Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 17

‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.

‬‬

‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر‬


‫تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬
‫جامعة عبد احلميد بن باديس مستغاًل‬

‫سجلت لنا كتب التاريخ العربية كالغربية الكثَت من الركايات حوؿ عالقة العرب باألمازيغ يف األراضي‬

‫اجلزائرية‪ ،‬كلعل ادلطّلع على بعض تلك الكتب يكتشف تناقضا كاضحا بُت ما كتبو أىل البالد من حقائق توارثتها‬

‫األجياؿ‪ ،‬كما كتبو اآلخر ادلتجلّي خصوصا يف ادلستعمر الفرنسي‪ ،‬حيث حاكؿ ىذا األخَت تشويو صورة العريب‬

‫الفاتح ككصفو باذلمجية كالعنف‪ ،‬فاختلق القصص كاحلكايات إلشعاؿ نار الفتنة بُت أبناء الوطن الواحد‪ ،‬كجعل‬

‫لكن ذلك مل ينفع‪،‬‬


‫من الفتح اإلسالمي نوعا من أنواع االستعمار ليتساكل العريب بالفرنسي يف نظر األمازيغي‪ّ ،‬‬
‫ادلوحدة يف الساعة الصفر من فاتح نوفمرب (الشهر‪ )11‬سنة‬
‫حيث تكاتف رجاؿ الوطن الواحد ليعلنوا ثورهتم ّ‬
‫حجة للعامل بأسره تثبت كحدة‬
‫‪1954‬ـ‪ ،‬فانطلقت أكؿ رصاصة يف نقاط سلتلفة من أرض اجلزائر‪ ،‬ككاف ذلك ّ‬
‫للتعرؼ على حقيقة تلك العالقة اليت مجعت أبناء الوطن الواحد ‪-‬بالرغم‬
‫الشعب؛ إ ّّنا كحدة صنعها اإلسالـ‪ .‬ك ّ‬
‫من اختالؼ أعراقهم‪ -‬سأعمل على إعطاء نظرة حوؿ التعايش العريب األمازيغي حتت ظل اإلسالـ يف اجلزائر يف‬

‫جتربة األمس كاليوـ‪ ،‬ملقية الضوء على مسألة كحدة الدين‪ ،‬كقضايا ادلذىب كاللغة‪.‬‬

‫قبل الولوج إىل موضوعنا األساس ال بد من التنويو أكال إىل أ ّف مسألة التعايش بُت رلموعة من األجناس‬

‫رلرد جتربة ناجحة‬


‫يف اجلزائر (األمازيغ كالعرب كاألندلسيوف كاألتراؾ‪ )...‬ليس باألمر اخلارؽ للعادة‪ ،‬كإّّنا ىي ّ‬

‫‪1‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫األخوة كاحلب يف اهلل كغَتىا‪ ،‬ككيف ال تنجح‬


‫بفضل احلفاظ على الكثَت من القيم اإلسالمية‪ ،‬كالعدؿ كادلساكاة ك ّ‬
‫آمنُوا ََل‬ ‫َّ ِ‬
‫ين َ‬
‫ىذه التجربة كأصحاهبا يعرفوف جيّدا أ ّف احتقار ادلسلم ألخيو ادلسلم حراـ؛ لقولو تعاىل‪﴿ :‬يَا أَيُّ َها الذ َ‬
‫سى أَ ْن يَ ُك َّن َخ ْي ًرا ِم ْن ُه َّن َوََل تَل ِْم ُزوا‬ ‫يس َخر قَ وم ِمن قَ وٍم عسى أَ ْن ي ُكونُوا خي را ِم ْن هم وََل نِساء ِمن نِ ٍ‬
‫ساء َع َ‬
‫َْ ً ُ ْ َ َ ٌ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ ْ ٌْ ْ ْ َ َ‬
‫ك ُه ُم الظَّالِ ُمو َن﴾‪ 1‬كقوؿ‬
‫ب فَأُولَئِ َ‬ ‫اإل ِ‬
‫سو ُق بَ ْع َد ِْ َ‬
‫يمان َوَم ْن لَ ْم يَتُ ْ‬
‫اب بِْئ ِ‬
‫س اَل ْس ُم الْ ُف ُ‬
‫َ‬
‫أَنْ ُفس ُك ْم َوََل تَنَابَ ُزوا بِ ْاألَلْ َق ِ‬
‫َ‬
‫َخاه ادلسلِ َم»‪ .‬ركاه‬
‫َ‬
‫رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم عن أيب ىريرة رضي اهلل عنو‪« :‬حبسب امر ٍئ ِمن الشَِّّر أف ِ‬
‫حيقَر أ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ُ‬
‫مسلم‪.2‬‬

‫رلرد سللوؽ من تراب‪ ،‬ال خيتلف عن أخيو‬


‫ككيف ال تنجح ىذه التجربة كأصحاهبا يعرفوف أ ّف اإلنساف ّ‬
‫نص للشيخ زلمد الغزايل رمحو اهلل‪ ،‬حيث‬
‫اإلنساف إال بالتقول‪ ،‬فإف نسي ذلك اختفت إنسانيتو‪ ،‬كحيضرين ىاىنا ّ‬
‫كمريدا كقادرا كعادلا كمتكلّما كمسيعا كبصَتا‪،‬‬
‫يقوؿ‪" :‬بعد أف صار اإلنساف حيمل آثارا من صفات اهلل جعلتو حيا ُ‬
‫استحق اإلنساف أف يكوف خليفة اهلل يف أرضو‪ ...‬إ ّف اإلنساف كائن عظيم حقا بػَْيد أ ّف عظمتو ترجع‬
‫بعد ذلك‪ّ ،‬‬
‫إىل نسبو األرضي ادلادم"‪ . 3‬لذلك صلد الناس دائما يف نزاع أبدم "أساسو‪ :‬أتكوف اذليمنة للحيواف الرابض يف دـ‬

‫اإلنساف يتحرؾ بنزعات القسوة كاألثرة كحدىا‪ ،‬أـ تكوف اذليمنة للقلب اإلنساين ادلتطلع إىل الكماؿ كالسالـ‪،‬‬

‫كاحلب كاإليثار؟ ذاؾ ما جيب أف يُعرؼ جبالء"‪ ،4‬كذاؾ كلو ىو سبب سعادة ادلسلمُت أك شقائهم‪.‬‬

‫‪ 1‬سورة احلجرات‪ ،‬اآلية ‪.11‬‬


‫‪ 2‬يراجع‪ ،‬رياض الصاحلُت‪ ،‬أبو زكريا حيي بن شرؼ النوكم الدمشقي‪ ،‬دار إحياء الًتاث العريب‪ ،‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪1403 ،‬ىػ ‪1983 -‬ـ‪ ،‬ص‬
‫‪.443‬‬
‫‪ 3‬اجلانب العاطفي من اإلسالـ‪ ،‬زلمد الغزايل‪ ،‬شركة الشهاب‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ص ‪.112‬‬
‫‪ 4‬نفسو‪ ،‬ص ‪.113‬‬

‫‪2‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫كصانا الرسوؿ األمُت صلوات‬


‫األمة‪ ،‬لذلك ّ‬
‫تُع ّد مسألة األخوة كاحلب يف اهلل من الشركط الرئيسة لصالح ّ‬
‫اهلل كسالمو عليو بأف ضلب بعضنا بعضا؛ حيث ح ّدثنا آدـ‪ :‬ح ّدثنا شعبة‪ ،‬عن قتادة‪ ،‬عن أنس بن مالك رضي اهلل‬

