Professional Documents
Culture Documents
مصائر الفلسفة في الجامعة اللبنانية
مصائر الفلسفة في الجامعة اللبنانية
*
مشير باسيل عون
العربي:
ّ مصائر الفلسفة في العالم
تعليما وتع ّل ًما
ً الفلسفة
في الجامعة اللبنان ّية
يربط البحث البعد النظري بالبعد العميل يف مقاربته تعليم الفلسفة وتع ّلمها يف لبنان (بوصفه نموذج ًا
أن الفلسفة تكابد يف املجتمعات العربية ألوانًا من التأزّ م حتى بات دالاّ ً عىل العامل العريب) .وجيد َّ
عظيم من جرأة الثورة عىل يقينيات التسليم الديني ومس ّلامت اً قدرا
ريا حيتاج ً أمرا عس ً
النهوض هبا ً
واإلنسانية ذلك الربط
ّ الوضعية
ّ املبايعة السياسية ،كام حيتاج فهم العالقة التي تربط الفلسفة بالعلوم
اإلبستمولوجي الفطن الذي يتيح للفلسفة أن تسهم بصورة فاعلة يف صياغة املعنى اإلنساين األرحب.
النظر يف واقع وظيفتها القائمة اآلن َ هكذا ،يقتيض التبصرّ يف حال الفلسفة يف العامل العريب
يتم إال بمعاينة واقع العامل العريب
ومقارنته بطبيعة الوظيفة التي ينبغي أن تضطلع هبا .وهذا ال ّ
املتوعك الذي يمكن للفلسفة ،بام ختتزنه من طاقات حترير الذات العربية ،أن تثب به ّ املتأخر
ّ
نحو آفاق التجديد واإلبداع .ولذلك ،كان من الواجب استقصاء آليات تعليم الفلسفة يف العامل
وحدة التوتر الناشط العريب وإشكالياهتا ،من صياغة براجمها يف النظام التعليمي اجلامعي املعارص ّ
وأ ْم ِلياهتا وطرائقها
بني الفكر العريب والفكر الغريب ،إىل واقع أساتذهتا وحتليل موادها ومقرراهتا ُ
ّ
تصور جديد ملقام الفلسفة.
التوصل إىل ّّ ووسائلها وإمكاناهتا العملية ،بغية
العربية
ّ مقام الفلسفة في المجتمعات
العربية :سبيل املقاربة
ّ ين وسائر املجتمعات هو ّية الفلسفة ومقامها يف املجتمع اللبنا ّ
ثمة سبيالن إىل النظر يف ّ ّ
هم املساءلة والنقد والتحقّق والبناء املرتابط.
األول يكشف يف الفلسفة ّ الواقعية .السبيل ّ
ّ النظرية وسبيل املقاربة
ّ
النظري االنعتاق من سلطان املعارف املتواترة والبنى احلاكمة واألنظمة السائدة .
(((
ّ الفلسفي
ّ اهلم
ومن مقتضيات ّ
العريب .ومن ُمستلزمات ّ
هم (((
ّ التارخيي
ّ إشكالية الوجود
ّ هم االنخراط يف ّأما السبيل الثاين فيكشف يف الفلسفة ّ
البرشية الكادحة يف خمتلف
ّ املجتمعات
ُ ين الذي تضطلع به ُ
إدراك طبيعة االختبار اإلنسا ّ التارخيي االنخراط
ّ
العربية املنشودة.
ّ شك يف أنّ هذين السبيلني يفضيان بتكاملهام إىل صوغ الفلسفة العريب .وال ّ
ّ أوطان العامل
الفكري .ويرشقها الكثريون بتهمة العقم ّ العربية ألوانًا ش ّتى من العذاب
ّ بيد أنّ الفلسفة تكابد يف املجتمعات
تربر ً
بعضا من التأزّ م القصية التي ّ
ّ يف األثر واإلرباك يف احلياة .وقد يطول املقام إنْ شاء املرء أن يتقصىّ األسباب
التقليدية) ،
(((
ّ املسلكية
ّ النمطية
ّ الفوقية،
ّ االجتامعية (بنية العالقات
ّ العريب ،ومنها األسباب
ّ الفلسفي يف العامل
ّ
ّ
املس بمسلامت يت واستقباح ّ الغريية والغربة املقلقة ،اسرتهاب النقد الذا ّ
ّ الذاتية وازدراء
ّ اهلوية
والثقافية (متجيد ّ
ّ
اجلامعي الذي مارسته يف ك ّل ّية اآلداب والعلوم
ّ حتصل عندي طوال سنوات التعليم الشخيص الذي ّ ّ 2يقترص البحث عىل االختبار
اللبنانية (الفرع الثاين ،الفنار). ّ اإلنسانية ،قسم الفلسفة ،يف اجلامعة ّ
اإلمكانية .وهنا يربز دور العقل ،دور النقد.
