وعلى الرغم من هذا

You might also like

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 10

‫وعلى ال رغم من ه ذا‪ ،‬ال ي زال الت دخل العس كري في إفريقي ا يب دي بعض المظ اهر المؤسس اتية‪.

‬‬
‫فللوهل ة األولى كن ا نتوق ع أن ه كلم ا ك انت ق وة المنظم ات العس كرية وتماسك ها أعظم في مواجه ة‬
‫المؤسس ات السياس ية المدني ةّ‪ ،‬ك ان احتم ال ت دخل الجيش أك بر‪ .‬ويش ير جينك نز وكبوس ووا إلى أن‬
‫"المركزية العسكرية" هي "أكثر قوة مستقلة متسقة" تنطوي في مكامنها على "النزعة التدخلية"‪ .‬بي د‬
‫أن ه ذا المفه وم ال يمكنن ا تأكي ده بالنس بة للت دخالت العس كرية في إفريقي ا خالل المراح ل االنتقالي ة‬
‫باستخدام المؤشرات التقليدية مثل عدد األفراد في القوات والنصيب المخصص لإلنفاق العسكري‬
‫من الموازنة العامة‪ .‬وإ لى ذلك‪ ،‬أظهر بحثنا مبدئياً أن ال وجود لعالقة عامة ما بين حالة التدخل‬
‫المس تجدة والتجرب ة الس ابقة للبل دان اإلفريقي ة م ع االنقالب ات العس كرية أو الحكم العس كري‪ .‬وه ذا‬
‫يرجع أساس اً إلى أنه في أغلب البلدان التي تعرضت النقالبات تكون القوات العسكرية المنضبطة‬
‫نس بياً ممس كة بمقالي د الحكم ولكنه ا تمض ي في تط بيق ترتيب ات إلع ادة الحكم الم دني‪ ،‬مم ا يقلص‬
‫الحاجة للتدخالت المباشرة‪.‬‬

‫وتجدر اإلشارة مع ذلك إلى أنه حين تمت دراسة التدخالت العسكرية المنافية للديموقراطية بشكل‬
‫منف رد‪ ،‬لوح ظ أن خمس ة من بين س تة ح االت ح دثت في بل دان له ا م ٍ‬
‫اض م ع االنقالب ات أو الحكم‬
‫العسكري‪ .‬وبالمثل‪ ،‬من بين ‪ 14‬حالة ذات صلة بإفريقيا تم فيها "عرقلة" أو "إيقاف" عملية التحول‬
‫السياس ي‪ ،‬ح دثت ‪ 12‬حال ة في بل دان حيث اض طلع الجيش ب دور هام ا في ت اريخ نظ ام البل د‪.‬‬
‫وباختص ار‪ ،‬يب دو أن اإلرث المؤسس ي للت دخل العس كري في السياس ة يه يئ ق وات األمن للت دخل‬
‫خالل المراحل االنتقالية ويجعل النتائج الالحقة للعملية االنتقالية نتائج غير موائمة الديمقراطية‪.‬‬

‫وال ب د من اإلش ارة‪ ،‬م ع ذل ك‪ ،‬أن تط ور المؤسس ات العس كرية في أفريقي ا أخ ذت أش كاال وراثي ة‬
‫جديدة متميزة‪ .‬ونادراً كانت الجيوش األفريقية تحاكي نظام اً بيروقراطي اً مثالي اً‪ ،‬بحيث تشكل قوة‬
‫تنظيمية متماسكة تقوم على التدريب المهني‪ ،‬والمشاعر القومية‪ ،‬وروح العمل الجماعي المشترك‪.‬‬
‫وب دالً من ذل ك‪،‬ك انت ه ذه المؤسس ات ممزق ة بفع ل الطائفي ة السياس ية القائم ة على الطموح ات‬
‫الشخصية للقادة المحتملين داخل سلك الضباط وعلى التضامنات العرقية في صفوف الجنود‪ .‬ولما‬
‫فإن‬
‫كانت الجيوش األفريقية "تتقاذفها التجاذبات وهي سمة من سمات المجتمع النخبة المدنية ككل"‪ّ ،‬‬
‫تدخالتها في السياسة تعكس باستمرار طموحات قادة وفصائل معينة‪ .‬وبالتأكيد لم يالحظ أن ّأي اً من‬
‫"عص ب داخ ل‬
‫الجي وش قي د الدراس ة ك انت تتص رف كق وة موح دة‪ .‬ف الجيش النيج يري منقس م إلى ُ‬
‫ُزمر" حيث تسعى أقلية من كبار الضباط إلى االستحواذ على السلطة السياسية‪ ،‬بينما يهوج ويموج‬
‫غالبية الجنود للعودة إلى الواجبات والمهام العادية‪ .‬وفي مالوي‪ ،‬أبدى صغار الضباط المتشددين‬
‫تحديهم المباشر لقائد الجيش‪ ،‬معتبرين إياه خانع اً جداً بما ال يتوافق ومكانته بوصفه الرجل القوي‬
‫للبالد‪ ،‬وذلك من خالل عصيان أوامره لمهاجمة الرواد الشباب‪ ،‬ودفعه في نهاية المطاف إلى تقديم‬
‫استقالته‪ .‬وحتى في مالي حيث بدا الجيش أكثر تماسكا‪ ،‬انقسم الضباط بشأن الرغبة في العودة إلى‬
‫انتخاب ات تعددي ة‪ .‬وك ان الجيش في زائ ير منقس ماً انقس اماً ال نظ ير ل ه‪ ،‬إذ ك ان الحرس ان الرئاس ي‬
‫والمدني الجهتين الوحيدتين التين احتفظتا بما يشبه االنضباط واستمرتا بشكل متقطع في إطاعة‬
‫أوامر األسياد الذين يدفعون رواتبهم‪ .‬وتشتت الجيش من جانبه إلى عصابات مسلحة توجه أسلحتها‬
‫إلى المواطنين من أجل ابتزازهم واستيالب أموالهم‪.‬‬

