Professional Documents
Culture Documents
أرخنة التراث
أرخنة التراث
أرخنة التراث
هاشم صالح
أعترف بأنّ موقفي يختلف كثيرا عن موقف كبار المثقفين الع رب ال ذين أش علوا المع ارك ض ّد
االستشراق ،مثل أنور عبد الملك وهشام جعي ط وإدوار س عيد وآخ رين عدي دين .ب ل وص ل بي األم ر بعض
األحيان ح ّد التفكير في تأليف كتاب كامل بعن وان :دف اع عن االستش راق ،أو ثن اء على االستش راق .ولكن لم
يتح لي الوقت الكافي له حتى اآلن .هل أفعل ذلك من قبيل االستفزاز؟ بالطبع ال.
أقول ذلك رغم أنّ االستفزاز ضروريّ أحيانا في مجال الفكر .فهو الذي يحرّ ك المياه الراكدة ويوق ظ النف وس
النائمة .ونحن العرب نائمون على التاريخ .ال ريب أ ّني أ ّتفق م ع بعض أطروح ات المثقفين الم ذكورين آنف ا.
فاالستشراق (في بداياته خصوصاً) خدم التغلغ ل االس تعماريّ في المنطق ة عن طري ق االستكش اف المع رفيّ
لعقلية الشعوب اإلسالمية وأوضاعها االجتماعية والعرقية والطائفية ،ثم تق ديم ه ذه المعلوم ات المتجمع ة إلى
اإلدارة السياسية كي تستفيد منها وتعرف كيف توجّ ه حمالتها العس كرية ،أو كي ف تتعام ل م ع ه ذه الش عوب
التي ستستعمرها .وهنا تكمن العالقة الوثيقة بين المعرفة والس لطة ،كم ا كش فها ميش يل
فوكو وسار على أثره من بعد ادوارد سعيد في كتابه الشهير.
ال يمكن
ولكنّ االستشراق لم يكن هذا الشيء فقط كما ي زعم اإلي ديولوجيون الع رب .أق ول ذل ك اختزال
وأنا أتح ّدث عن االستشراق األكاديميّ ال ذي يل تزم ش روط المنهج واالستكش اف العلميّ
ألي موضوع ،كان سواء ك ان يخص اإلس الم أو المس يحية أو أيّ موض وع آخ ر .وال
يمكن اختزال فعل المعرفة إلى مجرّ د عالقات سلطوية بحتة كما توهّم كثير من المثقفين
فعل المعرفة
عندنا .فهذا فهم تبسيطيّ ألطروحة فوكو بل ربما لفك ر ادوارد س عيد نفس ه .نق ول ذل ك إلى
متخص ص في الدراس ات اإلس المية وإنم ا ّ رغم نواقص كتابه الشهير نظرا لكونه غير
في النق د األدبي المق ارن .وق د اع ترف ادوارد س عيد في أواخ ر حيات ه ب أنّ إرادة فهم مجرّد عالقات
اآلخر إذا ما كانت صادقة تستبعد أيّ ش كل من أش كال الهيمن ة واالس تعباد .ف إرادة فهم
الثقافات األخرى من أجل التعايش معها أو حبّا للفضول المعرفي وتوسيع آفاقنا الفكري ة سلطوية بحتة
شيء محمود ومرغوب.
ولكن االي دولوجيا االستش راقية لم تكن لألس ف ك ذلك .هن ا ك ان ينبغي أن يس تثني بش كل
أوض ح أعم ال كب ار المستش رقين المتبحّ رين في العلم ،وهم أك ثر مم ا يظنّ وممّن ذك ر
أسماءهم .فهؤالء كانوا فعال يريدون أن يفهموا اإلسالم مدفوعين إلى ذلك بنزع ة الفض ول
المعرفية البريئة ال تي تنط وي عليه ا ج وانح ك ل إنس ان ،ثم من أج ل المقارن ة وفهم دينهم
الخ اص بال ذات :أي المس يحية .ففهم اإلس الم ض روري لفهم المس يحية والعكس ص حيح
أيض ا .فلم اذا إذن نش ك في أي فع ل للمعرف ة ونعت بره عالم ة على الس لطة أو التس لط
والهيمنة؟ ألن نقضي بذلك على فعل المعرفة من أساسه؟ وما هو هذا الفهم المش وه لنظري ة
فوكو والذي ساد بعض المثقفين العرب؟ كثيرا م ا نك رر المقول ة الش ائعة ب أنّ االستش راق
األلماني ،وهو من األهمية بمكان ،لم يساهم في هذه العملية التمهيدي ة للهيمن ة االس تعمارية
لسبب بسيط هو أنه لم تكن أللمانيا مستعمرات في العالم الع ربي .وذل ك على عكس الق وى
العظمى األخرى كفرنسا ،وانجلترا .ولكن هذا ال يعني آن استشراق هذه األمم االس تعمارية
كل ه باط ل وينبغي رمي ه في س لة المهمالت أو في ن ار جهنم .فنحن مط البون ب ان نف رق
ادوارد سعيد:
"العالقة الوثيقة
بين المعرفة
والسلطة"
بالنس بة الستش راق ه ذه الق وى االس تعمارية ،بين االستش راق األك اديمي ع الي المس توى كم ا قلت ،وبين
االستشراق الصحفي السريع أو المسيَّس أكثر من اللزوم أو حتى االنتهازيّ الرخيص .وإذا لم نقم بهذا التمييز
فإننا نظلم الحقيق ة والعلم ،ب ل نظلم أنفس نا بالدرج ة األولى .فاالستش راق ليس بحاج ة إلين ا وإنم ا نحن ال ذين
بحاجة إليه .واالستشراق األكاديمي موجود لدى جميع الدول سواء أكانت استعمارية سابقا أم ال.
