Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 142

‫وزارة التعليــم العالـي والبحـث العلمـي‬

‫‪Ministère de l’Enseignement Supérieur et de la Recherche Scientifique‬‬

‫جامعة عبد الحميد بن باديس مستغانم‬


‫المرجع‪:‬‬ ‫كلية الحقوق و العلوم السياسية‬
‫قسم القانون العام‬

‫مذكرة نهاية الدراسة لنيل شهادة الماستر‬

‫المسؤولية اإلدارية على أساس الخطأ المرفقي‬

‫ميدان الحقوق و العلوم السياسية‬


‫التخصص‪ :‬القانون اإلداري‬ ‫الشعبة‪ :‬القانون‪.‬‬
‫تحت إشراف األستاذ‪:‬‬ ‫من إعداد الطالب‪:‬‬
‫بوسحبة جياللي‬ ‫ولد بودية ميلود‬

‫أعضاء لجنة المناقشة‬


‫رئيسا‬ ‫زواتين خالد‬ ‫األستاذ‪:‬‬
‫مشرفا مقر ار‬ ‫بو سحبة جياللي‬ ‫األستاذ(ة)‪:‬‬
‫مناقشا‬ ‫بافضل محمد بلخير‬ ‫األستاذ(ة)‬

‫السنة الجامعية‪8102/8102 :‬‬


‫نوقشت يوم‪9102/10/01:‬‬
‫بسم اهلل الرحمن الرحيم‬

‫"و اصبر و ما صبرك إال باهلل و ال تحزن‬


‫عليهم و التك في ضيق مما يمكرون"‬

‫صدق اهلل العظيم‬

‫سورة" النحل "اآلية‪721:‬‬


‫شكر و تقدير‬
‫إن إمحلد وإلشكر هلل وحده إذلي وفقنا عىل إجناز هذإ إلعمل‬
‫إملتوإضع‪ ،‬أما بعد‪:‬‬
‫نتقدم بعظمي إلشكر إىل مرشف هذإ إلبحث " بوحسبة‬
‫إجلياليل " لسن توجهيه و إرشادإته و نصاحئه ‪.‬‬
‫كام نشكر جزيل إلشكر أعضاء جلنة إملناقشة إحملرتمة إليت‬
‫قبلت حتمل عبء مرإجعة هذإ إلعمل‪.‬‬
‫و كام نشكر أيضا لك من سامه و ساعد من قريب أو من‬
‫بعيد يف إجناز هذه إملذكرة‪.‬‬
‫اإلهداء‬

‫أهدي بحثي هذا المتواضع إلى‪:‬‬


‫‪ ‬إلى الوالدين الكريمين حفظهما هللا‪.‬‬
‫‪ ‬إلى كل األصدقاء و الزمالء الطلبة الذين قاسموني مشوار الدارسة‪.‬‬
‫‪ ‬و إلى كل أساتذة كلية الحقوق و العلوم السياسية بجامعة مستغانم‬
‫قائمة ألهن المختصرات‪:‬‬

‫أوال ‪:‬باللغة العربية‬

‫ج‪.‬ر‪.‬ج‪.‬ج ‪ :‬الجريدة الرسميت للجمهىريت الجزائريت الديمقراطيت الشعبيت‪.‬‬


‫ق‪.‬إ‪.‬م‪.‬إ ‪ :‬قاوىن اإلجراءاث المدويت و اإلداريت‪.‬‬
‫ج ‪:‬الجزء‪.‬‬
‫ط ‪:‬طبعت‪.‬‬
‫ص‪:‬صفحت‪.‬‬
‫ص ص ‪:‬مه الصفحت إلى الصفحت‪.‬‬
‫دج ‪:‬ديىار جزائري‪.‬‬

‫ثاننا ‪:‬باللغة الفرنسية‪:‬‬

‫‪P: Page.‬‬
‫‪Op.cit: Ouvrage Précédenent Cité‬‬
‫مقدمة‬
‫مقدمة‬

‫مقدمة‬
‫لم تكن الدولة مسؤولة عن أعمالها الضارة ووظائفها المختلفة لفترة طویلة من الزمن‪،‬‬
‫حیث ساد مبدأ عدم مسؤولیة الدولة عن أعمالها سواء كانت مادیة أو قانونیة‪ ،‬ویعود ذلك إلى‬
‫فكرة أن الدولة شخص معنوي یتمتع بحقوق و امتیازات السیادة و اإلدارة الذاتیة المجسدة‬
‫في شخص الملك الذي ال یخطئ‪ ،‬فالدولة بذلك تسمو على إرادة األفراد وال یمكن مساءلتها‬
‫عن األضرار التي تنتج عن أعمالها كون ذلك یتناقض مع سیادتها ‪ ،‬وقد ظل هذا المبدأ ساریا‬
‫حتى قیام الثورة الفرنسیة في نهایة القرن الثامن عشر و إعالن مبدأ سیادة الدولة خاصة بعد‬
‫قضیة" بال نكو الشهیرة"‪.‬‬

‫سنة ‪ 1873‬التي نصت على مسؤولیة اإلدارة بصفة صریحة ‪ ،‬فظهر مبدأ مسؤولیة‬
‫اإلدارة بصفة عامة و مسؤولیة اإلدارة بصفة خاصة و منذ ذلك التاریخ أصبح للدولة‬
‫مسؤولیة تلتزم من خاللها بدفع تعویض لمن یصیبه ضرر نتیجة تصرفاتها الخاطئة أو غیر‬
‫مشروعة ‪.‬‬
‫كان مجلس الدولة الفرنسي مؤسس هذا التحول حیث قرر في بدایة األمر مسؤولیة‬
‫الدولة‪ ،‬ثم قرر مسؤولیة الدولة عن أعمالها المتصلة بمرفق الشرطة‪ ،‬ثم تواترت أحكامه‬
‫لتقرر مسؤولیة اإلدارة عن كافة أعمالها التي تنتج عنها أضرارها تمس بالغیر ‪ ،‬وعلیه فمن‬
‫أهم النتائج المترتبة على إقرار مسؤولیة الدولة أو اإلدارة العامة هو االنتقال من دولة حارسة‬
‫تكتفي بحمایة إقلیمها و أمنها الداخلي و الحفاظ على مبدأ العدالة بین مواطنیها‪ ،‬إلى دولة‬
‫متدخلة تتدخل في ممارسة العدید من الوظائف التي كانت حكرا على األفراد أو القطاع‬
‫الخاص‪ ،‬و بذلك أصبحت الدولة المعاصرة تتدخل في تلبیة حاجات األفراد المتزایدة و‬
‫المختلفة‪ ،‬مما أدى إلى اتساع نطاق تدخل الدولة وتطور وظائفها في الشؤون العامة و الخاصة‬
‫لألفراد خاصة التطور الذي شهدته نوعیة الخدمات التي تقدمها اإلدارة العامة لإلفراد و‬
‫بالرغم لما لهذا التطور في وظائف اإلدارة والمرافق العامة دور في تحسین الوضع‬

‫‪2‬‬
‫مقدمة‬

‫االجتماعي لألفراد إال أ ّنه قد ینعكس سلبا على المرفق ذاته أو على األفراد سواء كانوا‬
‫متعاملین أو غیر متعاملین معه‪ ،‬و یظهر ذلك في حالة ممارسة المرفق العام نشاط یتخذ‬
‫إحدى الصورتین إما تصرفات قانونیة أو أعمال مادیة تلحق ضررا بالغیر في أنفسهم‬
‫وممتلكاتهم فتترتب عن هذه األضرار مسؤولیة تختلف من حیث موضوعها وأساسها‬
‫القانوني عن مختلف المسؤولیات‪ ،‬كونها مرتبطة باإلدارة أو المرفق العام المسبب للضرر‬
‫وهي مسؤولیة مرفقیة‪.‬‬
‫فاإلدارة تعتبر مسؤولة إذا كان نشاطها المرفقي مقترن بأخطاء ارتكبتها و أحدثت‬
‫أضرار للغیر‪،‬حیث أنّه من غیر الممكن قبول تحت أي ظرف أو تبریر التعدي على حقوق‬
‫األفراد ومصالحهم حتى و لو كان من الدولة نفسها‪ ،‬ألن الدولة الحدیثة دولة قانون وهذه‬
‫األخیرة ال تتحقق إال بوجود مسؤولیة الدولة أو اإلدارة العامة عن أعمالها الضارة التي‬
‫تصیب الغیر ‪.‬‬

‫تعتبر المسؤولیة المرفقیة فكرة جوهریة و أساسیة في القانون اإلداري تحتل مرك از‬
‫مهما فیه‪ ،‬ومن خالل ذلك تبرز فكرة مسؤولیة اإلدارة على أساس الخطأ المرفقي‪ ،‬بمعنى‬
‫إلتزام اإلدارة بتصلیح و تعویض الضرر الذي لحق بالغیر من جراء أعمالها الضارة(‪، )4‬‬
‫فاإلدارة أو المرفق العام إذا لم یقدم الخدمة المطلوبة منه أو قدمها مخالفة للقواعد واألسس‬
‫القانونیة التي تسیر علیها سواء كانت هذه القواعد خارجیة وضعها المشرع لیلتزم المرفق‬
‫بها‪ ،‬أو داخلیة تسأل اإلدارة عن تعویض األضرار الناجمة عن هذه األخطاء بإعتبارها‬
‫أخطاء مرفقیة بغض النظر إذا كان مرتكب الخطأ المسبب للضرر معروفا أو مجهوال‪.‬‬

‫‪3‬‬
‫مقدمة‬

‫أن المرفق العام یساعد األفراد على تلبیة حاجاتهم الضروریة فهذا ال ینفي‬‫بالرغم من ّ‬
‫إحتمال وقوع أخطاء من جانبه‪ ،‬فالمسار التاریخي لعمل اإلدارة و مرافقها ال یخلو من‬
‫األخطاء ‪ ،‬لذا قام الفقه بحصر أهم الصور التي یمكن أن یتخذها الخطأ المرفقي كعدم أداء‬
‫المرفق الخدمات الواجب علیه أدائها‪ ،‬أو سوء قیام المرفق بها‪ ،‬أو تأخیره في أدائها فیترتب‬
‫عن ذلك ضرار دون أن یكون من الممكن تحدید الموظف الذي یكون إهماله أو خطأه سبب‬
‫هذا الضرر‪.‬‬

‫إن الحدیث عن الخطأ المرفقي یتطلب اإلشارة إلى أن الخطأ المرفقي على درجات من‬ ‫ّ‬
‫الجسامة‪ ،‬فالقضاء اإلداري میز بین األخطاء البسیطة و األخطاء الجسیمة اربطا ذلك بطبیعة‬
‫األنشطة و المرافق اإلداریة‪ ،‬فقد إعتبر الخطأ المرفقي ال یرتب المسؤولیة في كافة األحوال‬
‫إذ هناك بعض المرافق اإلداریة التي تكتسي صعوبة من حیث طبیعة نشاطها أو األعباء‬
‫الملقاة على عاتقها أو الوسائل الممنوحة لها ففي هذه الحالة ال یقرر القضاء مسؤولیتها سوى‬
‫عن األخطاء الجسیمة دون البسیطة‪.‬‬

‫وتظهر أهمیة الموضوع في معرفة النظام القانوني للخطأ المرفقي في مجال المسؤولیة‬
‫اإلداریة إضافة إلى معرفة األخطاء المرتكبة من قبل اإلدارة أثناء ممارستها ألعمالها المادیة‬
‫أن الخطأ المرفقي یلعب دورا كبیر لقیام المسؤولیة اإلداریة خاصة مع‬ ‫و القانونیة بإعتبار ّ‬
‫التطور الذي یشهده المرفق العام‪ ،‬كما تبرز أهمیة الموضوع في زیادة الوعي لدى األفراد و‬
‫نشر ثقافة التقاضي بینهم لضرورة المطالبة بالتعویض عن تصرفات اإلدارة الضارة‪ ،‬إضافة‬
‫إلى معرفة السبیل المؤدي إلى الحصول على إصالح الضرر أو التعویض عنه و معرفة‬
‫المسؤول عن تعویض المضرور من جراء األضرار التي لحقت به نتیجة أخطاء المرافق‬
‫العامة كون التعویض ضمانة قانونیة و قضائیة‪ ،‬تكفل حمایة حقوق األفراد من تصرفات‬
‫اإلدارة الخاطئة‪.‬‬

‫‪4‬‬
‫مقدمة‬

‫أن المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ‬ ‫و یعود سبب إختیارنا لهذا الموضوع كون ّ‬
‫المرفقي تعتبر من بین المواضیع التي كانت وال تزال جدیرة بالد راسة وتستحق البحث فیها‬
‫كونها متمیزة عن غیرها بالتجدد و التطور المستمر‪.‬‬
‫ومن أجل دراسة الموضوع تم اإلعتماد على كل من المنهج الوصفي و ذلك من خالل‬
‫التطرق إلى دراسة المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ المرفقي من الجانب النظري‪،‬‬
‫والمنهج التحلیلي التطبیقي حیث یتضح ذلك من خالل محاولة تحدید األخطاء المرفقیة التي‬
‫ترتب مسؤولیة اإلدارة‪ ،‬وعرض نظامها القانوني و تمییزها عن باقي األخطاء التي ترتب‬
‫مسؤولیة اإلدارة و تحلیل مختلف القواعد التي تحكم الخطأ المرفقي في مجال المسؤولیة‬
‫اإلداریة‪ ،‬إضافة إلى اإلستناد إلى مختلف القرارات القضائیة والتي تمثل أهم تطبیقات الخطأ‬
‫المرفقي في المسؤولیة اإلداریة‪.‬‬
‫وبناءا على ما سبق و قصد اإللمام بكل جوانب الموضوع نطرح اإلشكالیة التالیة ‪:‬‬

‫‪ ‬ما مدى إلتزام اإلدارة باألخطاء المرفقیة الصادرة عن ممارستها ألعمالها المادیة و‬
‫القانونیة ؟‬
‫وقصد اإلجابة على اإلشكالیة المطروحة وتحقیق األهداف المسطرة للبحث‪ ،‬قسمنا‬
‫موضوع البحث إلى فصلین ففي الفصل األول تطرقنا إلى اإلیطار المفاهیهي للخطأ المنشئ‬
‫للمسؤولیة اإلداریة ‪ ،‬أ ّما الفصل الثاني فقد خصصناه ألهم تطبیقات الخطأ المرفقي و اآلثار‬
‫المترتبة عنه‪.‬‬

‫‪5‬‬
‫الفصل األول‪:‬‬

‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤولية‬


‫اإلدارية‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إن الخطأ المرفقي هو الخطأ منسوبا إلى موظف مجهول أو يكون منسوب إلى موظف‬
‫معلوم أي ينسب الخطأ مباشرة إلى المرفق الذي قام بالفعل الضار و إحداث ضرار‪ ،‬فينشئ و‬
‫يرتب مباشرة مسؤولية اإلدارة التي تتحمل عبء التعويض عنه (‪.)1‬‬
‫و لما كان الخطأ المرفقي يحرك و يقيم مسؤولية اإلدارة‪ ،‬نجد أن كل من الفقه والقضاء‬
‫قد إجتهدوا في سبيل تحديد تعريف له‪ ،‬وتبيان صور األعمال الضارة التي يتجسد فيها الخطأ‬
‫المرفقي‪ ،‬حيث إستطاع الفقه حصرها في ثالثة صور تعكس حالة المرفق التي بموجبها‬
‫يتحدد خطئه‪ ،‬كما إستطاع الفقه وضع عدة معايير مختلفة و متنوعة لتمييزالخطأ المرفقي عن‬
‫الخطأ الشخصي نظرا لما تثيره هذه التفرقة من إشكاالت حول المعيار المعتمد من أجل هذه‬
‫التفرقة بين الخطأين (‪.)2‬‬
‫أما فيما يخص اإلدارة فهي تخضع أثناء قيامها بأعمالها القانونية المادية لمبدأ‬
‫المشروعية ‪ ،‬بمعنى تقدير كل من أعمالها القانونية و المادية لضمان عدم خروج و تعدي‬
‫اإلدارة عن هذا المبدأ‪ ،‬و في حالة حدوث ذلك‪ ،‬تترتب مسؤوليتها عن الخطأ المرتكب سواءا‬
‫كان خطأ بسيطا أو خطأ جسيما‪.‬‬
‫و بناءا على ما تقدم سنقسم الفصل األول تحت عنوان الخطأ المرفقي المنشئ للمسؤولية‬
‫اإلدارية إلى مبحثين حيث نتناول في(المبحث األول) مفهوم الخطأ المرفقي‪،‬ثم ندرس في‬
‫(المبحث الثاني) كيفية تقدير الخطأ المرفقي‪.‬‬

‫(‪-)1‬علي خطار شطناوي‪ ،‬مسؤولية اإلدارة العاة عن أعمالها الضارة‪ ،‬دار وائل للنشر و التوزيع ‪،‬األردن ‪ ،‬ص ‪190‬‬
‫(‪ -)2‬بن عدة لبنى‪ ،‬بن يسى فايزة ‪ ،‬مسؤؤلية الخطأ المرفقي ‪ ،‬مذكرة مستر‪ ، 2016 ،‬جامعة ‪،‬تبسة ‪،‬ص ‪07‬‬

‫‪6‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المبحث األول ‪:‬مفهوم الخطأ المرفقي المنشئ للمسؤولية اإلدارية‬


‫إن اإلدارة تسأل عن كل تصرفاتها الضارة نتيجة ألعمالها التي تقوم بها‪ ،‬وعليه فإن‬
‫الخطأ الذي يؤدي إلى مسؤولية اإلدارة العامة هو الخطأ المرفقي‪ ،‬الذي يقوم على أساس أن‬
‫المرفق العام ذاته هو الذي يتسبب في إحداث الضرر‪ ،‬إما ألنه لم يقدم الخدمة العامة المنوطة‬
‫به‪ ،‬أو قدم الخدمة ولكنها جاءت مخالفة للقواعد و األسس التي يسير عليها(‪. )1‬‬
‫فتصرفات االدارة على اختالفها و الي تسبب ضرر ناتج عن خطأ هو الخطأ المرفقي‬
‫سواء عدم تقديم خدمة أو خدمة مخالفة للقواعد‪.‬‬
‫وسنتعرض في هذا المبحث إلى تعريف الخطأ المرفقي (المطلب األول)‪ ،‬ثم صور الخطأ‬
‫المرفقي (المطلب الثاني)‪ ،‬ثم نتناول تمييز الخطأ المرفقي عن الخطأ الشخصي المطلب‬
‫الثالث‪.‬‬
‫المطلب األول ‪ :‬تعريف الخطأ المرفقي‬
‫إن فقهاء القانون اإلداري لم يتفقوا على تحديد تعريف للخطأ المرفقي ‪ ،‬فهم منقسمون في‬
‫تعريفه وفي تحديد العناصر التي يجب أن ينطوي عليها‪ ،‬إضافة إلى ذلك لم يتعرض كل من‬
‫القضاء اإلداري و التشريع لتعريف الخطأ المرفقي بل اعتمدوا على التعريف السلبي من‬
‫خالل تمييزه عن الخطأ الشخصي‪.‬‬
‫وعليه ال يمكن تعريف الخطأ المرفقي إال عن طريق التعريف السلبي و تمييزه عن الخطأ‬
‫الشخصي (‪.)2‬‬

‫‪7‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع األول ‪:‬التعريف الفقه‬


‫لقد عرف بعض الفقهاء الخطأ المرفقي أو الخطأ المصلحي على أنه" ‪:‬الخطأ الذي‬
‫ينسب إلى المرفق حتى ولو أرتكب من طرف أحد الموظفين‪ ،‬فيقوم الخطأ في هذه الحالة‬
‫على أساس أن المرفق ذاته هو الذي يسبب الضرر ألنه لم يؤدي الخدمة الموكلة له وفقا‬
‫للقواعد التي ينبغي عليه إتباعها‪".‬‬
‫و عرفه" فالين "على أنه ‪ " :‬الخطأ الذي ال يمكن فصله عن الواجبات الوظيفية بحيث يعد‬
‫من المخاطر العادية التي يتعرض لها الموظفون " ‪ ،‬كما عرفه" هوريو "بأنه ‪ " :‬الخطأ‬
‫الذي ال يمكن فصله عن الواجبات الوظيفية" ‪ ،‬أما " دوجي " فقد عرفه بكونه "الخطأ الذي‬
‫يرتكبه الموظف بقصد"‪.)1( .‬‬
‫ويرى األستاذ " أحمد محيو" بأنه من الصعب تعريف الخطأ المرفقي‪ ،‬حيث يقول أن‬
‫أساتذة القانون كأعضاء المحاكم متفقون حول التقرير بأنه من الصعب تعريف الخطأ‬
‫المصلحي‪ ،‬فهو مرتبط بالحالة‪ ،‬و دراسته تتطلب جرد مختلف تجاوزات اإلدارات‪،‬‬

‫‪-1‬بن عدة لبنى ‪،‬بن عيسى فايزة ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪9‬‬

‫‪8‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أما األستاذ" علي خطار شطناوي " عرف الخطأ المرفقي على أنه "‪:‬الخطأ الذي ينسب إلى‬
‫المرفق نفسه و تتولى الدولة من ميزانيتها عبء التعويض عن األضرار الناجمة عنه حتى و‬
‫لو كان مرتكب الفعل المكون للخطأ موظفا معينا"‪.‬‬
‫كما عرفه أيضا األستاذ" هشام عبد المنعم عكاشة "بأنه "‪ :‬الخطأ الذي ينسب فيها‬
‫اإلهمال أو التقصير المولد للضرر إلى المرفق ذاته حتى و لو قام به ماديا أحد الموظفين و‬
‫يترتب عليه مسؤولية اإلدارة العامة عن األضرار الناجمة و تحميلها عبء التعويض‪ ،‬و عليه‬
‫فإن الخطأ المرفقي هو كل خطأ غير شخصي منسوب إلى المرفق و يتسبب في إحداث‬
‫الضرر سواءا كان مرتكب الخطأ شخصا معينا بالذات‪ ،‬أو موظفين معينين أو عدم إمكانية‬
‫(‪)1‬‬
‫تحديد مرتكب الخطأ"‪.‬‬
‫و يقصد أيضا بالخطأ المرفقي من خالل تعريف األستاذ" عبد القادر عدو "بأنه‬
‫الخطأ الذي ينسب إلى المرفق العام ذاته و ليس إلى الموظف‪ ،‬و تتحمل اإلدارة عبء‬
‫التعويض عن الضرر ويعود اختصاص الفصل في دعوى المسؤولية المترتبة عن الخطأ‬
‫المرفقي إلى القضاء اإلداري"‪.‬‬
‫و يعتبر الخطأ المرفقي خطأ موضوعيا ينسب إلى المرفق مباشرة بغض النظر عن‬
‫مرتكبه و عن إمكانية إسناد هذا الخطأ إلى الموظف معين و من ثم تسأل اإلدارة عن هذا‬
‫الخطأ و يعود اإلختصاص بنظر دعوى المسؤولية إلى القضاء اإلداري‪.‬‬

‫‪-1‬بن عدة لبنى ‪،‬بن عيسى ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪11‬‬

‫‪9‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يقوم الخطأ المرفقي أو المصلحي على أساس أن المرفق نفسه هو الذي تسبب في إحداث‬
‫الضرر إما ألنه لم يقدم الخدمة العامة الموكلة له‪ ،‬أو قدمها مخالفة لألسس القانونية التي يسير‬
‫عليها سواءا كانت هذه القواعد خارجية أي وضعها المشرع ليلتزم بها المرفق العام‪ ،‬أو‬
‫داخلية أي سنها المرفق لنفسه أو يقتضيها السير العادي لألمور (‪.)1‬‬
‫و لكن البعض يميز بين مصطلحين الخطأ المرفقي من جهة ‪،‬و خطأ المرفق من جهة‬
‫أخرى فيعد الخطأ مرفقيا إذا أمكن نسبته إلى موظف أو عدة موظفين معينين و لكن‬
‫شخصيتهم غير محددة المعالم بصورة كافية لدرجة ال تمكن المتضرر أو اإلدارة بالتحقيق‬
‫معه أو معهم (‪. )2‬‬
‫و يعتبر الخطأ خطأ المرفق إذا لم يمكن إسناد الخطأ إلى موظف معين بذاته أي بمعنى أنه‬
‫خطأ مجهوال (‪.)3‬‬
‫و من خالل التعريفات السابقة يمكن تعريف الخطأ المرفقي بأ نه الخطأ الذي يمكن‬
‫نسبته إلى اإلدارة ذ اتها حتى ولو قام به أحد موظفيها أو عدد من الموظفين أثناء قيامهم‬
‫بواجباتهم الوظيفية ‪ ،‬عن طريق اإلهمال أو التقصير الذي ينسب إلى المرفق العام ذاته الذي‬
‫تسبب في وقوع الضرر و أدى إلى مسؤولية اإلدارة و تحميلها عبء التعويض عن األضرار‬
‫التي تسبب في وقوعها المرفق العام سواءا أمكن تحديد الموظف مرتكب الخطأ أو استحال‬
‫تحديده ‪ ،‬و هو ما يعرف باألخطاء الوظيفية المجهولة التي ينسب فيها الخطأ إلى المرفق ذاته‬
‫‪.‬‬

‫‪10‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع الثاني ‪:‬التعريف التشريعي‬


‫لم يعرف المشرع الخطأ المرفقي و إنما إعتمد على تعريفه تعريفا سلبيا ‪ ،‬حيث إعتبر‬
‫الخطأ المرفقي هو الخطأ الذي ال ينفصل عن الوظيفة خالفا للخطأ الشخصي المنفصل عن‬
‫الوظيفة ‪ ،‬كما أن المشرع قرر في نصوص خاصة األوضاع التي يعتبر فيها خطأ الموظف‬
‫مرفقيا و ذلك حين يكون الخطأ مرتكبا أثناء الوظيفة أو بمناسبتها حيث تنص المادة ‪ 144‬من‬
‫القانون رقم‪ 10/ 11‬المتعلق بالبلدية على ما يلي "‪ :‬البلدية مسؤولة مدنيا عن األخطاء التي‬
‫يرتكبها رئيس المجلس الشعبي البلدي ومنتخبو البلدية ومستخدموها أثناء دراسة مهامهم أو‬
‫بمناسبتها ‪ ،‬وتلزم البلدية برفع دعوى الرجوع أمام الجهة القضائية المختصة ضد هؤالء في‬
‫حالة ارتكابهم خطأ شخصيا‪".‬‬
‫إضافة إلى أن المشرع اكتفى بالنص على أنه يكون الخطأ اإلداري مرفقيا إذا ما أرتكب‬
‫خالل تأدية الوظيفة العامة أو بمناسبتها كما أنه لم يبين لنا على غرار غيره من المشرعين‬
‫في النظم القانونية العامة المقارنة متى يكون الخطأ داخل و خالل الوظيفة العامة أو بمناسبتها‬
‫مما يفتح المجال لجهود الفقه و القضاء اإلداري لتحديد مفهوم الخطأ المرفقي (‪.)1‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬‬
‫خصائص الخطأ المرفقي‬
‫إن الخطأ المرفقي ينسب إلى النشاط اإلداري أو نشاط المرافق العامة و ال يتحقق هذا‬
‫النشاط إال بواسطة موظفين تابعين لإلدارة أو للمرافق العامة ‪ ،‬لذا يتميز الخطأ المرفقي‬
‫بطابعين أساسيين هما (‪: )2‬‬

‫‪11‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أوال ‪:‬طابع الخطأ المجهول‪:‬‬


‫عادة ما يكون الخطأ مرتكبا ماديا من قبل أعوان عموميون معلومين ‪ ،‬أي أن مرتكب‬
‫الخطأ يكون معلوم ففي هذه الصورة نتحدث عن خطأ المرفق » ‪ « faute de service‬غير‬
‫أن عبارة الخطأ المرفقي يقصد بها حسب بعض الفقهاء أن مرتكب الخطأ مجهول(‪ ، )1‬ففي‬
‫مثل هذا النوع من الخطأ العون العمومي ال يهم كثيرا ‪ ،‬فالمسؤولية تقع على عاتق اإلدارة و‬
‫ليس على عاتق العون اإلداري رغم أنه هو من قام بالخطأ بإعتباره ممثال للمرفق(‪.)2‬‬
‫ثانيا ‪:‬طابع الخطأ المباشر‪:‬‬
‫يعد العون العمومي ممثال للمرفق و في حالة قيام هذا العون بتصرف خاطئ أثناء‬
‫ممارسته لواجباته الوظيفية فإن الخطأ ينسب مباشرة إليه ‪ ،‬و بالتالي حينما تختفي شخصية‬
‫العون خلف المرفق العام الذي ينتمي إليه فإن الخطأ المرفقي يعتبر مرتكبا من قبل اإلدارة‬
‫أي أن القاضي يعتبر الخطأ قد أرتكب من طرف الشخص العمومي الذي نسب إليه(‪.)3‬‬

‫‪12‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬صور الخطأ المرفقي‬


‫إذا كان الخطأ المرفقي يتمثل في إخالل اإلدارة بالتزاماتها ‪ ،‬فإن الحاالت التي يمكن أن‬
‫تشكل األخطاء المرفقية التي تعيق السير العادي لإلدارة متعددة ‪ ،‬فالخطأ المرفقي ال يأخذ‬
‫صورة واحدة بل تتعدد صوره لدرجة يصعب حصرها ‪ ،‬لذا قام الفقه بحصر صور الخطأ‬
‫المرفقي في ثالث صور و المتمثلة في (‪ )1‬سوء أداء المرفق للخدمة ‪ ،‬عدم تقديم المرفق‬
‫للخدمة ‪ ،‬بطء تقديم المرفق للخدمة‪.‬‬
‫الفرع األول ‪:‬سوء أداء المرفق للخدمة‬
‫قرر مجلس الدولة مسؤولية اإلدارة بالتعويض عن أضرار الناتجة عن أدائها للخدمة‬
‫المطلوبة منها على وجه سيء ‪ ،‬إذ تعد هذه الصورة من أقدم صور الخطأ المرفقي ظهورا‬
‫في قضاء مجلس الدولة الفرنسي حيث كان من المفروض قيام المرفق العام بعمل إيجابي أي‬
‫تقديم الخدمة المنوطة به ‪ ،‬لكنه أدى هذه الخدمة بشكل سيء وعليه تسأل اإلدارة عن خطئها‬
‫سواءا تمثل الخطأ في قرار إداري أو عمل مادي أي جميع األعمال االيجابية الصادرة من‬
‫اإلدارة و المنطوية على الخطأ (‪. )2‬‬
‫إن سوء قيام المرفق بالخدمة المنوطة بها قد يكون نتيجة فعل موظف أخطئ أثناء قيامه‬
‫بواجبه الوظيفي ‪ ،‬كأن يصطدم أحد رجال الشرطة أثناء مطاردته ألحد المجرمين بأحد‬
‫المارة فيصيبه بعاهة ‪ ،‬أو أن يلجأ أحد حراس مصانع الذخيرة إلى استعمال مسدس ظنا منه‬
‫بأنه فارغ من أجل تخويف صبي بغية إبعاده فتنطلق منه رصاصة وتجرح الصبي جرحا‬
‫قاتال‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إلى جانب خطأ الموظف و األشياء و الحيوانات التي تملكها اإلدارة ‪ ،‬يمكن أن يصدر‬
‫الخطأ من المرفق ذاته المتمثل في سوء تسيير المرفق ‪ ،‬كما لو أصيب بعض الموظفين بقسم‬
‫من أقسام المرفق نتيجة سوء تهوية األماكن العمومية التي يشتغلون بها عقب تدفئتها‬
‫بالفحم(‪. )1‬‬
‫لقد سبق لمجلس الدولة التصريح بأن المسؤولية في هذه الحاالت تكون نتيجة أداء‬
‫الخدمة على وجه سيء و الخطأ في إدارة الخدمة العامة لفائدة المواطنين ‪ ،‬وكرس ذلك في‬
‫الكثير من المناسبات بتطبيقات مختلفة حيث قرر بتاريخ ‪ )2( 2002 /17/15‬بخصوص‬
‫قضية مستشفى األمراض العقلية" فرنان حنفي "بواد عيسي بوالية تيزي وزو ضد أرملة‬
‫موالي كون انعدام الحراسة يشكل خطأ ارتكبه المستشفى ‪ ،‬وأنه ثمة عالقة مباشرة بين سوء‬
‫عمل المستشفى مع الوفاة(‪.)3‬‬
‫من خالل الحاالت السالفة الذكر يتضح لنا أن العمل المادي بسبب سوء أداء الخدمة هو‬
‫الخطأ الذي يرتب مسؤولية اإلدارة ‪ ،‬إال أنه ليس من الضروري أن يكون العمل ماديا ‪ ،‬فقد‬
‫يكون الخطأ تصرف قانوني غير مشروع كأن تضمن اإلدارة في أحد قراراتها اإلدارية‬
‫أمور غير صحيحة ‪ ،‬أو تزود اإلدارة أحد األفراد بمعلومات غير صحيحة فيصيبه ضرار‬
‫من جراء ذلك أو أن‬

