Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 14

‫مجلتقراءاتمخبروحذةالتكىينىالبحثفينظرياتالقراءةومناهجهاجامعتبسكرة‬

‫لغة الخطاب الصوفي بين القراءة والتأويل‬


)‫(قراءة في بعض النماذج الشعرية‬

‫ معمري فواز‬/‫أ‬
‫الجزائر‬- ‫جامعة المسيلة‬

‫الملخص‬
‫يهدؼ ىذا ادلقاؿ إىل الكشف عن ما حتملو لغة اخلطاب الصويف من دالالت وعالمات‬
‫ وما‬،‫ وكذا كشف أمناط الرمز الصويف‬،‫أيقونية ديكنها ادلسامهة يف عملية التواصل بُت القارئ والنص‬
.‫ تسهم يف حتديد األسس واألبعاد اجلمالية للخطاب الصويف‬،‫يتولد عنو من قيم فنية‬
:‫وقد كانت خطوات البحث كاآليت‬
،‫ مث احلديث عن لغة اخلطاب الصويف‬،‫يف البداية ضلاوؿ تقدمي مههوـ الصوفية لغة واصطالحا‬
‫ لنخلص يف األخَت إىل اللغة اليت يستعملها ويلجأ إليها الصويف‬،‫ولغة اخلطاب األديب والهرؽ بينهما‬
.‫من أجل خدمة أشعاره‬
.‫ سياؽ‬،‫ بنية‬،‫ إشارة‬،‫ الرمز‬،‫اخلطاب‬: ‫الكلمات المفتاحية‬

Abstract
This article aims to reveal sense of the language of the mystic (sufi)
speech and its connotations and iconic signs that can contribute to the
process of communication between the reader and the text, as well as
the to reveal the mystic symbol styles, and what generated about it as
artistic values which contribute to determinate fundamentals and
aesthetic dimensions of mystic speech.
Research steps were as follows:
At first we trying to present the Sufi concept (language and
idiomatically), and then talking about the language of the mystic
speech, the language of literary speech and the difference between
them, to summarize in the final to the language used by the sufi and
that he resorted to in order to serve his texts and poems
‫قراءاث‬ ‫لغت الخطاب الصىفي بين القراءة والتأويل(قراءة في بعض النمارج الشعريت)‬

‫‪Key words: DISCOURS – ICON – SIGN – STRUCTURE - GONTEXTE‬‬

‫مقدمة‪:‬‬
‫حيتل اخلطاب الصويف مكانة يف الًتاث العريب االسالمي‪ ،‬فقد دخل مبكراً يف الًتاث‬
‫اإلسالمي‪ ،‬وذلك بسبب تأثر العرب بالًتاث اليوناين من جهة‪ ،‬والثقافة الهارسية من جهة أخرى‪،‬‬
‫فأصبحت لو سلطة معرفية قوية تعاجل ادلشاكل الهكرية واالجتماعية‪ ،‬ىذه السلطة اليت تستمد‬
‫شرعيتها من القرآف والسنة‪ ،‬ترتكز يف ذلك على لغة ختتلف عن اللغة ادلعروفة (لغة الهقهاء‪ ،‬ولغة‬
‫الهالسهة‪ ،‬وأصحاب ادلنطق)‪ ،‬ىذه اللغة اليت يتم من خالذلا حتديد أبعاد ومستويات الهكر‬
‫واخلطاب الصويف‪ ،‬وحتديد مظاىر اإلبداع اجلمالية اليت دتيزه عن غَته من اخلطابات والنصوص‬
‫االخرى‪ ،‬بصهتها ميزة ترتبط بسلوؾ الصويف‪.‬‬
‫من ىنا اختذت اللغة يف اخلطاب الصويف أبعاداً ودالالت‪ ،‬ذات طابع خاص ال يههمها إال من‬
‫سلك درب التصوؼ‪ .‬فما ادلقصود بالصوفية ؟ وماىي لغة اخلطاب الصويف؟‬
‫أ‪/‬مفهوم الصوفية ‪:‬‬

‫‪-1‬لغة‪:‬‬
‫يقوؿ ابن خلدوف يف مقدمتو "‪ :‬قاؿ القشَتي‪ :‬و اليشهد ذلذا االسم اشتقاؽ من جهة‬
‫العربية والقياس‪ .‬والظاىر أنو لقب‪ .‬ومن قاؿ‪ :‬اشتقاقو من الصهاء أو من الصهة فبعيد من جهة‬
‫القياس اللغوي وكذلك من الصوؼ ألهنم مل خيتصوا بلبسو‪ .‬قلت ‪ :‬واألظهر إف قيل باالشتقاؽ أنو‬
‫من صوؼ وىم يف الغالب سلتصوف بلبسو‪ ،‬دلا كانوا عليو من سلالهة الناس يف لبس فاخر الثياب إىل‬
‫‪1‬‬
‫لبس الصوؼ"‪.‬‬
‫‪ -2‬اصطالحا‪:‬‬
‫التصوؼ ىو التعبد والزىد يف الدنيا واإلقباؿ على العبادات واجتناب ادلنهيات ورلاىدة‬
‫النهس على ترؾ ما حرـ اهلل دلدة معينة‪ .‬وىو " نزعة من النزعات الوجدانية ورغبة روحانية من‬
‫رلموعة من ادليوالت اإلنسانية جتاه حدث أو فعل أو شيء ما‪ .‬ومن مث‪ ،‬ديكن احلديث عن معتزيل‬
‫‪2‬‬
‫صويف وأشعري صويف وفقيو صويف ونصراين صويف ومسيحي صويف ‪."....‬‬

