16

You might also like

Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 18

‫جاهعت بسكرة‬ ‫هخبر وحذة التكىين والبحث في نظرياث القراءة وهناهجها‬ ‫هجلت قراءاث‬

‫مقام اللغة في الشعر الصوفي‬


‫قراءة في ديوان صحوة الغيم لـ‪ :‬عبد اهلل العشي‬

‫أ‪ /‬نسرين دهيلي‬


‫جامعة بسكرة‪-‬الجزائر‬

‫ملخص‪:‬‬

‫يدخل الشاعر غمار التكوين الشعري وع ّدتو الوحيدة اللغة كال وأجزاء‪ ،‬حروفا ومجال‪ ،‬تأسره‬
‫قدرهتا على نقل شعوره وتصوير خيالو‪ ،‬وترمجة أحاسيسو‪ ،‬فيأتيها فرادى ومجاعات‪ ،‬يتجسد من‬
‫فن القول إذ ىي‬
‫خالذلا ويتفنن يف تشكيلها‪ ،‬لتعرب عن حاالتو وأحوالو ادلختلفة‪ ،‬وتنوب عنو يف ّ‬
‫القول ذاتو‪ ،‬وال نصبح مع ىذا النوع من النصوص ‪-‬ادلمثل يف ىذه الدراسة بديوان صحوة الغيم‪-‬‬
‫أمام لغة الشعر وإّّنا أمام شعر اللغة‪ ،‬فتتغَت الرؤى وختتلف اإلشكاالت ويصبح السؤال ادلعهود‪:‬‬
‫كيف قال الشاعر ما قال؟ ىو سؤال اللغة‪ :‬كيف استطاعت أن تتمثل ماذا يريد وما ىي طريقتو يف‬
‫القول الشعري؟‪ .‬ومن ىذا ادلنطلق تكتسب اللغة أمهيتها يف ىذه الدراسة‪ ،‬ويف تشريح الن‬
‫الشعري ادلعاصر‪ ،‬الصويف على وجو اخلصوص‪ ،‬وتصبح قراءهتا إمجاال وتفصيال‪ ،‬متصلة ومنفصلة‪،‬‬
‫خاليا صوتية أو كائنات ُمجَلِيَّة ونصية ىي ادل َّ‬
‫عول عليو لبناء الداللة وقراءة الن ‪.‬‬
‫ُ‬
‫‪Summary :‬‬
‫‪Poet enters to the adventure of poetic composition, his only kit is‬‬
‫‪the language using everything: its alphabet and sentences, which has‬‬
‫‪the ability to convey his emotions, draw his fiction as well as interpret‬‬
‫‪his feelings, so the poet comes to it individually and in groups in order‬‬
‫‪to be creative in forming it to reflect his different cases and conditions‬‬
‫‪thus it replaces him in the saying if we don’t say it is the saying itself.‬‬
‫‪We won’t become in this kind of texts in front of the language of‬‬
‫‪poetry but the poetry of the language like:‬‬
‫‪“SAHWAT ALGHAYM” which is represented in this study ,so the‬‬
‫‪points of view and questions will be changed to the common question‬‬
‫قراءاث‬ ‫هقام اللغت في الشعر الصىفي قراءة في ديىان صحىة الغين لـ‪ :‬عبذ هللا العشي‬
‫‪that is How and what does the poet say? It’s the question of the‬‬
‫‪language .How can the language represent the poet , what he wants to‬‬
‫‪say and what is his way in poetic saying? From this point the language‬‬
‫‪is gaining importance in this study and in the analysis of contemporary‬‬
‫‪poetic texts even mystic in particular. Its reading becomes in general‬‬
‫‪and details connected and separated in this case the reader focuses on‬‬
‫‪sounds and sentences “all the language” to understand the meaning of‬‬
‫‪the text.‬‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫إ ّن الشاعر مبدع لعوادلو اخلاصة‪ ،‬زلدث ذلا دائما‪ ،‬ومن جترد من فعل اخللق أصبح كمن يرمي‬
‫كل ادلخلوقات‪،‬‬
‫بذوره يف أرض جدباء‪ ،‬ال ىي تطحن قمحا فتأكل وال تنبت فتستفيد منها ّ‬
‫والقصيدة باعتبارىا سللوقا خاصا «ال تستويف شرط وجودىا الفٍت إالّ يف حدود إحالتها على ادلعٌت‬
‫وليس ادلعٌت الشعري سوى عناصر التصوير التخييلي اليت تؤديها العبارة الشعرية‪ ،‬ضلتا للكيان‬
‫وتأصيال للذات واستشرافا للمصَت وختصيبا لرؤيا األنا يف احلياة والوجود»(‪ ،)1‬ويف حالة كهذه يصبح‬
‫من العسَت اقتفاء خطوات شاعر نضجت جتربتو الشعرية واستوت على سوقها‪ ،‬وأصبحت نرباسا‬
‫يضيء وشهابا يلوح يف مساوات اإلبداع اجلزائري‪ ،‬نعم ىكذا نصف التجربة الشعرية عند الشاعر‬
‫عبد ا﵁ العشي‪ ،‬واحد من األقالم اجلزائرية النادرة‪ ،‬وصاحب جتربة شعرية ال ديكن أن تقارب إالّ‬
‫حبذر‪ ،‬أل ّن مغاليق نصوصو صعبة ادلأخذ‪ ،‬ومقاماهتا متعددة ومتعالية يف ذات الوقت‪ ،‬فال ندري من‬
‫كل "مقامات الشاعر وبوح"!‪.‬‬
‫أي مقام تطل علينا ىذه التجربة و ّ‬
‫إ ّن التجربة الشعرية يف زلاولتها النمو والتشكل تبتعد عن التقنُت‪ ،‬لذلك كثَتا ما ركز النقد على‬
‫ضرورة االبتعاد عن األحكام ادلسبقة‪ ،‬والرؤى النقدية اجلاىزة‪ ،‬وتبعا لذلك حاولنا قدر اإلمكان‬
‫االبتعاد عن التأويل الصويف يف قراءتنا لديوان «صحوة الغيم»(‪ ،)2‬لكن مسعانا مل يكلل بالنجاح إذ‬
‫ما فتأت تطل علينا الصوفية بلغتها وإحياءاهتا‪ ،‬برموزىا ودالالهتا مبدارجها ومقاماهتا‪ ،‬بأحوال شاعرىا‬
‫سريا يغذي الن مبختلف أبعاده‪ ،‬و«يسمو بفيض من‬ ‫وحاالتو‪ ،‬وأصبحت ىي واخليال حبال ّ‬
‫التخصيب واإلثراء جيعلو قابال لتعدديّة قرائية وتأويلية وكأ ّن مصداقية التجربة اليت حتافظ أبدا على‬
‫حسي فلسفي واقعي مأل الذات ادلبدعة فأفرغتو على قدره من التجاوز‪ ،‬فأحالتو‬ ‫اتزان رؤيوي ّ‬
‫الدالالت أو اللغة البعدية إىل األسطوري ادلشحون بقدرة واقتدار عجيب على ختطي الواقع ليقع‬
‫‪260‬‬
‫نسرين دهيلي‬ ‫العذد العاشر ‪7102‬‬ ‫هجلت قراءاث‬
‫على الذات القارئة وقوع القوى اخلفية على الرغم من انطالقو من ىذا الواقع‪ ،‬ويغدو من الطبيعي‬
‫تألق ىذه الذات وارتقاؤىا مضيفة من مواضع صفائها وإخالصها»(‪ ،)3‬طاقات شعرية تربط األرضي‬
‫بالسماوي‪ ،‬فتتفجر اللغة الصوفية دالالت شعرية‪ ،‬بدء من العنوان وامتدادا يف الديوان وسنحاول‬
‫الوقوف على بعض تلك الدالالت‪.‬‬
‫‪-1‬ع ّدةُ العنوان في استشراف الزمان‪ /‬مقام اليقظة‪:‬‬

‫لظاىرة السحب والغيم أثر بالغ يف مجيع النفوس‪ ،‬ويف نفسية الشعراء على وجو التحديد‪ ،‬إذ‬
‫كثَتا ما أبكتهم و ّأرقتهم‪ ،‬أضحكتهم وشغلتهم‪ ،‬عصرت قرائحهم وأدمت ألسنتهم وذلك منذ‬
‫العصر اجلاىلي‪ ،‬وىا ىو "عبيد بن األبرص" يقول‪:‬‬

