Download as doc, pdf, or txt
Download as doc, pdf, or txt
You are on page 1of 13

‫د‪ .

‬أسامة محمد عثمان خليل‬ ‫التنمية المستدامة في السودان في ظل األزمة العالمية‬


‫التنمية المستدامة في السودان في ظل األزمة العالمية‬
‫(نموذج للتأصيل وتحقيق سنة التدافع)‬
‫الدكتور أسامة محمد عثمان خليل‬
‫جامعة النيلين ‪ -‬السودان‬
‫مقدمـة‪:‬‬
‫تعكس الورقة تجربة السودان في تحقيق التنمية والنمو االقتصادي في ظل األزمة‬
‫المالية العالمية في فترة حكومة ثورة اإلنقاذ‪ ،‬ليس باعتبارها إرثاً جغرافياً أو تاريخياً أو‬
‫إقراراً لحال‪ ،‬إنما كنموذج ومثال لدولة اجتهدت وحاولت تطبيق أحكام الشرع وتقوى بها في‬
‫آمُنوْا َواتَّقَوْا لَفَتَ ْحَنا‬
‫َه َل اْلقَُرى َ‬ ‫{ولَ ْو أ َّ‬
‫َن أ ْ‬ ‫جوانب الحياة المختلفة ومنها االقتصاد‪ ،‬قال تعالى َ‬
‫ض}(‪ ،)1‬بل تجرأت بوضع سياقات جديدة للتفكير بمرجعية‬ ‫ات ِّمن الس ِ‬
‫اء واأل َْر ِ‬ ‫علَْي ِهم بر َك ٍ‬
‫َّم َ‬‫َ َ‬ ‫ََ‬ ‫َ‬
‫إسالمية وبمدافعات إيمانية لثوابت العولمة التي تُسير الدول اآلن والتي تقضي التدخل‬
‫والتأثير في كل مفاصل الدول بل تقرر أن سيادة الدول ليست استقالالً كامالً إنما استقالل‬
‫ضيق ال ينفك من قيود هذه العولمة وتأثيرات أزماتها المختلفة وفي سنامها األزمة المالية‪.‬‬
‫تهدف الورقة إلى‪:‬‬
‫‪ -1‬تأصيل النظرة للتنمية بأن اإلسالم قادر على صياغة اإلنسان صياغة جديدة تفسر‬
‫سلوكه ونظمه الحاكمة في االقتصاد وغيرها إلى األحسن باتخاذ السودان كمثال‬
‫حدث فيه انقالب في التنمية دون إغفال للمعارف والخبرة العالمية وتوظيفها في‬
‫جميع مناشط الحياة‪.‬‬
‫‪ -2‬استثارة الوعي وتوجيه االهتمام لدى الشعوب العربية واإلسالمية لتنمية قائمة‬
‫على العناية بإرثها العقدي اإلسالمي وثقافاتها في إطار ما ينفع هذه الشعوب أمناً‬
‫للنفوس والغذاء وتحقيقاً لتنمية مستدامة‪.‬‬
‫أسئلة البحث‪:‬‬
‫‪ -1‬هل استفادت الدولة من استغالل موارد السودان الزراعية الغنية والمتنوعة‬
‫وغيرها من الموارد وأحسنت االستغالل‪ ،‬وال سيما بعد اكتشاف البترول محققة‬
‫التنمية والنمو االقتصادي؟‬

‫‪- 1‬سورة األعراف‪ ،‬اآلية‪.96‬‬


‫د‪ .‬أسامة محمد عثمان خليل‬ ‫التنمية المستدامة في السودان في ظل األزمة العالمية‬
‫‪ -2‬هل نجد في التجربة السودانية ما ُيم ّكن دولنا العربية واإلسالمية أخذ بعض‬
‫الحلول في كيفية التعامل مع مستجدات العصر وتحدياته بكفاءة ومثالية لتحقيق‬
‫التنمية المنشودة ويجد فيها العالم حالً نهائياً لألزمة المالية‪.‬‬
‫مدى قدرة تنسيق السياسات االقتصادية في دولنا العربية واإلسالمية للتكامل‬ ‫‪-3‬‬
‫اإلنتاجي في تحقيق األمن الغذائي‪.‬‬
‫محاور الورقة‪:‬‬
‫على ضوء أهداف وأسئلة البحث قسمت الورقة إلى مقدمة وخمسة محاور على‬
‫النحو التالي‪:‬‬
‫‪ -1‬السودان ومقومات التنمية‪.‬‬
‫‪ -2‬النمو في االقتصاد السوداني (بدخول النفط)‪.‬‬
‫‪ -3‬أدبيات ومرجعيات خطة حكومة السودان في تحقيق التنمية‪.‬‬
‫‪ -4‬شهادات وتقارير إقليمية ودولية حول النمو االقتصادي في السودان‪.‬‬
‫‪ -5‬الخاتمة والنتائج‪.‬‬

