‫مدارس االستشراق ‪ ..

‬المدرسة البريطانية‬

‫د‪ .‬أنور محمود زناتي‬

‫مقاالت متعلقة‬

‫تاريخ اإلضافة‪ 7/1/2013 :‬ميالدي ‪ 24/2/1434 -‬هجري‬

‫زيارة‪ 39877 :‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪  ‬‬

‫‪ ‬‬ ‫‪ ‬‬ ‫‪  ‬‬

‫مدارس االستشراق‬
‫المدرسة البريطانية‬

‫مت بجمي عِ الج وانب‬ ‫علمن ا أن الدراس ات االستش راقية اهت َّ‬
‫الحض ارية‪ ،‬والسياس ية‪ ،‬والفلس فية‪ ،‬والديني ة‪ ،‬واالقتص ادية‪..‬‬
‫ة من م دارس‬ ‫ل مدرس ٍ‬ ‫خاص ة لك ِ ّ‬
‫َّ‬ ‫إلخ‪ ،‬وك انت هن اك توجُّه ات‬
‫م‬ ‫راق الفَرنس ي والهولن دي مثال ً اهت َّ‬ ‫ُ‬ ‫االستش راق؛ فاالستش‬
‫مت المدرس ة األلماني ة‬ ‫ب الجوانب اللغوي ة واألدبي ة‪ ،‬واهت َّ‬
‫أيض ا بتحقي ق ودراس ة المواض يعِ العلمي ة في‬ ‫ً‬ ‫والفَرنس ية‬
‫م االستش راق البريط اني واأللم اني‬ ‫الحض ارة العربي ة‪ ،‬واهت َّ‬
‫ة العقائ د اإلس المية وال دين اإلس المي‪ ،‬أم ا المدرس ة‬ ‫بدراس ِ‬
‫مت بدراسة التراث‪ ،‬ولمزيد من التفاصيل ُن و ِرد‬ ‫الروسية فقد اهت َّ‬
‫ل مدرسة في مق االت منف ردة؛ ورأين ا في‬ ‫تطوُّرات وخصائص ك ِ ّ‬
‫المقال‪ ‬السابق‪ ‬المدرسة الفرنسية؛ واآلن‪ ‬مع المدرسة البريطاني ة؛‬
‫وهي على النحو التالي‪:‬‬
‫ُي َع ُّد "أدالرد أوف باث" (‪ )1135 @- 1070‬من أوائ@@ل اإلنجل@@يز ال@@ذين تعلَّم@@وا‬
‫العربية‪ ،‬وقد ُعنِي بها عناي ًة كبيرة‪ ،‬ودرس في صقلية‪ ،‬واألندلس‪ ،‬ومصر‪،‬‬
‫د‬
‫ولبن@@ان‪ ،‬وأنطاكي@@ة‪ ،‬واليون@@ان[‪ ،]1‬وتث َّقف بثقاف@@ة الع@@رب إلى أقص@@ى ح@@ ٍّ‬
‫فض @ل م@@ذهبهم العلمي والبح@@ثي على المن@@اهج األخ@@رى‬ ‫ممكن‪ ،‬ح@@تى َّ‬
‫جمي ًعا@[‪.]2‬‬
‫‪ ‬‬
‫وي@@@@رى البعض أن أب@@@@ا الدراس@@@@ات العربي@@@@ة في بريطاني@@@@ا ه@@@@و‪William ‬‬
‫‪" Bedwell‬وليم بدول" (‪1561‬م ‪1632 -‬م)‪ ،‬خريج جامعة كمبريدج‪ ،‬وأس@@تاذ‬
‫العربية فيها‪ ،‬وكتب مقالة رائعة عن ضرورة دراسة العربية‪ ،‬وأس@@هب في‬
‫ذكر قيمتها العلمية واألدبية[‪.]3‬‬
‫‪ ‬‬
‫ومن الشخصيات الها َّمة‪" :‬دانيال أوف مورلي"‪ ،‬الذي ذكر عن نفسه "أنه‬
‫من هم‬ ‫راض عن الجامعات الفرنجية"‪ ،‬فذهب إلى إس@@بانيا ليبحث ع َّ‬ ‫ٍ‬ ‫غير‬
‫أكثر حكمة من فالسفة العالَم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ط ِب@@ع في إنجل@@ترا ه@@و كت@@اب‪" :‬كلم@@ات‬ ‫يج@@در ذك@@ره أن أول كت@@اب ُ‬ ‫ُ‬ ‫ومم@@ا‬
