا يحجون إليه يقال له‪ :‬الغبغب‪.‬‬

‫) ‪(1/220‬‬

‫وكذلك كانأوا يصنأعون إذا نأحروا هديا قسموه في من حضرهم‪ .‬والغبغب المنأحر ومهراق الدماء‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وهذان البيتان لبي خآراش الهذلي ‪ 1‬واسمه خآويلد بن مرة في أبيات له‪.‬‬
‫معنأى السدنأة‪:‬‬
‫والسدنأة‪ :‬الذين يقومون بأمر الكعبة‪ .‬قال رؤبة بن العجاج‪:‬‬
‫فل ورب المنأات القطن ‪ ... 2‬بمحبس الهدي وبيت المسدن‬
‫وهذان البيتان في أرجوزة له وسأذكر حديثها إن شاء ال تعالى في موضعه‪.‬‬
‫اللت وسدنأتها‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكانأت اللت لثقيف بالطائف‪ ،‬وكان سدنأتها وحجابها بنأو معتب من ثقيف‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وسأذكر حديثها إن شاء ال تعالى في موضعه‪.‬‬
‫منأاة وسدنأتها وهدمها‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكانأت منأاة للوس والخآزرج‪ ،‬ومن دان بدينأهم من أهل يثرب‪ ،‬على ساحل البحر من‬
‫نأاحية المشلل بقديد‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وقال الكميت بن زيد أحد بنأي أسد بن مدركة‪:‬‬
‫وقد آلت قبائل ل تولي ‪ ...‬منأاة ظهورها متحرفينأا‬
‫وهذا البيت في قصيدة له‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬فبعث رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬إليها أبا سفيان بن حرب فهدمها‪ ،‬ويقال‪:‬‬
‫علي بن أبي طالب‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬قال أبو خآراش هذا الشعر يهجو به رجل تزوج امرأة جميلة يقال لها أسماء‪.‬‬
‫‪ 2‬يريد حمام مكة‪ ،‬لنأه آمن في حرمه‪ ،‬والرجوزة في ديوانأه‪.‬‬

‫) ‪(1/221‬‬

‫ذو الخآصلة وسدنأته وهدمه‪:‬‬


‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكان ذو الخآلصة ‪ 1‬لدوس وخآثعم وبجيلة‪ ،‬ومن كان ببلدهم من العرب بتبالة‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬ويقال‪ :‬ذو الخآلصة‪ .‬قال رجل من العرب‪:‬‬
‫لو كنأت يا ذا الخآلص الموتو ار ‪ ...‬مثلي وكان شيخآك المقبو ار‬
‫لم تنأه عن قتل العداة زو ار‬
‫قال وكان أبوه قتل فأراد الطلب بثأره فأتى ذا الخآلصة فاستقسم عنأده بالزلم فخآرج السهم بنأهيه عن ذلك‬
‫فقال هذه البيات‪ .‬ومن النأاس من ينأحلها ام أر القيس بن حجر الكنأدي‪ ،‬فبعث إليه رسول ال ‪ -‬صلى‬
‫ال عليه وسلم ‪ -‬جرير بن عبد ال البجلي‪ ،‬فهدمه‪.‬‬
‫ــــ‬
‫وذكر فلسا في بلد طيئ بين أجأ وسلمى‪ .‬ويذكر عن ابن الكلبي أو غيره أن أجأ اسم رجل بعينأه وهو‬
‫أجأ بن عبد الحي وكان فجر بسلمى بنأت حام‪ ،‬أو اتهم بذلك فصلبا في ذينأك الجبلين وعنأدهما جبل يقال‬
‫له العوجاء‪ ،‬وكانأت العوجاء حاضنأة سلمى ‪ -‬فيما ذكر ‪ -‬وكانأت السفير بينأها وبين أجأ‪ ،‬فصلبت في‬
‫الجبل الثالث فسمي بها‪.‬‬
‫وذكر ذا الخآلصة وهو بيت دوس‪ .‬والخآلص في اللغة نأبات طيب الريح يتعلق بالشجر له حب كعنأب‬
‫الثعلب‪ .‬وجمع الخآلصة خآلص‪ .‬وأن الذي استقسم بالزلم هو امرؤ القيس بن حجر‪ .‬ووقع في كتاب‬
‫أبي الفرج أن ام أر القيس بن حجر حين وترته بنأو أسد بقتل أبيه استقسم عنأد ذي الخآلصة بثلثة أزلم‬
‫وهي الزاجر والمر والمتربص فخآرج له الزاجر فسب الصنأم ورماه بالحجارة وقال له اعضض ببظر‬
‫أمك‪ ،‬وقال الرجز الذي ذكره ابن إسحاق‪ :‬لو كنأت يا ذا الخآلص‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬وكان ذو الخآلصة مروة بيضاء منأقوشة عليها كهيئة التاج‪ ،‬وكان سدنأتها بنأو أمامة من باهلة ابن‬
‫أعصر‪.‬‬

‫) ‪(1/222‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫الموتورا‪ .‬إلى آخآره ولم يستقسم أحد عنأد ذي الخآلصة بعد حتى جاء السلم وموضعه اليوم مسجد جامع‬
‫لبلدة يقال لها‪ :‬العبلت من أرض خآثعم‪ .‬ذكره المبرد عن أبي عبيدة‪ .‬واسم امرئ القيس حنأدج والحنأدج‬
‫بقلة تنأبت في الرمل‪ .‬والقيس الشدة والنأجدة‪ .‬قال الشاعر‪:‬‬
‫وأنأت على العداء قيس ونأجدة ‪ ...‬وأنأت على الدنأى هشام ونأوفل ‪1‬‬
‫والنأسب إليه مرقسي‪ ،‬إوالى كل امرئ القيس سواه امرئي ‪ .2‬وقد قيل إن حنأدجا اسم امرئ القيس بن‬
‫عابس وله صحبة وهو كنأدي مثل الول فوقع الغلط من ههنأا‪.‬‬
‫وقوله لم تنأه عن قتل العداة زورا‪ .‬نأصب‪ :‬زو ار على الحال من المصدر الذي هو النأهي‪ .‬أراد نأهيا زورا‪.‬‬
‫وانأتصاب المصدر على هذه الصورة إنأما هو حال أو مفعول مطلق فإذا حذفت المصدر وأقمت الصفة‬
‫مقامه لم تكن إل حال‪ ،‬والدليل على ذلك أنأك تقول ساروا شديدا‪ ،‬وساروا رويدا‪ ،‬فإن رددته إلى ما لم‬
‫يسم فاعله لم يجز رفعه لنأه حال ولو لفظت بالمصدر فقلت‪ :‬ساروا سي ار رويدا لجاز أن تقول فيما لم‬
‫يسم فاعله سير عليه سير رويد هذا كله معنأى قول سيبويه‪ ،‬فدل على أن حكمه إذا لفظ به غير حكمه‬
‫إذا حذف والسر في ذلك أن الصفة ل تقوم مقام المفعول إذا حذف‪ .‬ل تقول كلمت شديدا‪ ،‬ول ضربت‬
‫طويل‪ ،‬يقبح ذلك إذا كانأت الصفة عامة والحال ليست كذلك لنأها تجري مجرى الظرف إوان كانأت صفة‬
‫فموصوفها معها‪ ،‬وهو السم الذي هي حال له ومن هذا الباب قوله تعالى ‪} :‬أكفككحمسمبتكمم أكصنأكما كخآلكمقكنأاككمم‬
‫كعكبثاا{ٍ ]المؤمنأون‪.[115 :‬‬
‫وذكر بعث جرير البجلي إلى هدم ذي الخآلصة وذلك قبل وفاة النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪-‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬حنأدح أيضاا‪ :‬الكثيب من الرمل الصغير‪ ،‬وهو مركب من مراكب النأساء انأظر‪" :‬الشتقاق"‪.‬‬
‫‪ 2‬النأسب إلى المركب‪-‬كما قال أبو حيان في "الرتشاف"‪ -‬يكون إلى صدره‪.‬‬

‫) ‪(1/223‬‬

‫فلس وسدنأته وهدمه‪:‬‬


‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكانأت فلس الطيئ ومن يليها بجبلي طيئ يعنأي سلمى وأجأ‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬فحدثنأي بعض أهل العلم أن رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬بعث إليها علي بن‬
‫أبي طالب فهدمها‪ ،‬فوجد فيها سيفين يقال لحدهما‪ :‬الرسوب‪ ،‬وللخآر المخآذم‪ .‬فأتى بهما رسول ال ‪-‬‬
‫صلى ال عليه وسلم ‪ -‬فوهبهما له فهما سيفا علي رضي ال عنأه‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكان لحمير وأهل اليمن بيت بصنأعاء يقال له رئام‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬قد ذكرت حديثه فيما مضى‪.‬‬
‫رضاء وسدنأته‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكانأت رضاء بيتا لبنأي ربيعة بن كعب بن سعد بن زيد منأاة بن تميم‪ ،‬ولها يقول‬
‫المستوغر بن ربيعة بن كعب بن سعد حين هدمها في السلم‪:‬‬
‫ولقد شددت على رضاء شدة ‪ ...‬فتركتها قف ار بقاع أسحما ‪1‬‬
‫ــــ‬
‫بشهرين أو نأحوهما‪ ،‬قال جرير‪ :‬بعثنأي رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬في مائة وخآمسين راكبا من‬
‫أحمس إلى الخآلصة فقلت‪ :‬يا رسول ال إنأي ل أثبت على الخآيل فدعا لي‪ ،‬وقال‪" :‬اللهم ثبته واجعله‬
‫هاديا مهديا" وفي "كتاب مسلم" في هذا الحديث "وكان يقال له الكعبة اليمانأية والشآمية"‪ ،‬وهذا مشكل‬
‫ومعنأاه كان يقال الكعبة اليمانأية والشامية ‪ 2‬يعنأون بالشآمية البيت الحرام‪ ،‬فزيادة له سهو وبإسقاطه‬
‫يصح‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬القاع‪ :‬المنأخآفض من الرض‪ ،‬ورواية هذا الشطر في "الصنأام"‪:‬‬
‫فتركتها تلا تنأازع أسحما‬
‫‪ 2‬في "البخآاري" أو الشآمية‪ ،‬وفي "مسلم" رواية أخآرى‪" :‬كان يدعى كعبة اليمانأية" فقط‪.‬‬
‫) ‪(1/224‬‬

‫قال ابن هشام‪ :‬قوله‪:‬‬


‫فتركتها قف ار بقاع أسحما‬
‫عن رجل من بنأي سعد‪.‬‬
‫المستوغل وعمره‪:‬‬
‫ويقال‪ :‬إن المستوغر عمر ثلثمائة سنأة وثلثين سنأة وكان أطول مضر كلها عمرا‪ ،‬وهو الذي يقول‪:‬‬
‫ــــ‬
‫المعنأى‪ .‬قاله بعض المحدثين ‪ 1‬والحديث في جامع البخآاري بزيادة له كما في صحيح مسلم‪ ،‬وليس هذا‬
‫عنأدي بسهو إوانأما معنأاه كان يقال له أي يقال من أجله الكعبة الشآمية للكعبة وهو الكعبة اليمانأية‪ ،‬وله‬
‫بمعنأى من أجله ل تنأكر كما قال ابن أبي ربيعة‪:‬‬
‫وقمير من آخآر الليل قد ل ‪ ...‬ح له قالت الفتاتان قوما‬
‫وذو الخآلصة بضم الخآاء واللم في قول ابن إسحاق‪ ،‬وبفتحهما في قول ابن هشام‪ ،‬هو صنأم سيعبد في‬
‫آخآر الزمان ثبت في الحديث أنأه "ل تقوم الساعة حتى تصطفق أليات نأساء دوس وخآثعم حول ذي‬
‫الخآلصة" ‪.‬‬
‫فصل‪ :‬وذكر المستوغر بن ربيعة‪ ،‬واسمه كعب‪ .‬قال ابن دريد سمي مستوغ ار بقوله‪:‬‬
‫ينأش الماء في الربلت منأه ‪ ...‬نأشيش الرضف في اللبن الوغير‬
‫والوغير فعيل من وغرة الحر وهي شدته وذكر القتبي أن المستوغر حضر سوق عكاظ‪ ،‬ومعه ابن ابنأه‬
‫وقد هرم والجد يقوده فقال له رجل ارفق بهذا الشيخ فقد طال ما رفق بك‪ ،‬فقال ومن تراه؟ فقال هو أبوك‬
‫أو جدك‪ ،‬فقال ما‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬قال الكرمانأي‪ :‬الضمير في له‪ :‬راجع إلى البيت‪،‬والمراد‪ :‬بيت الصنأم‪.‬‬

‫) ‪(1/225‬‬

‫ولقد سئمت من الحياة وطولها ‪ ...‬وعمرت من عدد السنأين مئينأا‬


‫مائة حدتها بعدها مئتان لي ‪ ...‬وازددت من عدد الشهور سنأينأا‬
‫هل ما بقي إل كما قد فاتنأا ‪ ...‬يوم يمر‪ ،‬وليلة تحدونأا‬
‫وبعض النأاس يروي هذه البيات لزهير بن جنأاب الكلبي‪.‬‬
‫ذو الكعبات وسدنأته‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكان ذو الكعباتلبكر وتغلب ابنأي وائل إواياد بسنأداد وله يقول أعشى بنأي قيس بن‬
‫ثعلبة‪.‬‬
‫ــــ‬
‫هو إل ابن ابنأي فقال ما رأيت كاليوم ول المستوغر بن ربيعة فقال أنأا المستوغر‪ .‬والبيات التي أنأشدها‬
‫له‪:‬‬
‫ولقد سئمت من الحياة وطولها ‪ ...‬وعمرت من عدد السنأين مئينأا‬
‫إلى آخآره‪ .‬ذكر أنأها تروى لزهير بن جنأاب الكلبي وهو زهير بن جنأاب بن هبل بن عبد ال بن كنأانأة بن‬
‫بكر بن عوف بن غذرة بن زيد اللت بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة‪ .‬وزهير هذا من المعمرين ‪1‬‬
‫وهو الذي يقول‪:‬‬
‫أبنأي إن أهلك فإنأي ‪ ...‬قد بنأيت لكم بنأيه‬
‫وتركتكم أولد سادا ‪ ...‬ت زنأادهم وريه‬
‫من كل ما نأال الفتى ‪ ...‬قد نألته إل التحيه ‪2‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬قيل‪ :‬إنأه عاش عشرين ومائتي عام‪.‬‬
‫‪ 2‬رواها المرتضى في "أماليه" هكذا‪:‬‬
‫وتركتكم أرباب سادات ‪ ...‬زنأادكم ورية‬

‫) ‪(1/226‬‬

‫بين الخآورنأق والسدير وبارق ‪ ...‬والبيت ذي الكعبات من سنأداد‬


‫قال ابن هشام‪ :‬وهذا البيت للسود بن يعفر النأهشلي نأهشل بن دارم بن مالك بن حنأظلة بن مالك بن زيد‬
‫منأاة بن تميم في قصيدة له وأنأشدنأيه أبو محرز خآلف الحمر‪:‬‬
‫أهل الخآورنأق والسدير وبارق ‪ ...‬والبيت ذي الشرفات من سنأداد‬
‫__________‬
‫يريد بالتحية البقاء وقيل الملك وأعقب هو إواخآوته قبائل في كلب وهم زهير وعدي وحارثة ومالك ويعرف‬
‫مالك هذا بالصم لقوله‪:‬‬
‫أصم عن الخآنأا إن قيل يوما ‪ ...‬وفي غير الخآنأا ألفى سميعا ‪1‬‬
‫وأخآوه حارثة بن جنأاب وعليم بن جنأاب ومن بنأي عليم بنأو زيد غير مصروف‪ .‬عرفوا بأمهم زيد بنأت‬
‫مالك وهم بنأو كعب بن عليم منأهم الرباب بنأت امرئ القيس ‪ 2‬امرأة الحسين بن علي وفيها يقول‪:‬‬
‫أحب لحبها زيدا جميعا ‪ ...‬ونأثلة كلها‪ ،‬وبنأي الرباب‬
‫وأخآرى لنأها من آل لم ‪ ...‬أحبهم وطر بنأي جنأاب‬
‫فمن المعمرين من العرب سوى المستوغر مما زادوا على المائتين والثلثمائة‪ :‬زهير هذا‪ ،‬وعبيد بن شرية‬
‫ودغفل بن حنأظلة النأسابة والربيع بن ضبع الفزاري‪ ،‬وذو الصبع ]حرثان بن محرث[ العدوانأي‪ ،‬ونأصر‬
‫بن دهمان بن أشجع بن ريث بن غطفان‪ ،‬وكان قد اسود رأسه بعد ابيضاضه وتقوم ظهره بعد انأحنأائه‬
‫وفيه يقول القائل‪:‬‬
‫لنأصر بن دهمان الهنأيدة عاشها ‪ ...‬وتسعين حول ثم قوم فانأصاتا‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الخآنأا‪ :‬الفاحشة‪.‬‬
‫‪ 2‬هي أم ولديه‪ :‬عبد ال الذي قتل صغي ار مع أبيه‪ ،‬وسكينأة‪ .‬والرباب‪ :‬أمهما وهي بنأت امرئ القيس‪.‬‬

