Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 34

‫االدارة المالية المتقدمة‬

‫دكتور ايوب صوالحه‬


‫الطالبات ‪:‬سهاد القطب‬
‫راما رياض‬
‫الفصل الثامن‬

‫ادارة راس المال العامل‬


‫‪ ‬تشكل إدارة رأس المال العامل ‪Working Capital Management‬موضوعأ بالغ األهمية في‬
‫اختصاصات اإلدارة المالية والمدير المالي في شركات األعمال ‪ ،‬ويعود السبب في هذا االهتمام إلى‬
‫أن الجزء األكبر من قرارات اإلدارة المالية والمدير المالي تتركز حول العمليات التشغيلية القصيرة‬
‫األجل لشركات األعمال ‪ .‬في هذا الفصل سوف يتم استعراض ماهية رأس المال العامل وأهمية‬
‫إدارته في شركات األعمال ومعنى رأس المال العامل وصافي رأس المال العامل واالتجاه نحو تحديد‬
‫حجم االستثمار في رأس المال العامل وسياسته وأثر تلك السياسات على العائد ودرجة المخاطر ‪،‬‬
‫وأيضا طرق تمويل رأس المال العامل وأثرها في تحديد العائد ودرجة المخاطر‪.‬‬
‫أهمية إدارة رأس المال العامل‬

‫‪ ‬شغلت العمليات المتعلقة بإدارة رأس المال العامل وما يرتبط بها من قرارات جزءا هاما من اهتمامات اإلدارة‬
‫المالية في شركات األعمال ‪ ،‬بل لربما تمثل أهم اهتمامات اإلدارة المالية وقراراتها ‪ .‬ويعود السبب في ذلك‬
‫االرتباط رأس المال العامل المتكامل والمباشر مع العمليات التشغيلية اليومية لشركات األعمال ‪ ،‬إضافة إلى‬
‫التأكيد الدائم من أن زيادة كفاءة اإلدارة المالية في إدارة رأس المال العامل ‪ ،‬إنما يعني زيادة كفاءة العمليات‬
‫التشغيلية لها‬
‫تزداد أهمية رأس المال العامل في الشركات الصغيرة الحجم التي تتعرض عادة الى ندرة في األموال المتاحة لإلستثمار ‪ ،‬وهنا تسعى‬
‫إدارة هذه الشركات الى تخفيض حجم االستثمار في الموجودات الثابتة وتتجنب الدخول فيه وتعويضه بواسطة استئجار المعدات والمكائن‬
‫واألبنية ‪ ،‬إال أنها ال تستطيع تجنب االستثمار النقدية والذمم المدينة والمخزون السلعي والتي تشكل بمجموعها رأس المال الى داخل‬
‫الشركة ‪ ،‬واألكثر من ذلك فإن القدرة المحدودة للشركة الصغيرة في الوصول الى األسواق المالية والحصول على مصادر التمويل الطويلة‬
‫األجل تجعل االداره المالية في هذه الشركات تركز جل اهتمامها باإلعتماد على اإلئتمان التجار والقروض المصرفية القصيرة األجل ‪.‬‬

‫أضف إلى ذلك أن أهمية رأس المال العامل بالنسبة لإلدارة المالية ترجع الى كون القرارات الخاصة بشأنه ال تحتمل التأجيل ‪ ،‬قياسا‬
‫بإمكانية تأجيل االستثمار في الموجودات الثابتة ‪ ،‬حيث أن تأجيل االستثمار في الموجودات المتداولة قد يلحق بشركة األعمال أضرارة‬
‫جسيمة ‪ ،‬فتأجيل االستثمار اإلضافي في النقدية يترتب عليه " نقص خطير في السيولة ‪ ،‬كما أن تأجيل االستثمار اإلضافي في الذمم المدنية‬
‫والمخزون السلعي قد يترتب عليه فقدان الشركة لبعض عمالئها الرئيسية ‪ .‬ومما يعزز اهتمامات اإلدارة المالية في رأس المال العامل هو‬
‫العالقة المباشرة والقوية بين النمو في المبيعات والحاجة لزيادة االستثمار في الموجودات بشكل عام ومنها الموجودات المتداولة (كما بينا‬
‫ذلك في موضوع التنبؤ المالي فزيادة المبيعات تستلزم زيادة مباشرة في النقدية والذمم المدينة والمخزون السلعي‪ ،‬وكل هذه الحاجات يجب‬
‫أن تمول ‪ ،‬وهي لذلك تأخذ اهتماما خاصا من اإلدارة المالية ‪ ،‬نظرا ألن االستثمار فيها يستلزم الحاحا ً معينا ً‪.‬‬
‫من كل ذلك نصل الى تأكيد أن رأس المال العامل ‪ ،‬كمفهوم وقرار‪ ،‬قد اكتسب حيزأ مهمة في عمل اإلدارة المالية ‪،‬‬
‫بل إن عناصر رأس المال العامل ( النقدية ‪ ،‬والذمم المدينة والمخزون السلعي ) اكتسبت هذه بدورها اهتماما خاصا‬
‫في استراتيجيات اإلدارة المالية وقراراتها وخططها االستثمارية قصير األجل ‪ ،‬فنجد أن هنالك استراتيجيات خاصة‬
‫منظمة إلدارة النقدية واالستثمارات المؤقتة وقرارات ثمار فيها‪ ،‬وكذلك استراتيجيات خاصة إلدارة الذمم المدينة‬
‫والمخزون السلعي قرارات االستثمار فيها ‪ ،‬أضف الى ذلك االستثمارات الخاصة والمنظمة لقرارات استخدام‬
‫عناصر تمويل هذه الموجودات وهي المطلوبات المتداولة والتي سنتناول الحديث عنها الحقا ‪.‬‬
‫مفهوم رأس المال العامل‬