‫‪278‬‬
‫فىزي معمري‬ ‫العذد العاشر ‪7102‬‬ ‫مجلت قراءاث‬
‫ويذىب ابن خلدوف إىل أف التصوؼ " ىو العكوؼ على العبادة واالنقطاع إىل اهلل تعاىل‬
‫واإلعراض عن زخرؼ الدنيا وزينتها والزىد فيما يقبل عليو اجلمهور من لذة وماؿ وجاه‪ ،‬واالنهراد‬
‫عن اخللق يف اخللوة للعبادة‪ .‬وكاف ذلك عاماً يف الصحابة والسلف‪ ،‬فلما فشا اإلقباؿ على الدنيا‬
‫يف القرف الثاين وما بعده‪ ،‬وجنح الناس إىل سلالطة الدنيا‪ ،‬اختص ادلقبلوف على العبادة باسم الصوفية‬
‫‪3‬‬
‫وادلتصوفة"‪.‬‬
‫يبدو أف التصوؼ ىو رلاىدة النهس على ترؾ ملذات احلياة الدنيا والسمو هبا إىل أعلى مراتب‬
‫ادلعرفة ‪ ،‬وال يتم ىذا الوصوؿ إال باالنتقاؿ من الظاىر إىل الباطن‪ ،‬فتظهر بذلك جتلياتو علي النهس‬
‫الراغبة‪ ،‬والساعية وراء الكشف والبحث عن الباطن الذي ينتقل من خاللو إىل معرفة السر الذي‬
‫انبثقت منو احلياة‪ ،‬وكذا االنتقاؿ " بالنهس البشرية إىل الكماؿ‪ ،‬وادلعرفة من خالؿ التضحية واإليثار‬
‫كمبادئ أخالقية يقوـ على هتذيب الروح اإلنسانية‪ ،‬وجيعلها تتصف بالسمو‪ ،‬فيكوف بذلك تأديباً‬
‫و هتذيباً وتذويباً فالتأديب زلل االستتار وىو للعلوـ‪ ،‬والتهذيب للخواص وىو التجلي‪ ،‬والتذويب‬
‫‪4‬‬
‫لألولياء وىو ادلشاىدة"‪.‬‬
‫ب‪ /‬لغة الخطاب الصوفي ولغة الخطاب األدبي ‪:‬‬
‫ختتلف لغة اخلطاب الصويف عن لغة اخلطاب األديب‪ ،‬ويرجع ذلك إيل ما يستعملو الصويف من‬
‫رموز وإشارات رلازية‪ ،‬جتعل لغتو خاصة وليست عامة‪ ،‬تتميز بالذاتية" تعكس إحساس صاحبها مبا‬
‫يراه ويسمعو‪ ،‬ويكابده من أحواؿ‪ ،‬إهنا تعرب عن عامل مدىش‪ ،‬تعجز عنو اللغة العادية‪ ،‬فاللغة‬
‫العادية لغة ادلعلوـ أما اللغة الصوفية‪ ،‬فهي لغة اجملهوؿ تتجاوز ادلألوؼ إىل ادلدىش‪ ،‬ذلذا يلجأ‬
‫الصويف إىل مهردات تعكس رؤيتو"‪ .5‬فكانت تلك اللغة لغة إبداعية تقوـ على خلق معاين جديدة‪،‬‬
‫يكوف فيها اإلحياء والرمز أكثر استعماالً من اللغة العادية‪ .‬فهي تتجاوز" بعدىا التعبَتي إىل السلطة‬
‫التأسيسية‪ ،‬حبيث تأخذ ادلسميات معناىا من سياقات الكلمة ووضعها اذلندسي يف القصيدة"‪.6‬‬
‫فالصويف ينطلق من ادلعٌت اللغوي إىل أبعاد ودالالت تهوؽ تلك ادلعٌت الظاىري‪ .‬لذا فاللغة عندىم‬
‫تتخذ شكل التأويل للكشف عن ما حيملو النص من رموز وشهرات باطنية‪ ،‬فيصبح " التأويل فعال‬
‫شامال يستعُت مبختلف ادلعطيات اللغوية والهكرية للكشف عن داللة النص "‪ ،7‬فالتأويل يلعب‬
‫دوراً كبَتاً يف فهم وكشف اللغة الصوفية اليت تعتمد على الرمز واإلشارة ‪ "،‬وىو ما ينطبق على‬

‫‪279‬‬
‫قراءاث‬ ‫لغت الخطاب الصىفي بين القراءة والتأويل(قراءة في بعض النمارج الشعريت)‬
‫القراءة الصوفية اليت تتجسد من خالؿ صرؼ الظاىر واعتماد الباطن لههم النصوص وفق داللتها‬
‫األصلية" ‪ ،8‬ذلذا حاوؿ ادلتصوفة خلق لغة خاصة هبم تعمل على خلق مصطلحات ومهردات‬
‫جديدة تعرب عن جتربتهم اخلاصة اجتاه ىذا العامل‪ ،‬وفق احلاالت اليت دير هبا الصويف‪ ،‬والرؤية اليت‬
‫تتكوف لديو‪ ،‬وادلقامات اليت حيل هبا‪ .‬فأصبحت ىذه اللغة خاصة ال يههمها إال من خاض التجربة‬
‫الصوفية وعاشها‪ .‬فهي تعمل على اختزاؿ ادلرئي من جهة‪ ،‬والبحث والكشف عن الالمرئي من‬
‫جهة أخرى‪ .‬وذلك كلو وفق جلية الظاىر والباطن‪.‬‬
‫‪-‬لغة الخطاب الصوفي‪:‬‬
‫‪-1‬الرمز واإلشارة‪:‬‬
‫لقد قاـ ادلتصوفة بتوظيف الرمز واإلشارة للتعبَت والتلميح يف مجيع نصوصهم وذلك من‬
‫أجل اإلخهاء والغموض‪ ،‬واالنهراد هبا‪ ،‬فأصبحت تلك الرموز خاصة بالصوفية وليست عامة ويف‬
‫ىذا يقوؿ القشَتي‪ " :‬أعلم أف لكل طائهة من العلماء ألهاظاً يستعملوهنا وقد انهردوا هبا عمن‬
‫سواىم ‪،‬كما تواطئوا عليها ألغراض ذلم فيها من تقريب الههم على ادلتخاطبُت هبا أو الوقوؼ‬
‫على معانيها بإطالقها‪ ،‬وىم يستعملوف ألهاظاً فيما بينهم‪ ،‬قصدوا هبا الكشف عن معانيهم‬
‫ألنهسهم والسًت على من باينهم يف طريقتهم لتكوف ألهاظ مشتبهة على األجانب"‪ .9‬فكانت ىذه‬
‫الرموز تتخذ طابع اإلحياء بدؿ التصريح ادلباشر للكالـ‪ ،‬ختتزف يف طياهتا معاين باطنية‪ ،‬ال يتم‬
‫الكشف عنها إال بادلكابدة واجملاىدة‪ .‬ويف ىذا ادلعٌت يقوؿ الطوسي‪ " :‬الرمز ىو معٌت باطن سلزوف‬
‫حتت كالـ ظاىر ال يظهر بو إال أىلو"‪11.‬وقد عرب عنو ابن عريب بقولو‪:‬‬
‫‪11‬‬
‫أال إف الرموز دليل صدؽ ‪ ....‬على ادلعٌت ادلغيب يف الهؤاد‪.‬‬
‫لقد جعل ابن عريب من الرموز لغة ودليالً يعرب هبا عن معاين ومقاصد كامنة يف الهؤاد‪.‬‬
‫فكانت لغة اإلشارة لديو ىي الوسيلة اليت يعرب هبا عن ما يكمن يف نهسو‪ .‬فالرمز ىو "اللغة اليت‬
‫تبدأ حُت تنتهي لغة القصيدة‪ ،‬أو ىي القصيدة اليت تتكوف يف وعيك بعد قراءة القصيدة‪ ،‬إنو الربؽ‬
‫‪12‬‬
‫الذي يتيح للوعي أف يستشف عادلا ال حدود لو"‪.‬‬
‫ويقوؿ ايضاً‪:‬‬
‫‪13‬‬
‫فاصرؼ اخلاطر عن ظاىرىا‪ ...‬وأطلب الباطن حىت تعلما‪.‬‬