ال ريب في أن االستشراق مأل فراغا ً علميا وفكريا فيما يخص دراسة اإلس الم .فق د
طبق المنهجية الفيلولوجية (أي اللغوية) والتاريخية على موضوعات ك انت محرم ة نفرق بين
على البحث من قبل أرثوذكسية دينية صارمة وجامدة .فالمستشرق األلم اني نولدك ه االستشراق
هو الذي طبق المنهجية التاريخية ألول م رة على المص حف :أي على نص الق رآن
الكريم .أما غولدزيهر فقد طبق نفس المنهجية على كتب الحديث النبوي .وقل األمر
نفسه عن المستشرق جوزيف شاخت الذي درس الشروط (أو الظروف) االجتماعية
األكاديمي وبين
والسياسية ال تي أح اطت ببل ورة الش ريعة أو الفق ه( .)1واكتش فنا عندئ ذ عن تراثن ا
الفقهي ص ورة أخ رى غ ير الص ورة الش ائعة ل دى عام ة المس لمين .وهك ذا ق دموا
االستشراق
صورة تاريخية –أي واقعية حقيقي ة -عن موض وعات مقدس ة ج داً وال يج رؤ أح د الصحفي,
على مسها أو االق تراب منه ا .وله ذا الس بب أث ارت أبح اثهم ردود فع ل هائج ة في
أوساط المسلمين المحافظين الذين اعتبروا هذه الدراس ات بمثاب ة أو االنتهاز ّ
ي
هج وم على اإلس الم ،أو ح تى محاول ة لت دميره! الح ظ م دى
الجه ل ،لك أن العلم ي دمر وال يعم ر… والواق ع أن رد فعلهم ال
فع ل المس يحيين التقلي ديين في أوروب ا نفس ها .فهم أيض ا ً احتج وا يختلف في شيء عن رد
قام بها المؤرخ ون والعلم اء لدراس ة اإلنجي ل وال تراث المس يحي بعنف على أول محاولة
وفيلولوجي(.)2 بش كل علمي وت اريخي
لم يفعلوا إال أن طبقوا على التراث اإلسالمي نفس المنهجية التي وبالتالي فإن المستشرقين
على التراث المسيحي وأثارت زوبعة من االنتقادات الهائجة لدى كانت قد طبقت سابقا
بالمعنى التقليدي لكلم ة إيم ان ب الطبع .أنظ ر م ا حص ل الرنس ت المؤمنين المسيحيين،
أن أصدر كتابه الشهير عن حياة يسوع( .)3فقد قامت الدنيا ولم رينان في فرنسا مثال بعد
شخصيا ومنعوه من مواصلة دروس ه الجامعي ة لف ترة من ال زمن. تقعد ،وه ّدده األصوليون
األنظ ار قليال .وك ذلك فع ل س لفه الكب ير فولت ير أك ثر من وخ اف وت وارى عن
اإليماني" في كلتا الجهتين اإلسالمية كما المسيحية ال يستطيع أن مرة.والواقع أن "الوعي
التاريخية التي تمزق الصورة المثالي ة العذب ة المرس خة في أذه ان يتحمل نتائج المنهجية
المقدس منذ مئ ات الس نين .وض عت ال وعي اإليم اني بين قوس ين المؤمنين عن التراث
نولدكه :طبق اإليم ان التقلي دي واإليم ان الح ديث .األول ي ؤمن عن طري ق الن هن اك فرق ا بين
المنهجية التاريخية طريق العقل .وشتان ما بينهما. التس ليم ،والث اني عن
ألول مرة على
الت اريخي على النص وص المقدس ة وشخص يات األنبي اء ص دم المصحف نعم ،إن تط بيق المنهج
الصميم .وهذا ما نقصده بالعملي ة الجراحي ة الخط يرة أو ب النزيف المؤمنين التقليديين في
الداخلي الح اد ال ذي سيحص ل حتم ا ً عن دما نطب ق المنهج الت اريخي على دراس ة ال تراث ال ديني اإلس المي.