ّ هذه ّق
ق نح كيف مسألة تبقى عرصه. يعيش ألن للحداثة، كغريه ل مؤه
ّ َّ العريب «املجتمع 3
التحرر
ّ أجل من األوىل اخلطوة قطع يف بدأنا قد نكون والعقيدة والغنيمة القبيلة ة بثالثي
ّ املحكومة تنا وضعي
ّ نطرح أن د بمجر
ّ ّه
ن أ وأعتقد
العربية،)2010 ،
ّ العريب املعارص ،ط ( 6بريوت :مركز دراسات الوحدة ّ إشكاليات الفكر ّ حممد عابد اجلابري، الوضعية» انظرّ : ّ من هذه
ص .189
العربية« :أجل لقد حرض ّ بعض من الفالسفة العرب املعارصين ويلومون أنفسهم عىل انعزال الفلسفة يف أروقة اجلامعات 4يأسف ٌ
ويتجولون يف أروقة اجلامعة ودور النرش .وشاعت الرتمجة ّ العربية
ّ العباءات يلبسون وهم وبرغسون واألكويني
ّ ومور سارتر ولينني
شبيها .وكانت املجتمعات تسري يف طريق يرسمه ظل ً العريب الشبيه من رحم اجلامعة والغرب ،لك ّنه ّ ّ املرتجم .لقد ُولد الفيلسوف َ والتأليف
الضباط األحرار وجدوا أنفسهم ّ إنّ بل للواقع، ة
ٌ صور العريب
ّ الفيلسوف إنّ ا. أحرار
ً وا يستمر
ّ أن دون ذلك، شابه وما األحرار الضباطّ
احلرة» انظر :أمحد برقاوي« ،أكثر من كوجيتو »،اآلخر ،العدد ،)2011( 1ص .18 وحدها هي مركز يمتلكون فضالت قوة من ِ
ذات
ّ ّ
واالجتامعية عند العرب هي التي حتكم طبيعة
ّ العقيدية
ّ املركزية
ّ االجتامعية ألنّ
ّ يفكر خارج األطر العريب ال يستطيع أن ّّ ّ
املفكر « 5إنّ
منظ ًرا عىل مستوى العامل؟ »،اآلخر ، ،العدد 1 يقدموا فيلسو ًفا ِّ يل» انظر :عبد األمري األعسم« ،ملاذا ال يستطيع العرب أن ّ التفكري العق ّ
( ،)2011ص .44
203 تعليما وتع ّل ًما في الجامعة اللبنانيّة
ً العربي :الفلسفة
ّ مصائر الفلسفة في العالم
دراسات
ين يف احلضارة اإلسالمي .انظر :عبد الرمحن بدوي ،الرتاث اليونا ّ ّ 7يعتقد بعض الفالسفة العرب أنّ الفلسفة منافية لروح الدين
يصح هذا القول حني يعاين املرء إخفاق حماولة ابن رشد التي ينظر بعضهم ّ املرصية .)1946 ،وقد ّ اإلسالمية( ،القاهرة :مكتبة النهضة ّ
نصار ملحاولة ابن رشد ّ ناصيف تقويم (أنظر احلازم ين
ّ العقال املوقف يف والتذبذب واملساومة التسوية ظالل إليها بعني الريبة ملا يكتنفها من
التوفيقية يف البحث اجلريء الذي نرشه يف كتاب :اإلشارات واملسالك (بريوت :دار الطليعة.)2011 ، ّ
وبرغسونية .إنّ له أكثر من مئة كتاب ،ومع ذلك مل يكتب إالّ ّ ة وسارتري
ّ ة يدغري
ّ ه
َ أمشاج من أكثر ته بوجودي
ّ ّد ق املع بدوي
ّ يكن « 8مل
الفلسفي ،ال لع ّلة فيه بل لغياب رشوط التفلسف نفسها .وإذا كان رشط التفلسف أن يكون ّ الوعي يف ا أثر
ً دث يحُ مل الذي الوجودي
ّ الزمان
احلر ّية وعند األحرار» .انظر :أمحد برقاوي، ّ حقل يف وينترش بدع ي
ُ فالفيلسوف ا. رضوري
ًّ كان وإنْ كاف غري ٌ
رشط فهذا ا، حر
ًّ الفيلسوف
«أكثر من كوجيتو »،اآلخر ،العدد ،)2011( 1ص .19
عمليات قتل
ّ يض إىل الرتاث « :مل نشهد املر ّ
العريب عىل الركون َ ّ 9ما من دليل مقنع خيالف ح ّتى اآلن التفسري القائل بانفطار الفكر
الفلسفي
ّ الوعي ظاهرة للدهشة ة
ً مدعا األكثر املفارقة وكانت .ين
ّ وظل السلف جالسني عىل كرايس العرش السلطا حقيقية لآلباء أبدً اّ . ّ
العريب املعارص
ّ الفكر يف التجديدي
ّ اجلهد معظم كان ولذلك .19 ص برقاوي، انظر: »1967 حزيران هزيمة الرتاثي التي ظهرت بعد ّ
هم الرتاث عىل الفكرية منارص ًة للرتاث .وما رصد بعض العناوين سوى الدليل عىل طغيان ّ ّ منصبا عىل الرتاث ح ّتى غدت املعارصة ًّ
الفكري :من الرتاث إىل الثورة (طيب التيزيني) ،الرتاث والثورة (غايل شكري) ،نحن والرتاث (عابد اجلابري) ،الرتاث ّ حركة التجديد
اإلسالمية (حسني مروة) ،وما إىل ّ العربية
ّ (حممد عامرة) ،النزعات املا ّد ّية يف الفلسفة والتجديد (حسن حنفي) ،الرتاث يف ضوء العقل ّ
العريب
ّ الرتاث جوهر بني ين
ّ العقال التوفيق يف اخلوري بولس اجتهادات تكون ذلك من دراسات مهجوسة بالعودة إىل الرتاث .وقد