‫كحىت أف‬ ‫ِ‬


‫حيب ادلرءَ ال ُحيبّو إال هلل‪ّ ،‬‬
‫عنو قاؿ‪ :‬قاؿ النيب صلى اهلل عليو كسلم‪« :‬ال جيد أحد حالكة اإلدياف حىت ّ‬
‫ب إليو ِشلَّا‬
‫َح َّ‬
‫بعد إذ أنق َذهُ اهللُ‪ ،‬كحىت يكوف اهلل كرسولو أ َ‬
‫ِ‬
‫أحب إليو من أف يرج َع إىل ال ُكف ِر َ‬
‫يُقذؼ يف النار ّ‬
‫‪1‬‬
‫مهمة إلقامة تلك العالقة ادلتينة بُت أفراد األمة‬
‫حب اهلل كرسولو مث حب ادلسلمُت ركيزة ّ‬
‫سوامها» ‪ .‬كىكذا كاف ّ‬
‫اإلسالمية‪ ،‬كلعلنا نلمس ذلك جليّا يف ّأكؿ جتربة تعايش حقيقية مجعت بُت ادلهاجرين كاألنصار حتت راية‬

‫اإلسالـ‪.2‬‬

‫قد يرل البعض أف مسألة التعايش بُت أىل ادلدينة كضيوفهم الوافدين من مكة ىي قصة حتوم يف طيّاهتا‬

‫الكثَت من اإلعجاز‪ ،‬كقد يرل البعض أ ّف ذاؾ احلُب الذم نسمع عنو كصل إىل درجتو القصول بفضل تواجد‬

‫الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم بُت مجاعات ادلدينة؛ "قاؿ ابن إسحاؽ‪ :‬كآخى رسوؿ اهلل صلى اهلل عليو كسلم بُت‬

‫تآخوا يف اهلل أخوين‬


‫أصحابو من ادلهاجرين كاألنصار‪ ،‬فقاؿ ‪ -‬فيما بلغنا‪ ،‬كنعوذ باهلل أف نقوؿ عليو ما مل يقل‪َ « :-‬‬
‫أخوين»‪ .3‬ككصلنا "من خرب األنصار يوـ ىاجر إليهم الناس أ ّّنم كانوا خيتصموف على ادلهاجر كل يريد أف يضمو‬

‫إىل نفسو حىت أنّو مل ينزؿ مهاجرم على أنصارم إال بالقرعة"‪ .4‬ككانت تلك األخوة قائمة على ادلساكاة كاحلق‪،‬‬

‫﴿وأُولُو‬
‫بل ككانوا يتوارثوف فيما بينهم بعد ادلوت دكف ذكم األرحاـ‪ ،‬كداـ ذلك إىل أف أنزؿ اهلل تعاىل قولو‪َ :‬‬

‫‪ 1‬صحيح البُخارم‪ ،‬اإلماـ أبو عبد اهلل زلمد بن إمساعيل بن إبراىيم بن ادلغَتة بن بَردزبَو البخارم اجلُعفي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتكت‪،‬‬
‫لبناف‪ ،‬ط ‪1423 ،2‬ىػ ‪2002 -‬ـ‪ ،‬طبعة كاملة يف رللّد كاحد‪ ،‬ص ‪.1111‬‬
‫‪ 2‬يراجع‪ ،‬الرقائق‪ ،‬زلمد أمحد الراشد‪ ،‬دار الشهاب للطباعة كالنشر‪ ،‬باتنة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط ‪ ،2‬ص ‪.68 ،67‬‬
‫‪ 3‬سلتصر سَتة ابن ىشاـ (السَتة النبوية)‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬بدكف طبعة‪ ،‬ص ‪.109 ،108‬‬
‫‪ 4‬الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلّم‪ ،‬سعيد ح ّول‪ ،‬دار عمار‪ ،‬بَتكت ‪ُ -‬ع ّماف‪1408 ،‬ىػ ‪1988 -‬ـ‪ ،‬ص‪.187‬‬

‫‪3‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫ِ ‪1‬‬ ‫ض فِي كِتَ ِ‬


‫اب اللَّه﴾ "كمن ّ‬
‫يتأمل إىل ىذه ابحمبة اليت يستحيل أف تكوف بتأثَت بَشر‪،‬‬ ‫ض ُه ْم أ َْولَى بِبَ ْع ٍ‬
‫ْاأل َْر َح ِام بَ ْع ُ‬

‫بل بفضل من اهلل كرمحتو‪ ،‬يفهم كيف انتصر ىؤالء األقواـ على معانديهم من ادلشركُت كأىل الكتاب مع قلة‬

‫العدد"‪.2‬‬
‫العدد ك ُ‬
‫َ‬

‫ادلنورة) مؤلّفا من األكس كاخلزرج كبينهما عداء قدمي‪ ،‬كاليهود ككانوا‬


‫كاف اجملتمع ادلدين (نسبة إىل ادلدينة ّ‬
‫منقسمُت على بعضهم‪ ،‬بعضهم مع األكس كبعضهم مع اخلزرج‪ ،‬ككاف خصاـ القبيلتُت العربيتُت خيدمهم كثَتا‪،‬‬

‫كبالرغم من ىذا اخلليط العجيب‪ ،‬دت ّكن الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلّم بفضل اهلل‬
‫ىذا باإلضافة إىل ادلهاجرين‪ّ ،‬‬
‫تعاىل من كتابة أكؿ كثيقة سياسية يف اإلسالـ بُت ىذه األطراؼ كلها دتثّل الدستور الذم يتعايش بو ىؤالء مجيعا‪،‬‬

‫كقد رضوا بو‪.3‬‬

‫ىكذا إذا ُرمست ادلعامل األكىل دلسَتة انتشار اإلسالـ‪ ،‬فكانت جتربة التعايش يف ادلدينة قدكة للمسلمُت يف‬

‫مستقبلهم‪ ،‬ككانت ادلبادئ اليت ذكرناىا سببا من أسباب صلاح الفتح اإلسالمي الذم كاف رحيما على الشعوب‪،‬‬

‫ككأ ّف الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلم مل يفارؽ أصحابو‪ ،‬فهو إف كاف قد رحل إىل جوار ربو فإ ّف رسالتو باقية بقاء‬

‫البشرية‪ .‬كبالرغم شلا قلناه؛ صلد بعض ادلغالطُت من رجاؿ الدين يف الغرب يتهموف الفتح اإلسالمي بالعنف مع‬

‫لكن ذلك مل يعكس احلقيقة التارخيية أبدا‪" ،‬لقد كاف اإلسالـ يف‬
‫ادلعارضُت لو‪ ،‬بل جعلوا ذلك سببا لالنتقاـ‪ّ ،‬‬
‫عنفواف ّقوتو رحيما‪ ،‬ككما قاؿ غوستاؼ لوبلوف‪ :‬إ ّف العامل مل يعرؼ فاحتا أرحم من العرب"‪ .4‬كيف ىذا السياؽ‬

‫‪ 1‬سورة األحزاب‪ ،‬اآلية‬


‫‪ 2‬نور اليقُت يف سَتة سيد ادلرسلُت‪ ،‬زلمد احلضرم بك‪ ،‬مكتبة الشركة اجلزائرية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬بدكف طبعة‪ ،‬ص ‪.88‬‬
‫‪3‬‬
‫حول‪ ،‬ص ‪.187‬‬ ‫يراجع‪ ،‬الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلّم‪ ،‬سعيد ّ‬
‫‪4‬‬
‫تأخر العرب كادلسلمُت‪ ،‬زلمد الغزايل‪ ،‬دار البعث للطباعة كالنشر‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬اجلزائر‪1406 ،‬ى ػ‪1986 -‬ـ‪ ،‬ص ‪،152‬‬
‫سر ّ‬‫يراجع‪ّ ،‬‬
‫‪.153‬‬

‫‪4‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫يقوؿ الدكتور أبو القاسم سعد اهلل عن جتربة الفتح يف اجلزائر‪" :‬ىناؾ مواقف كتفاسَت كثَتة يف تاريخ ادلغرب العريب‬

‫حتتاج إىل تصحيح كإعادة نظر‪ .‬فمن الشائع عندنا مثال أ ّف الرببر قد قاكموا «العرب» مقاكمة شديدة أيّاـ الفتح‬