‫) ‪(1/227‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫وعاد سواد الرأس بعد ابيضاضه ‪ ...‬ولكنأه من بعد ذلك قد ماتا‬
‫وأمره عنأد العرب من أعجب العجب ومن أطول المعمرين عمرا‪ :‬ذويد واسمه زيد بن نأهد من قضاعة ‪،1‬‬
‫وأبوه نأهد إليه ينأسب الحي المعروفون من قضاعة‪ :‬بنأو نأهد بن زيد عاش ذويد أربعمائة عام ‪ -‬فيما‬
‫ذكروا ‪ -‬وكان له آثار في العرب‪ ،‬ووقائع وغارات فلما جاء الموت قال‪:‬‬
‫اليوم يبنأى لذويد بيته ‪ ...‬ومغنأم يوم الوغى حويته‬
‫ومعصم موشم لويته ‪ ...‬لو كان للدهر بلى أبليته‬
‫أو كان قرنأي واحدا كفيته‬
‫وقول المستوغر‪:‬‬
‫ولقد شددت على رضاء شدة ‪ ...‬فتركتها قف ار بقاع أسحما‬
‫يريد تركتها سحماء من آثار النأار وبعده‪:‬‬
‫وأعان عبد ال في مكروهها ‪ ...‬وبمثل عبد ال أغشى المحرما‬
‫ذكر ذا الكعبات بيت وائل وأنأشد للسود بن يعفر‪:‬‬
‫أرض الخآورنأق والسدير ودارم ‪ ...‬والبيت ذي الشرفات من سنأداد ‪2‬‬
‫والخآورنأق‪ :‬قصر بنأاه النأعمان الكبر ملك الحيرة لسابور ليكون ولده فيه عنأده وبنأاه بنأيانأا عجميا لم تر‬
‫العرب مثله واسم الذي بنأاه له سنأمار وهو الذي ردي من أعله حتى قالت العرب‪ :‬جزانأي جزاء سنأمار‬
‫وذلك أنأه لما تم الخآورنأق‪ ،‬وعجب النأاس من حسنأه قال سنأمار أما وال لو شئت حين بنأيته جعلته يدور‬
‫مع‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬الهنأيدة ‪:‬اسم لكل مائة من البل‪ ،‬وقيل‪ :‬هي المائتان‪ ,‬وانأصات المنأحنأى‪ :‬استوت قامته‪.‬‬
‫‪ 2‬البيت مخآالف بعض المخآالفة لما في "السيرة"‪.‬‬

‫) ‪(1/228‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫الشمس حيث دارت فقال له الملك أإنأك لتحسن أن تبنأي أجمل من هذا؟ وغارت نأفسه أن يبتنأى لغيره‬
‫مثله وأمر به فطرح من أعله وكان بنأاه في عشرين سنأة قال الشاعر ]عبد العزى بن امرئ القيس‬
‫الكلبي[‪:‬‬
‫جزانأي جزاه ال شر جزائه ‪ ...‬جزاء سنأمار وما كان ذا ذنأب‬
‫سوى رصه البنأيان عشرين حجة ‪ ...‬يعلى عليه بالقرامد والسكب‬
‫فلما انأتهى البنأيان يوما تمامه ‪ ...‬وآض كمثل الطود والباذخ الصعب‬
‫وظن سنأمار به كل حبوة ‪ ...‬وفاز لديه بالمودة والقرب‬
‫رمى بسنأمار على حاق رأسه ‪ ...‬وذاك لعمر ال من أقبح الخآطب ‪1‬‬
‫ذكر هذا الشعر الجاحظ في كتاب الحيوان والسنأمار من أسماء القمر وأول شعر السود‪:‬‬
‫ذهب الرقاد فما أحس رقادي‪.‬‬
‫وفيها يقول‪:‬‬
‫ولقد عمرت إوان تطاول في المدى ‪ ...‬إن السبيل سبيل ذي العواد‬
‫قيل يريد بالعواد النأعش وقيل أراد عامر بن الظرب الذي قرعت له العصا بالعود من الهرم والخآرف‬
‫وفيها يقول‪:‬‬
‫ماذا أؤمل بعد آل محرق ‪ ...‬تركوا منأازلهم وبعد إياد‬
‫نأزلوا بأنأقرة يسيل عليهم ‪ ...‬ماء الفرات يجيء من أطواد‬
‫أرض الخآورنأق والسدير وبارق ‪ ...‬والبيت ذي الكعبات من سنأداد‬
‫جرت الرياح على محل ديارهم ‪ ...‬فكأنأما كانأوا على ميعاد‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬القصيدة لعبد العزى بن امرئ القيس الكلبي‪ ،‬والقراميد‪ :‬مفرده‪ :‬قرمد‪ ،‬وهو الخآر‪ .‬والسكب‪ :‬النأحاس‬
‫أو الرصاص‪ ،‬وآض الشيء‪ :‬تحول‪ .‬انأظر "الطبري" ‪ .2/65‬و"الحيوان" ‪.1/12‬‬

‫) ‪(1/229‬‬

‫ــــ‬
‫وأرى النأعيم وكل ما يلهى به ‪ ...‬يوما يصير إلى بلى ونأفاد‬
‫ومعنأى السدير بالفارسية بيت الملك‪ .‬يقولون له "سهدلي" أي له ثلث شعب وقال البكري‪ :‬سمي السدير‬
‫; لن العراب كانأوا يرفعون أبصارهم إليه فتسدر من علوه يقال سدر بصره إذا تحير‪.‬‬

‫) ‪(1/230‬‬

‫أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي‬


‫‪...‬‬
‫أمر البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي‪:‬‬
‫رأي ابن إسحاق فيها‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فأما البحيرة فهي بنأت السائبة والسائبة النأاقة إذا تابعت بين عشر إنأاث ليس بينأهن‬
‫ذكر سيبت فلم يركب ظهرها‪ ،‬ولم يجز وبرها‪ ،‬ولم يشرب لبنأها إل ضيف فما نأتجت بعد ذلك من أنأثى‬
‫شقت أذنأها‪ ،‬ثم خآلي سبيلها مع أمها‪ ،‬فلم يركب ظهرها‪ ،‬ولم يجز وبرها‪ ،‬ولم يشرب لبنأها إل ضيف كما‬
‫فعل بأمها‪ ،‬فهي البحيرة بنأت السائبة‪ .‬والوصيلة الشاة إذا أتأمت ‪ 1‬عشر إنأاث متتابعات في خآمسة‬
‫أبطن ليس بينأهن ذكر جعلت وصيلة‪ .‬قالوا‪ :‬قد وصلت فكان ما ولدت بعد ذلك للذكور منأهم دون إنأاثهم‬
‫إل أن يموت منأها شيء فيشتركوا في أكله ذكورهم إوانأاثهم‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬ويروى‪ :‬فكان ما ولدت بعد ذلك لذكور بنأيهم دون بنأاتهم‪.‬‬
‫ــــ‬
‫البحيرة والسائبة‪:‬‬
‫فصل‪ :‬وذكر البحيرة والسائبة وفسر ذلك وفسره ابن هشام بتفسير آخآر‪ .‬وللمفسرين في تفسيرهما أقوال‬
‫منأها‪ :‬ما يقرب ومنأها ما يبعد من قولهما‪ ،‬وحسبك منأها ما وقع في الكتاب ‪ 2‬لنأها أمور كانأت في‬
‫الجاهلية قد أبطلها السلم فل تمس الحاجة إلى علمها‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬أتأمت‪ :‬جاءت باثنأين في بطن واحد‪.‬‬
‫‪ 2‬لسيبويه‪.‬‬

‫) ‪(1/230‬‬

‫قال ابن إسحاق‪ :‬والحامي‪ :‬الفحل إذا نأتج له عشر إنأاث متتابعات ليس بينأهن ذكر حمي ظهره فلم‬
‫يركب ولم يجز وبره وخآلي في إبله يضرب فيها‪ ،‬ل ينأتفع منأه بغير ذلك‪.‬‬
‫رأي ابن هشام فيها‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وهذا عنأد العرب على غير هذا إل الحامي‪ ،‬فإنأه عنأدهم على ما قال ابن إسحاق‪.‬‬
‫فالبحيرة عنأدهم النأاقة تشق أذنأها فل يركب ظهرها‪ ،‬ول يجز وبرها‪ ،‬ول يشرب لبنأها إل ضيف أو يتصدق‬
‫به وتهمل للهتهم‪ .‬والسائبة التي ينأذر الرجل أن يسيبها إن برئ من مرضه أو إن أصاب أم ار يطلبه‪.‬‬
‫فإذا كان أساب نأاقة من إبله أو جمل لبعض آلهتهم فسابت فرعت ل ينأتفع بها‪ .‬والوصيلة التي تلد أمها‬
‫اثنأين في كل بطن فيجعل صاحبها للهته النأاث منأها‪ ،‬ولنأفسه الذكور منأها‪ :‬فتلدها أمها ومعها ذكر في‬
‫بطن فيقولون وصلت أخآاها‪ ،‬فيسيب أخآوها معها‪ ،‬فل ينأتفع به ‪.1‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬حدثنأي به يونأس بن حبيب النأحوي وغيره‪ .‬روى بعض ما لم يرو بعض‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فلما بعث ال تبارك وتعالى رسوله محمدا ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أنأزل عليه‪ } :‬كما‬
‫صم م‬ ‫م صم‬ ‫م ة‬ ‫مة‬ ‫ص م م‬
‫كجكعكل اللهك ممن كبحيكرة كول كسائكبة كول كوصيلكة كول كحاةم كولككصن الذيكن ككفككروا كيمفتككروكن كعكلى الله املككذ ك‬
‫ب كوأكمكثككركهمم ل‬
‫صةة لمكذككومركنأا كوكمكحصرةم كعكلى‬ ‫م م‬ ‫مم‬ ‫كيمعمقكلوكن{ٍ ]المائدة ‪ .[103‬وأنأزل ال تعالى‪} :‬كوكقالكوا كما مفي كب ك‬
‫طومن كهذه املكمنأكعام كخآال ك‬
‫أكمزكوامجكنأا ك إومامن كيككمن كمميتكةا فكهكمم مفيمه‬
‫ــــ‬
‫صةة ملكذككومركنأا كوكمكحصرةم‬ ‫م م‬ ‫مم‬ ‫وذكر ما أنأزل ال في ذلك منأها قوله تعالى‪} :‬كوكقالكوا كما مفي كب ك‬
‫طومن كهذه املكمنأكعام كخآال ك‬
‫صفكهكمم مإصنأهك كحمكيةم كعمليةم{ٍ ]النأعام ‪ [139‬وفيه من‬ ‫مم‬
‫كعكلى أكمزكوامجكنأا ك إومامن كيككمن كمميتكةا فكهكمم فيه كشكرككاكء كسكيمجمزيمهمم كو م‬
‫الفقه الزجر عن التشبه بهم في تخآصيصهم الذكور دون النأاث بالهبات‪ .‬روت عمرة عن عائشة عن‬
‫رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أنأه قال‪" :‬يعمد‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬والكلم في البحيرة وأخآواتها كثير مخآتلف فيه‪ ،‬وقد ذكر المام اللوسي معظمه‪ .‬انأظر‪" :‬بلوغ الرب"‬
‫‪39-3/34‬‬

‫) ‪(1/231‬‬
‫صفكهكمم إمصنأهك كحمكيةم كعمليةم{ٍ ]النأعام ‪ .[139‬وأنأزل عليه }كقمل أك كأكرميتكمم كما أكمنأكزكل اللصهك لكككمم مممن‬ ‫كشكرككاكء كسكيمجمزيمهمم كو م‬
‫ق فككجكعملتكمم مممنأهك كحكرام ا كوكحللا كقمل آللصهك أكمذكن لكككمم أكمم كعكلى اللصمه تكمفتككروكن{ٍ ]يونأس ‪ .[59‬وأنأزل عليه }كوممكن‬ ‫مرمز ة‬
‫طامن إمصنأهك لكككمم كعكدبو كممبيةن ثككمانأمكيةك أكمزكواةج ممكن‬ ‫املكمنأكعامم كحكمولكةا كوفكمرش ا ككلكوا ممصما كركزقككككم اللصهك كول تكتصبمكعوا كخآطككوامت الصشمي ك‬
‫ت كعلكميمه أكمركحاكم املكمنأثككيميمن كنأدبكئومنأي بممعملةم‬ ‫ضمأمن اثمكنأميمن كوممكن املكممعمز اثمكنأميمن كقمل آلصذكككرميمن كحصركم أكمم املكمنأثككيميمن أكصما امشتككملك م‬
‫ال ص‬
‫ت كعلكميمه أكمركحاكم‬ ‫صامدمقيكن كوممكن ا مملبممل اثمكنأميمن كوممكن املكبقكمر اثمكنأميمن كقمل آلصذكككرميمن كحصركم أكمم املكمنأثككيميمن أكصما امشتككملك م‬ ‫مإمن ككمنأتكمم ك‬
‫ضصل الصنأاكس بمكغميمر معملةم‬ ‫ظلكم ممصممن امفتكرى عكلى اللصمه ككمذب ا لمي م‬
‫ك‬ ‫ك ك‬ ‫ص م‬
‫صاكككم اللهك بهككذا فككممن أك م ك‬ ‫املكمنأثككيميمن أكمم ككمنأتكمم كشهككداكء إممذ كو ص‬
‫ظالممميكن{ٍ ]النأعام ‪.[144 - 142‬‬ ‫مإصن اللصه ل يهمدي املقكوم ال ص‬
‫مك‬ ‫ك كم‬
‫البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي لغة‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬قال الشاعر ‪:‬‬
‫حول الوصائل في شريف حقة ‪ ...‬والحاميات ظهورها والسيب‬
‫وقال تميم بن أبي بن مقبل أحد بنأي عامر بن صعصعة‪:‬‬
‫فيه من الخآرج المرباع قرقرة ‪ ...‬هدر الديافي وسط الهجمة البحر ‪1‬‬
‫__________‬
‫طومن كهمذمه‬
‫أحدكم إلى المال فيجعله عنأد ذكور ولده‪ .‬إن هذا إل كما قال ال تعالى‪} :‬كوكقالكوا كما مفي كب ك‬
‫صةة لمكذككومركنأا{ٍ ]النأعام‪ [139 :‬رواه البخآاري في التاريخ من حديث سليمان بن حجاج‪ .‬وأنأشد‬ ‫م م‬
‫املكمنأكعام كخآال ك‬
‫في البحيرة‪:‬‬
‫فيه من الخآرج المرباع قرقرة ‪ ...‬هدر الديافي وسط الهجمة البحر‬
‫هكذا الرواية المرباع بالباء من الربيع والمرباع هو الفحل الذي يبكر‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬البيت كما ورد في "السيرة" لتميم بن مقبل‪ ،‬وصحة نأسبه –كما جاء في "جمهرة ابن حزم"‪ -‬تميم بن‬
‫أبي –على وزن قصي‪ -‬بن مقبل بن عوف بن حنأيف بن العجلن بن عبد ال بن كعب ص ‪.271‬‬