وأشدها قدر ًة عىل
ّ ابتكارا
ً املعارصة ة العربي
ّ ة الفلسفي
ّ املحاوالت أبرز من هي ب) ّ
ل الغربية (النقد املتط
ّ (التسامي املتط ّلب) وجوهر احلداثة
يف (بريوت :رشكة املطبوعات للتوزيع االجتامعي الثقا ّ
ّ ل والتحو
ّ العريب
ّ العامل اخلوري، بولس انظر: .العريب
ّ جتاوز مأزق الرتاث يف الفكر
والنرش.)2007 ،
205 تعليما وتع ّل ًما في الجامعة اللبنانيّة
ً العربي :الفلسفة
ّ
دراسات
معا يف
سيد قطب وعبد الرازق ً
سيد قطب واهنزم عيل عبد الرازق يف معركة الوعي؟ واهنزم ّ « 10هاهنا يصبح السؤال اًّ
مهم :ملاذا انترص ّ
السياسية؟» انظر :برقاوي ،ص .17
ّ معركة السلطة
11 A. Koyré, Études d’histoire de la pensée scientifique (Paris: Gallimard, 1973), p. 397.
العدد 2
التارخيي:
ّ التنوع ح ّتى يف أبسط جت ّليات الوجود
والتوحد وانعدام اختبار ّ
ّ العربية عىل التامثل
ّ الذهنية
ّ 13يعاين املرء بتحسرّ عظيم انفطار
تتكرر باستمرار هي امتداد الصحراء عىل نمط واحد ّ واحدة صورة ّ
ال إ جيد وال ع، التنو
ّ رؤية عنده تنعدم العريب يف صحرائه
ّ توجه
«فأينام ّ
التنوع يف مجيع مظاهره ،بل تسرتهبه وتستكرهه.ّ العرب متتدح ال ولذلك .23 ص خرضة، انظر: اجلهات» يف مجيع
العدد 2
العريب األرحب.
ّ األنرتوبولوجي
ّ العريب م ّت ٌ
صلة بطبيعة االختبار ّ ّ
التفكر ويف مجيع األحوال ،يبدو أنّ مشكلة
تارخيية
ّ بخلفية
ّ اإلنسانية
ّ ضم ٌة من االعتبارات التي تفرض عىل ّ
املفكر أن يربط نظام املعارف ويف هذا االختبار ّ
النظري يف
ّ احلقيقية للتفكري
ّ ري« :املشكلة ّ
التفك ّ اللغوي ومن النسق
ّ خاص من التعبري ّ أفضت إىل اعتامد نمط
الفلسفي مل يمتلك القدرة أو اجلرأة أو اإلمكان عىل أن يواجه ّ النظري أو
ّ العربية هي أنّ هذا التفكري
ّ الثقافة
ثم بتطوير هذه املواجهة وينفتح هبا عىل احلضارية وحدها ،وعىل أن يقوم من ّ ّ خصوصيته
ّ الوجود انطال ًقا من
العريب إىل
ّ الفكري
ّ كيفيات اإلقبال
األساسية تكمن يف ّ
ّ هوية أصيلة» .فاملشكلة
(((1
حضورا ذا ّ
ً اآلخرين حم ّققًا
العربية .ومن الواضح أنّ الفلسفة هي العلم الوحيد القادر عىل النظر الناقد ّ ين يف املجتمعات الواقع اإلنسا ّ
اإلنسانية
ّ العريب ،ويف طبيعة املقاربات التي هبا تتناول العلوم
ّ العريب ،ويف واقع اإلنسان ّ يف واقع النظام املعر ّ
يف
األول والواقع الثاين وارتباطهام املتعثّر. الواقع ّ
ال إذا العريب ال يستقيم إ ّ
ّ ّ
للتفكر اإلبستمولوجية الناظمة
ّ اخللفية
ّ الفكري عن
ّ التحري
ّ لذلك ،ينبغي التذكري بأنّ
ين بحسب ين واإلنسا ّدائم عن املعنى األشمل للوجود الكو ّ بحث ٌ رعته الفلسفة رعاي ًة شامل ًة .ذلك أنّ الفلسفة ٌ
ين ك ّلها .والفلسفة حتمل إىل اإلنسان املستقل ويف استنهاض شامل لطاقات الوعي اإلنسا ّ ّ يل مقتضيات ّ
التفكر العق ّ
التجدد واالنسالك يف السياق ّ ين ويستتيل من تلقاء نفسهالسؤال األصعب الذي يصيب عمق الكيان اإلنسا ّ
كل زمن من األزمنة. الناس يف ّ
َ التارخيي املتغيرّ .فالفلسفة تدنو من احلياة لتستنطقها عن رسائلها التي تستكتبها
ّ
وال تني الفلسفة تعارك احلياة وتعاركها احلياة .ولذلك كان من ألزم رشوط الفلسفة التبصرّ يف نداءات الوجود
أيضا كانت الفلسفة ،عىل وجه املفارقة ،أرقى واجلامعية .ولذلك ً
ّ الفردية
ّ اإلنسانية
ّ املنبثقة من صلب املعاناة
اليومية التي يندر أن يمتهنها اإلنسان يف زمن العوملة .ومن مغريات الفلسفة املربكة أنهّ اّ العلوم وأعرس الصناعات
َ
اإلنسان ف ُتعتقه من املوروثات املجافية ّ
َستحل حيرر اإلنسان حترير التح ّلل والبناء .فالفلسفة ت
العلم الوحيد الذي ّ
كيانيا جديدً ا يراعي مقتضيات االنسالك يف معرتك احلياة. املستجد .والفلسفة تبني اإلنسان ف ُتنشئ له بنيانًا ًّ
ّ للواقع
العريب عىل وجه العموم ،ويف سياق التعليم ّ االجتامعي
ّ وحني يتبصرّ املرء يف واقع الفلسفة يف نطاق االختبار
األول