‫‪14‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تبادر اإلدارة في تنفيذ حكم قبل أن يصبح قابال للنفاذ ‪ ،‬أو أن تقرر اإلدارة االستيالء على‬
‫بعض األموال في غير الحاالت المصرح بها قانونا ‪ ،‬أو أن تطبق القوانين واألنظمة تطبيقا‬
‫خاطئا (‪. )1‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬عدم تقديم المرفق الخدمة‪:‬‬
‫إستطاع مجلس الدولة الفرنسي أن يخطو خطوة أخرى في المجال القضائي ‪ ،‬فقد‬
‫ظهرت صورة أخرى من صور الخطأ المرفقي ‪ ،‬والمتمثلة في عدم تقديم المرفق للخدمة‬
‫المطلوبة منه ‪ ،‬أي اتخاذ إدارة المرفق موقفا سلبيا ‪ ،‬بل أنه التزام قانوني يتعين على الموظف‬
‫المختص أن يمارس صالحياته القانونية بنفسه أو أن يمارسها وفق الشروط المحددة قانونا‬
‫سواء كانت صالحياته تقديرية أو مقيدة (‪. )2‬‬
‫ويندرج ضمن هذا النوع ‪ ،‬امتناع اإلدارة عن القيام بعمل يحتم عليها القانون القيام به‬
‫و في حالة ما إذا نتج عن هذا االمتناع أضرار باألفراد ‪ ،‬كامتناع اإلدارة عن إقامة الحواجز‬
‫الالزمة لمنع فيضان أو اإلهمال في إصالح طريق عام أدى تهدمه إلى إنقالب إحدى‬
‫السيارات و إصابة ركابها‪.‬‬
‫و في هذه الحالة تقوم مسؤولية اإلدارة على أساس إتخاذها لموقف سلبي ‪ ،‬وذلك‬
‫بإمتناعها‬
‫عن القيام بأعمال و تصرفات مادية مشروعة يفرضها القانون عليها ‪ ،‬مما يؤدي إلى إلحاق‬
‫الضرر باألفراد وممتلكاتهم فتنعقد مسؤوليتها ‪ ،‬فاإلدارة أثناء إدارتها للمرافق العامة تمارس‬
‫االختصاصات المسندة إليها بموجب القانون واللوائح ‪ ،‬وفي حالة إهمالها أو‬

‫‪15‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تقصيرها في ممارستها تترتب مسؤوليتها القانونية ‪ ،‬كون هذه اإلختصاصات ليست حقا‬
‫شخصيا أو امتياز تقوم به كيفما تشاء بل هي التزامات قانونية من واجبها التقيد بها(‪. )1‬‬
‫كما أضاف مجلس الدولة الفرنسي نفس مبادئ المسؤولية المترتبة عن عدم تقديم الخدمة‬
‫إلى مرفق التعليم ‪ ،‬وذلك بمناسبة الحوادث التي تصيب التالميذ والطلبة إذا كان مصدر‬
‫األضرار الالحقة بالتالميذ إهمال اإلدارة في أداء مهامها الموكلة لها كما لو تركت مدرسة‬
‫سورا من األسالك الشائكة داخل ساحة المدرسة حيث يلعب األطفال الصغار دون اتخاذ‬
‫االحتياطات الواقية لهؤالء األطفال (‪.)2‬‬
‫وفي إيطار التوسع الذي شهده القضاء اإلداري الفرنسي لهذه الصورة من المسؤولية‬
‫فقد شمل أيضا الضرر الناجم عن إهمال اإلدارة في رقابة األشخاص الذين يجب مراقبتهم‬
‫باستمرار ‪ ،‬كما لو أهملت إدارة مستشفى األمراض العقلية مراقبة أحد المجانين فتمكن‬
‫المجنون من الهرب و إشعال الحريق (‪. )3‬‬
‫باإلضافة إلى مساءلة اإلدارة عن تعويض األضرار الناتجة عن امتناعها عن القيام‬
‫باألعمال المادية تسأل أيضا عن إحجامها عن تطبيق القوانين بإعتبار أن هذا اإلحجام‬

‫‪16‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫يشكل خطأ مرفقيا ‪ ،‬لكن يشترط في ذلك توفر شروط معينة و التي يمكن حصرها في ثالثة‬
‫شروط‪:‬‬
‫‪ ‬الشرط األول ‪:‬أن يكتسي هذا اإلمتناع طابعا آليا‪ ،‬بمعنى أن اإلدارة تمتنع عن تنفيذ‬
‫القانون أو النظام في جميع الحاالت التي يطلب منها ذلك مع الوضوح في اإلمتناع كلما تقدم‬
‫إليها األفراد بطلب ذلك‪.‬‬
‫‪ ‬الشرط الثاني ‪:‬أن يحتوي مسلك اإلدارة باإلمتناع عن طريق القانون أو النظام على‬
‫مخالفة القانون وأن تكون صالحية اإلدارة في تطبيق النص القانوني صالحية مقيدة وليست‬
‫تقديرية‪.‬‬
‫‪ ‬الشرط الثالث ‪:‬يجب أن يكون الضرر خاصا بمعنى ذلك إمتناع اإلدارة عن تطبيق‬
‫القوانين على فرد أو مجموعة معينة من األفراد دون غيرهم أو إمتناع تطبيقها على حالة‬
‫واحدة دون غيرها من الحاالت(‪. )1‬‬
‫الفرع الثالث‪ :‬بطء تقديم الخدمة‬
‫بالرغم من أن مجلس الدولة الفرنسي أعطى لإلدارة السلطة التقديرية في إختيار وقت و‬
‫وسيلة التدخل أو اإلمتناع عن ذلك‪ ،‬إال أن الجانب التقديري في قضاء التعويض أخضعه‬
‫لرقابته إذا كانت المصلحة العامة تقتضي ذلك‪ ،‬فحكم على اإلدارة إذا تدخلت في وقت غير‬
‫مناسب أو بعد فوات األوان أو إستعملت وسائل عنيفة للتدخل‪ ،‬كما حكم على اإلدارة إذا‬
‫(‪)2‬‬
‫تماطلت في أداء أعمالها أكثر من الوقت المعقول الذي تمليه طبيعة األعمال الواجب أداءها‬
‫‪،‬خطى القضاء اإلداري الفرنسي خطوة أخرى في تضييق نطاق الصالحية التقديرية المقررة‬
‫لإلدارة‪ ،‬فقد قرر مسؤوليتها عن األضرار التي تترتب على تأخرها في تقديم الخدمة‬

‫‪17‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫و العمل المنوط به‪ ،‬و عليه فالمقصود بهذه الصورة من الخطأ المرفقى هو أن اإلدارة تكون‬
‫غير ملزمة و غير مقيدة بمدة معينة و مع ذلك تتأخر أكثر من الالزم وبغير مبرر في تقديم‬
‫الخدمة إلى األفراد(‪ ، )1‬كما لو وافقت اإلدارة أن يكون شابا لم يبلغ السن القانوني متطوعا‬
‫ر غم مطالبة والده باإلعفاء عنه‪ ،‬فترتب عن هذا التأخير مشاركة الشاب في معركة و‬
‫تعرضه للقتل فيها (‪ ،)2‬وهناك بعض الحاالت التي إعتبرها مجلس الدولة الفرنسي قد تشكل‬
‫خطأ مرفقيا تسأل اإلدارة عنه ومن بينها نذكر ‪ :‬التأخير غير العادي في الرد على طلبات‬
‫األفراد‪ ،‬التأخير في تنفيذ الحكم القضائي‪ ،‬التأخير في البحث عن تظلمات لإلدارة ‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪ :‬تمييز الخطأ المرفقي عن الخطأ الشخصي‬
‫يعد الخطأ الركن األساسي لقيام المسؤولية اإلدارية ‪ ،‬إال أن هذا الخطأ قد يكون خطأ‬
‫مرفقيا أي الخطأ الذي يرتب كأصل عام مسؤولية اإلدارة التي تتحمل عبء التعويض عن‬
‫األضرار التي لحقت بالغير من جراء تصرفاتها سواء كانت تصرفات مادية أو قانونية‪ ،‬أو قد‬
‫يكون خطأ شخصيا ال يعقد إال مسؤولية الموظف الذي يلتزم بالتعويض عن خطئه من ماله‬
‫الخاص‪ ،‬وقيام المسؤولية اإلدارية يقتضي بالضرورة التمييز بين الخطأ المرفقي والخطأ‬
‫الشخصي(‪.)3‬‬
‫حيث ظهرت فكرة التفرقة بينهما في فرنسا بعد إقرار مبدأ مسؤولية اإلدارة عن أعمالها‬
‫التنفيذية و أستعملت ألول مرة في قرار ‪ ""Pelletier‬الصادر عن محكمة تنازع‬

‫‪18‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫بتاريخ ‪ 30‬جويلية ‪ 1873‬وتتلخص وقائع القضية في أن السلطات العسكرية صادرت أول‬


‫عدد من صحيفة يصدرها السيد "‪ "Pelletier‬بموجب األحكام العرقية فرفع دعواه إلى‬
‫محكمة المدينة ضد القائد العسكري ومدير مقاطعة ‪ l’oise‬طالبا إلغاء الحجز واإلفراج عن‬
‫النسخ المصادرة و الحصول عن التعويض فأصدر المدير قرار التنازع وقضت محكمة‬
‫التنازع بأن العمل المنسوب إلى المدعي عليهم عمل إداري و أعتبر خطأ مرفقيا مرتبط‬
‫بالمرفق العام يجب إخضاعه للقضاء اإلداري (‪ ،)1‬وتواترت فكرة التفرقة في عدة قرارات‬
‫أخرى من بينها القرار الصادر عن مجلس الدولة في قضية"‪ )2( "Anguet‬في ‪ 30‬فيفري‬
‫‪ 1918‬و كذلك القرار المتعلق بقضية "‪)3( "lemomier‬في ‪ 26‬جويلية ‪. )4( 1918‬‬

‫وبهذا الخصوص سوف ندرس أهم أسس فكرة هذا التمييز و مختلف المعايير للتفرقة بين‬
‫هذين الخطأين‪.‬‬

‫‪19‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع األول‪:‬أسس فكرة التفرقة بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي‬


‫تترتب عن فكرة التفرقة بين الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي عدة أسس ومبررات‬
‫في نطاق المسؤولية اإلدارية المتمثلة في مجموعة من المزايا التي تجسدها هذه التفرقة بحيث‬
‫تحقق هذه التفرقة المصلحة العامة والمصلحة الخاصة بطريقة متوازنة ومنظمة‪ ،‬و من أبرز‬
‫مزايا التفرقة بين الخطأين المرفقي والشخصي ما يلي ‪:‬‬
‫‪ ‬تشكل هذه التفرقة معيار لتحديد االختصاص القضائي حيث تختص جهات القضاء‬
‫اإلداري بالنظر والفصل في دعوى التعويض والمسؤولية اإلدارية المترتبة على‬
‫الخطأ المصلحي‪ ،‬في حين تختص جهات القضاء العادي بالنظر و الفصل في دعوى‬
‫المسؤولية الناتجة على أساس الخطأ الشخصي‪.‬‬
‫‪ ‬يهدف التمييز بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي إلى تحقيق فكرة العدالة من خالل‬
‫مسؤولية اإلدارة و تحميلها عبء التعويض عن األعمال التي يؤديها موظفوها والتي‬
‫تلحق ضرار بالغير بإعتبارها أخطاء مرفقية‪ ،‬و كذلك قيام مسؤولية الموظف العام‬
‫الشخصية بإرتكابه خطأ شخصيا (‪. )1‬‬
‫‪ ‬تعد هذه التفرقة بمثابة وسيلة ردعية ورقابية بالنسبة للموظفين الذين يحاولون‬
‫التهرب من مسؤوليتهم عن األخطاء المرتكبة من قبلهم خالل ممارسة مهامهم‬
‫الوظيفية‪.‬‬
‫فمعظم التشريعات الحديثة تقر بمبدأ مسؤولية الموظف إلى جانب مسؤولية اإلدارة و‬
‫ذلك من خالل التفرقة بين الخطأين وعليه تنص المادة ‪ 31‬القانون األساسي للوظيفة العمومية‬
‫الجزائرية "إذا تعرض الموظف لمتابعة قضائية من الغير بسبب خطأ في الخدمة يجب على‬
‫المؤسسة أو اإلدارة العمومية التي ينتمي إليها أن تحميه من العقوبات المدنية‬

‫‪20‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫التي تسلط عليه ما لم ينسب إلى هذا الموظف خطأ شخصي يعتبر منفصال عن المهام الموكلة‬
‫له "(‪.)1‬‬
‫‪ ‬وأهم ميزة لهذه التفرقة ضمان السير الحسن للوظيفة العامة (‪. )2‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬معايير التمييز بين الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي‬
‫تعددت إجتهادات ومحاوالت كل من الفقه‪ ،‬و القضاء اإلداري‪ ،‬و التشريع في وضع‬
‫معيار را جح و دقيق من أجل التفرقة بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي‪ ،‬وترتيب النتائج‬
‫و اآلثار القانونية لهذه التفرقة‪ ،‬ومن أهم هذه المعايير و النظريات نجد (‪: )3‬‬
‫أوال‪ :‬المعايير الفقهية ‪:‬‬
‫‪ .1‬معيار الدافع الشخصي ‪:‬‬
‫إعتمد الفقيه الفريير "‪ "laferriere‬على معيار الدوافع الشخصية للتفرقة بين الخطأ‬
‫المرفقي و الخطأ الشخصي و الذي يقوم على أساس العوامل الذاتية و النزوات الشخصية‬
‫للموظف‪ ،‬فإذا كان الفعل الضار الذي قام به الموظف و الذي ألحق الضرر بالغير بعيدا عن‬
‫أهوائه وعواطفه و ضعفه بل صدر منه بإعتباره ممثال للسلطة اإلدارية ففي هذه الحالة يعد‬
‫الخطأ مرفقيا و ليس شخصيا ‪ ،‬أما إذا كان الموظف قد أتى بالفعل الضار عمدا بدافع عواطفه‬
‫وضعف أحاسيسه و إرا دته السيئة و إندفاعه لتحقيق مصالحه الخاصة و الذاتية على حساب‬
‫المصلحة العامة يعتبر الخطأ شخصيا (‪.)4‬‬

‫‪21‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ومن أحكام مجلس الدولة الفرنسي التي إعتمدت هذا المعيار حكمه الصادر في قضية‬
‫‪ la Glaoec‬الذي قضى بأن حجز عامل التلغراف البرقيات و الخطابات الواردة ألحد‬
‫المقاولين لإلضرار به و بغرض تحقيق مصالح مقاول آخر‪ ،‬يعتبر خطأ شخصي تقوم‬
‫مسؤولية الموظف عنه (‪. )1‬‬
‫‪ .2‬معيار الغاية ‪:‬‬
‫إن أساس هذا المعيار الذي جاء به الفقيه" ‪"Duguit‬هو الهدف الذي يرمي الموظف‬
‫لتحقيقه من وراء تصرفاته الخاطئة‪ ،‬فإذا كان التصرف الذي قام به الموظف بعيدا عن تحقيق‬
‫األهداف ‪ ،‬أما إذا كان الموظف أثناء تصرفه الذي قام به بحسن نية من أجل تحقيق الصالح‬
‫العام فالخطأ يعد مرفقيا و ال يسأل عنه بل ينسب إلى اإلدارة لتعويض عنه(‪.)1‬‬
‫إن األخذ بهذا المعيار يجعلنا نبحث عن النوايا و الدوافع الشخصية و التي يصعب‬
‫إكتشافها‪ ،‬ما إذا كانت نوايا حسنة أو سيئة‪ ،‬األمر الذي يؤدي إلى تضيق نطاق الخطأ‬
‫الشخصي(‪. )3‬‬
‫‪ .3‬معيار الخطأ المنفصل عن الوظيفة ‪:‬‬
‫على خالف المعايير األخرى التي تعتمد للتفرقة بين الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي‬
‫على األهواء والنزوات الشخصية‪ ،‬فقد بحث الفقيه" ‪ " Hauriou‬عن معيار‬

‫‪22‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫التفرقة بين الخطأين بعيدا عن العوامل الذاتية‪ ،‬فقد كان في البداية يرى أن معيار التفرقة‬
‫بينهما يكمن في درجة الخطورة وجسامة الخطأ و التي تقتضي بالضرورة التفرقة بين الخطأ‬
‫الخفيف ‪ légère faut la‬و الذي يعد خطأ إداريا ال يغير من طبيعة التصرف و الخطأ‬
‫الجسيم أو الثقيل ‪ lourdela faute‬الذي يغير في طبيعة النشاط اإلداري ‪.‬‬
‫غير أن الفقيه "هوريو" قد عدل عن موقفه بعد حكم مجلس الدولة في قضية‬
‫‪ ، zimmermanm‬فالفقيه "هوريو" وضع معيار جديد للتمييز بين الخطأين وهو معيار‬
‫الخطأ القابل لالنفصال عن الوظيفة و الذي يعد خطأ شخصيا و الخطأ الغير قابل لإلنفصال‬
‫عنها وفي هذه الحالة يعتبر مرفقيا‪.‬‬
‫ومن عيوب هذا المعيار أنه يوسع من دائرة األخطاء الشخصية و يعتبر الخطأ ال يعين‬
‫شخصيا حتى ولو كان بسيطا كونه قابال لالنفصال عن الواجبات الوظيفية كما أنه حاالت‬
‫الخطأ الجسيم والذي يمكن أن يكون متصال بواجبات الوظيفة ‪.‬‬
‫‪ .4‬معيار جسامة الخطأ ‪:‬‬
‫يفرق الفقيه" ‪ "jezze‬بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي على أساس أن الموظف‬
‫يرتكب خطأ شخصيا إذا كان خطأ جسيما يتجاوز نطاق األخطاء المادية‪ ،‬و يعتبر مرفقيا إذا‬
‫كان من األخطاء المادية أو المخاطر العادية التي قد يتعرض لها الموظف العام عند مباشرة‬
‫واجبات الوظيفة ‪ ،‬بحيث يرى الفقيه" ‪ "jazze‬أن جسامة الخطأ هو معيار التميز بين‬
‫الخطأين الشخصي و المرفقي فالموظف الذي يرتكب خطأ في تقدير الوقائع أو القانون أو إذا‬
‫إنطوى الخطأ المرتكب على جريمة جنائية يسأل عن الخطأ بإعتباره خطأ شخصيا‪،‬‬

‫‪23‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ومثال ذلك أن يتجاوز موظف حدود صالحيته القانونية ويصدر قرار بهدم منزل بال سند‬
‫قانوني أو خارج إختصاصه أو أن يرتكب فعال ينطوي على جريمة جزائية‪.‬‬
‫ويؤخذ على هذا المعيار انه يجعل من الخطأ الجسيم مصدرا للخطأ الشخصي حتى‬
‫ويؤخذ على هذا المعيار ولو إرتكبه الموظف بحسن نية أو كان متصال بالوظيفة مما يؤدي‬
‫إلى التعارض مع إتجاه القضاء الفرنسي الذي يعتبر الخطأ مرفقيا إذا لم يكن بإمكان فصله‬
‫عن الوظيفة التي يشغلها الموظف بغض النظر عن درجة الجسامة (‪. )1‬‬
‫‪ .5‬معيار طبيعة االلتزام الذي أخل به ‪:‬‬
‫قام الفقيه ‪ ""Rays Douce‬بإنتقاد جميع المعايير السابقة التي حاول من خاللها الفقه‬
‫وضع معيار را جح للتفرقة بين الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي‪ ،‬حيث إعتبرها محاوالت‬
‫ذات نطاق ضيق و بعيدة عن األهداف إذا صلحت في بعض األحيان لكنها ال تصلح في‬
‫جميعها‪ ،‬و عليه جاء هذا الفقيه بمعيار أخر من أجل هذه التفرقة و ذلك بالنظر إلى طبيعة‬
‫اإللتزامات التي تقع على عاتق اإلدارة والتي أخل بها حيث تنقسم إلى نوعين التزامات عامة‬
‫يقع عبء إثباتها على الجميع و التي يفرضها القانون و يعد اإلخالل بها خطأ شخصي ‪ ،‬أما‬
‫النوع الثاني فهي اإللتزامات التي ترتبط بالعمل الوظيفي فإن اإلخالل بها يعد خطأ مرفقيا‬
‫(‪.)2‬‬

‫‪24‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫إن هذا المعيار ال يمكن األخذ به بإعتباره لم يوضح متى يكون اإللتزام عاما و متى يكون‬
‫وظيفيا‪ ،‬كما توجد العديد من األحكام القضائية التي إعتبرت اإلخالل باإللتزامات الوظيفية‬
‫خطأ شخصيا رغم أن طبيعة اإللتزام الذي أخل به مرتبط بالعمل الوظيفي (‪. )3‬‬
‫و من خالل توضيحنا لمختلف المعايير الفقهية و التي تتضمن عدة أسس للتفرقة بين‬
‫الخطأين إال أنه ال يوجد معيار محدد يمكن اإلعتماد عليه للتفرقة بينهما كون هذه المعايير‬
‫تشوبها نقائص و عيوب كثيرة وعليه قد ترك معيار الفصل بين الخطأ المرفقي و‬
‫الخطأ الشخصي للتطورات المتغيرة التي يخضع لها المجتمع مع مراعاة التوازن بين‬
‫المصلحة العامة و المصلحة الخاصة (‪. )1‬‬
‫ثانيا ‪:‬المعايير القضائية‬
‫لم يحدد القضاء اإلداري أي معيار من المعايير الفقهية للتفرقة بين الخطأ المرفقي و‬
‫الخطأ الشخصي فالقضاء يقوم بدراسة كل حالة على حدى في فصل المنازعات القضائية‬
‫المعروضة عليه‪ ،‬األمر الذي يتوافق مع السياسة التي يتبعها مجلس الدولة الفرنسي فال‬
‫يعطي أهمية كبيرة للمعايير الفقهية‪ ،‬فمجلس الدولة الفرنسي أثناء حل النزاعات المعروضة‬
‫عليه يميز بين نوعين من األخطاء ‪ ،‬األخطاء المنبتة الصلة بالوظيفة العامة‪ ،‬و األخطاء التي‬
‫تقع أثناء تأدية مهام الوظيفة أو بمناسبتها‪.‬‬

‫‪25‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ .1‬األخطاء المنبتة الصلة بالوظيفة العامة ‪:‬‬


‫يسأل الموظف عن الخطأ الشخصي في حالة إرتكابه خطأ في حياته الخاصة بعيدا‬
‫تماما عن عمله الوظيفي‪ ،‬فهو خطأ منبت الصلة كليا بالوظيفة العامة لذا يسأل الموظف‬
‫مسؤولية شخصية عن تعويض األضرار مهما كانت درجة جسامتها و ال تسأل عنه جهة‬
‫اإلدارة‪ ،‬كاألضرار التي تلحق األفراد من قيادة أحد الموظفين لمركبته الخاصة أثناء إجازته‬
‫الرسمية فيعوض عن األضرار الناجمة عن خطئه بغض النظر ما إذا كان مترتب عن خطأ‬
‫بسيط أو إذا كان قد إرتكبه عمدا أو عن غير عمد (‪. )3‬‬
‫ويدخل ضمن هذه الطائفة الخطأ الذي يرتكبه الموظف بإمتناعه عن تنفيذ حكم قضائي‬
‫أو إستعمال سلطاته ألغراض شخصية فكل هذه األخطاء ال تثير مسؤولية اإلدارة بل تبقى‬
‫مسؤولية شخصية للموظف‪ ،‬ومن أمثلتها ترك أحد رجال األمن العام المكان المطلوب منه‬
‫الوقوف فيه ودخوله أحد المقاهي و تشاجره مع أحد زبائن المقهى وجرحه أثناء محولة‬
‫تجريده من سالحه‪ ،‬أو خطأ رجل المطافئ الذي يرمي بسجارته المستعملة أثناء إخماد‬
‫الحريق في مكان مجاور فيحدث حريقا آخر (‪. )1‬‬
‫‪ .1‬األخطاء التي تقع أثناء تأدية مهام الوظيفة أو بمناسبتها‪:‬‬
‫إن الموظف العام يرتكب أخطاءا وذلك أثناء تأدية واجباته الوظيفية أو بمناسبتها مما‬
‫يجعل هذه األخطاء أخطاءا شخصية في حالة عدم وجود أي رابطة تربطها بالمرفق أي‬
‫منبتة الصلة بالوظيفة التي يشغلها‪ ،‬كما تكون هذه األخطاء شخصية متى كان هدف‬

‫‪26‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الموظف الوصول إلى أغراض ومقاصد شخصية ال صلة لها بالمصلحة العامة‪ ،‬ويتحقق‬
‫الخطأ الشخصي في حالتين(‪: )2‬‬

‫‪ ‬الحالة األولى‪ :‬سوء النية‬


‫يسأل الموظف شخصيا إذا إ تضح أن الفعل الذي قام به مصحوب بسوء نية فيتحمل‬
‫وحده عبء تعويض األضرار الناجمة عن الخطأ العمدي المستهدف ألغراض غير متعلقة‬
‫بالمصلحة العامة (‪،)3‬كأعمال العنف وسوء المعاملة التي يقترفها أحد رجال األمن ضد أحد‬
‫األفراد رغبة في اإلنتقام ال شخصي‪ ،‬أما اإلنحرف في إستعمال السلطة ال يؤدي إلى إعتبار‬
‫الخطأ الذي إرتكبه الموظف خطأ شخصيا ألن القرار المشوب بعيب اإلنحراف في إستعمال‬
‫السلطة يسند إلى المرفق العام إذا كان الهدف الذي يرمي إليه الموظف من وراء ذلك هو‬
‫تحقيق مصلحة عامة‪ ،‬أما إذا كان القرار المشوب بعيب اإلنحراف في إستعمال السلطة يسعى‬
‫إلى إلحاق الضرر بالغير ففي هذه الحالة يسأل الموظف شخصيا عن تعويض األضرار‬
‫الناتجة عنه‪ ،‬كما لو تقدم أحد مزارعي العنب إلى رئيس المجلس البلدي للحصول على إذن‬
‫لجمع المحصول فرفض رئيس المجلس ذلك رغم إنذاره بحجة أ نه على عالقة سيئة معه ‪.‬‬
‫‪ ‬الحالة الثانية ‪ :‬جسامة الخطأ الذي إرتكبه الموظف العام‬
‫يعد الخطأ شخصيا إذا ارتكبه الموظف و كان قد بلغ درجة عالية من الجسامة بحيث‬
‫ال يمكن أن يرتكبها الموظف العادي و ال يأخذ بعين اإلعتبار حسن نية الموظف أو‬

‫‪27‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الغاية التي يستهدفها من خالل إتيانه بالفعل الضار(‪. )2‬‬


‫و الخطأ الجسيم الذي يرتكبه الموظف يتمثل في ثالثة صور هي‪:‬‬
‫‪ .1‬الخطأ الجسيم قد يتمثل في خطأ مادي‪ ،‬كإتهام أحد الرؤساء مرؤوسيه بالسرقة بدون‬
‫مبرر‪.‬‬
‫‪ .2‬يمكن أن يكون الخطأ الجسيم خطأ قانونيا و ذلك بتجاوز الموظف السلطات المنوحة‬
‫له‬
‫بطريقةغيرقانونية‪ ،‬كإصداره أمر هدم حائط يملكه أحد األفراد دون أي وجه حق ‪.‬‬
‫‪ .3‬كون الفعل الضار الصادر عن الموظف مكونا لجريمة جزائية‪ ،‬كالسب و الضرب أو‬
‫القتل الخطأأو إفشاء األسرار المهنية أو الخيانة (‪.)3‬‬
‫ثالثا ‪ :‬المعايير التشريعية‬
‫يأخذ المشرع في القانون المقارن و النظام القانوني الجزائري بفكرة التفرقة بين الخطأ‬
‫الشخصي الذي يسأل عنه الموظف و الخطأ المرفقي الذي تسأل عنه اإلدارة دون الموظف‬
‫(‪ ،)4‬ففي قضية إرتكب فيها رجل الدرك الوطني جريمة قتل عمدي بمسدس إستلمه الموظف‬
‫خارج أوقات عمله إعتبر مجلس الدولة أن الجريمة الجنائية من جرائم القانون العام وال‬
‫عالقة لهذه الجريمة بوظيفة المحكوم عليه كدركي‪ ،‬وبالتالي فإن مسؤولية التعويض عن‬
‫الضرر الناتج عن فعله تقع على عاتقه وليس على عاتق اإلدارة التابع لها (‪.)5‬‬

‫‪28‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫و نجد أن المشرع الجزائري قد نص بصورة مباشرة على فكرة التفرقة بين الخطأين‪،‬‬
‫و يعتمد عليها كمبدأ عام لتطبيق نظرية المسؤولية اإلدارية و يتضح ذلك من خالل مجموعة‬
‫النصوص القانونية التي تتضمنها مختلف القوانين الجزائرية‪ ،‬منها المادة ‪31‬من القانون‬
‫األساسي للوظيفة العمومية في الجزائر ‪ ،‬ونص المادة ‪ 144‬من القانون المتعلق بالبلدية ‪،‬‬
‫إضافة الى نص المادة ‪ 140‬من قانون الوالية‪.‬‬
‫وما يجدر اإلشارة إليه أن المشرع الجزائري لجأ إلى التفرقة بين الخطأ المرفقي و الخطأ‬
‫الشخصي لكن بصورة غير مباشرة‪ ،‬ويتضح ذلك في عالجه لبعض جوانب و جزئيات هذه‬
‫التفرقة مثلما فعل المشرع المدني في المادة ‪ 129‬المعدلة بقانون رقم ‪ ، 10-05‬فقد عالج في‬
‫هذه المادة أثر أوامر السلطة الرئاسية على خطأ الموظف العام المأمور‪.‬‬
‫ومن تطبيقات التشريع الجزائري لفكرة التفرقة بين الخطأين المرفقي و الشخصي نجد‬
‫قرار الغرفة اإلدارية لمجلس قضاء الجزائر الصادر بتاريخ ‪ 09‬جويلية ‪، 1971‬و تعود‬
‫وقائع القضية أن سائق إحدى السيارات العسكرية صدم عجوزا يبلغ من العمر‪ 65‬سنة مما‬
‫أدى إلى وفاته‪ ،‬فرفعت زوجته دعوى على السائق أمام المحاكم المدنية و التي حكمت عليه‬
‫بدفع تعويض لزوجة الضحية و أوالده عن الضرر الذي لحق بهم ‪.‬‬
‫و لما رجع السائق على وزارة الدفاع الوطني الجزائرية مطالبا بدفع التعويض الذي‬
‫حكمت به المحكمة دفعت له المبلغ المحكوم به من طرف الغرفة المدنية على أساس الخطأ‬
‫الذي إرتكبه كان متصال بالوظيفة العامة ‪ ،‬كما أن الخطأ المولد للمسؤولية وأرتكب بواسطة‬
‫وسائل المرفق التي ساعدت السائق على إرتكاب الخطأ األمر الذي جعل الخطأ الشخصي‬
‫يندمج كليا في المرفق العام و أعتبر خطأ مرفقيا يرتب مسؤولية اإلدارة (‪.)1‬‬