‫(‪ )1‬السودان ومقومات التنمية‪.‬‬


‫يقع السودان بين خطي طول ‪ 28.30-22‬شرقاً وبين خطي العرض ‪23- 3.30‬‬
‫شماالً‪ .‬ممتداً من حاليب شماالً إلى نمولي جنوباً ومن قرية أبشي غرباً إلى طوكر شرقاً‪،‬‬
‫ومجمل مساحته ‪ 2.505.813‬كلم‪ . 2‬يعد السودان فيما عدا شرق تالل البحر األحمر‬
‫وأطراف غرب السودان جزءاً من حوض النيل‪ ،‬والنيل هو المورد األساسي بالنسبة‬
‫د‪ .‬أسامة محمد عثمان خليل‬ ‫التنمية المستدامة في السودان في ظل األزمة العالمية‬
‫لمشروعات الري بجانب مياه األمطار التي تتباين كميتها السنوية وكذلك المياه الجوفية‪ ،‬أما‬
‫التربة فهي مسطحة شاسعة إذ لها وضع خاص لتوافر أنواع مختلفة منها‪ ،‬يضم السودان ما‬
‫يعادل ‪ %57.8‬من مراعي طبيعية بمساحة ‪ 144.8‬مليون هكتار(‪ ،)2‬وبإشعاع شمس طوال‬
‫السنة كعنصر مهم للحياة والغذاء‪.‬‬
‫يتضح مدى تمايز مالمح التنمية في السودان بتباين التضاريس والتربة والمناخ‬
‫والموارد المائية والبنيات النباتية إذ توجد ثالثة نظم رئيسة للزراعة (زراعة مروية) تضم‬
‫المشروعات اإلستراتيجية القومية على رأسها مشروع الجزيرة وامتداداته‪ ،‬مشاريع القاش‪،‬‬
‫مشاريع النيل األبيض‪ ،‬ومشاريع شمال السودان كأكبر مساحة مروية في أفريقيا‪ ،‬و(الزراعة‬
‫المطرية اآللية) وهي في السهول الطينية الوسطى في السودان في القضارف‪ ،‬والجزيرة‬
‫والنيل األزرق حيث تمثل الذرة الرفيعة ‪ ،%85‬ويليها السمسم وزهرة الشمس ‪ %65‬من‬
‫إنتاج السودان‪ ،‬و(الزراعة المطرية التقليدية) بمساحة قدرها ‪ 9‬مليار هكتار في غرب‬
‫وجنوب السودان وبعض مناطق وسط السودان تمثل ‪ %90‬من إنتاج الدخن و‪ %48‬من‬
‫الفول السوداني و‪ %28‬سمسم و ‪ %100‬من الصمغ العربي‪.‬‬
‫يحظى السودان بتنوع الثروة الحيوانية وهي ذات مواصفات ممتازة للسوق المحلي‬
‫والخارجي وتشكل مرتكزاً مهماً لألمن الغذائي وقاعدة اقتصادية وتنموية متينة للسودان‬
‫والوطن العربي إذ تشير اإلحصائيات لضخامة هذه الثروة والتي تقدر بحوالي ‪ 39‬مليون‬
‫رأس من األبقار و‪ 48‬مليون رأس من األغنام (الضأن) و‪ 42‬مليون رأس من الماعز‪ ،‬و‪3‬‬
‫مليون من اإلبل‪.‬‬

‫(‪ )2‬النمو في االقتصاد السوداني (بدخول النفط)‬


‫هنالك تحوالت جرت على أرض الواقع في السودان سداها انجازات تنموية مادية‬
‫وبشرية تمددت في مختلف واليات السودان‪ ،‬إذ تشير معدالت النمو خالل النصف األول عبر‬
‫موازنة العام الحالي ‪2009‬م إلى ‪ %6‬بينما سجلت معدالت التضخم انخفاضاً وصلت نسبته‬
‫‪ %1.10‬مقارنة ب ‪ %4.10‬للعام الماضي ‪2008‬م‪ ،‬من ذات الفترة‪ ،‬وبلغت اإليرادات‬
‫العامة الذاتية ‪ %6.81‬من الربط النسبي وارتفعت نسبة مساهمة اإليرادات غير البترولية من‬

‫‪ - 2‬أضواء على االقتصاد السوداني‪ ،‬المركز القومي للمناهج‪ ،‬البحث التربوي‪ ،‬بخت الرضا‪ ،‬السودان‪ ،‬بدون‬
‫تاريخ‪ ،‬ص‪ 4‬ومابعدها‪.‬‬
‫د‪ .‬أسامة محمد عثمان خليل‬ ‫التنمية المستدامة في السودان في ظل األزمة العالمية‬
‫(‪)3‬‬
‫‪ %52‬إلى ‪ %60.2‬وانخفاض نسبة اإليرادات البترولية إلى ‪ ،%36‬بجانب انجاز ‪%50‬‬
‫من المشروعات التنموية الضخمة منها سد مروي بدون فرض أي ضرائب جديدة خالل‬
‫الفترة المنصرمة على المواطن مع استقرار وسالمة النظام المصرفي‪ ،‬األمر الذي أثر في‬
‫أداء الموازنة العامة للدولة فيما انعكس على أداء النصف األول للموازنة خالل العام‬
‫الجاري‪ ،‬وبالطبع ال يكتمل الحديث عن النمو االقتصادي في السودان إال بالحديث عن النفط‬
‫(البترول)‪.‬‬
‫‪ 2/1‬النفط في السودان‪:‬‬
‫بدأ النفط يشكل وجوداً متزايداً في النشاط االقتصادي السوداني منذ ‪ 1999‬وهو‬
‫بداية اإلنتاج وعام التصدير‪ ،‬مما أدى إلى تغيير هيكل االقتصاد في السودان بشكل كامل على‬
‫مستوى اإلنتاج الداخلي وأيضاً على مستوى التجارة الخارجية‪.‬‬
‫غطى اإلنتاج البترولي احتياجات البالد من االستهالك الداخلي(‪ ،)4‬منذ عام‬
‫‪1999‬م ثم بدأت عملية التصدير للخارج وتنامى اإلنتاج من ‪ 20.7‬مليون برميل في عام‬
‫‪1999‬م إلى ‪ 90.6‬مليون برميل عام ‪ 2002‬وقفز إلى ‪ 97.5‬مليون برميل عام ‪2003‬م أما‬
‫في ‪ 2004‬وصل اإلنتاج إلى ‪ 105.1‬مليون برميل ويتصاعد اإلنتاج سنوياً‪.‬‬
‫الحقيقة التي ال يختلف عليها اثنان أن دخول قطاع النفط في النشاط االقتصادي‬
‫وغير كثيراً من وجه السودان االقتصادي واالجتماعي‬
‫حسن ّ‬
‫السوداني بشكل عام هو الذي ّ‬
‫والحضاري والعمراني مما كان له كبير األثر في جذب المستثمرين األجانب وأصبح بذلك‬
‫عماد خيمة التنمية المستدامة في السودان مساهماً في كل القطاعات االقتصادية والتنموية في‬
‫البالد‪ ،‬بل عمل على استقرار السودان سياسياً ورفع أسهمه سياسياً لدى العالم وأصبح تحت‬
‫مجهر اهتمامه‪.‬‬
‫حرصت الدولة على التنمية المتوازنة في البالد‪ ،‬لذا احتل النفط موقع مفصلي في‬
‫اتفاقية السالم الشامل التي تم التوقيع عليها في ‪ 9‬يناير ‪2005‬م إذ استغرق الجزء الخاص‬
‫بكيفية اقتسام النفط وقتاً طويالً في المفاوضات عبر مساومات صعبة‪ ،‬فقد تم االتفاق على أن‬
‫يتم تخصيص نصف عائدات النفط المستخرج من األقاليم الجنوبية طبقاً للحدود اإلدارية التي‬
‫كانت قائمة عند االستقالل في أول يناير ‪1956‬م لحكومة اإلقليم الجنوبي مع تخصيص نسبة‬