املوضوعية تقتيض أن يحُ َمل السؤال عىل وجهني .الوجه ّ ّ ين عىل وجه اخلصوص ،فإنّ األمانة اجلامعي اللبنا ّ
ّ
ّ
العريبّ .أما الوجه الثاين ،فيتطلب النظر يف طبيعة ّ يقتيض النظر يف واقع الوظيفة التي تضطلع هبا الفلسفة يف العامل
العريب
ّ العريب( .((1غري أنّ احلديث عن عالقة الفلسفة بالعامل ّ الوظيفة التي ينبغي للفلسفة أن تضطلع هبا يف العامل
وجوديا ،متعث ٌّر متش ّن ٌج
ًّ مكبوت
ٌ تقنيا ،متألمّ ٌ
متوع ٌك ًّ
متأخ ٌر ّالعريب ّ
ّ العريب .فالعامل
ّ ال يستقيم إ ّ
ال بمعاينة واقع العامل
السلبية التي يعاينها املرء مرتسم ًة عىل
ّ روحيا .هذه هي السامت ًّ ملتبس
ٌ متذبذب
ٌ دينيا،
حمموم ًّ
ٌ مضطرب
ٌ عقليا،
ًّ
النفس إطالل ُته عىل آفاق القرن احلادي والعرشين. َ تحُ
حميا هذا العامل الذي زن ّ
الفكرية التي
ّ العريب ما ّ
انفكت أسرية األنظومة ّ تتخبط فيها جمتمعات العامل
الثقافية التي ّ
ّ الوضعية
ّ واحلقيقة أنّ
اإلنسانية الناشطة
ّ املعرفية ألوضاع االختبارات
ّ ٌ
أنظومة َبطلت مالءم ُتها كانت سائدة يف القرون الوسطى .وهي
يف الزمن احلارض ،ألنّ أصوهلا ومنطقها ومبادئها ومفاهيمها ومقوالهتا ومناهجها شاخت وك ّفت عن أن تعبرّ
يل قد ُأغلق حني آثر العرب منارصة
ين .ويف يقيني أنّ باب االجتهاد العق ّ
املستجدات الطارئة عىل الوعي اإلنسا ّ
ّ عن
العريب تستوجب االستفسار اخلطرة التي تعصف بالعامل الغزايل والتخليّ عن ابن رشد .بيد أنّ األزمة العقلية ِ
ّ ّ
اإلسالمية »،اآلخر ،العدد ،)2011( 1ص .75
ّ العربية
ّ الفلسفي يف الثقافة
ّ النظرية للتفكري
ّ األسسحممد إسرب« ،نقد ُ 17عىل ّ
عملية الفكر يف ذاهتا .انظر :مطاع صفدي ،ماذا يعني أن ّ
نفكر اليوم؟ فلسفة ّ استنطاق عىل املعارصين العرب رين ّ
املفك أسئلة 18تتضافر
القومي.)2002 ،
ّ اإلنامء مركز (بريوت: ة احلضاري
ّ ةاالسرتاتيجي
ّ نقد ة السياسي
ّ احلداثة
العدد 2
عربية».
يت« :ال أعتقد أنّه لدينا اليوم فلسفة ّ
العريب الذا ّ
ّ الفلسفي
ّ كثري من الفالسفة العرب املعارصين إىل القول بانعدام البناء
19يميل ٌ
انظر :اجلابري ،ص .188
211 تعليما وتع ّل ًما في الجامعة اللبنانيّة
ً العربي :الفلسفة
ّ مصائر الفلسفة في العالم
دراسات
ملسلك اإلنسان يف التاريخ ،فإنهّ ا متنحه الفرصة والقدرة عىل النظر إىل ذاته وإىل اآلخرين نظر ًة جديدةً .وهذا ما
العريب يف الزمن احلارض.
ّ حيتاج إليه العامل
نقدي ًة
ورأس الكالم يف هذا الباب أنّ الفلسفة هي وحدها من بني سائر العلوم قادر ٌة عىل مقاربة اإلنسان مقارب ًة ّ
الوضعية ّ املعرفية التي هبا تنتظم العلوم
ّ اخللفية
ّ ب ّناء ًة شامل ًة ،وأنّ هذه املقاربة هي وحدها قادر ٌة عىل استجالء
النقديةّ اإلبستمولوجية ينبغي أن ختضع عىل الدوام للمراجعة ّ اخللفية
ّ اإلنسانية ،وأنّ هذه
ّ وسائر العلوم
التارخيية ّ العربية
ّ واألنرتوبولوجية التي تضطلع هبا الكينونة
ّ العلمية
ّ التقويمية باالستناد إىل معطيات االختبارات
ّ
صحة الربط بني الواقع (املستند األخري تطور هذه االختبارات يستتيل التحقّق الدائم من ّ واجلامعية ،وأنّ ّ
ّ الفردية
ّ
اللغوي األنسب عن هذه االختبارات). ّ (التعبري واخلطاب الواقع) إىل الوحيد (السبيل واالختبار للفكر)
الثقافية ّ اخلصوصية
ّ الثالثية التي تقوم عليها
ّ بالتحري الرصني عن هذه العالقة ّ ٌ
خليقة وحدها الفلسفة
الفلسفي
ّ التحريّ العربية إ ّ
ال باالستناد إىل ّ الثقافية
ّ اخلصوصية
ّ اإلنسانية .وما من سبيل إىل النظر يف
ّ للمجتمعات
الشخصية ّ العربية أن تُفرد لتعليم الفلسفة املقام األرفع يف بناء ّ الرصني .ولذلك كان من واجب اجلامعات
احلضارية وأن جتتنب السقوط يف ّ العربية أن خترج من غفوهتا ّ العربية املقبلة .وإذا ما أرادت املجتمعات
ّ الثقافية
ّ
االجتامعي
ّ تعزز يف الفلسفة أثرها الوجودية املعارصة املقلقة ،كان من ألزم واجباهتا أن ّ
(((2
ّ متاهات الفراغات
والسيايس املبارش.
