Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 3

‫نموذج تحليل و مناقشة قولة فلسفية‪:‬‬

‫"تقوم كل دولة على العنف"‬


‫قولة لتروتسكي مقتطفة من نص ماكس فيبر (الكتاب‬
‫المدرسي في رحاب الفلسفة ص ‪ 135‬التمهيد‪4(:‬ن)‬

‫كتابة تمهيد له عالقة بموضوع القولة من خالل االعتماد على المؤشرات اآلتية‪:‬‬
‫‪ -‬تأطير القولة ضمن مجالها العام (المجزوءة )و مجالها الخاص (المفهوم)‪.‬‬
‫‪ -‬اإلشارة إلى القضية التي تعالجها القولة و التي تعتبر مدخال لطرح اإلشكال‪.‬‬
‫‪ -‬تحديد اإلشكاالت الجوهرية التي تثيرها القولة وصياغتها صياغة استفهامية‬
‫(يجيب عنها التحليل و تنفتح على المناقشة)‬
‫مثال ‪:‬‬

‫يتأطر المجال اإلشكالي للقولة الماثلة بين أيدينا ضمن مجزوءة السياسة التي تعتبر‬
‫علم تدبير الشأن العمومي من خالل السعي نحو ممارسة السلطة‪,‬و تفتح على مفهوم‬
‫الدولة و عالقته بالعنف‪,‬حيث تعالج قضية أساسية مفادها ‪ :‬أن العنف هو الوسيلة(‬
‫األساسية لقيام الدولة‪،‬‬
‫فما األساس الذي تبنى عليه الدولة ؟‬
‫هل يمكن القول أن كل دولة تقوم على العنف؟‬
‫أال يمكن الحديث عن دولة الحق القائمة على أسس أخالقية تستمد شرعيتها من الحق و‬
‫العدالة؟‬

‫التحليل ‪)5(:‬‬
‫‪ -‬تحليل األطروحة المتضمنة في القولة انطالقا من‪:‬‬
‫‪ -‬تحديد و شرح المفاهيم المركزية للقولة‬
‫‪ -‬تحليل األطروحة انطالقا من اختيار المعرفة المالئمة و تعزيزها من خالل‬
‫استعراض أمثلة و معطيات من الواقع‪.‬‬
‫مثال ‪:‬‬

‫كجواب على اإلشكاالت السابقة تراهن القولة على أطروحة مفادها‪:‬أن كل دولة‬
‫تقوم على العنف‪ ,‬و قبل الخوض في تحليل مضمون هذه األطروحة تجدر اإلشارة‬
‫إلى تحديد مفاهيمها تحديدا دقيقا ‪,‬فالدولة تشير إلى مجموع المؤسسات و األجهزة‬
‫القانونية و اإلدارية و االجتماعية و العسكرية ‪ ...‬التي تشتغل وفق نسق متكامل من أجل تنظيم‬
‫الحياة االجتماعية داخل نطاق جغرافي محدد‪,‬أما العنف يشير إلى استخدام القوة بشكل مفرط‬
‫تجاه الغير و العالم الطبيعي إلخضاعهم إلرادة الذات‪,‬و قد تلجأ له الدولة بشكل شرعي قانوني‬
‫حماية للنظام العام‪ ,‬و بالرجوع إلى مضمون القوالة نجدها تدافع(عن طريق صيغتها‬
‫التعميمية) عن قيام الدولة على العنف‪,‬بمعنى أن الهدف األول من تأسيس الدولة هو فرض‬
‫السلطة بواسطة القوة و احتكار استخدام العنف من أجل ضمان االستمرار و تفادي‬
‫االضطرابات التي يمكن أن تنال من وحدتها سواء كانت هذه االضطرابات داخلية أو خارجية‪,‬و‬
‫استقراء لتاريخ التنظيمات السياسية نجد أن معظمها أقامت صلة وثيقة و حميمية مع العنف بل‬
‫حتى الفكر الفلسفي و السياسي راهن على ضرورة قيام الدولة على العنف‪,‬فالعديد من‬
‫رجاالت السياسة جعلوا من القوة الوسيلة الوحيدة لقيام الدولة و استمرارها‪,‬نذكر هنا على‬
‫سبيل المثال ال الحصر رجل السياسية اإليطالي الشهير موسوليني الذي أخضع شعبه‬
‫إليديولوجيته الفاشية بالعنف و القوة مستمدا مرجعيته في الحكم انطالقا من تصور ماكيافيلي‬
‫حيث جعل من مؤلفه األمير مرجعا أساسيا في الحكم و موضوعا لنيل دكتوراه‪.‬و ليس فقط‬
‫موسوليني من اتخذ من القوة و العنف وسيلة لبقاء الدولة و فرض الهيمنة و التسلط‪,‬فقد تكرر‬
‫نفس األمر مع السياسة النازية لأللماني أدولف هتلر‪,‬الذي اتخذ من المكر و القوة أسلوبا‬
‫سياسيا إلدارة الحكم‪,‬فبمجرد سيطرته على دواليب الدولة شن حملة تصفية ضد‬
‫معارضيه‪,‬ليعلن بعد ذلك عن غايته في السيطرة على العالم‪.‬‬
‫إذن هذان النموذجين و غيرهما من النماذج يوضحان مدى ارتباط الدولة بالعنف كآلية للردع و‬
‫فرض السيطرة بالقوة المادية‪,‬و قد تشرع الدولة لنفسها قوانين قائمة على العنف لتفادي‬
‫االضطرابات و القالقل التي يمكن أن تعصف باستمرارها‪.‬‬

