Professional Documents
Culture Documents
الساعون للكمال
الساعون للكمال
كثيرون يستثمرون في مصطلح " الكمال " على اعتبار أن " الكمال" من الخصال
الحميدة في الشخص الذي يمتلك هذه الخصال .ويعتقد آخرون أن الوصول للكمال
عادة صحية ومن يمتلكها يصبح على ما يرام .
هل قابلتم شخصا كامال في حياته وتصرفاته وفكره ؟ وهل الكمال من الخصال
الحميدة أم الخصال القبيحة ؟
سندرس في هذا المقال بعض مالمح الشخصية التي تسعى للكمال وخصالها وطريقة
تفكيرها .المشكلة الرئيسية للشخصية التي تسعى للكمال هي أنها تميل لتحقيق
اإلنجازات بأقل مستوى وأعلى مجهود من اآلخرين وهذا يخلق لها مشكلة في التعامل
مع المحيط .وتحاول الشخصية التي تسعى للكمال أن تقبل دائما التحديات المضنية
لها وللوسط المحيط .تبدو الشخصية التي تسعى للكمال مشابهة إلى حد كبير
للشخصيات التي تسعى لتحقيق اإلنجازات مع فارق بسيط وهو أن التوتر يسيطر
على هذه الشخصية طوال الوقت مما يؤثر على زمالء العمل أو الوسط المحيط في
األسرة الصغيرة والكبيرة .فاألم التي تسعى للكمال تسعى ألن يكون بيتها نظيفا
ومرتبا على الدوام وقد تتحول مشاعر الشعور بالكمال إلى حالة مرضية تسبب التعب
واإلجهاد للوسط المحيط .إليكم بعض مالمح التفكير التي تتميز بها الشخصية التي
تسعى للكمال:
يميل الساعون للكمال لوضع أهداف كبيرة والعمل بجد واجتهاد لتحقيقها .قد يرضى
الساعون لالنجاز بعمل كبير وتحقيق الجودة فيه أو االقتراب من الهدف بدرجة كبيرة
وقد يكتفون بتحقيق الجزء األكبر من الهدف .في حين نجد الساعين للكمال ال
يرضون إال بتحقيق األهداف بشكل كبير وبنسبة مئة بالمئة وإال يعتبرون العمل
فاشال .وهنا تكمن المشكلة ؟
ينتقد الساعون للكمال أنفسهم أوال ثم اآلخرين ثانيا .في حين يميل المنجزون
لالفتخار بأعمالهم وانجازاتهم ويطلبون الدعم من اآلخرين .أما الساعون للكمال
فيميلون نحو التقاط األخطاء الصغيرة والنقائص في عملهم وعمل اآلخرين
ويتذمرون من وجود النقائص في أي شيء يقومون به .يحاكمون أنفسهم واآلخرين
بقسوة ال هوادة فيها ويعتبرون أن كل انحراف عن تحقيق الهدف فشال ذريعا .
يميل المنجزون إلى االندفاع برغبة لتحقيق األهداف ويسعدون بكل خطوة يقومون
بها في االتجاه الصحيح .بينما يميل الساعون للكمال نحو تحقيق األهداف كواجب
وبسبب الخوف من االنحراف عن تحقيق الهدف ويعتبرون كل انحراف عن تحقيق
الهدف مهما كان بسيطا فشال ذريعا .
لسوء الحظ ليست كل األهداف التي يرمي لتحقيقها الساعون للكمال واقعية ومنطقية .
في حين أن الساعين لالنجاز يضعون أهدافا كبيرة ويسرون بالعمل لتحقيقها ويذهبون
بعيدا في تحقيق األهداف متى انتهوا من انجازها ،في حسن يضع الساعون للكمال
أهدافا يصعب تحقيقها أو صعبة المنال .ولهذا السبب نجد أجواء التعاون والعمل
والسعادة والنجاح تغمر حياة الساعين لالنجاز في حين أن الساعين للكمال يقضون
وقتهم وحياتهم في مطاردة أهدافهم .
الساعون للكمال أقل الناس سعادة واندماجا بالحياة .ويتصرفون عكس الساعين
لالنجاز فهم يجلدون أنفسهم بسبب أخطائهم كثيرا وتسيطر عليهم الوساوس
والمشاعر السلبية عند عدم تحقيق أهدافهم .وهذا يقود بالتأكيد للخوف من الفشل .