ّ
اللبنانية
ّ تعليم الفلسفة في الجامعة
إشكالياته المتدافعة
ّ في
الجامعي المعاصر
ّ التعليمي
ّ آل ّيات صوغ البرامج الجديدة في النظام
اإلنسانية وأساليبه وطرائقه ،أنشئت يف اجلامعة ّ اجلامعي املعارص يف العلوم ّ يف سياق جتديد أصول التعليم
الغريب
ّ اجلامعي
ّ التعليمي اجلديد املوافق ملقتضيات اإلصالح ّ اللبنانية جلانُ اختصاص اعتنت بصوغ الربنامج ّ
الفكرية التي
ّ ة اخللفي
ّ أنّ غري التغيري، من نصيبه ة اللبناني
ّ اجلامعة يف الفلسفي
ّ التعليمي
ّ الربنامج ونال املنشأ.
الفكرية التي ألزمت مثل هذا اإلصالح يف اجلامعة ّ اخللفية
ّ الغربية ال تؤايت
ّ ألزمت هذا اإلصالح يف اجلامعات
الغربية
ّ التعليمية
ّ حركة اإلصالحُ اللبنانية فرضتها
ّ اللبنانية؛ فاحلاجة إىل تطوير تعليم الفلسفة يف اجلامعة
ّ
اجلامعي
ّ التنظيمية للتعليم
ّ اخلاصة يف لبنان إىل استدخال متط ّلبات هذا اإلصالح يف البنية ّ ومسارعة اجلامعات
اإلصالحية من تلقاء ذاهتا،
ّ اللبنانية مل تستشعر مثل هذه الرضورة ّ املحليّ ّ .ومن مدلوالت هذا اإلكراه أنّ اجلامعة
الغربية ،وطفقتّ التنظيمية
ّ التعليمي ،بل اعتمدت البنية
ّ نقدية تستبق اإلصالح ميدانية ّ
ّ ومل تعمد إىل دراسات
اللبناني
ّ تعليم الفلسفة في قرائن الواقع
ين.
اللبنانية من دون التبصرّ يف قرائن املجتمع اللبنا ّ
ّ ما من سبيل إلدراك صعوبات تعليم الفلسفة يف اجلامعة
اخللفية احلاكمة ملقام الفلسفة .وبمعزل عن معاثر ّ اللبنانية هي التي ترسمّ االجتامعية
ّ ذلك أنّ طبيعة احلياة
اخللفية
ّ اجلامعية ،فإنّ احلديث عن
ّ الطائفية واسترشاء الفساد وتقهقر األخالق ّ اللبنانية ومساوئ
ّ الديمقراطية
ّ
اللبنانية يف صميم قوامها .ومع أنّ اضطرابات الواقع اللبنا ّ
ين ّ الذهنية
ّ االجتامعية احلاكمة يقتيض النظر يف طبيعة ّ
تناقض ما تنطوي عليه الفلسفة من تعشّ ق للحكمة ،وهتذيب لألخالق ،ونبل يف املعاملة ،وصدق يف طلب املثال
اخللفية هو الذي يستجيل حقيقة املقام
ّ ين ،فإنّ احلديث عن هذه األعىل ،وتبصرّ ناقد يف عثرات الوجود اإلنسا ّ
اللبنانية يمكن املرء أن يصفه بمخالفته للنشاط
ّ الذهنية
ّ قائم عىل نمط من ين ٌ يل للفلسفة .فاالجتامع اللبنا ّ الفع ّ
مشاعرية .ولذلك ال
ّ عاطفية،
ّ انفعالية،
ّ جتريدي ًة ،بل
ّ ذهني ًة
اللبنانية ليست ّ
ّ فالذهنية
ّ التجريدي املحض.
ّ يلالعق ّ
األفهومي.
ّ والتصور
ّ الريايض
ّ النظري واملنطقّ تلقائيا يف سياق التمثّل
ًّ ين
الذهني اللبنا ّ
ّ ينسلك النشاط
يت الذي ين الذا ّ
الفلسفي اللبنا ّ
ّ ين انعدام البناء السلبية التي تعيق ازدهار الفلسفة يف املجتمع اللبنا ّ
ّ ومن اخلصائص
الذهني
ّ العفوي يف مثل هذا النشاط ّ واجلامعي ،و ُيلهم األفراد واملجموعات االنتظام
ّ الفردي
ّ ينشب يف الالوعي
اللبنانية عن
ّ اللبنانيني ،بل الشعر واألدب مها السبيل الذي به تُفصح الذات ّ املتط ّلب .فالفلسفة ليست من إرث
ين، ّ
التفكر اللبنا ّ تشلالبنيوي ،ينبغي إلقاء البال إىل املعضلة الكأداء التي ّ ّ باطنها( .((2ويف سياق هذا التحليل
اللبنانيون
ّ املحكية التي هبا ُيفصح
ّ اللبنانية
ّ فاللبنانيون ال لغة هلم .والع ّلة يف ذلك أنّ اللغة
ّ عنيت هبا مشكلة اللغة.