‫‪29‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع الثالث ‪:‬العالقة بين الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي‬


‫إستقر القضاء اإلداري لفترة طويلة على مبدأ الفصل والتمييز بين الخطأ المرفقي‬
‫والخطأ الشخصي‪ ،‬فقيام الخطأ المرفقي ينفي بالضرورة قيام الخطأ الشخصي‪ ،‬فال يمكن‬
‫للخطأ الشخصي الذي إرتكبه الموظف العام أن يولد مسؤولية اإلدارة العامة‪.‬‬
‫و قد تعددت مبرارت هذا المبدأ ومن بينها أن الفعل الضار ال يمكن أن يكون له‬
‫طبيعتان في آن واحد‪ ،‬األمر الذي يقتضي في حالة وجود الخطأ الشخصي إستبعاد الخطأ‬
‫المرفقي‪ ،‬إال أن هذا الوضع أثار العديد من المشاكل القانونية التي ساهمت في عدول القضاء‬
‫اإلداري عن موقفه وأجاز إمكانية الجمع بين المسؤولية المترتبة عن الخطأ الشخصي و‬
‫المسؤولية المترتبة عن الخطأ المرفقي في حالة تعدد أو إشتراك األخطاء المرفقية و‬
‫الشخصية في إحداث الضرر‪.‬‬
‫وقد مر إجتهاد القضاء اإلداري الفرنسي خالل ذلك بمرحلتين هما (‪: )1‬‬
‫أوال‪:‬مرحلة الفصل التام بين الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي ‪:‬‬
‫إتفق الفقه والقضاء على عدم الجمع بين مسؤولية اإلدارة ومسؤولية الموظف فمن غير‬
‫الممكن إشتراك كال الخطأين في إحداث ضرر مرتب لمسؤولية واحدة‪ ،‬فإما أن نكون بصدد‬
‫خطأ شخصي للموظف فيسأل عن عبء أخطائه الشخصية‪ ،‬أو نكون أمام خطأ مرفقي يرتب‬
‫مسؤولية اإلدارة(‪. )2‬‬
‫وقد اتضحت قاعدة الفصل بين الخطأين الشخصي والمرفقي في سنة ‪ 1951‬بموجب‬
‫حكم الضابط "بورسين" الذي قتل أحد المواطنين في بداية الحرب العالمية األولى ألنه إشتبه‬
‫به فلما دعت وزارة الدفاع التعويض لورثة القتيل أرادت بعد ذلك الوزارة أن ترجع على‬
‫الضابط الذي إرتكب الخطأ‪ ،‬إال أن مجلس الدولة رفض مسؤولية الضابط عن الخطأ لما في‬
‫ذلك من تعارض إذ ال يمكن اعتبار الخطأ مرفقي وفي نفس الوقت شخصي (‪.)1‬‬
‫ثانيا‪:‬مرحلة الجمع بين الخطأين المرفقي والشخصي ‪:‬‬
‫بناءا على اإلنتقادات التي تعرضت لها قاعدة عدم الجمع بين الخطأ المرفقي‬
‫والشخصي إقتنع مجلس الدولة الفرنسي بإمكانية الجمع بين الخطأين‪ ،‬إذ ليس هناك ما يمنع‬
‫من أن يكون الضرر ناتج عن خطأين أحدهما مرفقي واآلخر شخصي‪ ،‬غير أن قاعدة الجمع‬

‫‪32‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫بين الخطأين تقتضي التفرقة بين حالتين (‪ )2‬الجمع بين المسؤولية المرفقية والمسؤولية‬
‫الشخصية بسبب تعدد األخطاء من جهة‪ ،‬والجمع بين المسؤولية المرفقية والمسؤولية‬
‫الشخصية في حالة الخطأ الوحيد من جهة أخرى ‪.‬‬
‫‪ .1‬الجمع بين المسؤولية المرفقية والشخصية في حالة تعدد األخطاء ‪:‬‬
‫تطور مجلس الدولة الفرنسي وأصبح يعترف بإمكانية الجمع بين مسؤولية اإلدارة‬
‫ومسؤولية الموظف‪ ،‬إضافة إلى إقراره بإمكانية تعدد األخطاء التي يترتب عليها الضرر‪.‬‬
‫فالضرر الذي يرتب المسؤولية قد ينتج عن خطأ مرفقي وخطأ شخصي معا بصورة ال‬
‫تمس المبادئ التي تقوم عليها فكرة الخطأ المصلحي كما صاغها مجلس الدولة‪ ،‬وأول تطبيق‬
‫لمجلس حكمه الصادر بتاريخ‪ 03‬فيفري ‪،1911‬‬

‫‪32‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫في قضية السيد ‪ ، anguet‬حيث حكم القاضي بناءا على دعوى المضرور بأن الحادث كان‬
‫ناتجا عن وجود خطأين متميزين (‪ )1‬خطأ مصلحي ناتج عن غلق باب المكتب قبل الوقت‬
‫المحدد ألن ساعة المكتب لم تكن مضبوطة‪ ،‬إضافة إلى سوء حالة عتبة المكتب التي ساعدت‬
‫على سقوط المضرور أي سوء تنظيم المرفق‪ ،‬و خطأ شخصي نسب ألعوان البريد الذين‬
‫إعتدو على المضرور وعاملوه بقسوة (‪.)2‬‬
‫وتجدر اإلشارة إال أن جمع المسؤوليات ال يؤدي إلى حصول المضرور على‬
‫التعويض مرتين كما أن اإلدارة في تعويضها عن الضرر الناشئ عن الخطأ الشخصي ال‬
‫تتحمل عبء التعويض بأكمله‪ ،‬و إنما يمكن لها الرجوع على الموظف بقدر مساهمته في‬
‫إحداث الضرر (‪.)3‬‬
‫‪ .2‬حالة الجمع بين المسؤولية المرفقية والمسؤولية الشخصية في حالة الخطأ‬
‫الوحيد ‪:‬‬
‫واصل مجلس الدولة إجتهاده بالنسبة لقاعدة الجمع بين المسؤوليتين إلى غاية‬
‫إقراره بالجمع بينهما في حالة الخطأ الواحد‪ ،‬ففي بادئ األمر سلم بمسؤولية اإلدارة عن‬
‫الخطأ الشخصي غير المصحوب بخطأ مرفقي بشرط أن يكون هذا الخطأ المرفقي قد وقع‬
‫أثناء أداء الخدمة أو بمناسبتها‪ ،‬ثم قرر مسؤولية اإلدارة عن الخطأ الشخصي غير مقترن‬
‫بخطأ مرفقي حتى ولو وقع خارج الخدمة لكن بواسطة وسائل المرفق‪.‬‬

‫‪33‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أ‪ .‬مسؤولية اإلدارة عن الخطأ الشخصي الواقع أثناء الخدمة ‪:‬‬


‫إن الخطأ الذي يؤدي إلى تحريك مسؤولية اإلدارة بصفة مستمرة هو الخطأ المرفقي‪،‬‬
‫وذلك خالفا للخطأ الشخصي الذي ال يرتب سوى مسؤولية الموظف الشخصية‪ ،‬غير أن‬
‫مجلس الدولة سلم بقاعدة الجمع بين المسؤوليتين وذلك من خالل إقراره بقيام مسؤولية‬
‫اإلدارة إلى جانب مسؤولية الموظف الشخصية في حالة الخطأ الشخصي الواحد بناءا على‬
‫أري مفوض الدولة" ‪" Blum "Léon‬الذي جاء فيه أن الخطأ يعد شخصيا إذا إرتكب في‬
‫المرفق‪ .‬وقد طبق مجلس الدولة رأي المفوض "‪ "Blum‬الذي يدعو إلى ضرورة الجمع‬
‫في المسؤولية في قضية السيدة ليمونيه" ‪ "Lemonnier‬حيث حكم مجلس الدولة بقيام‬
‫المسؤولية الشخصية لرئيس البلدية‪ ،‬إضافة إلى تقرير مسؤولية اإلدارة التي ينتمي إليها‬
‫الموظف فمجلس الدولة بحكمه هذا أقر بقاعدة الجمع بين المسؤوليتين(‪.)1‬‬
‫أ‪ .‬مسؤولية اإلدارة عن الخطأ الشخصي الواقع خارج الخدمة ‪:‬‬
‫لم يكن مجلس الدولة الفرنسي يثير مسؤولية اإلدارة العامة في حالة إرتكاب خطأ‬
‫شخصي خارج عن نطاق ممارسة الواجبات الوظيفية‪ ،‬إال إذا تبين أن الخطأ الشخصي‬
‫المرتكب خارج الوظيفة خطأ مرفقيا كغياب اإلشراف والرقابة‪ ،‬فهنا نكون أمام خطأين خطأ‬
‫مرفقي وخطأ شخصي معا‪ ،‬مما يؤدي بالضرورة إلى جمع المسؤولتين المرفقية و‬
‫الشخصية‪.‬‬
‫و من أمثلتها قضية السيدة ميمور " ‪"Memeur‬طالبت المدعية بالتعويض عن أضرار‬
‫سببتها شاحنة عسكرية لفقدان سائقها السيطرة عليها‪ ،‬فاصطدمت بعقار مملوك لها‬
‫فهدمت السيارة جزءا من الحائط‪ ،‬فأقر مجلس الدولة أن الحادث محل النزاع وقع بفعل‬
‫مركبة منحت إلى سائقها لتنفيذ خدمة لمرفق عام‪ ،‬وال يمكن إعتباره في ظروف القضية‬
‫محروما من أية صلة بالمرفق‪ ،‬ففي هذه الحالة يمكن الجمع بين المسؤوليتين المرفقية‬
‫والشخصية(‪. )2‬‬
‫إضافة إلى هذه التطبيقات طبق هذا اإلستثناء في عمليات النهب و السلب التي يقوم‬
‫بها األشخاص المكلفون بعمليات اإلستيالء‪ ،‬وكذلك إستعمال أحد رجال األمن العام لسالحه‬

‫‪35‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الرسمي أثناء مشاجرة مع الغير‪ ،‬وبناءا على ذلك فمسؤولية اإلدارة العامة تتحقق إذا قدم‬
‫المرفق العام الوسائل و األدوات التي مهدت إلرتكاب الخطأ الشخصي‪،‬أما قاعدة الفصل التام‬
‫بين الخطأين لم تعد مطبقة إال في الحالة التي يصدر فيها خطأ شخصي عن الموظف وال‬
‫عالقة له بالوظيفة إطالقا (‪.)3‬‬
‫ومما سبق نستخلص أن اإلعتراف بإمكانية إجتماع الخطأ الشخصي للموظف و الخطأ‬
‫المرفقي لإلدارة يعني إمكان قيام مسؤولية موحدة و مشتركة بينهما‪ ،‬فيسأل كل منهما عن‬
‫جزء من الخطأ الذي ينسب إليه و يحق للمضرور أن يجمع بين هاتين المسؤوليتين في‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬فيمكن أن يقوم بمقاضاة الموظف عن خطئه الشخصي أمام القضاء العادي‬
‫أو اإلدارة أمام القضاء اإلداري ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬نتائج الجمع‬
‫إن أهم النتائج المترتبة على قاعدة الجمع بين المسؤوليتين المرفقية و الشخصية تكمن‬
‫في ضمان الحقوق المعترف بها للضحية من جهة وضمان توازن العالقة بين‬

‫‪35‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫اإلدارة و الموظف المرتكب للخطأ و الغير من جهة أخرى‪ ،‬وذلك من خالل ما يسمى‬
‫بدعاوى الرجوع (‪.)2‬‬
‫‪ .1‬حقوق الضحية ‪:‬‬
‫ينتج عن قاعدة الجمع أثر مزدوج على حقوق الضحية يتمثل في ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬للضحية حق االختيار في مرافعة اإلدارة أمام القضاء اإلداري عن األضرار الناتجة‬
‫عن الخطأ المرفقي ‪ ،‬أو مرافعة الموظف عن الخطأ الشخصي المولد للضرر أمام القضاء‬
‫العادي‪ ،‬إال إن الواقع العملي يبين أن الضحية تفضل في أغلب األحيان مساءلة اإلدارة‬
‫لقدرتها على دفع التعويض على عكس الموظف الذي يكون في عسر دائم (‪. )3‬‬
‫ثانيا‪ :‬ال يحق للضحية أن يطلب تعويضا كامال من اإلدارة و من الموظف ألضرار واحدة‪،‬‬
‫وفقا لقول األستاذ ديلوبادير "يقابل مبدأ جمع المسؤوليات مبدأ عدم جمع التعويضات إال إذا‬
‫كانت مبنية على أسس مختلفة " (‪.)4‬‬

‫‪36‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ .2‬دعاوى الرجوع ‪:‬‬


‫تتمثل هذه الدعاوي في حق اإلدارة بالرجوع على الموظف لتعويض نسبته من المسؤولية‪،‬‬
‫كما يمكن للموظف أيضا الرجوع على اإلدارة‪ ،‬أما في حالة ما إذا كان الضحية هو الموظف‬
‫فاإلدارة ترجع على الغير بواسطة دعوى الحلول (‪. )1‬‬
‫أ‪ .‬دعوى رجوع اإلدارة على الموظف‪:‬‬
‫رفض مجلس الدولة الفرنسي هذا النوع من الدعوى إستنادا إلى مبدأ أن األخطاء‬
‫الشخصية للموظف ال ترتب مسؤولية اإلدارة (‪ ، )2‬إال أن المجلس قد عدل موقفه بموجب‬
‫قراره الصادر في سنة‪ 1951‬في قضية "‪ "Deville‬و"‪.)3( " Laruelle‬‬
‫ب‪ .‬دعوى رجوع الموظف على اإلدارة ‪:‬‬
‫يحق للموظف رفع دعوى الرجوع على اإلدارة للمطالبة بالتعويض الكامل الذي دفعه‬
‫للضحية إذا حكم عليه من طرف القاضي العادي على أساس إرتكابه لخطأ مرفقي أو خطأ‬
‫شخصي مقترن بخطأ مرفقي‪ ،‬ولم تتدخل اإلدارة أثناء تلك الدعوى‪ ،‬لذا يجب على اإلدارة أن‬
‫(‪)4‬‬
‫تتولى دفع التعويضات المدنية المنصبة على الموظف في الحاالت التالية‪:‬‬

‫‪37‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ .1‬عندما يرتكب الموظف خطأ مرفقيا‪.‬‬


‫‪ .2‬عندما يرتكب الموظف خطأ شخصيا ال يمكن فصله عن الوظيفة‪.‬‬
‫‪ .3‬في حالة إقتران الخطأ الشخصي بخطأ مرفقي‪ ،‬فإذا إمتنعت اإلدارة عن التدخل لحماية‬
‫العون و دفع التعويضات محله أو لم تتدخل أثناء الدعوى المدنية المرفوعة أمام القاضي‬
‫العادي جزائيا كان أو مدنيا‪ ،‬للحلول محل العون في تحمل التعويض عنه فيحق‬
‫للموظف رفع دعوى ضدها بغية طلب إسترداد ما دفعه للضحية (‪.)1‬‬
‫ج‪ .‬دعوى حلول اإلدارة محل الموظف في الرجوع على الغير ‪:‬‬
‫إذا كان الضرر المستحق للتعويض ناتجا عن فعل الغير ضد موظف تابع إلدارة معينة‬
‫و قامت بتعويضه فإن اإلدارة تطبق نفس قواعد الدعاوي األخرى بحيث تحل محل الموظف‬
‫في جميع حقوقه السترداد المبالغ التي دفعتها له‪ ،‬و ذلك من خالل دعوى الرجوع المرفوعة‬
‫من اإلدارة ضد الغير المتسبب في إحداث الضرر باعتبار أن فعل الغير يعفي جزئيا أو كليا‬
‫مسؤولية اإلدارة و ذلك بقدر نسبة مشاركتها في الخطأ (‪. )2‬‬
‫وتتبع اإلدارة في رجوعها على الغير إحدى الطريقتين ‪:‬‬
‫الطريقة األولى‪:‬أن تكون دعوى التعويض مطروحة على القضاء ‪:‬‬
‫يرفع العون الذي تعرض للشتم أو اإلهانة دعوى التعويض أمام القاضي المدني ضد‬
‫المعتدي‪ ،‬أو يرفع شكوى أمام القاضي الجزائي مع تأسيسه كطرف مدني فاإلدارة تتدخل إذا‬
‫كانت قد دفعت تعويض للعون أمام القضاء قصد التأسيس كطرف مدني محل الموظف في‬
‫المطالبة بالتعويض‬

‫‪38‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الطريقة الثانية‪:‬أن ال يبادر العون برفع دعوى التعويض ‪:‬‬


‫يشترط في هذه الحالة أن يكون فعل االعتداء الذي يتعرض له العون ذو طابع جزائي‬
‫أي معاقب عليه بالحبس أو الغرامة‪ ،‬وعندما تدفع اإلدارة تعويض للعون وال يقوم الموظف‬
‫بمتابعة الغير أمام القضاء الجزائي‪ ،‬فإ نه يحق لإلدارة تحريك الدعوى الجزائية و التأسيس‬
‫كطرف مدني نيابة عن العون للمطالبة بالتعويض ضد الغير المتسبب في الضرر(‪. )1‬‬
‫المبحث الثاني‪:‬كيفية تقدير الخطأ المرفقي‬
‫لم يضع القضاء اإلداري أية قاعدة عامة يمكن من خاللها تقدير الخطأ المرفقي‬
‫المرتب للمسؤولية بل يبحث في كل حالة على حدى‪ ،‬كون الخطأ المرفقي يختلف بإختالف‬
‫الظروف و الزمان و المكان‪ ،‬كما يختلف بإختالف درجة جسامته للعمل الضار المنسوب‬
‫لإلدارة (‪. )2‬‬
‫فالخطأ المرفقي أو المصلحي في القرارات اإلدارية ال يعد نفس الخطأ المرفقي في‬
‫األعمال اإلدارية المادية أل ن الخطأ في القرارات اإلدارية الصادرة بإدارة اإلدارة المنفردة و‬
‫الملزمة ال ترتب مسؤولية اإلدارة إال إذا كان القرار اإلداري غير مشروع (‪. )3‬‬
‫أما الخطأ في األعمال المادية يكون نتيجة إلهمال أو تقصير في عمل مادي يأتيه‬
‫الموظف أثناء قيامه بواجباتهم الوظيفية‪ ،‬حيث يشترط القضاء اإلداري لمساءلة اإلدارة عن‬
‫هذه األخطاء درجة معينة من الجسامة والتي تسبب حدوث ضرر للغير في أنفسهم و‬
‫ممتلكاتهم (‪. )4‬‬

‫‪39‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وعليه سوف نقسم هذا المبحث إلى ثالثة مطالب حيث نتطرق في (المطلب األول) إلى‬
‫الخطأ المرفقي في القرارات اإلدارية‪ ،‬ثم نتطرق (المطلب الثاني) الخطأ المرفقي في‬
‫األعمال المادية‪ ،‬أما (المطلب الثالث) سنتناول فيه إثبات الخطأ المرفقي و درجة جسامته ‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬الخطأ المرفقي في القرارات اإلدارية‬
‫تخضع القرارات اإلدارية لرقابة قضائية تضمن مشروعيتها فالخطأ في القرار اإلداري‬
‫يتخذ صورة تقليدية تتمثل في عدم مشروعية القرار اإلداري التي تؤدي إلى إلغائه والحكم‬
‫بالتعويض عن األضرار الناتجة عنه (‪. )1‬‬
‫فعدم مشروعية القرار اإلداري تتجسد بوجود عيب من العيوب التي تشوب أحد أركان‬
‫القرار اإلداري سواءا كان عيب عدم اإلختصاص‪ ،‬أو عيب الشكل‪ ،‬أو عيب اإلنحراف في‬
‫إستعمال السلطة‪ ،‬أوعيب مخالفة القانون فكل هذه األوجه لعدم المشروعية تعد مصدرا‬
‫أساسيا للمسؤولية ‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬تعريف القرار اإلداري‬
‫يعد القرار اإلداري الوسيلة الفع الة لممارسة اإلدارة العامة ألعمالها اإلدارية ‪ ،‬وذلك في‬
‫إيطار المش صدور هذا القرار مخالف للقانون يعتبر روعية أي مطابقة أعمالها للقانون‪ ،‬غير‬
‫(‪)2‬‬
‫أن عمال غير مشروع و يكون ذلك إذا تضمن أحد أركانه عيبا من عيوب القرار اإلداري‬
‫‪.‬‬
‫قبل دراسة موضوع تقدير الخطأ المرفقي في القرارات اإلدارية يستلزم منا التطرق أوال‬
‫إلى تعريف القرار اإلداري الفقهي‪ ،‬ثم تعريف القرار اإلداري القضائي ‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أوال‪ :‬التعريف الفقهي‬


‫تعددت التعريفات الفقهية للقرار اإلداري فقد عرفه الفقيه "دوجي" على أنه" العمل‬
‫اإلداري الذي يصدر بهدف تعديل األوضاع القانونية كما هي قائمة وقت صدوره أو كما‬
‫ستكون مستقبال"‪.‬‬
‫وعرفه العميد" بونار "بأنه "كل عمال إداري يحدث تغييرا في األوضاع القانونية "‪،‬‬
‫أما "هوريو" فقد عرف القرار اإلداري بأنه" إعالن اإلدارة إلحداث أثر قانوني لإلفراد‬
‫صادر عن سلطة إدارية في صورة تنفيذية يؤدي إلى التنفيذ المباشر "‪.‬‬
‫وفي تعريف آخر للقرار اإلداري يقول "ايزيمان "أن القرار اإلداري "غير تعاقدي ينظم‬
‫سلوك األفرد في المجتمع‪ ،‬وعمل صادر عن موظف اإلدارة أو عدة موظفين يعملون معا"‬
‫(‪. ) 1‬‬
‫ثانيا‪ :‬التعريف القضائي‬
‫عرف القضاء اإلداري القرار اإلداري بأنه "إفصاح اإلدارة عن إرادتها المنفردة و‬
‫الملزمة بموجب ما تملكه من سلطة عامة تقر بها مختلف القوانين و اللوائح‪ ،‬وذلك بغية إنشاء‬
‫أو تعديل أو إلغاء مركز قانوني‪ ،‬متى كان ذلك ممكنا وجائزا قانونا وفي إيطار تحقيق‬
‫المصلحة العامة" (‪.)2‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬تقدير الخطأ المرفقي في القرارات اإلدارية‬
‫إن القرار اإلداري الذي يشوبه عيب من العيوب في أركانه يشكل في حقيقية األمر خطأ‬
‫مرفقيا يرتب مسؤولية اإلدارة و إلتزامها بالتعويض عن األضرار التي تسببها عدم مشروعية‬

‫‪41‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫القرار اإلداري‪ ،‬غيرأن التعويض ال يكون في كل الحاالت بل يشترط أن تكون عدم‬


‫مشروعية القرار اإلداري على درجة معينة من الجسامة‪ ،‬وعليه فالعيوب التي تشوب القرار‬
‫اإلداري والتي تشكل خطأ مرفقيا في حالة عدم مشروعيته (‪ )1‬هي ‪:‬‬
‫أوال‪:‬عيب اإلختصاص‬
‫يقضي مجلس الدولة الفرنسي بالتعويض إذا كان العيب على درجة كبيرة من الجسامة‬
‫بحيث يؤثر على موضوع القرار ذاته‪ ،‬كأن يصدر قرار من موظف ال يملك الحق في‬
‫إصداره ‪ ،‬أو أن يصدر من غيره بغير حق‪ ،‬مثال صدور أمر من جهة غير مختصة بإنهاء‬
‫الترخيص بإستغالل محجر ‪.‬‬
‫وفي حالة ما إذا كان عيب عدم االختصاص ناتجا عن قرار صادر من موظف وكان من‬
‫المفروض أن يصدر من موظف آخر‪ ،‬فمجلس الدولة في هذه الحالة ال يقرر مسؤولية الدولة‪،‬‬
‫إستنادا إلى أن الضرر الناشئ من هذا القرار يمكن أن ينتج نفس الضرر حتى و لو صدر من‬
‫الموظف المختص أصال (‪. )2‬‬
‫ثانيا‪:‬عيب الشكل‬
‫يعتبر ركن الشكل المظهر الخارجي للقرار اإلداري إذ ال بد لهذا األخير أن يستوفي‬
‫مجموعة من اإلجراءات و الشكليات المنصوص عليها قانونا‪ ،‬مثال في حالة إصدار القرار‬
‫شفاهة إذ كان من المفترض أن يتم إصداره كتابة‪ ،‬أو في حالة إغفال تسبيب القرار اإلداري‬
‫و تاريخ نشره ‪ ،‬فم خالفة اإلدارة أو أحد رجالها لركن الشكل يؤدي حتما إلى عدم مشروعية‬

‫‪42‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫القرار اإلداري مما يدفع إلى إلغائه‪ ،‬إال أن القضاء اإلداري لم يقر مسؤولية اإلدارة عن‬
‫الخطأ المرفقي في حالة عيب الشكل إال إذا كان العيب أساسيا وجوهريا‪ ،‬ويقصد بالشكل‬
‫الجوهري ما ينص عليه القانون صراحة على إتباعه وفي حالة عدم مراعاته يؤدي إلى‬
‫إحداث أثر على القرار اإلداري (‪. )1‬‬
‫ثالثا‪:‬عيب السبب‬
‫إن ركن السبب هو حالة واقعية أو قانونية سابقة ومستقلة عن اإلدارة و إرادتها وهذه‬
‫الحالة هي التي تدفع بالسلطة اإلدارية إتخاذ قرار إداري‪ ،‬و بعبارة أخرى هي المبرارت‬
‫والظروف المادية التي أدت إلى إصدار القرار اإلداري‪ ،‬و عليه فإن تدخل اإلدارة العامة‬
‫دون وجود واقعة مادية تستدعي فعال التدخل لمعالجة األمر بإجراء يعالج األمر نهائيا دون‬
‫الحاجة للتدخل من جديد أو دون وجود حالة قانونية‪ ،‬يجعل القرار اإلداري مشوبا بعيب من‬
‫عيوب عدم المشروعية‪ ،‬وهو عيب السبب أو بعبارة أخرى إرتكاب اإلدارة العامة خطأ‬
‫مرفقيا في حالة إحداثها ضرار للغير‪ ،‬فالقضاء اإلداري زيادة عن الحكم بإلغاء القرار‬
‫اإلداري قد يحكم بالتعويض وذلك إذا ما تسبب بضرر وكانت عدم مشروعية القرار جسيمة‬
‫(‪. ) 2‬‬
‫رابعا‪ :‬عيب المحل‬
‫يقصد بعيب المحل مخالفة محل القرار اإلداري إحدى القواعد القانونية سواء كانت‬
‫مكتوبة كالدستور و التشريع أو غير مكتوبة مستنبطة من العرف (‪ )3‬فتتخذ هذه المخالفات‬
‫صورتين مختلفين هما إمتناع اإلدارة عن تنفيذ األحكام القضائية الصادرة بحقها‪ ،‬أما الصورة‬
‫األخرى تتمثل في إصدار قرارات إدارية تتعارض و تتناقض مع حجية األمر المقضي به(‪. )1‬‬
‫و في هذا الصدد أقر مجلس الدولة مسؤولية أحد رؤساء المجالس البلدية إلصداره‬
‫قرار وقف أحد أفراد الشرطة عن العمل رغم صدور عدة أحكام قضائية بإلغاء قرار الوقف‪،‬‬
‫إضافة إلى إقرار القضاء مسؤوليته اإلدارية عن تعويض األضرر الناجمة عن إمتناعها عن‬
‫تنفيذ األحكام القضائية الصادرة لصالح الغير أو إتخاذها قرار يعدل من مقصود الحكم إذا‬
‫(‪) 2‬‬
‫تبين أن هذا اإلمتناع غير مبرر‪.‬‬

‫‪43‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫و تضاف إلى هاتين الصورتين صور أخرى لعدم المشروعية تتمثل في اإلمتناع‬
‫المستمر عن تطبيق القوانين و األنظمة‪ ،‬األمر الذي يشكل خطأ مرفقيا خصوصا إذا تضمن‬
‫هذا اإلخالل ضرار أصاب فردا أو مجموعة من األفراد‪ ،‬كما نجد صورة أخرى وهي‬
‫المخالفة المباشرة و التي تعد األكثر شيوعا في عيب مخالفة القانون كالقبض التعسفي على‬
‫أحد األفراد (‪. )3‬‬

‫‪43‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫خامسا ‪:‬عيب اإلنحراف في إستعمال السلطة‬


‫يتحقق عيب اإلنحراف في إستعمال السلطة أو عيب الغاية إذا كان إتخاذ رجل اإلدارة‬
‫للقرار اإلداري يخرج عن الرغبة في تحقيق المصلحة العامة‪ ،‬أو إذا أتخذ لتحقيق مصلحة‬
‫شخصية له‪ ،‬كاإلنتقام من شخص ما‪ ،‬أو لتحقيق مصلحة مالية أو سياسية أو إجتماعية‬
‫خاصة ‪.‬‬
‫و يتحقق أيضا عند خروجه عن مبدأ تخصيص األهداف و اإلجراءات‪ ،‬لذا جعل القضاء‬
‫اإلداري من هذا العيب خطأ يرتب المسؤولية بشكل دائم إذا ما نتج عنه ضرر ألحد األفراد‬
‫فال يوجد حكم واحد أقره مجلس الدولة أثناء قيام عيب إنحراف في إستعمال السلطة و لم‬
‫يحكم بالتعويض عن هذا العيب (‪. )2‬‬
‫المطلب الثاني‪ :‬الخطأ المرفقي في األعمال المادية‬
‫يتخذ الخطأ المرفقي في األعمال المادية صورا مختلفة تشمل األخطاء التي يرتكبها‬
‫موظفو اإلدارة أثناء أدائهم و تقديمهم لخدمات المرفق أو بسببها أو بمناسبتها‪ ،‬بشكل يعقد‬
‫مسؤولية اإلدارة العامة في األضرار الالحقة باألفراد من جراء تلك األخطاء‪ ،‬إال أنه يفترض‬
‫في ذلك أن تكون هذه األخطاء على قدر معين من الجسامة حيث ال بد من مراعاة عنصر‬
‫الزمان‪ ،‬و المكان الذي وقع فيه الخطأ‪ ،‬إضافة إلى مراعاة أعباء المرفق و عالقة المضرور‬
‫بالمرفق (‪. )1‬‬
‫و سنحاول في هذا المطلب تعريف األعمال المادية في (الفرع األول)‪،‬أما (الفرع الثاني)‬
‫نحدد فيه كيفية تقدير الخطأ المرفقي في األعمال المادية‪.‬‬

‫‪44‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫الفرع األول‪:‬تعريف األعمال المادية‬


‫يقصد باألعمال المادية جميع أعمال اإلدارة التي ال تندرج ضمن مدلول القرارات‬
‫اإلدارية (‪ )2‬فهي تلك األعمال التي تحدث نتيجة خطأ‪ ،‬ويتخذ الخطأ اإلداري فيها عدة صور‬
‫أبرزها صورة اإلهمال أو التأخير‪ ،‬أو عدم التبصر‪ ،‬أو عدم الحيطة و الحذر أثناء تنفيذ العمل‬
‫الذي ينتج آثار ضارة ال تزول إال عن طريق طلب تعويض من اإلدارة ‪.‬‬
‫لم يضع القضاء اإلداري أية قاعدة عامة لتقدير خطأ اإلدارة‪ ،‬بل يدرس كل حالة على‬
‫حدى‪ ،‬فالخطأ البسيط يعد كافيا كأصل عام لمساءلة اإلدارة عن تعويض األضرار الناجمة‬
‫عن أخطائها‪ ،‬كما يقتضي القضاء اإلداري لعقد مسؤولية بعض المرافق العامة خطأ جسيما‬
‫(‪.)3‬‬
‫ومن أمثلة األعمال المادية التي تتخذ صور اإلهمال والتقصير كأن تصدم سيارة حكومية‬
‫أحد األفراد فتصيبه بأضرار‪ ،‬أو أن يتعدى أحد الموظفين على فرد من األفراد‪ ،‬أو أن يقصر‬
‫أحد الموظفين في فالتأكد من خلو المكان من المواد الضارة‪ ،‬أو أن يهمل أحد الموظفين حفظ‬
‫أوراق اإلمتحان مما يرتب عليها ضياع هذه األوراق (‪. )1‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬تقدير الخطأ المر فقي في األعمال المادية‬
‫لتقدير الخطأ المرفقي في األعمال المادية البد من األخذ بعين اإلعتبار كل من الصعوبات‬
‫التي يواجهها المرفق العام‪ ،‬سواء كانت هذه العراقيل متعلقة بالمرفق نفسه‪ ،‬أو إعتبارات‬
‫متعلقة بالمضرور من الخطأ المرفق ‪.‬‬