‫يقصد برأس المال العامل حجم االستثمار المتاح في الموجودات القصيرة األمد‪ ،‬أي الموجودات المتداولة أي االستثمار في فقرات النقدية‬
‫واالستثمارات المؤقتة الذمم المدينة والمخزون السلعي وغيرها من الفقرات المماثلة ‪ ،‬بينما يقصد بإدارة رأس المال العامل ‪ ،‬إدارة كل‬
‫الجوانب المتعلقة بإدارة الموجودات المتداولة المطلوبات المتداولة من تخطيط وتنظيم ورقابة واتخاذ القرار ‪.‬‬
‫ولكي نعطي توضيحا لمعنى رأس المال العامل ‪ ،‬ال بد من اإلشارة إلى أن الفكر المالي المعاصر قد استخدم اصطالحين شاعا استعمالهما‬
‫‪ ،‬أحدهما يطلق عليه باجمالي رأس المال العامل والثاني يسمى بصافي راس المال العامل‪.‬‬
‫ويقصد باألول ( إجمالي رأس المال العامل إجمالي) الموجودات المتداولة بفقراتها المختلفة ‪ ،‬والمعروف ماليا عن هذه الفقرات أنها يجب أن‬
‫تتحول الى نقد خالل فترة زمنية قصيرة ال تتعدى السنة الواحدة ‪ ،‬ولذلك فاإلستثمار فيها هو استثمار قصير األمد ال يتعدى السنة الواحدة‬
‫والمالحظ أن أصحاب هذا التحديد لرأس المال العامل كونهم يعطون أهمية فقط للموجودات المتداولة وال يعطون اهتماما للمطلوبات‬
‫المتداولة ‪ ،‬إن هذا التحديد يقوم على اساس التميز أو المقارنة بين الموجودات المتداولة والموجودات الثابتة ‪ ،‬فاألولى دائمة الحركة‬
‫والنشاط وهي في تغير مستمر بعكس الموجودات الثابتة فهي ساكنة ال تتغير‪ ,‬إن الهدف من الموجودات المتداولة كما هو ظاهر من معناها‬
‫هو التداول وسرعة التحول الى نقدية أي كونها فقرات قابلة للتسييل ‪ ،‬وهذه الحركة تظهر عادة من خالل دراسة ‪.‬‬
‫دورة رأس المال العامل ‪:‬‬

‫يقصد بدورة رأس المال العامل الدورة النقدية ‪Cash‬‬


‫‪Cycle‬وتعبر هذه الدورة عن كيفية ممارسة مجموعة‬
‫األنشطة االنتاجية والتسويقية داخل شركة األعمال ‪ ،‬ومن‬
‫المعروف أن هذه الدورة تبدا بالنقد وتنتهي بالنقد ‪ ،‬تبدأ‬
‫بالنقد حيث تشتري الشركة المواد األولية ثم تجرى عليها‬
‫العمليات الصناعية حيث تتحول الى بضاعة جاهزة ‪ ،‬تباع‬
‫في السوق إما نقدأ فتحول الى نقد أو تباع باألجل فتتحول‬
‫الى ذمم مدينة ثم يتم تحصيلها نقدا ‪ .‬كما يظهر في الشكل‬
‫التالي ‪:‬‬
‫مثال‪:‬‬
‫ولتوضيح الشكل السابق صورة هذه الدورة أو الحركة ‪ ،‬لنفرض أن شركة صناعية دخلت التشغيل واالنتاج اآلن ‪،‬‬
‫وهي تملك ‪ 100‬دينار كرأس مال عامل بصيغة نقد‪ ،‬وحتى تبدأ بالتشغيل ال بد من شراء مواد أولية وهنا ال بد من‬
‫تحويل جزء من النقد إلى مواد أولية من خالل عملية الشراء ‪ ،‬أما الجزء اآلخر فإنه يتحول الى مصروفات تشغيلية‬
‫مختلفة الزمة لتحويل المواد األولية من شكلها الخام الى شكل بضاعة جاهزة وطبعأ ذلك ال يتم اال من خالل‬
‫مساعدة راس المال الثابت ‪ ،‬أي الموجودات الثابتة ‪ ،‬ولنفرض هنا أن ما حولته الشركة من نقد الى شراء المواد‬
‫األولية هو ‪ 70‬دينار أما الباقي وهو ‪ 30‬دينار فقد حولت على شكل مصروفات تشغيلية مختلفة ‪.‬‬
‫وعموما فإن البضاعة المنتجة سوف تبلغ كلفتها ‪ 100‬دينار ‪ ،‬الحظ هنا أن حجم النقد البالغ ‪ 100‬دينار قد تحول‬
‫الى مواد أولية ومصروفات بمبلغ ‪ 100‬دينار وبعدها تحولت هذه الفقرات الى بضاعة كلفتها ‪ 100‬دينار ‪ .‬بعد‬
‫عملية االنتاج سوف تسعى إدارة الشركة الى بيع هذه البضاعة ولفرض التوضيح لنفرض أن الشركة باعت هذه‬
‫البضاعة بمبلغ ‪ 130‬دينار نقدا ‪ ،‬لذلك سوف تتحول البضاعة ذات الكلفة ‪ 100‬دينار الى نقد بمقدار ‪ 130‬دينار من‬
‫خالل عملية البيع النقدي ‪ ،‬وهكذا يتحول النقد الى نقد وتستمر عملية التشغيل واالستمرارية والنمو في الشركة‪.‬‬
‫المفهوم الثاني للراس المالي العامل‬
‫فانه ينصرف الى تحديده من خالل الفرق بين الموجودات المتداولة والمطلوبات المتداول ‪ ،‬وغالبا ما يكون مقدار‬
‫هذا الفرق مقدار موجبا ‪ ،‬ومن هنا نشأت تسمية صافي رأس المال العامل لتعبر عن هذا الفرق فهو صافي ‪ ،‬أي‬
‫خالي من أي التزامات مستحقة خالل السنة ممثلة بالمطلوبات المتداولة ‪ .‬أو هو ذلك الجزء من رأس المال العامل‬
‫الذي تم تمويله بمصادر تمويل طويلة األجل قد يكون مقترضة أو مصادر تمويل ممتلكة‬
‫صافي رأس المال العامل‬

