Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 28

‫المكتبة القانونية االلكترونية‬

‫‪www.bibliojuriste.club‬‬

‫المسؤولية الجنائية عن فعل الغير في الجرائم اإلقتصادية‬

‫تحت إشراف الدكتورة ‪:‬‬


‫لطيفة المهداتي‬

‫السنة الجامعية‪2015-2014 :‬‬

‫‪1‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫مقدمة‬

‫الشك أن مجرد القول بوجود مسؤولية جنائية عن فعل الغير كاف ألن يثير القلق وينبه إلى قيام‬
‫إضطراب يدعوا اإلنسان إلى التفكير العميق في تفسير هذه المسؤولية ومبررات تقريرها‪ ،‬ذالك أنه إذا‬
‫أمكن قبول مبدأ المسؤولية المدنية للمتبوع عن األفعال الضارة التي تقع من تابعه ‪ ،‬فإنه اليسوغ أبدا‬
‫معاقبته بهذه الصفة طالما أنه لم يصدر عنه ما يجرمه القانون ويتناوله بالعقاب‪. 1‬‬

‫فالمسؤولية عن فعل الغير وجدت منفذا تنفذ منه إلى القانون المدني ليقع التنصيص عليها داخل‬
‫نصوصه القانونية ‪ ،‬أما في القانون الجنائي حيث تسود قاعدة شخصية المسؤولية الجنائية فال يسأل أحد‬
‫إال عن خطئه الشخصي ‪،‬وهو مبدأ أقرته وكرسته جل التشريعات الحديثة بعد أن كافح الفكر الجنائي‬
‫طويال حتى وصل إليه‪. 2‬‬

‫فاإلنسان ال يسأل بوصفه فاعال أو شريكا إال عما يكون لنشاطه ‪،‬دخل في وقوع تلك األعمال‬
‫التي نص القانون على تجريمها سواء كان بالقيام بفعل او باإلمتناع الذي يجرمه القانون ‪،‬إذ يقتضي‬
‫المنطق أن التتعدى المسؤولية مرتكب الجريمة إلى سواه ممن لم يسهم فيها بوصفه فاعال أو شريكا ‪.‬‬

‫وال شك أن الخوض في هذا الموضوع ليس باألمر الهين ‪،‬حيث يعد هذا من ضمن المشكالت‬
‫القانونية التي تشعبت فيها اآلراء وإختلفت فيها المواقف فإ ذا كان مبدأ مسؤولية الشخص الطبيعي وكذا‬
‫المعنوي من الناحية المدنية امرا مسلما به‪،‬حيث يسأل هذا الشخص عن األضرار التي تصيب الغير‬
‫وذالك نتيجة أعمال من يمثلونه قانونا أثناء أدائهم لوظائفهم‪ ،‬إال أن تأصيل هذا المبدأ أو تأسيسه جنائيا هو‬
‫محل خالف كبير‪ ،‬أمام هذا الخالف حول تأسيس المسؤولية الجنائية عن فعل الغير في الجرائم‬
‫اإلقتصادية برزت الى الوجود مجموعة من التساؤالت كلها وغيرها تتمحور في األساس حول إقرار هذه‬
‫المسؤولية أو نفيها ومنها تبرز أهمية الموضوع ودقته ‪.‬‬

‫وبناءا على ما قيل نرى ان التعرض لمشكلة المسؤولية الجنائية عن فعل الغير في الجرائم‬
‫اإلقتصادية ومحاولة البث فيها على وجه من األوجه ‪ ،‬أضحى في غاية األهمية سيما وأن هذه المسؤولية‬
‫قد عرفت تنظيما ضاربا في القدم رافق البشرية منذ نشأتها أضف إلى ذالك أن تقريرها كان والزال سببا‬
‫في إتساع الخالف حول األساس القانوني الذي ترتكز عليه ‪.‬‬

‫‪ 1‬محمود عثمان الهمشري‪،‬المسؤولية الجنائية عن فعل الغير‪ ،‬دار الفكر العربي‪1969،‬القاهرة ص ‪1‬‬
‫محمد كمال الدين إمام‪،‬المسؤولية الجنائية(أساسها و تطورها)‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،‬المؤسسة الجامعية بيروت‪ 1991 ، ،‬ص‬
‫‪2052‬‬
‫‪2‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫إن موضوع المسؤولية االجنائية عن فعل الغير في الجرائم اإلقتصادية تمخضت عنه‬
‫مجموعة من التساؤالت والتي عكست بحق أهمية هذا الموضوع غير ان اهم هذه التساؤالت يتجلى في‬
‫إلى اي حد فرض الحفاظ على المصالح اإلقتصادية خروج المشرع عن القواعد العامة المقررة في‬
‫القانون الجنائي؟‬

‫وتتناسل عن هذه اإلشكالية عدة تساؤالت فرعية نوردها على الشكل التالي‪:‬‬

‫ما هي مبررات إيجاد المسؤولية الجنائية عن فعل الغير في الجرائم اإلقتصادية ؟‬

‫وما هي العوامل التي ساعدت على إتساعها؟‬

‫وعلى اي أساس قبلت التشريعات وبعض اإلجتهادات القضائية هذه المسؤولية ؟‬

‫وماهو السند القانوني الذي يمكن تقديمه لتأسيس المسؤولية الجنائية عن فعل الغير مما يجعلها تتوافق‬
‫والمبادئ العامة للقانون الجنائي؟‬

‫وما هي الظوابط والشروط التي تحكم إسناد هذه المسؤولية؟‬

‫وكيف عمل المشرع المغربي على تنظيم هذا النوع من المسؤولية؟‬

‫كل هذه المعطيات واألسئلة هي التي تعكس رغبتنا في إجراء هذا العرض وذالك بهدف‬
‫حصر وتحديد أساس هذه المشكلة وأبعادها ‪،‬وهذا على ضوء جملة من الدراسات المختلفة سيما‬
‫التشريعية منها‪.‬وذالك باإلعتماد على الدراسة المقارنة التي نسعى من خاللها اإلجابة على الكثير من‬
‫اإلشكاليات التي تطرح بصدد هذا الموضوع‪ ،‬إذ أن جانب المقارنة هنا ليس من باب استكمال‬
‫النقائص فحسب وإنما هو جانب أساسي أملته طبيعة الموضوع‪.‬‬

‫وبناءا على ذالك قسمنا الموضوع على الشكل التالي‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬معالم المسؤولية الجنائية عن فعل الغير في الجرائم االقتصادية‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬تطبقيات إسناد المسؤولية الجنائية عن فعل الغير في الجرائم‬


‫االقتصادية‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫المبحث األول‪ :‬معالم المسؤولية الجنائية عن فعل الغير في الجرائم‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫منذ أوائل القرن الثامن عشر‪ ،‬أصبح القضاء والتشريع بعده يعاقب أشخاصا ليسوا هم‬
‫الفاعلين الماديين للجرائم ‪،‬واليمكن أن ينسب إليهم إإلشتراك فيها‪ ،‬وبذالك ظهرت فكرة المسؤولية‬
‫الجنائية عن فعل الغير وحظيت بعناية واسعة في مطلع القرن التاسع عشر‪،‬وذالك بفعل شيوع إستخدام‬
‫اآللة والعمل لحساب الغير‪،‬سواء كان هذا األخير فردا أم شخصا معنويا ‪،‬مما فتح المجال أمام التوسع‬
‫في رقعة مسؤولية الطرف األقوى إقتصاديا كصاحب المصنع أو المؤسسة التجارية عن أية جريمة‬
‫‪3‬‬
‫يرتكبها أحد عماله أو تابعيه ‪.‬‬

‫وقد ساد اإلتجاه نحو توسيع دائرة المسؤولين عن فعل الغير في الجرائم اإلقتصادية‪،‬ويظهر هذا‬
‫اإلتجاه في التقارير التي قدمت للمؤتمر الدولي السادس لقانون العقوبات الذي عقد في روما سنة ‪1953‬‬
‫وقد ظهرت هذه السياسة خاصة إثر الحرب العالمية‬ ‫‪4‬‬
‫والتي أدت إلى إصدار توصية في هذا الشأن‬
‫الثانية نتيجة ما خلفته تلك الحرب من ضمار وفوضى وأزمات مما إستوجب تدخل الدول بغية تنظيم‬
‫العالقات اإلقتصادية بين األفراد وحماية المصالح اإلقتصادية ‪،‬وهذا التدخل المتزايد من طرف الدولة في‬
‫تنظيم العالقات اإلقتصادية تبعته بالضرورة إجراءات جنائية مقابلة كان من بينها توسيع المسؤولية‬
‫الجنائية في الجرائم اإلقتصادية عن فعل الغير ‪،‬ومرد ذالك كله أن تحقيق أغراض السياسة اإلقتصادية‬
‫للدولة مرهون بتنفيد القوانين اإلقتصادية وال يتأتى ذالك إال بتوسيع دائرة المسؤولين عن ذالك التنفيد ‪.5‬‬

‫ويمكن القول ان المسؤولية الجنائية عن فعل الغير هي تلك المسؤولية الملقاة على عاتق رب العمل‬
‫أو مديره أو المشرف عليه عن األفعال التي يرتكبها األشخاص الذين يعملون تحت إدارته أو لخطئهم في‬
‫اإلدارة أو تقصيرهم في الرقابة ‪.‬‬

‫جرجس يوسف طعمه‪،‬مكانة الركن المعنوي في الجرائم اإلقتصادية دراسة مقارنة‪،‬المؤسسة الحديثة للكتاب‬
‫طرابلس‪،‬لبنان‪ 2005،‬ص ‪1463‬‬
‫محمود محمود مصطفى‪،‬الجرائم اإلقتصادية في القانون المقارن‪ ،‬الطبعة الثانية ‪،‬الجزء األول ‪،‬األحكام العامة واإلجراءات‬
‫الجنائية ‪، ،‬مطبعة جامعة القاهرة‪،‬القاهرة‪ 1979،‬ص ‪1244‬‬
‫محمود محمود مصطفى‪،‬الجرائم اإلقتصادية في القانون المقارن‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪124‬‬
‫‪5‬‬

‫‪4‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫غير أن رجال القانون وإن إتفقوا على ضرورة توسيع المسؤولية الجنائية في الجرائم‬
‫اإلقتصادية‪ ،‬إال أنهم لم يتفقوا على تعريف واحد للجريمة االقتصادية‪ ، 6‬فمنهم من تحاشى إعطاء تعريف‬
‫لها وآخرون وضعوا تعريفات تختلف فيما بينهم وفي غياب هذا التحديد من قبل الفقه وفقه القضاء قام‬
‫الفقه بمحاوالت لضبط ميدان الجريمة اإلقتصادية ويمكن اإلقرار بوجود إتجاهين فقهيين يحصالن مجمل‬
‫هذه المحاوالت‪:‬‬

‫االتجاه الضيق ويحصر نطاق الجريمة االقتصادية في ميدان المنافسة واألسعار‪،‬وبالتالي فالجريمة‬
‫االقتصادية هي كل فعل أو امتناع يخالف قواعد المنافسة وتحديد األسعار وهو تحديد يرجع لما كان‬
‫يعتمده بعض المشرعين كالمشرع الفرنسي لسنة ‪ 1945‬الذي سمى القانون المتعلق بتنظيم المنافسة‬
‫واألسعار بأنه القانون "المتعلق بزجر المخالفات في الميدان اإلقتصادي" إال انه سرعان ما ألغاه وعوضه‬
‫بقانون يحمل تسمية جديدة وهي قانون المنافسة واألسعار ‪ ,‬اما اإلتجاه الموسع فيرى في الجرائم‬
‫اإلقتصادية جميع أالعتداءات التي تقع على النظام االقتصادي الذي قررته السياسة اإلقتصادية للدولة‬
‫‪،‬ويعرف الجريمة االقتصادية بأنها"كل عمل أو إمتناع يتضمن مخالفة للسياسة اإلقتصادية بغض النظر‬
‫عما اذا كانت القواعد التي ترسم هذه السياسة هي قوانين أو انظمة او تعليمات صادرة بقانون او بمراسيم‬
‫قوانين‪.‬‬

‫وهكذا فإن مفهوم الجريمة اإلقتصادية وطبيعتها تختلف ما بين الدول التي تأخد بالنظام اإلقتصادي‬
‫الحر وتلك التي تأخد بالنظام اإلشتراكي كأسلوب إقتصادي ‪.‬‬

