Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 39

‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬

‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬


‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬
‫ريْر‬
‫ح ِ‬
‫ٱلت َّ ْ‬
‫(‪)57‬‬

‫س (‪ِ )57‬م ْـن‬


‫ٱلـ َّـد ْر ُ‬

‫َّح ِريْ ِر‬


‫ص ْ‬
‫ت‬ ‫ٱل‬ ‫ِ‬
‫ر‬ ‫َش ْر ِح ُم ْختَ َ‬
‫لِ َّ‬
‫لش ْي ـ ـ ـ ِـخ‬

‫ٱلحا ِز ِم ّي‬
‫َح َم َد بْ ِن عُ َم َر َ‬
‫أْ‬
‫َح ِفظ ـَـهُ ٱهللُ َت َعالـَـى‬

‫َو َوفَّق ـَ ـ ـ ْه‬

‫حيم ِ‬
‫لر ِ‬
‫ن ٱ َّ‬
‫م ِ‬
‫لرح َ‬ ‫سم ِ ٱلل َّ ِ‬
‫ه ٱ َّ‬ ‫بِ ْ‬
‫الحمد لله رب العالمين‪ ،‬والصالة والسالم على نبينا محمد‪،‬‬
‫وعلى آله وصحبه أجمعين‪.‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪1‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫د‪:‬‬
‫‪ُ )57‬‬
‫َأمَّا َب(عْــ‬
‫ريْر‬
‫ح ِ‬
‫ٱلت َّ ْ‬
‫منْطُوقُ‬
‫قال المصنف رحمه الله تعالى‪( :‬بَابٌ‪ :‬ال ْ َ‬
‫هومُ)‪.‬‬
‫ف ُ‬ ‫وال ْ َ‬
‫م ْ‬ ‫َ‬
‫كثيرا من األصوليين يجعلونه في مقدمة الدالالت‪ ،‬لكن المصنف‬
‫هنا رحمه الله تعالى أخَّره؛ ألنه هو جهة أو له رأيٌ فيه‪ ،‬لكن‬
‫المشهور هو تقديمه وهو أولى؛ ألنه يتعلق به أحكام‪ ،‬يأتي‪ :‬هل‬
‫صصا ً أو ال؟ ونحو ذلك‪ .‬األولى تقديمه‪.‬‬
‫المفهوم يعتبر مخ ِّ‬
‫ولما كان االستدالل بالقرآن لكونه عربيا ً يتوقف على معرفة‬
‫أقسام اللغة‪ ،‬شرع في سردها وهي تنقسم باعتبارات‪ :‬منها االعتبار‬
‫الذي ذكره المصنف‪ ،‬وما مر معنا يدخل كذلك في هذه األقسام‪،‬‬
‫منطوق ومفهوم‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫وباعتبار المراد من اللفظ إلى‬
‫إذاً‪ :‬هذا التقسيم تقسي ٌ‬
‫م من حيث ما يراد من اللفظ‪ ،‬إما‬
‫النُّطق وإما الفهم‪.‬‬
‫ونهي‪ ،‬وهذا‬
‫ٍ‬ ‫وباعتبار داللة اللفظ على الطلب بالذات إلى أمرٍ‬
‫مر معنا‪.‬‬
‫وباعتبار داللته على عوارض مدلوله من كونها محصورة تنقسم‬
‫إلى عام وخاص‪ ،‬ومطلق ومقيد‪ ،‬وهذه األبواب مرت معنا‪.‬‬
‫وباعتبار كيفية داللتها من خفاء وجالء إلى مجمل ومبين‪ ،‬ومر‬
‫معنا‪.‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪2‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬
‫َّ ْ ْ‬ ‫ٱلتحرير‬
‫ناسخ ومنسوخ‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫وباعتبار داللتها ِ على ارتفاع األحكام(‪)57‬‬
‫وبقائها إلى‬
‫وهذا يأتي بعد الباب الذي معنا وهو خاتمة األبواب في هذا‬
‫المختصر‪.‬‬
‫وهذا الترتيب جرى عليه في جمع الجوامع وهو أولى‪.‬‬
‫قال الزركشي‪ :‬وال يخفى ما فيه من المناسبة‪ .‬يعني‪ :‬هذا‬
‫الترتيب الذي ذكرتُه سابقا ً جرى عليه في جمع الجوامع؛ فإن معنى‬
‫اللفظ سابقٌ على كل شيء وهو ما يتعلق بالمنطوق والمفهوم‪،‬‬
‫خارجي عن اللفظ تأخر عن الجميع اتفقا هنا‪،‬‬
‫ٌ‬ ‫أمر‬
‫ٌ‬ ‫وكما أن النسخ‬
‫وتقديم األمر على العام تقديم ما بالذات على ما بالعرض ومر‬
‫معنا‪ ،‬وظهر بهذا أن تأخير ابن الحاجب المنطوق ليس بمناسب‪،‬‬
‫يعني‪ :‬المصنف هنا تبع ابن الحاجب‪.‬‬
‫وم) المنطوق هذا اسم مفعول بمعنى‪:‬‬
‫ه ُ‬ ‫وال ْ َ‬
‫م ْ‬
‫ف ُ‬ ‫منْطُوقُ َ‬
‫(ال ْ َ‬
‫الملفوظ‪ ،‬مأخوذ ٌ من نَطق أو نُطِق‪ ،‬نُطِق يُنطقُ فهو منطُوق‪.‬‬
‫يعني‪ :‬اسم المفعول إنما يأتي من مغير الصيغة‪ ،‬واسم الفاعل‬
‫يأتي من معلوم الصيغة‪ ،‬يعني‪ :‬المبني للمعلوم‪ ،‬وذاك ما يسمى‬
‫بالمبني للمجهول‪ ،‬فهو مأخوذ من نَطق بمعنى تكلم بصوت‪،‬‬
‫ومعان‪ ،‬فالمنطوق هو الكالم الذي‬
‫ٍ‬ ‫حروف‬
‫ٍ‬ ‫واشتمل كالمه على‬
‫نطق به المتكلم وتلفظ به‪ ،‬وهذا هو األصل في الكالم‪.‬‬
‫َ‬
‫ن‬
‫م ْ‬
‫ستَفَاد ُ ِ‬ ‫معْنَى ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫منْطُوقُ‪ :‬فَهُوَ ال ْ َ‬
‫ما ال ْ َ‬
‫قال الشارح هنا‪{ :‬أ َّ‬
‫ث النُّطْقُ بِهِ}‪.‬‬
‫حي ْ ُ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬ ‫الل َّ ْف ِ‬
‫ظ ِ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪3‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬
‫َّ ْ ْ‬ ‫ٱلتحرير‬
‫يعني‪ :‬من هذه ِ الجهة؛ ألن المعنى (‪)57‬‬
‫المستفاد من اللفظ له‬
‫جهتان‪ :‬إما من جهة ما يُنطق به يعني‪ :‬الحروف‪ ..‬محل الحروف‬
‫ومحل الكلمات‪ ،‬وهذا هو المنطوق‪.‬‬
‫وقد يكون من جهة أخرى وهو من داللة االلتزام‪ ،‬وهو من حيث‬
‫المعنى‪.‬‬
‫َ‬
‫ث‬
‫حي ْ ُ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ستَفَاد ُ ِ‬ ‫معْنَى ال ْ ُ‬
‫م ْ‬ ‫م‪ :‬فَهُوَ ال ْ َ‬ ‫ما ال ْ َ‬
‫م ْفهُو ُ‬ ‫قال هنا‪{ :‬وَأ َّ‬
‫ظ}‪.‬‬ ‫م لِل َّ ْف ِ‬ ‫سك ُ ُ‬
‫وت الالَّزِ ُ‬ ‫ال ُّ‬
‫إذا ً المنطوق من حيث اللفظ والمفهوم من حيث السكوت‬
‫الالزم للفظ‪ ،‬فكالهما داللة للفظ‪.‬‬
‫ل عَلَي ْ ِ‬
‫ه‬ ‫ما دَ َّ‬
‫و َ‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫منْطُ ٍ‬
‫وق َ‬ ‫م إلَى َ‬
‫س ُ‬
‫ق ِ‬ ‫قال‪( :‬الدَّاَل ل َ ُ‬
‫ة تَن ْ َ‬
‫ق)‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ف ٌ‬
‫لَ ْ‬
‫ل نُط ٍ‬ ‫م َ‬ ‫في َ‬ ‫ظ ِ‬
‫الداللة‪ :‬مر معنا مصدر دل‪ ،‬وهي كون الشيء يلزم من فهمه‬
‫فهم شيءٌ آخر‪ ،‬هذا مر معنا‪ ،‬وما يُفهم قد يكون من باب النطق‬
‫وقد يكون من غير النطق‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬كالهما داخالن تحت الداللة‪.‬‬
‫ما) أي‪:‬‬
‫و َ‬
‫ه َ‬
‫و ُ‬ ‫منْطُ ٍ‬
‫وق َ‬ ‫الداللة تنقسم إلى قسمين‪ :‬أوال ً (إلَى َ‬
‫لفظ في محل النطق‪ ،‬وهذا يعني به في محل‬ ‫ٌ‬ ‫معنى دل عليه‬
‫الكالم‪.‬‬
‫يعني‪ :‬ما دل عليه اللفظ من الحروف والمعاني‪.‬‬
‫قال‪ :‬أي ما دل عليه بغير واسطة أخرى كتحريم التأفيف الذي‬
‫ف‪ :‬من هذا‬‫ف))[اإلسراء‪ ]23:‬أ ُ ّ‬
‫ما أ ُ ٍّ‬
‫ل لَهُ َ‬
‫دل عليه قوله‪(( :‬فَال ت َ ُق ْ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪4‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬
‫ريْر‬
‫ح ِ‬
‫اللفظ أخذنا ٱلت َّ ْ‬
‫التأفيف‪ ،‬ومن قوله‪(( :‬فَال (ت َ ُق‬
‫‪ْ 57‬‬
‫ل))) لفظ النهي أخذنا‬
‫التحريم‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬اللفظ دل على تحريم التأفيف‪ ،‬هذا مأخوذ ٌ بال واسطة‪.‬‬
‫ما أ ُ ٍّ‬
‫ف))‬ ‫ل لَهُ َ‬
‫كتحريم التأفيف الذي دل عليه قوله‪(( :‬فَال ت َ ُق ْ‬
‫م من داللة‬
‫[اإلسراء‪ ]23:‬ولهذا خصوه باسم المنطوق؛ ألنه فه ٌ‬
‫اللفظ قطعاً‪ ،‬فخرج حينئذٍ| المفهوم‪ ،‬حينئذٍ| ال يكون من اللفظ‪.‬‬
‫فإن داللة اللفظ عليه ال في محل النطق‪ ،‬وقد قيّد المنطوق هنا‬
‫ٌ‬
‫لفظ في محل النطق‪ ،‬خرج به المفهوم ألنه ما‬ ‫بأنه‪ :‬ما دل عليه‬
‫دل عليه ال في محل النطق‪.‬‬
‫بل في محل السكوت كتحريم الضرب الذي دل عليه قوله‪:‬‬
‫ف))[اإلسراء‪.]23:‬‬ ‫ما أ ُ ٍّ‬‫ل لَهُ َ‬ ‫((فَال ت َ ُق ْ‬
‫ف))[اإلسراء‪ ]23:‬دل على حكمين كالهما‬ ‫ما أ ُ ٍّ‬‫ل لَهُ َ‬‫((فَال ت َ ُق ْ‬
‫ما أ ُ ٍّ‬
‫ف))[اإلسراء‪ ]23:‬التأفيف‬ ‫ل لَهُ َ‬
‫اجتمعا في التحريم‪(( ،‬فَال ت َ ُق ْ‬
‫محرم| وهذا أُخذ من‬
‫محرم وهذا أخذ من المنطوق‪ ،‬والضرب ُ‬
‫ُ‬
‫ُ‬
‫المفهوم‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬هل دل اللفظ على الضرب‪ ،‬هل فيه معنى أو حروف‬
‫الضرب؟ الجواب‪ :‬ال‪ ،‬وإنما أُخذ من جهة المسكوت عنه‪.‬‬
‫ق)‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ف ٌ‬
‫ه لَ ْ‬
‫ل عَلَي ْ ِ‬
‫ما دَ َّ‬
‫ل نُط ٍ‬ ‫م َ‬
‫في َ‬
‫ظ ِ‬ ‫قال‪َ ( :‬‬
‫سم المنطوق إلى نوعين‪:‬‬
‫م أن بعض األصوليين ق َّ‬
‫ثم معلو ٌ‬
‫صريح وغير صريح‪ ،‬وجرى هنا على ما جرى عليه ابن الحاجب من‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪5‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫وبعضهم ينازع في هذا كما‬ ‫األصوليين‪،‬‬ ‫بعض‬