‫يجدر االنتباه الى أن مصطلح صافي رأس المال العامل هو التحديد األكثر استخدامة في مجال اإلدارة المالية ‪ ،‬حيث‬
‫طال استعماله من قبل المحاسبين ‪ ،‬كما أن الكثير من اإلحصاءات المنشورة ذات القيمة الهامة بهذا الصدد تعتمد في‬
‫تحليلها على رأس المال العامل باعتباره هو ناتج طرح المطلوبات المتداولة من الموجودات المتداولة بل إن البعض‬
‫من علماء اإلدارة المالية يؤكدون على أن رأس المال العامل هو الموجودات المتداولة التي مولت بمصادر تمويل‬
‫طويلة األجل ‪ .‬ويقصدون بذلك صافي رأس المال العامل ‪ ،‬ولهذا فإن الكثير من كتاب اإلدارة المالية ( ومنهم مؤلف‬
‫هذا الكتاب ) يقترحون استخدام اصطالح إدارة صافي رأس المال العامل بدال من إدارة رأس المال العامل ‪ ،‬حيث‬
‫تعنى إدارة صافي رأس المال العامل بإدارة االستثمار في الموجودات المتداولة وإدارة استخدام المطلوبات المتداولة‬
‫ام وهو االتجاه الذي اعتمده مؤلف الكتاب من جعل مسعاه يدور حول إدارة االستثمار في الموجودات المتداولة ‪.‬‬
‫تأتي أهمية صافي رأس المال العامل ‪ ،‬أنه مقياسا نوعيا لسيولة الشركة ‪ ،‬أي لدرجة الثقة التي توفرها الموجودات‬
‫المتداولة ‪ ،‬كما أن حجم هذا الصافي يحتل أهمية رئيسة في السياسات التمويلية القصيرة األجل لشركة األعمال ‪.‬‬
‫عموما فإن الزيادة الدائمة لصافي رأس المال العامل ‪ ،‬ماهي إال وسيلة مهمة لتحقيق أحد‬
‫االحتمالين اآلتيين ‪:‬‬
‫‪ ‬امكانية الوفاء باإللتزامات المالية المستحقة وضمان القدرة في توزيع األرباح ‪.‬‬
‫‪ ‬والقدرة في امتصاص الخسائر التشغيلية الناتجة عن انخفاض قيمة المخزون السلعي ‪ ،‬أو العجز في تحصيل‬
‫الحسابات المدينة‪ ،‬وغيرها‪.‬‬
‫ومن هنا تبرز أهمية صافي رأس المال العامل في التحليل المالي باعتباره مقياسا نوعيا لدرجة الثقة التي توفرها‬
‫الموجودات المتداولة اتجاه اإللتزامات المستحقة على الشركة وزيادته تعزز ثقة الدائنين والموردين وأصحاب‬
‫القروض ‪ -‬القصيرة األمد‬
‫تحديد حجم االستثمار في رأس المال العامل‬
‫تتوضح اهتمامات اإلدارة المالية و مضمون قراراتها الخاصة بتحديد حجم في راس المال العامل‬
‫( الموجودات المتداولة ) وطرق تمويلية خالل الزمن من خالل طرح السؤالين اآلتيين ‪ ،‬واإلجابة عليهما ‪ ،‬وهما ‪:‬‬
‫ما هو حجم االستثمار المناسب‪ :‬في رأس المال العامل( الموجودات المتداوله) من ناحية المقدار ومن ناحية األنواع من االستثمارات‬ ‫•‬
‫الفرعية الالزمه للوفاء بتلبية حجم معين ومحدد من المبيعات ؟‬
‫كيف يتم تمويل هذا المستوى من االستثمار في راس المال العامل؟‬ ‫•‬

‫اإلجابة على هذين السؤالين يتحدد من خالل مضمون اإلدارة المالية في ادارة االستثمار القصير األجل الممثل برأس المال العامل ‪،‬‬
‫واإلجابة على هذين السوالين تتحدد من خالل عملية المبادلة ‪Trade off‬ما بين المخاطر والعائد ‪Return-‬ام ‪ ،Trade off‬ولهذا فال‬
‫يوجد من وجهة نظر اإلدارة المالية طريقة موضوعية ودقيقة لتحديد حجم المستثمر في رأس المال العامل من جهة واعتماد طريقة‬
‫موضوعية في تمويل رأس المال العامل من جهة ثانية‪ ،‬ولهذا فإن القرار المتخذ يعتمد أساسا على شكل العالقة المتبادلة بين المخاطر‬
‫والعائد وأيضا على نوع العالقة المفضلة التي ترغب بها اإلدارة المالية ‪.‬‬
‫فعندما تلجأ اإلدارة المالية الى زيادة المستثمر في رأس المال العامل (زيادة االستثمار في الموجودات المتداولة عن حدوده االقتصادية‬
‫المطلوبة داخل شركة األعمال ‪ ،‬أي عندما تزداد نسبة ما هو مستثمر في الموجودات المتداولة قياسا بالموجودات الثابتة ‪ ،‬فإن ذلك يعني‬
‫انتهاج اإلدارة المالية في الشركة السياسة استثمارية في رأس المال العامل تقلل من المخاطر وفي نفس الوقت تقلل من الربحية المتوقعة‬
‫وفقا للعالقة المتبادلة ‪.‬‬
‫فزيادة االستثمار عن الحدود االقتصادية المتعارف عليها يعني أن اإلدارة المالية احتفظت بأرصدة كبيرة نسبية من مكونات رأس المال‬
‫العامل ‪ ،‬أي استثمارها لكميات كبيرة من النقد أو لجوئها الى زيادة البيع باألجل أو زيادة ما هو مستثمر في المخزون السلعي بمكوناته‬
‫الرئيسة مثل المواد األولية والبضاعة الجاهزة ‪.‬‬
‫إال أن زيادة المستثمر في فقرات هذا النوع من الموجودات االستثمارية سوف تخفض من المخاطر وتقللها ألن ذلك يؤدي الى تخفيض من‬
‫احتماالت عدم وجود نقد جاهز لتسديد ما على اإلدارة من التزامات مستحقة واجبة التسديد‪ ،‬كما أنه يخفض من احتماالت نفاذ المخزون‬
‫السلعي من المواد األولية ‪ ،‬األمر الذي يخفض من احد عدم استمرار الخطوط االنتاجية وبالتالى يقلل من احتماالت کساد المبيعات‬
‫وانخفاضها ‪ ،‬وهذا بحد ذاته تخفيض للمخاطر التي يمكن أن تتعرض لها اإلدارة المالية في شركات األعمال‪.‬‬