شاملة تذاهبهاٌ فكري ٌة
ّ ٌ
فلسفة أو عامر ٌة عفويا عماّ خيتلج يف صدورهم ،هذه اللغة املح ّل ّية مل تنشأ هلا ًّ إفصاحا
ً
ديمقراطي ألعضاء اللجنة التي نيط هبا صوغ برنامج اإلجازة واملاسرت والدكتوراه يف ّ 21كان من األصوب أن ُيصار إىل انتخاب
اللبنانية اخلمسة من
ّ اجلامعة فروع يف الفلسفة أساتذة بني من ة اللبناني
ّ اجلامعة يف املسؤولة عينتهم اإلدارة الفلسفة .واحلال أنّ األعضاء ّ
معاثر التبعثر ،إذ إنّ صوغ موا ّد
ُ الالديمقراطي ،اعرتت الصوغ
ّ اإلجراء هذا عىل ة
ً وعالو الفروع. هذه غري أن ينتدهبم زمالؤهم يف
بتصور جمتزأ حللقات البحث ّ انفراد اإلدارة
ُ اإلجازة مل ترتبط بصوغ موا ّد سنتي املاسرت األوىل والثانية .و ّمما يفاقم من خطورة التعثّر
التباسا
ً شك فيه أنّ مثل هذا التبعثر يف صوغ برنامج الفلسفة يف مراحله الثالث (أمد) يستتيل الب الدكتوراه يف الفلسفة .و ّمما ال ّ امللزمة لط ّ
الب الفلسفة منذ السنة األوىل يف اإلجازة ح ّتى السنة األوىل البحثية املعتمدة يف تنشئة ط ّّ واحللقات رات املقر
ّ طبيعة يف ا وتدافع
ً وتضار ًبا
يف الدكتوراه.
منتديات الفكر صف َة الفيلسوف عىل أهل األدب والشعر الذين نبغوا يف مضامر ُ اللبنانية أن تُطلق
ّ الثقافية
ّ 22من غريب األعراف
ين أن يطلقاألديب ،يف حني أنّ اخلفر واالتّضاع يمنعان عىل الفكر األملا ّ
ّ إبداعهم يف ٌ
فالسفة هم لبنان شعراء إبداعهم الف ّن ّي .فإذا بكبار
ردر. صف َة الفيلسوف عىل النوابغ من أمثال غوتّه ِ
وه ِ
213 تعليما وتع ّل ًما في الجامعة اللبنانيّة
ً العربي :الفلسفة
ّ مصائر الفلسفة في العالم
دراسات
الغربي
ّ العربي والفكر
ّ حدة التو ّتر الناشط بين الفكر
تعليم الفلسفة في ّ
قصورا مقلقًا يف
ً العريب املعارص ما ّ
انفك يعاين ّ العربية .فالفكر
ّ بيد أنّ املشكلة هي أخطر نشو ًبا يف عمق الثقافة
رضب من الرصاع احلا ّد بني رضورة ٌ العريب .ولذلك ينشأ
ّ العريب واالجتامع
ّ ذاتية اإلنسان
يل عن ّ التعبري األص ّ
الفكري
ّ ين ورضورة االعتصام باالختبار الغريب يف التعبري عن حقائق الواقع اإلنسا ّ
ّ بصوابية الفكر
ّ االعرتاف
الفكرية التي فازت
ّ الذاتية .وبام أنّ مثل هذا االختبار ال يرقى إىل مستوى اإلصابةّ العريب يف التعبري عن هذه
ّ
ٌ
كرهة يف الكثري من العربية املعارصة ُم
ّ الوضعية يف الغرب املعارص ،فإنّ الفلسفة
ّ اإلنسانية والعلوم
ّ هبا العلوم
الغربية(.((2
ّ األحيان عىل االستغاثة بمكتسبات هذه العلوم
الفلسفية
ّ اللبنانية رضو ًبا ش ّتى من االلتباس ،فاملذاهب
ّ ونظرا إىل مثل هذا التوتّر ،يعاين تعليم الفلسفة يف اجلامعة
ً
والسيام يف املرحلتني األوىل والثانية من املراحل الثالث (أمد) ،ال يمكن ّ ،التعليمي
ّ الربنامج يستعرضها التي
والعربية ،وجرى اإلفصاح
ّ اللبنانية
ّ واملعنوية .فهي نشأت يف غري البيئة
ّ واللغوية
ّ الوجودية
ّ استيعاهبا يف غربتها
العريب السائد.
ّ غري منطق الفهم
منطق هو ُ ٌ ين فهماً للواقع ُ
ينظمه العربية ،ومحلت إىل الوعي اإلنسا ّ
ّ عنها يف غري اللغة
والتارخيية
ّ الوجودية
ّ اللبنانية إدراك السياقات
ّ وهلذه األسباب جمتمع ًة يستصعب طالب الفلسفة يف اجلامعة
املتميزة التي تنطوي عليها مثل هذه املذاهب. املجردة ّّ التعبريية واملضامني
ّ املعنوية واخلصائص
ّ واللطائف
العريب والفكر
ّ اللبنانية ،يف سياق املواجهة احلا ّدة بني الفكر
ّ ومن أخطر صعوبات تعليم الفلسفة يف اجلامعة
التعبريية عن مضامني هذه
ّ قدرا عظيماً من الطاقة
احلية التي أظهرت ً األجنبية ّ
ّ الغريب ،صعوبة التض ّلع من اللغات
ّ
الب الفلسفة أن يركنوا إىل االجتهادات واإلنكليزية .وال يستطيع ط ّ
ّ والفرنسية
ّ األملانية
ّ املذاهب ،ويف طليعتها
األوروبية ذات
ّ الفلسفية
ّ «ولكن العرب املعارصين مل جيهدوا أنفسهم يف ما يمكن أن يستنبط من هذه اللغة لتعريب املصطلحات ّ 28
ين الشامل .كام مل جيهدوا أنفسهم يف ما يمكن أن ُيستنبط
البرشية ،بوصف هذا املعنى معبرّ ً ا عن الروح اإلنسا ّ
ّ شعوب بني املشرتك املعنى
عاملية يف
نظرية ّ
ين واخلليل بن أمحد الفراهيدي وعثامن بن جني وغريهم ،إلبداع ّ اللسانيات العرب ،اجلرجاين والروما ّ
ّ من كتب علامء
األوروبية املعارصة يف فلسفة اللغة» .انظر :خرضة ،ص .35
ّ املدارس غرار عىل والفوناطيقا)، والسيامنطيقا اهلريمنيوطيقا (يف فلسفة اللغة
العدد 2
الفلسفي بحسب
ّ التعليمي
ّ اللبنانية يف جتديد الربنامج
ّ اإلنسانية يف اجلامعة
ّ اجتهدت ك ّل ّية اآلداب والعلوم
ووفّقت اللجان يف اقرتاح بعض املسارات واملوا ّد الغربيةُ .