‫األكلُت كتناقلتها الركاة بدكف تساؤؿ أك دتحيص‪ .‬كعندما‬


‫ادلؤرخُت ّ‬
‫اإلسالمي‪ .‬كقد ّركج ذلذه الفكرة اجلهلة من ّ‬
‫جاءنا االستعمار األكريب احلديث (حديث بالنسبة لالستعمار األكريب القدمي أك الركماين كالوندايل) كجد يف تلك‬

‫يضخموّنا كيزيدكف عليها كينسجوف من حوذلا األساطَت‪ ،‬مستهدفُت إحداث‬


‫الركاية مادة خصبة فراح مؤرخوه ّ‬
‫الشقاؽ بُت أبناء البلد الواحد لكي يسًتحيوا ىم كيطوؿ هبم ادلقاـ"‪ ،1‬فهل كاف الفتح فعال هبذا العسر يف األراضي‬

‫اجلزائرية؟ كىل كانت العداكة بُت األمازيغ كالعرب هبذا الشكل الذم رمسو الغرب‪.‬‬

‫شوه احلقيقة يف مؤلّفات اآلخر‪ ،‬فيوصف العريب بالظامل كادلغتصب‪ ،‬كاألمازيغي بالرببرم‬
‫ىكذا إذف تُ ّ‬
‫ادلستسلم اخلاضع‪ ،‬فهذا ادلستشرؽ غوتو ‪-‬مثال‪ -‬يقوؿ‪..." :‬فإنّنا نالحظ تسلسال غَت منقطع من التسلّطات‬

‫األجنبية‪ :‬فالفرنسيوف قد جاؤكا بعد األتراؾ الذين جاؤكا بعد العرب الذين جاؤكا بعد البيزنتيُت الذين جاؤكا بعد‬

‫الونداؿ الذين جاؤكا بعد الركماف الذين جاؤكا بعد القرطاجيُت‪ ،‬كيالحظ أ ّف الفاتح مهما كاف يبقى سيد ادلغرب‬

‫إىل أف يطرد من طرؼ الفاتح اجلديد الذم خيلفو‪ 2".‬ككأ ّف أمازيغ ادلغرب ىم قوـ ال يعيشوف إال حتت سلطة‬

‫شك أ ّف يف تلك اآلراء الزائفة دعوة معلنة موجهة ألمازيغ اجلزائر خصوصا كادلغرب العريب عموما‬
‫االستعمار‪ ،‬كال ّ‬

‫كي يستسلموا للمستعمر اجلديد (فرنسا) كينضموا إليو‪ ،‬إال أ ّف اجلزائرم يف ىذه الفًتة مل يكن يُؤمن إال بإسالمو‬

‫مهمتو‪.‬‬
‫صعب على ادلستعمر ّ‬
‫كجنسيتو‪ ،‬شلا ّ‬

‫‪ 1‬أحباث كآراء يف تاريخ اجلزائر‪ ،‬أبو القاسم سعد اهلل‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر كالتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪1978 ،‬ـ‪ ،‬ص ‪.5‬‬
‫‪ 2‬ينظر‪ ،‬اجلزائر بُت ادلاضي كاحلاضر‪ ،‬أندرم برنيا ف كأندرم نوشي كإيف الكوست‪ ،‬ترمجة إسطنبويل رابح كمنصف عاشور‪ ،‬طبع ادلؤسسة‬
‫الوطنية للفنوف ادلطبعية‪ ،‬اجلزائر‪1984 ،‬ـ‪ ،‬ص ‪.65‬‬

‫‪5‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫كلفهم حقيقة االندماج الذم عرفو اجملتمع اجلزائرم باختالؼ أعراقو‪ ،‬البد من الرجوع إىل األمس البعيد‪،‬‬

‫كبالتحديد إىل بداية الفتح اإلسالمي للمنطقة‪ ،‬فبعد أف لقي اإلسالـ مكانا يف قلوب سكاف اجلزيرة العربية‪ ،‬عزـ‬

‫ادلسلموف على إكماؿ الرسالة كنشر اإلسالـ عرب كل األمصار‪ ،‬كانتشرت الفتوحات إىل أف كصلت إىل ادلغرب‪.‬‬

‫ككيل عقبة بن نافع الفهرم عليها سنة ‪50‬ىػ‪669/‬ـ من طرؼ اخلليفة‬


‫فبعد زلاكالت عديدة متَّ فتح إفريقية‪ُ ،‬‬
‫معاكية بن أيب سفياف‪ .1‬لكن كاليتو كاجهت مشاكل جعلت مسلمة بن سللد يتوىل مكانو‪ ،‬ككاف أكؿ من حكم‬

‫مصر كإفريقية معا‪ .‬كىو من أرسل أبا ادلهاجر دينار الذم فتح اجلزائر طلبا للتوسع‪ .2‬حيث التقى بادللك األمازيغي‬

‫مقررا دلصَت األمازيغ كصاحب الكلمة ادلسموعة‪ .‬مث‬


‫كسيلة الذم صادقو بعد أف حاربو كىزمو‪ .‬ككاف كسيلة ّ‬
‫عادت الوالية بعد ذلك إىل عقبة بن نافع الذم اختلف مع كسيلة‪ ،‬كاستعمل طريق القوة‪ ،‬ككانت النتيجة أنو قُتِل‬

‫من طرؼ كسيلة ىذا‪ 3‬مبساندة من الكاىنة كاألمازيغ‪.4‬‬

‫كبالرغم من تواجد أيب ادلهاجر يف السجن إال أنو مل يتواف عن تقدمي النصيحة لعقبة‪ ،‬حيث أ ّكد عليو‬

‫الشدة مع األمازيغ‪ ،‬إالّ أنّو مل يعط أم اىتماـ ذلذه ادلسألة‪ ،‬ككاف ذلك‬
‫ضركرة االتفاؽ مع كسيلة كعدـ استعماؿ ّ‬

‫سببا من أسباب فشلو الذم انتهى مبقتلو ىو كمن معو مجيعا‪.5‬‬

‫‪ 1‬يراجع‪ ،‬ادلغرب الكبَت – العصر اإلسالمي – دراسة تارخيية كعمرانية كأثرية‪ ،‬السيد عبد العزيز سامل‪ ،‬ص ‪.195‬‬
‫‪ 2‬يراجع‪ ،‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.216 ،...208‬‬
‫‪ 3‬يراجع‪ ،‬ادلصدر نفسو‪ ،‬ص ‪.229 ،228‬‬
‫‪ 4‬يراجع‪ ،‬مسَتة اللغة العربية يف اجلزائر ‪ -‬من الفتح اإلسالمي إىل االحتالؿ الفرنسي‪ ،‬سلتارية بن قبلية‪ ،‬رللة حوليات الًتاث‪ ،‬رللة علمية‬
‫زل ّكمة تعٌت مبجاالت الًتاث‪ ،‬جامعة مستغاًل‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬العدد ‪2011 ،11‬ـ‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ 5‬يراجع‪ ،‬سلتصر تاريخ اجلزائر ‪ -‬السياسي كالثقايف كاالجتماعي‪ ،‬عبد اهلل شريط كزلمد مبارؾ ادليلي‪ ،‬ادلؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫‪1985‬ـ‪ ،‬ص ‪.74 ،73‬‬

‫‪6‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫الفر بُت العرب كاألمازيغ‪ ،‬إىل أف قتلت الكاىنة‪ ،‬حيث دخل حساف بن النعماف‬
‫استمرت عملية الكر ك ّ‬
‫اجلزائر‪ ،‬كصلّح ما ارتكبو سابقوه من أخطاء‪ .‬فاستماؿ االبن األكرب للكاىنة كأعطاه كالية األكراس‪ ،‬كىناؾ كقع‬

