Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 96

‫مقرر التفسري‬

‫للفصل السادس‬

‫قسم العلوم الشرعية‬

‫تربية املعلمني واملعلمات اإلسالمية‬


‫بمعاهد دار انلجاح اإلسالمية‬
‫أولوجاىم جاكرتا‬
‫‪1439/2018‬‬
‫_____‬

‫مقرر التفسري‬
‫للصف السادس (قسم العلوم الرشعية)‬

‫إصدار‪:‬‬

‫قسم المناهج الدراسية‬

‫لتربية المعلمين والمعلمات اإلسالمية‬


‫معاهد دار النجاح اإلسالمية‬

‫أولوجامى جاكرتا إندونيسيا‬

‫طبعة ‪2018‬‬

‫‪Ponpes Darunnajah‬‬
‫‪Jln. Ulujami Raya No.86‬‬
‫‪Pesanggrahan Jakarta Selatan 12250‬‬
‫‪Telp: (021) 7350187 Ext.244 Fax (021) 73886529‬‬
‫‪www.darunnajah.com‬‬

‫~‪~1‬‬
‫‪‬‬
‫‪m‬‬
‫الحمد هلل وحده والصالة والسالم على محمد الذى أرسله هللا هاديا‬
‫ّ‬
‫وبشيرا وعلى آله وصحبه وسلم‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫الحمد هلل بهدايته وتوفيقه ّ‬
‫تم إعداد مقرر التفسير للصف السادس لقسم‬
‫العلوم الشرعية بتربية املعلمين واملعلمات بمعاهد دار النجاح اإلسالمية‪ ،‬ومن‬
‫دواعى إعداده الحاجة املاسة إليه ولم يوجد الكتاب ّ‬
‫املعد للمستوى الثانوى‪ ,‬مع‬
‫أن التفسير من ّ‬
‫أهم العلوم اإلسالمية الشرعية‪ .‬فأعددناه ليكون موادا ودليال‬ ‫ّ‬
‫ّ‬
‫ملدرس ي التفسير في الصف السادس بتربية املعلمين واملعلمات اإلسالمية بمعاهد‬
‫دار النجاح جاكرتا‪.‬‬
‫وبما ّ‬
‫أن في هذا الكتاب املتواضع من النقائص واألخطاء نرجو من‬
‫املستخدمين لهذا الكتاب النقد الصالح واإلصالح ألجل إتمامه كما نسأل التوفيق‬
‫والسداد‪.‬‬

‫~‪~2‬‬
‫‪‬‬
‫املقدمة ‪2 ....................................................................................................‬‬
‫احملتويات‪3 ................................................................................................‬‬
‫الفصل الدراسي األول ‪4 ...........................................................................‬‬
‫واجبة الدعوة ‪4 ........................................................................................‬‬
‫مسؤولية اإلنسان حنو األسرة واجملتمع‪10 ..................................................‬‬
‫الرئاسة ‪20 ..................................................................................................‬‬
‫اإلصــالح فى النـزاع ‪29 ...............................................................................‬‬
‫العدل والصدق ‪36 ......................................................................................‬‬
‫تربية الفرد واألسرة ةاجملتمع‪45 .................................................................‬‬
‫الفصل الدراسي الثاني‪49 ...........................................................................‬‬
‫التسامح واملعاملة ‪49 ...................................................................................‬‬
‫آداب اجمللس ‪63 ..........................................................................................‬‬
‫ث على العمل ‪65 ...................................................................................‬‬
‫احل ّ‬
‫الغذاء احلالل واجليّد‪70 .............................................................................‬‬
‫العقل والعلم ‪76 ..........................................................................................‬‬
‫العلم والتكنولوجية‪88 ...............................................................................‬‬

‫~‪~3‬‬
‫الفصل ادلرايس األول‬

‫واجبة ادلعوة‬

‫ْ‬
‫اْل َ َسنَ ِة َو َجا ِدلْه ْم بالَّت ِ َ‬ ‫َ ِّ َ ْ ْ َ َ ْ َ ْ َ‬ ‫ادع إ َل َ‬ ‫ْ‬
‫ه‬ ‫ِ َِ‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫ظ‬‫ع‬‫ِ‬ ‫و‬‫م‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ة‬
‫ِ‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫اْل‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫ك‬ ‫ب‬‫ر‬ ‫يل‬
‫ِ‬ ‫ب‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫ِ‬ ‫‪-1‬‬
‫َْ‬ ‫َّ َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫أح َسن ِإن َر َّبك ه َو أعلم بِ َم ْن َضل ع ْن َس ِبي ِل ِه َوه َو أعلم‬
‫ْ ْ‬
‫بِالمهتَ ِدين ( انلحل ‪)125 :‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫إل سبيل ربك ‪ :‬أي ال طاعته إذ طاعة الل موصلة ال رضوانه‬
‫وإنعامه فه سبيل الل ‪.‬‬
‫باْلكمة ‪ :‬أي بالقرآن واملقالة املحكمة الصحيحة ذات ادليلل‬
‫املوضح للحق ‪.‬‬
‫املوعظة اْلسنة ‪ :‬ه مواعظ القرآن ‪ ،‬والقول الرقيق اْلسن‬
‫جادهلم بالت ه أحسن ‪ :‬أي باملجادلة الت ه أحسن من غريها‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫ادع ال سبيل ربك أي ال دينه وهو اإلسالم سائر انلاس ‪ ،‬باْلكمة‬
‫الت ه القرآن الكريم اْلكيم ‪ .‬واملوعظة اْلسنة ‪ ،‬وه مواعظ‬

‫~‪~4‬‬
‫القرآن وقصصه وأمثاهل ‪ ،‬وترغيبه وترهيبه‪ .‬وجادهلم بالت ه أحسن‬
‫أي خاصمهم باملخاصمة الت ه أحسن وه اخلايلة من السب‬
‫والشتم واتلعريض بالسوء‪ ،‬فإن ذلك ادع لقبول اخلصم اْلق وما‬
‫يدع ايله‪ .‬وهو أعلم باملهتدين وسيجزيهم املهتدي بهداه‪ ،‬والضال‬
‫ا‬
‫بضالهل‪ ،‬كما هو أعلم بمن ضل واهتدى أزل ‪ .‬فهون لع نفسك ول‬
‫تشطط ف دعوتك فترض بنفسك ‪ ،‬واألمر ليس إيلك ‪ .‬بل لربك يهدي‬
‫من يشاء ويضل من يشاء وما عليك ال ادلعوة بالوصف اذلي وصف‬
‫لك‪ ،‬باْلكمة واملوعظة اْلسنة ‪ ،‬واملجادلة بالت ه أحسن‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫أ‪-‬وجوب ادلعوة ال الل تعال أي ال اإلسالم وهو واجب كفاىئ‪ ،‬إذا‬
‫قامت به مجاعة أجزأ ذلك عنهم ‪.‬‬
‫ب‪-‬بيان اسلوب ادلعوة وهو أن يكون بالكتاب والسنة وأن يكون‬
‫ا‬
‫خايلا من العنف والغلظة والشدة ‪ ،‬وأن تكون املجادلة بالت ه‬
‫أحسن من غريها ‪.‬‬

‫~‪~5‬‬
‫َ ْ ْ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ََْ ْ َ ََ َ ْ َْ‬
‫‪ -2‬وأن ِذر ع ِشريتك األقربِني (‪ )214‬واخ ِفض جناحك لِم ِن اتبعك‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ ِّ‬ ‫َ ْ‬
‫ني (‪ )215‬ف ِإن َع َص ْو َك فقل ِإّن بَ ِريء ِم َّما تع َملون‬ ‫م َن الْم ْؤمن َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬
‫(‪( )216‬الشعراء ‪)216-214 :‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫وأنذر عشريتك األقربني ‪ :‬وهم بنو هاشم ونبو عبد املطلب ‪.‬‬
‫واخفض جناحك ‪ :‬أي ألن جانبك ‪.‬‬
‫فإن عصوك ‪ :‬أي أبوا قبول دعوتك إل اتلوحيد ‪ ،‬ورفضوا ما‬
‫تدعوهم إيله ‪.‬‬
‫فقل إّن بريء مما تعملون ‪ :‬أي من عبادة غري الل سبحانه وتعال ‪.‬‬

‫تفسري اآليات‬
‫ا‬
‫أمر الل رسوهل أن خيص أول بإنذاره قرابته ألنهم أول بطلب انلجاة‬
‫هلم من العذاب ‪ ،‬وقد امتثل الرسول أمر ربه ‪ ،‬فقد ورد ف الصحاح‬
‫عن أيب هريرة رىض الل عنه أنه صىل الل عليه وسلم ملا أنزل عليه‬
‫{ وأنذر عشريتك األقربني } قال « يا معرش قريش اشرتوا أنفسكم‬
‫باإليمان والعمل الصالح بعد اتلخل عن الرشك‬
‫من الل ( يعن ِ‬
‫ا‬
‫فإّن ل أغن من الل شيئا ‪ ،‬يا بن عبد املطلب ل أغن‬
‫واملعايص ) ِ‬

‫~‪~6‬‬
‫ا‬
‫عنكم من الل اي من عذابه شيئا ‪ ،‬يا عباس بن عبد املطلب ‪ ،‬ل‬
‫ا‬
‫أغن عنك من الل شيئا ‪ ،‬يا صفية عمة رسول الل ل أغن عنك من‬
‫ا‬
‫الل شيئا ‪،‬‬
‫يا فاطمة بنت حممد سلين من مايل ما شئت ل أغن عنك من الل‬
‫ا‬
‫شيئا » ‪.‬‬
‫وقوهل تعال { واخفض جناحك ملن اتبعك من املؤمنني } أمره أن يلني‬
‫اإليمان ف‬
‫جانبه للمؤمنني وأن يعطف عليهم ويطايبهم لريسخ ِ‬
‫قلوبهم ويسلموا من اغئلة الردة فيما لو عوملوا بالقسوة والشدة وهم‬
‫ف بداءة الطريق ال الل تعال وقوهل تعال { فإن عصوك } أي من‬
‫أمرت بدعوتهم إل توحيد الل وعبادته وخلع األنداد واتلخل عن‬
‫عبادتها‬
‫{ فقل إّن برىء مما تعملون } أي من عبادة غري الل تعال وغري راض‬
‫بذلك منكم ول موافق عليه ألنه رشك حرام وبطل مذموم‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآليات ‪:‬‬


‫أ‪ -‬تقرير قاعدة ابلدء باألقارب ف ك يشء ألنهم ألصق بقريبهم من‬
‫غريهم ‪.‬‬

‫~‪~7‬‬
‫ب‪ -‬مرشوعية لني اجلانب واتلواضع للمؤمنني ل سيما اْلديثو عهد‬
‫باإلسالم ‪.‬‬
‫ِ‬
‫ج‪ -‬وجوب الرباءة من الرشك وأهله ‪.‬‬

‫ع ب َما ت ْؤ َمر َوأَ ْعر ْض َعن الْم ْرشك َ‬


‫ني (‪ )94‬إنَّا َك َفيْنَاكَ‬ ‫َ ْ َ ْ‬
‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫‪ -3‬فاصد ِ‬
‫َ َ ْ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ ْ َْ َ‬
‫اّلل ِإل اها آَخ َر ف َس ْوف يعلمون‬
‫اذلين َيعلون مع ِ‬ ‫المسته ِزئِني (‪ِ )95‬‬
‫(‪ ( )96‬اْلجر ‪)96-94 :‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫فاصدع بما تؤمر ‪ :‬أي اجهر به وأعرضه كما أمرك ربك ‪.‬‬
‫اإلظهار واإلعالن‬
‫وقوهل { فاصدع ‪ } . .‬من الصدع بمعن ِ‬
‫َ‬ ‫ََ ْ ْ‬
‫وأع ِرض ع ِن املرشكني ‪ :‬ول تلتفت إل ما يقولون ‪.‬‬
‫َّ‬
‫إِنا كفيناك املستهزءين أي بقمعهم وإهالكهم ‪ .‬قيل اكنوا مخسة من‬
‫أرشاف قريش ‪ :‬الويلد بن املغرية ‪ ،‬والعاص ابن وائل ‪ ،‬وعدي بن قيس‬
‫‪ ،‬واألسود بن عبد يغوث ‪ ،‬واألسود بن املطلب ‪ ،‬يبالغون ف إيذاء انلب‬
‫صىل الل عليه وسلم والستهزاء به‪.‬‬
‫َّ َ َ ْ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ َ ْ َ َ‬
‫اّلل ِإل اها آخ َر ف َس ْوف يعلمون ) أي‬
‫اذلين َيعلون مع ِ‬
‫( ِ‬

‫~‪~8‬‬
‫ا‬
‫اذلين اختذوا رشيكا مع الل من األوثان وغريها‪ ،‬فسوف يعلمون‬
‫اعقبة عملهم ف ادلنيا واآلخرة‪.‬‬

‫تفسري اآليات ‪:‬‬


‫ع ب َما ت ْؤ َمر َوأَ ْعر ْض َعن الْم ْرشك َ‬
‫ني }‬
‫َ ْ َ ْ‬
‫{ فاصد‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫ل تبَال باملرشكني‪ ،‬فقد َّ‬
‫برأك‬ ‫ِ‬ ‫فاج َه ْر بِ َدع َو ِة اْلق الت أمرك الل بها‪ ،‬و‬
‫مما يقولون‪.‬‬ ‫الل َّ‬
‫َّ َ َ ْ َ َ ْ ْ َ ْ َ َّ َ َ ْ َ َ َ َ َّ َ َ َ َ‬
‫اّلل ِإل اها آخ َر ف َس ْوف‬
‫اذلين َيعلون مع ِ‬ ‫{ ِإنا كفيناك المسته ِزئِني * ِ‬
‫ََْ َ‬
‫يعلمون }‬
‫َّ َ َ‬
‫إنا كفيْناك املستهزئني الساخرين من زعماء قريش‪ ،‬اذلين اختذوا‬
‫ا‬
‫رشيكا مع الل من األوثان وغريها‪ ،‬فسوف يعلمون اعقبة عملهم ف‬
‫ادلنيا واآلخرة‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآليات ‪:‬‬


‫‪ -‬مرشوعية اجلهر باْلق وبيانه ل سيما اذا لم يكن هناك اضطهاد‬

‫~‪~9‬‬
‫مسؤويلة اإلنسان حنو األرسة واملجتمع‬
‫َّ‬ ‫ْ َ ا َ َ‬ ‫ْ ََ ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ‬
‫اذلين آ َمنوا قوا أنفسكم وأه ِليكم نارا وقودها انلاس‬ ‫‪ -1‬يا أيها ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ون َّ َ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َ َ‬
‫اّلل َما أ َم َره ْم‬ ‫ارة َعليْ َها َمالئِكة ِغالظ ِش َداد ل يعص‬ ‫اْلج‬
‫و ِ‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬
‫َو َيف َعلون َما يؤ َمرون ( اتلحريم ‪)6 :‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫( قوا أنفسكم وأهليكم ) ‪ :‬أي اجعلوا هلا وقاية بطاعة الل والرسول‬
‫صىل الل عليه وسلم ‪.‬‬
‫ا‬
‫( نارا وقودها انلاس واْلجارة ) ‪ :‬أي توقد بالكفار واألصنام الت‬
‫تعبد من دون الل ‪ ،‬ل باْلطب وحنوه ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫قوهل ‪ -‬تعال ‪ { : -‬قوا } أمر من الوقاية ‪ ،‬يقال ‪ :‬وىق يَ ِق ‪،‬‬
‫واملعن ‪ :‬يا من آمنتم بالل ‪ -‬تعال ‪ -‬حق اإليمان ‪ ،‬أبعدوا أنفسكم‬
‫عن انلار عن طريق فعل اْلسنات ‪ .‬واجتناب السيئات ‪ ،‬وأبعدوا‬

‫~ ‪~ 10‬‬
‫أهليكم ‪ -‬أيضا ‪ -‬عنها ‪ ،‬عن طريق نصحهم وإرشادهم وأمرهم‬
‫باملعروف ‪ .‬ونهيهم عن املنكر ‪.‬‬
‫قال القرطب ‪ ،‬قال قتادة وجماهد ‪ :‬قوا أنفسكم بأفعالكم ‪ ،‬وقوا‬
‫أهليكم بوصيتكم ‪.‬‬
‫فىف اْلديث الصحيح أن انلب ‪ -‬صىل الل عليه وسلم ‪ -‬قال ‪ " :‬لككم‬
‫راع ولككم مسئول عن رعيته فاإلمام اذلى لع انلاس راع وهو‬
‫مسئول عنهم ‪ ،‬والرجل راع لع أهل بيته وهو مسئول عنهم " ‪.‬‬
‫وقال ‪ -‬صىل الل عليه وسلم ‪ " : -‬مروا أبناءكم بالصالة لسبع ‪،‬‬
‫وارضبوهم عليها لعرش ‪ ،‬وفرقوا بينهم ىف املضاجع " ‪.‬‬
‫ا‬
‫قوهل تعال { يا أيها اذلين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها‬
‫انلاس واْلجارة } هذا نداء الل ال عباده املؤمنني يعظهم وينصح هلم‬
‫ا‬
‫فيه أن يقوا أنفسهم وأهليهم من زوجة وودل ‪ ،‬نارا عظيمة ‪ ،‬وقودها‬
‫أي ما توقد به انلاس من املرشكني واْلجارة الت ه أصنامهم الت‬
‫اكنوا يعبدونها يقون أنفسهم بطاعة الل ورسوهل تلك الطاعة الت‬
‫تزيك أنفسهم وتؤهلهم دلخول اجلنة بعد انلجاة من انلار ‪.‬‬
‫وقوهل تعال { عليها مالئكة غالظ شداد ل يعصون الل ما أمرهم‬
‫ويفعلون ما يؤمرون } أي لع انلار قائمون عليها وهم اخلزنة التسعة‬

‫~ ‪~ 11‬‬
‫عرشة غالظ القلوب والطباع شداد ابلطش إذا بطشوا ول يعصون‬
‫الل ل خيالفون أمره ‪ ،‬وينتهون ال ما يأمرهم به وهو معن ويفعلون‬
‫ما يؤمرون ‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫‪ -‬وجوب العناية بالزوجة واألولد وتربيتهم وأمرهم بطاعة الل‬
‫ورسوهل ونهيهم عن ترك ذلك ‪.‬‬

‫َ ْ َ ْ َ ََْ َْ َ َ ْا َْ َْ َ‬ ‫َّ‬ ‫َْ ْ َ ْ َ َ‬


‫‪ -2‬وأمر أهلك بِالصال ِة واصط ِرب عليها لنسألك ِرزقا حنن نرزقك‬
‫َ ْ َ َ َّ ْ‬
‫لتق َوى ( طه ‪)132 :‬‬ ‫والعا ِقبة ل ِ‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫واصطرب عليها ‪ :‬أي وداوم عليها‬
‫َْ َ َ ْا‬
‫ل نسألك ِرزقا ‪ :‬أي ل نكلفك أن ترزق أحدا من خلقنا‪ ،‬ول أن‬
‫ترزق نفسك وإنما نكلفك عمال‬
‫ْ‬
‫ال َعا ِقبَة ‪ :‬أي اخلاتمة اجلميلة املحمودة‬
‫َّ ْ‬
‫لتق َوى ‪ :‬أي ألهل اتلقوى‪.‬‬ ‫لِ‬

‫~ ‪~ 12‬‬
‫تفسري اآلية ‪:‬‬
‫وأمر ‪ -‬أيها الرسول الكريم ‪ -‬أهل بيتك باملداومة لع إقامة‬
‫الصالة خبشوع وإخالص واطمئنان ‪ ،‬واصطرب لع تكايلفها‬
‫ومشاقها ‪ ،‬ولع إقامتها اكملة غري منقوصة ‪ ،‬ولع حتقيق آثارها‬
‫الطيبة ىف نفسك ‪.‬‬
‫وقد ساق بعض املفرسين عن تفسريه هلذه اآلية أحاديث منها ما‬
‫أخرجه ابليهق عن عبد الل بن سالم قال ‪ :‬اكن انلب ‪ -‬صىل الل‬
‫عليه وسلم ‪ -‬إذا نزلت بأهله شدة أو ضيق أمرهم بالصالة ‪ ،‬وتال‬
‫َْ ْ َ ْ َ َ‬
‫هذه اآلية ‪ { :‬وأمر أهلك بالصالة } ‪.‬‬
‫ْ َ َ ُّ ْ َ ِّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َّ َ َّ َ‬
‫ادلنيَا َوذك ْر بِ ِه‬ ‫ين اختذوا ِدينَه ْم ل ِعباا َوله اوا َوغ َّرتهم اْلياة‬ ‫اذل‬
‫‪ -3‬وذ ِر ِ‬
‫َّ َ ي َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ ْ َْ َ َ‬ ‫َ ْ ْ َ َ َْ‬
‫اّلل و ِل ول ش ِفيع‬ ‫ون ِ‬ ‫أن تبسل نفس بِما كسبت ليس لها ِمن د ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ ْ َ ْ ْ َّ َ ْ َ ْ َ ْ ْ َ َ َ َّ َ ْ‬
‫اذلين أب ِسلوا بِما كسبوا‬ ‫وَلك ِ‬ ‫و ِإن تع ِدل ك عدل ل يؤخذ ِمنها أ ِ‬
‫َ‬ ‫َ َ َ ْ‬ ‫َ َ َ َ‬ ‫ْ َ‬ ‫لَه ْم َ َ‬
‫َحيم وعذاب أ ِيلم بِما اكنوا يكفرون‬ ‫رشاب ِمن ِ‬
‫( األنعام ‪)70 :‬‬
‫رشح اللكمات ‪:‬‬
‫‪ -‬وذر اذلين ‪ :‬أي اترك الاكفرين ‪.‬‬