‫ريْر‬
‫عند‬‫ِ‬ ‫ح‬
‫التقسيم ٱلت َّ ْ‬
‫المشهور‬
‫(‪)57‬‬
‫سيأتي‪.‬‬
‫يح‪.‬‬‫صرِ ٍ‬ ‫ح‪ ،‬وَغَي ْ ُر َ‬ ‫صرِي ٌ‬ ‫َان} أي‪ :‬المنطوق { َ‬ ‫قال‪{ :‬وَهُوَ نَوْع ِ‬
‫ح)‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ثُم الصريح ما أ ُ‬
‫ري ٌ‬ ‫ِ‬ ‫ص‬
‫َ‬ ‫ف‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫َ‬ ‫ض‬
‫ِ‬ ‫و‬‫ُ‬ ‫ن‬‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫إ‬ ‫ف‬ ‫(‬ ‫}‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ِ‬ ‫ل‬‫ْ‬ ‫َو‬‫ق‬‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫ه‬‫ْ‬ ‫ي‬ ‫إل‬ ‫ير‬
‫َ‬ ‫ش‬
‫ِ‬ ‫َّ ِ ُ َ‬ ‫َّ‬
‫َ‬
‫ح}‪.‬‬ ‫صرِي ٌ‬ ‫معْنَى فَ َ‬ ‫ك ال ْ َ‬‫ْظ لِذَل ِ َ‬ ‫ضعَ اللَّف ُ‬ ‫ه) {أيْ‪ :‬وُ ِ‬ ‫ع لَ ُ‬ ‫ض َ‬
‫و ِ‬
‫ن ُ‬ ‫( َ‬
‫فإ ِ ْ‬
‫علمنا أن المنطوق والمفهوم قسمان للداللة‪ ،‬ومر معنا أن‬
‫الداللة ‪-‬داللة اللفظ‪ -‬ثالثة أنواع‪ :‬وهي داللة المطابقة‪ ،‬وداللة‬
‫التضمن‪ ،‬وداللة االلتزام‪|.‬‬
‫على هذا التقسيم الثالثي ينقسم من حيث المنطوق والمفهوم‪،‬‬
‫من فهو صريح‪ ،‬وما دُل عليه‬
‫فما دُل عليه بداللة المطابقة أو التض ُّ‬
‫بداللة االلتزام فهو غير صريح‪ .‬هذا الذي يعنيه رحمه الله تعالى‬
‫كغيره من األصوليين‪.‬‬
‫أن ما دُل عليه بداللة المطابقة فهو صريح‪ ،‬وكذلك التضمن‪.‬‬
‫ومر معنا أن الصحيح أنها لفظية وضعية‪ ،‬وحينئذٍ| هي داخلة فيما‬
‫وضع له اللفظ‪ ،‬وأما داللة االقتضاء واإلشارة والتنبيه هذه مأخوذة‬
‫من داللة االلتزام‪ |،‬فحينئذٍ| كانت عقلية‪.‬‬
‫ع) أي‪ :‬اللفظ (ل َ ُ‬
‫ه) أي‪ :‬لذلك المعنى‬ ‫ض َ‬
‫و ِ‬
‫ن ُ‬ ‫قال‪َ ( :‬‬
‫فإ ِ ْ‬
‫ح)‪.‬‬
‫ري ٌ‬
‫ص ِ‬ ‫( َ‬
‫ف َ‬
‫ع لَ ُ‬
‫ه) هذا إشارة إلى الداللة الوضعية‪ ،‬وإنما‬ ‫ض َ‬
‫و ِ‬
‫ن ُ‬ ‫قوله‪َ ( :‬‬
‫فإ ِ ْ‬
‫وُضع اللفظ للمعنى من جهتين‪ :‬إما مطابقة‪ ،‬وإما تضمن‪ .‬وحينئذٍ|‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪6‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫الداللتين‪ :‬داللة المطابقة‬ ‫من‬ ‫النوعان‬ ‫)‬ ‫ه‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ع‬
‫ضر‬ ‫ري ْ‬
‫ِ‬ ‫و‬
‫ح‬
‫قوله‪:‬ت َّ ( ْ‬
‫دخل في ٱل‬
‫(‪)57‬‬ ‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬
‫وداللة التضمن‪.‬‬
‫ه‪ :‬أن داللة التضمن وداللة المطابقة مما وضع اللفظ له‪،‬‬
‫وجهُ ُ‬
‫وحينئذٍ خرج ما لم يوضع له اللفظ وهو ما كان الزما ً للمعنى‪.‬‬
‫ة مطَاب َقة أ َ‬
‫ن} على ما‬ ‫ٍ‬ ‫م‬
‫ُّ‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫ْ‬ ‫و‬ ‫َ ٍ‬ ‫ت دَالل َ َ ُ‬
‫سوَاءٌ كَان َ ْ‬
‫ح) { َ‬
‫ري ٌ‬
‫ص ِ‬ ‫قال‪َ ( :‬‬
‫ف َ‬
‫جا ًزا}‪.‬‬ ‫تقدم من أن التضمن لفظي على الصحيح {حقي َق ً َ‬
‫م َ‬ ‫ة أو ْ َ‬ ‫َ ِ‬
‫فالمنطوق قد يكون حقيقة وقد يكون مجازاً‪ ،‬بناءً على أن‬
‫المجاز مما وضع في لسان العرب‪.‬‬
‫هذا النوع األول وهو المنطوق الصريح‪ ،‬وهو مأخوذ ٌ من داللتي‬
‫التضمن والمطابقة‪.‬‬
‫خالف في دخوله في المنطوق أو ال؟‬
‫ٍ‬ ‫{النَّوْعُ الثَّانِي} وهذا محل‬
‫م من المفهوم أو أنه من المنطوق؟‬ ‫هل هو قس ٌ‬
‫ير إلَيْهِ بِقَوْلِهِ}‬ ‫ُ‬
‫ش َ‬‫ما أ ِ‬ ‫يح وَهُوَ َ‬ ‫قال هنا‪{ :‬النَّوْعُ الثَّانِي‪ :‬غَي ْ ُر ال َّ‬
‫صرِ ِ‬
‫ل اللَّف ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ْظ‬ ‫ن د َ َّ‬ ‫َن الل َّ ْف ِ‬
‫ظ بِأ َّ‬ ‫معْنَى ع ْ‬‫م ال ْ َ‬
‫ه) {أيْ لَزِ َ‬ ‫عن ْ ُ‬
‫م َ‬ ‫ن لَ ِ‬
‫ز َ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫( َ‬
‫عَل َيه} بداللة االلتزام‪ ،‬لم يوضع له اللفظ من حيث المعنى في‬
‫لخارج‪ ،‬والالزم حينئذٍ يكون الزما ً له‬
‫ٍ‬ ‫لسان العرب‪ ،‬وإنما لزم منه‬
‫من خارج‪ ،‬وأما هل وُضع اللفظ لهذا الالزم؟ الجواب‪ :‬ال‪ .‬وحينئذٍ‬
‫صارت داللة التزام‪|.‬‬
‫ْظ عَلَى ذَل ِ َ‬ ‫ل اللَّف ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ك‬ ‫ن د َ َّ‬
‫ظ بِأ َّ‬ ‫َن الل َّ ْف ِ‬
‫معْنَى ع ْ‬ ‫م ال ْ َ‬
‫قال‪{ :‬أيْ لَزِ َ‬
‫ه}‪.‬‬‫ضع َ ل َ ُ‬
‫ما و ُ ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫معْنَى فِي غَيْرِ َ‬
‫ة الْت ِ َزام ٍ}‪.‬‬
‫ة‪ :‬دَالل َ َ‬‫مى هَذِهِ الدَّالل َ ُ‬ ‫َ‬ ‫( َ‬
‫س َّ‬
‫يح‪ .‬وَت ُ َ‬ ‫صرِ ٍ‬‫غي ْ ُرهُ) {أيْ فَغَي ْ ُر َ‬ ‫ف َ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪7‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬
‫ريْر‬
‫ح ِ‬
‫والمفهوم إذا فهمت (ما‪)57‬مر معنا األقسام الثالثة‪:‬‬ ‫ٱلت َّ ْ‬
‫المنطوق‬ ‫إذاً‪:‬‬
‫داللة المطابقة‪ ،‬والتضمن‪ ،‬وااللتزام‪ .‬عرفت المنطوق الصريح من‬
‫غيره‪.‬‬
‫فداللة التضمن وداللة المطابقة صريح‪ ،‬وداللة االلتزام هذه‬
‫ليست بصريحة‪.‬‬
‫وعليه نقول‪ :‬الصريح داللة اللفظ على ما وضع له مطابقة أو‬
‫تضمنا ً حقيقة أو مجازاً‪.‬‬
‫وغير الصريح داللة اللفظ على ما لم يوضع له بل يلزم ما وضع‬
‫له فيدل عليه بااللتزام‪ ،‬وينقسم إلى اقتضاء‪ ،‬وإشارة‪ ،‬وتنبيه‪.‬‬
‫قال‪ :‬وتسمى هذه الداللة داللة التزام عند األصوليين‪ ،‬ومن قال‬
‫َ‬
‫بها كابن الحاجب وتبعه المصنف هنا إلَى ثَالثَةِ أقْ َ‬
‫سامٍ‪{ :‬اقْت ِ َ‬
‫ضاءٍ‬
‫ماءً}‪.‬‬‫ه‪ :‬إي َ‬
‫مى التَّنْبِي ُ‬
‫س َّ‬ ‫وَإِشَ َ‬
‫ارةٍ‪ ،‬وَتَنْبِيهٍ وَي ُ َ‬
‫يعني‪ :‬اللفظ يدل على المعنى بطريقين‪ :‬أحدهما بصيغته‪،‬‬
‫والثاني باقتران أمرٍ به‪ ..‬إما بالصيغة‪ ..‬بذاتها‪ ،‬وإما باقتران أمرٍ به‪.‬‬
‫مالزمه‪،‬‬‫إذا لحظه المتكلم استغنى عن التعبير عنه بالتعبير عن ُ‬
‫وهذا الذي ينقسم إلى ثالثة أقسام‪.‬‬
‫َ‬
‫متَكَلِّم ِ}‪.‬‬
‫صودًا لِل ْ ُ‬
‫م ْق ُ‬ ‫ن يَكُو َ‬
‫ن َ‬ ‫ما أ ْ‬
‫معْنَى إ َّ‬ ‫قال‪{ :‬أل َ َّ‬
‫ن ال ْ َ‬
‫لماذا انقسم غير الصريح إلى ثالثة أنواع؟ ألن القصد هنا‬
‫مراعى‪ ،‬إما أن يكون الكالم مقصودا ً أو ال‪.‬‬ ‫ً‬
‫َ‬
‫ما‬
‫منًا ل ِ َ‬
‫ض ِّ‬ ‫متَكَلِّم ِ‪ُ ،‬‬
‫مت َ َ‬ ‫صودًا لِل ْ ُ‬‫م ْق ُ‬
‫ن َ‬ ‫ن يَكُو َ‬
‫ما أ ْ‬
‫معْنَى إ َّ‬ ‫قال‪{ :‬أل َ َّ‬
‫ن ال ْ َ‬
‫ظ} هذا أوال ً في التوقف‪.‬‬ ‫صدْقُ الل َّ ْف ِ‬ ‫ف عَلَيْهِ ِ‬ ‫يَتَوَقَّ ُ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪8‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬
‫حرير‬ ‫{أَو ل ِ ٱلت َّ‬
‫ه‬
‫حت ُُ‬ ‫ف عَلَيْهِ ِ‬
‫ص َّ‬ ‫ه عَقْالً‪ ،‬أَوْ( ل‪َِ 57‬‬
‫م)ا يَتَوَقَّ ُ‬ ‫حت ُُ‬ ‫ف ِ ْعَلَيْهِ ِ‬
‫ص َّ‬ ‫ما يَتَوَقَّ ْ ُ‬
‫ْ َ‬
‫شَ ْرعًا} فجهات التوقف ثالثة‪ :‬إما من جهة الصدق‪ ،‬وإما من جهة‬
‫العقل‪ ،‬وإما من جهة الشرع‪.‬‬
‫فإذا كان الكالم| مقصودا ً للمتكلم وتوقف على واحدٍ من هذه‬
‫الثالثة األمور فهو داللة اقتضاء‪.‬‬
‫متَكَلِّم ِ}‪.‬‬ ‫َ‬
‫صودًا لِل ْ ُ‬
‫م ْق ُ‬ ‫{أوْ الَ يَكُو ُ‬
‫ن َ‬
‫إذاً‪ :‬يتردد المعنى‪ :‬إما أن يكون مقصودا ً للمتكلم أو ال يكون‪ ،‬إن‬
‫كان مقصودا ً للمتكلم فإما أن يتوقف على واحد من الجهات الثالث‬
‫أو ال‪ ،‬وحينئذٍ| كان التقسيم إلى ثالثة أنواع‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬جهات التوقف ثالث‪.‬‬
‫أوالً‪ :‬ما يتوقف فيه صدق اللفظ‪ .‬يعني‪ :‬لئال يقال بأنه كذب‪،‬‬
‫<<رفع عن أمتي الخطأ والنسيان>>‪.‬‬
‫ُ‬ ‫وهذا مر معنا في‬
‫ثانياً‪ :‬ما يتوقف في صحة الحكم من جهة العقل‪.‬‬
‫الثالث‪ :‬من جهة الشرع‪.‬‬
‫قال‪ :‬فَاألَوَّ ُ‬
‫ل يعني به‪ :‬المتضمن لما يتوقف عليه صدق اللفظ‪.‬‬
‫ن قُصِدَ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫األول يعني‪ :‬المقتضي لضرورة صدق المتكلم‪َ ( :‬‬
‫فع عَن أُمتِي الخَطَأ ُ‬
‫َّ‬ ‫<<ر ِ َ‬
‫ُ‬ ‫صدْقُ عَلَي ْ ِ‬
‫ه كـ‬ ‫ف ال ِّ‬ ‫و َّ‬
‫ق َ‬ ‫وت َ َ‬
‫َ‬
‫عنِّي‬
‫عبْدَك َ‬
‫ق َ‬ ‫ش ْرعًا كَأ َ ْ‬
‫عت ِ ْ‬ ‫و َ‬ ‫َ‬
‫َقاًل أ ْ‬
‫ةع ْ‬
‫ح ُ‬
‫ص َّ‬
‫و ال ِّ‬
‫َ‬
‫ان>>‪ ،‬أ ْ‬ ‫سي َ ُ‬ ‫والن ِّ ْ‬
‫ء)‪.‬‬‫ضا ٍ‬ ‫ةا ْ‬
‫قت ِ َ‬ ‫فـ‪ :‬دَاَل ل َ ُ‬
‫َ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪9‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫األمور الثالثة‪ ..‬التوقفات‬ ‫هذه‬ ‫من‬ ‫د‬‫واح‬


‫ريْر‬
‫على‬‫ِ‬ ‫ح‬ ‫إذاً‪ :‬ما ٱلت َّ‬
‫توقفْ‬
‫(‪)57‬‬ ‫ٍ‬
‫‪-‬الجهات‪ -‬ال يُشترط أن تجتمع وإنما المراد منها واحد ٌ من الثالث‪|،‬‬
‫حينئذٍ| يُسمى داللة اقتضاء‪.‬‬
‫ضى‪.‬‬‫ضي والمقت َ‬ ‫ومر معنا الفرق بين المقت ِ‬
‫ن قُصِدَ) يعني‪ :‬المعنى للمتكلم‪.‬‬ ‫إذاً‪ :‬فاألول قال‪َ ( :‬‬
‫وإ ِ ْ‬
‫م أن‬‫ه) يعني‪ :‬صدق الكالم‪ ،‬ومعلو ٌ‬‫صدْقُ عَلَي ْ ِ‬
‫ف ال ِّ‬ ‫و َّ‬
‫ق َ‬ ‫وت َ َ‬
‫( َ‬
‫الكالم قد يكون صدقا ً وقد يكون كذباً؛ بناء على أن الخبر ما احتمل‬
‫الصدق والكذب‪.‬‬
‫حينئذٍ إذا كان ظاهر الكالم كذباً‪ ،‬لوال أن نقدِّر هذا المحذوف‬
‫حينئذٍ| نقول‪ :‬وجب ‪-‬خاصة في شأن الكتاب والسنة‪ -‬وجب تقدير‬
‫هذا المحذوف‪ ،‬حينئذٍ| يكون اللفظ قد دل عليه بداللة االقتضاء‪ .‬من‬
‫ب‪.‬‬ ‫أجل تصحيح الكالم؛ لئال يُحكم عليه بأنه كذِ ٌ‬
‫صلَّى الل َّ ُ‬
‫ه‬ ‫ه) {كَقَوْلِهِ َ‬ ‫صدْقُ عَلَي ْ ِ‬ ‫ف ال ِّ‬
‫ق َ‬ ‫و َّ‬
‫وت َ َ‬
‫صد َ َ‬
‫ن قُ ِ‬
‫وإ ِ ْ‬
‫قال‪َ ( :‬‬
‫عَلَيه وسلَّم فيما رواه النسائي‪<< :‬رفع عَن أُمتي الْخَطَأ ُ‬
‫ْ َّ ِ‬ ‫ُ ِ َ‬ ‫ْ ِ َ َ َ ِ َ َ َ ُ َّ َ ِ ُّ‬
‫ن>>} الرفع حقيقة في عدم| وجوده بالفعل‪.‬‬
‫سيَا ُ‬
‫وَالن ِّ ْ‬
‫يعني‪ :‬ليس عندنا| خطأ وال نسيان‪ ،‬وهذا لو أخذنا بظاهره قلنا‪:‬‬
‫بصدق ألنه واقع‪ ،‬وإذا كان كذلك فال بد من التقدير‪،‬‬
‫ٍ‬ ‫هذا ليس‬
‫وعلمنا أن التقدير| هنا ال يجعله من المجمل كما مر معنا‪ ،‬حينئذٍ‬
‫يكون الحكم معيَّنا ً وهو المؤاخذة‪|.‬‬
‫<<رفع عن أمتي الخطأ>> يعني‪ :‬المؤاخذة بالخطأ‬ ‫ُ‬ ‫إذاً‪:‬‬
‫<<والنسيان>>‪.‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪10‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫الكالم‪ ،‬حينئذٍ نقول‪:‬‬ ‫صدق‬ ‫|‬


‫ه‬ ‫فلتقدير‬
‫ر‬‫ري ْ‬
‫صحيح‬‫ِ‬ ‫ح‬
‫معنىت َّ ْ‬
‫وهذا ٱل‬
‫(‪)57‬‬
‫ضى‬
‫ضي‪ ،‬والمقت َ‬
‫<<رفع عن أمتي>> هذا مقت ِ‬
‫ُ‬ ‫ضي هو اللفظ‬
‫المقت ِ‬
‫ن‬‫خذ ْنَا إ ِ ْ‬
‫((ربَّنَا ال تُؤَا ِ‬
‫هو المحذوف‪ ،‬وعرفنا أن تعيينه بقوله تعالى‪َ :‬‬
‫سينَا أَوْ أَخْطَأْنَا))[البقرة‪ ]286:‬هذا أولى ما يُعتبر‪.‬‬ ‫نَ ِ‬
‫ُ‬ ‫{رفع ع ُ‬
‫َات الْخَطَأ ِ‬ ‫نذ َ‬ ‫ن}‪ ..‬قال هنا‪{ :‬فَإ ِ َّ‬ ‫متِي الْخَطَأ وَالن ِّ ْ‬
‫سيَا ُ‬ ‫َن أ َّ‬
‫ْ‬ ‫ُ ِ َ‬
‫م ي َ ْرت َ ِفعَا} بمعنى أنه موجودٌ‪ ،‬وإذا كان كذلك فحينئذٍ|‬ ‫ان ل َ ْ‬
‫سي َ ِ‬
‫وَالن ِّ ْ‬
‫كيف يعبَّر عنه بأنه ُرفع‪ ،‬والرفع حقيقة هو عدم الشيء وال وجود‬
‫له؟‬
‫صدْقُ} يعني‪ :‬ال بد من‬ ‫ف عَلَيْهِ ال ِّ‬‫ما يَتَوَقَّ ُ‬‫ن حينئذٍ َ‬ ‫م ُ‬ ‫قال‪{ :‬فَيَت َ َ‬
‫ض َّ‬
‫َ‬
‫خذَةِ} وهما متالزمان‪ |..‬شيءٌ واحد‪،‬‬ ‫ن اإلِثْم ِ أوْ ال ْ ُ‬
‫مؤَا َ‬ ‫م ْ‬
‫التقدير { ِ‬
‫سينَا أَوْ أَخْطَأْنَا))‬
‫ن نَ ِ‬
‫خذ ْنَا إ ِ ْ‬
‫((ربَّنَا ال تُؤَا ِ‬
‫ولذلك قلنا اآلية واضحة بينة‪َ :‬‬
‫[البقرة‪ ]286:‬فحينئذٍ| عدم المؤاخذة| هي المرتبة على وجود الخطأ‬
‫والنسيان‪ ،‬والمؤاخذة هي بعينها اإلثم‪ ،‬لكن ال يلزم من عدم‬
‫المؤاخذة رفع الفعل‪.‬‬
‫يعني‪<< :‬من نام عن صالة أو نسيها>> هنا ال يؤخذ بالنسيان‪،‬‬
‫لكنه تسقط عنه الصالة؟ الجواب‪ :‬ال‪ .‬إذا أخطأ فأفطر قبل غروب‬
‫الشمس ُرفع عنه اإلثم والمؤاخذة يعني‪ :‬ال يأثم؛ ألنه تعمد أن يفطر‬
‫محرم‪ |،‬لكن هل يلزم من ذلك عدم‬
‫َّ‬ ‫قبل غروب الشمس وهو‬
‫القضاء؟ الجواب‪ :‬ال‪.‬‬
‫يعني فرقٌ بين مسألتين‪ :‬عدم المؤاخذة| شيء‪ ،‬وعدم المطالبة‬
‫بالفعل شيءٌ آخر‪ ،‬ولذلك قد يُخطئ فيظن أن وقت الزوال قد‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪11‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫أن الوقت لم يدخل‪،‬‬ ‫فتبين‬ ‫فصلى‪،‬‬


