نشأة الفلسفة محطات من تاريخ الفلسفة منطق الفلسفة الفلسفة والقيم

You might also like

Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 5

‫مجزوءة الفلسفة‬

‫ﻣﻮﻗﻊ‪ ‬ﻗﻠﻤﻲ‬
‫المحور الول ‪ :‬نشأة الفلسفة ‪:‬‬
‫تقديم إشكالي ‪:‬‬
‫الفلسفة أو )فيلوسوفيا(‪...‬أين ظهرت؟ ومتى ظهرت؟ لماذا ظههرت فهي ههذا البلهد وليههس فهي ذاك؟ لمههاذا فهي ههذا‬
‫الزمان دون غيره من الزمنة؟ ماهي الشروط التي ساهمت في بروز هذا النمط مههن التفكيههر وفههي انتشههاره؟ وكيههف تههم‬
‫النتقال من التفكير السطوري إلى التفكير الفلسفي؟ ثم ما هو الجديد الذي حملته الفلسفة بصههفة عامههة معههها بالقيههاس‬
‫إلى أنواع التفكير التي كانت سائدة آنذاك؟‬
‫كيف نفسر فعل نشأة الفلسفة وانتشارها؟ هل بالحروب أم بالهجرات؟ أم بالثقافة السههائدة آنههذاك؟ أم بشههكل النظههام‬
‫السياسي والقاتصادي؟ أم ببنية المدينة اليونانية وخصوصيات تركيبتها؟ أم ماذا؟‬
‫يتكون إطهار نشهأة الفلسهفة مهن ثلثهة مجهالت ههي "اللغهة" و "المكهان" و "الزمهان" وترتبهط ه ذه المجهالت‬
‫باليونان القديمة‪ ،‬ففي بلد اليونان‪ ،‬وفي بداية القرن السادس قابل الميلد‪ ،‬وفي المدينتين أثينا وملطية اليونانيتين ظهر‬
‫بعض المفكرين الذين لم يهتموا بالحداث والمظاهر ولكن بالمبههادئ الكامنههة وراء مختلههف الشههياء‪ ،‬وكههان يطلههق علههى‬
‫هؤلء اسم حكماء طبيعيين‪.‬‬
‫هؤلء الحكماء الطبيعيون الذين اندهشوا من التغير الذي يطرأ على الشياء‪ ،‬المهر الهذي دفعههم إلهى البحهث ع ن‬
‫طبيعة تلك المبادئ بإرجاع المتعدد إلى الواحد والمتغير الى الثابت وهذا ما حاول‪.‬نيتشه أن يبرزه في النص ص ‪.15‬‬
‫إل أن صفة الحكمة ل تنحصر في الحضارات اليونانية وحدها‪ ،‬بل سبقتها إلى ذلك حضههارات وشههعوب أخههرى فههي‬
‫الشرق القههديم )الصهين‪ ،‬الهنهد‪ .(...‬غيهر أن تلهك الحكمههة ارتبطههت عنهدهم بالسههاطير والمقدسهات الدينيهة فقهط‪ ،‬وليههس‬
‫بالطبيعة كما حصل عند حكماء اليونان الوائل‪ ،‬كان أول هؤلء طاليس الملطي‪ ...‬الههذي أرجههع أصههل الشههياء كلههها إلههى‬
‫عنصر واحد هو الماء‪ ،‬أما بالنسبة لنكسماندر فقد اعتبر "اللنهائي" هو العنصر الولي فههي الطبيعههة‪ ،‬أمهها أنكسههماس‬
‫فقد قاال بالهواء‪ ،‬في حين قاال هيراقاليطس بالنار كعنصر أولي‪ ...‬وهكذا فمنذ بداية ظهور الحكمههة‪ ،‬يسههتبين أنههها جههاءت‬
‫معارضة للساطير المفسرة لصل العالم‪ ،‬لذا قادمت نفسها على شكل علم ومعرفة حقيقيهة بالطبيعهة‪ ،‬ههذه المعرفهة ههي‬
‫التي سمحت للنسان أن يحتل مكانه الحقيقي بين اللهة والحيوانات في قالب العناصر الطبيعية‪...‬وفي القرن الرابع قابههل‬
‫الميلد سيتم النتقال من الحكمة إلى الفلسفة مع سقراط الذي يرجع إليه الفضل في إرساء أسس التفكير الفلسفي القائم‬