فالمسيحيون في أوروبا لم يستطيعوا استيعاب هذه العملية ،أو بلعها إذا جاز التعبير ،إال بع د مع ارك طاحن ة،
وألم مرير ،وصراع هائل ضد الذات .وق د اس تغرقت منهم عملي ة االس تيعاب ه ذه م دة طويل ة (من ذ مرحل ة
س بينوزا والتن وير وح تى أوائ ل الق رن العش رين ،أي م دة ق رنين ونص ف أو ح تى ثالث ة ق رون!…).فكم
ستستغرق منا نحن المسلمين يا ترى؟ البعض يقول حتى أواخر القرن الحادي والعشرين ألنّ مش كلة اإلس الم
األص ولي الس لفي م ع الحداث ة ان دلعت اآلن على مص راعيها .ولن تتوق ف بالت الي ح تى تص ل إلى
نهاياتها.وسوف تطحن عدة أجيال في طريقها قبل أن تجد لها حال..
ثم ت ابع الجي ل الث اني من المستش رقين ،على خطى أس الفهم ،نفس العملي ة االستكش افية
للتراث اإلسالمي .فقدم المستش رقان روب ير برونش فيغ ،وجينب ول أبحاث ا ً مهم ة عن كيفي ة
التش كل الت اريخي الفعلي للح ديث النب وي( .)4وأ ّك دا ص حّ ة بعض النت ائج ال تي ك ان
المستشرقون األوائل قد لمحوها أو توصلوا إليه ا .وغ ربال ه ذا الح ديث غربل ة ش ديدة فلم
يبق منه في نهاية المطاف إال القلي ل ..أ ّم ا فيم ا يخص س يرة الن بي الك ريم وتق ديم ص ورة
تاريخي ة عن ه فق د ظه رت ع دة كتب في اللغ ات االستش راقية األساس ية :كاإلنجليزي ة
والفرنسية واأللمانية وسواها .ولكنه ا ب الغت في نزعته ا الوض عية أو العلموي ة االختزالي ة
أحيانا .صحيح أنها حاولت أن تقدم ،ألوّ ل مرة ،صورة تاريخية عن شخصية الن بي محم د.
وهذا شيء مهم ج دا ب الطبع .ولكنه ا وقعت في التط رف المقاب ل للتط رف ال ذي وق ع في ه
المسلمون التقليديون .بمعنى أنه بقدر ما ك ان المس لمون يهمل ون حق ائق الت اريخ ويق دمون
صورة تبجيلية –أو التاريخية -أو حتى أس طورية مض خمة عن شخص ية الن بي ،بق در م ا
ك ان المستش رقون يق دمون ص ورة مغرق ة في التاريخي ة والوض عية ون زع القدس ية عن
شخصية كبرى من شخصيات التاريخ البشري.
الصراع مع
ينبغي أن نذكر هنا كتاب بالشير المدعو "مشكلة محم د"( )5حيث
كشف عن االتجاهات التبجيلية في س يرة ابن إس حاق وابن هش ام. المستشرقين
وهذا شيء مفيد دون شك ،ولكن ه ليس كافي ا ً من الناحي ة المنهجي ة
لعلم التاريخ الحديث .كما ينبغي أن نذكر ذلك الكتاب الشهير ال ذي غولدزيهر :طبق ينبغي
نفس
منع في القاهرة قبل بضع سنوات وأثار ضجة ور ّد الفع ل الع نيف المنهجية التاريخية
على كتب الحديث أن يكون منهجيا ،من ط رف األص وليين المص ريين والع رب عموم ا .وأقص د ب ه
كت اب "محم د" لمكس يم رودنس ون( .)6ولكنّ المؤل ف ب الغ في أو النبوي
ّ
التحدث عن "النبي المسلح" ،وفي إثارة مشاكله النفسية واألزم ات
يتع رض له ا..فه ل يعتق د رودنس ون أنّ األنبي اء يمكن أن يكون وا الح ادة ال تي ك ان معرفيا
مثلهم مثل بقية البشر؟ ش يء عجيب ،ولكن ال يدهش نا ألن ه ص ادر أشخاصا طبيعيين
وض عي ،م ادي ،بحت ،ال يمكن أن يفهم المخاض ات الس يكولوجية
ابستمولوجيا، عن مفكر
الكب ار .فمحم د ه و من الشخص يات الك برى ال تي غ ّي رت مج رى الداخلية للعب اقرة
التاريخ البشري .وليس إيديولوجياإ ّنه إحدى العبقريات الديني ة الن ادرة في الت اريخ .وبالت الي فال يمكن
النفسية مث ل بقي ة البش ر .ه ذا ال يع ني ب الطبع إنك ار أهمي ة كت اب أن تكون تركيبته
دراسة سوسيولوجية تاريخية دقيقة للبيئة التي ظهر فيها اإلسالم. رودنس ون بص فته
ال تي ال تفهم العم ق الروح اني لشخص ية ن بي ولكن في مواجه ة ه ذه المبالغ ات المادي ة
رودنس ون نج د مستش رقين آخ رين يق دمون اإلسالم ،والتي وقع فيها الملح د الماركس ي
وصفيّة وحيادية وبرودة .ولكنها أكثر تفهّما صورة عن النبي أكثر امتثالية ،أو قل أكثر
األعظم .وه ؤالء يفض لون التوق ف ط ويالً عن د للجانب الروحي من شخص ية الن بي
ال تي ك انت س ائدة في مك ة وش به الجزي رة تص وير الظ روف االجتماعي ة والسياس ية
بقلي ل .ن ذكر من بينهم المستش رق اإلنجل يزي العربية أثناء ظهور النبي أو قبي ل ظه وره
المع روفين والمهمين :محم د في مك ة ،ومحم د المشهور م ونتغمري واط وكتابي ه
في المدينة.