‫‪ - 3‬المؤتمر الصحفي لوزير المالية‪ ،‬الخميس ‪ 20‬أغسطس‪2009 ،‬م‪ ،‬الخرطوم‪ ،‬أشير إليه في جريدة‬
‫الصحافة‪ ،‬العدد ‪ ،5795‬الجمعة ‪ 21‬أغسطس‪ ،2009 ،‬ص‪.1‬‬
‫‪- 4‬كان السودان ينفق ما يتراوح بين ‪ 400-350‬مليون دوالر سنوياً الستيراد المواد النفطية‪.‬‬
‫د‪ .‬أسامة محمد عثمان خليل‬ ‫التنمية المستدامة في السودان في ظل األزمة العالمية‬
‫‪ %2‬للوالية التي يستخرج منها النفط لمساعدتها على تنمية مجتمعها المحلي‪ ،‬وبموجب هذه‬
‫االتفاقية خصصت عائدات النفط ألربع مستويات من مستويات التقسيم هي‪:‬‬
‫‪ -1‬الحكومة القومية‪.‬‬
‫‪ -2‬حكومة جنوب السودان‪.‬‬
‫‪ -3‬الشركات المستثمرة في مجال النفط‪.‬‬
‫‪ -4‬الواليات التي تنتج فيها النفط‪.‬‬
‫وأفرد تقسيم خاص لمنطقة أبيي بحيث يقسم صافي األرباح إلى ست أقسام هي‪:‬‬
‫‪ -1‬الحكومة القومية تأخذ ‪.%50‬‬
‫‪ -2‬حكومة جنوب السودان ‪.%42‬‬
‫‪ -3‬بحر الغزال ‪.%2‬‬
‫‪ -4‬غرب كردفان ‪.%2‬‬
‫‪ -5‬محلية دينكا نقوك ‪.%2‬‬
‫‪ -6‬محلية المسيرية ‪.%2‬‬
‫يلعب قطاع النفط الدور الكبير في تدفق االستثمارات األجنبية المباشرة على البالد‬
‫حيث استأثر قطاع الطاقة والتعدين بحوالي ‪ %43.1‬من جملة االستثمارات األجنبية خالل‬
‫الفترة من ‪2001-1996‬م إذ بلغت استثمارات قطاع الطاقة والتعدين في قطاع الخدمات‬
‫حوالي ‪ %82‬من مجمل استثمارات الخدمات لنفس الفترة‪ ،‬وقد بلغ حجم االستثمارات‬
‫العربية في البالد خالل ‪2001-1998‬م حوالي ‪ % 11.6‬من جملة االستثمارات األجنبية‬
‫حيث أن ‪ %35‬تأتي من قطر ويليها األردن بحوالي ‪ %17.3‬ثم السعودية بحوالي ‪ %16‬أما‬
‫(‪)5‬‬
‫بقية استثمارات الدول العربية حوالي ‪.%31.7‬‬
‫يالحظ أن النفط أصبح يلعب دور الدافع والحافز األكبر المقنع في فتح أبواب البالد‬
‫أمام هذه االستثمارات األجنبية ورأس المال األجنبي باإلضافة إلى صدور قوانين االستثمار‬
‫المشجعة مع توافر خبرة وتخطيط واع غير عجل ومهنية األجهزة التنفيذية مما جعل القطاع‬
‫االقتصادي يشكل في اآلونة األخيرة عالمة بارزة في االقتصاد السوداني وال سيما إثر هذه‬
‫االستثمارات األجنبية والعربية على وجه الخصوص وذلك نتيجة للتسهيالت واإلعفاءات‬
‫التي منحتها قوانين االستثمار في المركز والواليات إذ تعد هذه القوانين األفضل في العالم‬
‫العربي مما شجع القطاع الصناعي كما حصل في صناعة السكر ودخول صناعات أخرى‬
‫كصناعة وقود اإليثانول وتصديره كعنصر منعش لالقتصاد السوداني بل يعزز العالقات‬
‫‪- 5‬مجلة الوسط االقتصادي‪ ،‬العدد العشرون‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪.35‬‬
‫د‪ .‬أسامة محمد عثمان خليل‬ ‫التنمية المستدامة في السودان في ظل األزمة العالمية‬
‫االقتصادية والتجارية مع أوربا ودول الغرب عموماً ليصبح مسبباً إلنشاء الشراكات‬
‫(‪)6‬‬
‫االقتصادية الداعمة لتنمية اقتصاد البالد مما يؤكد قبول االستثمارات األجنبية بفرص أكبر ‪.‬‬
‫نتيجة هذه النقلة زادت نسبة الصرف على مشروعات التنمية بعد دخول قطاع النفط زيادة‬
‫كبيرة حيث بلغ الصرف على مشروعات التنمية حوالي ‪ %90.7‬من إجمالي الصرف وذلك‬
‫خالل ‪2004-2000‬م‪ ،‬كما يالحظ ان هناك زيادة في معدل الناتج المحلي اإلجمالي للفرد‬
‫خالل الفترة من ‪2005-2000‬م‪.‬‬
‫نستطيع القول أن النفط أسهم بصورة مباشرة في ترقية الحياة العامة في السودان‬
‫وأسهم في الطفرات العمرانية والطرق واالستثمارات وإ نشاء الشركات وخفض التضخم إلى‬
‫رقم آحادي محققاً نمواً عالياً في االقتصاد السوداني وحدوث زيادة كبيرة في معدل عائدات‬
‫النفط الحكومية وبالتالي نصيب الفرد بدخول البترول في الموازنة العامة إذ بلغت نسبة‬
‫العائدات خالل الفترة ‪2005-2000‬م مثالً ‪ %79.9‬في عام ‪2004‬م مقارنة بنسبة عام‬
‫األساس ‪2000‬م ووصل عام ‪2005‬م أربعة أضعاف النسبة‪ ،‬وبأثر واضح على الزراعة‬
‫والصناعة ونشوء المصارف الجديدة‪ ،‬بل رفد هذا القطاع ألهل السودان منافع حياتية أخرى‬
‫ومناخ سياسي إذ أصبحت قضية السالم على رأس األولويات باعتبار أن التنمية ال يمكن أن‬
‫تقوم بدون استقرار وخير مثال لذلك نزاع منطقة أبيي بين شريكي الحكم في السودان‬
‫(المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) إذ الدافع األقوى للنزاع هو النفط‪ ،‬لذا حرص أطراف‬
‫اتفاقية السالم بجعل البترول مشروعاً قومياً ال يتقيد بحدود الشمال أو الجنوب وتوزع عائداته‬
‫وفق نسب محددة‪.‬‬
‫رغم دور النفط ال تغفل قدرة موارد اقتصادية أخرى ومساهمة هذه الموارد في‬
‫دعم التنمية واالقتصاد العربي واإلسالمي‪ ،‬أولي هذه الموارد الزراعة التي تشكل في الوطن‬
‫العربي عصب الحياة‪ ،‬واإلقرار بان مدى القدرة في تنسيق السياسات الزراعية بين السودان‬
‫وغيره من الدول الضامن للتكامل اإلنتاجي كأساس متين في االقتصاد وفي تحققه يتحقق‬
‫األمن الغذائي في ظل المتغيرات الدولية واإلقليمية السياسية واالقتصادية وما يستتبعهما من‬
‫آثار اجتماعية كلها تمثل بال شك تحديات لدولنا كما يتطلب تعميق وتوسيع مجاالت التعاون‬
‫والتنسيق بين الدول العربية يمثل فيه السودان حجر الزاوية بإمكاناته المادية وظل حلماً‬
‫يراود كل العرب منذ مؤتمر الغذاء في روما عام ‪1974‬م وهو حلم ليس مستعصياً تحقيقه‬
‫رغم مرور ثالثة عقود على ميالد الحلم‪ ،‬بما يملكه السودان من موارد وإ مكانات زراعية‬
‫ضخمة لم يستغل منها سوى اليسير إذ أن المستغل من األراضي الصالحة للزراعة في‬
‫‪ - 6‬جريدة آخر لحظة‪ ،‬العدد ‪ ،1098‬الثالثاء ‪ ،25/8/2009‬ص‪.3‬‬
‫د‪ .‬أسامة محمد عثمان خليل‬ ‫التنمية المستدامة في السودان في ظل األزمة العالمية‬
‫السودان حتى اآلن ال يتعدى ‪ %15‬فقط رغم توافر المياه والتربة الصالحة للزراعة وما لديه‬
‫من الموارد الطبيعية والبشرية ما يؤهله حقيقة أن يكون سلة غذاء العرب‪ ،‬واآلن الطفرة التي‬
‫يشهدها السودان حالياً تعتبر مواتية أكثر من أي وقت مضى للمضي قدماً في تحقيق النهضة‬
‫الزراعية حيث يشير الحال إلى مدى الوعي الكبير الذي ينتظم واليات السودان(‪ ،)7‬بان‬
‫القطاع الزراعي هو المصدر الرئيسي للنمو السريع المتوازن لالقتصاد(‪.)8‬‬
‫إن دور اقتصاد السودان ومساهمته في تنمية البالد وتنمية دولنا العربية واإلسالمية‬
‫عماده قطعاً أدبيات ومرجعيات قامت عليها سياسة اإلنقاذ في االقتصاد‪.‬‬
‫(‪ )3‬أدبيات ومرجعيات خطة التنمية لحكومة اإلنقاذ‬
‫قامت خطة التنمية لإلنقاذ على أدبيات ومرجعيات فيما هو متعلق بتأصيل مفهوم‬
‫التنمية باعتبارها رأسمال بشري منها هو متعلق بمكونات العنصر المادي للتنمية من حوافز‬
‫مادية‪.‬‬

