Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 75

‫أحكام تحية المسجد‬

‫في الفقه السإلماي‬


‫دراسإة ماقارنة‬

‫د‪ .‬عادل مابارك المطيرات‬


‫قسم الفقه المقارن والسياسإة الشرعية‬
‫كلية الشريعة والدراسإات السإلماية‬
‫جاماعة الكويت‬

‫‪-0-‬‬
‫ملخص البحث‬

‫يتناول البحث الحكام المتعلقة بتحية المسجد ‪ ،‬وهي من الصلوات المستحبة‬


‫عند جمهور الفقهاء ‪ ،‬حيث يبين البحث معنى التحية ‪ ،‬وما هو حكمها التكليفي‬
‫‪ ،‬ثم بعض المسائل المتعلقة بمن يدخل المسجد ‪ ،‬مثل سقوط التحية عند‬
‫الجلوس ‪ ،‬وتكررها بتكرار الدخول إلى المسجد ‪ ،‬وهل التحية لمريد الجلوس أم‬
‫هي بمجرد الدخول ؟ وكذلك مسألة صلةا التحية في أوقات النهي ‪ ،‬وفعلها‬
‫والمام يخطب خطبة الجمعة ‪ ،‬ومسألة سقوط التحية بالفرض والسنة ‪ ،‬وما هي‬
‫تحية المسجد الحرام ؟ هلى هي صلةا تحية المسجد أم الطواف ؟ وغيرها من‬
‫المسائل المتعلقة بتحية المسجد ‪.‬‬

‫ول شك بأن العلم بهذه الحكام من الهمية بمكان ‪ ،‬لنها متعلقة بأهم ركن‬
‫من أركان السلم بعد الشهادتين ‪ ،‬وهو ركن الصلةا ‪.‬‬

‫فكان هذا البحث ليبين الحكام الشرعية المتعلقة بهذه الصلةا ‪ ،‬وتفصيل‬
‫أقوال الفقهاء وأدلتهم فيها ‪ ،‬مع بيان الراجح منها ‪ ،‬ليكون المسلم على بصيرةا‬
‫من دينه ‪.‬‬

‫‪-1-‬‬
‫تمهيــد ‪:‬‬

‫الحمد ل والصلةا والسلما على رسول ال ‪ ..‬وبعد ‪،،،‬‬

‫فإن الصلةا أهما ركن من أركان السلما بعد الشهادتين ‪ ،‬ولقد اعتنى بها السلما‬
‫عناية فائقة ‪ ،‬ونصوص القرآن والسنة مليئة بالدلة الدالة على أهمية الصلةا فرضا‬
‫ونفل ‪ ،‬وفضلها الدنيوي والخأروي ‪ ،‬وأنها الفاصلة بين المسلما والكافر ‪.‬‬

‫وقد اهتما الفقهاء بأحكاما الصلةا حتى أنهما جعلوا كتاب الصلةا أطول كتاب من‬
‫كتب الفقه ‪ ،‬مما يدل على عظيما العناية بهذا الركن العظيما ‪.‬‬

‫ومن ذلك ما ذكره الفقهاء من الحكاما المتعلقة بتحية المسجد حيث جاءت الحاديث‬
‫بالمر بفعل التحية عند الدخأول إلى المسجد كما سيأتي في ثنايا البحث ‪ ،‬وبناء على‬
‫هذا الحديث اخأتلف الفقهاء في دللته في مسائل كثيرةا ‪ ،‬بيانها في مباحث البحث‬
‫ومسائله ‪.‬‬

‫ولن الكلما في تحية المسجد قليل جدا في كتب الفقه ومسائله كثيرةا ‪ ،‬فقد عزمت‬
‫على تفصيل هذه المسائل وبيانها بالدلة والتعليلت من كتب الفقه المعتمدةا‪ ،‬وهو عمل‬
‫ظاهر السهولة وباطنه المشقة ‪ ،‬حيث كما أسلفت لما يفصل فيه الفقهاء تفصيل وافيا ‪،‬‬
‫بل هي عبارات متناثرةا ‪ ،‬عملت على جمعها ‪ ،‬والتنسيق والتأليف فيما بينها ‪ ،‬ولذلك‬
‫انتظمت مباحث البحث على النحو التالي ‪:‬‬

‫المبحث الول ‪ :‬في معنى تحية المسجد ‪.‬‬

‫المبحث الثاني ‪ :‬في حكما تحية المسجد ‪.‬‬

‫المبحث الثالث ‪ :‬هل التحية بمجرد الدخأول أو لمريد الجلوس ‪.‬‬

‫المبحث الرابع ‪ :‬هل تفوت التحية بالجلوس ‪.‬‬

‫المبحث الخأامس ‪ :‬تكرر التحية بتكرر الدخأول ‪.‬‬

‫المبحث السادس ‪ :‬هل تسقط التحية بالفرض والسنة ‪.‬‬

‫‪-2-‬‬
‫المبحث السابع ‪ :‬تحية المسجد الحراما ‪.‬‬

‫المبحث الثامن ‪ :‬التحية أثناء خأطبة الجمعة ‪.‬‬

‫المبحث التاسع ‪ :‬فعل التحية وقت النهي ‪.‬‬

‫المبحث العاشر ‪ :‬التحية وقت الذان ‪.‬‬

‫المبحث الحادي عشر ‪ :‬التحية وقت إقامة الصلةا ‪.‬‬

‫المبحث الثاني عشر ‪ :‬التحية في غرفة المسجد ‪.‬‬

‫ثما خأتمت البحث بخأاتمة فيها أهما نتائج البحث ‪.‬‬

‫وال أسال أن يوفقنا للعلما النافع والعمل الصالح ‪ ،‬وأن يعيننا على نشر العلما وبذله‬
‫في سبيله إنه سميع مجيب ‪ ،‬وصلى ال وسلما على نبينا محمد وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين ‪.‬‬

‫‪-3-‬‬
‫المبحث الول‬

‫ماعنى تحية المسجد‬

: ‫التحية في اللغة‬

‫ ثما لما كثر‬، ‫ وأصلها في اللغة الدعاء بالحياةا‬، ‫التحية مصدر حياةا يحييه تحية‬
‫ وشرع‬، ‫ فتحية ال لعباده السلما في الدار الخأرةا‬، ‫استعمل فيما يحيا به من سلما ونحوه‬
(1)
. ‫ السلما عليكما ورحمة ال وبركاته‬: ‫ال تعالى لهما إذا تلقوا أن يقولوا‬

: ‫التحية في الصطلحا‬

‫كالتحية بين الحياء كما في قوله‬


 ، ‫في معاني كثيرةا‬‫التحية‬ ‫يستعمل الفقهاء معنى‬
           
   ( )         : ‫تعالى‬
    
   )            
             
( )
. (  
 :           ) :  
        –    – 
             
( )
. (       
          
        :     
.  

. (5/191) ‫ وتفسير القرطبي‬، (‫ مادةا )حيا‬، (62) ‫ والمصباح المنير‬، (14/216) ‫)( لسان العرب‬ 1

. 86 : ‫ الية‬، ‫)( سورةا النساء‬ 2

‫( في كتاب الجنائز – باب ما يقال عند دخأول القبور والدعاء لهلها – من حديث‬2/671) ‫)( أخأرجه مسلما‬ 3

. (975) ‫ رقما الحديث‬، ‫بريدةا‬


– 108) ‫ إواعلما الساجد بأحكاما المساجد للزركشي‬، (1/215) ‫)( حاشية قليوبي على شرح المنهاج‬ 4

. (121 – 2/120) ‫ ونهاية المحتاج‬، (1/224) ‫ ومغني المحتاج‬، (109

-4-
     ) :       
             
( )
. (      
           ] :   
              
        " :       
()
. [ ()"   
          ) :  
( )
. (        
          ) :  
               
   –     –         
             
               
( )
. (  

. (1/85) ‫)( النظما المستعذب في شرح غريب المهذب‬ 1

‫ وحسنه اللباني في ضعيف موارد‬، ‫ وقد ضعفه المحقق الرناؤوط‬، (2/76 ‫)( أخأرجه ابن حبان )الحسان‬ 2

. (11) ‫الظمآن‬
. (3/293) ‫)( معارف السنن‬ 3

. (2/5) ‫ وحاشية الخأرشي على خأليل‬، (1/146) ‫ وانظر بلغة السالك‬، (1/313) ‫)( حاشية الدسوقي‬ 4

. (286 – 1/285) ‫)( المنتقى شرح الموطأ‬ 5

-5-
‫المبحث الثاني‬

‫حكـم تحية المسجد‬

‫اخأتلف الفقهاء في حكما تحية المسجد على قولين ‪:‬‬

‫‪،‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫القول الول ‪ :‬أنها واجبة ‪ .‬وهو قول أهل الظاهر)‪ ، (1‬واخأتاره الشوكاني‬
‫‪ ،‬وقال صديق خأان ‪) :‬وبوجوبها‬ ‫)‪(4‬‬
‫‪ ،‬ومال إليه صاحب تحفة الحوذي‬ ‫)‪(3‬‬
‫والصنعاني‬
‫)‪(5‬‬
‫قال الظاهرية ‪ ،‬وذلك غير بعيد( ‪.‬‬

‫دليل أصحاب هذا القول ‪ :‬استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها ‪:‬‬

‫حديث أبي قتادةا أن النبي – صلى ال عليه وسلما – قال ‪ ) :‬إذا دخأل أحدكما‬ ‫] ‪[1‬‬
‫‪ ،‬وفي لفظ ‪ ) :‬إذا دخأل أحدكما‬ ‫)‪(6‬‬
‫المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس(‬
‫)‪(7‬‬
‫المسجد فل يجلس حتى يصلي ركعتين ( ‪.‬‬

‫حديث جابر قال ‪ :‬جاء سليك الغطفاني يوما الجمعة ورسول ال – صلى ال‬ ‫] ‪[2‬‬
‫عليه وسلما – يخأطب فجلس فقال له ‪ ) :‬يا سليك ! قما فاركع ركعتين وتجوز‬
‫فيهما( ‪ ،‬ثما قال ‪) :‬إذا جاء أحدكما يوما الجمعة والماما يخأطب فليركع ركعتين‬
‫)‪(8‬‬
‫وليتجوز فيهما( ‪.‬‬

‫وجه الدللة من الحديثين ‪:‬‬

‫)( فتح الباري )‪ ، (1/537‬وبداية المجتهد )‪ ، (1/245‬والستذكار )‪. (6/223‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( نيل الوطار )‪. (3/78‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( سبل السلما )‪. (1/329‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( تحفة الحوذي )‪ ، (2/256‬وكذا ابن دقيق العيد في إحكاما الحكاما )‪. (2/49‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( الروضة الندية )‪. (1/179‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح ‪ ، (1/537‬ومسلما )‪. (1/459‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح ‪ ، (3/48‬ومسلما )‪ (1/495‬واللفظ للبخأاري ‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح ‪ ، (2/407‬ومسلما )‪ (2/597‬واللفظ لمسلما ‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪-6-‬‬
‫أن الحديثين جاءا بلفظ المر بالتحية ‪ ،‬وبلفظ النهي عن تركها ‪ ،‬والمر يفيد‬
‫)‪(1‬‬
‫الوجوب ‪ ،‬والنهي يفيد التحريما ‪ ،‬كما هو مقرر في علما الصول ‪.‬‬

‫ومما يؤكد المر بها ما ورد في مناسبة حديث أبي قتادةا حيث يقول ‪ :‬دخألت‬
‫المسجد ورسول ال – صلى ال عليه وسلما – جالس بين ظهراني الناس قال ‪ :‬فجلست‬
‫‪ .‬فقال رسول ال – صلى ال عليه وسلما ‪) : -‬ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن‬
‫تجلس؟( ‪ ،‬قال ‪ :‬فقلت ‪ :‬يا رسول ال رأيتك جالسا والناس جلوس ‪ .‬قال ‪) :‬فإذا دخأل‬
‫)‪(2‬‬
‫أحدكما المسجد فل يجلس حتى يركع ركعتين( ‪.‬‬

‫قال ابن حجر)‪) : (3‬وعند ابن أبي شيبة من وجه آخأر عن أبي قتادةا ‪) :‬أعطوا‬
‫)‪(4‬‬
‫المساجد حقها( قيل له ‪ :‬وما حقها ؟ قال ‪) :‬ركعتين قبل أن تجلس( ‪.‬‬

‫القول الثاني ‪ :‬تحية المسجد سنة ‪ ،‬وهو قول الجمهور ‪.‬‬

‫دليل أصحاب هذا القول ‪ :‬استدل الجمهور على استحباب تحية المسجد بأدلة من‬
‫السنة ومن الثار ‪.‬‬

‫أول ‪ :‬أدلتهم من السنة ‪:‬‬

‫حديث أبي قتادةا أن النبي – صلى ال عليه وسلما – قال ‪) :‬إذا دخأل‬ ‫] ‪[1‬‬
‫)‪(5‬‬
‫أحدكما المسجد فل يجلس حتى يصلي ركعتين( ‪.‬‬

‫قالوا ‪ :‬المر هنا للستحباب ل للوجوب ‪ ،‬والصارف للوجوب حديثان ‪:‬‬

‫)( وهو قول جمهور الصوليين كما في إحكاما الحكاما للمدي )‪ ، (2/144‬وشرح تنقيح الفصول للقرافي )‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ، (127‬وروضة الناظر لبن قدامة )‪. (1/70‬‬


‫)( أخأرجه مسلما )‪. (1/495‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( فتح الباري )‪. (1/538‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( أخأرجه ابن أبي شيبة )‪ ، (1/340‬وابن خأزيمة )‪ ، (3/162‬وضعف إسناده اللباني في الضعيفة )‪(4/48‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪.‬‬
‫)( تقدما تخأريجه ‪ ،‬ص ‪. 7‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪-7-‬‬
‫الحديث الول ‪ :‬حديث ضماما بن ثعلبة وفيه أنه سأل النبي – صلى ال عليه وسلما‬
‫– عما فرض عليه من الصلةا فقال ‪) :‬الصلوات الخأمس( ‪ ،‬قال ‪ :‬هل علي غيرها؟‬
‫)‪(1‬‬
‫قال ‪) :‬ل إل أن تطوع( الحديث ‪.‬‬

‫قالوا ‪ :‬وجه الدللة من الحديث أن الصلوات الخأمس هي الواجبات المتحتمة على‬


‫)‪(2‬‬
‫المكلف وأن ما سواها من الصلوات يكون من قبيل التطوع أو النفل ‪.‬‬

‫الرد على هذا الستدلل ‪:‬‬

‫يجاب عن استدلل الجمهور بحديث ضماما بن ثعلبة بما يلي ‪:‬‬

‫أ – أن يقال إن تعاليما السلما الواقعة في مبادئ الشريعة ل تصلح لصرف وجوب‬


‫ما تجدد من الوامر ‪ ،‬إوال لزما قصر واجبات الشريعة على الصلةا والصوما والحج‬
‫والزكاةا والشهادتين ‪ ،‬فاللزما باطل وكذا الملزوما ‪ ،‬أما الملزمة فلن النبي – صلى ال‬
‫عليه وسلما – اقتصر في تعليما ضماما بن ثعلبة في هذا الحديث على الخأمس المذكورةا ‪،‬‬
‫وفي بعض الروايات ‪ :‬على أربع ‪ ،‬ثما لما سمعه يقول بعد أن ذكر له ذلك ‪ :‬وال ل أزيد‬
‫على هذا ول أنقص ‪ .‬قال ‪) :‬أفلح إن صدق( أو ‪) :‬دخأل الجنة إن صدق( ‪ ،‬وتعليق‬
‫الفلح ودخأول الجنة بصدقه في ذلك القسما الذي صرح فيه بترك الزيادةا على المور‬
‫المذكورةا ‪ :‬مشعر بأن ل واجب عليه سواها ‪ ،‬إذ لو فرض بأن عليه شيئا من الواجبات‬
‫غيرها لما أقره الرسول – صلى ال عليه وسلما – على ذلك ومدحه به ‪ ،‬وأثبت له الفلح‬
‫ودخأول الجنة ‪ ،‬فلو صلح قوله )إل أن تطوع( لصرف الوامر الواردةا بغير الخأمس‬
‫الصلوات لصلح قوله ‪) :‬أفلح إن صدق( أو )دخأل الجنة إن صدق( لصرف الدلة‬
‫القاضية بوجوب ما عدا المور المذكورةا في الحديث ‪ .‬وأما بطلن اللزما فقد ثبت‬
‫بالدلة المتواترةا إواجماع المة أن واجبات الشريعة قد بلغت أضعاف تلك المور فكان‬
‫)‪(3‬‬
‫اللزما باطل بالضرورةا الدينية إواجماع المة ‪.‬‬

‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح ‪ ، (1/106‬ومسلما )‪. (41 – 1/40‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( المنتقى للباجي )‪ ، (1/287‬وبداية المجتهد )‪ ، (1/245‬ونيل الوطار )‪. (3/78‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( نيل الوطار )‪ ، (79 – 3/78‬وسبل السلما )‪. (1/329‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪-8-‬‬
‫ب – قوله )إل أن تطوع( ينفي وجوب الواجبات ابتداءا ل الواجبات بأسباب يخأتار‬
‫المكلف فعلها كدخأول المسجد مثل ‪ ،‬لن الداخأل ألزما نفسه الصلةا بالدخأول فكأنه‬
‫أوجبها على نفسه ‪ ،‬فل يصح شمول ذلك الصارف لمثلها)‪ . (1‬ومثل ذلك يقال في‬
‫صياما النذر فإن المكلف ألزما نفسه بالوفاء فكان عليه واجبا بسبب اخأتاره هو ولما يكن‬
‫الواجب ابتداء ‪.‬‬

‫ج – أن جماعة من المتمسكين بحديث ضماما بن ثعلبة في صرف المر بتحية‬


‫المسجد إلى الندب قد قالوا بوجوب صلوات خأارجة عن الخأمس كالجنازةا)‪ ،(2‬وركعتي‬
‫‪ ،‬والجمعة ‪ ،‬فما هو جوابهما في إيجاب هذه الصلوات فهو جواب‬ ‫)‪(4‬‬
‫الطواف)‪ ،(3‬والعيدين‬
‫الموجبين لتحية المسجد ‪ .‬ول يقال ‪ :‬الجمعة داخألة في الخأمس لنها بدل من الظهر ؛‬
‫لنها لو كانت كذلك لما يقع النزاع في وجوبها على العيان ول احتيج إلى الستدلل‬
‫)‪(5‬‬
‫لذلك ‪.‬‬

‫الحديث الثاني ‪ :‬حديث عبدال بن بسر قال ‪ :‬جاء رجل يتخأطى الرقاب يوما الجمعة‬
‫والنبي – صلى ال عليه وسلما – يخأطب فقال له النبي – صلى ال عليه وسلما ‪: -‬‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(6‬‬
‫)اجلس فقد آذيت(‬

‫قالوا ‪ :‬أمر النبي – صلى ال عليه وسلما – الرجل الذي يتخأطى الرقاب بالجلوس‬
‫)‪(7‬‬
‫ولما يأمره بالصلةا مما يدل على عدما وجوب الركعتين ‪.‬‬

‫الرد على هذا الستدلل ‪:‬‬

‫)( نيل الوطار )‪. (3/79‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( نقل النووي الجماع على فرضيتها على الكفاية كما المجموع )‪ ، (5/212‬وانظر حلية العلماء للشاشي‬ ‫‪2‬‬

‫القفال )‪. (2/342‬‬


‫)( ذهب إلى وجوبهما الحنفية والحنابلة في رواية كما في فتح القدير )‪ ، (497 – 2/496‬والنصاف )‬ ‫‪3‬‬

‫‪. (4/18‬‬
‫)( ذهب إلى وجوبهما الحنفية كما في بدائع الصنائع )‪. (275 – 1/274‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( نيل الوطار )‪. (3/79‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( أخأرجه أبو داود )‪ ، (1/668‬والنسائي )‪ ، (3/103‬وصححه الحاكما )‪ (1/288‬ووافقه الذهبي ‪.‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( شرح معاني الثار للطحاوي )‪. (367 – 1/366‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪-9-‬‬
‫يجاب عن استدلل الجمهور بحديث عبدال بن بسر بثلثة أجوبة )‪:(1‬‬

‫الول ‪ :‬أنه ل مانع من أن الرجل الذي تخأطى الرقاب قد فعل التحية في جانب من‬
‫المسجد قبل وقوع التخأطي منه ‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬أنه قد يكون ذلك قبل المر بالتحية والنهي عن تركها ثما جاء المر بها‬
‫والنهي عن تركها ‪.‬‬

‫الثالث ‪ :‬أنه قد يكون دخأوله وقع في آخأر الخأطبة وقد ضاق الوقت عن التحية‬
‫فلذلك لما يفعلها ‪.‬‬

‫أن النبي – صلى ال عليه وسلما كان يدخأل المسجد وقت الخأطبة ول‬ ‫] ‪[2‬‬
‫)‪(2‬‬
‫يصلي التحية ثما يجلس بين الخأطبتين مما يدل على عدما وجوبها ‪.‬‬