‫) ‪(1/232‬‬

‫وهذا البيت في قصيدة له‪ .‬وجمع بحيرة بحائر وبحر‪ .‬وجمع وصيلة وصائل ووصل‪ .‬وجمع سائبة‬
‫الكثر سوائب وسيب وجمع حام الكثر حوام‪.‬‬
‫ــــ‬
‫باللقاح ويقال للنأاقة أيضا‪ :‬مرباع إذا بكرت بالنأتاج وللروضة إذا بكرت بالنأبات‪.‬‬
‫يصف في هذا البيت حمار وحش يقول فيه من الخآرج وهو الظليم الذي فيه بياض وسواد أي فيه منأه‬
‫قرقرة أي صوت وهدر مثل هدر الديافي أي الفحل المنأسوب إلى دياف بلد بالشام والهجمة من البل‬
‫دون المائة وجعلها بح ار لنأها تأمن من الغارات يصفها بالمنأعة والحماية كما تأمن من البحيرة من أن‬
‫تذبح أو تنأحر ورأيت في شعر ابن مقبل من الخآرج المرياع بالياء أخآت الواو وفسره في الشرح من راع‬
‫يريع إذا أسرع الجابة كما قال طرفة‪:‬‬
‫"تريع إلى صوت المهيب وتتقي"‪1‬‬
‫والنأفس إلى الرواية الولى أسكن وحكي عن ابن قتيبة أنأه قال في البحر هي الغزيرات اللبن ل جمع‬
‫بحيرة كأنأها‪ :‬جمع بحور عنأده فظن هذا يذهب المعنأى الذي ذكرنأا من أمنأها ومنأعتها ; إذ ليس هذا‬
‫المعنأى في الغزيرات اللبن لكنأه أظهر في العربية لن بحيرة فعيلة وفعيلة ل تجمع على فعل إل أن تشبه‬
‫بسفينأة وسفن وخآريدة وخآرد وهو قليل‪ .‬وقيل البيت في وصف روض‪:‬‬
‫بعازب النأبت يرتاح الفؤاد له ‪ ...‬رأد النأهار لصوات من النأغر‬
‫وبعد البيت الواقع في "السيرة"‪:‬‬
‫والزرق الخآضر السربال منأتصب ‪ ...‬قيد العصا فوق ذيال من الزهر‬
‫يعنأي بالزرق ذباب الروض وكذلك النأغر ‪ .2‬وقوله في البيت الخآر‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬بقيته‪ :‬بذي حصل روعات أكلف ملبد‪.‬‬
‫‪ 2‬نأبت عازب‪ :‬لم يرع قط‪ ،‬ول وطئ‪ ،‬والرأد‪ :‬رونأق الضحى‪.‬‬

‫) ‪(1/233‬‬

‫عدنأا إلى سياق النأسب‬


‫‪...‬‬
‫عدنأا إلى سياقة النأسب‪:‬‬
‫نأسب خآزاعة‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وخآزاعة تقول نأحن بنأو عمرو بن عامر من اليمن‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وتقول خآزاعة‪ :‬نأحن بنأو عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن‬
‫امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن السد بن الغوث‪ ،‬وخآنأدف أمها‪ ،‬فيما حدثنأي أبو عبيدة وغيره من أهل‬
‫العلم‪ .‬ويقال خآزاعة‪ :‬بنأو حارثة بن عمرو بن عامر‪ .‬إوانأما سميت خآزاعة‪ ،‬لنأهم تخآزعوا من ولد عمرو‬
‫بن عامر‪ ،‬حين أقبلوا من اليمن يريدون الشام‪ ،‬فنأزلوا بمر الظهران‪ ،‬فأقاموا بها‪ .‬قال عون بن أيوب‬
‫النأصاري أحد بنأي عمرو بن سواد بن غنأم بن كعب بن سلمة من الخآزرج في السلم‬
‫فلما هبطنأا بطن مر تخآزعت ‪ ...‬خآزاعة منأا في خآيول كراكر‬
‫ــــ‬
‫نأسب خآزاعة‪:‬‬
‫وقوله في نأسب خآزاعة‪ :‬تقول خآزاعة‪ :‬نأحن بنأو عمرو بن عامر إلى آخآر النأسب وقد تقدم أن عم ار يقال‬
‫له مزيقياء‪ .‬وأما عامر فهو ماء السماء سمي بذلك لجوده وقيامه عنأدهم مقام الغيث‪ .‬وحارثة بن امرئ‬
‫القيس بن ثعلبة وهو الغطريف ‪.2‬‬
‫بطن مر‪:‬‬
‫وقول عون فلما هبطنأا بطن مر‪ .‬يريد مر الظهران‪ ،‬وسمي م ار لن في‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬العائط‪ :‬النأاقة أو المرأة لم تحمل من غير عقر‪ .‬والشريف‪ :‬ماء لبنأي نأمير‪.‬‬
‫‪ 2‬نأسبه في "نأسب قريش" ص ‪ ،10‬أما الغطريف الكبر‪ :‬فعامر من بنأي مبشر‪ ،‬والغطريف‪ :‬السيد‬
‫ونأسب حارثة هو‪ :‬ابن امرئ القيس بن ثعلبة بن مازن بن الزد بن الغوث بن النأبت‪.‬‬

‫) ‪(1/234‬‬

‫حمت كل واد من تهامة واحتمت ‪ ...‬بصم الفنأا والمرهفات البواتر‬


‫وهذان البيتان في قصيدة له‪.‬‬
‫وقال أبو المطهر إسماعيل بن رافع النأصاري‪ ،‬أحد بنأي حارثة بن الحارث بن الخآزرج بن عمرو بن‬
‫مالك بن الوس‪:‬‬
‫فلما هبطنأا بطن مكة أحمدت ‪ ...‬خآزاعة دار الكل المتحامل‬
‫فحلت أكاريسا‪ ،‬وشتت قنأابل ‪ ...‬على كل حي بين نأجد وساحل‬
‫نأفوا جرهما عن بطن مكة واحتبوا ‪ ...‬بعز خآزاعي شديد الكواهل‬
‫قال ابن هشام‪:‬‬
‫وهذه البيات في قصيدة له وأنأا إن شاء ال أذكر نأفيها جرهما في موضعه‪.‬‬
‫أولد مدركة وخآزيمة‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فولد مدركة بن إلياس رجلين خآزيمة بن مدركة وهذيل بن مدركة‪ ،‬وأمهما‪ :‬امرأة من‬
‫قضاعة‪ .‬فولد خآزيمة بن مدركة أربعة نأفر كنأانأة بن خآزيمة‬
‫__________‬
‫عرق من الوادي من غير لون الرض شبه الميم الممدودة وبعدها ار خآلقت كذلك ويذكر عن كثير أنأه‬
‫قال سميت م ار لم اررتها‪ ،‬ول أدري ما صحة هذا‪.‬‬
‫فلما هبطنأا بطن مر البيتين وبعدهما‪:‬‬
‫خآزاعتنأا أهل اجتهاد وهجرة ‪ ...‬وأنأصارنأا جنأد النأبي المهاجر‬
‫وسرنأا إلى أن قد نأزلنأا بيثرب ‪ ...‬بل وهن منأا وغير تشاجر‬
‫وسارت لنأا سيارة ذات منأظر ‪ ...‬بكوم المطايا والخآيول الجماهر ‪1‬‬
‫يؤمون أهل الشام حين تمكنأوا ‪ ...‬ملوكا بأرض الشام فوق البرابر‬
‫أولك بنأو ماء السماء توارثوا ‪ ...‬دمشقا بملك كاب ار بعد كابر‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬كوم‪ :‬جمع كوماء‪ :‬النأاقة العظيمة السنأام‪ ،‬والجماهر‪ :‬الضخآم‪.‬‬

‫) ‪(1/235‬‬

‫وأسد بن خآزيمة‪ ،‬وأسدة بن خآزيمة‪ ،‬والهون بن خآزيمة‪ ،‬فأم كنأانأة عوانأة بنأت سعد بن قيس بن عيلن بن‬
‫مضر‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬ويقال الهون بن خآزيمة‪.‬‬
‫أولد كنأانأة وأمهاتهم‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فولد كنأانأة بن خآزيمة أربعة نأفر النأضر بن كنأانأة‪ ،‬ومالك بن‬
‫ــــ‬
‫الحلول جمع‪ :‬حال والكراديس جمع‪ :‬كردوس الخآيل‪.‬‬
‫دمشق‪:‬‬
‫وقوله دمشقا‪ ،‬سميت مدينأة الشام باسم الرجل الذي هاجر إليها مع إبراهيم وهو دامشق بن النأمروذ بن‬
‫كنأعان ‪ 1‬أبوه الملك الكافر عدو إبراهيم وكان ابنأه دامشق قد آمن بإبراهيم وهاجر معه إلى الشام‪ .‬كذلك‬
‫ذكر بعض النأساب وذكره البكري في كتاب المعجم‪ .‬والدمشق في اللغة النأاقة المسنأة ‪ -‬فيما ذكر‬
‫بعضهم ‪ -‬وكان يقال لدمشق أيضا‪ :‬جيرون سميت باسم الذي بنأاها‪ ،‬وهو جيرون بن سعد ]بن عاد[‪،‬‬
‫وفيها يقول أبو دهبل ]الجمحي[‪:‬‬
‫صاح حيا الله حيا ودا ار ‪ ...‬عنأد شرق القنأاة من جيرون‬
‫بنأو كنأانأة‪:‬‬
‫وذكر بنأي كنأانأة الربعة‪ :‬مالكا وملكان والنأضر وعبد منأاة‪ .‬وزاد الطبري في ولد كنأانأة عام ار والحارث‬
‫والنأضير وغنأما وسعدا وعوفا وجرول والحدال وغزوان‪ .‬كلهم بنأو كنأانأة ‪.2‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "المراصد" دمشق بن كنأعان‪ ،‬وفي "القاموس"‪ :‬دمشاق بن كنأعان‪ .‬وفي "المراصد"‪ :‬أنأها سميت‬
‫بهذا لنأهم دمشقوا في بنأائها‪ ،‬أي‪ :‬أسرعوا‪.‬‬
‫‪ 2‬أولد كنأانأة في كتاب "نأسب قريش" هم‪ :‬النأضر وملك وملكان ومليك وغزوان وعمرو وعامر‪ ،‬وأمهم‪:‬‬
‫برة بنأت مر‪,‬‬

‫) ‪(1/236‬‬

‫يعنأي‪ :‬برة بنأت مر أخآت تميم بن مر‪ ،‬أم النأضر‪ .‬وهذان البيتان في قصيدة له‪.‬‬
‫كنأانأة‪ ،‬وعبد منأاة بن كنأانأة وملكان بن كنأانأة فأم النأضر برة بنأت مر بن أد بن طابخآة بن إلياس بن‬
‫مضر‪ ،‬وسائر بنأيه لمرأة أخآرى‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬أم النأضر ومالك وملكان‪ .‬برة بنأت مر وأم عبد منأاة هالة بنأت سويد بن الغطريف من أزد‬
‫شنأوءة‪ .‬وشنأوءة عبد ال بن كعب بن عبد ال بن مالك بن نأصر بن السد بن الغوث‪ ،‬إوانأما سموا شنأوءة‬
‫لشنأآن كان بينأهم‪ .‬والشنأآن البغض‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬النأضر قريش‪ ،‬فمن كان من ولده فهو قرشي‪ ،‬ومن لم يكن من ولده فليس بقرشي‪ .‬قال‬
‫جرير بن عطية أحد بنأي كليب بن يربوع بن حنأظلة بن مالك بن زيد منأاة بن تميم يمدح هشام بن عبد‬
‫الملك بن مروان‪:‬‬
‫فما الم التي ولدت قريشا ‪ ...‬بمقرفة النأجار ول عقيم‬
‫وما قرم بأنأجب من أبيكم ‪ ...‬وما خآال بأكرم من تميم‬
‫ــــ‬
‫قريش‪:‬‬
‫فصل وذكر النأضر بن كنأانأة‪ ،‬وقول من قال إنأه قريش‪ ،‬والقول الخآر في أن فه ار هو قريش‪ ،‬وقد قيل إن‬
‫فه ار لقب واسمه الذي سمي به قريش ‪.1‬‬
‫وأما يخآلد بن النأضر فذكر أبو عبد ال الزبير بن بكار في أنأساب قريش له قال قال عمي‪ :‬وأما بنأو يخآلد‬
‫بن النأضر فذكر ]وا[ في بنأي عمرو بن الحارث بن ملك بن كنأانأة ومنأهم قريش بن بدر بن يخآلد بن‬
‫النأضر وكان دليل بنأي كنأانأة في تجاراتهم فكان يقال قدمت عير قريش‪ ،‬فسميت قريش به وأبوه بدر بن‬
‫يخآلد صاحب بدر الموضع الذي لقي فيه رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬قريشا ‪.2‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ذكر صاحب "فتح الباري" أن قريش‪ :‬هم ولد النأضر‪ ،‬وبهذا جزم أبو عبيدة كما روى ابن سعد في‬
‫"الطبقات"‪.‬‬
‫‪ 2‬في "نأسب قريش" ص ‪ :12‬ومؤلفه عم الزبير بن بكار‪.‬‬

‫) ‪(1/237‬‬
‫ويقال‪ :‬فهر بن مالك‪ :‬قريش‪ ،‬فمن كان من ولده فهو قرشي‪ ،‬ومن لم يكن من ولده فليس بقرشي إوانأما‬
‫سميت قريش قريشا من التقرش والتقرش التجارة والكتساب‪ .‬قال رؤبة بن العجاج‪:‬‬
‫__________‬
‫وقال عن غير عمه قريش بن الحارث بن يخآلد وابنأه بدر الذي سميت به بدر وهو احتفرها‪ .‬قال وقد‬
‫قالوا‪ :‬اسم فهر بن مالك‪ :‬قريش‪ ،‬ومن لم يلده فهر‪ ،‬فليس من قريش‪ ،‬وذكر عن عمه أن فه ار هو قريش‪.‬‬
‫وقال أبو عبد ال‪ :‬حدثنأي عمرو بن أبي بكر المؤملي عن جدي عبد ال بن مصعب ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬أنأه‬
‫سمعه يقول اسم فهر بن مالك‪ :‬قريش‪ ،‬إوانأما فهر لقب ‪ 1‬وكذلك حدثه المؤملي عن عثمان بن أبي‬
‫سليمان في اسم فهر بن مالك‪ :‬أنأه قريش‪ ،‬ومثل ذلك ذكر عن المؤملي عن أبي عبيدة بن عبد ال في‬
‫اسم فهر بن مالك‪ :‬أنأه قريش‪ .‬قال وحدثنأي إبراهيم بن المنأذر وقال حدثنأا أبو البخآتري وهب بن وهب‬
‫قال حدثنأي ابن أخآي ابن شهاب عن عمه أن اسم فهر بن مالك الذي أسمته أمه قريش‪ ،‬إوانأما نأبزته فهرا‪،‬‬
‫كما يسمى الصبي‪ :‬غ ازرة وشملة وأشباه ذلك قال قال وقد أجمع النأساب من قريش وغيرهم أن قريشا إنأما‬
‫تفرقت عن فهر‪ ،‬والذي عليه من أدركته من نأساب قريش وغيرهم أن ولد فهر بن مالك‪ :‬قريش‪ ،‬وأن من‬
‫جاوز فهر بن مالك بنأسبه فليس من قريش‪.‬‬
‫وذكر عن هشام بن محمد بن السائب الكلبي فيما حدثه أبو الحسن الثرم عنأه أن النأضر بن كنأانأة هو‬
‫قريش‪ ،‬وذكر عنأه أنأه قال في موضع آخآر ولد مالك بن النأضر فهرا‪ ،‬وهو جماع قريش‪ ،‬وقال قال محمد‬
‫بن حسن عن نأصر بن مزاحم عن عمرو بن محمد عن الشعبي‪ ،‬قال النأضر بن كنأانأة هو قريش‪ ،‬إوانأما‬
‫سمي قريشا ; لنأه كان يقرش عن خآلة النأاس وحاجتهم فيسدها بماله والتقريش‪ .‬هو التفتيش وكان بنأوه‬
‫يقرشون أهل الموسم عن الحاجة فيرفدونأهم بما يبلغهم فسموا بذلك‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬نأص ما في كتاب مصعب‪ :‬اسم فهر بن مالك‪ :‬قريش‪ ،‬وفي مكان آخآر‪ :‬فولد مالك بن النأضر فه ارا‪،‬‬
‫وهو قريش‪ ،‬وأمه‪ :‬جنأدلة بنأت الحارث‪ .‬انأظر‪" :‬نأسب قريش" ص ‪.12‬‬