ارنست رينان:
المنهجية الوض عية ك انوا يح اولون تق ديم ص ورة
األصوليون هدّده وعموما ً فإن المستشرقين المغالين في
عن "محمد" مضادة تماما ً للصورة المقدم ة شخصيا ومنعوه عن يس وع المس يح .ف إذا ك ان المس يح يمت از
بالع ّفة واالبتعاد عن الشهوات الجنسية ،فإن من مواصلة نبي اإلسالم في تصورهم كان شهوانيا ً يحب
النساء ويكثر من عدد الزوجات .وإذا ك ان دروسه الجامعية المس يح مس الماً ،ب ل ويق ول "من ض ربك على
كان محاربا ً يخوض المعارك والغزوات .وإذا خدك األيمن فأدر له األيسر" ،فإن "محمد"
ال دنيا ويق ول "مملك تي ليس ت ه ذا الع الم" ،ف إن كان المسيح روحانيا ً ي دير ظه ره للحي اة
النبي كان سياسيا ً من الطراز األول… وهكذا راحوا يقدمون صورة اختزالية ناقص ة تهم ل األبع اد الروحي ة
العالية ال تي ك ان يتم يز به ا ن بي اإلس الم الك ريم .وربم ا ص فوا حس اباتهم العتيق ة م ع اإلس الم ونبي ه به ذه
الطريقة ..وهي حسابات تعود إلى القرون الوسطى.
من هذه الناحية ينبغي أن ننقد االستشراق وننتبه إلى مزالقه .مهما يكن من أمر فإن ص ورة
النبي أو سيرته ينبغي أن تعاد كتابتها من جديد بحس ب رأي بعض االختصاص يين الكب ار.
وينبغي أن تكون متوازنة روحيا وماديا .ينبغي تطبيق أحدث منهجيات علم التاريخ الحديث
على شخصية النبي وفترته وبيئته من أجل تقديم صورة متوازنة عن حيات ه :أي ص ورة ال
تختزل أحد األبعاد لصالح البعد اآلخ ر .وه ذه المنهجي ة ت دعى بعلم النفس الت اريخي .وق د
بلورها األقطاب الكبار لمدرس ة الحولي ات الفرنس ية كلوس يان فيف ر وج ورج دوبي وج اك
لوغوف .وهي تهتم بدراسة منشأ المخيال الديني ووظائف هذا المخي ال في ف ترة م ا وبيئ ة
ما .وهنا يكمن الفرق األساسي بين منهجية علم التاريخ الحديث والمنهجي ة الوض عية ال تي
لوسيان فيفر يتبعها معظم المستشرقين .وبالتالي فالصراع م ع المستش رقين ينبغي أن يك ون منهجي ا ،أو
وجورج دوبي
وجاك لوغوف :من معرفي ا ابس تمولوجيا ،وذل ك على عكس ص راع المثقفين الع رب اآلخ رين ال ذي ه و
إيديولوجي-سياسي بالدرجة األولى .صراعنا م ع االستش راق عمي ق الرواد في دراسة
وليس سطحيا. منشأ المخيال
يحق لنا أن الديني
فنحن ال نعيب على المستش رقين تط بيق المنهجي ة التاريخي ة على نلوم
التراث العربي اإلسالمي .على العكس تماما ،إننا نشكرهم على ذلك.
أنهم توقف وا في منتص ف الطري ق .إنن ا نعيب عليهم ت وقفهم عن د وإنم ا نعيب عليهم
هذه على
الفيلولوجية-التاريخي ة أو الوض عية االختزالي ة ال تي تع ود إلى الق رن
أنفسنا المنهجية
ونقول لهم بأنها لم تعد كافي ة على ال رغم من أهميته ا وإنم ا ينبغي أن التاسع عشر.