‫‪280‬‬
‫فىزي معمري‬ ‫العذد العاشر ‪7102‬‬ ‫مجلت قراءاث‬
‫يبدو لنا من خالؿ ىذه الكلمات‪ ،‬واالشارات اليت يستعملها الصويف يف نصو‪ ،‬أنو يستعمل لغة‬
‫سلالهة‪ ،‬تقوـ علي الباطن ال الظاىر‪ ،‬تؤدي إىل تغيَت عملية التواصل بُت ادلرسل‪ ،‬وادلرسل إليو‪،‬‬
‫فتصبح ىذه اللغة خاصة خيتص هبا ادلتصوفة‪ ،‬وال يههمها إال من كاف متصوفاً سلك درب ومذىب‬
‫الصوفية‪ ،‬يقوؿ ابن الهارض‪:‬‬
‫غٍت التصريح للمتػعنت ‪ .....‬وعٍت بالتلويح يههم ذائػ ػػق‬
‫هبا مل يبح من مل يبِح دمو ويف ‪ ....‬اإلشارة معٌت ما العبارة حدت‪.14‬‬
‫إذف تلك اللغة يعرب هبا عن طريق الرمز" تعبَتاً غَت مباشر عن النواحي ادلستًتة اليت تعجز‬
‫اللغة عن أدائها" ‪.15‬‬
‫من ىنا كانت عملية التواصل يف اخلطاب الصويف ختتلف عن عملية التواصل يف اخلطاب‬
‫األديب ادلألوؼ‪ .‬فال يتم الكشف عن تلك الدواؿ والرموز إال حبضور القارئ‪ ،‬الذي يتسلح بأدوات‬
‫القراءة‪ ،‬اليت دتكنو من فهم وتأويل النص‪ ،‬ويكوف ذلك من خالؿ جانبُت‪:‬‬
‫‪ -1‬معرفة اجلانب السطحي (اخلارجي)‪.‬‬
‫‪ -2‬معرفة اجلانب الداخلي للنص‪.‬‬
‫لذلك كاف البد من وجود القارئ والنص‪ ،‬ألف القراءة ال تتم إال بوجودمها معاً‪" ،‬وىذا‬
‫يعٍت أف العالقة بُت القارئ والنص ال تسَت يف اجتاه واحد فقط‪ ،‬وإمنا ىي عالقة تسَت يف اجتاىُت‬
‫‪16‬‬
‫متبادلُت (من القارئ إىل النص) ومن (النص إىل القارئ)"‪.‬‬
‫فما يالحظ على الشعر الصويف أف الشاعر يوظف " اللغة توظيهاً رمزياً استعمل فيو الصورة‬
‫لكشف عوادلو‪ ،‬وىي صور يتعالق فيها الروحي وادلادي للتعبَت عن عامل غريب مدىش ورؤية متميزة‬
‫فهي لغة اجلسد ادلعنوي والتجرد احلسي‪ ،‬تربط بُت عناصر اإلنساف وعناصر الكوف‪ ،‬فال حدود بُت‬
‫األشياء وادلعاين واللغة "‪ .17‬فالقارئ للخطاب الصويف ال يقف عند حدود القراءة السطحية فقط‪،‬‬
‫بل عليو الغوص يف كنف دالالت تلك الرموز واإلشارات للكشف عن اجملهوؿ منها‪ ،‬وما حتملو من‬
‫غموض ورؤى صوفية‪.‬‬
‫يتضح لنا أف الصوفية ىي التجربة الروحانية اليت يعيشها الصويف‪ ،‬يتم من خالذلا الوصاؿ‬
‫واالنتقاؿ من عامل احلس والظاىر ادلادي ادلقًتف بالدنيا إىل عامل التجريد‪ ،‬وال يكوف ذلك إال مبعرفة‬
‫ادلهاىيم والرموز الصوفية‪ ،‬اليت تساعده يف ادلعرفة و الوصوؿ إىل اجلانب الروحاين‪.‬‬

‫‪281‬‬
‫قراءاث‬ ‫لغت الخطاب الصىفي بين القراءة والتأويل(قراءة في بعض النمارج الشعريت)‬
‫‪ -2‬الكلمة في الخطاب الصوفي بين الظاهر والباطن‪:‬‬
‫إف الكلمات يف اخلطاب الصويف تتجاوز ظاىر ادلعٌت‪ ،‬فهي حتمل يف باطنها معٌت ومدلوالً آخر‬
‫فكلمة اخلمرة مثالً يف النص االديب ليست ىي اخلمرة اليت يقصدىا الشاعر الصويف‪ ،‬وىي تعد من‬
‫الرموز األساسية‪ ،‬اليت يهتم هبا ادلتصوفة‪ ،‬فهم يرمزوف هبا إىل معاين احلب والهناء والسمو واالرتقاء‬
‫بالروح‪ ،‬مبشاىدة اجلماؿ ادلطلق ومنزلة األحواؿ والتجارب الذاتية العالية‪.‬‬
‫ولتوضيح ذلك نذكر ىذه األمثلة‪:‬‬
‫يقوؿ أبو نواس‪:‬‬
‫‪18‬‬
‫ساع بكأس إىل ناش على طرب ‪ ....‬كالمها عجب يف منظر عجب‪.‬‬
‫فاخلمرة يف ىذا البيت حتمل ادلعاين اآلتية‪:‬‬
‫السكر‬
‫اخلبث‬ ‫اخلمرة‬
‫الرجس‬
‫لكن إذا ذىبنا إىل النص الصويف‪ ،‬فهي حتمل مدلوالت ورموز أخرى‪.‬‬
‫يقوؿ ابن الهارض‪:‬‬
‫‪19‬‬
‫ذلا البدر كأس وىي مشس يديرىا ‪ ....‬ىالؿ وكم يبدو إذا مزجت صلم‪.‬‬
‫ويقوؿ زلمد عثماف عبده الربىاين‪:‬‬
‫‪21‬‬
‫من جيرع اخلمر ادلعتق سرىا ‪ ...‬حىت الثمالة ما عليو جناح‪.‬‬
‫فكلمة اخلمرة يف ىذا ادلقاـ الصويف يشار هبا إىل معاين أخرى ىي‪:‬‬

