Professional Documents
Culture Documents
سيمياء اللون
سيمياء اللون
سيمياء اللون
مقدمة :
وتمنح الطبيع ةَ َس ْحنةَ األلف ِة ،وتهب
ُ لل ون قيم ةٌ تكس ي ِرداء الحي ِاة َه ْيب ةَ الجم ِ
ال، َ
عالم ِه الم رئي ،فه و
ياء لك َّل ماي دور في ِواإلدراك بين األش ِ
َ
ِ ان ثقاف ةَ التَّ ُّ
ميز، اإلنس َ
تتعرفُ هُ في وج و ِه المج ازات ،والكناي اتُّ ،
والرم وز ،أك َثر من ه حقيق ةً ق َّارةً تعب ٌير
ِ
اللون تجدها في ِ
الدالالت التي قد ُ في وصف األشياءُ ،رَّبما يعود ذلك؛ لكثرة وثابتةً
ات المجتمعي ِة،تكوينيةٌ ترتب طُ بالثقاف ِ
َّ الواح ِد الخ ِ
الص أو المم زوج ،فه و إذن حال ةٌ
الخاص وهيئتَ هُ الكاشفةَ عن ٍ أن ِ
والبشرية على مر العصور؛ إذ تجد َّ
َ لونهُ
شيء َ لكل
رب والس الم زن ،والفَ ْق ر وللغ نى ،والطَّه ارةِ ،
والعفَّة وللح ِ رح والح ِمعن اه ،فللف ِ
مظاهره ا ودالالتِه ا،
ِ ألوانه ا ال تي تُعبِّر عن ك ِل مظه ٍر من
وغيره ا من المع اني ُِ
َّ
وألهمية ه ذا وان ُك درتِها.
ون ،ح تى البص ُير ربم ا نالَ هُ ح ظٌ من األل ِ فالحي اةَ بالل ٍ
يبحث في ثقاف ِة
َ بقيمن ا وعاداتِن ا وثقافاتن ا؛ آث ر منت دى فيض أن
وع واتص ِال ِه ِ
الموض ِ
ورموزها وكناياتها وب ِ
عدها العالمي. ِ ِ
األلوان ،ومعانيها،
ُ
اللون"في المنظور اللغوي والفلسفي":
المتتب ع للج ذر اللغ وي لم ادة (ل و ن) يج د أن ه يش ير إلى أن "الالم وال واو والن ون
الش يء ،ك الحمرة والس واد،ون َّ َّ كلم ةٌ واح دة ،وهي َس ْحَنة َّ
الش يء :من ذل ك اللون :ل ُ
فالن :اختلفت أخالقُ ه ".ابن فارس مقاييس اللغة .وه و أيض ا ":هيئ ةٌ ويقال :تل َّون ٌ
ص َل بين ه وبين غ يره،والح ْم رة ،ولَ َّو ْنتُ ه فتَلَ َّو َن ،ولَ ْو ُن ك ِّل ش يء :م ا فَ َ
كالس َواد ُ
َّ
روب ".لس ان الع رب ابن الض ُ وان ُّ
والجم ع أَْل َوان ،وق د تَلَ َّو َن ولَ َّو َن ولَ َّون ه .واألَْل ُ
منظور
وتعرض الدكتور إياد محمد الصقر -في مقدمة كتابه فلسفة األلوان للون عادا إياه
من الموض وعات المعق دة ال تي تش كل "ج زء مهم من خبرتن ا اإلدراكي ة الطبيعي ة
للعالم المرئي واللون ال ي ؤثر في ق درتنا على التمي يز بين األش ياء فق ط ب ل ويغ ير
من مزاجنا وأحاسيسنا ويؤثر في خبراتنا الجمالية بشكل يكاد يفوق ت أثير أي ُبع د
آخر يعتمد على حاسة البصر وأي حاسة أخرى" صقر.فلسفة اللون.