‫دلاح‬
‫من عارض كبياض الصبح ِ‬ ‫يا َمن لربق أبيت الل ــيل أرقـ ــبو‬

‫يك ــاد يدف ـ ـعـ ــو من ق ـ ــام بال ـ ـ ـ ـ ـر ِاح‬ ‫ٍّ ٍ‬


‫دان مسف فُـ َويْ َق األرض َىْي َدبُوُ‬
‫إ ًذا ّإنا الذات الشعرية يف إحساساهتا تتناس عرب العصور‪ ،‬لكنّها وإن ائتلفت يف مناىلها‬
‫لكل جتربة رموزىا اخلاصة اليت تشع عطاءات‪ ،‬ومن ىذا‬ ‫اختلفت يف رؤاىا الشعرية‪ ،‬حبيث تغدو ّ‬
‫ادلنظور ختتلف جتربة "عبيد بن األبرص" الواصفة عن جتربة "عبد اهلل العشي" الرامزة‪ ،‬إذ تُكلّل‬
‫الطاقة الرمزية بالقدرة على االنتقال « من رلرد الوسم والوصف دلا ىو كائن إىل جعل الكيان‬
‫التجرييب يف عالقة الشاعر بالعامل كيانا مأىوال مبا ديكن أن يكون‪ ،‬أي عادلا يؤسس جتربة وجودية‬
‫تقوم على الرؤيا والتخييل واألحالم إنّو عامل الرؤى الذي تفوق كلماتو أحداثو ورلازاتو مساتو»(‪،)4‬‬
‫ومن ىذا ادلنطلق نتساءل عن الفوقي واجملازي يف ن "عبد اهلل العشي"‪ ،‬عن ادلعٌت ادلكتنز يف ثنايا‬
‫عنوان الديوان‪ ،‬وخيوط السدى اليت امتدت إىل عناوين القصائد فحاكت األبعاد الداللية يف تلك‬
‫العناوين أمجع‪ ،‬بدء بعنوان الديوان "صحوة الغيم" وبؤرتو اجلامعة‪ ،‬ووصوال إىل اخليوط الرفيعة اليت‬
‫نسجت الن ‪ ،‬نعٍت بذلك اللغة الشعرية اليت تعد خيوط طول وعرض نسجت نصوصو‪.‬‬

‫وىنا نستوضح جتربة شعرية بأخرى ففي سؤال للشاعرة الفلسطينية "نداء الرفاعي" من أين‬
‫يأيت الصحو؟ تقول‪ « :‬من مطر متالحق كعاصفة‪ ،‬من جناح فراشة‪ ،‬قلب تعلم كيف يرتلو‪ ،‬ليهطل‬
‫جنونا آخر‪ ،‬صحوة الغيم ىو‪ :‬جنون السماء يف ليلة عاصفة‪ ،‬استثناء أوجده ا﵁ يف حلظة صفو‪،‬‬
‫‪261‬‬
‫قراءاث‬ ‫هقام اللغت في الشعر الصىفي قراءة في ديىان صحىة الغين لـ‪ :‬عبذ هللا العشي‬
‫براءة احلب‪ ،‬امتزاج الفصول لتصبح فصال خامسا بتمرد الكون‪ ،‬قبلة العشاق اليت حفرت ذاهتا على‬
‫معابد اآلذلة‪ ،‬صمت صاخب‪ ،‬حبر مليء مبحارات الشوق»(‪ )5‬إذًا ىذا ىو صحو الغيم عند‬
‫الشعراء‪ ،‬جنون مستمر وفصول أربعة ىي فصل شعري واحد‪ ،‬احًتاق وانبعاث‪ ،‬لكنو ىنا –عند‬
‫الشاعرة‪ -‬رغم مجاليتو صحو يسيح يف فجاج األرض وربوعها‪ ،‬وليس كصحو ادلتصوف الذي يعرج‬
‫ادلتصوفة‪ -‬صفاء العقل لتنوره بنور القدس‪ ،‬وىو صفاء‬
‫ّ‬ ‫بو إىل مصاف الكشف إنّو عندىم –أي‬
‫عما سوى ا﵀بوب‪ ،‬وىو صفاء الوقت بالسرور بوصل ادلعشوق‪ ،‬وىو‬ ‫الس ْلو ّ‬
‫احلال بقوة احلب و َّ‬
‫(‪)6‬‬
‫للصفو الذي تتضح‬ ‫كذلك صفاء العشق والذوق بأحدية اجلمع والفرق ‪ ،‬إنّو مرادف عندىم ّ‬
‫فيو الرؤيا ويُؤمن فيو اللُبس‪ ،‬ويتماىى ىذا التعريف إىل حد بعيد مع ادلعٌت اللغوي الوارد يف قاموس‬
‫الصحوة اسم مرة من الفعل صحا‪ ،‬وعي وشعور وإدراك‪ ،‬يوم صحو ومساء صحو ليس فيها‬ ‫ادلعاين‪ّ :‬‬
‫غيم‪ ،‬ويف (الفلسفة والتصوف)‪ :‬رجوع العارف إىل اإلحساس بعد غيبة بوارد قوي(‪ ،)7‬ونفهم من‬
‫ىذا أ ّن الصحوة مرحلة الحقة للغيم والسحب بعد أن تبددىا الشمس‪ ،‬لكن أن يصحو الغيم ذاتو‬
‫فال حيدث إالّ مع الشعراء‪ ،‬ففي صياغتهم دلظاىر الطبيعة كمياء أخرى ال يفهمها ادلناخ وال‬
‫الصحو الذي تنزل زخاتو حروفا متوىجة كحبات قعد ضاقت‬ ‫أصحابو وال ادلعجم وال ألفاظو‪ ،‬إنّو ّ‬
‫كل مكان‪ ،‬أو ىي كما يقول الشاعر «أحرفنا‬
‫ذرعا بتزيُت األعناق فاحتمت بفضاء الورقة تبوء منو ّ‬
‫(‪)8‬‬
‫لوال احًتاقها دلا بعث شاعر نيبء‪ ،‬وال أمطر قلمو من نبع‬ ‫جمر أوراقنا[‪ ]...‬ورماد خطانا»‬
‫مهجتو زلتفال بأجبدية اللغة وبرباءهتا األوىل‪ ،‬فتطوف باألمساء وتكشف األسرار الكامنة يف ألفها‬
‫سر من أسرار الغيم وحَتةٌ‬‫كل ذلك ّ‬
‫واحلكمة النابعة من بائها‪ ،‬والذاكرة يف تاء بنفسجها‪ ...،‬و ّ‬
‫⃰‬
‫الصحو الذي صنوه اليقظة وذىاب السكر عن الصويف‪.‬‬ ‫للمعٌت‪ ،‬إنّو ّ‬
‫إ ّن العنوان هبذه القدرة االختزالية لعناوين الديوان يدل على عالقتو الرمحية بالذات اخلالقة لو‪،‬‬
‫وىو يف ارتباطو هبا يكاد يكون اجلزء الوحيد من الن الذي خيضع لسلطة الكاتب عند استاللو‪،‬‬
‫ادلبدع يولد بعد اعتصار الذات وحتت سطوة الالوعي قبل الوعي‪ ،‬وبالتايل‬ ‫َ‬ ‫طبعا إذا سلمنا أ ّن الن‬
‫يصبح العنوان ىو اخليط الواىي الذي حيافظ للمبدع على عالقتو بالن ‪ ،‬وىو ىنا توىج للذات‬
‫وتوق ذلا ضلو االنعتاق من سلطة الالوعي والقراءة معا‪ ،‬إنّو مغامرة « تؤسس مسلكا يف لغة الشعر‬
‫يتغذى من التجربة اإلنسانية شعرا وأسطورة»‪ 9‬لغة وإبداعا‪ ،‬خياال وتصوفا‪ .‬وإن صحت مقولة أ ّن‬
‫العنوان آخر ما يستل من رحم الشاعر‪ ،‬سيصح قولنا أنّو أول قراءة جامعة للن ‪ ،‬وما بعدىا من‬
‫‪262‬‬
‫نسرين دهيلي‬ ‫العذد العاشر ‪7102‬‬ ‫هجلت قراءاث‬
‫قراءات ال يتعدى التحليل والتمطيط لدالالت العنوان‪ ،‬أل ّن العنوان ىو ادلؤشر القرائي األبرز يف‬
‫الن ‪ ،‬وحلقة الوصل األوىل بُت ادلبدع والقارئ وىو أيضا عنوان مشبع بادلوروث الصويف‪ ،‬ويف حالتو‬
‫ىذه يعد «تأكيدا حللول الن الغائب يف الن احلاضر‪ ،‬وملمحا من مالمح ثراء الن » (‪.)10‬‬