‫الجلي أن س لوك الجه ات العس كرية‪ ،‬بم ا في ذل ك الت دخل في السياس ات االنتقالي ة‪ ،‬ك ان دافع ه‬
‫ّ‬ ‫ومن‬
‫الص راعات على جمل ة من المط امع كالمناص ب والري وع ومناف ذ الكس ب غ ير المش روع‪ ،‬وك انت‬
‫الفصائل داخل الجيش التي تقاوم نقل السلطة للمدنيين عادة ما تعتقد بأن التغيير السياسي سيؤدي‬
‫إلى إفقادها امتيازاتها‪ .‬وعلى سبيل المثال‪ ،‬إبان حكم بابانجيدا في نيجيريا‪ ،‬تمادى كبار العسكريين‬
‫في الحصول على الريوع إلى مستويات غير مسبوقة بما جعل األفراد الضباط يرتعبون من فتح‬
‫"تحقيق عن مآل عدة ماليين من مداخيل البترول التي ُيعتقد أنها اختفت دون مبرر أو سند‪ ".‬وبات‬
‫حصول كبار الضباط على الثروات العظيمة‪ ،‬حيثما حدث ذلك‪ ،‬مناط اً لتأجيج "االستياء بين أولئك‬
‫الضباط الصغار الذين لم ينالوا نصيباً من السخاء وأولئك الذين [كانوا يرون] الفساد غير مقبول‬
‫في خض م المس تويات المعيش ية المتض ائلة بش كل مس تمر‪ ".‬وفي س يراليون‪ ،‬أش علت مظ الم ص غار‬
‫الض باط الس اخطين فتي ل الت دخل السياس ي‪ .‬فعن دما ط الب وف د من ه ؤالء الض باط ب دفع ال رواتب‬
‫المتأخرة وتحسين الخدمات اللوجستية في ساحات المعارك‪" ،‬تحولت احتجاجاتهم إلى انقالب بعدما‬
‫انضمت القوات التي أُرسلت لقمع‬
‫ّ‬ ‫قام "موموه" بتسريح الجنود واصماً ّإي اهم بمثيري الشغب‪ ،‬ثم‬
‫التم رد إلى ص فوف المنقل بين المس تحوذين على الس لطة‪ ".‬و خالل موج ة النهب الع ام ‪ 1993‬في‬
‫زائير‪ ،‬انضمت حتى قوات النخبة التابعة لموبوتو للتدافع على الغنائم‪" ،‬فاستحوذوا على حصتهم ثم‬
‫نفذوا إعدامات دون محاكمات بحق مئات من اللصوص الكبار والمسجلين‪ ".‬وتوضح هذه األمثلة‬
‫أن التدخالت العسكرية المنافية للديمقراطية عادة ما يكون سببها الدفاع عن المزايا المادية القائمة‬
‫من قب ل أش خاص من داخ ل نظ ام المحس وبية أو عن طري ق الس عي لمث ل ه ذه االمتي ازات من قب ل‬
‫عناصر من العسكر الذين استشعروا بأنهم مستبعدون‪.‬‬