‫االتفاؽ بُت العرب كاألمازيغ أخَتا‪ 1.‬كمن بُت العوامل اليت ساعدت على ىذا االتفاؽ ىو اقتناع ابٍت الكاىنة‬

‫بالغاية الشريفة من فتح اجلزائر‪ ،‬حيث تأكدكا من كوّنا غاية دينية ال دنيوية‪ ،‬خاصة أ ّف العرب دتسكوا هبذه‬

‫األرض حىت بعد حرؽ الكاىنة للمزارع قبل موهتا ظنا منها أ ّف ادلسلمُت دخلوا طمعا يف الثركات‪ .‬كبعد االتفاؽ‬

‫كحتسنت العالقات بُت اجلميع‪ ،‬حىت بعد عزؿ‬


‫بُت العرقُت‪ ،‬اعتنق ابٍت الكاىنة اإلسالـ‪ ،‬ككذلك معظم األمازيغ‪ّ ،‬‬
‫حساف بن النعماف كتعيُت موسى بن نصَت مكانو‪.2‬‬

‫إ ّف احلديث عن تلك احلركب اليت جرت بُت األمازيغ كالعرب يف بداية الفتح يبقى يف الكثَت من جوانبو‬

‫ادلؤرخُت إىل اعتبار نوميديا (جزائر ما قبل الفتح) بلدا مستقال حيكمو‬
‫غامضا إىل ح ّد ما‪ ،‬حيث دييل الكثَت من ّ‬
‫لكن احلقيقة اليت يتحراىا الدكتور أبو القاسم سعد اهلل كاليت نراىا سببا مهما من أسباب تفاىم األمازيغ مع‬
‫أىلو‪ّ ،‬‬
‫العرب ىي أ ّف نوميديا ‪-‬حينها‪ -‬كانت مستعمرة بيزنطية‪ ،‬كالصراع الذم قاـ بُت اجلنود األمازيغ كاجلنود العرب ىو‬

‫يف احلقيقة صراع بيزنطي إسالمي كليس بالصراع األمازيغي العريب؛ "ككاف ذلك الصداـ صداما «دكليا» بكل ما يف‬

‫ىذا التعبَت من معٌت مبفهومنا احلديث‪ ،‬فالدكلة البيزنطية‪ ،‬اليت كانت تستعمر مشاؿ أفريقية أيضا كانت دتثل القوة‬

‫القددية اليت بدأىا الضعف بينما الدكلة اإلسالمية الفتية كانت دتثل القوة اجلديدة ادلنافسة‪ .‬ككاف ال بد من تصفية‬

‫احلساب بُت القوتُت أل ّف البحر األبيض كادلنطقة اجلغرافية ادلمتدة من الشاـ إىل جبل طارؽ ال تتسع ذلما معا‪.‬‬

‫فاحلركب اليت جرت على الساحة ادلذكورة مل تكن بُت الفاحتُت ادلسلمُت كأىل تلك البالد كلكنها كانت بُت‬

‫‪ 1‬يراجع‪ ،‬اجلزائر بُت ادلاضي كاحلاضر‪ ،‬أندرم برنياف كأندرم نوشي كإيف الكوست‪ ،‬ترمجة إسطنبويل رابح كمنصف عاشور‪ ،‬ص ‪،240‬‬
‫‪.250 ...‬‬
‫‪ 2‬يراجع‪ ،‬مسَتة اللغة العربية يف اجلزائر ‪ -‬من الفتح اإلسالمي إىل االحتالؿ الفرنسي‪ ،‬سلتارية بن قبلية‪ ،‬رللة حوليات الًتاث‪ ،‬رللة علمية‬
‫زل ّكمة تعٌت مبجاالت الًتاث‪ ،‬جامعة مستغاًل‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬العدد ‪2011 ،11‬ـ‪ ،‬ص ‪.58‬‬

‫‪7‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫الفاحتُت ادلسلمُت كالقوة البيزنطية ادلتسلّطة على تلك البالد كاليت كانت ختشى ضياع نفوذىا االقتصادم‬

‫(االستعمار) كادلدين (ادلسيحي) إذا انتصر ادلسلموف"‪.1‬‬

‫أحس األمازيغ ببساطة ىذا الدين الوافد إليهم‪ ،‬حاكلوا فهمو كالتعرؼ على مبادئو‪ ،‬فتعلموا العربية‬
‫دلا ّ‬
‫ادلؤرخُت الغربيُت‪ ،‬الذين الحظوا أ ّف‬
‫لبلوغ غايتهم‪" ،‬إ ّف ىذا اإلقباؿ على اإلسالـ هبذه السرعة قد أدىش كل ّ‬
‫اإلسالـ كالعربية قد قضيا بسهولة على ابحماكالت اليت بذلتها الالتينية كادلسيحية خالؿ قركف طويلة لربط مصَت‬

‫ادلغرب العريب‪ 2‬بالغرب األكركيب‪ .‬كلسنا يف حاجة إىل اإلحلاح على أ ّف كضوح العقيدة اإلسالمية كبساطتها ‪...‬‬

‫دفع الرببر إىل اإلقباؿ على اإلسالـ كاعتناقو‪ 3".‬خاصة إذا علمنا أ ّف "الذين مل يدخلوا يف دين اإلسالـ مل ُجيربكا‬

‫ىامة‬
‫على دفع ضريبة اجلزية اليت ىي دكف االغتصابات الضريبية البيزنطية بكثَت ‪-‬كزيادة على ذلك‪ ،‬فإ ّف مجاعات ّ‬
‫مسيحية أك يهودية استطاعت أف حتتفظ طويال بإدياّنا كأف تتمتّع مرارا بطمأنينة عجزت الدكؿ ادلسيحية أف‬

‫تُق ّدمها ذلا"‪ .4‬ككل ىذا صلم من ذكاء العريب الفاتح كتطبيقو للشريعة اإلسالمية على أصوذلا‪.‬‬

‫كمن أىم العوامل اليت جذبت األمازيغ إىل اإلسالـ؛ العدالة كادلساكاة اليت نادل هبا ىذا الدين كاليت‬

‫أعطت حق اخلالفة لكل مسلم تتوفر لديو الشركط ادلطلوبة بغض النظر عن عرقو‪ ،‬كما كاف من حق األمازيغ أف‬

‫الشريعة‪ .5‬أضف إىل ذلك ّأّنم "اختلطوا بالعرب كتزكجوا معهم‪ ،‬فاختذت كثرة‬
‫يثوركا على اخلليفة إف خالف تعاليم ّ‬

‫‪ 1‬أحباث كآراء يف تاريخ اجلزائر‪ ،‬أبو القاسم سعد اهلل‪ ،‬ص ‪.6 ،5‬‬
‫‪ 2‬ادلغرب العريب ىي التسمية احلالية للمغرب الكبَت‪.‬‬
‫‪ 3‬سلتصر تاريخ اجلزائر‪ ،‬عبد اهلل شريط كزلمد مبارؾ ادليلي‪ ،‬ص ‪.75‬‬
‫‪ 4‬اجلزائر بُت ادلاضي كاحلاضر‪ ،‬أندرم برنياف كأندرم نوشي كإيف الكوست‪ ،‬ترمجة إسطنبويل رابح كمنصف عاشور‪ ،‬ص ‪.89 ،88‬‬
‫‪ 5‬يراجع‪ ،‬مسَتة اللغة العربية يف اجلزائر ‪ -‬من الفتح اإلسالمي إىل االحتالؿ الفرنسي‪ ،‬سلتارية بن قبلية‪ ،‬رللة حوليات الًتاث‪ ،‬رللة علمية‬
‫زل ّكمة تعٌت مبجاالت الًتاث‪ ،‬جامعة مستغاًل‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬العدد ‪2011 ،11‬ـ‪ ،‬ص ‪.59‬‬

‫‪8‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫من األسر اإلسالمية اجلديدة أنسابا عربية ليدخلوا يف األرستقراطية احلاكمة‪ 1".‬يف حُت حافظت أسر أخرل على‬