‫الرد على هذا الستدلل‬

‫يجاب عن هذا الستدلل بالجوبة التالية ‪:‬‬

‫أ – أن يقال ‪ :‬يحتمل أن النبي – صلى ال عليه وسلما – قد صلى التحية قبل أن‬
‫يصعد المنبر ثما صعد المنبر وخأطب وجلس بين الخأطبتين ‪.‬‬

‫ب – أن النبي – صلى ال عليه وسلما – قال ‪) :‬إذا جاء أحدكما يوما الجمعة والماما‬
‫يخأطب فليركع ركعتين( )‪ .(3‬والمر هنا وقع مقيدا بحال الخأطبة فلما يتناول الخأطيب ‪.‬‬
‫)‪(4‬‬

‫)( انظر ‪ :‬المغني )‪ ، (1/84‬والمحلى )‪ ، (71-5/70‬ونيل الوطار )‪ ، (3/78‬وسبل السلما )‪. (1/329‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( استدل بهذا الدليل بعض المعاصرين ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح ‪ ، (3/49‬ومسلما )‪ (2/597‬من حديث جابر ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( فتح الباري )‪. (2/410‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪- 10 -‬‬
‫ج – أن يقال لو سلمنا هذا فإنه من فعله صلى ال عليه وسلما وقد عارض قوله‪) :‬إذا‬
‫‪ ،‬والقول مقدما على الفعل كما‬ ‫)‪(1‬‬
‫دخأل أحدكما المسجد فل يجلس حتى يصلي ركعتين(‬
‫)‪(2‬‬
‫هو مقرر في علما الصول ‪.‬‬

‫أدلتهم من الثار ‪:‬‬

‫استدلوا بأثر زيد بن أسلما قال ‪ :‬كان أصحاب رسول ال – صلى ال عليه وسلما ‪-‬‬
‫)‪(3‬‬
‫يدخألون المسجد ثما يخأرجون ول يصلون ‪.‬‬

‫الرد على هذا الستدلل ‪:‬‬

‫يمكن الرد على هذا الستدلل بما يلي ‪:‬‬

‫أ – أن التحية إنما تشرع لمن أراد الجلوس في المسجد ل لمن أراد الدخأول ‪ ،‬كما‬
‫سيأتي إن شاء ال في المباحث التية ‪.‬‬

‫ب – أنه ليس في الرواية أن الصحابة كانوا يدخألون المسجد ويخأرجون بغير صلةا‬
‫‪ ،‬إذ ليس فيها إل مجرد الدخأول والخأروج ‪ ،‬فل يتما الستدلل إل بعد تبين أنهما كانوا‬
‫يجلسون ‪.‬‬

‫ج – أنه لو فرض عدما صلتهما التحية فل حجة في أفعالهما مع وجود النص المر‬
‫بفعلها ‪.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫د – أنه يمكن أن يكون هذا الفعل من الصحابة قبل شرعية التحية ‪.‬‬

‫)( تقدما تخأريجه ص ‪. 7‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر ‪ :‬القاعدةا في المعتمد )‪ ، (1/390‬إواحكاما الحكاما للمدي )‪ ، (1/192‬إوارشاد الفحول للشوكاني )‬ ‫‪2‬‬

‫‪. (41‬‬
‫)( أخأرجه ابن أبي شيبة في المصنف )‪ (1/340‬وذكر آثا ار كثيرةا نحوه ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( نيل الوطار )‪. (3/78‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪- 11 -‬‬
‫والذي يظهر لي بعد هذا العرض السريع لدلة الجمهور )‪ ،(1‬ورد الستدلل بها أن‬
‫الراجح – وال أعلما – هو القول بوجوب تحية المسجد ‪.‬‬

‫قال الشوكاني بعد رده لستدللت الجمهور ‪) :‬إذا عرفت هذا لح لك أن الظاهر‬
‫)‪(2‬‬
‫ما قاله أهل الظاهر من الوجوب( ‪.‬‬

‫فائدةا ‪:‬‬

‫قال ابن رشد ‪ ] :‬وسبب الخألف في ذلك – أي في حكما تحية المسجد – هل المر‬
‫محمول‬ ‫)‪(3‬‬
‫في قوله صلى ال عليه وسلما ‪) :‬إذا جاء أحدكما المسجد فليركع ركعتين(‬
‫على الندب أو على الوجوب ‪ ،‬فإن الحديث متفق على صحته ‪ ،‬فمن تمسك في ذلك بما‬
‫اتفق عليه الجمهور من أن الصل هو حمل الوامر المطلقة على الوجوب حتى يدل‬
‫الدليل على الندب ولما ينقدح عنده دليل ينقل الحكما من الوجوب إلى الندب قال ‪:‬‬
‫الركعتان واجبتان ‪ .‬ومن انقدح عنده دليل على حمل الوامر ههنا على الندب أو كان‬
‫الصل عنده في الوامر أن تحمل على الندب حتى يدل الدليل على الوجوب – فإن‬
‫)‪(5‬‬
‫قال ‪ :‬الركعتان غير واجبتين[ ‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬
‫هذا قال به قوما ‪-‬‬

‫)( للتوسع في معرفة أدلة الجمهور ‪ ،‬انظر ‪ :‬شرح معاني الثار )‪ ، (371-1/366‬وأوجز المسالك )‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ، (3/194‬والستذكار )‪ ، (6/223‬وفتح الباري )‪ (1/537‬و )‪ ، (412-2/408‬ونيل الوطار )‪-3/78‬‬


‫‪. (79‬‬
‫)( نيل الوطار )‪. (3/79‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( تقدما تخأريجه ص ‪. 7‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( مازال القول لبن رشد ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( بداية المجتهد )‪. (1/245‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪- 12 -‬‬
‫المبحث الثالث‬

‫هل التحية بمجرد الدخول أو لمريد الجلوس ؟‬

‫اخأتلف الفقهاء في تحية المسجد ‪ ،‬هل هي لمريد الجلوس ‪ ،‬أي تشرع لمن يريد‬
‫الجلوس بعد الدخأول إلى المسجد ؟ أما هي لمجرد الدخأول فكل من يدخأل المسجد يشرع‬
‫له أن يصلي التحية ؟ قولن للفقهاء ‪:‬‬

‫القول الول ‪ :‬قول المالكية)‪ (1‬أن تحية المسجد تشرع لمريد الجلوس ل بمجرد دخأول‬
‫المسجد ‪.‬‬

‫دليل أصحاب هذا القول ‪:‬‬

‫حديث قتادةا أن النبي – صلى ال عليه وسلما – قال ‪) :‬إذا دخأل أحدكما‬ ‫] ‪[1‬‬
‫)‪(2‬‬
‫المسجد فل يجلس حتى يصلي ركعتين ( ‪.‬‬

‫وجه الدللة ‪:‬‬

‫أن مفهوما الحديث أن التحية إنما تشرع لمريد الجلوس ‪ ،‬لن المر إنما توجه لمن‬
‫‪،‬‬ ‫)‪(3‬‬
‫أراد الجلوس ‪ ،‬ولذلك جاءت رواية أخأرى بلفظ ‪) :‬فليركع ركعتين قبل أن يجلس(‬
‫)‪(4‬‬
‫ول يقال ذلك لمن ل يريد الجلوس ‪ ،‬وأما المار فلما يتوجه إليه المر والصل عدمه ‪.‬‬

‫قال الباجي ‪) :‬فإن دخأل المسجد بغير صلةا فل يخألو أن يريد الجلوس أو الجواز ‪،‬‬
‫فإن أراد الجلوس فل يجلس حتى يركع ركعتين على ما ورد في حديث أبي قتادةا من‬
‫قوله عليه السلما )فليركع ركعتين قبل أن يجلس( ‪ .‬إوان أراد الجواز فقد قال مالك ‪:‬‬
‫ليس عليه أن يركع ‪ ،‬وروى عن زيد بن ثابت أنه قال ‪ :‬يركع لدخأوله المسجد ‪ .‬وجه ما‬

‫)( الشرح الكبير )‪ ، (1/313‬وشرح الزرقاني على الموطأ )‪ ، (1/328‬واخأتار هذا القول الصنعاني كما في‬ ‫‪1‬‬

‫سبل السلما )‪ ، (1/329‬والشوكاني كما في نيل الوطار )‪. (3/78‬‬


‫)( تقدما تخأريجه ص ‪. 7‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( تقدما تخأريجه ص ‪. 7‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( المنتقى شرح الموطأ للباجي )‪ ، (1/286‬والفواكه الدواني ‪. (1/236‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪- 13 -‬‬
‫قاله مالك أن المر إنما توجه لمن أراد الجلوس ‪ ،‬ولذلك قال صلى ال عليه وسلما ‪:‬‬
‫)فليركع ركعتين قبل أن يجلس( ‪ ..‬ول يقال ذلك لمن ل يريد الجلوس ‪ ،‬وأما المار فلما‬
‫)‪(1‬‬
‫يتوجه إليه المر والصل عدمه ‪.‬‬

‫قال ابن دقيق العيد ‪ ) :‬دللة هذا الحديث ل يتناول هذه المسألة ‪ ،‬فإنا إن نظرنا إلى‬
‫صيغة النهي ‪ ،‬فالنهي يتناول جلوسا قبل الركوع ‪ ،‬فإذا لما يحصل الجلوس أصل لما‬
‫يفعل المنهي ‪ ،‬إوان نظرنا إلى صيغة المر ‪ ،‬فالمر توجه بركوع قبل جلوس ‪ ،‬فإذا‬
‫انتفيا معا لما يخأالف المر ( )‪.(2‬‬

‫ما ورد عن جمع من الصحابة والتابعين في أنهما كانوا يدخألون المسجد‬ ‫] ‪[2‬‬
‫ويخأرجون دون صلةا ‪ ،‬وبيانه كالتالي ‪:‬‬

‫أ – روى ابن أبي شيبة عن زيد بن أسلما قال ‪) :‬كان أصحاب رسول ال – صلى ال‬
‫)‪(3‬‬
‫عليه وسلما – يدخألون المسجد ثما يخأرجون ول يصلون( ‪.‬‬

‫ب – وروي أيضا عن خأالد بن أبي بكر قال ‪) :‬رأيت سالما يدخأل من المسجد حتى‬
‫يخأرج من الخأوخأة)‪ ، (4‬فل يصلي فيه ( )‪.(5‬‬

‫ج – روى عبدالرزاق في المصنف عن العلء بن عبدالرحمن قال ‪) :‬رأيت ابن عمر‬


‫دخأل المسجد وخأرج منه فلما يصلي فيه( )‪.(6‬‬

‫)( المنتقى للباجي )‪. (1/286‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( إحكاما الحكاما )‪. (2/51‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( المصنف لبن أبي شيبة )‪. (1/429‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( الخأوخأة ‪ :‬باب صغير وسط باب كبير نصب حاج از بين دارين ‪ ،‬أو هي مخأترق ما بين كل دارين ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫المعجما الوسيط )‪. (261‬‬


‫)( أخأرجه ابن أبي شيبة في المصنف )‪. (1/340‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( المصنف )‪. (1/429‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪- 14 -‬‬
‫د – ذكر مالك عن زيد بن ثابت صاحب النبي – صلى ال عليه وسلما – وسالما ابن‬
‫عبدال أنهما كانا يخأرقان المسجد لحاجتهما ول يركعان ‪ ،‬وقال مالك ‪) :‬وأرى ذلك واسعا‬
‫)‪(7‬‬
‫أن ل يركع( ‪ .‬قال ابن القاسما ‪) :‬ورأيت مالكا يفعل ذلك يخأرقه مجتا از فل يركع( ‪.‬‬

‫وجه الدللة من الثار ‪:‬‬

‫أن الصحابة كانوا يدخألون المسجد ول يصلون ‪ ،‬لنهما في تلك اللحظة لما يريدوا‬
‫الجلوس فلما تشرع لهما التحية ‪ ،‬فدل على عدما شرعيتها بمجرد الدخأول ‪.‬‬

‫القول الثاني ‪ :‬قول جمهور الفقهاء ‪ ،‬وهو أن تحية المسجد تشرع لمجرد الدخأول ل‬
‫)‪(2‬‬
‫لمريد الجلوس ‪.‬‬

‫دليل أصحاب هذا القول ‪:‬‬

‫استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها ‪:‬‬

‫‪ -1‬إن المر في حديث أبي قتادةا ‪) :‬إذا دخأل أحدكما المسجد فل يجلس حتى يصلي‬
‫‪ ،‬هو أمر معلق على مطلق الدخأول تعظيما للبقعة إواقامة للشعار ‪،‬‬ ‫)‪(3‬‬
‫ركعتين(‬
‫فدل ذلك على أن التحية لمجرد الدخأول ل لمريد الجلوس ‪.‬‬

‫‪ -2‬كما يسن لداخأل مكة الحراما سواء أراد القامة بها أما ل ‪ ،‬فيسن كذلك لمن دخأل‬
‫المسجد أن يركع ركعتين سواء أراد الجلوس أما ل )‪ .(4‬قال الشربيني الخأطيب ‪:‬‬
‫)فالمر بذلك معلق على مطلق الدخأول تعظيما للبقعة إواقامة للشعار ‪ ،‬كما يسن‬
‫لداخأل مكة الحراما ‪،‬سواء أراد القامة بها أما ل ( )‪.(5‬‬

‫)( المدونة )‪ . (1/97‬وانظر للمالكية ‪ :‬حاشية الخأرشي على مخأتصر خأليل )‪ ، (2/5‬ومواهب الجليل مع‬ ‫‪7‬‬

‫التاج والكليل )‪ ، (69-2/68‬ومقدمات ابن رشد )‪. (1/87‬‬


‫)( انظر ‪ :‬البحر الرائق )‪ ، (2/38‬ومغني المحتاج )‪ ، (1/223‬ونهاية المحتاج )‪ ، (2/118‬وكشاف القناع‬ ‫‪2‬‬

‫)‪. (2/46‬‬
‫)( تقدما تخأريجه ص ‪. 7‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( مغني المحتاج )‪ ، (1/223‬ونهاية المحتاج )‪. (2/118‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( مغني المحتاج )‪. (1/323‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪- 15 -‬‬
‫الترجيح ‪:‬‬

‫الراجح من أقوال الفقهاء هو قول المالكية ‪ ،‬لقوةا وصراحة أدلتهما ‪ ،‬ويجاب عن‬
‫استدللت الجمهور بما يلي ‪:‬‬

‫أن المر كما أسلفنا هو أمر لمن يريد الجلوس ل لمن يريد الدخأول بدليل الرواية‬ ‫‪-1‬‬
‫الخأرى للحديث ‪) :‬فليركع ركعتين قبل أن يجلس( )‪ ،(1‬أي من أراد الدخأول ولكنه‬
‫ل يريد الجلوس فل يجب عليه أن يركع ركعتين فالخأطاب لما يتوجه للمار بل‬
‫لمريد الجلوس ‪ ،‬ويؤيده عمل الصحابة كما مر ‪.‬‬

‫يجاب عن قياسهما من وجهين ‪:‬‬ ‫‪-2‬‬

‫الول ‪ :‬أنه في مقابلة النص وهو قوله صلى ال عليه وسلما ‪) :‬إذا دخأل أحدكما‬
‫‪ ،‬والخأطاب لمريد الجلوس‪ ،‬والقاعدةا‬ ‫)‪(2‬‬
‫المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس(‬
‫المقررةا في أصول الفقه أنه ل قياس مع النص ‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬أن المقيس عليه غير متفق عليه ‪ ،‬بل فيه خألف بين الفقهاء ‪ ،‬والذين‬
‫قالوا باستحباب الحراما لدخأول مكة مطلقا استدلوا بحديث ‪) :‬ليجاوز أحدكما‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬
‫الوقت)‪ (3‬إل المحرما( ‪ ،‬وفي لفظ ‪) :‬لتجوزوا الوقت إل بإحراما(‬

‫وهذا الحديث حكما عليه العلماء بالضعف )‪ ،(5‬فليس هناك دليل صريح صحيح‬
‫يدل على استحباب الحراما لكل داخأل لمكة ‪ ،‬وبالتالي ل يستقيما القياس ‪ ،‬فل‬
‫يشرع للداخأل للمسجد أن يركع ركعتين بمجرد دخأوله ‪.‬‬

‫)( تقدما تخأريجه ص ‪. 7‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تقدما تخأريجه ص ‪. 7‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أي الميقات ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( أخأرجه الطبراني في الكبير )‪ ، (436-11/435‬وابن أبي شيبة في المصنف )‪ . (4/52‬قال الهيثمي في‬ ‫‪4‬‬

‫مجمع الزوائد )‪) : (3/216‬وفيه خأصيف وفيه كلما وقد وثقه جماعة( ‪ ،‬وقال ابن حجر في التقريب )‬
‫‪) : (193‬صدوق سيء الحفظ خألط بآخأره( ‪ .‬وضعفه اللباني السلسلة الضعيفة )‪. (4774‬‬
‫)( كالبهوتي في كشاف القناع )‪ ، (2/403‬والهيثمي في المجمع )‪. (3/216‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪- 16 -‬‬
‫ومما يدل على ضعف هذا القياس أن النبي – صلى ال عليه وسلما – وأصحابه‬
‫أتوا بد ار مرتين وكانوا يسافرون للجهاد وغيره فيمرون بذي الحليفة فل يحرمون ‪،‬‬
‫ول يرون بذلك بأسا ‪ ،‬ودخأل النبي – صلى ال عليه وسلما – يوما الفتح مكة‬
‫حلل وعلى رأسه المغفر)‪ ، (1‬وكذلك أصحابه ولما يعلما أن أحدا منهما أحرما يومئذ‬
‫)‪(2‬‬
‫‪.‬‬

‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح ‪ ، (4/59‬ومسلما )‪ (2/990‬من حديث أنس بن مالك ‪ .‬ولمسلما )‪ : (2/990‬دخأل‬ ‫‪1‬‬

‫يوما فتح مكة وعليه عمامة سوداء بغير إحراما ‪ .‬والمغفر زرد ينسج من الدروع إلى قدر الرأس يلبس تحت‬
‫القلنسوةا ‪ .‬المعجما الوسيط )‪ (656‬مادةا )غفر( ‪.‬‬
‫)( المغني )‪ ، (117-3/116‬وكشاف القناع )‪. (2/403‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 17 -‬‬
‫المبحث الرابـع‬

‫هل تفـوت التحية بالجلوس ؟‬

‫إذا دخأل النسان ثما جلس ولما يصل التحية فهل تسقط التحية بهذا الجلوس أو يشرع‬
‫القياما والصلةا ؟ في ذلك خألف بين الفقهاء على قولين ‪:‬‬

‫القول الول ‪ :‬يرى جمهور الفقهاء أن التحية ل تفوت بالجلوس بمعنى أن النسان‬
‫إذا دخأل المسجد ثما جلس قبل فعل التحية فإنه يتدارك ذلك ويقوما فيصلي التحية ‪ ،‬فل‬
‫)‪(1‬‬
‫تفوت التحية بالجلوس ‪.‬‬

‫‪ ،‬وقال الخأرشي ‪) :‬ويكره‬ ‫)‪(2‬‬


‫في حاشية ابن عابدين ‪) :‬ول تسقط بالجلوس عندنا(‬
‫‪ ،‬وقال المرداوي ‪) :‬لو جلس قبل‬ ‫)‪(3‬‬
‫جلوسه قبل التحية حيث طلبت ول تسقط به(‬
‫صلتها قاما فأتى بها ‪ ،‬قاله الصحاب وأطلقوا( )‪.(4‬‬

‫دليل أصحاب هذا القول ‪:‬‬

‫استدل الجمهور لقولهما بأدلة منها ‪:‬‬

‫] ‪ [ 1‬حديث جابر قال ‪ :‬جاء سليك الغطفاني يوما الجمعة ورسول ال – صلى ال عليه‬
‫وسلما – يخأطب فجلس فقال ‪) :‬يا سليك قما فاركع ركعتين وتجوز فيهما()‪.(5‬‬

‫وجه الدللة من الحديث ‪:‬‬

‫)( حاشية ابن عابدين )‪ ، (1/456‬وحاشية الخأرشي على مخأتصر خأليل )‪ ، (2/5‬والمغني )‪، (1/439‬‬ ‫‪1‬‬

‫والنصاف )‪. (2/416‬‬


‫)( حاشية ابن عابدين )‪. (1/456‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( حاشية الخأرشي على مخأتصر خأليل )‪ ، (2/5‬وفي الشرح الكبير )‪ ) : (1/313‬وكره الجلوس قبلها ول‬ ‫‪3‬‬

‫تسقط به( ‪ ،‬وانظر مواهب الجليل )‪(2/70‬‬


‫)( النصاف )‪ (2/416‬وذكر قول بسقوطها بطول الفصل ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح ‪ ، (2/407‬ومسلما )‪. (2/597‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪- 18 -‬‬
‫أن النبي – صلى ال عليه وسلما – أمر سليكا بأن يقوما ويصلي التحية بعد أن كان‬
‫)‪(1‬‬
‫جالسا فدل على عدما سقوط التحية بالجلوس ‪.‬‬

‫‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫قال ابن حجر ‪) :‬وفيه – أي الحديث – أن التحية ل تفوت بالقعود (‬