‫) ‪(1/238‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫من فعلهم وقرشهم قريشا‪ .‬وقد قال الحارث بن حلزة في بيان القرش‪:‬‬
‫أيها النأاطق المقرش عنأا‬
‫عنأد عمرو‪ ،‬فهل له أنأفاء ‪1‬‬
‫وحدثه أبو الحسن الثرم عن أبي عبيدة معمر بن المثنأى ]التيمي[‪ ،‬قال منأتهى من وقع عليه اسم قريش‪:‬‬
‫النأضر بن كنأانأة‪ ،‬فولده قريش دون سائر بنأي كنأانأة بن خآزيمة بن مدركة وهو عامر بن إلياس بن‬
‫مضر‪ ،‬فأما من ولد كنأانأة سوى النأضر فل يقال لهم قريش‪ ،‬إوانأما سمي بنأو النأضر قريشا لتجمعهم لن‬
‫التقرش هو التجمع‪ .‬قال وقال بعضهم التجار يتقارشون يتجرون والدليل على اضطراب هذا القول أن‬
‫قريشا لم يجتمعوا حتى جمعهم قصي بن كلب‪ ،‬فلم يجمع إل ولد فهر بن مالك ل مرية عنأد أحد في‬
‫ذلك وبعد هذا فنأحن أعلم بأمورنأا‪ ،‬وأرعى لمآثرنأا‪ ،‬وأحفظ لسمائنأا‪ ،‬لم نأعلم ولم نأدع قريشا‪ ،‬ولم نأهمم إل‬
‫ولد فهر بن مالك‪.‬‬
‫قال المؤلف‪ :‬في جميع هذا الكلم من قول الزبير وما حكاه عن النأسابين نأقلته من كتاب الشيخ أبي‬
‫بحر ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬ثم ألفيته في كتاب الزبير كما ذكره ورأيت لغيره أن قريشا تصغير القرش وهو حوت‬
‫في البحر يأكل حيتان البحر سميت به القبيلة أو سمي به أبو القبيلة ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬ورد الزبير على ابن‬
‫إسحاق في أنأها سميت قريشا لتجمعها‪ ،‬وأنأه ل يعرف قريش إل في بنأي فهر ردا ل يلزم لن ابن إسحاق‬
‫لم يقل إنأهم بنأو قصي خآاصة إوانأما أراد أنأهم سموا بهذا السم مذ جمعهم قصي‪ ،‬وكذا قال المبرد في‬
‫المقتضب إن هذه التسمية إنأما وقعت لقصي ‪ -‬وال أعلم ‪ -‬غير أنأا قدمنأا في قول كعب بن لؤي ما يدل‬
‫على أنأها كانأت تسمى قريشا قبل مولد قصي وهو قوله‪:‬‬
‫إذا قريش تبغي الحق خآذلنأا‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬روايته في "اللسان"‪] :‬عنأد عمرو وهل لذاك بقاء[‪ ،‬وكذلك في "المعلقات" بشرح الزوزنأي‪،‬وفي روايتها‪:‬‬
‫المرقش بدل من المقرش‪.‬‬

‫) ‪(1/239‬‬

‫قد كان يغنأيهم عن الشغوش ‪ ...‬والخآشل من تساقط القروش‬


‫شحم ومحض ليس بالمغشوش‬
‫قال ابن هشام‪ :‬والشغوش قمح يسمى‪ :‬الشغوش‪ .‬والخآشل رءوس الخآلخآيل والسورة ونأحوه‪ .‬والقروش‬
‫التجارة والكتساب يقول قد كان يغنأيهم عن هذا شحم ومحض والمحض اللبن الحليب الخآالص‪ .‬وهذه‬
‫البيات في أرجوزة له‪ .‬وقال أبو جلدة اليشكري‪ ،‬ويشكر بن بكر بن وائل‪:‬‬
‫إخآوة قرشوا الذنأوب علينأا ‪ ...‬في حديث من عمرنأا وقديم‬
‫وهذا البيت في أبيات له‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬ويقال إنأما سميت قريش‪ :‬قريشا لتجمعها من بعد تفرقها‪ .‬ويقال للتجمع التقرش‪.‬‬
‫أولد النأضر وأمهاتهم‪:‬‬
‫فولد النأضر بن كنأانأة رجلين مالك بن النأضر‪ ،‬ويخآلد بن النأضر فأم مالك عاتكة بنأت عدوان بن عمرو‬
‫بن قيس بن عيلن ول أدري أهي أم يخآلد أم ل‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬والصلت بن النأضر ‪ -‬فيما قال أبو عمرو المدنأي ‪ -‬وأمهم جميعا‪ :‬بنأت سعد بن ظرب‬
‫العدوانأي‪ .‬وعدوان‪ :‬بن عمر بن قيس بن عيلن‪ .‬قال كثير بن عبد الرحمن ‪ -‬وهو كثير عزة أحد بنأي‬
‫مليح بن عمرو‪ ،‬من خآزاعة‪:‬‬
‫أليس أبي بالصلت أم ليس إخآوتي‬
‫لكل هجان من بنأي النأضر أزه ار‬
‫ــــ‬
‫وذكر قول رؤبة‪ :‬قد كان يغنأيهم عن الشغوش‪ .‬وفسره‪ :‬ضرب من القمح وفسر الخآشل‪ :‬رءوس‬
‫الخآلخآيل‪ .‬وفي "حاشية الشيخ" عن أبي الوليد قال إنأما الخآشل المقل ‪ 1‬والقروش ما تساقط من حتاته‬
‫وتقشر منأه وأنأشد لكثير بن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬حمل الدوم‪ ،‬وهو يشبه النأخآل‪ ،‬وصمغ شجره يسمى الكور‪ ،‬وهو من الدوية‪.‬‬

‫) ‪(1/240‬‬

‫رأيت ثياب العصب مخآتلط السدى ‪ ...‬بنأا وبهم والحضرمي المخآص ار‬
‫فإن لم تكونأوا من بنأي النأضر فاتركوا ‪ ...‬أراكا بأذنأاب الفوائج أخآض ار‬
‫وهذه البيات في قصيدة له‪.‬‬
‫والذين يعزون إلى الصلت بن النأضر من خآزاعة‪ :‬بنأو مليح بن عمرو‪ ،‬رهط كثير عزة‪.‬‬
‫أولد مالك بن النأضر وأمه‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فولد مالك بن النأضر‪ :‬فهر بن مالك‪ ،‬وأمه جنأدلة بنأت الحارث بن مضاض الجرهمي‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وليس بابن مضاض الكبر‪.‬‬
‫أولد فهر وأمهاتهم‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فولد فهر بن مالك أربعة نأفر غالب بن فهر‪ ،‬ومحارب بن فهر‪ ،‬والحارث بن فهر‪،‬‬
‫وأسد بن فهر‪ ،‬وأمهم ليلى بنأت سعد بن هذيل بن مدركة‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وجنأدلة بنأت فهر‪ ،‬وهي أم يربوع بن حنأظلة بن مالك بن زيد‬
‫ــــ‬
‫عبد الرحمن‪:‬‬
‫أليس أبي بالصلت أم ليس إخآوتي‪.‬‬
‫البيت وبعده‪:‬‬
‫رأيت ثياب العصب مخآتلط السدى ‪ ...‬بنأا وبهم والحضرمي المخآص ار‬
‫والعصب برود اليمن‪ ،‬لنأها تصبغ بالعصب ول ينأبت العصب ول الورس إل باليمن وكذلك اللبان‪ .‬قاله‬
‫أبو حنأيفة‪ .‬يريد إن قدودنأا من قدودهم فسدي أثوابنأا‪ ،‬مخآتلط بسدي أثوابهم‪ .‬والحضرمي النأعال‬
‫المخآصرة التي تضيق من جانأبيها كأنأها نأاقصة الخآصرين كما يقال رجل مبطن أي ضامر البطن وجاء‬
‫في صفة نأعل النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أنأها كانأت معقبة مخآصرة ملسنأة مخآثرمة‪ .‬والمخآثرمة‬
‫التي لها خآثرمة‪،‬‬

‫) ‪(1/241‬‬

‫منأاة بن تميم‪ ،‬وأمها‪ :‬ليلى بنأت سعد‪ .‬قال جرير بن عطية بن الخآطفى‪ .‬واسم الخآطفى‪ :‬حذيفة بن بدر‬
‫بن سلمة بن عوف بن كليب بن يربوع بن حنأظلة‪:‬‬
‫إواذا غضبت رمى ورائي بالحصى ‪ ...‬أبنأاء جنأدلة كخآير الجنأدل‬
‫وهذا البيت في قصيدة له‪.‬‬
‫أولد غالب وأمهاتهم‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فولد غالب بن فهر رجلين لؤي بن غالب‪ ،‬وتيم بن غالب‪ ،‬وأمهما‪ :‬سلمى بنأت عمرو‬
‫الخآزاعي ‪ -‬وتيم بن غالب الذين يقال لهم بنأو الدرم‪.‬‬
‫__________‬
‫وهو كالتحدير في مقدمها وكانأت نأعله ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬من سبت ول يكون السبت إل من جلد بقر‬
‫مدبوغ‪ .‬قاله أبو حنأيفة عن الصمعي وأبي زيد ‪.1‬‬
‫وذكر قول جرير بن الخآطفى‪:‬‬
‫يرفعن بالليل إذا ما أسدفا‬
‫أعنأاق جنأان وهاما رجفا‬
‫وعنأقا باقي الرسيم خآيطفا‬
‫والخآيطفة‪ :‬سرعة في العدو فإذا وصفت به العنأق والجري قلت‪ :‬عنأق خآيطف إواذا سميت به الرجل قلت‪:‬‬
‫خآطفى‪ ،‬وكذلك إن جعلته اسما للمشية فهو مثل الجمزى والبشكى ‪.2‬‬
‫بنأو الدرم‪:‬‬
‫وقوله‪ :‬وتيم بن غالب وهم بنأو الدرم‪ .‬والدرم‪ :‬المدفون الكعبين من‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬معقبة لها عقب‪،‬وملسنأة‪ :‬دقيقة على شكل اللسان‪ ،‬ومخآصرة‪ :‬قطع خآصراها‪ ،‬حتى صا ار مستدقين‪،‬‬
‫أما مخآرثمة ففي "اللسان"‪:‬خآرثمة النأعل بفتح الخآاء وكسرها إواسكان الراء وفتح الثاء‪ :‬رأسها‪.‬‬
‫‪ 2‬في "النأقائض" لبي عبيدة ‪ .1/3‬ط‪1935 .‬م‪ :‬معمر بن المثنأى‪ ،‬وحكى "اللسان" عن ابن بري عن‬
‫أبي عبيدة قوله‪ :‬الخآطفى جد جرير‪ ،‬واسمه‪ :‬حذيفة بن بدر‪.‬‬

‫) ‪(1/242‬‬

‫قال ابن هشام‪ :‬وقيس بن غالب‪ ،‬وأمه سلمى بنأت كعب بن عمرو الخآزاعي وهي أم لؤي وتيم ابنأي‬
‫غالب‪.‬‬
‫أولد لؤي وأمهاتهم‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فولد لؤي بن غالب أربعة نأفر كعب بن لؤي‪ ،‬وعامر بن لؤي‪ ،‬وسامة بن لؤي وعوف‬
‫بن لؤي فأم كعب وعامر وسامة ماوية بنأت كعب بن القين بن جسر‪ ،‬من قضاعة‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬ويقال والحارث بن لؤي وهم جشم بن الحارث في هزان من ربيعة‪ .‬قال جرير‪:‬‬
‫بنأي جشم لستم لهزان فانأتموا ‪ ...‬لعلى الروابي من لؤي بن غالب‬
‫ول تنأكحوا في آل ضور نأساءكم ‪ ...‬ول في شكيس بئس مثوى الغرائب‬
‫__________‬
‫اللحم يقال‪ :‬امرأة درماء وكعب أدرم‪ .‬قال الراجز‪:‬‬
‫قامت تريه خآشية أن تصرما ‪ ...‬ساقا بخآنأداة وكعبا أدرما‬
‫وكفل مثل النأقا أو أعظما‬
‫والدرم أيضا‪ :‬المنأقوض الذقن وكان تيم بن غالب كذلك فسمي الدرم قاله الزبير‪ .‬وبنأو الدرم هؤلء هم‬
‫أعراب مكة‪ ،‬وهم من قريش الظواهر‪ ،‬ل من قريش البطاح ‪ ،1‬وكذلك بنأو محارب من فهر‪ ،‬وبنأو‬
‫معيص ‪ 2‬بن عامر‪.‬‬
‫ماوية امرأة لؤي‪:‬‬
‫وذكر بنأي لؤي فقال أم عامر ماوية بنأت كعب بن القين‪ .‬سميت بالماوية‪،‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬قريش البطاح ومنأهم‪ :‬قبائل عبد المنأاف‪ .‬بنأو عبد الدار‪ .‬بنأو عبد العزى‪ .‬بنأو زهرة‪ ...‬ألخ‪ ،‬والبطاح‪:‬‬
‫هم الذين ينأزلون بين أخآشبي مكة‪ .‬انأظر‪":‬نأسب قريش" ص ‪.13‬‬
‫‪ 2‬من المعص بفتح الميم والعين‪ ،‬وهو داء يصيب الرجل في عصبه من كثرة المشي‪ .‬انأظر‪:‬‬
‫"الشتقاق" ص ‪.106‬‬
‫) ‪(1/243‬‬

‫وسعد بن لؤي وهم بنأانأة في شيبان بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل‪ ،‬من ربيعة‪.‬‬
‫وبنأانأة حاضنأة لهم من بنأي القين بن جسر بن شيع ال ويقال سيع ال بن السد بن وبرة بن ثعلبة بن‬
‫حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة‪ .‬ويقال بنأت النأمر بن قاسط‪ ،‬من ربيعة‪ .‬ويقال بنأت جرم بن‬
‫ربان بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة‪.‬‬
‫ــــ‬
‫وهي المرآة كأنأها نأسبت إلى الماء لصفائها‪ ،‬وقلبت همزة الماء واوا‪ ،‬وكان القياس أن تقلب هاء فيقال‪:‬‬
‫ماهية ولكن شبهوه بما الهمزة فيه منأقلبة عن ياء أو واو لما كان حكم الهاء أن ل تهمز في هذا الموضع‬
‫فلما شبهت بحروف المد واللين فهمزوها لذلك اطرد فيها ذلك الشبه ويحتمل اسم المرأة أن يكون من‬
‫أويته‪ ،‬إذا ضممته إليك‪ ،‬يقال أويت مثل ضممت‪ ،‬وآويته مثل آذيته‪ ،‬ثم يقال في المفعول من أويته على‬
‫وزن فعلت‪ :‬مأوي والمرأة مأوية ثم تسهل الهمزة فتكون ألفا ساكنأة‪.‬‬
‫وخآالفه ابن هشام في أم عامر فقال مخآشية بنأت شيبان بن محارب بن فهر‪ ،‬وماوية أم سائر بنأيه غير‬
‫عامر‪.‬‬
‫بنأانأة وعائذة وبنأو نأاجية وذبيان وسامة‪:‬‬
‫وذكر سعد بن لؤي وأنأهم بنأانأة في شيبان عرفوا بحاضنأة لهم اسمها‪ :‬بنأانأة وكان بنأو ضبيعة قد ادعوهم‬
‫وهو ضبيعة أضجم بن ربيعة‪ ،‬ل ضبيعة بن أقيش بن ثعلبة فلما كان زمن عمر قدموا عليه وفيهم سيد‬
‫لهم يقال له أبو الدهماء فكلم أبو الدهماء عمر أن يلحقهم بقريش فأنأكر عمر ذلك فأخآبره عثمان عن‬
‫أبيه عفان أنأه حدثه بصحة نأسبهم إلى قريش‪ ،‬وسبب خآروجهم عنأهم فواعدهم أن يأتوه العام القابل‬
‫فيلحقهم فقتل أبو الدهماء عنأد انأصرافه وشغلوا بأمره حتى مات عمر فألحقهم عثمان بقريش فلما كان‬
‫علي نأفاهم عن قريش‪ ،‬وردهم إلى شيبان فقال‬

‫) ‪(1/244‬‬

‫وخآزيمة بن لؤي بن غالب‪ ،‬وهم عائذة في شيبان بن ثعلبة‪ .‬وعائذة امرأة من اليمن‪ ،‬وهي أم بنأي عبيدة‬
‫بن خآزيمة بن لؤي‪.‬‬
‫وأم بنأي لؤي كلهم ‪ -‬إل عامر بن لؤي‪ :‬ماوية بنأت كعب بن القين بن جسر‪ .‬وأم عامر بن لؤي‪ :‬مخآشية‬
‫بنأت شيبان بن محارب بن فهر‪ ،‬ويقال ليلى بنأت شيبان بن محارب بن فهر‪.‬‬
‫__________‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫ضرب التجيبي المضلل ضربة ‪ ...‬ردت بنأانأة في بنأي شيبانأا ‪1‬‬
‫والعائذي لمثلها متوقع ‪ ...‬لما يكن وكأنأه قد كانأا‬
‫لخآصت هذا الخآبر من حديث ذكره البرقي عن ابن الكلبي والبنأانأة في اللغة الرائحة الطيبة‪ .‬وقال أبو‬
‫حنأيفة البنأانأة الروضة المعشبة الحالية أي‪ :‬قد حليت بالزهر ‪.2‬‬
‫وذكر خآزيمة بن لؤي وأنأهم انأتسبوا في شيبان ويعرفون بأمهم عائذة قال وعائذة من اليمن‪ ،‬وقال غيره‬
‫هي بنأت الخآمس ‪ 3‬بن قحافة من خآثعم ولدت لعبيد بن خآزيمة مالكا وحارثا‪ ،‬فهم بنأو خآزيمة عائذة‬
‫]قريش[‪ ،‬ومن بنأي خآزيمة أيضا‪ :‬بنأو حرب بن خآزيمة‪ ،‬قتلتهم المسودة في قريتهم بالشام وهم يحسبونأهم‬
‫بنأي حرب بن أمية ‪.4‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬التجيبي نأسبة إلى تجيب –بضم تائه وكسر جيمه‪ -‬وقد تفتح التاء‪ :‬بطن من كنأدة‪ :‬منأهم‪ :‬كنأانأة بن‬
‫بشير التجيبي قاتل عثمان‪ ،‬وهو المقصود بكلمة التجيبي في بيتي الروض‪.‬‬
‫‪ 2‬في "الشتقاق" ص ‪ 107‬عن بنأانأة‪ ،‬وهي الرائحة الطيبة‪ ،‬أو موضع مرابض الغنأم‪.‬‬
‫‪ 3‬الخآمس في اللغة بكسر الخآاء‪ :‬ظمء من أظماء البل‪.‬‬
‫‪ 4‬المسودة‪ :‬هم الذين قاموا مع أبي مسلم الخآراسانأي ضد بنأي أمية لقامة دولة بنأي العباس كما كان‬
‫يريد أبو مسلم‪.‬‬