والل ون ظ اهرة فس يلوجية أو نفس ية ترتب ط بطبيع ة االنس ان وارتدادات ه االنفعالي ة
بوصفه كائنا يتأثر باألشياء التي حوله ،فتجده أحيانا فرحا وغاضبا ،وخجال ،وهذه
االنفع االت النفس ية وغيره ا ،تنعكس على محي اه بنح و جلي؛ ل ذلك ت رى بعض
األنظ ار الفلس فية والس يكولوجية أن اإلنس ان على س بيل المث ال " :ف إذا م ا ض حك
اإلنسان ضحكة صفراء فربم ا ك انت الص فراء (العص ارة المراري ة) تلعب دوراً في
ه ذا الن وع من الغض ب المكب وت وإ ذا قي ل مثالً إن ه ذا الش خص يتط اير الش رار
األحم ر من عيني ه ه ذا ألن ال دم ال ذي ي زدحم في ال رأس ويت أثر ب ه النظر"
صقر.فلسفة اللون.
يميائيا َّ
يتكش ف من خالل الت دوال اللغ وي ،والنظ ام ًّ نلح ظ من ه ذا أن لل ون بع ًدا س
الس يميولوجي(اإلش اري) ال ذي يع نى بتص نيف العالم ات واإلش ارات ال تي تُس قطها
األلوان على المجسمات والصور كما سيتضح.
سيميائية اللون:
الش ك في أن ثم ة عالق ة تالزمي ة بين علم اإلش ارة ودالل ة الل ون؛ والس يما إذا م ا
س لمنا ب أن لك ل ل ون خاص ية عالمي ة ،ورمزي ة ،وكنائي ة ،خاض عةً لعلم الت داول
واالستعماالت في مختلف مجاالت الحياة؛ فاللون األبيض على سبيل المثال يرمز
في بعض دالالت ه الى الطه ارة والنق اء ،في حين تج د الل ون األس ود ق د يرم ز إلى
الح زن والم وت ،واألزرق للوف اء ،واألص فر للخبث والحس د ،واألحم ر للعن ف،
تتلبس بهذه األلوان أوغيرها ،ويجدر
واألخضر للرجاء ،وغيرها من الكنائيات التي ّ
الذكر أن ال داللة بات ةً في اللون الواحد ،بل قد تجده يخضع الى قرائن استعمالية،
أنساق َّ
ثقافية معينة ،أو قد تجده يتأثر بموروث ٌ أو عوامل بيئية أو قد تكون وراءه
اجتماعي ،أو ديني ونحو ذلك من األنساق؛ لذا يقتضي البحث الكشف عنها وبيان
أوجه التالزمية بين علم السيميولجويا وطبيعة اللون.
الش ك في أن األل وان تع د عنص را مهم ا في تحدي د مالمح العالم ة االيقوني ة؛ لنأخ ذ
على سبيل المثال تشكل رسوم الخرائط ومدى أهمية اللون في تحديد سماتها؛ إذ
إن " األل وان على الخريط ة الطبوغرافي ة تس اعد على فهم التفاص يل المرس ومة
عليه ا بك ل س هولة وتجع ل الص ورة ال تي تمثله ا أك ثر وض وحا ،فعن د مقارنتن ا
لخريط تين إح داهما مثلت عليه ا التفاص يل والظ واهر الطبوغرافي ة ب اللون األس ود
رى مثلت عليه ا ه ذه الظ واهر بل ونين أو أك ثر ،فإنن ا س نجد أن ه كلم ا
فق ط واألخ َ
زادت األل وان ،كلم ا ت وفرت إمكاني ة التمثي ل ال دقيق والس هل للمظ اهر
الطبوغرافية* " *(الطبوغرافية:علم التضاريس ومالمح سطح االرض)
لذلك تجد أن المختصين في مجال علم التضاريس يجعلون لكل لون أيقونة كاشفة
عن م دلول بي اني داخ ل الخريط ة ،ولع ل أهم األل وان المس تعملة في الخرائ ط
الطبوغرافية عادة والمتعارف عليها دوليا هي:
اللون األسود :وهو خاص بالمظاهر التي استحدثها اإلنسان من مساكن وجسور
وسكك حديدية وغيرها.
الل ون األحمر :يس تخدم لتمثي ل الط رق الرئيس ية ،والمجمع ات الس كنية كالم دن
والقرى الهامة.
الل ون األزرق :يس تخدم لتمثي ل ك ل المس طحات المائي ة مث ل البح يرات،
والمستنقعات ،واألنهار ،واألودية ،والبحار والمحيطات.