‫عرقها األمازيغي إىل يومنا ىذا‪.‬‬

‫استمرت كستبقى بإذف‬


‫ىكذا إذا كانت بداية احلياة ادلنسجمة بُت أبناء اجلزائر حتت راية اإلسالـ‪ ،‬كىكذا ّ‬
‫يتخل يوما عن دينو كىويّتو‪ ،‬حيث صلده اليوـ يتبع الدين اإلسالمي بنسبة تقًتب‬
‫اهلل‪ ،‬ذلك أ ّف الشعب اجلزائرم مل ّ‬
‫م ن الكماؿ باستثناء بعض األجانب ادلقيمُت يف البلد كابحمافظُت على دياناهتم األصلية‪ ،‬كىم قلة قليلة ال تكاد‬

‫تُذكر‪ ،‬كحترص اجلزائر حاليا على كحدة ادلذىب أيضا قدر اإلمكاف دكف ضغط أك إجبار‪ ،‬حيث تعتمد ادلذىب‬

‫التعرؼ على ادلذاىب األخرل‬


‫لكن ذلك ال يعٍت منع الناس من ّ‬
‫ادلالكي‪ ،‬كىي تًتؾ ىذه ادلهمة ألئمة ادلساجد‪ّ ،‬‬
‫كبالرغم من ىذه اجلهود اليت هتدؼ إىل توحيد رأم اجملتمع كإبعاده عن حياة اجلدؿ‬
‫أك االستفادة منها‪ّ ،‬‬
‫كاالختالؼ؛ تسمح الدكلة ‪-‬مثال‪ -‬باتّباع ادلذىب اإلباضي عند بعض القبائل‪ ،‬ذلك أ ّف مسألة توحيد ادلذىب ال‬

‫رلرد إجراء تنظيمي حترص عليو كزارة الشؤكف الدينية اجلزائرية‪ ،‬كىو غَت زل ّدد‬
‫عالقة ذلا باجلانب السياسي‪ ،‬بل ىو ّ‬
‫بقانوف رمسي‪.‬‬

‫موحدة؛ كىي‬
‫ادلوحد‪ ،‬صلد أ ّف الركاية ادلعتمدة يف قراءة القرآف الكرمي يف البلد أيضا ّ‬
‫كباإلضافة إىل ادلذىب ّ‬
‫ركاية كرش عن نافع‪ ،‬ككحدة القراءة ىذه ذلا دكرىا أيضا يف ملّ مشل األفراد‪ ،‬كما أ ّّنا تقي أصحاب الثقافة الدينية‬

‫البسيطة من الوقوع يف االلتباس‪ ،‬فأينما صلّى ادلصلي سيسمع اآليات الشريفة بالقراءة نفسها‪ ،‬كىذا أيضا ‪-‬يف‬

‫يلم الشمل‪.‬‬
‫رلرد إجراء تنظيمي ّ‬
‫رأيي‪ّ -‬‬

‫‪ 1‬علم اللغة العربية‪ ،‬مدخل تارخيي مقارف يف ضوء الًتاث كاللغات السامية‪ ،‬زلمود فهمي حجازم‪ ،‬دار غريب للطباعة كالنشر كالتوزيع‪ ،‬ص‬
‫‪.282‬‬

‫‪9‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫كباحلديث عن مسألة ادلذاىب الدينية كدكرىا يف مل مشل اجلزائريُت على اختالؼ أعراقهم‪ ،‬نعود إىل‬

‫الوراء‪ ،‬كبالضبط إىل فًتة ما بعد الفتح اإلسالمي‪ ،‬كىي الفًتة اليت اعتنق فيها األمازيغ دين اإلسالـ كتشبثوا‬

‫مرة يتخلّصوف من عقدة الدكنية اليت ألصقتها فيهم ادلستعمرات األجنبية عرب العصور‪،‬‬
‫ألكؿ ّ‬
‫بتعاليمو اليت جعلتهم ّ‬
‫كل ذلك‬
‫خاصة أ ّف ىذا اجملتمع أصبح يعيش حتت حكم جديد تتداخل فيو السلطة السياسية مع سلطاف الدين‪ ،‬ك ّ‬
‫أدل إىل اختيار أغلبية اجلزائريُت حينها للمذىب اخلارجي الذم كاف يف اعتقادىم السبيل إىل الذىاب باإلسالـ‬

‫إىل أعماقو كالرجوع بو إىل بساطتو ككضوح مبادئو اليت كانت أكرب عامل من عوامل انتشاره بتلك السهولة كذلك‬

‫اليسر‪.‬‬

‫كاف ادلذىب اخلارجي يدعو إىل ادلساكاة ادلطلقة يف ظل اإلسالـ كإىل أىلية كل مسلم لتقلّد منصب‬

‫اخلالفة إف توفّرت فيو شركطها‪ ،‬كيقوؿ ىذا ادلذىب أيضا بشرعية الثورة على اخلليفة عندما حييد عن كتاب اهلل‬

‫كسنّة رسولو‪ ،‬كىذه األمور عموما ىي اليت جعلت األمازيغ يقفوف مع اخلوارج ض ّد اخلالفة الرستمية‪ ،‬كعلى‬

‫حساب ادلذاىب اخلارجية ادلختلفة ظهر ادلذىب اإلباضي‪ ،1‬كالواضح أ ّف ىذا ادلذىب قد اتُبع يف فًتة معيّنة‬

‫معُت فقط‪ ،‬كبالرغم من انقضاء احلاجة إىل الدعوة للمساكاة كالتعايش بعد حت ّققهما فعال‪ ،‬إال أ ّف ىذا‬
‫كلغرض ّ‬
‫ادلذىب مل خيتف كلّيا من حياة اجلزائريُت‪ ،‬فهو كما قلنا سابقا ال يزاؿ متّبعا إىل يومنا ىذا عند نسبة قليلة جدا‬

‫من أىل البلد‪.‬‬

‫ثار األمازيغ على احلاكم يف دمشق كبغداد طلبا لالستقالؿ‪ ،‬ل ّك ّن ذلك مل يؤثر أبدا على إسالمهم‪ ،‬بل‬

‫العكس؛ فارتباطهم الوثيق هبذا الدين اجلديد ىو الذم جعلهم يطالبوف باحلرية التامة ادلنصوص عليها يف الشريعة‬

‫‪ 1‬يراجع‪ ،‬سلتصر تاريخ اجلزائر‪ ،‬عبد اهلل شريط كزلمد مبارؾ ادليلي‪ ،‬ص ‪.80 ،79‬‬

‫‪10‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫اإلسالمية‪ .‬كبعد استقالؿ ادلغرب األكسط (اجلزائر) عن ادلشرؽ عمل البلد على تطوير عالقتو الثقافية كاالقتصادية‬

‫هبذا األخَت‪ ،‬كما عمل على تطوير أشكالو الثقافية اخلاصة‪.1‬‬

‫ظل سكاف اجلزائر يتّبعوف ادلذىب اخلارجي إىل أف دخل الفاطميوف البلد‪ ،‬ككانت معاملتهم ألىلو سلتلفة‪،‬‬

‫كيُقاؿ ّأّنم فرضوا عليهم جبايات قاسية استعملوىا يف دتويل محالهتم إىل ادلشرؽ‪ ،‬فثار السكاف ض ّد ادلذىب‬

‫انضموا إىل ادلذىب ادلالكي‪ ،2‬كدخلت البلد يف صراعات جديدة ال‬


‫الشيعي بعدما كانوا من اخلوارج قدديا كبعدما ّ‬
‫نريد احلديث عنها ىاىنا كي ال نبتعد عن موضوعنا الرئيس‪.‬‬

