Professional Documents
Culture Documents
ضوابط الزواج بالصغيرة في الفقه الإسلامي
ضوابط الزواج بالصغيرة في الفقه الإسلامي
ليس في الشريعة تحديد لسن زواج الرجل أو المرأة ،وقد أجمع أهل العلم على جواز تزويج الصغيرة إذا زوجها أبوها من
كفء .وأما البالغة ،فال يشترط أن يزوجها أبوها ،بل يزوجها سائر األولياء ،ويشترط إذنها ورضاها .وبلوغ األنثى يحصل
بواحد من أربعة أمور:
الحيض.
ُ سنَةً -إنباتُ ال َعان ِة -إنزا ُل ال َمني ِ بشهوةٍ يقظةً أو مناما ً -
تما ُم خمس عشرة َ
وقد دل الكتاب والسنة على صحة تزويج الصغيرة وهي التي لم تبلغ بعد ،وعدم تحديد ذلك بسن معين.
قال ابن قدامة رحمه هللا" :وإذا زوج الرجل ابنته البكر ،فوضعها في كفاءة ،فالنكاح ثابت ...أما البكر الصغيرة ،فال خالف فيها.
قال ابن المنذر أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم ،أن نكاح األب ابنته البكر الصغيرة جائز ،إذا زوجها من كفء ،ويجوز له
سا ِئ ُك ْم الال ِئي َي ِئسْنَ ِمنَ ْال َم ِح ِ
يض ِمن ِن َ تزويجها مع كراهيتها وامتناعها ،وقد دل على جواز تزويج الصغيرة قول هللا تعالىَ ﴿ :و ا
الالئِي لَ ْم يَ ِحضْنَ ﴾ فجعل للالئي لم يحضن عدة ثالثة أشهر ،وال تكون العدة ثالثة أشهر إال من ارت َ ْبت ُ ْم فَ ِعدات ُ ُه ان ث َ َالثَةُ أ َ ْش ُه ٍر َو ا
إِ ِن ْ
طالق في نكاح أو فسخ ،فدل ذلك على أنها تزوج وتطلق ،وال إذن لها فيعتبر.
وقالت عائشة رضي هللا عنهما( :تزوجني النبي صلى هللا عليه وسلم وأنا ابنة ست ،وبنى بي وأنا ابنة تسع) متفق عليه ،ومعلوم
أنها لم تكن في تلك الحال ممن يعتبر إذنها ،وروى األثرم ،أن قدامة بن مظعون تزوج ابنة الزبير حين نفست ،فقيل له ،فقال:
ابنة الزبير إن مت ورثتني ،وإن عشت كانت امرأتي ،وزوج علي ابنته أم كلثوم وهي صغيرة عمر بن الخطاب رضي هللا
عنهما" انتهى من "المغني" (.)30 /7
جاء في (الموسوعة الفقهية) :واصطالحا هو :وصف يلحق باإلنسان منذ مولده إلى بلوغه الحلم .اهـ.
فال يصح شرعا أن تبلغ البنت البلوغ الشرعي بالحيض أو غيره ،وتوصف مع ذلك بالصغر الذي تتعلق به أحكام شرعية .ومن
ذلك مسألة النكاح ،فال خالف بين أهل العلم في أن من بلغت فليست بصغيرة في هذا الحكم .والبلوغ قد يحصل في سن مبكرة
كالعاشرة مثال.