‫كمهم"‪ ،‬وكان مؤلَّفًا على نسق كتاب عربي اسمه‪" :‬كتاب‬ ‫ح َ‬
‫الفالسفة و ِ‬
‫مختار الحكم ومحاسن الكلم"‪ ،‬الذي كان قد ألَّفه األمير المص@@ري مبش@@ر‬
‫بن فاتك ‪.]4[1053‬‬
‫‪ ‬‬
‫ومن الشخصيات البارزة األخرى "إدموند كاستل" (‪ ،)1685 @- 1606‬وهو‬
‫من أوائ@@ل أس@@اتذة اللغ@@ة العربي@@ة في كمبري@@دج‪ ،‬ومن أش@@هر مؤلَّفات@@ه‬
‫"قاموس مجمل للغات السامية"‪ ،‬قضى في جمعه ثماني عشرة س@@نة‪،‬‬
‫شر للمرة األولى عام ‪.1669‬‬ ‫و ُن ِ‬
‫‪ ‬‬
‫وقد بدأ االهتمام بالدراسات الشرقية األكاديمية في بريطانيا باك ًرا؛ وذلك‬
‫ي الدراس@@ات العربي@@ة في‬ ‫أس@@س الس@@ير "توم@@اس آدمز" كرس@@ َّ‬ ‫عن@@دما َّ‬
‫أسس كرسيً ّا آخر في أكسفورد عام ‪1636‬م‪،‬‬ ‫كمبريدج عام ‪1632‬م‪ ،‬وقد َّ‬
‫وهناك ترابط واضح بين تزايد االهتمام البريطاني بشبه الجزيرة الهندية ‪-‬‬
‫ل النف@وذ الفرنس@ي‬ ‫بعد ح@رب الس@نوات الس@بع (‪ - )1763 @- 1756‬وأف@و ِ‬
‫هناك‪ ،‬وزياد ِة االهتم@@ام بالمنطق@@ة العربي@@ة‪ ،‬وبالت@@الي الدراس@@ات العربي@@ة‪،‬‬
‫فمع انجال ِء موقع الهند كتاجِ المستعمرات البريطاني@@ة أص@@بح ه@@دفُ لن@@دن‬
‫اإلستراتيجي هو الحفاظَ على خطوط االتصاالت مع ذلك "التاج" والط@@رق‬
‫المؤدية إليه ساخنة وأمينة وغير متقطعة‪ ،‬وتحدي ًدا طريقي البحر األحم@@ر‬
‫والخليج‪ ،‬ومن هن@@ا ف@@إن بريطاني@@ا انخ@@رطت بش@@كل أك@@بر في المنطق@@ة‬
‫العربي@@ة وبك@@ل المج@@االت‪ ،‬ذل@@ك أن تل@@ك المنطق@@ة هي المعبَ@@ر الط@@بيعي‬
‫للهند‪ ،‬وكان أن سيطر األس@@طول البريط@@اني على الخليج الع@@ربي‪ ،‬وك@@ذا‬
‫خل في الش@@ؤون الداخلي@@ة للمش@@يخات هن@@اك‪،‬‬ ‫ع@@دن كمحط@@ات ل@@ه؛ وت@@د َّ‬
‫على حساب النفوذ الفرنسي اآلفل؛ لضمان خطوط االتصاالت مع الهند‪.‬‬
 ‫‪ ‬‬
‫مناطق من الخليج وعدن‪ ،‬ثم الح ًقا مصر (‪- 1881‬‬ ‫َ‬ ‫واحتلَّت بريطانيا عمليً ّا‬
‫ضا‪ ،‬تحت ذرائع الوص@@ول‬ ‫‪)1882‬؛ للسيطرة على قناة السويس والعراق أي ً‬
‫اآلمن إلى الهند‪ ،‬وأثناء كل هذا النشاط العسكري والسياس@@ي ال@@ذي ال‬
‫ل من المستش@رقين البريط@انيين ال@ذين انخرط@وا في‬ ‫يهد ُأ؛ تط@ َّورت أجي@ا ٌ‬
‫جه@@د اإلمبراطوري@@ة االس@@تعماري في المنطق@@ة بش@@كل أو ب@@آخر‪ ،‬وفي‬