‫اما فيما يخص التشريع المغربي فقد أحجم هذا األخير عن تعريف الجريمة اإلقتصادية وذالك‬
‫اسوة بكثير من التشريعات ‪،‬بل ان الفقهاء انفسهم يتحفظون كثيرا وينتابهم التردد عند تحليل هذا النوع‬
‫من الجرائم ‪ ،‬فلم يضعوا تعريفا قابال للتطبيق في الزمان والمكان المختلفين بعكس الجرائم العادية‬
‫غير انه وان كان المشرع قد أحجم عن تعريف الجرائم اإلقتصادية اال انه اورد في قانونه‬ ‫التقليدية‬
‫الجنائي بعض الجرائم اإلقتصادية ‪،‬كالمضاربة غير المشروعة في األسعار ف‪ 289‬والدعاية‬
‫التجارية(ف‪390‬و‪)391‬وعرقلة المزايداتف‪. 299‬‬

‫ورغم ترحيب الفقه والقضاء بفكرة المسؤولية الجنائية عن فعل الغير‪، 7‬إال أنهم إستشعروا بعد‬
‫ذالك ضرورة الحفاظ على مبدأ شخصية العقاب كقاعدة عامة ‪ ،‬فانقسمت تبعا لذالك أحكام القضاء بصدد‬

‫‪ 6‬الغفيري عبد العزيز‪،‬المسؤولية الجنائية عن الجرائم اإلقتصادية‪،‬بحث نهاية التمرين بالمعهد الوطني للدراسات‬
‫القضائية‪،‬الفوج ‪ 1996، 25‬ص ‪6‬‬

‫‪ 7‬لغفيري عبد العزيز‪،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪33‬‬


‫‪5‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫إسناد المسؤولية في مثل هذه الحاالت إلى طائفتين‪ ,‬فذهبت الطائفة األولى من األحكام وهي الغالبية إلى‬
‫تقرير مسؤولية المتبوع بوجه عام عن فعل تابعه متى وقع الفعل نتيجة خطأ المتبوع نفسه أخفاه الخطأ‬
‫الظاهر الذي وقع من التابع ‪،‬وقد رأى القضاء‪ 8‬أن فكرة القمع تفقد فعاليتها إذا ترك الجاني في هذه الحالة‬
‫دون عقاب وتجد الحماية اإلجتماعية نفسها عندئذ مقيدة وأنه البد من وجود جان مسؤول وهو ما إكتشفه‬
‫في شخص المتبوع أما الطائفة الثانية من األحكام فهي على قلتها أخدت بفكرة المسؤولية بدون خطأ‬
‫وإرتبطت هذه الفكرة بصفة الشخص الذي يقع تحت طائلة العقاب غير أنه وإن كان القضاء قد أقر‬
‫بالمسؤولية الجنائية عن فعل الغير إال أن هنالك إشكاال ظل عالقا أال وهو على أي أساس يقضى بعقوبة‬
‫فرض القانون إنزالها بالجاني على شخص من الغير ظل بعيدا عن الفعل الذي يخالف القانون؟‬

‫وهل مجرد اإلهمال في المراقبة والمتابعة كفيل بتحميل شخص مسؤولية فعل لم يرتكبه وهل بهذا تتحقق‬
‫العدالة؟‬

‫وسط هذا التجاذب في القضاء كانت تتبلور أكثر فأكثر فكرة المسؤولية المدنية عن فعل الغير‬
‫منطلقة أيضا من مبدأ وجوب التعويض عن األضرار التي يحدثها من هم موضوعون تحت رقابة وإدارة‬
‫المهن أو األولياء واألوصياء باعتبار أن هؤالء إما مقصرون في الرقابة أو مخطؤون في اإلدارة ويقع‬
‫عليهم في كل حال موجب التعويض بإعتبارهم ذوي مالءة وال شك أن الفقه واإلجتهاد الجنائيين تأثرا‬
‫أيضا في هذا المضمار بالتطور الحاصل في مفهوم المسؤولية المدنية عن فعل الغير‪ ،‬وربما كان هاجس‬
‫التعويض على الضحية وراء السعي نحو إيجاد مبنى قانوني لموجب التعويض ‪،‬فوجداه في خطأ ارتكبه‬
‫رب العمل أو المشرف على نشاط التابعين بإهماله بموجب الرقابة واإلحتراز‪ ،‬فالفقه الجنائي وإن سلم‬
‫في الماضي دون قناعة كلية بالجريمة المادية بعد أن حصرها بالمخالفات‪ ،‬لم يتحرر من فكرة الخطا‬
‫كأساس للمسؤولية الجنائية بل افترض هذا الخطأ لدى المخالف أو لدى المسؤول جنائيا عن فعل الغير‬
‫وهكذا بدأت تظهر أكثر فأكثر صورة المسؤولية الجنائية عن فعل الغير وإن بنيت على الخطأ الشخصي‬
‫‪،‬وستتخد بعدا أعمق بقدر ما تتطور المؤسسة الصناعية واإلقتصادية وتتشعب نشاطاتها ‪.‬‬

‫محمود عثمان الهمشري‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪15-14‬‬ ‫‪8‬‬

‫‪6‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫المطلب االول ‪ :‬مذاهب التأسيس للمسؤولية الجنائية عن فعل ر‬
‫الغي يف الجرائم‬
‫االقتصادية‬

‫إذا كانت المسؤولية الجنائية عن فعل الغير قد أتت على خالف المبادئ العامة التي تقضي بأن‬
‫اإلنسان ال يكون مسؤوال‪ ،‬إال عن العمل الذي يثبت بالدليل المباشر أنه ارتكبه فعال ‪ ،9‬وأنها اعتبرت‬
‫خروجا عن مبدأ شخصية المسؤولية الجنائية‪ ،‬فإن اآلراء الفقهية قد اختلفت حول األساس القانوني لهذا‬
‫الخروج رغم تعدد العوامل التي ساعدت على هذا الشذوذ ‪10،‬غير أن البحث عن األساس القانوني إلسناد‬
‫المسؤولية الجنائية إلى الغير يستوجب الرجوع إلى ماقدمه فقه القضاء الفرنسي من أسانيد باعتباره أهم من‬
‫قال بهذه المسؤولية ‪،‬ويمكن حصر جميع النظريات التي قدمت لتبرير المسؤولية الجنائية عن فعل الغير في‬
‫اتجاهين فهي إما نظريات موضوعية "اوال" ال تعير للخطأ الشخصي أي أهمية‪ ،‬وإما نظريات ذاتية " ثانيا"‬
‫تعتمد الخطأ الشخصي أساسا لها ‪.‬‬

‫أوال‪ :‬النظريات الموضوعية‬

‫إن من أهم األسس والمرتكزات التي تقوم عليها هاته النظريات هو عدم تركيزها على الجانب‬
‫المعنوي لمن ستستند إليه المسؤولية عن فعل الغير‪ ،‬وإنما تكتفي بالبحث عن سند قانوني يمكن على أساسه‬
‫نسبة المسؤولية إلى غير مرتكبها ماديا‬

‫ويمكن حوصلة هاته النظريات في ثالثة وهي "أ" نظرية المخاطر ثم "ب" نظرية الخضوع اإلرادي‬
‫لمخاطر المهنة "ث"نظرية االلتزام القانوني المباشر ‪.‬‬

‫حممد جنيب حسين‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪6789‬‬


‫‪10‬‬
‫عتيقة بوزيد‪ ،‬معضلة الركن املعنوي يف جرائم الشركات التجارية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا املعقمة يف العلوم اجلنائية‪ ،‬جامعة عبد املالك‬
‫السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة اجلامعية ‪ 2006/2005‬ص ‪.109‬‬ ‫ّ‬
‫‪7‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫أ نظرية المخاطر‪:11‬‬

‫تعد نظرية المخاطر أو قبول مخاطر المنشأة االقتصادية من بين النظريات التي تقوم على‬
‫هي الوجه األخر للربح‬ ‫‪12‬‬
‫استبعاد فكرة الخطأ‪ ،‬وهي حديثة نسبيا فالمسؤولية الجنائية حسب هذه النظرية‬
‫الذي يحققه صاحب المؤسسة من نشاطه‪ ،‬مما يلزمه تحملها على أنها مقابل لربحه وهكذا فهذه النظرية‬
‫تعتبر أن من أحدث وضعا خطرا يستفيد منه فطبيعي أن يتحمل تبعته‪ ،‬ويعتبر منشأ هذه النظرية مدني‬
‫باألساس فبالرجوع إلى أحكام المسؤولية المدنية نجد أن من بين األسباب التي سهلت قبول المسؤولية‬
‫المدنية عن فعل الشيء هو القبول بتحمل المخاطر الناجمة عن استعمال هذه األشياء على المستفيد منها‪،‬‬
‫الذي يغنم الربح من ورائها وذلك تحت غطاء ما يسمى بنظرية المخاطر‪ ،‬فزيادة االنتاج الحديث تمت‬
‫بفضل زيادة المخاطر التي يتعرض لها األفراد وهذه المخاطر الجديدة يصعب تحديد المسؤول عنها‬
‫بشكل محدد ودقيق‪ ،‬فهي ال ترجع عادة إلى خطأ محدد‪ ،‬بقدر ماهي نتيجة طبيعية لالنتاج وجزء من نظام‬
‫االنتاج اآللي ‪.‬‬

‫ويعد االعتماد على الخطر دون الخطأ في مجال المسؤولية الجنائية من قبيل غزو نظرية‬
‫المخاطر المدنية للميدان الجنائي‪ ،‬حيث كان على القانون الجنائي أن يتدخل لفرض حلوله المتميزة عن‬
‫القانون المدني‪ ،‬وتقوم هذه النظرية على أسس تتمثل في فكرة الغنم بالغرم ومبدأ التضامن االجتماعي‪،‬‬
‫ورغم حداثة هذه المصطلحات على القانون الجنائي إال أن بعض القائلين بانفتاح هذا القانون على غيره من‬
‫فروع القانون األخرى وخاصة المدني يقبلون بمثل هذه المسؤولية بدون خطأ‪ ،‬ذلك أن الذين يقومون‬
‫بنشاطات صناعية واقتصادية عامة ترافقها مخاطر على مصالح اآلخرين وسالمتهم‪ ،‬يجب أن يلتزموا بأكبر‬
‫قدر من الحيطة ‪.13.‬‬

‫وهكذا لما كان صاحب المؤسسة فردا كان أم شركة هو في الغالب الذي يستفيد من الجريمة‬
‫االقتصادية‪ ،‬ويجني ثمارها فإنه من العدل مساءلته عن أفعال تابعيه‪ ،‬والتي تقع بالمخالفة ألحكام القوانين‬
‫والتراتيب االقتصادية وتحميله تبعه هذه األعمال‪ ،‬وبالتالي فإن من يسارع للحصول على الربح فإنه كان‬
‫يضع نصب عينيه ومنذ البداية أن هناك نتائج سلبية قد ترافق هذا العمل ‪ ،‬وبالتالي فمدير المشروع يخضع‬

‫‪ 11‬حبيث مل تعرف هذه النظرية الظهور بشكل صريح إال مع منتصف القرن ‪ ،20‬راجع هبذا اخلصوص بعض التعليقات عرب بعض األحكام‬
‫القضائية على اخلصوص‪:‬‬
‫‪.starck(B) « Domaine et fondement de la responsabilité sans faut » Rev.T.D.civ 1958 p 475‬‬
‫‪-Alfred Légale « la responsabilité pénale du fait d’autrui dans son application au chef‬‬
‫‪d’entreprise » Melanges Breth de la Gressaye 1967 p 467‬‬
‫حممد سامي الشوا‪ ،‬املسؤولية اجلنائية الناشئة عن املشروعات االقتصادية‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة ‪،1999‬ص ‪134‬‬
‫‪12‬‬

‫نفس المرجع السابق ص ‪13613‬‬


‫‪8‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫بصفة تلقائية لمهام مشروعه‪ ،‬ويقبل عن علم بالمخاطر التي تنجم عن ممارسته لمشروعه وبما فيها المخاطر‬
‫الجنائية ‪.‬‬