‫على الحوار التوليدي‪.‬‬
‫ورغم أن سقراط لم يخلف أثرا مكتوبا‪ ،‬إل أن أفلطون احد تلمذته هو الذي خلده من خلل محاوراته الشهيرة‪.‬‬
‫وهكذا جاءت الفلسفة فهي بهدايتها الولهى ف ي القهرن السهادس قابهل الميلد لمعارضهة ومواجههة السهطورة ليحهل‬
‫اللوغوس ‪) Logos‬وهو كلمة يوناني ة تعن ي الخط اب‪ ،‬المب دأ‪ ،‬العق ل والعل م( مح ل الميت وس ‪) Mythos‬وه و كلم ة‬
‫يونانية تعني السطورة(‪ ،‬وهكذا سيحل اللوغوس الذي يستعمل البرهان من خلل توظيف الحجة محههل الميتههوس الههذي‬
‫يستعمل فيه السرد الخيالي‪ .‬فاللوغوس ظهر بشكل بارز مع ظهور الخطاب المكتههوب الههذي يعتمههد العقلنيههة والصههرامة‬
‫المنطقية والحجة والبرهان وهذا ما يذهب إلى تأكيده جون بيي ر فرن ان‪ .‬بالضهافة إل ى ههذه العوامهل هنهاك عامهل آخهر‬
‫أساسي في ظهور نظام سياسي هو نظام الدولة المدينة حيث كانت تعتبر الساحة العمومية ‪ Agora‬قالبها النابض‪.‬‬
‫وفي هذه الساحة كان اللقاء يتم بين المواطنين لتبادل الرأي والمشورة ومناقاشة كل قاضاياهم الفكرية والسياسههية‬
‫والجتماعية وكذا الستمتاع بالمسههرح والفنههون عامههة‪ ،‬ممهها أشههاع الثقافههة والمعرفههة بيههن مههواطني المدينههة‪ ،‬ومههن تههم‬
‫أصبحت السلطة والمعرفة شأنا عاما بعد أن كانت حكرا على عائلت واسر معينة‪ ،‬وهكذا أظهههرت الديموقاراطيههة كنظههام‬
‫يحافظ على السير العام للمجتمع‪.‬‬
‫وقاد ساهم إلى جانب المدينة‪ ،‬الدولة‪ ،‬انفتاح المدن اليونانية وخاصة منههها أثينها )نظههرا لموقاعهها الجغرافهي( علههى‬
‫الدول المجاورة يفضل مينائها التجاري الذي يبوئها مكانة إستراتيجية بعد انتهاء الحروب وسيادة السلم عقب ذلك‪ ،‬فههي‬
‫تطور وانتشار الفلسفة‪.‬‬
‫إن تضافر هذين الشرطين سيساهم إلى جانب عوامل أخرى في إرساء دعائم الفلسههفة فههي بلد اليونههان وانتقالههها‬
‫فيما بعد إلى مراكز أخرى‪.‬‬
‫وإذا حاولنا تحديد الطار اللغوي لنشأة الفلسفة‪ ،‬فإننا سنجد أن الفلسفة ‪ philosophie‬هي لفظة يوناني ة مركب ة‬
‫من كلمتين هما ‪:‬فيليا ‪ Philia‬وتعني محب‪/‬محبة وصوفيا ‪ Sophia‬وتعن ي حكم ة أي محب ة الحكم ة ‪.Philosophia‬‬
‫ويعتبر فيتاغورس وهو عالم رياضيات وفيلسوف يونههاني فهي القههرن السههادس قابههل الميلد‪ .‬أول مههن أطلههق عليههها هههذا‬
‫السم وأول من أراد لنفسه أن يكون محبا للحكمة‪.‬‬
‫المحور الثاني ‪ :‬محطات في تطور الفلسفة‬
‫ألشكال المحوري ‪ :‬هل تعههد الفلسههفة اليونانيههة هههي الشههكل الواحههد الوحههد الههذي عرفههه تاريههخ الفكههر الفلسههفي‬
‫النساني‪ ،‬أم هناك أشكال فلسفية أخرى؟ أليس للحضارة السههلمية والحضههارة الغربيههة الحديثههة والمعاصههرة انتاجههات‬