‫م@@ل بعض ه@@ؤالء ي @ ًدا بي @ ٍد م@@ع أجه@@زة االس@@تخبارات‬ ‫الح@@االت القص@@وى َع ِ‬
‫البريطانية؛ لتحقيق مهم@@ات سياس@@ية وأمني@@ة‪ ،‬ومن األمثل@@ة على ذل@@ك؛‬
‫بروفيسور اللغة العربية واللغات اآلسيوية في كامبري@@دج‪" :‬ب@@المر"‪ ،‬ال@@ذي‬
‫أتقن العربية البدوية‪ ،‬والفارسية‪ ،‬والهندوسية‪ ،‬وهو في العشرينيات من‬
‫عمره‪ ،‬وقد أرسله رئيس الوزراء البريطاني آنذاك "جالدستون" في مهمة‬
‫أجل قطع َعالقاتهم مع العناصر الوطنية وحركة عرابي‬ ‫ِ‬ ‫بدو مصر‪ ،‬من‬ ‫ٍ‬ ‫إلى‬
‫باشا‪ ،‬وكان يعمل مع قائ ِد الجيش البريطاني في مص َر‪ ،‬لكن كانت نهاي ُته‬
‫أنفس@@@هم ال@@@ذين قتل@@@وه‪ ،‬ومع@@@ه زم@@@رة من‬ ‫ِ‬ ‫على ي@@@ ِد الب@@@دو المص@@@ريين‬
‫العسكريين البريطانيين سنة ‪.1882‬‬
‫‪ ‬‬
‫ت الدراسات االستش@@راقية‪ ،‬ال س@@يما بع@@د حمل@@ة ن@@ابليون على‬ ‫ثم ازدهر ِ‬
‫م ْي@@دان االستش@@راق‬ ‫@ام اإلنجل@@يز ب َ‬
‫مصر ع@@ام ‪1798‬م؛ حيث تال ذل@@ك اهتم@ ُ‬
‫نتيج َة طابعِ المنافسة التي اتَّس@م به@ا العص@ر بين ال@دولتين آن@ذاك‪ ،‬وق@د‬
‫تناول االستشراق البريطاني سائ َر مناحي المعرفة الشرقية؛ من لغ@@ات‪،‬‬
‫مين‬ ‫وآداب‪ ،‬وعل@@@@وم‪ ،‬وفن@@@@ون‪ ،‬وت@@@@اريخ‪ ،‬وآث@@@@ار‪ ،‬وك@@@@ان على رأس المهت ِ ّ‬
‫مة ت@@دريس اللغ@@ة‬ ‫بالدراسات العربي@@ة‪" :‬س@@يمون أوكلي" ال@@ذي ت@@ولَّى مه َّ‬
‫العربي@@@ة في جامع@@@ة كمبري@@@دج ‪ ،1711‬وألَّف كتاب@@@ه الش@@@هير‪( :‬ت@@@اريخ‬
‫المسلمين)‪ ،‬الذي تناول التاريخ الثقافي والسياسي لإلسالم[‪.]5‬‬
‫‪ ‬‬
‫جم‬ ‫وي@@أتي من بع@@ده‪" ‬ج ورج س ال"‪1697( ‬م ‪1736 -‬م)[‪ ،]6‬ال@@ذي تَ@@ر َ‬
‫جم@@ات ال@@واردة‬ ‫ي للتر َ‬ ‫ع األساس@ َّ‬ ‫القرآن الكريم‪ ،‬وأص@@بحت ترجم ُت@@ه المرج@ َ‬
‫بعدها لسنين عديدة‪ ،‬كما خلفت ه@@ذه الترجم@@ة حرك@@ة واس@@عة للتع @ ُّرف‬
‫على الثقاف@@ة اإلس@@المية‪ ،‬وبي@@ان خصائص@@ها اإليجابي@@ة‪ ،‬والتع@@رف بص@@ورة‬
‫موضوعية على نبي اإلسالم‪ ،‬والج@@دير بال@@ذكر أن ه@@ذه الدراس@@ات ك@@انت‬
‫شوبة بالخي@@ال واألس@@طورة ح@@ول شخص@@ية الرس@@ول ‪ -‬ص@@لى هللا علي@@ه‬ ‫َم ُ‬
‫وسلم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ومم@@ا س@@اعد على نم@ ِوّ وازده@@ار الدراس@@ات االستش@@راقية في بريطاني@@ا‪:‬‬
‫@ور ع@@د ٍد من المتخصص@@ين‬ ‫@وين الجمعي@@ات والمجالت المتخصص@@ة‪ ،‬وظه@ ُ‬ ‫تك@ ُ‬