‫~ ‪~ 13‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫‪ -‬لعبا وهلوا ‪ :‬كونه لعبا ألنه ل َينون منه فائدة قط ‪ ،‬وكونه هلوا‬
‫ألنهم يتلهون به وشغلهم عن ادلين اْلق اذلي يكملهم‬
‫ويسعدهم ‪.‬‬
‫‪ -‬أن تبسل نفس ‪ :‬أي تسلم فتؤخذ فتحبس ف جهنم‬
‫‪ -‬ك عدل ‪ :‬العدل هنا ‪ :‬الفداء ‪.‬‬
‫‪ -‬أبسلوا ‪ :‬حبسوا ف جهنم بما كسبوا من الرشك واملعايص ‪.‬‬
‫‪ -‬من َحيم ‪ :‬اْلميم املاء الشديد اْلرارة اذلي ل يطاق ‪.‬‬
‫واإلَياع وهو عذاب انلار ‪.‬‬
‫‪ -‬وعذاب أيلم ‪ :‬أي شديد األلم ِ‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫واترك ‪-‬أيها الرسول‪ -‬هؤلء املرشكني اذلين جعلوا دين اإلسالم لعباا‬
‫ّ‬ ‫ا‬
‫وهلوا; مستهزئني بآيات الل تعال‪َّ ،‬‬
‫وغرتهم اْلياة ادلنيا بزينتها‪ ،‬وذكر‬
‫بالقرآن هؤلء املرشكني وغريهم; يك ل ترتهن نفس بذنوبها وكفرها‬
‫بربها‪ ،‬ليس هلا غري الل نارص ينرصها‪ ،‬فينقذها من عذاب‪ ،‬ول شافع‬
‫ْ‬ ‫َْ‬
‫يشفع هلا عنده‪ ،‬وإن تفتَ ِد بأي فداء ل يقبَل منها‪ .‬أوَلك اذلين ارت ِهنوا‬
‫بذنوبهم‪ ،‬هلم ف انلار رشاب شديد اْلرارة وعذاب موجع; بسبب‬

‫~ ‪~ 14‬‬
‫كفرهم بالل تعال ورسوهل َّ‬
‫حممد صىل الل عليه وسلم وبدين‬
‫اإلسالم‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫باإلسالم‬
‫اإلعراض ف حال الضعف عن املستهزئني ِ‬ ‫‪ -‬مرشوعية ِ‬
‫اذلين غرتهم اْلياة ادلنيا من أهل القوة والسلطان وحسب املؤمن‬
‫أن يعرض عنهم فال يفرح بهم ول يضحك هلم ‪.‬‬
‫‪ -‬وجوب اتلذكري بالقرآن وخاصة املؤمنني اذلي يرج توبتهم ‪.‬‬
‫‪ -‬من مات لع كفره لم ينج من انلار إذ ل َيد فداء ول َيد فداء‬
‫ا‬
‫ول شفيعا خيلصه من انلار حبال ‪.‬‬

‫ْ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ ْا َ َْ َ ْ ْ َ ا‬ ‫َّ َ َ ْ‬ ‫َ ْ‬


‫رشكوا بِ ِه شيئا وبِالو ِادلي ِن إِحسانا وبِ ِذي القرب‬ ‫ِ‬ ‫ت‬ ‫ل‬‫و‬ ‫اّلل‬ ‫وا‬ ‫د‬ ‫ب‬ ‫اع‬ ‫‪ -4‬و‬
‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬
‫اىم َوال ْ َم َساكني َواجلَار ذي الْق ْر َب َواجلَار اجلنب َو َّ‬ ‫ْ‬
‫َوايلَتَ َ‬
‫ب‬‫ِ‬ ‫اح‬
‫ِ‬ ‫الص‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫ب َمنْ‬ ‫اّلل ل ُي ُّ‬ ‫ت أَ ْي َمانك ْم إ َّن َّ َ‬ ‫ََ ََ َ‬
‫ك ْ‬ ‫ل‬‫م‬ ‫ا‬‫م‬ ‫و‬ ‫يل‬ ‫ب‬ ‫اجلَنْب َوابْن َّ‬
‫الس‬
‫ْ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫بِ‬
‫ورا (النساء ‪)36:‬‬ ‫َاك َن ُمْتَال فَخ ا‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬

‫~ ‪~ 15‬‬
‫اعبدوا الل ‪ :‬اخلطاب للمؤمنني ومعن اعبدوا ‪ :‬أطيعوه ف أمره‬
‫ونهيه مع اغية اذلل واْلب واتلعظيم هل عز وجل ‪.‬‬
‫ا‬
‫ل ترشكوا به شيئا ‪ :‬أي ل تعبدوا معه غريه بأي نوع من أنواع‬
‫العبادات الت تعبد الل تعال بها عباده من داعء وخشية وذبح ونذر‬
‫وركوع وسجود وغريها ‪.‬‬
‫ذوي القرب ‪ :‬أصحاب القرابات ‪.‬‬
‫وابن السبيل ‪ :‬املسافر استضاف أو لم يستضف ‪.‬‬
‫واجلار ذي القرب ‪ :‬أي القريب لنسب أو مصاهرة ‪.‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫اجلار اجلنب ‪ :‬أي األجنب مؤمنا اكن أو اكفرا ‪.‬‬
‫الصاحب باجلنب ‪ :‬الزوجة ‪ ،‬والصديق املالزم اكتللميذ والرفيق ف‬
‫السفر ‪.‬‬
‫وما ملكت أيمانكم ‪ :‬من األرقاء العبيد فتيان وفتيات ‪.‬‬
‫ُمتال فخور ‪ :‬الختيال ‪ :‬الزهو ف امليش ‪ ،‬والفخر والفتخار باْلسب‬
‫والنسب واملال بتعداد ذلك وذكره ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬

‫~ ‪~ 16‬‬
‫ا‬
‫واعبدوا الل وانقادوا هل وحده‪ ،‬ول جتعلوا هل رشيكا ف الربوبية‬
‫ُّ‬
‫والعبادة‪ ،‬وأحسنوا إل الوادلين‪ ،‬وأدوا حقوقهما‪ ،‬وحقوق األقربني‪،‬‬
‫وايلتاىم واملحتاجني‪ ،‬واجلار القريب منكم وابلعيد‪ ،‬والرفيق ف‬
‫السفر ويف اْلرض‪ ،‬واملسافر املحتاج‪ ،‬واملمايلك من فتيانكم‬
‫وفتياتكم‪ .‬إن الل تعال ل ُيب املتكربين من عباده‪ ،‬املفتخرين‬
‫لع انلاس‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫وباإلحسان إل الوادلين وذلك‬
‫ِ‬ ‫‪-‬األمربعبادة الل وتوحيده فيها‬
‫بطاعتهم ف املعروف وإسداء اجلميل هلم ‪ ،‬ودفع األذى عنهم ‪،‬‬
‫وكذا األقرباء ‪ ،‬وايلتاىم ‪ ،‬واملساكني ‪ ،‬واجلريان مطلقا أقرباء أو‬
‫أجانب ‪ ،‬والصاحب املالزم اذلي ل يفارق اكلزوجة‬

‫ون * َول َ ْو َشاءَ‬‫َ‬ ‫ْ ََ ْ َ ْ‬ ‫َ ْ َ ْ‬ ‫َ َ‬


‫‪َ -5‬و َما اكن َر ُّبك ِيله ِلك الق َرى بِظلم وأهلها مص ِلح‬
‫َ ُّ َ َ َ َ َ َّ َ َّ ا َ َ ا َ َ َ َ َ ْ َ َ َّ‬
‫ني * ِإل َم ْن َر ِح َم‬ ‫احدة ول يزالون ُمت ِل ِف‬
‫ربك جلعل انلاس أمة و ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ُّ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َّ ْ َ َ َ ِّ َ َ ْ َ َّ َ َ َّ َ َ ْ َّ‬
‫اجلن ِة‬
‫لكمة ربك ألمَلن جهنم ِمن ِ‬ ‫ربك و ِذللِك خلقهم وتمت ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َو َّ‬
‫اس أمج ِعني (هود ‪)119-117 :‬‬ ‫انل ِ‬
‫رشح اللكمات ‪:‬‬

‫~ ‪~ 17‬‬
‫اإلرشاك بالل ‪ -‬تعال ‪ -‬وغريه من الوقوع‬
‫‪ -‬الظلم هنا ما يشمل ِ‬
‫ىف املعاىص واملنكرات‬
‫‪ -‬األمة ‪ :‬القوم املجتمعون لع أمر واحد؛ يقتدى فيه بعضهم‬
‫ببعض‬

‫تفسري اآليات ‪:‬‬


‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ ْ َ ْ‬ ‫َ َ‬
‫{ َو َما اكن َر ُّبك ِيله ِلك الق َرى بِظلم َوأهل َها مص ِلحون }‬
‫وما اكن ربك ‪-‬أيها الرسول‪ -‬يلهلك قرية من القرى وأهلها مصلحون‬
‫ف األرض‪ ،‬جمتنبون للفساد والظلم‪ ،‬وإنما يهلكهم بسبب ظلمهم‬
‫وفسادهم‪.‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ ُّ َ َ َ َ َ َّ َ َّ ا َ َ ا َ َ َ َ ْ‬
‫احدة ول يزالون ُمت ِل ِفني}ولو شاء‬
‫{ ولو شاء ربك جلعل انلاس أمة و ِ‬
‫ربك جلعل انلاس لكهم مجاعة واحدة لع دين واحد وهو دين‬
‫اإلسالم‪ ،‬ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك‪ ،‬فال يزال انلاس ُمتلفني ف‬
‫أديانهم; وذلك مقتىض حكمته‪.‬‬
‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ َّ‬ ‫َ ْ َ َ َ ُّ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ َ َّ ْ َ‬
‫لك َمة َر ِّبك ألمَلن َج َهن َم‬
‫{ ِإل من ر ِحم ربك و ِذللِك خلقهم وتمت ِ‬
‫مجع َ‬
‫ني }‬ ‫انلاس أَ ْ َ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫و‬ ‫ة‬
‫َ ْ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اجل ِ‬
‫ن‬ ‫ِمن ِ‬

‫~ ‪~ 18‬‬
‫إل َمن رحم ربك فآمنوا به واتبعوا رسله‪ ،‬فإنهم ل خيتلفون ف توحيد‬
‫الل وما جاءت به الرسل من عند الل‪ ،‬وقد اقتضت حكمته سبحانه‬
‫وتعال أنه َخلَقهم ُمتلفني‪ :‬فريق ي‬
‫شق وفريق سعيد‪ ،‬ولك ميرس ملا‬
‫خ ِلق هل‪ .‬وبهذا يتحقق وعد ربك ف قضائه وقدره‪ :‬أنه سبحانه سيمَل‬
‫جهنم من اجلن واإلنس اذلين اتبعوا إبليس وجنده ولم يهتدوا‬
‫لإليمان‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآليات ‪:‬‬


‫‪ -‬مت اكن أهل القرى صاْلني فيهم آمنون من ك املخاوف‬
‫‪ -‬التفاق رَحة واخلالف عذاب ‪.‬‬

‫~ ‪~ 19‬‬
‫الرئاسة‬
‫ْ ْ َ‬ ‫َّ َّ َ َ ْ ْ ْ ْ ْ َ َ ْ َ َ َ َ ْ‬
‫ْنع الملك ِم َّم ْن‬
‫ق ِل اللهم مالِك المل ِك تؤ ِت الملك من تشاء وت ِ‬ ‫‪-1‬‬
‫َ َ ْ َ ْ َّ َ َ َ ِّ‬ ‫ََ‬ ‫ُّ‬ ‫ََ‬ ‫ََ‬
‫تشاء َوت ِع ُّز َم ْن تشاء َوت ِذل َم ْن تشاء ِبي ِدك اخلري ِإنك لع ك‬
‫َ ْ َ‬
‫يشء ق ِدير ( ال عمران ‪) 26 :‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫‪ -‬مالك امللك ‪ :‬معناه القادر لع القدرة ‪ ،‬واملعن إن قدرة اخللق‬
‫لع ك ما يقدرون عليه ليست إل بإقدار الل تعال فهو اذلي‬
‫يقدر ك قادر لع مقدوره‬
‫‪ -‬تولج الليل ف انلهار ‪ :‬تدخل اللَّيل ف َّ‬
‫انلهار‬
‫الح من امليت وخترج امليت من ِّ‬
‫الح ‪ :‬خترج اْليوان‬ ‫‪ -‬وخترج َّ‬
‫انلطفة ‪ ،‬وخترج ُّ‬
‫انلطفة من اْليوان ‪،‬‬ ‫من ُّ‬

‫‪ -‬وترزق من تشاء بغري حساب ‪ :‬بغري تقتري وتضييق ‪.‬‬

‫{ ق ِل امهلل مالك امللك } قال ابن عباس ف رواية أيب صالح ‪ :‬نزلت‬
‫ف شأن املنافقني ‪ ،‬وذلك أن رسول الل صىل الل عليه وسلم ملا فتح‬

‫~ ‪~ 20‬‬
‫ا‬
‫مكة قال عبد الل بن أيب رأس املنافقني ‪ :‬إن حممدا يتمن أن ينال‬
‫َّ‬
‫ملك فارس والروم وأّن هل ذلك؟ فْنلت هذه اآلية ‪.‬‬
‫ُّ‬
‫قل ‪-‬أيها انلب متوجها إل ربك بادلاعء‪ :-‬يا َمن لك امللك لكه‪ ،‬أنت‬
‫اذلي تمنح امللك واملال واتلمكني ف األرض َمن تشاء ِمن خلقك‪،‬‬
‫وتسلب امللك ممن تشاء‪ ،‬وتهب العزة ف ادلنيا واآلخرة َمن تشاء‪،‬‬
‫َّ‬
‫وجتعل اذللة لع من تشاء‪ ،‬بيدك اخلري‪ ،‬إنك ‪-‬وحدك‪ -‬لع ك يشء‬
‫قدير‪ .‬ويف اآلية إثبات لصفة ايلد لل تعال لع ما يليق به سبحانه‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫أ‪ -‬فضل ادلاعء بهاتني اآليتني بأن يقرأهما العبد ثم يقول ‪ ( :‬رَحن‬
‫ادلنيا واآلخرة ورحيمها تعطي منهما من تتشاء ‪ ،‬وتمنع من تشاء‬
‫اقض عن دين ‪ ،‬فإنه يقىض بإذن الل تعال ويعطى إن سأل‬
‫حاجة هل من حوائج ادلنيا واآلخرة ‪.‬‬
‫ب‪ -‬استجابة الل تعال لرسوهل صىل الل عليه وسلم وإجنازه ما وعده‬
‫ف أمته ‪.‬‬

‫~ ‪~ 21‬‬
‫َ َْ َ َ َ َ َ‬
‫ك ْمت ْم بَ ْنيَ‬ ‫ْ َ ْ َ ُّ ْ َ َ َ‬ ‫َّ َّ َ َ ْ‬
‫ات ِإل أه ِلها و ِإذا ح‬
‫‪ِ -2‬إن اّلل يأمركم أن تؤدوا األمان ِ‬
‫َّ َّ َ َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ْ َّ َّ‬ ‫َ ْ َْ‬ ‫َّ‬
‫اس أن حتكموا بِالعد ِل ِإن اّلل نِ ِعما ي ِعظكم بِ ِه ِإن اّلل اكن‬ ‫انل ِ‬
‫يعا بَص ا‬
‫ريا ( النساء ‪)58:‬‬ ‫َسم ا‬
‫ِ‬ ‫ِ‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫‪ -‬أن تؤدوا األمانات ‪ :‬أداء األمانة ‪ :‬تسليمها إل املؤتمن ‪ ،‬واألمانات‬
‫مجع أمانة وه ما يؤتمن عليه املرء من قول أو عمل أو متاع ‪.‬‬
‫‪ -‬العدل ‪ :‬ضد اجلور والحنراف بنقص أو زيادة ‪.‬‬
‫‪ -‬نعما يعظكم ‪ :‬نعم يشء يعظكم أي يأمركم به أداء األمانات‬
‫واْلكم بالعدل ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫إن الل تعال يأمركم بأداء ُمتلف األمانات‪ ،‬الت اؤتمنتم عليها إل‬
‫أصحابها‪ ،‬فال تفرطوا فيها‪ ،‬ويأمركم بالقضاء بني انلاس بالعدل‬
‫ْ‬
‫والقسط‪ ،‬إذا قضيتم بينهم‪ ،‬ونِع َم ما يعظكم الل به ويهديكم إيله‪.‬‬
‫لعا لع سائر أعمالكم‪،‬‬ ‫سميعا ألقوالكم‪ ،‬م َّط ا‬
‫ا‬ ‫إن الل تعال اكن‬
‫ا‬
‫بصريا بها‪.‬‬

‫~ ‪~ 22‬‬
‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬
‫‪ -‬وجوب رد األمانات بعد املحافظة عليها ‪.‬‬
‫‪ -‬وجوب العدل ف اْلكم وحرمة اْليف واجلور فيه ‪.‬‬

‫اء م ْن دون الْم ْؤمننيَ‬


‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ‬
‫ِِ‬ ‫َ‬
‫اذلين آمنوا ل تت ِخذوا الاكفِ ِرين أو ِيل ِ‬ ‫يا أيها ِ‬
‫ِ‬ ‫‪-3‬‬
‫ا‬ ‫َّ َ َ ْ ْ ْ َ ا‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ َْ‬ ‫َ‬
‫ّلل عليكم سلطانا م ِبينا (النساء ‪) 144 :‬‬ ‫أت ِريدون أن جتعلوا ِ ِ‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫سلطانا مبينا ‪ :‬حجة واضحة تلعذيبكم‬
‫أَ ْو ِيلَ َ‬
‫آء ‪ :‬أى نرصاء وأصدقاء‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫اإليمان ‪ ،‬ل يصح منكم ول ينبىغ لكم‬ ‫يأيها اذلين آمنوا بالل حق ِ‬
‫َ‬
‫أن تتخذوا الاكفرين باْلق اذلى آمنتم به { أ ْو ِيلَ َ‬
‫آء } أى نرصاء‬
‫وأصدقاء ‪ ،‬تاركني ولية إخوانكم املؤمنني ونرصتهم ‪ ،‬فإن ذلك ل‬
‫اإليمان ‪ ،‬ول يتناسب مع تعايلم دينكم ‪.‬‬
‫يتفق مع ِ‬

‫~ ‪~ 23‬‬
‫فاآلية الكريمة تنىه املؤمنني عن موالة الكفرة ‪ .‬أى ‪ :‬عن‬
‫منارصتهم وإفشاء أرسار املؤمنني إيلهم ‪ ،‬وعن ك ما من شأنه أن‬
‫يكون مرضة باملؤمنني ‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫أ‪ -‬حرمة اختاذ الاكفرين أويلاء من دون املؤمنني ‪.‬‬
‫ب‪ -‬إذا عص املؤمنون ربه فاختذوا الاكفرين أويلاء سلط الل عليه‬
‫أعداءهم فساموهم اخلسف ‪.‬‬

‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ ْ َ َ َ َّ َّ َ َ َ َ َ َّ َ َ َ َّ ْ َ َّ‬


‫اّلل هم الغ ِابلون‬‫اذلين آ َمنوا ف ِإن ِحزب ِ‬ ‫‪ -4‬ومن يتول اّلل ورسوهل و ِ‬
‫اختذوا ِدينَك ْم هزواا‬‫َّ َ َّ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ َ َ َ َ‬
‫اذلين‬
‫اذلين آ َمنوا ل تت ِخذوا ِ‬ ‫(‪ )56‬يا أيها ِ‬
‫َ‬
‫ْ َ ْ َّ َ ْ َ َ َّ‬ ‫َْ‬ ‫ين أوتوا الْكتَ َ‬ ‫َ َ ا َ َّ‬
‫اء َواتقوا‬ ‫اب ِم ْن قب ِلكم والكفار أو ِيل‬ ‫ِ‬ ‫َ‬ ‫اذل‬
‫ِ‬ ‫ول ِعبا ِمن‬
‫ني ( ‪( )57‬املائدة ‪) 57-56:‬‬ ‫اّلل إ ْن كنْت ْم م ْؤمن َ‬
‫َّ َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫( حزب الل ) ‪ :‬أنصار الل تعال‬
‫َ َّ‬
‫( َو َمن يتَ َول الل ) ‪ -‬تعال ‪ -‬بأن يطيعه ويتولك عليه‬