‫] ‪ [ 2‬حديث أبي قتادةا قال دخألت المسجد ورسول ال – صلى ال عليه وسلما – جالس‬
‫بين ظهراني الناس فجلست فقال رسول ال – صلى ال عليه وسلما ‪) :-‬ما منعك‬
‫أن تركع ركعتين قبل أن تجلس؟( قلت ‪ :‬يا رسول ال رأيتك جالسا والناس جلوس‬
‫)‪(3‬‬
‫‪ .‬قال ‪) :‬فإذا دخأل أحدكما المسجد فل يجلس حتى يركع ركعتين( ‪.‬‬

‫وجه الدللة من الحديث ‪:‬‬

‫أن النبي – صلى ال عليه وسلما – أنكر على أبي قتادةا جلوسه قبل ن يصلي التحية‬
‫)‪(4‬‬
‫‪ ،‬فدل ذلك على عدما سقوطها بالجلوس ‪.‬‬

‫] ‪ [ 3‬حديث أبي ذر أنه دخأل المسجد فقال له النبي – صلى ال عليه وسلما ‪: -‬‬
‫)‪(5‬‬
‫)أركعت ركعتين؟( قال ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪) :‬قما فاركعهما( ‪.‬‬

‫قال ابن حجر ‪) :‬صرح جماعة بأنه إذا خأالف وجلس ل يشرع له التدارك ‪ ،‬وفيه‬
‫نظر لما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي ذر أنه دخأل المسجد فقال له النبي‬
‫– صلى ال عليه وسلما ‪) :‬أركعت ركعتين ؟( قال ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪) :‬قما فاركعهما( ‪ .‬وترجما‬
‫)‪(6‬‬
‫عليه ابن حبان أن تحية المسجد ل تفوت بالجلوس ‪.‬‬

‫القول الثاني ‪ :‬ذهب الشافعية)‪ ، (7‬ورواية للحنابلة ‪ ،‬إلى أن التحية تسقط بالجلوس ‪.‬‬

‫)( البحر الرائق شرح كنز الدقائق )‪. (2/38‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( فتح الباري )‪. (2/412‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخأرجه مسلما )‪. (1/495‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( فتح الباري )‪ ، (1/537‬وحاشية ابن عابدين )‪ ، (1/456‬والمغني )‪ ، (1/439‬وانظر ‪ :‬أوجز المسالك‬ ‫‪4‬‬

‫إلى موطأ مالك )‪. (3/195‬‬


‫)( أخأرجه ابن حبان )‪ (2/76‬وفيه ضعف كما ذكر ابن كثير في تفسيره )‪. (1/587‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( انظر فتح الباري )‪ ، (1/537‬وسبل السلما )‪. (1/330‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( المجموع )‪ ، (4/53‬ومغني المحتاج )‪ ، (1/224‬ونهاية المحتاج )‪ ، (2/120‬وقيد بعض الحنابلة‬ ‫‪7‬‬

‫السقوط بطول الفصل كما في شرح منتهى الرادات )‪. (1/304‬‬

‫‪- 19 -‬‬
‫قال النووي ‪) :‬لو جلس في المسجد قبل التحية وطال الفصل فاتت ‪ ،‬ول يشرع‬
‫قضاؤهاباتفاق ‪ ،‬كما سبق بيانه ‪ ،‬فإن لما يطل الفصل فالذي قاله الصحاب أنها تفوت‬
‫بالجلوس فل يفعلها بعده( )‪.(1‬‬

‫وقال الشربيني الخأطيب ‪) :‬وتفوت بجلوسه قبل فعلها إوان قصر الفصل إل إن جلس‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫سهوا وقصر الفصل (‬

‫واستدلوا لقولهما بدليلين ‪:‬‬

‫‪ – 1‬أنه لو جلس قبل فعل التحية لما يشرع له قضاؤها وتفوت بجلوسه قياسا على من‬
‫دخأل المسجد الحراما بغير إحراما فل يقضيه بل يفوته ذلك بمجرد الدخأول كما‬
‫)‪(3‬‬
‫تفوت التحية بالجلوس ‪.‬‬

‫‪ – 2‬أن الستدلل بحديث سليك غير صحيح ؛ لن هذا الحديث يدل على أنه إذا ترك‬
‫التحية جهل بها أو سهوا شرع له فعلها ما لما يطل الفصل ‪.‬‬

‫قال النووي ‪) :‬ثبت عن جابر – رضي ال عنه – قال ‪ :‬جاء سليك الغطفاني يوما‬
‫الجمعة ورسول ال – صلى ال عليه وسلما – قاعد على المنبر ‪ ،‬فقعد سليك قبل أن‬
‫يصلي ‪ ،‬فقال له النبي – صلى ال عليه وسلما ‪) : -‬أركعت ركعتين( قال ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪:‬‬
‫)قما فاركعهما( ‪ ،‬رواه مسلما بهذا اللفظ ‪ ،‬ورواه البخأاري أيضا بمعناه ‪ ،‬فالذي يقتضيه‬
‫)‪(4‬‬
‫هذا الحديث أنه إذا ترك التحية جهل أو سهوا يشرع له فعلها ما لما يطل الفصل( ‪.‬‬

‫الترجيح ‪:‬‬

‫الراجح في هذه المسألة هو قول الجمهور بأن التحية ل تسقط بالجلوس ‪ ،‬وذلك لقوةا‬
‫)‪(5‬‬
‫ما استدلوا به من أدلة وتعليلت ‪.‬‬
‫)( المجموع )‪. (4/53‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( مغني المحتاج )‪. (1/224‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( المجموع )‪ ، (4/53‬ونهاية المحتاج )‪. (2/120‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( المجموع )‪ ، (4/53‬ونهاية المحتاج مع حواشيه )‪. (2/120‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( انظر في هذه المسألة ‪ :‬البحر الرائق )‪ ، (2/5‬وبلغة السالك )‪ ، (1/146‬ومواهب الجليل )‪، (2/70‬‬ ‫‪5‬‬

‫ومغني المحتاج )‪ ، (1/224‬وروضة الطالبين )‪ ، (1/435‬وحاشية الجمل على شرح المنهج )‪،(1/488‬‬

‫‪- 20 -‬‬
‫ويجاب عن استدللت الشافعية بما يلي ‪:‬‬

‫‪ - 1‬يجاب عن دليلهما الول بأن يقال إن هذا يعتبر قياسا عارض نصا كما في‬
‫الحاديث السابقة ‪ ،‬والقاعدةا المقررةا في أصول الفقه أن ل قياس مع النص‪.‬‬

‫‪ - 2‬دليلهما الثاني فيه نظر ‪ ،‬لنه من المعلوما أن الجاهل غير مكلف حال جهله ‪ ،‬كما‬
‫‪ ،‬فتقييد الشافعية هذه المسألة بالجهل والسهو ليس‬ ‫)‪(1‬‬
‫هو مقرر في علما الصول‬
‫له وجه في مسألتنا هذه ‪ .‬ثما إن هذا مصادما لحديث أبي قتادةا السابق حيث أمر‬
‫النبي – صلى ال عليه وسلما بصلةا التحية أم ار مطلقا لكل من أراد الجلوس ‪.‬‬

‫والمبدع )‪ ، (2/174‬وكشاف القناع )‪. (2/46‬‬


‫)( انظر الموافقات )‪ ، (3/377‬والشباه والنظائر للسيوطي )‪ 188‬وما بعدها( ‪ ،‬والمنثور للزركشي )‬ ‫‪1‬‬

‫‪. (19-2/13‬‬

‫‪- 21 -‬‬
‫المبحث الخاماس‬

‫تكـرر التحية بتكرر الدخول‬

‫لو دخأل رجل المسجد ثما صلى التحية ثما خأرج من المسجد ثما عاد إليه فهل يصلي‬
‫التحية مرةا أخأرى أو تكفيه التحية في المرةا الولى ؟‬

‫اخأتلف الفقهاء في هذه المسألة على قولين ‪:‬‬

‫القول الول ‪ :‬أن التحية تتكرر بتكرر الدخأول ‪ .‬وهو قول للشافعية ‪ ،‬وظاهر كلما‬
‫)‪(1‬‬
‫الحنابلة ‪.‬‬

‫واستدلوا بظاهر حديث أبي قتادةا السابق المر بالتحية في أن التحية تفعل في كل‬
‫دخأول للمسجد ‪ ،‬فالمر جاء مطلقا ‪.‬‬

‫قال الشوكاني ‪ ) :‬وظاهر الحديث – أي حديث قتادةا – أن التحية مشروعة إوان‬


‫تكرر الدخأول إلى المسجد ( )‪.(2‬‬

‫وقال الشربيني الخأطيب ‪ ) :‬وهي – أي تحية المسجد – ركعتان قبل الجلوس ‪ ،‬لكل‬
‫دخأول ‪,‬لو تقارب ما بين الدخأولت ‪ ،‬أو دخأل من مسجد إلى آخأر وهما متلصقان ‪،‬‬
‫)‪(4) (3‬‬
‫لخأبر الصحيحين ‪) :‬إذا دخأل أحدكما المسجد فل يجلس حتى يصلي ركعتين(‬

‫وهو اخأتيار النووي حيث يقول ‪ ) :‬لو تكرر دخأوله في المسجد الساعة الواحدةا‬
‫م اررا‪ ،‬قال صاحب التتمة ‪ :‬تستحب التحية لكل مرةا‪ ،‬وقال المحاملي في اللباب ‪ :‬أرجو‬
‫أن تجزيه التحية مرةا واحدةا ‪ ،‬والول أقوى وأقرب إلى ظاهر الحديث()‪.(5‬‬

‫)( مغني المحتاج )‪ (1/223‬والنصاف )‪. (2/195‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( نيل الوطار )‪. (3/80‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( تقدما تخأريجه ص ‪. 7‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( مغني المحتاج )‪. (1/223‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( المجموع )‪ ، (4/52‬وانظر ‪ :‬حاشية القليوبي )‪ ، (1/215‬وروضة الطالبين )‪. (1/435‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪- 22 -‬‬
‫وكذا هو اخأتيار ابن دقيق العيد حيث يقول ‪ ) :‬من كثر تردده إلى المسجد وتكرر‬
‫هلى يتكرر له الركوع مأمو ار به – إلى أن قال – والحديث يقتضي تكرار الركوع بتكرار‬
‫الدخأول ( )‪.(1‬‬

‫واخأتاره أيضا الشيخ السعدي كما قال في فتاويه ‪) :‬تسن تحية المسجد حتى ولو‬
‫تكرر دخأوله( )‪.(2‬‬

‫وهو ظاهر كلما الحنابلة ‪ ،‬كما قال المرداوي ‪) :‬إذا تكرر منه دخأول المسجد فهل‬
‫يعيد التحية أما ل ؟ وجه المصنف أنها كالسجود – أي تتكرر كما يتكرر سجود التلوةا‬
‫بتكرار التلوةا – قلت ‪ :‬وتشبه أيضا إجابة مؤذن ثانيا وثالثا إذا سمعه مرةا بعد أخأرى‬
‫وكان مشروعا ‪ ..‬ظاهر كلما أصحابنا يستحب ذلك ‪ ،‬واخأتاره تقي الدين ‪ ،‬فعلى هذا‬
‫يعيد التحية إذا دخأل م ار ار من غير قصد الصلةا()‪.(3‬‬

‫القول الثاني ‪ :‬ذهب الحنفية ‪ ،‬والمالكية ‪ ،‬وبعض الحنابلة ‪ ،‬والشافعية ‪ ،‬إلى أن من‬
‫تكرر دخأوله للمسجد فل يسن له تكرار التحية بل تكفي التحية الولى ‪ ،‬إل أن يكون‬
‫)‪(4‬‬
‫رجوعه للمسجد بعد فترةا وليس عن قرب ‪ ،‬فإنه يسن له التكرار ‪.‬‬

‫قال ابن عابدين ‪) :‬وتكفيه لكل يوما مرةا ‪ ،‬أي إذا تكرر دخأوله لعذر( )‪ .(5‬وقال‬
‫الدردير ‪) :‬فإن تكرر دخأوله كفته الولى إن قرب رجوعه عرفا إوال كررها( )‪ .(6‬وقال‬
‫الحطاب ‪) :‬قال ابن فرحون ‪ :‬في شرحه على ابن الحاجب ‪ :‬ولو ركع عند دخأوله ثما‬

‫)( إحكاما الحكاما )‪. (2/52‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( الفتاوى السعدية )‪. (161‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( تصحيح الفروع مع الفروع )‪ ، (2/52‬والروض المربع )‪ ، (119‬والنصاف )‪ ، (2/195‬وقيد بعض‬ ‫‪3‬‬

‫الحنابلة هذا الحكما لغير قيما المسجد فإن تكرار الدخأول لقيما المسجد فل يسن تكرار التحية لوجود المشقة‪.‬‬
‫انظر ‪ :‬شرح منتهى الرادات )‪ ، (1/304‬وكشاف القناع )‪. (2/46‬‬
‫)( حاشية ابن عابدين )‪ ، (1/456‬ونهاية المراد )‪ ، (655‬وحاشية الدسوقي )‪ ، (1/313‬وحاشية الخأرشي‬ ‫‪4‬‬

‫على مخأتصر خأليل )‪ ، (2/5‬ومغني المحتاج )‪ ، (1/224‬وتصحيح الفروع مع الفروع )‪. (2/502‬‬
‫)( حاشية ابن عابدين )‪ ، (1/456‬وكذا في نهاية المراد )‪. (655‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( حاشية الدسوقي )‪. (1/313‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪- 23 -‬‬
‫جلس ثما عرضت له حاجة فقاما إليها خأارجا من المسجد ثما رجع بالقرب لما يلزمه أن‬
‫‪ .‬وقال ابن عقيل ‪) :‬ل يصلي المقيما التحية لتكرار دخأوله للمشقة( )‪.(2‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫يركع ثانية(‬

‫الترجيح ‪:‬‬

‫الراجح من القولين هو القول الول ‪ ،‬وهو ظاهر حديث أبي قتادةا المر بصلةا‬
‫التحية عند دخأول المسجد ‪ ،‬حيث يدل بإطلقه على مشروعيته لكل داخأل ‪.‬‬

‫أما الرد على أصحاب القول الثاني فيقال ‪ :‬إن هذا القول يخأالف ظاهر حديث أبي‬
‫قتادةا حيث فيه المر المطلق بالتحية دون تحديد بالقرب أو البعد أو التكرار ‪.‬‬

‫)( مواهب الجليل )‪. (2/69‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تصحيح الفروع مع الفروع )‪ ، (1/502‬وانظر ‪ :‬كشاف القناع )‪. (2/46‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 24 -‬‬
‫المبحث السادس‬

‫هل تسقط التحية بالفرض والسنة ؟‬

‫ذهب عامة الفقهاء إلى أن من دخأل المسجد فصلى نافلة أو راتبة أو فريضة فإنها‬
‫تجزيء عن التحية ‪ ،‬فمن دخأل المسجد وصلى العصر مثل سقطت التحية بفعل‬
‫فريضة العصر ‪ ،‬وهكذا في فعل النافلة والراتبة ‪ ،‬ول فرق في هذا أن تكون الفريضة‬
‫مؤداةا أو مقضية أو منذورةا ‪ ،‬أو أن تكون النافلة راتبة أو غير راتبة ‪.‬‬

‫وعللوا ذلك بأن المقصود وجود صلةا قبل الجلوس ‪ ،‬وتعظيما المسجد بأي صلةا‬
‫لتكون تحية للرب عز وجل ‪.‬‬

‫وهذه بعض عبارات الفقهاء ‪:‬‬

‫قال ابن عابدين ‪) :‬الفريضة إذا قامت مقاما التحية وحصل المقصود بها لما تبق‬
‫التحية مطلوبة ‪ ،‬لن المقصود تعظيما المسجد بأي صلةا كانت ‪ ،‬ول يؤمر بتحية‬
‫مستقلة إل إذا دخأل لغير الصلةا كما مر ‪ ،‬وحينئذ فإذا نواها مع الفريضة يكون قد نوى‬
‫ما تضمنته الفريضة وسقط بها( )‪.(1‬‬

‫وقال أيضا ‪) :‬والحاصل أن المطلوب من داخأل المسجد أن يصلي فيه ليكون ذلك‬
‫)‪(2‬‬
‫تحية لربه تعالى( ‪.‬‬

‫وقال الحطاب ‪) :‬فإن ركعتي التحية ل تفتقر لنية تخأصها ‪ ،‬فأي صلةا حصلت عند‬
‫دخأول المسجد كفت عن التحية فريضة كانت أو نافلة( )‪.(3‬‬

‫)( حاشية ابن عابدين )‪. (1/456‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( المصدر نفسه ‪ .‬وانظر نهاية المراد )‪. (656-655‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( مواهب الجليل )‪. (2/69‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 25 -‬‬
‫وقال الدسوقي ‪) :‬وتأدت التحية بفرض ‪ ،‬أي قامت مقامها في إشغال البقعة إواسقاط‬
‫الطلب ‪ ،‬ويحصل ثوابها إن نوى الفرض والتحية أو نيابة عنها حيث طلبت( )‪.(4‬‬

‫وقال النووي ‪) :‬ول يشترط أن ينوي بالركعتين التحية بل إذا صلى ركعتين بنية‬
‫الصلةا مطلقا أو نوى ركعتين نافلة راتبة أو غير راتبة أو صلةا فريضة مؤداةا أو‬
‫مقضية أو منذورةا ‪ :‬أجزأه ذلك وحصل له ما نوى وحصلت تحية المسجد ضمنا ول‬
‫خألف في هذا ‪ ..‬وكذا لو نوى الفريضة وتحية المسجد أو الراتبة وتحية المسجد حصل‬
‫جميعا بل خألف( )‪.(2‬‬

‫وقال المحلي ‪) :‬وتحصل بفرض أو نفل آخأر سواء نويت معه أما ل ؛ لن المقصود‬
‫وجود صلةا قبل الجلوس وقد وجدت بما ذكر ‪ ،‬ول يضره نية التحية لنها سنة غير‬
‫مقصودةا ‪ ،‬بخألف نية فرض وسنة مقصودةا فل تصح( )‪.(3‬‬

‫وقال البهوتي ‪) :‬وتجزيء راتبة وفريضة ولو كانتا فائتتين عنها ‪ ،‬أي عن تحية‬
‫المسجد ل عكسه ‪ ،‬إوان نوى التحية والفرض فظاهر كلمهما حصولهما له كنظائرهما(‬
‫)‪.(4‬‬

‫هذه هي عبارات الفقهاء ‪ ،‬والظاهر منها أن من نوى الفريضة وتحية المسجد أو‬
‫الراتبة وتحية المسجد فإنه يحصل على ثوابهما معا ‪ ،‬وهذا له نظائر كثيرةا منها اجتماع‬
‫نية غسل الجنابة مع غسل الجمعة في يوما الجمعة ‪ ،‬ونية غسل الجنابة مع غسل العيد‬
‫في يوما العيد ‪ ،‬ونية صوما عرفة مع نية صوما الثنين إذا وافقه ‪ ،‬وغيرها من المسائل‬
‫)‪(5‬‬
‫كثير ول تخألو من خألف ‪.‬‬

‫مسألة ‪ :‬هل تسقط التحية بأداء الوتر ركعة واحدةا ؟‬

‫)( حاشية الدسوقي )‪. (1/314‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( المجموع )‪ ، (4/52‬وانظر ‪ :‬روضة الطالبين )‪. (435-1/434‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( حاشية قليوبي وعميرةا على المحلي )‪. (1/215‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( كشاف القناع )‪ . (2/46‬وانظر ‪ :‬مطالب أولى النهى )‪ ، (1/792‬والفروع )‪. (2/123‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( انظر ‪ :‬الشباه والنظائر لبن نجيما )‪ ، (51-49‬والشباه والنظائر للسيوطي )‪ (22-21‬والقواعد لبن‬ ‫‪5‬‬

‫رجب )‪. (25-23‬‬

‫‪- 26 -‬‬
‫ما ذكرنا في هذا المبحث من كلما الفقهاء مفاده سقوط التحية بأداء الفرض أو‬
‫النافلة هذا إذا كانت ركعتين فأكثر ‪ ،‬أما إذا كانت ركعة واحدةا كالوتر فهل تسقط التحية‬
‫بها ؟ يعني لو دخأل المسجد وأراد أن يجلس فصلى الوتر ركعة واحدةا فهل تسقط التحية‬
‫بها ؟‬

‫قبل الجابة على هذا التساؤل نذكر أول حكما الوتر بواحدةا ‪ ،‬حيث جرى الخألف‬
‫بين الفقهاء في ذلك ‪.‬‬

‫والذي ذهب إليه جمهور الفقهاء)‪ (1‬هو جواز اليتار بواحدةا لدلة كثيرةا منها ‪:‬‬

‫حديث أبي أيوب النصاري أن رسول ال – صلى ال عليه وسلما – قال‪) :‬الوتر‬ ‫‪-1‬‬
‫حق على كل مسلما ‪ ،‬فمن شاء أوتر بسبع ومن شاء أوتر بخأمس ومن شاء أوتر‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫بثلث ومن شاء أوتر بواحدةا(‬