‫غض الطرف عن اإلحياء الرومانسي للعبارة "صحوة الغيم"‪ ‬فكثَتا ما كان‬ ‫ىذا وال ديكن ّ‬
‫للغيم أثر نفسي يؤدي إىل التفاؤل أو التشاؤم لدى الشاعر وغَته‪ ،‬ولن نغايل إذا قلنا ىنا أ ّن سحب‬
‫الغيم ىي احلائل بُت الشاعر وبُت السماء اليت يسعى إىل االرتقاء إليها‪ ،‬فهي الربزخ الذي جيعلو‬
‫يسبح يف عماء‪ ،‬تشحن الذات الشعرية شحنة سلبية ىي أقرب للتشاؤم منها إىل التفاؤل‪ ،‬وصحوة‬
‫تلك السحب إيذان باالنفراج والرقي وباخلصب ادلصاحب للصحوة‪ ،‬وتصبح "صحوة الغيم"‬
‫‪‬‬
‫الظاىرة الطبيعية ىي صحوات الذات الشعرية‪:‬‬

‫إ ّن دالالت العنوان يف الشكل السابق مدارج تعرج من خالذلا الذات بأحواذلا وحاالهتا إىل‬
‫درجات من الكشف والتجلي الصويف يصاحبو كشف وجتلي شعري‪ ،‬ويف ىذا ادلستوى القرائي‬
‫أصبح للعنوان دور أكرب من «دور العالمة االشهارية اليت أصبحت حتتل موقع الصدارة يف عرض‬
‫ونشر وتسويق ادلنتوج الثقايف والفٍت واألديب عرب الكتب واجملالت والصحف واألقالم واألقراص‬
‫ادلكمل الذي ال تكتمل الداللة‬
‫ّ‬ ‫ادلضغوطة‪...‬إخل» (‪ ،)11‬ىذا الدور ىو دور القرائي دور الن‬
‫الشعرية إالّ بو‪.‬‬

‫ادلعول عليو يف إضاءة النصوص وتأويلها‪،‬‬


‫لقد أصبحت إشراقات العنوان من الزاد الداليل ّ‬
‫يعول عليو نقديا‪،‬‬
‫والعنوان الذي ال يستطيع التمطط واالتساع وااللتفاف حول نصوصو بإحكام ال ّ‬
‫‪263‬‬
‫قراءاث‬ ‫هقام اللغت في الشعر الصىفي قراءة في ديىان صحىة الغين لـ‪ :‬عبذ هللا العشي‬
‫وديكن يف ىذا اخلصوص أن صلد للعنوان عدة وظائف منها‪ :‬دور وظيفي تأثَتي ىو التعريف‬
‫بالن ‪ ،‬ودور داليل ىو بناء داللة الن بوصفو إمجاال والن تفصيلو‪ ،‬ودور مجايل انفعايل من‬
‫يقدم هبا العنوان‪ ،‬ومجيع ىذه األدوار‬
‫خالل سلتلف التشكيالت الرمزية والتصويرية االنزياحية اليت َ‬
‫تًتسب داخل العنوان مشكلة لغزه وأمهيتو‪.‬‬

‫حتسسنا دالالت العنوان "صحوة الغيم" يف بعض نصوص الديوان‬‫واستنادا على ما سبق ّ‬
‫فكانت النتيجة من قول الشاعر يف قصيدة "حيرة المعنى"(‪:)12‬‬

‫أختيل معناك‪ ،‬ىذا الغريب‬


‫زىرة يف ختوم التعب‬
‫مشرقاً بالضحى‬
‫ونبوءاهتا‬
‫والشموس اليت أرتقب‬
‫ىي تدنو ورا صحوىا‬
‫وأنا من توحد أيامنا أقًتب‬
‫زرع الليل أصلمو‬
‫يف خطانا‪....‬‬
‫وزين أشواقنا فجره ادلنسكب‪.‬‬

‫إ ّن ىذا ادلقطع يكشف النقاب عن تفاصيل رحلة الذات يف حبثها عن صحوىا‪ ،‬وما الزىرة ىنا‬
‫إالّ رمزا ذلذا الصحو‪ّ ،‬إنا تلك الذات ادلسعي وراءىا وقد أغمي على ادلريد مكانا وسط ختوم‬
‫لكن معناىا الغريب أىب إالّ أن يشرق وينَت مسلك ادلريد‪ ،‬فيحدث الكشف الذي‬
‫التعب –الغيم‪ّ ،-‬‬
‫عرب عنو الشاعر بقولو "الشموس التي أرتقب"‪ ،‬وبالتايل يعود بنا الشاعر إىل ثنائية‬
‫تيميت‬ ‫ِ‬
‫الصحو‪/‬الغيم(‪ ،‬اليت ما فتئت تطل علينا بشكل جزئي يف األسطر الشعرية ادلوالية من خالل ْ‬
‫) ّ‬
‫اللّيل والفجر‪.‬‬

‫لقد سيطرت على ىذا ادلقطع األلفاظ الدالة على الزمن ادلرتبط تناوبو بثنائية (النور‪/‬الظالم)‪،‬‬
‫الصحو تدنو من صحوىا وبالتايل تدنو من التوحد والكشف‪ ،‬وىي لن تدنو منو إالّ‬ ‫فالشموس رمز ّ‬
‫‪264‬‬
‫نسرين دهيلي‬ ‫العذد العاشر ‪7102‬‬ ‫هجلت قراءاث‬
‫السماء ال ّدنيا‪ ،‬وادلعٌت مشرق بالضحى وبنبوءات الزىرة‪ ،‬ادلعٌت‬
‫إذا كانت يف حالة معراج إىل ما بعد ّ‬
‫الذي ينقل مقاصدنا أصبح زلتارا‪ ،‬ويف ىذه الرحلة العسَتة ادلستعصية جتد الذات موطئ قدم فوق‬
‫صلوم الليل تعرج من خالذلا وبواسطتها إىل السماء ادلسعى ادلرتقب‪ ،‬وذلك باعتبار العالقة ادلكانية‬
‫السماء‪ ،‬مواصلة بذلك –أي الذات‪ -‬رحلتها التصاعدية اليت يؤرقها الزمان دائما‪،‬‬ ‫بُت النّجوم و ّ‬
‫خوفا من أن ينقضي ومل حتقق الذات مبتغاىا وبالتايل فالن «ال خيرج عن إشكالية إنسانية كربى‬
‫كل الشعوب قدديا وحديثا وىي مقاومة الشعور بالفناء والتالشي‬ ‫كل اآلداب لدى ّ‬ ‫احتفلت هبا ّ‬
‫(‪)13‬‬
‫واالنتصار لقوة اإلرادة اإلنسانية اليت لوالىا دلا كان ىناك تاري وحضارة وعلم وتقدم» ‪ ،‬فهذه‬
‫العملية يف وجو من وجوىها جتسيد مطلق إلرادة الذات يف التحرر‪.‬‬

‫وإ ّن الستخدام الزىرة طابعو الرمزي على الزمن كذلك إذ هبا يُعرب عن اللحظات الفارة اليت‬
‫كل حياهتا ومجاذلا وعبقها لتفٌت خدمة لو وتذبل فاسحة ادلكان لغَتىا من‬ ‫دتنح فيها الزىرة للوجود ّ‬
‫احليوات‪ ،‬والشعور بادليالد والفناء من خالل الدورة احلياتية للزىرة «يولد يف سليلة الشاعر احلرص كل‬
‫احلرص على اإلمساك بالزمن الوليد خشية انفالت أو تقادم الشعور بادليالد اجلديد»(‪ ،)14‬ىذا وإ ّن‬
‫االشتغال بالزمن واإلحساس بوطأتو ليس غريبا عن الشعراء وال عن ادلخيّلة الشعرية العربية خاصة يف‬
‫ظاىرة تعاقب اللّيل والنهار‪ ،‬فقدديا قال "امرئ القيس"‪:‬‬