‫ب نظرية الخضوع اإلرادي لمخاطر المهنة‪:‬‬

‫أن كل من يتولى إدارة مشروع من المشروعات أو كل من‬ ‫‪14‬‬


‫تقوم هذه النظرية على فكرة مفادها‬
‫يباشر مهنة من المهن المختلفة‪ ،‬إنما يرتضي سلفا الخضوع إلى ما تفرضه القوانين عليه من التزامات‬
‫تتصل بنشاطه كما يقبل تبعا لذلك بتحمل كافة النتائج المترتبة على اإلخالل بهذه االلتزامات أو بعدم الوفاء‬
‫بها ومن بين هذه النتائج بل وأخصها المسؤولية الجنائية ذلك أننا نجد كثيرا من التشريعات ومن أجل الحفاظ‬
‫على النشاط االقتصادي تقوم بوضع قائمة بااللتزامات والتراتيب التي يتعين على رؤساء وأرباب الشركات‬
‫الحرص على احترامها وإنفاذها داخل مؤسساتهم‪ ،‬تحت طائلة تحمل المسؤولية حالة ما إذا تم خرقها سواء‬
‫‪15‬‬
‫تم ذلك بأمر منهم أو عن طريق إهمالهم ونقص إشرافهم ‪.‬‬

‫فيكفي لقيام المسؤولية الجنائية لرئيس المنشأة أن يكون هناك تنظيم مفروض عليه وأال يحترم هذا‬
‫التنظيم‪ ،‬وال يغير من ذلك أن يكون مرتكب المخالفة شخص خالف المدير‪ ،‬أو أال يكون هذا المدير قد‬
‫ارتكب خطأ محددا‪ ،‬فالخطأ هنا مفترض فيه ‪،‬بل األكثر من ذلك هناك من قال بأن مسؤولية رئيس المؤسسة‬
‫االقتصادية هي نتيجة الزمة للصالحيات التي منحت له وللسلطة التي يمارسها ضمن المؤسسة‪ ،‬فمن أوكلت‬
‫إليه الصالحيات والسلطة قام بهما متحمال نتائج ممارسته لهما‪ ،‬فصاحب القرار مسؤوال عن نتائج قراره وله‬
‫السلطة لمنع ما يخل بالقانون والنظام فإن مارس سلطته خارج إطار القانون أو سمح بان تتم النشاطات‬
‫الموضوعة بإشرافه خارج هذا اإلطار تحمل نتائج مخالفته أو المخالفة التي تمت بإشرافه أو بمعرفته‪,‬‬
‫وبالتالي فمن يقبل بالوظيفة يقبل حتما بمسؤوليتها وبجميع أوجهها ‪.‬‬

‫ث‪ :‬نظرية االلتزام القانوني‬

‫في أحايين كثيرة يفرض القانون التزاما معينا على عاتق فرد وذلك بصفته الشخصية‪ ،‬وحيث‬
‫والحالة هاته يكون هذا األخير هو المسؤول في حالة الخروج على هذا االلتزام‪ ،‬بحيث ال يعاقب في هاته‬
‫‪،‬أو‬ ‫‪16‬‬
‫الحالة عن فعل مادي أو إيجابي صادر عن غيره ممن يتبعونه وإنما يعاقب نتيجة إلمتناعه الشخصي‬
‫بسبب موقفه السلبي والذي يتجلى في عدم حرصه على تنفيذ االلتزام الملقى عليه بموجب النص ألقانوني‬

‫حممود عثمان اهلمشري‪ :‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪136‬‬


‫‪14‬‬

‫أنظر حممود جنيب حسين‪،‬مرجع سابق‪.‬ص ‪11115‬‬


‫عبد الرؤوف مهدي‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪37616‬‬

‫‪9‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫وهكذا فهذه النظرية تؤكد على أنه إذا كان القانون أو اللوائح يفرضان على شخص التزاما بعمل أو باالمتناع‬
‫عن عمل تحت تهديد عقوبة جنائية‪ ،‬فإن المسؤولية في هذه الحالة تقع على من يفرض عليه هذا االلتزام‪،‬‬
‫ويجب أن يعاقب إذا ترك بإهماله غيره ممن يعملون تحت إمرته يأتون بما أمر القانون به أن يحظر أو‬
‫يمتنعون عما أمر به القانون أن يؤتى وفي ظاهر هذا األمر فإن الشخص يبدو وكأنه مسؤول عن فعل غيره‪،‬‬
‫ولكن في الحقيقة هو مسؤول عن فعله الشخصي أي عن نقص إشرافه لضمان تنفيذ التزامه الشخصي‬
‫‪17‬‬
‫فأساس مسؤوليته هنا الخطأ غير العمدي أي إهماله في تنفيذ التزاماته الشخصية ‪.‬‬

‫فرئيس المنشأة عليه التزام بضمان احترام اللوائح والقوانين في منشأته‪ ،‬وكل عمل غير مشروع‬
‫من التابع أيا كانت الظروف يقيم مباشرة خطأ المتبوع‪ ،‬واألمر ال يتعلق بإجرام مستعار ألن المتبوع قد‬
‫يكون مسؤوال دون أن يكون التابع مسؤوال فهو إجرام خاص بالمتبوع‪ ،‬ففعل التابع يفيد بمجرد وجوده‬
‫المادي أن المتبوع لم يقم بتأدية واجباته الرئاسية وهذا الوضع يتفق ومبدأ السلطة الذي يأخذ به القانون في‬
‫الميدان االقتصادي ‪.‬‬

‫فالمسؤولية الجنائية تبعا لذلك ما هي إال الوجه األخر للصالحيات التي يتمتع بها صاحب‬
‫المشروع االقتصادي‪ ،‬فمن يقبل بمثل هذه الصالحيات يكون قد أخذ على عاتقه مسبقا المسؤولية الجنائية‬
‫المالزمة لهما في حال اإلخالل باألنظمة والقوانين والواجبات التي تفرضها عليه‪ ،‬فالمسؤولية الجنائية إذا‬
‫أصبحت مرادفا للصالحيات المعطاة للشخص وللسلطة القيادية التي يتمتع بها‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬النظريات الذاتية‬

‫بأن إرادة النشاط المادي وحدها ال تكفي لتوافر الركن المعنوي‬ ‫‪18‬‬
‫يرى أنصار هذا المذهب‬
‫للجريمة ولو ترتب على وجودها ضرر فعلي( ) ذلك أن الجريمة في القانون الجنائي ليست كيانا ماديا‬
‫خالصا‪ ،‬بل إن الخطأ يبقى أساس المسؤولية الجنائية حتى في إطار الجريمة المادية‪ ،‬وتبعا لذلك فهذه‬
‫النظريات تمتاز بكونها تبحث عن توافر إسناد معنوي للمسؤولية أكثر من بحثها عن إسناد مادي أو‬
‫قانوني لها ويمكن إرجاع هذه النظريات إلى ثالثة أصناف"‬

‫"نظرية الفاعل المعنوي" أ "‪،‬نظرية االشتراك" ب"‪ ،‬ثم "نظرية الخطأ الشخصي" ث‪".‬‬

‫حممود حممود مصطفى‪ ،‬شرح قانون العقوابت‪ ،‬القسم العام‪ ،‬دار الفكر العريب القاهرة‪ 1979 ،‬ص ‪144‬‬ ‫‪17‬‬

‫‪18‬حممد سامي الشوا‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪132،‬‬

‫‪10‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫أ‪ :‬نظرية الفاعل المعنوي‬

‫ظهرت فكرة الفاعل المعنوي تبعا للتطور الذي خضع له تعبير فاعل الجريمة‪ 19‬ويرى الفقيه رو‬
‫‪Roux‬أن الجريمة قد يكون لها إلى جانب فاعلها المادي فاعل معنوي( ) هو الذي ارتكبت لمصلحته أو‬
‫بناء على أوامره( ) وكثيرا ما يكون هذا الفاعل أشد إجراما وأفدح خطرا من الفاعل الذي اقترف الفعل‬
‫المادي المكون للجريمة‪ ،‬ولهذا تقرر العقاب لهذا الفاعل إما ألنه قد استفاد من الجريمة أو ألنه أوحى إلى‬
‫الغير بارتكابها أو تركه بإهماله يرتكبها في حين كان من واجبه أن يسهر على تنفيذ ما يقضي به القانون‬
‫من التزامات‪ ،‬فالسلوك الخاطئ لمدير المشروع‪ ،‬وإن لم يحقق بذاته فعل الجريمة‪ ،‬إال أنه على األقل‬
‫سهل ارتكابها وسوف يدان مدير المشروع‪ ،‬ال باعتباره المنفذ المادي للجريمة‪ ،‬ولكن ألنه بإهماله‬
‫وتهاونه‪ ،‬ترك الجريمة لكي ترتكب‪ ،‬وفعل التابع لم يكن سوى المفجر ) ‪ (détonateur‬والكاشف عن‬
‫غياب مدير المشروع( )‬

‫ولتأكيد صحة هذه النظرية وعدم مخالفتها لمبادئ القانون الجنائي وعلى الخصوص مبدأ‬
‫شخصية المسؤولية والعقوبة‪ ،‬وأن مدير المشروع أو المنشأة يتوافر في جانبه الركن المادي والمعنوي‬
‫للجريمة المرتكبة لجأ البعض( ) فيما يخص الركن المادي إلى القول بفكرة استعارة الركن المادي‬
‫للجريمة التي ارتكبها التابع‪ ،‬أما الركن المعنوي فيتمثل في خطأ مدير المنشأة الذي ارتكبه من خالل‬
‫إهماله وعدم احترازه ‪ ،‬ويتم الكشف عنه بمجرد ارتكاب التابع للجريمة‪ ،‬كما يكشف الفعل المادي للتابع‬
‫عن غياب الرقابة واإلشراف من المسير أو المدير( ) وهكذا فالفاعل المعنوي للجريمة ما هو إال ذلك‬
‫الشخص الذي يدفع غيره إلى ارتكاب الجريمة أو يسخره في تنفيذها بحيث يكون في يده أداة طيعة أو ألة‬
‫يستعين بها في تحقيق العناصر المادية التي تقوم عليها الجريمة‪ ،‬ويعني ذلك في واقع األمر أن الفاعل‬
‫المعنوي هو الذي نفذ الجريمة لكن بواسطة غيره ‪.‬‬

‫ب‪ :‬نظرية االشتراك‬

‫‪ 19‬خدوج فالح‪ :‬املسؤولية اجلنائية للمسري يف شركات املسامهة على ضوء التشريع والفقه والقضاء‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه يف القانون اخلاص‪ ،‬وحدة‬
‫قانون األعمال جامعة احلسن الثاين عني الشق ‪،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء ‪،‬السنة اجلامعية ‪ 2004/2003‬ص‪:‬‬
‫‪159‬‬

‫‪11‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫تقوم فكرة االشتراك الجرمي على أساس وحدة الجريمة وتعدد الجناة‪ ،‬فهناك فاعل مادي ارتكب‬
‫العناصر المؤلفة للركن المادي للجريمة‪ ،‬وهناك شركاء لهذا الفاعل ساعدوه على وقوع الجريمة‪ ،‬وارتكبوا‬
‫األفعال المهيئة لوقوعها‪ ،‬والفاعل المادي في هذه الحالة هو التابع‪ ،‬أما المتبوع أو رب المحل فهو مشترك‬
‫‪.‬‬ ‫مع تابعه في إظهار الجريمة إلى حيز الوجود( ‪)20‬‬

‫فاالشتراك بمعناه القانوني عبارة عن مساهمة تبعية وثيقة الصلة بالفعل األصلي الذي جرمه‬
‫الشارع وتناوله بالعقاب ويرتبط برابطة السببية وهكذا فالفقه إذ ذهب إلى إسناد المسؤولية إلى الغير على‬
‫أساس نظرية المشاركة فألنه اعتبر أن الشخص المسؤول عن فعل الغير ال يعدو أن يكون شريكا في‬
‫جريمة هذا الغير‪ ،‬والقائلون بهذا التفسير يرون أن رب العمل هو الذي يتولى إدارة عمله واإلشراف على‬
‫من يتبعه من العمال‪ ،‬فإذا ارتكب أحدهم فعال يجرمه القانون ويتناوله بالعقاب أعتبر رب العمل شريكا في‬
‫جريمة تابعيه ‪،‬إما بالتحريض أواالتفاق أو بمساعدته السلبية( ) ذلك أن التحريض وهو أول وسائل‬
‫االشتراك ذو طبيعة نفسية إذ يتجه به الشخص المحرض إلى نفسية الفاعل األصلي للتأثير عليه ودفعه إلى‬
‫اقتراف الجريمة‪ ،‬واالتفاق هو الوسيلة الثانية من وسائل االشتراك ومعناه انعقاد إرادتين أو أكثر على‬
‫ارتكاب الجريمة وهو بدوره حالة نفسية ‪ ،‬أما المساعدة فهي الوسيلة الثالثة من وسائل االشتراك وتعني‬
‫تقديم العون إلى الفاعل األصلي على نحو يسهل أو ييسر له اقتراف الجريمة‪ ،‬على أن المساعدة بمعناها‬
‫القانوني ال تقتصر فحسب على تقديم نشاط إيجابي يبذله الشريك المساعد وإنما يمكن أن تتم هذه المساعدة‬
‫‪21‬‬
‫بطريق سلبي وفي هذه الحالة يتحقق فيها الطابع المعنوي ‪.‬‬