وجواب السؤال األول ،أن العقد على الصغيرة صحيح عند أكثر أهل العلم ،حتى لقد ُحكي اإلجماع عليه ،والحقيقة أنه قد خالف
في صحته قلة من أهل العلم ،وهم :ابن شبرمة ،وعثمان البتي ،وأبو بكر األصم ،فقالوا بأنه ال يزوج الصغير وال الصغيرة حتى
يبلغا؛ لقوله تعالىَ ﴿ :حتاى إِذَا بَلَغُوا النِكَا َح ﴾ (النساء.)6:
وذكر السرخسي في المبسوط تعليلهم في ذلك فقال :فلو جاز التزويج قبل البلوغ لم يكن لهذا فائدة ،وألن ثبوت الوالية على
الصغيرة لحاجة المولى عليه ،حتى إن في ما ال تتحقق فيه الحاجة ال تثبت الوالية كالتبرعات ،وال حاجة بهما إلى النكاح؛ ألن
مقصود النكاح طبعا هو قضاء الشهوة ،وشرعا النسل ،والصغر ينافيهما ،ثم هذا العقد يعقد للعمر وتلزمهما أحكامه بعد البلوغ،
فال يكون ألحد أن يلزمهما ذلك إذ ال والية ألحد عليهما بعد البلوغ .اهـ.
واختار هذا القول بعض المعاصرين ،كالشيخ ابن عثيمين رحمه هللا فقال في الشرح الممتع :القول الراجح أن البكر المكلفة ال بد
من رضاها ،وأما غير المكلفة وهي التي تم لها تسع سنين ،فهل يشترط رضاها أو ال؟ الصحيح أيضا أنه يشترط رضاها؛ ألن
بنت تسع سنين بدأت تتحرك شهوتها وتحس بالنكاح ،فال بد من إذنها ،وهذا اختيار شيخ اإلسالم ابن تيمية رحمه هللا ،وهو الحق.
وأما من دون تسع سنين فهل يعتبر إذنها؟ يقولون :من دون تسع السنين ليس لها إذن معتبر؛ ألنها ما تعرف عن النكاح شيئاً،
وقد تأذن وهي تدري ،أو ال تأذن؛ ألنها ال تدري ،فليس لها إذن معتبر ،ولكن هل يجوز ألبيها أن يزوجها في هذه الحال؟ نقول:
األصل عدم الجواز؛ لقول النبي ـ عليه الصالة والسالم ـ« :ال تنكح البكر حتى تستأذن» ،وهذه بكر فال نزوجها حتى تبلغ السن
الذي تكون فيه أهالً لالستئذان ،ثم تستأذن .لكن ذكر بعض العلماء اإلجماع على أن له أن يزوجها ،مستدلين بحديث عائشة ـ
رضي هللا عنها ـ ،وقد ذكرنا الفرق ،وقال ابن شبرمة من الفقهاء المعروفين :ال يجوز أن يزوج الصغيرة التي لم تبلغ أبداً؛ ألننا
إن قلنا بشرط الرضا فرضاها غير معتبر ،وال نقول باإلجبار في البالغة فهذه من باب أولى ،وهذا القول هو الصواب ،أن األب
ال يزوج بنته حتى تبلغ ،وإذا بلغت فال يزوجها حتى ترضى .لكن لو فرضنا أن الرجل وجد أن هذا الخاطب كفء ،وهو كبير
يزوجوها حسب أهوائهم ،ال حسب السن ،ويخشى إن انتقل إلى اآلخرة صارت البنت في والية إخوتها أن يتالعبوا بها ،وأن ِ
مصلحتها ،فإن رأى ا لمصلحة في أن يزوجها من هو كفء فال بأس بذلك ،ولكن لها الخيار إذا كبرت؛ إن شاءت قالت :ال
أرضى بهذا وال أريده .وإذا كان األمر كذلك فالسالمة أال يزوجها ،وأن يدعها إلى هللا -عز وجل -فربما أنه اآلن يرى هذا
الرجل كفئا ً ثم تتغير حال الرجل ،وربما يأتي هللا لها عند بلوغها النكاح برجل خير من هذا الرجل؛ ألن األمور بيد هللا سبحانه
وتعالى .اهـ.
وأما اختيار شيخ اإلسالم الذي ذكره الشيخ فهو في خصوص من لها تسع سنين ولم تبلغ.