يخشى الساعون للكمال الفشل كثيرا أكثر من الساعين لتحقيق االنجازات وحيث أنهم
يركزون على النتائج ويمتلكون مخزونا هائال من أرقام االنجازات فإنهم يخافون أال
يحققوا الكمال في كل شيء يقومون به .وينظر الساعون للكمال إلى الفشل كشبح
مخيف ويعتقدون أن عدم تحقيق الهدف مئة بالمئة يعني حتما الفشل وهذا بدوره يقود
إلى التسويف.
التسويف في األعمال:
يبدو للوهلة األولى أن هذا المفهوم يناقض ثقافة السعي للكمال وحيث أن التسويف
عدو لدود لإلنتاجية والمردود فمن المدهش أن نجد السعي للكمال يسير يدا بيد مع
التسويف ويلتقي به وحيث أن الساعين للكمال يخشون الفشل فإنهم يتعرضون
لسيطرة القلق والتردد في أداء األعمال .نجدهم يحشدون القوى ويحشدون الطاقات
لتنفيذ األعمال من دون فشل وهذا بدوره يؤدي إلى التأجيل وسيطرة مشاعر الفشل
كاحتمال ممكن فيدورون في دائرة مفرغة ليس لها قرار .
يتموضع الساعون للكمال في حالة الدفاع ألنهم تقييمهم ألدائهم على أنه أقل من
المطلوب يضعهم في حالة خوف مؤلمة .ويميلون نحو النقد البناء الدفاعي في حين
نجد الساعين لالنجاز يرون في النقد معلومات قيمة ومفيدة تساعد في تحسين األداء
المستقبلي .
يميل الساعون لالنجاز إلى امتالك أعلى درجة من احترام الذات لكن الساعون نحون
الكمال ال يمتلكون نفس المستوى من احترام ذاتهم .يميلون نحو الحزن والنقد الذات
والتبرير والتعاسة ويعانون من تقليل االحترام لذاتهم .ويشعرون بالوحدة والعزلة
بسبب طبيعتهم االنتقادية وقساوتهم تجاه اآلخرين األمر الذي يقود إلى تقليل احترام
الذات .
قد تساعدك األفكار التالية في تحديد مستوى الشعور للكمال في شخصيتك .لنحاول
تقصي مستويات السعي للكمال في داخلنا بعد قراءة األفكار التالية :
ليس هناك مجال للخطأ في حياتي فأنا أقوم بتصحيح أي خطأ أواجهه فورا .
لدي أسلوبي الخاص في حل المشكالت التي أواجهها .وأنا أختلف عن الناس
في حل المشكالت .
أحاول أن أحقق كل شيء دفعة واحدة وفي حال لم يحدث ذلك أشعر بعدم
الراحة .
شعاري في الحياة " األمور بنتائجها " وفي حال لم تكن النتائج مرضية فهذا
يعني الفشل.
أنا قاس مع نفسي في حال حدوث الخطأ .ألوم نفسي وأحملها مسؤولية أي
خطأ أقع فيه .
أشعر باإلحباط عندما أفشل في تحقيق ما أخطط له .
لدي سقف كبير مع المعايير العالية التي يجب االلتزام بها دائما .
النجاح وحده ال يكفي .هناك أشياء أعلى وأهداف أرقى يجب الوصول إليها .
أحيانا أشعر بضرورة التأجيل والتأني في عمل األشياء حتى تكون النتائج
المتوخاة مرضية ،وأشعر أن علي أن ال أبدأ عمال إال إذا كنت مستعدا له.
أرى األخطاء التي ال يراها اآلخرون وأهتم بالتفاصيل الدقيقة .
أقضي وقتا طويال النجاز أعمالي بطريقة كاملة .الكمال عندي غاية .
كثيرون منا ال يرصدون مستويات الكمال في دمائهم .قد يتصرفون بطريقة عفوية
وال ينتبهون للحالة المرضية التي قد يتألم منها أقرب الناس إليك ....
فهل من مجيب؟
المراجع
https://anxietycanada.com/articles/how-to-overcome-perfectionism
https://hbr.org/2018/12/the-pros-and-cons-of-perfectionism-according-to-research
www.bbc.com/future/story/20180219-toxic-perfectionism-is-on-the-rise
https://personalexcellence.co/blog/perfectionism/