‫‪45‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أوال ‪ :‬مراعاة ظروف الزمان التي يؤدي فيها المرفق الخدمة‬


‫يقصد بمراعاة ظرف الزمان الظرف الذي وقع فيه الخطأ‪ ،‬و بمعنى آخر إذا تم الخطأ في‬
‫ظروف عادية أو ظروف إستثنائية ‪.‬‬
‫فمجلس الدولة الفرنسي قام بالفصل بين الخطأ المرفقي الذي يقع في الظروف العادية‬
‫وفقا للعادات و التقاليد التي تتولد من الخبرة اليومية وبين الخطأ المرفقي الذي يقع في‬
‫الظروف غير عادية أو إستثنائية التي تقلب هذه العادات بفعل حادث خارجي (‪ ، )2‬كقيام‬
‫الحرب مثال أو حدوث إضطرابات في البالد أو إنتشار وباء‪ ،‬فإن وقعت حالة من هذه‬
‫الحاالت يصبح ما كان يشكل خطأ في الظروف العادية ال يكون كذلك في الظروف‬
‫اإلستثنائية وذلك نتيجة صعوبة مهام اإلدارة وتعددها وخطورتها في تلك الظروف لذا يتطلب‬
‫لقيام مسؤولية اإلدارة في ظروف غير عادية أن يكون الخطأ على درجة عالية من الجسامة‬
‫لم يكن لتقتضيها مسؤولية اإلدارة في الظروف العادية ‪.‬‬
‫ومن أهم تطبيق لمجلس الدولة في هذا المجال حكمه في قضية " ‪ "Wannieck‬الذي‬
‫قرر فيه عدم مساءلة الدولة عن الخطأ الذي وقع في الظروف غير عادية إال إذا كان على‬
‫درجة كبيرة من الجسامة تتناسب و درجة خطورة هذه الظروف‪ ،‬وعلى غرار ذلك فإن‬
‫مجلس الدولة يأخذ بعين اإلعتبار في بعض أحكامه الساعة التي وقع فيها الخطأ أن كان ليال‬
‫أم نهارا‪ ،‬و إذا كان قد وقع في الليل هل في أوله أم في ساعة متأخرة من أواخر الليل‬

‫‪46‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬مراعاة ظروف المكان التي يؤدي فيها المرفق الخدمة‬


‫من بين الظروف التي يجب مراعاتها لتقدير الخطأ المرفقي في األعمال المادية‬
‫ظرف المكان‪ ،‬الذي يؤدي فيه المرفق خدماته لما له من دور فعال في تقدير الخطأ الذي‬
‫يرتب مسؤولية المرفق‪ ،‬فأخطاء المرافق التي تؤدي خدماتها في المدن و األماكن القريبة‬
‫منها تختلف تماما بالنسبة للمرافق التي يقوم بمهامها في المناطق الصحراوية أو النائية‬
‫البعيدة عن العمران‪ ،‬نظرا لما تواجهه تلك المرافق من صعوبات كبيرة أثناء تأديتها لوظائفها‬
‫لذلك يشدد مجلس الدولة من درجة الخطأ الذي ينشأ مسؤولية تلك المرافق‪ ،‬على عكس‬
‫المرافق التي تؤدي مهامها في المدن بحيث يتساهل معها في درجة الخطأ فيكتفي بالخطأ‬
‫(‪)2‬‬
‫البسيط‬
‫ثالثا‪ :‬مراعاة أعباء المرفق و إ مكانياته‬
‫يأخذ مجلس الدولة بعين اإلعتبار إلى جانب عناصر الزمان والمكان الواجبات الملقاة‬
‫على عاتق المرفق والوسائل التي يلجأ إليها لمواجهتها‪ ،‬فجسامة األعباء الملقاة على عاتق‬
‫المرفق وما لديه من وسائل و إمكانيات لمواجهتها يلعب دورا كبيرا في تقدير درجة الخطأ‬
‫الالزم توفرها لقيام مسؤولية هذه المرافق ففي مثل هذه الظروف يتطلب الخطأ درجة عالية‬
‫من الجسامة تتناسب مع هذه األعباء (‪. )3‬‬
‫إضافة إلى أعباء المرفق الملقاة على عاتقه تساهم الوسائل التي يلجأ إليها المرفق‬
‫للقيام بواجباته في تقرير مسؤولية اإلدارة عن أخطائها إذ يتطلب من اإلدارة أكثر من‬
‫الحرص العادي في مواجهة األمور و ذلك بحرصها على مراعاة التناسب بين المرفق‬
‫والوسائل المخصصة ألداء الخدمة‪ ،‬فاعتبر المجلس أن اإلدارة تكون مسؤولة عن كل خطأ‬
‫يمكن‬

‫‪47‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫تجنبه بالحرص العادي في حين ال تسأل عن كل خطأ ال يمكنها تجنبه إال بإتخاذ إجراءات‬
‫غير عادية‪ ،‬كإضطرار رجال األمن إلى إستخدام األسلحة النارية وغيرها من الوسائل التي‬
‫تعرض األفراد للمخاطر االستثنائية ‪.‬‬
‫أصدر مجلس الدولة في هذا المجال أحكاما من بينها حكمه في قضية" ‪" Soual‬حيث‬
‫ألنها لم ترفع عائقا وضعه مجهول في الطريق العام ليال مما تسبب رفض قيام مسؤولية‬
‫اإلدارة عنه إصابة راكب دراجة (‪. )1‬‬
‫رابعا‪ :‬مراعاة طبيعة المرفق وأهميته االجتماعية‬
‫يضيف مجلس الدولة الفرنسي إلى ضرورة مراعاة مدى صعوبة الواجبات الملقاة على‬
‫عاتق المرفق وما يملك من وسائل و إمكانيات للقيام بهذه الواجبات طبيعة المرفق وأهميته‪،‬‬
‫إذ هناك بعض المرافق العامة التي يشترط أن يكون الخطأ المسند إليها واضح وعلى درجة‬
‫خاصة من الجسامة‪ ،‬نظرا لطبيعة الواجبات التي تقوم بتقديمها (‪ ،)2‬و من أمثلتها مرفق‬
‫الشرطة الذي يسهر على المحافظة على النظام العام إذ يعتبر هذا األخير من أصعب المهام‬
‫وأكثرها مشقة فيتطلب التعويض عن األضرار الناجمة عن هذا المرفق الخطأ الجسيم دون‬
‫الخطأ البسيط‪ ،‬وال يختلف األمر فيما يتعلق بمرفق الصحة والخدمات التي تقدمها‬
‫المستشفيات إذ يتطلب مجلس الدولة خطأ جسيما لتقرير مسؤولية المرافق الصحية نظرا‬
‫لكثرة األعباء والخدمات التي تقع على عاتقها والتي تعد ضرورية بالنسبة للمجتمع‪ ،‬خاصة‬
‫مستش فى األمراض العقلية لما يناط لها من مهام حماية األشخاص الخطرين كالمجانين‪ ،‬أما‬
‫بشأن مرفق تحصيل الضرائب و مرفق مكافحة الحرائق تعتمد هي األخرى على الخطأ‬

‫‪48‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وال تكتفي بالخطأ البسيط إلقرار مسؤوليتها نظرا لصعوبة الواجبات التي تقدمها هذه‬
‫المرافق(‪. )1‬‬
‫خامسا‪:‬عالقة المضرور بالمرفق‬
‫يميز مجلس الدولة الفرنسي أثناء تقديره للخطأ المرفقي إذا ما كان المضرور الذي‬
‫يطالب بالتعويض منتفعا من المرفق أو غير منتفع‪ ،‬ففي حالة ما إذا كان المضرور على‬
‫عالقة بالمرفق ويستفيد منه فمجلس الدولة الفرنسي يقتضي درجة أكبر من الجسامة ‪ ،‬وذلك‬
‫على عكس ما إذا كان المضرور غير مستفيد من المرفق‪ ،‬ويرجع السبب في ذلك كون‬
‫المضرور المستفيد يعرض نفسه للضرر لكن مقابل ما يحصل على خدمات المرفق لذا عليه‬
‫تحمل بعض أضرار المرفق‪ ،‬أما المضرور غير مستفيد من خدمات المرفق فال يحصل على‬
‫أي مقابل من جراء الضرر الذي ألحقه به المرفق‪ ،‬ففي هذه الحالة يكفي أن يكون الخطأ‬
‫بسيطا لحصول المضرور على تعويض األضرار التي لحقت به (‪. )3‬‬
‫كما يميز مجلس الدولة بين المستفيد الذي يلجأ إلى المرفق لإلنتفاع بخدماته من تلقاء‬
‫نفسه أو أن يلجأ إليه مضطرا حيث يشترط درجة جسامة أكبر إذا لجأ المضرور إلى المرفق‬
‫من إختياره ‪ ،‬وعلى غرار ذلك ميز مجلس الدولة الفرنسي أيضا بين من يستفيد من خدمات‬
‫المرفق مجانا و من يحصل عليها بمقابل حيث تتطلب الحالة األولى درجة جسامة أكبر عكس‬
‫الحالة الثانية (‪.)4‬‬

‫‪49‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫المطلب الثالث ‪ :‬إثبات الخطأ المرفقي و درجة جسامته‬


‫إن القاعدة العامة لقيام المسؤولية على من يدعي الفعل الضار إثباته‪ ،‬و طبقا لهذه القاعدة‬
‫يشترط القضاء لقيام المسؤولية اإلدارية إثبات الخطأ من طرف الشخص الذي لحقه الضرر‪،‬‬
‫إال أن في بعض الحاالت يعتمد القضاء على الخطأ المفترض أي على اإلدارة إثبات الخطأ‪،‬‬
‫نظرا للصعوبات التي قد يواجهها المدعي في اإلطالع على الوثائق اإلدارية‪ ،‬بالرغم من ذلك‬
‫مسؤولية اإلدارة ال تترتب إال إذا كانت على درجة معينة من الجسامة‪ ،‬و يتجسد ذلك في‬
‫بعض أنشطتها الضارة(‪.)1‬‬
‫الفرع األول ‪:‬الخطأ الثابت و الخطأ المفترض‬
‫الخطأ المفترض فهو الخطأ الذي ينقل فيه عبء اإلثبات من على عاتق المدعي أي‬
‫المضرور‪ ،‬إلى عاتق المدعى عليه و المتمثل في اإلدارة التي تتحمل عبء التعويض عن‬
‫األضرار التي ألحقتها بالغير(‪.)2‬‬
‫ومن خالل هذا التعريف يمكن القول بأنه مبدئيا يقع عبء إثبات الخطأ على‬
‫المضرور من هذا الخطأ فالقاضي متى رأى أن إدعاء المضرور مؤسس قانونيا يأمر اإلدارة‬
‫بتقديم أي مستند الزم من شأنه أن يساعده في تقدير ما إذا وجد خطأ من جانب اإلدارة كان‬
‫السبب في حدوث الضرر‪.‬‬

‫‪50‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫حاالت إفتراض الخطأ تبرر لنا اإلهتمام المتزايد بجعل الضحية في وضعية أكثر حماية‬
‫لذلك أقرالقضاء على تطبيق نظام الخطأ المفترض في مجالين إثنين ‪:‬‬
‫أوال‪ :‬األضرار الواقعة على مستعملي المباني و األشغال العمومية‬
‫إلعفاء اإلدارة من مسؤوليتها يكفي أن تثبت بأن األضرار الواقعة ال تعود إلى خلل في‬
‫الصيانة العادية للمبنى العمومي‪ ،‬كحدوث ضرر لمستعملي الطريق العمومي بسبب وجود‬
‫طبقة من الزيت غير مشار إليها يجعل مسؤولية البلدية صاحبة المشروع مفترضة‪ ،‬و كذلك‬
‫إنعدام اإلشارة إلى منعرج خطير تسبب في حادث مرور يعتبر بمثابة إنعدام الصيانة مما‬
‫يستوجب قيام مسؤولية اإلدارة‪ ،‬كما أن إنعدام الصيانة للحديقة يقيم مسؤولية البلدية على‬
‫أساس الخطأ المفترض(‪. )1‬‬
‫ومن تطبيقات القضاء الجزائري في هذا المجال نجد قرار الغرفة اإلدارية لمجلس‬
‫قضاء الصادر في ‪ 2006/02/22‬تحت رقم ‪ 474‬في قضية (ق‪.‬ع) ضد بلدية القبة التي‬
‫تتلخص وقائعها أنه بتاريخ ‪ 2005 /02/ 28‬و على الساعة الخامسة مساءا‪ ،‬خرج المواطن‬
‫(ق‪.‬ع) من محطة المسافرين المتواجد بشارع بن حبيلس على مستوى المخرج الجنوبي‬
‫لبلدية القبة‪ ،‬بعد عودته من العمل و على مستوى حديقة بن عمر‪ ،‬فوجئ بسقوط شجرة كبيرة‬
‫عليه‪ ،‬و التي تسببت له بأضرار خطيرة أدت إلى إخضاعه لعمليتين جراحيتين إلستئصال‬
‫الطحال و تثبيت الكسر للعظام على مستوى الفخذ‪ ،‬ومنح له الطبيب الشرعي عجزا عن‬
‫العمل قدره ستة أشهر ‪ ،‬وأكدت الغرفة اإلدارية وجود خطأ مفترض في مواجهة البلدية‪ ،‬ذلك‬
‫أن سقوط الشجرة يعتبر قرينة على عدم الصيانة العادية للحديقة(‪. )2‬‬

‫‪51‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬األضرار التي تقع على لألشخاص الخاضعين للعالج في المؤسسات اإلستشفائية‬
‫العمومية‬
‫تكون مسؤولية اإلدارة مفترضة في حالة ما إذا دخل مريض إلى المستشفى من أجل‬
‫عالج مرض غير خطير أو القيام بعملية جراحية ال يوجد فيها صعوبة(‪ ،)1‬و لكنه يتعرض‬
‫خالل مكوثه بالمستشفى إلى نتائج صحية ضارة تصل إلى درجة كبيرة من الجسامة ففي هذه‬
‫الحالة تقوم مسؤولية المستشفى على أساس الخطأ المفترض (‪.)2‬‬
‫و مثال ذلك نجد قرار الغرفة اإلدارية لمجلس قضاء الجزائر الصادر بتاريخ‬
‫‪ 2005/03/02‬في قضية (ر‪.‬أ ) ضد المستشفى الجامعي "بارني"‪ ،‬و تتمثل وقائعها فيما يلي‬
‫دخلت الطفلة(ر‪.‬ر) إلى المستشفى الجامعي "بارني" بحسين داي‪ ،‬و التي ال يتجاوز عمرها‬
‫خمس سنوات‪ ،‬و التي تعاني من مرض قصر الرؤية في عينها اليمنى‪ ،‬حيث أجريت لها‬
‫عملية جراحية في‪ ، 1997/01/30‬لكن سوء العناية أدى إلى فقدانها البصر نهائيا مع تشوه‬
‫على مستوى قرينة العين (‪.)3‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬الخطأ الجسيم و الخطأ البسيط‬
‫يعد الخطأ البسيط كافيا لقيام مسؤولية اإلدارة‪ ،‬إال أنه في بعض الحاالت و بطلب من‬
‫القاضي يشترط أن يكون الخطأ على درجة معينة من الجسامة‪ ،‬و ذلك حسب طبيعة أنشطة‬
‫المرافق اإلدارية فيكفي إثبات الخطأ البسيط في أنشطة المرافق العادية حتى تترتب‬
‫مسؤوليتها‪ ،‬بينما المرافق التي تتميز أنشطتها بالصعوبة و الخطورة يتطلب ترتيب‬
‫مسؤوليتها أن يكون الخطأ جسيما‪.‬‬

‫‪52‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تعريف الخطأ الجسيم‬


‫لقد كان أول ظهور للخطأ الجسيم حسب الفقه سنة ‪ ، 1905‬وذلك بموجب قرار‬
‫توماسو غريكو"‪"TOMAS)1( GRECCO‬الذي أثار مسؤولية مرفق األمن‪ ،‬ولكن الواقع‬
‫العملي يثبت أنه لم يتم التصريح بالخطأ الجسيم إال في سنة ‪ 1918‬بمناسبة قضية‬
‫ليمونيه "‪ ، "LEMONNIER‬حيث وضعت هذه القضية قواعد جديدة تسمح للقاضي‬
‫بمرا عاة تدرج خطورة األخطاء المرفقية‪ ،‬فتم إشتراط الخطأ الجسيم في بعض األنشطة‬
‫الضارة إلقراره مسؤولية اإلدارة (‪.)2‬‬
‫لم يستطع الفقه و القضاء وضع تعريف محدد للخطأ الجسيم حيث حاول األستاذ‬
‫"‪"CHAPUS‬تعريف الخطأ الجسيم بأنه خطأ أكثر خطورة من الخطأ البسيط"‪ ،‬وترجع‬
‫صعوبة تحديد مفهوم الخطأ الجسيم إلى طبيعة و مميزات المسؤولية اإلدارية في حد ذاتها‪ ،‬و‬
‫التي وضعها حكم بالنكو الشهير‪ ،‬إذ تعتبر مسؤولية اإلدارة عامة و ليست مطلقة‪ ،‬تتجدد‬
‫(‪)3‬‬
‫وتتنوع حسب متطلبات المرفق و تحقيق التوازن بين المصالح العامة و المصالح الخاصة‬
‫ثانيا‪ :‬مجاالت إشتراط الخطأ الجسيم‬
‫إشترط القضاء اإلداري الخطأ الجسيم لترتيب المسؤولية اإلدارية على أساس الخطأ‬
‫المرفقية فهناك مرافق إشترط الخطأ الجسيم في بعض أنشطتها التي تتصف بالخطورة‪ ،‬كما‬
‫إشترط الخطأ الجسيم في كل أنشطة بعض المرافق األخرى ونذكر من بين هذه المرافق‬
‫مايلي‪:‬‬

‫‪53‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫‪ .1‬المرافق التي يشترط الخطأ الجسيم في كل أنشطتها‪:‬‬


‫‪ ‬مرفق مكافحة الحرائق‬
‫يتطلب هذا المرفق بدوره حصول خطأ جسيم منه حتى يمكن تقرير مسؤوليته نظرا‬
‫لصعوبة نشاطه و المتمثل في الضبط اإلداري‪ ،‬و من بين األخطاء التي إعتبرها القضاء‬
‫أخطاء جسيمة لنشاط هذا المرفق و التي تعد مبررا للحكم بالتعويض ‪ ،‬و إضافة إلى ذلك‬
‫يعترف القضاء بالخطأ الجسيم في بعض الحاالت األخرى‪ ،‬كسوء تقدير مخاطر إنتشار‬
‫الحريق أو اإلنسحاب من طرف القوة الحارسة قبل الموعد بعد اإلخماد الظاهر للحريق (‪. )1‬‬

‫‪ ‬ممارسة مهام الوصاية اإلدارية‬


‫تمارس الهيئات المركزية وصاية إدارية على الهيئات الالمركزية‪ ،‬مما يجعل أنشطة و‬
‫مهام الوصاية اإلدارية معرضة إلرتكاب األخطاء‪ ،‬وبالرجوع إلى قضاء مجلس الدولة‬
‫فاألضرار التي تسببها هذه األنشطة ال تسأل اإلدارة عنها إال إذا كان الخطأ جسيما‪ ،‬سواءا‬
‫لحقت هذه األضرار بالمتعاملين مع اإلدارة الالمركزية أو الهيئات الالمركزية محل الوصاية‬
‫(‪. ) 2‬‬

‫‪ ‬نشاط مرفق السجون‬


‫في البداية كان مجلس الدولة الفرنسي يشترط أن يكون الخطأ المرتكب من طرف مرفق‬
‫السجون جسيما و ذو خطورة خاصة لترتيب مسؤولية هذه المصالح‪ ،‬لكن منذ سنة ‪1958‬‬
‫أصبح يشترط الخطأ الجسيم سواء كانت الضحية من الموقوفين أو موظف لحق به‬

‫‪54‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫ضرر سببه له موقوف‪ ،‬و من األخطاء التي تشكل أخطاء جسيمة تقرر مسؤولية اإلدارة عن‬
‫فعل مرفق السجون نجد‪:‬‬
‫‪ ‬إهمال خطير في حراسة سجين خطير األمر الذي يؤدي إلى إضرامه لحريق تسبب‬
‫في وفاة سجين آخر‪.‬‬
‫‪ ‬إهمال ينجر عنه أن محبوسين ذوي ميول إنتحارية تمكنوا من اإلنتحار‪.‬‬
‫‪ ‬إهمال خطير صادر عن حراس لم يطلقوا صفارة إنذار بعد إكتشافهم لمحبوس فاقد‬
‫للوعي في زنزانته‪ ،‬فكل هذه األفعال تشكل خطأ جسيما يقيم مسؤولية الدولة (‪. )1‬‬
‫‪ .1‬المرافق التي يشترط الخطأ الجسيم في بعض أنشطتها‬
‫‪ ‬مرفق الصحة‬
‫وضع مجلس الدولة الفرنسي في سنة ‪ 1935‬مبدأ عاما لقيام مسؤولية المرافق‬
‫اإلستشفائية‪ ،‬فاعتبر أنه من غير الممكن أن تقوم هذه المرافق إال في حالة إرتكابها خطأ‬
‫جسيما في األعمال الطبية‪ ،‬أما إذا تعلق األمر بأمور التسيير و التنظيم فاكتفى بحصول الخطأ‬
‫البسيط لقيام مسؤولية المرفق اإلستشفائي‪ ،‬ويتبين ذلك من خالل قضية السيدة )‪ (V‬سنة‬
‫‪ 1992‬التي تعرضت لعقابيل هامة ذات طابع عصبي على إثر إخضاعها لعملية قيصرية من‬
‫أجل توليدها‪ ،‬بل ذهب إلى أبعد من ذلك حيث قبل بصورة إستثنائية تقرير المسؤولية الطبية‬
‫على أساس المخاطر أي بدون خطأ (‪ . )2‬فالقضاء اإلداري ميز بين نشاط المرافق الذي‬
‫يرتب المسؤولية على أساس الخطأ البسيط والنشاط الطبي الذي يشترط فيه الخطأ الجسيم‪،‬‬
‫فالعمل الطبي الذي يقوم به الطبيب يشترط فيه الخطأ الجسيم ‪،‬‬

‫‪55‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫كنسيان أحد األطباء مقص العملية في بطن أحد المرضى و ذلك نظرا لخطورة ودقة العمل‬
‫الذي يتطلب مؤهالت و مهارات عالية (‪.)1‬‬

‫‪ ‬مرفق الشرطة‬
‫لقد ساد مبدأ عدم مسؤولية الدولة عن نشاط مصالح الشرطة إلى غاية القرن‬
‫العشرين‪ ،‬حتى قضى مجلس الدولة الفرنسي في قضية "‪ "TMASE GRECCO‬بتاريخ‬
‫‪ 1905/02/ 10‬بمسؤولية مصالح الشرطة عن أعمالها المادية على أساس الخطأ الجسيم‪ ،‬أما‬
‫الخطأ البسيط يرتبط بنشاطها اإلداري التنظيمي (‪.)2‬‬
‫ففي بداية األمر كانت مسؤولية مرفق الضبط اإلداري تخضع لوجود خطأ جسيم‪ ،‬و‬
‫لكن بتطور القضاء أصبح يميز بين النشاط القانوني الذي يقوم على وضع لوائح تلزم‬
‫المسؤولية في حالة الخطأ البسيط أل نه عادة ال تواجه سلطة الضبط اإلداري صعوبات‬
‫خاصة‪ ،‬و النشاط المادي الذي يقوم على عمليات التنفيذ الذي يتميز بالصعوبة األمر الذي‬
‫يبرر إمكانية مساءلة المرفق إال على أساس الخطأ الجسيم (‪.)3‬‬

‫‪ ‬مرفق مصالح الضرائب‬


‫إشترط القضاء اإلداري الفرنسي لتقرير مسؤولية مصالح الضرائب خطأ ذو خطورة‬
‫إستثنائية‪ ،‬ثم تراجع وأسس هذه المسؤولية على أساس الخطأ الجسيم نظرا لدقة نشاط مصالح‬
‫الضرائب‪ ،‬غير أن مجلس الدولة الفرنسي غير موقفه مرة أخرى و أصبح يشترط الخطأ‬
‫الجسيم إلنعقاد مسؤولية مصالح الضرائب في العمليات التي تقوم بها و التي تتطلب صعوبة‬
‫خاصة (‪.)4‬‬

‫‪56‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫وقد تجسد ذلك في حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضية"‪ ، "BOURGEOIS‬حيث‬


‫تتلخص وقائعها كما يلي حولت غلطة في الكتابة بواسطة اإلعالم اآللي مبلغ المدخوالت‬
‫القابلة لفرض الضريبة للسيد" بورجوا "من مبلغ ‪ 35.663‬فرنكا إلى مبلغ ‪ 315.663‬فرنكا‪،‬‬
‫و بما أن هذا األخير خاضع لنظام اإلقتطاع الشهري تفطن لهذا الغلط فطلب تصحيح هذا‬
‫الغلط و إسترجاع ما حصل من زيادة في الضريبة‪ ،‬كما طلب التعويض عن الضرر‬
‫الحاصل‪.‬‬
‫فحكم مجلس الدولة بالتعويض على أساس الخطأ البسيط متخليا على الخطأ الجسيم‪،‬‬
‫باعتبار نه يكفي وجود غلط ضار لفتح الحق في التعويض‪ ،‬غير أن فكرة الخطأ البسيط لم‬
‫تعمم حيث إحتفظ قرار "بورجوا "على الصعوبات الخصوصية التي ترجع إلى تقدير‬
‫وضعية المكلف بالضريبة و التي يطب فيها نظام الخطأ الجسيم (‪.)1‬‬

‫‪57‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫خالصة الفصل األول‬


‫يعد الخطأ المرفقي خطأ ً موضوعيا ينسب إلى المرفق مباشرة بغض النظر عن‬
‫مرتكبه و عن إمكانية إسناد هذا الخطأ إلى موظف معين بالذات‪ ،‬فالخطأ المرفقي يرتب‬
‫مسؤولية اإلدارة العامة أثناء قيامها بنشاط مخالف للقانون و إحداثها ضرار فتتحمل بذلك‬
‫التعويض عنه من ميزانيتها الخاصة‪.‬‬
‫يتخذ الخطأ المرفقي مظاهر متعددة يتجسد فيها والتي تؤدي إلى إلحاق الضرر بالغير‪،‬‬
‫و وفقا للتقسيم الشهير الذي جاء به الفقيه "دويز" و الذي مازال يردده فقهاء القانون الحديث‬
‫يمكن إرجاعها إلى ثالث طوائف‪ ،‬تمثل نفس الوقت التطور التاريخي لقضاء مجلس الدولة‬
‫الفرنسي في هذا الصدد و تتمثل هذه المظاهر في سوء أداء المرفق الخدمة المطلوبة منه‪،‬‬
‫اإلمتناع عن تقديم الخدمة أو التأخير في القيام بهذهالخدمة‪ ،‬فاإلدارة تسأل عن األخطاء‬
‫المرفقية التي تضر باألفراد بسبب إهمالها في إدارة وتسيير المرافق العامة‪.‬‬
‫إن دراسة الخطأ المرفقي كأساس لقيام المسؤولية اإلدارية يلزمنا بالضرورة تمييزه‬
‫عن الخطأ الشخصي الذي ينسب إلى الموظف نفسه و يرتب مسؤوليته الشخصية و يتحمل‬
‫وحده التعويض عما أصاب الغير من أضرار‪ ،‬لذا حاول كل من الفقه و القضاء و التشريع‬
‫وضع عدة معايير مختلفة للتفرقة‬
‫بين الخطأين نظرا لما تثيره هذه التفرقة من إشكاالت و التي تعرضت إلى عدة إنتقادات لما‬
‫كانت تحتويه هذه المعايير من نقائص‪ ،‬و بالرغم من ذلك لم يتم الوصول إلى المعيار المعتمد‬
‫من أجل التفرقة بين الخطأ المرفقي و الشخصي فمن الصعب اإلعتماد على معيار واحد مهما‬
‫بلغت درجته و دقته كون التفرقة بين هذين الخطأين تعتمد على دراسة كل حالة على حدى‬
‫ليتضح ما إذا كان الخطأ شخصيا أو مرفقيا‪ ،‬إال أن قضاء مجلس الدولة بالرغم من إقراره‬
‫بفكرة التمييز بين الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي في مجال المسؤولية اإلدارية إستقر‬
‫أيضا على نظام الجمع بين األخطاء و نظام جمع المسؤوليات بعد ما كان ال يقبل ذلك‪.‬‬
‫أما فيما يخص نطاق الخطأ المرفقي نجد أن األعمال القانونية تخضع لمبدأ‬
‫المشروعية‪ ،‬ففي حالة إصدار اإلدارة قرار إداري مخالف للقواعد القانونية أو يكون هذا‬
‫القرار مشوبا بعيب في أحد أركانه كعيب الشكل أو اإلختصاص‪ ،.....‬فإنه يكون عرضة‬
‫لإللغاء و المطالبة بالتعويض عن األضرار الناجمة عنه‪،‬بالرغم من أن مجلس الدولة‬
‫الفرنسي لم يرتب مسؤولية اإلدارة في جميع الظروف بل إشترط لقيامها أنتكون عدم‬
‫مشروعية القرار اإلداري على درجة كافية من الجسامة‪.‬‬

‫‪58‬‬
‫اإلطار المفاهمي للخطأ المنشئ للمسؤوليةاإلدارية‬ ‫الفصل األول‪:‬‬

‫أما األعمال المادية فهي تتجسد في عدة صور كاإلهمال و التأخر وعدم التبصر‬
‫وغيرها من الحاالت التي تعقد مسؤولية اإلدارة على أساس الخطأ الجسيم‪ ،‬و الذي يتم تقديره‬
‫وفقا إلعتبارات متعددة كمراعاة ظرف الزمان و المكان الذي يؤدي فيه المرفق العام خدماته‪،‬‬
‫أو طبيعة المرفق‪ ،‬أو عالقة المضرور بالمرفق العام‪.‬‬

‫‪59‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫أهم تطبيقات الخطأ المرفقي المنشئ‬
‫للمسؤولية اإلدارية و األثار المترتبة عنه‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تقرر مبدأ مسؤولیة اإلدارة عن أعمالها الضارة بعد زوال التفرقة بین أعمال السلطة‬ ‫ّ‬
‫التي لم تكن محال للمسؤولیة و أعمال اإلدارة العادیة التي كانت میدان هذه المسؤولیة‪،‬‬
‫فأصبحت اإلدارة بذلك مسؤولة عن األخطاء الصادرة عن أعمالها سواء كانت أعمال قانونیة‬
‫أو أعمال مادیة‪،‬ویتضح ذلك من خالل مسؤولیة مختلف المرافق العامة عن أخطائها المرفقیة‬
‫الصادرة عن ممارستها ألعمالها المادیة و القانونیة و التي كانت محال للمنازعات اإلداریة‪.‬‬