‫أوالً‪ :‬تأصيل مفهوم التنمية (التنمية البشرية)‬


‫الشك أن هنالك عالقة وطيدة بين االستثمار في رأس المال البشري والتنمية‪،‬‬
‫ونعني باالستثمار في رأس المال البشري بناء القدرات الشبابية لتتحمل التبعات العصرية‬
‫وذلك بتبرير وجهد معرفي كبير(‪ ،)9‬إذ هي عمليات منظمة للوصول للتنمية لذا تعرف التنمية‬
‫بأنها (العملية اإلدارية التي تعود إلى شراكة رأس المال وزيادة الطاقة اإلنتاجية في المجتمع‪،‬‬
‫بصورة تؤدي إلى زيادة المتغيرات االقتصادية الكمية‪ ،‬وإ حداث تطور اجتماعي‪ ،‬ثقافي‬
‫وسياسي)(‪ ،)10‬أي هي عملية إدارية وسياسات موجهة تضعها الحكومات وهذا ما عملت به‬
‫الحكومة السودانية إذ اهتمت بوضع موجهات وال سيما للشباب تحت مسمى "اإلستراتيجية‬
‫الوطنية للشباب" إذ هدفت اإلستراتجية لتنشئة شباب صحي معافى بدنياً وروحياً وفكرياً‬
‫يمكنه التعامل مع مستجدات العصر وتحدياته بكفاءة وفعالية لتحقيق التنمية المستدامة‪ ،‬وذلك‬