‫~ ‪~ 24‬‬
‫ويتول ( رسوهل ) بأن يتبعه ويتأىس به‬
‫َ ْ‬
‫آمنوا } بأن ينارصهم ويشد أزرهم ويتعاون معهم‬ ‫ويتول { واذلين‬
‫لع الرب واتلقوى‬
‫( هزوا ) أي سخرية‬
‫( لعبا ) أي ملهاة وعبثا‬
‫واملراد باذلين أوتوا الكتاب ‪ :‬ايلهود وانلصارى‬
‫واملراد بالكفار هنا املرشكون اذلين ل كتاب هلم‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫َ‬
‫ومن يتخذ الل ورسوهل واملؤمنني أويلاءه فانه يكون من ِحزب الل‬
‫وحزب الل هم املنترصون الفائزون ‪ .‬فلنسمع حنن اآلن هذه‬
‫اتلحذيرات ونلبتعد عن موالة األعداء والستنصار بهم ‪ ،‬ونعتمد‬
‫لع انفسها ‪ ،‬تشدنا عقيدتنا ‪ ،‬وينرصنا الل والعاقبة للمتقني‬
‫َّ‬
‫يا أيها اذلين صدقوا الل ورسوهل وعملوا برشعه‪ ،‬ل تتخذوا اذلين‬
‫َ‬
‫أويلاء‪،‬‬ ‫َ‬
‫والكفار‬ ‫يستهزئون ويتالعبون بدينكم من أهل الكتاب‬
‫وخافوا الل إن كنتم مؤمنني به وبرشعه‪.‬‬

‫~ ‪~ 25‬‬
‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬
‫حرمة اختاذ ايلهود وانلصارى واملرشكني أويلاء ل سيما أهل‬ ‫أ‪-‬‬
‫الظلم منهم ‪.‬‬
‫ب‪ -‬سوء أخالق ايلهود وفساد عقوهلم ‪.‬‬
‫ج‪ -‬شعور ايلهود بفسقهم وبعد ضالهلم جعلهم يعملون لع‬
‫إضالل املسلمني‬

‫َ َْ ْ‬ ‫َْ‬ ‫َْ ْ َْ َ َْ‬ ‫ْ ْ َ ْ ْ َ‬


‫وف‬‫‪َ -5‬والمؤ ِمنون َوالمؤ ِمنات بعضهم أو ِيلاء بعض يأمرون بِالمعر ِ‬
‫َ‬ ‫َ َّ َ َ ْ َ َّ َ َ‬ ‫ْ ْ َ‬ ‫ْ َ‬
‫الزاكة َوي ِطيعون‬ ‫َو َين َه ْون َع ِن المنك ِر َوي ِقيمون الصالة ويؤتون‬
‫اّلل إ َّن َّ َ‬
‫اّلل َعزيز َ‬ ‫َّ‬ ‫َّ َ َ َ َ َ َ َ َ ْ َ‬
‫كيم‬ ‫ِ‬ ‫ح‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ه‬‫َح‬ ‫وَلك سري‬ ‫اّلل ورسوهل أ ِ‬
‫(اتلوبة ‪)71:‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ واملؤمنون } ‪ :‬أي الصادقون ف إيمانهم بالل ورسوهل ووعد الل‬
‫ووعيده ‪.‬‬
‫ا‬ ‫ّ‬
‫{ أويلاء بعض } ‪ :‬أي يتول بعضهم بعضا ف انلّرصة واْلماية واملحبة‬
‫واتلأييد ‪.‬‬

‫~ ‪~ 26‬‬
‫{ ويقيمون الصالة } ‪ :‬أي يؤدونها ف خشوع وافية الرشوط واألراكن‬
‫والسن واآلداب ‪ {.‬ويؤتون الزاكة } ‪ :‬أي خيرجون زاكة أمواهلم الصامتة‬
‫اإلبل وابلقر‬
‫اكدلراهم وادلنانري واملعرشات ‪ ،‬وانلاطقة اكألنعام ‪ِ :‬‬
‫والغنم ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫واملؤمنون واملؤمنات بالل ورسوهل بعضهم أنصار بعض‪ ،‬يأمرون‬
‫انلاس باإليمان والعمل الصالح‪ ،‬وينهونهم عن الكفر واملعايص‪،‬‬
‫ويؤدون الصالة‪ ،‬ويعطون الزاكة‪ ،‬ويطيعون الل ورسوهل‪ ،‬وينتهون عما‬
‫نهوا عنه‪ ،‬أوَلك سريَحهم الل فينقذهم من عذابه ويدخلهم جنته‪.‬‬
‫إن الل عزيز ف ملكه‪ ،‬حكيم ف ترشيعاته وأحاكمه‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫أ‪ -‬بيان صفات املؤمنني واملؤمنات والت ه مظاهر إيمانهم وأدتله‬
‫ا‬
‫اإليمان وه الولء بلعضه بعضا ‪ ،‬األمر‬ ‫ب‪ -‬أهمية صفات أهل ِ‬
‫باملعروف وانله عن املنكر ‪ ،‬إقامة الصالة ‪ ،‬إيتاء الزاكة ‪ ،‬طاعة‬
‫الل ورسوهل ‪.‬‬

‫~ ‪~ 27‬‬
‫اإليمان ف ادلار اآلخرة وهو انلعيم املقيم ف دار‬
‫ج‪ -‬بيان جزاء أهل ِ‬
‫اإلسالم ‪.‬‬
‫ِ‬
‫د‪ -‬أفضلية رضا الل تعال لع سائر انلعيم ‪.‬‬
‫ه‪-‬بيان معن الفوز وهو انلجاة من انلار ‪ ،‬ودخول اجلنة ‪.‬‬

‫~ ‪~ 28‬‬
‫اإلصــالح ىف انلـزاع‬
‫َْ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َّ َ َ َ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ َ َ َ‬
‫ول األم ِر‬
‫اذلين آمنوا أ ِطيعوا اّلل وأ ِطيعوا الرسول وأ ِ‬ ‫‪ -1‬يا أيها ِ‬
‫ْ ْ‬ ‫َ ْ َ ُّ َ َّ‬ ‫از ْعت ْ‬ ‫منْك ْم فَإ ْن َتنَ َ‬
‫ول ِإن كنت ْم‬
‫ِ‬ ‫س‬ ‫اّلل َو َّ‬
‫الر‬ ‫ِ‬ ‫ل‬‫إ‬
‫ِ‬ ‫وه‬ ‫د‬‫ر‬ ‫ف‬ ‫ء‬‫يش‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ َ َ ْ َ ْ َ َْ‬ ‫ْ َ َّ ْ‬
‫اآلخ ِر ذلِك خري َوأحسن تأ ِويال‬‫ِ‬ ‫اّلل َوايلَ ْومِ‬
‫تؤ ِمنون بِ ِ‬
‫( النساء ‪) 59 :‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫وأول األمر منكم ‪ :‬أولوا األمر ‪ :‬هم األمراء والعلماء من املسلمني‬
‫‪( ،‬تنازعتم ف ىشء )‪ :‬اختلفتم فيه ك فريق يريد أن ينزتع الىشء‬
‫من يد الفريق اآلخر‬
‫{ ردوه إل الل والرسول } ‪ :‬أي إل كتاب الل وسنة رسوهل صىل الل‬
‫عليه وسلم ‪.‬‬
‫{ وأحسن تأويال } ‪ :‬أحسن اعقبة ‪ ،‬ألن تأول الىشء ما يؤول إيله ف‬
‫آخر األمر ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬

‫~ ‪~ 29‬‬
‫َّ‬
‫يا أيها اذلين صدقوا الل ورسوهل وعملوا برشعه‪ ،‬استجيبوا ألوامر الل‬
‫تعال ول تعصوه‪ ،‬واستجيبوا للرسول صىل الل عليه وسلم فيما جاء‬
‫به من اْلق‪ ،‬وأطيعوا ولة أمركم ف غري معصية الل‪ ،‬فإن اختلفتم ف‬
‫يشء بينكم‪ ،‬فأرجعوا اْلكم فيه إل كتاب الل تعال وسنة رسوهل‬
‫حممد صىل الل عليه وسلم‪ ،‬إن كنتم تؤمنون حق اإليمان بالل تعال‬
‫ُّ‬
‫وبيوم اْلساب‪ .‬ذلك الرد إل الكتاب والسنة خري لكم من اتلنازع‬
‫والقول بالرأي‪ ،‬وأحسن اعقبة ومآل‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫أ‪ -‬وجوب طاعة الل وطاعة الرسول وولة املسلمني من حاكم‬
‫وعلماء فقهاء ‪ ،‬ألن طاعة الرسول من طاعة الل ‪ ،‬وطاعة الوايل‬
‫من طاعة الرسول صىل الل عليه وسلم ْلديث ‪ « :‬من أطاعن‬
‫فقد أطاع الل ‪ ،‬ومن أطاع أمريي فقط أطاعن ‪ ،‬ومن عصاّن‬
‫فقد عص الل ومن عص أمري‬
‫فقد عصاّن » ‪.‬‬
‫ب‪ -‬وجوب رد املتنازع فيه عقيدة أو عبادة أو قضاء إل الكتاب‬
‫والسنة ووجوب الرضا بقضائهما‬

‫~ ‪~ 30‬‬
‫اإلسالم ما‬
‫ج‪ -‬العاقبة اْلميدة واْلال اْلسنة السعيدة ف رد أمة ِ‬
‫تتنازع فيه إل كتاب ربها وسنة نبيها صىل الل عليه وسلم‬

‫ت‬‫اقتَتَلوا فَأَ ْصلحوا بَيْنَه َما فَإ ْن َب َغ ْ‬


‫َ ْ ْ َ ْ‬
‫ان ِمن المؤ ِم ِنني‬ ‫َ ْ َ ََ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫و ِإن طائِفت ِ‬ ‫‪-2‬‬
‫َّ َ ْ َ َّ َ َ َ َ ْ َّ‬ ‫َْ ََ‬ ‫ْ َ َ ََ‬
‫اّلل‬
‫إِحداهما لع األخرى فقاتِلوا ال ِت تب ِغ حت ت ِِفء إِل أم ِر ِ‬
‫اّلل ُيبُّ‬ ‫ت فَأَ ْصلحوا بَيْنَه َما بالْ َع ْدل َوأَقْسطوا إ َّن َّ َ‬ ‫َ ْ َ َ ْ‬
‫ف ِإن فاء‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫ني (اْلجرات ‪)9:‬‬ ‫الْم ْقسط َ‬
‫ِ ِ‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫َّ‬
‫{ وإن طائفتان من املؤمنني } ‪ :‬أي مجااعتان قل أفرادهما أو كرثوا من‬
‫املسلمني ‪.‬‬
‫{ اقتتلوا فأصحلو بينهما } ‪ :‬أي همموا بالقتتال أو بارشوه فعال‬
‫فأصلحوا ما فسد بينهما ‪.‬‬
‫{ فإن بغت إحداهما لع األخرى } ‪ :‬أي تعدت بعد املصاْلة بأن‬
‫رفضت ذلك ولم ترض حبكم الل ‪.‬‬
‫{ فقاتلوا الت تبغ حت تفىيء ‪ :‬أي قاتلوا أيها املؤمنون جمتمعني‬
‫الطائفة الت بغت حت إل أمر الل } ترجع إل اْلق ‪.‬‬

‫~ ‪~ 31‬‬
‫{ فإن فاءت فأصلحوا بينهما ‪ :‬أي رجعت إل اْلق بعد مقاتلتها‬
‫فأصلحوا بينهما بالعدل أي بالعدل } باْلق ‪.‬‬
‫{ وأقسطوا إن الل ُيب ‪ :‬أي وأعدلوا ف حكمكم إن الل ُيب أهل‬
‫العدل ‪ -‬املقسطني }‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫وإن طائفتان من أهل اإليمان اقتتلوا فأصلحوا ‪-‬أيها املؤمنون‪ -‬بينهما‬
‫بدعوتهما إل الحتاكم إل كتاب الل وسنة رسوهل صىل الل عليه‬
‫وسلم‪ ،‬والرضا حبكمهما‪ ،‬فإن اعتدت إحدى الطائفتني وأبت اإلجابة‬
‫إل ذلك‪ ،‬فقاتلوها حت ترجع إل حكم الل ورسوهل‪ ،‬فإن رجعت‬
‫فأصلحوا بينهما باإلنصاف‪ ،‬واعدلوا ف حكمكم بأن ل تتجاوزوا‬
‫ف أحاكمكم حكم الل وحكم رسوهل‪ ،‬إن الل ُيب العادلني ف‬
‫أحاكمهم القاضني بني خلقه بالقسط‪ .‬ويف اآلية إثبات صفة املحبة‬
‫لل لع اْلقيقة‪ ،‬كما يليق جبالهل سبحانه‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬

‫~ ‪~ 32‬‬
‫أ‪ -‬وجوب تعاون املسلمني لع تأديب أية مجاعة تبغ وتعتدي حت‬
‫تفىيء إل اْلق ‪.‬‬
‫ب‪ -‬وجوب اْلكم بالعدل ف قضية من قضايا املسلمني وغريهم ‪.‬‬
‫اإلسالمية ووجوب حتقيقها بالقول والعمل‬
‫ج‪ -‬تقرير األخوة ِ‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ َ َْ ْ ْ ْ ََ ْ ْ‬


‫‪ -3‬خ ِذ العفو وأمر بِالعر ِف وأع ِرض ع ِن اجلا ِه ِلني (األعراف ‪199 :‬‬
‫)‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫ا‬
‫( العفو ) ‪ :‬ما اكن سهال ل لكفة فيه وهو ما يأيت بدون تكلف‬
‫( بالعرف) ‪ :‬أي املعروف ف الرشع باألمر به أو انلدب إيله ‪.‬‬
‫( وأعرض عن اجلاهلني )‪ :‬اجلاهلون ‪ :‬هم اذلين لم تسترن قلوبهم بنور‬
‫واإلعراض عنهم بعدم مؤاخذتهم لع السوء قوهلم‬
‫العلم واتلقوى ‪ِ ،‬‬
‫أو فعلهم ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫املمك َن من أخالق انلاس ف املعارشة‬ ‫َّ‬
‫امليرس‬ ‫يا حممد ‪ ،‬خذ العفو‬
‫ِ‬
‫يشق عليهم ‪ ،‬واعف عن أخطائهم‬ ‫والصحبة ‪ ،‬ول تطلب منهم ما ّ‬

‫~ ‪~ 33‬‬
‫وضعفهم ‪ .‬ذلك ان اتلعامل مع انلفوس البرشية بغية هدايتها يقتض‬
‫ا‬ ‫َ‬
‫سعة صدر ‪ ،‬وسماحة طبع ‪ ،‬ويرسا ف غري إفراط ول تفريط ف دين‬
‫الل ‪ ،‬وهكذا اكن رسول الل صىل الل عليه وسلم مثال الكمال واخللق‬
‫العظيم ‪.‬‬
‫ْ‬
‫وامر يا حممد بالعرف ‪ ،‬وهو اخلري املعروف ‪ ،‬والعرف اسم جامع لك‬
‫ما عرف من طاعة الل واتلقرب ايله واإلحسان ال انلاس وأعرض‬
‫أيها الرسول اهلادي عن اجلاهلني ‪ ،‬وهم اذلين ل ترج هدايتهم ‪ ،‬إذ‬
‫قد يكون إهماهلم واإلعراض عنهم أجدي ف هدايتهم‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫األمر بالزتام اآلداب واتلحل بأكمل األخالق ومن أرقها العفو عمن‬
‫ظلم وإعطاء من حرم ‪ ،‬وصلة من قطع ‪.‬‬

‫ََ ْ َ َْ َ َْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ َْ َ‬


‫ربت ْم له َو خري‬‫‪َ -4‬و ِإن َاعقبت ْم ف َعاقِبوا بِ ِمث ِل َما عوقِبت ْم بِ ِه ول ِئ ص‬
‫ين ( انلحل ‪)126 :‬‬ ‫ل َّ‬
‫لصابر َ‬
‫ِِ‬ ‫ِ‬

‫~ ‪~ 34‬‬
‫رشح اللكمات ‪:‬‬
‫ْ َ‬
‫( َو ِإن َاعقبْت ْم ) أي إن أردتم املعاقبة‬
‫ْ ْ‬
‫( ََاعقِبوا بِ ِمث ِل َما عوقِبْت ْم بِ ِه ) أي بمثل ما فعل بكم‬
‫( ولئ صربتم هلو خري للصابرين ) يعن ولئ عفوتم ‪ ،‬وتركتم استيفاء‬
‫ا‬
‫القصاص وصربتم اكن ذلك العفو ‪ ،‬والصرب خريا من استيفاء‬
‫القصاص وفيه أجر للصابرين والعافني ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫وإن أردتم ‪-‬أيها املؤمنون‪ -‬القصاص ممن اعتدوا عليكم‪ ،‬فال تزيدوا‬
‫عما فعلوه بكم‪ ،‬ولئ صربتم هلو خري لكم ف ادلنيا بانلرص‪ ،‬ويف‬
‫اآلخرة باألجر العظيم‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫ا‬ ‫ا‬
‫جواز املعاقبة باألخذ بقدر ما أخذ من املرء ‪ ،‬وتركها صربا واحتسابا‬
‫أفضل ‪.‬‬

‫~ ‪~ 35‬‬
‫العــدل والصــدق‬

‫ين آ ََمنوا كونوا العــدل والصــدق قَ َّوام َ‬


‫ني ِ َّّلل ش َه َداءَ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫اذل‬
‫‪ -1‬يا أيها ِ‬
‫ْ‬ ‫َ َّ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َّ‬ ‫ْ‬
‫بِال ِق ْس ِط َول َي ِر َمنك ْم شنَآ َن ق ْوم َلع أل تع ِدلوا اع ِدلوا ه َو‬
‫َ َ َ َّ‬ ‫َ ََْ َ‬ ‫َّ َ َّ َّ َ َ‬ ‫َّ ْ َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬
‫أقرب لِلتقوى واتقوا اّلل ِإن اّلل خ ِبري بِما تعملون (‪ )8‬وعد اّلل‬
‫اذلينَ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ‬ ‫ين آ ََمنوا َو َ‬
‫اذل َ‬ ‫َّ‬
‫ات لهم مغ ِفرة وأجر ع ِظيم (‪ )9‬و ِ‬ ‫ِ‬ ‫اْل‬
‫ِ‬ ‫الص‬ ‫وا‬ ‫ل‬‫م‬‫ِ‬ ‫ع‬ ‫ِ‬
‫َْ‬ ‫َ‬
‫ك أ ْص َ‬‫َ‬ ‫َ‬ ‫ك َفروا َو َك َّذبوا بآ َيَاتنَ‬ ‫َ‬
‫يم (‪ { )10‬املائدة ‪:‬‬ ‫ح‬
‫ِ ِ‬ ‫اجل‬ ‫اب‬ ‫ح‬ ‫وَل‬
‫ِ‬ ‫أ‬ ‫ا‬ ‫ِ ِ‬
‫‪} 10-8‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫( قوامني لل ) ‪ :‬مجع قوام وهو كثري القيام لل تعال حبقوقه وما وجب‬
‫ا‬
‫هل تعال ‪ ،‬وحبقوق الغري أيضا ل يفرط ف يشء من ذلك ‪.‬‬
‫( شهداء بالقسط ) ‪ :‬مجع شهيد بمعن شاهد والقسط العدل ‪.‬‬
‫( ول َيرمنكم ) ‪ :‬أي ل ُيملنكم ‪.‬‬
‫( شنآن ) ‪ :‬بغض وعداوة ‪.‬‬
‫( العدل ) ‪ :‬خالف اجلور ‪ ،‬وهو املساواة بال حيف ول جور ‪.‬‬
‫( هو أقرب للتقوى ) ‪ :‬أي العدل أقرب للتقوى من اجلور ‪.‬‬