‫حديث ابن عمر أن النبي – صلى ال عليه وسلما – قال ‪) :‬صلةا الليل مثنى‬ ‫‪-2‬‬
‫مثنى فإذا خأفت الصبح فأوتر بواحدةا( )‪.(3‬‬
‫حديث ابن عمر أن النبي – صلى ال عليه وسلما – قال ‪) :‬الوتر ركعة من آخأر‬ ‫‪-3‬‬
‫الليل( )‪.(4‬‬
‫ورد ذلك عن كثير من الصحابة كعمر وعثمان وسعد بن أبي وقاص وعلي وأبي‬ ‫‪-4‬‬
‫)‪(5‬‬
‫الدرداء وابن عمر وزيد بن ثابت وابن عباس ومعاوية وغيرهما كثير‪.‬‬

‫)( انظر مواهب الجليل )‪ ، (2/71‬والمهذب )‪ ، (1/83‬وشرح منتهى الرادات )‪ ، (1/225‬ونيل الوطار )‬ ‫‪1‬‬

‫‪. (3/37‬‬
‫)( أخأرجه أبو داود )‪ ، (2/132‬والنسائي )‪ ، (3/238‬وابن ماجه )‪ ، (1/376‬وصححه الحاكما )‪(1/302‬‬ ‫‪2‬‬

‫ووافقه الذهبي ‪ ،‬وصححه النووي في المجموع )‪ (4/22‬وابن حبان كما في الفتح )‪. (2/482‬‬
‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح ‪ (2/477‬ومسلما )‪ (1/517‬واللفظ لمسلما ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( أخأرجه مسلما )‪. (1/518‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( انظر فتح الباري )‪ ،(2/482‬والمجموع )‪ ،(4/23‬والسنن الكبرى للبيهقي )‪ ،(3/25‬ونيل الوطار )‪(3/37‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪.‬‬

‫‪- 27 -‬‬
‫فيدخأل فيه الواحدةا ‪،‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫أن الوتر يطلق في اللغة على الفرد وهو بخألف الزوج‬ ‫‪-5‬‬
‫)‪(2‬‬
‫وكل ما يسمى وت ار في اللغة دخأل فيه الواحد ‪.‬‬

‫مما سبق تبين لنا جواز اليتار بواحدةا وهو قول جماهير الفقهاء)‪ ، (3‬ونرجع إلى‬
‫مسألتنا وهي سقوط التحية بأداء الوتر ركعة واحدةا ‪.‬‬

‫الذي عليه عامة الفقهاء أن التحية ل تسقط بفعل ركعة واحدةا لن الحديث جاء‬
‫بالركعتين وهو حديث أبي قتادةا ‪) :‬إذا دخأل أحدكما المسجد فل يجلس حتى يصلي‬
‫‪ ،‬فمفهوما الحديث القتصار على الركعتين وعدما إجزاء الواحدةا ‪ ،‬وبه يقول‬ ‫)‪(4‬‬
‫ركعتين(‬
‫جمهور الفقهاء إواليك بعض عباراتهما ‪:‬‬

‫قال الزرقاني ‪) :‬هذا العدد – أي الركعتين – ل مفهوما لكثره باتفاق واخأتلف في أقله‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(5‬‬
‫والصحيح اعتباره فل يتأدى هذا المستحب بأقل من ركعتين(‬

‫وقال النووي ‪) :‬ولو صلى على جنازةا أو سجد شك ار أو للتلوةا أو صلى ركعة بنية‬
‫التحية لما تحصل التحية على الصحيح من مذهبنا وقال بعض أصحابنا تحصل وهو‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(6‬‬
‫خألف ظاهر الحديث (‬

‫)( مخأتار الصحاح )‪ ، (295‬والمصباح المنير )‪ ، (247‬والمعجما الوسيط )‪ (1010‬مادةا )وتر( ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( انظر للتفصيل ‪ :‬إسعاف أهل العصر بما ورد في أحكاما الوتر للشيخ فيحان المطيري )‪. (52-50‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( خأالف الحنفية في ذلك وقالوا بعدما جواز اليتار بواحدةا ‪ ،‬واستدلوا بحديث ابن مسعود ‪ :‬كان رسول ال –‬ ‫‪3‬‬

‫صلى ال عليه وسلما – يوتر بثلث ركعات ‪ .‬وعن الحسن قال ‪ :‬أجمع المسلمون على أن الوتر ثلث ل‬
‫سلما إل في آخأرهن ‪ .‬وقالوا ‪ :‬حديث التخأيير بين الواحدةا أو الثلث أو الخأمس محمول على ما قبل استقرار‬
‫أمر الوتر ‪ .‬انظر قولهما وأدلتهما في ‪ :‬تبيين الحقائق )‪ ، (1/170‬وفتح القدير )‪ ، (1/426‬وبدائع الصنائع )‬
‫‪. (1/271‬‬
‫)( تقدما تخأريجه ص ‪. 7‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( شرح الزرقاني لموطأ مالك )‪ ، (1/328‬وانظر أوجز المسالك )‪. (195-3/194‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( شرح صحيح مسلما )‪ ، (5/226‬وانظر روضة الطالبين )‪ ، (1/435‬وحاشية القليوبي وعميرةا)‪،(1/215‬‬ ‫‪6‬‬

‫وفتح الباري )‪. (1/537‬‬

‫‪- 28 -‬‬
‫وقال البهوتي ‪ ] :‬ولتحصل التحية بأقل من ركعتين لمفهوما ما سبق – يعني حديث‬
‫)‪(2‬‬
‫[‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫‪) :‬قما فاركع ركعتين(‬

‫هذه أقوال الفقهاء والتي تدل على أن التحية ل تسقط بفعل ركعة واحدةا بل لبد من‬
‫صلةا ركعتين فأكثر لظاهر حديث أبي قتادةا السابق – وال أعلما ‪.‬‬

‫)( تقدما تخأريجه ص ‪. 7‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( كشاف القناع )‪ ، (47-2/46‬وانظر ‪ :‬مطالب أولى النهى )‪. (1/792‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 29 -‬‬
‫المبحث السابع‬

‫تحية المسجد الحرام‬

‫ذكر كثير من الفقهاء)‪ (1‬أن تحية المسجد الحراما هي الطواف وليست ركعتين كما‬
‫هو الحال في بقية المساجد ‪ ،‬واستدلوا على ذلك بأدلة كثيرةا منها ‪:‬‬

‫حديث عائشة – رضي ال عنها – أن النبي – صلى ال عليه وسلما – حين قدما‬ ‫‪-1‬‬
‫)‪(2‬‬
‫مكة توضأ ثما طاف بالبيت ‪.‬‬

‫وجه الدللة ‪:‬‬

‫أن النبي – صلى ال عليه وسلما – أول ما بدأ به عند دخأول المسجد الحراما هو‬
‫)‪(3‬‬
‫الطواف ولما يبدأ بتحية المسجد مما يدل على أن تحية المسجد الحراما الطواف ‪.‬‬

‫قال ابن القيما ‪) :‬فلما دخأل المسجد عمد إلى البيت ولما يركع تحية المسجد فإن تحية‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬
‫المسجد الحراما الطواف(‬

‫أن الطواف مخأتص بهذا المسجد فلذلك ابتدأ به قبل التحية التي ل تخأتص به بل‬ ‫‪-2‬‬
‫)‪(5‬‬
‫يشاركه فيها سائر المساجد ‪.‬‬

‫أنه إذا طاف بالبيت فإنه سيصلي ركعتين بعد الطواف ‪ ،‬وهاتان الركعتان‬ ‫‪-3‬‬
‫)‪(6‬‬
‫تجزئان عن التحية فيجتمع له المران تحية المسجد وركعتي الطواف ‪.‬‬

‫)( مراقي الفلح )‪ (215‬وشرح الزرقاني )‪ ، (1/352‬ومغني المحتاج )‪ ، (1/224‬وكشاف القناع )‪(2/477‬‬ ‫‪1‬‬

‫‪ ،‬والمجموع )‪(4/52‬‬
‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح ‪. (3/447‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( إحكاما الحكاما لبن دقيق العيد )‪. (2/51‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( زاد المعاد )‪. (2/225‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( المنتقى )‪ ، (1/286‬وحاشية ابن عابدين )‪ ، (2/165‬إواحكاما الحكاما )‪. (2/51‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( فتح الباري )‪ ، (2/412‬والمنتقى )‪ ، (1/286‬وشرح القسطلني )‪. (2/439‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪- 30 -‬‬
‫قال ابن دقيق العيد ‪) :‬لفظة المسجد تتناول كل مسجد وقد أخأرجوا عنه المسجد‬
‫الحراما ‪ ،‬وجعلوا تحيته الطواف ‪ ،‬فإذا كان في ذلك خألف فلمخأالفتهما أن يستدل بهذا‬
‫الحديث – يعني حديث أبي قتادةا السابق – إوان لما يكن فالسبب في ذلك النظر إلى‬
‫المعنى وهو ‪ :‬أن المقصود افتتاح الدخأول في محل العبادةا بعبادةا ‪ ،‬وعبادةا الطواف‬
‫تحصل هذا المقصود ‪ ،‬مع أن غير هذا المسجد ل يشاركه فيها فاجتمع في ذلك‬
‫تحصيل المقصود مع الخأتصاص ‪ ،‬وأيضا فقد يؤخأذ ذلك من فعل النبي – صلى ال‬
‫عليه وسلما – في حجته حين دخأل المسجد فابتدأ بالطواف على ما يقتضيه ظاهر‬
‫الحديث ‪ ،‬واستمر عليه العمل وذلك أخأص من هذا العموما ‪ ،‬وأيضا فإذا اتفق أن طاف‬
‫ومشى على السنة في تعقيب الطواف بركعتين وجرينا على ظاهر اللفظ في الحديث فقد‬
‫)‪(1‬‬
‫وفينا بمقتضاه (‬

‫وذهب بعض الفقهاء إلى أن تحية المسجد الحراما للقادما لمكة الطواف لحديث عائشة‬
‫السابق ‪ ،‬قال ابن حجر ‪) :‬وفي الحديث استحباب البتداء بالطواف للقادما لنه تحية‬
‫)‪(2‬‬
‫المسجد الحراما( ‪.‬‬

‫أما إذا كان الداخأل له عذر مانع ‪ ،‬أو لما يرد الطواف فإنه يصلي ركعتي التحية‪،‬‬
‫وهذا كله في القادما لمكة ‪ ،‬أما المكي الذي لما يؤمر بالطواف ولما يدخأل المسجد من أجله‬
‫‪ ،‬بل لقراءةا القرآن أو تعلما العلما أو نحو ذلك فهذا تحية المسجد الحراما في حقه كتحية‬
‫)‪(3‬‬
‫سائر المساجد ‪.‬‬

‫قال الحطاب من المالكية ‪) :‬وقوله – أي صاحب مخأتصر خأليل – ]وتحية مسجد‬


‫مكة الطواف[ هو في حق القادما بنسك أو الداخأل في المسجد بنية الطواف ‪ ،‬إوال فهو‬
‫‪‬‬
‫كغيره من المساجد تحيته الركعتان ‪ ،‬وهذا التفصيل هو الذي يناسب قوله تعالى ‪ :‬‬

‫)( إحكاما الحكاما )‪. (2/51‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( فتح الباري )‪. (3/479‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( حاشية القليوبي )‪ ، (1/215‬وكشاف القناع )‪. (2/477‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 31 -‬‬
             
      :   ()
     
      () ()  
(  

           
  ) :              
              
              
           
           
()
. (   
         ) :  
()
. (     
        ) :   
. ( ) (           
             
             
            
             
( )
.     

: 
       :   ) :    - 
             

. 78 : ‫ الية‬، ‫)( سورةا الحج‬ 1

. 185 : ‫ الية‬، ‫)( سورةا البقرةا‬ 2

. (1/246) ‫)( مواهب الجليل‬ 3

. (2/412) ‫)( فتح الباري‬ 4

. (1/330) ‫)( سبل السلما‬ 5

. (1/454) ‫)( مرقاةا المفاتيح شرح مشكاةا المصابيح‬ 6

‫ ونهاية‬، (4/52) ‫ والمجموع‬، (1/74) ‫ وجواهر الكليل‬، (2/165) ‫ حاشية ابن عابدين‬: ‫)( انظر للتفصيل‬ 7

-107) ‫ إواعلما الساجد بأحكاما المساجد‬، (3/213) ‫ والمبدع‬، (3/297) ‫ والمغني‬، (2/118) ‫المحتاج‬
. (108

- 32 -
              
.() (     
:            - 
  ):    ,       : 
()
. ( ):          ( 
 ) ] :   . () ( ) :  
              (
 . ()[        –     – 
            ) : 
              
.() (          
            : 
           
              
            
         
             
( )
.       

. (1/146) ‫)( بلغة السالك‬ 1

. (2/17) ‫)( الدراية‬ 2

. (3/51) ‫)( نصب الراية‬ 3

. (299-1/298) ‫ كشف الخأفاء للعجلوني‬: ‫ وانظر‬، ‫)( المقاصد الحسنة‬ 4

. (156) ‫)( الموضوعات الكبرى‬ 5

. (103 – 101) ‫)( أحكاما حضور المساجد‬ 6

- 33 -
‫المبحث الثامان‬

‫التحية أثناء خطبة الجمعة‬

‫اخأتلف الفقهاء فيمن دخأل المسجد يوما الجمعة والماما يخأطب ‪ ،‬هل له أن يصلي‬
‫ركعتين أو ل ؟ قولن للفقهاء ‪:‬‬

‫القول الول ‪ :‬يشرع لمن دخأل المسجد يوما الجمعة والماما يخأطب أن يصلي‬
‫ركعتين خأفيفتين ‪ ،‬وهو قول الشافعية)‪ ، (1‬والحنابلة)‪. (2‬‬

‫دليل أصحاب هذا القول ‪:‬‬

‫استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها ‪:‬‬

‫‪ - 1‬حديث جابر – رضي ال عنه – أن النبي – صلى ال عليه وسلما – قال ‪) :‬إذا‬
‫جاء أحدكما يوما الجمعة والماما يخأطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما()‪.(3‬‬

‫وجه الدللة ‪:‬‬

‫أن النبي – صلى ال عليه وسلما – أمر من أتى إلى الجمعة والماما يخأطب بالصلةا‬
‫مما يدل على أنه ل يجوز الجلوس قبل فعلها ‪.‬‬

‫‪ – 2‬حديث جابر – رضي ال عنه – قال ‪ :‬جاء سليك الغطفاني ورسول ال – صلى‬
‫ال عليه وسلما – يخأطب فقال ‪) :‬يا سليك قما فاركع ركعتين وتجوز فيهما( ‪ .‬وفي‬
‫لفظ جاء سليك الغطفاني يوما الجمعة ورسول ال – صلى ال عليه وسلما قاعد‬
‫على المنبر فقعد سليك قبل أن يصلي فقال له النبي – صلى ال عليه وسلما ‪: -‬‬
‫)أركعت ركعتين؟( قال ‪ :‬ل ‪ .‬قال )قما فاركعهما( ‪ .‬وفي رواية قال جابر ‪ :‬دخأل‬

‫)( الحاوي )‪ ، (2/429‬والمجموع )‪. (4/551‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( المغني )‪. (2/84‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح ‪ ، (3/49‬ومسلما )‪ (2/597‬واللفظ لمسلما ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 34 -‬‬
‫رجل المسجد ورسول ال – صلى ال عليه وسلما – يخأطب يوما الجمعة فقال ‪:‬‬
‫)أصليت ؟( قال ‪ :‬ل ‪ .‬قال ‪) :‬قما فصل ركعتين()‪.(1‬‬

‫وجه الدللة ‪:‬‬

‫أن النبي – صلى ال عليه وسلما – أمر الرجل الذي دخأل المسجد وقعد أن يقوما‬
‫ويصلي التحية مع أن النبي – صلى ال عليه وسلما – كان في حال الخأطبة مما يدل‬
‫على وجوب التحية حال الخأطبة ‪.‬‬

‫قال النووي ‪) :‬هذه الحاديث كلها صريحة في الدللة لمذهب الشافعي وأحمد‬
‫إواسحاق وفقهاء المحدثين أنه إذا دخأل الجامع يوما الجمعة والماما يخأطب استحب له أن‬
‫يصلي ركعتين تحية المسجد ويكره الجلوس قبل أن يصليهما وأنه يستحب أن يتجوز‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫فيهما ليسمع بعدهما الخأطبة(‬

‫وقال الخأطابي ‪) :‬وفيه – أي حديث جابر – أن الداخأل للمسجد والماما يخأطب ل‬


‫‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬
‫يقعد حتى يصلي ركعتين(‬

‫‪ – 3‬حديث أبي قتادةا – رضي ال عنه – أن النبي – صلى ال عليه وسلما – قال‪) :‬إذا‬
‫دخأل أحدكما المسجد فل يجلس حتى يركع ركعتين( )‪.(4‬‬

‫وجه الدللة ‪:‬‬

‫أن النبي – صلى ال عليه وسلما – أمر من دخأل المسجد أن يركع ركعتين وهذا عاما‬
‫في كل وقت ويشمله الجمعة والماما يخأطب ‪.‬‬

‫قال ابن قدامة في تعليل ذلك ‪) :‬ولنه دخأل المسجد في غير وقت النهي فسن له‬
‫الركوع لقول النبي – صلى ال عليه وسلما ‪) :‬إذا دخأل أحدكما المسجد فل يجلس حتى‬
‫)‪(5‬‬
‫يركع ركعتين( متفق عليه( ‪.‬‬

‫)( أخأرج هذه الروايات البخأاري )الفتح ‪ 2/407‬و ‪ ، (412‬ومسلما )‪. (597-2/596‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( شرح صحيح مسلما )‪. (6/164‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( معالما السنن )‪ ، (1/667‬وانظر ‪ :‬نيل الوطار )‪. (3/291‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( تقدما تخأريجه ص ‪. 7‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( المغني )‪. (2/84‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪- 35 -‬‬
‫ ذهب الحنفية والمالكية إلى أنه ل يجوز لمن دخأل المسجد والماما‬: ‫القول الثاني‬
. ‫يخأطب خأطبة الجمعة أن يصلي بل يجب عليه أن يجلس‬

: ‫دليل أصحاب هذا القول‬

: ‫استدل أصحاب هذا القول بأدلة منها‬


             
   ()       : ‫ – قوله تعالى‬1
()    
.         
   ) :           - 
    () (         
. 
:             – 
.       – 
               – 
( )
.     
      :         – 
  –     –     –  
  –      () (  ) : -  
          –  
()
.  

: 

. 204 : ‫ الية‬، ‫)( سورةا العراف‬ 1

. (96) ‫ والقوانين الفقهية‬، (1/190) ‫ والمنتقى‬، (2/67) ‫ وفتح القدير‬، (1/264) ‫)( بدائع الصنائع‬ 2

‫ والحديث ضعفه جماعة من الئمة‬، ‫ وفيه أيوب بن نهيك وهو منكر الحديث‬، ‫)( أخأرجه الطبراني في الكبير‬ 3

. (1/199) ‫ واللباني في السلسلة‬، (2/184) ‫( والهيثمي في مجمع الزوائد‬2/409) ‫كالحافظ في الفتح‬


. (302-2/300) ‫( وعارضه الحوذي‬1/366) ‫)( شرح معاني الثار للطحاوي‬ 4

. (2/409) ‫ كما قال ابن حجر في الفتح‬، (3/156) ‫( وصححه ابن خأزيمة‬1/668) ‫)( أخأرجه أبو داود‬ 5

. (1/366) ‫)( شرح معاني الثار‬ 6

- 36 -
            
             
: 
:    
             – 
             
.   
            – 
. 
( )
.      – 

:    


() ()            – 
.  ()
              – 
()
.   
:    
               – 
            
             ()
()            

. (2/409) ‫ وفتح الباري‬، (430-2/429) ‫)( الحاوي للماوردي‬ 1

. (2/409) ‫)( فتح الباري‬ 2

. (2/184) ‫)( مجمع الزوائد‬ 3

. (4/552) ‫)( المجموع‬ 4

. (4/552) ‫)( المجموع‬ 5

‫ وشرح الكوكب‬، (2/60) ‫ والمستصفى‬، (3/284) ‫ والموافقات‬، (1/63) ‫)( شرح التلويح على التوضيح‬ 6

. (3/177) ‫المنير‬
. ‫ من سورةا المائدةا‬38 ‫ تفسير آية‬، (2/40) ‫ وفتح القدير للشوكاني‬، (58-2/57) ‫)( تفسير ابن كثير‬ 7

- 37 -
(2)       (1)      
   –         .   
       ) :    – 
.     (3) (  
              
              
–     –           : 
(4)
.  
              – 
               
   ) :          
.(5) (      
:    
   –            – 
.      – 
            – 
    –     –   
(6)
.