‫‪- 7‬والية محدودة اإلمكانات كالوالية الشمالية باتت تزرع ‪ 300‬ألف فدان قمحاً وفي خططها زراعة مليون‬
‫فدان في المواسم القادمة‪.‬‬
‫‪- 8‬مجلة الوسط االقتصادي‪ ،‬العدد الثامن والعشرون‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬أبريل ‪2007‬م‪.‬‬
‫‪ - 9‬د‪.‬محمد البشير محمد الهادي‪ ،‬الشباب والتنمية البشرية‪ ،‬إصدارات هيئة علماء السودان‪ ،‬سلسلة دراسات‬
‫األسرة والمجتمع رقم ‪ ،15‬يوليو ‪ ،2009‬ص‪ 15‬ومابعدها‪.‬‬
‫‪ - 10‬د‪.‬عثمان إبراهيم السيد‪ ،‬هجرة العقول األفريقية‪ ،‬ملتقى الجامعات األفريقية‪ ،‬يناير ‪ ،2006‬ص‪،265‬‬
‫جامعة أفريقيا العالمية‪ ،‬الخرطوم‪ ،‬مشار إليه في د‪.‬محمد البشير محمد الهادي‪ ،‬المرجع السابق‪.‬‬
‫د‪ .‬أسامة محمد عثمان خليل‬ ‫التنمية المستدامة في السودان في ظل األزمة العالمية‬
‫بوضع عدد من الوثائق القومية تحمل أدبيات ومرجعيات هذه التنمية واالهتمام بقضايا مختلفة‬
‫وفي سنامها قضايا الصحة للشباب منها السياسة الصحية في السودان واإلستراتيجية ربع‬
‫القرنية‪ ،‬والسياسة القومية لمكافحة اإليدز والسياسة السكانية وغيرها من السياسات‪ ،‬ولم تغفل‬
‫غياب النوافذ التحويلية للشباب من ضمن تحديات األلفية التي تحتاج إلى رؤية مستقبلية(‪.)11‬‬
‫‪-1‬االلتزام بالثوابت الوطنية واإلقرار بفوارق توزيع الثروة‬
‫اهتمت اإلنقاذ بجعل الثوابت الوطنية من ثوابت الدين بخطاب وطني فيه إقرار والتزام‬
‫وفاء كامل باتفاقية السالم وال سيما في جانب المال باعتباره التزام ديني والتي بموجبها يتم‬
‫تحويل ‪ %44‬من موارد الدولة للواليات ‪ %18‬للجنوب و‪ %26‬للشمال كمال للتنمية مقارنة‬
‫ب ‪ %13‬لكل واليات السودان سابقاً‪ ،‬ومتابعة وصول هذه األنصبة باجتماعات شهرية بين‬
‫شريكا الحكم في السودان (المؤتمر الوطني والحركة الشعبية) ووضع كل تفاصيلها حسماً‬
‫للمغالطات وتحقيقاً للشفافية في الشبكة العالمية (اإلنترنت)‪ ،‬وكذلك مواجهة التحدي‬
‫االقتصادي األكبر في اتفاقية السالم بإجازة نظامين للنظام المصرفي في الجنوب ثم خروج‬
‫البنوك اإلسالمية من الجنوب وفاء بالعهد وااللتزام‪.‬‬

‫ثانياً‪ :‬حوافز مادية وسياسات مالية‬


‫‪ -1‬نظام مصرفي قائم على النظام المالي اإلسالمي‬
‫حرصت الدولة السودانية قيام النظام المصرفي على النظام المالي اإلسالمي إذ‬
‫رأت فيه الحل لالزمة المالية العالمية(‪ ،)12‬وذلك لقيام هذا النظام على جملة من المبادئ والقيم‬
‫اإلسالمية تجعله قادراً على توفير الحل النهائي لمشاكل النظام الرأسمالي إذ يقول (إن النظام‬
‫اإلسالمي ال يؤمن بمنتجات الهندسة المالية القائمة على أصول غير حقيقية بل أن مبادئه‬
‫تحرم بيع ما ال نملك وبيع غير الموجود ويرتبط التمويل فيه باألصول الحقيقية إضافة إلى‬
‫اهتمامه بالضوابط األخالقية ومنع الغش والتغرير والجهالة وتعتمد مبادئه على المشاركة في‬
‫تحمل المخاطر واقتسام الربح والمشاركة والخسارة والمسئولية األخالقية واالجتماعية‬
‫وترتبط الضرائب والجبايات فيه باإلنتاج الفعلي)‪.‬‬