‫في الدراسات االستش@@راقية؛ مث@@ل "إدوارد وليم لين" (‪،)1876 @ - 1801‬‬
‫ص@@احب كت@@اب‪( :‬في أخالق وع@@ادات المص@@ريين الح@@ديثين)[‪ ،]7‬وه@@و من‬
‫أهم مستش@رقي إنجل@@ترا وأوروب@@ا في الق@@رن التاس@@ع عش@@ر‪ ،‬وق@@د ت@@رجم‬
‫ضا‪ :‬ألف ليلة وليلة إلى اإلنجليزية بد َّقة‪.‬‬ ‫أي ً‬
‫‪ ‬‬
‫ومن بع@@ده ج@@اء‪" ‬إدوارد هنري ب المر"‪ ،)1882 @ - 1840( ‬ال@@ذي عك@@ف‬
‫على دراس@@ة اللغ@@ة العربي@@ة‪ ،‬وك@@ان يق@@ول عنه@@ا‪ :‬إنه@@ا أحبُّ اللغ@@ات إلى‬
‫نفسه‪ ،‬ومن العلماء البارزين في حقل الدراسات العربي@@ة‪" :‬وليم رايت" (‬
‫م@@ل م@@دة في مدين@@ة‬ ‫‪ ،)1889 @@- 1830‬ال@@ذي درس اللغ@@ة العربي@@ة‪ ،‬و َع ِ‬
‫ليدن‪ Leiden ‬الهولندية م@@ع المستش@@رق الهولن@@دي الش@@هير دوزي‪ ،‬وع ِي ّن‬
‫أستا ًذا للغة العربية في جامعات@ لندن‪ ،‬ودبلن‪ ،‬وكمبريدج‪ ،‬وق@@ام بتحقي@@ق‬
‫ي‬
‫كت@@اب‪" :‬الكام@@ل للم@@برد"‪ ،‬و"رحل@@ة ابن جب@@ير"‪ ،‬وخل@@ف رايت في كرس@ ّ ِ‬
‫أستا ِذ اللغة العربية بجامعة كمبردج روبرتسون سمث "‪،"1894 @- 1846‬‬
‫وهو مستشرق أسكتلندي‪ ،‬درس العربية في جامع@@ة "أدن@@بره"‪ ،‬وانتخب‬
‫رئيس@@@ا للجن@@@ة دائ@@@رة المع@@@ارف البريطاني@@@ة‪ ،‬ومن أهم أعمال@@@ه‪ :‬أدي@@@ان‬ ‫ً‬
‫الساميين‪ ،‬أنساب العرب‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫وريتش@@ارد ب@@يرتون (‪ ،)1890 @@- 1821‬ال@@ذي درس العربي@@ة في جامع@@ة‬
‫أكسفورد‪ ،‬وق@@د زار من@اطق عدي@دة في ال@وطن الع@@ربي‪ ،‬وخاص@@ة الجزي@رة‬
‫العربية‪ ،‬وقد عمل ضابطًا عسكريً ّا في الهن@@د‪ ،‬ثم عم@@ل في خدم@@ة بالده‬
‫في مصر‪ ،‬وقام برحالت في الجزيرة‪ ،‬ونش@@ر وص@فًا له@ا في كتاب@ه‪( :‬الحج‬
‫إلى المدين@@@ة ومكة)‪ ،‬ول@@@ورنس المع@@@روف باس@@@م‪( :‬ل@@@ورانس الع@@@رب)‪،‬‬
‫ومرجليوث الذي كان أستا ًذا للغة العربية بجامعة أكسفورد‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫جة في التص@@وف اإلس@@المي‪ ،‬وك@@ذلك توم@@اس‬ ‫ونيكلس@@ون ال@@ذي يعت@@بر ح َّ‬
‫ي‬ ‫كاراليل صاحب كتاب‪( :‬األبط@@ال وعب@@ادة األبط@@ال)‪ ،‬وق@@د وض@@ع في@@ه الن@@ب َّ‬
‫الكريم ‪ -‬صلى هللا عليه وس@@لم ‪ -‬في قم@@ة األبط@@ال ال@@ذين غيَّروا مج@@رى‬