‫وإ ذا ك ان القائ د السياس ي الح اكم ه و نفس ه ال زعيم اإلث ني للجيش ف إن احتم ال تأيي د ه ذا األخ ير‬
‫للتهديدات التي تتعرض لها االمتيازات المؤسسية احتماالً ضئيالً للغاية‪ .‬وليس من قبيل الصدفة أن‬
‫حاالت التدخل العسكري المنافية للديمقراطية تتطابق جميعها مع هذا النمط‪ .‬وكما يشير كراوفورد‬
‫يونغ‪ " ،‬فإن طبيع ة الحكم الفردي المطلق تؤدي بالحكام لبناء الجيوش وفق اً لخارطة أمان إثنية‪".‬‬
‫ففي نيجيري ا‪ ،‬م ا ب رحت النخب اإلس المية الناطق ة بلغ ة‪ ،‬المنتمية الهوس ا الف والني تهيمن من ذ أم د‬
‫بعيد على هيئة ضابط الجيش‪ ،‬على الرغم من أن الجيش ككل كان أكثر تنوع اً عرقي اً وديني اً‪ .‬فكان‬
‫تقب ل رفقائه في المؤسسة السياسية الشمالية‬
‫رفض "أباتشا" التنحي عن السلطة سببه أساساً هو عدم ّ‬
‫يتحدر من قبيلة‬
‫لفكرة التنازل عن السلطة لصالح "أبيوال" الذي‪ ،‬على الرغم من كونه مسلماً‪ ،‬كان ّ‬
‫"يوروبا" في الجنوب‪ .‬وفي رواندا ‪ ،‬أثارت الوحدات المارقة من الحرس الجمهوري المنتمية لعرق‬
‫"هابياريمان ا"‪ ،‬بمص احبة أف راد من الجيش وميليش يا الش باب ينتم ون لع رق الهوت و‪ ،‬مذبح ة بح ق‬

‫المواطنين من عرق التوتسي عندما بات واضحاً أنها ستخسر استحقاقاتها في جيش متكامل عرقي اً‬
‫يؤسس في ظل نظام ديمقراطي‪ .‬وفي التوغو‪ ،‬قام الجيش‪ -‬المرتكز على مجموعة صغيرة عرقية‬
‫تنتمي لقبيل ة "ك ابري" تابع ة "إلياديم ا""‪ ،‬ويض ّم ن واة داخلي ة قوامه ا من األقرب اء المباش رين‪-‬‬
‫باالعتراض أساس اً على إجراء مزيد من اإلصالحات السياسية بعد عقد مؤتمر وطني أفضى إلى‬
‫تعيين رئيس وزراء مستقل‪ .‬بالمثل‪ ،‬وألن قوات األمن كانت منقسمة في زائير‪ ،‬تحصن "موبوتو"‬
‫قبليين‬
‫خل ف قاع دة ض يقة داخ ل الح رس الرئاس ي حيث ك انت نواته ا األساس ية مؤلف ة من ت ابعين ّ‬
‫اس تقطبهم من مس قط رأس ه بالمنطق ة الش مالية في "مقاطع ة االكوات ور"‪ .‬وكم ا يص رح يون غ‪" ،‬ف إن‬
‫المكرس ة ع بر [ع دة] عق ود من دون التس بب في ت دخل‬
‫ّ‬ ‫تحيي د االختالالت [في التجني د العس كري]‬
‫الجيش [إنما هي] مهمة تنطوي على حساسية بالغة‪".‬‬
‫وهكذا‪ ،‬كانت العناصر العسكرية‪ ،‬التي تنبري عادة للدفاع عن االمتيازات المؤسسية‪ ،‬فاعالً حاسماً‬
‫في تح والت النظ ام‪ .‬وحيثم ا بقيت اآللي ة اإلكراهي ة س ليمة وذات والء سياس ي للح اكم‪ ،‬يبقى قم ع‬
‫ولكن الجيش إذا انقسم‪ ،‬وخاصة إذا وقف كبار الضباط‬
‫ّ‬ ‫المشاعر الداعمة للديمقراطية خياراً حقيقياً‪.‬‬
‫ف المعارض ة‪ ،‬س يجد الحك ام وقتئ ذ ص عوبة في الحف اظ على م واقعهم سياس ياً‪ .‬وباختص ار‪،‬‬
‫في ص ّ‬
‫حيثم ا اتج ه الجيش‪ ،‬اتجهت العملي ة االنتقالي ة‪ .‬وه ذه الخالص ة تس تتبع ت أثيراً كب يراً على آف اق‬
‫الديمقراطية في أفريقيا‪ .‬وقد الحظ "مايكل شيجيه" أن "مسألة كيفية إدارة الجيوش والوحدات شبه‬
‫العس كرية إب ان موج ة التحري ر األفريقي ة الحالي ة‪...‬هي في الواق ع أولوي ة أعظم مم ا تص وره في‬
‫أن المتظاهرين المدنيين نجحوا في بعض األحيان‬
‫البداية معظم دعاة الديمقراطية في القارة‪ ".‬ذلك ّ‬
‫في ف رض أجن دة التغي ير السياس ي‪ ،‬ولكن الق وات العس كرية ك انت تحتف ظ ب دور دائم وحاس م في‬
‫السياس ة اإلفريقي ة خالل ف ترات الحق ة من المرحل ة االنتقالي ة‪ .‬واعتب اراً من منتص ف التس عينيات‪،‬‬
‫ب ات الرج ال المس لحون هم من يتحكم ون في مص ير الديمقراطي ة في الق ارة جن وب الص حراء‬
‫الكبرى‪.‬‬