‫بالمقابل فإن زيادة المستثمر في مكونات رأس المال العامل بأكبر من الحدود االقتصادية وفق اإلفتراض أعاله ‪ ،‬يعني هبوط ربحية‬
‫االستثمار في رأس المال العامل ‪ ،‬والسبب في ذلك يعود الى أثر عاملين مهمين هما ‪:‬‬
‫‪ ‬ضخامة المستثمر في األموال ‪.‬‬
‫‪ ‬إن بعض فقرات رأس المال العامل متباينة العوائد (األرباح) فالعائد على النقد يتسم بالصغر الى حد يمكن وصوله الى الصفر ‪ ،‬كما أن‬
‫االستثمار في الحسابات المدينة والمخزون السلعي يتسمان بانخفاض العائد‬
‫سياسات االستثمار في رأس المال العامل‬

‫يحدد الفكر المالي المعاصر وجود عدد من السياسات التي يمكن‬


‫أن تلجأ إليها اإلدارة المالية لتحديد حجم االستثمار في رأس المال‬
‫العامل ‪ .‬فهناك ثالث سياسات بديلة هي السياسة المتحفظة‬
‫‪ Conservative Policy‬والسياسة المعتدلة ‪Moderate‬‬
‫‪Policy‬والسياسة المغامرة ‪Aggressive Policy‬‬
‫والشكل الهندسي رقم (‪ )15‬يعكس تصورا لماهية هذه السياسات‬
‫وكيفية تأثيرها على حجم المستثمر في راس المال العامل ( أي‬
‫في الموجودات المتداولة ) ‪.‬‬
‫يصور المحور العمودي للشكل الهندسي حجم االستثمار في الموجودات بشكل عام (أي االستثمار في الموجودات المتداولة واالستثمار في‬
‫الموجودات الثابتة)‪.‬‬
‫أما المحور األفقي فإنه يعبر عن مقدار المبيعات التي تترابط وحجم االستثمار في الموجودات ‪ ،‬وفق القاعدة المعروفة بوجود عالقة‬
‫متالزمة وتلقائية مباشرة بين الموجودات والمبيعات ‪ .‬يالحظ من الشكل الهندسي رقم (‪ )15‬إن المحور األفقي ( س س ) يمثل اإلستثمار‬
‫في الموجودات الثابتة الذي يظل ثابتة خالل أي مستوى من المبيعات اللتدليل على أنها تظل ثابتة بكافة مستويات المبيعات‪ .‬أما‬
‫اإلستثمار في رأس المال العامل فتعبر عنه المنحنيات األخرى ‪ ،‬فالمنحنی ( س أ ) يعكس السياسة المتحفظة والمنحنی (س ب) يعبر‬
‫عن السياسة المعتدلة‪ ،‬أما المنحنى ( س ج ) فإنه يصور السياسة المغامرة في االستثمار في رأس المال العامل ‪.‬‬
‫ومن متابعة حركة المنحنيات يظهر أن اإلدارة المالية يمكن أن تخلق ذات المستوى من المبيعات ولكن بمستويات من‬
‫رأس المال العامل مختلفة‪ ،‬إن هذا االختالف تمثله مضامين السياسات البديلة ‪ ،‬والتي سنعرض ماهيتها فيما يلي ‪:‬‬

‫‪.1‬سياسة االستثمار المتحفظة ‪Conservative Policy :‬‬

‫بموجب هذه السياسة فإن اإلدارة المالية تكون أكثر متحفظة إتجاه حجم االستثمار في رأس المال العامل (الموجودات المتداولة باعتباره‬
‫االستثمار الذي من خالله تسعى لمواجهة اإللتزامات المستحقة على الشركة ‪ ،‬لذلك تهتم هذه السياسة بزيادة االستثمار وبمبالغ كبيرة في‬
‫فقرات رأس المال العامل كالنقدية واالستثمارات المؤقتة والذمم المدينة والمخزون السلعي سعيا لمواجهة الزيادة المتوقعة في المبيعات ‪.‬‬
‫وبالتالي كلما توقعت اإلدارة المالية امكانية النمو في المبيعات ‪ ،‬فإن قرارها دائما هو زيادة االستثمار في مكونات رأس المال العامل‬
‫لتحقيق ذلك النمو ‪ ،‬ضمانة أو تخوفا من اإلنخفاض المفاجئ في أرصدة النقدية أو المخزون السلعي لمواجهة الزيادة المتوقعة في المبيعات‬
‫‪ .‬لذلك فهي تحتفظ بهذه الزيادة في االستثمار كحدود أمان لمواجهة المبيعات ‪ ،‬ومضمون هذه السياسة يعكسها المنحى س أ‪.‬‬
‫‪ .2‬سياسةاالستثمار المعتدلة ‪Moderate Policy :‬‬

‫تعكس هذه السياسة شكل االستثمار المعتدل في مكونات رأس المال العامل المواجهة متطلبات الزيادة المتوقعة في المبيعات ‪ .‬وأساس هذه‬
‫العالقة أن النمو المتوقع في المبيعات سوف ال يحتاج إال إلى حجم معتدل من الموجودات المتداولة‪ .‬ويعبر عنها المنحى ( س ب )‪.‬‬