‫التاريخ‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ت الدراس@@@ات العربي@@@ة في الس@@@نوات األولى من الق@@@رن العش@@@رين‬ ‫وبلغ ِ‬
‫صّص@@ت‬ ‫ة جدي@@دة‪ ،‬خ ِ‬ ‫ئت في جامع@@ة لن@@دن كلي@@ ٌ‬ ‫وأنش@@ ْ‬
‫ِ‬ ‫مرحل@@ ًة متق ِّ‬
‫دم@@ة‪،‬‬
‫لدراسة اللغات الشرقية‪ ،‬وتب َّوأ‪ Sir Thomas Walker Arnold ‬السير توماس‬
‫أرنول@@د‪1864( ‬م ‪1930 -‬م) أول كرس@ي لألس@تاذية في قس@م الدراس@@ات‬
‫العربية واإلسالمية‪ ،‬وبدأ "أرنولد" حيات@@ه العلمي@@ة في جامع@@ة كامبري@@دج؛‬
‫حيث أظهر حبَّه للغ@@ات فتعلَّم العربي@@ة‪ ،‬وانتق@@ل للعم@@ل باح ًث@@ا في جامع@@ة‬
‫"علي أكرا" (عليكرا) في الهند؛ حيث أمضى هن@@اك عش@@ر س@@نوات‪ ،‬ألَّف‬
‫خالله@@@ا كتاب@@@ه المش@@@هور‪( :‬ال@@@دعوة إلى اإلس@@@الم)‪ ،‬ثم عم@@@ل أس@@@تا ًذا‬
‫للفلس@@فة في جامع@@ة اله@@ور‪ ،‬وفي ع@@ام ‪1904‬م ع@@اد إلى لن@@دن ليص@@بح‬
‫أمي ًن@@ا مس@@اع ًدا لمكتب@@ة إدارة الحكوم@@ة الهندي@@ة التابع@@ة ل@@وزارة الخارجي@@ة‬
‫متفرّغ في جامعة لندن‪،‬‬ ‫ِ‬ ‫البريطانية‪ ،‬وعمل في الوقت نفسه أستا ًذا غير‬
‫واختير عام ‪1909‬م ليكونَ مشر ًفا عا ً ّما على الطالب الهنود في بريطانيا‪،‬‬
‫@وية هيئ@@ة تحري@@ر الموس@@وعة‬ ‫م العلمية التي ش@@ارك فيه@@ا عض@ ُ‬ ‫ومن المها ِ ّ‬
‫اإلس@@المية ال@@تي ص@@درت في لي@@دن‪ Leiden ‬بهولن@@دا في طبعته@@ا األولى‪،‬‬
‫والتح@@ق بمدرس@@ة الدراس@@ات الش@@رقية واإلفريقي@@ة بجامع@@ة لن@@دن بع@@د‬
‫تأسيسها عام ‪1916‬م‪ ،‬وعم@ل أس@@تا ًذا زائ@ ًرا في الجامع@@ة المص@@رية ع@@ام‬
‫‪1930‬م‪ ،‬ل@@ه ع@@دة مؤلف@@ات بج@@انب كتاب@@ه‪ :‬ال@@دعوة إلى اإلس@@الم‪ ،‬ومنه@@ا‪:‬‬
‫(الخالفة)‪ ،‬وكت@@اب ح@@ول العقي@@دة اإلس@@المية‪ ،‬وش@@ارك في تحري@@ر كت@@اب‪:‬‬
‫تراث اإلسالم في طبعت@ه األولى‪ ،‬باإلض@@افة إلى العدي@د من البح@وث في‬
‫الفنون اإلسالمية‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫وتص@@اعدت أهمي@@ة المس@@تعربين البريط@@انيين في الرب@@ع األول من الق@@رن‬
‫العش@@رين؛ توازيً@@ا م@@ع زي@@ادة أهمي@@ة النف@@وذ البريط@@اني االس@@تعماري في‬
‫ت اإلمبراطوري@ة إلى التع@رف على المنطق@ة‬ ‫الشرق األوسط؛ فقد احت@اج ِ‬
‫ل المج@@االت‬ ‫التي ص@@ارت تنخ@@رط في ك@@ل زواياه@@ا‪ ،‬فجن@@دت خ@@براء في ك@ ِ ّ‬
‫لدراسة المنطقة وتق@@ديم المش@@ورة الض@@رورية‪ ،‬لكن الجه@@د الرس@@مي لم‬