‫الصهاء‬
‫االحتاد‬ ‫اخلمرة‬
‫االمتزاج‬

‫‪282‬‬
‫فىزي معمري‬ ‫العذد العاشر ‪7102‬‬ ‫مجلت قراءاث‬
‫لقد استعمل الصويف لهظيت السكر‪ ،‬والشراب بدؿ اخلمرة (السكراخلمرة‪ ،‬الشراب)‪ ،‬وىي يف‬
‫ذلك تستعمل يف مقصد واحد ىو ىياـ القلب ‪ ،‬والوجداف والسمو بالروح إىل الطبقات العليا‪.‬‬
‫لذلك كانت لهظة اخلمرة يف نظر الصوفية خاصة هبم‪ ،‬وليست ىي السكر وذىاب العقل كما ىو‬
‫معرؼ‪ ،‬بل ىي عندىم التشوؽ‪ ،‬واحملبة إىل اهلل ‪.‬‬
‫ومن الرموز اليت يكثر استعماذلا يف الشعر الصويف كذلك كلمة الطلل‪.‬‬
‫يقوؿ ابن عريب‪:‬‬
‫كل ما أذكره من طلل‪ ....‬أو ربوع أو مغاف كلما‬
‫‪21‬‬
‫وكذا إف ىا أو قلت ما‪ ...‬وأال أف جاء فيو أو أما‪.‬‬
‫ويقوؿ أيضا‪:‬‬
‫يا طلال عند األثيل دارسا‪ ....‬ال عبث فيو خردا أو انسا‬
‫‪22‬‬
‫باألمس كاف مؤنساً وضاحكاً‪ ...‬واليوـ أضحى موحشاً وعابساً‪.‬‬
‫يبدو لنا من خالؿ ظاىر ىذه الشواىد أف ابن عريب هنج درب الشعراء القدامى يف البكاء‬
‫على االطالؿ‪ ".‬فالوقوؼ على األطالؿ الدارسة والبكاء على احلبيب ادلغادر ومناجاة الديار‪ ،‬وما‬
‫تثَته يف النهس من حزف وتهجع ومرارة‪ ،‬وتشبيو اخلدود حبمرة الورد‪ ،‬ليست سوى صورة بسيطة‬
‫متداولة كثَتاً على ألسنة الشعراء القدامى‪ ،‬ويلوح من ظاىر النص أف الشاعر يبدو مقلداً مستسلماً‬
‫لرمحة الذاكرة‪ ،‬أما باطن الصورة‪ ،‬فهو منقطع اجلذور عن ظاىره ‪ ،‬فالطلوؿ أثر منازؿ األمساء اإلذلية‬
‫بقلوب العارفُت‪ ،‬والدراسات يقصد هبا ادلتغَتة من حاؿ إىل حاؿ أخرى‪ ،‬واألحبة ىي االمساء اإلذلية‬
‫‪23‬‬
‫والديار إشارة إىل ادلقامات واحلمرة ىي مقاـ احلياء"‪.‬‬
‫إذف نقوؿ أف الطلل يف شعر ابن عريب مل يقصد بو الديار واالماكن اليت كانت يبكيها الشعراء‬
‫يف العصر اجلاىلي‪ ،‬فالطلل ىنا ىو ذكر ادلقامات‪ ،‬وادلتمثلة يف ادلنازؿ اليت يسلكها الصويف للوصوؿ‬
‫إىل الروحانية بعد رلاىدة النهس وتزكيتها‪ ،‬فتخرج الكلمة (االطالؿ) بذلك من مدلوذلا احلسي إىل‬
‫مدلوذلا ادلعنوي‪ ،‬أي من الظاىر إىل الباطن الذي ينشده الصوفية‪.‬‬
‫وما ديكن اإلشارة إليو يف ىذا ادلقاـ ىو أف الكلمات واأللهاظ الصوفية‪ ،‬النستطيع فهمها وال‬
‫استيعاهبا إال عن طريق الذوؽ والكشف وادلمارسة الروحانية‪ ،‬لذلك كاف اخلطاب الصويف خاصاً‬
‫بهئة معينة من الناس‪ ،‬تعتمد على العرفاف والقلب واحلدس‪" .‬وهبذا تصبح الكلمة إشارة ال تههم‬

‫‪283‬‬
‫قراءاث‬ ‫لغت الخطاب الصىفي بين القراءة والتأويل(قراءة في بعض النمارج الشعريت)‬

‫على ظاىرىا أو معناىا ادلباشر‪ ،‬بل جيب البحث عن ادلعٌت العميق ادلستًت خلف الدواؿ"‪ .24‬فالرمز‬
‫يف الشعر الصويف "قد ينبثق من اجملاز اللغوي نهسو حُت يضغط الشاعر على بعض األلهاظ يف‬
‫القصيدة ضغطا مركزا متجاوزا كثَتا حد اإلشارة إىل ادلعٌت العاـ القريب وادلألوؼ يف القصيدة‪،‬‬
‫حبيث يوقظ يف النهس معانيو (ادلاورائية) اليت ال بست ميالده ألوؿ مرة‪ ،‬واقًتنت بالتهكَت‬
‫األسطوري الديٍت دلخًتع اللغة القددية‪ ،‬الذي يرى يف كل شيء روحا مؤثرة فاعلة تتحرؾ‪ ،‬وترتبط‬
‫‪25‬‬
‫بقوى اخلَت‪ ،‬والشر بشكل حاسم"‪.‬‬
‫كما صلد كذلك ما يسمى بظاىرة االغًتاب واليت ىي حاؿ من أحواؿ ادلتصوفة‪ ،‬يقوؿ اجلنيد‬
‫يف الغربة‪:‬‬
‫فصرت غريبا عند كل عجيب‬ ‫تغرب أمري عند كل غريب‬
‫‪26‬‬
‫على طبقات يف اذلوى ورتوب‪.‬‬ ‫وذاؾ‪ ،‬ألف العارفُت عرفتهم‬
‫لقد استعمل " اجلنيد " لهظة الغربة يف ىذا البيت الشعري للداللة واإلشارة إىل احلق وليس‬
‫البعد عن الوطن واذلجرة‪ ،‬كما ىو معروؼ يف الشعر اجلاىلي‪.‬‬
‫‪ -3‬استعمال المجاز‪:‬‬
‫لقد استعمل الصويف يف شعره اجملاز بشكل كبَت‪ ،‬وخاصة منو االستعارة اليت هتيمن على جل‬
‫النصوص الصوفية‪ ،‬وذلك راجع لطبيعة وخاصية النص الصويف؛ " فهي دتثل الوسيلة األكثر طواعية‬
‫للتعبَت عن احلاالت اجلديدة اليت ترتكز إىل الوحدة الوجودية‪ ،‬فبها يتم التعبَت عن التداخل الوجودي‬
‫بُت مهردات الكوف (مكنية وتصرحيية) وهبا ينسجم النص‪ ،‬ويتم إدخاؿ عناصر جديدة إليو‪ ،‬وهبا‬
‫يتم التعبَت عن اخللق اجلديد الذي يقًتحو خياؿ الصويف "‪ .27‬فأغلب مهرداتو وألهاظو مستعارة من‬
‫ادلعجم اخلمري ‪ ،‬أو ادلعجم العاطهي ‪ ،‬تعرب عن مقاصد ومعاين صوفية‪ " ،‬ال تكشف عن ىويتها‬
‫مباشرة بل حتتجب خلف األستار‪ ،‬وال تبدو إال يف الصورة اجملازية اليت ختتهي وراءىا مدلوالت‬
‫متعددة‪ ،‬فاألشياء تتجرد من حالتها‪ ،‬واأللهاظ تتجرد من حلائها‪ ،‬لتكتسي دالالت جديدة‬
‫‪28‬‬
‫مشرقة"‪.‬‬