منهجي ات العل وم اإلنس انية أو االجتماعي ة الحديث ة ال تي ظه رت في
االستهانة نض يف إليه ا
كعلم األلس نيات ،وعلم األنتروبولوجي ا ،وعلم األدي ان المقارن ة ،وعلم ,
ث بأبحا القرن العشرين:
االجتم اع ،وب األخص علم الت اريخ على طريق ة مدرس ة الحولي ات النفس ،وعلم
قلبت مناهجه رأس ا على عقب وجددت ه بش كل ج ذري راديك الي .هن ا الفرنسية التي اآلخرين
األساس ي بينن ا وبين االستش راق .ان ه خالف يتموض ع أساس ا على يكمن الخالف
االبيس تمولوجية ال على األرض ية االيديولوجي ة .وق د آن األوان لكي ية األرض
ينتقل الفكر العربي من المرحلة االيديولوجية ،مرحلة الصراخ والشعارات ،إلى المرحلة االبيستمولوجية ذات
المسؤولية المعرفية الرصينة.
بمعنى آخر فإننا ال نس تطيع أن نق دم ص ورة متكامل ة وص حيحة عن ال تراث اإلس المي أو
المجتمعات اإلسالمية إذا ما اكتفينا بالمنهجية التقليدية لالستش راق .ال ريب أنه ا مفي دة ب ل
وضرورية كمرحل ة أولى .ولكن ينبغي أن نتجاوزه ا بعدئ ذ إلى م ا بع دها أو م ا وراءه ا.
فالعلم تقدم كثيرا في الس نوات األخ يرة وك ذلك المن اهج والمص طلحات والنظري ات .ولكن
االستشراق توقف وجمد عند نفس المنهجي ة .ول ذلك أق ول :هن ا ينبغي ان نح دث ث ورة في
الدراسات العربية-اإلسالمية تشبه تلك الثورة التي أحدثها كبار مفكري فرنسا في مج االتهم
الخاصة .نذكر من بينهم جان بي ير فيرن ان ودراس ته للفك ر اإلغ ريقي ،أو الم ؤرخ الكب ير
لوسيان فيفر ودراسته للتراث المسيحي ،أو الفيلسوف ميشيل فوكو ودراسته ألنظم ة الفك ر
المتعاقبة على الغرب والقطيعات االبستمولوجية التي تفصل بينها ،أو ع الم االجتم اع بي ير
بوردي و ،الخ… لكن ه ذا التجدي د المنهجي الكب ير ال يمنعن ا من االع تراف بفض ائل
المستشرقين الكبار والخدمات الجليلة التي قدموها للتراث اإلسالمي .فهم الذين حقق وا كتب ميشيل
فوكو :قطيعات التراث تحقيقا علميا موضوعيا .ولو لم يفعلوا غير ذلك لكفاهم فخرا.
ابستمولوجية
في أنظمة الفكر في
الغرب
فيحق لنا أن نعيب على المسلمين أو العرب رفضهم الكامل لمنجزات االستشراق األكاديمي حتى قبل ّ وبالتالي
أن يطلعوا على أبحاثه ويتفحصوها .يحق لن ا أن نل وم أنفس نا على ه ذه الخف ة العلمي ة أو
االس تهانة بأبح اث اآلخ رين .ينبغي أن نع ترف هن ا بالت أخر الكب ير ال ذي يع اني من ه
نفاجأ بغياب المس لمون في دراس تهم ل تراثهم وماض يهم بالقي اس إلى األبح اث العلمي ة االستش راقية
المتركزة على هذا الماضي بالذات .بل وهناك ما هو أس وأ من ذل ك .هن اك قط اع واس ع أي
من الرأي العام اإلسالمي المحافظ ،بل والظالمي ،الذي يرفض تطبيق المناهج التاريخي ة
مرجع عربي الحديثة على التراث .وال يزال يلهي نفسه أو يضيع وقت ه في إدان ة االستش راق وعدائيت ه
المزعومة ومؤامراته التخريبية المتوهمة ض د اإلس الم! نق ول ذل ك في حين أن األبح اث
االستش راقية الج ادة ينبغي أن ُت ترجم ف وراً إلى اللغ ات اإلس المية األساس ية :كالعربي ة، أو إسالمي
والفارس ية ،والتركي ة ،واألوردو ،واالندونيس ية وس واها لكي تح رر
الوعي اإلسالمي من التصورات الخاطئة أو العتيق ة البالي ة ال تي عفى
أن ُتترجم كل مؤلفاتهم الك برى لكي يحص ل تفاع ل علمي خص ب بين عليها الزمن .ينبغي
وبحّ اثة المستشرقين فيما يخص موضوعات مهم ة كت اريخ الحض ارات بحّ اثة المسلمين
كاألنتروبولوجيا المقارنة بين الحضارات والثقافات واألديان. ات ،أو والثقاف
س ريعة على قائم ة المراج ع المرفق ة بك ل بحث من البح وث عن دما نلقي نظ رة
نفاج أ بغي اب أي مرج ع ع ربي أو إس المي عنه ا ،وذل ك م ا ع دا االستش راقية الج ادة
يعود ذلك إلى جهل المستشرقين بأبحاث المثقفين المسلمين أو العرب، استثناءات قليلة .وال
وتع اليهم عليهم كم ا يت وهم البعض ،وإنم ا إلى ن درة البح وث العلمي ة وال إلى تعج رفهم
العربية اإلس المية بك ل بس اطة .فقليال من التواض ع إذن أيه ا المثقف ون الجادة في الجهة
نحن لس نا إال تالم ذة في مدرس ة االستش راق الكب ير .ان ه لعجيب العرب والمس لمون!