الل ون األخض ر :يس تعمل لتمثي ل الغط اء النب اتي مث ل الغاب ات واألش جار المنعزل ة
والحشائش العالية وغيرها.
اللون البني :يستخدم لتمثيل المظاهر التضاريسية بواسطة منحنيات التسوية ،كما
يمثل الصخور والفجاج ،والجروف وغيرها.
(ينظر:موسوعة ويكيبيديا) /http://ar.wikipedia.org
من هنا يتضح لنا أن اللون يسهم في رسم مالمح العالمة االيقونية ويعد أحد أبرز
سماتها ومميزاتها.
و الكناية أحد أساليب البالغة التي تصنف ضمن علم البيان .فمثال يقول الشاعر:
"وكلبك آنس بالزائرين "..يريد بذلك أن يصف ممدوحه بالجود ،ألن الكلب األنيس
يل زم أن ه ي رى الكث ير من الن اس فال يه اجمهم وال ينبح عليهم ،ورؤي ة الكث ير من
الناس تستلزم أن هناك ضيوفا.
والناظر في حقيقة األلوان يجد أن استعمالها ذو بعد كنائي في الغالب ،فقولنا فالن
أبيض الكلب :ي راد أي أن ه نقي ،ويق ال :أحم ر وج ه الفت اة ،كناي ة عن خجله ا،
واس ود قلب المبغض كناي ة عن الحق د ،ومن الكناي ات ل دى الع رب ق ولهم" :أَهل ك
ِ
َحمران :اللحم والخمر" َح ِ
مران ،يعنون الذهب والزعفران ،هلك الرجا َل األ النساء األ ْ
َ
(اللسان ،مادة :ح م ر) واألمثلة على ذلك كثيرة.
ولل ون في الق رآن قيم ة كوني ة وحض ارية واجتماعي ة وإ نس انية دعان ا الب اري ع ز
ضواألر ِ الس م ِ
وات الى":و ِم َن َآيتِ ِه َخل ُ
ْ ق َّ َ َ وج ل للتأم ل فيه ا؛ إذ يق ول س بحانه وتع
ين " ( الروم ) 22 :وكذا قوله ِِ ٍ ألسَنتِ ُكم’ وأَْل َوانِ ُكم’ِإ َّن ِفي َذِل َ
ف ِ واختِاَل ُ
آليات للعالم َ ك َ
َّ ك َ ِّ ض ُم ْختَِلفً ا أَْل َو ُان هُ ِإ َّن ِفي َذِل َ
":و َم ا َذ َرأَ لَ ُك ْم ِفي األ َْر ِ
آلي ةً لقَ ْوٍم َي ذ َّك ُر َ
ون " (النح ل: َ
)13
ورد لفظ ألوان ومشتقاته في سبع آيات فقط من القرآن الكريم ،فقد ذكر لفظ ألوان
وه و جم ع كلم ة (ل ون) في الق رآن الك ريم في مواض ع س بعة أيض اً ولكن في س ت
آي ات ،كإش ارة من الم ولى ع ز وج ل إلى األطي اف اللوني ة الس بعة المعروف ة ال تي
يتكون منها الضوء األبيض ،كما جاء ذكر لف ظ لون مف ردة م رتين في آية واحدة
من آيات القرآن الكريم .ولقد وردت تلك األلفاظ في المواضع التالية:
ون﴾ (عمران)107 : ِ ِ ِ َّ ِ ت وج ُ ِ ين ْابَي َّ ﴿وأ َّ َِّ
وههُ ْم فَفي َر ْح َمة الله ُه ْم فيهَا َخال ُد َ ضْ ُُ َما الذ َ َ
فبي اض الوج وه هن ا كناي ة عن س رائر نف وس أه ل الجن ة ممن خلص ت أعم الهم في
ال دنيا لوج ه اهلل والس يما أن اس تعمال الل ون األبيض في الم وروث اللغ وي يؤي د
ماتكني فيه اآلية الكريمة من طهارة اإلنسان األبيض ونقائه(.اللسان ،مادة ح م ر)
وق د يس تعمل الل ون األبيض كناي ة عن الم رض والح زن كم ا يفهم من س ياق قول ه
ت َع ْيَن اهُ ِم َن اْل ُح ْز ِن فَهُ َو ف َو ْابَي َّ