‫ريْر‬
‫الشمس‬‫ِ‬ ‫ح‬
‫دخل يعني‪ :‬ٱلت َّ ْ‬
‫زالت‬
‫(‪)57‬‬
‫فحينئذٍ| نقول‪ :‬األصل فيه أنه يأثم؛ ألنه أوقع صالة الظهر قبل دخول‬
‫<<رفع عن أمتي الخطأ والنسيان>> ال يلزم‬
‫ُ‬ ‫وقتها‪ ،‬لكن نقول‪:‬‬
‫من ذلك عدم| إعادة الفعل‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬عندنا| شيئان أوالً‪ :‬عدم المؤاخذة| بالفعل للنسيان أو الخطأ‪.‬‬
‫ثم شيءٌ آخر وهو بقاء األصل‪ ،‬وهو المطالبة بالفعل‪ ،‬فلو‬
‫أخطأ‪ ..‬ظن أنه فعل الفعل على وجهه الشرعي ثم تبين له عدمه‬
‫نقول‪ :‬هذا ُرفع عنه اإلثم لكنه بقي الطلب في حقه‪.‬‬
‫حوِ ذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ك} لتعذر حمله على‬ ‫من اإلِثم أوْ المؤَاخذَةِ وَن َ ْ‬
‫قال هنا‪ِ { :‬‬
‫حقيقته فإنهما واقعان‪ .‬وال شك في ذلك‪.‬‬
‫محذوف‬
‫ٍ‬ ‫إذاً‪ :‬هذا يسمى داللة اقتضاء؛ ألن اللفظ يقتضي تقدير|‬
‫من أجل أن نقول للكالم‪ :‬قد صدقت أو لقائله‪ :‬قد صدقت‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫َقال ً) يعني‪:‬‬
‫ةع ْ‬
‫ح ُ‬
‫ص َّ‬ ‫ير إلَيْهِ بِقَوْلِهِ} (أ ْ‬
‫و ال ِّ‬ ‫ش َ‬ ‫قال‪{ :‬وَالثَّانِي‪َ :‬‬
‫ما أ ِ‬
‫من جهة العقل‪.‬‬
‫َ‬
‫ة عَقْال ً ن َ ْ‬
‫حوُ قَوْله‬ ‫ح ُ‬ ‫ف عَلَيْهِ ال ِّ‬
‫ص َّ‬ ‫ما تَتَوَقَّ ُ‬
‫ن َ‬
‫م ُ‬‫ض َّ‬‫ما يَت َ َ‬
‫قال‪{ :‬أيْ َ‬
‫م للبنيان‪،‬‬ ‫ة))} بناءً على أن القرية اس ٌ‬ ‫ل الْق َْري َ َ‬‫سأ َ ْ‬
‫تَعَالَى‪(( :‬وَا ْ‬
‫م أن السؤال ال يتوجه إال إلى العاقل‪ ،‬والبنيان ال يتوجه إليه‬
‫ومعلو ٌ‬
‫السؤال‪.‬‬
‫ة الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِ َ‬
‫ير)) بناءً على أن العير‬ ‫سأ َ ْ‬
‫ل الْق َْري َ َ‬ ‫قال‪(( :‬وَا ْ‬
‫م لإلبل ونحوه‪ ،‬وحينئذٍ هذا ال يتوجه إليه السؤال‪.‬‬
‫اس ٌ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪12‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫م‬ ‫اس‬ ‫ألنها‬ ‫القرية؛‬ ‫إلى‬ ‫هنا‬ ‫السؤال‬ ‫يتوجه‬


‫يمنعيْر‬
‫أن‬
‫ر‬
‫ِ‬ ‫ح‬
‫العقلت َّ ْ‬
‫ٱل‬ ‫إذاً‪:‬‬
‫ٌ‬ ‫(‪)57‬‬
‫للبنيان في المشهور عند| أهل اللغة‪ ،‬وكذلك إلى العير‪.‬‬
‫فحينئذٍ ال بد من تقدير محذوف يدل عليه السياق وهو‪ :‬واسأل‬
‫أهل القرية‪ ،‬واسأل أهل العير‪.‬‬
‫ح‬
‫ص َّ‬ ‫ك لَ ْ‬
‫م يَ ِ‬ ‫ل الْعِيرِ؛ إذ ْ لَوْ ل َ ْ‬
‫م ي ُ َقد َّ ْر ذَل ِ َ‬ ‫ل الْق َْريَةِ وَأَهْ َ‬
‫قال‪{ :‬أَيْ‪ :‬أَهْ َ‬
‫ك عقْالً؛ إذِ الْقَرية والْعير ال ي َ‬
‫الن}‪.‬‬
‫سأ ِ‬ ‫ُ ْ‬ ‫ْ َ ُ َ ِ ُ‬ ‫ذَل ِ َ َ‬
‫فصحة السؤال عقال ً يتوقف على إضمار كلمة أهل‪ .‬وهو مجا ٌز‬
‫من حرف كما مر معنا‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬هنا المنع جاء من جهة العقل‪ ،‬وأما التوقف فيما سبق فجاء‬
‫من جهة الحس‪ ..‬المشاهدة للخطأ والنسيان‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ب‬ ‫ح َر فَانْفَلَقَ)) أيْ‪ :‬فَ َ‬
‫ض َر َ‬ ‫صاك الْب َ ْ‬
‫ب بِعَ َ‬
‫ضرِ ْ‬ ‫مثْل ُ ُ‬
‫ه ((أنِ ا ْ‬ ‫{وَ ِ‬
‫فَانْفَلَقَ}‪.‬‬
‫هنا ال بد من التقدير؛ ألنك لو جعلت ((فَانْفَلَقَ)) جوابا ً لألمر‬
‫ب)) ((فَانْفَلَقَ)) حينئذٍ االنفالق لم يكن من جهة الضرب‬ ‫َ‬
‫ضرِ ْ‬
‫((أنِ ا ْ‬
‫وإنما من جهة األمر به‪ ،‬وهذا ممتنع فال بد من التقدير‪|.‬‬
‫{ومثْلُه ((فَمن كَان منكُم مريضا أَو عَلَى سفَر فَعِدةٌ م َ‬
‫ن أيَّام ٍ‬
‫َّ ِ ْ‬ ‫َ ٍ‬ ‫َ ِ ْ ْ َ ِ ً ْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ِ ُ‬
‫ن أَيَّام ٍ أُخ ََر}‪.‬‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ُ‬
‫أخ ََر)) أيْ‪ :‬فَأفْط َ َر فَعِدَّةٌ ِ‬
‫م ْ‬
‫هنا جعله من جهة العقل‪ ،‬وال أدري لماذا المصنف هنا جعل هذا‬
‫المثال جهة ما يتوقف عليه الشيء في صحة الشيء عقالً‪ ،‬وإنما هو‬
‫من جهة الشرع‪ ،‬ولذلك أخذ ابن حزم بظاهره على ما هو عليه ولم‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪13‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫قال‪:‬ر‬
‫ري ْ‬
‫ِ‬ ‫ح‬ ‫يحتج إلى ٱلت‬
‫تقديرَّ ْ‬
‫ضا أوْ عَلَى َ‬
‫سفَرٍ)) لم‬ ‫رِ)ي ً‬‫م‬ ‫م‬
‫ْ ( َ‪57‬‬ ‫ُ‬ ‫ك‬‫ْ‬ ‫ن‬‫م‬‫ِ‬ ‫ن‬
‫َ‬ ‫ا‬‫َ‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ف‬ ‫((‬
‫يصح منه الصيام ((فَعِدَّةٌ))| يعني‪ :‬تلزمه عدة| سواء صام أو لم يصم‪.‬‬
‫ن أَيَّام ٍ أُخ ََر)) إذاً‪ :‬ال يلزمه‪ ،‬لكن التقدير هنا الظاهر أنه‬ ‫((فَعِدَّةٌ| ِ‬
‫م ْ‬
‫من جهة الشرع ال من جهة العقل‪.‬‬
‫َ‬ ‫ُ‬
‫ش ْرعًا) يعني‪ :‬ما يتوقف‬ ‫ير إلَيْهِ بِقَوْلِهِ} (أ ْ‬
‫و َ‬ ‫ش َ‬‫ما أ ِ‬ ‫{وَالثَّال ِ ُ‬
‫ث‪َ :‬‬
‫عليه صحة الحكم من جهة الشرع‪ ،‬والمثال السابق يصلح له‬
‫ن أَيَّام ٍ أُخ ََر)) أي‪ :‬فأفطر‪ ،‬فحينئذٍ| عليه عدةٌ من أيام أخر‪.‬‬ ‫((فَعِدَّةٌ ِ‬
‫م ْ‬
‫ل ُ َْ‬ ‫َ‬
‫ق‬
‫مطل ِ‬ ‫ه شَ ْرعًا كَقَوْ ِ‬
‫حت ُ ُ‬
‫ص َّ‬‫ف عَلَيْهِ ِ‬ ‫ما تَتَوَقَّ ُ‬ ‫ن َ‬ ‫م َ‬ ‫ض َّ‬
‫ما يَت َ َ‬
‫{أيْ‪َ :‬‬
‫ن‬ ‫َ‬ ‫مل ِ ُ‬
‫م ُ‬
‫ك عَبْدًا‪ :‬أعْتِقْ عَبْدَك| عَنِّي‪ .‬هذا يتَض َّ‬ ‫ن يَ ْ‬‫م ْ‬ ‫مالِهِ ل ِ َ‬
‫ف فِي َ‬ ‫ص ُّر ِ‬‫الت َّ َ‬
‫مثَال ً} هذا تضمن بيعه؛ ألنه ال‬ ‫مائَةِ دِ ْرهَم ٍ َ‬‫س ِ‬‫م ِ‬ ‫خ ْ‬‫حدد لَه ماال ً عَلَى َ‬ ‫إِذا َ‬
‫بعد التمليك‪.‬‬ ‫يصح إال‬
‫جانًا}‪.‬‬ ‫قَا َ َ‬ ‫{أَو‬
‫م َّ‬
‫ه عَنَى َ‬
‫ل‪ :‬أعْت ِ ْق ُ‬ ‫ْ‬
‫هذا هبة بالمجان‪ ،‬يعني‪ :‬هذا اللفظ إن وافق عليه فحينئذٍ‬
‫يتضمن ما يتوقف عليه من جهة الشرع؛ إذ ال يصح أن يُعتق زيد ٌ عن‬
‫عمروٍ ‪-‬هذا في الكفارة‪ -‬إال إذا كان يملك تلك الكفارة‪ ..‬ال بد أن‬
‫يكون مالكا ً لها‪.‬‬
‫فحينئذٍ إذا قال‪ :‬أعتق عبدك| عني على خمسمائة درهم‪ .‬صار‬
‫متضمنا ً للبيع؛ ألنه ال يصح أن يُعتقه عنه إال إذا كان مالكا ً له‪ ،‬فحينئذٍ|‬
‫ال يحصل التصرف إال فيما أُذن له‪ ،‬فيمتلك ثم يُوكل ثم تحصل بعد‬
‫ذلك ما يترتب عليه‪.‬‬
‫جانًا} كذلك هي هبة من جهة الضمن‪.‬‬ ‫َ‬
‫م َّ‬
‫ه عَنَى َ‬
‫{أو أعْت ِ ْق ُ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪14‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬
‫ردي ْررفي الصورة األُولَى إذ َا أ َ‬ ‫ِ‬ ‫ح‬
‫ٱلهت َّ ي ُ ْ‬
‫ي}‬ ‫ِ‬
‫ْ ٌّ‬ ‫ن‬‫م‬‫ض‬‫ِ‬ ‫ٌ‬ ‫ع‬‫ْ‬ ‫ي‬‫َ‬ ‫ب‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْت‬ ‫ع‬ ‫(‪)57‬‬ ‫ِ‬ ‫ُّ َ‬ ‫ِ‬ ‫ُ‬ ‫َّ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫قال‪{ :‬فَإِن َّ ُ‬
‫يعني‪ :‬في قوله‪ :‬أعتق عبدك عني على كذا‪.‬‬
‫جانًا‬ ‫َ‬ ‫ورةِ الثَّانِيَةِ‪ :‬هِب َ ٌ‬
‫م َّ‬
‫ه عَن َي َ‬
‫ة} يعني‪ :‬أو أعْت ِ ْق ُ‬ ‫منِي َّ ٌ‬
‫ض ْ‬‫ة ِ‬ ‫ص َ‬‫{وَفِي ال ُّ‬
‫ق عَلَيْهِ}‪.‬‬ ‫ك؛ لِتَوَقُّ ِ ْ‬
‫ف العِت ْ ِ‬ ‫مل ْ ِ‬
‫ق ال ْ ِ‬
‫سب ْ ِ‬
‫ستِدْعَاءِ َ‬
‫{ال ْ‬
‫ال يصح أن يُعتق إال إذا كان مالكا ً له‪ ،‬وإذا كان ال يملكه‪ ،‬وذكر‬
‫مثل هذه الجملة حينئذٍ إما بيعٌ ضمني وإما هبة ضمنية‪.‬‬
‫ل شرعي وهو في القرآن‪.‬‬ ‫والمثال السابق مثا ٌ‬
‫عنِّي) يعني‪ :‬كفهم حصول‬
‫عبْدَك َ‬
‫ق َ‬ ‫ش ْرعًا كَأ َ ْ‬
‫عت ِ ْ‬
‫َ‬
‫إذاً‪( :‬أ ْ‬
‫و َ‬
‫الملك؛ ألن العتق بدون الملك ال يصح شرعاً‪.‬‬
‫ء)‪.‬‬
‫ضا ٍ‬
‫قت ِ َ‬ ‫فدَاَل ل َ ُ‬
‫ةا ْ‬ ‫في الثالثة األنواع قال‪َ ( :‬‬
‫القْت ِ َ‬
‫ضائِهَا‬ ‫يعني‪ :‬فالداللة في الصور الثالث هذه داللة اقتضاء { ِ‬
‫شَ يْئًا َزائِدًا عَلَى الل َّ ْف ِ‬
‫ظ}‪.‬‬
‫االقتضاء يعني‪ :‬الطلب‪ ،‬تطلب شيئا ً زائدا ً على اللفظ‪ ،‬ال يصح‬
‫اللفظ إما من جهة الصدق‪ ،‬أو من جهة الصحة العقلية‪ ،‬أو الشرعية‬
‫ح التركيب‪.‬‬
‫إال بهذا المحذوف‪ ،‬فلوال المحذوف لما ص ّ‬
‫ن منطوقا ً به‪.‬‬
‫ظ وال يكو ُ‬
‫قال‪ :‬فهي ما ال يُفهم عند اللف ِ‬
‫ألن المؤاخذة لم يُنطق بها‪ ،‬وأهل لم يُنطق بها‪ ،‬وأفطر لم‬
‫يُنطق بها‪ ،‬وبع وهب هذه لم يُنطق بها‪ .‬حينئذٍ| يُفهم من اللفظ لكن‬
‫لم يُنطق به ولم يحصل به النطق‪.‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪15‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬
‫َّ ْ ْ‬ ‫ٱلتحرير‬
‫الذي دل عليه اللفظ قال‪:‬‬ ‫من هنا جاء أنهِ في قوة الصريح؛ (‬
‫ألن‪)57‬‬
‫فهي ما ال يُفهم عند اللفظ وال يكون منطوقا ً به‪ ،‬ولكن يكون من‬
‫ضرورة المنطوق به‪:‬‬
‫إما من حيث إنه ال يمكن أن يكون المتكلم صادقا ً إال به‬
‫كـ<<رفع عن أمتي الخطأ والنسيان>>‪.‬‬ ‫ُ‬
‫أو أنه ال يثبُت الملفوظ به عقال ً إال به‪.‬‬
‫أو يمتنع ثبوته شرعا ً إال به‪.‬‬
‫فهذه ثالثة أقسام‪ ،‬وتسمية الكل داللة اقتضاء هو قول الحنابلة‪،‬‬
‫وذهب جمعٌ من الحنفية إلى أن المقتضي هو الثالث فقط يعني‪ :‬ما‬
‫توقف عليه من جهة الشرع‪.‬‬
‫مي الباقي محذوفا ً ومضمراً‪ ..‬سموا ما توقف عليه من جهة‬
‫س ِّ‬
‫و ُ‬
‫الصحة العقلية وكذلك الكذب أو الصدق سموه مضمرا ً ومحذوفاً‪،‬‬
‫واالقتضاء هو ما توقف عليه من أجل صحة الحكم الشرعي‪.‬‬
‫ضي بأن المقتضي اَل يَتَغَي َّ ُر ظَاهِ ُر‬‫وفرقوا بين المحذوف والمقت ِ‬ ‫َّ‬
‫يح بِهِ‪ ،‬وهذا قد ال يكون ثابتاً‪،‬‬ ‫صرِ ِ‬
‫عنْد َ الت َّ ْ‬
‫حالِهِ وَإِع َْرابِهِ ِ‬ ‫الْكَاَل م ِ ع ْ‬
‫َن َ‬
‫يعني‪ :‬المقتضي إذا أظهره ال يتغير اإلعراب‪ ،‬هذا ال يكاد أن يوجد إال‬
‫حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه‪ ،‬حينئذٍ رجع إلى‬
‫فيما إذا ُ‬
‫أصله‪ ،‬وما عدا ذلك فالظاهر أنه يمتنع‪.‬‬
‫وفرقوا بين المحذوف والمقتضي بأن المقتضي اَل يَتَغَي َّ ُر‬ ‫ّ‬ ‫قال‪:‬‬
‫ما كَا َ‬
‫ن‬ ‫ل يَبْقَى ك َ َ‬
‫يح بِهِ‪ ،‬ب َ ْ‬‫صرِ ِ‬
‫عنْد َ الت َّ ْ‬
‫حالِهِ وَإِع َْرابِهِ ِ‬ ‫ظَاهِ ُر الْكَاَل م ِ ع ْ‬
‫َن َ‬
‫قَبلَه بخالف المحذوف كـ (اسأَلِ الْقَرية) ا َ‬
‫ة‪ :‬اسأل أهل‬ ‫سألِ الْق َْري َ َ‬
‫ْ‬ ‫ْ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ ُ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪16‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫إعرابا ً أصليا ً وإنما هو‬