‫يبدأ من الصفر‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫الي@@د الطُّولَى في‬ ‫ُ‬ ‫وب@@رز بع@@د الح@@ربِ العالمي@@ة الثاني@@ة مستش@@رقون لهم‬
‫استمرارية الدراسات اإلسالمية في بريطاني@@ا؛ من أمث@@ال‪ :‬ألفري@@د جي@@وم‪،‬‬
‫وه@@املتون جب‪ ،Sir Hamilton R. A. Gibb  ‬ال@@ذي يعت@@بر أب@@رز مستش@@رق‬
‫بريطاني في القرن العشرين‪ ،‬ولد "ه@@املتون جب" في اإلس@@كندرية في‬
‫‪2‬ين@@اير ‪1895‬م‪ ،‬ثم انتق@@ل إلى أس@@كتلندا وه@@و في الخامس@@ة من عم@@ره‬
‫م@@ل‬‫للدراسة هناك‪ ،‬التحق بجامع@@ة أدن@@برة لدارس@@ة اللغ@@ات الس@@امية‪َ ،‬ع ِ‬
‫محاض ًرا في مدرسة الدراس@ات الش@رقية واإلفريقي@@ة بجامع@@ة لن@@دن ع@ام‬
‫وتدرج في المناصب األكاديمية حتى أصبح أستا ًذا للغة العربي@@ة‬ ‫َّ‬ ‫‪1921‬م‪،‬‬
‫ي اللغ@@ة العربي@@ة بجامع@@ة‬ ‫لش@@غْل منص@@ب كرس@@ ّ ِ‬‫خب َ‬ ‫ع@@ام ‪1937‬م‪ ،‬وان ُت ِ‬
‫أكس@@فورد‪ ،‬انتق@ل إلى الوالي@ات المتح@دة األمريكي@ة ليعم@ل م@@دي ًرا لمرك@@ز‬
‫دراسات الش@@رق األوس@@ط بجامع@@ة هارف@@ارد‪ ،‬بع@@د أن عم@@ل أس@@تا ًذا للغ@@ة‬
‫العربية في الجامعة‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫م بت@@اريخ‬ ‫باإلض@@افة إلى اهتمام@@ه اللغ@@وي‪ ،‬فق@@د أض@@اف إلى ذل@@ك االهتم@@ا َ‬
‫اإلسالم وانتشاره‪ ،‬وقد تأثر بمستشرقين كبار من أمث@@ال توم@@اس آرنول@@د‬
‫وغيره‪.‬‬
 ‫‪ ‬‬
‫من أبزر إنتاج "جب"‪( :‬الفتوح@@ات اإلس@@المية في آس@@يا الوس@@طى) س@@نة‬
‫‪1933‬م‪ ،‬ودراس@@@ات في األدب الع@@@ربي المعاص@@@ر‪ ،‬وكت@@@اب‪( :‬االتجاه@@@ات‬
‫الحديثة في اإلس@الم)‪ ،‬وش@ارك في ت@أليف‪( :‬إلى أين يتج@ه اإلس@الم؟)‪،‬‬
‫وقد انتقل "جب" من دراس@@ة اللغ@@ة واآلداب والت@@اريخ إلى دراس@@ة الع@@الم‬
‫التفت إلي@@ه االستش@@راق األم@@ريكي حينم@@ا‬ ‫َ‬ ‫اإلسالمي المعاصر‪ ،‬وه@@و م@@ا‬
‫أنش@@أ الدراس@@ات اإلقليمي@@ة أو دراس@@ات المن@@اطق‪ ،‬ول@@ه كت@@اب بعن@@وان‪:‬‬
‫(المحمدية)‪ ،‬ثم أعاد نشره بعنوان‪( :‬اإلسالم)‪ ،‬وله كت@@اب عن الرس@ول ‪-‬‬
‫صلى هللا عليه وسلم‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫وكذلك "مونتجمري وات"‪:Montgomery Watt ‬‬
‫ولد في "كريس ف@@ايف" في ‪ 14‬م@@ارس ‪1909‬م‪ ،‬وال@@ده القس@@يس "أن@@درو‬