: 
            -
.() ( ) :         

. ‫ من سورةا النور‬10 – 6 ‫( تفسير آية‬3/267) ‫)( تفسير ابن كثير‬ 1

. ‫ من سورةا المجادلة‬1 ‫( تفسير آية‬17/175) ‫ وتفسير القرطبي‬، (4/319) ‫)( تفسير ابن كثير‬ 2

. 36 ‫)( تقدما تخأريجه ص‬ 3

. (4/96) ‫)( الوسط‬ 4

. (2/410) ‫)( فتح الباري‬ 5

-1/365) ‫ شرح معاني الثار‬: ‫ وانظر تفصيل المسألة في‬، (4/551) ‫ والمجموع‬، (2/84) ‫)( المغني‬ 6

. (412-2/407) ‫ وفتح الباري‬، (371


. (96-4/94) ‫ والوسط‬، (2/123) ‫ والفروع‬، (2/84) ‫ والمغني‬، (6/164) ‫)( شرح صحيح مسلما‬ 7

- 38 -
           -
( )
. 
   –          -
           – 
( )
.      ()
            ) :   -
             
             
.() (      
              -
()
.       

. (2/187) ‫)( شرح القسطلني‬ 8

. (2/174) ‫ والمبدع‬، (2/84) ‫)( المغني‬ 2

. (1/791) ‫)( مطالب أولي النهى‬ 3

. (1/152) ‫ المحرر في الفقه‬: ‫ وانظر‬، (4/551) ‫)( المجموع‬ 4

. (2/429) ‫)( الحاوي‬ 5

- 39 -
‫المبحث التاسإع‬

‫فعل التحية في وقت النهي‬

‫ذهب جمهور الفقهاء)‪ (1‬إلى أن أوقات الكراهة التي نهى رسول ال – صلى ال عليه‬
‫وسلما – عن الصلةا فيها هي ثلثة ‪:‬‬

‫‪ – 1‬عند طلوع الشمس إلى أن ترتفع قدر رمح أو رمحين ‪.‬‬

‫‪ – 2‬وعند استوائها في وسط السماء حتى تزول ‪.‬‬


‫)‪(2‬‬
‫‪ – 3‬وعند اصفرارها بحيث ل تتعب العين في رؤيتها إلى أن تغرب ‪.‬‬

‫واستدلوا على ذلك بأدلة منها ‪:‬‬

‫‪ – 1‬قوله صلى ال عليه وسلما ‪) :‬ثلث ساعات كان رسول ال – صلى ال عليه وسلما‬
‫– ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا ‪ :‬حين تطلع الشمس بازغة حتى‬
‫حتى تميل الشمس وحين تضيف الشمس‬ ‫)‪(3‬‬
‫ترتفع ‪ ،‬وحين يقوما قائما الظهيرةا‬
‫)‪(4‬‬
‫للغروب – أي حين تميل – حتى تغرب( ‪.‬‬

‫وجه الدللة من الحديث ‪:‬‬

‫)( حاشية ابن عابدين )‪ ، (1/246‬والمجموع )‪ ، (4/164‬والمغني )‪ ، (1/428‬وهناك وقتان نص عليهما‬ ‫‪1‬‬

‫النبي – صلى ال عليه وسلما – في قوله " ل صلةا بعد صلةا العصر حتى تغرب الشمس ‪ ،‬ول صلةا بعد‬
‫صلةا الصبح حتى تطلع الشمس " متفق عليه ‪.‬‬
‫)( ذهب المالكية إلى أن عدد أوقات الكراهة اثنان ‪ :‬عند الطلوع وعند الصفرار فل تكره الصلةا عند استواء‬ ‫‪2‬‬

‫الشمس ‪ ،‬وحجتهما في ذلك عمل أهل المدينة ‪ .‬انظر قولهما وأدلتهما في ‪ :‬بداية المجتهد )‪ ، (1/129‬ومواهب‬
‫الجليل )‪ ، (1/415‬والمعونة للقاضي عبدالوهاب )‪. (1/242‬‬
‫)( أي حال استواء الشمس ‪ ،‬والمعنى حين ل يبقى للقائما ظل في المشرق ول في المغرب ‪ .‬شرح صحيح مسلما‬ ‫‪3‬‬

‫)‪. (6/114‬‬
‫)( أخأرجه مسلما )‪ (569-1/568‬من حديث عقبة بن عامر ‪.‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪- 40 -‬‬
‫أن النبي – صلى ال عليه وسلما – حدد الوقات المنهي عن الصلةا فيها بهذه‬
‫الوقات الثلثة مما يدل على كراهة الصلةا فيها ‪.‬‬

‫‪ – 2‬أن هذه الوقات كانت مكروهة لن الشمس تطلع وتستوي وتغرب بين قرني‬
‫الشيطان فتكون الصلةا في هذه الوقات فيها تشبه بمن كانوا يعبدون الشمس‬
‫لنهما كانوا يعبدونها في هذه الوقات ‪.‬‬

‫ويدل على ذلك حديث أنس – رضي ال عنه – قال ‪ :‬سمعت رسول ال – صلى‬
‫ال عليه وسلما – يقول ‪) :‬تلك صلةا المنافق يجلس يرقب الشمس حتى إذا كانت بين‬
‫‪ .‬وفي رواية ‪ ) :‬وحينئذ‬ ‫)‪(1‬‬
‫قرني الشيطان قاما فنقرها أربعا ل يذكر ال فيها إل قليل(‬
‫)‪(2‬‬
‫يسجد لها الكفار( ‪.‬‬

‫وجه الدللة ‪:‬‬

‫قال النووي ‪] :‬قوله صلى ال عليه وسلما ‪) :‬بين قرني الشيطان( اخأتلفوا فيه فقيل هو‬
‫على حقيقته وظاهر لفظه ‪ ،‬والمراد أنه يحاذيها بقرنيه عند غروبها وكذا عند طلوعها ‪،‬‬
‫لن الكفار يسجدون لها حينئذ ‪ ،‬فيقارنها ليكون الساجدون لها في صورةا الساجدين له ‪،‬‬
‫)‪(3‬‬
‫ويخأيل لنفسه ولعوانه أنهما إنما يسجدون له [ ‪.‬‬

‫وذكر الخأطابي أن الصلةا حرمت في هذه الوقات الثلثة لنص الحديث في أن‬
‫الشمس تطلع بين قرني الشيطان ‪ ،‬ثما ذكر الخألف في تفسير قرني الشيطان ‪ ،‬وذكر‬
‫خأمسة أقوال ‪:‬‬

‫الول ‪ :‬مقارنة الشيطان للشمس عند دنوها للغروب ‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬معنى قرن الشيطان قوته ‪ ،‬فالشيطان يقوى أمره في هذه الوقات فيسول‬
‫لعبدةا الشمس أن يسجدوا لها في هذه الزمان الثلثة ‪.‬‬

‫)( أخأرجه مسلما )‪. (1/434‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أخأرجها مسلما )‪. (1/570‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( شرح صحيح مسلما )‪ ، (5/124‬وانظر ‪ :‬إغاثة اللهفان )‪ ، (362 ،1/185‬إواعلما الموقعين )‪-3/139‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪. (140‬‬

‫‪- 41 -‬‬
‫الثالث ‪ :‬قرنه أي حزبه وأصحابه الذين يعبدون الشمس ‪ ،‬يقال هؤلء قرن أي نشء‬
‫جاءوا بعد قرن مضى ‪.‬‬

‫الرابع ‪ :‬أنه تمثيل ومعناه أن تأخأيرها بتزيين الشيطان ومدافعته لهما عن تعجيلها‬
‫كمدافعة ذوات القرون لما تدفعه ‪.‬‬

‫الخأامس ‪ :‬أن الشيطان يقابل الشمس حين طلوعها وينتصب دونها حتى يكون‬
‫)‪(1‬‬
‫طلوعها بين قرنيه وهما جانبا رأسه فينقلب سجود الكفار للشمس عبادةا له ‪.‬‬

‫قال النووي ‪) :‬والصحيح الول( )‪ .(2‬وقد ذكر جمع من العلماء تفاسير لهذه اللفظة‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(5‬‬
‫كالباجي)‪ ،(3‬والسيوطي)‪ (4‬وغيرهما‬

‫ول خألف بين الفقهاء – فيما أعلما – في كراهة التطوع المطلق في الوقات المنهي‬
‫عنها ‪ ،‬إل أنهما اخأتلفوا – رحمهما ال تعالى – في حكما فعل السنن في هذه الوقات‬
‫ومنها تحية المسجد ‪ ،‬والخألف على قولين ‪:‬‬

‫القول الول ‪ :‬يرى جمهور الفقهاء)‪ (6‬أن من دخأل المسجد في أوقات الكراهة فإنه ل‬
‫يصلي السنن – ومنها تحية المسجد – واستدلوا على ذلك بأدلة منها ‪:‬‬

‫‪ – 1‬قوله صلى ال عليه وسلما ‪ ) :‬ل صلةا بعد العصر حتى تغرب الشمس ول صلةا‬
‫‪ .‬وقوله صلى ال عليه وسلما ‪) :‬ثلث‬ ‫)‪(7‬‬
‫بعد صلةا الفجر حتى تطلع الشمس(‬
‫ساعات كان رسول ال صلى ال عليه وسلما ينهانا أن نصلي فيهن أو نقبر فيهن‬

‫)( معالما السنن )‪. (1/289‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( شرح صحيح مسلما )‪. (5/124‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( كما في المنتقى شرح الموطأ )‪. (1/362‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( كما في شرحه لسنن النسائي )‪. (1/254‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( انظر أوجز المسالك )‪ ، (4/186‬وتحفة الحوذي )‪ ، (1/497‬وفتح الباري )‪ ، (6/340‬ونيل الوطار )‬ ‫‪5‬‬

‫‪. (3/102‬‬
‫)( بدائع الصنائع )‪ ، (1/296‬وحاشية الخأرشي على خأليل )‪ ، (2/5‬والمغني )‪. (1/431‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح ‪ ، (2/61‬ومسلما )‪ (1/567‬من حديث أبي سعيد الخأدري ‪ ،‬واللفظ لمسلما ‪.‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪- 42 -‬‬
‫موتانا ‪ :‬حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ‪ ،‬وحين يقوما قائما الظهيرةا حتى تميل‬
‫الشمس ‪ ،‬وحين تضيف الشمس للغروب حتى تغرب( )‪.(1‬‬

‫وجه الدللة ‪:‬‬

‫أن النهي في الحديثين عاما في صيغته ومعناه فيشمل جميع السنن فل معنى‬
‫)‪(2‬‬
‫لتخأصيص صلةا بعينها ‪.‬‬

‫‪ – 2‬ما روي عن ابن عمر – رضي ال عنهما – أنه طاف بعد طلوع الفجر سبعة‬
‫أشواط ولما يصل حتى خأرج إلى ذي طوى ثما صلى بعد ما طلعت الشمس وقال ‪:‬‬
‫)‪(3‬‬
‫ركعتان مكان ركعتين ‪.‬‬

‫وجه الدللة ‪:‬‬

‫أنه لو كان أداء ركعتي الطواف قبل طلوع الشمس جائ از من غير كراهة لما أخأرها‬
‫)‪(4‬‬
‫ابن عمر ‪ ،‬لن أداء الصلةا بمكة أفضل وخأصوصا ركعتي الطواف ‪.‬‬

‫القول الثاني ‪ :‬يجوز أن يصلي التحية من دخأل المسجد في وقت الكراهة ‪ ،‬وهو‬
‫قول الشافعية)‪ ، (5‬ورواية عن الماما أحمد اخأتارها شيخ السلما ابن تيمية)‪ ،(6‬والدليل ما‬
‫يلي ‪:‬‬

‫‪ – 1‬أن الدلة تدل على أن هناك صلوات ذات سبب تصلى في أي وقت حتى وقت‬
‫الكراهة كالعصر الحاضرةا ‪ ،‬وركعتي الفجر ‪ ،‬والفائتة ‪ ،‬وركعتي الطواف ‪،‬‬
‫والمعادةا في المسجد ‪ ،‬وصلةا الجنازةا ‪ ،‬وتحية المسجد لمن دخأل والماما يخأطب ‪،‬‬
‫فهذه الصلوات يجوز فعلها في أي وقت ؛ لن لها سببا ‪ ،‬فالمصلي لما يتطوع بها‬
‫تطوعا مطلقا فيشمله النهي ‪ ،‬إوانما تطوع بها لسبب فيها ‪ ،‬إذ لو لما يصلها لفاتته‬

‫)( تقدما تخأريجه ص ‪. 43‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( بدائع الصنائع )‪ ، (1/296‬والبحر الرائق )‪. (2/38‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخأرجه عبدالرزاق في المصنف )‪ ، (5/63‬والبيهقي )‪ (2/463‬عن عمر بن الخأطاب ‪.‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( بدائع الصنائع )‪ ، (1/296‬وانظر البحر الرائق )‪ ، (2/38‬وتبيين الحقائق )‪ ، (1/85‬وفتح القدير )‬ ‫‪4‬‬

‫‪. (1/234‬‬
‫)( المجموع )‪ ، (4/52‬ومغني المحتاج )‪ ، (1/29‬ونهاية المحتاج )‪ ، (1/385‬وحلية العلماء )‪. (2/180‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( النصاف )‪ ، (2/208‬ومجموع الفتاوى )‪. (23/191‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪- 43 -‬‬
‫مصلحة الصلةا كما يفوته إذا دخأل المسجد ما في صلةا التحية من الجر ‪.‬‬
‫وكذلك يفوته ما في صلةا الكسوف ‪ ،‬وكذلك يفوته ما في سجود التلوةا وسائر‬
‫)‪(1‬‬
‫ذوات السباب ‪.‬‬

‫‪ – 2‬أن تحية المسجد قد ثبت المر بها كما في حديث أبي قتادةا السابق )‪ ،(2‬ففيه المر‬
‫بركعتين قبل أن يجلس ‪ ،‬والنهي عن أن يجلس حتى يركعهما ‪ ،‬وهو عاما في كل‬
‫وقت ‪ ،‬عموما محفوظا لما يخأص منه صورةا بنص ول إجماع ‪ ،‬أما حديث النهي‬
‫عن الصلةا في وقت الكراهة فهو عاما مخأصوص ‪ ،‬والعاما المحفوظ أقوى من‬
‫العاما المخأصوص ‪ ،‬ذلك أن العاما إذا خأص بطلت دللته على العموما نهائيا كما‬
‫؛ لن تخأصيصه يدل على عدما إرادةا العموما ‪ ،‬إواذا بطل‬ ‫)‪(3‬‬
‫ذكر الصوليون‬
‫)‪(4‬‬
‫عمومه لما يكن معارضا للحاديث الدالة على فعل الصلوات التي لها سبب ‪.‬‬

‫‪ - 3‬أن علة النهي عن الصلةا في أوقات الكراهة هي مشابهة الكفار الذين يعبدون‬
‫الشمس التي تطلع بين قرني الشيطان ‪ ،‬فنهى عن الصلةا في هذه الوقات كي ل‬
‫يتشبه المسلما بالكفار الذين يسجدون حال طلوعها وغروبها ‪ ،‬فإذا فعل المسلما‬
‫الصلةا في وقت الكراهة لسبب معلوما انتفت المشابهة فلما يشمله النهي‪.‬‬

‫‪ – 4‬أنه ثبت في بعض ألفاظ الحديث قوله صلى ال عليه وسلما ‪) :‬ل يتحرى أحدكما‬
‫‪ ،‬ومن يصلي تحية المسجد في‬ ‫)‪(5‬‬
‫فيصلي عند طلوع الشمس ول عند غروبها(‬
‫هذه الوقات لما يوصف بأنه متحر ‪ ،‬بل هو يصلي لسبب وهو تحية المسجد‬
‫امتثال لمره العاما صلى ال عليه وسلما ‪ ،‬أما المتحري فهو الذي يتحرى الشمس‬
‫حتى تطلع أو تغرب فيصلي في هذا الوقت ‪ ،‬فهو منهي عن الصلةا بسبب تحريه‬
‫)‪(6‬‬
‫‪.‬‬
‫)( مجموع الفتاوى )‪ ، (23/194‬وشرح صحيح مسلما )‪. (5/226‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تقدما تخأريجه ص ‪. 7‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر ‪ :‬شرح مخأتصر الروضة للطوفي )‪ ، (2/256‬وشرح تنقيح الفصول )‪ ، (226‬والمستصفى )‪(2/54‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ،‬والبحر المحيط )‪ ، (3/268‬إوارشاد الفحول )‪. (121‬‬


‫)( مجموع الفتاوى )‪ ، (22/192‬والشرح الممتع على زاد المستقنع )‪. (179-4/178‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح ‪ ، (2/60‬ومسلما )‪ (1/568‬من حديث ابن عمر ‪.‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( مجموع الفتاوى )‪ (23/196‬والشرح الممتع )‪. (4/180‬‬ ‫‪6‬‬

‫‪- 44 -‬‬
‫‪ - 5‬أن النبي – صلى ال عليه وسلما – أمر من أتى المسجد وهو يخأطب الجمعة أن‬
‫يقوما فيصلي ركعتي التحية ‪ ،‬مع أن الصلةا وقت الخأطبة منهي عنها نهيا شديدا‬
‫أشد من النهي عن الصلةا وقت الكراهة ‪ ،‬ولكن أجازها صلى ال عليه وسلما‬
‫لوجود سبب فيها ‪ ،‬فإذا كان النبي – صلى ال عليه وسلما – قد أمر بتحية المسجد‬
‫في وقت الخأطبة التي يجب الستماع إليها وعدما النشغال عنها بصلةا أو كلما ‪:‬‬
‫)‪(1‬‬
‫فهو في سائر الوقات أولى وأحرى بالمر ‪.‬‬

‫‪ - 6‬أن من دخأل المسجد وقت نهي إن جلس ولما يصل كان مخأالفا لمر النبي –‬
‫صلى ال عليه وسلما – حيث أمر بفعل التحية أم ار عاما ‪ ،‬وكان مفوتا لهذه‬
‫المصلحة إن لما يكن آثما بالمعصية ‪ ،‬إوان بقي قائما أو امتنع من دخأول المسجد‬
‫فهذا خأطأ عظيما ‪ .‬قال ابن تيمية ‪ ) :‬ومازال المسلمون يدخألون المسجد طرفي‬
‫النهار ‪ ،‬ولو كانوا منهيين عن تحية المسجد لكان هنا مما يظهر نهي الرسول –‬
‫صلى ال عليه وسلما – عنه ‪ ،‬فكيف وهو قد أمرهما إذا دخأل أحدهما المسجد‬
‫والخأطيب على المنبر فل يجلس حتى يصلي ركعتين ‪ ،‬أليس في أمرهما بها في‬
‫الوقت تنبيها على غيره من الوقات ؟( )‪.(2‬‬

‫وهذا القول هو الراجح لقوةا أدلته وتعليلته ‪ ،‬وبه تجتمع الخأبار ‪ ،‬أما ما روي عن‬
‫ابن عمر في تأخأير ركعتي الطواف إلى ما بعد شروق الشمس فيجاب عنه بأن حاجة‬
‫المسلمين العامة إلى تحية المسجد أعظما منها إلى ركعتي الطواف ‪ ،‬فإنه يمكن تأخأير‬
‫)‪(3‬‬
‫الطواف بخألف تحية المسجد فإنها ل تمكن ‪.‬‬

‫فائدةا ‪:‬‬

‫النهي عن الصلةا بعد العصر ليس نهيا مطلقا ‪ ،‬حيث ورد في الحديث جواز‬
‫الصلةا بعد العصر مادامت الشمس مرتفعة نقية ‪ ،‬كما جاء في حديث علي – رضي‬
‫ال عنه – أن النبي – صلى ال عليه وسلما – )نهى عن الصلةا بعد العصر إل‬

‫)( مجموع الفتاوى )‪ ، (193-23/192‬وفتح الباري )‪ ، (2/411‬وشرح صحيح مسلما )‪. (5/226‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( مجموع الفتاوى )‪. (23/196‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( المصدر نفسه ‪ .‬وانظر للتفصيل في هذه المسألة ‪ :‬بداية المجتهد )‪ ، (1/129‬ونيل الوطار )‪-3/100‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪ ، (101‬وتنقيح التحقيق لبن عبدالهادي )‪ ، (2/1003‬إواحكاما الحكاما لبن دقيق العيد )‪. (2/49‬‬

‫‪- 45 -‬‬
‫‪ ،‬وفي رواية ‪) :‬لتصلوا بعد العصر إل أن تصلوا والشمس‬ ‫)‪(1‬‬
‫والشمس مرتفعة(‬
‫‪ ،‬وفي رواية عن أنس – رضي ال عنه – أن النبي – صلى ال عليه وسلما‬ ‫)‪(2‬‬
‫مرتفعة(‬
‫– قال ‪ ) :‬ل تصلوا عند طلوع الشمس ول عند غروبها فإنها تطلع وتغرب على قرن‬
‫)‪(3‬‬
‫شيطان وصلوا ما بين ذلك ما شئتما( ‪.‬‬

‫وجه الدللة ‪:‬‬

‫أن النبي – صلى ال عليه وسلما – قيد النهي بعد صلةا العصر حالة كون الشمس‬
‫غير مرتفعة ‪ ،‬فإن ارتفعت وكانت نقية فل نهي عندئذ ‪.‬‬

‫قال ابن حجر ‪) :‬فدل على أن المراد بالبعدية ليس على عمومه إوانما المراد وقت‬
‫الطلوع ووقت الغروب وما قاربهما وال أعلما ( )‪.(4‬‬