‫~ ‪~ 36‬‬
‫تفسري اآليات ‪:‬‬
‫أمر الل املؤمنني أن يكونوا قوامني لل تعال بسائر حقوقه عليهم‬
‫من الطااعت ‪ ،‬وأن يكونوا شهداء بالعدل ول َيورون ف يشء ‪،‬‬
‫ونهاهم أن ُيملهم بغض قوم أو عداوتهم لع ترك العدل وقد أمروا‬
‫به ‪ ،‬ثم أمرهم بالعدل وأعلمهم أن أهل العدل هم أقرب انلاس إل‬
‫اتلقوى ‪ ،‬ألن من اكنت ملكة العدل صفة هل اكن أقدر لع أداء‬
‫اْلقوق والواجبات ‪ ،‬ولع ترك الظلم واجتناب املنهيات ثم أمرهم‬
‫ا‬
‫باتلقوى مؤكدا شأنها ألنها مالك األمر ‪ ،‬وأعلمهم بأنه خبري بما‬
‫يعملون لزتداد ملكة مراقبة الل تعال ف نفوسهم فيفوزون بالعدل‬
‫ا‬
‫واتلقوى معا هذا ما دلت عليه اآلية األول ( ‪ ) 8‬أما اآلية ( ‪ ) 9‬فقد‬
‫تضمنت برشى سارة هلم وه أن ربهم قد وعد اذلين آمنوا وعملوا‬
‫الصاْلات باملغفرة ذلنوبهم واألجر العظيم هلم وهو اجلنة ‪ ،‬وقلت‬
‫اإليمان وصالح األعمال رض الل‬
‫برشى سارة هلم ‪ ،‬ألنهم هم أهل ِ‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫عنهم وارضاهم ‪ ،‬أما اآلية اثلاثلة ( ‪ ) 10‬فقد تضمنت وعيدا شديدا‬
‫للاكفرين املكذبني بآيات الل وحججه الت أرسل بها رسله وأيدهم‬
‫بها ‪ ،‬ولزم لكذبهم وكفرهم خبث أرواحهم وذلا فهم ل يالئمهم إل‬

‫~ ‪~ 37‬‬
‫عذاب انلار فاكنوا بنعمة عظيمة من نعمه ‪ ،‬ه جناة نبيهم حممد صىل‬
‫الل عليه وسلم من قتل أعدائه ‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآليات ‪:‬‬


‫أ‪ -‬وجوب القيام حبق الل تعال لع العبد وهو ذكره وشكره بطاعته‬
‫ب‪ -‬وجوب العدل ف اْلكم والقول والشهادة والفعل ومع الول‬
‫والعدو سواء ‪.‬‬
‫ج‪ -‬تأكيد األمر بتقوى الل عز وجل‬
‫د‪ -‬الرتغيب والرتهيب بذكر الوعد والوعيد كما ف اآليتني‬
‫( ‪ ) 9‬و ( ‪. ) 10‬‬
‫ه‪ -‬وجوب ذكر انلعمة حت يؤدى شكرها ‪.‬‬

‫َ‬ ‫ْ َْ َََْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ ْ َ ْ ْ‬ ‫َّ َّ َ َ ْ‬


‫ان و ِإيتا ِء ِذي القرب وينىه ع ِن‬ ‫َ‬
‫اإلحس ِ‬ ‫‪ -2‬إِن اّلل يأمر بِالعد ِل و ِ‬
‫َ َ َّ َ‬ ‫َ َّ‬ ‫َ ْ ْ َ َ َْ ْ‬ ‫َْ ْ َ‬
‫غ يَ ِعظك ْم ل َعلك ْم تذكرون (‪)90‬‬ ‫ِ‬ ‫ابل‬‫و‬ ‫ر‬
‫ِ‬ ‫ك‬ ‫ن‬‫م‬ ‫ال‬‫و‬ ‫ء‬
‫ِ‬ ‫ا‬‫ش‬ ‫الفح‬
‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫ْ َْ َ َْ َ َ‬ ‫َ ْ َّ َ َ َ ْ ْ َ َ َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ََ‬
‫يدها‬ ‫اّلل ِإذا اعهدتم ول تنقضوا األيمان بعد تو ِك ِ‬ ‫وأوفوا بِعه ِد ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َّ َ َ َ ْ ْ َ ا َّ َّ َ َ ْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫اّلل يعلم َما تف َعلون (‪)91‬‬ ‫َوقد َج َعلتم اّلل عليكم ك ِفيال ِإن‬
‫َ‬ ‫َْ َ ا َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َّ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫َ َ‬
‫ت غ ْزل َها ِم ْن َبع ِد ق َّوة أنكاثا ت َّت ِخذون‬ ‫َول تكونوا اكل ِت نقض‬

‫~ ‪~ 38‬‬
‫ه أَ ْر َب م ْن أ َّمة إ َّنماَ‬
‫َ‬ ‫ون أمةَّ‬‫َ‬ ‫َْ َ َ ْ َ َ ا ََْ ْ َ ْ َ‬
‫أيمانكم دخال بينكم أن تك‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬ ‫ن لَك ْم يَ ْو َم الْقيَ َ‬
‫اّلل به َو َيلبَيِّ َ َّ‬
‫َّ‬ ‫َ‬
‫ام ِة َما كنت ْم ِفي ِه ختتَ ِلفون‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫يبْلوكم‬
‫(‪ { )92‬انلحل ‪}92 – 90 :‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ العدل } ‪ :‬النصاف ومنه اتلوحيد ‪.‬‬
‫{ اإلحسان } ‪ :‬أداء الفرائض وترك املحارم مع مراقبة الل تعال ‪.‬‬
‫{ وإيتاء ذي القرب } ‪ :‬أي إعطاء ذي القرب حقوقهم من الصلة والرب‬
‫{ عن الفحشاء } ‪ :‬الزنا ‪.‬‬
‫{ يعظكم } ‪ :‬أي يأمركم وينهاكم ‪.‬‬
‫{ تذكرون } ‪ :‬أي تعظون ‪.‬‬
‫{ توكيدها } ‪ :‬أي تغليظها ‪.‬‬
‫{ نقضت غزهلا } ‪ :‬أي أفسدت غزهلا بعد ما غزتله ‪.‬‬
‫{ من بعد قوة } ‪ :‬أي أحاكم هل وبرم ‪.‬‬
‫ا‬
‫{ أنكاثا } ‪ :‬مجع نكث وهو ما ينكث وُيل بعد اإلبرام ‪.‬‬
‫{ اكلت نقضت غزهلا } ‪ :‬ه َحقاء مكة وتدع ريطة بنت سعد بن‬
‫تيم القرشية ‪.‬‬

‫~ ‪~ 39‬‬
‫ا‬
‫{ دخال بينكم } ‪ :‬ادلخل ما يدخل ف اليشء وهو ليس منه لإلفساد‬
‫واخلديعة ‪.‬‬
‫ا‬
‫{ أرب من أمة } ‪ :‬أي أكرث منها عددا وقوة‬

‫تفسري اآليات ‪:‬‬


‫قوهل تعال ‪ { :‬إن الل يأمر بالعدل } أي ان الل يأمر ف الكتاب اذلي‬
‫ا‬
‫أنزهل تبيانا للك يشء ‪ ،‬يأمر بالعدل وهو اإلنصاف ومن ذلك أن يعبد‬
‫الل بذكره وشكره ألنه اخلالق املنعم وترتك عبادة غريه ألنهم غريه لم‬
‫خيلق ولم يرزق ولم ينعم بيشء ‪ .‬وذلا فرس هذا اللفظ بال لإ ال الل‬
‫‪ { ،‬واإلحسان } وهو أداء الفرائض واجتناب املحرمات مع مراقبة الل‬
‫ا‬
‫تعال ف ذلك حت يكون األداء لع الوجه املطلوب إتقانا وجودة‬
‫ا‬
‫والجتناب خوفا من الل حياء منه ‪،‬‬
‫وقوهل { وإيتاء ذي القرب } اي ذوي القرابات حقوقهم من الرب والصلة‬
‫‪ .‬هذا مما أمر الل تعال به ف كتابه ‪ ،‬ومما ينىه عنه الفحشاء وهو الزنا‬
‫واللواط ولك قبيح اشتد قبحه وفحش حت ابلخل { واملنكر } وهو‬
‫ك ما انكر الرشع وانكرته الفطر السليمة والعقول الراجحة‬
‫السديدة ‪ ،‬وينىه عن ابلغ وهو الظلم والعتداء وجماوزة اْلد ف‬

‫~ ‪~ 40‬‬
‫األمور لكها ‪ ،‬وقوهل { لعلكم تذكرون } أي أمر بهذا ف كتابه رجاء‬
‫ان تذكروا فتتعظوا فتمتثلوا األمر وجتتنبوا انله ‪ .‬وبذلك تكملون‬
‫وتسعدون ‪ .‬وذلا ورد ان هذه اآلية ‪ { :‬أن الل يأمر بالعدل واإلحسان‬
‫} ال { تذكرون } ه أمجع آية ف كتاب الل للخري والرش ‪ .‬وه كذلك‬
‫فما من خري ال وأمرت به ول من رش ال ونهت عنه ‪ .‬وقوهل تعال {‬
‫وأفوا بعهد الل اذا اعهدتم } امر من الل تعال لعبادة املؤمنني بالوفاء‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫بالعهود فعىل ك مؤمن بايع أماما أو اعهد احدا لع يشء ان يِف هل‬
‫بالعهد ول ينقصه ‪ { .‬اذ ل ايمان ملن ل امانة هل ‪ ،‬ول دين ملن ل عهد‬
‫هل } كما ف اْلديث الرشيف ‪. .‬‬
‫وقوهل تعال { ول تنقضوا األيمان بعد توكيدها } األيمان مجع يمني‬
‫وهو اخللف بالل وتوكيدها تغليظها باأللفاظ الزائدة { وقد جعلتم‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫الل عليكم كفيال } اي وكيال ‪ ،‬أي أثناء حلفكم به تعال ‪ ،‬فقد‬
‫ا‬
‫جعلتموه وكيال ‪ ،‬فهذه اآلية حرمت نقض األيمان وهو نكثها وعدم‬
‫األلزتام بها باْلنث فيها ملصالح مادية ‪ .‬وقوهل تعال { إن الل يعلم ما‬
‫تفعلون } فيه وعيد شديد ملن ينقض أيمانه بعد توكيدها ‪.‬‬
‫وقوهل تعال { ول تكونوا اكلت نقضت غزهلا } ‪ ،‬وه أمرأة بمكة‬
‫َحقاء تغزل ثم تنكث غزهلا وتفسده بعد إبرامه وإحاكمه فنىه الل‬

‫~ ‪~ 41‬‬
‫تعال املؤمنني أن ينقضوا أيمانهم بعد توكيدها فتكون حاهلم كحال‬
‫هذه اْلمقاء ‪.‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫وقوهل تعال ‪ { :‬تتخذون أيمانكم دخال بينكم } أي إفسادا وخديعة‬
‫كأن حتالفوا مجاعة وتعاهدوها ‪ ،‬ثم تنقضون عهدكم وحتلون ما‬
‫أبرتم من عهد وميثاق وتعاهدون مجاعة اخرى ألنها أقوى وتنتفعون‬
‫بها أكرث ‪ .‬هذا معن قوهل تعال { أن تكون أمة ه أرب من أمة } أي‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫مجاعة اكرث من مجاعة رجال وسالحا أو مال ومنافع ‪ .‬وقوهل تعال ‪{ :‬‬
‫إنما يبلوبكم الل به } أي خيرتبكم فتعرض لكم هذه األحوال‬
‫وجتدون أنفسكم تميل إيلها ‪ ،‬ثم تذكرون نه ربكم عن نقض‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫األيمان والعهود فترتكوا ذلك طاعة لربكم أول تفعلوا إيثارا لدلنيا‬
‫عن اآلخرة ‪،‬‬

‫{ ويلبين لكم يوم القيامة ما كنتم فيه ختتلفون } ثم ُيكم بينكم‬


‫وَيزيكم ‪ ،‬املحسن بإحسانه وامليسء بإساءته ‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآليات ‪:‬‬

‫~ ‪~ 42‬‬
‫أ‪ -‬بيان أمجع آية للخري والرش ف القرآن وه آية { إن الل يأمر‬
‫بالعدل واإلحسان ‪ } . .‬اآلية ( ‪. ) 90‬‬
‫ب‪ -‬وجوب العدل واإلحسان وإعطاء ذوي القرب حقوقهم الواجبة‬
‫من الرب والصلة ‪.‬‬
‫ج‪ -‬حتريم الزنا واللواط ولك قبيح اشتد قبحه من الفواحش‬
‫الظاهرة وابلاطنة ‪.‬‬
‫حتريم ابلغ وهو الظلم جبميع صوره وأشاكهل ‪.‬‬ ‫د‪-‬‬
‫وجوب الوفاء بالعهود وحزمة نقضها ‪.‬‬ ‫ه‪-‬‬
‫و‪ -‬حرمة نقض األيمان بعد توكيدها وتوطني انلفس عليها‬
‫تلخرج لغو ايلمني ‪.‬‬
‫ا‬
‫من بايع أمريأ أو اعهد احدا َيب عليه الوفاء ول َيوز‬ ‫ز‪-‬‬
‫ا‬
‫انلقض وانلكث ملنافع دنيوية أبدا ‪.‬‬

‫َ َ َ َ َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َّ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ َ ِّ َ ْ َ َ ْ‬


‫اس بِما أراك اّلل‬
‫كتاب بِاْلق ِتلحكم بني انل ِ‬ ‫ِإنا أنزنلا ِإيلك ال ِ‬ ‫‪-3‬‬
‫ني َخص ا‬
‫خائن َ‬ ‫َ َ ْ ْ َ‬
‫يما (النساء ‪)105 :‬‬ ‫ِ‬ ‫ول تكن لِل ِ ِ‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬

‫~ ‪~ 43‬‬
‫{ بما أراك الل } ‪ :‬أي بما علمك بواسطة الويح ‪.‬‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫{ خصيما } ‪ :‬أي ُماصما بالغا ف اخلصومة مبلغا عظيما ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫إنا أنزنلا إيلك ‪-‬أيها الرسول‪ -‬القرآن مشتمال لع اْلق; تلفصل بني‬
‫وب َّرصك به‪ ،‬فال تكن لذلين خيونون‬ ‫ا‬
‫مجيعا بما أوىح الل إيلك‪َ ،‬‬ ‫انلاس‬
‫ا‬
‫مدافعا عنهم بما أيدوه لك من القول‬ ‫أنفسهم ‪-‬بكتمان اْلق‪-‬‬
‫املخالف للحقيقة‪.‬‬

‫ميستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫أ‪ -‬ل َيوز اْلكم بغري ما أنزل الل تعال ف كتابه ولع لسان‬
‫رسوهل صىل الل عليه وسلم ‪.‬‬
‫ب‪ -‬ل َيوز الوقوف إل جنب اخلونة الظاملني نرصة هلم ‪.‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫ج‪ -‬وجوب الستغفار من اذلنب كبريا اكن أو صغريا ‪.‬‬

‫~ ‪~ 44‬‬
‫تربية الفرد واألرسة ةاملجتمع‬

‫ين ل َ ْو تَ َركوا م ْن َخلْفه ْم ذ ِّر َّي اة ض َعافاا َخافوا َعلَيْهمْ‬


‫َ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِِ‬ ‫ِ‬ ‫اذل‬
‫‪ -1‬ويلخش ِ‬
‫يدا ( النساء ‪)9 :‬‬ ‫اّلل َو ْيلَقولوا قَ ْو ال َسد ا‬
‫فَلْيَ َّتقوا َّ َ‬
‫ِ‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ اخلشية } ‪ :‬اخلوف ىف موضع األمن ‪.‬‬
‫ا‬
‫{ قول سديدا } ‪ :‬عدل صائبا ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫ا‬ ‫ا‬ ‫َْ َ‬
‫ويلخ ِف اذلين لو ماتوا وتركوا من خلفهم أبناء صغارا ضعافا خافوا‬
‫عليهم الظلم والضياع‪ ،‬فلرياقبوا الل فيمن حتت أيديهم من ايلتاىم‬
‫َْ‬
‫وغريهم‪ ،‬وذلك حبفظ أمواهلم‪ ،‬وحسن تربيتهم‪ ،‬ودفع األذى عنهم‪،‬‬
‫ويلقولوا هلم قول موافقا للعدل واملعروف‪.‬‬

‫مايستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫لع من خياف لع أطفاهل بعد موته أن ُيسن ال أطفال غريه فإن الل‬
‫تعال يكفيه فيهم ‪.‬‬

‫~ ‪~ 45‬‬
‫ْ ََْ ْ َْ َ‬
‫ون الْكتَابَ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ ْ ِّ َ َ ْ َ ْ َ َ ْ‬ ‫ََْ‬
‫ِ‬ ‫‪ -2‬أتأمرون انلاس بِال ِرب وتنسون أنفسكم وأنتم تتل‬
‫َّ ْ َ َّ َ َ َّ َ َ َ َ َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َََ َْ َ‬
‫رب والصال ِة و ِإنها لك ِبرية ِإل‬
‫أفال تع ِقلون (‪ )44‬واست ِعينوا بِالص ِ‬
‫ََ ْ‬
‫اخلَاشع َ‬
‫ني (‪{ )45‬ابلقرة ‪} 45-44 :‬‬ ‫ِ ِ‬ ‫لع‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ الرب } ‪ :‬الرب لفظ جامع للك خري ‪ .‬واملراد هنا ‪ :‬اليمان بمحمد صىل‬
‫الل عليه وسلم وادلخول ىف السالم ‪.‬‬
‫{ النسيان } ‪ :‬مقابل اذلكر ‪ ،‬وهو هنا الرتك ‪.‬‬
‫{ تالوة الكتاب } ‪ :‬قراءته ‪ ،‬والكتاب هنا اتلوراه الت بأيدى ايلهود‬
‫{ العقل } ‪ :‬قوة باطنية يمزي بها املرء بني انلافع والضار ‪ ،‬والصالح‬
‫والفاسد‬
‫{ الستعانة } ‪ :‬طلب العون للقدر لع القول والعمل ‪.‬‬
‫{ الصرب } ‪ :‬حبس انلفس لع ما تكره ‪.‬‬
‫{ اخلشوع } ‪ :‬حضور القلب وسكون اجلوارح ‪ ،‬واملراد هنا اخلضوع‬
‫لل والطاعة ألمره ونهيه ‪.‬‬

‫~ ‪~ 46‬‬
‫تفسري اآليتني ‪:‬‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫ما أقبح حالكم وحال علمائكم حني تأمرون انلاس بعمل اخلريات‪،‬‬
‫وترتكون أنفسكم‪ ،‬فال تأمرونها باخلري العظيم‪ ،‬وهو اإلسالم‪ ،‬وأنتم‬
‫تقرءون اتلوراة‪ ،‬الت فيها صفات حممد صىل الل عليه وسلم‪ ،‬ووجوب‬
‫ا‬
‫صحيحا؟‬ ‫اإليمان به!! أفال تستعملون عقولكم استعمال‬
‫كيف يليق بكم يا معرش ايلهود ‪ ،‬وأنتم تأمرون انلاس بأمهات‬
‫الفضائل ‪ ،‬وألوان اخلريات ‪ ،‬أن تنسوا أنفسكم ‪ ،‬فال تأمروا بما‬
‫تأمرون به غريكم ‪ ،‬وأنتم مع ذلك تقرأون توراتكم ‪ ،‬وتدركون أي‬
‫عقوبة أيلمة ملن يأمر انلاس باخلري وينىس نفسه ‪ ،‬أفال عقل لكم‬
‫ُيبسكم عن هذا السفه اذلي تردتيم فيه ‪ ،‬ويذحركم من سوء اعقبته‬
‫‪.‬‬
‫واملراد بالنسيان ف اآلية الكريمة ‪ ،‬تركهم العمل بما يأمرون به غريهم‬
‫‪ ،‬ألن انلاس حقيقة ليس مؤاخذا لع مانسيه ‪ ،‬فال يستحق هذا‬
‫اتلوبيخ الشديد الوارد ف اآلية الكريمة ‪ ،‬وليس اتلوبيخ متوجها إل‬
‫كونهم اكنوا يأمرون انلاس بالرب ‪ ،‬ألنهن فعل حممود ‪ ،‬وإنما اتلوبيخ‬
‫متوجه إل كونهم تركوا العمل بما يرشدون إيله سواهم ‪ ،‬فهم يداوون‬
‫انلاس ‪ ،‬وقلوبهم مليئة باألمراض والعلل ‪.‬‬

‫~ ‪~ 47‬‬
‫واستعينوا ف ك أموركم بالصرب جبميع أنواعه‪ ،‬وكذلك‬
‫الصالة‪ .‬وإنها لشاقة إل لع اخلاشعني‪.‬إن الصالة صعبة إل لع‬
‫اخلاضعني املخبتني املتطامنة قلوبهم وجوارحهم لل تعال ألنهم‬
‫موقنون أنها من أهم وسائل الفالح ف ادلنيا ‪ ،‬والسعادة ف اآلخرة ‪،‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫وألنهم َيدون عند أدائها اغتباطا ورسورا َيعل نفوسهم تنشط إيلها‬
‫لكما حل وقتها بهمة وإخالص ‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫أ‪ -‬قبح السلوك من يأمر غريه باخلري ول يفعله‬
‫ب‪ -‬السيئة قبيحة وكونها من اعلم أشد قبحا‬
‫ج‪ -‬مرشوعية الستعانة لع صعاب األمور وشاقها بالصرب والصالة‪،‬‬
‫ْ‬
‫إذ اكن انلب صىل الل عليه وسلم إذا حز به أمر فزع ال الصالة‬
‫‪.‬‬
‫د‪ -‬فضلية اخلشوع لل واتلطامن هل ‪ ،‬وذكر املوت ‪ ،‬والرجوع إل الل‬
‫تعال للحساب واجلزاء‬
‫الفصل ادلرايس اثلان‬

