Professional Documents
Culture Documents
تقوم كل دولة على العنف نموذج تحليل و مناقشة قولة فلسفية
تقوم كل دولة على العنف نموذج تحليل و مناقشة قولة فلسفية
كتابة تمهيد له عالقة بموضوع القولة من خالل االعتماد على المؤشرات اآلتية:
-تأطير القولة ضمن مجالها العام (المجزوءة )و مجالها الخاص (المفهوم).
-اإلشارة إلى القضية التي تعالجها القولة و التي تعتبر مدخال لطرح اإلشكال.
-تحديد اإلشكاالت الجوهرية التي تثيرها القولة وصياغتها صياغة استفهامية
(يجيب عنها التحليل و تنفتح على المناقشة)
مثال :
يتأطر المجال اإلشكالي للقولة الماثلة بين أيدينا ضمن مجزوءة السياسة التي تعتبر
علم تدبير الشأن العمومي من خالل السعي نحو ممارسة السلطة,و تفتح على مفهوم
الدولة و عالقته بالعنف,حيث تعالج قضية أساسية مفادها :أن العنف هو الوسيلة(
األساسية لقيام الدولة،
فما األساس الذي تبنى عليه الدولة ؟
هل يمكن القول أن كل دولة تقوم على العنف؟
أال يمكن الحديث عن دولة الحق القائمة على أسس أخالقية تستمد شرعيتها من الحق و
العدالة؟
التحليل )5(:
-تحليل األطروحة المتضمنة في القولة انطالقا من:
-تحديد و شرح المفاهيم المركزية للقولة
-تحليل األطروحة انطالقا من اختيار المعرفة المالئمة و تعزيزها من خالل
استعراض أمثلة و معطيات من الواقع.
مثال :
كجواب على اإلشكاالت السابقة تراهن القولة على أطروحة مفادها:أن كل دولة
تقوم على العنف ,و قبل الخوض في تحليل مضمون هذه األطروحة تجدر اإلشارة
إلى تحديد مفاهيمها تحديدا دقيقا ,فالدولة تشير إلى مجموع المؤسسات و األجهزة
القانونية و اإلدارية و االجتماعية و العسكرية ...التي تشتغل وفق نسق متكامل من أجل تنظيم
الحياة االجتماعية داخل نطاق جغرافي محدد,أما العنف يشير إلى استخدام القوة بشكل مفرط
تجاه الغير و العالم الطبيعي إلخضاعهم إلرادة الذات,و قد تلجأ له الدولة بشكل شرعي قانوني
حماية للنظام العام ,و بالرجوع إلى مضمون القوالة نجدها تدافع(عن طريق صيغتها
التعميمية) عن قيام الدولة على العنف,بمعنى أن الهدف األول من تأسيس الدولة هو فرض
السلطة بواسطة القوة و احتكار استخدام العنف من أجل ضمان االستمرار و تفادي
االضطرابات التي يمكن أن تنال من وحدتها سواء كانت هذه االضطرابات داخلية أو خارجية,و
استقراء لتاريخ التنظيمات السياسية نجد أن معظمها أقامت صلة وثيقة و حميمية مع العنف بل
حتى الفكر الفلسفي و السياسي راهن على ضرورة قيام الدولة على العنف,فالعديد من
رجاالت السياسة جعلوا من القوة الوسيلة الوحيدة لقيام الدولة و استمرارها,نذكر هنا على
سبيل المثال ال الحصر رجل السياسية اإليطالي الشهير موسوليني الذي أخضع شعبه
إليديولوجيته الفاشية بالعنف و القوة مستمدا مرجعيته في الحكم انطالقا من تصور ماكيافيلي
حيث جعل من مؤلفه األمير مرجعا أساسيا في الحكم و موضوعا لنيل دكتوراه.و ليس فقط
موسوليني من اتخذ من القوة و العنف وسيلة لبقاء الدولة و فرض الهيمنة و التسلط,فقد تكرر
نفس األمر مع السياسة النازية لأللماني أدولف هتلر,الذي اتخذ من المكر و القوة أسلوبا
سياسيا إلدارة الحكم,فبمجرد سيطرته على دواليب الدولة شن حملة تصفية ضد
معارضيه,ليعلن بعد ذلك عن غايته في السيطرة على العالم.
إذن هذان النموذجين و غيرهما من النماذج يوضحان مدى ارتباط الدولة بالعنف كآلية للردع و
فرض السيطرة بالقوة المادية,و قد تشرع الدولة لنفسها قوانين قائمة على العنف لتفادي
االضطرابات و القالقل التي يمكن أن تعصف باستمرارها.
المناقشة)5(:
-تتقسم المناقشة إلى مناقشة داخلية و مناقشة خارجية.