‫ومما يؤيد ذلك قول ابن عمر ‪) :‬أما أنا فل أنهى أحدا أن يصلي ليل أو نهارا‪ ،‬ل‬
‫يتحرى طلوع الشمس ول غروبها ‪ ،‬فإن رسول ال – صلى ال عليه وسلما – نهى عن‬
‫ذلك وقال ‪ :‬أنه يطلع قرن الشيطان مع طلوع الشمس فل يتحرى أحد طلوع الشمس ول‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(5‬‬
‫غروبها (‬

‫وجه الدللة ‪:‬‬

‫أن ابن عمر – رضي ال عنهما – فهما أن النهي مخأتص بمن يتحرى طلوع الشمس‬
‫أو غروبها ‪ ،‬أما من ل يتحرى فل نهي وال أعلما ‪.‬‬

‫)( أخأرجه أبو داود )‪ (2/55‬والنسائي )‪ ، (1/280‬وأحمد )‪ (1/129‬وغيرهما ‪ ،‬وحسن إسناده ابن حجر في‬ ‫‪1‬‬

‫الفتح )‪ ، (2/61‬وابن حزما في المحلى )‪. (3/31‬‬


‫)( أخأرجه أحمد )‪ (1/130‬من حديث علي وهو صحيح بما قبله ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أخأرجه أحمد )‪ ، (5/260‬وأبو يعلى )‪ (7/220‬واللفظ له ‪ ،‬وصححه اللباني في الصحيح )‪. (1/561‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( فتح الباري )‪ ، (2/62‬وانظر عون المعبود )‪. (154-4/153‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أخأرجه عبدالرزاق في المصنف )‪. (2/430‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪- 46 -‬‬
‫المبحث العاشـر‬

‫التحية وقت الذأان‬

‫لو دخأل المصلي المسجد والمؤذن يؤذن فهل يصلي التحية حال الذان أو يجيب‬
‫المؤذن حتى يفرغ من الذان ثما يصلي التحية ؟‬

‫ل تخألو هذه المسألة من حالين ‪:‬‬

‫الحال الولى ‪ :‬أن يكون الذان هو الذان الثاني يوما الجمعة ‪.‬‬

‫الحال الثانية ‪ :‬أن يكون الذان غير أذان الجمعة الثاني ‪.‬‬

‫والحكما يخأتلف باخأتلف هذين الحالين ‪ ،‬وقبل أن نشرع في بيان حكما هذين الحالين‬
‫نبين أول حكما إجابة المؤذن ‪.‬‬

‫حكم إجابة المؤذن ‪:‬‬

‫يرى جمهور الفقهاء)‪ (1‬أن متابعة المؤذن – بأن يقول مثل ما يقول – مستحبة‬
‫وليست واجبة ‪.‬‬

‫قال النووي ‪ ) :‬مذهبنا أن المتابعة سنة ليست بواجبة ‪ ،‬وبه قال جمهور العلماء(‬
‫)‪.(2‬‬

‫والدليل على ذلك التعليل التي ‪:‬‬

‫)( حاشية ابن عابدين )‪ ، (1/267‬والمجموع )‪ ، (3/119‬وفتح الباري )‪ ، (2/93‬وشرح منتهى الرادات )‬ ‫‪1‬‬

‫‪. (1/130‬‬
‫)( المجموع )‪. (3/119‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 47 -‬‬
‫وهو أن المر في قوله صلى ال عليه وسلما ‪ ) :‬إذا سمعتما المؤذن فقولوا مثل ما‬
‫‪ ،‬ليس للوجوب ‪ ،‬إوانما هو للستحباب ‪ ،‬والصارف للوجوب حديثان‪:‬‬ ‫)‪(3‬‬
‫يقول(‬

‫الول ‪ :‬ما ورد عن أنس – رضي ال عنه – قال ‪ :‬كان النبي – صلى ال عليه‬
‫وسلما – يغير إذا طلع الفجر ‪ ،‬وكان يستمع الذان ‪ ،‬فإن سمع أذانا أمسك إوال أغار ‪،‬‬
‫فسمع رجل يقول ‪ :‬ال أكبر ال أكبر ‪ .‬فقال رسول ال – صلى ال عليه وسلما ‪: -‬‬
‫)على الفطرةا( ثما قال ‪ :‬أشهد أن ل إله إل ال أشهد أن ل إله إل ال ‪ .‬فقال رسول ال –‬
‫)‪(2‬‬
‫صلى ال عليه وسلما ‪) : -‬خأرجت من النار( ‪ ،‬فنظروا فإذا هو راعي معزى ‪.‬‬

‫وجه الدللة ‪:‬‬

‫أن النبي – صلى ال عليه وسلما – لما يتابع المؤذن ولما يقل مثل ما يقول بل قال‬
‫غير ما قال المؤذن ‪ ،‬فدل على عدما وجوب المتابعة ‪ ،‬وأن المر في الحديث السابق‬
‫)‪(3‬‬
‫للستحباب ‪.‬‬

‫وأجاب بعض العلماء عن ذلك بأنه ليس في الحديث أنه لما يقل مثل ما قال ‪ ،‬فيجوز‬
‫أن يكون قاله ولما ينقله الراوي اكتفاء بالعادةا ونقل القول الزائد ‪ ،‬أو أنه يحتمل أن يكون‬
‫)‪(4‬‬
‫ذلك وقع قبل صدور المر ‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬ما ورد في الموطأ عن ثعلبة بن أبي مالك القرظي أنهما كانوا في زمان عمر‬
‫بن الخأطاب – رضي ال عنه – يصلون يوما الجمعة حتى يخأرج عمر‪ ،‬فإذا خأرج عمر‬
‫وجلس على المنبر وأذن المؤذن )قال ثعلبة( ‪ :‬جلسنا نتحدث ‪ ،‬فإذا سكت المؤذن وقاما‬
‫)‪(5‬‬
‫عمر يخأطب أنصتنا فلما يتكلما منا أحد ‪.‬‬

‫وجه الدللة ‪:‬‬

‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح ‪ ، (2/90‬ومسلما )‪ (1/288‬من حديث عبدال بن عمرو بن العاص ‪ ،‬واللفظ‬ ‫‪3‬‬

‫لمسلما‪.‬‬
‫)( أخأرجه مسلما )‪. (1/288‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( فتح الباري )‪ ، (2/93‬ونيل الوطار )‪ ، (2/59‬وحاشية ابن عابدين )‪. (1/267‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( فتح الباري )‪. (2/93‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أخأرجه مالك في الموطأ )‪ ، (1/103‬ومن طريقه الشافعي في مسنده )‪ (63‬وصححه النووي في المجموع‬ ‫‪5‬‬

‫)‪. (4/550‬‬

‫‪- 48 -‬‬
‫أنه كان متعارفا عند الصحابة أنهما كانوا يتكلمون أثناء الذان بدليل إقرار عمر مما‬
‫يدل على عدما وجوب متابعة المؤذن فيما يقول ‪.‬‬

‫قال النووي في ذكر فوائد هذا الثر أن فيه ‪) :‬جواز الكلما حال الذان( )‪.(1‬‬

‫مما سبق يتضح لنا حكما إجابة المؤذن ‪ ،‬وهو الستحباب ‪ ،‬على رأي جمهور‬
‫الفقهاء)‪ ، (2‬وبهذا الحكما يتضح لنا حكما فعل التحية وقت الذان ‪ ،‬وهو كالتالي بحاليه‬
‫السابقين ‪:‬‬

‫الحال الولى ‪ :‬أن يكون الذان هو الذان الثاني يوما الجمعة ‪.‬‬

‫فإذا دخأل المصلي عند الذان الثاني يوما الجمعة فإنه ل يتابع المؤذن بل يصلي‬
‫التحية ليتفرغ للمر الواجب وهو استماع الخأطبة ‪.‬‬

‫حتى إوان قلنا بوجوب متابعة المؤذن فإنه ل يتابعه حال الذان الثاني يوما الجمعة‬
‫لن استماع الخأطبة آكد بدليل وجوب النصات وعدما جواز الكلما حال الخأطبة ‪،‬‬
‫بخألف الكلما حال الذان فإنه ل يحرما ‪.‬‬

‫قال المرداوي ‪) :‬لو دخأل المسجد والمؤذن قد شرع في الذان لما يأت بتحية المسجد‬
‫‪ :‬ولعل‬ ‫)‪(3‬‬
‫ول بغيرها حتى يفرغ ‪ ..‬وعنه – أي الماما أحمد – ل بأس ‪ ،‬قال في الفروع‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬
‫المراد غير أذان الخأطبة لن سماع الخأطبة أهما (‬

‫الحال الثانية ‪ :‬أن يكون الذان غير أذان الجمعة ‪ :‬فإذا دخأل المصلي إلى المسجد‬
‫والمؤذن يؤذن لحدى الصلوات غير الجمعة فإنه يستحب له أن يجيب المؤذن ويتابعه‬
‫ثما يصلي تحية المسجد ليجمع بين الفضيلتين ‪.‬‬

‫)( المجموع )‪. (4/550‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( يرى الحنفية وجوب متابعة المؤذن ‪ ،‬وهو قول الظاهرية وابن وهب ‪ ،‬وحكاه الطحاوي عن بعض السلف ‪،‬‬ ‫‪2‬‬

‫وذكر ابن عابدين أن بعض أصحابه صرحوا بالستحباب ‪ .‬انظر ‪ :‬فتح القدير )‪ ، (249-1/248‬وبدائع‬
‫الصنائع )‪ ، (1/155‬وحاشية ابن عابدين )‪ ، (1/267‬وشرح معاني الثار )‪ ، (1/146‬وفتح الباري )‬
‫‪. (2/93‬‬
‫)( الفروع )‪. (1/146‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( النصاف )‪. (1/427‬‬ ‫‪4‬‬

‫‪- 49 -‬‬
‫)وان دخأل المسجد فسمع المؤذن استحب له انتظاره ليفرغ ويقول‬
‫قال ابن قدامة ‪ :‬إ‬
‫مثل ما يقول جمعا بين الفضيلتين ‪ ،‬إوان لما يقل كقوله وافتتح الصلةا فل بأس – نص‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫عليه أحمد (‬

‫وقال ابن مفلح ‪ ) :‬إذا دخأل المسجد لما يركع حتى يفرغ – أي المؤذن – نص عليه‬
‫)‪(2‬‬
‫ليجمع بين الفضيلتين( ‪.‬‬

‫إوان قلنا بأن متابعة المؤذن واجبة فحينئذ ل يجوز له أن يصلي التحية حتى يفرغ‬
‫)‪(3‬‬
‫المؤذن من أذانه ‪.‬‬

‫)( المغني )‪. (1/256‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( المبدع )‪. (1/332‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( انظر أحكاما حضور المساجد )‪ ، (100-98‬ومرفاةا المفاتيح )‪. (2/363‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 50 -‬‬
‫المبحث الحادي عاشـر‬

‫التحية وقت إقاماة الصلةا‬

‫إذا دخأل المصلي المسجد وأراد أن يصلي التحية فل يخألو ذلك من حالين ‪:‬‬

‫الحال الولى ‪ :‬أن يبدأ بالتحية وقد أقيمت الصلةا أو بدأ الماما في صلته ‪.‬‬

‫الحال الثانية ‪ :‬أن يصلي التحية ثما تقاما الصلةا في أثنائها ‪.‬‬

‫وتفصيل الحالين كما يلي ‪:‬‬

‫الحالة الولى ‪ :‬أن يبدأ بالتحية وقد أقيمت الصلةا أو بدأ الماما في صلته ‪:‬‬

‫وهذا المر ل يجوز إذ إن المسلما منهي عن الصلةا وقت إقامة الصلةا المكتوبة‬
‫كما ثبت في حديث أب هريرةا – رضي ال عنه – أن النبي – صلى ال عليه وسلما –‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫قال ‪) :‬إذا أقيمت الصلةا فل صلةا إل المكتوبة(‬

‫وجه الدللة ‪:‬‬

‫أن الحديث فيه نهي صريح منه صلى ال عليه وسلما عن افتتاح النافلة وقت إقامة‬
‫‪ ،‬والحكمة من ذلك تظهر في أمرين ‪:‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫الصلةا‬

‫الول ‪ :‬أن يتفرغ للفريضة من أولها فيشرع فيها عقب شروع الماما ‪ ،‬إواذا اشتغل‬
‫بنافلة فاته الحراما مع الماما ‪ ،‬وفاته بعض مكملت الفريضة ‪ ،‬فالفريضة أولى‬
‫)‪(3‬‬
‫بالمحافظة على إكمالها ‪.‬‬

‫الثاني ‪ :‬النهي عن الخأتلف على الئمة ‪ ،‬فصلةا التحية وقت صلةا الفريضة فيه‬
‫اخأتلف على الماما ‪ ،‬والنبي – صلى ال عليه وسلما – قال ‪) :‬إنما جعل الماما ليؤتما‬

‫)( أخأرجه مسلما )‪. (1/492‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( شرح صحيح مسلما )‪. (5/222‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( شرح صحيح مسلما )‪. (5/223‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 51 -‬‬
‫‪ ،‬فل يجوز الخأتلف على الماما ؛ لن الماما إنما كان للئتماما به ومتابعته ‪.‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫به (‬
‫)‪(2‬‬

‫ومما يدل على عدما جواز البتداء بالتحية – أو النافلة عموما – ما ذكره البخأاري في‬
‫صحيحه حيث قال ‪) :‬باب إذا أقيمت الصلةا فل صلةا إل المكتوبة( ثما ذكر حديث‬
‫مالك بن بحينة أن رسول ال – صلى ال عليه وسلما – رأى رجل وقد أقيمت الصلةا‬
‫يصلي ركعتين ‪ ،‬فلما انصرف رسول ال – صلى ال عليه وسلما – لث به الناس)‪، (3‬‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(4‬‬
‫وقال له رسول ال – صلى ال عليه وسلما ‪) : -‬آلصبح أربعا ‪ ،‬آلصبح أربعا(‬

‫وجه الدللة ‪:‬‬

‫أن النبي – صلى ال عليه وسلما – أنكر على من صلى ركعتين وقد أقيمت الصلةا‬
‫بسؤال إنكاري ‪ ،‬مما يدل على عدما جواز البتداء بها وقد أقيمت صلةا الفريضة ‪ .‬ويدل‬
‫على ذلك روايات الحديث حيث ورد في بعضها قوله صلى ال عليه وسلما ‪) :‬يوشك‬
‫أحدكما أن يصلي الصبح أربعا( ‪ .‬وفي رواية قال صلى ال عليه وسلما للرجل ‪) :‬أتصلي‬
‫الصبح أربعا؟( ‪ .‬وفي رواية قال له ‪) :‬يا فلن بأي الصلتين اعتددت أبصلتك وحدك‬
‫أما بصلتك معنا؟( )‪.(5‬‬

‫قال الشوكاني ‪) :‬والحديث يدل على كراهة سنة الفجر عند إقامة الصلةا المكتوبة(‬
‫)‪.(6‬‬

‫وهذا النهي لبتداء صلةا النافلة أو الراتبة أو غيرها ‪ ،‬قال النووي بعد أن ذكر‬
‫الروايات السابقة ‪) :‬فيها النهي الصريح عن افتتاح نافلة بعد إقامة الصلةا سواء كانت‬
‫راتبة كسنة الصبح والظهر والعصر أو غيرها ‪ ،‬وهذا مذهب الشافعي والجمهور ( )‪.(7‬‬

‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح ‪ ، (2/173‬ومسلما )‪ (1/308‬من حديث أنس بن مالك ‪.‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( شرح صحيح مسلما )‪ ، (5/223‬وانظر ‪ :‬مرقاةا المفاتيح )‪ ، (3/494‬والشرح الممتع )‪. (235-4/234‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( أي اخأتلطوا به والتفوا عليه ‪ .‬فتح الباري )‪ ، (2/150‬ونيل الوطار )‪. (2/99‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( أخأرجه البخأاري )‪ ، (2/148‬ومسلما )‪. (1/493‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( أخأرجها مسلما )‪. (1/494‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( نيل الوطار )‪. (3/99‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( شرح صحيح مسلما )‪ ، (5/222‬والمجموع )‪. (4/56‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪- 52 -‬‬
‫وقال الخأطابي ‪) :‬وفي هذا بيان أنه ممنوع من ركعتي الفجر ومن غيرها من‬
‫الصلوات إل المكتوبة( )‪.(1‬‬

‫فإن قيل ‪ :‬قد وردت زيادةا في حديث أبي هريرةا وهي ‪ ..) :‬فل صلةا إل المكتوبة‬
‫إل ركعتي الصبح( )‪.(2‬‬

‫فهذا دليل على استثناء ركعتي الفجر من هذا النهي ‪ ،‬وكذلك فإن فضيلة ركعتي‬
‫الفجر تساوي إدراك تكبيرةا الحراما ‪ ،‬حيث إنه كلها خأير من الدنيا وما فيها ‪ ،‬كما وردت‬
‫بذلك الحاديث)‪ ، (3‬فينبغي أداء ركعتي الفجر حتى إوان أقيمت الصلةا لكي يحصل‬
‫على الفضيلتين إل أن يخأشى فوات المكتوبة كلها فإنه عندئذ ل يصلي ركعتي الفجر ‪.‬‬

‫وهذا القول قال به ابن مسعود ومسروق والحسن البصري ومجاهد وحماد بن أبي‬
‫سليمان كما حكاه ابن المنذر عنهما )‪.(4‬‬

‫وهو قريب من قول أبي حنيفة حيث قال ‪) :‬إن خأشي أن تفوته ركعة من الفجر في‬
‫جماعة ويدرك ركعة من الفجر صلى الركعتين عند باب المسجد ثما دخأل صلى مع‬
‫القوما ‪ ،‬إوان خأاف أن تفوته الركعتان جميعا صلى مع القوما ولما يصل ركعتين ول‬
‫)‪(5‬‬
‫يقضيهما( ‪.‬‬

‫فالرد على ذلك أن يقال ‪:‬‬

‫‪ – 1‬أن النبي – صلى ال عليه وسلما – نص على عدما جواز فعل ركعتي الفجر عند‬
‫إقامة الصلةا كما في حديث مالك بن بحينة السابق ‪.‬‬

‫)( معالما السنن )‪ ، (2/50‬وانظر ‪ :‬مرقاةا المفاتيح )‪. (3/494‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( أخأرجها البيهيقي )‪. (2/483‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( قال صلى ال عليه وسلما ‪) :‬ركعتا الفجر خأير من الدنيا وما فيها(أخأرجه مسلما )‪. (1/501‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( الوسط )‪. (5/232‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( الصل للشيباني )‪ ، (1/166‬وبدائع الصنائع )‪ ، (1/286‬وتبيين الحقائق )‪. (1/182‬‬ ‫‪5‬‬

‫‪- 53 -‬‬
‫‪ – 2‬أن زيادةا )فل صلةا إل المكتوبة إل ركعتي الفجر( زيادةا ضعيفة كما ذكر البيهقي‬
‫‪ ،‬وبين أن سبب‬ ‫)‪(1‬‬
‫في السنن الكبرى حيث قال ‪) :‬وهذه الزيادةا ل أصل لها(‬
‫الضعف هو وجود راويين ضعيفين وهما حجاج بن نصير وعباد بن كثير‪.‬‬

‫وعن عباد )متروك ‪ :‬قال أحمد ‪ :‬روى‬ ‫)‪(2‬‬


‫قال ابن حجر عن حجاج ‪) :‬ضعيف(‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(3‬‬
‫أحاديث كذب(‬

‫‪ - 3‬أنه قد ورد في السنة أن من لما يدرك ركعتي الفجر قبل صلةا الفجر فإنه يفعلهما‬
‫بعدها أو بعد طلوع الشمس كما ثبت ذلك في عدةا روايات عن النبي – صلى ال‬
‫عليه وسلما – ومنها ‪:‬‬

‫أ ‪ -‬قوله لمن صلى ركعتين بعد الصبح ‪) :‬ما هاتان الركعتان يا قيس؟( قال‪:‬‬
‫)‪(4‬‬
‫إني لما أكن صليت ركعتي الفجر ‪ .‬فسكت رسول ال – صلى ال عليه وسلما ‪.‬‬

‫ب – قوله ‪) :‬من لما يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس( )‪.(5‬‬

‫ج – قوله لرجل صلى بعد صلةا الصبح ركعتين ‪) :‬أصلةا الصبح مرتين؟( قال‬
‫‪ :‬إني لما أكن صليت الركعتين قبلها فصليتهما ‪ ،‬فسكت النبي – صلى ال عليه‬
‫)‪(6‬‬
‫وسلما ‪.‬‬

‫د – ما جاء عن أبي هريرةا – رضي ال عنه – أن النبي – صلى ال عليه وسلما‬


‫)‪(7‬‬
‫– ناما عن ركعتي الفجر فقضاهما بعد ما طلعت الشمس ‪.‬‬

‫)( السنن الكبرى )‪ ، (2/483‬وانظر ‪ :‬الفوائد المجموعة في الحاديث الموضوعة للشوكاني )‪. (33‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( التقريب )‪. (153‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( التقريب )‪. (290‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( أخأرجه أبو داود )‪ ، (1/52‬والترمذي )‪ (2/285‬من حديث قيس بن عمرو ‪ ،‬وصححه أحمد شاكر )‬ ‫‪4‬‬

