Professional Documents
Culture Documents
هل يكتفي الإنسان بالأخلاق السائدة في مجتمعه؟
هل يكتفي الإنسان بالأخلاق السائدة في مجتمعه؟
-1مقدمة:
من المسلمات األساسية في الفكر االجتماعي أن اإلنسان كائن اجتماعي بطبعه وقصدوا من وراء ذلك أن حياته ال
تقوم وال تتحرر إال بالوسط اإلجتماعي فإذا سلمنا من زاوية أخرى بأنه كائن أخالقي فالمشكلة المطروحة هي هل
يكتفي اإلنسان باألخالق السائدة بمجتمعه فقط؟
-2التوسيع:
الرأي األول:
يمثل هذا الرأي المذهب اإلجتماعي من حيث ال ينظر أصحابه إلى اإلنسان على أساس أنه كائن منزوع من
الواقع فالنظر إليه على أنه كائن منخرط في جماعة تحيط به ظروف معينة يتأثر بها فالخير عندهم مجرد
مصطلح تتعارف عليه الناس في زمان ومكان محددين فهو متغير تغير الظروف واألحوال االجتماعية ولذلك
رفعوا شعارهم قائلين تبدأ حياة الجماعة يتزعم هذا الرأي الفالسفة اإلجتماعيون أمثال الفرنسي إميل دوركايم
الذي يرجع اصل القيمة الخلقية إلى المجتمع حيث قال ":إذا تكلم الضمير فينا فإن المجتمع هو الذي يتكلم فما
وافق عليه المجتمع وأيده يعتبر خيرا وما خالفه ورفضه المجتمع يعتبر شرا وهو نفس ما ذهب إليه الفيلسوف
جود قائال ":إن حكم الشخص القيمي يكون له بواسطة مجتمعه وبيئته" وهو نفس ما أكده الفرنسي جون فياجيه
حيث قال ":أن الطفل سيجد عاداته األخالقية من الخارج بواسطة مجتمعه والتربية والوالدين والحياة اليومية ومن
األدلة التي استعملها أنصار هذا الرأي أن الفرد عاجز وحده على بناء حياته فشواهد التاريخ والواقع تؤكد أن
المجتمع هو الذي فعل ذلك ولهذا قال دور كايم ":لسنا سادة نفوسنا وإ نما المجتمع هو الذي يفعل ذلك فاألخالق
خلقت من اجل المجتمع والذي يخلقها هو المجتمع" وقال أيضا ":األخالق تنشأ بإجماع الناس ويوصى لها العقل
فال نستطيع تصور أخالق دون مجتمع وفي نفس السياق أشار المفكر المصري زكريا إبراهيم التاريخ يشهد أن
لكل مجتمع من األخالق ما يتالءم مع طبيعة تكوينه اإلجتماعي العام.
نقد:
أهمل هذا الرأي في دور تحديد األخالق فلو كان المجتمع مصدر القيمة الخلقية فبماذا نفسر إزالة بعضها وتجدد
بعضها األخر وبماذا نفسر التغير يسعى إلى إجادة رجال اإلصالح في القيم اإلصالحية السائدة في المجتمع.
الرأي الثاني :نقيض االطروحة
من الذين دافعوا عن معيار ومقياس آخر لألخالق غير المجتمع النظرية العقلية وأنصار المنفعة الواقعية أن
األساس العقلي يعود بجذوره إلى كل من سقراط وارسطو إذ رأى سقراط أن العلم فضيلة والجهل رذيلة ،حيث
نرجع هذه النظرية األخالق إلى حركة العقل بإعتباره حركة بديهية ثابتة موجودة بماهية لدى كل انسان وهذا هو
الشرط األول في امكان صدور االحكام وتقييم االفعال إما بالخير أو بالشر ولذلك قال أفالطون ":يكفي أن يحكم
االنسان جيدا لكي يتصرف جيدا"
أما تلميذه أرسطو فتحدث في كتابه األخالق لينقوماطوس حيث راى " الفضيلة وسط بين رذيلتين" وضرب الكثير
من االمثلة لتوضيح فكرته منها :الشجاعة وسط بين التهور والجبن والتواضع وسط اإلدعاء والحياء ...كما
رفضه كانط في العصر الحديث تأثر المجتمع والعاطفة على احكامنا فقال بتقسيم العقل لألفعال ألن العقل برأيه
متعال عن الزمان والمكان واحكامه ال تتغير ومن هنا أسس اخالق الواجب النابعة من سلطته العقل واإلرادة
الحرة حيث قال ":اعمل كما لو كنت تريد أن يكون عملك قانونا كليا عاما" وقال أيضا ":اعمل على اساس تعتبر
فيه الناس غاية ال وسيلة" فالواجب عنده هو تطبيق الفعل احتراما للقانون واألخالق من مطالب العقل ال مطالب
البدن.
نقد:
العقل لوحده ال يمكن ان يكون مبدأ تغير على ضوئه أصل االخالق ،الخير أو الشر فهو بمفرده غير كاف بل
يحتاج إلى تربية وتدعيم خارجي يرشده إلى معرفة الخير أو الشر وهو الوحي.