‫مستوى الديموقراطية‬

‫اختتام اً لتحلي ل مس ألة تح والت النظ ام‪ ،‬علين ا أن نع ود إلى التق ييم اإلحص ائي للتفس يرات المتباينة‪.‬‬
‫كي ف يمكن قي اس م دى إرس اء الديمقراطي ة ومس توى الديمقراطي ة بأفض ل م ا يمكن ؟ وق د تم قي اس‬
‫مدى إرساء الديمقراطية اعتباراً للتغيرات الحاصلة بين عامي ‪ 1988‬و‪ 1994‬في سجل الحقوق‬
‫السياس ية للبل دان األفريقي ة‪ ،‬كم ا ه و مص نف في "المس ح المق ارن للحري ة" (لمزي د من التفاص يل‬
‫والمناقش ة انظ ر الملح ق)‪ .‬وق د تم قي اس مس توى الديمقراطي ة اعتب اراً إلى س ج ّل البل د في ع ام‬
‫‪ .1994‬ويع ّرف مؤشر المس ح للحق وق السياس ية جوهر الديمقراطي ة بأن ه "ح ق جمي ع الب الغين في‬
‫التص ويت والتن افس للحص ول على الوظ ائف العام ة‪ ،‬وح ق الممثلين المنتخ بين للتص ويت الحاس م‬
‫بش أن السياس ات العام ة‪ ".‬ومن األس ئلة ال تي تض منتها قائم ة المس ح المرجعي ة للحق وق السياس ية‬
‫المؤلفة من تسع نقاط‪ ،‬ما يلي‪:‬‬
‫هل تم انتخاب السلطة الرئيسة من خالل انتخابات حرة ونزيهة ؟‬

‫هل ينتظم الناس بحرية ضمن أحزاب سياسية مختلفة؟‬

‫هل توجد إمكانية واقعية لوصول المعارضة إلى السلطة من خالل االنتخابات؟‬

‫تم تفويض السلطة السياسية للحكومات المحلية وفقاً للنهج الالمركزي ؟‬


‫هل ّ‬

‫أن غالبي ة طفيف ة من األنظم ة االس تبدادية اإلفريقي ة‪ 23 ،‬نظام اً من‬


‫ت بين بواس طة ه ذا المؤش ر‪ّ ،‬‬
‫أصل ‪ ،42‬نفذت بعض التدابير إلرساء الديمقراطية بين عامي ‪ 1988‬و ‪ ( 1994‬انظر الملحق‪،‬‬
‫الجدول ‪ .)12‬غير أن تحقيق بعض المكاسب الديمقراطي ة في حوالي نصف البل دان األفريقي ة‪ ،‬لم‬
‫ينط وي على بش ائر لتحقي ق تق ارب ق اري ح ول المع ايير السياس ية‪ .‬ق د أيديولوجي ة الديمقراطي ة‬

‫الليبرالية لم يفز حاسم اليوم ‪ .‬وفي الواقع ‪ ،‬ازداد التباين في أنواع األنظمة السياسية في أفريقيا بدالً‬
‫أن االنح راف المعي اري لنت ائج البل دان ح ول متوس ط مس توى‬
‫من التن اقص كم ا يتض ح من حقيق ة ّ‬
‫الديمقراطي ة في الع ام ‪ 1994‬ك ان أعلى مم ا ُس جل في ع ام ‪ .1988‬وخالل الس بعينيات‬
‫تقي د‬
‫والثمانينيات‪ ،‬كان القادة األفارقة يتفقون على فكرة معيارية بشأن إتباع القواعد السياسية التي ّ‬
‫أن تلك السلطات القديمة قد‬
‫الحريات المدنية وتعتمد على انتخابات الحزب الواحد‪ .‬على الرغم من ّ‬
‫تم القضاء عليها بحلول العام ‪ ، 1994‬لم يترسخ بعد أي توافق جديد لصالح الديمقراطية الليبرالية‬
‫أو أي ايديولوجية مهيمنة أخرى‪.‬‬