‫ث‪ :‬نظرية الخطأ الشخصي‬

‫بعد أن ظهرت العيوب واإلنتقادات العديدة التي وجهت لجميع النظريات السابقة‪ ،‬كان ال بد من‬
‫البحث عن نظرية تسد هذه العيوب من ناحية‪ ،‬وترجع بنا إلى القواعد واألحكام العامة من ناحية أخرى‪،‬‬
‫وذلك لضمان تحقيق فكرة أساسية في عدم الخروج عن قاعدة شخصية العقوبة والمسؤولية وعدم المبالغة‬
‫بافتراض القصد أو العودة لفكرة الجريمة المادية‪ ،‬ومن هنا برزت نظرية إقامة المسؤولية الجنائية عن فعل‬
‫الغير والتي إهتدت إلى وجود خطأ شخصي ارتكبه المسؤول أو التابع وهذا الخطأ هو السبب في إيقاع‬
‫) وهكذا يرى أنصار هذا االتجاه أن الخطأ في الجرائم االقتصادية يحتل مكانة بارزة‬ ‫‪22‬‬
‫العقوبة عليه(‬

‫حممود جنيب حسين‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪81220‬‬


‫خدوج فالح‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪23221‬‬
‫حممود حممود مصطفى ‪،‬شرح قانون العقوابت القسم العام‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪2622‬‬

‫‪12‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫بوصفه ركنا معنويا لها يفوق مكانة القصد ‪ ،‬وذلك نتيجة للتطور الصناعي الهائل والتساع استعمال اآلالت‬
‫التي باتت تشكل تهديدا وخطرا محدقا بالناس وخصوصا العاملين عليها‪ ،‬األمر الذي استدعى سن العديد‬
‫من النصوص العقابية التي تجرم وتعاقب على أفعال تضر بالسياسة االقتصادية للدولة‪ ،‬وقد رأى‬
‫المشرعون وجوب االكتفاء بالخطأ الجنائي لدى الفاعل بمفهومه الضيق كركن معنوي للجريمة مع التأكيد‬
‫على وجوب توفره لقيامها في الكثير من الجرائم االقتصادية خوفا من أن يؤدي اشتراط تطلب القصد‬
‫الجرمي إلى عدم تجريم العديد من األفعال الضارة باالقتصاد وإفالت الكثير من المجرمين من العقوبة‬
‫لصعوبة إثبات توفر النية الجرمية لديهم(‪) 23‬وهكذا فلكي تصح مساءلة شخص جنائيا عن فعل إجرامي‬
‫ارتكبه سواه حسب هذه النظرية‪ ،‬فإنه يجب أن يسند له إقدامه على ارتكاب خطأ كان من شأنه إحداث‬
‫الجريمة أو على األقل عدم تالفي وتحاشي وقوعها ‪،‬وليس هذا الوضع القانوني سوى الصفة المالزمة‬
‫للمسؤولية الشخصية وإن كانت تبدو في الظاهر أنها مسؤولية عن فعل الغير إال أنها في الحقيقية ال تعدوا‬
‫أن تكون مجرد مسؤولية عن الفعل الشخصي للملزم ‪( Responsabilité pénale du fait‬‬
‫‪d’autrui pour faute personnele‬والمتمثل في غياب المراقبة واإلشراف على تنفيذ واحترام‬
‫تطبيق القواعد القانونية والتنظيمية الموجهة إليه‪ ،‬إما بصفة صريحة أو ضمنية‪ ،‬وكذلك للقواعد القانونية‬
‫والتنظيمية الموجهة للمنشأة االقتصادية التي يكلف بإدارتها وتسييرها( ‪)24‬وفي هذا يقول الدكتور نجيب‬
‫حسني "والرأي الصحيح في تقديرنا ان النصوص السابقة وامثالها ال تقرر المسؤولية عن عمل الغير وانما‬
‫تقرر مسؤولية عن خطا وسلوك شخصيين‪ ،‬فالقانون يلزم شخصا بان يراقب نشاط شخص اخر ويحيطه‬
‫بالظروف التي تحول دون ان يفضي هدا النشاط الى جريمة‪ ،‬فإذا اخل بهذا االلتزام فامتنع عن الرقابة‬
‫قامت بامتناعه جريمة ركنها المادي هو االمتناع اما ركنها المعنوي فقد يكون القصد اذا اتجهت ارادته‬
‫الى االخالل بهذا االلتزام وقد يكون الخطأ إذا لم يوجه إرادته إلى ذلك ولكن كان في إستطاعته توجيهها‬
‫إلى الوفاء بهذا اإللتزام‪ ،‬كما يرى أصحاب هذا االتجاه أن الشخص المعنوي له إرادة خاصة وهي جماع‬
‫إرادات أعضائه من االشخاص الطبيعيين وهم الذين يرتكبون العمل المعاقب عليه لمصلحة الشخص‬
‫المعنوي وليس لمصلحتهم الشخصية فهم أعضاء في جسده وبالتالي تعد أعمالهم هي أعماله ويسـأل عنها‬
‫باعتبارها أفعاله الشخصية ‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪ :‬تجليات اإلقرار بالمسؤولية الجنائية عن فعل الغير في الجرائم‬


‫االقتصادية‬

‫حممود عثمان اهلمشري‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص ‪75‬و ‪7623‬‬


‫خدوج فالح‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص ‪17024‬‬

‫‪13‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫لقد كان لدواعي الحفاظ على النظام العام االقتصادي أثره الكبير في إسناد المسؤولية الجنائية إلى‬
‫المتبوع عن أفعال لم يرتكبها هو بنفسه بل تمت من قبل تابعه‪ ،‬غير أن هذا المبدأ من شأن األخذ به على‬
‫إطالقيته أن يضر بالمتبوعين ويجعلهم دائما في وضع غير مستقر وغير آمن‪ ،‬كما سيؤدي إلى تشجيع‬
‫التابعين وإطالق أيديهم في ارتكاب ما شاؤوا من مخالفات ما داموا على يقين بأنهم لن يكونوا عرضه‬
‫للمساءلة‪ ،‬وأن التبعة الجنائية ستحيق المتبوعين‪،‬لكل هذا تنبهت جل التشريعات االقتصادية وحاولت وضع‬
‫ضوابط وحدود لهذه المسؤولية بحيث نجدها تارة تقر بالمسؤولية المزدوجة لكل من التابع والمتبوع "أوال"‬
‫وتارة أخرى تجعل تلك المسؤولية مستقلة بحيث يتحمل كل تبعة عمله وما قدمت يداه"ثانيا‪".‬‬

‫‪25‬‬
‫أوال‪ :‬المتابعة في إطار المسؤولية المزدوجة للتابع والمتبوع‬

‫لقد تبين معنا فيما سبق أن الشراح وفي سبيل إقامة مسؤولية رئيس المنشأة‪ ،‬انتهوا إلى أنه هو الذي يقع‬
‫عليه واجب السهر على احترام اللوائح المفروضة على المنشأة‪ .‬وهذا في حد ذاته سليم وال غبار عليه وال‬
‫صعوبة في أمره ‪.‬‬

‫غير أن القول بمسؤولية المتبوع لوحدة سيوصلنا إلى نقطة تحول مطلقة من جهة علم اإلجرام‪ ،‬ألنه مع‬
‫علم المرؤوسين بأن هذا من واجبات المتبوع‪ ،‬فهم يستطيعوا ارتكاب كل الجرائم دون عقاب‪ ،‬طالما أن‬
‫المسؤول الوحيد عن ذلك هو المتبوع‪ ،‬من أجل ذلك اقتضت الضرورة أن يقوم إلى جانب مبدأ مسؤولية‬
‫المتبوع عن أفعال مرؤسيه‪ ،‬مبدأ المسؤولية الجنائية الشخصية للتابع ‪.‬‬

‫ولهذا فإن المسؤولية تبعا لذلك تكون مشتركة ما بين التابع والمتبوع والقاعدة األساسية في ذلك "أن خطأ‬
‫الفاعل المادي ال يحجب خطأ من اعتبر مسؤوال‪ ،‬كما أن خطأ هذا األخير ال يحجب خطأ الفاعل المادي‪،‬‬
‫فكل منهما مسؤول عن خطأه الشخصي‪ ،‬ولقد عني الفقه منذ القديم بحل هذا اإلشكال حيث استند الفقيه‬
‫"رو" من أجل القول بالمسؤولية المزدوجة لكل من التابع والمتبوع على فكرة الفاعل المباشر‪ ،‬وهكذا تتم‬
‫معاقبة الفاعل الشخصي للفعل المكون للجريمة والذي غالبا ما يكون هو التابع‪ ،‬طالما أنه ارتكبها شخصيا‬
‫دون إخالل بعقاب الرئيس إذا ثبت في حقه اشتراك معاقب عليه‪ ،‬نفس الشيء حاول فعله الفقيه فيلي( )‪،‬‬
‫والذي أوجب ضرورة التميز بين ما إذا كانت الالئحة محل المخالفة كانت تتوجه مباشرة إلى رئيس‬
‫المنشأة‪ ،‬أو أنها عبارة عن لوائح عامة ‪،‬بحيث ال تقوم مسؤولية الفاعل المباشر إال في الحالة األخيرة‪ .‬غير‬

‫لإلطالع جيدا راجع بتفصيل محمود محمود مصطفى‪،‬الجرائم اإلقتصادية في القانون المقارن‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.‬‬
‫‪25.405‬‬

‫‪14‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫أن هاته النظرية ال تعطي حال كافيا‪ ،‬ألنه إذا أردنا أن نتتبع مبادئها فإنه سوف لن تقوم أبدا مسؤولية‬
‫المرؤوس مع مسؤولية الرئيس ألن التبادل يستأصل إمكانية توازي المسؤوليتين ‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المتابعة في إطار المسؤولية المستقلة بين التابع والمتبوع‬

‫إن المسؤولية الناشئة عن فعل الغير تعرف بالطابع االستثنائي لها‪ ،‬ألن األصل أن المرء يسأل‬
‫عن فعله الشخصي‪ ،‬فيكون فعله الخاطئ هو الذي يستتبع محاسبته عن نتائج فعله المجرم‪ ،‬أما مساءلته عن‬
‫فعل غيره فإنها تأتي استثناءا على األصل‪ ،‬فتكون حاالتها محددة تعدادا وحصرا ‪.‬‬

‫وهذه الحاالت ال تعني كلها أن المسؤول فيها عن فعل غيره يبقى غريبا عن الفعل الضار‪ ،‬إذ إن بعضها‬
‫يحتمل أحيانا أن يكون المتبوع نفسه قد التزم سلوكا خاطئا جعل الفعل الضار يحدث على يد غيره‪ ،‬أو وفر‬
‫الفرصة لحدوثه ‪،‬حيث يكون لزاما عليه تحمل تبعات ذلك بنفسه‪ ،‬وتثار مسؤوليته لوحده بغض النظر عن‬
‫الفعل الذي أتاه التابع ‪ ،‬غير أن هذا األخير بدوره لن يكون بعيدا عن المساءلة إذا ما ارتكب خطأ وبصفة‬
‫مستقلة عن المتبوع ‪.‬‬

‫أ ـ قيام مسؤولية المتبوع دون التابع‬

‫إن المسؤولية الجنائية هي الوجه اآلخر للربح الذي يحققه صاحب المؤسسة من نشاطه مما يلزمه‬
‫تحملها على أنها مقابل لربحه ‪ ،‬ولما كان صاحب المؤسسة هو في الغالب الذي يستفيد من الجريمة‬
‫االقتصادية‪ ،‬ويجني ثمارها‪ ،‬فإنه من العدل مساءلته عن أفعال تابعيه من العمال والمستخدمين التي تقع‬
‫بالمخالفة ألحكام القوانين والتراتيب االقتصادية وتحميله تبعة هذه األعمال‪.‬‬