‫ل من‪ :‬أكاديمية الرخ ‪ ،1919 @- 1914‬وفي كلية جورج‬ ‫وات"‪ ،‬درس في ك ٍ ّ‬
‫واتسون بأدنبرة وجامعة أدنبرة ‪1927‬م ‪1930 -‬م‪ ،‬وكلية باليول بأكسفورد‬
‫‪1930‬م ‪1933 -‬م‪ ،‬وجامع@@ة جين@@ا بألماني@@ا ‪1933‬م‪ ،‬وبجامع@@ة أكس@@فورد‪،‬‬
‫وجامع@@@ة أدن@@@برة في الف@@@ترة من ‪1938‬م إلى ‪1939‬م‪ ،‬ومن ‪1940‬م إلى‬
‫‪1943‬م على التوالي‪ ،‬عمل راع ًي@@ا لع @ َّدة كن@@ائس في لن@@دن وفي أدن@@برة‪،‬‬
‫رئيسا لقسم اللغ@ة العربي@ة والدراس@ات اإلس@المية بجامع@ة‬ ‫ً‬ ‫عمل "وات"‬
‫أدنبرة في الفترة من ‪ ،1979 @- 1947‬ن@@ال درج@@ة األس@@تاذية ع@@ام ‪،1964‬‬
‫ل من الجامع@@ات اآلتي@@ة‪ :‬جامع@@ة تورنت@@و‬ ‫عي للعم@@ل أس@@تا ًذا زائ@ ًرا في ك@ ٍ ّ‬
‫ُد ِ‬
‫‪ 1963‬و‪ ،1978‬وكلية فرنسا في باريس عام ‪ ،1970‬وجامع@@ة ج@@ورج ت@@اون‬
‫بواشنطن عام ‪.1979 - 1978‬‬
‫‪ ‬‬
‫أصدر العديد من المؤلَّفات؛ من أشهرها‪( :‬محمد في مكة)‪ ،‬و(محمد في‬
‫المدينة)‪ ،‬و(محمد نبي ورجل دولة)‪ ،‬و(الفلس@@فة اإلس@@المية والعقي@@دة)‪،‬‬
‫و(الفك@@ر السياس@@ي اإلس@@المي)‪ ،‬و(ت@@أثير اإلس@@الم في أوروب@@ا الق@@رون‬
‫الوس@@طى)‪ ،‬و(األص@@ولية اإلس@@المية والتح@@ديث)‪ ،‬و(العالق@@ات اإلس@@المية‬
‫النص@@رانية)‪ ،‬ومن أواخ@@ر كتب@@ه‪( :‬م@@وجز ت@@اريخ اإلس@@الم) س@@نة ‪1995‬م‪،‬‬
‫و(حقيقة الدين في عصرنا) سنة ‪1996‬م‪ ،‬وكتاب‪( :‬الفترة التكوينية للفكر‬
‫اإلسالمي) س@@نة ‪1998‬م‪ ،‬وق@@د تقاع@@د عن العم@@ل وأص@@بح راعيً@@ا إلح@@دى‬
‫الكنائس في منطقة أدنبرة‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫وهن اك‪ Margoliouth ‬ديفي د ص موئيل مرجولي وث‪1858( ‬م ‪-‬‬
‫‪1940‬م)‪:‬‬
‫م بدراس@@ة‬ ‫الذي بدأ حياتَ@@ه العلمي@@ة بدراس@@ة اليوناني@@ة والالتيني@@ة‪ ،‬ثم اهت َّ‬
‫اللغات السامية فتعلَّم العربية؛ ومن أشهر مؤلفاته‪ :‬ما كتبه في الس@@يرة‬
‫النبوية‪ ،‬وكتاب@@ه عن اإلس@@الم‪ ،‬وكتاب@@ه عن العالق@@ات بين الع@@رب واليه@@ود‪،‬‬
‫ولكن ه@@ذه الكتاب@@ات اتَّس@@مت بالتعص@@ب والتح@@يز‪ ،‬والبع@@د الش@@ديد عن‬
‫الموض@@@وعية؛ كم@@@ا وص@@@فها عب@@@دالرحمن ب@@@دوي (في موس@@@وعته عن‬
‫االستشراق)‪ ،‬ولكن يحسب له اهتمامه بالتراث العربي؛ كنشره لكتاب‪:‬‬
‫معجم األدباء لياقوت الحموي‪ ،‬ورسائل أبي العالء المعري‪ ،‬وغير ذلك من‬