‫‪.3‬سياسة االستثمار المغامرة ‪Aggressive Policy :‬‬

‫إن أساس هذه السياسة هي تخفيض حجم االستثمار في رأس المال العامل استجابة للنمو المتوقع في المبيعات إذ بسبب ظروف‬
‫معينة أو أهداف معينة فإن اإلدارة المالية سوف تستلزم حجمأ قليال من الموجودات المتداولة استجابة للنمو موقع في المبيعات‪،‬‬
‫وذلك من خالل تخفيض رصيد النقدية الى حده األدنى وكذلك رصيد الذمم المدينة من خالل اتباع سياسة متشددة بخصوص‬
‫البيع األجل‪ ،‬اإلضافة الى انها ال تحتفظ بمخزون سلعي أكثر من الحدود المقررة ويعبر عن هذه السياسة بالمنحى س ج ‪.‬‬
‫إن االستثمار في الموجودات المتداولة يختلف عن االستثمار في الموجودات الثابتة في معنى النقاط ‪:‬‬
‫إن عنصر الزمن مهم جدا عند تحليل االستثمار في الموجودات الثابتة‪ .‬إال أنه غير مهم أو غير ذي اعتبار عند إجراء تحليالت‬ ‫‪.1‬‬
‫االستثمار في الموجودات المتداولة‪ ،‬فالخصم ومعدالت إعادة االستثمار والجوانب األخرى المرتبطة بمتغير الزمن ال تلعب نفس‬
‫الدور الذي تلعبه في الموازنة التقديرية الرأسمالية ‪.‬‬
‫‪ .2‬إن زيادة االستثمار في الموجودات المتداولة ‪ ،‬كالنقد واالستثمارات المؤقتة يؤدي الى تخفيض مخاطر العسرالمالي عندما تحافظ‬
‫اإلدارة على مستوى ثابت من اإلنتاج والمبيعات ولكن من جانب آخر يسبب هبوط في معدل العائد على االستثمار ( القابلية اإليرادية )‬
‫‪ .3‬رغم أن كال من الموجودات الثابتة والمتداولة تعتبر ذات ارتباط مباشر مع المبيعات المتوقعة ‪ ،‬إال أنه يالحظ ان الموجوادات‬
‫المتداولة وبسبب طبيعتها هي التي يمكن أن تضبط عالقتها مع المبيعات ألن االستثمار فيها يتمتع بقصر المدى‪ ،‬ولهذا فإن هذه الموجودات‬
‫هي األكثر تفاعال وحركة مع المبيعات ‪.‬‬
‫وبوجه عام فإن السياسة المتحفظة في االستثمار في رأس المال العامل سوف تؤدي إلى تخفيض المخاطرة بسبب تخفيضها لمخاطر العسر المالي‬
‫‪ ،‬وفي نفس الوقت تسبب هبوط في العائد على اإلستثمار ( القابلية اإليرادية ) ‪ ،‬أما السياسة الجرئية فإنها تعني العكس من ذلك تماما ‪ ،‬حيث تزداد‬
‫المخاطر وكذلك العائد المتوقع ‪ ،‬أما السياسة المعتدلة وهي السياسة المثلى من الناحية النظرية فإنها تقع بين السياستين حيث تكون المخاطر معتدلة‬
‫والعائد المتوقع معتدل أيضأ ‪.‬‬

‫اثر سياسات االستثمار في رأس المال العامل على العائد والمخاطر‬

‫لعل من المفيد اآلن إيضاح كيفية تأثير كل سياسة من السياسات الثالثة البديلة لالستثمار في راس المال العامل على كل من العائد والمخاطر وفق‬
‫المبادله والذي تعتمده اإلدارة المالية منهجا تحليليا لكل قراراتها‪.‬‬
‫ولبيان هذه الصورة في التأثير نعطي المثال الرقمي اآلتي عن شركة أعمال تتوقع مقدارا من المبيعات في السنة الحالية يصل الى ‪ 5‬مليون‬
‫دينار ‪ ،‬كما تتوقع أيضا أن تحقق نسبة من شفق نسبة من الهامش ( نسبة صافي الربح قبل الفائدة والضريبة الى المبيعات) تساوي ‪%10‬‬
‫من المبيعات ‪.‬‬

‫ولنفرض أيضا أن هذا المقدار من المبيعات يتحقق بغض النظر عن مستويات االستثمار في الموجودات المتداولة في حين يظل حجم‬
‫االستثمار في الموجودات الثابتة مستقرة بمقدار ‪ 1250000‬دينار ‪.‬‬
‫أما االستثمار في رأس المال العامل ( الموجودات المتداولة ) فإنه يتباين وفق شكل السياسة المعتمدة ‪ ،‬فمقدار االستثمار في رأس المال‬
‫العامل يبلغ (‪ )1500000‬دينار في السياسة المتحفظة و (‪ )1250000‬دينار في السياسة المعتدلة ‪ ،‬في حين يكون (‪ )1000000‬دينار‬
‫في السياسة المغامرة ‪.‬‬
‫وفق األرقام أعاله يمكن بيان أثر السياسات الثالثة على كل من العائد والمخاطر ‪ ،‬وفق التحليل الذي يمكن عرضه في الجدول رقم (‪.)1‬‬
‫بعض مؤشرات السيولة‬
‫( لقياس درجة الخطر)‬
‫‪1:1.6‬‬ ‫‪ .1‬نسبة التداول ‪1:2.0 1:2.4‬‬
‫‪375000‬‬ ‫‪ .2‬صافي رأس ‪625000 875000‬‬
‫المال العامل (دينار)‬
‫‪ .3‬دوران الموجودات ‪ 1.82‬مرة ‪ 2‬مرة ‪ 2.22‬مرة‬
‫بعض مؤشرات الربحية‬
‫( القياس العائد)‬
‫االستثمار‬ ‫‪%22.2‬‬ ‫‪20%‬‬ ‫‪ .1‬معدل العائد على ‪% 18.2‬‬
‫من تحليل نتائج المؤشرات السابقة الخاصة بالعائد والمخاطر نالحظ مدى التباين في قيم تلك المؤشرات والناتجة عن تباين االستثمار في رأس المال‬
‫العامل ‪.‬‬
‫وكما يالحظ فإن ارتفاع نسبة االستثمار في رأس المال العامل ( الوجودات المتداولة ) الى الموجودات الثابتة‪ ،‬ال بد وأن تؤدي إلى انخفاض مستوى‬
‫العائد ‪ ،‬كما يظهر ذلك من معدل العائد على االستثمار حيث بلغ (‪ )%18.2‬في السياسة المتحفظة ذات االستثمار األكبر ‪ ،‬وكلما انخفض االستثمار كلما‬
‫زاد معدل العائد على االستثمار ‪ .‬وكما يالحظ ذلك في السياسة المعتدلة والسياسة المغامرة ‪ ،‬حيث وصل فيها المعدل الى (‪ )%20‬و(‪ )% 2 .22‬ولكل‬
‫من السياستين وعلى التوالي‪.‬‬