‫المخولة قانونا لحمایة المصلحة العامة‪ ،‬و حمایة‬


‫ّ‬ ‫وبما ّ‬
‫أن اإلدارة العامة تعد السلطة‬
‫األفراد ومصالحهم الخاصة لذا یترتب عن قیام مسؤولیة اإلدارة العامة آثار عدیدة من بینها‬
‫أن جبر الضرر ال‬ ‫تحمل عبئ التعویض عن األضرار التي تحدثها أعمالها الضارة‪ ،‬غیر ّ‬
‫یكون إالّ إذا رفع المضرور دعوى تعویض لجبر األضرار المترتبة عن األعمال المادیة و‬
‫القانونیة الضارة‪ ،‬وذلك لكون دعوى التعویض من أهم دعاوى القضاء الكامل التي تهدف‬
‫إلى المطالبة بالتعویض و جبر األضرار المترتبة عن األنشطة الضارة للمرافق العامة‪ ،‬كما‬
‫تعتبر الوسیلة القضائیة الوحیدة و الفعّالة لتجسید و تطبیق أحكام النظام القانوني لنظریة‬
‫المسؤولیة اإلداریة في الدولة و صیانة وحمایة حقوق و حریات األفراد في مواجهة أعمال‬
‫أن دعوى التعویض تخضع لجملة من اإلجراءات و الشكلیات إضافة إلى‬ ‫السلطة العامة‪ ،‬غیر ّ‬
‫عدة شروط عامة و خاصة إذ ال یمكن رفع دعوىالتعویض إالّ وفقا لإلجراءات و الشروط‬
‫المحددة قانونا‪.‬‬

‫ومن خالل ما سبق سنتطرق في هذا الفصل لدراسة أهم تطبیقات الخطأ المرفقي‬
‫الموجب للمسؤولیة اإلداریة في (المبحث األول) ثم نتناول اآلثار المترتبة عن المسؤولیة‬
‫اإلداریة على أساس الخطأ المرفقي( المبحث الثاني)‪.‬‬

‫‪61‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث األول‪ :‬أهم تطبيقات الخطأ المرفقي الموجب للمسؤولية اإلدارية‬


‫یعد الخطأ المصلحي خطأ یعقد مسؤولیة اإلدارة‪ ،‬و قد یكون هذا الخطأ عمال مادیا أو‬
‫تصرفا قانونیا (‪ ، )1‬فالخطأ المرفقي هو كل خطأ یرتكبه موظف بمناسبة أدائه لمهامه‬
‫الوظیفیة ویرتب هذا الخطأ مسؤولیة المرافق العمومیة‪ ،‬كون أغلبیة هذه المرافق تخضع‬
‫لنظام المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ المرفقي بسبب نشاطاتها المختلفة (‪ ، )2‬فالمرافق‬
‫العامة أثناء مزاولة نشاطاتها المختلفة قد یصدر عنها أضرار تلحق بالغیر فتنعقد مسؤولیتها‬
‫وتتحمل عبء تعویض ما سببته من أضرار فالمسار العملي لهذه المرافق ال یخلو من‬
‫األخطاء و یتبین ذلك من خالل مختلف التطبیقات القضائیة التي جاء بها مجلس الدولة‬
‫الفرنسي‪ ،‬والتي كرسها القضاء اإلداري الجزائري من خالل تطبیقاته‪ ،‬حیث سمح بتطبیق‬
‫القوانین الفرنسیة من قبل اإلدارة والقضاء إالّ ما یتعارض مع السیادة الوطنیة (‪.)3‬‬

‫وبناءا على ما تقدم سنتناول في هذا المبحث دراسة أهم تطبیقات المسؤولیة اإلداریة على‬
‫أساس الخطأ المرفقي في مختلف المرافق‪ ،‬من بینها مرفق المستشفى(المطلب األول)‪ ،‬مرفق‬
‫الشرطة (المطلب الثاني)‪ ،‬مرفق البلدیة(المطلب الثالث)‪.‬‬
‫المطلب األول‪ :‬مسؤولية مرفق المستشفى على أساس الخطأ المرفقي‬
‫یعتبر المستشفى أهم أداة من أدوات الدولة التي أوكلت لها مهمة اإلشراف و السهر على‬
‫صحة المواطن و الحفاظ على سالمتهم من مختلف األمراض و األوبئة‪ ،‬فالمستشفى یقوم‬
‫بعدة‬

‫‪62‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫نشاطات مختلفة وأعمال تهدف إلى ضمان السیر الحسن لهذا المرفق (‪ ،)1‬كما یعتبر مرفق‬
‫المستشفى من المؤسسات العمومیة ذات الصبغة اإلداریة التي یعرف نشاطها تطورا مستمرا‬
‫یتماشى و تطور العلوم الطبیة‪ ،‬و زیادة على ذلك یتمیز نشاط المستشفى بجوانب مختلفة‬
‫تمتاز بالصعوبة والخصوصیة‪ ،‬مما یؤدي إلى إحتمال صدور أضرار مختلفة أثناء تقدیم هذه‬
‫المرافق خدماتها للمواطنین فیترتب عن ذلك قیام مسؤولیة هذه المرافق اإلستشفائیة‪،‬‬
‫فمسؤولیة المستشفى تتأسس على الخطأ المرفقي سواء كان خطأ بسیطا أو جسیما حسب‬
‫طبیعة النشاط الذي تقوم به(‪. )2‬‬

‫وبناءا على ما تقدم تطرح دراسة مسؤولیة مرفق المستشفى على أساس الخطأ المرفقي‬
‫التطرق إلى نظام مسؤولیة المستشفى (الفرع األول)‪ ،‬ثم التطرق إلى حاالت مسؤولیة مرفق‬
‫المستشفى على أساس الخطأ الجسیم (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬نظام مسؤولية مرفق المستشفى‬
‫یسعى مرفق المستشفى إلى توفیر كافة اإلمكانیات الضروریة للمرضى الوافدین إلیه‬
‫قصد تلقي العالج المناسب‪ ،‬و تتجسد هذه اإلمكانیات التي یسعى المرفق لتوفیرها في مختلف‬
‫النشاطات الطبیة أو العالجیة و التي یقوم بها األطباء و مساعدیهم داخل المستشفى من جهة‬
‫و النشاطات التنظیمیة و اإلداریة التي تتعلق بأعمال تسییر هذا المرفق من جهة أخرى (‪. )3‬‬

‫‪63‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أوال‪ :‬مسؤولية المستشفى عن العمل الطبي‬


‫تتطلب ممارسة مهنة الطب مهارة عالیة في العمل بسبب تعقدها و دقتها سواءا من‬
‫حیث علم طب األمراض أو من حیث الطبیعة اإلنسانیة (‪ ،)1‬ویقصد بالعمل الطبي العمل الذي‬
‫ال یؤدي إال بواسطة األطباء أو الجراحین أو تحت إشرافهم‪ ،‬ففي هذه الحالة یجب أن یتمیز‬
‫الخطأ بالجسامة لكي تقوم مسؤولیة المستشفى‪ ،‬كترك جسم غریب داخل المریض بعد عملیة‬
‫جراحیة‪ ،‬أو بتر أحد أعضاء شخص مریض إثر إصابته بتعفن بعد دخوله إلى المستشفى‬
‫بأربعة أیام نتیجة إهمال شدید أو تركه دون رعایة ‪.‬‬
‫أخذ مجلس الدولة الفرنسي بالمسؤولیة عن العمل الطبي على أساس الخطأ الجسیم في‬
‫عدة قرارت ‪ ،‬كحكم محكمة النقض الفرنسیة بمسؤولیة الطبیب المخدر الذي أخطئ لعدم‬
‫إلتزامه بمتابعة حالة المریض حتى إفاقته من العملیة الجراحیة‪ ،‬وذلك على خالف مجلس‬
‫الدولة الجزائري الذي أخذ بالخطأ الطبي فقط ولم یشر إلى وجوب إشتراط الخطأ الجسیم و‬
‫بالتالي فإن مسؤولیة المستشفى قائمة في كافة األحوال بغض النظر عن الخطأ المرتكب‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬مسؤولية المستشفى عن العمل العالجي‬
‫یتولد العمل العالجي عادة عن العمل الذي یقوم به مساعدوا األطباء من تقنیین و‬
‫ممرضین‪ ،‬ویكفي قیام الخطأ البسیط لمساءلة المتسبب في الخطأ‪ ،‬فالنشاط العالجي یتسم‬
‫بالبساطة و لذا ینتج عنه خطأ بسیط‪ ،‬و یعد خطأ ً عالجیا اإلهمال في المراقبة أو إعطاء أدویة‬
‫بطریقة سیئة ‪.‬‬

‫‪-1‬بن عدة لبنى ‪،‬بن عيسى ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬فصل ‪، 2‬ص ‪65‬‬

‫‪64‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫أصدر القضاء الجزائري عدة أحكام في هذا المجال حیث قضى مجلس قضاء قسنطینة‬
‫في مختلف قراراته بمسؤولیة المرافق الصحیة بمناسبة األعمال العالجیة منها قیام‬
‫الممرضین بخلع ضرس بشكل سيء أو حقن مریض بشكل سيء نتج عنه موت موضعي‬
‫ألنسجة بذارعه مما أدى إلى بترها (‪. )1‬‬
‫ثالثا‪ :‬مسؤولية المستشفى عن أعمال التسيير‬
‫تتعلق أعمال التسییر بكل األعمال الخاصة بتنظیم المرفق الطبي و تسییره ‪ ،‬فكل تقصیر‬
‫أو سوء تسییر في هذا المجال یؤدي إلى مسؤولیة المرفق اإلستشفائي خاصة إذا لحق ضرر‬
‫بالمرضى أو الغیر‪ ،‬فیكتفي حدوث خطأ بسیط لتنعقد مسؤولیة المرفق ‪.‬‬
‫وقد أصدرت الغرفة اإلداریة لمجلس قضاء قسنطینة قرارت عدیدة قضت بمسؤولیة‬
‫المرفق اإلستشفائي بسبب أخطاء التسییر‪ ،‬كحادثة سقوط مریضة أثناء عملیة نقلها لمستشفى‬
‫آخر عندما تركتها الممرضة المرافقة لها دون مراقبة مما أدى إلى وفاتها(‪. )2‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬التمييز بين العمل الطبي و العمل العالجي‬
‫یعتمد الفقه في التمییز بین العمل الطبي و العمل العالجي على معیارین أساسیین‪،‬‬
‫المعیار العضوي و المعیار المادي ‪.‬‬
‫أوال‪ :‬المعيار العضوي‬
‫إن أساس التمییز بین العمل الطبي و العالجي حسب هذا المعیار یكمن في صفة منفذ العمل‪،‬‬
‫فیكون العمل طبي إذا قام به الطبیب أو المختص أو أي تقني آخر له من الخبرة ما تتطلبه‬

‫‪-1‬بن عدة لبنى ‪،‬بن عيسى ‪ ،‬مرجع سابق‪،‬فصل ‪، 2‬ص‪66‬‬

‫‪65‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫مهنة الطب‪ ،‬كإجراء العملیات أو وصف األدویة‪ ،‬أما العمل العالجي فیقوم به شخص آخر‬
‫لیس له مؤهالت علمیة وخبرة كافیة في مهنة الطب كالممرض مثال ‪.‬‬
‫أنتقد هذا المعیار كونه یعتمد على صفة منفذ العمل‪ ،‬كما یعتبر هذا المعیار غیر صالح‬
‫للضحیة فقد یقوم الطبیب ببعض األعمال العالجیة الخفیفة مما یصعب على الضحیة إثبات‬
‫إرتكاب الطبیب خطأ جسیم (‪. )1‬‬
‫ثانيا‪ :‬المعيار المادي‬
‫حسب المعیار المادي فإن العمل الطبي هو العمل الذي یتمیز بصعوبة جدیة و یتطلب‬
‫معرفة خاصة أما العمل العالجي فهو العمل العادي البسیط ویتمیز هذا المعیار بالموضوعیة‬
‫كونه یحمي الضحیة و یأسس مسؤولیة المستشفى عن العمل الطبي على أساس الخطأ البسیط‬
‫و الخطأ الجسیم (‪. )2‬‬
‫ثالثا‪ :‬آثار التمييز بين العمل الطبي و العالجي‬
‫تظهر أهمیة التمییز بین العمل الطبي و العمل العالجي من خالل خضوع كل منهما عند‬
‫إصالح األضرار التي تسببوا في إحداثها إلى نظام خاص فمسؤولیة المرفق اإلستشفائي ال‬
‫تثار بمناسبة األعمال الطبیة إال في الحدود التي ترتكز فیها دعوى التعویض على الخطأ‬
‫الجسیم‪ ،‬أما إصالح األضرار الناجمة عن أعمال العالج فال یشترط فیها سوى توفر الخطأ‬
‫البسیط و یبقى للقاضي سلطة تقدیر درجة الجسامة وفقا للظروف المحیطة بممارسة العمل‬
‫(‪.)3‬‬

‫‪66‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬مسؤولية مرفق المستشفى على أساس الخطأ المرفقي‬


‫یتحمل مرفق المستشفى عبء التعویض عن األضرار التي تلحق بالمرضى أثناء‬
‫تواجدهم بالمستشفى‪ ،‬فیسأل المستشفى بذلك عن كل خطأ یقع في تنظیم و سیر العمل به‪،‬‬
‫وفي تقدیم العنایة و الرعایة الالزمة للمرضى بصفة عامة‪ ،‬إضافة إلى قیام مسؤولیة‬
‫المستشفى في حاالت التأخیر أو اإلهمال في إستقبال المرضى و عدم كفایة الحراسة أو‬
‫إهمال عالج جریح ویسأل المستشفى كذلك عن عدم توفر أدوات طبیة لمعالجة حاالت‬
‫خطیرة و مستعجلة أو لعدم وجود طاقم الطبي مختص‪ ،‬مما یدفع إلى اإلنتقال من المستشفى‬
‫آلخر و ضیاع فرصة الشفاء(‪. )1‬‬
‫أوال‪ :‬سوء تنظيم مرفق المستشفى‬
‫تتحقق مسؤولیة المستشفي في هذه الحالة إذا كانت األضرار الالحقة بالضحیة ناتجة‬
‫عن التنظیم السيء للمرفق الصحي أو عدم تقدیم المرفق الخدمة المطلوبة منه بالرغم من‬
‫توفر اإلمكانیات المادیة و البشریة للسیر الحسن (‪. )2‬‬
‫وفي هذا المجال حكم مجلس الدولة الفرنسي بمسؤولیة مرفق المستشفى و ذلك في‬
‫قضیة السید" ‪ "ROUR‬بتاریخ ‪ 06‬مارس ‪ 1981‬بسبب نسیان السائق المریض في سیارة‬
‫اإلسعاف مما أدى إلى ظهور مضاعفات أشد عل حالته (‪. )3‬‬
‫كما قضت الغرفة اإلداریة بالمحكمة العلیا بتاریخ ‪ 17‬أفریل ‪ 1982‬في قضیة السید"‬
‫عبد المؤمن الطاهر و من معه" ضد مدیر القطاع الصحي لمدینة القل التي تتلخص وقائعها‬
‫أن اآلنسة (م‪.‬م) التي كانت تعمل كممرضة‪ ،‬والتي توفیت بإختناق في غرفة اإلستحمام‬

‫‪67‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫التابعة للمركز الصحي‪ ،‬و عند قیام المصالح المختصة بالمعاینة و المالحظات شاهدت أن‬
‫غرفة اإلستحمام المذكورة كان طولها ‪2‬متر و عرضها ‪20.1‬متر مجهزة بمسخن یعمل‬
‫بالغاز الطبیعي وال تحتوي على أي منفذ للتهویة أو مدخنة إلخراج الغاز المحترق‪ ،‬فقضت‬
‫الغرفة اإلداریة بالمحكمة العلیا بمسؤولیة المرفق لإلستشفاء و النابعة من سوء تنظیم المرفق‬
‫اإلشتشفائي (‪. )1‬‬
‫وأصدر مؤخرا مجلس الدولة الجزائري بتاریخ ‪ 17‬جانفي ‪ 2000‬قرار یقضي‬
‫بمسؤولیة المرفق الطبي العام بسبب سوء التنظیم و اإلدارة‪ ،‬حیث حمل المستشفى‬
‫"ضرباني" بعنابة المسؤولیة اإلداریة و ألزم بدفع مبلغ ‪ 60.000‬دج للضحیة عن وفاة‬
‫والدتها التي أدخلت بسبب حالتها الصحیة‪ ،‬و التي كانت تعاني من مرض الكولیرا‪ ،‬وبسبب‬
‫عدم إتخاذ اإلجراءات الكافیة حیث كان من المفروض ربطها طبقا لتعلیمات الطبیب مما أدى‬
‫إلى رمي نفسها من النافذة و وفاتها(‪. )2‬‬
‫حیث جاء في قرار مجلس الدولة أن مسؤولیة المستشفى ثابتة‪ ،‬خاصة و أن تعاني من‬
‫مرض خطیر یرفع لها درجة الحمى و یؤثر على حالتها النفسیة األمر الذي یجعل عملیة‬
‫ربطها في السریر ضروریة‪ ،‬لهذا أقرت مسؤولیة المستشفى بسبب إنعدام المراقبة من جهة و‬
‫إغفال تنفیذ تعلیمات الطبیب من طرف الممرضین من جهة أخرى (‪. )3‬‬

‫‪68‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬سوء تسيير مرفق المستشفى‬


‫ینتج التسییر السيء للمرفق العمومي عن عدم الكفاءة أو اإلهمال من طرف األعوان‬
‫العمومین‪ ،‬فمتى ترتب على ذلك ضرر ما‪ ،‬فإنه یمكن للمضرور مطالبة اإلدارة بالتعویض‪.‬‬
‫وقد أقر مجلس قضاء وهران بمسؤولیة المستشفى بسبب سوء التسییر في قضیة مدیر‬
‫المستشفى بودیس بوهران ضد فریق(ب)‪ ،‬حیث جاء في حیثیات القرار أن (ب) دعوى‬
‫مطالبین فیها بالتعویض عن الضرر الالحق بهم من جراء وفاة إبنهم وأخیهم (م) إثر حادث‬
‫وقع بالمستشفى یوم ‪ ، 17/01/1980‬على إثر أعمال عنف خطیرة قام بها في حق الضحیة‬
‫أحد المصابین بمرض عقلي الذي دخل المستشفى ووضع في نفس غرفة المرحوم ‪.‬‬
‫فقضى مجلس قضاء وهران أثناء فصله في القضیة بمسؤولیة المستشفى رغم اإلنتقاد‬
‫الذي قدمه مدیر المستشفى على القرار الصادر‪ ،‬حیث صرح بأن المرضى المصابین‬
‫بأمراض عق لیة یتبعون عادة مستشفى سیدي شامي بوهران‪ ،‬ولكن ال یمكن قبول مثل هذا‬
‫التفسیر حیث أن إدارة المستشفى تقر بعلم عمال المستشفى بأن المدعو (ه‪.‬م) مصاب بمرض‬
‫نفسي حیث كان من المفروض حراسته حراسة خاصة نظرا لما یشكله من خطر لنزالء‬
‫المستشفى‪.‬‬

‫‪68‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫غیر أن المجلس القضائي بوهرن حكم بمسؤولیة المستشفى‪ ،‬حیث أیده المجلس األعلى‬
‫في قراره رقم ‪، 52862‬ألنه یعتبر خطأ األعوان لعدم إتخاذ اإلجراءات الالزمة من أجل‬
‫حمایة المرضى من األخطار المحیطة بهم داخل المستشفى خطأ المرفقي ألنه كان من‬
‫المفروض أن یستفید المرضى من خدمات المرفق على الوجه المطلوب منه‪ ،‬وبما أن‬
‫المستشفى لم یقدم الخدمة المطلوبة منه على أكمل وجه تقوم مسؤولیته لعدم إتخاذه‬
‫اإلحتیاطات الالزمة وفقا للتنظیمات المعمول بها (‪. )1‬‬
‫و بالرجوع إلى وقائع القضیة‪ ،‬مجلس الدولة نجد أن هو اآلخر أقر مسؤولیة المستشفى‬
‫إلرتكابه خطأ مرفقي بسب عدم إتخاذ اإلحتیاطات الالزمة لسالمة المریض ٕواهمال مراقبة‬
‫األدوات المستعملة من طرف األعوان و ذلك بموجب قراره الصادر بتاریخ ‪11/03/2003‬‬
‫الملف رقم‪ 007733‬في قضیة (م‪.‬خ) ضد مستشفى بجایة و التي تتمثل وقائعها أنه على إثر‬
‫سقوط المستأنف أ صیب بكسر على مستوى عظم الفخذ وأجریت له عملیة جراحیة بمستشفى‬
‫بجایة بتاریخ ‪ 31/10/1995‬التي تطلبت وضع صحیفة ملولبة فتعرض المستأنف إلصابة‬
‫مكروبیة تسببت في إنتان مقاوم للعالج الطبي الذي عولج به و تم نزع الصحیفة الملولبة في‬
‫الشهر الموالي‪ ،‬حیث أنه بعد نزع الصحیفة تبین أن عظم الفخذ أصیب بتعفن و أدى ذلك إلى‬
‫خضوع المستأنف لعملیات زرع العظام في عدة مراكز إستشفائیة‪.‬‬
‫وقد إتضح بعد ذلك أن هذه العملیات الجراحیة المتعددة التي أجریت على المستأنف‪ ،‬كانت‬
‫نتیجة العملیة التي أجریت له بمستشفى بجایة یوم ‪ ، 31/10/1995‬والتي أستعملت فیها‬
‫صحیفة ملوثة‪ ،‬فقضى مجلس الدولة بمسؤولیة المستأنف علیه وإلزامه‬

‫‪69‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫بالتعویض للمستأنف الذي أخل بواجبه المتمثل في عدم أخذ اإلحتیاطات الالزمة لحمایة‬
‫المریض إضافة إلى إهمال مراقبة الوسائل المستعملة من طرف أعوانه (‪. )1‬‬
‫ثالثا‪ :‬تأخر مرفق المستشفى في أداء الخدمة‬
‫یسأل مرفق المستشفى عن التأخیر في القیام بخدماته بشرط أن یلحق هذا التأخیر‬
‫ضرار بالغیر‪ ،‬وبناءا على ذلك قضت الغرفة اإلداریة بالمجلس األعلى بمسؤولیة المستشفى‬
‫بسبب التأخیر في تقدیم الخدمة بموجب قراره الصادر في قضیة بین الشاب (ب) و مستشفي‬
‫مصطفى باشا الجامعي بتاریخ ‪ 29‬جانفي ‪ ، 1979‬التي تتلخص وقائعها في أن الشاب (ب)‬
‫أدخل المستشفى بسبب كسر في یده الیسرى و قدم له بعض العالج األولي إثر قبوله في‬
‫المستشفى‪ ،‬وبقي المعني باألمر لساعات طویلة دون مراقبة خاصة و مستمرة‪ ،‬وبعد مضى‬
‫أربعة أیام ظهرت تعفنات على مستوى الكسر مما أدى إلى ضرورة بتر یده‪ ،‬فمن خالل‬
‫وقائع القضیة و حكم المحكمة العلیا یتضح أن سبب الضرر الذي أصاب الضحیة هو التأخیر‬
‫في تقدیم العالج من جهة و غیاب المراقبة من جهة أخرى (‪.)2‬‬

‫‪70‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كما قضى قضاء مجلس الدولة الفرنسي بمسؤولیة المستشفى المدني ‪""ANTIBES‬‬
‫بتاریخ ‪12‬دیسمبر ‪ 1941‬في قضیة أرملة ‪ ""TORTEL‬عن تأخر المرفق في تقدیم العالج‬
‫لهذه السیدة (‪.)1‬‬
‫المطلب الثاني‪:‬مسؤولية مصالح الشرطة على أساس الخطأ المرفقي‬
‫یطلق مصطلح الشرطة على الجهاز الذي یؤدي وظائف األمن المختلفة‪ ،‬فیقال هیئة‬
‫الشرطة أو قوة الشرطة‪ ،‬كما یطلق أیضا على الوظائف التي یؤدیها هذا الجهاز فیقال‬
‫الشرطة اإلداریة أو القضائیة (‪. )2‬‬
‫تتكفل مصالح الشرطة بحمایة المواطنین و السهر على سالمتهم في أنفسهم و أموالهم‬
‫من األخطار التي تهددهم و ذلك بإستعمال كل أشكال التدخل مما یوسع من نشاطها من أجل‬
‫ضمان النظام العام األمر الذي یؤدي إلى إرتكاب أخطاء من هذه المصالح التي تؤدي إلى‬
‫ترتیب مسؤولیتها (‪.)3‬‬
‫للتعرف على األخطاء التي ترتب مسؤولیة مصالح الشرطة البد من التطرق إلى‬
‫النظام القانوني لهذه المصالح (الفرع األول)‪ ،‬ثم حاالت الخطأ المرفقي لمصالح الشرطة‬
‫(الفرع الثاني)‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع األول‪:‬نظام مسؤولية مصالح الشرطة‬


‫إعتبر القضاء اإلداري في بدایة األمر نشاط مصالح الشرطة ضمن نشاطات السلطة‬
‫العمومیة التي ال ترتب مسؤولیة اإلدارة عنها‪ ،‬إال أنه عدل موقفه و أصبح یعترف بمسؤولیة‬
‫مصالح الشرطة سواء تعلق األمر بنشاطها التنظیمي أو التنفیذي المادي أو في حالة رفضها‬
‫تنفیذ قرارات قضائیة (‪.)1‬‬
‫أوال‪ :‬نظام مسؤولية مصالح الشرطة بسبب نشاطها التنظيمي‬
‫یتمثل النشاط التنظیمي لمصالح الشرطة في مختلف القرارت التي تتخدها لممارسة‬
‫نشاطها أو القرارات التي تصدرها لصالح المواطنین و تحقیق المصلحة العامة و الحفاظ‬
‫على النظام العام كأن تمنع إجراء تجمعات ‪ ،‬وتسمى هذه المجموعة من النصوص التنظیمیة‬
‫بالضبط اإلداري (‪. )2‬‬
‫ثانيا‪ :‬نظام مسؤولية مصالح الشرطة بسبب نشاطها المادي التنفيذي‬
‫یتجسد النشاط المادي التنفیذي لمصالح الشرطة في كل العملیات التي تقوم بها هذه‬
‫المصالح لتنفیذ أوامر أو نصوص قانونیة‪ ،‬حفاظا على المصالح العامة للمواطنین مثل متابعة‬
‫مجرمین أو منع مرور السیارات في طریق معین ألسباب أمنیة ‪.‬‬
‫و نظرا لتنوع و صعوبة النشاط المادي التنفیذي لمصالح الشرطة‪ ،‬صنف القضاء‬
‫اإلداري هذا النشاط وفقا لتنوع حاالت الحفاظ على النظام العام و التي تتمثل في صنفین ‪،‬‬
‫الصنف األول یكمن في جمیع األعمال المادیة التي ال یستعمل فیها السالح ‪ ،‬أما الصنف‬

‫‪72‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الثاني فیشمل كافة العملیات المادیة والتنفیذیة التي یستعمل فیها السالح الناري‪ ،‬ویشترط في‬
‫الصنف األول من األعمال المادیة لمصالح الشرطة إرتكاب خطأ جسیم لقیام مسؤولیة‬
‫المرفق و یشترط في الصنف الثاني من األعمال الخطأ البسیط و ذلك إذا كانت الضحیة هي‬
‫المقصودة بالعملیة المادیة(‪. )1‬‬
‫ثالثا‪ :‬نظام مسؤولية مصالح الشرطة في حالة رفض تنفيذ القرارت القضائية‬
‫تلتزم مصالح الشرطة بتنفیذ جمیع القرارات القضائیة وفقا لنص المادة ‪ )2(136‬من‬
‫دستور ‪، 1989‬وفي حالة رفض مصالح الشرطة تنفیذ أحكام القضاء تترتب مسؤولیتها إال ما‬
‫یتعلق بحفظ النظام العام ‪.‬‬
‫إن إمتناع مصالح الشرطة عن تنفیذ قرار قضائي یكون في حالتین‪ ،‬سواء كان اإلمتناع‬
‫عن تنفیذ قرار صادر عن القضاء اإلداري ضد مصالح الشرطة‪ ،‬أو یكون رفض تنفیذ قرار‬
‫قضائي صادر لصالح شخص ما ضد شخص آخر(‪.)3‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬حاالت الخطأ المرفقي لمرفق الشرطة‬
‫حصر الفقه الحاالت التي تكون فیها أعمال أعوان الشرطة أخطاءا مرفقیة تؤدي إلى‬
‫إصابة األفراد بأضرار‪ ،‬وتتمثل هذه الحاالت في سوء أداء مرفق الشرطة الخدمة المطلوبة‬
‫منه‪ ،‬عدم تقدیم المرفق الخدمة المطلوبة منه‪ ،‬التأخر في القیام بالخدمة‪.‬‬

‫‪73‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تأدیة مرفق الشرطة الخدمة المطلوبة منه‪ ،‬ویتضح ذلك من خالل مختلف القرارات واألحكام‬
‫الصادرة منه في هذا المجال‪ ،‬و من بین تطبیقاته نجد الحكم الصادر في‪ 10‬فیفري‪ 1905‬في‬
‫قضیة ‪ ، TOMASO" "GRICO‬ثو ار هائجا و التي تتلخص وقائعها أن هرب من سوق‬
‫األربعاء بتونس‪ ،‬فأندفع الناس ورائه محاولین اإلمساك به و أثناء تلك المطاردة أطلق عیار‬
‫ناري‪ ،‬أصاب السید ‪ GRICO‬بجراح وهو في منزله ‪ ،‬فرفع هذا األخیر دعوى مطالبا‬
‫بتعویضه عما أصابه مدعیا أن العیار الذي أصابه ‪ ،‬أطلقه أحد رجال البولیس الذین كانوا‬
‫یطاردون الثور الهائج‪ ،‬وبموجب هذا القرار قضى مجلس مرفق الشرطة مسؤول مالیا عن‬
‫األخطاء المصلحیة التي یرتكبها أعوانها لعدم إتخاد اإلحتیاطات الالزمة لمنع مثل هذه‬
‫الحوادث ‪.‬‬
‫أصدر مجلس الدولة الفرنسي قرار آخر حول مسؤولیة مرفق الشرطة على األخطاء‬
‫المرفقیة التي یرتكبها أعوان المرفق‪ ،‬وذلك بموجب قضیة" ‪ "GUIRAD DAME‬بتاریخ‬
‫‪ 18‬ماي ‪ ،1932‬و التي تتلخص وقائعها في إطالق أحد األعوان النار على أحد المتظاهرین‬
‫في حفل رسمي مما كان بإمكان العون تجنب الحادث أدى إلى قتله مع أنه كان بامكان العون‬
‫تجنب الحادث (‪. )2‬‬
‫أما القضاء الجز ائري‪ ،‬فقد أصدرت الغرفة اإلداریة العلیا موقفا خاصا في قضیة "‬
‫أسماني نبیل" ضد وزیر الداخلیة حیث أن مصالح الشرطة أوقفت بتاریخ ‪09/11/1972‬‬
‫السید أسماني الذي كان یحمل محلف و علیه الحبوب الممنوعة وسلم إلى مصالح األمن‬