‫‪284‬‬
‫فىزي معمري‬ ‫العذد العاشر ‪7102‬‬ ‫مجلت قراءاث‬

‫إذف يعترب اجملاز وسيلة بالغية ديتلكها الصويف تعمل على خلق مقاصد‪ ،‬ومعاين جديدة ختدـ‬
‫غرض النص الصويف؛ "ذلك أنو يف ذاتو رلاؿ لصراع ادلتناقضات الداللية‪ ،‬وىكذا ال يولد اجملاز إال‬
‫‪31‬‬
‫مزيدا من األسئلة"‪.‬‬
‫‪ -4‬ذوقية المعاني‪:‬‬
‫يظهر ذلك يف زلاولتهم التخلص من اللغة العادية‪ ،‬و إصباغها بالذوؽ أي ذوقية ادلعاين‪ ،‬وإجياد‬
‫لغة خاصة هبم دتيزىم عن غَتىم‪ ،‬وتتسم بالذوؽ؛ والذوؽ ىنا ال يعٍت بو الذوؽ االديب ادلتعارؼ‬
‫عليو يف اجملاؿ النقدي‪ ،‬بل يقصد بو التجلي والعلم الصويف‪.‬‬
‫وقد اختذ الذوؽ عند الصوفية ثالثة أشكاؿ ومظاىر ىي‪:‬‬
‫‪ -1‬الذوؽ النظري‬
‫‪ -2‬الذوؽ احلسي‬
‫‪ -3‬الذوؽ ادلعنوي‬
‫من ىنا أختذ التعبَت عندىم طابع الوضوح والكشف‪ ،‬فمن خالؿ ىذه االذواؽ ( النظري ‪-‬‬
‫احلسي – ادلعنوي) يصل الصويف إىل مراتب العلم والتجلي‪ " .‬بينما تستًت يف االجتاه االخر‪ ،‬وتتحل‬
‫‪31‬‬
‫يف نسيج العمل وتتخذ طابع الغموض النسيب الذي ال يهًتض العالقة مع ادلتلقى"‪.‬‬
‫‪ -5‬توظيف المصطلحات اللغوية ألغراض صوفية‪:‬‬
‫لقد وظف الصويف الكثَت من ادلصطلحات اللغوية خلدمة أغراضو‪ ،‬وجتربتو اخلاصة‪ .‬فادلتأمل مثالَ‬
‫يف لهظيت‪ -‬الروح و النهس‪ -‬يف ادلعٌت اللغوي جيد أهنما مبعٌت واحد بينما يف اخلطاب الصويف ذلما‬
‫معٌت مغاير؛ فالصويف يسعى إىل التخلص من النهس‪ ،‬ومن قيودىافيكوف السبيل يف ذلك " بقتل‬
‫النهس وقمع لذاهتا وشهواهتا؛ أي القضاء على مقتضيات النهس البدنية؛ألف يف ىذا القتل حياة‬
‫‪32‬‬
‫الروح وخالصها‪ .‬فادلوت عندىم‪ ،‬ىو ادلوت الذي يكوف بالتوبة عن االستجابة ألىوائها"‪.‬‬
‫ومن االستعماالت اللغوية اليت استعملها ادلتصوفة قصد التلميح والًتميز قوؿ الشاعر‪:‬‬
‫أنا من قبل قبل وجودى ‪ ....‬كنت غوثا يف نطهة اآلباء‬
‫‪33‬‬
‫أنا حبر بال قرار وبر ‪ ....‬شرب العارفوف من بعض مائى‪.‬‬

‫‪285‬‬
‫قراءاث‬ ‫لغت الخطاب الصىفي بين القراءة والتأويل(قراءة في بعض النمارج الشعريت)‬