‫إذا زيادة االستثمار في رأس المال العامل قياسا بمستوى المبيعات سوف يؤثر على العائد باالنخفاض ‪.‬‬

‫إن هذا التأثير السلبي لزيادة االستثمار في رأس المال العامل على العائد المتوقع‪ ،‬سوف يضمن تخفيضأ واضحا في درجة المخاطر التي تتعرض لها‬
‫إدارة الشركة ‪ ،‬فاختيار بعض المؤشرات المالية الخاصة بالسيولة لتحديد درجة المخاطر‪ ،‬نالحظ أن نسبة التداول اتسمت باالرتفاع في السياسة المتحفظة‬
‫في حين مالت الى االنخفاض في السياسة المغامرة ‪ ،‬وكما يالحظ فإن نسبة التداول في السياسات المتحفظة والمعتدلة والمغامرة بلغت) (‪: 2.0( )1: 2.4‬‬
‫‪ )1‬و (‪ )1 : 1.6‬وعلى التوالي ‪.‬‬

‫وتتغير الصورة أكثر فيما لو تم حساب صافي رأس المال العامل ‪ ،‬إذ نالحظ من الجدول آن مقداره بلغ (‪ )875000‬دينار في السياسة المتحفظة ليصل‬
‫الى (‪ )625000‬في السياسة المعتدلة والى(‪ )375000‬في السياسة المغامرة وهذا يشير بشكل واضح أن زيادة االستثمار في رأس المال العامل سوف‬
‫تدعم السيولة لتقل المخاطر الى أدنى حد لها مما يؤدي إلى تخفيض احتماالت العسر المالي ‪.‬‬
‫طرق تمويل رأس المال العامل وأثرها في العائد والمخاطر ‪:‬‬

‫أن تحديد حجم االستثمار في راس المال العامل يعتمد على أساس العالقة المتبادلة بين العائد والمخاطر وعالقة التفضيل بينهم ‪.‬‬
‫وال تخرج عملية تمويل رأس المال العامل عن مبدأ المبادلة بين العائد والمخاطر وعالقة التفضيل الناتجة عن اختيار مصدر‬
‫التمويل المناسب سواء كان قصير األجل أو طويل األجل ‪ ،‬مقترض أو ممتلك أو المزج بين االثنين ‪.‬‬
‫ويجب أن ال يغيب عن البال أن المصدر التمويل القصير األجل أثر واضح على كل من العائد والمخاطر ‪ .‬كما أن المصدر‬
‫التمويل الطويل األجل أثره أيضا على كل من العائد والمخاطر ‪ ،‬كما أن المزج بينهم له تأثيره أيضا على شكل العالقة المتبادلة‬
‫بين العائد والمخاطر‪.‬‬
‫تستطيع أن تسدد القرض القصير األجل عند استحقاقه بحسب احتياجاتها لألموال ‪ ،‬فإذا تناقصت حاجة الشركة لألموال يمكنها‬
‫عندئذ أن تسدد القرض القصير األجل حال استحقاقه ‪ ،‬أما إذا تناقصت الحاجة الى األموال وكانت القروض طويلة األجل فإن‬
‫على اإلدارة المالية أن تتحمل تكاليف القائدة العالية على هذه القروض في أوقات ال تحتاج فيها الى التمويل مما يزيد من تكاليف‬
‫التمويل ويخفض من العائد ‪.‬‬

‫نستنتج من ذلك أن قاعدة التفضيل بين العائد والمخاطر تنشأ من شكل مصدر التمويل أوال ومن تاريخ استحقاق هذه المصادر‬
‫ثانية ‪.‬‬
‫وعكس ذلك تماما يحدث عندما تلجأ اإلدارة المالية الى مصادر التمويل طويلة األجل ‪ ،‬حيث تنخفض درجة المخاطر المرتبطة‬
‫بالسيولة ألن تسديدها سوف يتم في فترات زمنية بعيدة نسبية ‪ ،‬كما أنها تضمن عائد اقل بسبب ارتفاع كلفة مصادر التمويل‬
‫الطويلة األجل ‪.‬‬
‫وقبل البدء في بيان كيفية تمويل رأس المال العامل وأثر ذلك في العائد والمخاطر‪ .‬ال بد أن نوضح أنواع رأس المال العامل الذي‬
‫تحتفظ به اإلدارة المواصلة عملياتها التشغيلية ألن ذلك سوف يساعد في اختيار طريقة التمويل المناسبة‬

‫إذ يقسم رأس المال العامل الى‪:‬‬


‫‪ .1‬رأس المال العامل الدائم‬
‫‪ .2‬رأس المال العامل المؤقت‬
‫ويساعد هذا التقسيم في تأكيد أن مقدار رأس المال العامل في شركة األعمال ال يمكن أن يصل مقداره الى الصفر في أي وقت من‬
‫األوقات ‪.‬‬
‫يقصد براس المال العامل الدائم ‪ ،‬الحد األدنى من الموجودات المتداولة (النقد واالستثمارات المؤقتة والحسابات المدينة‬
‫والمخزون السلعي ) الالزم وجودها داخل شركة األعمال لمواصلة عملياتها التشغيلية اليومية ‪ ،‬ولهذا فهو دائم طالما ان شركه‬
‫األعمال مستمرة في نشاطها التشغيلي وال يمكن االستغناء عنه ‪.‬‬
‫ويقسم رأس المال العامل الدائم بدوره الى قسمين هما ‪:‬‬
‫أ‪ -‬رأس المالي العامل الدائم المبدئي ‪Initial Permanent Working capital‬‬
‫ب‪ -‬رأس المال العامل الدائم العادي ‪Normal Permanent Working Capital‬‬