‫فنظرا لتطور الصناعات الحديثة وتكاثرها وتعدد أخطارها وأضرارها على الغير ‪ ،‬ورغبة من المشرع في‬
‫المحافظة على السالمة والراحة والنظافة العامة‪ ،‬تقرر القوانين واألنظمة في مختلف البلدان تنظيم بعض‬
‫الصناعات والمشاريع والمهن وتوجب على رب العمل فيها تنفيد واجبات وإلتزامات معينة‪،‬ويترتب على‬
‫اإلخالل بها أو خرقها مسؤولية جنائية بحقه حتى ولو كان الفاعل عامال أو مستخدما لديه‪،‬ألن األنظمة‬
‫تفرض عليه شخصيا تلك الواجبات وألنه صاحب المنفعة ‪.‬‬

‫وتبعا لذلك فإن مسؤولية رئيس المؤسسة تقوم باالستناد لخطأ ارتكبه مباشرة والمتمثل في إهماله‬
‫موجبا محددا من الموجبات التي تفرضها عليه األنظمة ‪،‬أو طبيعة النشاط الذي يتواله من خالل ممارسته‬
‫لفنه أو لمهنته‪ ،‬وإما باالستناد لسوء تنظيم العمل في مؤسسته‪ ،‬إذ يفترض فيه وإن لم يرتكب إهماال مباشرا‬
‫‪15‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫لموجب محدد‪ ،‬أن ينظم العمل في مؤسسته بصورة تحول دون حصول أخطاء من قبل تابعيه ‪،‬كما تحول‬
‫دون حدوث أضرار تلحق بالغير‪ ،‬وتبعا لذلك فإن مسؤولية المتبوع تقوم والحالة هاته بمفردها بينما يفلت‬
‫التابع من المسؤولية بالرغم من إحداثه للجريمة ماديا ‪،‬وذلك إذا ما كانت هذه الجريمة قد حدثت نتيجة عدم‬
‫تنفيذ المتبوع لبعض النصوص المتعلقة بتنظيم إدارته التي تنبع من سلطته اإلدارية‪ ،‬فإذا حصلت مخالفة‬
‫لهذا االلتزام أو إهمال للموجبات وإن تم ذلك بفعل تابع للرئيس‪ ،‬أقيمت مسؤولية الرئيس عن المخالفة أو‬
‫اإلهمال وليس من الضروري أن يسأل جنائيا التابع عن هذه المخالفة ألن الموجب لم يكن مطلوبا منه‬
‫شخصيا‪ ،‬وهذا ما ينفي اجتماع المسؤولية‪ ،‬أي مسؤولية الرئيس والمرؤوس إذ تقوم مسؤولية األول فقط‪،‬‬
‫ذلك ألن فعل التابع لم يكن سوى إظهار للمخالفة الحاصلة من قبل المتبوع‪ ،‬فالمتبوع خرق القانون عبر‬
‫تابعه‪ ،‬فال يسأل جنائيا ألن تابعه ارتكب فعال مخالفا للقانون‪ ،‬بل ألن التابع أظهر بفعله مخالفته هو‪ ،‬أي‬
‫مخالفة المتبوع‪ ،‬فلو خالف التابع القانون العام للوحق بصفته فاعال لجرم قصدي أو غير قصدي ولتناولت‬
‫المالحقة الجنائية المتبوع فيما إذا ساهم في إبراز عناصر الجرم قصدا أو ساهم بخطأه في إحداثه ‪.‬‬

‫أما وأن التابع أخل بموجب ملقى على عاتق المتبوع‪ ،‬وليس على عاتقه هو فهذا األخير يكون المسؤول‬
‫عن المخالفة شخصيا ألن احترام الموجب وااللتزام به يجب أن يتم مباشرة منه أو بواسطة تابعيه ‪.‬‬

‫وهذا ما أكده حكم صدر عن محكمة النقض الفرنسية والذي جاء فيه "يعاقب رئيس المؤسسة أو‬
‫المقاول جزائيا عن المخالفة التي ترتكب أثناء ممارسة مهنة صناعية منظمة‪ ،‬وال يعاقب خدمه أو‬
‫مستخدموه" ‪ ،‬ونفس المقتضى أكدت عليه محكمة النقض المصرية والتي جاء في حكم لها ما يلي "لما كان‬
‫من الثابت أن المتهم إن هو إال بائع بالمحل وليس صاحب المحل‪ ،‬ومن ثم يتعين القضاء ببراءته من تهمه‬
‫عدم اإلعالن عن األسعار"‪ .‬وهكذا يتضح من الحكمين السابقين انه كلما وضع القانون إلتزاما على عاتق‬
‫المتبوع‪ ،‬إال وتقوم مسؤوليته عن مخالفة هذا االلتزام ‪،‬حتى وإن تم ذلك من قبل تابعيه‪ ،‬إذ والحالة هاته‬
‫تكون مسؤوليته مستقلة عن مسؤولية التابع وال مجال لمساءلة هذا األخير وإن كان الجرم صادرا عنه‪،‬‬
‫ذلك أن هذا الخطأ الصادر عن التابع ال يحتاج إلى إثبات لقيام المسؤولية عن فعل الغير‪ ،‬فهو خطأ‬
‫مفترض‪ ،‬ويتجسد عموما في إهمال يسهل على التابع خرق أو عدم احترام التعليمات واللوائح‪ ،‬فمسؤولية‬
‫المتبوع الجنائية ال تجد سندها في الجريمة المرتكبة من طرف تابعه‪ ،‬وإنما في عمله الشخصي الذي كان‬
‫السبب فيها ‪ ،‬طالما أن من واجبه اإلشراف الفعلي على تنفيذ القواعد الصادرة في مجال عمله( )‪ ،‬وهو ال‬
‫يستطيع دفع مسؤوليته بإثبات أنه اتخذ كافة االحتياطات الالزمة لمنع وقوع الجريمة أو أنه كان وقت‬
‫ارتكابها واقعا تحت إكراه أو قوة قاهرة‪ ،‬فاألمر يتعلق بقرينة قاطعة ال تقبل إثبات عكسها‪.‬‬

‫ب ـ قيام مسؤولية التابع دون المتبوع‬

‫‪16‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫إن قرينة المسؤولية عن فعل الغير هي كما تقدم معنا مبنية على خطأ مفترض ال يقبل إثبات‬
‫العكس‪ ،‬غير أن األخذ بهذا المبدأ على إطالقيته قد تترتب عليه بعض النتائج العكسية ‪،‬منها أنه يخشى أن‬
‫يقعد رب العمل تماما عن القيام بواجبه في اإلشراف وضمان احترام القوانين‪ ،‬طالما أن مسؤوليته قائمة‬
‫تلقائيا وفي جميع األحوال‪ ،‬مما قد يتسبب في صور جديدة من اإلهمال‪ ،‬أضف إلى ذلك أنه يخشى أن يلجأ‬
‫رب العمل خوفا من المسؤولية إلى مضاعفة التعليمات واللوائح الداخلية وفرض جزاءات جديدة‪ .‬وهكذا‬
‫ومن أجل التخفيف من حدة هذه النتائج فإن أغلب التشريعات أقرت على أن الواجبات التي تقع على عاتق‬
‫مدير المنشأة االقتصادية والمتجلية في الرقابة والتوجيه والمتابعة والمالحظة‪ ،‬ال تنفي بأي حال من‬
‫األحوال المسؤولية الجنائية للعامل أو الفاعل المادي والمباشر للجرم‪ ،‬إذ أن مساءلته عن أفعاله فيه انسجام‬
‫كبير مع المنطق السليم وتوافق مع القواعد العامة ورجوع إلى األصل في إقرار مبدأ شخصية المسؤولية‬
‫الجنائية ‪.‬‬

‫وتأسيسا على ما سبق فإن مسؤولية التابع يمكن أن تقوم بمفردها بينما يفلت المتبوع من المسؤولية‬
‫ويكون ذلك في الحالة التي ينتفي فيها خطأ المتبوع‪ ،‬حيث يثبت أنه لم يكن طرفا وال شريكا في ارتكاب‬
‫الجرم قصدا‪ ،‬كما أنه لم يرتكب أي صورة من صور الخطأ حتى تعتبر هذه الجريمة بحقه جريمة خطأ‬
‫وبذلك تنتفي مسؤوليته عن هذه الجريمة وال يسأل عنها إال فاعلها ‪.‬‬

‫ولقد ثم االعتماد من أجل إسناد هذه المسؤولية إلى التابع على فكرة متأصلة في القانون اإلداري‪ ،‬حيث تم‬
‫التمييز بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي‪ ،‬وحيث أن األول يقيم مسؤولية اإلدارة مدنيا تجاه المتضرر‪،‬‬
‫وأما الثاني فتقوم به المسؤولية على عاتق فاعله وحده ‪.‬‬

‫وقد تم أخذ هذه الفكرة وإسقاطها على القانون الجنائي حيث يتحمل التابع وحده المسؤولية الجنائية‬
‫تبعا لهذه الفكرة إذا كانت الجريمة التي ارتكبها ناشئة عن خطأ في التنفيذ وال يسأل المتبوع عن أي شيء‪،‬‬
‫وفي المقابل إذا كان الجرم نشأ عن خطأ في الخدمة فإن الرئيس يسأل جنائيا‪ ،‬على اعتبار أن هذا الموجب‬
‫المتعلق بتقديم الخدمات إلى الزبناء يقع عليه وبالتالي وجب عليه أن يتحلى بالقدر الكافي من اليقظة‬
‫ومراقبة عماله‪ ،‬أضف إلى ذلك أنه قد تتم مساءلة العامل بدوره في هاته الحالة إذا ما توافرت فيه‬
‫المقومات الضرورية كاعتباره فاعال أصليا إذا كان ذلك ممكنا‪ ،‬وفي هذا الصدد نورد حكما طريفا صدر‬
‫عن القضاء الفرنسي عام ‪ 1958‬حيث تمت إدانة زوج يملك دكانا لبيع الدخان ترك زوجته في مكانه‬
‫لبعض الوقت‪ ،‬فأهانت موظفي إدارة الدخان‪ ،‬التابعون لوزارة المالية‪ ،‬حينما دخلوا الدكان ألمور تتعلق‬
‫بمصلحة مالية‪ ،‬وقد اعتبر الزوج مسؤوال جنائيا مع الزوجة عن هذه اإلهانة وأقرت محكمة النقض هذا‬
‫الحكم‪ ،‬فالزوج الذي يعرف طباع زوجته الحادة المزاج‪ ،‬كان عليه أال يتركها في الدكان لوحدها ولذلك فإن‬

‫‪17‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫مساءلته الجنائية أتت من خطأ ارتكبه هو شخصيا ‪ ،‬كما تنتفي ايضا مسؤولية المتبوع عن الفعل الصادر‬
‫من تابعه وذالك في حالة تفويض سلطته له ‪ ،‬وهذا األخير يعد أداة تحتل مكانه مهمه في حياة المقاوالت‪،‬‬
‫ووسيلة لإلعفاء من المسؤولية التي تقع على عاتق رئيس المقاولة‪ ،‬فهي تخول له إمكانية لإلفالت من‬
‫المتابعات بإقامة الدليل على نقله سلطته ألحد تابعيه‪ ،‬وبمعنى آخر فإن المتبوع يعفى من المسؤولية الجنائية‬
‫نهائيا عن أفعال يرتكبها مستخدموه‪ ،‬إذا أثبت بأنه أناب عنه أحد تابعيه في اإلشراف المباشر على سير‬
‫العمل بالمؤسسة‪ ،‬وذلك تأسيسا على أن رب العمل يستحيل عليه ماديا في الغالب أن يقوم بكل شيء أو‬
‫يشرف على كل شيء في العمل بنفسه‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬بعض تطبقيات إسناد المسؤولية الجنائية عن فعل الغير في الجرائم‬
‫االقتصادية‪.‬‬

‫الجنائ –لمسؤولية جنائية عن فعل‬ ‫ي‬ ‫إذا كان األصل إذن انه ال وجود‪ -‬يف الميدان‬
‫المغرئ تتضمن حاالت قليلة للمسؤولية عن‬ ‫التشيعات ومنها ر‬
‫التشي ع‬ ‫الغي(‪)26‬فإن بعض ر‬
‫ر‬
‫ي‬
‫الغي –بحيث يسأل شخص عن جريمة لم يرتكبها ولم يساهم او يشارك يف ارتكابها‪.‬‬
‫فعل ر‬