‫ظل‬
‫بالرغم من بعض ادلشاكل السياسية اليت شهدهتا البالد بعد الفتح اإلسالمي بسبب توايل الواليات‪ّ ،‬‬
‫مستمر‪ ،‬كنبغ الكثَت من العلماء يف سلتلف العلوـ الدينية كالدنيوية‪ ،‬ككاف من‬
‫تطور ّ‬
‫اجلانب الثقايف كالعلمي يف ّ‬
‫بينهم الكثَت من األمازيغ‪ ،‬السيما أ ّف منطقة جباية األمازيغية صارت قبلة للعلم‪ ،‬كبُرجا من أبراج الثقافة كاحلضارة‬

‫اجلزائرية‪ ،‬كقد نالت ىذا الشرؼ يف عهد ادلوحدين‪ .‬ذلك أنّو "بنهاية دكلة بٍت محاد (‪ 547‬ق) على أيدم‬

‫ادلوحدين‪ ،‬كدخوؿ ادلغرب األكسط حتت نظاـ احلكم اجلديد‪ ،‬أخذت جباية تفتح صفحة جديدة من صفحات‬

‫تارخيها الثقايف كالسياسي كالعمراين كالعلمي‪ .‬ففي ىذا العصر‪ ،‬أصبحت معقال من أىم معاقل احلركة العقلية اليت‬

‫عرفها الشماؿ اإلفريقي‪ ،‬ينتقل إليو عشاؽ األدب كطالب العلم كادلعرفة من سلتلف ادلدف كالقرل‪ ...‬كقِبلةن هتول‬

‫إليها أفئدة ادلسلمُت من بالد األندلس غربا إىل أصفهاف يف بالد العجم شرقا‪ ،‬فاستهوت ألباب عدد غَت قليل من‬

‫‪ 1‬يراجع تفصيل ذلك ‪-‬مع أخذ احليطة من بعض األفكار كادلصطلحات االستشراقية اخلاطئة‪ -‬يف‪ ،‬اجلزائر بُت ادلاضي كاحلاضر‪ ،‬أندرم‬
‫برنياف كأندرم نوشي كإيف الكوست‪ ،‬ترمجة إسطنبويل رابح كمنصف عاشور‪ ،‬ص ‪.92‬‬
‫‪ 2‬يراجع تفصيل ذلك ‪-‬مع أخذ احليطة من بعض األفكار كادلصطلحات االستشراقية اخلاطئة‪ -‬يف‪ ،‬ادلرجع نفسو‪ ،‬ص ‪.100‬‬

‫‪11‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫مشاىَت العلماء كمدرسي العلوـ كأىل الفتول كالقضاء األندلسيُت كالتونسيُت كالليبيُت‪ ...‬كما نبغ يف ىذا العصر‬

‫عدد من العلماء كالشعراء كالكتّاب اجلزائريُت الذين نشئوا يف ادلدينة أك أخذكا عن شيوخها"‪.1‬‬

‫ادلؤرخُت‬
‫حىت شبّهها بعض ّ‬
‫ىكذا؛ دخلت جباية التاريخ من بابو الواسع‪ ،‬كصارت عاصمة فكرية كدينية‪ّ ،‬‬
‫الغربيُت مب ّكة الصغَتة‪ ،2‬كلكثرة العلماء الذين انتسبوا إليها؛ كتب العامل أمحد الغُربيٍت البجائي معجما خاصا‬

‫جيمع فيو أعالـ ادلدينة‪ ،‬كقد اعتمد يف مجعو دلادة الكتاب على حصر أمساء أبناء جباية كادلقيمُت هبا كالوافدين إليها‬

‫من باقي نواحي ادلغرب األكسط (اجلزائر)‪ ،‬كمن ادلغرب كادلشرؽ كاألندلس‪ .‬لذلك صلده يذكر أعالـ قسنطينة‬

‫ككىراف كتلمساف كبونة‪ ...‬باعتبارىم قد زاركا جباية لتحصيل العلم أك للتدريس أك لإلقامة كاالستقرار‪ .‬كجاء ىذا‬

‫ادلعجم شامال دلعظم العلوـ كالفنوف السائدة يف تلك الفًتة‪ ،‬كمل يكن من السهل التمييز بُت األديب كالفقيو‬

‫كادلفسر كاللغوم كما شابو‪ ،‬فعلماء ذاؾ العصر قد ّنلوا من كل العلوـ كالفنوف كبرعوا يف معظمها‪.3‬‬

‫مقومات دينو كتقاليد أجداده‪ ،‬ككانت احلضارة‬


‫كظل رلتمعها زلافظا على ّ‬
‫تتابعت الواليات على اجلزائر‪ّ ،‬‬
‫ختصصاهتا‬
‫تنوعو كانت كل ادلدارس على اختالؼ ّ‬
‫متنوعا‪ ،‬كعلى ّ‬
‫يف أكجها قبل االستعمار الفرنسي‪ ،‬ككاف التعليم ّ‬
‫األخوة الذم كاف يعترب ىو ركح احلياة الدينية كالثقافية يف‬
‫تعلّم تالميذىا مبدأىا ادلشًتؾ‪" :‬كىو مبدأ التسامح ك ّ‬
‫كل طائفة حتتكم لدل قاض من مذىبها‪ :‬احلنفية كادلالكية‪ ،‬كادليزابية‪.‬‬
‫البالد‪ .‬كمن أبرز عالمات ىذا التسامح أ ّف ّ‬

‫‪ 1‬ينظر مقدمة عادؿ نويهض يف كتاب‪ :‬عنواف الدراية فيمن عرؼ من العلماء يف ادلائة السابعة ببجاية‪ ،‬أبو العباس أمحد بن أمحد الغربيٍت‪،‬‬
‫حتقيق كتعليق‪ :‬عادؿ نويهض‪ ،‬منشورات دار اآلفاؽ اجلديدة‪ ،‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪ ،‬ط ‪ ،2‬أفريل ‪ ،1979‬ص ‪ ،7‬كيراجع تفصيل ذلك يف‪ ،‬كتب‬
‫ُت ِيف ْاأل ََد ِ‬ ‫امهةُ ْ ِ‬
‫ب الْ َعَرِ ِّ‬
‫يب‬ ‫اجلََزائ ِريِّ َ‬ ‫"م ُس ََ‬
‫الًتاجم اجلزائرية‪ :‬ذاكرة ال دتوت‪ ،‬سلتارية بن قبلية‪ ،‬حبث ملقى ضمن أعماؿ ادللتقى الوطٍت حوؿ‪ُ :‬‬
‫الْ َق ِد ِمي"‪ ،‬جامعة تلمساف (ادللحقة اجلامعيّة مغنيّة)‪ ،‬يومي‪ 21 -20 :‬نوفمرب ‪( 2012‬سلطوط حتت الطبع)‪.‬‬
‫‪ 2‬يراجع‪ ،‬اجلزائر بُت ادلاضي كاحلاضر‪ ،‬أندرم برنياف كأندرم نوشي كإيف الكوست‪ ،‬ترمجة إسطنبويل رابح كمنصف عاشور‪ ،‬ص ‪.107‬‬
‫ُت ِيف ْاأل ََد ِ‬ ‫امهةُ ْ ِ‬ ‫‪3‬‬
‫ب‬ ‫اجلََزائ ِريِّ َ‬ ‫"م ُس ََ‬ ‫كتب الًتاجم اجلزائرية‪ :‬ذاكرة ال دتوت‪ ،‬سلتارية بن قبلية‪ ،‬حبث ملقى ضمن أعماؿ ادللتقى الوطٍت حوؿ‪ُ :‬‬
‫يب الْ َق ِد ِمي"‪ ،‬جامعة تلمساف (ادللحقة اجلامعيّة مغنيّة)‪ ،‬يومي‪ 21 -20 :‬نوفمرب ‪( 2012‬سلطوط حتت الطبع)‪.‬‬
‫الْ َعَرِ ِّ‬