‫عل ـ ـ ـ َّي بأن ـ ـ ـو ِاع اذلم ـ ـ ـ ِوم ليـ ـبتلِـ ـ ـي‬ ‫كموج البح ِر أرخى سدولوُ‬ ‫ٍ‬
‫وليل ِ‬

‫وأردف أعج ـ ــاز ونـ ـ ـأى بك ــلكـ ـ ِـل‬ ‫فقلت لـ ــو دل ـ ــا دتط ــى بصلبـ ـ ـ ــو‬
‫ّ‬
‫بصبح وما اإلصباح منك بأمثل‬ ‫أال أيّها الليل الطويل أال اصللي‬

‫وىي أيضا ظاىرة دينية متأصلة يف معتقداتنا الروحانية‪ ،‬ووجو من وجوه اإلعجاز الرباين‪ ،‬فادلوىل‬
‫جل وعال خصها بالكثَت من آيات الذكر احلكيم ودعانا إىل التأمل يف تعاقب الليل والنهار بل‬ ‫ّ‬
‫وأقسم بالليل والفجر والشمس‪ ،‬ولنتأمل قولو تعاىل يف سورة آل عمران ﴿توجل الليل يف النهار وتوجل‬
‫(‪)15‬‬
‫احلي وترزق من تشاء بغَت حساب﴾ ‪ ،‬إذاً‬ ‫احلي من ادليّت وخترج ادليّت من ّ‬
‫النهار يف الليل وخترج ّ‬
‫فليس غريبا أن يشتغل اإلنسان بظاىرة النّور والظّالم‪ ،‬ألنو السلطان الوحيد الذي ال يستطيع‬

‫‪265‬‬
‫قراءاث‬ ‫هقام اللغت في الشعر الصىفي قراءة في ديىان صحىة الغين لـ‪ :‬عبذ هللا العشي‬
‫وصيدا‪،‬‬
‫قيدا ً‬
‫حبث مستميت عن احلرية الروحية كان الزمن ً‬
‫الفكاك منو ومن أسره ومبا أ ّن التصوف ٌ‬
‫ومر من خاللو إىل الكشف والتجاوز‪.‬‬
‫قيد مبا يفرضو على ادلريد‪ ،‬وصيد مىت استوعبو ّ‬
‫وىنا نلحظ أ ّن البؤر الداللية ادلسيطرة على الن عبارة عن ثنائيات ضدية من خالذلا عمد‬
‫الشاعر إىل تزمُت نصوصو؛ ونعٍت بالتزمُت خلق ثنائيات متقابلة زمنيا جتسد حركة الزمن من خالل‬
‫(أنرت =‬
‫َ‬ ‫بعض مظاىره كالتقابل بُت النهار والليل وما يرتبط هبما كما توضحو الثنائيات اآلتية‪:‬‬
‫أعد الزمان=حلم)‪( ،‬مشرقا بالضحى‪ ،‬الشموس=زرع الليل أصلمو)‬ ‫منطفئ)‪( ،‬الصباح‪ُّ ،‬‬
‫(مشرق=الظالم)(‪ ،)16‬وىي ثنائيات ضدية تتجاذب الذات وتؤرق صفوىا‪ ،‬وجتعل من اخلطاب‬
‫الشعري « رؤية فنية تتمثل يف التعبَت عن الزمن والتعبَت بو‪ ،‬بوصفو رمزا لالحتفال باحلياة‪ ،‬ورمزا‬
‫لتأكيد الكينونة‪ ،‬ورمزا لنفي التالشي والفناء والعدم‪ ،‬وتلك ىي القيمة الفنية والفكرية والوجودية‬
‫اخلالدة للشعر»(‪ )17‬خاصة منو الصويف‪.‬‬

‫ويف ىذه الرحلة اليت حيكمها القلق واخلوف والًتقب‪ ،‬واألمل والرجاء مع اليأس واحلَتة‪،‬‬
‫ينكشف زيف األشياء وتتالشى األوىام‪ ،‬وذلك أ ّن الذات تتخل من ركامها ومن ترسبات الوىم‪،‬‬
‫فتعد الزمان ساعة ساعة حبثا عن النّور الذي ضاع أو الصباح الذي ضاع كما قال الشاعر من‬
‫قصيدة "ألف األسماء"‪:‬‬

‫يف الصباح الذي ضاع من يومنا‪...‬‬


‫كنت أسند ظهري على ٍ‬
‫موجة‪...‬‬
‫الزمان ‪:‬‬
‫أعد َّ‬
‫و ُ‬

‫ساعةً‪ ...‬ساعةً‬
‫يف تفاصيل أيامنا‬
‫يف الصباح الذي ضاع من يومنا‪...‬‬

‫كنت أرسم حلمي على الرمل‪..‬‬


‫(‪)18‬‬
‫وأحفر ىذا ادلدى باستعاراتنا‪.‬‬

‫‪266‬‬
‫نسرين دهيلي‬ ‫العذد العاشر ‪7102‬‬ ‫هجلت قراءاث‬

‫وتذكرا حىت تتعظ‪ ،‬وىذا التذكر مرحلة ىامة من‬ ‫ً‬ ‫ويا لو من طقس تفقد فيو الذات اتزانا حَتةً‬
‫أحوال ادلتصوف خاصة الذي يرتاد الطريقة حبثا عن خالص من ترسبات الزمن وربقو‪ ،‬والتذكر‬
‫كمفهوم يعٍت‪« :‬يف البدايات‪ :‬االتعاظ بالواعظ واستبصار العرب‪ ،‬يف األبواب‪ :‬استحضار ما قد فاتو‬
‫من الطاعات يف الدنيا واستقراب ما ىو آت من أحوال العقبة‪ ،‬يف ادلعامالت‪ :‬استذكار مبادئ‬
‫خلقو ليستحقر نفسو لقولو تعاىل ﴿ولقد خلقنا اإلنسان من ُساللة من طُت﴾»(‪ ،)19‬إنّو مرحلة‬
‫عما سوى الذات‪ ،‬مرحلة لالنسالخ من ادللذات والدنايا‪ ،‬وقد تكون من أصعب‬ ‫عزل الذات ّ‬
‫مراحل ادلريد اليت ال يشعر فيها باالنتماء‪ ،‬إذ تًتبع بُت ادلوجود والوجود‪ ،‬الذايت والالذايت‪ ،‬بُت‬
‫ادلاضي باعتباره زمنا مقضيا يطاردنا وبُت حلظة الكشف بعيدة ادلنال‪ ،‬بُت النّور والظالم‪ ،‬ورمبا ىذا‬
‫ما جعل ىذه الثنائية ‪ -‬األخَتة‪ -‬تكتسح ّناذج كثَتة من النتاج الشعري ادلدروس وتقتسم دالالت‬
‫الديوان‪ ،‬والشكل اآليت يوضح ذلك‪:‬‬

‫رحلة الذات بحثا عن الخالص‬

‫إ ّن ادلخطط السابق يقدم للدارس التمايز الواضح بُت الرجاء والفناء‪ ،‬وىذا شيء طبيعي يف عامل‬
‫التصوف الروحي‪ ،‬لذوات ىائمة يف عماء تبحث عن اخلالص يف حضرة ادللكوت األعظم‪ ،‬ليشع‬
‫متما نعمتو بالتوحد‪ ،‬فَتتقي ادلريد إىل رتبة العارف‪ ،‬ومعروف أ ّن الزمن أو الوقت‬
‫الرباين عليها ً‬
‫النّور ّ‬
‫شغل من أشغال ادلريد «ودرجتو حُت استقرار مقام الفناء وابتداء مقام البقاء بتكدير ظهور الكثرة‬
‫عن الوحدة»(‪.)20‬‬