‫‪ 11‬ورشة حول السكان والتنمية‪ ،‬دنقال‪ ،‬الوالية الشمالية‪ ،‬السودان‪ ،‬مجلس السكان والتنمية‪ ،‬األربعاء‬
‫‪19/8/2009‬م‪.‬‬
‫‪- 12‬في حديث لمحافظ بنك السودان للمؤتمر االقتصادي التاسع للمؤتمر الوطني‪ ،‬أشير إليه في جريدة األيام‪،‬‬
‫العدد ‪ ،9491‬السبت ‪ 22‬أغسطس‪ ،2009 ،‬ص‪.9‬‬
‫د‪ .‬أسامة محمد عثمان خليل‬ ‫التنمية المستدامة في السودان في ظل األزمة العالمية‬
‫يقف بجانب النظام المصرفي نظام تأمين إسالمي كأول تجربة إسالمية للتأمين في‬
‫العالم (منذ ‪ )1978‬يؤمن مخاطره بتأمين تعاوني ال يحفز أصحاب شركات التأمين (أصحاب‬
‫الرأسمال) إنما يغطي فوائض األقسام لحملة وثائق التأمين ما يسمى بنسبة (التخصيص)‬
‫وفصل حسابات المساهمين والمشاركين وبذلك يشجع أصحاب الشركة المعينة لزيادة رأس‬
‫مال الشركة أو حتى تخفيض نفقاتها‪.‬‬
‫ويالحظ مرونة ظاهرة في التعامالت الدولية بإعمال فقه الضرورة إذ تتضح‬
‫المرونة في إقرار حق لجوء الدولة لالستدانة من العالم الخارجي بالفائدة للضرورة وتقدير‬
‫هذه الضرورة في ظل التحسن في االقتصاد مع إقرار مراجعة معايير الضرورة بالنسبة‬
‫للدولة بمؤسسات الرقابة الشرعية التي قد تتناقص عن معايير الفرد‪.‬‬
‫إذن هو نظام مالي ذو منظومة إسالمية كاملة بتمويل مصرفي قائم على الشريعة‬
‫اإلسالمية أخرج منه الربا في كل المعامالت‪ ،‬بإدارة مالية عامة للدولة وسياسة نقدية للبنك‬
‫المركزي والمصارف ونظام للمعاشات وأنظمة تأمين حاملة لواء تجربة رائدة لالقتصاد‬
‫اإلسالمي الشامل ليس المبتور كما في بعض الدول‪ ،‬وهي تضع كل اإلجابات لألسئلة المثارة‬
‫حول مختلف المعامالت المعاصرة‪ ،‬األمر الذي كان معه مواجهات كبيرة من ناحية نظرية‬
‫وفكرية ُم ّكن فيها إعمال االجتهاد من خالل مؤتمرات ولقاءات فكرية لهيئات العلماء ومجامع‬
‫فقهية مستفيدين من الجهود المختلفة في العالم اإلسالمي واستفتاء فتاوى وآراء هيئة الرقابة‬
‫الشرعية للمؤسسات المالية إن كانت بنوك أو مؤسسات التمويل األخرى من تأمين وسوق‬
‫أوراق مالية‪ ،‬وما زالت هنالك مسائل تحت البحث والدراسة تحتاج إلجابات شرعية كحل‬
‫مشكلة طبيعة الحساب الجاري الذي يعد وديعة أو قرض ‪ ،‬ال يمكن إعفاء صاحبه رسمياً‬
‫(‪)13‬‬

‫من البنك‪ ،‬والتساؤل حول إيجاد بديل إسالمي لنظام البيع اإليجاري والتمليك العقاري كتجربة‬
‫اإلسكان الشعبي الذي يقوم على الدفع بالتقسيط والتمليك بعد السداد‪.‬‬

‫‪ -2‬الشراكة في التنمية للخروج من أزمة الحصار العالمي‬


‫اتجه السودان بوضع سياسة للخروج من الضغوط الغربية خاصة الضغوط‬
‫األمريكية بعد االعتماد على موارده الذاتية "على النحو الذي تم تناوله" باتخاذ سياسات‬
‫اقتصادية رشيدة‪ ،‬أولى هذه السياسات إعمال شراكات مع الدول األسيوية الستغالل الموارد‬

‫‪ - 13‬هذه المسائل كانت محل تساؤل لمؤتمرات الحركة اإلسالمية في السودان والتي شارك فيها ممثلون من‬
‫الحركات اإلسالمية في العالم آخرها المؤتمر العام السابع‪ ،‬شعبان‪1429 ،‬هـ‪ ،‬أغسطس ‪2008‬م‪ ،‬الخرطوم‪،‬‬
‫السودان‪.‬‬
‫د‪ .‬أسامة محمد عثمان خليل‬ ‫التنمية المستدامة في السودان في ظل األزمة العالمية‬
‫جيد للتوازن الذي حصل في ميزان القوى االقتصادية‬
‫بشراكة تقوم على المصالح وباستغالل ّ‬
‫إثر نمو االقتصاد اآلسيوي‪ ،‬في ظل تلك الظروف قامت هذه الشراكة بدون شروط مسبقة‬
‫على السودان وخير مثال لهذه الشراكة الشراكة التي قامت مع الصين‪ ،‬ماليزيا‪ ،‬الهند‪،‬‬
‫والدول العربية التي كانت ثمارها استخراج البترول والمساهمة في بناء البنيات األساسية من‬
‫طرق وسدود وكهرباء وتأهيل المشاريع الزراعية وإ قامة الصناعات وكذا الشراكة مع الدول‬
‫األفريقية تحت مظلة شراكة (النيباد)‪.‬‬
‫فتحت هذه السياسة مجال للتعامل االقتصادي مع هذه الدول وفي مقدمتها الصين‬
‫كمنقذ للدولة من الهيمنة الغربية لتصبح نموذج حي لسنة التدافع لبقية دول العالم الثالث‪ ،‬وكذا‬
‫مثال حي للتعاون والشراكة المطلوبة بين دولنا العربية‪ ،‬حيث ساهمت الدول العربية عبر‬
‫مؤسساتها وصناديقها المالية في تخفيف الحصار االقتصادي الذي فرض على السودان مما‬
‫كان له األثر اإليجابي المباشر في النمو االقتصادي باالستثمارات والمساهمة في تشييد كثير‬
‫من صروح البنيات األساسية كالطرق والسدود‪.‬‬
‫استطاع السودان بمثل هذه التدابير الخروج من األزمة المالية ليصبح نموذج لبقية‬
‫(‪)14‬‬
‫الدول العربية واإلسالمية وال سيما أن أصل المشكلة في هذه األزمة كما يقول البعض‬
‫يكمن في أن االقتصاد العالمي خاصة في الدول الغنية اعتمد في السنوات العشر الماضية‬
‫على نظام المشتقات المالية التي تعتمد على أصول غير حقيقية التي نتجت عما يعرف‬
‫بالهندسة المالية ونتيجة للتقلبات المستمرة ألسعار هذه األصول في البورصات العالمية‪،‬‬
‫باإلضافة إلى عدم التوازن في النظام المالي للدول وعدم كفاءة البنيات التحتية المالية وتفشي‬
‫ثقافة االقتراض والمضاربة وضعف الرقابة‪.‬‬
‫صحيح هنالك أثر مباشر لألزمة المالية أصاب السودان حيث أثرت على إيرادات‬
‫الدولة من صادرات بترولية وغير بترولية وعلى التدفقات الخارجية من قروض ومنح‬
‫ومدخرات المغتربين وتأثير على االستثمارات األجنبية‪ ،‬األمر الذي أثر في النمو االقتصادي‬
‫وكذا في سير مشروعات التنمية‪ ،‬وال سيما الوالئية حيث الحظنا من معايشتنا لهذه المشاريع‬
‫أنها تمول بالسندات الحكومية التي تستخدم كضمان للمقاوليين لدى البنوك الممولة‪ ،‬وهذا‬
‫يعني تراكم في الديون الداخلية للدولة‪ ،‬إال أننا نضيف أن التأثير لم يكن حاداً لالزمة على‬
‫البالد نتيجة إلى عدم وجود استثمارات مالية للبالد في أسواق المال العالمية وبفضل التدابير‬
‫التي ذكرت وإ تباع النظام المالي اإلسالمي في مؤسسات المال والتعامل الرسمي وكذا‬