‫الجنائ ‪،‬جاء‬ ‫المغرئ بعد ان قرر شخصية المسؤولية يف الفصل ‪ 1\132‬من القانون‬ ‫ر‬
‫فالمشع‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫األخية من هذا الفصل وقال‪":‬وال يستثن من هذا المبدأ إال الحاالت ي‬
‫الن ينص فيها القانون‬ ‫ر‬ ‫يف الفقرة‬
‫ر‬
‫المشع الباب مفتوحا للمسؤولية عن فعل‬ ‫رصاحة عىل خالف ذالك"‪،‬إذ بهذا اإلستثناء ترك‬
‫الغي(‪،)27‬وإن كان يالحظ –من الناحية العملية‪-‬أنه ليس هنالك سوى حاالت قليلة للمسؤولية الجنائية‬
‫ر‬
‫قواني متفرقة‪.‬‬
‫ر‬ ‫الغي وردت يف‬
‫عن فعل ر‬

‫‪26‬‬‫‪Stefani levasseur. op .cit. p 327‬‬


‫(‪ )27‬من بين أهم النصوص القانونية التي يستند إليها للقول بالمسؤولية الجنائية عن فعل الغير الفصول ‪67‬و‪68‬و‪ 69‬من‬
‫الظهير الشريف رقم ‪ 378\58\1‬المؤرخ في ‪3‬جمادى األولى ‪ 1378‬الموافق ل‪15‬نونبر ‪ 1958‬بشأن قانون الصحافة‬
‫والتي حددت األشخاص المسؤولين عن الجنايات او الجنح المرتكبة عن طريق الصحافة‪.‬فقد نص الفصل ‪ 67‬على أنه‬
‫"يعاقب األشخاص األتي ذكرهم بصفتهم متهمين رئيسيين بالعقوبات الصادرة زجرا للجرائم والجنح المرتكبة عن طريق‬
‫الصحافة وذالك حسب الترتيب التلي‪:‬‬
‫‪-1‬مديروا النشر او اصحاب الطبع كيفما كانت مهنتهم او صفتهم‪.‬‬
‫‪-2‬اصحاب المقاالت المتسببون ان لم يكن هناك مديرون او اصحاب طبع‪.‬‬
‫‪-3‬ارباب المطبعات ان لم يكن هناك اصحاب مقاالت‪.‬‬
‫‪-4‬البائعون الموزعون والمكلفون باإللصاق ان لم يكن هناك ارباب مطابع‪".‬‬
‫كذالك الفصل ‪ 78‬من ظهيرالمحافظةعلى الغابات واستغاللها (بتاريخ ‪10‬اكتوبر ‪ )1917‬و والفصل ‪ 33‬من ظهير ‪11‬‬
‫ابريل ‪ 1922‬الخاص بالصيد البحري في المياه الداخلية والفصل ‪24‬من ظهير ‪ 21‬يوليوز ‪ 1923‬المظم للصيد والفصل‬
‫‪ 15‬من ظهير ‪ 1968‬المتعلق بإحداث دوائر لتحسين المراعي‪.‬‬
‫‪18‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫الغيف الجرائم اإلقتصادية ف ر‬
‫التشي ع‬ ‫ي‬ ‫ونذكر من تطبيقات المسؤولية الجنائية عن فعل ر ي‬
‫يىل‪:‬‬
‫المغرئ ما ي‬
‫ي‬

‫الجنائ‬
‫ي‬ ‫الغي يف إطار القانون‬
‫الطبيع عن فعل ر‬
‫ي‬ ‫المطلب األول ‪ :‬مسؤولية الشخص‬
‫ر‬
‫للشكات‪.‬‬

‫الغي قد صادفت تطبيقا‬


‫الفرنس‪ ،‬نجد أن المسؤولية الجنائية عن فعل ر‬ ‫بالرجوع إىل ر‬
‫التشي ع‬
‫ي‬
‫واسعا اعتبارا من سنة ‪ ،1945‬حيث أصبح باإلمكان توقيع العقوبة المقررة يف قانون العقوبات‬
‫الفرنس عىل من يعهد إليهم بإدارة منشأة أو مؤسسة أو رشكة أو جمعية إذا خالفوا أحكام‬
‫ي‬ ‫االقتصادي‬
‫القانون(‪ ،)28‬كما ر‬
‫انتش هذا النظام كذلك يف كل من إنجليا واسكتلندا كاستثناء عن المبدأ الذي أقره‬
‫الفرنس والذي مؤداه "ال يعاقب أحد إال عن فعله الخاص ‪nul n’est‬‬
‫ي‬ ‫رصاحة يف قانون العقوبات‬
‫األمريك إذ أن‬ ‫‪ ،)29("punissable qu’en raison de son propre fait‬ونفس المقتض ف ر‬
‫التشي ع‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫الغي ولكنها أخف من‬
‫السائد هناك أن مسؤولية الشخص المعنوي جنائيا نوع من المسؤولية عن فعل ر‬
‫‪)30(.‬‬
‫الغي‬
‫الطبيع عن فعل ر‬
‫ي‬ ‫مسؤولية الشخص‬

‫المغرئ فإن الواضح من خالل‬ ‫الغي ف ر‬


‫التشي ع‬
‫ي‬ ‫أما فيما يخص المسؤولية الجنائية عن فعل ر ي‬
‫ه شخصية‪ ،‬حيث تقرر الفقرة‬
‫الجنائ أن األصل هو أن المسؤولية ي‬
‫ي‬ ‫قراءة الفصل ‪ 132‬من القانون‬
‫الن‬
‫التميي يكون مسؤوال شخصيا عن الجرائم ي‬
‫ر‬ ‫األوىل منه "كل شخص سليم العقل قادر عىل‬
‫يرتكبها‪."...‬‬

‫الغي‪،‬‬
‫الجنائ لمسؤولية جنائية عن فعل ر‬
‫ي‬ ‫إذا كان األصل إذن أنه ال وجود يف الميدان‬
‫األخية‬
‫ر‬ ‫الجنائ‪ ،‬جاء يف الفقرة‬ ‫ر‬
‫فالمشع بعد أن قرر شخصية المسؤولية يف الفصل ‪ 1/132‬من القانون‬
‫ي‬
‫الن ينص فيها القانون رصاحة عىل‬‫من هذا الفصل وقال‪" :‬وال يستثن من هذا المبدأ إال الحاالت ي‬
‫الغي‪ ،‬فبالقراءة‬ ‫خالف ذلك" إذ بهذا االستثناء ترك ا ر‬
‫لمشع الباب مفتوحا للمسؤولية الجنائية عن فعل ر‬

‫(‪ ) 28‬ثريا بوتشيش ‪،‬المسؤولية المدنية والجنائية للمسير في شركة المساهمة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في‬
‫القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية‬
‫‪ ،2004/2003‬ص‪.46 .‬‬
‫(‪ ) 29‬رضى بن خدة‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.287‬‬
‫(‪ ) 30‬محمود محمـود مصطفى‪ ،‬الجرائم االقتصادية في القانون المقارن‪،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪.133 .‬‬

‫‪19‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫الن‬
‫مضامي الفقرة األوىل ي‬
‫ر‬ ‫المتفحصة لنص الفصل المذكور ومن خالل إجراء نوع من المقابلة ما ربي‬
‫ر‬
‫المشع‬ ‫تقض بوجود أالستثناء نستشف عىل أن‬ ‫الن‬
‫ي‬ ‫تنص عىل شخصية المسؤولية والفقرة الثانية ي‬
‫الغي فال وجود الستثناء عن المسؤولية الشخصية إال‬
‫المغرئ يقر بوجود مسؤولية جنائية عن فعل ر‬
‫ي‬
‫الغي‪.‬‬
‫المسؤولية الجنائية عن فعل ر‬

‫الغي كاستثناء عن المسؤولية‬


‫المغرئ إذن اعيف بالمسؤولية الجنائية عن فعل ر‬ ‫ر‬
‫فالمشع‬
‫ي‬
‫‪)31(.‬‬
‫القانوئ الرصي ح الذي يجب أن يقررها‬
‫ي‬ ‫الشخصية إال أنه أوقف قيامها عىل وجود النص‬

‫وقد كرس ر‬
‫المشع هذه المسؤولية يف المجال االقتصادي من خالل مقتضيات متفرقة كما هو‬
‫الشأن بالنسبة للمقتضيات المتعلقة بحفظ األمن والصحة داخل المنشأة االقتصادية والمقتضيات‬
‫الرصيبية وتلك المتعلقة بالبيئة"‪.‬‬

‫الن تتبن هذه المسؤولية‬ ‫ر‬


‫وهكذا وبالنسبة لقانون شكات المساهمة‪ ،‬نجد بعض المقتضيات ي‬
‫كما هو الشأن‬ ‫(‪)32‬‬
‫القانوئ للشخص المسؤول‬ ‫مباشة أي عن طريق اإلسناد والتحديد‬‫ر‬ ‫غي‬
‫بطريقة ر‬
‫ي‬
‫بالنسبة للجرائم المنصوص عليها يف المواد ‪ )33(385‬و‪ .)34(420‬هاتان المادتان اللتان تقرران مسؤولية‬
‫المسي‬
‫ر‬ ‫يقتض يف ظل الحديث عن رشكات المساهمة ومن أجل تحديد‬ ‫ي‬ ‫غي أن هذا‬
‫المسي الجنائية‪ ،‬ر‬
‫ر‬
‫يقتض تحديد النوع المعتمد يف اإلدارة‪ .‬فإذا كان رئيس المقاولة‬
‫ي‬ ‫المسؤول جنائيا عن فعل التابع‪،‬فإنه‬
‫الغي‬
‫الفردية هو الشخص الذي يتمتع بكافة الصالحيات والسلط للقيام بشؤون المقاولة وتمثيلها أمام ر‬
‫فإن نفس الصالحيات والسلطات نجدها عند رئيس مجلس اإلدارة يف رشكات المساهمة ذات النظام‬
‫السء بالنسبة للمدير العام الوحيد يف رشكات المساهمة‬
‫ي‬
‫التقليدي طبقا للمادة ‪ 74‬ق‪.‬ش‪.‬م‪ .‬ونفس ر‬

‫(‪ ) 31‬رضى بن خدة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.288 .‬‬


‫(‪ ) 32‬سعيد الروبيو‪ ،‬المسؤولية الجنائية لمسيري شركات المساهمة‪ ،‬مقالة منشورة بكتاب الجرائم المالية من خالل اجتهادات‬
‫المجلس األعلى‪.‬مطبعة األمنية‪،‬الرباط ‪ 2007،‬ص ‪419‬‬
‫) تنص المادة ‪ 385‬من قانون الشركات على ما يلي "يعاقب بغرامة من ‪ 3.000‬إلى ‪ 15.000‬درهم الرئيس أو‬ ‫(‪33‬‬

‫المتصرف رئيس الجلسة الذي لم يعمل على إثبات مداوالت مجلس اإلدارة في محاضر وفق ما تنص عليه المادة ‪.53‬‬
‫(‪ ) 34‬تنص المادة ‪ 420‬من قانون الشركات على ما يلي‪ ":‬يعاقب بغرامة من ‪10.000‬إلى ‪ 50.000‬درهم كل مؤسس أو‬
‫متصرف أو مدير عام اومدير عام منتدب او عضو في مجلس اإلدارة الجماعية لم يقم داخل األجال القانونية بإيداع أو‬
‫إيداعات لوثائق او عقود لدى كتابة ضبط المحكمة وإما القيام بإجراء او اجراءات الشهر المنصوص عليها في هذا القانون‬
‫وذالك دون اإلخالل بتطبيق النصوص التشريعية الخاصة وال سيما منها المتعلقة بالمعلومات المطلوبة الى األشخاص‬
‫المعنوية التي تدعو الجمهور الى اإلكتتاب‪".‬‬

‫‪20‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫الثنائ طبقا للمادة ‪ 2/78‬ق ش م(‪ )35‬لكن يف حالة تعدد أعضاء مجلس اإلدارة الجماعية‪،‬‬
‫ي‬ ‫ذات النظام‬
‫فالتساؤل يطرح حول وضعية رئيس هذا المجلس لكونه ال يتوفر عىل سلط واسعة كما هو الشأن‬
‫بالنسبة لرئيس مجلس اإلدارة‪.‬‬

‫بخصوص هذه المسألة يتم النظر إىل مدى توزي ع المهام ربي األعضاء‪ ،‬فإذا تم توزي ع المهام‬
‫رئيس يف إطار مهامه‪ ،‬وإذا لم يتم التوزي ع فرئيس مجلس اإلدارة الجماعية‬
‫ي‬ ‫مسي‬
‫فكل عضو يعتي بمثابة ر‬
‫‪)36(.‬‬
‫الرئيس‬
‫ي‬ ‫هو المدير‬