ض ْ وس َ
َس فَ ٰى َعلَ ٰى ُي ُ ﴿وتَ َولَّ ٰى َع ْنهُ ْم َوقَ َ
ال َي ا أ َ تع الىَ :
يم﴾ (يوسف)84: ِ
َكظ ٌ
ومن اس تعماالت الل ون في الق رآن قول ه تع الى في كناي ة الل ون األص فر في قول ه
ِ َّ
اء فَ اقعٌ ك ُيَبيِّن لَن ا َم ا لَ ْوُنهَ ا قَ ا َل ِإَّنهُ َيقُ و ُل ِإّنهَ ا َبقَ َرةٌ َ
ص ْف َر ُ تع الى (قَ الُوْا ْادعُ لََن ا َرَّب َ
لَّوُنها تَس ُّر َّ ِ
ين) ( البقرة )69 الناظ ِر َ ْ َ ُ
فهن ا ن رى بعض الب احثين يفص ل الق ول في ه ذه اآلي ة ،ق ائال " :وق د يتب ادر إلى
الذهن أن (الفاقع ) هو صفة للون ال ذي يث ير العين كم ا ه و دارج بالنس بة للف ظ "
ف اقع " وه و األم ر ال ذي أث ار في الب احث التس اؤل ح ول م ا آل إلي ه علم اء علم
النفس بأن اللون األصفر المخلوط باألبيض يعتبر مريحاً للنظ ر ومه دئاً لألعص اب
ويكس ب النفس الس رور ،ول ذلك يس تخدم في طالء غ رف المرض ى النفس يين ،أم ا
الل ون األص فر الس اطع أو ب المفهوم ال دارج " األص فر الف اقع " فه و مث ير للعين
وغ ير م ريح ،وهن ا ي أتي اللبس بين م ا نفهم ه من الق رآن الك ريم وبين م ا ه و
ص ْف َراء " أي
مثبت علمياً .... ،فقد أجمع جمهور المفسرين في قوله عز وجلَ " :
أنه ا ص فراء الل ون من الص فرة المعروف ة و" فَ ِ
اقعٌ لَّ ْو ُن َه ا " أي ص افية الل ون من
شدتها .وقد ذكر القرطبي عن ابن عب اس " فَ ِ
اقعٌ لَّ ْو ُن َه ا " أي ش ديدة الص فرة تك اد
من صفرتها تبيض لتسر الناظرين داللة على جمالها وتألقها وحيويتها "
اللون عالم فسيح من الدالالت والتصورات تدعونا للتأمل في رمزيته ،وأبعاده....
http://www.feidh.com
السيميائية:
تع د الس يميائية العلم ال ذي يهتم بدارس ة األنظم ة والعالم ات واإلشارات دراس ة
منتظمة في النظام الكوني ،إذ ظهرت بعد انحسار البنيوية وانغالقها على النص في
النص ف األول من الق رن العش رين بع د تي ا رات الحداث ة إال أن بوادره ا الحقيقي ة
قديمه قدم الكون واختلفت باختالف الثقافات واختالف التاريخ من زمن إلى آخر .
أن مصطلح السيمياء في أبسط تعريفاته هي نظام السمة أو الشبكة من العالقات
النظمي ة المتسلس لة وف ق قواع د لغوي ة متف ق عليه ا في بيئ ة معين ة .إ و�ن ك ل
المعطي ات الموص وفة في النم وذج اللس اني يمكن أن تتح ول الى ك وة نط ل من
خالله ا على االنس اق غ ير اللس انية ،ف القوانين ال تي تتحكم في أش تغال األنس اق
األخرى مبنية وفق قوانين اللسان .هكذا تصور سوسير السيميولوجيا .ووفق هذا
المنط ق ح دد موض وعها ،فه ذه المعطي ات تق دم معرف ة أولي ة س تقود الى االس تقالل
بنفس ها والبحث عن هويته ا من خ ال تب ني م ا ي وفره النم وذج اللس اني من أدوات
ومفاهيم وأساليب في التحليل والرؤية .