‫‪- 14‬د‪.‬صابر محمد الحسن (محافظ بنك السودان) ورقة (أثر األزمة المالية على السودان)‪ ،‬المؤتمر‬
‫االقتصادي‪ ،‬أشير إليه في جريدة األيام‪ ،‬العدد ‪ ،9491‬السبت ‪ 22‬أغسطس‪2009 ،‬م‪.‬‬
‫د‪ .‬أسامة محمد عثمان خليل‬ ‫التنمية المستدامة في السودان في ظل األزمة العالمية‬
‫التمسك بالضوابط السلوكية واألخالقية في التعامل المالي واستحضار كل فقه المال والسوق‬
‫المتمثلة في سماحة التعامل اإلسالمي (والمؤمن سمح إذا باع وإ ذا اشترى وإ ذا اقتضى)‪.‬‬
‫(‪ )4‬تقارير إقليمية ودولية حول النمو االقتصادي في السودان‬
‫أعلن صندوق النقد الدولي أن السودان يعتبر واحداً من عشر دول تمثل أسرع‬ ‫‪-1‬‬
‫نمو اقتصادي في دول العالم(‪.)15‬‬
‫إعالن االتحاد األوربي للتعاون مع السودان بشروط بتمويل مشروعاته ضمن‬ ‫‪-2‬‬
‫مشروعات التنمية في الدول النامية لتوافر شروط تحسين كفاءة هذه الدول في‬
‫مجاالت التنمية واألمن والسالم واالستقرار والحكم الرشيد‪.‬‬
‫أكد التقرير االقتصادي العربي الموحد تحقيق االقتصادات العربية نمواً للسنة‬ ‫‪-3‬‬
‫الثالثة إذ أرجع منظمات عربية منها األمانة العامة لجامعة الدول العربية وبعض‬
‫الصناديق العربية منها الصندوق العربي لإلنماء االقتصادي واالجتماعي‬
‫الكويتي‪ :‬بان السودان ضمن تسع دول حققت أعلى معدل نمو وهي الدول‬
‫المصدرة للنفط بنمو أعلى من المتوسط العربي العام البالغ ‪ 21.4‬في عام‬
‫‪2005‬م‪ ،‬وهي الكويت‪ ،‬قطر‪ ،‬ليبيا‪ ،‬السودان‪ ،‬موريتانيا‪ ،‬األمارات‪ ،‬السعودية‪،‬‬
‫العراق‪ ،‬وعمان‪.‬‬
‫أشادت مؤسسات التمويل الدولية بمعدل النمو الكبير في السودان خالل العشرة‬ ‫‪-4‬‬
‫أعوام الماضية(‪.)16‬‬
‫أورد تقرير األمم المتحدة لعام ‪2008‬م (دليل التنمية البشرية) وهو دليل مركب‬ ‫‪-5‬‬
‫يقيس األبعاد األساسية الثالثة‪:‬‬
‫‪ -1‬الحياة المديدة والصحة (متوسط العمر المتوقع)‪.‬‬
‫ب‪ -‬المعرفة (التعليم)‪.‬‬
‫ج‪ -‬مستوى المعيشة الالئقة‪.‬‬
‫احتل السودان في الترتيب ‪ 146‬بالرغم أن متوسط دخل الفرد يقع رقم ‪ ،138‬هذا‬
‫يعني أن مستوى التنمية البشرية في السودان ما زال متدني حتى مقارنة بالدول التي لها‬
‫موارد أقل بكثير مثال كينيا وغانا‪.‬‬

‫‪ - 15‬مجلة الوسط االقتصادي‪ ،‬العدد العشرون‪ ،‬السنة الثانية‪ ،‬يناير‪2007 ،‬م‪ ،‬ص‪.4‬‬
‫‪ - 16‬جريدة الرائد‪ ،‬العدد ‪ ،304‬السنة األولى‪ ،‬االثنين ‪ 18‬شعبان ‪1430‬هـ‪ ،‬الموافق ‪ 10‬أغسطس ‪2009‬م‪،‬‬
‫ص‪.5‬‬
‫د‪ .‬أسامة محمد عثمان خليل‬ ‫التنمية المستدامة في السودان في ظل األزمة العالمية‬