‫إف ما يالحظ ىذه االبيات أف الشاعر استعمل (أنا)‪ ،‬ضمَت ادلتكلم " لينطلق اخلطاب منو‬
‫ويرتكز عليو ‪ ،‬وىو يتكرر مرتُت يف ىذه األبيات‪ ،‬ويتم تقدديو يف كل مرة مبنظور ما‪ ،‬يكشف عن‬
‫‪34‬‬
‫بعض خصائصو"‪.‬‬
‫لكن إذا تتبعنا زلاور انكشاؼ الذات " فسنجد أف احملور األوؿ يكشف عن الوجود الالمكاين‬
‫ذلا من حيث العلم هبا قبل تشخيصها وتعينها‪ ،‬ويشَت تكرار كلمة (قبل) إىل كوف حقيقتها سابقة‬
‫وأزلية‪ ،‬وتتجلى يف احملور الثاين مجعية الذات ادلتكثرة‪ ،‬وادلتوحدة يف كثرهتا‪ ،‬ذلك أف الكوف ينطوي‬
‫‪35‬‬
‫فيها ويرتد إليها بكل مالو من أقساـ وتهريعات"‪.‬‬
‫كما صلدىم قاموا بتوظيف عناصر الطبيعة خلدمة أغراضهم الصوفية‪ .‬يقوؿ ابن عريب‪:‬‬
‫رعى اهلل طَتاً على بانة ‪ ...‬قد أفصح يل عن صحيح اخلرب‬
‫بأف األحبة شدوا على ‪ ....‬رواحلهم مث راحوا سحر‬
‫فسرت ويف القلب من أجلهم ‪ ...‬جحيم لبينهم تستعر‬
‫أسابقهم يف ظالؿ الدجى ‪ ...‬أنادي هبم مث أقهو األثر‬
‫‪36‬‬
‫وما يل دليل على إثرىم ‪ ...‬سوى نهس من ىواىم عطر‪.‬‬
‫وظف ابن عريب عناصر الطبيعة " ليصوغ صوراً نهسية ذات صلة عميقة هباجسو الصويف‬
‫الباطٍت‪ ،‬ومن خالؿ تلك الصور وظالذلا يؤسس الشاعر فلسهتو للعامل اليت يبث من خالذلا فهماً‬
‫‪37‬‬
‫متسامياً ينطوي على أبعاد ثرة ومههومات صوفية تقوـ على الرمز واإلحياء"‪.‬‬
‫فتلك الرموز واإلشارات ماىي إال " رموز واصطالحات خاصة‪ ،‬وىي على كل حاؿ رموز‬
‫متجذرة يف الًتاث الصويف‪ ،‬حبكم تداوذلا فيما بينهم‪ ،‬وحبكم نقل جتارهبم‪ .‬ومع ذلك فإهنا ما تزاؿ‬
‫تدور يف كالمهم وأشعارىم‪ ،‬وإف كاف استخدامها قد بلغ من قبل حالة النضج واالكتماؿ‪ .‬فهي‬
‫تشكل معلماً ىاماً ولبنة مركزية يف التعبَت الصويف‪ ،‬ذلك أف اخلربة الصوفية يصعب منحها شكال من‬
‫التوسل باللغة االعتيادية‪ ،‬ذلذا السبب نراىم يلجؤوف إىل إقامة أبنية رمزية‪ ،‬يشَتوف من خالذلا إىل‬
‫‪38‬‬
‫ما ينالونو من العلوـ"‪.‬‬

‫‪286‬‬
‫فىزي معمري‬ ‫العذد العاشر ‪7102‬‬ ‫مجلت قراءاث‬

‫إذف الصويف يقوـ بتحويل األلهاظ واجلمل إىل أدوات يعرب هبا عن التجربة الروحية‪ ،‬وىو على‬
‫ىذا األساس يتميز مبرجعيات متنوعة‪ ،‬ال ختضع للجانب اللغوي فحسب‪ ،‬بل إىل رلموعة من‬
‫العوامل الظاىرية والباطنية‪ ،‬فيعطي للحياة رمزاً‪ ،‬ومن اإلشارات أساليب توافق أغراضو وتالئم طبائعو‬
‫العر فانية‪ ،‬فتثَت يف النهس االحساس والشعور بالوجداف والروحانية‪ ،‬شلا يعطي الذوؽ اإلبداعي‬
‫واجلمايل‪ .‬لذلك كانت لغة اخلطاب الصويف تعكس لنا بصور رمزية إشارية ما حيملو الصويف ويرمي‬
‫إليو من معاين باطنية‪ ،‬تسمو بو ضلو العلى ومكارـ األخالؽ متجاوزاً الظاىر الكوين للولوج يف عامل‬
‫الباطن‪.‬‬
‫وىذا كلو من أجل حتقيق‪ ،‬وجتسيد مبدأ اخلالص " الذي ىو عودة إىل األصل‪ ،‬سبيلها االنعتاؽ‬
‫من ظلمات ادلادة واالنتهاء من الوجود ضمن شروط ىذا العامل ومنطقو‪ ،‬ليعود الصويف إىل احلاؿ‬
‫ادلثاؿ"‪ .39‬فكاف البد علي ادلتلقي (القارئ) التسلح بالقراءة التأويلية " اليت تقوـ على صرؼ الظاىر‬
‫إىل الباطن واعتماد مبادئ احلدس‪ ،‬والرؤية التأملية يف فهم النصوص الصوفية‪ ،‬والكشف عن‬
‫دالالهتا ادلختزنة‪ ،‬وىنا يصبح للقارئ وجود إجيايب وفعاؿ‪ ،‬حيث إنو مل يعد رلرد أداة استقباؿ سلبية‬
‫‪41‬‬
‫للمعاين واألفكار اليت أرادىا ادلؤلف بل ىو مبدع للمعاين واألفكار"‪.‬‬
‫وما ديكن قولو يف ىذا الباب أف لغة اخلطاب الصويف جتربة صوفية تنطلق من الداخل إىل اخلارج‬
‫تعكس رؤية الصويف ومعتقداتو " وىذا يعٍت إمكانية تعدد القراءة يف ىذه اللغة إهنا آفاؽ مهتوح‬
‫على ادلطلق والالهناية ومعراج يسمو بنا إىل الرؤى والكشوؼ العلوية‪ ،‬ولذلك كاف التصوؼ فتحا‬
‫جديدا يف شللكة اللغة إنو السكر واحلب والعروج يف مساء الهكر اإلشراقي لتحقيق التواصل ادلهقود‬
‫‪41‬‬
‫مع العامل واإلنساف"‪.‬‬
‫وخالصة القوؿ صلد أف الصويف وظف الرمز واإلشارة من أجل خدمة نصوصو وأشعاره‪ ،‬فكانت‬
‫تلك الرموز واإلشارات الوسيلة واللغة اليت يلجأ إليها الصويف يف التعبَت عن ما خيتلج يف نهسو‬
‫وإحساسو بأسلوب ذايت بعيد عن الواقع أي ضمن عادلو اخلاص بو‪ ،‬واالنتقاؿ بالنص الصويف من‬
‫اللغة العادية إيل اللغة الغامضة واجملازية‪ ،‬لتصبح بذلك لغة خاصة برؤيتو وجتربتو الروحانية‪ ،‬فأكسب‬

‫‪287‬‬
‫قراءاث‬ ‫لغت الخطاب الصىفي بين القراءة والتأويل(قراءة في بعض النمارج الشعريت)‬
‫بذلك اخلطاب الصويف قيماً مجالية وفنية عديدة استطاع الشاعر هبا أف يرسم لوحة رمزية رلازية‬
‫تكشف لنا عن ىوية اخلطاب الصويف‪ ،‬وما حيملو من إشارات وشهرات‪ ،‬فأصبحت لغتهم تزخر‬
‫بادلعاين والدالالت الكامنة غَت ادلكشوفة‪ ،‬حتتاج إىل عملية القراءة والتأويل‪ ،‬باعتبارمها عنصرين‬
‫أساسُت يف الههم والتأويل‪ ،‬ىذه العملية اليت ال تتم إال بوجود القارئ (ادلتلقي) والنص‪.‬‬