‫فلسفية مثلت محطات أساسية في تطور الفكر الفلسفي؟‬
‫تقديم ‪ :‬أشرنا في المحور السابق إلى صعوبة تحديد تعريف عام للفلسفة‪ ،‬وذلك لنه ل وجود لفلسههفة واحههدة‪ ،‬بههل‬
‫هناك عدة فلسفات متعددة بتعدد فلسفتها‪ .‬وهذا يعني أننا ل نهدرس الفلسهفة كمها نهدرس أي علهم مهن العلهوم‪ ،‬بهل إنمها‬
‫ندرس فلسفات الفلسفة‪ ،‬أي أفكار ونظريات رجال عاشوا عبر التاريخ‪ ،‬بمعنى أننا ل ندرس الفلسفة بل تاريخها‪.‬‬
‫والواقاع أن الفلسفة‪ ،‬وتاريخ الفلسفة جانبان مرتبطان من الصعب الفصههل بينهمهها‪ ،‬إن دراسههة أفكههار أي فيلسههوف‬
‫ما‪ ،‬كثيرا ما تضطرنا إلى الرجوع إلى أفكار فلسفة آخرين سبقوه أو عاصروه‪ ،‬بمعنى أن دراسهة الفلسهفة ل تعنهي ف ي‬
‫الحقيقة أكثر من دراسة تاريخها‪ .‬فمهها هههو إ&‪;ÿÿ84#‬ن ت ار ‪;ÿÿ1610‬خ الفلس فة؟ وم اهي المحط ات الساس ية ف ي‬
‫تاريخ تطور الفلسفة؟‬
‫ترافق تطور العلوم عند العرب والمسلمين ابتداء من القرن الثاني الهجري مع ظهور اهتمام بالفلسفات الشههرقاية‬
‫واليونانية‪ ،‬وللعمل على ترجمتها ما أدى إلى تشكيل حركة فلسفية قاادها عدد من المفكرين المسلمين من العههرب وغيههر‬
‫العرب وأهمهم ابن رشد الذي دافع عن ضرورة دراسهة الفلسهفة وتعلمهها‪ ،‬لن الشهرع يهدعو إلهى التعهبير والتأمهل ف ي‬
‫الموجودات لنها تدل على وجود الصانع‪ ،‬وبما أن الفلسفة ليست شيئا أكههثر مههن النظههر فههي الموجههودات للوصههول إلههى‬
‫وجود الصانع‪ ،‬فان الفلسفة إذن ل تعارض الدين‪ ،‬بل تدعمه وتؤيده‪ ،‬وهههذا هههو رد ابههن رشههد علههى الغزالههي الههذي كفههر‬
‫الفلسفة‪ ،‬ودعا إلى تحريم الفلسفة باعتبارههها تخههالف الشههريعة‪ ،‬وهنههاك عههدة فلسههفة مسههلمين مههن أهمهههم ‪ :‬الكنههدي‪،‬‬
‫الفارابي‪ ،‬ابن سينا‪ ،‬ابن طفيل‪ ،‬ابن باجة‪....‬‬
‫هذا فيما يخص الفلسفة السلمية‪ ،‬أما الفلسفة الغربية‪ ،‬فقد انقسم تاريخها إلى أربعة مراحل‪ :‬القديمههة والوسههطى‬
‫والحديثة والمعاصرة‪ .‬وتمتد مرحلة الفلسفة القديمة من القرن السابع عشر‪.‬ق‪.‬م إلههى القههرن الخههامس الميلدي‪ .‬وتمتههد‬
‫مرحلة الفلسفة الوسطى من القرن الخامس إلى القرن السابع عشر‪ ،‬أمهها الفلسههفة الحديثههة‪ ،‬فتمتههد حههتى القههرن التاسههع‬
‫عشر‪ ،‬أما الفلسفة المعاصرة فتمتد من القرن العشرين إلى العصر الحالي‪.‬‬
‫الفلسفة القديمة‪ :‬كانت في معظمها يونانية‪ ،‬وأعظم الفلسفة من العهد القديم كانوا ثلثة من اليونانيين في القههرن‬
‫الخامس والرابع قابل الميلد وهم سقراط وأفلطون وأرسطو‪ ،‬حيث أثرت فلسفتهم في الثقافة الغربية المتأخرة‪.‬‬
‫أما فلسفة القرون الوسطى تميزت بالتطور بكيفية جعلتها جزءا من اللهوت النصهراني‪ ،‬وهكههذا لههم يبههق للفلسههفة‬