قال المرداوي في (اإلنصاف) :البكر التي لها تسع سنين فأزيد ،إلى ما قبل البلوغ :له تزويجها بغير إذنها ،على الصحيح من
المذهب ،وعليه جماهير األصحاب ...وعنه :ال يجوز تزويج ابنة تسع سنين إال بإذنها .قال الشريف أبو جعفر :هو المنصوص
عن اإلمام أحمد .قال الزركشي :وهي أظهر ...واختار أبو بكر ،والشيخ تقي الدين رحمهما هللا :عدم إجبار بنت تسع سنين بكرا
كانت أو ثيبا .قال في رواية عبد هللا :إذا بلغت الجارية تسع سنين فال يزوجها أبوها وال غيره إال بإذنها .قال بعض المتأخرين
من األصحاب :وهو األقوى .اهـ.
والمقصود أن ننبه على أن المسألة فيها شيء من الخالف ،وليست من المسائل القطعية .مع كون الراجح عندنا هو قول الجمهور
القائلين بصحة العقد.
وجمهور العلماء الذين يصححون العقد على الصغيرة ،يستحبون أن ينتظر والدها بلوغها ليستأذنها.
قال النووي :اعلم أن الشافعي وأصحابه قالوا :يستحب أن ال يزوج األب والجد البكر حتى تبلغ ،ويستأذنها لئال يوقعها في أسر
الزوج وهي كارهة .وهذا الذي قالوه ال يخالف حديث عائشة؛ ألن مرادهم أنه ال يزوجها قبل البلوغ إذا لم تكن مصلحة ظاهرة
يخاف فوتها بالتأخير كحديث عائشة ،فيستحب تحصيل ذلك الزوج؛ ألن األب مأمور بمصلحة ولده فال يفوتها .اهـ.
وهذا ما رجحه الدكتور عبد الكريم زيدان في موسوعته (المفصل في فقه األسرة) فقال :نرجح على وجه االستحباب أن ال
يزوج األب ابنته حتى تبلغ ،إال إذا وجد المبرر المقبول لتزويجها وهي صغيرة .اهـ .وذكر لذلك عدة أسباب فراجعها هناك.
وهذا ما اختارته أيضا الباحثة سها القيسي في رسالتها للماجستير( :زواج الصغار في ضوء تحديد سن الزواج ) حيث رجحت
صحة العقد ثم قالت :األولى عدم تزويجها إال إذا ظهرت مصلحة راجحة .اهـ .وذكرت لذلك أربعة أسباب.
وهنا ننبه على أن إنكاح الصغيرة إنما هو مراعاة لمصلحتها ،ال لمجرد رغبة والدها ،حتى لقد نص بعض أهل العلم على بطالن
الزواج إذا لم تراع فيه مصلحة الصغيرة ،وأن على القاضي حينئذ فسخه.
قال الشوكاني في( :وبل الغمام على شفاء األوام في أحاديث األحكام) :أما مع عدم المصلحة المعتبرة ،فليس للنكاح انعقاد من
األصل ،فيجوز للحاكم بل يجب عليه التفرقة بين الصغيرة ومن تزوجها ،ولها الفرار متى شاءت ،سواء بلغت التكليف أم لم
تبلغ ،ما لم يقع منها الرضا بعد تكليفها .اهـ.
ومن أجل ضمان تزويج األب ابنته الصغيرة ممن في زواجها منه مصلحة لها ،فقد ذكر بعض العلماء لصحة تزويجه إياها
شروطا أهمها:
ومما يحسن ذكره في الداللة على مراعاة الوالد لمصلحة ابنته عند قبول خطبتها بمن يكبرها في السن ،حديث بريدة قال :خطب
أبو بكر وعمر رضي هللا عنهما فاطمة ،فقال رسول هللا صلى هللا عليه وسلم :إنها صغيرة .فخطبها علي ،فزوجها منه .رواه
النسائي ،وصححه األلباني.
قال القاري في (المرقاة) :يحتمل أنها كانت صغيرة عند خطبتها ،ثم بعد مدة حين كبرت ودخلت في خمسة عشر خطبها علي،
أو المراد أنها صغيرة بالنسبة إليهما لكبر سنهما ،وزوجها من علي لمناسبة سنه لها ،أو لوحي نزل بتزويجها له .اهـ.