‫أما رأس المال العامل المؤقت ( أو المتقلب ) فهو الجزء الذي يزيد على رأس المال العامل الدائم ‪ ،‬والذي يتكون لمواجهة‬
‫توسع معين بسبب بعض الظروف الموسمية أو الطارئة ‪ ،‬ومثال ذلك أن االستثمار في المخزون السلعي سوف يزداد عن‬
‫مقداره االقتصادي الدائم عندما تتوقع اإلدارة المالية أن المواد األولية ‪ -‬مثال ‪ -‬سوف تتعرض الى الشحة في السوق أو إلى‬
‫ارتفاع أسعارها خالل الفترة القادمة مما يلزمها أن تزيد من حجم االستثمار في هذا الجزء من رأس المال العامل ‪ .‬ومن المؤكد‬
‫أن هذا االستثمار سوف ينكمش عندما تزول الظروف المسببة له ‪ ،‬ومن ثم فهو ليس بالدائم بل مؤقت وفقا للظروف ‪.‬‬
‫ويقسم هذا النوع أيضا إلى ثالث أنواع هي ‪:‬‬
‫أ‪ -‬رأس المال العامل الموسمي ‪Seasonal Working Capital‬‬
‫ب ‪ -‬رأس المال العامل الدوري ‪Cyclical Working Capital‬‬
‫ج‪ -‬رأس المال العامل للطوارئ ‪Emergency Working Capital‬‬

‫ومن المؤكد أن هذا التقسيم سوف يساعد اإلدارة المالية مساعدة كبيرة في تحديد استراتيجيتها في اختيار طريقة التمويل وأسس‬
‫التفضيل ضمن مبدأ المفاضلة بين العائد والمخاطر ‪.‬‬
‫سياسات تمويل رأس المال العامل ‪:‬‬

‫مثل سياسات االستثمار في رأس المال العامل ‪ ،‬تمارس اإلدارة المالية ثالث سياسات أيضأ في تمويل رأس المال العامل‪ ،‬هي‬
‫السياسة المعتدلة والسياسة المتحفظة والسياسة المغامرة ‪ ،‬وفيما يلي عرض مفصل لماهية هذه السياسات ‪.‬‬

‫السياسة المعتدلة ‪Moderate Policy‬‬

‫تشير نظريات العمل الخاصة بتمويل رأس المال العامل على أن أساس هذه السياسة هو مبدأ متعارف عليه في الفكر المالي يسمى‬
‫بمبدأ التغطية ‪Hedging approach‬وحدود هذا المبدأ في التمويل ‪ ،‬يعني أن كل موجود داخل الشركة يمول بمصدر تمويل يتالئم‬
‫وطول الحاجة إليه ‪ ،‬ويعني ذلك بضرورة موائمه توقيت التدفقات النقدية المتولدة من أي موجود مع توقيت استحقاق مصادر‬
‫التمويل المستخدمة في تمويله ‪.‬‬

‫وطبقا لهذه السياسة أو لهذا المبدأ ‪ ،‬فإن االستثمارات القصيرة األمد أو التغيرات الموسمية في رأس المال العامل والتي سميناها‬
‫برأس المال العامل المؤقت ينبغی تمويلها بمصادر تمويل قصيرة األمد(وهي عادة ما تكون مطلوبات متداولة ) بينما االستثمارات‬
‫في رأس المال العامل الدائم وكذلك االستثمارات في الموجودات الثابتة ينبغي تمويلها بمصادر تمويل طويلة األجل ( دائمة )‪.‬‬
‫ويظهر بوضوح في هذا الشكل أن الموجودات الثابتة ورأس المال ال۔ قد تم‬
‫تمويلها بالكامل من خالل مصادر تمويل طويلة األجل سواء كانت و أسهم‬
‫ممتازة أو حق الملكية ‪ .‬تة ورأس المال العامل الدائم م سواء كانت مقترضة‬
‫أو في حين استعمل مصدر التمويل القصيرة األجل وهي مصادر مقترضة‬
‫أساسا التمويل االحتياجات االستثمارية القصيرة األجل ممثلة براس المال‬
‫العامل الموقت فمن غير المنطق ‪ -‬من الناحية التحليلية ‪ -‬أن تمول اإلدارة‬
‫المالية هذه االستثمارات القصيرة األجل والمتقلبة أسأسأ بمصادر تمويل‬
‫طويلة األجل‪ ،‬وان تم ذلك ‪ ،‬فانه يعني أن تتحمل اإلدارة المالية تكاليف‬
‫إضافية ممثلة بمدفوعات الفوائد االضافية األموال ليس هناك حاجة لها‪ .‬األمر‬
‫الذي يترك آثار سلبية على مستوى ربحية االستثمار ( أي ربحية الشركة )‬
‫ومن الممكن إظهار ذلك إذا ما رسمنا خطا مستقيما يمثل مجموع مصادر‬
‫األموال الطويلة األمد قاطعة القفزات الموسمية المؤقتة التي تظهر في أدنى‬
‫الشكل ‪ ،‬حيث يظهر ذلك أن التمويل الطويل األمد(بكلفته المرتفعة ) سوف‬
‫يستخدم حتى في فترات الخمود الموسمي لهذه االستثمارات ‪Seasonal‬‬
‫‪Full‬عندما ال يحتاج لها ‪.‬‬

‫نخلص من ذلك أن مضمون هذه السياسة سوف تجعل من خطر التمويل الذي‬
‫يتعرض له اإلدارة المالية في حدود مقبولة ‪ ،‬كما أنه يضمن عائد مقبوال أيضا‬
‫ويحافظ على ربحية معتدلة‬
‫السياسة المتحفظة ‪:‬‬

‫تشير هذه السياسة الى أن االستثمار في الموجودات الثابتة‬


‫ورأس المال العامل الدائم وجزء من رأس المال العامل المؤقت‬
‫يتم تمويله بمصادر تمويل طويلة األمد سواء كانت مقترضة أو‬
‫ناشئة عن حق الملكية ‪ ،‬في حين يتم تمويل الجزء الباقي من‬
‫رأس المال العامل المؤقت بمصادر تمويل قصيرة األمد ‪.‬‬

‫ومن الشكل يظهر أن الموجودات الدائمة والتي تنمو عبر الزمن‬


‫سوف يتم تمويلها كلية بمصادر تمويل طويلة األمد مع‬
‫استخدامه أيضأ لتمويل جزء من الموجودات المتداولة المؤقتة ‪.‬‬