‫اليونانية والرومانية من آثار سوى ما تركته من أثر على الفكر الديني‪ ،‬وبعد القديس أوغسطين أشهر فلسفة العصههور‬
‫الوسطى‪ ،‬كما انه في هذا العصر سادت منظومههة فكريههة تسههمى بالمدرسههية بيههن القههرن الثههاني عشههر والقههرن الخههامس‬
‫عشر‪ ،‬والمدرسية تشير إلى منهج فلسفي للستقصاء‪ ،‬استعمله أساتذة الفلسهفة واللههوت ف ي الجامعهات الولهى الهتي‬
‫ظهرت في أوربا الغربية‪ ،‬ولقد نشأت هذه المدرسة نتيجة لترجمة أعمال أرسطو إلههى اللتينيههة الههتي هههي لغههة الكنيسههة‬
‫النصرانية في العصر الوسيط‪ ،‬فهذه العمال حثت المفكرين آنذاك على التوفيق بيههن أفكههار أرسههطو الرئيسههية والتههوراة‬
‫والعقيدة النصرانية‪ ،‬إن أشهر المدرسههين هههو القههديس تومهها الكههويني‪ ،‬حيههث اجتمههع فههي فلسههفته فكههر أرسههطو والفكههر‬
‫اللهوتي حتى أنها أصبحت هي الفلسفة الرسمية الرومانية الكاثوليكية‪.‬‬
‫أما الفلسفة الحديثة‪ ،‬فهي نتيجة لحركة ثقافية كبرى تسمى النهضة‪ ،‬أعقبت نهاية العصور الوسطى وشكلت فترة‬
‫انتقالية بين فلسفة القرون الوسطى‪ ،‬والفلسفة الحديثة‪ .‬نشأت النهضة فههي إيطاليهها نجمههت عههن إعههادة اكتشههاف الثقافههة‬
‫اليونانية والرومانية‪ ،‬وأيضا للتقدم الكبير خاصة في مجال الفلك والفيزياء والرياضيات‪ ،‬وأيضا لظهور النزعة النسههية‬
‫التي أعادت العتبار إلى النسان ومجههدته‪ ،‬وبعههد فرانسههيس بيكههون النجليههزي مههن أوائههل الفلسههفة المؤيههدين للمنهههج‬
‫التجريبي العلمي وإلى جانبه رينيه ديكهارت الفرنسهي مؤسهس الفلسهفة الحديثهة ف ي ق ‪ ،17‬خاصهة فهي كتهابه الشههير‬
‫"مقال في المنهج" الذي عرض فيه رؤية جديدة في التفكير نقوم على النقهد ومراجعهة المعهارف المكتسهبة‪ ،‬وض رورة‬
‫تأسيس طريقة جديدة تقوم على قاواعد محددة لتوجيه العقل )الشك‪ ،‬تقسيم المشكلة إلى أجزاء‪ ،‬ترتيب الفكار‪ ،‬مراجعههة‬
‫عامة للنتائج(‪ .‬كما أنه أولى أهمية كبرى للنا المفكر أي الوعي بالذات‪ ،‬وقاد تجلى ذلك في قاولته الشهههيرة "أنهها أفكههر ‪،‬‬
‫أنا موجود" وإلى جانب ديكارت هناك فلسفة آخرين )سبينوزا‪ ،‬ليبنيز‪ ،‬جون لوك‪،‬دافيد هيوم‪ ،‬إيمههانول كههانط‪ ،‬هيجههل‪،‬‬
‫ماركس‪ ،‬نيتشه( كل هؤلء الفلسفة ساهموا في تطوير الفلسفة الحديثة القائمة على العقلنية والتجريبية والجدلية‪....‬‬
‫أما الفلسفة المعاصرة أو فلسفة القرن العشرين‪ ،‬فقد شهدت انتشار خمس حركات رئيسية‪ ،‬اثنان منها‪ :‬الوجودية‬
‫والظواهرية كان لهما تأثير كبير في بلدان أوربا الغربية‪.‬‬
‫أما الحركههات الثلث الخههرى‪ :‬الذرائعيههة )البرجماتيههة )المنفعيههة( والوضههعية المنطقيههة‪ ،‬والبنيويههة التفكيكيههة فقههد‬
‫مارست تأثيرها خصوصا في الوليات المتحدة المريكية وبريطانيا‪.‬‬