‫ٱلتحرير‬
‫القرية‪ ،‬هذا ال َّ ْ ِ‬
‫يتغير؛ ْ ألن القرية هذا‬
‫ليس‪)57‬‬
‫(‬
‫حذف المضاف وأقيم‬
‫إعراب فرعي‪ ،‬ألن أصله اسأل أهل القريةِ‪ُ .‬‬
‫ٌ‬
‫مقامه فانتصب انتصابه‪.‬‬
‫المضاف إليه ُ‬
‫إذاً‪ :‬هذه الفتحة ليست أصلية للقرية وإنما هي أصلها الكسرة‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬إذا قلت‪ :‬فاسأل أهل القريةِ رجع إلى أصله‪ ،‬حينئذٍ لم يتغير‪.‬‬
‫وجع ُ‬
‫ل هذه األنواع الثالثة من الدالالت من أقسام المنطوق هي‬
‫طريقة ابن الحاجب وابن مفلح‪ ،‬وجماعة‪.‬‬
‫م للمفهوم ال‬
‫وذهب الغزالي والبيضاوي إلى أنها أقسا ٌ‬
‫للمنطوق‪ .‬لماذا؟‬
‫قالوا‪ :‬ألن المنطوق ما دل في محل النطق‪ ،‬والمفهوم في غير‬
‫محل النطق‪ .‬فأين داللة النطق هنا؟‬
‫وهذا سيأتي التفريق بين األنواع الثالثة‪.‬‬
‫قال البرماوي‪ :‬وهو الظاهر‪ ،‬يعني‪ :‬صنيع ابن الحاجب أنها من‬
‫قسم المنطوق غير الصريح وليست من المفهوم؛ ألن للفظ داللة‬
‫عليها من حيث هو منطوقٌ‪ ،‬بخالف المفهوم فإنه إنما يدل من حيث‬
‫هو قضية عقلية خارجة عن اللفظ‪.‬‬
‫حينئذٍ لو تأملت ‪-‬وهذا يحتاج إلى تأمل دقيق‪ -‬وجدت| أن هذه‬
‫المحذوفات ليست من الالزم‪ ،‬ومعلوم أن داللة االلتزام تدل على‬
‫ٌ‬
‫لفظ يدل على‬ ‫ج عن المعنى‪ .‬يعني‪:‬‬
‫م‪ ،‬وهذا الالزم خار ٌ‬
‫معنى له الز ٌ‬
‫خارجي‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫م‬
‫معنى والمعنى له الز ٌ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪17‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫في مدلول اللفظ‪ ،‬لكن‬ ‫يدخل‬ ‫لم‬


‫هذاْر‬
‫الخارجي‬
‫ري‬
‫ِ‬ ‫ح‬ ‫حينئذٍ ٱلت َّ‬
‫نقول‪ْ :‬‬
‫(‪)57‬‬
‫الكالم هنا داخل‪ ،‬ولذلك ال يصح الكالم على ظاهره‪ ..‬على ما ذكروه‬
‫ة)) القرية البنيان!| ال يصح الكالم‪ |،‬ال بد من التقدير‪|.‬‬ ‫سأ َ ِ‬
‫ل الْق َْري َ َ‬ ‫((وَا ْ‬
‫ل فيه أو ال؟ داخل‪ ،‬لكنه هل هو منطوقٌ به صريح‪..‬‬ ‫إذاً‪ :‬هو داخ ٌ‬
‫ٌ‬
‫ملفوظ به؟ الجواب‪ :‬ال‪.‬‬ ‫ح به‪..‬‬
‫مصر ٌ‬
‫َّ‬
‫فالظاهر صنيع ابن الحاجب هو األولى‪.‬‬
‫قال‪ :‬بخالف المفهوم فإنه إنما يدل من حيث هو قضية عقلية‬
‫خارجة عن اللفظ‪.‬‬
‫وقيل‪ :‬ويمكن أن يُجعل ذلك واسطة بين المنطوق والمفهوم؛‬
‫ولهذا اعترف بها من ينكر المفهوم‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬هذه الدالالت الظاهر أنها من المنطوق غير الصريح‪.‬‬
‫والكالم كذلك في اإلشارة والتنبيه‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬إن قُ ِ‬
‫صد المعنى للمتكلم فهو داللة اقتضاء‪ ،‬متى؟ إن قُصد‬
‫المعنى‪ ،‬وتوقف على واحدٍ من هذه الجهات الثالث فهو داللة‬
‫اقتضاء‪.‬‬
‫انتبه! أَخذ ُ القيد هنا في كون الكالم مقصوداً؛ إذ الفرق بين‬
‫داللة اإلشارة وداللة االقتضاء‪ :‬أن المعنى في داللة االقتضاء مقصود ٌ‬
‫ابتداء‪ ،‬وأما داللة اإلشارة فالمعنى ليس مقصوداً‪ .‬كما سيأتي‪.‬‬
‫قصَدْ) يعني‪ :‬المتكلم المعنى‪.‬‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م ُي ْ‬ ‫وإ ِ ْ‬‫قال‪ :‬القسم الثاني ( َ‬
‫ة اإلِشَ َ‬
‫ارةِ}‪.‬‬ ‫م الثَّانِي‪ :‬وَهُوَ دَالل َ ُ‬ ‫{ال ْ ِق ْ‬
‫س ُ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪18‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫‪:‬‬ ‫ي‬‫قصَد) {أ َ‬‫ْ‬ ‫ي‬
‫ُ‬ ‫م‬ ‫َ‬ ‫ل‬ ‫ن‬ ‫إ‬ ‫و‬ ‫(‬ ‫‪:‬‬ ‫}‬ ‫ه‬ ‫ل‬ ‫َو‬
‫ق‬ ‫ب‬ ‫ه‬
‫ر‬
‫ي‬‫َ‬ ‫ري ْ‬
‫إل‬ ‫ِ‬ ‫ير‬
‫ح‬
‫شْ‬ ‫قال‪{ :‬ماٱلأ ُت َّ‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َِ‬ ‫ْ‬ ‫‪)57‬‬
‫َ ِ ( ْ‬‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬
‫متَكَلِّم ِ} لكنه دل عليه‪،‬‬ ‫صودًا لِل ْ ُ‬ ‫م ْق ُ‬
‫ظ َ‬ ‫ن الل َّ ْف ِ‬ ‫م ْ‬‫ستَفَاد ُ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫معْنَى ال ْ ُ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫يَك ُ ْ‬
‫وحينئذٍ نقول‪ :‬هذه داللة إشارة‪.‬‬
‫من اسمها‪ ..‬إشارة اللفظ إلى المعنى‪.‬‬
‫قال‪{ :‬كَما روى عَبد الرحمن ب َ‬
‫صلَّى الل َّ ُ‬
‫ه‬ ‫ي َ‬‫َن النَّب ِ ِّ‬
‫حاتِم ٍ ع ْ‬‫ن أبِي َ‬ ‫ْ ُ َّ ْ َ ِ ْ ُ‬ ‫َ َ َ‬
‫ما‬ ‫ين قِي َ‬ ‫ه قَا َ‬ ‫عَلَيه وسل َّ َ‬
‫ل‪َ :‬و َ‬ ‫ْل وَدِ ٍ‬
‫ات عَق ٍ‬ ‫ص ُ‬ ‫ساءُ نَاقِ َ‬ ‫ل‪<< :‬الن ِّ َ‬ ‫م أن َّ ُ‬‫ْ ِ َ َ َ‬
‫صلِّي>>}‬ ‫مرِهَا ال ت ُ َ‬ ‫ن شَ ط ْ َر عُ ُ‬ ‫حدَاهُ َّ‬
‫ثإ ْ‬ ‫مك ُ ُ‬
‫ل‪ :‬ت َ ْ‬‫ن؟ قَا َ‬ ‫ن دِينِهِ َّ‬
‫صا ُ‬
‫ن ُ ْق َ‬
‫م‪.‬‬ ‫سل َّ َ‬
‫ه عَلَيْهِ وَ َ‬ ‫صلَّى الل َّ ُ‬ ‫سره النبي َ‬ ‫فف َّ‬
‫قال‪{ :‬لَم ي ْقصد النبي صلَّى اللَّه عَلَيه وسلَّم بيا َ‬
‫ض‬ ‫ن أكْثَرِ ال ْ َ‬
‫حي ْ ِ‬ ‫ْ ِ َ َ َ ََ َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ َ ِ ْ َّ ِ ُّ َ‬
‫ك}‪.‬‬ ‫مبَالَغَةِ إفَادَةُ ذَل ِ َ‬
‫ضاءِ ال ْ ُ‬ ‫ن اقْت ِ َ‬‫م ْ‬ ‫م ِ‬ ‫ه لَزِ َ‬ ‫وَأَقَ َّ‬
‫ل الطُّهْرِ‪ ،‬لَكِن َّ ُ‬
‫مرِهَا} يعني‪ :‬نصف شهرها {ال‬ ‫ن شَ ط ْ َر عُ ُ‬ ‫حدَاهُ َّ‬ ‫ثإ ْ‬ ‫مك ُ ُ‬ ‫يعني‪ْ َ{ :‬‬
‫ه عَلَيْهِ‬
‫صلَّى الل َّ ُ‬ ‫صلِّي} هذا أكثر ما يقال أنه حي ٌ‬
‫ض‪ ،‬هل عنَى النبي َ‬ ‫تُ َ‬
‫م وقصد بهذا اللفظ أن يبيِّن أحكام الطهر والحيض من حيض‬ ‫سل َّ َ‬
‫وَ َ‬
‫م له‪ ،‬والمراد هنا المثال‪ ،‬وإال‬
‫األقل واألكثر؟ الجواب‪ :‬ال‪ ،‬لكنه الز ٌ‬
‫فالحديث فيه نظر‪.‬‬
‫ين>> هذا على ظاهره‪،‬‬ ‫ْل وَدِ ٍ‬
‫ات عَق ٍ‬
‫ص ُ‬‫ساءُ نَاقِ َ‬
‫قوله‪<< :‬الن ِّ َ‬
‫ودين" قال لكونها ال تصلي وال‬
‫ٍ‬ ‫عقل" يعني‪ :‬في باب الشهادة‪" ،‬‬ ‫ٍ‬ ‫"‬
‫تصوم‪.‬‬
‫ن شَ هْ ًرا)) َ‬
‫مع َ‬ ‫صال ُ ُ‬
‫ه ثَالَثُو َ‬ ‫مل ُ ُ‬
‫ه وَفِ َ‬ ‫ك قَوْله تَعَالَى‪(( :‬وَ َ‬
‫ح ْ‬ ‫حوُ ذَل ِ َ‬ ‫{وَن َ ْ‬
‫مدَّةِ‬
‫ل ُ‬ ‫ن أَقَ َّ‬ ‫قَوله تعالَى‪(( :‬وفصالُه في عَامين))| فَيستفَاد من ذَل ِ َ َ‬
‫ك‪ :‬أ َّ‬ ‫ُ ْ َ ُ ِ ْ‬ ‫َ ْ ِ‬ ‫َ ِ َ ُ ِ‬ ‫ََ‬ ‫ْ‬
‫ة أَشْ هُرٍ}‪.‬‬ ‫ست َّ ُ‬
‫ل ِ‬ ‫م ِ‬ ‫ال ْ َ‬
‫ح ْ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪19‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫بقي ستة‪ ،‬فحينئذٍ أقل‬ ‫الثالثين‬ ‫من‬