ّ التطور والتجديد التي استنسبتها اجلامعات
ّ مقتضيات
التنوع
ال لبعض من ّ العاملي ،فأتى الربنامج اجلديد حام ً
ّ الفلسفي
ّ التجدد يف الفكر
ّ واملقررات التي تواكب حركة
ّ
التعليمية ابتدا ًء من الفصلني اخلامس والسادس ،حيث انطوى الربنامج عىل ّ والسيام يف تفريع املسارات
ّ املفيد،
واالجتامعية ،الفلسفة وعلم النفس،
ّ السياسية
ّ العامة ،الفلسفة والعلوماختيارية (الفلسفة ّ
ّ تعليمية
ّ أربعة مسارات
واملهني.
ّ البحثي
ّ الفلسفة واإلعالم والتوثيق) ينخرط فيها طالب الفلسفة وفا ًقا لرغبته وطاقته وتط ّلعه
الب الراغبني اإلنسانية األخرى ،وجعلها يف متناول الط ّ ّ ربط الفلسفة بحقول العلوم ومن فوائد هذا التنويع ُ
األساسية تكمن
ّ التارخيية .بيد أنّ مشكلتها
ّ اإلنسانية يف خمتلف جت ّلياهتا
ّ فلسفي مفيد للحياة
ّ بتصور
ّ يف الفوز
األساسية املرتبطة بتاريخ
ّ مقررات التعليم يف التباس الصلة التي تربطها بموا ّد الفصول األربعة األوىل ،وهي ّ
األول (فلسفة اللغة والتأويل ،الفلسفة الفلسفة وباملنطق واإلبستمولوجيا واألخالق .فإذا استثنى املرء املسار ّ
الفلسفي ،فلسفة التاريخ ،فلسفات الكائن ،قضايا ومشكالت ّ والدين والقضايا املعارصة ،مناهج التفكري
عضويا بموا ّد الفصول األربعة األوىل،
ًّ العامة الذي ينطوي عىل املوا ّد املرتبطة ّ فلسفية) ،وهو مسار الفلسفة
ّ
الفلسفي املحض ،ولو أنهّ ا تستدعي
ّ ر ّ
التفك حقل غري هي ة خاص
ّ حقول يف تنبسط األخرى الثالثة املسارات فإنّ
متيزها قد تربك أساتذة الفلسفة يف قدرهتم عىل اخلوض ولكن سمة االختصاص التي ّ ّ الفلسفي الناقد.
ّ التبصرّ
ّ
متمك ًنا. ً
إبالغا أمي ًنا البفيها وإبالغها إىل الط ّ
املقررات،
صية تَعمد هي إىل توصيف ّ ختص ّ
الفلسفية إىل فرق ّ
ّ فرزون فيه بحسب اختصاصاهتم مجاعي ُي َ
ّ يف عمل
الفلسفية.
ّ وضبط مراجعها ومستنداهتا ،وحتديثها ،وانتهاج طرائق التدريس املالئمة لطبيعة املوا ّد
األول والثاين من املاسرت ،فإنّ العناوين التي يقع عليها تنبئ عن تفحص املرء املوا ّد املستدخلة يف الفصلني ّ
وإذا ما ّ
بحثية» .ومع أنّ
املقررات ،فهي عبارة «حلقة ّ وأما العبارة الساترة خلبايا هذه ّ خماطر التكرار ّ
اململ ملوا ّد اإلجازةّ .
ين
وتناول الواقع اإلنسا ّ ُ جتديدية،
ّ نقدية
الفلسفي قراء ًة ّ
ّ الغربية هو قراءة الرتاث
ّ املراد هبذه احللقات يف اجلامعات
َ
تناول النقد والتقويم والسيايس والف ّن ّي
ّ واالجتامعي والديني واألخالقي الفكري
ّ املستجد يف حقول االختبار
ّ
ّ ّ ّ
الوسيطي والفكر احلديث والفكر ّ ين القديم والفكر واالسترشاف ،فإنّ االكتفاء بحلقات ّ
بحثية يف الفكر اليونا ّ
التوجه احلا ّيل يف
ّ املعارص إنّام يشبه الرغبة يف استكامل ما سقط رشحه يف سنوات اإلجازة الثالث .ويف حني أنّ
وتأوهلا ،غري أنّ هذاالتارخيية وقراءهتا ّ
ّ األصلية يف هذه احلقب
ّ فروع الفلسفة اخلمسة يقيض بتناول النصوص
اجلهد ينبغي أن يكون األستاذ والطالب قد اضطلعا به يف سنوات اإلجازة.