إن التفكير السيميائي بمعناه العام يشمل كل عملية تفسير للداللة وآلية اشتغالها،
في الشكل واالستعمال والتوظيف ،فا ريب إنها تضرب بجذورها في أقدم العصور
الرتباطه ا الش ديد بالنش اط ال ذهني البش ري عموم ا .ومن الممكن تص ور قي ام علم
ي درس مفه وم الدالل ة ب المجتمع يك ون ج زءا من علم النفس االجتم اعي وبالنتيج ة
جزءا من علم النفس العام يسمى semiologyأي «علم اإلشارة » ويبين ه ذا العلم
م ا ال ذي يك ون العالم ات وأي ة ق وانين تتحكم به ا ،وباإلمك ان تط بيق الق وانين ال تي
يكتش فها علم اإلش ارة ض من كتل ة الحق ائق االنثروبولوجي ه،اذ يخلص سوس ير إلى
الق ول ) إن د ا رس ة الطق وس والع ادات والتقالي د وغيره ا بوص فها إش ا ا رت
تساعدنا على إلقاء ضوء جديد على هذه الحقائق إ و�ظهار الحاجة إلى ضم هذه
األم ور إلى علم العالم ات وتفس يره طبق ا لقواع ده ( ، (2 ) .فالس يمياء هي علم
العالمة الكامنة وظيفتها في تامين االتصال بين األفكار في المجتمع عبر وسيله من
خ ال وج ود أداة االتص ال ) ش يء يتكلم علي ه ومرج ع ،وعالم ات ونظ ام إش ا ا
رت( (3 ) .كما هو في المخطط االتي:
نظام العالمات )اإلشارات(
إن م ا تحي ل إلي ه الس يميائية ه و وج ود م اده بين المرس ل والمرس ل إلي ه فالتخطي ط
يشير إلى
نظام اتصالي يتحقق وفق العالمة الدالة ،وان النظام الكوني بكل ما فيه من إشا ا
رت ورموز
هو نظام ذو دالله والداللة وفق المفهوم السيميائي ال توحد كائنات أحادية الجانب،
وال تق رب بين لفظين فق ط ،بس بب إن ك ل من ال دال والم دلول ط رف وعالق ة في
الوقت ذاته وان الدال هو الوسيط «المادي » من مدلول والربط بين الدال والمدلول
يمكن وص فه بص يغه تعاقدي ه ،ه ذا العق د جم اعي منق وش في زمن طوي ل يق ول
سوسير بان «اللسان .دائما .ارث ) 1) «.وهكذا يتعين على عالم اللغة ،أن يتس اءل
عن الش يء ال ذي يح اول وص فه .فاللغ ة نظ ام من العالم ات ،وال تع د األص وات أو
الصور لغة إال عندما تعبر عن األفكار.
والتص ميم كنظ ام لغ وي بص ري ج زء من العملي ة االجتماعي ة ،ال تي تعتم د نظ ام
العالمات ويلبي االحتياجات اإلنسانية ويدخل في جوهر العملية االجتماعية ويجعل
من تواترها مقاييس
في وض ع حل ول التتناس ب فق ط م ع احتياجات ه فحس ب ،إ و�نم ا تل بي تل ك الرؤية
المستقبلية
ل ذلك المجتم ع ،والمص مم كف رد في ه يس تطيع أن يستكش ف ع بر عالم ات مجتمع ة
ودالالته ا اللوني ة مايجع ل عملي ة التص ميم أح د محركات ه ال تي تعم ل على ديموم ة
التواصل .وهكذا فإن علم السيمياء هو ذلك العلم الذي يدرس حياة اإلشا ا رت في
قلب المجتم ع ،ويهتم بإنت اج اإلش ا ا رت أو العالم ات وأس تعمالها ،وتظه ر األنظم ة
الس يميائية من خ ال العالق ات بين العالم ات .وتع د جه ود الفيلس وف األم ريكي
تشارلز سندرس بيرس ،التي جعلت من السيمياء علم اً قائما بذاتة ،تبع اً لرؤيته هي
علم اإلشارة وهو يضم جميع العلوم اإلنسانية والطبيعية.
اذ يقول « ليس باستطاعتي أن أدرس أي شيء في هذا الكون كالرياضيات ،وعلم
النفس،وعلم الصوتيات ،وعلم االقتصاد ،وغيرها إال على أنه نظام سيميولوجي ) .