‫ريْر‬
‫أسقطتها‬ ‫ِ‬
‫إن‬
‫ح‬ ‫ٱلت َّ‬
‫العامين ْ‬ ‫ألن‬
‫(‪)57‬‬
‫مدة الحمل ستة أشهر‪ ،‬هل سيقت اآلية األولى والثانية لبيان أقل‬
‫الحمل؟ الجواب‪ :‬ال‪.‬‬
‫لكن هذا المعنى الزم أو ال؟ الزم‪ ،‬هذا يسمى داللة إشارة‪.‬‬
‫ث إلَى‬
‫الرفَ ُ‬
‫صيَام ِ َّ‬ ‫م لَيْل َ َ‬
‫ة ال ِّ‬ ‫ل لَك ُ ْ‬ ‫{وَكَذ َا قَوْله تَعَالَى‪(( :‬أ ُ ِ‬
‫ح َّ‬
‫ة جاء بجميع الليلة‪.‬‬ ‫م))} لَيْل َ َ‬
‫سائِك ُ ْ‬
‫نِ َ‬
‫حينئذٍ الصوم يشرع به من طلوع الفجر‪ ،‬وأباح الله تعالى‬
‫ل كلَّه‪ ،‬إذاً‪ :‬آخر جزءٍ من الليل هو مح ٌ‬
‫ل للجماع‪،‬‬ ‫الرفث والجماع اللي َ‬
‫أول جزءٍ بعده من النهار مح ٌ‬
‫ل للصوم‪ ،‬هل يستطيع أن يغتسل؟‬
‫الجواب‪ :‬ال‪.‬‬
‫متعذر حساً‪ ،‬دل ذلك على أنه يجوز أن يُصبح‬
‫ٌ‬ ‫إذاً‪ :‬نقول‪ :‬هذا‬
‫صائما ً وهو جنب‪ ،‬هل سيقت اآلية لذلك؟ الجواب‪ :‬ال‪ ،‬وإنما فُهِم من‬
‫جهة المعنى‪.‬‬
‫ه‬
‫من ْ ُ‬ ‫ه يَل ْ َز ُ‬
‫م ِ‬ ‫ث إلَى ن ِ َ‬
‫سائِك ُ ْ‬
‫م)) فَإِن َّ ُ‬ ‫الرفَ ُ‬
‫صيَام ِ َّ‬ ‫م لَيْل َ َ‬
‫ة ال ِّ‬ ‫ل لَك ُ ْ‬‫ح َّ‬‫{((أ ُ ِ‬
‫جنُبًا}‪.‬‬ ‫اح ُ‬ ‫صب َ ِ‬
‫جوَا ُز اإل ِ ْ‬
‫َ‬
‫يعني‪ :‬جواز صوم الجنب‪ ،‬وال شك أنه لم يُقصد باآلية‪ ،‬ولكن‬
‫يلزم من استغراق الليل بالرفث والمباشرة أن يكون جنبا ً في جزءٍ‬
‫من النهار؛ ألن آخر جزءٍ من الليل هو مح ٌ‬
‫ل لإلباحة‪ ،‬وأول جزءٍ من‬
‫ل للتحريم‪ ..‬للصوم فحينئذٍ| تالقيا‪ ،‬وال يمكن حسا ً أن‬
‫النهار هذا مح ٌ‬
‫يغتسل فيه‪.‬‬
‫جنب‪.‬‬
‫ٌ‬ ‫فدل على أنه يجوز أن يصبح وهو‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪20‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫رَايْر‬
‫ِ‬ ‫ح‬
‫حك ِٱليت َّ ْ‬
‫ن‬
‫ْ‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ي‬
‫ّ‬ ‫ِ‬ ‫ظ‬‫ُر‬
‫َ‬ ‫ق‬ ‫ال‬ ‫ب‬
‫ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ع‬ ‫ك‬ ‫ن‬ ‫ْ‬ ‫ب‬ ‫ِ‬ ‫د‬‫م‬‫ح‬
‫ْ ُ َّ(‪ِ )57‬‬‫َ‬ ‫م‬ ‫َن‬ ‫ع‬ ‫اط‬‫َ‬ ‫ب‬‫ْ‬ ‫ن‬‫ِ‬ ‫ت‬‫س‬‫ْ‬ ‫اال‬
‫ِ‬ ‫ذ‬‫َ‬ ‫ه‬ ‫{وَقَد ْ ُ َ‬
‫ين}‪.‬‬ ‫َ‬
‫مةِ التَّابِعِ َ‬
‫أئ ِ َّ‬
‫ه} يعني‪ :‬ما مر من األمثلة {دَالل َ ُ‬
‫ة إشَ َ‬
‫ارةٍ}‪.‬‬ ‫قال‪{ :‬فَهَذ َا كُل ُّ ُ‬
‫إذاً‪ :‬إن لم تتوقف الصحة أو الصدق على إضمارٍ‪ ،‬ودل على أمرٍ‬
‫ليس هو مقصودا ً من اللفظ األصلي الذي عبّر به‪ ،‬ولكنه وقع من‬
‫توابعه‪ ،‬فحينئذٍ يسمى داللة اللفظ عليه داللة إشارة‪.‬‬
‫"إشارة" يعني‪ :‬إشارة اللفظ إلى معنى ليس مقصوداً‪ ،‬ولذلك‬
‫يحتج بها أهل العلم في إثبات األحكام الشرعية؛ ألنها داللة صحيحة‬
‫صلَّى‬
‫ق" وهذا يتعلق بكتاب الله تعالى وسنة نبيه َ‬
‫ح ٌّ‬
‫ق َ‬ ‫ح ِّ‬ ‫م ال َ‬ ‫ز ُ‬ ‫وال َ ِ‬ ‫" َ‬
‫سل َّ َ‬
‫م‪.‬‬ ‫ه عَلَيْهِ وَ َ‬ ‫الل َّ ُ‬
‫قال‪ :‬فهذا كله داللة إشارة‪ ..‬إشارة اللفظ إلى معنى ليس‬
‫مقصودا ً منه باألصالة‪ ،‬بل بالتبع‪ ،‬مع أنه لم تدع إليه ضرورة لصحة‬
‫االقتصار على المذكور دون تقديره‪|.‬‬
‫محذوف من أجل‬ ‫ٍ‬ ‫يعني‪ :‬الكالم| صحيح لم يتوقف على صحة‬
‫م لَيْل َ َ‬
‫ة‬ ‫ل لَك ُ ْ‬ ‫الصدق‪ ،‬وال عقال ً وال شرعاً‪ ،‬فالكالم حينئذٍ| تام ((أ ُ ِ‬
‫ح َّ‬
‫م)) واضح الحكم منه وال يحتاج إلى‬ ‫ث إلَى ن ِ َ‬
‫سائِك ُ ْ‬ ‫الرفَ ُ‬
‫صيَام ِ َّ‬
‫ال ِّ‬
‫محذوف أو تقديرٍ من أجل فهم ما نُطق به‪.‬‬
‫ٍ‬
‫لكن من توابع اللفظ ‪-‬المعنى الالزم له‪ -‬ما ذكرنا‪.‬‬
‫ف‬
‫ق ْ‬‫و َّ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَت َ َ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫قال‪ :‬والثالث وهو داللة التنبيه‪ ،‬قال‪َ ( :‬‬
‫ه‬
‫فتَنْبِي ٌ‬ ‫عيدًا َ‬ ‫ه كَ َ‬
‫ان ب َ ِ‬ ‫علِيل ِ ِ‬
‫ن لِت َ ْ‬ ‫و لَ ْ‬
‫م يَك ُ ْ‬ ‫حكْم ٍ ل َ ْ‬
‫ن بِ ُ‬ ‫وا ْ‬
‫قت َ َر َ‬ ‫َ‬
‫ماءً)‪.‬‬
‫مى إِي َ‬
‫س َّ‬
‫وي ُ َ‬
‫َ‬
‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪21‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫اللفظ وصفاً‪ .‬هذا الوصف‬ ‫في‬ ‫ُكر‬ ‫ذ‬ ‫إذا‬ ‫‪،‬‬ ‫ة‬ ‫عل‬
‫ريْر‬
‫الوصف‬ ‫ِ‬ ‫ح‬
‫كونت َّ ْ‬
‫يعني‪ :‬ٱل‬
‫(‪)57‬‬ ‫ً‬
‫لو لم نجعله علة لهذا الحكم لكان عبثا ً ويُن َّزه عنه القرآن والسنة‪.‬‬
‫َ‬
‫ما))[المائدة‪ ]38:‬قال‪:‬‬ ‫ة فَاقْطَعُوا أيْدِيَهُ َ‬‫سارِقَ ُ‬
‫سارِقُ وَال َّ‬‫((وَال َّ‬
‫م‪.‬‬
‫فاقطعوا‪ .‬هذا حك ٌ‬
‫علَّقه على السارق والسارقة‪ ،‬وهذان مشتقان‪ ،‬ومعلو ٌ‬
‫م أن‬
‫تعليق الحكم على المشتق يؤذن بِعلِّيةِ ما منه االشتقاق‪ .‬يعني‪:‬‬
‫السرقة هي عل َّ ٌ‬
‫ة‪.‬‬
‫أثر في الحكم وهو وجوب القطع‪ ،‬ما‬
‫لو لم يكن السرقة لها ٌ‬
‫الفرق بين أن يقول‪ :‬السارق‪ ،‬أو الذاهب‪ ،‬أو النائم‪ ،‬أو‪ ..‬إلى آخره؟‬
‫ال فرق بينهما‪ ،‬لكن كونه خصص السارق دل على أن علة هذا‬
‫الحكم وهو وجوب القطع وهو السرقة‪.‬‬
‫يءٍ ي ُ َقد َّ ُر} ليس‬ ‫ف) {أَيْ اللَّف ُ‬
‫ْظ عَلَى شَ ْ‬ ‫و َّ‬
‫ق ْ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَت َ َ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫قال‪َ ( :‬‬
‫عندنا تقدير‪ |..‬كما هو الشأن في داللة اإلشارة‪.‬‬
‫التقدير إنما يكون في داللة االقتضاء فحسب‪ ،‬وأما داللة‬
‫م لتوابع اللفظ‪.‬‬
‫اإلشارة فليس فيها تقدير‪ ،‬وإنما هو فه ٌ‬
‫ً‬
‫ثانيا‪ :‬داللة اإليماء والتنبيه ليس فيها تقدير‪ ،‬وإنما هو ذكر حكم ٍ‬
‫وصف‪ ،‬لو لم نجعل هذا الوصف علَّة للحكم لكان‬ ‫ٍ‬ ‫معلقا ً على‬
‫حشواً‪.‬‬
‫ْظ عَلَى شَ ْ‬
‫ي ٍء ي ُ َقد َّ ُر}‪.‬‬ ‫ف) {أَيْ اللَّف ُ‬ ‫ق ْ‬ ‫و َّ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَت َ َ‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫قال‪َ ( :‬‬
‫َ‬
‫يل ذَل ِ َ‬
‫ك‬ ‫ه) {أيْ لِتَعْل ِ ِ‬‫علِيل ِ ِ‬
‫ن لِت َ ْ‬ ‫و لَ ْ‬
‫م يَك ُ ْ‬ ‫حكْم ٍ ل َ ْ‬‫ن بِ ُ‬ ‫وا ْ‬
‫قت َ َر َ‬ ‫( َ‬
‫حكْم ِ} يعني‪ :‬كان هذا اللفظ‪.‬‬ ‫ال ْ ُ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪22‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫حةِ كَالم ِ الشَّ ارِ ِع‪،‬‬


‫راالي ْقْر‬
‫ِ‬ ‫ح‬
‫كْ‬ ‫ٱلَل ِت َّ‬
‫صا َ‬ ‫َ‬ ‫ف‬
‫‪َ )57‬‬ ‫ن‬ ‫م‬
‫( ْ‬‫ِ‬ ‫{‬ ‫)‬ ‫ا‬‫ً‬ ‫د‬ ‫ي‬‫ع‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫ب‬ ‫(‬ ‫}‬ ‫ن‬
‫ُ‬ ‫ا‬ ‫ر‬
‫َ‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫(ك َ َ‬
‫ان) {ذ‬
‫حشْ وِ الَّذِي الَ فَائِدَةَ فِيهِ}‪.‬‬ ‫َن ال ْ َ‬ ‫مه ِ ع ْ‬ ‫لِتَن َ ُّزهِ كَال ِ‬
‫أطبق النحاة على أنه إذا أمكن مجيء النكرة ال يعدل عنه إلى‬
‫وفاق عند| البيانيين كذلك جمهور النحاة‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫المعرفة‪ ،‬هذا محل‬
‫ولذلك قالوا‪ :‬يُشترط في المبتدأ أن يكون معرفة‪ ،‬وال يُشترط‬
‫في الفاعل أن يكون معرفة‪ ،‬بل األصل في المبتدأ أن يكون‬
‫ل‪ ،‬جاء رج ٌ‬
‫ل‪..‬‬ ‫معرفة‪ ،‬واألصل في الفاعل أن يكون نكرةً‪ ..‬قال رج ٌ‬
‫لماذا؟ قالوا‪ :‬متى ما أمكن حصول المعنى المتوقف على ذلك‬
‫اللفظ بالنكرة| والمعرفة فيها زيادةٌ‪ ،‬فال يجوز العدول إليها البتة‪.‬‬
‫لما كان المبتدأ ال يسبقه شيء يدل عليه ال بد أن يكون معرفة‬
‫م عليه‪.‬‬
‫ألنه محكو ٌ|‬
‫جئت بقال‬
‫َ‬ ‫م‪ ..‬ماذا؟ ينتظر الجواب‪ ،‬وأما‪ :‬قال رج ٌ‬
‫ل‪.‬‬ ‫رج ٌ‬
‫ل قائ ٌ‬
‫عرفت الحكم‪ ،‬فلما تقدم الحكم في باب الفاعل على الفاعل لم‬
‫يُشترط| في كونه معرفة‪ ،‬ولما لم يتقدم الحكم في باب المبتدأ‬
‫حينئذٍ| اشترطنا أن يكون معرفة؛ ألن المحكوم عليه ال بد أن يكون‬
‫م هذا ال يصح أن‬ ‫معيناً‪ ،‬وأما المجهول هذا ال يُحكم عليه‪ :‬رج ٌ‬
‫ل قائ ٌ‬
‫يكون قائم هذا خبرا ً لرجل‪.‬‬
‫باتفاق‪ :‬أنه ال يجوز العدول إلى ما يمكن أن يكون فيه‬
‫ٍ‬ ‫كل‬
‫على ٍ‬
‫حشو إذا أمكن مجيء اللفظ دون هذه الزيادة‪.‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪23‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫ومر معنا أن الوصف أو‬ ‫َّ‬


‫المشتق ْ ِ ْ‬ ‫ٱلتحرير‬
‫هذا زائد على الجامد‪)57(،‬‬ ‫هنا‪:‬‬
‫االسم قد يكون جامدا ً وقد يكون مشتقاً‪ ،‬ال يُعدَل إلى المشتق إال‬
‫عند زيادة ال نجدها في الجامد‪.‬‬
‫إذا وجدنا زيادة في المشتق فحينئذٍ نقول‪ :‬إذا علَّقنا الحكم عليه‬
‫لهذه الزيادة الموجود فيه دون الجامد‪.‬‬
‫هنا كذلك‪ :‬السارق اسم فاعل من السرقة‪ ،‬لوال أن السارق‬
‫يدل على السرِقة وهو العلة لما جاء به هنا الشارع‪.‬‬
‫ولذلك أخذ أهل العلم أن األحكام هذه معلَّلة بكونها مشتقات‪،‬‬
‫مشتق دل على أن العلة هي ما منه‬
‫ٍ‬ ‫فالحكم إذا عُلِّق على‬
‫االشتقاق وهو السرقة والزنا‪ ..‬إلى آخره‪.‬‬
‫حةِ‬ ‫ن فَ َ‬
‫صا َ‬ ‫م ْ‬‫ن بَعِيدًا ِ‬ ‫حكْم ٍ) وكان {ذَل ِ َ‬
‫ك االقْت ِ َرا ُ‬ ‫ن بِ ُ‬‫قت َ َر َ‬ ‫وا ْ‬ ‫قال‪َ ( :‬‬
‫ه)‬ ‫حشْ وِ الَّذِي ال فَائِدَةَ فِيهِ ( َ‬
‫فتَنْبِي ٌ‬ ‫َن ال ْ َ‬‫مه ِ ع ْ‬ ‫كَالم ِ الشَّ ارِ ِع‪ ،‬لِتَن َ ُّزهِ| كَال ِ‬
‫ماءً)}‪.‬‬ ‫ه (ِإي َ‬
‫مى) التَّنْبِي ُ‬ ‫س َّ‬ ‫وي ُ َ‬‫ة تَنْبِيهٍ ( َ‬ ‫أَيْ‪ :‬فَدَالل َ ُ‬
‫إذاً‪ :‬داللة التنبيه‪ :‬كون الوصف علة الحكم المرتب عليه بفاء‬
‫التعقيب ‪-‬كما قال بعضهم‪ -‬أو بما يدل على العِلِّية‪.‬‬
‫وهل هي مقصودة للمتكلم؟ نقول‪ :‬نعم مقصودة| للمتكلم‪،‬‬
‫ولذلك قال بعضهم‪ :‬إنها من داللة المنطوق وليس من الصريح؛‬
‫ٌ‬
‫ملفوظ بها‪ ،‬لكن هنا‬ ‫ٌ‬
‫ملفوظ بها‪ ،‬السارق دل على السرقة فهو‬ ‫ألنها‬
‫لما كان فيه إشارة إلى أن هذا الوصف ُرتِّب عليه الحكم والحكم‬
‫يدور مع علته وجودا ً وعدما ً قالوا‪ :‬هذا مأخوذ ٌ من منطوق غير‬
‫الصريح‪.‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪24‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫باألصالة) ال بالتبع‪ .‬إذاً‪ :‬اقتران‬ ‫المتكلم‬ ‫عند‬