‫في منتصف القرن العشههرين أصهبح تهأثير الوجوديهة ملحوظهها‪ ،‬وذلهك أن الحههرب العالميهة الثانيههة)‪(1945-1939‬‬
‫ولدت شعورا عاما باليأس والقطيعة من الوضع القائم‪ ،‬هذا الشعور قاد أفضى إلى العتقاد بأن الناس عليهههم أن ينشههئوا‬
‫القيم التي تليق بهم في عالم أصبحت القيم القديمة فيه عديمة الجدوى‪ ،‬كما أن الوجودية تلههح علههى القههول ‪ :‬إن الفههراد‬
‫يجب عليهم أن يحددوا اختياراتهم وبذلك يعبرون عن شخصيتهم المتميزة‪ ،‬لنه ل توجد أنماط موضوعية تفههرض علههى‬
‫الفرد فرضا‪ ،‬ويعتبر الكاتب الفرنسي جان بول سارتر أشهر الفلسفة الوجوديين‪.‬‬
‫أما الفلسفة الظاهرية فقد أنشأها الفيلسوف اللماني إدموند هوسههرل‪ ،‬الههذي تصههور أن مهمههة الظاهريههة وبالتهالي‬
‫مهمة الفلسفة تتمثل في وصف الظاهرة‪ ،‬أي موضههوعات التجربههة الشههعورية‪ ،‬بصههفة دقايقههة وبكيفيههة مسههتقلة عهن كههل‬
‫الفتراضات المشتقة من العلم‪ .‬ويعتقد هوسرل أن هذا العمل من شأنه أن يؤدي إلى إدراك الواقاع إدراكا فلسفيا‪.‬‬
‫أما الفلسفة النفعية البرجماتية والتي يمثلههها المريكههان وليههم جيمههس وجههون ديههوي‪ ،‬فتؤكههد أن المعرفههة خاضههعة‬
‫للعمل‪ ،‬وذلك أن اشتمال الفكار على المعاني والحقائق متعلق بمدى ارتباطها بالتطبيق‪.‬‬
‫أما الفلسفة الوضعية المنطقية نشأت في ﭬيينها بالنمسها ف ي العشهرينات مهن القهرن العشهرين فتقهول‪ :‬إن الفلسهفة‬
‫ينبغي أن تحلل منطق لغة العلم‪ ،‬وهي تعتبر العلم المصدر الوحيد للمعرفة وتهدعي بهأن مها وراء الطبيعهة ل فائهدة منهه‪،‬‬
‫اعتمادا على مبدأ إمكانية التحقق‪ ،‬أي أن القول ل يكون له معنى إل إذا ثبت بالتجربة الحسية أنه مطابق للحقيقة‪ ،‬ويعههد‬
‫البريطاني ألفرد جون أير من أكبر فلسفة المذهب الوضعي المنطقي‪ .‬المشكلت الفلسفية التقليدية تنحل تلقائيا أي أنها‬
‫تزول بمجرد تحليل للعبارات التي صيغت‬
‫أما الفلسفة البنيوية التفكيكية فقد حاولت أن توجد الحلول للمشهكلت الفلسهفية عهن طري ق تحليهل مفهردات اللغهة‬
‫ومفاهيمها كما حاولت بعض اتجاهات هذه الفلسفة أن تبرهن على أن بعض المشكلت الفلسفية التقليديههة تنحههل تلقائيهها‬
‫بمجرد تحليل العبارات التي صيغت بها‪.‬‬
‫ومن أشهر الفلسفة الذين مارسوا التفكيك والتحليل الفلسفي هناك برتر اندراسل‪ ،‬ولود فيتجنشتاين‪.‬‬
‫المحور الثالث والرابع‪ :‬منطق الفلسفة والفلسفة والقيم‬

‫غالبا ما توصف الفلسفة بأنها فعل من الوجود والمعرفة موضوع تفكيرههها‪ .‬والسههير فههي طريههق الفلسههفة‬
‫يقتضي التساؤل والبحث عن منهج كفيل بتحقيق المعرفة الحقة‪ .‬فكيف يتم التفكير الفلسفي وماهو منطقه الخاص؟‬
‫بههالرغم مههن اختلف أشههكال التعههبير الفلسههفي بههاختلف الفلسههفة‪ ,‬فههإن الفلسههفة تبههدأ بالنههدهاش‬