‫ه ل ك انت هن اك رواب ط بين التح رر السياس ي والتح ول ال ديمقراطي؟ على ال رغم من أن ه ذه‬
‫فإنها ليست متطابقة أو مندمجة بعضها في‬
‫المظاهر لتحول النظام ترتبط ارتباط اً قوي اً فيما بينها‪ّ ،‬‬
‫بعض‪ .‬وس وف يالح ظ الق ارئ في الج دول ‪ 12‬أن ع دداً أق ل من البل دان حققت مكاس ب من حيث‬
‫الحق وق السياس ية ( ‪ 23‬بل داً‪ ،‬منه ا ‪ 4‬دول حققت مكاس ب ص افية في مختل ف أنح اء أفريقي ا)‬
‫بالمقارنة مع ما تحقق فيما يخص الحريات المدنية (‪ 33‬بلداً‪ ،‬منها ‪ 24‬بلدا حققت مكاسب صافية)‪.‬‬
‫وعالوة على ذل ك‪ ،‬لم تحقق سوى ‪ 16‬من أص ل ‪ 23‬بلداً "سائراً على طريق إرس اء الديمقراطي ة"‬
‫مكاسب كافية بحلول العام ‪ 1994‬تخولها في الواقع إتمام عملية التحول الديمقراطي بشكل كامل‬
‫أن عملية التحرير السياسي في‬
‫بحلول نهاية العام ‪( 1994‬انظر الجدول ‪ .)7‬ويتضح تماماً‪ ،‬بذلك‪ّ ،‬‬
‫معظم أنحاء أفريقيا حدثت بمعزل عن عملية إرساء الديمقراطية‪.‬‬

‫أن عملي ة التحري ر السياس ي ك انت ش رطاً مس بقاً الزم اً من أج ل‬


‫ومن المث ير لالهتم ام‪ ،‬م ع ذل ك‪ّ ،‬‬
‫تحقيق الديمقراطية‪ .‬فالبلدان اإلفريقية الثالثة والعشرون‪ ،‬التي تقدمت في مجال الحقوق السياسية‪،‬‬
‫س جلت جميعه ا دون اس تثناء‪ ،‬مكاس ب في مج ال الحري ات المدني ة‪ ،‬بحيث يس تتبع ني ل الحق وق‬
‫السياسية تعزيز الحريات المدنية بشكل ثابت مع مرور الوقت‪ .‬ولكن العكس غير صحيح دائما‪.‬‬
‫فق د حق ق م ا ال يق ل عن س بعة بل دان أفريقي ة مكاس ب في مج ال الحري ات المدني ة خالل الف ترة‬
‫االنتقالي ة من دون االنته اء إلى إج راء انتخاب ات ح رة ونزيه ة‪ .‬وه ذا يؤك د أن ه على ال رغم من أن‬
‫التحرير السياسي قد يكون شرطاً مسبقاً ضرورياً‪ ،‬فإن ه ليس شرطاً كافي اً لوح ده من أج ل إرس اء‬
‫الديمقراطية‪.‬‬

‫العوامل االقتصادية‬

‫بصفة عامة‪ ،‬واآلن كما هو متوقع‪ ،‬كان التحول الديمقراطي في أفريقيا ال عالقة لها بأي جانب من‬
‫جوانب الهيكل االقتصادي‪ ،‬والتغيير‪ ،‬أو األزمة‪ .‬حتى عام ‪ ،1994‬وكانت المكاسب في الحقوق‬
‫السياسية إحصائيا أكثر احتماال في البلدان األفريقية ذات معدالت النمو االقتصادي المرتفع نسبيا‪.‬‬
‫"" ولكن عن دما تمكن موزم بيق لتحقي ق الح د األدنى من الش روط لالنتق ال ال ديمقراطي في نوفم بر‬
‫تشرين الثاني من ذلك العام‪ ،‬والعالقة اإليجابية بين النمو العام العالية و اختفى تثبيت الديمقراطية‪.‬‬
‫ولم يقتص ر موزم بيق أفق ر بل د في أفريقي ا في ع ام ‪ ،1989‬ولكن ك ان مع دل النم و االقتص ادي في‬
‫مرحل ة م ا بع د االس تقالل أق ل في عين ة لدينا (الن اتج الق ومي اإلجم الي للفرد الواح د‪$ = 1989 ،‬‬
‫‪ ،80‬مع دل نم و الن اتج الق ومي اإلجم الي‪ 8.2 = 1989-1965 ،‬في المئ ة) وعالوة على ذل ك‪،‬‬
‫وبصرف النظر عن وموزامبيق‪ ،‬وعبرت العديد من الدول الفقيرة األخرى في أفريقيا مع معدالت‬
‫نم و س لبية أيض ا للديمقراطي ة (على س بيل المث ال‪ ،‬غيني ا بيس او = ‪ 3.0 . -‬في المئ ة‪ ،‬ال نيجر = ‪-‬‬
‫‪ 2.4‬في المئة‪ ،‬ومدغشقر = ‪ 1.9-‬في المئة)‪.‬‬
‫يمكننا أن نستنتج فقط أن التفسيرات االقتصادية من التحوالت السياسية في أفريقيا غير معتمدة من‬
‫قب ل التحلي ل التجري بي المنهجي‪ .‬وب ررت ح دس األولي ‪ Widner‬ب أن "بل دان مماثل ة في الوق ف‬
‫الم وارد‪ ،‬في االعتم اد على الزراع ة التصديرية‪ ،‬والسياس ات االقتص ادية واألداء تظهر االتجاه ات‬
‫السياسية المختلفة‪ ".‬على األقل داخل نطاق ضيق المسلم من البلدان األفريقية منخفضة ومتوسطة‬
‫ال دخل المنخفض‪ ،‬ال يمكنن ا تأكي د التأكي د على أن "مس توى التنمي ة االقتص ادية ل ديها ت أثير واض ح‬
‫على الديمقراطي ة السياس ية ‪ ...‬الن اتج القومي اإلجم الي ه و المتغ ير التفس يرية الس ائدة‪ ".‬وال يمكننا‬
‫تأكي د االدع اء ب أن "العالق ة بين ال ثروة والديمقراطي ة يع ني أن االنتق ال إلى الديمقراطي ة ينبغي أن‬
‫يحدث في المقام األول في البلدان ذات المستويات المتوسطة من التطور"‪ .‬بحلول عام ‪ ،1995‬ما‬
‫يق رب من درج ة من األنظم ة السياس ية األفريقي ة‪ ،‬وكث ير منهم يق ع في البل دان الفق يرة يائس ة‪ ،‬ق د‬
‫تحولت مبدئيا في الديمقراطيات الهشة‪.‬‬