‫~ ‪~ 48‬‬
‫التسامح واملعاملة‬

‫َ‬
‫ون ماَ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََ َْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ َ َْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ َ ُّ َ ْ َ‬
‫قل يا أيها الاك ِفرون (‪ )1‬ل أعبد ما تعبدون (‪ )2‬ول أنتم اعبِد‬
‫َ َ ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫َ ََ‬ ‫َ ْ‬
‫أعبد (‪َ )3‬ول أنا َاعبِد َما عبَدت ْم (‪َ )4‬ول أنت ْم َاعبِدون َما أعبد (‪)5‬‬
‫ين (‪ { )6‬الاكفرون ‪} 6-1 :‬‬ ‫د‬
‫ِ‬ ‫لَك ْم ِدينك ْم َو َ‬
‫ل‬
‫ِ ِ‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ قل } ‪ :‬أي يا رسول الل ‪.‬‬
‫{ يا أيها الاكفرون } ‪ :‬أي املرشكون وهم الويلد والعاص وابن خلف‬
‫واألسود بن املطلب ‪.‬‬
‫{ ل أعبد ما تعبدون } ‪ :‬أي من اآلهلة ابلاطلة اآلن ‪.‬‬
‫{ ول أنتم اعبدون ما أعبد } ‪ :‬أي اآلن ‪.‬‬
‫{ ول أنا اعبد ما عبدتم } ‪ :‬أي ف املستقبل ابدا ‪.‬‬
‫{ ول أنتم اعبدون ما أعبد } ‪ :‬أي ف املستقبل أبد لعلم الل تعال‬
‫بذلك ‪.‬‬
‫{ لكم دينكم } ‪ :‬أي ما أنتم عليه من الوثنية سوف ل ترتكونها ابدا‬
‫حت تهلكوا ‪.‬‬

‫~ ‪~ 49‬‬
‫اإلسالم فال أتركه أبدا ‪.‬‬
‫{ ول دين } ‪ :‬أي ِ‬

‫تفسري اآليات ‪:‬‬


‫قوهل تعال { قل يا أيها الاكفرون } اآليات الست الكريمات نزلت ردا‬
‫لع اقرتاح تقدم به بعض املرشكني وهم الويلد بن املغرية والعاص بن‬
‫وائل السهم ‪ ،‬واألسود بن املطلب وأمية بن خلف مفاده أن يعبد‬
‫انلب صىل الل عليه وسلم معهم آهلتهم سنة ويعبدون معه لإ سنة‬
‫مصاْلة بينهم وبينه وإنهاء للخصومات ف نظرهم ‪ ،‬ولم َيبهم الرسول‬
‫صىل الل عليه وسلم بيشء حت نزلت هذه السورة { قل يا ايها‬
‫الاكفرون } أي قل يا رسونلا هلؤلء املقرتحني ابلاطل يا أيها الاكفرون‬
‫اإلله وباتلوحيد املرشكون ف عبادة الل تعال أصناما وأوثانا‬
‫بالويح ِ‬
‫{ ل أعبد ما تعبدون } اآلن كما اقرتحتم { ول أنتم اعبدون } اآلن {‬
‫ما أعبد } ملا قضاه الل لكم بذلك ‪ { ،‬ول أنا اعبد ما عبدتم } ف‬
‫املستقبل أبدا { ول أنتم اعبدون ما أعبد } ف املستقبل أبدا ألن رب‬
‫حكم فيكم باملوت لع الكفر والرشك حت تدخلوا انلار ملا علمه‬
‫من قلوبكم وأحوالكم وقبح سلوككم وفساد أعمالكم { لكم‬
‫دينكم } ل أتابعكم عليه { ول دين } ل تتابعونن عليه ‪ .‬بهذا‬

‫~ ‪~ 50‬‬
‫أيأس الل ورسوهل من إيمان هذه اجلماعة الت اكن انلب صىل الل‬
‫َ‬
‫عليه وسلم بطمع ف إيمانهم وأيأس املرشكني من الطمع ف موافقة‬
‫الرسول صىل الل عليه وسلم لع مقرتحهم الفاسد ‪ ،‬وقد هلك هؤلء‬
‫املرشكون لع الكفر فلم يؤمن منهم أحد فمنهم من هلك ف بدر‬
‫ومنهم من هلك ف مكة لع الكفر والرشك وصدق الل العظيم فيما‬
‫أخرب به عنهم أنهم ل يعبدون الل عبادة تنجيهم من عذابه وتدخلهم‬
‫رَحته ‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآليات ‪:‬‬


‫تقرير عقيدة القضاء والقدر وأن الاكفر من كفر أزل واملؤمن‬ ‫أ‪-‬‬
‫من آمن أزل ‪.‬‬
‫ب‪ -‬ولية الل تعال لرسوهل عصمته من قبول اقرتاح املرشكني‬
‫ابلاطل ‪.‬‬
‫اإليمان وأهل الكفر والرشك‬
‫ج‪ -‬تقرير وجود املفاصلة بني أهل ِ‬

‫َ َ َْ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬


‫‪َ -1‬و ِمنه ْم َم ْن يؤ ِمن بِ ِه َو ِمنه ْم َم ْن ل يؤ ِمن بِ ِه َو َر ُّبك أعلم‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ َ َّ َ َ ْ‬
‫وك فقل ِيل ع َم ِل َولك ْم ع َملك ْم‬ ‫ين (‪ )40‬و ِإن كذب‬ ‫بالْم ْف ِس ِد َ‬
‫ِ‬

‫~ ‪~ 51‬‬
‫َّ َ ْ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ َ ْ َ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬
‫أنتم ب ِريئون ِمما أعمل وأنا ب ِريء ِمما تعملون (‪ { )41‬يونس ‪:‬‬
‫‪} 41-40‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ ومنهم من يؤمن به } ‪ :‬أي من أهل مكة املكذبني بالقرآن من يؤمن‬
‫ا‬
‫به مستقبال ‪.‬‬
‫{ وربك أعلم باملفسدين } ‪ :‬وهم داعة الضاللة اذلين يفسدون العقول‬
‫والقلوب واجلملة تهديد هلم ‪.‬‬
‫{ وإن كذبوك } ‪ :‬أي استمروا لع تكذبيك ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫ومن هؤلء اذلين بعثت إيلهم يا حممد من يؤمن بهذا القرآن ‪ ،‬ويتبعك‬
‫وينتفع بها أرسلت به ‪ ،‬ومنهم من ل يؤمن به أبدا لستحبابه العم‬
‫لع اهلدى ‪.‬وعليه يكون املراد بمن يؤمن به ‪ ،‬أوَلك اذلين وفقهم‬
‫الل لتباع اْلق عن يقني وإذاعن ‪.‬‬
‫وقيل إن املعن ‪ :‬ومن قومك يا ممد أناس مؤمنون ىف قرارة نفوسهم‬
‫بأن هذا القرآن من عند الل ‪ ،‬ولكنهم يكذبونك جحودا وعنادا‬

‫~ ‪~ 52‬‬
‫ومنهم من ل يؤمن به أصال ل نطماس بصريته ‪ ،‬وإيثاره الغ لع‬
‫الرشد ‪.‬‬
‫وإن تمادى هؤلء األرشار ىف طغيانهم وىف تكذيبهم لك يا حممد ‪،‬‬
‫فقل هلم ‪ :‬أنا مسئول عن عمل أمام الل ‪ ،‬وأنتم مسئولون عن‬
‫أعمالكم أمامه ‪ -‬سبحانه ‪ -‬وأنتم بريئون مما أعمله فال تؤاخذون‬
‫عليه ‪ ،‬وأنا برئ كذلك من أعمالكم فال يؤاخذّن الل عليها ‪ .‬فاآلية‬
‫الكريمة تسلية للرسول ‪ -‬صىل الل عليه وسلم ‪ -‬عما أصابه من قومه‬
‫‪ .‬وإعالم هل بأن وظيفته ابلالغ ‪ ،‬أما حسابهم لع أعماهلم فعىل الل ‪-‬‬
‫تعال –‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫أ‪ -‬إخبار القرآن بالغيب وصدقه ف ذلك ‪.‬‬
‫ب‪ -‬تقرير معن آية { فإنها ل تعم األبصار ولكن تعم القلوب‬
‫الت ف الصدور }‬
‫ْلجاج والرد لع اخلصوم املرشكني‬ ‫ج‪ -‬تعليم رسول الل طريق ا ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ َ ُّ ْ َ ِّ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ ْ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ ْ‬
‫اء فليَكف ْر ِإنا‬ ‫‪َ -2‬وق ِل اْلق ِمن ربكم فمن شاء فليؤ ِمن ومن ش‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫رسا ِدق َها َو ِإن ي َ ْستَ ِغيثوا يغاثوا‬ ‫ارا أَ َح َ‬
‫اط به ْم َ‬ ‫ني نَ ا‬
‫لظالم َ‬‫َ ْ َ ْ َ َّ‬
‫ِِ‬ ‫أعتدنا ل ِ ِ ِ‬

‫~ ‪~ 53‬‬
‫ََا‬ ‫ََ َ ْ‬
‫اءت م ْرتفقا‬ ‫الرشاب وس‬ ‫ب َماء َاكلْم ْهل ي َ ْشوي الْوج َ‬
‫وه بئْ َس َّ َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ‬
‫(الكهف ‪) 29 :‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ أحاط بهم رسادقها } ‪ :‬حائط من نار أحيط بهؤلء املعذبني ف انلار‬
‫{ بماء اكملهل } ‪ :‬أي كعكعر الزيت أي ادلردي وهو ما يبق ف أسفل‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫اإلناء خثنا رديئا ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫وقل هلؤلء الغافلني‪ :‬ما جئتكم به هو اْلق من ربكم‪ ،‬فمن أراد‬
‫منكم أن يصدق ويعمل به‪ ،‬فليفعل فهو خري هل‪ ،‬ومن أراد أن َيحد‬
‫فليفعل‪ ،‬فما َظلَم إل نفسه‪ .‬إنا أعتدنا للاكفرين ا‬
‫نارا شديدة أحاط بهم‬
‫سورها‪ ،‬وإن يستغث هؤلء الكفار ف انلار بطلب املاء ِمن شدة‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫كر شديد اْلرارة يشوي وجوههم‪.‬‬ ‫العطش‪ ،‬يؤت هلم بماء اكلزيت الع ِ‬
‫ح ْ‬ ‫َ‬
‫وقب َ‬ ‫َ‬
‫ت انلار مْنل‬ ‫قبح هذا الرشاب اذلي ل يروي ظمأهم بل يزيده‪،‬‬
‫ومقاما‪ .‬ويف هذا وعيد وتهديد شديد ملن أعرض عن اْلق‪ ،‬فلم‬ ‫ا‬ ‫هلم‬
‫يؤمن برسالة حممد صىل الل عليه وسلم‪ ،‬ولم يعمل بمقتضاها‪.‬‬

‫~ ‪~ 54‬‬
‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬لع ادلاع ال الل تعال أن يبني اْلق ‪ ،‬وانلاس بعد حبسب ما‬
‫كتب هلم أو عليهم ‪.‬‬
‫ب‪ -‬الرتغيب والرتهيب بذكر جزاء الفريقني الؤمنني والاكفرين ‪.‬‬
‫ج‪ -‬عذاب انلار رش عذاب ‪ ،‬ونعيم اجلنة ‪ ،‬نعم انلعيم ول يهلك لع‬
‫الل إل هالك ‪.‬‬

‫اّلل لَ َعلَّكمْ‬ ‫ني أَ َخ َويْك ْم َو َّاتقوا َّ َ‬ ‫خ َوة فَأَ ْصلحوا بَ ْ َ‬ ‫َّ َ ْ ْ َ ْ‬


‫‪ِ -3‬إنما المؤ ِمنون ِإ‬
‫ِ‬
‫َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ‬ ‫َ َ‬
‫ين آ ََمنوا ل ي َ ْسخ ْر ق ْوم ِم ْن ق ْوم َعىس أن‬ ‫اذل َ‬‫ت ْرَحون (‪)10‬يا أيها ِ‬
‫ريا ِمنْه ْم َو َل ن ِ َساء ِم ْن ن ِ َساء َع َىس أَ ْن يَك َّن َخ ْرياا‬ ‫يَكونوا َخ ْ ا‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫ََْْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َْ َ ْ ََ َ‬ ‫ْ َّ َ َ َ ْ‬
‫اب بِئس ِالسم‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ل‬ ‫األ‬ ‫ِ‬ ‫ب‬ ‫وا‬ ‫ز‬ ‫اب‬ ‫ن‬‫ت‬ ‫ل‬ ‫و‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫س‬ ‫ف‬ ‫ن‬ ‫أ‬ ‫وا‬ ‫ز‬ ‫م‬
‫ِ‬ ‫ِمنهن ول تل‬
‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َْ َ ْ َ ََ ْ َْ َ ْ َ َ َ‬ ‫ْ‬
‫وَلك هم الظالِمون (‪ )11‬يَا‬ ‫ان ومن لم يتب فأ ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫يم‬ ‫اإل‬ ‫د‬ ‫ع‬ ‫ب‬ ‫وق‬ ‫س‬‫ف‬ ‫ال‬
‫َّ ِّ ْ َ َ‬ ‫َ ا َ َّ ِّ َّ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ ُّ َ َّ‬
‫اذلين آ َمنوا اجتنِبوا ك ِثريا ِمن الظن ِإن بعض الظن ِإثم ول‬ ‫أيها ِ‬
‫َ َ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬
‫ب َب ْعضك ْم َب ْع اضا أُي ُّ‬ ‫ََ َ َْ ْ‬ ‫َ‬
‫ب أ َحدك ْم أن يَأكل ْل ْ َم‬ ‫ِ‬ ‫جتَ َّسسوا ول يغت‬
‫َ ُّ‬ ‫َّ َ َّ َّ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫ْ َ َ ْ‬ ‫َ‬
‫اّلل ت َّواب َر ِحيم (‪ )12‬يَا أي َها‬ ‫أ ِخي ِه َميتاا فك ِرهتموه َواتقوا اّلل ِإن‬
‫ا َ َ‬ ‫ْ‬ ‫َْ‬ ‫َ َ‬ ‫َّ َ َ ْ‬
‫وبا َوقبَائِل‬ ‫انلاس ِإنا خلقنَاك ْم ِم ْن ذكر َوأنث َو َج َعلنَاك ْم شع‬ ‫َّ‬

‫~ ‪~ 55‬‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َّ َّ‬ ‫َّ َ ْ َ َ ْ ْ َ َّ َ ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫ِ َتلعارفوا ِإن أكرمكم ِعند ِ‬
‫اّلل أتقاكم ِإن اّلل ع ِليم خ ِبري (‪)13‬‬
‫{ اْلجرات ‪}13-10 :‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ فأصلحوا بني أخويكم } ‪ :‬أي إذا تنازاع شيئا وختاصما فيه ‪.‬‬
‫{ واتقوا الل لعلكم ترَحون } ‪ :‬أي خافوا عقابه رجاء أن ترَحوا إن‬
‫أنتم اتقيتموه ‪.‬‬
‫{ ل يسخر قوم من قوم } ‪ :‬أي ل يزدر قوم منكم قوما آخرين‬
‫وُيتقرونهم ‪.‬‬
‫{ عىس أن يكونوا خريا منهم } ‪ :‬أي عند الل تعال والعربة بما عند‬
‫الل ل ما عند انلاس ‪.‬‬
‫{ ول تلمزوا أنفسكم } ‪ :‬أي ل تعيبوا بعضكم بعضا فإنكم‬
‫كفرد واحد ‪.‬‬
‫{ ول تنابزوا باأللقاب } ‪ :‬أي ل يدعو بعكم بعضا بلقب يكرهه‬
‫حنو يا فاسق يا جاهل ‪.‬‬
‫{ بئس السم الفسوق بعد ‪ :‬أي قبح اسم الفسوق يكون للمرء بعد‬
‫إيمانه وإسالمه ‪.‬‬

‫~ ‪~ 56‬‬
‫اإليمان } { ومن لم يتب فأوَلك هم ‪ :‬أي من ملز ونزب املؤمنني فأوَلك‬
‫ابلعداء هم الظاملون ‪.‬‬
‫الظاملون }‬
‫{ اجتنبوا كثريا من الظن } ‪ :‬أي اتلهم الت ليس هلا ما يوجبها من‬
‫األسباب والقرائن ‪.‬‬
‫{ إن بعض الظن إثم } ‪ :‬أي كظن السوء بأهل اخلري من املؤمنني‬
‫{ ول جتسسوا ول يغتب بعضكم ‪ :‬أي ل تتبعوا عورات املسلمني‬
‫وما بهم بابلحث عنها ‪.‬‬
‫بعضا } { أُيب أحدكم أن يأكل ْلم ‪ :‬أي ل ُيسن به حب أكل‬
‫ْلم أخيه ميتا ول حيا معا ‪.‬‬
‫أخيه ميتا } { فكرهتموه } ‪ :‬أي وقد عرض عليك األول فكرهتموه‬
‫فاكرهوا أي كما كرهتم أكل ْلمه ميتا فاكرهوه حيا وهو الغيبة ‪.‬‬
‫{ وجعلناكم شعوبا وقبائل } ‪ :‬أي مجع شعب والقبيلة دون الشعب‬
‫‪.‬‬
‫{ تلعارفوا } ‪ :‬أي يلعرف بعضكم بعضا فتعارفوا ل للتفاخر بعلو‬
‫األنساب ‪.‬‬

‫~ ‪~ 57‬‬
‫{ إن أكرمكم عند الل أتقاكم } ‪ :‬أي عليم بكم وبأحوالكم‬
‫خبري بما تكونون عليه من كمال ونقص ل خيىف عليه يشء من‬
‫أشياء العباد ‪.‬‬

‫رشح اآليات ‪:‬‬


‫إنما املؤمنون إخوة ف ادلين‪ ،‬فأصلحوا بني أخويكم إذا اقتتال وخافوا‬
‫َّ‬
‫الل ف مجيع أموركم؛ رجاء أن ترَحوا‪ .‬يا أيها اذلين صدقوا الل ورسوهل‬
‫وعملوا برشيعته ل يهزأ قوم مؤمنون من قوم مؤمنني؛ عىس أن‬
‫يكون املهزوء به منهم ا‬
‫خريا من اهلازئني‪ ،‬ول يهزأ نساء مؤمنات من‬
‫خريا من اهلازئات‪،‬‬ ‫َّ‬
‫منهن ا‬ ‫نساء مؤمنات; عىس أن يكون املهزوء به‬
‫بعضا بما يكره من‬‫بعضا‪ ،‬ول يَ ْدع بعضكم ا‬
‫ب بعضكم ا‬ ‫ول يَع ْ‬
‫ِ‬
‫األلقاب‪ ،‬بئس الصفة والسم الفسوق‪ ،‬وهو السخرية واللمز واتلنابز‬
‫باأللقاب‪ ،‬بعد ما دخلتم ف اإلسالم وعقلتموه‪ ،‬ومن لم يتب من هذه‬
‫السخرية واللمز واتلنابز والفسوق فأوَلك هم اذلين ظلموا أنفسهم‬
‫بارتكاب هذه املناه‪.‬‬
‫َّ‬
‫صدقوا الل ورسوهل وعملوا برشعه اجتنبوا ا‬
‫كثريا من ظن‬ ‫يا أيها اذلين‬
‫َ ِّ‬
‫السوء باملؤمنني; إن بعض ذلك الظن إثم‪ ،‬ول تفتشوا عن عورات‬

‫~ ‪~ 58‬‬
‫املسلمني‪ ،‬ول يقل بعضكم ف بعض بظهر الغيب ما يكره‪ .‬أُيب‬
‫أحدكم أكل ْلم أخيه وهو ميت؟ فأنتم تكرهون ذلك‪ ،‬فاكرهوا‬
‫اغتيابه‪ .‬وخافوا الل فيما أمركم به ونهاكم عنه‪ .‬إن الل تواب لع‬
‫عباده املؤمنني‪ ،‬رحيم بهم‪.‬‬
‫َّ‬
‫يا أيها انلاس إنا خلقناكم من أب واحد هو آدم‪ ،‬وأم واحدة ه‬
‫ا‬
‫شعوبا‬ ‫حواء‪ ،‬فال تفاضل بينكم ف النسب‪ ،‬وجعلناكم باتلناسل‬
‫ا‬
‫بعضا‪ ،‬إن أكرمكم عند الل‬ ‫وقبائل متعددة؛ يلعرف بعضكم‬
‫ا‬
‫اتقاء هل‪ .‬إن الل عليم باملتقني‪ ،‬خبري بهم‪.‬‬ ‫أشدكم‬