‫‪74‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الحضري بالجزائر إلستجوابه‪ ،‬و في نفس الیوم نقل إلى المستشفى الجامعي لعالج الجروح‬
‫التي أصابته في عینه یسرى بسبب سقوطه على األرض داخل محافظة الشرطة‪ ،‬و لقد أقرت‬
‫الغرفة اإلداریة أن الشرطة مسؤولة على أساس الخطأ المرفقي الناجم عن تهاون رجال‬
‫الشرطة أي سوء تسییر المرفق العام (‪.)1‬‬
‫ثانيا‪ :‬عدم أداء مرفق الشرطة الخدمة المطلوبة منه‬
‫تتجسد هذه الصورة في ذلك اإلمتناع الذي یصدر عن مصالح الشرطة أي إتخاذها‬
‫موقفا سلبیا و المتمثل في إمتناعها عن تنفیذ حكم قضائي أو إهمال واجبات یفرضها القانون ‪.‬‬
‫وفي هذا الشأن وسع مجلس الدولة نطاق مسؤولیة مرفق البولیس لتشمل إهمال اإلدارة‬
‫في أداء واجباتها التي یفرضها القانون‪ ،‬كما هو الحال في قضیة ‪ " "HUILIER'L‬بتاریخ‬
‫‪ 14‬نوفمبر‪، 1919‬وتتلخص وقائعها في إهمال اإلدارة مراقبة الجنود مما أدى إلى قتل جندي‬
‫ألحد أبناء األسر الذي نزل فیها جبرا(‪. )2‬‬
‫ثالثا‪ :‬تأخر مرفق الشرطة في أداء الخدمة‬
‫یسأل مرفق الشرطة و تترتب مسؤولیته إذا تباطئ أكثر من الالزم في أداء الخدمة‬
‫المطلوبة منه خاصة في حالة ما لحق األفراد ضرار من جراء هذا التأخیر الغیر مبرر(‪. )3‬‬
‫حكم القضاء الفرنسي بمسؤولیة مرفق البولیس عن التأخیر المفرط في أدائها للخدمة‬
‫المطلوبة منها في قضیة ‪ " "BRINY‬الصادر في ‪ 01‬جویلیة ‪ ، 1919‬و التي جاء في‬

‫‪75‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫حیثیاتها أن أحد الشباب المتطوعین في فرقة عسكریة لم یبلغ السن القانونیة ولصحة التطوع‬
‫في مثل هذه الحالة البد من موافقة والده على ذلك‪ ،‬و رغم تقدم هذا األخیر أمام اإلدارة‬
‫یلتمس حق اإلفرج عن إبنه و إفائه لبطالن التطوع ‪ ،‬و خالل تلك الفترة شارك الشاب في‬
‫معركة وقتل فیها فحكم القضاء الفرنسي بمسؤولیة اإلدارة على أساس الخطأ المرفقي كونها‬
‫تأخرت في فحص طلب والد الضحیة و إعفاءه من الخدمة العسكریة ‪.‬‬
‫إضافة إلى حكم مجلس الدولة الفرنسي في قضیة ‪" ، "MOLODIBIRY‬الصادرة‬
‫بتاریخ ‪ 25‬نوفمبر ‪ 1921‬التي تتلخص وقائعها أحد رجال البولیس قام بالقبض على الكلب‬
‫ألحد األفراد و تقدم بعد ذلك صاحبه مطالبا إطالق سراح كلبه و لم تقوم اإلدارة بإجراءات‬
‫فحص طلبه إال بعد أن قتل الكلب‪ ،‬األمر الذي یرتب مسؤولیة اإلدارة وتحمل عبء التعویض‬
‫لصاحب الكلب نتیجة بطىء تقدیم الخدمة ونتیجة ذلك قتل الكلب ‪.‬‬
‫و أصدر مجلس الدولة حكما آخر في هذا الشأن‪ ،‬و ذلك في قضیة ‪" "BRAUT‬بتاریخ‪22‬‬
‫جانفي ‪ 1943‬والتي جاء في حیثیاتها تأخر سلطات البولیس في تنفیذ أمر صادر بإخراج أحد‬
‫المتشاجرین مدة طویلة بدون مبرر(‪. )1‬‬
‫المطلب الثالث‪:‬مسؤولية البلدية على أساس الخطأ المرفقي‬
‫یعتبر قانون البلدیة المصدر األساسي لمسؤولیة البلدیة لما یتضمنه من قواعد تتعلق‬
‫بتنظیم وسیر البلدیات‪ ،‬فالبلدیة تعتبر مسؤولة حسب نص المادة ‪ 144‬من قانون البلدیة‬
‫رقم‪ 10/11‬عن األخطاء المرفقیة التي یرتكبها رئیس المجلس الشعبي البلدي و منتخبوا‬
‫البلدیة أثناء ممارسة مهامهم أو بمناسبتها‪.‬‬

‫‪-1‬بن عدة لبنى ‪،‬بن عيسى فايزة ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪79‬‬

‫‪76‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫و باإلضافة إلى مسؤولیة البلدیة عن أعمال رئیسها و موظفیها ‪ ،‬تقوم مسؤولیتها بسبب نشاط‬
‫بعض المصالح التابعة لها‪ ،‬غیر أن موضوع مسؤولیة البلدیة عن نشاط مصالحها ال یتعلق‬
‫بالمصالح ذات الطابع اإلقتصادي ألن هذه المصالح تخضع لنظام قانوني آخر‪ ،‬بل یتعلق‬
‫بمسؤولیة البلدیة عن نشاط المصالح ذات الطابع اإلداري و اإلجتماعي (‪. )1‬‬
‫الفرع األول‪:‬مسؤولية البلدية عن األضرر الالحقة بمستعملي المباني و األشغال العمومية‬
‫تقوم مسؤولیة البلدیة على أساس الخطأ المرفقي في حالة إرتكابها خطأ في إنعدام‬
‫الصیانة العادیة للمبنى العمومي أو عدم أخذ اإلحتیاطات الالزمة للحمایة من أضرار األشغال‬
‫العمومیة‪ ،‬فاإلدارة ملزمة بالسهر على صیانة و سیر المبنى العمومي لیتمكن المرتفق من‬
‫إستع ماله بدون خطر‪ ،‬و یقصد بالمستعمل هو الذي یستفید من أشغال عامة أو الذي یستعمل‬
‫اإلنشاء العمومي‪ ،‬لذا نجد أن الغرفة اإلداریة للمجلس األعلى أصدرت عدة قرارات‬
‫بخصوص هذا النوع من المسؤولیة التي تقوم على أساس الخطأ المرفقي إضافة إلى حاالت‬
‫تطبیقها (‪. )2‬‬
‫أوال‪ :‬عدم تسييج بركة مائية‬
‫یشكل إهمال أو تقصیر البلدیة في عدم تسییج حفرة لتفادي سقوط األشخاص أو‬
‫الحیوانات فیها خطأ مرفقیا یعقد مسؤولیتها و تلزم بالتعویض‪ ،‬و من بین تطبیقات هذه الحالة‬
‫قرار مجلس الدولة بتاریخ ‪ 06/01/2004‬في قضیة ورثة (م‪.‬أ) ضد بلدیة بولهیالت باتنة و‬
‫التي تتلخص نت بركة میاه بالمكان المسمى وقائعها أنه من جراء تساقط األمطار تكون‬

‫‪-1‬بن عدة لبنى ‪،‬بن عيسى فايزة ‪ ،‬مرجع سابق ‪،‬ص‪79‬‬

‫‪ -2‬المرجع نفسه ‪ ،‬ص ‪80‬‬

‫‪77‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫العذبة البیضاء التابعة لبلدیة بولهیالت ‪ ،‬حیث یبلغ طول البركة حوالي مائة متر و عرضها‬
‫ستون متر و عمقها متران و نصف و شكلها شبه دائري‪ ،‬فأراد الضحیة السباحة داخلها‬
‫فغرق مما دفع ذو حقوق الضحیة رفع دعوى أمام الغرفة اإلداریة لمجلس قضاء باتنة‬
‫مطالبین بالتعویض‪ ،‬فقضت هذه األخرة بتارخ ‪2001/04/23‬برفض الدعوى لعدم التأسیس‬

‫رفع ذوي الحقوق إستأنافا ضد القرار أمام مجلس الدولة الذي قضى بإلغاء القرار‬
‫المستأنف و التصریح من جدید بمسؤولیة البلدیة و سبب قراره كمایلي "‪ :‬حیث أن هذه‬
‫البركة مملوءة بالماء تجلب الشباب ال سیما في وقت الحرارة كان من الواجب أن تكون‬
‫حرسة من طرف البلدیة‪ ،‬أو على األقل كان على هذه األخیرة أخذ اإلحتیاطات من أجل‬
‫تفادي هذه الحوادث مع العلم بأنه حسب الصورة الفوتوغرافیة هذه البركة تشبه بحیرة‬
‫صغیرة كان علیها وضع سیاج حول هذه البركة لمنع السباحة"‪ ،‬فالبلدیة بعدم أخذها التدابیر‬
‫الوقائیة جعلت مسؤولیتها قائمة عل أساس الخطأ المرفقي ‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا‪ :‬سوء تسيير و عدم صيانة منشأة مائية‬


‫تقوم مسؤولیة البلدیة أو اإلدارة العامة في هذه الحالة على أساس الخطأ المرفقي إذا‬
‫قامت بأداء الخدمة المطلوبة منها على وجه سيء أو أهملت أدائها(‪ ، )2‬ففي حالة سوء تسییر‬
‫أو عدم صیانة منشأة مائیة تترتب مسؤولیة البلدیة‪ ،‬و قد أصدر مجلس الدولة في هذا الصدد‬
‫قرار بتاریخ ‪2004/02/10‬في قضیة ورثة السید(ب‪.‬م) ضد بلدیة تقرت لعدم صیانة قنوات‬
‫المیاه من طرف البلدیة وتتمثل وقائعها أن مورث المدعین یملك مسكنا في شارع بن بولعید‬
‫بمدینة تقرت یطل على الشارع الرئیسي الذي تمر منه القناة الرئیسیة للمیاه للصالحة للشرب‪،‬‬
‫وبسبب عطب هذه القناة‪ ،‬تسربت المیاه داخل الدار وتسبب ذلك في تشقق الجدران مع إنتفاخ‬
‫في األرضیة‪.‬‬
‫رفع هؤوالء دعوى أمام الغرفة اإلداریة لمجلس قضاء ورقلة ضد البلدیة طالبین‬
‫التعویض والتي إستجابت لهم بقرار في ‪ 24/01/2000‬وألزمت البلدیة بأن تدفع لهم مبلغ‬
‫‪ 667.513.00‬دج وتعویضا قدره ‪ 100.000.00‬دج (‪.)3‬‬
‫إستأنفت البلدیة هذا القرار دافعة بأن قطاع المیاه لم یعد تابعا لها إبتداءا من ‪1985/04/16‬‬
‫ولقد قضى هذا األخیر بتأیید القرار المستأنف‪ ،‬على أساس أن الوقائع تعود لسنة ‪1983‬‬
‫عندما كان قطاع البلدیة خاضعا لتسییر البلدیة‪ ،‬و تتمثل مسؤولیة البلدیة في عدم صیانتها‬
‫لقنوات المیاه و تركها تتسرب منها المیاه مما أدى إلى اإلضرار بمسكن المدعین و ذلك أن‬
‫القنوات مبنى عمومي كان أثناء الوقائع تابعا للبلدیة ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫وهكذا نكون بصدد خطـأ مرفقي للبلدیة ألن تسرب المیاه من القنوات المخصصة لذلك‬
‫یعد قرینة على إنعدام الصیانة‪ ،‬وذلك لعدم تفقد تلك القنوات وعدم إصالحها فبكفي إثبات المد‬
‫الضرر المتمثل في تشقق الجدران و العالقة السببیة المؤثرة فیما بینه و بین تسرب المیاه من‬
‫القنوات(‪. )1‬‬
‫ثالثا‪ :‬عدم إتخاذ اإلحتياطات الالزمة بشأن عمود كهربائي‬
‫یعتبر ترك عمود كهربائي أمام الساحة التي یلعب فیها األطفال دون إزالته أو صیانته بإزالة‬
‫خلت عن و مفعول الكهرباء فیه‪ ،‬خطأ من البلدیة المالكة له و التي واجب صیانة ممتلكاتها‪،‬‬
‫وأن حدوث أضرار نتیجة ذلك یقیم مسؤولیتها ‪.‬‬
‫و في هذا الشأن أقرت الغرفة اإلداریة مسؤولیة البلدیة في قضیة وفاة الطفل "محمد" و‬
‫ذلك بموجب الحكم الصادر عن المجلس قضاء الشلف بتاریخ ‪ 06‬مارس‪، 2002‬حیث‬
‫تتلخص وقائعها الطفل محمد أصیب بحروق خطیرة جراء لمسه ألسالك عمود التیار‬
‫الكهربائي بسبب الضغط أن العالي‪ ،‬ف رفع والد الطفل محمد دعوى ضد رئیس بلدیة ملیانة‬
‫لتعویض الضرر الذي لحق إبنه كون الحادث نتج عن إهمال البلدیة إذ لم تقم بإزالة أكوام‬
‫التراب من تحت األسالك الكهربائیة‪ ،‬مما جعل اإلرتفاع یتقلص من ستة أمتار إلى مترین و‬
‫هذا ما أدى إلى لمس األسالك من قبل الضحیة‪ ،‬و لقد أرسل المدعى علیه أي البلدیة مصالح‬
‫سونلغاز إلزالة هذه األكوام لكن لم تحرك ساكنا(‪. )2‬‬

‫‪80‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫رابعا‪ :‬سوء تثبيت حاجز حديدي‬


‫و یندرج هذا الخطأ أیضا تحت طائفة الخطأ المكو ن و الموجب للمسؤولیة اإلداریة و‬
‫هو سوء التسییر و اإلهمال في أداء الخدمة(‪ ، )2‬ونجد في هذا الشأن قرار مجلس الدولة في‬
‫‪ 2004/07/20‬في قضیة ذوي الحقوق ( ط‪.‬م ) ضد بلدیة سوقر والتي أقر مجلس الدولة‬
‫بمسؤولیة البلدیة جزئیا‪ ،‬حیث تتلخص وقائعها في كون البلدیة وضعت حاجزا حدیدیا لقطع‬
‫الطریق الضحیة لیال‪ ،‬ونظرا لعدم تثبیته جیدا مر ( ط‪.‬م ) البالغ من العمر سبع سنوات فسقط‬
‫الحاجز على رقبته و تسبب في وفاته‪.‬‬
‫رفع ذوي حقوق الضحیة دعوى أمام بلدیة سوقر الغرفة اإلداریة لمجلس قضاء تیهرت‬
‫ضد یطالبون فیها الحكم لهم بالتعویض‪ ،‬فأصدرت الغرفة اإلداریة قرار في ‪18/03/2001‬‬
‫برفض الدعوى‪ ،‬فإستأنف هؤوالء قرار الرفض أمام مجلس الدولة الذي قضى بمسؤولیة‬
‫البلدیة مع وجود خطأ لوالدي الضحیة یعفي البلدیة جزئیا من المسؤولیة حیث جاء من أسباب‬
‫القرار " أنه من ا لبدیهي أن سقوط الحاجز الحدیدي راجع إلى سوء تثبیت هذا األخیر من‬
‫طرف مصالح البلدیة‪ ،‬حیث أن سوء تثبیت الحاجز یمثل خطأ یؤدي إلى إقامة مسؤولیة‬
‫البلدیة‪ ،‬ومن ثم فإن البلدیة مسؤولة عن الحادث الذي راح ضحیته القاصر( ط‪.‬م )‪ ،‬لكن السید‬
‫ط‪.‬م قاصر وتحت مسؤولیة والدیه فإنه وجب علیهما مراقبته‪ ،‬وعدم قیامهما بذلك یكونا قد‬
‫إرتكبا خطأ من شأنه إعفاء البلدیة جزئیا من مسؤولیتها‪ ،‬حیث ألزام مجلس الدولة رئیس‬
‫المجلس الشعبي البلدي بتعویض جزئي أي ‪ 3/1‬من األضرار الالحقة‪ ،‬أم ‪ 2/3‬الباقیة تقع‬
‫على الوالدین(‪. )3‬‬

‫‪81‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬مسؤولية البلدية بسبب نشاط مصالح مكافحة الحريق‬


‫كان قانون البلدیة القدیم ینص على إلزام البلدیات بتنظیم مرفق مكافحة الحرائق‪ ،‬فسوء‬
‫تنظیم المرفق ینشئ مسؤولیة الدولة أو البلدیة‪ ،‬و تجسد ذلك في قضیة " بن مشیشي" ضد‬
‫بلدیة الخروب(‪ ، )1‬حیث بتاریخ ‪ 28‬ماي ‪ 1969‬شاب حریق في ورشة للنجارة تقع في مدینة‬
‫الخروب والیة قسنطینة و المملوكة للمدعو "بن مشیشي" و كان السبب في حدوثه هي رمي‬
‫مفرقعات من طرف أطفال بمناسبة المولد النبوي (‪. )2‬‬
‫تقدم المدعو بن مشیشي بتظلمین األول أمام البلدیة و الثاني أمام والي والیة قسنطینة‪،‬‬
‫ثم رفع دعوى أمام مجلس قسنطینة الفاصل في المادة اإلداریة و الذي رفض التعویض‬
‫لسببین أوال ألنه ال ال یمكن مساءلة البلدیة على أساس واقعة واحدة الممثلة في إخالل األطفال‬
‫بتنظیم منع إستعمال المفرقعات و رمیها‪.‬‬
‫وبعد اإلستئناف أمام المجلس األعلى‪ ،‬قضى هذا األخیر بتحمیل البلدیة ربع المسؤولیة‬
‫وأن تدفع للعارض مبلغ تعویض خمسون ألف دینار جزائري و أسس مسؤولیة البلدیة على‬
‫أساس خطأ المجلس الشعبي البلدي الذي لم یتخذ اإلحتیاطات الضروریة لضمان النظام العام‪.‬‬
‫وجاءت أسباب قرار المجلس األعلى كمایلي "‪ :‬حیث أنه ینتج عن الخبرة المؤرخة في‬
‫‪ 10‬نوفمبر ‪ 1969‬و من محضر الشرطة المنجز في ‪ 26‬جوان ‪ 1969‬بأن السبب المنشئ‬
‫للضرر في واقعة رمي األطفال بإرادتهم المفرقعات في مدخل تهویة القاعة المهیئة كورشة‬
‫للنجارة ‪ ،‬وهكذا یجد الضرر المنصب على ملك المستأنف مصدره خطأ‬

‫‪82‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫رئیس المجلس الشعبي البلدي‪ ،‬و الذي بتجاهله للقانون‪ ،‬ولم یتخذ كل اإلحتیاطات الضروریة‬
‫لضمان النظام العام على تراب البلدیة‪"...‬‬
‫في حین رفض إقامة مسؤولیة البلدیة على الخطأ في تنظیم المرفق العام لمكافحة‬
‫الحریق و هذا بقوله"حیث ینتج بالفعل من الملف بأن الشروط التي مورست فیها مكافحة‬
‫الحریق تظهر عدم كفایة الوسائل الضروریة لتفادي الخسارة‪ ،‬وأن رئیس البلدیة قام شخصیا‬
‫بإدارة تلك العملیات و كان یقود بنفسه إحدى الشاحنات المعبئة بالمیاه و عندئذ ال یمكن نسبة‬
‫أي خطأ ضد اإلدارة في تنظیم وتسیر المرفق العام للمكافحة ضد الحریق ‪ "....‬فهنا نجد‬
‫المجلس األعلى یشر إلى إنعدام أي خطأ مرفقي في تنظیم المرفق العام‪ ،‬مادام أن رئیس‬
‫البلدیة قام بنفسه بإدارة عملیة اإلطفاء‪ ،‬وأنه ال یوجد تهاون أو إهمال من طرف البلدیة(‪. )1‬‬
‫و بالرجوع إلى نص المادة ‪ )2( 140‬من قانون البلدیة القدیم لسنة ‪ 1990‬نجد أنها‬
‫أقامت مسؤولیة البلدیة عن الحرائق على أساس عدم إتخاذ اإلحتیطات الالزمة قانونا ‪.‬‬
‫إن القرار الصادر في قضیة بن مشیشي یشیر إلى عدم و جود خطأ في تنظیم وسیر‬
‫مرفق عام‪ ،‬یبرهن على أن سوء تنظیمه و سیره یعتبر خطأ مرفقیا (‪.)3‬‬

‫‪83‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬مسؤولية البلدية بسبب نشاط المؤسسات التعليمية اإلبتدائية‬


‫تلتزم البلدیة وفقا لنص المادة ‪ )1( 122‬من القانون رقم ‪ 11/10‬بإنجاز المؤسسات التعلیمیة‬
‫اإلبتدائیة طبقا للخریطة المدرسیة الوطنیة‪ ،‬و ضمان صیانتها كما تلتزم بإنجاز و تسییر‬
‫المطاعم المدرسیة و السهر على توفیر وسائل نقل التالمیذ و التأكد من ذلك (‪ ، )2‬فالبلدیة‬
‫تسأل في حالة وجود خطأ مرفقي‪ ،‬مثل سوء سیر وتنظیم المؤسسة التعلیمیة ‪.‬‬
‫إن إنعدام الصیانة العادیة للمؤسسة العادیة یرتب مسؤولیة الدولة خاصة إذا تعرض‬
‫تلمیذ لحادث مصدره عدم صیانة العتاد أو المبنى العمومي‪ ،‬و نكون بصدد عدم الصیانة‬
‫العادیة عندما یترك في المدرسة سلك كهربائي على األرض و یقوم أحد التالمیذ بلمسه و‬
‫یتسبب ذلك في تكهربه ووفاته نتیجة ذلك‪ ،‬وتطبیقا لهذه الحالة جاء قرار الغرفة اإلداریة‬
‫للمحكمة العلیا بتاریخ ‪1992/02/23‬و التي تتلخص وقائعها وفقا لشهادة مدیرة مدرسة‬
‫الكرمة التي كان الضحیة یزاول فیها دراسته بصفة قانونیة ‪ ،‬أن الطفل ( ب‪.‬ه) و هو في‬
‫طریقه إلى المطعم المدرسي قتل بتیار كهربائي شدید الضغط كان واقعا على األرض بعد أن‬
‫أمسك به‪ ،‬وبالتالي عندما مات الطفل بالتیار الكهربائي تحت مسؤولیة المؤسسة التعلیمة‬
‫األمر الذي یؤدي إلى تحمیلها عبء التعویض عن الضرر الذي لحق بالضحیة (‪. )3‬‬

‫‪84‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المبحث الثاني‪:‬اآلثار المترتبة عن األخطاء المرفقية‬


‫تتجسد الرقابة القضائیة على األخطاء المرفقیة باإلعتماد على القاعدة العامة وهي ّ‬
‫أن‬
‫مسؤولیة اإلدارة عن أعمالها تقوم على ثالثة أركان‪ ،‬وهي الخطأ و الضرر و العالقة السببیة‬
‫بینهما بحیث أن مسؤولیة المرا فق العامة كأصل عام تقوم على أساس الخطأ المرفقي المنشئ‬
‫للمسؤولیة اإلداریة فتترتب مسؤولیتها بمجرد إنعقاد أركانها الثالث (‪.)1‬‬
‫وعند إثبات الخطأ المسبب للضرر أو الفعل الذي تسبّب في إحداثه‪ ،‬كالخطأ الصادر‬
‫من أحد المرافق العمومیة تكون اإلدارة مسؤولة عن جبر األ ضرار الناجمة عنها وتقرر‬
‫أن جبر الضرر‬ ‫مسؤولیتها عن تصرفاتها القانونیة أو أعمالها المادیة غیر المشروعة‪ ،‬غیر ّ‬
‫ال یكون إال عن طریق دعوى التعویض التي یتمكن من خاللها الشخص المضرور الحصول‬
‫على التعویض من الطرف المسؤول الذي تسبب فیه (‪ ،)2‬لذا تعتبر دعوى التعویض أهم‬
‫الوسائل القضائیة الف ّع الة لتجسید وتطبیق أحكام النظام القانوني لنظریة مسؤولیة اإلدارة عن‬
‫أخطاء المرافق العمومیة‪ ،‬وحمایة حقوق وحریات األفراد في مواجهة أعمال ونشاطات‬
‫المرافق العمومیة الضارة (‪. )3‬‬
‫وللدراسة و التفصیل في دعوى تعویض یجب التطرق إلى مفهوم دعوى تعویض‬
‫المطلباألول‪ ،‬والجهة المختصة في الفصل في دعوى التعویض (المطلب الثاني)‪ ،‬ثم التطرق‬
‫إلى طرقالطعن في األحكام الصادرة في دعوى التعویض الناشئة عن المسؤولیة اإلداریة‬
‫على أساس الخطأ المرفقي(المطلب الثالث)‪.‬‬

‫‪85‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المطلب األول‪:‬مفهوم دعوى تعويض الوجبة ضد األخطاء المرفقية‬


‫األصل العام بإمكان المتضرر من نشاط اإلدارة أو أخطاءها المرفقیة الحصول على‬
‫أن تحصیل تعویض ال یكون إال وفق مبادئ كرسها القضاء‬‫تعویض لجبر الضرر‪ ،‬بحیث ّ‬
‫اإلداري‪،‬وتتلخص هذه المبادئ في دعوى تعویض (‪.)1‬‬
‫و لتحدید مفهوم دعوى تعویض بصورة واضحة وكاملة یتطلب األمر التطرق إلى‬
‫تعریف دعوى تعویض(الفرع األول)‪ ،‬والتطرق إلى خصائص دعوى تعویض(الفرع‬
‫الثاني)‪ ،‬ثم الشروط الشكلیة والموضوعیة لقبول دعوى تعویض (الفرع الثالث)‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬تعريف دعوى تعويض‬

‫نظرا ألهمیة دعوى تعویض و تجسیدها الفعلي لحمایة وصیانة الحقوق في مواجهة‬
‫أخطاء المرافق العمومیة تعتبر من الدعاوي األكثر قوة و قیمة قانونیة‪ ،‬فهي وسیلة قضائیة‬
‫كثیرة اإلستعمال و التطبیق‪ ،‬كونها تمثل السبیل القانوني الوحید لحل المنازعة اإلداریة (‪. )2‬‬
‫أوال ‪:‬التعريف التشريعي‬
‫لقد ورد ذكر معنى دعوى تعویض في التشریع و فیما یخص القانون اإلداري بشكل‬
‫محتشم‪ ،‬بحیث لم یوردها المشرع بصورة صریحة بل جاءت ضمنیا إال في بعض النصوص‬
‫والمواد التشریعیة كما جاءت في المادة ‪ 800‬من القانون اإلجراءات المدنیة واإلداریة (‪. )3‬‬

‫‪86‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫و أشیر إلیها أیضا في نص المادة ‪ 801‬من نفس القانون التي ذكرت الدعاوى التي تختص‬
‫فیها المحاكم اإلداریة‪ ،‬و من بینها دعاوى القضاء الكامل‪ ،‬و التي تضم دعوى التعویض‬
‫بإعتبار أن دعاوى القضاء الكامل هي األشمل ودعوى تعویض بالنسبة لها سوى جزء منها‪،‬‬
‫ویفهم بشكل ضمني من عبارة جمیع القضایا دخول دعوى تعویض تحت مضلة هذه العبارة‬
‫أو عبارة دعاوى القضاء الكامل و التي تتضمن بدورها دعوى التعویض (‪. )1‬‬
‫ثانيا ‪:‬التعريف القضائي‬
‫ورد معنى دعوى تعویض في األحكام أو القرارات القضائیة بشكل ضمني تحت مضلة‬
‫دعاوى القضاء الكامل‪ ،‬و لم تأتي بصفة صریحة بالرغم من الدور الكبیر الذي لعبه القضاء‬
‫في إرساء قواعد هذا النوع من الدعاوى(‪. )2‬‬
‫ثالثا ‪:‬التعريف الفقهي‬
‫یوجد إختالف حول تعریف دعوى تعویض فهناك من عرفها بأنّها " الدعوى القضائیة‬
‫الذاتیة التي یحركها ویرفعها أصحاب الصفة والمصلحة‪ ،‬أمام الجهات القضائیة المختصة‪،‬‬
‫وطبقا للشكلیات و اإلجراءات المقررة قانونا‪ ،‬للمطالبة بالتعویض الكامل والعادل والالزم‬
‫إلصالح األضرار التي أصابت حقوقهم بفعل النشاط اإلداري الضار‪ ،‬كما تمتاز بأنها من‬
‫الدعاوى القضاء الكامل وأنها من الدعاوى قضاء الحقوق " (‪.)3‬‬

‫‪87‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫و هناك من یعرفها أیضا بأنها " دعوى من الدعاوى الشخصیة و الذاتیة تتعلق بحق‬
‫الشخصي یتعرض للهالك من طرف الجهة اإلداریة‪ ،‬مما یدفعه إلى المطالبة بحقه‬
‫الشخصي"‪ ،‬وللقاضي اإلداري سلطة واسعة في هذه الدعوى بحیث یقتصر إختصاصه على‬
‫بحث مشروعیة العمل الضار الصادر من اإلدارة أو القرار محل النزاع حتى یستطیع الحكم‬
‫بالتعویضات المناسبة على األضرار الناتجة عن العمل المادي أو القانوني لإلدارة (‪.)1‬‬
‫ونستخلص من هذه التعاریف أن دعوى تعویض تعتبر أهم الدعاوي اإلداریة التي تنتمي‬
‫إلى دعاوى القضاء الكامل‪ ،‬والتي یتمتع فیها القاضي اإلداري بسلطات واسعة وكاملة في‬
‫تقدیر التعویض‪ ،‬بحیث تهدف إلى مطالبة بالتعویض و جبر األخطاء المرفقیة المترتبة عن‬
‫األعمال اإلداریة السیما األعمال القانونیة و النشاطات المادیة‪.‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬خصائص دعوى تعويض‬
‫لدعوى التعویض الناشئة عن المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ المرفقي خصائص‬
‫تتمثل في الخصائص العامة للمسؤولیة والمتمثلة في أن‪:‬‬
‫أوال ‪:‬دعوى تعويض دعوى قضائية‬
‫دعوى التعویض الناشئة عن المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ المرفقي دعوى‬
‫قضائیة إل نها لیست مجرد تظلم أو طعن إداري ترفع أمام جهات قضائیة تابعة للسطة‬
‫القضائیة بحیث یتم قبول أو رفض أو الفصل فیها من طرف هذه الجهات القضائیة‪ ،‬سواء‬
‫تعلق األمر بالمحاكم اإلداریة اإلبتدائیة كقاعدة عامة أو أمام مجلس الدولة عن طریق‬
‫اإلرتباط‪ ،‬وذلك في نطاق اإلجراءات و الشكلیات المقررة قانونا (‪.)2‬‬

‫‪88‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫واإلختصاص القضائي أو قواعد اإلختصاص تدخل ضمن القواعد الشكلیة التي تنظم‬
‫مسؤولیة اإلدارة على أساس الخطأ المرفقي إلى جانب القواعد الموضوعیة التي تطبقها‬
‫الجهة المختصة على موضوع دعوى تعویض (‪. )1‬‬
‫ثانيا ‪:‬دعوى تعويض دعوى ذاتية وشخصية‬
‫دعوى تعویض الناشئة عن المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ المرفقي من الدعاوى‬
‫ألن موضوعها یتمثل في المطالبة بحق شخصي وذاتي لرافع الدعوى‬ ‫الذاتیة و الشخصیة‪ّ ،‬‬
‫الذي له مصلحة مادیة ومعنویة (‪. )2‬‬
‫ویترتب عن الطبیعة الذاتیة والشخصیة لدعوى تعویض العدید من النتائج واألثار‬
‫القانونیة وأهمها التشدید و التضییق في مفهوم شرط الصفة والمصلحة لرفع وقبول دعوى‬
‫التعویض‪ ،‬بحیث یجب أن یكون لرافع الدعوى مصلحة جدیة وحالة‪ ،‬مباشرة وشخصیة‬
‫ومشروعة لرفع وقبول دعوى تعویض أمام الجهات القضائیة المختصة‪ ،‬بمعنى أن یكون‬
‫الشخص صاحب حق شخصي وذاتي مكتسب ومعلوم‪ ،‬ومقرر له الحمایة القانونیة والقضائیة‬
‫بصورة مسبقة‪ ،‬ویقع علیه إعتداء بفعل النشاط اإلداري للمرفق العمومي الضار‪ ،‬فتتحقق و‬
‫تنعقد له عندئد المصلحة والصفة في رفع وقبول دعوى تعویض أمام الجهات القضائیة‬
‫المختصة للمطالبة بالتعویض الكامل والعادل‪.‬‬
‫ویترتب أیضا عن هذه الخاصیة إعطاء سلطات للقاضي المختص بالنظر و الفصل‬
‫في دعوى تعویض للكشف عن مدى وجود حقوق شخصیة مكتسبة والعمل على إصالح‬
‫األضرار التي تصیبها من جراء النشاط اإلداري الضار (‪.)3‬‬