‫ومواصلة لفك التشفَت الرمزي ادلكتنز يف دالالت العنوان تطل علينا بعض عناوين القصائد يف‬
‫الديوان وقد اكتست حلّة صوفية ومجعتها كيمياء داللية وصوتية شلتصة من الًتاث الصويف كذلك‪،‬‬
‫‪267‬‬
‫قراءاث‬ ‫هقام اللغت في الشعر الصىفي قراءة في ديىان صحىة الغين لـ‪ :‬عبذ هللا العشي‬
‫سر تغيم الضحى" اليت مجعت يف تالفيفها إضافة إىل‬ ‫منها على سبيل ادلثال ال احلصر قصيدة " ّ‬
‫عنوان الديوان الذي دتثلو مفرديت (تغيم‪ ،‬الضحى) ‪-‬باعتبار الضحى زمنا لوضوح الرؤيا شلا يسمح‬
‫أسر‬
‫فالسر مأخوذ من « ّ‬‫السر اليت تفوح بعبق تارخيي أديب صويف؛ ّ‬ ‫بتأويلو بالصحو‪ -‬مجعت لفظة ّ‬
‫الشيء‪ :‬كتمو وأظهره‪ ،‬وىو من األضداد‪ ،‬سررتو‪ ،‬كتمتو‪ ،‬سررتو‪ :‬أعلنتو”‪ ،‬فثنائيّة اإلظهار واإلخفاء‬
‫ّ‬
‫السر واإلسرار‪ ،‬واإلظهار واإلخفاء ثنائيّة ديكن أن دتتد إىل علوم سلتلفة فنتح ّدث‬
‫ىي وجو من وجوه ّ‬
‫احلقيقي‬
‫ّ‬ ‫اىري "‪ "l’explicite‬يف ال ّدراسات اللّسانية‪ ،‬وعن‬ ‫الضمٍت"‪ "l’implicite‬والظّ ّ‬ ‫عن ّ‬
‫الصوفيّة منها‬
‫اجملازي يف ال ّدراسات البالغيّة‪ ،‬وعن الظّاىر والباطن عند الفرق الباطنيّة و ّ‬‫و ّ‬
‫(‪)21‬‬
‫وسر الفصاحة البن سنان اخلفاجي‬ ‫خاصة» ‪ ،‬ومن األسرار الشائعة أسرار البالغة للجرجاين‪ّ ،‬‬ ‫ّ‬
‫تسر‬
‫وغَتىا كثَت‪ ،‬وطبعا للمتصوف أسرار كثَتة‪ ،‬بل إ ّن الكون كلّو أسرار تُعلَن ويف بيان إعالنا ّ‬
‫السر يزيده إلغازا من حيث ىو ال يعلم‪ ،‬أل ّن كالم‬ ‫أسرارا جديدة‪ ،‬والشاعر عندما يكتب عن ّ‬
‫سر وإن فضح أو وضح‪ ،‬خاصة شعراء الكشف والنبوءة فكالمهم غامض وإن كان صحوا‪،‬‬ ‫الشعراء ّ‬
‫السر كمقام يتطلب البوح‪ ،‬ورمبا ىذا ما حييل الدارس على ديوان "مقام البوح" لكشف‬
‫كما أ ّن ّ‬
‫السر يف "صحوة الغيم"‪.‬‬
‫مغاليق ّ‬
‫سر الوالية يف الذاتية‬
‫السر « ىو ادلعٌت ادلخفي عن إدراك ادلشاعر‪ ،‬وحقيقتو يف ىذا القسم ّ‬
‫و ّ‬
‫عند الفناء عن رسوم الصفات البشرية‪ ،‬فصاحبو يسًت حالو عن اخللق غَتةً‪ ،‬ويتأدب الشرع صونًا‬
‫ويتهذب يف األخالق وادلعامالت طرفًا‪ ،‬وىو من األخفياء الذين ورد فيهم‪ :‬أحب العباد إىل ا﵁‬
‫(‪)22‬‬
‫فالسر عند الصويف إخفاء ومواراة‪ ،‬وىنا تكمن مجالية الطريقة للشاعر‬
‫األخفياء األتقياء» ‪ ،‬إذًا ّ‬
‫سر تغيم الضحى"‪،‬‬
‫السر ويكشفو يف قصيدة تامة حتمل امسو ىي " ّ‬
‫ادلريد الذي آثر أن يبحث عن ّ‬
‫للسالك درب الكشف ويوقظ إحساسو فتتم الصحوة‪.‬‬ ‫السر من شأنو أن ينَت ّ‬
‫أل ّن انكشاف ىذا ّ‬
‫السر أو عنو شغل لإلنسان ككل‪ ،‬لكن مزية الشاعر تكمن يف جعل األسرار‬
‫ىذا وإ ّن البحث يف ّ‬
‫السّر‪ ،‬وىنا تبدو براعة التأليف وروعة‬
‫سر ّ‬‫تنكشف من حيث تزيد غموضا فيصبح القارئ أمام ّ‬
‫التوظيف‪.‬‬

‫‪268‬‬
‫نسرين دهيلي‬ ‫العذد العاشر ‪7102‬‬ ‫هجلت قراءاث‬
‫‪ -2‬فتات الكالم أو الحرف المنثور ‪ /‬مقام الكشف‪.‬‬

‫باعتباره كتلة متالمحة جيب أن يُؤخذ جلّها أو يًُتك كلّها‪ ،‬وىذه من نواميس القراءات‬ ‫إ ّن الن‬
‫النقدية اجلادة‪ ،‬ويف ىذا السياق أصبح الدارس حيتك بعديد ادلصطلحات منها مقولة "نص" يف ح ّد‬
‫ذاهتا‪ ،‬ومنها "نحو النص"‪" ،‬الجملة النحوية"‪" ،‬الجملة الشعرية"‪ ،..‬لكن الشاعر ادلعاصر يأىب‬
‫دائما االنقياد واإلتباعية‪ ،‬فيفاجئنا بـ"الكلمة الشعرية" و"الحرف الشعري"‪ ،‬وىذا األخَت ىو مدار‬
‫الكالم يف ىذا العنصر‪.‬‬

‫وتتجسد ظاىرة احلرف الشعري عندما يتم عزل وحدات اللغة الكربى والدنيا بعضها عن بعض‬
‫لتشكيل الداللة الكربى وىي الكلمة‪ ،‬والصغرى وىي احلرف‪ ،‬ويف حالة الفصل وتفتيت أوصال‬
‫اللغة ىذه‪ ،‬ال تفقد الوحدات الدنيا معناىا بل على العكس تتحمل دالالت جديدة قد تنوء عن‬
‫محلها اجلمل فرادى ومجاعات ألنّو يف حالة كهذه تُشحن الداللة ويُكثف ادلعٌت مبعية ادلعجم‪،‬‬
‫وسيأيت تفصيل ىذا فيما يأيت‪.‬‬

‫دلا كان التصوف رغبةً وشطحو أداءً كانت مناجاتو مههمةً وكالماً فكان للغة نصيب غَت يسَت‬
‫من ثنايا الديوان‪ ،‬استخدمت كالً وأجزاء‪ ،‬إمجاال وتفصيال‪ ،‬واألىم من ذلك تفصيل التفصيل أي‬
‫عودهتا إىل أيام الطفولة والصبا أيام كانت حروف أجبدية‪ ،‬احتفى هبا الشاعر أّديا احتفاء حىت غدت‬
‫طقسا من طقوسو ضلو اخلالص الروحي‪ ،‬يلهج ذكرا هبا فيقول يف قصيدة "فاتحة األبجدية"‪:‬‬

‫أ﵁ُ يا أ﵁‬
‫ت من أمامو أضواءَ َك اخلضراء‬ ‫أَنـَْر َ‬
‫طت على يديو‬
‫فاساقَ ْ‬
‫َّ‬
‫لكنَّو‪...‬‬
‫كل ٍ‬
‫نبض فيو‬ ‫مْنطَِف ُئ القلب‪ُّ ،،‬‬
‫مدينةٌ عمياء‪.‬‬
‫(‪)23‬‬
‫أ﵁ُ يا أ﵁‬