‫) ‪(1/245‬‬

‫أمر سامة‬
‫‪...‬‬
‫أمر سامة‪:‬‬
‫رحلته إلى عمان وموته‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فأما سامة بن لؤي فخآرج إلى عمان‪ ،‬وكان بها‪ .‬ويزعمون أن عامر بن لؤي أخآرجه‬
‫وذلك أنأه كان بينأهما شيء ففقأ سامة عين عامر فأخآافه عامر فخآرج إلى عمان‪ .‬فيزعمون أن سامة بن‬
‫لؤي بينأا هو يسير على نأاقته إذ وضعت رأسها ترتع فأخآذت حية بمشفرها‪ ،‬فهصرتها حتى وقعت النأاقة‬
‫لشقها‪ ،‬ثم نأهشت سامة فقتلته‪ .‬فقال سامة حين أحس بالموت فيما يزعمون‪:‬‬
‫ــــ‬
‫وذكر بنأت جرم بن ربان ‪ .1‬وبنأت جرم هي نأاجية واسمها‪ :‬ليلى‪ ،‬وجرم أبو جدة الذي نأزل جدة من‬
‫ساحل الحجاز‪ ،‬فعرفت به كما عرفت كثير من البلد بمن نأزلها من الرجال وقد تقدم طرف من ذلك‬
‫وسيأتي في الكتاب كثير إن شاء ال تعالى‪ .‬وربان هو علف الذي تنأسب إليه الرحال العلفية‪.‬‬
‫وذكر سعد بن ذبيان وقصته مع عوف بن لؤي وذبيان بن بغيض بكسر الذال وضمها‪ ،‬والكسر أفصح‬
‫وهم أربعة أحياء من العرب‪ :‬ذبيان بن بغيض في قيس‪ ،‬وذبيان بن ثعلبة في بجيلة‪ ،‬وذبيان في‬
‫قضاعة‪ ،‬وذبيان في الزد‪.‬‬
‫وذكر ابن دريد في كتاب اشتقاق السماء له أن ذبيان فعلن ]أو فعلن[ من ذبى العود يذبي ]ذبيا إذا‬
‫لن واسترخآى[‪ .‬يقال ذبى العود وذوى بمعنأى واحد‪.‬‬
‫وذكر حديث سامة بن لؤي حين قدم على رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أحد بنأيه فانأتسب له إلى‬
‫سامة فقال له عليه السلم "الشاعر" بخآفض الراء من الشاعر كذا قيده أبو بحر على أبي الوليد‬
‫بالخآفض وهو الصحيح لنأه مردود على ما قبله كأنأه مقتضب من كلم المخآاطب إوان كان الستفهام ل‬
‫يعمل ما قبله فيما بعده ولكن العامل مقدر‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في القاموس عن ربان أنأها على وزن كتان‪ ،‬ثم قال‪ :‬وليس في العرب ربان غيره‪ ,‬ومن سواه بالزاي‪.‬‬

‫) ‪(1/246‬‬

‫عين فابكي لسامة بن لؤي ‪ ...‬علقت ما بسامة العلقه‬


‫ل أرى مثل سامة بن لؤي ‪ ...‬يوم حلوا به قتيل لنأاقه‬
‫بلغا عام ار وكعبا رسول ‪ ...‬أن نأفسي إليهما مشتاقه‬
‫إن تكن في عمان داري‪ ،‬فإنأي ‪ ...‬غالبي‪ ،‬خآرجت من غير نأاقه‬
‫ــــ‬
‫بعد اللف فإذا قال لك القائل قرأت على زيد مثل‪ ،‬فقلت‪ :‬آلعالم بالستفهام كأنأك قلت له أعلى العالم‬
‫ونأظير هذا ألف النأكار إذا قال القائل مررت بزيد فأنأكرت عليه فقلت أزيدنأيه بخآفض الدال وبالنأصب‬
‫إذا قال رأيت زيدا‪ ،‬قلت‪ :‬أزيدنأيه وكذلك الرفع‪ .‬ومن بنأي سامة هذا‪ :‬محمد بن عرعرة بن اليزيد شيخ‬
‫البخآاري‪ ،‬وبنأو سامة بن لؤي زعم بعض النأساب أنأه أدعياء وأن سامة لم يعقب وقال الزبير ولد سامة‬
‫غالبا والنأبيت والحارث‪ .‬وأم غالب نأاجية بنأت جرم بن زبان واسمها‪ :‬ليلى ‪ 1‬سميت نأاجية لنأها عطشت‬
‫بأرض فلة فجعل زوجها يقول لها‪ :‬انأظري إلى الماء وهو يريها السراب حتى نأجت فسميت نأاجية إواليها‬
‫ينأسب ]بكر بن قيس[ أبو الصديق النأاجي الذي يروي عن أبي سعيد الخآدري وأبو المتوكل النأاجي‪،‬‬
‫وكثي ار ما يخآرج عنأه الترمذي‪ ،‬وكان بنأو سامة بالعراق أعداء لعلي ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬والذين خآالفوا عليا‬
‫منأهم بنأو عبد البيت ومنأهم علي بن الجهم الشاعر قيل إنأه كان يلعن أباه لما سماه عليا بغضا منأه في‬
‫علي ‪ -‬رحمه ال ‪ -‬ذكره المسعودي ‪.2‬‬
‫الرسول والمرسل‪:‬‬
‫وقوله بلغا عام ار وكعبا رسول‪ .‬يجوز أن يكون رسول مفعول ببلغا إذا‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "الجمهرة" لبن حزم أن أسامة قد ولد الحارث‪ ،‬وأمه هنأد بنأت تيم الدرم‪ ،‬وغالبا أيضاا‪ ،‬وأمه نأاجية‬
‫بنأت حزم بن زبان إليها نأسب ولد زوجها‪ ،‬فهم بنأو نأاجية‪.‬‬
‫‪ 2‬في "جمهرة ابن حزم" وبنأو نأاجية الذين قتلهم علي رضي ال عنأه على الردة وسباهم‪ .‬انأظر‪ :‬ص ‪15‬‬

‫) ‪(1/247‬‬

‫رب كأس هرقت يا ابن لؤي ‪ ...‬حذر الموت لم تكن مهراقه‬


‫رمت دفع الحتوف يا ابن لؤي ‪ ...‬ما لمن رام ذاك بالحتف طاقه‬
‫وخآروس السرى تركت رذيا ‪ ...‬بعد جد وجدة ورشاقه ‪1‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وبلغنأي أن بعض ولده أتى رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬فانأتسب إلى سامة بن‬
‫لؤي فقال رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪" -‬آلشاعر"؟ فقال له بعض أصحابه كأنأك يا رسول ال‬
‫أردت قوله‪:‬‬
‫__________‬
‫جعلت الرسول بمعنأى‪ :‬الرسالة كما قال الشاعر‪:‬‬
‫لقد كذب الواشون ما بحت عنأدهم ‪ ...‬بليلى‪ ،‬ول أرسلتهم برسول‬
‫أي‪ :‬برسالة إوانأما سموا الرسالة رسول إذا كانأت كتابا‪ ،‬أو ما يقوم مقام الكتاب من شعر منأظوم كأنأهم‬
‫كانأوا يقيمون الشعر مقام الكتاب فتبلغه الركبان كما تبلغ الكتاب يعرب عن ضمير الكاتب كما يعرب‬
‫الرسول وكذلك الشعر المبلغ فسمي رسول‪ .‬وبين الرسول والمرسل معنأى دقيق ينأتفع به في فهم قول ال‬
‫ل{ٍ ]النأساء ‪ [79‬فإنأه ل يحسن في مثل هذا أن يقال أرسلنأاك مرسل‪ ،‬ول‬ ‫ك مللصنأا م‬
‫س كركسو ا‬ ‫عز وجل }كوأكمركسملكنأا ك‬
‫نأبأنأاك تنأبيئا‪ ،‬كما ل يحسن ضربنأاك مضروبا‪ ،‬ولكشف هذا المعنأى إوايضاحه موضع غير هذا‪،‬‬
‫واخآتصار القول فيه أن ليس كل مرسل رسول‪ ،‬فالرياح مرسلت والحاصب مرسل وكذلك كل عذاب‬
‫أرسله ال إوانأما الرسول اسم للمبلغ عن المرسل‪.‬‬
‫ويجوز أن يكون رسول حال من قوله بلغا عام ار وكعبا رسول ; إذ قد يعبر بالواحد عن الثنأين والجماعة‬
‫في مثل هذا اللفظ تقول أنأتم رسولي‪ ،‬وهي رسولي‪ ،‬تسوي بين الجماعة والواحد والمذكر والمؤنأث‪ .‬وفي‬
‫التنأزيل }فكمأتمكيا ‪ 2‬مفمركعموكن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬خآروس السرى‪ :‬يريد نأاقة صموت ا صبو ار على السرى ل تضجر منأه‪ ،‬فسراها كالخآرس‪ .‬الردى‪ :‬التي‬
‫سقطت من العياء ومثله الرذيلة‪ :‬بالذال المعجمة‪.‬‬
‫‪ 2‬المر لموسى وهارون عليهما السلم‪.‬‬

‫) ‪(1/248‬‬

‫رب كأس هرقت يا بن لؤي ‪ ...‬حذر الموت لم تكن مهراقه‬


‫قال‪ :‬أجل‪.‬‬
‫ــــ‬
‫ب املكعالكمميكن{ٍ ]الشعراء‪ [16 :‬فيكون المفعول على هذا‪ :‬أن نأفسي إليهما مشتاقة ويكون‬
‫فككقول مإصنأا كركسوكل كر د‬
‫أن على القول الول بدل من رسول أي رسالة‪.‬‬

‫) ‪(1/249‬‬

‫أمر عوف بن لؤي ونأقلته‬


‫‪...‬‬
‫أمر عوف بن لؤي ونأقلته‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق وأما عوف بن لؤي فإنأه خآرج ‪ -‬فيما يزعمون ‪ -‬في ركب من قريش‪ ،‬حتى إذا كان‬
‫بأرض غطفان بن سعد بن قيس بن عيلن أبطئ به فانأطلق من كان معه من قومه فأتاه ثعلبة بن سعد‬
‫وهو أخآوه في نأسب بنأي ذبيان ‪ -‬ثعلبة بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان‪ .‬وعوف بن‬
‫سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان ‪ -‬فحبسه وزوجه والتاطه وآخآاه فشاع نأسبه في بنأي‬
‫ذبيان‪ .‬وثعلبة ‪ -‬فيما يزعمون ‪ -‬الذي يقول لعوف حين أبطئ به فتركه قومه‪:‬‬
‫احبس على ابن لؤي جملك‬
‫تركك القوم ول مترك لك‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وحدثنأي محمد بن جعفر بن الزبير‪ ،‬أو محمد بن عبد الرحمن بن عبد ال بن حصين‬
‫"أن عمر بن الخآطاب قال لو كنأت مدعيا حيا من‬
‫ــــ‬
‫وقوله‪ :‬وخآروس السرى تركت رذيا‪ .‬إن خآفضت فمعنأاه رب خآروس السرى تركت‪ ،‬فتركت في موضع‬
‫الصفة لخآروس إوان نأصبت جعلتها مفعول بتركت‪ ،‬ولم يكن تركت في موضع صفة لن الصفة ل تعمل‬
‫في الموصوف والسرى‪ :‬في موضع خآفض لخآروس على المجاز كما تقول نأام ليلك‪ .‬يريد نأاقة صموتا‬
‫صبو ار على السرى‪ ،‬ل تضجر منأه فسراها كالخآرس ومنأه قول الكميت‪:‬‬
‫كتوم إذا ضج المطي‪ ،‬كأنأما ‪ ...‬تكرم عن أخآلقهن وترغب‬

‫) ‪(1/249‬‬

‫العرب‪ ،‬أو ملحقهم بنأا لدعيت بنأي مرة بن عوف‪ ،‬إنأا لنأعرف فيهم الشباه مع ما نأعرف من موقع ذلك‬
‫الرجل حيث وقع يعنأي‪ :‬عوف بن لؤي‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فهو في نأسب غطفان‪ :‬مرة بن عوف بن سعد بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن‬
‫غطفان‪ .‬وهم يقولون إذا ذكر لهم هذا النأسب ما نأنأكره وما نأجحده إوانأه لحب النأسب إلينأا‪.‬‬
‫وقال الحارث بن ظالم بن جذيمة بن يربوع ‪ -‬قال ابن هشام‪ :‬أحد بنأي مرة بن عوف حين هرب من‬
‫النأعمان بن المنأذر‪ ،‬فلحق بقريش‪:‬‬
‫فما قومي بثعلبة بن سعد ‪ ...‬ول بف ازرة الشعر الرقابا‬
‫وقومي ‪ -‬إن سألت ‪ -‬بنأو لؤي ‪ ...‬بمكة علموا مضر الضرابا‬
‫سفهنأا باتباع نأبي بغيض ‪ ...‬وترك القربين لنأا انأتسابا‬
‫ــــ‬
‫وقول العشى‪:‬‬
‫كتوم الرغاء إذا هجرت ‪ ...‬وكانأت بقية ذود كتم ‪1‬‬
‫إوانأما قال‪ :‬خآروس في معنأى الخآرس لنأه أراد كتوما‪ ،‬فجاء به على وزنأه‪ .‬قال البرقي وكنأت ماوية بنأت‬
‫كعب تحب سامة أكثر من إخآوته وكانأت تقول وهي ترقصه صغيرا‪:‬‬
‫إوان ظنأي بابنأي إن كبن ‪ ...‬أن يشتري الحمد ويغلي بالثمن‬
‫ويهزم الجيش إذا الجيش أرجحن ‪ ...‬ويروي العيمان من محض اللبن ‪2‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ذود‪ :‬تقال عن ثلثة أبعرة إلى العشرة أو خآمسة عشرة أو عشرين أو ثلثين‪ ،‬ول يكون إل من النأاث‪،‬‬
‫والجمع أذواد‪.‬‬
‫‪ 2‬أرجحن مال واهتز‪ ،‬والعيمة بفتح العين‪ :‬شهوة اللبن والعطش وهو عيمان‪ ،‬وهي عيمي‪.‬‬

‫) ‪(1/250‬‬
‫سفاهة مخآلف لما تروى ‪ ...‬هراق الماء واتبع السرابا ‪1‬‬
‫فلو طووعت‪ ،‬عمرك كنأت فيهم ‪ ...‬وما ألفيت أنأتجع السحابا‬
‫وخآش رواحة القرشي رحلي ‪ ...‬بنأاجية ولم يطلب ثوابا‬
‫قال ابن هشام‪ :‬هذا ما أنأشدنأي أبو عبيدة منأها‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فقال ]أبو زيد[ الحصين بن الحمام ]بن ربيعة[ المري ثم أحد بنأي سهم بن مرة يرد على‬
‫الحارث بن ظالم‪ ،‬وينأتمي إلى غطفان‪:‬‬
‫أل لستم منأا‪ ،‬ولسنأا إليكم ‪ ...‬برئنأا إليكم من لؤي بن غالب‬
‫أقمنأا على عز الحجاز وأنأتم ‪ ...‬بمعتلج البطحاء بين الخآاشب‬
‫يعنأي‪ :‬قريشا‪ .‬ثم نأدم الحصين على ما قال وعرف ما قال الحارث بن ظالم‪ ،‬فانأتمى إلى قريش‪ ،‬وأكذب‬
‫نأفسه فقال‪:‬‬
‫نأدمت على قول مضى كنأت قلته ‪ ...‬تبينأت فيه أنأه قول كاذب‬
‫فليت لسانأي كان نأصفين منأهما ‪ ...‬بكيم ونأصف عنأد مجرى الكواكب‬
‫ــــ‬
‫يقال كبن وأكبن إذا اشتد‪.‬‬
‫وذكر قول جرير لبنأي جشم بن لؤي‪:‬‬
‫بنأي جشم لستم لهزان فانأتموا ‪ ...‬لعلى الروابي من لؤي بن غالب‬
‫يقال إنأهم أعطوا جري ار على هذا الشعر ألف غير ربي وكانأوا ينأتسبون إلى ربيعة‪ ،‬فما انأتسبوا بعد إل‬
‫لقريش‪.‬‬
‫وذكر شعر الحارث بن ظالم‪ .‬وقوله ‪ :2‬سفاهة مخآلف‪ ،‬وهو المستقي‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬المخآلف‪] :‬هنأا[‪ :‬المستقي للماء‪ ،‬يقال‪ :‬ذهب يخآلف لقومه‪ :‬أي يستقي لهم‪.‬‬
‫‪ 2‬بدأ يشرح قصيدة الحارث بن ظالم‪.‬‬