وقال السندي في حاشيته على النسائي( :فخطبها علي) أي عقب ذلك بال مهلة كما تدل عليه الفاء ،فعلم أنه الحظ الصغر بالنظر
إليهما ،وما بقي ذاك بالنظر إلى علي فزوجها منه ،ففيه أن الموافقة في السن أو المقاربة مرعية لكونها أقرب إلى المؤالفة ،نعم
قد يترك ذاك لما هو أعلى منه كما في تزويج عائشة .اهـ.
وسن فاطمة رضي هللا عنها حين تزوجت ،كما قال ابن عبد البر في (االستيعاب)َ :كانَ سنها يوم تزويجها خمس عشرة سنة
وخمسة أشهر ونصفًا ،وكانت سن علي إحدى وعشرين سنة وخمسة أشهر .اهـ.
وبذلك قال أكثر المؤرخين كالمزي وابن كثير وابن األثير واليافعي وابن العماد والعصامي.
وقال الذهبي في (تاريخ اإلسالم) :دخل بها علي رضي هللا عنه بعد وقعة بدر ،وقد استكملت خمس عشرة سنة أو أكثر .اهـ.
وقال المناوي في (إتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل) :لما شبت فاطمة وترعرعت ،وبلغت من العمر خمس
عشرة سنة .وقيل :ست عشرة سنة .وقيل :ثماني عشرة سنة .وقيل :أحدى وعشرين .تزوجها علي .اهـ.
قال النووي :أما وقت زفاف الصغيرة المزوجة والدخول بها ،فإن اتفق الزوج والولي على شيء ال ضرر فيه على الصغيرة
عمل به .وإن اختلفا فقال أحمد وأبو عبيد :تجبر على ذلك بنت تسع سنين دون غيرها .وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة :حد ذلك
أن تطيق الجماع .ويختلف ذلك باختالفهن وال يضبط بسن .وهذا هو الصحيح .اهـ.
وجاء في (الموسوعة الفقهية) :ذهب الفقهاء إلى أن من موانع التسليم الصغر ،فال تسلم صغيرة ال تحتمل الوطء إلى زوجها حتى
تكبر ويزول هذا المانع؛ ألنه قد يحمله فرط الشهوة على الجماع فتتضرر به .وذهب المالكية والشافعية إلى زوال مانع الصغر
بتحملها للوطء .قال الش افعية :ولو قال الزوج :سلموها لي وال أطؤها حتى تحتمله ،فإنه ال تسلم له وإن كان ثقة؛ إذ ال يؤمن من
هيجان الشهوة .اهـ.
وأما عند الحنفية فقال ابن نجيم في (البحر الرائق) :اختلفوا في وقت الدخول بالصغيرة ،فقيل :ال يدخل بها ما لم تبلغ .وقيل:
يدخل بها إذا بلغت تسع سنين .وقيل :إن كانت سمينة جسيمة تطيق الجماع يدخل بها ،وإال فال .اهـ.
وجاء في الفتاوى الهندية :أكثر المشايخ على أنه ال عبرة للسن في هذا الباب وإنما العبرة للطاقة ،إن كانت ضخمة سمينة تطيق
الرجال وال يخاف عليها المرض من ذلك؛ كان للزوج أن يدخل بها وإن لم تبلغ تسع سنين ،وإن كانت نحيفة مهزولة ال تطيق
الجماع ،ويخاف عليها المرض ال يحل للزوج أن يدخل بها وإن كبر سنها ،وهو الصحيح .اهـ.
ودخول النبي صلى هللا عليه وسلم بأمنا عائشة كان بعد بلوغها هذا المبلغ ،ولذلك تأخر بعد العقد عليها بنحو ثالث سنوات ،كما
في الصحيحين عن عائشة أن النبي صلى هللا عليه وسلم "تزوجها وهي بنت ست سنين ،وبنى بها وهي بنت تسع سنين.