فنحن نرفض ان ندرس تراثنا دراس ة علمي ة-تاريخي ة ،ونري د في ذات وغريب أمرنا:
اآلخرين من القيام بذلك! وب دال من ان نش كر االستش راق على خدمات ه الوقت أن نمنع
جام غضبنا عليه ونمضي الوقت كله في لعنه وشتمه .وقد كان األجدر الجليلة إذا بنا نصب
فان ايس قدم لنا
درسا ً بليغا ً في إنت اج البح وث العلمي ة الج ادة عن تراثن ا اإلس المي كم ا يفع ل بن ا أن نمض يه في
إصباغ الصبغة لندخل ساحة البحث العلمي إذن بدال من النعيق والزعيق.. المستشرقون الكبار.
التاريخية على
التأسيسيةريعة عن الخ دمات الجليل ة ال تي ق دمها االستش راق لل تراث الع ربي
س الفترة لكي نقدم فكرة
َ
اإلس المي يكفي أن األولى لإلسالم ن ذكر الموس وعة اإلس المية في طبعته ا الثاني ة المح َّدث ة .وهي تش كل
المعلوم ات التاريخي ة المدقق ة والمحقق ة عن كاف ة ج وانب ال تراث ك نزاً ال ينف ذ من
وعقائده وفرقه وتياراته ..ويكفي أن نذكر الموسوعة القرآنية التي وشخصياته وأحداثه
اكتملت مؤخراً والتي ساهم فيها عشرات الباحثين من مستش رقين وع رب ومس لمين يدرس ون في الجامع ات
الغربية .وقد تعرضت كل كلمة من كلمات القرآن فيها إلى دراسة لغوية وتاريخية معمق ة تكش ف عن أص لها
وفصلها وتربطها ببيئتها األصلية في شبه الجزيرة العربية في القرن الس ابع الميالدي.
وكذلك تربطها باللغات السامية األخرى المش ابهة للعربي ة .وق د نتجت عن ه ذا العم ل بدال من ان
الكبير إضاءة رائعة للنص القرآني فأصبحنا نفهمه بشكل جديد ونراه بعيون جديدة(.)7
نشكر
أصبحنا نفهمه على حقيقته وبكل أبعاده .ويكفي أن نذكر ذلك المشروع الفك ري الكب ير
االستشراق على الذي أنجزه كبير المستشرقين األلمان جوزيف فان ايس .وقد نشر في برلين بين عامي
1995-1991في ستة أجزاء .وهو يحم ل العن وان الت الي" :الاله وت والمجتم ع في
خدماته الجليلة القرون الثالثة األولى للهجرة .تاريخ الفك ر ال ديني في ب دايات اإلس الم" .ويعت بر ه ذا
الكتاب بمثابة فتح كبير في مجال الدراسات العربية اإلسالمية .فال يمكن أن نفهم كي ف إذا
تش كلت العقائ د والف رق اإلس المية األولى إال إذا استش رناه أو ع دنا إلي ه .إن ه بحث
بنا نصب جام أركيولوجي -تاريخي يحفر في عمق أعماق التراث اإلسالمي .وبالت الي فإن ه يحررن ا
من الكثير من التصورات الخاطئة التي نمتلكها عن تراثنا وعقائدنا ومذاهبنا ألن ه يق دم
غضبنا عليه
لن ا ،وألول م رة ،ص ورة تاريخي ة عنه ا .وهي غ ير الص ورة التبجيلي ة أو التقديس ية ال تي تهيمن على وعي
ترجم ه ذا الكت اب ح تى اآلن إلى
ماليين المسلمين منذ مئات السنين .وال نملك هن ا إال أن نتس اءل :لم اذا لم ي َ
اللغة العربية؟
ما هي األسباب السياسية أو الثقافية أو الدينية التي ال تزال تعرقل ترجمت ه؟ ولمص لحة من
يتم ذل ك؟ أليس لمص لحة المح افظين الجام دين أو األص وليين المتزم تين؟ أليس لمص لحة
التخلف العربي؟ لقد أصبح هذا الكتاب ضروريا ً لكل من يري د أن يواص ل البحث ويوس عه