‫دعون ا نك ون واض حين‪ .‬على عكس دراس ات في التقلي د التح ديث والتحلي ل في ه ذا الفص ل ب القلق‬
‫ليس مع من يرتبط ديمقراطية مستقرة أو طويلة األمد ولكن مع الظروف التي يتم فيها بذل جهود‬
‫ناجحة لتثبيت األنظمة الديمقراطية‪ .‬النتائج التي توصلنا إليها ال تتحدى الحكمة التقليدية القائلة بأن‬
‫الديمقراطيات المستقرة يتم توحيد معظم بسهولة على المدى الطويل في االقتصادات المتقدمة ذات‬
‫ال دخل المرتف ع (انظ ر الفص ل ‪ .)7‬ولكنن ا يؤك دون أن‪ ،‬بغض النظ ر عن نظ ام االس تدامة الحق ة‪،‬‬
‫يمكن أن مح اوالت االنتق ال ال ديمقراطي تح دث في ظ ل مجموع ة من الظ روف االقتص ادية وعلى‬
‫أي مستوى من التنمية االقتصادية‪.‬‬

‫العوامل الدولية‬

‫ماذا عن التأثيرات الدولية؟ و الديمقراطية مدفوعة من الخارج ؟‬

‫للم رة األولى في تحليلن ا ‪ ،‬ومس توى االعتم اد على المعون ة ب رزت كمتغ ير تفس يري ‪ " .‬ارتف اع‬
‫مستوى البالد النسبي لل تدفقات المعونة ‪ ،‬كانت أكثر اتساعا اإلصالحات الديمقراطية فيها‪ .‬ألن‬
‫من المرجح أن تكون عرضة لل سياسية البلدان التي تعتمد على المساعدات شروط ‪ ،‬ووجه هذه‬
‫النتيج ة انتباهن ا إلى الت أثير المحتم ل من الوك االت المانح ة الدولي ة في تش جيع اإلص الحات‬
‫الديمقراطي ة نج ا ه ذا االكتش اف أيض ا الض وابط اإلحص ائية ‪ :‬لحجم البل د المتلقي ‪ ،‬مم ا يش ير إلى‬
‫تأثير مالحظ ال تقتصر على الدول الصغيرة في أفريقيا؛ و توقيت بداية التحول ‪ '' ،‬مما يدل على‬
‫أن التأثير لم يكن بسبب ببساطة إلى " تحالف ضد " من قبل الجهات المانحة مع مرور الوقت‪.‬‬