‫الهوامش واإلحاالت‪:‬‬
‫‪ -1‬عثذ انردًٍ تٍ يذًذ تٍ خهذٌٔ‪ :‬يمذيح اتٍ خهذٌٔ‪ ،‬دار انٓذٖ نهطثاعح ٔانُشر‬
‫ٔانتٕز‪ٚ‬ع‪ ،‬انجسائر‪ 2009 ،‬دط‪ ،‬ص‪.490‬‬
‫‪ -2‬أدًذ أي‪ :ٍٛ‬ظٓر اإلضالو‪ ،‬انًجهذ ‪ ،2‬دار انكتاب انعرت‪ ،ٙ‬ت‪ٛ‬رٔخ‪ ،‬نثُاٌ‪ ،‬ط‪،5‬‬
‫ص‪.149‬‬
‫‪ -3‬عثذ انردًٍ تٍ يذًذ تٍ خهذٌٔ‪ :‬انًرجع َفطّ‪ ،‬ص‪.490‬‬
‫‪ -4‬يذًذ تٍ تر‪ٚ‬كح‪ :‬انتصٕف االضالي‪ ٙ‬يٍ انريس إنٗ انعرفاٌ‪ ،‬دار انًتٌٕ نهُشر‬
‫ٔانطثاعح ٔانتٕز‪ٚ‬ع‪ ،‬ط‪ ،2006 ،1‬ص‪.52‬‬
‫‪ -5‬فاتخ عالق‪ :‬ف‪ ٙ‬تذه‪ٛ‬م انخطاب انشعر٘‪ ،‬دار انتُٕ‪ٚ‬ر‪ ،‬نهُشر ٔانتٕز‪ٚ‬ع‪ ،‬انجسائر‪ ،‬ط‪،2‬‬
‫‪ ،2008‬ص‪45‬‬
‫‪-6‬يصطفٗ دد‪ٛ‬ح‪ :‬اصطالح انْٕى‪ ،‬يُشٕراخ انجًع‪ٛ‬ح انٕطُ‪ٛ‬ح نهًثذع‪ ،1993 ،ٍٛ‬ص‪9‬‬
‫‪-7‬عثذ انذً‪ٛ‬ذ‪ًْٛ ،‬ح‪ :‬انخطاب انصٕف‪ٔ ٙ‬آن‪ٛ‬اخ انتذٕ‪ٚ‬م لراءج ف‪ ٙ‬انشعر انًغرت‪ٙ‬‬
‫انًعاصر‪ ،‬انجسائر‪،2008 ،‬ص ‪.156‬‬
‫‪ -8‬عثذ انذً‪ٛ‬ذ‪ًْٛ ،‬ح‪ :‬انخطاب انصٕف‪ٔ ٙ‬آن‪ٛ‬اخ انتذٕ‪ٚ‬م لراءج ف‪ ٙ‬انشعر انًغرت‪ٙ‬‬
‫انًعاصر‪ ،‬انًرجع َفطّ‪ ،‬ص ‪.156‬‬
‫‪ -9‬عثذ انكر‪ٚ‬ى انمش‪ٛ‬ر٘‪ :‬انرضانح انمش‪ٛ‬ر‪ٚ‬ح ف‪ ٙ‬عهى انتصٕف‪ ،‬ص‪.53‬‬
‫‪ -10‬يٕضٕعح يصطهذاخ انتصٕف اإلضالي‪ ،ٙ‬رف‪ٛ‬ك انعجى يكتثح نثُاٌ‪َ ،‬اشرٌٔ‪ ،‬ط‪،1‬‬
‫‪ ،1999‬ص‪.411‬‬
‫‪ -11‬اتٍ عرت‪ :ٙ‬انفتٕداخ انًك‪ٛ‬ح‪ ،‬تخ‪ ،‬انذكتٕر عثًاٌ ‪ٚ‬ذ‪ ،ٙ‬يصر‪ ،1974،‬ج‪ ،3‬ص‪.196‬‬
‫‪ -12‬أدَٔ‪ٛ‬ص‪ :‬زيٍ انشعر‪ ،‬دار انعٕدج‪ ،‬ت‪ٛ‬رٔخ‪ ،1972 ،‬ص‪.160‬‬
‫‪ -13‬اتٍ عرت‪ :ٙ‬ترجًاٌ األشٕاق‪ ،‬دار ت‪ٛ‬رٔخ‪ ،‬نهطثاعح ٔانُشر‪ ،‬ت‪ٛ‬رٔخ‪ ،1987،‬ص‪.11‬‬
‫‪-14‬عًر تٍ انفارض‪ ،‬انذ‪ٕٚ‬اٌ‪ ( ،‬شردّ ٔلذو نّ يٓذ٘ يذًذ َاصر انذ‪ ،)ٍٚ‬ت‪ٛ‬رٔخ ‪ :‬دار‬
‫انكتة انعهً‪ٛ‬ح– ط ‪ -2‬ص ‪.2002 ،55‬‬
‫‪ -15‬عثذ انذً‪ٛ‬ذ‪ًْٛ ،‬ح‪ :‬انًرجع َفطّ‪ ،‬ص‪.193 ،‬‬
‫‪ -16‬عثذ انذً‪ٛ‬ذ‪ًْٛ ،‬ح‪ :‬انًرجع َفطّ‪ ،‬ص‪.157 ،‬‬
‫‪ -17‬فاتخ عالق‪ :‬ف‪ ٙ‬تذه‪ٛ‬م انخطاب انشعر٘‪ ،‬انًرجع َفطّ‪ ،‬ص ‪.58‬‬
‫‪ -18‬أتٕ َٕاش‪ :‬انذٔاٌ‪( ،‬دممّ ٔشردّ‪ٔ ،‬فٓرضّ‪ ،‬ضه‪ٛ‬ى خه‪ٛ‬م لٕٓاْج‪ ،)ٙ‬دار انجثم‪،‬‬
‫ت‪ٛ‬رٔخ‪ ،‬دط‪ ،2003 ،‬ص‪.104‬‬
‫‪ -19‬اتٍ انفارض عًر تٍ انذط‪ :ٍٛ‬انذ‪ٕٚ‬اٌ‪ ،‬شرح ٔتمذ‪ٚ‬ى يٓذ يذًذ َاصر انذ‪ ،ٍٚ‬دار‬
‫انكتة انعهً‪ٛ‬ح‪ ،‬ت‪ٛ‬رٔخ‪ ،2002 ،‬ج‪ ،2‬ص‪.172‬‬