املقررات املستدخلة ،فيعرس عليه متييز مضامني املوا ّد بعضها بعض من التكرار املربك يف عناوين ّ ويستوقف املرء ٌ
إظهارا ملثل هذا التكرار هو ما ّدة احلضارات وقد ظهرت عىل تعاقب الفصول واحللقات ً األشد
ّ من بعض .واملثال
إلزامي اسمه «فلسفة احلضارات» ،والفصل ّ مقرر
مسميات ش ّتى؛ فالفصل الثاين من اإلجازة ينطوي عىل ّ يف ّ
اختياريا اسمه «العوملة وحوار احلضارات» ،والفصل الثاين من املاسرت يدرج ًّ مقر ًرا الثالث من اإلجازة يقرتح ّ
مقر ًرا اسمه «ثقافة وحوار احلضارات» ،والفصل الثالث من املاسرت يف والتوثيق ّ يف مسار الفلسفة واإلعالم الثقا ّ
إلزاميا اسمه «حلقة بحث يف الفلسفة واحلضارة» ،ويستدرك االعرتاض بإضافة العبارة املبهمة ًّ مقر ًرا
يفرض ّ
األول من اإلجازة وإشكاليات» .ويقع املرء عىل التكرار املربك عينه يف ما ّدة حتليل النصوص؛ فالفصل ّ ّ «قضايا
فلسفية» ،والفصل الثاين من اإلجازة ّ مقر ٌر اسمه «نصوص ومصطلحات مقررات ثالثة منها ّ خييرّ الطالب بني ّ
العربية» ،والفصل
ّ فلسفية باللغة
ّ البيانية :نصوص ومصطلحات ّ مقرر اسمه «العلوم يقرتح عىل الطالب اختيار ّ
فلسفية حديثة ومعارصة»، ّ مقر ًرا اسمه «حتليل نصوص العامة ّ
ّ السادس من اإلجازة ُيدرج يف مسار الفلسفة
فلسفية
ّ مقر ًرا اسمه «حتليل نصوص العلمي ّ
ّ العامة والبحث
والفصل الثاين من املاسرت يستدخل يف مسار الفلسفة ّ
البحثية التي تتناول حقب الفكر ّ ويصح االعرتاض عينه يف مسألة احللقات ّ األجنبية».
ّ ومصطلحات باللغة
التارخيية
ّ مقررات تتناول احلقب والوسيطية واحلديثة واملعارصة ،إذ يعود الطالب يف املاسرت إىل ّ ّ الفلسفي القديمة
ّ
البحثية (حلقة بحث يف تاريخ الفلسفة القديمة والوسيطة ،حلقة بحث يف تاريخ ّ احللقة ة منهجي
ّ إطار يف عينها
ويتكرر األمر عينه يف
ّ الغربية احلديثة واملعارصة).
ّ واملغربية ،حلقة بحث يف تاريخ الفلسفة ّ املرشقية
ّ العربية
ّ الفلسفة
الفلسفية األخرى ،إذ يقع الطالب عىل حلقات بحث يف السياسة ويف األخالق ،ويف الفينومنولوجيا ّ حقول املعرفة
الفلسفية املعارصة ،ويف سواها من احلقول التي سبق للطالب أن ارتادها يف ّ التيارات واملذاهب والوجودية ،ويف ّ
ّ
يتطرقوا إليها يف سنواتسنوات اإلجازة .والقصد من هذا ك ّله أن يعمد األساتذة إىل اخلوض يف مسائل جديدة مل ّ
والتوسع
ّ يف نفسه ،حتمل يف مطاوهيا خماطر التكرار التارخيية عينها ،أو احلقل املعر ّ
ّ اإلجازة .غري أنّ استعادة احلقبة
اطلع عليها يف أبحاثه وقراءاته يف غضون سنوات اإلجازة. املضجر يف القضايا التي سبق للطالب أن ّ
املقررات اجلديدة التي تنسلك يف اختصاصات علم النفس بعضا من ّ واتّقا ًء ملثل هذا التكرار ،استدخلت اللجان ً
وخصوصا يف برنامج املاسرت،
ً وعلم االجتامع وعلم السياسة وعلم االقتصاد واإلعالم .فأتى مثل هذا التجديد،
الفلسفي ،إذ انبسطت هذه
ّ التعليمي
ّ تعليمي يوازي ،عىل يشء من املنافسة ،املرسى
ّ أشبه باستحداث مرسى
املسميات
االطالع عىل بعض ّ الفلسفية البحتة .ويكفي ّ
ّ معرفية مستق ّلة عن حقل املعرفة
ّ املوا ّد اجلديدة يف حقول
العدد 2
القانونية اإلبقاء عىل امتحان االستلحاق يف ك ّل ّية اآلداب ،وهو االمتحان الذي ما عاد يتواءم
ّ ومن معاثر البنية
اجلامعي؛ فالتقييم
ّ متدر ًجا إىل األداء
استنهاضا ّ
ً التعليمي اجلديد (أمد) القائم عىل استنهاض الط ّ
الب ّ هو والنظام
املقررات اجلديد يتوزّ ع عىل مراحل ش ّتى ،ويستنفر الطالب إىل
اجلامعي بمقتىض نظام ّ
ّ الذي حيصل عليه الطالب
مطرد .ولذلكُ ،يفرتض يف العالمة التي يناهلا الطالب أن تكون قد تأ ّلفت من جمموع التقييم الذي أكاديمي ّ
ّ جهد
األ ْم ِلية.
حصل عليه الطالب يف خمتلف املراحل التي ُيفحص فيها عن كفاءته يف استيعاب مضامني ُ
اللبنانيني املعارصين
ّ الطليعيني وأساتذة الفلسفة النابغني ،وحرص حلقة الفالسفة ّ 29إذا جازف املرء فاستثنى أهل الفكر واألدب
األول شارل مالك ورنيه حبيش وكامل يوسف احلاج وفريد جرب وبولس اخلوري وناصيف املبدعني بخمسة فالسفة أو س ّتة ،ذكر يف املقام ّ
بنهوضه ورقيه.
ّ اخلليقة السليمة ة الفكري
ّ ة باخللفي
ّ ورفده ين
ّ اللبنا املجتمع أوضاع تقويم يف طي ًبا نصار .وهؤالء ك ّلهم أدركوا أنّ للفلسفة ً
أثرا ّ ّ