‫مقصودةر‬
‫ري ْ‬
‫ِ‬ ‫ح‬
‫إذاً‪ :‬هي ٱلت َّ ْ‬
‫(‪57‬‬
‫الوصف بحكمٍ‪ ،‬فهو مقصود ٌ للمتكلم‪.‬‬
‫ضأ ْ}‪.‬‬
‫س ذ َك َ َرهُ فَلِيَتَوَ َّ‬
‫م َّ‬
‫ن َ‬
‫م ْ‬
‫ك َ‬ ‫مثِلَةِ ذَل ِ َ‬ ‫قال‪{ :‬وم َ‬
‫نأ ْ‬‫َ ِ ْ‬
‫م عند الفقهاء أن‬ ‫س ذكره إذاً‪ :‬م ُّ‬
‫س الذكر علة‪ ،‬ومعلو ٌ‬ ‫من م ّ‬
‫أسباب الحدَث كلها علل‪ ،‬حينئذٍ قد تكون علة مناسبة أو غير‬
‫مناسبة يعني‪ :‬قد يُدرك التناسب بين الحكم وما رتب عليه وقد ال‬
‫يُدرك‪.‬‬
‫س الذكر سبب وعلة‪ ،‬ومر معنا أن السبب والعلة مترادفان‪.‬‬
‫م ُّ‬
‫علة لماذا؟ للوضوء‪ ،‬من أين أخذنا هذا؟ من داللة الفاء‪.‬‬
‫لما رتَّب الوضوء على مس الذكر ما العالقة بينهما؟ لو لم يكن‬
‫م عالقة بينهما لكان حشواً؛ ألنه يرد السؤال‪ :‬ما عالقة الوضوء‬
‫ث َ‬
‫بمس الذكر؟ إذا لم يكن هو سببا ً في نقض الوضوء حينئذٍ ال وجه له‬
‫البتة فصار الكالم حشواً‪ ،‬وهذا ممتنع‪|.‬‬
‫والذي دل على العلِّية هو الفاء مثل‪ :‬سها فسجد‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬السجود علته السهو‪ ،‬فالسهو علة‪ ..‬سبب‪ ،‬والسجود‬
‫ب‪.‬‬
‫مسب َّ ٌ‬
‫مسبب عنه‪ .‬إذاً‪ :‬الذي دل على ذلك‬
‫ٌ‬ ‫سبب والوضوء‬
‫ٌ‬ ‫س الذكر‬
‫م ُّ‬
‫الترتيب هو الفاء‪ ،‬هنا اقتران الوصف بحكمٍ‪ ،‬ما هو الحكم؟ وجوب‬
‫الوضوء بقوله‪ :‬فليتوضأ‪ .‬هذه الالم الم األمر ثم رتَّبه على مس‬
‫الذكر‪ ،‬وأتى بالفاء الدالة على العلِّية‪ ،‬وهذه يأتي ذكرها في مسالك‬
‫العلة من باب القياس‪.‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪25‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫منه صريح ومنه غير‬ ‫المنطوق‬ ‫أن‬ ‫هذا‪:‬‬


‫ر‬‫ري ْ‬
‫من‬ ‫ِ‬ ‫ح‬
‫ٱلت َّ ْ‬
‫نستخلص‬ ‫إذاً‪:‬‬
‫(‪)57‬‬
‫صريح‪.‬‬
‫المنطوق الصريح‪ :‬ما دُل عليه بداللة المطابقة وبداللة التضمن‪.‬‬
‫المنطوق غير الصريح‪ :‬ما دُل عليه بداللة االلتزام‪.‬‬
‫ثم يتنوع| إلى ثالثة أنواع‪ :‬داللة اقتضاء‪ ،‬وداللة إشارة‪ ،‬وداللة‬
‫تنبيه وإيماء‪.‬‬
‫داللة االقتضاء فيها محذوف‪ ،‬وهذا المحذوف يَتوقف صدق‬
‫الكالم عليه‪ ،‬أو صحته عقال ً أو شرعاً‪.‬‬
‫داللة اإلشارة ليس فيها محذوفاً‪ ،‬الفرق بينها وبين السابق‪ :‬أن‬
‫داللة اإلشارة ليست مقصودة باألصالة‪ ،‬وإنما هي من توابع اللفظ‪.‬‬
‫داللة اإلشارة ليس فيها محذوف بخالف داللة اقتضاء‪ .‬فهذان‬
‫فرقان يتضحان‪.‬‬

‫داللة اإليماء والتنبيه ليس فيها محذوف وإنما فيه ذكر حكم ٍ‬
‫بوصف‪ ،‬لو لم نجعل هذا الوصف علّة للحكم لكان الكالم|‬
‫ٍ‬ ‫اقترن‬
‫حشواً‪ .‬هل هو مقصود ٌ للمتكلم المعنى؟ نعم مقصود‪ ،‬وإال لذهب‬
‫مسالك العلة من أصله‪ ،‬بل هي كلها مقصودة‪ |،‬ولذلك اتفقوا على‬
‫أن العلل على نوعين‪ :‬منها منصوص ومنها مستنبط‪ ،‬وهذا الذي‬
‫معنا من المستنبط‪.‬‬
‫يعرف‬
‫ِّ‬ ‫ح) أراد أن‬
‫ري ُ‬
‫ص ِ‬
‫ص ال َّ‬
‫والن َّ ُّ‬
‫ثم قال رحمه الله تعالى‪َ ( :‬‬
‫النص‪ ،‬واألصل أنهم يذكرون النص والظاهر هنا‪ ،‬لكن مر معنا تقديم‬
‫الظاهر‪.‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪26‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫على) معنى واحدٍ ال يحتمل‬ ‫يدل‬ ‫أن‬ ‫إما‬


‫ريْر‬
‫اللفظ‬ ‫ِ‬ ‫ح‬
‫فباعتبار ٱلت َّ ْ‬
‫الداللة‬
‫(‪57‬‬
‫غيره‪ ،‬أو يدل على معنيين‪ |.‬فإن استويا فهو المجمل‪.‬‬
‫وإن كان في أحدهما أظهر وأرجح فهو في األرجح ظاهر‪.‬‬
‫ل على اعتبار المرجوح فهو تأوي ٌ‬
‫ل صحيح‪ ،‬وإال فهو‬ ‫وإن دل دلي ٌ‬
‫تأوي ٌ‬
‫ل فاسد‪.‬‬
‫ن الل َّ ْف ِ‬
‫ظ‬ ‫م ْ‬
‫ح) يعني‪ِ { :‬‬ ‫ري ُ‬
‫ص ِ‬‫ص ال َّ‬‫والن َّ ُّ‬ ‫إذاً‪ :‬على ما مر هنا قال‪َ ( :‬‬
‫ل غَيْرَهُ}‪.‬‬
‫م َ‬ ‫حتَ َ‬‫نا ْ‬ ‫ن الْبَنَّاءِ‪ :‬وَإ ِ ْ‬ ‫ضي وَاب ْ ُ‬ ‫َزاد َ الْقَا ِ‬
‫وياًل‬ ‫قال هنا‪( :‬والنَّص الصريح وإن لَم يحتَم ْ ْ‬
‫ل تَأ ِ‬ ‫َّ ِ ُ َ ِ ْ ْ َ ْ ِ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ل تَأْوِياًل ‪ ،‬وهذا الذي زاده من قول‬ ‫م ْ‬
‫حت َ ِ‬ ‫ن لَ ْ‬
‫م يَ ْ‬ ‫ه) وَإ ِ ْ‬ ‫قطُو ٌ‬
‫ع بِ ِ‬ ‫م ْ‬‫ف َ‬‫َ‬
‫القاضي‪ :‬وإن احتمل غيره‪ .‬لكن ليس هذا هو المشهور‪ ،‬بل النص‬
‫هو ما ال يحتمل غيره يعني‪ :‬ليس له إال معنى واحد‪.‬‬
‫ولذلك مر معنا أن عند| بعض أهل العلم‪ :‬أن من أنكر النصوص‬
‫بهذا المعنى فهو كافر؛ ألنه يعتبر مكذ ِّباً| للكتاب أو للسنة‪.‬‬
‫ن الْبَنَّاءِ‪:‬‬ ‫ظ َزاد َ الْقَا ِ‬
‫ضي وَاب ْ ُ‬ ‫ن الل َّ ْف ِ‬
‫م ْ‬
‫ح ِ‬
‫صرِي ُ‬
‫ص ال َّ‬
‫قال هنا‪{ :‬الن َّ ُّ‬
‫ل غَيْرَهُ} فيها نظر هذه الزيادة‪ ،‬وإن اعتمدها المصنف‬ ‫م َ‬
‫حتَ َ‬
‫نا ْ‬
‫وَإ ِ ْ‬
‫هنا‪.‬‬
‫َن‬
‫كع ْ‬ ‫م ي َ ِقينًا أَوْ ظَاهِ ًرا وَن ُ ِق َ‬
‫ل ذَل ِ َ‬ ‫َ‬
‫ما أفَاد َ ال ْ ُ‬
‫حك ْ َ‬ ‫جدُ‪َ :‬‬ ‫م ْ‬‫ل ال ْ َ‬‫{وَقَا َ‬
‫َ‬
‫ي رحمه الله تعالى}‪.‬‬ ‫مد َ وَالشَّ افِعِ ِّ‬ ‫ح َ‬
‫أ ْ‬
‫م ي َ ِقينًا‪ ،‬أَوْ ظَاهِ ًرا ال؛ ألن هذا هو القسم المقابل له‬ ‫حك ْ َ‬
‫َ‬
‫ما أفَاد َ ال ْ ُ‬
‫َ‬
‫وهو ما احتمل معنيين هو في أحدهما أظهر من اآلخر‪.‬‬
‫فحينئذٍ حم ُ‬
‫ل اللفظ على األرجح هو الظاهر‪.‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪27‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫ال‪،‬‬ ‫م‬‫ِ‬ ‫ت‬‫ح‬ ‫ا‬ ‫ال‬ ‫ب‬ ‫ه‬ ‫س‬ ‫ف‬


‫ْ‬ ‫ن‬ ‫ب‬ ‫م‬‫ْ‬ ‫ك‬‫ح‬ ‫ْ‬ ‫ال‬ ‫د‬‫ا‬‫َ‬ ‫ف‬‫ري ْفري الروضة‪ :‬ما أ َ‬ ‫ِ‬
‫ق‬
‫ح‬‫ل ال ْٱلمت َّوفَّ ْ‬
‫{وَقَا َ‬
‫َ ٍ‬ ‫ْ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫(‪ِ َ )57‬‬‫ُ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫ِ‬ ‫ُ َ ُ‬
‫ل عَلَيْهِ}‪.‬‬ ‫ال ال دَلِي َ‬ ‫َ‬
‫م ٍ‬‫حت ِ َ‬
‫أوْ بِا ْ‬
‫واألول هو المقدم أنه بال احتمال يعني‪ :‬ال يحتمل غيره كقولك‪:‬‬
‫ل اللَّهِ))[الفتح‪:‬‬
‫سو ُ‬
‫مد ٌ َر ُ‬
‫ح َّ‬ ‫رأيت زيداً‪ .‬فزيد ال يحتمل غيره البتة‪ُ (( ،‬‬
‫م َ‬
‫‪ ]29‬هذا ال يحتمل غيره| البتة‪ ..‬وهكذا‪|.‬‬
‫{وَيُطْلَقُ عَلَى الظَّاهِرِ} ثم إطالقات للنص‪ ،‬النص يطلق ويراد به‬
‫المعنى المذكور السابق وهو ما ال يحتمل معنى آخر‪ ،‬حينئذٍ يكون‬
‫نصا ً وهذا واض ٌ‬
‫ح بين‪.‬‬
‫له استعماالت أخرى‪ ،‬واالستعمال المشهور بل هو المعتمد هنا‬
‫في هذا الباب هو الذي قدمه‪ ..‬أنه ال يحتمل غيره‪|.‬‬
‫لكن يُطلق على الظاهر كاألسد فيما مر‪ ،‬مع أنه يستعمل أو‬
‫يُطلق ويراد به الحيوان المفترس أو الرجل الشجاع‪ .‬قلنا هذا‬
‫ظاهر‪ ،‬فحينئذٍ يسمى نصاً‪.‬‬
‫ه‬
‫من ْ ُ‬
‫مانِعَ ِ‬
‫حرِيرِ‪ :‬وَال َ‬ ‫ح الت َّ ْ‬‫ل فِي شَ ْر ِ‬ ‫قال‪{ :‬وَيُطْلَقُ عَلَى الظَّاهِرِ قَا َ‬

‫ه فِي اللُّغَةِ‪ :‬الظُّهُ ُ‬


‫ور‪.‬‬ ‫فَإِن َّ ُ‬
‫سهَا أَيْ‪:‬‬ ‫ف والظُّهور‪ ,‬ومنه‪ :‬نصت الظَّبي ُ ْ‬
‫ة َرأ َ‬ ‫َْ‬ ‫ُ ُ َ ِ ْ ُ َ َّ ْ‬ ‫ة‪ :‬الْكَشْ ُ َ‬ ‫ص لُغَ ً‬ ‫فَالن َّ ُّ‬
‫مط َ ِّرزِيُّ}‪.‬‬‫ه ال ْ ُ‬
‫وس‪ ,‬قَال َ ُ‬ ‫ر‬
‫ُ‬ ‫َ‬ ‫ع‬‫ة ال ْ‬
‫ُ‬ ‫ص‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ن‬‫م‬‫ِ‬ ‫‪:‬‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫م‬‫ِ‬ ‫َ‬ ‫و‬ ‫ه‬
‫ُ‬ ‫ْ‬ ‫ت‬‫ر‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ه‬‫ه وَأَظ ْ‬ ‫َرفَعَت ْ ُ‬
‫ِ‬
‫إذاً‪ :‬يُطلق النص في اللغة ويراد به الظهور‪ ،‬وعليه ال بأس أن‬
‫يستعمل استعماال ً ليس اصطالحياً‪ ..‬أن يطلق النص على الظاهر‪،‬‬
‫لكنه ليس هو الذي يعنيه األصوليون في هذا الموضع‪.‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪28‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫ي‬ ‫َر‬ ‫ع‬ ‫ا‬ ‫م‬ ‫‪،‬‬‫ع‬‫ر‬ ‫الشَّ‬ ‫ي‬ ‫ف‬ ‫ص‬ ‫الن‬ ‫د‬‫ح‬ ‫‪:‬‬ ‫ي‬ ‫س‬ ‫د‬‫ق‬‫ْ‬ ‫م‬ ‫ْ‬ ‫ال‬
‫رَري ْجر‬
‫ِ‬ ‫ح‬
‫ف‬‫ل أَب ُٱلوت َّال ْ ْ‬
‫{وَقَا َ‬
‫ِ َ‬ ‫ْ ِ َ‬ ‫ِ‬ ‫‪)57‬‬
‫( ِّ‬‫َّ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬ ‫ُّ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫َ ِ‬
‫ك}‪.‬‬ ‫َن الشَّ ِّ‬ ‫معْنَاهُ ع ْ‬ ‫َن الشَّ رِكَةِ‪ ،‬وَ َ‬ ‫هع ْ‬ ‫لَفْظ ُ ُ‬
‫هذا متقارب لما ذكرناه أنه ال يحتمل غيره البتة‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬النص له ثالث إطالقات‪:‬‬
‫األول‪ :‬مقابل الظاهر وهو الذي يعنيه األصوليون في هذا الباب‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬يُطلق ويراد به معنى الظاهر‪.‬‬
‫م‬
‫الثالث‪ :‬يطلق على المشهور ويراد به كل ما يُثبت به حك ٌ‬
‫إجماع أو قياس‪ ،‬أو إن شئت‬
‫ٍ‬ ‫شرعي‪ .‬يعني‪ :‬من كتاب أو سنة أو‬
‫مذهب صحابي ‪-‬إن صح أنه حجة‪ ..-‬أو غير ذلك‪.‬‬
‫حينئذٍ نقول‪ :‬يطلق النص ويراد به هذه المعاني كلها‪.‬‬
‫َ‬
‫ما ال‬
‫حدُهَا‪َ :‬‬
‫ات أ َ‬
‫ح ٍ‬‫صطِال َ‬ ‫ص ثَ ُ‬
‫الث ا ْ‬ ‫ل الْق ََرافِ ُّ‬
‫ي‪ :‬لِلن َّ ِّ‬ ‫قال هنا‪{ :‬وَقَا َ‬
‫ل} وهو الذي يقابل الظاهر‪.‬‬ ‫ل التَّأْوِي َ‬
‫م ُ‬
‫حت َ ِ‬
‫يَ ْ‬
‫حا كَالظَّاهِرِ} يعني‪ :‬بمعنى‬
‫جو ً‬
‫م ْر ُ‬ ‫ماال ً َ‬
‫حت ِ َ‬ ‫مل َ ُ‬
‫ها ْ‬ ‫حت َ َ‬
‫ما ا ْ‬ ‫{وَالثَّانِي‪َ :‬‬
‫الق ال ْ ُف َقهَاءِ} ال األصوليين‪.‬‬
‫ب فِي إط ْ ِ‬ ‫الظاهر {وَهُوَ الْغَال ِ ُ‬
‫ما كَا َ‬
‫ن}‪.‬‬ ‫ف َ‬ ‫ل عَلَى َ‬
‫معْنًى كَي ْ َ‬ ‫ما د َ َّ‬ ‫{وَالثَّال ِ ُ‬
‫ث‪َ :‬‬
‫يعني‪ :‬ما تثبت به األحكام الشرعية‪ ،‬وقال هناك في تشنيف‬
‫المسامع‪ :‬النص له ثالث إطالقات‪:‬‬
‫األول‪ :‬مقابل الظاهر وهو المراد هنا‪.‬‬
‫الثاني‪ :‬ما يدل على معنى قطعا ً ويحتمل معه غيره‪ |.‬يعني‪:‬‬
‫مرادف للظاهر‪ ،‬ولكنه مثَّل بماذا؟ قال‪ :‬كصيغ العموم فإن داللتها‬
‫على أصل المعنى قطعية‪ ،‬وعلى األفراد ظاهرة‪.‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪29‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫غالب في استعمال‬
‫ريْر‬
‫ِ‬ ‫ح‬
‫ٱلت َّ ْ‬
‫وهو‪ٌ )57‬‬
‫(‬ ‫ظاهر‬ ‫معنى‬ ‫على‬ ‫دل‬ ‫الثالث‪ :‬ما‬
‫الفقهاء كقولهم‪ :‬نص الشافعي على كذا‪.‬‬
‫كتاب وسنة‪ .‬ونحو‬
‫ٍ‬ ‫وقولهم‪ :‬لنا النص والقياس أي‪ :‬الدليل من‬
‫ذلك‪.‬‬
‫يُطلق ويراد به الكتاب والسنة فقط‪ ،‬ويطلق ويراد به ما هو‬
‫أعم من الكتاب والسنة‪.‬‬
‫ح) ما ال يحتمل غيره‪.‬‬
‫ري ُ‬
‫ص ِ‬ ‫إذاً‪( :‬الن َّ ُّ‬
‫ص) قال‪( :‬ال َّ‬
‫قال في تشنيف المسامع‪ :‬النص ما أفاد معنى ال يحتمل غيره‪.‬‬
‫وهذا هو المقدَّم المعتمد‪|.‬‬
‫كزيدٍ لداللته على الشخص بعينه‪.‬‬
‫قال الزركشي‪ :‬وهذا أحسن حدوده يعني‪ :‬على اإلطالق‪.‬‬
‫سمي بذلك الرتفاعه على غيره من األلفاظ في الداللة‪ ،‬ثم كان‬
‫ُ‬
‫بخطاب واحد‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫التقييد حقّه‬
‫يعني‪ :‬قوله‪ :‬ما أفاد معنى ال يحتمل غيره‪ ،‬هذا قد يكون مركب‬
‫موضع آخر‪ ،‬هل هذا‬
‫ٍ‬ ‫من جملتين كالمجمل في موضع والمبيَّن في‬
‫مراد هنا؟‬
‫المجمل‪ :‬ما احتمل معنيين| على السواء‪ ،‬ويأتي تفصيله في‬
‫فعل‪ ..‬على ما مضى معنا‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫قول أو‬
‫ٍ‬
‫إذا ُركِّب المبيَّن مع المجمل صار ال يحتمل غيره‪ |،‬هل هذا‬
‫يسمى نصاً‪ ..‬مراد ٌ هنا؟ ال‪ .‬إذاً‪ :‬دخل في الحد أو ال؟ "ما" يحتمل أنه‬
‫ح؟ نعم هو وارد‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫لفظ أو تركيب‪" ،‬ال يحتمل غيره" ص َّ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪30‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫بخطاب واحد‬ ‫غيره‬ ‫يحتمل‬ ‫ال‬ ‫معنى‬ ‫أفاد‬ ‫ما‬