‫) ‪(1/251‬‬

‫أبونأا كنأانأي بمكة قبره ‪ ...‬بمعتلج البطحاء بين الخآاشب‬


‫__________‬
‫]للماء[‪ ،‬وفيه لم يذكر‪:‬‬
‫لعمرك إنأنأي لحب كعبا ‪ ...‬وسامة إخآوتي حبي الشرابا‬
‫وقوله‪ :‬وخآش رواحة القرشي رحلي بنأاجية‪ .‬أي بنأاقة سريعة يقال خآش السهم بالريش إذا راشه به فأراد‬
‫راشنأي وأصلح رحلي بنأاجية ولم يطلب ثوابا بمدحه بذلك‪ .‬ورواحة هذا‪ :‬هو رواحة بن منأقذ بن معيص‬
‫بن عامر كان قد ربع في الجاهلية أي رأس وأخآذ المرباع ‪.1‬‬
‫وقوله‪ :‬لو طووعت عمرك كنأت فيهم ونأصب عمرك على الظرف‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬وما ألفيت أنأتجع السحابا‪ .‬أي كانأوا يغنأونأنأي بسيبهم ومعروفهم عن انأتجاع السحاب وارتياد‬
‫المراعي في البلد‪.‬‬
‫وقول الحصين بمعتلج البطحاء‪ :‬أي حيث تعتلج السيول والعتلج عمل بقوة قال الشاعر‪:‬‬
‫لو قلت للسيل دع طريقك وال ‪ ...‬سيل كمثل الهضاب يعتلج‬
‫وفي الحديث‪ :‬إنأكما علجان فعالجا عن دينأكما ‪ ،2‬وفي الحديث إن الدعاء ليلقى البلء نأازل من السماء‬
‫فيعتلجان إلى يوم القيامة أي يتدافعان بقوة‪.‬‬
‫وقوله‪ :‬لنأا الربع بضم الراء يريد أن بنأي لؤي كانأوا أربعة أحدهم أبوهم وهو عوف وبنأو لؤي هم أهل‬
‫الحرم‪ ،‬ولهم وراثة البيت‪ .‬والخآاشب‪ :‬جبال مكة‪ ،‬وقد يقال لكل جبل أخآشب أنأشد أبو عبيد‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "نأسب قريش"‪ :‬رواحة بن منأقذ بن عمرو بن معيص‪ .‬انأظر ‪:‬ص ‪.437‬‬
‫‪ 2‬العلج‪ :‬الرجل القوي الضخآم‪ ،‬فعالجا‪ :‬أي مارسا العمل الذي نأدبتكما إليه‪ ،‬واعمل به‪.‬‬

‫) ‪(1/252‬‬

‫لنأا الربع من بيت الحرام وراثة ‪ ...‬وربع البطاح عنأد دار ابن حاطب‬
‫أي أن بنأي لؤي كانأوا أربعة‪ :‬كعبا‪ ،‬وعامرا‪ ،‬وسامة وعوفا‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وحدثنأي من ل أتهم‪:‬‬
‫أن عمر بن الخآطاب رضي ال عنأه قال لرجال من بنأي مرة إن شئتم أن ترجعوا إلى نأسبكم‪ ،‬فارجعوا‬
‫إليه‪.‬‬
‫سادات مرة‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وكان القوم أشرافا في غطفان‪ ،‬هم سادتهم وقادتهم‪ .‬منأهم هرم بن سنأان بن أبي حارثة‬
‫]بن مرة بن نأشبة[‪ 1‬وخآارجة بن سنأان بن أبي حارثة والحارث بن عوف‪ ،‬والحصين بن الحمام‪ ،‬وهاشم‬
‫بن حرملة الذي يقول له القائل‪:‬‬
‫ــــ‬
‫كأن فوق منأكبيه أخآشبا‬
‫وذكر خآارجة بن سنأان الذي تزعم قيس أن الجن اخآتطفته لتستفحله ‪ 2‬نأساءها لبراعته ونأجدته ونأجابة‬
‫نأسله وقد قدمت بنأته على عمر فقال لها‪ :‬ما كان أبوك أعطى زهي ار حين مدحه فقالت أعطاه مال ورقيقا‬
‫وأثاثا أفنأاه الدهر فقال لكن ما أعطاكم زهير لم يفنأه الدهر وكان خآارجة بقي ار أمرت أمه عنأد موتها أن‬
‫يبقر بطنأها عنأه ففعلوا فخآرج حيا‪ ،‬فسمي خآارجة ويقال للبقير خآشعة قال الحطيئة يعنأي خآارجة بن‬
‫سنأان‪:‬‬
‫لقد علمت خآيل ابن خآشعة أنأها ‪ ...‬متى ما يكن يوما جلد تجالد‬
‫وقول عامر‪ :‬ترى الملوك حوله مغربله‪ .‬قيل معنأاه منأتفخآة وذكروا أنأه يقال‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "اللسان" مادة‪ :‬نأشب‪ :‬ابن نأشبة بن مرة‪.‬‬
‫‪ 2‬أي لتجعله كل منأهن في مكان الزوج منأها‪ ،‬والقول خآرافة‪.‬‬

‫) ‪(1/253‬‬

‫أحيا أباه هاشم بن حرمله ‪ ...‬يوم الهباءات ويوم اليعمله‬


‫ترى الملوك عنأده مغربله ‪ ...‬يقتل ذا الذنأب ومن ل ذنأب له‬
‫هاشم بن حرملة‪ ،‬وعامر الحصعي‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬أنأشدنأي أبو عبيدة هذه البيات لعامر الخآصفي خآصفة بن قيس بن عيلن‪:‬‬
‫أحيا أباه هاشم بن حرمله ‪ ...‬يوم الهباءات ويوم اليعمله‬
‫ترى الملوك عنأده مغربله ‪ ...‬يقتل ذا الذنأب ومن ل ذنأب له‬
‫ورمحه للوالدات مثكله‬
‫وحدثنأي أن هاشما قال لعامر قل في بيتا جيدا أثبك عليه فقال عامر البيت الول فلم يعجب هاشما‪ ،‬ثم‬
‫قال الثانأي‪ ،‬فلم يعجبه ثم قال الثالث فلم يعجبه فلما قال الرابع‪:‬‬
‫ــــ‬
‫غربل القتيل إذا انأتفخ وهذا غير معروف ‪ 1‬إوان كان أبو عبيد قد ذكره في الغريب المصنأف وأيضا‪ :‬فإن‬
‫الرواية بفتح الباء مغربلة وقال بعضهم معنأاه يتخآير الملوك فيقتلهم والذي أراه في ذلك أنأه يريد بالغربلة‬
‫استقصاءهم وتتبعهم كما قال مكحول الدمشقي‪ :‬ودخآلت الشام‪ ،‬فغربلتها غربلة حتى لم أدع علما إل‬
‫حويته‪ ،‬في كل ذلك أسأل عن البقل‪.‬‬
‫وذكر الحديث فمعنأى هذا‪ :‬التتبع والستقصاء وكأنأه من غربلت الطعام‪ .‬إذا تتبعته بالستخآراج حتى ل‬
‫تبقى إل الحثالة‪ .‬وقوله‪:‬‬
‫يقتل ذا الذنأب ومن ل ذنأب له‬
‫إنأما أعجب هاشما هذا البيت لنأه وصفه فيه بالعز والمتنأاع وأنأه ل يخآاف حاكما يعدي عليه ول ترة‬
‫من طالب ثأر‪ .‬وهاشم بن حرملة هذا هو جد منأظور بن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬المغربل‪ :‬اسم مفعول المقتول المنأتفخ‪ ،‬وعنأد الخآشنأي ص ‪ :35‬مغربلة‪ :‬مقتولة‪.‬‬

‫) ‪(1/254‬‬

‫يقتل ذا الذنأب ومن ل ذنأب له‬


‫أعجبه فأثابه عليه‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وذلك الذي أراد الكميت بن زيد في قوله‪:‬‬
‫وهاشم مرة المفنأي ملوكا ‪ ...‬بل ذنأب إليه ومذنأبينأا‬
‫وهذا البيت في قصيدة له‪.‬‬
‫وقول عامر يوم الهباءات‪ .‬عن غير أبي عبيدة‪.‬‬
‫مرة والبسل‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق قوم لهم صيت وذكر في غطفان وقيس كلها‪ ،‬فأقاموا على نأسبهم وفيهم كان البسل‪.‬‬
‫ــــ‬
‫زبان بن يسار ‪ 1‬الذي كانأت بنأته زجلة عنأد ابن الزبير فهو جد منأظور لمه واسمها‪ :‬قهطم بنأت هاشم‪.‬‬
‫كانأت قهطم قد حملت بمنأظور أربع سنأين وولدته بأضراسه فسمي منأظو ار لطول انأتظارهم إياه وفي زبان‬
‫بن سيار والد منأظور يقول الحطيئة‪:‬‬
‫وفي آل زبان بن سيار فتية ‪ ...‬يرون ثنأايا المجد سهل صعابها‬
‫ولم يصرف سيا ار لما سنأذكره بعد ‪ -‬إن شاء ال‪.‬‬
‫مزينأة‪:‬‬
‫وذكر زهي ار ونأسبه إلى مزينأة‪ ،‬وهم بنأو عثمان بن عمرو بن الطم بن أد بن طابخآة ‪ .2‬قال حسان بن‬
‫ثابت‪:‬‬
‫فإنأك خآير عثمان بن عمرو ‪ ...‬وأسنأاها إذا ذكر السنأاء‬
‫يمدح رجل من مزينأة‪ ،‬ومزينأة‪ :‬أمهم وهي بنأت كلب بن وبرة وأخآتها‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "الشتقاق" زبان بن سيار ل سيار‪ ،‬وقد تزوج بنأات منأظور‪ :‬الحسن بن علي‪ ،‬ومحمد بن طلحة‪،‬‬
‫وعبد ال بن الزبير والمنأذر بن الزبير‪.‬‬
‫‪ 2‬في ترجمة زهير في "الغانأي"‪ :‬عثمان بن عمرو بن أد بن طابخآة‪.‬‬

‫) ‪(1/255‬‬
‫ــــ‬
‫الحوأب بنأت كلب التي يعرف بها ماء الحوأب ‪ 1‬المذكور في حديث عائشة أيتكن صاحبة الجمل‬
‫الدبب ‪ 2‬تنأبحها كلب الحوأب‪.‬‬

‫) ‪(1/256‬‬

‫أمر البسل‬
‫‪...‬‬
‫أمر البسل‪:‬‬
‫تعريف البسل‪ ،‬ونأسب زهير الشاعر‪:‬‬
‫والبسل ‪ -‬فيما يزعمون ‪ -‬نأسيئهم ثمانأية أشهر حرم لهم من كل سنأة من بين العرب قد عرفت ذلك لهم‬
‫العرب ل ينأكرونأه ول يدفعونأه يسيرون به إلى أي بلد العرب شاءوا‪ ،‬ل يخآافون منأهم شيئا‪ .‬قال زهير‬
‫بن أبي سلمى‪ ،‬يعنأي بنأي مرة‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬زهير أحد بنأي مزينأة بن أد بن طابخآة بن إلياس بن مضر‪ ،‬ويقال زهير بن أبي سلمى‬
‫من غطفان‪ ،‬ويقال حليف في غطفان‪:‬‬
‫تأمل فإن تقو المروراة منأهم ‪ ...‬وداراتها ل تقو منأهم إذا نأخآل‬
‫بلد بها نأادمتهم وألفتهم ‪ ...‬فإن تقويا منأهم فإنأهم بسل‬
‫يقول‪ :‬ساروا في حرمهم‪.‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وهذان البيتان في قصيدة له‪.‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬وقال أعشى بنأي قيس بن ثعلبة‪:‬‬
‫أجارتكم بسل علينأا محرم ‪ ...‬وجارتنأا حل لكم وحليلها‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وهذا البيت في قصيدة له‪.‬‬
‫ــــ‬
‫البسل‪:‬‬
‫وذكر البسل وهو الحرام والبسل أيضا‪ :‬الحلل فهو من الضداد ومنأه‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬حوأب‪ :‬يقال‪ :‬واد حوأب‪ :‬واسع‪ ،‬وحوأب‪ :‬ماء أو موضع قريب من البصرة‪ ،‬وهو الذي نأزلته عائشة‬
‫رضي ال عنأها لما جاءت إلى البصرة في وقعة الجمل‪.‬‬
‫‪ 2‬الكد ر‬
‫ب‪ :‬الجمل الكثير الوبر‪ ،‬أو كثير وبر الوجه‪.‬‬

‫) ‪(1/256‬‬

‫أولد كعب ومرة وأمهم‪:‬‬


‫قال ابن إسحاق‪ :‬فولد كعب بن لؤي ثلثة نأفر مرة بن كعب‪ ،‬وعدي بن كعب‪ ،‬وهصيص بن كعب‪.‬‬
‫وأمهم وحشية بنأت شيبان بن محارب بن فهر بن مالك بن النأضر‪.‬‬
‫أولد مرة وأمهاتهم‪:‬‬
‫فولد مرة بن كعب ثلثة نأفر كلب بن مرة‪ ،‬وتيم بن مرة ويقظة بن مرة‪.‬‬
‫فأم كلب هنأد بنأت سرير بن ثعلبة بن الحارث بن ]فهر بن[ مالك بن كنأانأة بن خآزيمة‪ .‬وأم يقظة البارقية‬
‫امرأة من بارق‪ ،‬من السد من‬
‫ــــ‬
‫بسلة الراقي‪ ،‬أي ما يحل له أن يأخآذه على الرقية وبسل في الدعاء بمعنأى‪ :‬آمين قال الراجز ]المتلمس[‪:‬‬
‫ل خآاب من نأفعك من رجاك ‪ ...‬بسل‪ ،‬وعادى ال من عاداك ‪1‬‬
‫وكان عمر بن الخآطاب يقول في أثر الدعاء‪ :‬آمين وبسل‪ ،‬أي استجابة‪.‬‬
‫وقول زهير‪:‬‬
‫فإن تقو المروراة منأهم‪.‬‬
‫البيت‪ .‬وقع في بعض النأسخ المرورات بتاء ممدودة كأنأه جمع مرور وليس في الكلم مثل هذا البنأاء‬
‫إوانأما هو المروراة بهاء مما ضوعفت فيه العين واللم فهو فعلعلة مثل صمحمحة واللف فيه منأقلبة عن‬
‫واو أصلية وهذا قول سيبويه جعله مثل شجوجاة وأبطل أن يكون من باب عثوثل وقال ابن السراج في‬
‫قطوطاة وهو مثل مروراة هو فعوعل مثل عثوثل وقال سيبويه فيه إنأه من باب صمحمحة فالواو زائدة‬
‫على قول ابن السراج ووزنأه عنأده فعوعلة ‪.2‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "اللسان"‪ :‬البسل من الضداد وهو الحرام والحلل‪ ،‬والبسال‪ :‬التحريم وعن ابن سيدة‪ :‬قالوا في‬
‫الدعاء على النأسان‪ :‬بسل وأسل‪.‬‬
‫‪ 2‬في "اللسان" مادة‪ :‬مرو‪ :‬المروراة‪ :‬الرض أو المفازة التي ل شيء فيها‪ ،‬وهي فعوعلة‪،‬‬
‫والجمع‪:‬المرورى‪.‬‬