‫ونتيجة لما سبق فإن المسؤولية الجنائية عن فعل التابع يتحملها رئيس مجلس اإلدارة يف‬
‫الثنائ فاألمر يختلف‬
‫ي‬ ‫رشكة المساهمة ذات المجلس التقليدي‪ ،‬أما يف ظل رشكة المساهمة ذات النظام‬
‫حسب الحاالت‪ ،‬فإذا كانت المهام والسلطات مقسمة ربي أعضاء مجلس اإلدارة الجماعية فإن كل‬
‫الن‬
‫وبالتاىل يكون مسؤوال جنائيا عن األخطاء ي‬
‫ي‬ ‫عضو يعد بمثابة رئيس يف إطار المهام المسندة إليه‪،‬‬
‫يرتكبها العاملون تحت تبعيته‪ ،‬أما يف حالة عدم اقتسام هذه المهام فرئيس مجلس اإلدارة الجماعية هو‬
‫‪)37(.‬‬
‫وبالتاىل يتم تحميله المسؤولية الجنائية عن أخطاء تابعيه‬
‫ي‬ ‫الرئيس‪،‬‬
‫ي‬ ‫المسي‬
‫ر‬

‫ه إال استثناء ظاهر‪ ،‬ألن‬


‫المسي ما ي‬
‫ر‬ ‫غي أن هنالك بعضا من الفقه يذهب إىل أن مسؤولية‬ ‫ر‬
‫الغي هو ف الواقع مرتكب لخطأ شخض‪ ،‬سواء ألنه خالف واجب ر‬
‫اإلشاف عىل‬ ‫المسؤول عن فعل ر‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫ر ‪)38(.‬‬
‫غي المباش‬
‫المرتكب المادي للجريمة‪ ،‬أو سواء ألنه الفاعل ر‬

‫لمسي رشكة المساهمة ر‬


‫يتبي لنا‬ ‫ر‬ ‫وهكذا فإذا ما اطلعنا عىل المواد المنظمة للمسؤولية الجنائية‬
‫الغي(‪ ،)39‬ر‬
‫غي أنه إذا ما دققنا وعمقنا يف هذه النصوص‬ ‫أن ر‬
‫المشع قد رتب ضمنيا المسؤولية عن فعل ر‬
‫الغي كما يبدو من الظاهر‪ ،‬ألن هذه‬
‫لوجدناها تتمثل فقط يف كونها مسؤولية شخصية وليست عن فعل ر‬
‫المسيين‪ ،‬وأن مخالفة هذا‬
‫ر‬ ‫النصوص القانونية الزجرية تضع الياما شخصيا عىل كاهل هؤالء األشخاص‬

‫(‪ ) 35‬خدوج فالح‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪125 .‬و‪.126‬‬


‫(‪ ) 36‬الروبيو سعيد‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.420 .‬‬
‫(‪ ) 37‬خدوج فالح‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.127 .‬‬
‫(‪ ) 38‬رضى بن خدة‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.292 .‬‬
‫) جالل التكموتي‪ ،‬المسؤولية الجنائية لمسير شركة المساهمة‪ ،‬رسالة لنيل الماستر في القانون الجنائي والعلوم‬ ‫(‪39‬‬

‫الجنائية‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬وجدة‪ ،‬السنة الجامعية‪ ،2010/2009 ،‬ص‪.‬‬
‫‪.14‬‬

‫‪21‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫المخاطبي‬
‫ر‬ ‫الغي يخالف هذا االليام‪ ،‬يرتب مسؤولية شخصية يف جانب هؤالء األشخاص‬
‫االليام وترك ر‬
‫الرئيس‬
‫ي‬ ‫المسي‬
‫ر‬ ‫بهذا االليام‪ ،‬وهذا ما أكده بعض الفقه حيث اعتي األستاذ سعيد الروبيو أن مسؤولية‬
‫القواني واألنظمة‪،‬‬
‫ر‬ ‫تقوم بناءا عىل عدم احيامه لالليام المتمثل يف العمل عىل عدم مخالفة هذه‬
‫الغي كما يذهب إىل ذلك بعض الفقه وإنما‬
‫المسي ليست مسؤولية جنائية عن فعل ر‬
‫ر‬ ‫ولذلك فمسؤولية‬
‫الغي ما‬
‫وبالتاىل أعتي أن المسؤولية عن فعل ر‬
‫ي‬ ‫للمسي‪،‬‬
‫ر‬ ‫يتعلق األمر بإحدى صور المسؤولية الشخصية‬
‫الشخض للمتبوع أو‬
‫ي‬ ‫الغي هو الذي يكشف الخطأ‬ ‫الغي ذلك أن فعل التابع أو ر‬ ‫ه إال مسؤولية عي ر‬ ‫ي‬
‫الرئيس‪ )40(.‬ونحن نسايره يف هذا الرأي عىل إعتبار انه وإن كان التابع هو الذي ارتكب الخطأ وائ‬
‫ي‬ ‫المسي‬
‫ر‬
‫والمتجىل يف‬
‫ي‬ ‫الفعل المادي للجريمة‪،‬إال أن فعله هذا لم يكن سوى كاشف لخطأ سابق ارتكبه المتبوع‬
‫ر‬
‫واإلشاف عىل تابعيه‪.‬‬ ‫إهماله لموجب فرضه القانون عليه والمتمثل يف غياب الرقابة‬

‫الثائ ‪ :‬مسؤولية الشخص يف إطار مدونة الجمارك المغربية‪.‬‬


‫ي‬ ‫المطلب‬

‫الن تدخل بصورة‬


‫القواني الجنائية الجمركية إىل مكافحة البضائع األجنبية ي‬
‫ر‬ ‫تهدف مختلف‬
‫غي ر‬
‫المشوعة من جهة والحفاظ عىل‬ ‫غي رشعية ‪،‬وذالك من أجل حماية السوق المحلية من المنافسة ر‬
‫ر‬
‫مالية الدولة من جهة أخرى‪.‬‬

‫وتتمثل الوسيلة الفعالة لتحقيق هذه الغاية يف جعل الركن المعنوي مفيضا لدى مرتكب‬
‫والن اليكون سوء النية‬ ‫ر‬
‫الجريمة الجمركية‪ ،‬حيث يفيضه المشع تسهيال إلثبات الجريمة اإلقتصادية ي‬
‫الجائ كما هو الحال يف جريمة القانون التقليدي ‪،‬وإنما يستدل عليه من‬
‫ي‬ ‫فيها مستندا إىل تحليل نفسية‬
‫الجائ او كوامن ذاته (‪ )41‬فطبيعة بعض الجرائم‬
‫ي‬ ‫سلوكه المادي دون ادئ التفات ألهمية نفسية‬
‫ر‬
‫بالمشع اىل اعتبار بعض الترصفات‬ ‫وخطورة نتائجها عىل األمن العام والمصالح اإلقتصادية ادت‬
‫ومسك بعض األشياء يف حاالت واماكن معينة او التمتع ببعض الصفات(‪ )42‬تشكل قرينة عىل افياض‬

‫(‪ ) 40‬سعيد الروبيو‪ ،‬مرجع سابق ‪ ،‬ص‪.420 .‬‬


‫(‪) 41‬عبد الحميد الشواربي ‪،‬الجرائم المالية والتجارية ‪،‬الطبعة الرابعة‪،‬منشأة المعارف‪ 1996،‬ص ‪204‬‬
‫(‪)42‬نصيف محمد حسين‪،‬مرجع سابق‪،‬ص‪374‬‬
‫‪22‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫وينبع عىل من وجه اليه عن اإلثبات ان يثبت عدم ارتكابه لها(‪،)43‬وهكذا نجد أن‬
‫ي‬ ‫جرائم محددة‬
‫الفصل ‪ 223‬من ذات المدونة ينص عىل أن المسؤولية الجنائية مفيضة يف حق ‪:‬‬

‫ربابنة البواخر والسفن والمراكب وقواد الطائرات فيما يخص اإلغفاالت والمعلومات ر‬
‫غي‬
‫الصحيحة المالحظة يف بياناتهم وبصفة عامة فيما يخص الجنح أو المخالفات الجمركية المرتكبة عىل‬
‫ظهر بواخرهم و سفنهم ومراكبهم وطائرتهم‪.‬‬

‫األشخاص الموجودة يف حوزتهم البضائع المرتكب الغش بشأنها وناقلوها‪.‬‬

‫ه مسؤولية‬
‫وتأسيسا عىل هذا النص يالحظ بأن مسؤولية مالك البضاعة ووسائل النقل مثال ي‬
‫يكف إقامة الدليل عىل أنه هو صاحب البضائع محل الغش لتحميله المسؤولية ‪،‬دون حاجة‬
‫مطلقة إذ ي‬
‫إىل البحث فيما إذا كان المستخدم قد إرتكب المخالفة اثناء أو بمناسبة أداء وظيفته ‪.‬ذالك أن هذه‬
‫ه مفيضة بنص القانون‬ ‫‪44‬‬ ‫ر‬
‫غي معمول بها يف المادة الجمركية ( ) إذ أن هذه المسؤولية ي‬
‫الشوط ر‬
‫المسؤولي بشكل رصي ح ‪.‬‬
‫ر‬ ‫عي‬ ‫‪،‬وبالتاىل المجال للبحث عن توافر تلك ر‬
‫الشوط ما دام القانون قد ر‬ ‫ي‬

‫كما نجد كذالك الفصل ‪\222‬ب من مدونة الجمارك ينص عىل هذا النوع من المسؤولية‬
‫حيث يقر عىل أن المؤتمنون مسؤولون جنائيا عن عمل مستخدميهم فيما يخص العمليات الجمركية‬
‫المنجزة بتعليمات منهم‪ ،‬والمؤتمن ما هو إال ذالك الشخص الذي يكلف أحد مستخدميه بإجراء‬
‫الن يرتكبها المستخدم وهذا‬
‫عمليات جمركية لحسابه‪،‬حيث يكون مسؤوال عن الجنح والمخالفات ي‬
‫الغي(‪ )45‬إذ أن قيام مسؤولية المؤتمن ر‬
‫غي مرتبط‬ ‫يعتي مثاال بينا عن المسؤولية الجنائية عن فعل ر‬
‫بثبوت خطأ يف حقه ‪ ،‬أضف إىل ذالك أن إلقاء المسؤولية عىل المؤتمن ال يمنع من متابعة المستخدم‪.‬‬

‫األجنن عن‬
‫ي‬ ‫وف السياق نفسه نجد الفصل ‪ 212‬من ذات المدونة يعاقب مالك الناقلة او‬
‫ي‬
‫الن هيأت إلرتكاب‬
‫الجنح والمخالفات الجمركية المرتكبة من قبل السائق ويؤمر بمصادرة وسيلة النقل ي‬
‫األجنن عن هذه الجريمة بما فيها مالك وسيلة النقل ‪،‬أي ولو لم‬
‫ي‬ ‫الغش ‪،‬بحيث يشي هذا النص عىل‬
‫يرتكب الفعل المادي للغش ‪،‬ولم يكن لديه أي قصد بذالك ‪،‬حيث ف هاته الحالة يفيض ر‬
‫المشع فيهم‬ ‫ي‬
‫سوء النية وتعف ادارة الجمارك والنيابة العامة من اثبات الركن المعنوي للجريمة أي القصد‬

‫(‪ )43‬حفيظي الشرقي‪،‬جريمة التهريب ‪،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص‪،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ‪،‬الرباط‪، 1985،‬ص ‪74‬‬
‫(‪ )44‬محمد الشلي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص‪293‬‬
‫(‪ ) 45‬محمد حدوتي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪338‬‬
‫‪23‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫الجنائ‪.‬لكن ورغم هذه الرصامة فإن ر‬
‫المشع ال يعاقب المالك بشكل مجرد ومطلق عن جرم لم يرتكبه‬ ‫ي‬
‫ولم يكن سببا يف إرتكابه بأي وجه من الوجوه ‪،‬بحيث لم يمنعه من أن يدفع عن نفسه هذه المسؤولية‬
‫الن استعملت يف ارتكاب الجريمة وكذا اثباته قيامه‬
‫اجنن وبعيد عن التقنيات ي‬
‫ي‬ ‫بإقامة الدليل عىل أنه‬
‫بجميع اإلجراءات والتحريات الالزمة للتأكد من خلو الناقلة منها‪،‬وبأن ظهور تلك المواصفات وقت‬
‫الغي بما فيه السائق او إىل حالة من القوة القاهرة لم يكن بوسعه توقعها‬
‫ضبط الجريمة يرجع اىل فعل ر‬
‫وال مقاومتها‪.‬‬