ومما يؤكد مراعاة هذا المعنى قبل زفاف عائشة ،أنها قالت :أرادت أمي أن تسمنني لدخولي على رسول هللا صلى هللا عليه وسلم
فلم أُقبل عليها بشيء مما تريد حتى أطعمتني القثاء بالرطب ،فسمنت عليه كأحسن السمن .رواه أبو داود وابن ماجه ،وصححه
األلباني.
وهنا نؤكد على أن الصغر الذي هو مانع من التسليم ليس هو الصغر المقابل للبلوغ ،وإنما هو بمعنى عدم القدرة على الوطء.
قال النووي في ( روضة الطالبين)" :المراد بالصغيرة والصغير من ال يتأتى جماعه ،وبالكبير من يتأتى منه الجماع ،ويدخل فيه
المراهق" .اهـ.
وبهذا يتبين أن الدخول بالصغيرة منوط بقدرتها على الوطء ،ال بمجرد العقد ،والقاعدة الكلية في ذلك هي قول النبي صلى هللا
عليه وسلم :ال ضرر وال ضرار .رواه أحمد وابن ماجه ،وصححه األلباني.
وهذه إحدى القواعد الكلية الخمسة التي ينبني عليها الفقه اإلسالمي ،فمتى ثبت الضرر ثبوتا شرعيا ،فقد جاء الشرع الحنيف
بإزالته ومنعه .ولذلك ينبغي ضبط أنواع االستمتاع بما دون الوطء بعدم المضرة أيضا ،وذلك بكون البنت مطيقة وأهالً له ،فقد
يبلغ بها الصغر أن يمنع االستماع بها بالكلية ،ويعد اشتهاؤها من األمور الشاذة الخارجة عن المعتاد ،كالطفلة غير المميزة،
ولذلك ال يحرم النظر إلى عورتها.
وهذه المسألة من المسائل التي تحتاج إلى تحرير ،نعني مسألة :االستمتاع بما دون الوطء قبل إمكان الوطء؟
والذي نميل إليه أن تجعل إطاقة الوطء في الجملة أو مراهقة هذا الحد هو الوصف المبيح لسائر أنواع االستمتاع ،درء للضرر
المحتمل على الطفلة الصغيرة التي ال تدرك مثل هذه األمور ،ومما يستأنس به لذلك ما قاله ابن عابدين في تعليل وجوب نفقة
الزوجة الصغير ة التي تشتهى للوطء فيما دون الفرج ،حيث قال :ألن الظاهر أن من كانت كذلك ،فهي مطيقة للجماع في الجملة.
اهـ .حيث قرن بين اشتهاء ما دون الوطء ،وبين إطاقة الوطء في الجملة.
وقد سئل ابن حجر الهيتمي عن رجل طلق زوجته طالقا بائنا ،وله منها بنت سنها خمس سنين ،وزوجها والدها بشخص ،وأراد
ذلك الشخص أن ينزعها من والدتها وينفق عليها ويربيها عنده في بيته مثال أو عند من يختار ،فهل له ذلك وتسقط حضانة األم
بذلك أم ال؟
فأجاب :ال تسقط حضانة األم بذلك؛ ألن الزوج إنما يكون أولى بالحضانة من جميع األقارب حيث كان له بالزوجة استمتاع بأن
تطيق الوطء ،وإال لم تسلم له .اهـ.
وهاهنا أمر آخر ينبغي مراعاته ال سيما في أمر الزواج ،وهو العرف ،فإن ا ا
طرد باستهجان االستمتاع بالزوجة الصغيرة التي ال
تدرك وال تميز ،فينبغي مراعاة ذلك ،فال تسلم الزوجة قبل إدراكها.
قال شيخ اإلسالم ابن تيمية في (الفتاوى الكبرى) :وإذا كان موجب العقد من التقابض مرده إلى العرف ،فليس العرف أن المرأة
تسلم إليه صغيرة ،وال يستحق ذلك لعدم التمكن من االنتفاع .اهـ.