‫‪269‬‬
‫قراءاث‬ ‫هقام اللغت في الشعر الصىفي قراءة في ديىان صحىة الغين لـ‪ :‬عبذ هللا العشي‬
‫وال خيفى يف ىذا ادلقطع اجلو االحتفايل الروحي‪ ،‬الذي تناجي فيو الذات رّهبا وتلهج بامسو بداية‬
‫ناية (أهلل يا أهلل)‪ ،‬فيشع نوره األخضر على القلب ادلنطفئ‪ ،‬كما ال خيفى علينا مجاليات التشبيو‬
‫كل نبض فيه مدينة عمياء" وىي عبارة على بساطتها‬ ‫ادلركب يف قول الشاعر‪" :‬منطفئ القلب‪ّ ،‬‬
‫ىم شاعر تنوء عن محلو اجلبال‪ ،‬فقلبو تلك الكتلة اللحمية كل نبض فيو‬‫تعرب عن الوجود كلّو‪ ،‬عن ّ‬
‫مدينة‪ ،‬بات حيمل مدنا وقارات فقدت بصرىا وأوكلت أمرىا للبصَتة‪ ،‬والشاىد يف ىذا ادلثال ليس‬
‫اللغة التصويرية ادلفرطة يف احلساسية‪ ،‬وإّّنا يف عنوان القصيدة ادلفارق للمعهود حيث جعل الشاعر‬
‫األجبدية حبروفها تفتح طقوسو الشعرية‪ ،‬حىت دتكنو من مبتغاه ادلتمثل يف الكشف والوصل‪ ،‬وإلدتام‬
‫عما سوى ا﵀بوب‪ ،‬واقتداء هبذا الفصل جاءت حروف‬ ‫ىذا الوصل كان البد من فصل وانفصال ّ‬
‫الشاعر مفصولة حتاكي حالو‪ ،‬وحتكي أحوالو‪.‬‬

‫إنّنا يف إطار العالمات نقسم العالمة إىل لغوية وغَت لغوية‪ ،‬والسؤال أين تصنف حروف‬
‫األجبدية ادلنبوذة يف عراء ادلستخدمة فرادى عوض اجلماعات اللغوية اليت كانت تقود الداللة‬
‫الشعرية؟ إ ّن األلف والباء والتاء‪...‬اليت كانت تقًتن بعضها ببعض خلقا للداللة أصبحت وحدىا‬
‫تنهض بالداللة الشعرية‪ ،‬وجتزأ ويستعار ذلا الصفات حتمل ادلعٌت وحتتار بو يف قصيدة "حيرة‬
‫المعنى"‪ ،‬ويفارق صوهتا خط حروفها فيهيم الشاعر حبثا عنو يف قصائد سلتلفة‪ ،‬ويعلن عن ضياع‬
‫الصدى من الكلمات يف قصيدة "رجع الصدى" اليت يقول فيها "عبد اهلل العشي"‪:‬‬

‫ىل رجعت إىل أول الكلمات‬


‫ألبدأ منها الكالم‬
‫وأعود إىل أول أسم‬
‫يذكرين وقعو بالسالم‬

‫وإىل حلم مشرق‬


‫يف جفون الظالم‬
‫أحريف كنز أيامي ادلرىقات‬
‫ومشسي اليت ال تنام‬

‫‪270‬‬
‫نسرين دهيلي‬ ‫العذد العاشر ‪7102‬‬ ‫هجلت قراءاث‬
‫تلك أحرفنا مجر أوراقنا‪ ...‬ورماد خطانا‪...‬‬
‫(‪)24‬‬
‫وفجر تفتح يف أمسو غدنا‪....‬‬

‫مدى حَتة الشاعر من خالل سؤال الصدى عن رجوعو إىل أول كلمة‬ ‫نالحظ يف ىذا الن‬
‫انطلق منها‪ ،‬مث الرحلة اليت أزمع خوض غمارىا من خالل قولو "وأعود إلى أول اسم يذكرني وقعه‬
‫بالسالم" لينبعث بعد ذلك كائنا جديدا يف قولو "تلك أحرفنا جمر أوراقنا[‪ ]..‬ورماد خطانا‬
‫وفجر تفتح من أمسه غدنا" وترس ىذه العبارة يف ذىن القارئ إديان الشاعر بطاقة احلرف ليبعثو‬
‫من رماده كما تبعث العنقاء بعد احًتاقها‪.‬‬

‫إنّنا نعرب باللغة عن ادلعاين ىذا ىو األصل لكن أن تعرب اللغة عن اللغة عن ادلعٌت وحَتتو‪،‬‬
‫والكلمة وصداىا فهذا من التجاوز الشعري ومن اخليال البعيد ادلأخذ‪ ،‬إذ بنا هبذه اللغة شاخصة‬
‫تعرب عن وجودىا ووجود شاعرىا من خالذلا‪ ،‬إ ّن ىذا التمثيل نأى بنا عن كيفية القول الشعري‬
‫مدار النقد‪ ،‬إىل كيف تقول اللغة ما يقول الشاعر‪ ُ،‬تضافر إحساساتو ورؤاه وتطلعاتو ضلو اخلالص‬
‫هما‪ ،‬فإ ّن األىم‬
‫«وإذا كان الوعي العلمي اللساين واجلمايل باللغة الشعرية على ادلستوى النظري ُم ً‬
‫منو ىو اختبارىا النصي التطبيقي»(‪ )25‬الذي جيعل منها أداة سائغةً عند ادلبدع عصيةً عند ادلتلقي‬
‫يقارهبا حبذر ويف خفر وتردد‪.‬‬

‫َّ‬
‫إن الشاعر ذو العباءة الصوفية يف عملية حبثو ادلضنية عن بصي النّور يرى يف اللغة وسيلتو‬
‫وخالصا لو من زيف األشياء‪ ،‬كيف ال وقد كان البدء وكانت اللغة‪ ،‬بل‬‫للنجاة ولتجاوز الظالم‪َ ،‬‬
‫كانا حرفان من حروف أجبديتها " ُكن" مث كانت ىي ال َق َسم وىي فاحتة التكوين الديٍت باعتباره‬
‫كل التكوينات والتكوين الصويف على وجو التحديد؛ فكانت ﴿ن‬ ‫مركزا وزلورا ثابتا تدور حولو ّ‬
‫والقلم وما يسطرون﴾(‪ ،)26‬و("أمل"‪" ،‬كهيع "‪" ،‬ألر"‪ )...‬وغَتىا من احلروف ادلقطعة اليت كانت‬
‫فواتح لسور الذكر احلكيم‪ ،‬فشاعرنا يف ىذا اخلصوص يقتبس من موروثو الديٍت دالالت شعرية‬
‫تنضح ِجدَّة‪ ،‬ومصادر داللية مل تلو هبا يد إنسان قبلو‪ ،‬وقد أشرنا سابقا أن الصحو عند الصويف ال‬
‫يكون إالّ بوارد وال ضلسب ىذا الوارد إالّ حروف األجبدية بطاقاهتا التعبَتية وبألغازىا وطالمسها‪،‬‬
‫فهي وحدىا قادرة على البناء واذلدم ونشر ادلوت واحلياة وتالفيف الكالم ومنو إىل الوجود األوسع‪،‬‬
‫ورمبا لذلك يصادف الدارس عناوين شعرية حتتفل حبروف األجبدية من قبيل‪" :‬ألف األسماء"‪" ،‬تاء‬
‫‪271‬‬
‫قراءاث‬ ‫هقام اللغت في الشعر الصىفي قراءة في ديىان صحىة الغين لـ‪ :‬عبذ هللا العشي‬
‫لذاكرة البنفسج"‪" ،‬دال بقطر الندى"‪" ،‬حكمة الباء"‪ ..‬عناوين ُمحّلت بدوال بصرية لدوال‬
‫صوتية‪.‬‬

‫إ ّن ظاىرة التقطيع الصويت أو التفكيك الكلمي إىل حروف ظاىرة ذلا أبعادىا الداللية ادلتفوقة‪،‬‬
‫جتعل للحرف قيمة خارج الكلمة بعد أن كان يُعرف من خالذلا‪ ،‬ووظيفة زلصورة حسب ما يقدمو‬
‫للداللة‪ ،27‬فحدث ىنا ما ديكن أن نسميو تبادل األدوار‪ ،‬وأصبح باإلضافة إىل كونو جزءً من بناء‬
‫ككل لبناء داللة واحدة ىي‬ ‫ِ‬
‫الصورة الشعرية‪ ،‬ينفرد بكونو توظيفا سيميائيا استُـنْفرت من خاللو اللغة ّ‬
‫داللة الن ‪.‬‬