‫) ‪(1/257‬‬
‫اليمن‪ .‬ويقال هي أم تيم‪ .‬ويقال تيم هنأد بنأت سرير أم كلب‪.‬‬
‫نأسب بارق‬
‫قال ابن هشام بارق‪ :‬بنأو عدي بن حارثة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امرئ القيس بن ثعلبة بن‬
‫مازن بن السد بن الغوث‪ ،‬وهم في شنأوءة‪ .‬قال الكميت بن زيد‪:‬‬
‫وأزد شنأوءة انأدرءوا علينأا ‪ ...‬بجم يحسبون لها قرونأا‬
‫فما قلنأا لبارق‪ :‬قد أسأتم ‪ ...‬وما قلنأا لبارق‪ :‬أعتبونأا‬
‫قال‪ :‬وهذان البيتان في قصيدة له‪ .‬إوانأما سموا ببارق ; لنأهم تبعوا البرق‪.‬‬
‫ولدا كلب وأمهما‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فولد كلب بن مرة رجلين قصي بن كلب‪ ،‬وزهرة بن كلب‪ .‬وأمهما‪ :‬فاطمة بنأت سعد‬
‫بن سيل أحد الجدرة من جعثمة الزد‪ ،‬من اليمن‪ ،‬حلفاء في بنأي الديل بن بكر بن عبد منأاة بن كنأانأة‪.‬‬
‫__________‬
‫أعلم وأنأساب‪:‬‬
‫وذكر هصيص بن كعب وهو فعيل من الهص وهو القبض بالصابع‪ .‬من كتاب "العين"‪.1‬‬
‫وذكر يقظة بن مرة بفتح القاف وقد وجدته بسكون القاف في أشعار مدح بها خآالد بن الوليد‪ ،‬فمنأها قول‬
‫الشاعر‪:‬‬
‫وأنأت لمخآزوم بن يقظة جنأة‬
‫كل اسميك فيها ماجد وابن ماجد‬
‫وأم مخآزوم بن يقظة جد بنأي مخآزوم كلبة بنأت عامر بن لؤي‪ .‬قاله الزبير‪.‬‬
‫وذكر بارق‪ ،‬وهم بنأو عدي بن الزد‪ ،‬وقال سموا‪ :‬بارق ; لنأهم اتبعوا البرق‪ ،‬وقد قيل إنأهم نأزلوا عنأد جبل‬
‫يقال له بارق‪ ،‬فسموا به‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬والهص بفتح الهاء أيض اكا‪ ،‬الصلب من كل شيء‪ ،‬وشدة الغمز والوطء للشيء حتى تشدخآه‪.‬‬

‫) ‪(1/258‬‬

‫نأسب جعثمة‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬ويقال جعثمة السد وجعثمة الزد‪ ،‬وهو جعثمة بن يشكر بن مبشر بن صعب بن دهمان‬
‫بن نأصر بن زهران بن الحارث بن كعب بن عبد ال بن مالك بن نأصر بن السد بن الغوث‪ ،‬ويقال‬
‫جعثمة بن يشكر بن مبشر بن صعب بن نأصر بن زهران بن السد بن الغوث‪.‬‬
‫إوانأما سموا الجدرة لن عامر بن عمرو بن جعثمة تزوج بنأت الحارث بن‬
‫ــــ‬
‫وقول الكميت بجم يحسبون لها قرونأا‪ .‬أي ينأاطحون بل عدة ول منأة ‪ 1‬كالكباش الجم التي ل قرون لها‪،‬‬
‫ويحسبون أن لهم قوة‪ .‬والكميت هذا هو ابن زيد أبو المستهل من بنأي أسد‪.‬‬
‫وفي أسد‪ :‬الكميت بن معروف كان قبل هذا‪ ،‬وفيهم أيضا الكميت بن ثعلبة وهو أقدم الثلثة وابن‬
‫معروف هو الذي يقول‪:‬‬
‫خآذوا العقل إن أعطاكم القوم عقلكم ‪ ...‬وكونأوا كمن سيم الهوان فأربعا‬
‫ول تكثروا فيه الضجاج فإنأه ‪ ...‬محا السيف ما قال ابن دارة أجمعا ‪2‬‬
‫الجدرة‪:‬‬
‫وذكر الجدرة وقال هم بنأو عامر بن خآزيمة بن جعثمة وفي حاشية الشيخ أبي بحر زيادة خآزيمة خآطأ‬
‫إنأما هو عمرو بن جعثمة وذكر غير ابن إسحاق أن السيل ذات مرة دخآل الكعبة‪ ،‬وصدع بنأيانأها‪،‬‬
‫ففزعت لذلك قريش‪ ،‬وخآافوا انأهدادها إن جاء سيل آخآر وأن يذهب شرفهم ودينأهم فبنأى عامر لها جدارا‪،‬‬
‫فسمي‪ :‬الجادر‪ .‬وقوله في الجدرة حلفاء بنأي الديل‪ .‬المعروف عنأد أهل النأسب أن الديل‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬أي‪ :‬قوة‪.‬‬
‫‪ 2‬ابن دارة هو‪ :‬سالم بن مسافع يربوع أحد بنأي عبد ال بن عطفان‪ ،‬ودارة‪ :‬أمه وكان قد هجا بنأي ف ازرة‬
‫فاغتاله زميل الفزاري‪ ,‬والعقل‪ :‬الدية‪.‬‬

‫) ‪(1/259‬‬

‫مضاض الجرهمي‪ ،‬وكانأت جرهم أصحاب الكعبة‪ .‬فبنأى للكعبة جدارا‪ ،‬فسمي عامر بذلك‪ :‬الجادر فقيل‬
‫لولده الجدرة لذلك ‪.1‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬ولسعد بن سيل يقول الشاعر‪:‬‬
‫ما نأرى في النأاس شخآصا واحدا ‪ ...‬من علمنأاه كسعد بن سيل‬
‫فارسا أضبط فيه عسرة ‪ ...‬إواذا ما واقف القرن نأزل‬
‫فارسا يستدرج الخآيل كما استدرج الحر القطامي الحجل‬
‫قال ابن هشام‪ :‬قوله كما استدرج الحر‪ .‬عن بعض أهل العلم بالشعر‪.‬‬
‫بقية أولد كلب‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬ونأعم بنأت كلب وهي أم سعد وسعيد ابنأي سهم بن عمرو بن هصيص بن كعب بن‬
‫لؤي‪ ،‬وأمها‪ :‬فاطمة بنأت سعد بن سيل‪.‬‬
‫أولد قصي وأمهم‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فولد قصي بن كلب أربعة نأفر وامرأتين عبد منأاف بن قصي‪ ،‬وعبد الدار بن قصي‪،‬‬
‫وعبد العزى بن قصي‪ ،‬وعبد بن قصي‪ ،‬وتخآمر بنأت قصي‪ ،‬وبرة بنأت قصي‪ .‬وأمهم حبى بنأت حليل ابن‬
‫حبشية ابن سلول بن كعب بن عمرو الخآزاعي‪.‬‬
‫ــــ‬
‫في عبد القيس وهو الديل بن عمرو بن وديعة ‪] 2‬بن أفصى بن عبد القيس[‪ ،‬والديل أيضا في الزد‪،‬‬
‫وهو ابن هدهاد بن زيد منأاة والديل أيضا في تغلب وهو ابن زيد بن عمرو بن غنأم بن تغلب‪ ،‬والديل‬
‫أيضا في إياد‪ ،‬وهو ابن أمية بن حذافة بن زهير بن إياد‪ ،‬وأما الذي في كنأانأة وهم الذين ينأسب إليهم أبو‬
‫السود‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬وذلك أن السيل دخآل الكعبة ذات مرة وصدع بنأيانأها‪ ،‬ففزعت لذلك قريش‪ ،‬وخآافوا انأهدامها‪ ،‬وأن‬
‫يذهب شرفهم ودينأهم‪ ،‬فبنأى عامر لها جدا ارا‪ ،‬فسمي الجادر لذلك‪.‬‬
‫‪ 2‬ابن وديعة بن لكيز‪ ،‬ولكيز وأخآوه شن‪ :‬هما قبيل عبد القيس‪.‬‬

‫) ‪(1/260‬‬

‫‪..........................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫الدؤلي‪ ،‬وهو ظالم بن عمرو‪ ،‬وهم حلفاء الجدرة فابن الكلبي ومحمد بن حبيب وغيرهما من أهل النأسب‬
‫يقولون فيه الدئل بضم الدال وهمزة مكسورة وينأسبون إليه دؤلي‪ ،‬وطائفة من أهل اللغة منأهم الكسائي‬
‫ويونأس بن حبيب والخآفش يقولون فيه الديل بكسر الدال وينأسبون إليه الديلي‪ ،‬واخآتاره أبو عبيدة قال‬
‫محمد بن حبيب ابن الكلبي وغيره من أهل النأسب أقعد بهذا‪ ،‬إواليهم يرجع فيما أشكل من هذا الباب‪.‬‬
‫قال المؤلف‪ :‬وأما الدول فالدول بن حنأيفة واسم حنأيفة أثال بن لجيم بن صعب بن علي بن بكر بن وائل‪،‬‬
‫وهم رهط مسيلمة الكذاب‪ ،‬وفي ربيعة أيضا‪ ،‬ثم في عمرة الدول بن صباح وفي الرباب‪ :‬الدول بن جل‬
‫بن عدي بن عبد منأاة بن أد بن طابخآة وفي السد الدول بن سعد منأاة بن غامد‪.‬‬
‫والذي تقيد عن ابن إسحاق في الديل بن بكر بكسر الدال والياء الساكنأة وقد وافقه على ذلك من النأساب‬
‫العدوي وابن سالم الجمحي‪ ،‬ومن تقدم ذكره من أهل اللغة ‪ 1‬والدأل على وزن فعل من دأل يدأل إذا‬
‫مشى بعجلة وأما الديل بغير همز فكأنأه سمي بالفعل من ديل عليهم من الدولة على وزن ما لم يسم‬
‫فاعله‪ .‬وقد قيل إن الدئل بن بكر سمي بالدئل وهي دويبة صغيرة وأنأشدوا لكعب بن مالك ]النأصاري[‪:‬‬
‫جاءوا بجيش لو قيس معرسه ‪ ...‬ما كان إل كمعرس الدئل‬
‫وأنأشد في سعد بن سيل واسم سيل خآير بن حمالة قاله الطبري‪ ،‬والسيل ‪2‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "اللسان" وغيره عن الدئل والديل‪ :‬والدئل بالضم أمهما أم خآارجة البجلية التي يضرب بها المثل‬
‫في سرعة النأكاح‪.‬‬
‫‪ 2‬في "كتب النأسان" سيل‪ ،‬وليس من معانأي السيل‪ :‬السنأبل‪ ،‬إوانأما الذي بمعنأى السنأبل هو السبل بالباء‬
‫ل بالياء‪.‬‬

‫) ‪(1/261‬‬

‫قال ابن هشام‪ :‬ويقال حبشية ابن سلول‪.‬‬


‫أولد عبد منأاف وأمهاتهم‪:‬‬
‫قال ابن إسحاق‪ :‬فولد عبد منأاف ‪ -‬واسمه المغيرة بن قصي ‪ -‬أربعة نأفر هاشم ‪ 1‬بن عبد منأاف وعبد‬
‫شمس ‪ 2‬بن عبد منأاف والمطلب بن عبد منأاف‪ ،‬وأمهم عاتكة بنأت مرة بن هلل بن فالج بن ذكوان بن‬
‫ثعلبة بن بهثة بن سليم بن منأصور بن عكرمة‪ ،‬ونأوفل بن عبد منأاف وأمه واقدة بنأت عمرو المازنأية‪.‬‬
‫مازن بن منأصور بن عكرمة‪.‬‬
‫نأسب عتبة بن غزوان‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬فبهذا النأسب خآالفهم عتبة بن غزوان بن جابر بن وهب بن نأسيب بن مالك بن الحارث‬
‫بن مازن بن منأصور بن عكرمة‪.‬‬
‫عود إلى أولد عبد منأاف‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬وأبو عمرو‪ ،‬وتماضر وقلبة وحية وريطة وأم الخآثم ]واسمها‪ :‬هالة[‪ ،‬وأم سفيان بنأو عبد‬
‫منأاف‪.‬‬
‫فأم أبي عمرو‪ :‬ريطة امرأة من ثقيف‪ ،‬وأم سائر النأساء عاتكة بنأت مرة بن هلل ]بن فالج بن ذكوان بن‬
‫ثعلبة بن بهثة بن سليم بن منأصور[‪ ،‬أم هاشم بن عبد منأاف وأمها صفية بنأت حوزة بن عمرو ابن سلول‬
‫]واسمه مرة[ بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن‪ ،‬وأم صفية بنأت عائذ بن سعد العشيرة بن‬
‫مذحج‪.‬‬
‫ــــ‬
‫هو‪ :‬السنأبل‪ ،‬وهو أول من حلى السيوف بالذهب والفضة‪.‬‬
‫فارسا أضبط فيه عسرة‪.‬‬
‫الضبط‪ :‬الذي يعمل بكلتا يديه وهو من صفة السد أيضا‪ ،‬قال الجميح‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬واسمه عمرو‪ ،‬ويقال له‪:‬هاشم‪ ،‬لنأه أول من هشم الثريد لقومه‪.‬‬
‫‪ 2‬وكان عبد شمس تلوا لهاشم‪ ،‬وقيل‪ :‬بل كانأا توأمين‪ ،‬فولد هاشم ورجله في جبهة عبد شمس ملتصقة‪،‬‬
‫فلم يقدر على نأزعها إل بدم‪.‬‬

‫) ‪(1/262‬‬

‫أولد هاشم وأمهاتهم‪:‬‬


‫قال ابن هاشم‪ :‬فولد هاشم بن عبد منأاف أربعة نأفر وخآمس نأسوة‪ :‬عبد المطلب بن هاشم‪ ،‬وأسد بن هاشم‬
‫وأبا صيفي بن هاشم ونأضلة بن هاشم‪ ،‬والشفاء وخآالدة وضعيفة ورقية وحية‪ .‬فأم عبد المطلب ورقية‪:‬‬
‫سلمى ‪ 1‬بنأت عمرو بن زيد بن لبيد بن خآداش بن عامر بن غنأم بن عدي بن النأجار‪ .‬واسم النأجار تيم‬
‫ال بن ثعلبة بن عمرو بن الخآزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر‪.‬‬
‫وأمها‪ :‬عميرة بنأت صخآر ]بن حبيب[ بن الحارث بن ثعلبة بن مازن بن النأجار‪ .‬وأم عميرة سلمى بنأت‬
‫عبد الشهل النأجارية‪.‬‬
‫وأم أسد‪ :‬قيلة بنأت عامر بن مالك الخآزاعي‪.‬‬
‫وأم أبي صيفي وحية‪ :‬هنأد بنأت عمرو بن ثعلبة الخآزرجية‪.‬‬
‫وأم نأضلة والشفاء امرأة من قضاعة‪.‬‬
‫وأم خآالدة وضعيفة‪ :‬وافدة بنأت أبي عدي المازنأية‪.‬‬
‫ــــ‬
‫]منأقذ بن الطماح السدي[‪:‬‬
‫ضبطاء تسكن غيل غير مقروب‬
‫وقوله فيه عسرة من هذا المعنأى أيضا‪ ،‬والسم منأه أعسر‪.‬‬
‫وذكر حليل بن حبشية والحبشية نأملة كبيرة سوداء وأن قصيا تزوج ابنأته‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬وأمها عمرة بنأت صخآر المازنأية‪ ،‬وابنأها عمرو بن أحيحة بن الجلح‪ ،‬وأخآوه معبد‪ ،‬ولدتهما الحيحة‬
‫بعد هاشم‪.‬‬

‫) ‪(1/263‬‬
‫أولد عبد المطلب بن هاشم‪:‬‬
‫‪...‬‬
‫أولد عبد المطلب بن هاشم‪:‬‬
‫عددهم وأمهاتهم‪:‬‬
‫قال ابن هشام‪ :‬فولد عبد المطلب بن هاشم عشرة نأفر وست نأسوة العباس‬