‫ولكن األدلة المتناقضة ( شوهدت للمرة االولى عندما ناقشنا تحرير ) يجب أيضا إعادة النظر ؛ إذا‬
‫ذهبت الجهات المانحة حتى اآلن ل فرض شروط سياسية واضحة ‪ ،‬ثم قام متلقي المساعدات أقل‬
‫الديمقراطي ة ' ‪ .‬ص رح بش كل مختل ف‪ ،‬من ‪ 25‬حال ة المش روطية السياس ية الرس مية في أفريقي ا ‪،‬‬
‫وانتهت ‪ 8‬فقط في التحول الديمقراطي ‪ ،‬مع ‪ 17‬حالة المتبقية التقصير ‪ 8 :‬أصبح " المحظورة‪" ،‬‬
‫‪ 7‬وك انت " معيب ة "‪ ،‬و ‪ 2‬لم يحص ل جاري ة‪ .‬باختص ار‪ ،‬ك انت التح والت يحركه ا المانح ة إش كالية‬
‫وأدت إلى نت ائج غامض ة‪ .‬وتمت مناقش ة األس باب المحتمل ة في الفص ل الس ابق ‪ -‬وهي تعه د أن‬
‫العدي د من الزعم اء األفارق ة "إص الحات اس تباقية" قب ل رس ميا الظ روف السياس ية؛ ويتص ل ب ذلك‪،‬‬
‫والجه ات المانح ة محفوظ ة أص عب الظ روف من أج ل األنظم ة "ص عبة الج وز" ال تي ربم ا ك انت‬
‫متجه ة إلى تقص ر الديمقراطي ة على أي ح ال التح والت‪ .‬أبع د من ه ذه االعتب ارات‪ ،‬يمكن أيض ا‬
‫فش لت ال دول الغربي ة المانح ة للتمي يز ك اف بين األوض اع السياس ية المحلي ة في اش تراط عالمي ا أن‬
‫جميع الحكومات اإلفريقية انتقال إلى انتخابات ديمقراطية‪ .‬وكانت بعض القادة الحاليين أو حركات‬
‫المعارضة غير مستعدة بشكل واضح التخاذ مثل هذه الخطوة‪ .‬في هذه الحاالت ورواندا وأنغوال‬
‫ت برز ‪ -‬مط الب الم انحين لإلج راءات الديمقراطي ة بش دة المبالغ ة في تق دير م دى اس تعداد أبط ال‬
‫الرئيسي لتبني هذه اإلصالحات حقيقية‪.‬‬

‫ب دال من ذل ك‪ ،‬ينبغي لن ا أن نتوق ع أن الض غوط الدولي ة س وف يك ون له ا آث ار تفاعلي ة م ع السياس ة‬


‫الداخلي ة‪ .‬أص بح ه ذا بكث ير واض حة عن دما كن ا تس يطر على العالق ة بين ت دفقات المعون ة‬
‫والديمقراطي ة لوت يرة االحتج اج السياس ي‪ :‬إن معام ل االرتب اط الج زئي بنس بة النص ف تقريب ا‪،‬‬
‫واكتسب داللة إحصائية كبيرة‪ .‬اقترح هذه النتيجة أن االعتماد على المعونة الدولية كانت األكثر‬
‫صلة التحوالت السياسية عندما حفز أو رافق الضغوط السياسية الداخلية‪ .‬وبعبارة أخرى‪ ،‬إصالح‬
‫الحكومات الضعيفة سياسيا ليس فقط بسبب اعتمادها على سخاء المانحين ولكن ألن هذا االعتماد‬
‫المتزايد وعجلت تعرضها للمقاومة الشعبية‪.‬‬

‫وبالت الي‪ ،‬على ال رغم من أن العوام ل الدولي ة لعبت دورا هام ا في تفس ير الديمقراطي ة‪ ،‬فإنه ا ظلت‬
‫الثانوية‪ .‬كان لها أكبر وزن التفسير للراحة في مكان آخر‪ .‬ويشير تحليلنا التجريبية المقارنة في‬
‫اتجاه واضح‪ :‬إن البحث عن أسباب التحول الديمقراطي في أفريقيا من المرجح أن تكون مثمرة إذا‬
‫ركزت على السياسية بدال من العوامل االقتصادية وعلى عوامل المحلية وكذلك الدولية‪ .‬في سياق‬
‫ت أثير من الخ ارج‪ ،‬ويع زى التح ول ال ديمقراطي في أفريقي ا سياس يا من ال داخل‪ .‬التح والت النظ ام‬
‫األفريقي ة تفس ير المق ام األول من حيث الص راعات السياس ية الداخلي ة بين النخب الدول ة القائم ة‬
‫والحرك ات االجتماعي ة المعارض ة في س ياق المؤسس ات الموروث ة‪ .‬عن طري ق االس تنتاج‪ ،‬ه و أن‬
‫مثل هذه االعتبارات السياسية المحلية التي نعود مرة أخرى‪.‬‬