‫‪89‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثالثا ‪:‬دعوى التعويض من دعاوى القضاء الكامل‬


‫دعوى تعویض الناشئة عن المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ المرفقي من دعاوى‬
‫ألن سلطات القاضي في هذه الدعوى كاملة‪ ،‬بحیث یملك القاضي اإلداري‬ ‫القضاء الكامل‪ّ ،‬‬
‫التثبت من وجود المصلحة الشخصیة المدعى بها‪ ،‬وكذلك الضرر الذي یصیب هذه المصلحة‬
‫الشخصیة و سلطة تحدید مقدار تعویض المناسب لجبر الضرر الناجم عن الخطأ المرفقي (‪.)1‬‬
‫رابعا ‪:‬دعوى تعويض من دعاوى قضاء الحقوق‬
‫دعوى التعویض الناشئة عن المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ المرفقي من‬
‫دعاوى قضاء الحقوق‪ ،‬إذا كان موضوع هذه الدعوى یتجسد في المطالبة بالتعویض عن‬
‫الضرر الذي مس بحق شخصي‪ ،‬ویستهدف الدفاع على ذلك الحق قضائیا في مواجهة أنشطة‬
‫اإلدارة العامة الصادرة عن تصرفاتها الضارة سواء كانت مادیة أو قانونیة (‪.)2‬‬
‫ویترتب عن هذه الخاصیة لدعوى تعویض عدة نتائج ومن بینها نجد حتمیة الدقة في‬
‫وضع وتطبیق الشكلیات و اإلجراءات القضائیة المتعلقة بدعوى تعویض‪ ،‬من أجل توفیر‬
‫الضمانات الالزمة لفعالیة وجدیة دعوى تعویض في حمایة الحقوق الشخصیة المكتسبة من‬
‫اإلعتداءات الناجمة عن األعمال المادیة الضارة و غیر المشروعة الصادرة عن المرفق‬
‫العمومي‪ ،‬إضافة إلى حتمیة ومنطقیة إعطاء القاضي دعوى تعویض سلطات كاملة لیتمكن‬
‫من حمایة الحقوق الشخصیة المكتسبة و إصالح األضرار التي تصیبها بفعل النشاط اإلداري‬
‫للمرفق خالل عملیة تطبیق دعوى التعویض اإلداریة‪.‬‬

‫‪90‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫كما ینجم أیضا عن طبیعة التعویض اإلداري من حیث كونها من دعاوى الحقوق‪ ،‬وأن‬
‫مدة التقادم دعاوى التعویض تتساوى وتتطابق مع مدة تقادم الحقوق التي تتصل بدعوى‬
‫التعویض(‪.)1‬‬
‫الفرع الثالث‪:‬شروط قبول دعوى تعويض‬
‫یتمتع القاضي اإلداري بسلطات واسعة وكاملة في الفصل في دعوى التعویض‬
‫المترتبة عن المسؤولیة اإلداریة على الخطأ المرفقي‪ ،‬إال أنه في حالة رفع هذه الدعوى فأول‬
‫نقطة ینظر فیها القاضي اإلداري هو مدى توافر الشروط الشكلیة‪ ،‬والموضوعیة الالزمة‬
‫لقبول هذه الدعوى(‪.)2‬‬
‫و بناءا على ذلك تنقسم شروط قبول دعوى التعویض إلى قسمین‪ ،‬الشروط الشكلیة لقبول‬
‫دعوى تعویض (أوال)‪ ،‬والشروط الموضوعیة لقبول دعوى تعویض (ثانیا)‪.‬‬
‫أوال ‪:‬الشروط الشكلية لقبول دعوى تعويض‬
‫لقبول دعوى تعویض شكال یجب توفر مجموعة من الشروط‪ ،‬شروط متعلقة برافع‬
‫الدعوى و شروط متعلقة بمیعاد رفع هذه الدعوى‪.‬‬
‫‪ .1‬الشروط المتعلقة بالرافع الدعوى‬
‫قبل التطرق إلى الشروط المتعلقة برافع دعوى تعویض األخطاء المرفقیة تجدر اإلشارة أوال‬
‫إلى تعریف أطراف دعوى التعویض المترتبة عن المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ‬
‫المرفقي والتي یمكن تصنیفها كاألتي‪:‬‬

‫‪91‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬المدعى ‪:‬هو شخص المتضرر من نشاط المرفق العمومي یمكن أن یكون شخص طبیعي‬
‫أو شخص إعتباري‪.‬‬
‫‪ ‬المدعى عليه ‪:‬هو المسؤول عن الضرر أي المرفق العام‪ ،‬حیث أ نه في حالة ثبوت‬
‫الخطأ المرفقي فإن الدعوى ترفع ضده لكونه یمثل الطرف المدعى علیه بصفتة مؤسسة‬
‫عامة ذات طابع إداري(‪. )1‬‬
‫أ‪ .‬الصفة‬
‫لم یتطرق قانون اإلجراءات المدنیة واإلداریة رقم‪ 09- 08‬إلى تعریف شرط الصفة‬
‫بالرغم من أنّه نص علیها صراحة في نص المادة (‪ 13 )2‬وجعلها من النظام العام‪ ،‬فالصفة‬
‫یقصد بها أن ترفع دعوى تعویض من صاحب المركز القانوني الذاتي أو الحق الشخصي‬
‫المكتسب شخصیا‪ ،‬أو بواسطة نائبه أو وكیله القانوني أو القیم هذا بالنسبة لألفراد المدعین أو‬
‫المدعى علیه في دعوى التعویض اإلداریة ‪ ،‬أما الصفة في السلطات اإلداریة المختصة‬
‫فیجب أن ترفع دعوى التعویض على السلطات اإلداریة المختصة و التي تملك الصفة‬
‫القانونیة للتقاضي بإسم ولحساب اإلدارة مثل الوالي أو رئیس المجلس الشعبي البلدي (‪.)3‬‬
‫وبمعنى آخر الصفة في دعوى تعویض یجب أن ترفع من صاحب الحق أي المدعي أو‬
‫صاحب المركز القانوني الذاتي والشخصي الذي یبادر في رفع دعوى التعویض من أجل‬
‫حمایة الحق‪ ،‬ویشترط في هذه الدعوى وجود التطابق بین المركز القانوني للمدعي‬

‫‪92‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫علیه والمركز القانوني للمعتدي على هذا الحق وبناءا على ذلك ال یستطیع أحد رفع دعوى‬
‫لحساب الغیر دون أن یكون مأذونا بإستعمال هذه السلطة (‪. )1‬‬
‫وبالتالي نقصد بالصفة بالنسبة للمدعي هو نفسه صاحب الحق المعتدي علیه من جراء‬
‫نشاط المرفق العام فالصفة تعد خاصیة للمصلحة الشخصیة والمباشرة‪ ،‬وبالنسبة للمدعي‬
‫علیه یجب أن یكون هو الشخص الذي یوجد الحق في مواجهته‪ ،‬ویمكن أن تكون هذه الصفة‬
‫أصلیة أو إستثنائیة أو تمثلیة‪ ،‬فتكون الصفة األصلیة عندما یمنح القانون لشخص سلطة‬
‫إستعمال إقامة دعوى تعویض لنفسه نتیجة مصلحة شخصیة‪ ،‬أما الصفة اإلستثنائیة توجد في‬
‫الحاالت التي یسمح فیها القانون للمدعي برفع دعوى على رغم من عدم توافر المصلحة‬
‫الشخصیة المباشرة‪.‬‬
‫وتكون الصفة التمثیلیة عندما ال یستطیع صاحب الصفة األصلیة ممارسة الحق في‬
‫الدعوى‪ ،‬أو غیرها من األعمال لكن قد یكون لشخص آخر ال یتمتع بذلك الحق سلطة مباشرة‬
‫دعوى بصفته ممثال لصاحب الصفة األصلیة (‪.)2‬‬
‫ب‪ .‬المصلحة‬
‫إشترط قانون اإلجراءات المدنیة واإلداریة على الشخص الذي یتقاضى أمام القضاء أن‬
‫تكون له المصلحة قائمة و المحتملة یقرها القانون‪ ،‬وعلى ذلك تعد المصلحة أساس قبول أي‬
‫طلب أو دفع‪ ،‬ویتحقق هذا الشرط عندما یكون الشخص في مركز قانوني شخصي وذاتي و‬
‫أن یكون صاحب الحق شخصي مكتسب ومعلوم في التنظیم القانوني السائد ومقررله الحمایة‬
‫القانونیة و القضائیة بصورة مسبقة(‪.)3‬‬

‫‪93‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ویقع اإلعتداء علیه بفعل أعمال إداریة قانونیة أو مادیة الضارة‪ ،‬لهذا یشترط القانون‬
‫والقضاء هذا الشرط إلثبات وجود عالقة رابطة شخصیة ومباشرة بین صاحب الحق‬
‫والمصلحة‪ ،‬یعد شرط المصلحة في دعوى التعویض اإلداریة هو شرط مطلوب توفره عادة‬
‫و بصفة عامة في الدعاوى القضائیة‪ ،‬و مهما كانت نوعیتها وطبیعتها‪ ،‬لذا یشترط في‬
‫المصلحة ‪:‬‬
‫‪ ‬أن تكون مصلحة قانونیة و مشروعة بمعنى أن تستند هذه المصلحة في رفع وقبول‬
‫دعوى تعویض إلى حق مشروع أي المطالبة بالحق أو المركز القانوني ذاتي مشروع‬
‫والتعویض عن األضرار التي أصابته بفعل النشاط اإلداري الضار(‪. )1‬‬
‫‪ ‬أن تكون المصلحة قائمة و حالة أي أن الحق قد أعتدي علیه بالفعل و یتحقق الضرر الذي‬
‫یبرر الجوء إلى القضاء(‪. )2‬‬
‫ج‪ .‬األهلية ‪:‬‬
‫المشرع الجزائري كان واضحا من خالل المادة ‪ 13‬من قانون اإلجراءات المدنیة‬
‫واإلداریة بحیث أكد على وجوب رافع دعوى تعویض أن یكون حائزا ألهلیة التقاضي‬
‫واعتبرها شرط من شروط قبول دعوى‪ ،‬وعدم توافر األهلیة لدى رافعها ال یمنع قبول دعوى‬
‫ولكن اإلجراءات الخصومة تكون باطلة‪ ،‬أي یكون للشخص الحق في الدعوى دون أن یكون‬
‫أهال لمباشرتها‪ ،‬ولكن یشترط لقبول الدعوى أن یكون رافعها أهال لمباشرتها طبق للقانون و‬
‫إال كانت الدعوى غیر مقبولة شكال (‪.)3‬‬

‫‪94‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ .2‬شرط المدة الزمنية لقبول دعوى تعويض‬


‫تعد المدة الزمنیة شرط من شروط المقررة لقبول دعوى تعویض‪ ،‬بحیث یعتبر شرط‬
‫میعاد رفع دعوى تعویض من النظام العام ال یجوز لألطراف اإلتفاق على عدم إستعماله‪،‬‬
‫كما یجب على القاضى المختص أن یثیره من تلقاء نفسه وال یجوز اإلتفاق على مخالفته (‪. )1‬‬
‫أ‪ .‬مدة ميعاد رفع دعوى تعويض وقبولها‬
‫المدة المقررة لمیعاد رفع دعوى التعویض اإلداریة أمام الجهة اإلداریة المختصة هي‬
‫مدة أربعة أشهر في النظام القضائي الجزائري هذا ما قررته المادة ‪ 829‬من قانون‬
‫اإلجراءات المدنیة واإلداریة التي تنص على‪" :‬یحدد أجل الطعن أمام المحكمة اإلداریة‬
‫بأربعة أشهر یسري من تاریخ التبلیغ الشخصي بنسخة من القرار اإلداري الجماعي‬
‫التنظیمي" ‪ ،‬و ال یحسب الیوم األول والیوم األخیر من المیعاد‪ ،‬فإذا ما صادف الیوم عطلة‬
‫یمتد المیعاد إلى الیوم الموالي‪.‬‬
‫وكما تجدر اإلشارة إلى أنه یترتب على مخالفة المواعید سقوط الحق بوجه عام ماعدا‬
‫في حاالت معینة نصت علیها المادة ‪ 832‬من نفس القانون أین تنقطع آجال الطعن فیها وهي‬
‫الطعن أمام جهة قضائیة غیر مختصة‪ ،‬طلب المساعدة القضائیة‪ ،‬وفاة المدعي و تغییر‬
‫أهلیته‪ ،‬القوة القاهرة أو الحادث المفاجئ (‪. )2‬‬

‫‪95‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ب‪ .‬مسألة تقادم دعوى تعويض‬


‫یشترط في دعوى التعویض أن ال یكون الحق الشخصي و المكتسب قد إنقضى بمدة‬
‫التقادم المقررة في القانون‪ ،‬أي أن یكون هذا الحق الذي تستهدفه دعوى تعویض موجودا‬
‫وقائما و حاال ‪ ،‬ألن سقوط و إنعدام وجود الحق بسبب التقادم یؤدي إلى إنعدام وجود دعوى‬
‫تعویض التي تحمیه (‪. )1‬‬
‫تنطبق على فكرة تقادم الحق ودعوى التعویض اإلداریة المواعد المقررة في القانون العادي‬
‫‪ ،‬ومواعید تقادم الحقوق والدعاوى المقررة في القانون المدني على وجه خاص یمكن‬
‫تصنیفها في ثالث فئات وهي ‪:‬‬
‫‪ ‬مدة التقادم القصیر وهي مدة تتراوح مابین ستة أشهر أو سنة أو خمسة سنوات‪.‬‬
‫‪ ‬مدة التقادم المتوسط تتراوح ما بین خمسة سنوات و عشرة سنوات ‪.‬‬
‫‪ ‬مدة تقادم الطویل فإنها تتراوح ما بین ‪ 10‬و‪ 15‬سنة أو ‪ 30‬سنة‪ ،‬من هنا تبدأ مدة و‬
‫مواعید التقادم في سریان من تاریخ وجود الحق أو إلتزام ومن تاریخ وقوع العمل الضار‬
‫في حالة المسؤولیة بسبب األعمال اإلداریة الضارة (‪. )2‬‬
‫ثانيا‪ :‬الشروط الموضوعية لقبول دعوى تعويض‬
‫ینظر قاضي الموضوع في بادئ األمر إلى شروط شكلیة لقبول دعوى تعویض الموجبة‬
‫ضد األخطاء المرفقیة المقررة قانونا‪ ،‬ثم ینتقل إلى الجانب الموضوعي‪ ،‬ففي حالة تخلف أحد‬
‫من شروطها ترفض الدعوى شكال‪.‬‬

‫‪96‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ .1‬الخطأ‬
‫یشترط لنشوء حق المطالبة بالتعویض أمام القضاء اإلداري أن یحدث خطأ مرفقي أو‬
‫خطأ شخصي تسأل عنه اإلدارة التي یتبعها هذا الموظف الذي إرتكب خطأ المتصل بوظیفة‬
‫(‪ ،)1‬فالخطأ یكون مصدره شخص طبیعي أو عامل أو موظف لدى اإلدارة أو المرفق‬
‫العمومي ألنه من غیر المعقول أن ترتكب البلدیة مثال أخطاء‪ ،‬ولكن قد یكون الموظف ّ‬
‫شخص معسرا في قیام بوظیفته‪ ،‬لذلك بحث الفقه والقضاء الفرنسي عن سبب قانوني إللزام‬
‫اإلدارة بالتعویض عن األخطاء موظفیها مما أثر في تمییزه بین الخطأ الشخصي و الخطأ‬
‫المرفقي(‪. )2‬‬
‫فعند قیام المسؤولیة اإلداریة ألحد المرافق العمومیة كالشرطة أو المستشفى یجب أن‬
‫یتحقق ركن الخطأ و الذي بدوره یجب أن یكون خطأ مرفقي و لیس شخصي ‪ ،‬ألن‬
‫المسؤولیة عن الخطأ الشخصي تقع على عاتق مرتكب الخطأ شخصیا‪ ،‬أما الخطأ المرفقي‬
‫فیتجسد في األفعال التي تؤدي إلى إصابة األفراد بالضرر نتیجة التنظیم السيء للمرفق العام‬
‫وبالتالي یتحمل هذا األخیر عبء التعویض (‪. )3‬‬
‫‪ .2‬الضرر‬
‫یعرف الضرر على أنه" األذى الذي یلحق الشخص في ماله أو جسده أو عرضه أو‬
‫عاطفته‪ ،‬وهو واجب التعویض مهما كان نوعه مادیا أو معنویا "‪.‬‬

‫‪97‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ویعرف أیضا بأنه" كل إخالل بحق أو المصلحة المشروعة للمضرور‪ ،‬وهذه المصلحة‬
‫قد تكون مادیة أو مالیة و قد تكون غیر مالیة " (‪.)1‬‬
‫إن القضاء اإلداري یطبق قواعد متمیزة عن قواعد و نصوص القانون المدني‪ ،‬بحیث‬
‫أن األضرار التي تصیب األفراد بفعل األخطاء المرفقیة قد تصیبهم في أموالهم أو في‬
‫حقوقهم أو سالمتهم الجسدیة‪ ،‬وقد یكون ضرار معنویا یصیبهم في سمعتهم وكرامتهم‪ ،‬أو‬
‫یسبب لهم آالم نفسیة (‪ ، )2‬وال یستحق التعویض عن أي ضرر بسبب خطأ مرفقي إالّ إذا‬
‫توفرت فیه شروط الضرر القابل للتعویض وهي‪:‬‬
‫‪ ‬أن یكون ضرر الناتج عن الخطأ المرفقي ضرر شخصي بمعنى أن یلحق ضرر‬
‫لشخص بذاته‪ ،‬ویرتبط هذا الضرر بشرط الصفة والمصلحة‪.‬‬
‫‪ ‬أن یكون الضرر الناجم عن الخطأ المرفقي ضرر مؤكد ومحقق‪ ،‬أي یشترط أن‬
‫یكون قد وقع فعال أو سیقع حتما‪.‬‬
‫‪ ‬أن یكون الضرر الذي مصدره الخطأ المرفقي یمس بمصلحة مشروعة حتى یتمكن‬
‫للمضرور مطالبة التعویض من اإلدارة نتیجة تصرفاتها الضارة ویقسم الضرر الناتج عن‬
‫الخطأ المرفقي كأحد عناصر المسؤولیة اإلداریة إلى ضرر مادي وضرر معنوي ‪.‬‬
‫أ‪ .‬الضرر المادي‬
‫یقصد به ذلك الضرر الذي أصاب الشخص في حقه أو مصلحته المالیة‪ ،‬ویترتب علیه‬
‫خسارة مالیة كالمساس بحیاة اإلنسان أو سالمة جسمه حیث یعتبر ذلك‬

‫‪98‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ضرر جسماني‪ ،‬أما الضرر مادي فهو تلك المصاریف التي ینفقها على ذلك الضرر من‬
‫نفقات اإلستشفاء‪ ،‬واألدویة‪ ،‬ومصاریف التنقل من أجل العالج‪.‬‬
‫ب‪ .‬الضرر المعنوي‬
‫یقصد بالضرر المعنوي ذلك الضرر الذي یصیب مصلحة غیر مالیة للمضرور والذي‬
‫یمس بالسمعة والشرف‪ ،‬لذا قام بعض الفقهاء بتقسیم الضرر المعنوي إلى ثالث أقسام وهي‬
‫الضرر الذي یصیب الجسم كالجروح وما تسببها من األلم وما تخلفه من تشویه في األعضاء‬
‫‪ ،‬الضرر الذي یمس بالمشاعر و الوجدان أو السمعة أو الشرف أو اإلعتبار كالسب و الشتم‬
‫وهتك العرض‪ ،‬و الضرر الذي یصیب الشخص من مجرد اإلعتداء على حق ثابت له و لو لم‬
‫یترتب على اإلعتداء ضرر مادي ‪.‬‬
‫‪ .3‬العالقة السببية‬
‫لكي تقوم مسؤولیة السلطة اإلداریة عن أخطاء مرافقها و العاملین فیها البد من وجود‬
‫عالقة مباشرة مابین نشاط المرفق العامة والضرر الناجم عن ممارسة ذلك النشاط والذي‬
‫ألحق ضرار بالشخ ص المضرور‪ ،‬و رابطة السببیة ضروریة لكل صور المسؤولیة‬
‫القانونیة‪ ،‬والعالقة السببیة دفعت الفقه إلى البحث عن كیفیة تحدید هذه العالقة‪.‬‬
‫إن تحدید العالقة السببیة بین الخطأ المرفقي والضرر أمر ال یخلو من الصعوبة والتي‬
‫تتمثل في أن الضرر عادة ما یكون نتیجة العدید من األخطاء بما فیها األخطاء المرفقیة‬
‫والشخصیة‪ ،‬فیجب تحدید الخطأ الذي أدى إلى وقوع هذا الضرر بمعنى أن یكون الضرر‬
‫الذي لحق الغیر نتیجة خطأ مرفقي‪ ،‬فالعالقة السببیة تقوم متى أثبت المضرور عالقة الخطأ‬
‫المرفقي بالضرر‪.‬‬

‫‪99‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬الجهة المختصة في الفصل في دعوى التعويض الم وجبة ضد األخطاء‬


‫المرفقية و سلطات القاضي في تقدير التعويض‬
‫سنتطرق في هذا المطلب إلى الجهة المختصة في تعویض عن المسؤولیة اإلداریة‬
‫للمرفق(الفرع األول) و سلطات القاضي في تقدیر التعویض (الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪ :‬الجهة المختصة في الفصل في دعوى التعويض الموجبة ضد األخطاء‬
‫المرفقية‬
‫دعوى التعویض الناشئة عن المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ المرفقي ترفع أمام‬
‫المحكمة اإلداریة‪ ،‬و تعتبر صاحبة اإلختصاص العام بالنظر والفصل في المنازعات اإلداریة‬
‫كأصل عام كلما كان أحد أطراف النزاع شخص معنوي أو إحدى المؤسسات العمومیة ذات‬
‫الصبغة اإلداریة‪ ،‬و ترفع هذه الدعوى عن طریق عریضة موقعة من طرف محامي‪ ،‬بحیث‬
‫تتضمن هذه العریضة بیانات منصوص علیها في القانون اإلجراءات المدنیة و اإلداریة (‪. )1‬‬

‫ولقد أخذ المشرع الجزائري بالمعیار العضوي كمبدأ عام لتحدید إختصاص المحاكم‬
‫اإلد اریة‪ ،‬یتمثل في وجود إحدى الجهات اإلداریة الواردة والمذكورة في المادة ‪ 800‬و‪801‬‬
‫من قانون اإلجراءات المدنیة واإلداریة طرفا في النزاع و تتمثل تلك الجهات اإلداریة‪،‬‬
‫الوالیة و المصالح غیر الممركزة للدولة على مستوى الوالیة‪ ،‬والمصالح األخرى للبلدیة‪،‬‬
‫المؤسسات العومیة ذات الصبغة اإلداریة (‪.)2‬‬

‫‪100‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ولقد أورد المشرع الجزائري في المادة ‪ 802‬من نفس القانون إستثناءات على ذلك‬
‫بحیث یتم بمقتضاه عقد اإلختصاص القضائي إلى المحاكم العادیة‪ ،‬بالرغم من وجود أحد‬
‫األشخاص المعنویة العامة أو إحدى الهیئات أو المنظمات الواردة بالمنظومة التشریعیة‬
‫المتعلقة بالقضاء اإلداري طرفا في النزاع‪ ،‬وذلك بإمتیازات ومبررات مختلفة (‪.)1‬‬
‫وفي مجال اإلختصاص األصلي للقضاء اإلداري لمنازعات المسؤولیة اإلداریة على‬
‫أساس الخطأ المرفقي‪ ،‬سنتناول اإلختصاص النوعي واإلختصاص اإلقلیمي و إختصاص‬
‫(‪)2‬‬
‫القضاء العادي بنص القانون‪.‬‬
‫أوال ‪:‬اإلختصاص النوعي‬
‫حسب المادة ‪ 800‬من قانون اإلجراءات المدنیة واإلداریة التي تنص على ما یلي‪:‬‬
‫"المحاكم اإلداریة هي جهات الوالیة العامة في المنازعات اإلداریة‪ ،‬تختص بالفصل في أول‬
‫درجة‪ ،‬بحكم قابل لإلستئناف في جمیع القضایا(‪ ،)3‬التي تكون الدولة أو البلدیة أو إحدى‬
‫المؤسسات العمومیة ذات الصبغة اإلداریة طرف فیها " ‪ ،‬بمعنى ّ‬
‫أن المحكمة اإلداریة تكون‬
‫مختصة إذا كان أحد طرفي النزاع شخص من أشخاص القانون العام‪ ،‬فالمحاكم اإلداریة هي‬
‫المختصة بالنظر في الدعوى التي یرفعها المضرور ضد البلدیة أو الدولة أوغیرها من‬
‫المؤسسات اإلداریة التي ترتكب خطأ مرفقي أثناء ممارسة وظائفها وهذا طبقا لنص المادة‬
‫أعاله (‪.)4‬‬

‫‪101‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثانيا ‪:‬اإلختصاص اإلقليمي‬


‫حسب المادة ‪ 39‬من قانون اإلجراءات المدنیة و اإلداریة التي تنص على مایلي "‪:‬ترفع‬
‫الدعاوي المتعلقة بالمواد المبینة أدناه أمام الجهات القضائیة اآلتیة‪:‬‬
‫وكما تضیف المادة ‪ 804‬من نفس قانون التي تنص ‪:‬خالفا ألحكام المدة ‪ 803‬أعاله‬
‫ترفع الدعاوى اإلداریة في المواد المبینة أدناه‪:‬‬
‫‪ ‬في مادة المنازعات المتعلقة بالموظفین أو أعوان الدولة أو غیرهم من األشخاص‬
‫العاملین في المؤسسات العمومیة اإلداریة أمام المحكمة التي یقع في دائرة‬
‫إختصاصها مكان تعیین‪.‬‬
‫‪ ‬وفي مادة الخدمات الطبیة أمام المحكمة التي تقع في دائرة إختصاص مكان تقدیم‬
‫الخدمات(‪.)1‬‬
‫ثالثا ‪:‬إختصاص القضاء العادي بنص القانون‬
‫حسب نص المادة ‪ 802‬الفقرة "‪ " 2‬من قانون اإلجراءات المدنیة واإلداریة‪ ،‬و‬
‫خالفا ألحكام المادتین ‪ 800‬و ‪ 801‬آعاله‪ ،‬نجد من بین المنازعات التي تكون من إختصاص‬
‫المحاكم العادیة‪ ،‬المنازعات المتعلقة بكل دعوى خاصة بالمسؤولیة الرامیة إلى طلب تعویض‬
‫األضرار الناجمة عن مركبة تابعة لدولة أو إحدى الوالیات أو البلدیات أو المؤسسات‬
‫العمومیة ذات الصبغة اإلداریة (‪.)2‬‬

‫‪102‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫یعتبر هذا النص إستثناء عن األصل العام الذي هو من إختصاص القضاء العادي‬
‫بالمنازعات اإلداریة مثال ‪:‬المستشفیات العمومیة یمكن أن ینظر فیها القضاء العادي في حالة‬
‫ما تسببت مركبات تابعة لهذه المستشفیات بأضرار‪ ،‬كأن تتسبب سیارة التابعة اإلسعاف‬
‫لمستشفى العمومي وهي بصدد اإلخالء الصحي لمریض في حادث مرور یصاب على إثره‬
‫هذا المریض بأضرار‪ ،‬و بمثل هذا األمر الضرر الذي حدث هو من صدور مركبة تابعة‬
‫للمؤسسة عمومیة ذات طابع إداري و بالتالي یؤول اإلختصاص إلى القضاء العادي(‪. )1‬‬
‫الفرع الثاني‪ :‬سلطات القاضي في تقدير التعويض‬
‫تعد دعوى التعویض من دعاوى القضاء الكامل التي یتمتع فیها القاضي بسلطات‬
‫واسعة و كاملة‪ ،‬وتعدد سلطات القاضي في دعوى تعویض و جبر األضرار المترتبة عن‬
‫األعمال اإلداریة الضارة سواءا المادیة أو القانونیة‪ ،‬بحیث تدور المنازعة اإلداریة في‬
‫دعوى تعویض حول حق الشخص المضرور بسبب تصرف صادر من اإلدارة أو بسبب أحد‬
‫أعمالها المادیة أو القانونیة في الحصول على تعویض یحكم به القضاء اإلداري‪ ،‬ونجد من‬
‫سلطات القاضي اإلداري سلطة تقییم الضرر و سلطة تقدیر التعویض (‪.)2‬‬
‫أوال ‪:‬سلطة القاضي في تقييم الضرر‬
‫یتمتع القاضي اإلداري بصفة مبدئیة في تقییم الضرر القابل لتعویض‪ ،‬و له حریة‬
‫واسعة في ذلك‪ ،‬و لكن هذه الحریة لیست مطلقة‪ ،‬لها حدود قانونیة وموضوعیة‪ ،‬بحیث ال‬
‫یمكن للقاضي اإلداري أن یمنح تعویض یفوق التعویض المحدد من طرف المشرع في قضایا‬

‫‪103‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫معینة‪ ،‬وتشكل إدارة الضحیة حدا لحریة القاضي في تحدید الحد األقصى لتعویض‪ ،‬وذلك‬
‫عند قیام القاضي اإلداري بتقییم الضرر البد من التقید بالعناصر التالیة‪:‬‬
‫‪ ‬ال بد أن یكون التعویض مناسبا للضرر‪ ،‬یغطي كل األضرار الناشئة عن الضرر‬
‫السیما في مجال المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ المرفقي‪.‬‬
‫‪ ‬أما بالنسبة لتقییم ضرر األشیاء المنقولة یعتمد على وضعیة قیمة المال المتضرر‪.‬‬
‫‪ ‬أما عناصر تقییم األمالك فیعتمد القاضي على تقریر الخبیر العقاري الذي یبرز‬
‫خبرته على األمالك فیقرر قیمة مالیة مستخدمة (‪. )1‬‬
‫ثانيا‪ :‬سلطة القاضي في تقدير التعويض‬
‫یملك القاضي اإلداري حریة واسعة في تقدیر قیمة التعویض حسب ما یراه مناسبا لجبر‬
‫الضرر‪ ،‬و ذلك حسب الوثائق المقدمة من طرف الضحیة‪ ،‬بحیث یسمح للشخص المضرور‬
‫تقییم الضرر المادي‪ ،‬و إن لم یجد الوثائق فیقوم القاضي بالتقدیر جزافي‪ ،‬أ ّما في تقدیره‬
‫للضرر المعنوي تختلف قاعدة تقدیر الضرر‪ ،‬بحیث یكون التعویض الممنوح للضحیة أو‬
‫ذوي الحقوق الطابع الجزافي و في بعض الحاالت یكون رمزیا(‪. )2‬‬
‫بالرغم من الحریة الواسعة التي یملكها القاضي اإلداري إال أنه هناك حدود لهذه‬ ‫ّ‬
‫الحری‪ ،‬وفي والمتمثلة في تقدیر مبلغ التعویض وهو طلب الذي یقدمه المضرور ولیس‬
‫للقاضي تجاوزه حتى ال یحكم بأكثر مما طلب من التعویض الذي جاء فیه‪ ،‬و حتى ال یخرج‬
‫عن اإلطار المحدد قانونا (‪. )3‬‬

‫‪104‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫ثالثا ‪:‬كيفية منح القاضي اإلداري التعويض‬