‫ولنأخذ كمثال العنوان األول "ألف األسماء"‪ ،‬إ ّن نظرة متأنية فيو تنبئ باالنفتاح الشعري ذلذا‬
‫العنوان على دالالت سلتلفة جتعلنا نعود إىل الن مرارا وتكرارا لفك شفرتو‪ ،‬فهذه الظاىرة بشكل‬
‫مبدئي ذلا بعدان؛ األول تشكيلي والثاين داليل معنوي‪ ،‬يتمثل األول يف اعتبار حرف األلف ىو‬
‫احلرف األول من كلمة األمساء الذي جاء مضافا إىل حروف أخر –أو كلمة أخرى‪ -‬بالشكل‪:‬‬
‫(أ‪+‬مساء = أمساء) ويف ىذه احلالة تأخذ األلف طابع اإلضافة والوصل الذي تصبو إليو الذات‪ ،‬فيتم‬
‫ادلعراج باأللف ادلتوحدة إىل السماء العال‪ ،‬إىل الواحد األحد‪ ،‬مشَتة إىل الذات السفلى – ادلريد‪-‬‬
‫والذات العليا ادلطمح وادلٌت‪ ،‬فهو تشكيل ملغز يوىم باالتصال واالنفصال معا‪.‬‬

‫أما الثاين الداليل ادلعنوي فاأللف فيو رمز إىل حرف األجبدية (أ) األول يف الًتتيب‪ ،‬واألول يف‬
‫احلروف ادلقطعة يف "سورة البقرة" ثاين سورة قرآنية والوىل يف "السبع ادلثاين" ويف ىذه احلالة تصبح‬
‫األلف ليست جزء من الكلمة‪ ،‬وإّّنا ىي كلمة مكونة من ثالثة أحرف‪ ،‬ىي صورة طبق األصل‬
‫وانعكاس لصوت احلرف (أ) ذاتو‪ ،‬وديكن دائما أن نظيف البعد اجلمايل ذلذا التوظيف الذي ديثلو‬
‫رسم احلرف يف الفضاء الطباعي‪.‬‬

‫وإذا كان علم الصوتييات "‪ "phonétique‬يركز على كتابة حروف الكلمات كما تنطق –‬
‫بالزيادة أو النقصان‪ ،-‬وعلم العروض يركز على التمثيل الصويت للحروف ادلنطوقة –زيادة ونقصان‪،‬‬
‫فإ ّن الشاعر يف تأسيسو لعوادلو ابتكر طرقا جديدة للتعبَت يأخذ فيها احلرف صورة بصرية دتتح‬
‫وجودىا من لدن الصورة الصوتية‪ ،‬فاكتسب الصوت إضافة إىل خاصية السماع خاصية التشكيل‬
‫البصري‪ ،‬وأصبح داال مبدلولُت (صورة بصرية ‪ +‬صورة ذىنية) كما يف الشكل‪:‬‬
‫‪272‬‬
‫نسرين دهيلي‬ ‫العذد العاشر ‪7102‬‬ ‫هجلت قراءاث‬

‫‪-‬داللة تقطيع صوت (أ)‬

‫وىذا التمثيل (ألف) يف حقيقتو ىو كلمة مستقلة تعرب عن جزء من الكلمة‪ ،‬ومضافة إىل كلمة‬
‫كل ادلسميات اليت فاحتتها‬
‫أخرى (األمساء) ويف حالتنا الثانية ىذه تصبح األمساء لفظة مفتوحة على ّ‬
‫فكل اسم فيو "ألف" معٍت بقصيدة‬
‫حرف "ألف"‪ ،‬فاأللف فيها جتمع األمساء ادلبدوءة هبذا احلرف‪ّ ،‬‬
‫"ألف األسماء"‪ ،‬وتنقلنا "األلف" من "ألف" األمساء إىل أول األمساء –باعتبارىا احلرف األول يف‬
‫ككل‪ ،-‬فالشاعر ىنا تؤرقو البدايات أل ّن هبا تتشكل النهايات‬
‫الكلمة واألول يف حروف األجبدية ّ‬
‫كل الشعراء‪ .‬وقد شاءت األقدار الشعرية يف النصوص ادلدروسة أن تبٌت‬ ‫وال نظن ذلك إال ديدن ّ‬
‫الداللة على التوتر وسلالفة ادلعهود وأن تأيت األفعال ادلتصلة بالضمَت ادلتكلم يف ىذا الن أوذلا‬
‫"ألف" (أسند‪ ،‬أع ّد‪ ،‬أرسم‪ ،‬أحفر‪ ،)..‬لتغدو أول األمساء ىي أيضا أول األفعال وتشحن اللغة‬
‫ككل حروفا وأمساء وأفعاال بطاقة احلرف "ألف" باحثة يف حفريات أجبديتها عن أيام النقاء والصفاء‬
‫كل قوم عن أغراضهم" لتغدو ح ّدىا حروف يعرب هبا‬
‫الصبا أيام كانت "ح ّدها أصوات يعبر بها ّ‬
‫الشعراء عن دالالهتم الشعرية وديكن أن نتمثل ىذا الكالم يف الشكل اآليت‪:‬‬

‫‪273‬‬
‫قراءاث‬ ‫هقام اللغت في الشعر الصىفي قراءة في ديىان صحىة الغين لـ‪ :‬عبذ هللا العشي‬

‫"عالقة األلف باألسماء واألفعال"‬

‫إ ّن األلف يف الشكل السابق تشبو الفراشة اليت حتًتق وىي دتأل الكون مجاال وإحياءً‪.‬‬

‫وللداللة النحوية نصيب من ىذا التوظيف اإلشاري حلروف اللغة‪ ،‬فمعلوم عند العام قبل‬
‫اخلاص أ ّن احلرف يف اللغة ال زلل لو من اإلعراب وإن كان عامال يف االسم أو الفعل ويؤثر يف‬
‫اجلر مثال‪ ،‬وحروف األجبدية على اخلصوص ال داللة ذلا خارج السياق النحوي‬ ‫ادلعٌت كحروف ّ‬
‫واللغوي والشعري‪ ،‬لذلك فالفرق شاسع بُت كتابة العنوان بالشكل "أ األسماء"‪ ،‬وبُت كتابتو "ألف‬
‫األسماء"‪ ،‬إذ ديكن أن نع ّد "أ" تدليال على الرقم دتاما كما لو قلنا‪ )1(" :‬األمساء"‪ ،‬فتصبح "أ" ال‬
‫زلل ذلا من اإلعراب ورمبا من الكالم عامة‪ ،‬بينما يف حالتنا الثانية تصبح األلف خرب دلبتدأ زلذوف‬
‫كل الفضلة أو‬
‫تقديره ىذه أو ىذا وىو مضاف واألمساء مضاف إليو‪ ،‬واخلرب أقوى يف الداللة من ّ‬
‫ادلتممات يف اللغة‪ ،‬واألمر سيان لبقية عناوين الديوان إذ تفتك أمهيتها داخل اجلملة الشعرية وداخل‬
‫ككل باعتبارات سلتلفة ودالالت أكثر تنوعا‪.‬‬
‫ّ‬ ‫الن‬

‫وا﵀صلة ىنا أ ّن الشاعر وىو ينزاح عن التقليد انزاح داخل االنزياح ذاتو‪َّ ،‬فر من اللغة إليها وهبا‪،‬‬
‫وىذا ىو التحدي احلقيقي لألسلوب الشعري يف بناء العنوان «كيف ديكن للعنوان أن ينزاح بذىن‬
‫ووجدان وخيال ادلتلقي من دائرة إحالة ادلعلوم على ادلعلوم‪ ،‬إىل دائرة إحالة ادلعلوم على اجملهول‪،‬‬