‫السياسة الداخلية‬

‫وكانت اإلصالحات الديمقراطية في أفريقيا األكثر شموال في األنظمة السياسية مع إرث المؤسسية‬
‫المم يزة ال تي ظه رت غي اب انتخاب ات تنافس ية ووج ود األح زاب المهيمن ة ‪ .‬ه ذه النت ائج ح ول‬
‫الديمقراطية وردد و عززت النتائج في وقت سابق عن تحرير (انظر الفصل ‪ . ) 5‬وسجلت أكبر‬
‫المكاسب في الديمقراطية في البلدان ‪ -‬وهي وبنين و الرأس األخضر ومالوي و مالي وموزام بيق‬
‫وال نيجر و س او ت ومي ‪ -‬ال تي ب دأت من قاع دة منخفض ة ج دا ( س جل ‪ ) 5-4‬من الممارس ة‬
‫الديمقراطية (انظر الجدول ‪ . ) 12‬البارز في هذه المجموعة كانت األنظمة الحزب الواحد التي‬
‫ك انت في الس ابق قليل ة االنتخاب ات‪ .‬في الط رف اآلخ ر من الطي ف ك انت البل دان ال تي ش هدت في‬
‫الواقع انخفاض مستويات الديمقراطية بين عامي ‪ 1988‬و ‪ 1994‬؛ وشملت هذه المجموعة ليبيريا‬
‫‪ ،‬ونيجيري ا ‪ ،‬وروان دا ‪ ،‬وس يراليون ‪ ،‬والس ودان‪ ،‬وزائ ير‪ .‬تع ثر التح والت السياس ية عن دما نكث‬
‫الوعود يتعين على زعماء لعقد االنتخابات و تصاعد المنافسة السياسية إلى العنف الجامح‪ .‬بشكل‬
‫ملحوظ‪ ،‬و جميع هذه الدول شهدت انقالبات متكررة في الماضي ‪ ،‬عانت فترات طويلة من الحكم‬
‫العس كري ‪ ،‬و ك ان يحكمه ا الق ادة العس كريين مثبت ة في ال وقت ال ذي ب دأ ه ذا التح ول ‪ .‬في ه ذه‬
‫التحيات‪ ،‬التراث المؤسسية من النظم السابقة على شكل نتائج التحوالت‪.‬‬

‫كم ا س نرى‪ ،‬وم ع ذل ك‪ ،‬ك انت آث ار الموروث ات المؤسس ية على عملي ة التح ول ال ديمقراطي أك ثر‬
‫الت واء من المباش رة‪ .‬الس وابق المؤسس ية لعبت أنفس هم من خالل السياس ة الداخلي ة من التح والت‬
‫النظ ام عن طري ق إق راض هيك ل إلى الخي ارات واألح داث الطارئ ة‪ .‬أنش أنا في الفص ل ‪ 4‬أن بداي ة‬
‫التح ول من خالل االحتج اج السياس ي ك ان في الغ الب وظيف ة من ال تراث المؤسس ية من األنظم ة‬
‫الس ابقة‪ .‬وبالت الي‪ ،‬عن دما ك ان ت أثير االحتجاج ات السياس ية الخاص ة بهم في مراح ل الحق ة من‬
‫التحوالت‪ ،‬وفعلوا ذلك ناقالت شبيبة جزئيا عن السوابق المؤسسية التي تم تأسيسها فيها‪ .‬في هذه‬
‫الطريق ة‪ ،‬ك ان من المتوق ع الس وابق المؤسس ية في التح والت‪ ،‬وهيكل ة لهم بط رق منقوش ة ويمكن‬
‫التنبؤ بها‪.‬‬

‫من البل دان األفريقي ة ‪ 15‬ال تي ش هدت احتجاج ات واس عة النط اق السياس ي‪ ،‬ف إن النتيج ة األك ثر‬
‫ش يوعا (‪ 9‬ح االت) ك ان االنتق ال إلى الديمقراطي ة‪ .‬وعالوة على ذل ك‪ ،‬تم بق وة وبش كل ملح وظ‬
‫المتعلق ة االحتج اج السياس ي إلى ح دوث انتخاب ات تعددي ة تنافس ية في ع ام ‪ 1990‬في وقت مبك ر‪،‬‬
‫"في الواقع‪ ،‬انتخابات تنافسية وقعت تقريبا دائما أينما كان هناك احتجاج واسعة النطاق (في ‪13‬‬
‫من أصل ‪ 15‬حالة)‪ .‬في أحسن األحوال‪ ،‬االحتجاج السياسي دفعت تحول ديمقراطي كاملة‪ ،‬وفي‬
‫الح د األدنى النه ا س محت‪ ،‬من خالل انتخاب ات معيب ة‪ ،‬وت ركيب ش كل المح ررة من االس تبداد "‪.‬‬
‫وخاصة‪ ،‬ونادرا ما يحول دون انتقال النظام أو مسدودة حيث االحتجاجات الشعبية واسعة حدثت‪،‬‬
‫وهك ذا‪ ،‬ح تى ل و ك ان جزئي ا في نهاي ة المط اف الديمقراطي ة‪ ،‬والتح والت الناش ئة في االحتج اج‬
‫السياسي أدى عموما بحلول نهاية عام ‪ 1994‬إلى األنظمة التي كانت على األقل إلى حد ما أكثر‬
‫ديمقراطية من تلك التي كان قد ذهب من قبل‪.‬‬

You might also like