‫(‪ )5‬الخاتمة والنتائج‪:‬‬


‫نخلص من محاور البحث إلى النتائج التالية‪:‬‬
‫لقد ظل السودان معروفاً بموارده الزراعية الغنية والمتنوعة ورفدته النفط قوة‬ ‫‪-1‬‬
‫في الموارد‪ ،‬إذا ما أحسن استغالل هذه الموارد سوف يمكن البالد من تحقيق‬
‫التطور والنمو االقتصادي المستدام وتحقيق رفاهية المواطنين ورفع مستوى‬
‫التنمية البشرية والمساهمة في تنمية الشعوب العربية واإلسالمية‪ ،‬بل تبقى هذه‬
‫الموارد أمل في المساهمة في حل األزمة المالية‪ ،‬وال سيما أن السودان ُعد كأحد‬
‫ثالث دول في العالم يتوقع أن تساهم في األمن الغذائي‪.‬‬
‫على الحكومات العربية واإلسالمية أن تعنى بحضارة اإلسالم وإ رثها الثقافي‬ ‫‪-2‬‬
‫واستغالل مواردها استغالل رشيد وأن توجه عنايتها فيما ينفع هذه الشعوب أي‬
‫تحقيق أمن المجتمع (امن غذائي) بنفس قدر اهتمام امن الدولة إذ في تحقيق‬
‫اءه ْم أ َْمٌر ِّم َن األ َْم ِن‬
‫{وإِ َذا َج ُ‬‫األول تحقيق لآلخر‪ ،‬إذ هو مفتاح األمن‪ ،‬قال تعالى َ‬
‫ِ َِّ‬ ‫ِ‬ ‫الرس ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ول َوإِ لَى أ ُْوِلي األ َْم ِر م ْنهُ ْم لَ َعل َمهُ الذ َ‬
‫ين‬ ‫اعوْا بِه َولَ ْو َر ُّدوهُ ِإلَى َّ ُ‬ ‫أ َِو اْل َخ ْوف أَ َذ ُ‬
‫(‪)17‬‬
‫ان ِإالَّ َقِليالً }‬
‫ط َ‬ ‫ض ُل اللّ ِه َعلَْي ُكم ور ْحمتُهُ الَتََّب ْعتُم َّ‬
‫الش ْي َ‬ ‫ُ‬ ‫ْ ََ َ‬ ‫ونهُ ِم ْنهُ ْم َولَ ْوالَ فَ ْ‬
‫َي ْستَنبِطُ َ‬
‫(حكمت فعدلت فأمنت فنمت ياعمر)‪ ،‬عبارة اإلعرابي البليغة لخليفة المسلمين‬
‫عمر بن الخطاب‪ ،‬بها تتحقق التنمية المستدامة واآلمنة‪.‬‬
‫اإلقرار بان األسلوب العلمي الواقعي للدول لتحقيق النمو االقتصادي في جانب‬ ‫‪-3‬‬
‫كبير يتوقف على تحقيق مطلوبات الحياة الدولية وشرائطه كاإلقرار بفوارق‬
‫التنمية داخل القطر الواحد‪ ،‬وإ عمال مبادئ حكم سيادة القانون والشفافية إذ في‬
‫عدمها تعرقل خطة التنمية وتحل التنمية المستدامة ويجهض أمانة الحكم أمام اهلل‪.‬‬

‫‪ - 17‬سورة النساء‪ ،‬اآلية‪.83‬‬


‫د‪ .‬أسامة محمد عثمان خليل‬ ‫التنمية المستدامة في السودان في ظل األزمة العالمية‬
‫تقوية الشراكة االقتصادية بين الدول العربية واإلسالمية مع التمسك بالضوابط‬ ‫‪-4‬‬
‫السلوكية واألخالقية في التعامل واستحضار كل فقه المال والسوق (سماحة‬
‫التعامل اإلسالمي) للخروج من األزمة المالية العالمية‪.‬‬

‫المراجع والمصادر‬

‫‪ -1‬القرآن الكريم‪.‬‬
‫‪ -2‬السنة النبوية‬
‫‪ -3‬أضواء على االقتصاد السوداني‪ ،‬المركز القومي للمناهج‪ ،‬البحث التربوي‪ ،‬بخت‬
‫الرضا‪ ،‬السودان‪ ،‬بدون تاريخ‪.‬‬
‫‪ -4‬مجلة الوسط االقتصادي‪ ،‬العدد العشرون‪ ،‬الثامن والعشرون ‪2007 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -5‬جريدة آخر لحظة‪ ،‬العدد ‪ ،1098‬الثالثاء ‪.25/8/2009‬‬
‫‪ -6‬د‪.‬محمد البشير محمد الهادي‪ ،‬الشباب والتنمية البشرية‪ ،‬إصدارات هيئة علماء‬
‫السودان‪ ،‬سلسلة دراسات األسرة والمجتمع رقم ‪ ،15‬يوليو ‪.2009‬‬
‫‪ -7‬ورشة حول السكان والتنمية‪ ،‬دنقال‪ ،‬الوالية الشمالية‪ ،‬السودان‪ ،‬مجلس السكان‬
‫والتنمية‪ ،‬األربعاء ‪19/8/2009‬م‪.‬‬
‫‪ -8‬حديث لمحافظ بنك السودان للمؤتمر االقتصادي التاسع للمؤتمر الوطني‪ ،‬أشير‬
‫إليه في جريدة األيام‪ ،‬العدد ‪ ،9491‬السبت ‪ 22‬أغسطس‪ ،2009 ،‬ص‪.9‬‬
‫‪ -9‬د‪.‬صابر محمد الحسن (محافظ بنك السودان) ورقة (أثر األزمة المالية على‬
‫السودان)‪ ،‬المؤتمر االقتصادي‪ ،‬أشير إليه في جريدة األيام‪ ،‬العدد ‪ ،9491‬السبت‬
‫‪ 22‬أغسطس‪2009 ،‬م‪.‬‬
‫‪ -10‬جريدة الرائد‪ ،‬العدد ‪ ،304‬السنة األولى‪ ،‬االثنين ‪ 18‬شعبان ‪1430‬هـ‪ ،‬الموافق‬
‫‪ 10‬أغسطس ‪2009‬م‪.‬‬
‫‪ -11‬المؤتمر الصحفي لوزير المالية‪ ،‬الخميس ‪ 20‬أغسطس‪2009 ،‬م‪ ،‬الخرطوم‪،‬‬
‫أشير إليه في جريدة الصحافة‪ ،‬العدد ‪ ،5795‬الجمعة ‪ 21‬أغسطس‪2009 ،‬‬

You might also like