‫أ‪ -‬وجوب مبادرة املسلمني إل إصالح ذات ابلني بينهم لكما‬


‫حصل فساد أو خلل فيها ‪.‬‬
‫ب‪ -‬وجوب تعاون املسلمني لع تأديب أية مجاعة تبغ وتعتدي‬
‫حت تفىيء إل اْلق ‪.‬‬
‫ج‪ -‬وجوب اْلكم بالعدل ف قضية من قضايا املسلمني وغريهم ‪.‬‬
‫اإلسالمية ووجوب حتقيقها بالقول والعمل‬
‫د‪ -‬تقرير األخوة ِ‬
‫ه‪ -‬حرمة السخرية واللمز واتلنابز بني املسلمني ‪.‬‬
‫و‪ -‬وجوب اجتناب ك ظن ل قرينة ول حال قوية تدعو إل ذلك ‪.‬‬

‫~ ‪~ 59‬‬
‫حرمة اتلجسس أي تتبع عوارات املسلمني وكشفها وإطالع‬ ‫ز‪-‬‬
‫انلاس عليها ‪.‬‬
‫اإلفساد وذلا‬
‫ح‪ -‬حرمة الغيبة وانلميمة ه نقل اْلديث لع وجه ِ‬
‫َيوز ذكر الشخص وهو اغئب ف مواطن ه اتلظلم بأن يذكر‬
‫املسلم من ظلمه لزالة ظلمه ‪ ،‬الستعانة لع تغيري املنكر بذكر‬
‫صاحب املنكر ‪ .‬الستفتاء حنو قول املستفت ظلمن فالن‬
‫بكذا فهل َيوز هل ذلك ‪ ،‬حتذير املسلمني من الرش بذكر فاعله‬
‫قصد أن ُيذروه ‪ ،‬املجاهر بالفسق ول غيبة هل ‪ ،‬اتلعريف بلقب‬
‫ل يعرف الرجل إل به‬

‫ْ َ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َّ‬ ‫اّلل َ ا‬ ‫َّ‬ ‫َْ‬ ‫َْ‬


‫مجيعا َول تفرقوا َواذكروا نِعمت ِ‬
‫اّلل‬ ‫َواعت ِصموا ِحبب ِل ِ ِ‬ ‫‪-4‬‬
‫َ‬ ‫ْ ََ ْ َ ْ ْ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ْ ْ ْ ْ َ ْ َ ا َ َ َّ َ َ ْ‬
‫عليكم إِذ كنتم أعداء فألف بني قلوبِكم فأصبحتم بِ ِنعم ِت ِه‬
‫ْ َ ا َ ْ ْ َ َ َ َ ْ َ َ َّ َ َ ْ َ َ ْ ْ َ َ َ َ‬
‫ار فأنقذكم ِمنها كذلِك‬ ‫ِإخوانا وكنتم لع شفا حفرة ِمن انل ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ َّ‬ ‫ِّ َّ َ‬
‫يبَني اّلل لك ْم آيَاتِ ِه ل َعلك ْم تهتَدون (ال عمران ‪) 103 :‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ يعتصم } ‪ :‬يتمسك بشدة ‪.‬‬

‫~ ‪~ 60‬‬
‫{ حق تقاته } ‪ :‬باستفراغ الوسع ف إمتثال أمره ‪ ،‬واجتناب نهيه ‪ ،‬وتقاته‬
‫ه تقواه ‪.‬‬
‫اإلسالم ‪ ،‬ألن الكتاب وادلين هما‬
‫{ حبل الل } ‪ :‬كتابه القرآن ودينه ِ‬
‫ا‬
‫الصلة الت تربط املسلم بربه ‪ ،‬ولك ما يربط ويشد شيئا بآخر هو‬
‫سبب وحبل ‪.‬‬
‫اإليمان ووحد بينها بعد‬
‫{ ألف بني قلوبكم } ‪ :‬مجعها لع أخوة ِ‬
‫الختالف وانلفرة ‪.‬‬
‫{ شفا حفرة } ‪ :‬شفا اْلفرة حافتها وطرفها حبيث لو غفل الواقف‬
‫عليها وقع فيها ‪.‬‬
‫اإلسالم وبذلك أجناكم من انلار‬
‫{ أنقذكم منها } ‪ :‬بهدايتكم إل ِ‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫ا‬
‫مجيعا بكتاب ربكم وهدي نبيكم‪ ،‬ول تفعلوا ما يؤدي‬ ‫َّ‬
‫وتمسكوا‬
‫إل فرقتكم‪ .‬واذكروا نعمة جليلة أنعم الل بها عليكم‪ :‬إذ كنتم ‪-‬‬
‫أيها املؤمنون‪ -‬قبل اإلسالم أعداء‪ ،‬فجمع الل قلوبكم لع حمبته‬
‫وحمبة رسوهل‪ ،‬وألق ف قلوبكم حمبة بعضكم بلعض‪ ،‬فأصبحتم ‪-‬‬
‫بفضله‪ -‬إخوانا متحابني‪ ،‬وكنتم لع حافة نار جهنم‪ ،‬فهداكم الل‬

‫~ ‪~ 61‬‬
‫وجناكم من انلار‪ .‬وكما َّ‬
‫بني الل لكم معالم اإليمان‬ ‫باإلسالم َّ‬
‫الصحيح فكذلك ِّ‬
‫يبني لكم ك ما فيه صالحكم; تلهتدوا إل سبيل‬
‫الرشاد‪ ،‬وتسلكوها‪ ،‬فال تضلوا عنها‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫اإلساليم وحرمة الفرقة‬
‫أ‪ -‬وجوب اتلمسك بشدة بادلين ِ‬
‫والختالف فيه ‪.‬‬
‫ب‪ -‬وجوب ذكر انلعم ألجل شكر الل تعال عليها بطاعته وطاعة‬
‫رسوهل صىل الل عليه وسلم ‪.‬‬
‫ج‪ -‬القيام لع الرشك واملعايص وقوف لع شفري جهنم فمن مات لع‬
‫ا‬
‫ذلك وقع ف جهنم حتما بقضاء الل وحكمه ‪.‬‬
‫آداب املجلس‬
‫َ ْ‬ ‫يل لَك ْم َت َف َّسحوا ف ال ْ َم َ‬
‫َ‬ ‫َ‬ ‫ين َ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ‬
‫جال ِ ِس فاف َسحوا‬ ‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ا‬
‫ِ ِ‬ ‫ذ‬ ‫إ‬ ‫وا‬‫ن‬‫آم‬ ‫َ‬ ‫اذل‬
‫يا أيها ِ‬
‫آمنوا منْكمْ‬‫ين َ‬ ‫َ ْ َ َّ َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ َ ْ َ َ ْ‬ ‫َْ‬
‫ِ‬ ‫َ‬ ‫يف َس ِح اّلل لكم َو ِإذا ِقيل انُشوا فانُشوا يرف ِع اّلل ِ‬
‫اذل‬
‫َ َّ َ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫ْ َْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َّ‬
‫اذلين أوتوا ال ِعلم درجات واّلل بِما تعملون خ ِبري (املجادلة ‪) 11:‬‬ ‫و ِ‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬

‫~ ‪~ 62‬‬
‫{تفسحوا ف املجالس }‪ :‬أي توسعوا ف املجالس الت ه جمالس علم‬
‫وذكر ‪.‬‬
‫{ فافسحوا يفسح الل لكم } ‪ :‬أي ف اجلنة ويف الرزق والقرب ‪.‬‬
‫{ انُشوا فانُشوا } ‪ :‬أي قوموا للصالة أو لغريها من أعمال الرب‬
‫{ يرفع الل اذلين آمنوا منكم } ‪ :‬أي بانلرص وحسن اذلكر ف ادلنيا‬
‫ويف غرفات اجلنات ف اآلخرة ‪.‬‬
‫{ واذلين اوتوا العلم درجات } ‪ :‬أي ويرفع اذلين اوتوا العلم درجات‬
‫اعيلة جلمعهم بني العلم والعمل‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫َّ‬
‫يا أيها اذلين صدقوا الل ورسوهل وعملوا برشعه‪ ،‬إذا طلب منكم أن‬
‫يوسع بعضكم بلعض املجالس فأوسعوا‪ ،‬يوسع الل عليكم ف ادلنيا‬
‫واآلخرة‪ ،‬وإذا طلب منكم‪ -‬أيها املؤمنون‪ -‬أن تقوموا من جمالسكم‬
‫ألمر من األمور الت يكون فيها خري لكم فقوموا‪ ،‬يرفع الل ماكنة‬
‫املؤمنني املخلصني منكم‪ ،‬ويرفع ماكنة أهل العلم درجات كثرية ف‬
‫اثلواب ومراتب الرضوان‪ ،‬والل تعال خبري بأعمالكم ل خيىف عليه‬

‫~ ‪~ 63‬‬
‫يشء منها‪ ،‬وهو جمازيكم عليها‪ .‬ويف اآلية تنويه بماكنة العلماء‬
‫وفضلهم‪ ،‬ورفع درجاتهم‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫انلدب إل فضيلة اتلوسع ف جمالس العلم واتلذكري ‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫ب‪ -‬انلدب والرتغيب ف القيام باملعروف وأداء الواجبات إذا دع‬
‫املؤمن إل ذلك ‪.‬‬
‫اإليمان وفضل العلم والعمل به ‪.‬‬
‫ج‪ -‬فضيلة ِ‬

‫~ ‪~ 64‬‬
‫ّ‬
‫احلث ىلع العمل‬

‫ْ َْ ْ َ َ ْ َْ َ‬ ‫َ َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ‬


‫اذلين آ َمنوا إِذا نو ِدي لِلصال ِة ِمن يومِ اجلمع ِة فاسعوا إِل‬ ‫‪ -1‬يا أيها ِ‬
‫ْ ْ ََْ َ‬ ‫َ َ‬ ‫َْ َ‬ ‫ْ َّ َ‬
‫ابليْ َع ذ ِلك ْم خ ْري لك ْم ِإن كنت ْم تعلمون (‪)9‬‬ ‫اّلل َوذروا‬ ‫ِذك ِر ِ‬
‫َّ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ َْ‬ ‫َ‬
‫ْ ْ‬ ‫َّ َ َ ْ َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫اّلل‬
‫ت الصالة فانت ِرشوا ِف األر ِض وابتغوا ِمن فض ِل ِ‬ ‫ف ِإذا ق ِضي ِ‬
‫ار اة أَ ْو ل َ ْهواا‬‫ون (‪َ )10‬وإ َذا َرأَ ْوا ِجتَ َ‬ ‫َ‬
‫ح‬ ‫ل‬
‫ِ‬
‫َّ َ َ ا َ َ َّ ْ ْ‬
‫ف‬ ‫ت‬ ‫م‬ ‫ك‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫ل‬ ‫ا‬‫ري‬ ‫ث‬ ‫ك‬ ‫اّلل‬ ‫وا‬ ‫ر‬ ‫ك‬
‫َ ْ‬
‫اذ‬ ‫و‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫َّ ْ‬ ‫ْ َ ُّ َ ْ َ َ َ َ َ َ ا ْ َ ْ َ َّ َ‬
‫اّلل خ ْري ِم َن الله ِو َو ِم َن‬ ‫انفضوا ِإيلها وتركوك قائِما قل ما ِعند ِ‬
‫الرازق َ‬ ‫َّ َ ْ‬ ‫ِّ َ َ‬
‫ني (‪ { )11‬اجلمعة ‪)11-9 :‬‬ ‫اتلجار ِة َواّلل خري َّ ِ ِ‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫اإلمام لع‬
‫{ إذا نودى للصالة } ‪ :‬أي إذا أذن املؤذن هلا عند جلوس ِ‬
‫املنرب ‪.‬‬
‫{ من يوم اجلمعة } ‪ :‬أي ف يوم اجلمعة وذلك بعد الزوال ‪.‬‬
‫{ فاسعوا ال ذكر الل } ‪ :‬أي امضوا ال الصالة ‪.‬‬
‫{ وذروا ابليع } ‪ :‬أي اتركوه ‪ ،‬وإذا لم يكن بيع لم يكن رشاء ‪.‬‬
‫{ وابتغوا من فضل الل } ‪ :‬أي اطلبوا الرزق من الل تعال بالسع‬
‫والعمل ‪.‬‬

‫~ ‪~ 65‬‬
‫{ تفلحون } ‪ :‬أي تنجون من انلار وتدخلون اجلنة ‪.‬‬
‫{ انفضوا إيلها } ‪ :‬أي إل اتلجارة ‪.‬‬
‫ا‬
‫{ وتركوا قائما } ‪ :‬أي لع املنرب ختطب يوم اجلمعة ‪.‬‬
‫{ ما عند الل خري من اللهو ومن ‪ :‬أي ما عند الل من اثلواب ف ادلار‬
‫اآلخرة خري من اللهو ومن اتلجارة } اتلجارة ‪.‬‬
‫{ والل خري الرازقني } ‪ :‬أي فاطلبوا الرزق منه بطاعة واتباع هداه ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫َّ‬
‫(‪ - )9‬يا أيها اذلين صدقوا الل ورسوهل وعملوا برشعه‪ ،‬إذا نادى املؤذن‬
‫للصالة ف يوم اجلمعة‪ ،‬فامضوا إل سماع اخلطبة وأداء الصالة‪،‬‬
‫ْ َ‬
‫واتركوا ابليع‪ ،‬وكذلك الرشاء ومجيع ما يَشغلكم عنها‪ ،‬ذلك اذلي‬
‫أمرتم به خري لكم؛ ملا فيه من غفران ذنوبكم ومثوبة الل لكم‪،‬‬
‫إن كنتم تعلمون مصالح أنفسكم فافعلوا ذلك‪ .‬ويف اآلية ديلل لع‬
‫وجوب حضور اجلمعة واستماع اخلطبة‪.‬‬
‫َّ‬
‫(‪ - )10‬فإذا سمعتم اخلطبة‪ ،‬وأديتم الصالة‪ ،‬فانترشوا ف األرض‪،‬‬
‫ا‬
‫كثريا ف مجيع‬ ‫واطلبوا من رزق الل بسعيكم‪ ،‬واذكروا الل‬
‫أحوالكم؛ لعلكم تفوزون خبريي ادلنيا واآلخرة‪.‬‬

‫~ ‪~ 66‬‬
‫( ‪ - )11‬إذا رأى بعض املسلمني جتارة أو شيئاا ِمن هلو ادلنيا وزينتها‬
‫قائما لع املنرب ختطب‪ ،‬قل هلم‪-‬أيها‬‫تفرقوا إيلها‪ ،‬وتركوك ‪-‬أيها انلب‪ -‬ا‬
‫َّ‬

‫انلب‪ :-‬ما عند الل من اثلواب وانلعيم أنفع لكم من اللهو ومن‬
‫اتلجارة‪ ،‬والل‪ -‬وحده‪ -‬خري َمن رزق وأعطى‪ ،‬فاطلبوا منه‪ ،‬واستعينوا‬
‫بطاعته لع نيل ما عنده من خريي ادلنيا واآلخرة‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآليات ‪:‬‬


‫أ‪ -‬وجوب صالة اجلمعة ووجوب املىض ايلها عند انلداء اثلاّن‬
‫اذلي يكون والمام لع املنرب ‪.‬‬
‫ب‪ -‬حرمة ابليع والرشاء وسائر العقود إذا رشع املؤذن يؤذن الذان‬
‫اثلاّن ‪.‬‬
‫واإلكثار منه واملرء يبيع ويشرتى ويعمل‬
‫ج‪ -‬الرتغيب ف ذكر الل ِ‬
‫ويصنع ولسانه ذاكر ‪.‬‬
‫ينبغ أن ل يقل املصلون اذلين تصح صالة اجلمعة بهم عن‬ ‫د‪-‬‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫اثن عرش رجال أخذا من حادثة انفضاض انلاس عن الرسول‬
‫صىل الل عليه وسلم وهو خيطب ال القافلة لم يبق إل اثنا عرش‬
‫ا‬
‫رجال‬

‫~ ‪~ 67‬‬
‫َ َ َ َ ْ َ َ َ َ َ ُّ ْ‬ ‫َ َ َ َّ َّ َ‬ ‫َْ‬
‫ادلنيَا‬ ‫‪َ -2‬وابت ِغ ِفيما آتاك اّلل ادلار ِ‬
‫اآلخرة ول تنس ن ِصيبك ِمن‬
‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ْ ْ َ َ َ ْ َ َ َّ َ ْ َ َ َ ْ ْ َ َ َ‬
‫وأح ِسن كما أحسن اّلل ِإيلك ول تب ِغ الفساد ِف األر ِض ِإن‬
‫ين ( القصص ‪) 77 :‬‬ ‫ب الْم ْف ِس ِد َ‬ ‫َّ َ‬
‫اّلل ل ُي ُّ‬
‫ِ‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫َ‬
‫اآلخ َرة } اطلب فيما أعطاك الل من‬ ‫َ َ َ َّ َّ َ‬ ‫َْ‬
‫{ َوابت ِغ ِفيما آتاك اّلل ادلار ِ‬
‫األموال وانلعمة واجلنة وهو أن تقوم بشكر الل فيما أنعم عليك‬
‫َ َ ْ َ َ َ َ َ ُّ ْ‬
‫ادلنيَا } قال جماهد‪،‬‬ ‫وتنفقه ف رضا الل تعال‪ { ،‬ول تنس ن ِصيبك ِمن‬
‫وابن زيد‪ :‬ل ترتك أن تعمل ف ادلنيا لآلخرة حت تنجو من العذاب‪،‬‬
‫ألن حقيقة نصيب اإلنسان من ادلنيا أن يعمل لآلخرة‪ .‬وقال السدي‪:‬‬
‫بالصدقة وصلة الرحم‪ .‬وقال يلع‪ :‬ل تنس صحتك وقوتك وشبابك‬
‫وغناك أن تطلب بها اآلخرة‪.‬‬
‫{ وأحسن } عبادة الل تعال وطاعته وأحسن إل عباده بالقول والعمل‬
‫{ كما أحسن } أي الل تعال إيلك { ول تبغ الفساد ف األرض } برتك‬
‫الفرائض وارتكاب ف ادلنيا واآلخرة‬

‫~ ‪~ 68‬‬
‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬
‫• من اْلزم للمرء أن يطلب من املال واجلاه واملنصب ألع‬
‫ادلرجات ف اجلنة ‪.‬‬

‫~ ‪~ 69‬‬
‫ّ‬
‫الغذاء احلالل واجليد‬
‫َ َ ا َ ِّ ا َ َ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ‬
‫‪ -1‬يا أيها انلاس لكوا ِمما ِف اللر ِض حالل طيبا ول تت ِبعوا‬
‫الشيْ َطان إنَّه لَك ْم َعد يو مبني (‪ )168‬إ َّن َما يَأْمركمْ‬
‫َّ‬
‫ات‬ ‫َ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬ ‫خطو ِ‬
‫َ َ َّ َ َ َ ْ َ َ‬ ‫ُّ َ ْ َ ْ َ َ َ ْ َ‬
‫اّلل ما ل تعلمون (‪)169‬‬ ‫بِالسو ِء والفحشا ِء وأن تقولوا لع ِ‬
‫{ ابلقرة ‪}169-168 :‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ اْلالل } ‪ :‬ما احنلت عقدة اْلظر عنه وهو ما أذن الل تعال فيه‬
‫ا‬
‫{ الطيب } ‪ :‬ما اكن طاهرا غري جنس ‪ ،‬ول مستقذر تعافه انلفوس‬
‫{ خطوات الشيطان } ‪ :‬اخلطوات مجع خطوة وه املسافة بني قديم‬
‫املايش واملراد بها هنا مسالك الشيطان وطرقة املفضية بالعبد إل‬
‫حتريم ما أحل الل وحتليل ما حرم ‪.‬‬
‫{ عدو مبني } ‪ :‬عداوته بينة وكيف وهو اذلي أخرج أبوينا آدم وحواء‬
‫من اجلنة وأكرث الرشور واملفاسد ف ادلنيا إنما ه بوسواسه وإغوائه ‪.‬‬
‫{ السوء } ‪ :‬ك ما يسوء انلفس ويصيبها باْلزن الغم ويدخل فيها‬
‫سائر اذلنوب ‪.‬‬

‫~ ‪~ 70‬‬
‫{ الفحشاء } ‪ :‬ك خصلة قبيحة اكلزنا واللواط وابلخل وسائر املعايص‬
‫ذات القبح الشديد ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫ا‬ ‫ا‬
‫{ يا أيها انلاس لكوا مما ف األرض } ‪ ،‬وهو عطاؤه وإفضاهل ‪ ،‬حالل طيبا‬
‫حيث أذن هلم فيه ‪ ،‬وأما ما لم يأذن هلم فيه فإنه ل خري هلم ف أكله‬
‫ا‬
‫ملا فيه من األذى ألبدانهم وأرواحهم معا ‪ ،‬ثم نهاهم عن اتباع آثار‬
‫عدوه وعدوهم فإنهم إن اتبعوا خطواته قادهم إل حيث شقاؤهم‬
‫وهالكهم ‪ ،‬وأعلمهم وهو ربهم أن الشيطان ل يأمرهم إل بما يرض‬
‫أبدانهم وأرواحهم السوء وهو ك ما يسوء انلفس والفحشاء وه أقبح‬
‫األفعال وأردى األخالق وأفظع من ذلك أن يأمرهم بأن يكذبوا لع‬
‫الل فيقولوا عليه مال يعلمون فيحرمون وُيللون ويرشعون باسم‬
‫الل ‪ ،‬والل ف ذلك برىء‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫ا‬
‫أ‪ -‬وجوب طلب اْلالل والقتصار لع العيش منه ولو اكن ضيقا‬
‫ا‬
‫قليال ‪.‬‬