‫ر‬‫ري ْ‬
‫نقول‬‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ولذلك ٱلت َّ‬
‫قال‪ْ :‬‬
‫ٍ‬ ‫(‪)57‬‬
‫نص واحد‪ ،‬فحينئذٍ| استقل عن المجمل المركب مع‬
‫ٍ‬ ‫يعني‪ :‬في‬
‫المبيِّن‪ ،‬وكذلك العام المركب مع الخاص؛ فإنه ال يحتمل غيره لكن‬
‫بإسناد دليل إلى دليل‪ ،‬والمراد هنا اللفظ باعتبار الدليل الواحد‪.‬‬
‫قال‪ :‬كان التقييد حقه بخطاب واحد؛ ليخرج المجمل مع المبيَّن‪،‬‬
‫بخطاب فال‬
‫ٍ‬ ‫فإنهما وإن أفادا معنى وال يحتمالن| غيره لكنهما ليسا‬
‫يسميان نصاً‪.‬‬
‫قال‪ :‬ومفهوم الموافقة يسمى نصاً‪ ،‬وإن قلنا داللته لفظية‪.‬‬
‫قطُو ٌ‬
‫ع‬ ‫م ْ‬ ‫وياًل َ‬ ‫قال‪( :‬والنَّص الصريح وإن لَم يحتَم ْ ْ‬
‫ف َ‬ ‫ل تَأ ِ‬ ‫َّ ِ ُ َ ِ ْ ْ َ ْ ِ‬ ‫ُّ‬ ‫َ‬
‫ه) يعني‪ :‬مقطوعٌ بداللته‪ ،‬يعني‪ :‬تكون داللته قطعية‪ ،‬ولذلك قال‬
‫بِ ِ‬
‫هناك فيما مضى أنه ال يحتمل غيره‪.‬‬
‫إن كان على هذا المعنى صارت داللة قطعية‪ ،‬وأما على زيادة‬
‫ما ذكره هنا عن ابن البناء‪ :‬وإن احتمل غيره‪ .‬فتكون حينئذٍ| الداللة‬
‫غير قطعية‪.‬‬
‫ن لَ ْ‬
‫م‬ ‫وإ ِ ْ‬
‫ح) من اللفظ ( َ‬
‫ري ُ‬
‫ص ِ‬
‫ص ال َّ‬
‫والن َّ ُّ‬‫هنا زاده وبنا عليه‪َ ( :‬‬
‫ه) أي‪ :‬بداللته‪ ،‬وداللته قطعية‪ ،‬ومنها‬ ‫قطُو ٌ‬ ‫م ْ‬ ‫وياًل َ‬ ‫يحتَم ْ ْ‬
‫ع بِ ِ‬ ‫فـ َ‬ ‫ل تَأ ِ‬ ‫َ ْ ِ‬
‫‪-‬من هذه النصوص التي داللته قطعية وال تحتمل إال ظاهرها‪ -‬آيات‬
‫الصفات‪ ،‬ومر معنا أن المصنف عدها من المتشابه وهو قو ٌ‬
‫ل باطل‪.‬‬
‫ف على قوله‪( :‬إلَى‬
‫هوم ٍ) هذا معطو ٌ‬
‫ف ُ‬ ‫وإِلَى َ‬
‫م ْ‬ ‫قال‪َ ( :‬‬
‫وق) يعني‪ :‬الداللة تنقسم إلى منطوق وإلى مفهوم‪.‬‬ ‫منْطُ ٍ‬
‫َ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪31‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫م عَلَيْهِ‪ -‬وَإِلَى‬
‫الل َي ْةر‬
‫ر‬
‫ِ‬ ‫ح‬
‫نٱلت َّال ْ‬ ‫َ‬
‫م الْكَال ُ‬
‫‪-)57‬وَت َ َقد َّ َ‬
‫وق‬
‫( ٍ‬ ‫ُ‬ ‫ط‬‫ْ‬ ‫ن‬‫م‬‫َ‬ ‫ى‬‫َ‬ ‫إل‬ ‫م‬
‫ُ‬ ‫س‬
‫ِ‬ ‫ق‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ن‬‫َ‬ ‫ت‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫د‬ ‫{يَعْنِي أ َّ‬
‫م ْفهُوم ٍ}‪.‬‬
‫َ‬
‫َ‬
‫م}‪.‬‬‫م ْفهُو ُ‬ ‫و) {أيْ ال ْ َ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬‫( َ‬
‫ق)‪.‬‬ ‫ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل عَلَي ْ ِ‬ ‫ما دَ َّ‬
‫ل نُط ٍ‬ ‫م َ‬
‫في َ‬
‫ه الَ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬‫و ُ‬‫( َ‬
‫ه) أي‪ :‬معنى وهو جنس فشمل المنطوق‬ ‫ل عَلَي ْ ِ‬‫ما دَ َّ‬ ‫( َ‬
‫والمفهوم‪.‬‬
‫ص ٌ‬
‫ل يُخرج المنطوق؛ يشير بذلك إلى أن‬ ‫ج‪ ،‬ف ْ‬
‫ال) هذا إخرا ٌ‬
‫قال‪َ ( :‬‬
‫داللته ليست وضعية‪.‬‬
‫ق) أشار بذلك إلى أن داللته ليست وضعية‪،‬‬ ‫ْ‬ ‫ح ِّ‬
‫ل نُط ٍ‬ ‫م َ‬
‫في َ‬‫ال ِ‬
‫( َ‬
‫وإنما هي انتقاالت ذهنية فإن الذهن ينتقل من فهم القليل إلى فهم‬
‫الكثير‪ ،‬ولذلك قالوا بطريق التنبيه بأحدهما على اآلخر‪.‬‬
‫غيره وإال كان المنطوق أيضا ً‬
‫ُ‬ ‫سمي مفهوما ً ألنه ال يُفهم‬
‫و ُ‬
‫ص هذا المفهوم؟‬ ‫مفهوماً‪ ،‬المنطوق مفهوم والمفهوم مفهوم‪ ،‬لم ُ‬
‫خ َّ‬
‫نقول‪ :‬هذا مجرد اصطالح وإال المنطوق كذلك‪.‬‬
‫غيره خُص بهذا االصطالح‬
‫ُ‬ ‫لكن لما كان هذا المفهوم ال يُفهم‬
‫وإال اللفظ من حيث هو عام‪ ،‬كل ما دل عليه اللفظ فهو مفهوم‬
‫سواء كان ظاهراً‪ ،‬أو عاماً‪ ،‬أو خاصا ً مع عامٍ‪ ،‬أو مقيدا ً مع مطلق‪..‬‬
‫إلى آخره‪ .‬كله يسمى مفهوماً‪.‬‬
‫ولذلك المشهور عند النحاة‪ ..‬أهل اللغة‪ :‬أن المفهوم مرادف‬
‫للمدلول‪ ،‬وأنه مرادف للمعنى‪ ،‬تقول‪ :‬معنى الكالم‪ ،‬ومدلول الكالم‪،‬‬
‫ومفهوم الكالم‪ ..‬كلها بمعنى واحد‪.‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪32‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬
‫َّ ْ ْ‬ ‫ٱلتحرير‬
‫سواء فُهم منه ِ باللفظ مباشرة أو (‪)57‬‬
‫بواسطة‪ ،‬سواء دُل عليه‬
‫بالتركيب أو دُل عليه بالمفردات‪ |..‬فهي من حيث المعنى اللغوي‬
‫عامة‪.‬‬
‫مي مفهوما ً ألنه ال يُفهم غيره‪ ،‬وإال لكان‬
‫س ِّ‬
‫لكن هنا قال‪ُ :‬‬
‫ص‬
‫تصريح به يعني‪ :‬خا ٌ‬
‫ٍ‬ ‫المنطوق أيضا ً مفهوماً‪ ،‬بل لما فُهم من غير‬
‫يتعلق بخاص‪.‬‬
‫مى داللة االقتضاء واإلشارة مفهومة‪ ،‬وعليه‬
‫وقضية هذا أن يُس َ‬
‫صوه بما فُهم عند النطق على وجهٍ‬‫جرى بعضهم‪ ،‬لكن الجمهور خ َّ‬
‫يناقض المنطوق به أو يوافقه‪.‬‬
‫يعني‪ :‬إذا قيل المفهوم أنه أُخذ ال من النطق‪ ،‬ومر معنا أن داللة‬
‫اإلشارة أُخذت ال من النطق‪ ،‬وداللة اإليماء ‪-‬على المشهور‪ -‬أُخذت‬
‫خارج‪ :‬إما‬
‫ٍ‬ ‫ال من النطق‪ ،‬وداللة االقتضاء كذلك وإنما فُهمت من‬
‫اعتبار الصدق والكذب‪ ،‬وإما اعتبار العقل‪ ،‬وإما اعتبار الحكم‬
‫الشرعي‪ .‬إذاً‪ :‬ما الفرق بينهما؟‬
‫قال هنا‪ :‬وقضية هذا أن يُسمى داللة االقتضاء واإلشارة‬
‫مفهوماً‪ ،‬وعليه جرى بعضهم‪ ..‬أن المفهوم يشمل داللة االقتضاء‬
‫وداللة اإلشارة‪.‬‬
‫ألن كال ً من داللة االقتضاء وداللة اإلشارة أُخذت ال من محل‬
‫النطق‪ ،‬فال فرق بينهما البتة‪.‬‬
‫صوه بما فُهم عند| النطق على وجهٍ يناقض‬
‫لكن الجمهور خ َّ‬
‫المنطوق به أو يوافقه‪.‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪33‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫‪)57‬ألن المفهوم ينقسم إلى‬


‫والمخالفة؛‬ ‫الموافقة‬
‫إلىر‬
‫ري ْ‬
‫ِ‬ ‫ح‬ ‫يعني‪ :‬ٱلت َّ‬
‫نظروا ْ‬
‫(‬
‫نوعين‪ :‬إما أن يوافق المنطوق أو يخالفه‪ ،‬هل كل مفهوم ٍ من‬
‫اللفظ يوافق أو يخالف؟ الجواب‪ :‬ال‪.‬‬
‫ليس كل مفهوم ٍ من اللفظ يوافق المنطوق أو يخالفه بل هو‬
‫أعم‪.‬‬
‫فما كان من المفهوم موافقا ً للمنطوق أو مخالفا ً له خ َّ‬
‫صه‬
‫بالمفهوم‪ ،‬ما كان غير ذلك خصه بالمنطوق غير الصريح‪.‬‬
‫ذكر الشيخ األمين رحمه الله تعالى في النثر فائدة مهمة جدا ً‬
‫وهي‪ :‬الفرق بين المنطوق غير الصريح وبين المفهوم‪ ،‬ما الفرق‬
‫بينهما؟‬
‫قال رحمه الله تعالى‪ :‬والفرق بين المفهوم وداللة اإلشارة‪:‬‬
‫مصاحبة القصد األصلي له دونها‪.‬‬
‫وهذا كما قال‪ :‬وإن لم يُقصد ولم يتوقف عليه شيء فداللة‬
‫إشارة‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬المفهوم مقصود‪ ،‬وداللة اإلشارة غير مقصودة‪ |،‬هذا ال‬
‫التباس فيه يعني‪ :‬ال يلتبس المفهوم بداللة اإلشارة‪ ،‬فحينئذٍ| يرد‬
‫صيَامِ))‬ ‫م لَيْل َ َ‬
‫ة ال ِّ‬ ‫ل لَك ُ ْ‬ ‫السؤال‪ :‬لماذا قلت بأن قوله تعالى‪(( :‬أ ُ ِ‬
‫ح َّ‬
‫[البقرة‪ ]187:‬بأنه دل على أن من أصبح جنبا ً فصومه صحيح‪،‬‬
‫واللفظ ال يدل عليه‪ ..‬ال في محل النطق‪ ،‬أُخذ الحكم هنا ال من‬
‫محل النطق‪ ،‬وهذا هو حد المفهوم‪.‬‬
‫لماذا لم تقل هذا مفهوم؟‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪34‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬
‫المفهوميْر‬
‫ر‬
‫ِ‬ ‫ح‬
‫نقول‪ :‬ٱلت َّ ْ‬
‫ليس مقصودا ً أصالة‪ ،‬ففرقٌ‬
‫(‪)57‬‬‫وهذا‬ ‫أصالة‬ ‫ٌ‬ ‫د‬‫مقصو‬
‫بينهما من هذه الحيثية‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬الفرق بين المفهوم وداللة اإلشارة‪ :‬مصاحبة القصد األصلي‬
‫له دونها يعني‪ :‬دون داللة اإلشارة‪.‬‬
‫فالمفهوم مقصود ٌ وداللة اإلشارة غير مقصودة‪.‬‬
‫والفرق بينه وبين داللة االقتضاء ظاهر‪ ..‬داللة االقتضاء فيه‬
‫محذوف‪ ،‬والمفهوم ليس عندنا محذوف‪ ،‬وهو توقف الصدق أو‬
‫الصحة على إضمار فيها دونه‪.‬‬
‫إذاً‪ :‬الفرق بين المفهوم وداللة االقتضاء واضحة‪ ..‬ال تلتبس على‬
‫الطالب‪.‬‬
‫والفرق بينه وبين داللة اإليماء هذا أدقها‪.‬‬
‫قال‪ :‬وتقريب للذهن أن تعلم أوالً‪ :‬أن المفهوم مقصود ٌ‬
‫للمتكلم‪ ،‬إال أنه مقصود ٌ من النطق ال في محل النطق‪.‬‬
‫ما أ ُ ٍّ‬
‫ف))‬ ‫ل لَهُ َ‬
‫محل النطق هو اللفظ ‪-‬الجملة نفسها‪(( -‬فَال ت َ ُق ْ‬
‫[اإلسراء‪ ]23:‬ما دل عليه هذا اللفظ الذي يقال فيه من النطق‪.‬‬
‫قال هنا‪ :‬أن المفهوم مقصود ٌ للمتكلم إال أنه مقصود ٌ من النطق‬
‫يعني‪ :‬من اللفظ‪ ،‬ال في محل النطق‪.‬‬
‫َ‬ ‫قال‪ :‬فقوله تعالى‪(( :‬وإن كُن أ ُ‬
‫ل فَأن ْ ِفقُوا عَلَيْهِ َّ‬
‫ن))‬ ‫م ٍ‬
‫ح ْ‬
‫والت َ‬‫ِ‬ ‫َّ‬ ‫َِ ْ‬
‫حمل ال يجب‬
‫ٍ‬ ‫ن غير أوالت‬ ‫[الطالق‪ ]6:‬يُقصد منه أيضا ً أنهن وإن ك ُ َّ‬
‫اإلنفاق عليهن‪ ،‬لكن هل هذا أُخذ من النطق أو من محل النطق؟‬
‫ن‬
‫من النطق ال من محل النطق؛ ألن محل النطق نص على ((وَإ ِ ْ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪35‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫كن‬ ‫إن‬ ‫متى؟‬ ‫النفقة‪،‬‬ ‫أوجب‬ ‫]‬‫‪6‬‬