-المناقشة الداخلية:تعبر عن لحظة التفكير في تصور القولة من الداخل(نقد
مضمونها أو إبراز قيمتها)
-المناقشة الخارجية:التفكير في تصور القولة من الخارج(استحضار وجهات
نظر أخرى عالجت نفس القضية)
مثال:
تبرز قيمة تصور صاحب القولة في كون العنف من الوسائل الناجعة و الفعالة لضمان استمرار
الدولة و تفادي الصراعات اإلثنية و العرقية التي تهدد بتفككها و تعجل بدمارها,كما أن العنف قد
يحصنها من كل الهجمات المحتملة و األطماع الخارجية,ألن مبدأ السيادة تستمده الدول من
مدى حفاظها على أمنها الداخلى من جهة و قدرتها على التصدي لألعداء من جهة أخرى.و هذا
ما أكده أكثر من فيلسوف و عالم و مفكر,فالسوسيولوجي األلماني "ماكس فيبر" يرى أن
الدولة هي الحق في ممارسة العنف كضامن وحيد لهيمنتها,غير أن هذا العنف وإن كان ليس
وسيلة الدولة الوحيدة,إال أنه أكثر أسلحتها نجاعة في قيادة المجتمع و ممارسة السلطة,مادام
أن تاريخ البشرية كشف عن محاوالت التعنيف لضمان السلم االجتماعي من هذا المنطلق يرى
فيبر أن السياسي يتوق إلى السلطة,إما ألنها وسيلة لتحقيق غايات مثالية أو أنانية و إما لذاتها
من أجل إشباع الشعور بالفخر الذاتي والرغبة في الوصول إلى السلطة وامتالكها،بل وإن
االحتفاظ بها يعني بالضرورة أن الدولة /السلطة تعتمد على عالقة أساسية تربط بها هيمنة
اإلنسان على اإلنسان من خالل العنف المشروع،ومن تم يقول فيبر"يجب( أن نتصور الدولة
المعاصرة كتجمع بشري يطالب في حدود مجاله الترابي بحقه في احتكار استخدام العنف
المادي المشروع و ذلك لفائدته "...و ليس فقط فيبر من دافع على حق الدولة في احتكار
العنف,فقبله ماكيافيلي تحدث في مؤلفه الشهير "األمير"عن استخدام الحاكم لكل الوسائل
المشروعة و غير المشروعة للدفاع عن الحكم و التغلب على الخصوم منطلقا من مبدأ
برغماتي"الغاية تبرر الوسيلة"
هذا الطرح الذي يرى في العنف وسيلة أساسية لقيام الدولة و استمرارها ليس هو الطرح
الوحيد المهيمن على الفكر السياسي,بل هناك مواقف أخرى تؤكد على ضرورة تجنب
العنف,ألن هذا األخير من شأنه خلق هوة بين الحاكم و المحكوم,ألن النظام القائم على
االستبداد و العنف قد يتغذى على الخوف و اإلرهاب و الالأخالق,و من بين التصورات التي
انتقدت أنظمة الحكم االستبدادية نذكر على سبيل المثال ال الحصر المفكر العربي عبد الرحمن
بن خلدون الذي يرى أن نموذج السياسة المثلى هي التي تقوم على االعتدال،وإذا كانت هذه
الملكة( االعتدال) تقوم على الرفق والحكمة حصل المقصود بين السلطان ورعيته .أما إذا كان
السلطان على بطش وعقاب فسدت هذه الملكة وحل الذل والمكر محل هذا الرفق،فحسن
الملكة بين السلطان ورعيته هو التوسط و االعتدال،بمعنى ال إفراط في الشجاعة والكرم حتى
التهور وبالتالي االنحالل,وال إفراط في الجبن و البالدة حتى الجمود .فهذا يتنافى و الصفات
اإلنسانية حسب ابن خلدون,فالحاكم والسلطان هو من يحكم رعاياه باعتدال و توسط وليس
الدخول معهم في صراع وتحايل ومكر وخداع .هذا الطرح الخلدوني وجد امتداده لدى العديد
من الفالسفة المهتمين بالحقل السياسى,و خصوصا فالسفة عصر األنوار,فهذا باروخ اسبينوزا
أكد على أن الغاية التي قامت من أجلها الدولة هي حماية حرية األفراد و سالمتهم وفسح
المجال أمام طاقاتهم و قدراتهم البدنية و العقلية والروحية,و تحقيق هذه األهداف
(األمن،الحرية )...يقتضي تنازل الفرد عن حقه في أن يسلك كما يشاء,ومقابل هذا التنازل
يتمتع األفراد بحرية كاملة في التعبير عن آرائهم و أفكارهم مع بقائهم متمتعين بهذا الحق مادام
تفكيرهم قائما على مبادئ العقل واحترام اآلخرين و ايضا ما دام الفرد لم يقم بأي فعل من
شانه الحاق الضرر بالدولة.باإلضافة إلى مونتيسكيو الذي دعا إلى ضرورة الفصل بين السلط
(التشريعية,التنفيذية,القضائية)من أجل تحقيق الحرية الصادرة عن اطمئنان النفوس.
التركيب )3(:
-استخالص عناصر التحليل والمناقشة.
مـــــــثال :
خالصة القول هي أن الدولة من جهة مطالبة بممارسة العنف من أجل ضمان االستقرار و
استمرار بقائها,لكن هذا العنف قد يتحول إلى وسيلة غير مرغوب فيها من طرف الكائن
البشري التواق للحرية و االنعتاق من أغالل العبودية و اإلستبداد,و من جهة أخرى ضرورة قيام
الدولة على الحق الذي من شأنه أن يضمن لإلنسان كرامته دون عقاب أو إهانة.