‫الغي عىل إعتبار أنها‬


‫وينتقد بعض الفقه هذا التوسع المضطرد لنطاق المسؤولية عن فعل ر‬
‫‪،‬فه من ناحية أوىل ال تتسق مع مبدأ شخصية‬ ‫الجنائ‬ ‫تتناقض مع ر‬
‫أكي من مبدأ من مبادئ القانون‬
‫ي‬ ‫ي‬
‫يفض إىل مبدأ شخصية العقوبة ‪ ،‬ومن ناحية ثانية تتنافر مع مبدأ ال جريمة‬
‫ي‬ ‫المسؤولية الجنائية الذي‬
‫‪،‬وأخيا فإن هذه المسؤولية ال تنسجم مع مبدأ مادية الجريمة ‪،‬والذي يجعل قيام الجريمة‬
‫ر‬ ‫بدون خطأ‬
‫الجائ (‪ )46‬كما أن إفياض المسؤولية ر‬
‫‪،‬يثي التساؤل من‬ ‫ي‬ ‫قانونا منوطا بسلوك مادي ملموس صادر عن‬
‫والمحم‬ ‫زاوية مدى تعارضه مع مبدأ إفياض براءة المتهم المكرس ر‬
‫تشيعيا (المادة ‪1‬من قانون ‪،‬م‪،‬ج)‬
‫ي‬
‫الدوىل‬
‫ي‬ ‫العالم والمادة ‪ 14‬من العهد‬
‫ي‬ ‫الدوىل لحقوق أإلنسان (المادة ‪11‬من اإلعالن‬
‫ي‬ ‫بمقتض القانون‬
‫المتعلق بالحقوق المدنية والسياسية) والذي يوجب أن يقع عن اإلثبات عىل اإلدعاء(‪.)47‬‬

‫الخطية‬
‫ر‬ ‫الجمرك بهذا الشكل إىل كون أن الحاالت‬
‫ي‬ ‫الجنائ إىل تيير إتجاه القانون‬
‫ي‬ ‫ويميل الفقه‬
‫الفعليي وأدمغة‬
‫ر‬ ‫للمسؤولي‬
‫ر‬ ‫للتهريب غالبا ما تكون ورائها شبكات تهريب قوية ودقيقة التنظيم تتيح‬
‫بجن األرباح والفوائد يف‬
‫ي‬ ‫هذه الشبكات البقاء بعيدا عن نطاق األفعال المادية للتهريب حيث يكتفون‬
‫حي أن أعمال التنفيد تبف من إختصاص (عمال الجريمة)والذين تكون المقتضيات الجنائية للجمارك‬
‫ر‬
‫صارمة يف حقهم إما لكونهم حائزون أو ناقلون للبضائع المهربة (‪ )48‬ويبف أهم مير لهذا التوسع هو‬
‫حماية المصالح المالية لإلدارة وضمان تحصيل مستحقاتها(‪ )49‬ر‬
‫غي أنه وإن كانت حماية إقتصاد الدولة‬
‫وكذا مواردها تتطلب إجراءات حازمة تهدف الرصب عىل يد كل من تسول له نفسه العبث او المس‬
‫غيه ‪،‬‬
‫بهذا اإلقتصاد ‪،‬إال ان حماية مبادئ العدالة ومقوماتها تستوجب أن ال يتحمل شخص وزر ر‬
‫المغرئ يأخذ بالمسؤولية‬ ‫وباألحرى إفياض وجود هذه المسؤولية ف جانبه‪.‬وهذا يؤكد عىل ان ر‬
‫المشع‬
‫ي‬ ‫ي‬

‫(‪ ) 46‬سليمان عبد المنعم‪،‬النظرية العامة لقانون العقوبات‪،‬دار الجامعة الجديدة للنشر‪،‬اإلسكندرية‪ 2000،‬ص ‪582‬و‪583‬‬
‫(‪ )47‬محمد حدوتي‪ ،‬مرجع سابق‪328،‬‬
‫(‪)48‬حفيظي الشرقي‪،‬جريمة التهريب ‪،‬مرجع سابق‪،‬ص ‪343‬‬
‫(‪)49‬محمد الشلي‪ ،‬مرجع سابق‪،‬ص‪294‬‬
‫‪24‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫‪،‬غي انه بتعديل المدونة ثم الياجع‬
‫والن اعتمدها يف المادة ‪ 205‬من مدونة الجمارك ر‬
‫الجنائية المادية ي‬
‫يعن أننا يف إطار الياجع عن القاعدة الموسعة‬
‫عىل هذا اإلقرار بمادية الجرائم المرتكبة يف إطارها ‪،‬مما ي‬
‫لمادية الجريمة اإلقتصادية وذالك يف اتجاه اإلعياف للركن المعنوي بمكانته المرموقة ضمن أركان‬
‫الجريمة‪. 50‬‬

‫(‪)50‬عبد المنعم بوفلجي‪،‬خصوصية القواعد الزجرية في القانون الجمركي ‪،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الجنائي‬
‫والعلوم الجنائية ‪،‬جامعة محمد األول‪،‬كلية العلوماإلقتصادية واإلجتماعية و القانونية‪،‬وجدة ‪ 2008\2007‬ص‪23‬‬
‫‪25‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬

‫الئحة المراجع‬

‫‪ -‬أحمد الخمليشي‪،‬شرح القانون الجنائي ‪،‬القسم العام ‪ ،‬الطبعة الثانية‪،‬مطبعة المعارف الجديدة الرباط‬
‫‪.1989،‬‬
‫‪ -‬أنور سلطان‪ ،‬مصادر االلتزام في القانون المدني األردني‪ ،‬منشورات الجامعة األردنية‪ ،‬عمان‪.1987 ،‬‬
‫‪ -‬حسني أحمد الجندي ‪ ،‬القانون الجنائي للمعامالت التجارية‪ ،‬الكتاب األول‪ ،‬القانون الجنائي للشركات‪،‬‬
‫مطبعة جامعة القاهرة والكتاب الجامعي‪ ،‬القاهرة‪.1989 ،‬‬
‫‪ -‬رضى بن خدة‪ ،‬محاولة في القانون الجنائي للشركات التجارية‪ ،‬الطبعة األولى‪ ،‬مطبعة دار السالم‪،‬‬
‫الرباط ‪. 2010 ،‬‬
‫‪ -‬رمسيس بهنام ‪،‬نظرية التجريم في القانون الجنائي‪(،‬معيار سلطة العقاب تشريعا وتطبيقا)‪،‬منشأة‬
‫المعارف باإلسكندرية ‪. 1971،‬‬
‫‪ -‬عبد الرزاق السنهوري‪ ،‬الوجيز في شرح القانون المدني‪ ،‬الجزء األول‪ ،‬دار النهضة العربية‪ ،‬القاهرة‪،‬‬
‫‪.1966‬‬
‫‪-‬عبود السراج‪،‬شرح قانون العقوبات اإلقتصادي في التشريع السوري والمقارن‪،‬مطبعة‬
‫طبرين‪،‬دمشق‪.1987،‬‬

‫ــ محمد أحداف‪،‬علم اإلجرام‪(،‬النظريات العلمية‪،‬والسلوك اإلجرامي)‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬مطبعة وراقة‬
‫سجلماسة‪،2006، ،‬‬
‫إبراهيم علي صالح‪ ،‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية‪ ،‬دار المعارف‪ ،‬مصر‪.1980 ،‬‬ ‫‪-‬‬
‫أمحد عوض بالل‪ ،‬املذهب املوضوعي وتقلص الركن املعنوي للجرمية‪ ،‬دراسة مقارنة الطبعة األوىل‪ ،‬دار النهضة‬ ‫‪-‬‬
‫العربية ‪،‬القاهرة ‪.1988‬‬
‫جرجس يوسف طعمه‪،‬مكانة الركن المعنوي في الجرائم اإلقتصادية‪ ،‬دراسة مقارنة‪،‬المؤسسة‬ ‫‪-‬‬
‫الحديثة للكتاب طرابلس‪،‬لبنان‪.2005،‬‬
‫شريف سيد كامل‪،‬المسؤولية الجنائية لالشخاص المعنوية دراسة مقارنة ‪،‬الطبعة االولى ‪،‬دار‬ ‫‪-‬‬
‫النهضة العربية ‪،‬القاهرة‪.1997 ،‬‬
‫‪ -‬عبد الرؤوف مهدي‪،‬المسؤولية الجنائية عن الجرائم اإلقتصادية‪،‬دراسة مقارنة‪ ،‬منشأة المعارف‬
‫اإلسكندرية ‪.1976 ،‬‬
‫‪ -‬محمد الشيلي‪ ،‬المصالحة الجمركية في القانون المغربي‪ ،‬الطبعة األولى‪.،2010 ،‬‬

‫‪26‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬
‫‪ -‬محمد سا مي الشوا‪ ،‬المسؤولية الجنائية الناشئة عن المشروعات االقتصادية‪ ،‬دار النهضة العربية القاهرة‬
‫‪،1999،‬‬
‫‪ -‬محمد سالمة الشروش‪ ،‬المسؤولية الجزائية لألشخاص المعنوية‪ ،‬رسالة ماجستير‪ ،‬الجامعة األردنية‪،‬‬
‫‪2006‬‬
‫الرسائل واألطروحات‪.‬‬

‫❖ محمد مومن‪ ،‬المسؤولية الجنائية لرئيس المؤسسة االقتصادية في القانون الجنائي المغربي‪،‬‬
‫أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في الحقوق‪ ،‬القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬أكدال‪ ،‬كلية‬
‫العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬الرباط‪.1998 ،‬‬
‫❖ خدوج فالح‪،‬المسؤولية الجنائية للمسير في شركات المساهمة على ضوء التشريع والفقه والقضاء‪،‬‬
‫أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص‪ ،‬وحدة قانون األعمال جامعة الحسن الثاني عين الشق‬
‫‪،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية الدار البيضاء ‪،‬السنة الجامعية ‪. 2004/2003‬‬
‫❖ سميرة كميلي‪ ،‬القانون الجنائي للشغل‪ ،‬أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق‪ ،‬شعبة القانون‬
‫الخاص‪ ،‬قانون األعمال‪ ،‬جامعة الحسن الثاني‪ ،‬عين الشق كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫واالجتماعية‪ ،‬الدار البيضاء‪.2002-2001 ،‬‬
‫❖ العلمي محمد‪ ،‬المسؤولية الجنائية لألشخاص المعنوية عن الجرائم اإلقتصادية في القانون‬
‫الجنائي المغربي ‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا ‪،‬جامعة محمد الخامس كلية العلوم‬
‫القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية‪،‬الرباط ‪،‬السنة الجامعية ‪1992-1992‬‬

‫❖ ثريا بوتشيش ‪،‬المسؤولية المدنية والجنائية للمسير في شركة المساهمة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم‬
‫الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص‪ ،‬جامعة محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية‬
‫واالقتصادية واالجتماعية‪ ،‬السويسي‪ ،‬الرباط‪ ،‬السنة الجامعية ‪،2004/2003‬‬
‫❖ حفيظي الشرقي‪،‬جريمة التهريب ‪،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص‪،‬جامعة‬
‫محمد الخامس‪ ،‬كلية العلوم القانونية واإلقتصادية واإلجتماعية ‪،‬الرباط‪1985،‬‬
‫❖ عتيقة بوزيد‪ ،‬معضلة الركن المعنوي في جرائم الشركات التجارية‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الدراسات‬
‫السعدي‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية‬
‫ّ‬ ‫العليا المعقمة في العلوم الجنائية‪ ،‬جامعة عبد المالك‬
‫واالجتماعية بطنجة‪ ،‬السنة الجامعية ‪.2006/2005‬‬

‫‪27‬‬
‫المكتبة القانونية االلكترونية‬
‫‪www.bibliojuriste.club‬‬

‫❖ جابر الحذيفي‪ ،‬الحماية الجنائية لحرية األسعار والمنافسة‪ ،‬رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون‬
‫الجنائي والعلوم الجنائية‪ ،‬جامعة محمد األول‪ ،‬كلية العلوم القانونية واالقتصادية واالجتماعية‪،‬‬
‫وجدة‪2011/2010 ،‬‬
‫❖ الغفيري عبد العزيز‪،‬المسؤولية الجنائية عن الجرائم اإلقتصادية‪،‬بحث نهاية التمرين بالمعهد‬
‫الوطني للدراسات القضائية‪،‬الفوج ‪1996، 25‬‬

‫‪28‬‬

You might also like