‫األبحاث‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ويمكن لنا إيجاز أهم خصائص هذه المدرسة في اآلتي‪:‬‬
‫•‪ ‬يمتاز االستشراق البريطاني بارتباطه بالحرك@ة االس@تعمارية‪ ،‬ومحاول@ة‬
‫ترسيخ السياسات االستعمارية اإلنجليزية في الشرق‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫•‪ ‬االهتمام باللغة العربية؛ نظ ًرا لمصالح بريطاني@ا االقتص@ادية والسياس@ية‬
‫التي تربطها بالعالم العربي‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫•‪ ‬تتميز هذه المدرسة بالتعدُّد والشمول في س@@ائر الدراس@@ات الش@@رقية‬
‫"آداب ‪ -‬تاريخ ‪ -‬فلسفة ‪ -‬علوم ‪ -‬فنون وعمارة وآثار"‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫ق ل@@ه تخصُّص@@ه ال@@دقيق‬
‫ل مستش@@ر ٍ‬ ‫ضا بالتخصصية الدقيقة‪ ،‬فك@ ُّ‬ ‫•‪ ‬تتميَّز أي ً‬
‫في أحد مجاالت المعرفة الشرقية‪.‬‬
‫‪ ‬‬
‫•‪  ‬االهتمام بدراسة المعارف الخاصة بالمنطقة الجغرافية التي تق@@ع تحت‬
‫قبض@@تها االس@@تعمارية "مص@@ر وإفريقي@@ا الس@@وداء"‪ ،‬م@@ع اإلهم@@ال الواض@@ح‬
‫لشمال إفريقيا؛ نظ ًرا لوقوعه تحت قبضة االستعمار الفرنسي‪.‬‬

‫[‪ ]1‬محم@@ود محم@@د الطن@@احي‪ :‬م@@دخل إلى ت@@اريخ نش@@ر ال@@تراث الع@@ربي‪،‬‬

‫مكتبة الخانجي‪ ،1984 ،‬ص‪.207‬‬
‫[‪ ]2‬يحيى مراد‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص‪.32‬‬
‫[‪ ]3‬نفسه‪ ،‬ص ‪.33‬‬
‫[‪ ]4‬س@@هيل قاش@@ا‪ :‬االستش@@راق‪ ،‬سلس@@لة كتب الثقاف@@ة المقارن@@ة‪ ،‬ج‪2‬‬
‫بغداد ‪ 1987‬ص ‪.17‬‬
‫[‪  ]5‬ميشيل جحا‪ :‬الدراسات العربية واإلسالمية في أوروبا‪ ،‬معهد األنماء‬
‫العربي‪ ،‬بيروت ‪ ،1982‬ص ‪.33‬‬
‫[‪ ]6‬جورج سال‪ :‬ولد في لن@@دن‪ ،‬التح@@ق في البداي@@ة ب@@التعليم الاله@@وتي‪،‬‬
‫ً‬
‫أيض @ا‪،‬‬ ‫تعلم العربية على يد معلم من س@@وريا‪ ،‬وك@@ان يتقن اللغ@@ة العبري@@ة‬
‫من أبرز أعماله‪ :‬ترجمته لمعاني القرآن الكريم‪ ،‬ال@@تي ق @ َّدم له@@ا بمقدم@@ة‬
‫احتوت على كثير من االفتراءات والشبهات‪ ،‬ومن الغ@@ريب أن يق@@ول عنه@@ا‬
‫عب@@دالرحمن ب@@دوي‪" :‬ترجم@@ة س@@ال واض@@حة ومحكم@@ة م ًع@@ا؛ وله@@ذا راجت‬
‫جم الق@@رآن إلى‬‫م@@ا ط@@وال الق@@رن الث@@امن عش@@ر؛ إذ عنه@@ا ُت@@ر ِ‬
‫ج@@ا عظي ً‬
‫روا ً‬
‫األلمانية عام ‪1746‬م‪.‬‬
‫[‪ ]7‬سهيل قاشا‪ :‬المرجع السابق‪ ،‬ص ‪.20‬‬