‫‪ . L’étonnement‬والدهشة كما يقول أرسطو هي التي دفعت الناس إلى التفلسف‪ ،‬وكم ا ي ذهب إل ى ذل ك ش وبنهاور‬
‫فالدهشة من المور المتعلقة بالموت واللم والبؤس في الحيههاة‪ ،‬كههانت هههي الههدافع القاههوى للتفكيههر الفلسههفي والتفسههير‬
‫الميتافيزيقي للعالم‪ .‬إن الندهاش من الظواهر التي يعرفها الوجود‪ ,‬خاصة تلههك الههتي لههم يسههتطيع النسههان أن يجههد لههها‬
‫تفسيرا هي التي جعلته يتساءل‪ ،‬أو بقول هيدغر " إن اندهاش الفكر يعبر عن نفسه بالتساؤل"‪ .‬لكنه تساءل يحتاج إلى‬
‫أجوبة أكثر إقاناعا خاصة إذا ماسلمنا مع شوبنهاور بأن الدهشة الفلسفية تفههترض فههي الفههرد درجههة أعلهى مههن التعقههل‪،‬‬
‫بحيث ينقلب الندهاش من الوجود والعهالم الهذي لينفهك يمثهل لغهزا للنسهان‪ ،‬فهي الفلسهفة إلهى مجموعهة مهن السهئلة‬
‫المترابطة في ما بينها‪ .‬وهذا يحيلنا إلى طبيعة السؤال الفلسفي وخصائصه ومميزاته ووظائفه‪.‬‬
‫صحيح أن كل الناس يتساءلون‪ ،‬لكن السؤال العادي يفترض إجابة بسيطة ونهائية‪،‬لكن التساؤل الفلسههفي يتميههز‬
‫بالقصدية والشك القبلي في الجواب‪ ,‬كما يهدف إلى ههدم العتقهاد القبلهي فهي امتلك الجههواب أو المعرفههة‪ ،‬وهههو سهؤال‬
‫ليس منعزل بل ينتظم داخل تساءل فلسفي متناسق يجعل الجواب ذي طابع دقايق وبرهاني‪ .‬بحيث يتمظهههر هههذا الجههواب‬
‫الفلسفي في صيغة خطاب فلسفي ضمن خطابات أخرى متعددة ‪،‬لدى فهو يسعى إلى إثبات صههدقايته وتماسهكه المنطقهي‪.‬‬
‫إن السؤال كخاصية أساسية للتفكير الفلسفي هو خاصية ملزمة لتاريخ الفلسفة وموجود منذ بههداياتها‪ ,‬إذ كههان سههقراط‬
‫يرتكز‪ ,‬في محاوراته أساسا‪ ,‬على طرح السئلة وذالك قاصد بنههاء معرفههة حقيقيههة بعيههدة عههن الههوهم والعتقههاد البههديهي‬
‫بامتلك حقائق الشياء‪ .‬وهو اعتقاد غالبا ما يحاربه الفيلسوف وذلك بوضع الحقائق بمحك الفحص والنقد‪ .‬الشئ الههذي‬
‫أدى إلى أن تنتج الفلسفة إحدى آليات فعل التفلسف " الشك المنهجي" على يد رينيه ديكههارت‪ ،‬فالشههك يقتضههي وضههع‬
‫كل الشياء موضع تساءل‪ ،‬وذلك قاصد الوصول إلهى الحقيقههة‪ ،‬وبتعهبير ديكههارت إن أحكامها كهثيرة تمنعنهها مههن الوصهول‬
‫للحقيقة وتتشبث بنفوسنا تشبثا يبدوا لنا معه أنه من المحال أن نتخلص منها ما لم نشرع في الشك مههن جميههع الشههياء‬
‫التي قاد نجد فيها أدنى شبهة من قالة اليقين‪ .‬إن الشك‪ ،‬كتجربة تعيشها الذات تجاه حقائق معينة‪ ،‬يعمل على نقد وفحهص‬
‫أسس هذه الحكام وإعادة بناءها على أسس أكثر عقلنية‪ ،‬على اعتبار أن العقلنيههة أسههاس مههن أسههس فعههل التفلسههف‪.‬‬
‫فإذا كان الفيلسوف يتفلسف بدافع من اندهاشه‪ ,‬ومن أجل المعرفة الحقههة‪ ,‬وبفعههل شههكه المنهجههي‪ ،‬فههإنه يتفلسههف كههذلك‬