‫المناقشة‪)5(:‬‬
‫‪ -‬تتقسم المناقشة إلى مناقشة داخلية و مناقشة خارجية‪.‬‬
‫‪ -‬المناقشة الداخلية‪:‬تعبر عن لحظة التفكير في تصور القولة من الداخل(نقد‬
‫مضمونها أو إبراز قيمتها)‬
‫‪ -‬المناقشة الخارجية‪:‬التفكير في تصور القولة من الخارج(استحضار وجهات‬
‫نظر أخرى عالجت نفس القضية)‬
‫مثال‪:‬‬

‫تبرز قيمة تصور صاحب القولة في كون العنف من الوسائل الناجعة و الفعالة لضمان استمرار‬
‫الدولة و تفادي الصراعات اإلثنية و العرقية التي تهدد بتفككها و تعجل بدمارها‪,‬كما أن العنف قد‬
‫يحصنها من كل الهجمات المحتملة و األطماع الخارجية‪,‬ألن مبدأ السيادة تستمده الدول من‬
‫مدى حفاظها على أمنها الداخلى من جهة و قدرتها على التصدي لألعداء من جهة أخرى‪.‬و هذا‬
‫ما أكده أكثر من فيلسوف و عالم و مفكر‪,‬فالسوسيولوجي األلماني "ماكس فيبر" يرى أن‬
‫الدولة هي الحق في ممارسة العنف كضامن وحيد لهيمنتها‪,‬غير أن هذا العنف وإن كان ليس‬
‫وسيلة الدولة الوحيدة‪,‬إال أنه أكثر أسلحتها نجاعة في قيادة المجتمع و ممارسة السلطة‪,‬مادام‬
‫أن تاريخ البشرية كشف عن محاوالت التعنيف لضمان السلم االجتماعي من هذا المنطلق يرى‬
‫فيبر أن السياسي يتوق إلى السلطة‪,‬إما ألنها وسيلة لتحقيق غايات مثالية أو أنانية و إما لذاتها‬
‫من أجل إشباع الشعور بالفخر الذاتي والرغبة في الوصول إلى السلطة وامتالكها‪،‬بل وإن‬
‫االحتفاظ بها يعني بالضرورة أن الدولة ‪/‬السلطة تعتمد على عالقة أساسية تربط بها هيمنة‬
‫اإلنسان على اإلنسان من خالل العنف المشروع‪،‬ومن تم يقول فيبر"يجب( أن نتصور الدولة‬
‫المعاصرة كتجمع بشري يطالب في حدود مجاله الترابي بحقه في احتكار استخدام العنف‬
‫المادي المشروع و ذلك لفائدته ‪"...‬و ليس فقط فيبر من دافع على حق الدولة في احتكار‬
‫العنف‪,‬فقبله ماكيافيلي تحدث في مؤلفه الشهير "األمير"عن استخدام الحاكم لكل الوسائل‬
‫المشروعة و غير المشروعة للدفاع عن الحكم و التغلب على الخصوم منطلقا من مبدأ‬
‫برغماتي"الغاية تبرر الوسيلة"‬
‫هذا الطرح الذي يرى في العنف وسيلة أساسية لقيام الدولة و استمرارها ليس هو الطرح‬
‫الوحيد المهيمن على الفكر السياسي‪,‬بل هناك مواقف أخرى تؤكد على ضرورة تجنب‬
‫العنف‪,‬ألن هذا األخير من شأنه خلق هوة بين الحاكم و المحكوم‪,‬ألن النظام القائم على‬