‫‪12‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫كحىت اليهود حيتكموف لدل احلرب‪ .‬ككاف لليهود مدارسهم اخلاصة يعلمهم فيها رجاؿ دينهم‪ .‬كللعبيد السود ما‬

‫يسمى «قائد الوصفاف»‪ .‬كمل تكن أية فئة من ىذه الفئات تشعر بالضغط من طرؼ فئة األكثرية كىي فئة‬

‫ادلالكية"‪ .1‬كللعلم فإ ّف اليهود الذين عاشوا م ّدة طويلة يف سالـ مع ادلسلمُت يف اجلزائر غادركىا كلّيا مع مغادرة‬

‫العدك الفرنسي بعد انتصار ثورة التحرير‪.‬‬


‫ّ‬

‫ىكذا كانت احلياة االجتماعية يف جزائر األمس‪ ،‬كما تزاؿ إىل يومنا ىذا‪ ،‬كاجلدير بال ّذكر أ ّف انصهار أفراد‬

‫اجملتمع مل يؤثر سلبا على ثقافة األمازيغ‪ ،‬حيث حافظوا طوؿ ىذه السنُت على ذلجاهتم كتقاليدىم‪ ،‬كقد نرل ذلك‬

‫جليّا يف ادلناطق األمازيغية مثل‪" :‬جباية" ك"تيزم كزك" ك"باتنة" كغَتىا من الواليات‪ ،‬أك يف احلياة األسريّة‪ .‬أما‬

‫بالنسبة للعرب فقد أخذكا بدكرىم الكثَت من عادات األمازيغ‪ ،‬كالسيما ما تعلّق بادلأكل كادللبس‪ ،‬كىذا ما دييّز‬

‫احلضارة اجلزائرية اليت شربت من منبعُت متشاهبُت؛ فمنذ دخل العريب إىل ىذه األرض‪ ،‬الحظ تشاهبا كبَتا بينو‬

‫كبُت العنصر األمازيغي‪ ،‬ككاف ذلك خاصة يف ّنط احلياة البدكية كالقبلية كالرعوية كما إىل ذلك‪ ،‬كيف ىذا يرل ابن‬

‫خلدكف إ ّف الرببر (األمازيغ) ىم أشبو اخللق بالعرب‪ .2‬ككاف ىذا التشابو عامال من عوامل االندماج بُت اجلنسُت‪،‬‬

‫"ككاف من ادلمكن أف يؤدم ىذا االندماج إىل ذكباف العرب يف الرببر لوال أ ّف اللقاء كاف يف إطار اإلسالـ كاحلضارة‬

‫العربية اإلسالمية‪ ،‬كبذا كاف ىذا االندماج مشجعا على تعريب أكثر الرببر يف ادلغرب‪ 3".‬دكف إمهاؿ اللغة‬

‫األمازيغية طبعا‪.‬‬

‫ظل اإلسالـ‪،‬‬
‫رمبا صار موضوع التعايش غَت مالئم للطرح يف يومنا ىذا بعد انصهار أفراد اجملتمع حتت ّ‬
‫ككذلك بعد اختالط األنساب‪ ،‬لوال أمهية ىذه القضية بالنسبة للكثَت من الشعوب اليت تسعى إىل السالـ كاألمن‬

‫‪ 1‬سلتصر تاريخ اجلزائر‪ ،‬عبد اهلل شريط كزلمد مبارؾ ادليلي‪ ،‬ص ‪.192‬‬
‫‪ 2‬يراجع‪ ،‬تاريخ ابن خلدكف‪ ،‬مؤسسة مجاؿ‪ ،‬ادلصيطبة‪ ،‬بَتكت‪ ،‬ج ‪ ،7‬ص ‪.2‬‬
‫‪ 3‬علم اللغة العربية‪ ،‬مدخل تارخيي مقارف يف ضوء الًتاث كاللغات السامية‪ ،‬زلمود فهمي حجازم‪ ،‬ص ‪.284‬‬

‫‪13‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫الداخليُت‪ ،‬فتجربة األمس يف اجلزائر ىي اليت جعلت مسألة االندماج اليوـ مثالية إىل ح ّد ما‪ ،‬لكن ذلك ال دينع‬

‫من استمرار بذؿ اجلهود قصد محاية نتائج ىذه التجربة الناجحة بقوانُت كاضحة كصارمة‪ ،‬حيث يسعى الدستور‬

‫اجلزائرم من خالؿ سلتلف مواده إىل احلفاظ على الوحدة الوطنية‪ ،‬كلعل ما جاء يف ادلادتُت الثانية كالثالثة خَت‬

‫نصهما‪:1‬‬
‫دليل على ذلك؛ كىذا ّ‬

‫المادة ‪ :2‬اإلسالـ دين الدكلة‪.‬‬

‫المادة‪ :3‬اللغة العربية ىي اللغة الوطنية كالرمسية‪.‬‬

‫المادة ‪( 3‬مكرر)‪ :‬دتازيغت‪ 2‬ىي كذلك لغة كطنية‪ .‬تعمل الدكلة لًتقيتها كتطويرىا بكل تنوعاتها‬

‫اللسانية ادلستعملة عرب الًتاب الوطٍت‪.‬‬

‫كاختيار اللغة العربية كلغة رمسية يعود إىل كوّنا أكال لغة القرآف‪ ،‬كثانيا أل ّّنا اللغة ادلشًتكة بُت مجيع‬

‫اجلزائريُت‪ ،‬كثالثا أل ّّنا لغة التعامل مع الدكؿ العربية كاإلسالمية‪ ،‬كمن ىنا كانت العربية ىي لغة التعليم كاإلعالـ‬

‫كاإلدارة‪ ...‬كىذا ال يُنقص أبدا من قيمة اللغة األمازيغية عند متكلّميها‪ ،‬كيف ىذا السياؽ جتدر بنا اإلشارة إىل‬

‫مقررات تعليمية تُتبع يف بعض ادلدارس‪ ،‬إال أ ّف‬


‫جهود الدكلة يف ترقية ىذه اللغة‪ ،‬حيث خصصت دلن يريد تعلّمها ّ‬
‫كوّنا رلموعة من اللهجات جعل ىذه العملية دتشي بعُسر‪ .‬كما صلد جتارب أخرل أكثر صلاحا على مستول‬

‫بعض اجلامعات كادلختربات اجلزائرية َختَّرج بفضلها رجاؿ اإلعالـ كالتعليم الناطقُت باألمازيغية‪.‬‬

‫‪ 1‬دستور اجلمهورية اجلزائرية الدديقراطية الشعبية‪ ،‬اجلريدة رقم ‪ 76‬ادلؤرخة يف ‪ 8‬ديسمرب‪ ،1996‬معدؿ بالقانوف ‪ 03 - 02‬ادلمضي يف‬
‫‪10‬أبريل ‪ ،2002‬اجلريدة رقم ‪ 25‬ادلؤرخة يف ‪ 14‬أبريل ‪.2002‬‬
‫‪ 2‬أم‪ :‬اللغة األمازيغية‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫خصصت الدكلة منذ سنوات نشرات إخبارية كحصص متنوعة كأفالـ كطنية‬
‫أما على مستول اإلعالـ فقد ّ‬
‫خصصت دلتكلّمي ىذه اللغة قنا نة كطنية‬
‫مدبلجة‪ ...‬ناطقة باللغة األمازيغية على القناة اجلزائرية الوطنية‪ ،‬إىل أف ّ‬
‫أخرل خاصة هبم ىي القناة اجلزائرية الرابعة‪ .‬كما ال جيب أف ننسى أيضا ما يق ّدـ من فقرات دينية ناطقة باللغة‬

‫األمازيغية على قناة القرآف الكرمي (القناة الوطنية اخلامسة)‪.‬‬

‫تتلخص عموما يف الفهم‬


‫كأخَتا أقوؿ إ ّف األسباب الرئيسة يف فشل أم جتربة تعايش بُت فئتُت مسلمتُت ّ‬
‫اخلاطئ للشريعة اإلسالمية كاتباع البدع كإعطاء األكلوية للعرؽ‪ ،...‬كىذا ما حدث لبعض العرب؛ لذلك صلد‬