‫‪274‬‬
‫نسرين دهيلي‬ ‫العذد العاشر ‪7102‬‬ ‫هجلت قراءاث‬
‫(‪)28‬‬
‫إنّنا حبق أمام اللغة داللة ومقاما‪ ،‬حتول نسيب من لغة الشعر ضلو‬ ‫وإحالة اجملهول على اجملهول»‬
‫شعر اللغة‪.‬‬

‫ىذا وإ ّن االنغماس يف فلسفة شاعر صويف كـ "عبد اهلل العشي" يؤسس على الدوام لقراءات‬
‫مغايرة للمعهود تؤخذ بتأين وإالّ حتولت الداللة إىل مغاليق يصعب الوقوف على أسرارىا‪ ،‬وإذ بادلعٌت‬
‫ضيع وي ِ‬
‫ضي ُع‪.‬‬ ‫ِ‬
‫يرتدي عباءة اخلفر والدالل فيَ ُ ُ‬

‫الهىاهش‪:‬‬

‫(‪ )1‬يحشص ثابج‪ :‬انخغًُت انشيضَت وفضاء انؼًق فٍ جذاسَت يحًىد دسوَش‪ ،‬انحُاة انثقافُت‪،‬‬
‫وصاسة انثقافت‪ ،‬حىَظ‪[ ،‬ع‪ ،]244‬أكخىبش‪ ،2013‬ص ‪.31‬‬
‫(‪" )2‬طحىة انغُى" آخش دَىاٌ نهُاقذ وانشاػش واألعخار انجايؼٍ ػبذ هللا انؼشٍ‪.‬‬
‫(‪ )3‬أيٍُ ػثًاٌ‪ :‬حشكالث األعطىسٌ أبؼادا ووظائفا يٍ خالل سواَت انًجىط نهشوائٍ انهُبٍ‬
‫إبشاهُى انكىٍَ‪ ،‬انحُاة انثقافُت‪ ،‬وصاسة انثقافت‪ ،‬حىَظ‪[ ،‬ع‪ ،]244‬أكخىبش‪ ،2013‬ص ‪.55‬‬
‫(‪ )4‬يحشص ثابج‪ :‬انخغًُت انشيضَت وفضاء انؼًق فٍ جذاسَت يحًىد دسوَش‪ ،‬ص‪32‬‬
‫(‪َُ )5‬ظش‪َ :‬ذاء انشفاػٍ‪ http://www.fonxe.net :‬حاسَخ انضَاسة ‪ /2015/10/02‬انغاػت‬
‫‪.14:48‬‬
‫(‪َُ )6‬ظش‪ :‬أحًذ انُقشبُذٌ انخانذٌ‪ :‬جايغ األطىل فٍ األونُاء يؼجى انكهًاث انظىفُت‪،‬‬
‫األَخشاس انؼشبٍ‪ ،‬بُشوث‪ ،‬نبُاٌ‪[ ،‬ط ‪ ،1997 ،]1‬ص‪.189‬‬
‫(‪َُ )7‬ظش‪ www almaany.com :‬حاسَخ انضَاسة‪ /2015/10/02 :‬انغاػت ‪.15:09‬‬
‫(‪ 2015/09/ 30 )8‬انغاػت ‪http://www.alrai.com 21:07‬‬
‫⃰ (أنف األعًاء‪ ،‬حكًت انباء‪ ،‬وحاء نزاكشة انبُفغج‪ ،‬عشّ حغُى انضحً‪ ،‬حُشة انًؼًُ)‪ :‬ػُاوٍَ‬
‫نقظائذ يٍ دَىاٌ طحىة انغُى‪.‬‬
‫(‪ )9‬يحشص ثابج‪ :‬انخغًُت انشيضَت وفضاء انؼًق فٍ جذاسَت يحًىد دسوَش‪ ،‬ص‪.36‬‬
‫(‪ )10‬أيٍُ ػثًاٌ‪ :‬حشكالث األعطىسٌ أبؼادا ووظائفا يٍ خالل سواَت انًجىط‪ ،‬ص ‪.55‬‬
‫‪ّ ‬‬
‫إٌ يؼجى انطبُؼت َكاد َكىٌ انغًت انغانبت ػهً انذَىاٌ خاطت يُها انؼُاوٍَ بحُث ًَكُُا‬
‫انقىل ّ‬
‫أٌ أنفاظ انذَىاٌ إٌ نى حكٍ طىفُت فهٍ ػهً األغهب طبُؼُت‪.‬‬
‫‪ ‬حًثم األسقاو يؼشاجا نهذالنت انشؼشَت يٍ األسضٍ إنً انغًاوٌ انزٌ َغؼً انًشَذ فٍ‬
‫انطشَقت انظىفُت انىطىل إنُه حغب انقشاءة طبؼا‪.‬‬
‫(‪ )11‬ػثًاٌ بذسٌ‪ :‬دساعاث حطبُقُت فٍ انشؼش انؼشبٍ َحى حأطُم يُهج فٍ انُقذ انخطبُقٍ‪،‬‬
‫داس ثانت‪ ،‬انجضائش‪[ ،‬د ط]‪ ،2009 ،‬ص ‪.38‬‬
‫(‪2015/09/ 30 )12‬انغاػت ‪http://www.alrai.com 21:07‬‬
‫(‪ )13‬ػثًاٌ بذسٌ‪ :‬دساعاث حطبُقُت فٍ انشؼش انؼشبٍ‪ ،‬ص‪.26‬‬
‫(‪ )14‬انًشجغ َفغه‪ :‬ص‪.17‬‬
‫(‪ )15‬انقشآٌ انكشَى‪ :‬آل ػًشاٌ‪.27/‬‬

‫‪275‬‬
‫قراءاث‬ ‫هقام اللغت في الشعر الصىفي قراءة في ديىان صحىة الغين لـ‪ :‬عبذ هللا العشي‬

‫(‪َُ )16‬ظش قظائذ‪ :‬فاححت األبجذَت‪ ،‬أنف األعًاء‪ ،‬حُشة انًؼًُ‪ ،‬سجغ انظذي فٍ دَىاٌ‬
‫طحىة انغُى ػهً انخشحُب‪.‬‬
‫(‪ )17‬ػثًاٌ بذسٌ‪ :‬دساعاث حطبُقُت فٍ انشؼش انؼشبٍ‪ ،‬ص‪.19‬‬
‫(‪ http://www.alrai.com )18‬حاسَخ انضَاسة ‪ ،2015/09/30‬انغاػت ‪21:07‬‬
‫(‪ )19‬أحًذ انُقشبُذٌ انخانذٌ‪ :‬يؼجى انكهًاث انظىفُت‪ ،‬ص‪.108‬‬
‫( ‪ )20‬انًشجغ َفغه‪ :‬ص ‪.179‬‬
‫(‪ ،2015/10/09 http://diae.net )21‬انغاػت ‪.14:22‬‬
‫(‪ )22‬أحًذ انُقشبُذٌ انخانذٌ‪ :‬يؼجى انكهًاث انظىفُت‪ ،‬ص‪.180‬‬
‫(‪ http://pulpit.alwatanvoice.com )23‬حاسَخ انضَاسة‪ ،2015/10/08 :‬انغاػت ‪.21:30‬‬
‫(‪ )24‬حاسَخ انضَاسة‪2015/09/30:‬انغاػت ‪http://www.alrai.com21:07‬‬
‫(‪ )25‬ػثًاٌ بذسٌ‪ :‬دساعاث حطبُقُت فٍ انشؼش انؼشبٍ‪ ،‬ص‪.37‬‬
‫(‪ )26‬انقشآٌ انكشَى‪ :‬انقهى‪.1 /‬‬
‫(‪َ )27‬شُش هُا إنً خظائض انحشف انخٍ حخخهف يٍ يهًىعت‪ ،‬إنً يجهىسة‪ ،‬ويٍ شفىَت إنً‬
‫حهقُت‪ ...‬وانزٌ نه حأثُش بانغ انذالنت خاطت فٍ اسحباطه بانخجشبت انشؼشَت‪.‬‬
‫(‪ )28‬ػثًاٌ بذسٌ‪ :‬دساعاث حطبُقُت فٍ انشؼش انؼشبٍ‪ ،‬ص‪.40‬‬

‫‪276‬‬

You might also like