« )2أن نظام بيرس السيميائي )السيميولوجي( هو عبارة عن مثلث ،تشكل اإلشارة
فيه الضلع االول ،وهو الذي له صلة حقيقية بالموضوع الذي يشكل الضلع الثاني
المحدد للمعنى .وهذا الضلع الثالث أي المعنى -هو إشارة تعود على موضوعها
ال ذي أنتج ،فالعالم ة عن ده متع ددة االوج ه على خالف العالم ة )ال دليل( عن د
سوسير،النها ذات وجهين:
دال Significantوم دلول .( Signifies (3كم ا أن الفن ه و تص ميم ش كالني
يسمية ا رئد
هذا االتجاه االنكليزي كاليف بل ،الشكل الدال Significant Formلذا فقد جاء
ثورة على
الفن التقليدي التعليمي .ويقول في ذلك:
شكل رقم) «(2إن االشكال إذ تنتظم وتجتمع وفقا لقوانين معينة مجهولة وغامضة،
تح رك مش اعرنا فعال بطريق ة معين ة ،وأن مهم ة الفن ان هي أن يجمعه ا وينظمه ا
وتحرك مشاعرنا .هذه التجمعات
مرجع الشىء دال تصور أو مدلول
التعبير السيميائي للون:
من المتعارف عليه أن للون دورا هاما في لبراز خبايا نفس اإلنسان ،فله صلة
وطي دة تربط ه بالحال ة النفس ية للك اتب و المتلقي ،ف اللون لت ة رمزي ة تحم ل دااللت
عديدة ،وهو فضاء واسع له قدرة كبيرة على التأثير والتدليل ،وذلك طبعا بحضور
اللت ة »يمكن للنص وص أن تب نى على حرك ة مش هديه أن تخل ق ليقاع ا لوني ا مقارب ا
إلليقاع اللوني الذي تنتجه اللوحة حتى )) 1من دون التصريح بألفاظ األلوان« ،أي
أن النص ق د يحم ل ص ورا لوني ة عدي دة ت أتي على ش كل واض ح ب ذكر األل وان
بألفاظه ا أو دون التص ريح به ا .ع د الل ون واح دا من أهم الرم وز اإلش ارية ال تي
استعان بها اإلنسان لتوضيح أفكاره ،حتى أصبح اللون رسالة يمكن إن ترسل من
مرسل يقصدها لتجد المتلقي الذي يتبناها.للون مكانة مهمة ووجه من اوجه النشاط
االنساني بالفنون عامة وبالرسم خاصة،ويعد ايضا من العناصر االساسية لتحقيق
وبناء الفكرة في العمل الفني .
لقد استخدم اإلنسان األلوان منذ بداية نشأته وارتبطت بمنظومته الفكرية وحالته
النفسية ،وحاول التعبير عن رغباته من خالل ارتباط األلوان بعدة دالالت ومعاني
تحددها دوافع اإلنسان القديم متفاعلة مع تجربته الزمانية والمكانية لمواجهة أخطار
الحياة في محاولة للوصول إلى المشابهة مع الواقع.
ومن ه ذا المنظ ور يع رض ب ارت رؤيت ه ممثال له ا ب )باق ة ال ورد( فه و ي رى
إنها مجرد «دال » إذا كانت العاطفة هي داللتها .وهكذا يكون لدينا دال ومدلول،
وقد نتج عن اتحادهما معا في «باقة الورد » مصطلح جديد هو العالمة «التي هي
نفسها باقة الورد » .وباقة الورد بوصفها عالمة تختلف كليا عن وصفها داال ،أي
بوص فها وح دة ز ا رعي ة نباتي ة ك دال،ش انها في ذل ك ش أن ال دال اللغ وي ،مفرغ ة
تماماً من الداللة ،لكنها كعالمة ممتلئة تماماً بالداللة .وبسبب شحنها بالداللة لم يأتي
نتيجة وجودها الطبيعي الز ا رعي النباتي ،إ و�نما جاء نتيجة مزيج من القصد
البشري وطبيعة المجتمع وصيغ أع ا رفه وتقاليده وسبل االتصال ) .(3