‫~ ‪~ 71‬‬
‫ب‪ -‬اْلالل ما أحله الل ‪ ،‬واْلرام ما حرمه الل تعال فال يستقل‬
‫العقل بىشء من ذلك ‪.‬‬
‫ج‪ -‬حرمة اتباع مسالك الشيطان وه ك معتقد أو قول أو عمل‬
‫نىه الل تعال عنه‬
‫د‪ -‬وجوب البتعاد عن ك سوء وفحش ألنهما مما يأمر بهما الشيطان‬

‫َّ ْ‬ ‫ْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫ْ َ ِّ َ َ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ َّ‬


‫ّلل ِإن‬ ‫ات ما رزقناكم واشكروا ِ ِ‬ ‫اذلين آ َمنوا لكوا ِمن طيب ِ‬ ‫‪ -2‬يا أيها ِ‬
‫َ‬ ‫ون (‪ )172‬إ َّن َما َح َّر َم َعلَيْكم ال ْ َميْتَ َة َو َّ‬ ‫َ‬ ‫َْ‬ ‫ْ‬
‫ادل َم َوْل ْ َم‬ ‫ِ‬ ‫كنت ْم ِإيَّاه تعبد‬
‫ََ ْ‬ ‫َ‬ ‫اضط َّر َغ ْ َ‬
‫َ ْ َّ َ َ ْ‬ ‫ْ ْ َ َ َّ‬
‫ري بَاغ َول َاعد فال ِإث َم‬ ‫اّلل فم ِن‬
‫ير وما أ ِه ِ ِ ِ ِ‬
‫ري‬‫غ‬ ‫ل‬
‫ِ‬ ‫ه‬ ‫ب‬ ‫ل‬ ‫ْن ِ‬ ‫اخل ِ‬
‫ِ‬
‫َ َ ْ َّ َّ َ َ‬
‫اّلل غفور َر ِحيم (‪ { )173‬ابلقرة ‪}173-172 :‬‬ ‫علي ِه ِإن‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ الطيبات } ‪ :‬مجع طيب وهو اْلالل ‪.‬‬
‫{ واشكروا لل } ‪ :‬اعرتفوا بنعم الل عليكم واَحدوه عليها وارصفوها‬
‫ف مرضاته ‪.‬‬
‫{ إن كنتم إياه تعبدون } ‪ :‬إن كنتم مطيعني لل منقادين ألمره ونهيه‬
‫{ حرم } ‪ :‬حظر ومنع ‪.‬‬

‫~ ‪~ 72‬‬
‫{ امليتة } ‪ :‬ما مات من اْليوان حتف أنفه بدون تذكية ‪.‬‬
‫{ ادلم } ‪ :‬املسفوح السائل ‪ ،‬ل املختلط باللحم ‪.‬‬
‫{ اخلْنير } ‪ :‬حيوان خبيث معروف بأكل العذرة ول يغار لع أنثاه ‪.‬‬
‫اإلهالل ‪ :‬رفع الصوت باسم من تذبح هل من‬
‫{ وما أهل به لغري الل } ‪ِ :‬‬
‫اآلهلة ‪.‬‬
‫{ اضطر } ‪ :‬ألىجء وأكره حبكم الرضر اذلي ْلقه من اجلوع أو‬
‫الرضب ‪.‬‬
‫{ غري باغ ول اعد } ‪ :‬ابلايغ الظالم الطالب ملا ل ُيل هل والعادي‬
‫واملعتدي املجاوز ملا هل إل ما ليس هل ‪.‬‬
‫اإلثم } ‪ :‬أثر املعصية لع انلفس بالظلمة واتلدسية ‪.‬‬
‫{ ِ‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫َ َّ‬
‫(‪ )172‬يا أيها املؤمنون لكوا من األطعمة املستذلة اْلالل الت‬
‫ُّ‬
‫ويستحلون‬
‫ِ‬ ‫رزقناكم‪ ،‬ول تكونوا اكلكفار اذلين ُيرمون الطيبات‪،‬‬
‫اخلبائث‪ ،‬واشكروا لل نعمه العظيمة عليكم بقلوبكم وألسنتكم‬

‫~ ‪~ 73‬‬
‫ا‬
‫وجوارحكم‪ ،‬إن كنتم حقا منقادين ألمره‪ ،‬سامعني مطيعني هل‪،‬‬
‫تعبدونه وحده ل رشيك هل‪.‬‬
‫(‪ )173‬إنما حرم الل عليكم ما يرضكم اكمليتة الت لم تذبح بطريقة‬
‫رشعية‪ ،‬وادلم املسفوح‪ ،‬وْلم اخلْنير‪ ،‬واذلبائح الت ذحبت لغري الل‪.‬‬
‫َ ْ‬
‫و ِم ْن فض ِل الل عليكم وتيسريه أنه أباح لكم أكل هذه املحرمات‬
‫عند الرضورة‪ .‬فمن أجلأته الرضورة إل أكل يشء منها‪ ،‬غري ظالم ف‬
‫أكله فوق حاجته‪ ،‬ول متجاوز حدود الل فيما أبيح هل‪ ،‬فال ذنب عليه‬
‫ف ذلك‪ .‬إن الل غفور لعباده‪ ،‬رحيم بهم‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫انلدب إل أكل الطيبات من رزق الل تعال ف غري إرساف ‪.‬‬ ‫أ‪-‬‬
‫ب‪ -‬وجوب شكر الل تعال بالعرتاف بانلعمة هل وَحده عليها‬
‫وعدم رصفها ف معاصيه ‪.‬‬
‫حرمة أكل امليتة ‪ ،‬وادلم املسفوح ‪ ،‬وْلم اخلْنير وما أهل به‬ ‫ج‪-‬‬
‫لغري الل تعال ‪.‬‬
‫جواز األكل من املذكورات عند الرضورة وه خوف اهلالك‬ ‫د‪-‬‬
‫مع مرااعة الستثناء ف اآلية وهو { غري باغ ول اعد } ‪.‬‬

‫~ ‪~ 74‬‬
‫أَذ َن انلب صىل الل عليه وسلم ف أكل اسمك واجلراد وهماَ‬ ‫ه‪-‬‬
‫ِ‬
‫وحرم أكل ك ذي ناب من السباع وذي ُملب من‬‫من امليتة ‪ّ ،‬‬

‫الطيور ‪.‬‬

‫~ ‪~ 75‬‬
‫العقل والعلم‬
‫َّ ْ َ َّ َ َ ْ ْ‬ ‫َ َْْ َ ْ َ‬ ‫‪ -1‬إ َّن ف َخلْق َّ‬
‫الس َم َ‬
‫ار والفل ِك‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫انل‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ي‬‫الل‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫اخ‬‫و‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ر‬‫األ‬‫و‬ ‫ات‬
‫ِ‬ ‫او‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬
‫ْ َ ْ َ َ ْ َ َّ َ َ َ ْ َ َ َّ‬ ‫َّ َ ْ‬
‫الس َما ِء ِم ْن‬
‫اّلل م َن َّ‬
‫ِ‬ ‫ال ِت جت ِري ِف ابلح ِر بِما ينفع انلاس وما أنزل‬
‫ْ َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َّ َ ْ ِّ َ َّ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ْ‬
‫يف‬ ‫رص ِ‬ ‫ماء فأحيا بِ ِه األرض بعد موتِها وبث ِفيها ِمن ك دابة وت ِ‬
‫األ ْرض َآل َيَات ل َقومْ‬ ‫ْ َ َّ َ ْ َ َّ َ َ ْ َ‬ ‫الر َي ِ َ َّ َ‬‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫اب المسخ ِر بني السما ِء و ِ‬ ‫اح والسح ِ‬
‫َْ َ‬
‫يع ِقلون (ابلقرة ‪) 164:‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ اختالف الليل وانلهار } ‪ :‬بوجود أحدهما وغياب اثلاّن ملنافع العباد‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫حبيث ل يكون انلهار دائما ول الليل دائما ‪.‬‬
‫{ وبث فيها من ك دابة } ‪ :‬وفرق ف األرض ونرش فيها من سائر أنواع‬
‫ادلواب ‪.‬‬
‫{ ترصيف الرياح } ‪ :‬باختالف مهابها مرة صبا ومرة دبور ومرة‬
‫شمايلة ومرة غربية أو مرة ملقحة ومرة عقيم ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬

‫~ ‪~ 76‬‬
‫إن ف خلق السماوات بارتفاعها واتساعها‪ ،‬واألرض جبباهلا وسهوهلا‬
‫وحبارها‪ ،‬ويف اختالف الليل وانلهار من الطول والقرص‪ ،‬والظلمة‬
‫وانلور‪ ،‬وتعاقبهما بأن خيلف ك منهما اآلخر‪ ،‬ويف السفن اجلارية ف‬
‫ابلحار‪ ،‬الت حتمل ما ينفع انلاس‪ ،‬وما أنزل الل من السماء من ماء‬
‫َّ‬
‫ُمرضة ذات بهجة بعد أن اكنت‬ ‫املطر‪ ،‬فأحيا به األرض‪ ،‬فصارت‬
‫دب لع وجه األرض‪،‬‬‫يابسة ل نبات فيها‪ ،‬وما نرشه الل فيها من ك ما َّ‬
‫َّ‬
‫املسري‬ ‫وما أنعم به عليكم من تقليب الرياح وتوجيهها‪ ،‬والسحاب‬
‫بني السماء واألرض ‪-‬إن ف ك ادللئل السابقة آليات لع وحدانية‬
‫الل‪ ،‬وجليل نعمه‪ ،‬لقوم يعقلون مواضع اْلجج‪ ،‬ويفهمون أدتله‬
‫سبحانه لع وحدانيته‪ ،‬واستحقاقه وحده للعبادة‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫ا‬
‫أ‪ -‬اآليات الكونية ف السموات واألرض تثبت وجود الل تعال ربا‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫وإهلا موصوفا بكل كمال مْنها عن ك نقصان ‪.‬‬
‫ا ا‬
‫ب‪ -‬اآليات اتلْنيلية القرآنية تثبت وجود الل ربا وإهلا وتثبت انلبة‬
‫واملحمدية وتقرر رساتله صىل الل عليه وسلم ‪.‬‬

‫~ ‪~ 77‬‬
‫ا‬
‫ج‪ -‬النتفاع باآليات مطلقا ‪-‬آيات الكتاب أو آيات الكون‪ -‬خاص‬
‫بمن يستعملون عقوهلم دون أهوائهم ‪.‬‬

‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫ْ‬ ‫َّ‬ ‫َ َْ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬
‫ار آل َيات‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫انل‬ ‫و‬ ‫ل‬‫ِ‬ ‫ي‬ ‫الل‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ال‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫اخ‬ ‫و‬ ‫ض‬ ‫ِ‬ ‫ر‬ ‫أل‬ ‫ا‬ ‫و‬ ‫ات‬
‫ِ‬ ‫او‬ ‫م‬ ‫الس‬ ‫ق‬
‫ِ‬ ‫ل‬‫خ‬ ‫ف‬ ‫ِ‬ ‫ن‬ ‫‪ -2‬إِ‬
‫َ‬ ‫ا‬ ‫اّلل قيَ ا‬ ‫ون َّ َ‬ ‫َ‬ ‫َ ْ‬ ‫َّ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬
‫اما َوقعودا َو َلع‬ ‫ِ‬ ‫ين يَذكر‬ ‫ول األ َبلا ِب (‪ِ )190‬‬
‫اذل‬ ‫أل ِ‬
‫َ‬
‫اوات َو ْاأل ْرض َر َّبنَا َما َخلَ ْق َ‬ ‫َّ َ‬ ‫َ ْ‬ ‫ْ َ َ َ َّ َ‬
‫ت‬ ‫ِ‬ ‫جنوبِ ِهم َويتفكرون ِف خل ِق السم َ ِ‬
‫اب َّ‬ ‫ك فَقنَا َع َذ َ‬ ‫َ َ َ ا ْ َ َ َ‬
‫ار (‪ { )191‬ال عمران ‪-190 :‬‬ ‫ِ‬ ‫انل‬ ‫ِ‬ ‫اطال سبحان‬ ‫هذا ب ِ‬
‫‪} 191‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ ف خلق السموات واألرض } ‪ :‬أي ف وجودهما من العدم ‪.‬‬
‫{ واختالف الليل وانلهار } ‪ :‬تعاقبهما هذا يىجء وذاك يذهب ‪ ،‬هذا‬
‫مظلم وذال مىضء ‪.‬‬
‫{ آليات } ‪ :‬دلئل واضحة لع وجود الل تعال وقدرته وعلمه‬
‫وحكمته ورَحته ‪.‬‬

‫~ ‪~ 78‬‬
‫{ ألول األبلاب } ‪ :‬أصحاب العقول الت تدرك بها األشياء وتفهم بها‬
‫األدلة‬
‫{ ّ‬
‫ربنا } ‪ :‬يقولون ‪ :‬ربنا الخ ‪. .‬‬
‫{ باطال } ‪ :‬ل لىشء مقصود منه ‪ ،‬وإنما هو من باب اللعب ‪.‬‬
‫{ سبحانك } ‪ :‬تْنيها لك عن العبث واللعب ‪ ،‬وعن الرشيك والودل ‪.‬‬
‫{ فقنا عذاب انلار } ‪ :‬أجرنا واحفظنا من عذاب انلار بتوفيقك نلا‬
‫لَلعمال الصاْلة وجتنيبنا األعمال الفاسدة املوجبة لعذاب انلار‬
‫َ ْ‬ ‫َّ‬
‫{ ِإن ِف خل ِق السماوات واألرض واختالف الليل وانلهار آليَات أل ْو ِل‬
‫األبلاب } ‪.‬‬
‫أى ‪ :‬إن ىف إَياد السموات واألرض لع هذا انلحو ابلديع ‪ ،‬وما فيهما‬
‫من اآليات املشاهدة العظيمة من كواكب وحبار وزروع وأشجار ‪. . .‬‬
‫وىف إَياد الليل وانلهار لع تلك اْلالة املتعاقبة ‪ ،‬وىف اختالفهما طول‬
‫وقرصا ‪ . .‬ىف ك ذلك ألمارات واضحة ‪ ،‬وأدلة ساطعة ‪ ،‬ألصحاب‬
‫العقول السليمة لع وحدانية الل ‪ -‬تعال ‪ -‬وعظيم قدرته ‪ ،‬وباهر‬
‫َ ْ‬ ‫َّ‬
‫حكمته ‪ِ { .‬إن ِف خل ِق السماوات واألرض واختالف الليل وانلهار }‬
‫آليات واضحات لع وحدانية الل وقدرته ‪ ،‬ألصحاب العقول‬
‫َ‬ ‫ْ‬
‫السليمة ‪ ،‬اذلين من صفاتهم أنهم { يَذكرون الل } أى يستحرضون‬

‫~ ‪~ 79‬‬
‫عظمته ىف قلوبهم ‪ ،‬ويكرثون من تسبيحه وتمجيده بألسنتهم ‪،‬‬
‫ويداومون لع ذلك ىف مجيع أحواهلم ‪ .‬فهم يذكرونه قائمني ‪ ،‬ويذكرونه‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫قاعدين ‪ .‬ويذكرونه وهم لع جنوبهم فاملراد بقوهل { ِقيَاما َوقعودا ولع‬
‫جنوبِ ِه ْم } أن ذكرهم الل ‪ -‬تعال ‪ -‬بقلوبهم وألسنتهم يستغرق اعمة‬
‫َ ْ‬ ‫َ َّ َ‬
‫أحواهلم " ‪َ { .‬و َيتَفكرون ِف خل ِق السماوات واألرض } أى أن من‬
‫صفات هؤلء العباد أصحاب العقول السليمة أنهم يكرثون من ذكر‬
‫الل ‪ -‬تعال ‪ ، -‬ول يكتفون بذلك ‪ ،‬بل يضيفون إل هذا اذلكر‬
‫واتلدبر واتلفكر ىف هذا الكون وما فيه من مجال الصنعة ‪ ،‬وبديع‬
‫املخلوقات ‪ ،‬يلصلوا من رواء ذلك إل اإليمان العميق ‪ ،‬واإلذاعن اتلام‬
‫‪ ،‬والعرتاف الاكمل بواحدانية الل‬
‫َ َّ َ َ َ َ ْ َ َ َ ا ْ َ َ َ‬
‫ك فَقنَا َع َذ َ‬
‫اب َّ‬
‫ار } ‪.‬‬
‫ِ‬ ‫انل‬ ‫ِ‬ ‫اطال سبحان‬
‫{ ربنآ ما خلقت هذا ب ِ‬
‫أى أنهم بعد أن أذعنت قلوبهم للحق ‪ ،‬ونطقت ألسنتهم بالقول‬
‫اْلسن ‪ ،‬وتفكرت عقوهلم ىف بدائع صنع الل تفكريا سليما ‪،‬‬
‫ا‬
‫استشعروا عظمة الل استشعارا ملك عليهم جوراحهم ‪ ،‬فرفعوا أكف‬
‫الرضاعة إل الل بقوهلم ‪:‬‬
‫ا‬
‫يا ربنا إنك ما خلقت هذا اخللق ابلديع العظيم الشأن عبثا ‪ ،‬أو اعريا‬
‫ْ َ َ َ‬ ‫ا‬
‫حانك } أى نْنهك تْنيها‬ ‫من اْلكمة ‪ .‬أو خايلا من املصلحة ‪ { ،‬سب‬

‫~ ‪~ 80‬‬
‫ار } أى فوفقنا للعمل بما‬‫انل‬ ‫تاما عن ك ما ل يليق بك { فَقنَا َع َذ َ‬
‫اب َّ‬
‫ِ‬ ‫ِ‬
‫يرضيك ‪ ،‬وأبعدنا عن عذاب انلار ‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫أ‪ -‬وجوب اتلفكر ف خلق السموات واألرض للحصول لع املزيد‬
‫واإليقان ‪.‬‬
‫اإليمان ِ‬
‫من ِ‬
‫ب‪ -‬استحباب تالوة هذه اآليات ‪ :‬إن ف خلق السموات ال آخر‬
‫السورة وذلك عند القيام للتهجد آخر الليل ثلبوت ذلك ىف‬
‫الصحيح عنه صىل الل عليه وسلم ‪.‬‬
‫ج‪ -‬استحباب ذكر الل ىف ك حال من قيام أو قعود أو اضطجاع ‪.‬‬
‫د‪ -‬استحباب اتلعوذ من انلار بل وجوبه ولو مرة ىف العمر‬
‫باإليمان وصالح األعمال‬
‫ه‪ -‬مرشوعية اتلوسل ال الل تعال ِ‬

‫َ ََْ َ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َّ َ َ ا َ ْ ِّ َ ْ ْ َ‬
‫اإلن ِس لهم قلوب ل يفقهون‬‫اجلن و ِ‬
‫‪ -3‬ولقد ذرأنا ِجلهنم ك ِثريا ِمن ِ‬
‫َ َ ََ ْ َ َ َْ َ َ َ َ َ‬ ‫َ ََ ْ َ ْ َ ْ‬
‫وَلك‬
‫بِها ولهم أعني ل يب ِرصون بِها ولهم آ َذان ل يسمعون بِها أ ِ‬
‫َ‬ ‫َْ‬ ‫َ ْ َ ْ َ َ ْ ْ َ َ ُّ َ َ‬
‫وَلك هم الغافِلون ( األعراف ‪)179:‬‬ ‫اكألنعامِ بل هم أضل أ ِ‬

‫~ ‪~ 81‬‬
‫رشح اللكمات ‪:‬‬
‫{ ذرأنا جلهنم } ‪ :‬خلقنا جلهنم أي للتعذيب بها والستقرار فيها‬
‫{ ل يفقهون بها } ‪ :‬الكم الل ول الكم رسوهل ‪.‬‬
‫{ ل يبرصون بها } ‪ :‬آيات الل ف الكون ‪.‬‬
‫{ ل يسمعون بها } ‪ :‬اْلق واملعروف ‪.‬‬
‫{ اكألنعام } ‪ :‬ابلهائم ف عدم النتفاع بقلوبهم وأبصارهم وأسماعهم‬
‫{ الغافلون } ‪ :‬أي عن آيات الل ‪ ،‬وما خلقوا هل وما يراد هلم وبهم ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫ِّ‬
‫ولقد خلقنا للنار ‪-‬الت يعذب الل فيها َمن يستحق العذاب ف اآلخرة‬
‫كثريا من اجلن واإلنس‪ ،‬هلم قلوب ل يعقلون بها‪ ،‬فال يرجون ثواباا‬
‫ا‬ ‫‪-‬‬
‫ول خيافون عقاباا‪ ،‬وهلم أعني ل ينظرون بها إل آيات الل وأدتله‪ ،‬وهلم‬
‫آذان ل يسمعون بها آيات كتاب الل فيتفكروا فيها‪ ،‬هؤلء اكبلهائم‬
‫ََْ‬
‫الت ل تفقه ما يقال هلا‪ ،‬ول تفهم ما تبرصه‪ ،‬ول تعقل بقلوبها اخلري‬
‫والرش فتمزي بينهما‪ ،‬بل هم أضل منها; ألن ابلهائم تبرص منافعها‬
‫ومضارها وتتبع راعيها‪ ،‬وهم خبالف ذلك‪ ،‬أوَلك هم الغافلون عن‬
‫اإليمان بالل وطاعته‪.‬‬