‫وعموما فإن درجة المخاطرة في هذه السياسة سوف تكون‬


‫بحدودها الدنيا إال أن عائد الشركة سوف يكون أيضأ منخفض‬
‫بسبب االرتفاع في تكاليف القروض الطويلة األجل بمعنى آخر‬
‫فإن هذه السياسة سوف تخفض العائد وتخفض المخاطر‪.‬‬
‫السياسة المغامرة ‪:‬‬

‫بموجب هذه السياسة فإن كل رأس المال العامل‬


‫المؤقت وجزء من رأس المال العامل الدائم سوف يتم‬
‫تمويله بمصادر تمويل قصيرة األجل (مطلوبات‬
‫متداولة)‪ .‬في حين يتم تمويل المتبقي من رأس المال‬
‫العامل الدائم وكل الموجودات الثابتة بمصادر تمويل‬
‫طويلة األجل ( القروض وحق الملكية ) ‪.‬‬
‫ويصور الشكل الهندسي رقم (‪ )18‬اآلتي حدود هذه‬
‫السياسة‬
‫ومن هذا الشكل تظهر السياسات الثالثة‪ ،‬اذ يعبر عن‬
‫السياسة المتحفظة بالخط (أ) والسياسة المعتدلة‬
‫بالخط (ب) ‪ ،‬أما السياسة المغامرة فيعبر عنها (ج)‬
‫كما أن التقلبات في راس المال العامل تظهر بشكل‬
‫أكثر شدة وذلك ألن الشكل يستثني الموجودات الثابتة‬
‫ويعتمد كليا على صافي رأس المال العامل‪.‬‬
‫أثر السياسات الثالثة في العائد والمخاطر‬

‫أشرنا سابقا الى اختالف ميل اإلدارة نحو تحمل المخاطر ‪ ،‬فهناك شركات دين على مقاليد األمور فيها إدارة متحفظة ‪ ،‬وأخرى‬
‫تتمتع بالجرئة وثالثة تتصف ترال ‪ ،‬ومن المؤكد أن هذه الفلسفة اإلدارية سوف تنعكس على تصرف اإلدارة المالية داخل الشركة‬
‫عند اختيارها لسياسة تمويل رأس المال العامل ‪.‬‬
‫وحتى نعزز مالحظاتنا حول اآلثار التي تتركها كل سياسية من السياسات الثالثة التمويل االستثمار في رأس المال العامل نطرح‬
‫التحليل األتي لمنشأة أعمال مفترضة تمتلك موجودات قيمتها (‪ )20‬مليون دينار موزعة بين (‪ )10‬ماليين دينار لكل من‬
‫الموجودات الثابتة والموجودات المتداولة ‪ .‬ولنفرض أن هذا المقدار من الموجودات وهذا التوزيع يبقی مستقرا وثابتا في ظل‬
‫السياسات الثالثة ‪.‬‬
‫ولنفرض أيضا أن أسعار الفائدة السائدة في السوق على القروض القصيرة األجل تبلغ ‪ %6‬والقروض الطويلة األجل تبلغ ‪%12‬‬
‫‪.‬‬
‫من خالل هذا المثال المبسط نستطيع أن نقدم التحليل اآلتي الذي يصور تأثير كل سياسة من السياسات المطروحة على درجة‬
‫المخاطر ومستوى العائد من خالل بعض المؤشرات المالية نحصرها بنسبة التداول ومقدار صافي راس المال العامل والقابلية‬
‫اإليرادية لحق الملكية ‪ ،‬أي معدل العائد على حق الملكية ‪.‬‬
‫والتحليل اآلتي يصور النتائج التالية بافتراض أن معدل العائد على االستثمار يساوي ‪20% .‬‬
‫ولبيان أثر سياسة التمويل المتحفظة والمعتدلة والمغامرة على كل من الخطر اور الشركة ‪ ،‬تم اللجوء الى بعض المؤشرات‬
‫المالية المستخدمة في تحديد درجة نظر من خالل فقدان السيولة وتلك التي تستخدم في تحديد العائد‬
‫ومن المؤشرات المستخدمة في تحديد الخطر من خالل فقدان السيولة هو مؤشر نسبة التداول ومؤشر صافي رأس المال‬
‫العامل ‪ ،‬كما استخدم معدل العائد على اإلستثمار ومعدل العائد على حق الملكية كمؤشرات مهمة في تحديد العائد ‪.‬‬
‫ومن التحليل يظهر أثر السياسات الثالثة على كل من الخطر والعائد ‪ ،‬فعلى وفق نتائج السياسية المتحفظة نالحظ أن‬
‫مؤشرات الخطر والتي تعكس فقدان السيولة كانت كبيرة‪ ،‬حيث نسبة التداول ال يمكن حسابها لعدم وجود قروض قصيرة‬
‫األجل‪ ،‬أما صافي رأس المال العامل فقد كان كبيرة‪ ،‬وتساعد نتائج هذا التحليل الى هبوط مستويات الخطر الى أدنى حد له ‪،‬‬
‫ومن جانب آخر فإن مؤشرات العائد تميزت باالنخفاض أيضأ قياسا بالسياسات األخرى ‪ ،‬مما يعني أن مضمون هذه السياسة‬
‫عند اعتمادها سوف تخفض المخاطر والعائد في نفس الوقت وعلى نقيض السياسة المتحفظة تظهر السياسة المغامرة ‪ ،‬حيث‬
‫اتسمت نتائج التحليل بارتفاع مؤشرات الخطر وارتفاع مؤشرات العائد‪ .‬مما يعكس أن مضمون هذه السياسة هي التأثير على‬
‫المخاطر بارتفاعها والتأثير على العائد باالرتفاع ‪.‬‬
‫ومن التحليل ‪ ،‬يالحظ أن السياسة المعتدلة تقع من ناحية المخاطر ومن ناحية العائد بين السياستين ‪ ،‬ونتائج التحليل صادقة‬
‫في عرض هذه التصورات ‪.‬‬

You might also like