حول تلك الف ترة األساس ية ب ل والحاس مة من ت اريخ اإلس الم .ونقص د ب ذلك ف ترة الق رون
الهجرية الثالثة األولى .فلو كانت الكشوفات المضيئة والتحليالت الدقيقة التي يتضمنها هذا
الكت اب الض خم معروف ة بالنس بة للجمه ور اإلس المي أو الع ربي الختل ف األم ر كلي اً،
والس تطعنا ح ّل مش كلة الص راع الم ذهبي بين الس نة والش يعة واإلباض ية بش كل ص حيح
وفعال .كل المشاكل المذهبية كانت س ُتحل من تلقاء ذاتها بع د أن انكش فت ج ذورها الدفين ة
وأعماقها التاريخية .ومعلوم أنها توشك أن تمزقنا اآلن تمزيقا من اليمن إلى العراق مرورا
بالخليج العربي وسوريا ولبنان وحتى إيران وأفغانستان ،والحبل على الجرار ..لو ترجمن ا
جاكلين شابي هذا الكتاب وكل البحوث التجديدية الرائدة عن التراث لكنا استطعنا تحجيم حركات التزمت
ومحاولة األرخنة والتعصب والجهل التي تسيطر علينا اآلن .وأخيراً لكنا استطعنا تج اوز الح روب المذهبي ة
للخطاب القرآني
والطائفية المستترة أو العلنية التي تهدد وحدتنا الوطني ة وتك اد تش عل الح روب األهلي ة في
كل مكان .العلم هو ال ذي يح رر وليس الجه ل .ونحن ينقص نا اآلن علم كث ير واي ديولوجيا
أقل .وقد سمعنا أنّ األتراك يترجمونه أو قد ترجم وه وربم ا الف رس أيض ا ،ولكن ليس
العرب!
سوف تصطدم
نعم إن االستش راق األك اديمي الج اد س اهم في أَرْ َخ َن ة الفك ر اإلس المي بع د أن ك ان
بعقبات نفسانية مغموسا ً بالمسلمات الالهوتية التقديسية والغيبي ات من أعلى رأس ه إلى أخمص قدمي ه.
وهي المس لمات التقليدي ة الموروث ة عن العص ور الوس طى االنحطاطي ة وال تي تغطي
على تاريخيته وتجعله يبدو وكأنه فوق التاريخ كليا ،أو يتع الى على الت اريخ ،أو ح تى راسخة في
ال عالقة له بالتاريخ .وهنا تكمن الميزة التحريرية الكبرى للبحوث االستشراقية( .أفتح
قوسا هنا وأقول بأني كنت أنا شخصيا ً قد اخ ترعت ه ذا المص طلح الجدي د "األرخن ة"
أعماق
كمقابل للمصطلح األجنبي .)historicisation ول ذلك نق ول :أرخن ،ي ؤرخن ،أرخن ًة.
وهو مصطلح مهم جداً ومرشح لالنتشار السريع ألنه يلبّي حاجة ماسة للثقافة العربي ة.
الوعي
أو على األقل هذا ما اعتقدته وربما كنت واهما أو مخطئ ا .وعلى أيّ ح ال فال يه ّم من اإلسالمي
ه و أوّ ل من اخ ترع المص طلح أو لم يخ ترع .المهم أن نخ ترع مئ ات وآالف
المصطلحات الجديدة لكي تساير لغتن ا تط ور العلم والفك ر) .فنحن دخلن ا اآلن مرحل ة
األَرْ َخ َنة :أي مرحلة التحرر من الصورة التقليدي ة ال تي تطمس ع ادة الوق ائع التاريخي ة أو
تحولها إلى غيبيات وأساطير مضخمة.
وابتدأنا ندخل رويدا في المرحلة التاريخية .كل ما ض ّخموه وبجّ ل وه ونزع وا عن ه ص بغته
التاريخية سوف نضطرّ إلى الكشف عن تاريخيته وواقعيت ه وماديت ه .وهي عملي ة له ا أوّ ل
وليس لها آخر .وربما استغرقت القرن الواحد والعشرين كله أو حتى منتص فه على األق ل.