‫‪. (2/287‬‬
‫)( أخأرجه الترمذي )‪ ، (2/287‬ابن ماجه )‪ (1/365‬من حديث قيس بن عمرو ‪ ،‬وصححه الحاكما )‬ ‫‪5‬‬

‫‪ (1/274‬ووافقه الذهبي ‪ ،‬وصححه اللباني في الصحيحة )‪. (5/478‬‬


‫)( أخأرجه ابن ماجه )‪ (1/365‬من حديث أبي هريرةا ‪ ،‬وصححه اللباني في صحيح ابن ماجه )‪.(1/190‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( أخأرجه ابن المنذر في الوسط )‪. (5/227‬‬ ‫‪7‬‬

‫‪- 54 -‬‬
‫هـ ‪ -‬ما روي عن ابن عمر – رضي ال عنهما – أنه كان يصليهما بعد فرض‬
‫)‪(1‬‬
‫الصبح ‪.‬‬

‫إذا ثبت هذا فل حاجة للستعجال بركعتي الفجر عند القامة حيث وردت السنة‬
‫بفعلهما بعد صلةا الفجر – وال أعلما بالصواب ‪.‬‬

‫‪ – 4‬روى البيهقي عن عمر بن الخأطاب – رضي ال عنه – أنه كان إذا رأى رجل‬
‫يصلي وهو يسمع القامة ضربه ‪ .‬وعن ابن عمر – رضي ال عنهما – أنه‬
‫أبصر رجل يصلي ركعتين والمؤذن يقيما فحصبه وقال ‪) :‬أتصلي الصبح أربعا(‬
‫)‪.(2‬‬

‫وروى ابن المنذر عن ابن عمر – رضي ال عنهما – أنه كان يكره أن يصلي‬
‫ركعتي الفجر والمؤذن يقيما )‪.(3‬‬

‫وروى عبدالرزاق عن مسلما بن عقيل بن أبي طالب أنه كان يقول للناس وهما‬
‫)‪(4‬‬
‫يصلون وقد أقيمت الصلةا ‪) :‬ويلكما ل صلةا إذا أقيمت الصلةا( ‪.‬‬

‫وروى عن إبراهيما وسعيد بن جبير أنهما كانا يكرهان الصلةا عند القامة)‪.(5‬‬

‫وروى عن طاووس أنه قال ‪ :‬إذا أقيمت الصلةا ولما تركع ركعتي الفجر صل مع‬
‫)‪(6‬‬
‫الماما فإذا فرغت اركعهما بعد الصبح ‪.‬‬

‫‪ - 5‬قال ابن تيمية ‪) :‬قد صح عن النبي – صلى ال عليه وسلما – أنه قال ‪) :‬إذا‬
‫‪ ،‬وفي رواية ‪) :‬فل صلةا إل التي‬ ‫)‪(7‬‬
‫أقيمت الصلةا فل صلةا إل المكتوبة(‬
‫‪ ،‬فإذا أقيمت الصلةا فل يشتغل بتحية المسجد ول بسنة الفجر ‪ ،‬وقد‬ ‫)‪(8‬‬
‫أقيمت(‬

‫)( انظر شرح السنة )‪ ، (335 – 3/334‬والوسط )‪. (227-5/226‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( السنن الكبرى )‪ ، (2/483‬وكذا في المصنف لعبدالرزاق )‪. (2/436‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( الوسط )‪. (5/437‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( المصنف )‪. (2/436‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( المصنف )‪. (2/437‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( المصنف )‪. (2/442‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( تقدما تخأريجه ص ‪. 95‬‬ ‫‪7‬‬

‫)( أخأرجه أحمد )‪ (2/352‬من حديث أبي هريرةا ‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪- 55 -‬‬
‫ ولكن تنازعوا في سنة الفجر‬، ‫اتفق العلماء على أنه ل يشتغل عنها بتحية المسجد‬
‫ بل يقضيها إن شاء‬، ‫ والصواب أنه إذا سمع القامة فل يصلي السنة ل في بيته‬:
(1)
. (‫بعد الفرض‬

: ‫ أن يصلي التحية ثما تقاما الصلةا وهو في أثنائها‬: ‫الحال الثانية‬

: ‫اخأتلف الفقهاء في هذه المسألة على ثلثة أقوال‬

‫ – فمنهما من قال إنه إذا أقيمت الصلةا وهو يصلي التحية فإنه يقطعها مباشرةا في‬1
‫ )إذا أقيمت‬: - ‫أي موضع من الصلةا كان لعموما قوله – صلى ال عليه وسلما‬
(2)
. (‫الصلةا فل صلةا إل المكتوبة‬
    
   : ‫ ومنهما من قال إنه ل يقطعها بل يتمها لعموما قوله تعالى‬- 2

.           () 
         :     - 
             
             
( )
.         
:           
()(       ) :      - 
             
            
            
             
( )
.           

. (57-4/56) ‫( و‬3/255) ‫ المجموع‬: ‫ وانظر‬، (23/264) ‫)( مجموع الفتاوى‬ 1

. (3/104) ‫ المحلى‬: ‫ وانظر‬. 55 ‫)( تقدما تخأريجه ص‬ 2

. 33 : ‫ الية‬، ‫)( سورةا محمد‬ 3

‫ فتح‬: ‫ وانظر‬، (95) ‫ وأحكاما حضور المساجد‬، (4/238) ‫ والشرح الممتع‬، (3/501) ‫)( مرعاةا المفاتيح‬ 4

. (2/151) ‫الباري‬
. ‫( من حديث أبي هريرةا‬1/423) ‫( ومسلما‬2/57 ‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح‬ 5

. (4/238) ‫)( الشرح الممتع‬ 6

- 56 -
         ) :  
  ) :             
          () (  
             
.()(    :        
 –              - 
(      ) :   –   
    
    ()    :     ()

             )
()
. (       
    
            
         :    - 
      
      –   –  ()  

   –     –      
()
.          
: 
             
         
:           –   –  
             - 
 () (      ) : -
          : ( ) : 
:             

. ‫ وهو في مسلما كما سبق بلفظ مقارب‬. ‫( من حديث أبي هريرةا‬2/331) ‫)( أخأرجه أحمد‬ 1

. (3/501) ‫)( مرعاةا المفاتيح شرح مشكاةا المصابيح‬ 2

. 55 ‫)( تقدما تخأريجه ص‬ 3

. 33 : ‫ الية رقما‬، ‫)( سورةا محمد‬ 4

. (3/112) ‫)( المحلى‬ 5

. 33 : ‫ الية‬، ‫)( سورةا محمد‬ 6

. (95) ‫ أحكاما حضور المساجد‬: ‫)( انظر فيما سبق‬ 7

‫ وصحح إسناده‬، ‫( من حديث علي‬1/101) ‫ وابن ماجه‬، (1/9) ‫ والترمذي‬، (1/49) ‫)( أخأرجه أبو داود‬ 8

. (2/322) ‫ وابن حجر في الفتح‬، (3/289) ‫النووي‬

- 57 -
              
( )
.    
     –     –       - 
   ) :          
. () (    
       –     –  
          –   
            
           
( )
.  
: 
   (  ) :      - 
          
.
      :  ) :  
            
  –     –   )     
–     –         
( )
(  :   . () (    ) :  
.
     ( ) :       - 
           
  
  :           
        
         ()      
  
 –    :        
:          –   

. (96) ‫)( أحكاما حضور المساجد‬ 1

. ‫( ووافقه الذهبي‬1/184) ‫ وصححه الحاكما‬، ‫( من حديث عائشة‬1/666) ‫)( أخأرجه أبو داود‬ 2

. (96) ‫)( أحكاما حضور المساجد‬ 3

. ‫ رجاله موثقون‬: (2/75) ‫ وقال الهيثمي في المجمع‬، ‫)( أخأرجه الطبراني‬ 4

. (3/97) ‫ ونيل الوطار‬، (3/493) ‫)( مرعاةا المفاتيح‬ 5

. 197 : ‫ الية‬، ‫)( سورةا الحج‬ 6

- 58 -
  ..        () ( )
()
.    
   : ( ) :       - 
      ) :   .
             
( ) ( )
. (    ) :
   (   ) :       - 
              
             
:             
) :  –     –    (  )
   () :   () (    
              
             
              
             
.           
( )

  .()             - 
           ()  
!    :         
 .        :      
              
             

. (1/494) ‫)( الحديث أصله في صحيح مسلما‬ 1

. (494-3/493) ‫)( مرعاةا المفاتيح‬ 2

. 60 ‫)( تقدما تخأريجه ص‬ 3

. (3/98) ‫)( نيل الوطار‬ 4

. (2/117 ‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح‬ 5

. (239-4/238) ‫)( الشرح الممتع‬ 6

. 59 - 58 ‫)( انظر ص‬ 7

. (2/466) ‫)( السنن الكبرى‬ 8

- 59 -
  !!        
( )
.         

. (23/264) ‫ مجموع الفتاوى‬: ‫ وانظر‬، (2/236) ‫)( إرواء الغليل‬ 9

- 60 -
‫المبحث الثاني عاشـر‬

‫التحية في غرفة المسجد‬

‫في كثير من المساجد توجد غرفة في طرف المسجد من الخألف ‪ ،‬وتكون غالبا غرفة‬
‫خأاصة للماما أو للمؤذن ‪ ،‬أو تكون مكتبة تحوي بعض المراجع العلمية المتنوعة ‪ ،‬وقد‬
‫جرى خألف ونقاش حول فعل التحية في هذه الغرفة ‪ ،‬حيث اعتبر البعض هذه الغرفة‬
‫من المسجد فتأخأذ أحكامه ومنها صلةا التحية ‪ ،‬ويرى البعض الخأر أن هذه الغرفة ل‬
‫تأخأذ أحكاما المسجد إذ المسجد يطلق على مكان الصلةا وهذه الغرفة غير مخأصصة‬
‫للصلةا ‪.‬‬

‫وحتى تتضح لنا صورةا المسألة والحكما فيها لبد أول أن نبين معنى المسجد في اللغة‬
‫والصطلح حتى نعرف ما يدخأل فيه وما ل يدخأل فيه ‪ ،‬ومن ثما يتبين لنا حكما الصلةا‬
‫في هذه الغرفة ‪.‬‬

‫المسجد لغة ‪:‬‬

‫قال ابن منظور ‪) :‬المسججد والمسججد ‪ :‬الذي يسجد فيه ‪ .‬وقال الزجاج ‪ :‬كل موضع‬
‫يتعبد فيه فهو مسجد ‪ ..‬وقال ابن العرابي ‪ :‬مسججد بفتح الجيما محراب البيوت ‪،‬‬
‫)‪(1‬‬
‫ومصلى الجماعات مسججد بكسر الجيما ‪ ،‬والمساجد جمعها ‪ .‬والمساجد أيضا الراب‬
‫التي يسجد عليها ‪ ،‬والراب السبعة مساجد ‪ .‬والمسجد اسما جامع حيث سجد عليه ‪.‬‬
‫والمسجد من الرض موضع السجود نفسه ( )‪.(2‬‬

‫وقال الزركشي ‪) :‬المسجد لغة مفجعل بالكسر اسما لمكان السجود ‪ ،‬وبالفتح اسما‬
‫للمصدر ‪ ..‬قال في الصحاح ‪ :‬والمسججد بالفتح جبهة الرجل حيث يصيبه السجود()‪. (3‬‬

‫)( الراب جمع إرب وهو العضو فالراب هي العضاء ‪ ،‬مخأتار الصحاح )‪ ، (5‬والمصباح المنير )‪ (4‬مادةا‬ ‫‪1‬‬

‫)أرب( ‪.‬‬
‫)( لسان العرب )‪ ، (3/204‬والكليات )‪ ، (871‬والمصباح المنير )‪ (101‬مادةا )سجد( ‪.‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( إعلما الساجد بأحكاما المساجد )‪. (26‬‬ ‫‪3‬‬

‫‪- 61 -‬‬
‫المسجد شرعا ‪:‬‬

‫المسجد شرعا هو بيت الصلةا)‪ ، (1‬وعبارات العلماء – رحمهما ال تعالى – متقاربة‬


‫في تعريفه ‪:‬‬
‫)‪(2‬‬
‫قال النووي ‪) :‬المسجد اسما الموضع المتخأذ مسجدا( ‪.‬‬
‫)‪(3‬‬
‫وقال الراغب ‪) :‬المسجد موضع الصلةا اعتبا ار بالسجود( ‪.‬‬
‫)‪(4‬‬
‫وقال البعلي ‪) :‬المسجد المكان المتخأذ للصلةا( ‪.‬‬

‫وقال الرازي ‪) :‬المساجد المواضع التي بنيت للصلةا وذكر ال( )‪.(5‬‬
‫)‪(6‬‬
‫وقال الشوكاني ‪) :‬المساجد المواضع التي بنيت للصلةا فيها( ‪.‬‬
‫)‪(7‬‬
‫وقال المباركفوري ‪) :‬المسجد شرعا المحل الموقوف للصلةا فيه( ‪.‬‬

‫وقال الزركشي ‪) :‬وأما شرعا فكل موضع من الرض لقوله صلى ال عليه وسلما ‪:‬‬
‫‪ ..‬إلى أن قال ‪ :‬ولما كان السجود أشرف أفعال الصلةا‬ ‫)‪(8‬‬
‫)جعلت لي الرض مسجدا(‬
‫لقرب العبد من ربه اشتق اسما المكان منه فقيل ‪ :‬مسجد ولما يقولوا ‪ :‬مركع ‪ ،‬ثما إن‬
‫العرف خأصص المسجد بالمكان المهيأ للصلوات الخأمس حتى يخأرج المصلي المجتمع‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(9‬‬
‫فيه للعياد ونحوها فل يعطى حكمه(‬

‫مما سبق يتبين لنا أن العلماء متفقون في تعريف المسجد بأنه المكان المهيأ لداء‬
‫الصلوات الخأمس فيه ‪ ،‬فكل مكان حد بحدود معروفة وععد ليكون موضعا للصلةا فإنه‬
‫مسجد يأخأذ أحكاما المساجد ‪ ،‬وعلى هذا فإن ما يقع خأارج هذه الحدود ل يعتبر مسجدا ‪،‬‬

‫)( المصباح المنير )‪ (101‬مادةا )سجد( ‪ ،‬وأنيس الفقهاء )‪ ، (92‬والمغرب )‪. (1/384‬‬ ‫‪1‬‬

‫)( تحرير ألفاظ التنبيه )‪. (40‬‬ ‫‪2‬‬

‫)( المفردات )‪. (224‬‬ ‫‪3‬‬

‫)( المطلع على أبواب المقنع )‪. (16‬‬ ‫‪4‬‬

‫)( التفسير الكبير )‪. (30/162‬‬ ‫‪5‬‬

‫)( فتح القدير )‪. (5/309‬‬ ‫‪6‬‬

‫)( مرعاةا المفاتيح شرح مشكاةا المصابيح )‪. (2/393‬‬ ‫‪7‬‬

‫)( أخأرجه البخأاري )الفتح ‪ ، (1/435‬ومسلما )‪ (1/370‬من حديث جابر واللفظ للبخأاري ‪.‬‬ ‫‪8‬‬

‫)( إعلما الساجد )‪. (28-27‬‬ ‫‪9‬‬

‫‪- 62 -‬‬
‫وكذلك لو وجد مكان في حدود المسجد ولكنه غير مهيأ للصلةا فل يأخأذ حكما المسجد‬
‫لن المسجد هو ما كان مهيأ للصلةا وهذا المكان كالغرفة الموجودةا في ناحية المسجد ‪:‬‬
‫غير مهيأ للصلةا إوانما لغراض أخأرى مثل أن تكون سكنا للمؤذن أو مكتبة للماما أو‬
‫مكانا لكتابة عقود الزواج ونحو ذلك ‪.‬‬

‫ومما يدل على ذلك ما جاء عن الماما النووي – رحمه ال تعالى – حيث يقول‪) :‬لو‬
‫دخأل المؤذن المعتكف إلى حجرةا مهيأةا للسكنى بجانب المسجد وبابها إلى المسجد بطل‬
‫‪،‬‬ ‫)‪(1‬‬
‫اعتكافه بل خألف ‪ ،‬صرح بالتفاق إماما الحرمين قال ‪ :‬إوانما قلنا ما قلنا في المنارةا‬
‫‪.‬‬ ‫)‪(2‬‬
‫لنها مبنية لقامة شعائر المسجد(‬

‫وهذا يدل على أن الحجرةا التي ذكرها النووي ل تعتبر من المسجد ولذلك بطل‬
‫اعتكاف المؤذن بدخأوله إليها حيث أنها ليست من المسجد ‪ ،‬والتعليل لذلك أنها مهيأةا‬
‫للسكنى ل لقامة شعائر المسجد ‪.‬‬

‫وبعد أن ذكرنا تعريف العلماء للمسجد يتضح لنا أن الغرفة التي تبنى في طرف‬
‫المسجد للماما أو للمؤذن أو للمكتبة ‪ ،‬ل تأخأذ أحكاما المسجد لنها لما تعد ولما تهيأ‬
‫للصلةا فيه ‪ ،‬ولذلك ل يشرع لمن دخألها أن يصلي تحية المسجد بل يجلس ول شيء‬
‫عليه – وال أعلما بالصواب ‪.‬‬

‫)( يعني النووي – رحمه ال تعالى – ما ذكره من أن خأروج المؤذن لكي يؤذن في المنارةا الخأارجة عن رحبة‬ ‫‪1‬‬

‫المسجد يجوز ول يبطل اعتكافه بهذا الخأروج ‪ .‬المجموع )‪. (6/505‬‬


‫)( المجموع )‪. (6/509‬‬ ‫‪2‬‬

‫‪- 63 -‬‬
‫الخاتمـة‬

‫في نهاية البحث توصلت إلى نتائج هي خألصة البحث ‪:‬‬

‫)‪ (1‬أهمية البحث في مسألة تحية المسجد حيث إنها مسألة تتعلق بركن من أركان‬
‫السلما وهو الصلةا ‪.‬‬

‫)‪ (2‬أن حكما تحية المسجد هو الوجوب لظاهر الدلة الصحيحة الصريحة ‪ ،‬وهو‬
‫خألف قول الجمهور ‪.‬‬

‫)‪ (3‬أن التحية لمريد الجلوس ل لمجرد الدخأول ‪.‬‬

‫)‪ (4‬أن التحية ل تفوت بالجلوس ‪ ،‬فللجالس أن يتدارك ويقوما ليصلي التحية ‪.‬‬

‫)‪ (5‬أن تحية المسجد تتكرر بتكرر الدخأول إلى المسجد ‪.‬‬

‫)‪ (6‬أن التحية تسقط بالفرض ‪ ،‬وكذا بالسنة ‪ ،‬إل أن تكون وت ار ركعة واحدةا فل تتأدى‬
‫بها ‪.‬‬

‫)‪ (7‬أن تحية المسجد الحراما كغيره من المساجد هي تحية المسجد ‪.‬‬

‫)‪ (8‬مشروعية صلةا التحية عند دخأول المسجد والماما يخأطب خأطبة الجمعة ‪.‬‬

‫)‪ (9‬مشروعية صلةا التحية في أوقات النهي ‪.‬‬

‫)‪ (10‬مشروعية التحية وقت أذان خأطبة الجمعة للتفرغ لسماع الخأطبة ‪ ،‬وفي غير أذان‬
‫الجمعة يشرع النتظار والترديد وراء المؤذن ثما صلةا التحية جمعا بين الفضلين‬
‫‪.‬‬

‫)‪ (11‬أن التحية ل تفعل وقد أقيمت الصلةا ‪ ،‬فإن أقيمت الصلةا أثناء صلةا التحية‬
‫فإن كان المصلي في الركعة الولى قطع الصلةا ‪ ،‬إوان كان في الثانية أكملها‬
‫خأفيفة ليدرك تكبيرةا الحراما ‪.‬‬

‫)‪ (12‬أن غرفة المسجد التي تتخأذ للمكتبة أو للمؤذن أو لغيرها من المور التي ل‬
‫تتعلق بالصلةا ل تأخأذ حكما المسجد فل تشرع التحية فيها ‪.‬‬

‫‪- 64 -‬‬
‫فهرس بأهم المصادر والمراجع‬

‫أولل ‪ :‬القرآن الكريم ‪:‬‬

‫ثانيال ‪ :‬كتب التفسير وعلومه ‪:‬‬

‫الجامع لحكاما القرآن ‪ :‬لبي عبدال محمد بن أحمد النصاري القرطبي – دار‬ ‫] ‪[1‬‬
‫الكتب العلمية – بيرون – الطبعة الولى ‪1408 -‬هـ ‪1988 -‬ما ‪.‬‬

‫تفسير القرآن العظيما ‪ :‬لبي الفداء إسماعيل بن كثير القرشي الدمشقي – دار‬ ‫] ‪[2‬‬
‫الفكر – بيروت ‪1401 - -‬هـ ‪1981 -‬ما ‪.‬‬

‫التفسير الكبير ‪ :‬للماما الفخأر الرازي – دار إحياء التراث العربي – بيروت ‪.‬‬ ‫] ‪[3‬‬

‫فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علما التفسير ‪ :‬لمحمد بن علي‬ ‫] ‪[4‬‬
‫بن محمد الشوكاني – دار المعرفة – بيروت ‪.‬‬