‫‪288‬‬
‫فىزي معمري‬ ‫العذد العاشر ‪7102‬‬ ‫مجلت قراءاث‬
‫‪-20‬دٔاٌ شرب انٕصم‪ ،‬انشارن‪ٛ‬ح‪ ،‬دط‪ ،‬ص‪.29‬‬
‫‪ -21‬اتٍ عرت‪ :ٙ‬ترجًاٌ األشٕاق‪ ،‬انًرجع َفطّ‪.10 ،‬‬
‫‪ -22‬اتٍ عرت‪ :ٙ‬ترجًاٌ األشٕاق‪ ،‬انًرجع َفطّ‪.75،76 ،‬‬
‫‪ -23‬لذٔر ردًاَ‪ :ٙ‬اتٍ عرت‪ٔ ٙ‬د‪ٕٚ‬اَّ ترجًاٌ األشٕاق‪ ،‬انُاشر انًتصذر نهترل‪ٛ‬ح‬
‫ٔانعهً‪ٛ‬ح ٔاإلعالي‪ٛ‬ح‪ٔ ،‬زارج انثمافح‪ ،‬انجسائر‪ ،2014،‬ص‪228 ،‬‬
‫‪ -24‬عثذ انذً‪ٛ‬ذ‪ًْٛ ،‬ح‪ :‬انًرجع َفطّ‪ ،‬ص‪152 ،‬‬
‫‪ -25‬عثًاٌ دشالف‪ ،‬انريس ٔانذالنح ف‪ ٙ‬شعر انًغرب انعرت‪ ٙ‬انًعاصر‪ ،‬يُشٕراخ‬
‫انتث‪ ،ٍٛٛ‬انجادظ‪ٛ‬ح‪ ،‬انجسائر‪،2000 ،‬ص‪.13‬‬
‫‪ -26‬إتراْ‪ٛ‬ى يذًذ يُصٕر‪ ،‬انشعر ٔانتصٕف ( األثر انصٕف‪ ٙ‬ف‪ ٙ‬انشعر انعرت‪ٙ‬‬
‫انًعاصر)‪ ،‬دار األي‪ ٍٛ‬نهُشر ٔانتٕز‪ٚ‬ع‪ ،‬انماْرج‪ ،‬ط‪ ،1999 ،1‬ص‪.310،‬‬
‫‪ -27‬ف‪ٛ‬صم أصالٌ خطاب انتصٕف ( أطرٔدح دكتٕراِ انذٔنح يخطٕط)‪ ،‬كه‪ٛ‬ح ا‪ٜ‬داب‬
‫ٔانعهٕو اإلَطاَ‪ٛ‬ح انرتاط‪ ،‬ج‪ ،1997 ،2‬ص‪481 ،‬‬
‫‪ -28‬عثذ انذً‪ٛ‬ذ‪ًْٛ ،‬ح‪ :‬انًرجع َفطّ‪ ،‬ص‪167 ،‬‬
‫‪ -29‬عثذ انذً‪ٛ‬ذ‪ًْٛ ،‬ح‪ :‬انًرجع َفطّ‪ ،‬ص‪167 ،‬‬
‫‪ -30‬أدَٔ‪ٛ‬ص‪ ،‬انصٕف‪ٛ‬ح ٔانطٕر‪ٚ‬ان‪ٛ‬ح‪ ،‬دار انطال‪ ،ٙ‬ت‪ٛ‬رٔخ‪ ،‬ط‪ ،1995 ،2‬ص‪144 ،‬‬
‫‪ -31‬انشعر انصٕف‪ :ٙ‬يفٕٓو االَفصال ٔانتٕدذ‪ ،‬انُاشر‪ ،‬يصر انعرت‪ٛ‬ح نهُشر ٔانتٕز‪ٚ‬ع‪،‬‬
‫انماْرج‪ ،‬ط‪ ،1‬ص‪72 ،‬‬
‫‪ -32‬انشعر انصٕف‪ :ٙ‬يفٕٓو االَفصال ٔانتٕدذ‪ ،‬انًرجع َفطّ‪ ،‬ص‪98 ،‬‬
‫‪ -33‬انجْٕر انطُ‪ٛ‬ح ٔانكراياخ االدًذ‪ٚ‬ح " يخطٕط" ٔرلح ‪َ :58‬مالً عٍ ضهطح دراضاخ‬
‫أدت‪ٛ‬ح‪ :‬انشعر انصٕف‪ ،ٙ‬يفٕٓو االَفصال ٔانتٕدذ‪ ،‬ص‪115 ،‬‬
‫‪ -34‬انشعر انصٕف‪ :ٙ‬يفٕٓو االَفصال ٔانتٕدذ‪ ،‬انًرجع َفطّ‪ ،‬ص‪116 ،‬‬
‫‪ -35‬انشعر انصٕف‪ :ٙ‬يفٕٓو االَفصال ٔانتٕدذ‪ ،‬انًرجع َفطّ‪ ،‬ص‪116،‬‬
‫‪-36‬اتٍ عرت‪ :ٙ‬ترجًاٌ األشٕاق‪ ،‬ص‪156،157‬‬
‫‪ -37‬لذٔر ردًاَ‪ :ٙ‬اتٍ عرت‪ٔ ٙ‬د‪ٕٚ‬اَّ ترجًاٌ األشٕاق‪ ،‬ص‪261 ،‬‬
‫‪-38‬انشعر انصٕف‪ :ٙ‬يفٕٓو االَفصال ٔانتٕدذ‪ ،‬انًرجع َفطّ‪ ،‬ص‪117 ،‬‬
‫‪-39‬انشعر انصٕف‪ :ٙ‬يفٕٓو االَفصال ٔانتٕدذ‪ ،‬انًرجع َفطّ‪ ،‬ص‪109 ،‬‬
‫‪ -40‬عثذ انذً‪ٛ‬ذ‪ًْٛ ،‬ح‪ :‬انًرجع َفطّ‪ ،‬ص‪200 ،‬‬
‫‪ -41‬عثذ انذً‪ٛ‬ذ‪ًْٛ ،‬ح‪ :‬انًرجع َفطّ‪ ،‬ص‪382 ،‬‬

‫‪289‬‬
‫قراءاث‬ ‫لغت الخطاب الصىفي بين القراءة والتأويل(قراءة في بعض النمارج الشعريت)‬

‫‪290‬‬

You might also like