وسوف ترافقه ا أك بر عملي ة تحري ر لل وعي اإلس المي في تاريخ ه كل ه .وه ذا م ا ن دعوه
بالتنوير .ول ذلك نق ول أَرْ َخ َن ة على س بيل المص در أو أَرْ َخ َن الش يء ،يُؤرْ خِن ه على س بيل
الفع ل .ك ّل تص وراتنا عن ال تراث بحاج ة إلى أرخن ة في ال وقت الحاض ر .وبخص وص
األَرْ َخ َنة ينبغي أال ننسى اإلشارة إلى مرجع مهم جداً أيضاً .وكان قد صدر في باريس قب ل
بضع سنوات تحت عنوان" :رب القبائل -إسالم محمد"(.)8
وه و من ت أليف الباحث ة الفرنس ية ال تي ك انت متزوّ ج ة من ش خص تونس ي وال تي ُت دعى
الكشوفات المضيئة ج اكلين ش ابي .وق د قدمت ه في األص ل كأطروح ة دكت وراه دول ة تحت إش راف الم ؤرخ
والتحليالت
الدقيقة قد تح ّل
مشكلة الصراع
المذهبي بين السنة
والشيعة واإلباضية
المشهور كل ود ك اهين .والكت اب كل ه ليس إال محاول ة راديكالي ة ألرْ َخ َن ة الخط اب الق رآني .من هن ا أهميت ه
وشحنته التحريرية الهائلة للعقود المقبلة من السنين .وال أعتقد شخصيا ً أن ترجمت ه إلى اللغ ة العربي ة ممكن ة
حاليا ً ألنّ الوعي اإلسالمي غير مهي أ الس تقباله أو تقبّل ه .مهم ا يكن من أم ر ف إنّ أبح اث األلم اني ف ان ايس
والفرنسية جاكلين ش ابي وس واهما من المستش رقين األك اديميين ق دمت لن ا درس ا ً بليغ ا ً في إص باغ الص بغة
التاريخية على الفترة التأسيسية األولى لإلسالم .نقول ذلك ونحن نعلم أن مؤرّ خي العص ر العباس ي ك انوا ق د
نزعوا كل صبغة تاريخية عن هذه الفترة بالذات فجعلوها تبدو نموذجية مثالية مقدسة تتعالى على كل م ا ه و
بشري أو أرضي أو تاريخي .وهذا ما فعله المسيحيون أيضا مع تراثهم ،ينبغي أال ننسى ذل ك .هك ذا نج د أن
عملية األَرْ َخ َنة لن تكون سهلة وال ميسورة ،ألنها سوف تصطدم بعقب ات نفس انية راس خة في أعم اق ال وعي
اإلسالمي .والمعركة مفتوحة…
الهوامش:
-1انظر المراجع التالي ة له ؤالء العلم اء المستش رقينNoldeke :Histoire du Coran. Paris.1859 Goldziher :Le dogme et la Loi de l’islam. Paris.1920 :
Joseph Schacht :Introduction au droit musulman. Paris.1999
-2سبينوزا هدد بالقتل بسبب ذلك بل وتعرض لمحاولة اغتيال فاشلة ألنه درس العقائد اليهودية دراسة تاريخي ة-فلس فية .وريش ار س يمون ح رق مخطوطات ه عن دما ش عر ب أنهم ق د يكبس ون علي ه
ويجدونها عنده بالجرم المشهود .ومعلوم انه كان أول من طبق المنهج التاريخي على النصوص المقدسة بعد سبينوزا .فق د أل ف كتاب ا بعن وان :الت اريخ النق دي للعه د الق ديم ،أي الت وراة ثم الت اريخ
النق دي للعه د الجدي د ،أي االنجي لRichard Simon :Histoire critique du Vieux Testament.Paris.1680 Histoire critique du texte du nouveau .
testament.Rotterdam.1689
Renan :Vie de Jesus.Paris.1863 -3هل تعرفون لماذا أوقفوا درس رينان في الكوليج دو فرانس؟ ألنه قال هذه العبارة :يسوع هذا اإلنسان الذي ال يضاهى .فعلى ال رغم من مدح ه
الشديد له واعتباره أعظم شخص ظهر على وجه األرض إال أنهم ثاروا عليه وهددوه .لماذا؟ ألنه اعت بره إنس انا وليس إله ا كم ا تق ول العقي د الالهوتي ة .لق د ش كك في العقي دة المركزي ة األساس ية
للمسيحية بسبب انغماسه في الحداثة العلمية والبحث التاريخي.
.Robert Brunschvig :Etudes d’islamologie.Paris.1976 G.H.A.Juynboll :Muslim Tradition.Cambridge -4وهو مرجع هام مكرس لدراسة الحديث النبوي في
مرحلته األولى ولكن من وجهة نظر تاريخية محضة بالطبع :أي تحريرية.
Regis Blachere :Le problème de Mahomet. Essai de biographie critique du fondateur de l’islam. Paris.1952 -5
- 7من وجهة نظر تاريخية ينبغي أن أشيد هنا أيضا بقاموس القرآن الصادر بالفرنسية مؤخرا .فهو أيضا يلقي إض اءات س اطعة على نص الق رآن الك ريم انظ رDictionnaire du Coran. :
Paris.Robert Laffont.2007
http://www.almuslih.net/index.php?option=com_content&view=article&id=292:2014-01-28-18-15-
23&catid=44:islam-in-history&Itemid=214