‫االستبداد و العنف قد يتغذى على الخوف و اإلرهاب و الالأخالق‪,‬و من بين التصورات التي‬
‫انتقدت أنظمة الحكم االستبدادية نذكر على سبيل المثال ال الحصر المفكر العربي عبد الرحمن‬
‫بن خلدون الذي يرى أن نموذج السياسة المثلى هي التي تقوم على االعتدال‪،‬وإذا كانت هذه‬
‫الملكة( االعتدال) تقوم على الرفق والحكمة حصل المقصود بين السلطان ورعيته ‪.‬أما إذا كان‬
‫السلطان على بطش وعقاب فسدت هذه الملكة وحل الذل والمكر محل هذا الرفق‪،‬فحسن‬
‫الملكة بين السلطان ورعيته هو التوسط و االعتدال‪،‬بمعنى ال إفراط في الشجاعة والكرم حتى‬
‫التهور وبالتالي االنحالل‪,‬وال إفراط في الجبن و البالدة حتى الجمود‪ .‬فهذا يتنافى و الصفات‬
‫اإلنسانية حسب ابن خلدون‪,‬فالحاكم والسلطان هو من يحكم رعاياه باعتدال و توسط وليس‬
‫الدخول معهم في صراع وتحايل ومكر وخداع ‪.‬هذا الطرح الخلدوني وجد امتداده لدى العديد‬
‫من الفالسفة المهتمين بالحقل السياسى‪,‬و خصوصا فالسفة عصر األنوار‪,‬فهذا باروخ اسبينوزا‬
‫أكد على أن الغاية التي قامت من أجلها الدولة هي حماية حرية األفراد و سالمتهم وفسح‬
‫المجال أمام طاقاتهم و قدراتهم البدنية و العقلية والروحية‪,‬و تحقيق هذه األهداف‬
‫(األمن‪،‬الحرية ‪ )...‬يقتضي تنازل الفرد عن حقه في أن يسلك كما يشاء‪,‬ومقابل هذا التنازل‬
‫يتمتع األفراد بحرية كاملة في التعبير عن آرائهم و أفكارهم مع بقائهم متمتعين بهذا الحق مادام‬
‫تفكيرهم قائما على مبادئ العقل واحترام اآلخرين و ايضا ما دام الفرد لم يقم بأي فعل من‬
‫شانه الحاق الضرر بالدولة‪.‬باإلضافة إلى مونتيسكيو الذي دعا إلى ضرورة الفصل بين السلط‬
‫(التشريعية‪,‬التنفيذية‪,‬القضائية)من أجل تحقيق الحرية الصادرة عن اطمئنان النفوس‪.‬‬

‫التركيب ‪)3(:‬‬
‫‪ -‬استخالص عناصر التحليل والمناقشة‪.‬‬
‫مـــــــثال ‪:‬‬

‫خالصة القول هي أن الدولة من جهة مطالبة بممارسة العنف من أجل ضمان االستقرار و‬
‫استمرار بقائها‪,‬لكن هذا العنف قد يتحول إلى وسيلة غير مرغوب فيها من طرف الكائن‬
‫البشري التواق للحرية و االنعتاق من أغالل العبودية و اإلستبداد‪,‬و من جهة أخرى ضرورة قيام‬
‫الدولة على الحق الذي من شأنه أن يضمن لإلنسان كرامته دون عقاب أو إهانة‪.‬‬

‫من إنجاز‪:‬ذ الفلسفة محمد‬


‫المشماش ‪..‬ذ‪ .‬اعمر حداد‬

You might also like