‫ر‬
‫ُوا))[الطالق‪:‬‬
‫ق‬ ‫ر ْي ِفْ‬
‫ِ‬
‫ن‬ ‫حفَأ َ‬ ‫ت حمٱلت َّ‬
‫ل ْ‬ ‫كُ ُ‬
‫ّ‬ ‫(‪)57‬‬ ‫ن أوالَ ِ َ ْ ٍ‬
‫َّ‬
‫حمل‪.‬‬
‫ٍ‬ ‫أوالت‬
‫حمل ال تجب النفقة‪ ،‬الثاني هذا أُخذ من‬
‫ٍ‬ ‫إن لم يكن أوالت‬
‫النطق أو من محل النطق؟ من النطق‪ .‬فرقٌ بين اثنين‪ :‬ما يشير‬
‫إليه اللفظ‪ ..‬ما يدل إليه اللفظ‪ ،‬لكن بالموافقة أو المخالفة يسمى‬
‫من النطق‪ ،‬وأما ما يُؤخذ من ذات اللفظ فهو من محل النطق‪.‬‬
‫َ‬ ‫فاآلية على هذا التقدير‪(( :‬وإن ك ُ ُ‬
‫ل فَأن ْ ِفقُوا عَلَيْهِ َّ‬
‫ن))‬ ‫م ٍ‬
‫ح ْ‬
‫ت َ‬
‫ن أوالَ ِ‬
‫َّ‬ ‫َِ ْ‬
‫[الطالق‪ ]6:‬عندنا حكمان هنا‪ :‬الحكم األول إيجاب النفقة على‬
‫ذوات الحمل‪ ،‬هذا مأخوذ ٌ من محل النطق‪ .‬يعني‪ :‬من اللفظ نفسه‪.‬‬
‫م آخر وهو عدم| إيجاب النفقة على غير ذوات الحمل‪،‬‬
‫عندنا حك ٌ‬
‫هذا أُخذ من محل النطق أو من النطق؟ من الثاني ‪-‬من النطق‪-‬؛‬
‫ألن الذي دل عليه مفهوم الشرط‪ ،‬ومفهوم الشرط هذا‪ ،‬الشرط‬
‫م إذاً‪ :‬له اعتباران‪.‬‬ ‫ٌ‬
‫لفظ وله مفهو ٌ‬
‫فمن النطق أُخذ الحكم ال من محل النطق‪ .‬تأملها! ولذلك قال‪:‬‬
‫دقيقة –الشارح‪ -‬يعني‪ :‬تحتاج إلى تأمل‪.‬‬
‫حمل ال يجب‬
‫ٍ‬ ‫قال‪ :‬يُقصد منه أيضا ً أنهن إن َّ‬
‫كن غير أوالت‬
‫اإلنفاق عليهن‪ ،‬وهذا مأخوذ ٌ من المفهوم‪ ،‬إال أن هذا المقصود لم‬
‫يتناوله اللفظ وهو كذلك‪ ،‬فهو مقصود ٌ باللفظ وإن لم يتناوله اللفظ‪.‬‬
‫م باإلثبات‬
‫فالله جل وعال تكلم بهذه الجملة وأراد حكمين‪ :‬حك ٌ‬
‫م بالنفي‪ ،‬وكالهما مقصودان باللفظ‪ ،‬األول في محل النطق‬
‫وحك ٌ‬
‫والثاني من النطق الذي هو المفهوم‪.‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪36‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫بالحوامل أن المسكوت عنهن‬ ‫اإلنفاق‬


‫ريْر‬
‫تخصيص‬ ‫ِ‬ ‫ح‬
‫وإنما فُهمٱلت َّ ْ‬
‫من‬
‫(‪)57‬‬
‫وهن غير الحوامل لستُن كذلك‪ .‬يعني‪ :‬بمفهوم المخالفة‪.‬‬
‫إذ لو كُن كذلك لما كان في تخصيص الحوامل بالذكر فائدة‪،‬‬
‫وداللة اإليماء مقصودة في محل النطق‪.‬‬
‫المفهوم ال في محل النطق وإنما من النطق‪ ،‬وداللة اإليماء من‬
‫محل النطق‪.‬‬
‫ة فَاقْطَعُوا)) أخذنا العلة من السارق‬
‫سارِقَ ُ‬
‫سارِقُ وَال َّ‬
‫قوله‪(( :‬وَال َّ‬
‫والسارقة‪ .‬دل على أن النطق دل على العلِّية‪.‬‬
‫فحينئذٍ العلة هنا وإن كانت مستنبطة من وجه إال أنها منصوصة‬
‫من وجه آخر‪.‬‬
‫قال‪ :‬فداللة اإليماء هنا مقصودة في محل النطق فقوله تعالى‪:‬‬
‫((والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما)) يُقصد من منطوقه أن‬
‫القطع من أجل السرقة‪ ،‬وهل هذا هو المفهوم؟ ليس كذلك‬
‫ما أ ُ ٍّ‬
‫ف))[اإلسراء‪ ]23:‬ونأخذها‬ ‫ل لَهُ َ‬
‫المفهوم‪ ،‬المفهوم‪(( :‬فَال ت َ ُق ْ‬
‫بالمخالفة‪.‬‬
‫ة‬
‫صل أن الفرق بين المفهوم وداللة اإليماء‪ :‬كونها مفهوم ً‬
‫فتح َّ‬
‫محل تناوله اللفظ يعني‪ :‬من ذات اللفظ‪.‬‬ ‫ٍ‬ ‫في‬
‫‪..‬نُطقا ً دونه‪ ،‬وكالهما مقصود ٌ ‪-‬ك ٌ‬
‫ل منهم مقصود‪ :-‬داللة‬
‫المفهوم وكذلك داللة اإليماء والتنبيه‪.‬‬
‫نطق ‪-‬لم‬
‫ٍ‬ ‫محل تناوله اللفظ غير‬
‫ٍ‬ ‫إال أن المفهوم مقصود ٌ في‬
‫ينطق به‪ -‬وهي مقصودة في محل تناوله اللفظ نطقاً‪.‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪37‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬

‫النطق‪.‬‬ ‫من‬ ‫وبين‬ ‫النطق‬


‫ريْر‬
‫محل‬‫ِ‬ ‫ح‬ ‫إذاً‪ :‬فرقٌٱلت َّ‬
‫بينْ‬
‫(‪)57‬‬
‫محل النطق يعني‪ :‬اللفظ الذي نطق به‪.‬‬
‫ومن النطق يعني‪ :‬ما دل عليه اللفظ ال في محل النطق‪.‬‬
‫ل يخرج به‬ ‫ق) فص ٌ‬ ‫ْ‬ ‫ح ِّ‬ ‫ل عَلَي ْ ِ‬ ‫ما دَ َّ‬
‫ل نُط ٍ‬ ‫م َ‬ ‫في َ‬ ‫ه الَ ِ‬ ‫و َ‬ ‫ه َ‬
‫و ُ‬
‫قال‪َ ( :‬‬
‫المنطوق‪.‬‬
‫َ‬
‫ما‬ ‫ل لِك ُ ِّ‬
‫ل َ‬ ‫ص ِ‬
‫م فِي األ ْ‬
‫م ْفهُو ُ‬‫ن ال ْ َ‬
‫قال رحمه الله تعالى‪{ :‬وَإِذ َا كَا َ‬
‫ن ال ْ َفهْم ِ} يعني‪ :‬أراد أن‬ ‫َ‬ ‫فُهم من نط ْ َ‬
‫م ْ‬‫ول ِ‬ ‫م ْفعُ ٍ‬‫م َ‬ ‫س ُ‬ ‫ها ْ‬ ‫ق أوْ غَيْرِهِ؛ ألن َّ ُ‬ ‫ِ َ ِ ْ ُ ٍ‬
‫صوه بما ذكر من أجل‬‫يبيّن أن اللفظ المفهوم عام‪ ،‬لكن هم خ َّ‬
‫االصطالح أوالً‪.‬‬
‫َ‬
‫ل} يعني‪ :‬االستعمال اللغوي‪.‬‬ ‫ص ِ‬‫م فِي األ ْ‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م ْفهُو ُ‬ ‫{وَإِذ َا كَا َ‬
‫ق أَوْ غَيْرِهِ} يعني‪ :‬حتى باإلشارة يُسمى‬ ‫ْ‬
‫ن نُط ٍ‬
‫م ْ‬‫م ِ‬ ‫ما فُهِ َ‬ ‫ل َ‬‫{لِك ُ ِّ‬
‫مفهوماً‪ ،‬بالكتابة يسمى مفهوماً‪ ،‬باللفظ المفرد يسمى مفهوماً‪..‬‬
‫وهكذا‪.‬‬
‫َ‬
‫صه ِ‬
‫صا ِ‬‫حوا عَلَى اخْت ِ َ‬ ‫صطَل َ ُ‬‫نا ْ‬ ‫ن ال ْ َفهْم ِ‪ ،‬لَك ِ ْ‬‫م ْ‬ ‫ول ِ‬ ‫م ْفعُ ٍ‬‫م َ‬ ‫س ُ‬‫ها ْ‬ ‫{ألن َّ ُ‬
‫ن‬
‫م ْ‬ ‫ن فُهِ َ‬
‫م ِ‬ ‫ق‪ ،‬لَك ِ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ستَنِدُ| إلى النُّط ِ‬ ‫ج َّرد ُ الَّذِي ي َ ْ‬‫م َ‬ ‫م ال ْ ُ‬
‫م ْفهُو ُ‬ ‫بِهَذ َا‪ ،‬وَهُوَ ال ْ َ‬
‫ي‪.‬‬
‫يق عَ ْقل ِ ٍّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ل لَ ُ‬‫ه بَ ْ‬ ‫غَيْرِ ت َ ْ‬
‫ستِنَاد ٌ إلى طرِ ٍ‬ ‫ها ْ‬ ‫يح بِالتَّعْبِيرِ عَن ْ ُ‬ ‫صرِ ٍ‬
‫مطْلَقًا‪ :‬هَ ْ‬
‫ل‬ ‫ن ال ْ َ‬
‫م ْفهُوم ِ ُ‬ ‫م ْ‬‫حكْم ِ ِ‬ ‫ستِفَادَةِ ال ْ ُ‬ ‫ماءُ فِي ا ْ‬ ‫ف الْعُل َ َ‬ ‫م اخْتَل َ َ‬ ‫ث ُ َّ‬
‫َ‬
‫ظ؟‬‫ن الل َّ ْف ِ‬
‫م ْ‬
‫ستَفَاد ٌ ِ‬
‫م ْ‬ ‫م ُ‬ ‫يص بِالذ ِّكْرِ‪ ،‬أ ْ‬‫ص ِ‬ ‫خ ِ‬ ‫جهَةِ الت َّ ْ‬ ‫ن ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ْل ِ‬ ‫هُوَ بِدَاللَةِ الْعَق ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ن‪:‬‬‫عَلى قَوْلي ْ ِ‬
‫َ‬
‫ان بِالثَّانِي} أي‪ :‬من اللفظ {فَإ ِ َّ‬
‫ن‬ ‫معَالِي فِي الْب ُ ْرهَ ِ‬ ‫قَطَعَ أبُو ال ْ َ‬
‫ه بِالْوَ ْ‬
‫ض ِع‪.‬‬ ‫ما دَاللَت َ ُ‬ ‫ْظ الَ يُشْ عِ ُر بِذ َاتِهِ‪ ،‬وَإِن َّ َ‬ ‫اللَّف َ‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪38‬‬

‫الحازمي‬
‫‪30‬‬ ‫مـلَف‬
‫ٱل ْ ِ‬ ‫ُر‬ ‫ص‬
‫مخْ َت َ‬
‫ُ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫رريْر‬‫ِ‬ ‫ْ‬ ‫ح‬
‫نت َّ ْ‬ ‫ك أ َٱل‬
‫سك ُ ٍ‬
‫وت‬ ‫م ْ‬‫ْ َ‬ ‫ء‬
‫ٍ‬ ‫ي‬ ‫شَ‬ ‫ى‬ ‫َل‬ ‫ع‬ ‫َّ‬
‫ل‬
‫(‪)57‬‬‫ُ‬ ‫د‬ ‫َ‬ ‫ي‬‫ِ‬ ‫ل‬ ‫ْظ‬ ‫ف‬ ‫الل‬ ‫ع‬
‫ِ‬ ‫ض‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ت‬ ‫م‬
‫ْ‬ ‫ل‬ ‫ب‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ع‬ ‫ال‬ ‫َّ‬ ‫ال شَ َّ‬ ‫وَ َ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫جازِ‪ ،‬وَلَي ْ َ‬
‫س‬ ‫م َ‬‫يق ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ح ِقي َقةِ أوْ بِطرِ ِ‬ ‫يق ال ْ َ‬ ‫َ‬
‫ما يُشْ عِ ُر بِهِ بِطرِ ٍ‬ ‫ه إن َّ َ‬
‫ه؛ ألن َّ ُ‬ ‫عَن ْ ُ‬
‫خال َ َ‬
‫ي‬
‫ما ه ِ َ‬‫ة‪ ،‬إن َّ َ‬
‫ضعِي َّ ً‬‫ت وَ ْ‬ ‫س ْ‬ ‫ه لَي ْ َ‬‫ن دَاللَت َ ُ‬ ‫ف أ َّ‬ ‫ما‪ ،‬وَالَ ِ‬ ‫منْهُ َ‬ ‫حدًا ِ‬ ‫م وَا ِ‬ ‫م ْفهُو ُ‬ ‫ال ْ َ‬
‫يءٍ}‪.‬‬‫يءٍ عَلَى شَ ْ‬ ‫اب التَّنْبِيهِ بِشَ ْ‬ ‫ن بَ ِ‬ ‫م ْ‬ ‫ة ِ‬ ‫ات ذِهْنِي َّ ٌ‬ ‫ار ٌ‬ ‫إشَ َ‬
‫إذاً‪ :‬ثَم خال ٌ‬
‫ف هل داللته عقلية أم أنها داللة وضعية؟‬
‫يعني‪ :‬العرب وضعت له لفظاً‪ ،‬نقول‪ :‬ال لم تضع له لفظ‪ ،‬لكنه‬
‫اعتبار من جهة اللفظ‪ .‬يعني‪:‬‬‫ٌ‬ ‫م من جهة النطق‪ ،‬له‬ ‫مأخوذ ٌ ومفهو ٌ‬
‫يمكن أن يكون الحكم مركبا ً من جهتين‪ :‬نُطقٌ أوال ً ثُم الفهم من‬
‫جهة العقل‪ ،‬لكن األصل هو الوضع اللغوي‪.‬‬
‫َان}‪.‬‬
‫م نَوْع ِ‬ ‫ك‪ :‬فَال ْ َ‬
‫م ْفهُو ُ‬ ‫م ذَل ِ َ‬
‫قال‪{ :‬إذ َا عُل ِ َ‬
‫نقف على هذا‪ ،‬والله أعلم‪.‬‬
‫وصلى الله وسلم على نبينا محمد‪ ،‬وعلى آله وصحبه‬
‫أجمعين‪!!!...‬‬

‫هذه المادة لم تراجع من قبل الشيخ أحمد‬ ‫‪39‬‬

‫الحازمي‬

You might also like