‫) ‪(1/263‬‬

‫وحمزة وعبد ال وأبا طالب ‪ -‬واسمه عبد منأاف ‪ -‬والزبير والحارث وجحل‪ ،‬والمقوم وض اررا‪ ،‬وأبا لهب‬
‫‪ -‬واسمه عبد العزى ‪ -‬وصفية وأم حكيم البيضاء وعاتكة‪ ،‬وأميمة‪ ،‬وأروى‪ ،‬وبرة‪.‬‬
‫فأم العباس وضرار‪ :‬نأتيلة بنأت جنأاب بن كليب بن مالك بن عمرو بن عامر بن زيد منأاة بن عامر ‪-‬‬
‫وهو الضحيان ‪ -‬بن سعد بن الخآزرج بن تيم اللت بن النأمر بن قاسط بن هنأب بن أفصى بن جديلة بن‬
‫أسد بن ربيعة بن نأزار‪.‬‬
‫ويقال أفصى بن دعمي بن جديلة‪.‬‬
‫وأم حمزة والمقوم وجحل‪ ،‬وكان يلقب بالغيداق لكثرة خآيره وسعة ماله ‪ -‬وصفية هالة بنأت أهيب بن عبد‬
‫منأاف بن زهرة بن كلب بن مرة بن كعب بن لؤي‪.‬‬
‫وأم عبد ال وأبي طالب والزبير وجميع النأساء غير صفية فاطمة بنأت عمرو بن عائذ بن عمران بن‬
‫مخآزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النأضر‪.‬‬
‫وأمها‪ :‬صخآرة بنأت عبد بن عمران بن مخآزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن‬
‫مالك بن النأضر‪.‬‬
‫ــــ‬
‫حبى‪ ،‬فولدت له عبد منأاف إواخآوته وقال غيره بل أم عبد منأاف عاتكة بنأت هلل بن بالج ]أو فالج ‪[1‬‬
‫بن ذكوان‪ ،‬وأم هاشم عاتكة بنأت مرة فالولى‪ :‬عمة الثانأية وأم وهب جد النأبي ‪ -‬عليه السلم ‪ -‬لمه‬
‫عاتكة بنأت الوقص بن مرة بن هلل فهن عواتك‪ .‬ولدن النأبي عليه السلم ولذلك قال "أنأا ابن العواتك‬
‫من سليم "‪ 2‬وقد قيل في تأويل هذا الحديث إن ثلث نأسوة من سليم أرضعنأه كلهن‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "نأسب قريش" ص ‪ :14‬حمالة‪ ،‬وفي بعض الكتب بالحج وفي بعضها فالج‪.‬‬
‫‪ 2‬رواه سعيد بن منأصور في "سنأنأه"‪ ،‬والطبرانأي في "الكبير" عن سبابة بن عاصم‪.‬‬

‫) ‪(1/264‬‬
‫وأم صخآرة تخآمر بنأت عبد بن قصي بن كلب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن‬
‫النأضر‪.‬‬
‫وأم الحارث بن عبد المطلب‪ :‬سمراء ]أو صفية[ بنأت جنأدب بن جحير بن رئاب بن حبيب بن سواءة بن‬
‫عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منأصور بن عكرمة‪.‬‬
‫وأم أبي لهب لبنأى بنأت هاجر بن عبد منأاف بن ضاطر بن حبشية ابن سلول بن كعب بن عمرو‬
‫الخآزاعي‪.‬‬
‫__________‬
‫تسمى‪ :‬عاتكة‪ ،‬والول أصح‪ .‬وأم عاتكة بنأت مرة ماوية ‪ 1‬بنأت حوزة بن عمرو بن مرة أخآي عامر بن‬
‫صعصعة وهم بنأو سلول‪ ،‬وأم ماوية أم أنأاس المذحجية‪.‬‬
‫وقال في أمهات بنأي عبد منأاف وأما صفية فأمها‪ :‬بنأت عبد ال بن سعد العشيرة بن مذحج‪ ،‬وهو وهم‬
‫لن سعد العشيرة بن مذحج هو أبو القبائل المنأسوبة إلى مذحج إل أقلها‪ ،‬فيستحيل أن يكون في عصر‬
‫هاشم من هو ابن له لصلبه ولكن هكذا رواه البرقي عن ابن هشام ‪ -‬كما قلنأا ‪ -‬ورواه غيره بنأت عبد ال‬
‫من سعد العشيرة وهي رواية الغسانأي وقد قيل فيه عائذ ال وهو أقرب إلى الصواب‪ .‬ولسعد العشيرة ابن‬
‫لصلبه واسمه عيذ ال وهي قبيلة من قبائل جنأب من مذحج ‪ ،2‬وقد ذكرت بطون جنأب وأسماء ولد سعد‬
‫العشيرة أو أكثرهم في هذا الكتاب ولم سميت تلك القبائل بجنأب وأحسب الوهم في رواية البرقي إنأما جاء‬
‫من اشتراك السم لن أم صفية المذكورة بنأت عيذ ال ‪ 3‬ولكن ليس بعيذ ال‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "نأسب قريش"‪ :‬مارية بنأت حوزة بن عمرو بن سلول واسمه‪ :‬مرة بن صعصعة بن معاوية بن بكر‬
‫بن هوازن‪.‬‬
‫‪ 2‬مذحج هو مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب بن زيد ب كهلن بن سبأ‪ .‬انأظر‪" :‬جمهرة ابن‬
‫حزم" ص ‪.383‬‬
‫‪ 3‬اسمه‪ :‬عائذ ال‪.‬‬

‫) ‪(1/265‬‬

‫‪..........................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫الذي هو ابن سعد العشيرة لصلبه ولكنأه من سعد العشيرة‪.‬‬
‫وذكر عبد شمس بن عبد منأاف وكان تلوا لهاشم ويقال كانأا توأمين فولد هاشم ورجله في جبهة شمس‬
‫ملتصقة فلم يقدر على نأزعها إل بدم فكانأوا يقولون سيكون بين ولدهما دماء فكأن تلك الدماء ما وقع بين‬
‫بنأي هاشم‪ ،‬وبين بنأي أمية بن عبد شمس‪ .‬وأما سلمى أم عبد المطلب‪ ،‬فقد ذكر نأسبها‪ ،‬وأمها‪ :‬عميرة‬
‫بنأت ضحر ‪ 1‬المازنأية وابنأها‪ :‬عمرو بن أحيحة بن الجلح‪ ،‬وأخآوه معبد ولدتهما لحيحة بعد هاشم‬
‫وكان عمرو من أجمل النأاس وأنأطقهم بحكمة وقال رجل من بنأي هاشم للمنأصور أرأيت إن اتسعنأا في‬
‫البنأين وضقنأا في البنأات فإلى من تدفعنأا‪ ،‬يعنأي‪ :‬في المصاهرة فأنأشد‪:‬‬
‫عبد شمس كان يتلو هاشما ‪ ...‬وهما بعد لم ولب‬
‫وذكر الدارقطنأي‪ :‬أن الحارث بن حبش السلمي كان أخآا هاشم وعبد شمس والمطلب لمهم وأنأه رثى‬
‫هاشما لهذه الخآوة وهذا يقوي أن أمهم عاتكة السلمية‪.‬‬
‫فصل وذكر ابن إسحاق أن أم حية بنأت هاشم‪ ،‬وأم أبي صيفي‪ :‬هنأد بنأت ]عمرو بن[‪ 2‬ثعلبة ]بن‬
‫الخآزرج[‪ ،‬والمعروف عنأد أهل النأسب أن أم حية ]أم عدي[‪ :‬جحل بنأت حبيب بن الحارث بن مالك بن‬
‫حطيط ‪ 3‬الثقفية وحية بنأت هاشم تحت الجحم بن دنأدنأة ]بن عمرو بن القين بن رزاح بن عمرو بن‬
‫سعد بن كعب بن عمرو[ الخآزاعي ولدت له أسيدا‪ ،‬وفاطمة بنأت الجحم التي تقول‪:‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "نأسب قريش" هو صخآر بن حبيب بن الحارث بن بن ثعلبة بن مازن بن النأجار‪.‬‬
‫‪ 2‬في "نأسب قريش" هكذا‪ ،‬وأنأها أم أبي صيفي‪.‬‬
‫‪ 3‬ابن جشم بن قسي وهو بن منأبه بن بكر بن هوازن‪ .‬انأظر "نأسب قريش" ص ‪.17‬‬

‫) ‪(1/266‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫يا عين بكي عنأد كل صباح ‪ ...‬جودي بأربعة على الجراح‬
‫قد كنأت لي جبل ألوذ بظله ‪ ...‬فتركتنأي أضحى بأجرد ضاح‬
‫قد كنأت ذات حمية ما عشت لي ‪ ...‬أمشي البراز وكنأت أنأت جنأاحي‬
‫فاليوم أخآضع للذليل وأتقي ‪ ...‬منأه وأدفع ظالمي بالراح‬
‫وأغض من بصري‪ ،‬وأعلم أنأه ‪ ...‬قد بان حد فوارسي ورماحي‬
‫إواذا دعت قمرية شجنأا لها ‪ ...‬يوما على فنأن دعوت صباحي‬
‫وقع هذا الشعر لها في "الحماسة" وغيرها‪.‬‬
‫وذكر أم العباس وهي نأتيلة بنأت جنأاب بن كليب وهي من بنأي عامر الذي يعرف بالضحيان وكان من‬
‫ملوك ربيعة‪ ،‬وقد ذكرنأا في خآبر تبع‪ ،‬أنأها أول من كسا البيت الديباج وذكرنأا سبب ذلك ونأزيد هاهنأا ما‬
‫ذكره الماوردي‪ ،‬قال أول من كسا البيت الديباج خآالد بن جعفر بن كلب أخآذ لطيمة من البز وأخآذ فيها‬
‫أنأماطا ‪ ،1‬فعلقها على الكعبة‪ ،‬وأم نأتيلة أم حجر أو أم كرز بنأت الزب من بنأي بكيل من همدان‪ ،‬وهي‬
‫نأتيلة بتاء منأقوطة باثنأتين وهي تصغير نأتلة واحدة النأتل وهم بيض النأعام وبعضهم يصحفها بثاء مثلثة‪.‬‬
‫وذكر في بنأي عبد المطلب جحل بتقديم الجيم على الحاء هكذا رواية الكتاب‪ .‬وقال الدارقطنأي‪ :‬هو‬
‫حجل بتقديم الحاء‪ .‬وقال جحل بتقديم الجيم هو الحكم بن جحل يروى عن علي ومن حديثه عنأه أنأه قال‬
‫من فضلنأي على أبي بكر جلدته حد الفرية‪ .‬والجحل السقاء الضخآم‪ .‬والجحل الحرباء‪ .‬وذكر ابن دريد‬
‫أن اسم جحل مصعب‪ .‬وقال غيره كان اسمه مغيرة‪ ،‬وجحل لقب له‪ .‬والجحل ضرب من اليعاسيب قاله‬
‫صاحب العين‪ .‬وقال أبو حنأيفة كل شيء ضخآم فهو جحل وجحل هو الغيداق والغيداق ولد الضب وهو‬
‫أكبر من‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬ضرب من البسط وثوب صوف يطرح عليه الهودج‪.‬‬

‫) ‪(1/267‬‬

‫‪..............................................................................................‬‬
‫ــــ‬
‫الحسل ‪ .1‬ولم يعقب وكذا المقوم لم يعقب إل بنأتا اسمها‪ :‬هنأد‪ .‬وأم الغيداق ‪ -‬فيما ذكر القتبي‪ :‬ممنأعة‬
‫بنأت عمرو الخآزاعية وهذا خآلف قول ابن إسحاق‪.‬‬
‫وذكر في أعمامه أيضا‪ :‬الزبير وهو أكبر أعمام النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وهو الذي كان يرقص‬
‫النأبي ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬وهو طفل ويقول‪:‬‬
‫محمد بن عبدم ‪ ...‬عشت بعيش أنأعم‬
‫في دولة ومغنأم ‪ ...‬دام سجيس الزلم ‪2‬‬
‫وبنأته‪ :‬ضباعة كانأت تحت المقداد‪ .‬وعبد ال ابنأه مذكور في الصحابة ‪ -‬رضي ال عنأهم ‪ -‬وكان‬
‫الزبير ‪ -‬رضي ال عنأه ‪ -‬يكنأى أبا الطاهر بابنأه الطاهر وكان من أظرف فتيان قريش‪ ،‬وبه سمى‬
‫رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬ابنأه الطاهر‪ .‬وأخآبر الزبير عن ظالم كان بمكة أنأه مات فقال بأي‬
‫عقوبة كان موته؟ فقيل مات حتف أنأفه فقال إوان فل بد من يوم ينأصف ال فيه المظلومين ففي هذا دليل‬
‫على إق ارره بالبعث‪.‬‬
‫وذكر أبا طالب واسمه عبد منأاف وله يقول عبد المطلب‪:‬‬
‫أوصيك يا عبد منأاف بعدي ‪ ...‬بمؤتم بعد أبيه فرد‬
‫مات أبوه وهو حلف المهد‬
‫وذكر أبا لهب واسمه عبد العزى‪ ،‬وكنأي أبا لهب لشراق وجهه وكان تقدمة من ال ‪ -‬تعالى ‪ -‬لما صار‬
‫إليه من اللهب وأمه لبنأى بنأت هاجر بكسر الجيم من بنأي ضاطرة بضاد منأقوطة‪ .‬واللبنأى في اللغة‬
‫شيء يتميع من بعض الشجر قاله أبو حنأيفة‪ .‬ويقال لبعضه الميعة والدودم مثل اللبنأى يسيل من السمر‬
‫غير أنأه‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "اللسان"‪ :‬الجحل‪ :‬الحرباء قال الجوهري‪ :‬هو ذكر أم كحكبين‪ ،‬وقيل‪ :‬هو الضب المسن الكبير‪.‬‬
‫‪ 2‬في "أمالي" القالي أنأه دخآل على الزبير‪ ،‬وهو صبي‪ ،‬فأقعده في حجره وقال ما ذكره السهيلي‪.‬‬

‫) ‪(1/268‬‬

‫رسول ال صلى ال عليه وسلم وأمهاته‪:‬‬


‫قال ابن هشام فولد عبد ال بن عبد المطلب رسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬سيد ولد آدم محمد بن‬
‫عبد ال بن عبد المطلب‪ ،‬صلوات ال وسلمه ورحمته وبركاته عليه وعلى آله‪ .‬وأمه آمنأة بنأت وهب بن‬
‫عبد منأاف بن زهرة بن كلب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النأضر‪ .‬وأمها‪ :‬برة‬
‫بنأت عبد العزى بن عثمان بن عبد الدار بن قصي بن كلب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر‬
‫بن مالك بن النأضر‪ .‬وأم برة أم حبيب بنأت أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلب بن مرة بن كعب بن‬
‫لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النأضر‪ .‬وأم أم حبيب برة بنأت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي بن‬
‫كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النأضر‪.‬‬
‫ــــ‬
‫أحمر فيقال حاضت السمرة ‪ 1‬إذا رشح ذلك منأها‪.‬‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬السمر‪ :‬ضرب من شجر الطلح‪.‬‬

‫) ‪(1/269‬‬

‫أمهات النأبي صلى ال عليه وسلم‬


‫‪...‬‬
‫أمهات النأبي صلى ال عليه وسلم ‪:‬‬
‫ذكر في آخآرهن برة بنأت عوف بن عبيد بن عويج بن عدي وهن كلهن قرشيات ولذلك وقف في برة إوان‬
‫كان قد ذكر أهل النأسب بعد هذا‪ :‬أم برة وأم أمها‪ ،‬وأم أم الم ولكنأهن من غير قريش‪ .‬قال محمد بن‬
‫حبيب وأم برة قلبة بنأت الحارث بن مالك بن طابخآة بن صعصعة بن غادية بن كعب بن طابخآة بن‬
‫لحيان بن هذيل‪ ،‬وأم قلبة أميمة بنأت مالك بن غنأم بن لحيان بن غادية ‪ 2‬بن كعب وأم أميمة‪ :‬دبة بنأت‬
‫الحارث بن لحيان بن غادية وأمها‪ :‬بنأت ]يربوع بن نأاضرة بن غاضرة[ كهف الظلم من ثقيف‪ ،‬وذكر‬
‫الزبير قلبة بنأت الحارث وزعم أن‬
‫ــــ‬
‫‪ 2‬الذي في نأسب "قريش" عن أمهات النأبي أن أم برة هي‪ :‬أميمة بنأت مالك بن غنأم بن حنأش بن عادية‬
‫بن صعصعة ‪ ...‬إلخ‪.‬‬

‫) ‪(1/269‬‬

‫قال ابن هشام‪ :‬فرسول ال ‪ -‬صلى ال عليه وسلم ‪ -‬أشرف ولد آدم حسبا‪ ،‬وأفضلهم نأسبا من قبل أبيه‬
‫وأمه صلى ال عليه وسلم‪.‬‬
‫ــــ‬
‫أباها الحارث كان يكنأى‪ :‬أبا قلبة وأنأه أقدم شعراء هذيل‪ ،‬وذكر من قوله‬
‫ل تأمنأن إوان أمسيت في حرم ‪ ...‬إن المنأايا بجنأبي كل إنأسان‬
‫واسلك طريقك تمشي غير مخآتشع ‪ ...‬حتى تلقي ما منأى لك المانأي ‪1‬‬
‫فالخآير والشر مقرونأان في قرن ‪ ...‬بكل ذلك يأتيك الجديدان‬
‫ــــ‬
‫‪ 1‬في "اللسان"‪:‬‬
‫ول تقولن لشيء سوف أفعله ‪ ...‬حتى تلقي ما يمنأي لك المانأي‬

‫) ‪(1/270‬‬

You might also like