‫انطلقاا من ضرورة إعمال العقل والنقهد‪ ،‬أي أن التفلسهف يقهوم علهى النظهر العقلهي الهذي يفحهص موضهوعه مهن أجهل‬
‫معرفته معرفة حقه‪ .‬فالعقل هو مصدر معارفنا‪ ،‬أي إقاامتها على معيار العقل ولشئ غير العقل‪.‬‬
‫ل بد من الشارة إلى أن التفكيهر الفلسهفي يخضهع للصهرامة المنطقيهة‪ ،‬أي إلههى وجهود روابههط عقليهة بيهن‬
‫المقدمات التي ينطلق منها الفيلسوف والنتائج التي يتوصل إليها‪ ،‬هذا من جهة ومن جهههة ثانيههة وجههود علقاههة منطقيههة‬
‫بين نظريات الفلسفة سواء تعلههق المههر بنظريههات فههي الوجههود أو المعرفههة أو القيههم‪ .‬فمهها هههي القيههم الههتي دافعههت عنههها‬
‫الفلسفة؟ يجيب إريك فايل على هذا السؤال بأن الفيلسوف يسعى إلى أن يختفي العنف‪ ،‬بكل أنههواعه الماديههة والرمزيههة‪،‬‬
‫من العالم‪ .‬ويقدم جون لوك إجابة أخرى مفادههها أنههه لبههد مههن المحافظههة علههى كههل الحقههوق النسههانية والمدنيههة‪ ،‬وذلههك‬
‫بإضافة العدالة إلى واجبات الحسان والمحبة‪ .‬فالفلسفة بههذا المعنهى تسههعى إلهى إنتههاج قايهم إنسههانية نبيلههة ومثهل عليهها‬
‫باعتبارها غاية قاصوى للوجود النسههاني مثههل اليمههان بههالختلف والحههوار والتسههامح ونبههد التعصههب واحههترام حقههوق‬
‫النسان‪ .‬كما تقف الفلسفة في مواجهة مسخ الوجهود البشهري والمهس بقيمتهه وتشهويه كينهونته بسهبب التقهدم العلمهي‬
‫والتكنولوجي‪ .‬وهي إحدى الوظائف التي تبرر حضور الفلسفة فتتنبأ بمستقبل زاهر لها‪ ،‬فكما يرى اريك فايههل فالفلسههفة‬
‫تنتعش خلل الفترات التي بكل تأكيد ههي فههترات البههؤس المطلههق‪ .‬فالفيلسههوف يقههف بأسههئلته محههاول إعههادة النظههر فهي‬
‫الظواهر التي تعمل على تنميط النسان وتشييئه وإن كانت تبدو بديهية للعامة‪.‬‬
‫إن الفلسفة تجعل مهن الوجههود النسههاني وقاضهاياه الميتافيزيقيههة موضههوعا لهها‪ ،‬كمها تجعهل مهن نتائههج المعرفهة‬
‫موضوعا للتأمل‪ .‬إضافة إلى ذلك فإن التفكيههر الفلسههفي يهتههم بههالقيم‪ ،‬وعلههى المسههتوى المنهجههي فههإن للتفكيههر الفلسههفي‬
‫توابث تجعل منه تفكيههرا متميههزا عههن بهاقاي أنمههاط التفكيههر الخههرى‪ .‬إنههه تفكيههر يعتمههد علههى الدهشههة والتسههاؤل والشههك‬
‫المنهجي‪ ,‬كما أنه تفكير نقدي‪،‬‬
‫و شمولي‪ ،‬وعقلني ونسقي‪ .‬والذين يتساءلون عن دور الفلسفة وعن فائدتها اليوم إنما يعلنون عن سر الفلسههفة‬
‫من حيث هي خطاب ضد العنف بجميع أشكاله وضد تشههيئ النسههان أمههام التقههدم العلمههي والتكنولههوجي وضههد الخطههاب‬
‫الواحد‪ ،‬وبهذا المعنى يمكن أن نردد مع اليفر ليمان"إننا قاد نكون على أعتاب مجتمع مابعد الحداثة إل أننا لسنا على‬
‫"‪.‬‬
‫أعتاب مجتمع ما بعد الفلسفة‬

You might also like