‫~ ‪~ 82‬‬
‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬
‫أ‪ -‬تقرير مبدأ ان السعادة والشقاء سبق بها قلم القضاء والقدر‬
‫فلك ميرس ملا خلق هل ‪.‬‬
‫ب‪ -‬هبوط اآلديم إل درك أهبط من درك اْليوان ‪ ،‬وذلك عندما‬
‫يكفر بربه ويعطل حواسه عن النتفاع بها ‪ ،‬ويقرص همه لع‬
‫اْلياة ادلنيا ‪.‬‬
‫واإلعراض عنها ‪.‬‬
‫ج‪ -‬بيان أن ابلالء اكمن ف الغفلة عن آيات الل ِ‬

‫ْ َّ َّ ْ َ َ ْ َ َ َ ْ َ ُّ‬ ‫َْ َ َ‬ ‫َْ‬


‫رص َوالف َؤاد ك‬‫‪َ -4‬ول تقف َما لي َس لك بِ ِه ِعلم ِإن السمع وابل‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ َ َْ‬
‫وَلك اكن عنه مسئول (اإلرساء ‪) 36:‬‬ ‫أ ِ‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ ول تقف } ‪ :‬أي ول تتبع ‪.‬‬
‫{ والفؤاد } ‪ :‬اي القلب ‪.‬‬
‫ا‬
‫{ اكن عنه مسئول } ‪ :‬أي عن واحد من هذه اْلواس يوم القيامة‬

‫~ ‪~ 83‬‬
‫تفسري اآلية ‪:‬‬
‫تأكد َّ‬‫َّ‬
‫وتثبت‪ .‬إن اإلنسان‬ ‫ول تتبع ‪-‬أيها اإلنسان‪ -‬ما ل تعلم‪ ،‬بل‬
‫َ‬
‫استعملها ف اخلري‬ ‫َ‬
‫استعمل فيه سمعه وبرصه وفؤاده‪ ،‬فإذا‬ ‫مسؤول عما‬
‫نال اثلواب‪ ،‬وإذا استعملها ف الرش نال العقاب‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫• حرمة القول أو العمل ملا يفض ايله ذلك من املفاسد ولن الل‬
‫تعال سائل ك اجلوارح ومستشهدها لع صاحبها يوم القيامة‬

‫َ َّ َ ْ َ َ َ‬ ‫َ ََ ْ َْ َ‬ ‫َ َّ َ ْ ْ َ‬ ‫الر ْ َ‬
‫‪َّ -5‬‬
‫اإلنسان (‪ )3‬علمه ابليان‬
‫ِ‬ ‫ق‬ ‫ل‬‫خ‬ ‫)‬ ‫‪2‬‬‫(‬ ‫َن‬ ‫آ‬‫ر‬‫ق‬ ‫ال‬ ‫م‬ ‫ل‬‫ع‬ ‫)‬ ‫‪1‬‬‫(‬ ‫ن‬‫َح‬
‫(‪{)4‬الرَحن ‪}4-1 :‬‬
‫رشح اللكمات ‪:‬‬
‫{ الرَحن } ‪ :‬اسم من أسماء الل تعال ‪.‬‬
‫{ علم القرآن } ‪ :‬أي علم من شاء من عباده القرآن ‪.‬‬
‫ا‬
‫اإلنسان } ‪ :‬آدم كما خلق ذريته أيضا ‪.‬‬
‫{ خلق ِ‬

‫~ ‪~ 84‬‬
‫واإلعراب عما‬
‫{ علمه ابليان } ‪ :‬أي علم آدم ابليان اذلي هو انلطق ِ‬
‫ف انلفس بلغة من اللغات ك هذا تعليم الل عز وجل ولول الل ما‬
‫نطق إنسان ‪.‬‬

‫افتتحت السورة الكريمة بهذا السم اجلليل لل ‪ -‬عز وجل ‪ -‬وهو لفظ‬
‫مشتق من الرَحة ‪ ،‬وصيغته ادلالة لع املبالغة ‪ ،‬تنبه إل عظم هذه‬
‫الرَحة وسعتها ‪.‬ثم بني ‪ -‬سبحانه ‪ -‬مظاهر قدرته ومنته لع عباده‬
‫َّ‬
‫بأجل انلعم وأعظمها شأنا ‪ ،‬فقال ‪َ { :‬عل َم القرآن } والقرآن هو أعظم‬
‫وىح أنزهل ‪ -‬سبحانه ‪ -‬لع أنبيائه ورسله ‪.‬‬
‫أى ‪ :‬علم نبيه ‪ -‬صىل الل عليه وسلم ‪ -‬القرآن اذلى هو أعظم انلعم‬
‫شأنا وأرفعها ماكنا ‪ ،‬إذ باتباع توجيهاته وإرشاداته ‪ ،‬يظفر اإلنسان‬
‫بالسعادة ادلنيوية واألخروية ‪.‬‬
‫وهذه اآلية الكريمة تتضمن الرد عل املرشكني اذلين زعموا أن‬
‫هذا القرآن قد تعمله الرسول ‪ -‬صىل الل عليه وسلم ‪ -‬من البرش كما‬
‫َ َّ َ َ ِّ‬ ‫َ َ َ ْ َ ْ َ َ َّ ْ َ‬
‫حىك ‪ -‬سبحانه ‪ -‬عنهم ىف قوهل ‪ { :‬ولقد نعلم أنهم يقولون ِإنما يعلمه‬
‫ََ َ َ‬ ‫َّ ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ َ‬ ‫َ‬
‫بَرش ‪ } . .‬وىف قوهل ‪َ { :‬وقال اذلين كفروا ِإن هذا ِإل ِإفك افرتاه وأاعنه‬
‫َ َ‬ ‫َ َ‬
‫َعليْ ِه ق ْوم آخرون ‪ } . .‬كما تتضمن الرد عليهم لزعمهم أنهم ل يعرفون‬

‫~ ‪~ 85‬‬
‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َ َ َ‬
‫الرَحن ‪ ،‬كما ىف قوهل ‪ -‬تعال ‪َ { : -‬و ِإذا ِقيل لهم اسجدوا للرَحن قالوا‬
‫َّ‬ ‫َ َ‬
‫َو َما الرَحن ‪ } . .‬وقوهل ‪ -‬تعال ‪ { : -‬خل َق اإلنسان َعل َمه ابليان } بيان‬
‫نلعمتني أخريني من نعمه ‪ -‬سبحانه ‪ . -‬واملراد باإلنسان ‪ :‬جنسه ‪،‬‬
‫واملراد بابليان ‪ :‬الفهم وانلطق واإلفصاح عما يريد اإلفصاح عنه‬
‫بالالكم اذلى أداته اللسان ‪.‬أى خلق ‪ -‬سبحانه ‪ -‬بقدرته اإلنسان لع‬
‫أمجل صورة ‪ ،‬وأحسن تقويم ‪ ،‬ومكنه من اإلفصاح عما ىف نفسه عن‬
‫طريق املنطق السليم ‪ ،‬والقول الواضح ‪ ،‬كما مكنه من فهم الكم غريه‬
‫هل ‪ ،‬فتمزي بذلك من األجناس األخرى ‪ ،‬وصار أهال ْلمل األمانة الت‬
‫عجزت عن َحلها السموات واألرض واجلبال ‪ ،‬وأصبح مستعدات‬
‫تللق العلوم واخلالفة ىف األرض ‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآليات ‪:‬‬


‫أ‪ -‬الرَحن مثل اسم الل ل يصح أن يطلق لع غري الرب تبارك‬
‫وتعال ‪ ،‬فقال فالن عزيز أو رحيم أو عليم أو حكيم ‪ ،‬ولكن‬
‫اإلهل أو الل ‪.‬‬
‫ل يقال رَحان ‪ ،‬كما ل يقال لإ أو ِ‬
‫ب‪ -‬ورد ف الصحيح ف فضل تعلم القرآن قوهل صىل الل عليه وسلم‬
‫« خريكم من تعلم القرآن وعلمه » ‪.‬‬

‫~ ‪~ 86‬‬
~ 87 ~
‫العلم واتلكنولوجية‬

‫ْ ْ‬ ‫َ ََ ْ َْ َ‬ ‫ْ َ ْ ْ َ ِّ َ َّ‬
‫ان ِم ْن َعلَق (‪ )2‬اقرأَ‬ ‫اإلنس‬ ‫َ‬ ‫َ َ‬
‫اذلي خلق (‪ )1‬خلق ِ‬ ‫‪ -1‬اقرأ بِاس ِم ربك ِ‬
‫َ َّ َ ْ ْ َ َ‬
‫ان َما لَمْ‬ ‫َ َّ َ ْ َ َ‬ ‫َّ‬ ‫َ‬ ‫َ َ ُّ َ ْ َ ْ‬
‫اإلنس‬
‫اذلي علم بِالقل ِم (‪ )4‬علم ِ‬ ‫وربك األكرم (‪ِ )3‬‬
‫ََْ‬
‫يعل ْم (‪ { )5‬العلق ‪}5-1 :‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ اقرأ } ‪ :‬أي أوجد القراءة وه مجع اللكمات ذات اْلروف باللسان‬
‫{ باسم ربك } ‪ :‬أي بذكر اسم ربك ‪.‬‬
‫{ اذلي خلق } ‪ :‬أي خلق آدم من ساللة من طني ‪.‬‬
‫اإلنسان اذلي هو ذرية آدم ‪.‬‬
‫اإلنسان } ‪ :‬أي ِ‬
‫{ خلق ِ‬
‫{ من علق } ‪ :‬أي مجع علقة وه انلطفة ف الطور اثلاّن حيث تصري‬
‫علقة أي قطعة من ادلم الغليظ ‪.‬‬
‫{ وربك األكرم } ‪ :‬أي اذلي ل يوازيه كريم ول يعادهل ول يساويه ‪.‬‬
‫{ اذلي علم بالقلم } ‪ :‬أي علم العباد الكتابة واخلط بالقلم ‪.‬‬
‫اإلنسان ‪.‬‬
‫اإلنسان } ‪ :‬أي جنس ِ‬
‫{ علم ِ‬

‫~ ‪~ 88‬‬
‫{ ما لم يعلم } ‪ :‬أي ما لم يكن يعلمه من سائر العلوم واملعارف‬

‫تفسري اآليات ‪:‬‬


‫اقرأ ‪-‬أيها انلب‪ -‬ما أنزل إيلك من القرآن م ْفتَت ا‬
‫حا باسم ربك املتفرد‬ ‫ِ‬
‫باخللق‪ ،‬اذلي خلق ك إنسان من قطعة دم غليظ أَحر‪ .‬اقرأ ‪-‬أيها‬
‫َّ‬
‫انلب‪ -‬ما أنزل إيلك‪ ،‬وإن ربك لكثري اإلحسان واسع اجلود‪ ،‬اذلي علم‬
‫َّ‬
‫خلقه الكتابة بالقلم‪ ،‬علم اإلنسان ما لم يكن يعلم‪ ،‬ونقله من ظلمة‬
‫اجلهل إل نور العلم‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآليات ‪:‬‬


‫اإلله وإثبات انلبوة املحمدية ‪.‬‬
‫أ‪ -‬تقرير الويح ِ‬
‫ب‪ -‬مرشوعية ابتداء القراءة بذكر اسم الل وذلا افتتحت سور القرآن‬
‫ما عدا اتلوبة ببسم الل الرَحن الرحيم ‪.‬‬
‫اإلنسان ‪.‬‬
‫ج‪ -‬بيان لطور انلطفة ف الرحم إل علقة ومنها يتخلق ِ‬
‫د‪ -‬اعظام شأن الل تعال وعظم كرمه فال أحد يعادهل ف الكرم‬
‫اتلنويه بشأن الكتابة واخلط بالقلم إذ املعارف والعلوم لم تدون‬
‫إل بالكتابة والقلم‬

‫~ ‪~ 89‬‬
‫ه‪ -‬بيان فضل الل تعال لع اإلنسان ف تعليمه ما لم يكن يعلم‬
‫بواسطة الكتابة واخلط ‪.‬‬

‫َ َ‬
‫األ ْر ِض َو َما ت ْغن اآليَات َو ُّ‬ ‫الس َم َ‬ ‫َ َ‬
‫اذا ف َّ‬ ‫ْ‬
‫انلذر‬ ‫ِ‬ ‫و‬ ‫ات‬
‫ِ‬ ‫او‬ ‫ِ‬ ‫م‬ ‫وا‬‫ر‬ ‫ظ‬ ‫ان‬ ‫‪ -2‬ق ِل‬
‫ْ َ‬ ‫َ َ‬
‫ع ْن ق ْوم ل يؤ ِمنون (يونس ‪) 101:‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ ماذا ف السموات واألرض } ‪ :‬أي من عجائب املخلوقات ‪ ،‬وباهر‬
‫اآليات ‪.‬‬
‫{ وما تغن اآليات وانلذر } ‪ :‬أي ما تغن َّ‬
‫أي إغناء إذا اكن القوم ل‬
‫يؤمنون ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫وملا اكن اتلأمل ىف ملكوت السموات واألرض ‪ ،‬يعني لع اتلفكري‬
‫السليم ‪ ،‬ولع استعمال العقل فيما يهدى إل اْلق واخلري ‪ ،‬أمر الل ‪-‬‬
‫َ‬
‫تعال ‪ -‬انلاس بانلظر والعتبار فقال ‪ -‬سبحانه ‪ { : -‬ق ِل انظروا َماذا‬
‫ِف السماوات واألرض ‪} . .‬‬

‫~ ‪~ 90‬‬
‫أى ‪ :‬قل ‪ -‬أيها الرسول الكريم ‪ -‬لقومك ‪ :‬انظروا وتأملوا وتفكروا‬
‫فيما اشتملت عليه السموات من شموس وأقمار ‪ ،‬وكواكب وجنوم ‪،‬‬
‫وسحاب وأمطار ‪. .‬‬
‫وفيما اشتملت عليه األرض من زروع وأنهار ‪ ،‬ومن جبال وأشجار ‪،‬‬
‫ومن حيوانات ودواب متنوعة ‪.‬‬
‫انظروا إل ك ذلك وتفكروا ‪ ،‬فإن هذا اتلفكر يهدى أصحاب العقول‬
‫السليمة إل أن ِهلذا الكون إهلا واحدا عليما قديرا ‪ ،‬هو وحده‬
‫املستحق للعبادة والطاعة ‪.‬‬
‫َ َّ ْ َ‬ ‫ْ‬
‫وقوهل ‪َ { :‬و َما تغ ِن اآليات وانلذر َعن ق ْوم ل يؤ ِمنون } توبيخ للغافلني‬
‫عن انلظر السليم اذلى يؤدى إل اهلداية ‪.‬‬

‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬


‫• األمر باتلفكر والعتبار بما ف السموات واألرض من آيات الل‬
‫ابلينات ملافيها من اْلكمة واملوعظة لذلين آمنوا‪.‬‬
‫َّ ْ َ َّ َ َ ْ ْ‬ ‫َ َْ َ ْ‬ ‫‪ -3‬إ َّن ف َخلْق َّ‬
‫الس َم َ‬
‫ار والفل ِك‬ ‫ِ‬ ‫ه‬ ‫انل‬ ‫و‬ ‫ل‬ ‫ِ‬ ‫ي‬‫الل‬ ‫الف‬‫ِ‬ ‫ت‬
‫ِ‬ ‫اخ‬‫و‬ ‫ض‬‫ِ‬ ‫ر‬‫األ‬‫و‬ ‫ات‬
‫ِ‬ ‫او‬ ‫ِ‬ ‫ِ ِ‬
‫َ‬ ‫َ‬
‫َ ْ َ َ ْ َ َّ َ َ َ ْ َ َّ‬ ‫ْ‬ ‫ْ‬ ‫َ‬ ‫َّ‬
‫الس َما ِء ِم ْن‬
‫اّلل م َن َّ‬
‫ِ‬ ‫ال ِت جت ِري ِف ابلح ِر بِما ينفع انلاس وما أنزل‬
‫َ ْ َ َ ْ َ َ ْ َ َ َ َّ َ ْ ِّ َ َّ َ َ ْ‬ ‫َ‬ ‫َ ََ ْ‬
‫يف‬ ‫رص ِ‬ ‫ماء فأحيا بِ ِه األرض بعد موتِها وبث ِفيها ِمن ك دابة وت ِ‬

‫~ ‪~ 91‬‬
‫ْ َ َّ َ ْ َ َّ َ َ َ‬
‫األ ْرض آليَات ل َقومْ‬ ‫الر َي ِ َ َّ َ‬
‫ِّ‬
‫ِ‬ ‫اب المسخ ِر بني السما ِء و ِ‬‫اح والسح ِ‬
‫َْ َ‬
‫يع ِقلون ( ابلقرة ‪) 164:‬‬

‫رشح اللكمات ‪:‬‬


‫{ اختالف الليل وانلهار } ‪ :‬بوجود أحدهما وغياب اثلاّن ملنافع العباد‬
‫ا‬ ‫ا‬
‫حبيث ل يكون انلهار دائما ول الليل دائما ‪.‬‬
‫{ وبث فيها من ك دابة } ‪ :‬وفرق ف األرض ونرش فيها من سائر أنواع‬
‫ادلواب ‪.‬‬
‫{ ترصيف الرياح } ‪ :‬باختالف مهابها مرة صبا ومرة دبور ومرة‬
‫شمايلة ومرة غربية أو مرة ملقحة ومرة عقيم ‪.‬‬

‫تفسري اآلية ‪:‬‬


‫{ إن ف خلق السموات واألرض } إل قوهل { يعقلون } مشتملة لع‬
‫ست آيات كونية ك آية برهان ساطع وديلل قاطع لع وجود الل‬‫ّ‬

‫وقدرته وعلمه وحكمته ورَحته وه لكها موجره لعبادته وحده دون‬


‫من سواه ‪.‬‬

‫~ ‪~ 92‬‬
‫األول ‪ :‬خلق السموات واألرض وهو خلق عظيم ل يتأيت للقادر اذلي‬
‫ل يعجزه ىشء ‪.‬‬
‫اثلانية ‪ :‬اختالف الليل وانلهار بتعاقبهما وطول هذا وقرص ذاك ‪.‬‬
‫اثلاثلة ‪ :‬جريان الفلك ‪-‬السفن‪ -‬ف ابلحر لع ضخامتها وكربها وه‬
‫حتمل مئات األطنان من األرزاق وما ينتفع به انلاس ف حياتهم ‪.‬‬
‫الرابعة ‪ :‬إنزاهل تعال املرض من السماء ْلياة األرض بانلباتات والزروع‬
‫بعد جدبها وموتها ‪.‬‬
‫اخلامسة ‪ :‬ترصيف الرياح حارة وباردة ملقحة وغري ملقحة ‪ ،‬رشقية‬
‫وغربية وشمايلة وجنوبية حبسب حاجة انلاس وما تطلبه حياتهم ‪.‬‬
‫السادسة ‪ :‬السحاب املسخر بني السماء واألرض تكوينه وسوقه من‬
‫بدل إل آخر يلمطر هنا ول يمطر هناك حسب إرادة العزيز اْلكيم ‪.‬‬
‫فِف هذه اآليات الست أكرب برهان وأقوى ديلل لع وجود الل‬
‫تعال وعلمه وقدرته وحكمته ورَحته وهو ذللك رب العاملني ولإ‬
‫األولني واآلخرين ول رب غريه ول لإ سواه ‪.‬‬

‫~ ‪~ 93‬‬
‫ما يستفاد من اآلية ‪:‬‬
‫ا‬
‫أ‪ -‬اآليات الكونية ف السموات واألرض تثبت وجود الل تعال ربا‬
‫ا‬ ‫ا‬ ‫ا‬
‫وإهلا موصوفا بكل كمال مْنها عن ك نقصان ‪.‬‬
‫ا ا‬
‫ب‪ -‬اآليات اتلْنيلية القرآنية تثبت وجود الل ربا وإهلا وتثبت‬
‫انلبوة املحمدية وتقرر رساتله صىل الل عليه وسلم ‪.‬‬
‫ا‬
‫ت‪ -‬النتفاع باآليات مطلقا ‪-‬آيات الكتاب أو آيات الكون‪-‬‬
‫خاص بمن يستعملون عقوهلم دون أهوائهم ‪.‬‬

‫~ ‪~ 94‬‬
~ 95 ~

You might also like