‫األخوة اإلسالمية‬
‫أخركا ّ‬
‫الشيخ زلمد الغزايل رمحو اهلل يستنكر أنانية ىؤالء على الرغم من كونو عربيّا‪ ،‬ذلك أ ّّنم ّ‬
‫سيجر عليهم العار كالنار يف الدنيا كاآلخرة‪ .1‬كأمجل ما ديكن أف أختم‬
‫عن اجلنسية العربية‪ ،‬كىذا يف رأيو ىو الذم ّ‬
‫بو ىو قولو رمحو اهلل‪" :‬إ ّف العمل للوحدة اإلسالمية شرؼ باذخ‪ ،‬كرلد شامخ‪ ،‬كجيب على العرب قبل غَتىم من‬
‫‪2‬‬
‫األمة اإلسالمية الكربل‪ ،‬أف يدركوا ىذه احلقيقة كأف يربطوا كالءىم بدينهم ال جبنسيتهم"‬
‫تكوف ّ‬
‫األجناس اليت ّ‬
‫فما أحوجنا اليوـ إىل مثل تلك العاطفة النبيلة اليت جتعل اإلسالـ ىو الوطن‪.‬‬

‫المصادر والمراجع‪:‬‬

‫القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم‪.‬‬


‫‪1‬‬
‫تأخر العرب كادلسلمُت‪ ،‬زلمد الغزايل‪ ،‬ص ‪.154‬‬
‫سر ّ‬‫يراجع‪ّ ،‬‬
‫‪ 2‬نفسو‪ ،‬ص ‪.174‬‬

‫‪15‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫أحباث كآراء يف تاريخ اجلزائر‪ ،‬أبو القاسم سعد اهلل‪ ،‬الشركة الوطنية للنشر كالتوزيع‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬ ‫‪.1‬‬

‫‪1978‬ـ‪.‬‬

‫تاريخ ابن خلدكف‪ ،‬مؤسسة مجاؿ‪ ،‬ادلصيطبة‪ ،‬بَتكت‪.‬‬ ‫‪.2‬‬

‫اجلانب العاطفي من اإلسالـ‪ ،‬زلمد الغزايل‪ ،‬شركة الشهاب‪ ،‬اجلزائر‪.‬‬ ‫‪.3‬‬

‫اجلزائر بُت ادلاضي كاحلاضر‪ ،‬أندرم برنياف كأندرم نوشي كإيف الكوست‪ ،‬ترمجة إسطنبويل رابح‬ ‫‪.4‬‬

‫كمنصف عاشور‪ ،‬طبع ادلؤسسة الوطنية للفنوف ادلطبعية‪ ،‬اجلزائر‪1984 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ .5‬حوليات الًتاث‪ ،‬رللة علمية زل ّكمة تعٌت مبجاالت الًتاث‪ ،‬جامعة مستغاًل‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬مسَتة اللغة‬

‫العربية يف اجلزائر ‪ -‬من الفتح اإلسالمي إىل االحتالؿ الفرنسي‪ ،‬سلتارية بن قبلية‪ ،‬العدد ‪2011 ،11‬ـ‪.‬‬

‫حول‪ ،‬دار عمار‪ ،‬بَتكت ‪ -‬عُ ّماف‪1408 ،‬ىػ ‪-‬‬


‫الرسوؿ صلى اهلل عليو كسلّم‪ ،‬سعيد ّ‬ ‫‪.6‬‬

‫‪1988‬ـ‪.‬‬

‫الرقائق‪ ،‬زلمد أمحد الراشد‪ ،‬دار الشهاب للطباعة كالنشر‪ ،‬باتنة‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬ط ‪.2‬‬ ‫‪.7‬‬

‫رياض الصاحلُت‪ ،‬أبو زكريا حيي بن شرؼ النوكم الدمشقي‪ ،‬دار إحياء الًتاث العريب‪ ،‬بَتكت‪،‬‬ ‫‪.8‬‬

‫لبناف‪1403 ،‬ىػ ‪1983 -‬ـ‪.‬‬

‫تأخر العرب كادلسلمُت‪ ،‬زلمد الغزايل‪ ،‬دار البعث للطباعة كالنشر‪ ،‬قسنطينة‪ ،‬اجلزائر‪،‬‬
‫سر ّ‬‫ّ‬ ‫‪.9‬‬

‫‪1406‬ى ػ‪1986 -‬ـ‪.‬‬

‫‪ .10‬صحيح البُخارم‪ ،‬اإلماـ أبو عبد اهلل زلمد بن إمساعيل بن إبراىيم بن ادلغَتة بن بَردزبَو البخارم‬

‫اجلُعفي‪ ،‬دار الكتب العلمية‪ ،‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪ ،‬ط ‪1423 ،2‬ىػ ‪2002 -‬ـ‪ ،‬طبعة كاملة يف رللّد كاحد‪.‬‬

‫‪ .11‬علم اللغة العربية‪ ،‬مدخل تارخيي مقارف يف ضوء الًتاث كاللغات السامية‪ ،‬زلمود فهمي‬

‫حجازم‪ ،‬دار غريب للطباعة كالنشر كالتوزيع‪.‬‬

‫‪16‬‬
‫سلتارية بن قبلية‪.‬‬ ‫التعايش العربي األمازيغي في الجزائر تحت ظل اإلسالم (الدين والمذهب واللّغة)‪.‬‬

‫عنواف الدراية فيمن عرؼ من العلماء يف ادلائة السابعة ببجاية‪ ،‬أبو العباس أمحد بن أمحد‬ ‫‪.12‬‬

‫الغربيٍت‪ ،‬حتقيق كتعليق‪ :‬عادؿ نويهض‪ ،‬منشورات دار اآلفاؽ اجلديدة‪ ،‬بَتكت‪ ،‬لبناف‪ ،‬ط ‪ ،2‬أفريل ‪.1979‬‬

‫‪ .13‬كتب الًتاجم اجلزائرية‪ :‬ذاكرة ال دتوت‪ ،‬سلتارية بن قبلية‪ ،‬حبث ملقى ضمن أعماؿ ادللتقى‬

‫يب الْ َق ِد ِمي"‪ ،‬جامعة تلمساف (ادللحقة اجلامعيّة مغنيّة)‪ ،‬يومي‪-20 :‬‬
‫ُت ِيف ْاأل ََد ِب الْ َعَرِ ِّ‬ ‫امهةُ ْ ِ‬
‫اجلََزائ ِريِّ َ‬ ‫"م ُس ََ‬
‫الوطٍت حوؿ‪ُ :‬‬
‫‪ 21‬نوفمرب ‪( 2012‬سلطوط حتت الطبع)‪.‬‬

‫‪ .14‬سلتصر تاريخ اجلزائر ‪-‬السياسي كالثقايف كاالجتماعي‪ ،‬عبد اهلل شريط كزلمد مبارؾ ادليلي‪،‬‬

‫ادلؤسسة الوطنية للكتاب‪ ،‬اجلزائر‪1985 ،‬ـ‪.‬‬

‫‪ .15‬سلتصر سَتة ابن ىشاـ (السَتة النبوية)‪ ،‬دار النهضة‪ ،‬بدكف طبعة‪.‬‬

‫‪ .16‬ادلغرب الكبَت – العصر اإلسالمي – دراسة تارخيية كعمرانية كأثرية‪ ،‬السيد عبد العزيز سامل‪.‬‬

‫‪ .17‬نور اليقُت يف سَتة سيد ادلرسلُت‪ ،‬زلمد احلضرم بك‪ ،‬مكتبة الشركة اجلزائرية‪ ،‬اجلزائر‪ ،‬بدكف‬

‫طبعة‪.‬‬

‫‪17‬‬

You might also like