وحددت وزارة العدل السعودية توصياتها بشأن إقرار اآللية المناسبة لمعالجة زواج النساء ،بقصر زيجات من هن دون السادسة
عشرة على المحاكم المختصة ،ومنع المأذونين كافة من تولي ذلك إال بموافقة خطية من قبل المحكمة المختصة.
فقد تضمن المشروع اإلذن بزواج من هي دون السادسة عشرة بعد استكمال ثالثة ضوابط نص عليها المشروع؛ بداية بتقدم ولي
البنت لقاضي المحكمة بطلب استثناء ابنته من السن المعتبر بالمشروع ،وإحضار ولي الفتاة تقريرا طبيا من لجنة مختصة
تتكون من اختصاصية نساء ووالدة ،واختصاصية نفسية ،واختصاصية اجتماعية ،الستصدار تقرير يثبت اكتمال الصغيرة من
الناحية الجسمية والعقلية ،وأن زواجها ال يشكل خطرا عليها.
واشتملت ضوابط المشروع على أن يثبت لدى قاضي المحكمة موافقة البنت ووالدتها على هذا الزواج ،ال سيما إذا كانت األم
مطلقة ،كما تضمن المشروع التأكيد على ولي الفتاة بعدم إتمام زواجها بعد عقد قرانها مباشرة وإنما تعطى الفرصة الكافية
لتهيئتها من الناحية النفسية وتدريبها لمتطلبات الحياة األسرية ،واشتملت كذلك على أن يتضمن المشروع وضع خطة إعالمية
لتوعية المجتمع للرفع من مستوى الوعي لدى أولياء األمور.
أن المشروع بكامل تفاصيله معروض على هيئة كبار العلماء للنظر فيه ،بعد تشكيل الوزارة لجنة من عدة جهات حكومية ذات
صلة بهذا الموضوع لوضع الرؤية الشرعية والنظامية لهذه الوقائع والتي انتهت من محضرها الشمولي المتضمن للرؤية
الشرعية واالجتماعية والطبية ووضع توصياتها ،ووصف وقائع زواج النساء الصغيرات التي تم الوقوف عليها بالمعدودة
والمحدودة ،مضيفا« :ال تتجاوز ست حاالت»".
ومستدركا بأنه وعلى الرغم من قلة الوقائع ،فإن الوزارة ترى أنها من حيث صورتها وحالتها مقلقة ومزعجة ،مما دعا الوزارة
إلى تبني الرؤية السابقة التي ستكفل معالجة التجاوزات ،وإنما بوصفه «زواج الصغيرات وليس القاصرات» ،وزاد« :بعد
وقوف الوزارة على بعض وق ائع زواج الصغيرات ،بدأت باستشعار اآلثار السلبية المترتبة عليه؛ حيث بادرت من حينه بالرفع
إلى الجهات العليا ،موضحة موقف الوزارة تجاه تلك الزيجات ،ومقترحة في الوقت نفسه تنظيمها ومعالجتها بما يتفق مع
المقاصد الشرعية والسياسية المرعية".
وبشأن إيقاع العقوبات في حال المخالفة ،قال المتحدث الرسمي باسم وزارة العدل إنه «ال بد أن يدرك أن الزواج بحد ذاته هو
ممارسة فطرية أكد عليها الشرع وجعل الطريقة الموصلة لها هو الزواج الشرعي المعتبر مناطا فيه بالوالية إلى األب ،وهو
أقرب الناس إلى معرفة مصلحة ابنته ،وهو أكثر الناس حرصا على سالمتها وعفافها ،وتبعا لذلك ،ال يسوغ أن تتخذ إجراءات
تتضمن المعاقبة والمحاسبة لمن يفترض به العناية بأبنائه دون غيره".
ويحظى التنظيم الجديد بترحيب وتأييد كاملين من األوساط القضائية والقانونية واألكاديمية باعتبار أنه سيدفع «الضرر عن
األطفال من البنات» ،وفقا للمتخصصين.