‫ثالثال ‪ :‬كتب الحديث وشروحه ‪:‬‬

‫سنن ابن ماجة ‪ :‬للحافظ أبي عبدال محمد بن يزيد القزويني ابن ماجة –‬ ‫] ‪[5‬‬
‫تحقيق – محمد فؤاد عبدالباقي – المكتبة العلمية – بيروت ‪.‬‬

‫سنن أبي داود ‪ :‬للحافظ سليمان بن الشعث السجستاني ‪ ،‬ومعه معالما السنن ‪:‬‬ ‫] ‪[6‬‬
‫للخأطابي – تحقيق ‪ :‬عزت عبيد الدعاس وعادل السيد – دار الحديث –‬
‫حمص – سورية ‪.‬‬

‫سنن الترمذي ‪ :‬لبي عيسى محمد بن عيسى بن سورةا الترمذي – تحقيق ‪:‬‬ ‫] ‪[7‬‬
‫أحمد شاكر – دار الكتب العلمية – بيروت ‪.‬‬

‫السنن الكبرى ‪ :‬لبي بكر محمد بن الحسين بن علي البيهقي – دار الفكر –‬ ‫] ‪[8‬‬
‫بيروت ‪.‬‬

‫‪- 65 -‬‬
‫سنن النسائي بشرح الحافظ جلل الدين السيوطي وحاشية السندي – تحقيق ‪:‬‬ ‫] ‪[9‬‬
‫عبدالفتاح أبو غدةا – دار البشائر السلمية – بيروت – الطبعة الثالثة –‬
‫‪1409‬هـ ‪1988 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [10‬شرح معاني الثار ‪ :‬لبي جعفر أحمد بن محمد بن سلمة الطحاوي – تحقيق‬
‫‪ :‬محمد زهري النجار – دار الكتب العلمية – بيروت – الطبعة الثانية –‬
‫‪1407‬هـ ‪1987 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [11‬صحيح البخأاري )الجامع المسند من حديث رسول ال – صلى ال عليه وسلما‬


‫– وسننه وايامه( ‪ :‬لبي عبدال محمد بن إسماعيل البخأاري – المطبعة السلفية‬
‫– القاهرةا – الطبعة الولى – ‪1400‬هـ ‪.‬‬

‫] ‪ [12‬صحيح مسلما ‪ :‬لبي الحسين مسلما بن حجاج القشيري النيسابوري – تحقيق ‪:‬‬
‫محمد فؤاد عبدالباقي – دار إحياء الكتب العربية – القاهرةا ‪.‬‬

‫] ‪ [13‬فتح الباري شرح صحيح البخأاري ‪ :‬لبن حجر العسقلني – ترقيما ‪ :‬محمد فؤاد‬
‫عبدالباقي – دار المعرفة – بيروت ‪.‬‬

‫] ‪ [14‬مجمع الزوائد ومنبع الفوائد ‪ :‬لنور الدين الهيثمي – دار الكتاب العربي –‬
‫بيروت – الطبعة الثالثة – ‪1402‬هـ ‪1982 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [15‬المستدرك على الصحيحين ‪ :‬لبي عبدال الحاكما النيسابوري ‪ ،‬وبذيله‬


‫التلخأيص ‪ :‬للحافظ الذهبي – دار المعرفة – بيروت ‪.‬‬

‫] ‪ [16‬نصب الراية لحاديث الهداية ‪ :‬لجمال الدين محمد بن عبدال الزيلعي – دار‬
‫المأمون – القاهرةا – الطبعة الولى – ‪1357‬هـ ‪.‬‬

‫] ‪ [17‬نيل الوطار شرح منتقى الخأبار من أحاديث سيد الخأيار ‪ :‬لمحمد بن علي‬
‫الشوكاني – مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر – الطبعة الخأيرةا‬
‫‪.‬‬

‫‪- 66 -‬‬
‫رابعال ‪ :‬كتب الفقه ‪:‬‬

‫أ – الفقه الحنفي ‪:‬‬

‫] ‪ [18‬إعلء السنن ‪ :‬لمحمد أشرف علي التهانوي – من منشورات إدارةا القرآن والعلوما‬
‫السلمية – كراتشي – باكستان ‪.‬‬

‫] ‪ [19‬بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع ‪ :‬لعلء الدين أبي بكر بن مسعود الكاساني –‬
‫دار الكتب العلمية – بيروت – الطبعة الثانية – ‪1406‬هـ ‪1986‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [20‬تبيين الحقائق شرح كنز الدقائق ‪ :‬لفخأر الدين عثمان بن علي الزيلعي – دار‬
‫الكتاب السلمي – مطابع الفاروق الحديثة – القاهرةا – الطبعة الثانية‪.‬‬

‫] ‪ [21‬رد المحتار على الدر المخأتار )حاشية ابن عابدين( – دار إحياء التراث‬
‫العربي – بيروت ‪.‬‬

‫] ‪ [22‬فتح القدير على الهداية ‪ :‬لكمال الدين محمد بن عبدالواحد – المعروف بابن‬
‫الهماما – دار الفكر – بيروت – الطبعة الثانية ‪.‬‬

‫ب – الفقه المالكي ‪:‬‬

‫] ‪ [23‬الستذكار الجامع لمذاهب فقهاء المصار وعلماء القطار فيما تضمنه الموطأ‬
‫من معاني الرأي والثار وشرح ذلك كله باليجاز والخأتصار ‪ :‬للحافظ أبي‬
‫عمر يوسف بن عبدال بن عبدالبر النمري – تحقيق ‪ :‬د‪.‬عبدالمعطي قلعجي –‬
‫مؤسسة الرسالة – بيروت ‪.‬‬

‫] ‪ [24‬أوجز المسالك إلى موطأ مالك ‪ :‬لمحمد زكريا الكاندهلوي – دار الفكر –‬
‫بيروت – ‪1400‬هـ ‪1980 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [25‬بداية المجتهد ونهاية المقتصد ‪ :‬للقاضي أبي الوليد بن رشد القرطبي – تحقيق‬
‫‪ :‬عبدالحليما محمد عبدالحليما – دار الكتب السلمية – مصر – الطبعة الثانية‬
‫– ‪1304‬هـ ‪1983 -‬ما ‪.‬‬

‫‪- 67 -‬‬
‫] ‪ [26‬بلغة السالك لقرب المسالك إلى مذهب الماما مالك ‪ :‬لحمد بن محمد الصاوي‬
‫– على الشرح الصغير ‪ :‬للدردير – مكتبة ومطبعة البابي الحلبي – مصر –‬
‫الطبعة الخأيرةا ‪1372‬هـ ‪1952 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [27‬جواهر الكليل شرح مخأتصر خأليل ‪ :‬لصالح عبدالسميع البي الزهري – دار‬
‫المعرفة – بيروت ‪.‬‬

‫] ‪ [28‬حاشية الدسوقي على الشرح الكبير ‪ :‬لشمس الدين محمد بن عرفة الدسوقي –‬
‫دار الفكر – بيروت ‪.‬‬

‫] ‪ [29‬شرح الخأرشي على مخأتصر خأليل ‪ :‬لمحمد الخأرشي المالكي – دار الفكر –‬
‫بيروت ‪.‬‬

‫] ‪ [30‬الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني ‪ :‬لحمد بن غنيما بن سالما بن‬
‫مهنا النفراوي – مكتبة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي – الطبعة الثالثة –‬
‫‪1374‬هـ ‪1955 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [31‬قوانين الحكاما الشرعية ومسائل الفروع الفقهية ‪ :‬لمحمد بن أحمد بن جزي‬


‫الغرناطي – دار العلما للمليين – بيروت – ‪1974‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [32‬المعونة على مذهب عالما المدينة ‪ :‬للقاضي عبدالوهاب البغدادي – تحقيق ‪:‬‬
‫د‪ .‬حميش عبدالحق – مكتبة نزار مصطفى الباز – مكة – الطبعة الولى –‬
‫‪1415‬هـ ‪1995‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [33‬المنتقى شرح موطأ الماما مالك بن أنس ‪ :‬لبي الوليد سليمان بن خألف الباجي‬
‫– دار الكتاب العربي – بيروت – الطبعة الولى – ‪1332‬هـ ‪ -‬مطبعة‬
‫السعادةا – بمصر ‪.‬‬

‫] ‪ [34‬مواهب الجليل شرح مخأتصر خأليل ‪ :‬لمحمد بن محمد بن عبدالرحمن المغربي‬


‫‪ ،‬المعروف بالحطاب – دار الفكر – بيروت – الطبعة الثانية – ‪1398‬هـ ‪-‬‬
‫‪1978‬ما ‪.‬‬

‫‪- 68 -‬‬
‫ج – الفقه الشافعي ‪:‬‬

‫] ‪ [35‬حاشية الجمل على شرح المنهج ‪ :‬لسليمان الجمل – مؤسسة التاريخ العربي –‬
‫دار إحياء التراث العربي – بيروت ‪.‬‬

‫] ‪ [36‬حاشية شهاب الدين أحمد بن أحمد بن سلمة القليوبي ‪ ،‬وشهاب الدين أحمد‪،‬‬
‫الملقب بعميرةا ‪ ،‬على شرح جلل الدين محمد بن أحمد المحلي على منهاج‬
‫الطالبين للنووي – مطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر – الطبعة الثالثة –‬
‫‪1375‬هـ ‪1956 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [37‬الحاوي الكبير شرح مخأتصر المزني ‪ :‬لبي الحسين على بن محمد بن حبيب‬
‫الماوردي – تحقيق ‪ :‬علي محمد معوض وعادل أحمد عبدالموجود – مكتب‬
‫دار الباز – مكة – دار الكتب العلمية – بيروت – الطبعة الولى – ‪1414‬هـ‬
‫‪1994 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [38‬حلية العلماء في معرفة مذاهب الفقهاء ‪ :‬لسيف الدين أبي بكر محمد بن أحمد‬
‫الشاشي القفال – تحقيق ‪ :‬د‪ .‬ياسين أحمد إبراهيما – مكتبة الرسالة الحديثة –‬
‫عمان – الطبعة الولى – ‪1988‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [39‬روضة الطالبين ‪ :‬لبي زكريا يحيى بن شرف النووي – تحقيق ‪ :‬عادل‬


‫عبدالموجود وعلي محمد معوض – دار الكتب العلمية – بيروت – الطبعة‬
‫الولى – ‪1412‬هـ ‪1992 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [40‬المجموع شرح المهذب ‪ :‬لبي زكريا يحيى بن شرف النووي – دار الفكر –‬
‫بيروت ‪.‬‬

‫] ‪ [41‬مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج ‪ :‬لمحمد الشربيني الخأطيب –‬
‫شركة ومطبعة مصطفى البابي الحلبي – مصر ‪1377‬هـ ‪1958 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [42‬نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج ‪ :‬لشمس الدين محمد بن أبي العباس الرملي ‪،‬‬
‫الشهير بالشافعي الصغير – دار الفكر – بيروت – الطبعة الخأيرةا – ‪1404‬هـ‬
‫‪1984 -‬ما ‪.‬‬

‫‪- 69 -‬‬
‫د – الفقه الحنبلي ‪:‬‬

‫] ‪ [43‬إعلما الموقعين عن رب العالمين ‪ :‬لشمس الدين أبي بكر محمد بن أبي بكر ن‬
‫المعروف بابن قيما الجوزية – تعليق ‪ :‬طه عبدالرؤوف سعد – مكتبة الكليات‬
‫الزهرية – القاهرةا – ‪1388‬هـ ‪1968 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [44‬النصاف في معرفة الراجح من الخألف على مذهب الماما أحمد بن حنبل‪:‬‬


‫لعلء الدين علي بن سليمان المرداوي – تحقيق ‪ :‬محمد حامد الفقي – دار‬
‫إحياء التراث العربي – بيروت – الطبعة الثانية – ‪1406‬هـ ‪1986 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [45‬الروض المربع شرح زاد المستقنع ‪ :‬لمنصور بن يونس البهوتي – تخأريج‪:‬‬


‫عبدالقدوس محمد نذير – دار المؤيد – مؤسسة الرسالة – بيروت – الطبعة‬
‫الولى – ‪1417‬هـ ‪1996 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [46‬كشاف القناع عن متن القناع ‪ :‬لمنصور بن يونس البهوتي – عالما الكتب –‬


‫بيروت ‪.‬‬

‫] ‪ [47‬المبدع في شرح المقنع ‪ :‬لبي إسماعيل برهان الدين إبراهيما بن محمد بن مفلح‬
‫– المكتب السلمي – بيروت – ‪1980‬هـ ‪.‬‬

‫] ‪ [48‬مجموع فتاوى ابن تيمية ‪ :‬جمع وترتيب عبدالرحمن بن قاسما النجدي – دار‬
‫عالما الكتب – الرياض – ‪1412‬هـ ‪1991 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [49‬المحرر في الفقه على مذهب الماما أحمد بن حنبل ‪ :‬لمجد الدين أبي البركات‬
‫– مكتبة المعارف – الرياض – الطبعة الثانية – ‪1404‬هـ ‪1984 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [50‬مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى ‪ :‬لمصطفى السيوطي الرحيباني –‬


‫المكتب السلمي – بيروت – الطبعة الثانية – ‪1415‬هـ ‪1994 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [51‬المغني في فقه الماما أحمد بن حنبل ‪ :‬لبن قدامة المقدسي – دار الفكر –‬
‫بيروت – الطبعة الولى – ‪1405‬هـ ‪1985 -‬ما ‪.‬‬

‫‪- 70 -‬‬
‫هـ ‪ -‬الفقه الظاهري ‪:‬‬

‫] ‪ [52‬المحلى ‪ :‬لبي محمد بن أحمد بن سعيد بن حزما – تحقيق ‪ :‬أحمد شاكر – دار‬
‫التراث – القاهرةا ‪.‬‬

‫خامسال ‪ :‬كتب أصول الفقه ‪:‬‬

‫] ‪ [53‬الحكاما في أصول الحكاما ‪ :‬لعلي بن محمد المدي – تعليق ‪ :‬عبدالرزاق‬


‫عفيفي – المكتب السلمي – بيروت – الطبعة الثانية – ‪1402‬هـ ‪.‬‬

‫] ‪ [54‬إرشاد الفحول إلى تحقيق الحق من علما الصول ‪ :‬لمحمد بن علي الشوكاني –‬
‫دار المعرفة – بيروت ‪.‬‬

‫] ‪ [55‬التلويح على التوضيح لمتن التنقيح ‪ :‬لسعد الدين مسعود بن التفتازاني – دار‬
‫الكتب العلمية – بيروت ‪.‬‬

‫] ‪ [56‬روضة الناظر وجنة المناظر ‪ :‬لبي محمد عبدال بن أحمد بن قدامة المقدسي‬
‫– مكتبة المعارف – الرياض – الطبعة الثانية – ‪1402‬هـ ‪1982 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [57‬شرح تنقيح الفصول في اخأتصار المحصول في الصول ‪ :‬لشهاب الدين أبي‬


‫العباس أحمد بن إدريس القرافي – دار الفكر – بيروت – تحقيق ‪ :‬طه‬
‫عبدالرؤوف سعد – الطبعة الولى – ‪1393‬هـ ‪1973 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [58‬شرح الكوكب المنير ‪ ،‬المسمى بمخأتصر التحرير في أصول الفقه ‪ :‬لمحمد بن‬
‫أحمد الفتوحي ‪ ،‬المعروف بابن النجار – تحقيق ‪ :‬الدكتور محمد الزحيلي ‪،‬‬
‫والدكتور نزيه حماد – دار الفكر – دمشق – ‪1400‬هـ ‪1980 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [59‬المستصفى من علما الصول ‪ :‬لبي حامد الغزالي ‪ ،‬وبذيله فواتح الرحموت‬


‫بشرح مسلما الثبوت ‪ :‬لعبدالعلي بن نظاما الدين النصاري – الطبعة الولى –‬
‫المطبعة الميرية ببولق – ‪1322‬هـ ‪ -‬دار صادر – بيروت ‪.‬‬

‫] ‪ [60‬الموافقات في أصول الشريعة لبي إسحاق إبراهيما بن موسى الشاطبي – شرح‬


‫‪ :‬عبدال دراز – مكتبة الرياض الحديثة – الرياض ‪.‬‬

‫‪- 71 -‬‬
‫سادسال ‪ :‬كتب القواعد الفقهية ‪:‬‬

‫] ‪ [61‬الشباه والنظائر على مذهب أبي حنيفة النعمان ‪ :‬لبن نجيما – دار الكتب‬
‫العلمية – بيروت – ‪1405‬هـ ‪1985 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [62‬الشباه والنظائر في قواعد وفروع الشافعية ‪ :‬لجلل الدين السيوطي – مكتبة‬


‫ومطبعة مصطفى البابي الحلبي – الطبعة الخأيرةا – ‪1389‬هـ ‪1959 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [63‬القواعد في الفقه السلمي ‪ :‬لبي الفرج عبدالرحمن بن رجب الحنبلي – دار‬


‫الجيل – بيروت – الطبعة الثانية – ‪1408‬هـ ‪1988 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [64‬المنثور في القواعد ‪ :‬لبدر الدين محمد بن بهادر الزركشي – تحقيق ‪ :‬الدكتور‬


‫تيسير فائق – شركة دار الكويت للصحافة – الكويت – وزارةا الوقاف والشئون‬
‫السلمية – الطبعة الثانية – ‪1405‬هـ ‪1986 -‬ما ‪.‬‬

‫سابعال ‪ :‬كتب اللغة ‪:‬‬

‫] ‪ [65‬أنيس الفقهاء في تعريفات اللفاظ المتداولة بين الفقهاء ‪ :‬للشيخ قاسما القونوي –‬
‫تحقيق الدكتور أحمد الكبيسي – دار الوفاء – جدةا – الطبعة الولى –‬
‫‪1206‬هـ ‪1986 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [66‬تحرير ألفاظ التنبيه ‪ :‬ليحيى بن شرف النووي – تحقيق ‪ :‬عبدالغني الدقر –‬


‫دار القلما – دمشق – الطبعة الولى – ‪1408‬هـ ‪1988 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [67‬الكليات معجما المصطلحات والفروق اللغوية ‪ :‬لبي البقاء أيوب بن موسى‬


‫الحسيني الكفوي – تحقيق ‪ :‬الدكتور عدنان درويش – مؤسسة الرسالة –‬
‫بيروت – الطبعة الثانية ‪1413‬هـ ‪1993 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [68‬لسان العرب ‪ :‬لبي الفضل جمال الدين محمد بن محرما بن منظور الفريقي‬
‫المصري – دار صادر – بيروت ‪.‬‬

‫‪- 72 -‬‬
‫] ‪ [69‬المصباح المنير ‪ :‬لحمد بن محمد بن علي الفيومي المقري – مكتبة لبنان –‬
‫بيروت ‪.‬‬

‫] ‪ [70‬المطلع على أبواب المقنع ‪ :‬لبي عبدال شمس الدين محمد بن أبي الفتح‬
‫البعلي الحنبلي – المكتب السلمي – بيروت – ‪1401‬هـ ‪1981 -‬ما ‪.‬‬

‫] ‪ [71‬المعجما الوسيط ‪ :‬للدكتور أنيس والدكتور عبدالحليما منتصر وعطية الصوالحي‬


‫ومحمد خألف ال – الطبعة الثانية – القاهرةا ‪.‬‬

‫‪- 73 -‬‬
‫فهرس الموضوعات‬

‫الصفحة‬ ‫الموضـــــــــوع‬

‫‪2‬‬ ‫تمهيــد‬

‫‪4‬‬ ‫المبحث الول ‪ :‬معنى تحية المسجد‬

‫‪7‬‬ ‫المبحث الثاني ‪ :‬حكم تحية المسجد‬

‫‪14‬‬ ‫المبحث الثالث ‪ :‬هل التحية بمجرد الدخول أو لمريد الجلوس ؟‬

‫‪19‬‬ ‫المبحث الرابع ‪ :‬هل تفوت التحية بالجلوس ؟‬

‫‪23‬‬ ‫المبحث الخامس ‪ :‬تكرر التحية بتكرر الدخول‬

‫‪26‬‬ ‫المبحث السادس ‪ :‬هل تسقط التحية بالفرض والسنة ؟‬

‫‪31‬‬ ‫المبحث السابع ‪ :‬تحية المسجد الحرام‬

‫‪36‬‬ ‫المبحث الثامن ‪ :‬التحية أثناء خطبة الجمعة‬

‫‪43‬‬ ‫المبحث التاسع ‪ :‬فعل التحية وقت النهي‬

‫‪51‬‬ ‫المبحث العاشر ‪ :‬التحية وقت الذان‬

‫‪55‬‬ ‫المبحث الحادي عشر ‪ :‬التحية وقت إقامة الصلةا‬

‫‪66‬‬ ‫المبحث الثاني عشر ‪ :‬التحية في غرفة المسجد‬

‫‪69‬‬ ‫الخاتمـــة‬

‫‪70‬‬ ‫فهرس المصادر‬

‫‪79‬‬ ‫فهرس الموضوعات‬

‫‪- 74 -‬‬

You might also like