‫بعدما تمت عملیة تقییم الضرر وعملیة تقدیر التعویض تأتي عملیة و كیفیة منح‬
‫القاضي التعویض أي تحدید عملیة منح التعویض‪ ،‬ویقیم القاضي اإلداري قیمة التعویض‬
‫بالعملة الوطنیة‪ ،‬حیث أشار األستاذ" أحمد محیو "لهذه المسألة حیث كتب " إن قاعدة‬
‫التعویض بالعملة الوطنیة تطرح مشكال عندما تكون الضحیة أجنبیة غیر مقیمة في الجزائر‬
‫نظرا لعدم معرفة القضاء الفاصل في المواد اإلداریة في هذا المجال‪ ،‬و نظرا للوضع‬
‫القانوني والمادي الخاص بالجزائر یمكن القول أنه یصعب على ضحیة غیر مقیمة بالجزائر‬
‫أن تتحصل على تعویض بعملة غیر العملة الجزائریة " (‪.)1‬‬
‫بمعنى أن القاضي اإلداري نجده دائما یقدر التعویض بالعملة الوطنیة و التي قد‬
‫تسبب مشاكل للمحكوم لهم األجانب الذین یضطرون تحویل المبالغ المحكوم بها لصالحهم‬
‫إلى عملة بلدهم‪.‬‬
‫المطلب الثالث‪:‬طرق الطعن في األحكام اإلدارية الصادرة في دعوى التعويض الناشئة عن‬
‫المسؤولية اإلدارية على أساس الخطأ المرفقي‬
‫بإعتبار القضاة غیر معصومین من الخطأ و ال یستبعد ظلمهم‪ ،‬فقد یكون تقدیریهم‬
‫للوقائع أثناء الفصل في النزاع معیب من حیث الشكل‪ ،‬أومن حیث الموضوع‪ ،‬أو سوء تطبیق‬
‫القانون‪ ،‬ومن مقتضیات العدالة یمنح للشخص المضرور صاحب الحق فرصة طرح النزاع‬
‫من جدید على القضاة إلعادة النظر فیه‪ ،‬بحیث حصر المشرع الجزائري طرق الطعن و‬
‫مواعید الفصل في قضیة سبق أن مرت على المحاكم اإلداریة (‪.)2‬‬

‫‪105‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫تعتبر طرق الطعن من الوسائل القانونیة لم واجهة األحكام و مراقبة صحتها‪ ،‬وتكون‬
‫طرق الطعن عادیة و المتمثلة في المعارضة و اإلستئناف ( الفرع األول)‪ ،‬و طرق غیر‬
‫العادیة المتمثلة في الطعن بالنقض و اعتراض الغیر الخارج عن الخصومة و إلتماس‬
‫إعادةالنظر ( الفرع الثاني)‪.‬‬
‫الفرع األول‪:‬طرق الطعن العادية‬
‫الطعن في األحكام اإلداریة هو وسیلة قضائیة یستخدمها طرف الخصومة اإلداریة في‬
‫حالة إصدار المحكمة اإلداریة حكم لم یقتنع به هذا الطرف (‪ )1‬و تتمثل طرق طعن العادیة في‬
‫المعارضة اإلستئناف و هي كاألتي‪:‬‬
‫أوال ‪:‬المعارضة‬
‫تعتبر المعارضة طریقة من طرق الطعن العادیة‪ ،‬حیث منحها المشرع لإلدارة أو‬
‫المضرور من نشاطات اإلدارة المادیة والقانونیة أي صاحب الحق للمطالبة بمراجعة الحكم‬
‫الذي صدر في غیاب الخصم‪ ،‬ویراجع هذا الحكم أمام الجهة القضائیة التي فصلت فیه المرة‬
‫األولى بمعنى المحكمة اإلداریة أو مجلس الدولة و ذلك حسب نص المادة ‪ 953‬من‬
‫اإلجراءات المدنیة و اإلداریة (‪ ،)2‬و المعارضة فتحها المشرع بقوة القانون و ال یمكن‬
‫حرمان من تغیب منها إال بنص صریح (‪ )3‬و لقبول المعارضة البد من توفر شروط و هي‪:‬‬

‫‪106‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ ‬إحترام میعاد المعارضة بحیث ال تقبل المعارضة إال إذا رفعت في أجل شهر واحد‬
‫من تاریخ التبلیغ الرسمي أو للحكم أو القرار الغیابي وهو ما نصت علیه المادة ‪954‬‬
‫من قانون إ ‪.‬م‪ .‬إ (‪.)1‬‬
‫‪ ‬ترفع المعارضة حسب األشكال المقررة لعریضة إفتتاح الدعوى‪ ،‬ویجب أن یتم تبلیغ‬
‫الرسمي للعریضة إلى كل أط ا رف الخصومة‪ ،‬ویجب أن تكون العریضة المقدمة‬
‫أمام الجهة القضائیة مرفقة تحت طائلة عدم قبول شكال بنسخة من الحكم المطعون‬
‫فیه‪.‬‬
‫‪ ‬للمعارضة أثر موقف لتنفیذ الحكم الصادر غیابیا عن المحكمة اإلداریة‪ ،‬ما لم یأمر‬
‫بغیر ذلك‪ ،‬و هذا على عكس طرق طعن األخرى‪.‬‬
‫ثانيا ‪:‬اإلستئناف‬
‫اإلستئناف هو طریق طعن عادي‪ ،‬بحیث یتمكن فیه المتقاضین من ممارسة حقهم‬
‫في التقاضي على درجتین تطبیقا للقانون‪ ،‬ویهدف إلى مراجعة أو إلغاء الحكم الصادر عن‬
‫المحكمة و التحقق من سالمة األحكام الصادرة في الدرجة األولى من الزاویتین القانونیة و‬
‫الواقعیة ‪ ،‬كما یهدف اإلستئناف إلى ضمان حسن سیر العدالة إذ یسمح بتدارك ما یشوب‬
‫األحكام من مخالفة القانون أو أخطاء في تقدیر الوقائع‪ ،‬وهذا الضمان یمنحه التنظیم القضائي‬
‫المؤسس على تعیین القضاة في جهة اإلستئناف بعد إكتسابهم لخبرة تسمح لهم ممارسة هذه‬
‫المهام‪.‬‬

‫‪107‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ .1‬أنواع اإلستئناف‬
‫تتمثل أنواع اإلستئناف فما یلي‪:‬‬
‫‪ ‬اإلستئناف األصلي ‪:‬هو ذلك اإلستئناف الذي یقدمه الطاعن األول‪.‬‬
‫‪ ‬اإلستئناف المقابل ‪:‬هو الذي یقدمه المطعون ضده بعد تقدیم اإلستئناف األصلي قبل‬
‫فوات المیعاد المقرر لإلستئناف‪.‬‬
‫‪ ‬اإلستئناف الفرعي ‪:‬وهو طعن الذي یقدمه المطعون ضده بعد فوات میعاد اإلستئناف‬
‫ویجوز تقدیمه مرحلة من مراحل الخصومة‪.‬‬
‫‪ ‬اإلستئناف الجزئي ‪:‬وهو اإلستئناف الذي یجربه أحد طرفین لقرار الدرجة األولى لكن‬
‫في جزء منه فقط (‪. )1‬‬
‫‪ .2‬أجل اإلستئناف‬

‫یحدد أجل اإلستئناف األحكام في أجل شهرین ویخفض هذا األجل إلى خمسة عشر‬
‫یوما بالنسبة لأل وامر اإلستعجالیة وهذا حسب المادة ‪ 950‬من قانون اإلجراءات المدنیة‬
‫واإلداریة و یسري هذا األجل في مواجهة طالب التبلیغ(‪.)2‬‬
‫الفرع الثاني‪:‬طرق الطعن غير العادية‬
‫تتمثل طرق طعن غیر العادیة في النقض و إلتماس إعادة النظر و إعتراض الغیر‬
‫الخارج عن الخصومة‪ ،‬بحیث یستعمل األول حین یشوب الحكم الصادر خطأ في القانون و‬

‫‪108‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫یستعمل الثاني حین یشوب الحكم خطأ في تقدیر الوقائع‪ ،‬أما الثالث فیستعمل عن الغیر‬
‫الذي لم یكون طرف في الخصومة التي صدر فیها الحكم محل الطعن (‪.)1‬‬
‫أوال ‪:‬الطعن بالنقض‬
‫یعد الطعن بالنقض طریق طعن غیر عادي أمام المحكمة العلیا‪ ،‬ولیس الغایة منه إعادة‬
‫عرض النزاع أمامها للفصل فیه من جدید‪ ،‬و إ نما الغایة منه تمكین محكمة النقض من‬
‫مراقبة مدى تطبیق القانون في النزاع المعروض أمامها (‪.)2‬‬
‫‪ .1‬األحكام و القرارات القابلة للطعن بالنقض‬
‫تتمثل األحكام القابلة للطعن فیما یلي‪:‬‬
‫األحكام و القرارات الصادرة في آخر درجة و الفاصلة في موضوع النزاع‪ ،‬أي ّ‬
‫أن‬ ‫‪‬‬
‫هذه األخیرة وحدها هي التي تكون قابلة للطعن بالنقض أمام المحكمة العلیا‪.‬‬
‫األحكام و القرارات التي صدرت في آخر درجة وأنهت الخصوم بفصلها في أحد‬ ‫‪‬‬
‫الدفوع الشكلیة‪ ،‬أو بعدم القبول أو فصلت في أي دفع عارض آخر‪.‬‬
‫ال یقبل الطعن بالنقض في األحكام األخرى الصادرة في آخر درجة‪ ،‬إال مع األحكام‬ ‫‪‬‬
‫و القرارات الفاصلة في الموضوع‪.‬‬
‫ال یقبل الطعن بالنقض إال إذا قدم من أحد أطراف الخصومة‪ ،‬أو ذوي الحقوق في‬ ‫‪‬‬
‫الحكم أو القرار (‪.)3‬‬

‫‪109‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ .2‬أجل الطعن بالنقض‬


‫یحدد أجل الطعن بالنقض شهرین من تاریخ التبلیغ الرسمي للحكم أو القرار إلى‬
‫الخصم بصفة شخصیة و یمدد أجل الطعن بالنقض إلى ثالثة أشهر بالنسبة للخصم إذا تم‬
‫التبلیغ الرسمي بالحكم أو القرار في موطنه الحقیقي أو المختار‪ ،‬حیث یتم حسابها من تاریخ‬
‫تبلیغ القرار‪ ،‬وهذا حسب نص المادة ‪ 354‬من قانون إ ‪.‬م ‪.‬إ ‪.‬‬
‫ثانيا‪ :‬إلتماس إعادة النظر‬
‫یعتبر إلتمإس إعادة النظر طریق غیر عادي للطعن في األحكام النهائیة و هو الطعن‬
‫الذي یرفع إلى ذات الجهة القضائیة التي أصدرت الحكم المطعون فیه‪ ،‬بقصد إعادة الفصل‬
‫في الدعوى من جدید من حیث الوقائع و تطبیق القانون‪ ،‬وهذا بسبب تزویر الوثائق المقدمة‬
‫إلى الجهة القضائیة أو بسبب إحتجاز وثیقة قاطعة عند أحد الخضوم ‪.‬‬
‫‪ .1‬حاالت طلب إلتماس إعادة النظر‬
‫قد ذكر المشرع في نص المادة ‪ 967‬من قانون إ‪.‬م‪.‬إ حاالت طلب إلتماس إعادة‬
‫النظر‪،‬حیث تكون في حالتین هما ‪:‬‬
‫‪ ‬إذا أكتشف أن القرار قد صدر بناء على الوثائق المزورة قدمت ألول مرة أمام مجلس‬
‫الدولة‪ ،‬أي إذا صدر القرار اإلداري مسندا إلى دلیل مكتوب في األوراق و ثبت علیها بأنها‬
‫أوراق مزورة بحكم قضائي ‪.‬‬
‫و یشترط قبول الطعن بإلتماس إعادة النظر في هذا الحكم أن یكون هناك إرتباط بینه‬
‫وبین الورقة المزورة‪.‬‬

‫‪110‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫‪ .2‬ميعاد رفع الطعن بإلتماس إعادة النظر‬


‫یرفع الطعن بإلتماس إعادة النظر خالل مهلة شهرین‪ ،‬و یسري الحساب من تاریخ‬
‫التبلیغ الرسمي للقرار بواسطة محضر قضائي‪ ،‬أو من تاریخ إكتشاف التزویر‪ ،‬أو من تاریخ‬
‫إسترداد الوثیقة المحتجزة من طرف الخصم‪ ،‬وهذا حسب نص المادة ‪ 968‬من القانون‬
‫اإلجراءات المدنیة واإلداریة ‪.‬‬
‫ثالثا‪ :‬إعتراض الغير الخارج عن الخصومة‬
‫یعتبر إعتراض الغیر خارج الخصومة طریقة من طرق الطعن غیر العادیة بحیث یحق‬
‫لكل الشخص له المصلحة أن یعترض عن تنفیذ حكم‪ ،‬ویهدف إلى مراجعة أو إلغاء الحكم أو‬
‫القرار ولو لم یكن طرف في الخصومة (‪ ، )3‬أما إذا كان الغیر معنیا بقضیة على القضاء‬
‫‪.‬‬
‫فأمامه الخیار بین أمرین‪ ،‬التدخل في الخصومة أو اإلنتظار إلى حین صدور الحكم‬
‫یرفع إعتراض الغیر الخارج عن الخصومة وفق لألوضاع المقررة لعرائض إفتتاح‬
‫الدعوى‪ ،‬و یبدأ إعتراض الغیر الخارج عن الخصومة من یوم التبلیغ الرسمي للخصم أو‬
‫القرار لمدة شهرین‪ ،‬و یقدم هذا اإلعتراض أمام الجهة التي أصدرت القرار أو األمر‬
‫المطعون فیه‪ ،‬و یجوز الفصل فیه من طرف نفس القضاة الذین أصدرو القرار المعترض من‬
‫الغیر‪.‬‬

‫‪111‬‬
‫أهم تطبيقات الخطأ الرفقي المنشئ لمسؤولية اإلدارية و اآلثار مترتبة عنه‬ ‫الفصل الثاني‪:‬‬

‫خالصة الفصل الثاني‬


‫عرف الخطأ المرفقي عدة تطبیقات سواءا في القضاء اإلداري الفرنسي أو القضاء‬
‫اإلداري الجزائري والذي جاء متأثرا بمختلف القوانین الفرنسیة وتطبیقاتها‪ ،‬فقد عمل القضاء‬
‫الجزائري منذ زمن بعید على إرساء و ترسیخ معالم القانون اإلداري الفرنسي في الجزائر‪،‬‬
‫فأخذ القضاء اإل داري الجزائري بنظریة المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ المرفقي‬
‫الصادر عن تصرفات اإلدارة الخاطئة و یتضح ذلك من خالل مختلف القرارات و األحكام‬
‫الصادرة عن الغرفة اإلداریة على مستوى المجالس القضائیة‪ ،‬و مختلف أحكام المحاكم‬
‫اإلداریة و مجلس الدولة ‪.‬‬
‫و من أهم النتائج المترتبة عن تطبیقات الخطأ المرفقي دعوى التعویض‪ ،‬والتي من‬
‫خاللها تسأل المرافق العامة أمام القضاء عن كل ما تسببه من أضرار التي تلحق الغیر نتیجة‬
‫أعمالها المادیة و القانونیة‪ ،‬فیلجأ المضرور إلى طلب التعویضات التي أتاحها له المشرع‬
‫الجزائري من خالل مختلف نصوصه القانونیة‪ ،‬لذلك أصبحت القوانین المعمول بها حالیا‬
‫تمنح للضحیة الحق في الحصول على التعویض سواءا من خالل ممارسة هذه الدعوى أمام‬
‫المحاكم اإلداریة‪ ،‬أو من خالل تنفیذ الحكم بالطرق والوسائل المقررة قانونا ‪.‬‬
‫لقد ساهم قضاء التعویض في تجسید فعالیة النظام القانوني للمسؤولیة اإلداریة على‬
‫أساس الخطأ المرفقي‪ ،‬فالقواعد القضائیة و التشریعیة المعمول بها من طرف القاضي‬
‫بخصوص جبر الضرر الناجم عن الخطأ المرفقي سمحت إلى حد ما بتسهیل حصول‬
‫الضحیة على حقوقها‪ ،‬فالنظام اإلجرائي المطبق على قضاء التعویض على أساس الخطأ‬
‫المرفقي كفیل بحمایة حقوق الضحایا في حالة صرامة التطبیق‪ ،‬كما یلعب القاضي اإلداري‬
‫دور أساسي بإعتباره عضو فاعل في هذه الحمایة عن طریق اإلستجابة على كل طلبات‬
‫الضحایا‬

‫‪112‬‬
‫خاتمة‬
‫خاتمة‬

‫خاتمة‬
‫الخطأ المرفقي له معنيين حيث نجد له من جهة أخطاء ناجمة عن تسيير سيء للمرفق العام‬
‫و األخطاء التي ارتكبت من طرف موظفين مهملين هي أخطاء مرفقية و بالمقابل هناك‬
‫أخطاء شخصية ‪.‬‬
‫إن الفقه و القضاء حاولوا وضع تمييز بين الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي إال أنه تعددت‬
‫المعايير و استحال االعتماد على معيار واحد للتفرقة بين الخطأين الشخصي و المرفقي‬
‫نظ ار لصعوبة تحديد الخطأ من جهة و عدم تقيد القاضي االداري بمعيار واحد للتفرقة بين‬
‫الخطأين من جهة أخرى بل يعتمد القاضي على كافة المعايير مجمعة دون استثناء ‪.‬‬

‫عرف القضاء اإلداري سواء كان القضاء الفرنسي أو الجزائري تطو ار في العالقة بين‬
‫الخطأ المرفقي و الشخصي حيث كان المبدأ السائد عدم إمكانية الجمع بينهما لكن سرعان‬
‫ما تم التخلي و العدول عن هذا المبدأ ليحل محله مبدأ إمكانية الجمع بين مسؤولية الموظف‬
‫و مسؤولية الدولة في حالة تعدد األخطاء‪ ،‬إضافة إلى إمكانية الجمع بين المسؤوليتين في‬
‫حالة الخطأ الواحد‪ ،‬فنتج عن هذا المبدأ عدة آثار من بينها ضمان الحقوق المعترف‬
‫للضحية‪ ،‬و ضمان توازن العالقة بين اإلدارة و الموظف مرتكب الخطأ من خالل دعاوى‬
‫الرجوع‪.‬‬

‫‪114‬‬
‫خاتمة‬

‫إن قيام مسؤولية اإلدارة العامة عن تصرفاتها الضارة يستلزم بالضرورة درجة معينة من‬
‫الجسامة في الخطأ الموجب للمسؤولية اإلداریة‪ ،‬فليس كل خطأ يرتب عليه القضاء مسؤولية‬
‫اإلدارة بل يشترط لذلك درجة معينة كافية من الجسامة‪ ،‬كما أن القضاء في حالة تقديره‬
‫للخطأ المرفقي يقوم بدراسة كل حالة على حدى مع األخذ بعين اإلعتبار خاصة األعمال‬
‫المادية مختلف الظروف و العوامل المحيطة سواءا بالمرفق العام أو المتعامل معه ‪.‬‬

‫لجأ القضاء اإلداري الجزائري إلى األخذ بفكرة الخطأ المرفقي كأساس لقيام المسؤولية‬
‫اإلداریة متأث ار بنظيره القضاء الفرنسي‪ ،‬و يتجلى ذلك من خالل مختلف تطبيقات الخطأ‬
‫المرفقي على مستوى مختلف المرافق العامة كمرفق الشرطة‪ ،‬المستشفى‪ ،‬البلدية و غيرها ‪،‬‬
‫ارت قضائية تقيم مسؤوليتها على أساس الخطأ المرفقي سواءا‬
‫حيث صدرت بشأنها قر ا‬
‫أصدرتها الغرفة اإلداریة على مستوى المجالس القضائية أو مختلف أحكام المحاكم اإلداریة‬
‫و مجلس الدولة ‪.‬‬

‫إن اإلقرار بالمسؤولية اإلداریة على أساس الخطأ المرفقي يسمح للمضرور من‬
‫نشاطات اإلدارة سواءا المادية أو القانونية غير المشروعة بالمطالبة بحقه و جبر الضرر‬
‫الالحق به‪ ،‬وذلك عن طریق اللجوء إلى الجهات القضائية و رفع دعوى تعویض الضرر‬
‫الصادر من اإلدارة‪ ،‬بإعتبار دعوى التعویض وسيلة فعالة لحماية وضمان حقوق األفراد‪،‬‬
‫غير أن رفع دعوى التعویض يستوجب مراعاة كافة الشروط الشكلية والموضوعية المنصوص‬
‫عليها في القانون عدد ‪ 08-09‬المتعلق باإلجراءات المدنية واإلداریة ‪.‬‬
‫ترفع دعوى التعویض الناشئة أمام الجهات القضائية المختصة بالنظر في المنازعات‬
‫اإلداریة و هي المحاكم و مجلس الدولة وفقا لقانون اإلجراءات المدنية و اإلداریة ‪.‬‬

‫يتمتع القاضي اإلداري بسلطات واسعة في تقدير و منح التعویض في دعوى التعویض‬
‫الناشئة عن الخطأ المرفقي بحيث يملك سلطة تقدير وفقا للوثائق المقدمة له طرف الضحية‬

‫‪115‬‬
‫خاتمة‬

‫غير أنه بالرغم من الحریة الواسعة الممنوحة للقاضي اإلداري توجد حدود لهذه الحریة خاصة‬
‫ما يتعلق بحدود تقدير التعویض حيث ال يمكن للقاضي تجاوز الطلب الذي يقدمه المضرور‬

‫إن القرارت القضائية الصادرة من القاضي اإلداري تكون عرضة إن للطعن فيها‪ ،‬و ذلك‬
‫بواسطة طرق الطعن العادية المتمثلة في المعارضة‪ ،‬و اإلستئناف ‪،‬أو عن طریق طرق‬
‫الطعن غير العادية المتمثلة في الطعن بالنقض‪ ،‬و التماس إعادة النظر‪ ،‬االعتراض الخارج‬
‫عن الخصومة ‪.‬‬
‫بعد التطرق إلى أهم نتائج دراسة موضوع المسؤولية اإلداریة على أساس الخطأ المرفقي‬
‫ارتئينا إلى إدراج بعض االقتراحات و التوصيات في هذا الصدد ‪:‬‬

‫✓ ضرورة وضع قواعد داخلية لتنظيم و سير المرفق العام إضافة للقواعد المتواجدة‬
‫حاليا و إضفاء عليها الطابع القانوني اإللزامي لكافة الموظفين و الصرامة في‬
‫تطبيقها من خالل ترتيب عقوبات جزائية في حالة خرق هذه القواعد ‪.‬‬
‫✓ إنشاء لجنة أو هيئة مختصة لمراقبة قيام المرفق بأداء إلتزاماته‪ ،‬و الخدمات المطلوبة‬
‫منه على أكمل وجه‪ ،‬و ذلك بتحسين نوعية الخدمات المقدمة من طرف المرفق‬
‫بمعنى تقديم خدمات ال تنطوي على أخطاء ‪.‬‬
‫✓ تصدر عدة أخطاء مرفقية من عدة مرافق عمومية‪ ،‬لذا يجب وضع تعریف محدد‬
‫لكل خطأ مرفقي كل حسب طبيعة و نوعية المرفق الصادر عنه‪.‬‬
‫✓ ضرورة السهر و اإلهتمام على ضبط السير و التنظيم الحسن للمرفق العام كون‬
‫معظم األخطاء المرفقية تنتج عن السير و التنظيم السئ للمرفق العام و تجنب إعادة‬
‫إرتكاب نفس األخطاء من نفس المرافق ‪.‬‬
‫✓ تقييد أداء اإلدارة العامة للخدمة المطلوبة منها بمدة زمنية محددة‪ ،‬حتى ال تتماطل‬
‫في القيام بالخدمات الواجب أدائها و تفادي الوقوع في الخطأ و ترتيب مسؤوليتها‪.‬‬

‫‪116‬‬
‫قائمة المراجع‬
‫قائمة المراجع‬

‫أوال ‪:‬باللغة العربیة‪.‬‬


‫الكتب ‪:‬‬ ‫‪.I‬‬
‫‪ .1‬بعلى محمد الصغیر‪ ،‬المحاكم اإلداریة ‪:‬الغرف اإلداریة‪ ،‬دار العلوم للنشر و التوزیع‪،‬‬
‫الجزائر‪2005،‬‬
‫‪ .2‬بن شیخ آث ملویا لحسن‪ ،‬دروس في المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ‪ ،‬الكتاب‬
‫األول‪ ،‬دار الخلدونیة للنشر و التوزیع‪ ،‬الجزائر‪2007،‬‬
‫‪ .3‬بوبشیر محند أمقران‪ ،‬قانون اإلجراءات المدنیة‪ ،‬دیوان المطبوعات الجامعیة‪،‬‬
‫الجزائر‪.2001،‬‬
‫‪ .4‬حمدي أبوا نور سید عویس‪ ،‬مسؤولیة اإلدارة عن أعمالها القانونیة و المادیة‪ ،‬الطبعة‬
‫األولى‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪. 2011،‬‬
‫‪ .5‬خلوفي رشید‪ ،‬قانون المسؤولیة اإلداریة‪ ،‬دیوان المطبوعات الجامعیة‪ ،‬الجزائر‪2011،‬‬
‫‪ .6‬دانون سمیر‪ ،‬الخطأ الشخصي و الخطأ المرفقي في القانونین المدني و اإلداري ‪:‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬المؤسسة الحدیثة للكتاب‪ ،‬لبنان‪. 2009،‬‬
‫‪ .7‬ذیب عبد السالم‪ ،‬قانون اإلجراءات المدنیة و اإلداریة الجدید‪ ،‬الطبعة الثانیة منقحة‪،‬‬
‫موفم للنشر‪ ،‬الجزائر‪2011،‬‬
‫‪ .8‬أرُفت فودة‪ ،‬دروس في قضاء المسؤولیة اإلداریة‪ ،‬دار النهضة العربیة للطبع و النشر و‬
‫التوزیع‪ ،‬مصر‪. 1974،‬‬
‫‪ .9‬سائح سنقوقة‪ ،‬شرح قانون اإلجراءات المدنیة و اإلداریة‪ ،‬دار الهدى‪ ،‬الجزائر‪2011،‬‬
‫‪:‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الكتاب‬ ‫‪ .10‬سعید سید علي‪ ،‬نطاق و أحكام مسؤولیة الدولة‬
‫الحدیث‪ ،‬الجزائر‪. 2013،‬‬

‫‪118‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .11‬شویحة زینب‪ ،‬اإلجراءات المدنیة في ظل القانون‪ 08‬للطباعة و النشر و التوزیع‪،‬‬


‫الجزائر‪. 2009،‬‬
‫‪ .12‬عبد الرؤوف هشام بسیوني‪ ،‬قرینة الخطأ في مجال المسؤولیة اإلداریة ‪:‬دراسة‬
‫مقارنة‪ ،‬دارالفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪. 2007،‬‬
‫‪ .13‬عبد العزیز عبد المنعم خلیفة‪ ،‬دعوى التعویض في الفقه و قضاء مجلس الدولة‪،‬‬
‫دون طبعة‪ ،‬منشأة المعارف‪ ،‬مصر‪2009.،‬‬
‫‪ .14‬عبد الملك یونس محمد‪ ،‬أساس مسؤولیة اإلدارة ‪:‬دراسة مقارنة بین نظامین الموحد‬
‫والمزدوج‪ ،‬مطبعة جامعة صالح الدین‪ ،‬العراق‪. 1999،‬‬
‫‪ .15‬عثمان یاسین علي‪ ،‬إجراءات إقامة الدعوى اإلداریة في دعوى اإللغاء و التعویض‬
‫‪،‬منشورات الحلبى الحقوقیة‪ ،‬لبنان‪. 2011،‬‬
‫عدو عبد القادر‪ ،‬المنازاعات اإلداریة‪ ،‬دون طبعة‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪. 2012،‬‬ ‫‪.16‬‬
‫‪ .17‬علي خطار شطناوي‪ ،‬مسؤولیة اإلدارة العامة عن أعمالها الضارة‪ ،‬دار وائل للنشر‬
‫والتوزیع‪ ،‬األردن‪. 2008،‬‬
‫‪ .18‬عوابدي عمار‪ ،‬نظریة المسؤولیة اإلداریة ‪:‬دراسة تأصلیة‪ ،‬تحلیلیة و المقارنة‪ ،‬دیوان‬
‫المطبوعات الجامعیة‪ ،‬الجزائر‪1982،‬‬
‫‪ .19‬عوابدي عمار‪ ،‬النظریة العامة للمنازاعات اإلداریة في النظام القضائي الجزائري ‪:‬‬
‫نظریة الدعوى اإلداریة‪ ،‬الجزء الثاني‪ ،‬الطبعة الثالثة‪ ،‬دیوان المطبوعات الجامعیة‪،‬‬
‫الجزائر‪. 2004،‬‬
‫‪ .20‬طاهري حسین‪ ،‬الخطأ الطبي و الخطأ العالجي في المستشفیات العامة ‪:‬دراسة‬
‫مقارنة الجزائر فرنسا‪ ،‬دار هومة‪ ،‬الجزائر‪. 2008،‬‬

‫‪119‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .21‬فریجة حسین‪ ،‬المبادئ األساسیة في قانون اإلجراءات المدنیة و اإلداریة‪ ،‬دیوان‬


‫المطبوعات الجزائریة‪ ،‬الجزائر‪2010،‬‬
‫‪ .22‬شرح المنازعات اإلداریة ‪:‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار الخلدونیة‪ ،‬الجزائر‪. 2011‬‬
‫‪ .23‬لشعب محفوظ‪ ،‬المسؤولیة في القانون اإلداري‪ ،‬دیوان المطبوعات الجامعیة ‪،‬‬
‫الجزائر‪.1994،‬‬
‫‪ .24‬محمد أنور حمادة‪ ،‬المسؤولیة و القضاء الكامل‪ ،‬دار الفكر الجامعي‪ ،‬مصر‪،‬‬
‫‪.1994‬‬
‫‪ .25‬محمود سامي جمال الدین‪ ،‬القضاء اإلداري ‪:‬المنازعات والدعاوى اإلداریة‪ ،‬والیة‬
‫القضاء اإلداري‪ ،‬دعوى اإللغاء‪ ،‬دعاوى التسویة و التعویض‪ ،‬منشأة المعارف للنشر‪،‬‬
‫مصر‪2006،‬‬
‫‪ .26‬محیو أحمد‪ ،‬منازعات اإلداریة‪ ،‬ترجمة (فائز أنجق و بیوض خالد) الطبعة الخامسة‪،‬‬
‫دیوان المطبوعات الجامعیة‪ ،‬الجزائر‪. 2003،‬‬
‫‪ .27‬هشام عبد المنعم عكاشة‪ ،‬مسؤولیة اإلدارة عن أعمال الضرورة ‪:‬دراسة مقارنة‪ ،‬دار‬
‫النهضة العربیة‪ ،‬مصر‪. 1991،‬‬
‫ثانیا ‪:‬باللغة الفرنسیة‬
‫‪I.‬‬ ‫‪Ouvrages:‬‬
‫‪1. ANDRE Delaubadere, Jean Venezia, Yves Gaudemet, Droit‬‬
‫‪administratif, Librairie générale de droit et jurisprudence E.J.A,‬‬
‫‪15éme‬‬
‫‪édition, Paris, 1999.‬‬
‫‪2. FOILLAR Philippe, Droit administratif, Centre de publications,‬‬
‫‪Paris,2001.‬‬
‫‪3. LEBERTON gilles , Droit administratif, 2éme édition, Armand‬‬
‫‪colin,Paris, 2000‬‬

‫‪120‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪4. RICCI Jean Cloudei, Droit administratif, 06éme édition,‬‬


‫‪Hachette, Paris,2008.‬‬
‫‪5. RIVIRO Jean , Walin Jean, Droit administratif, 18éme edition,‬‬
‫‪Dalloz,France, 2000.‬‬
‫‪II. Références internet:‬‬
‫‪▪ PONTIER Jean-Marie, La responsabilité administrative in:‬‬
‫‪http://www.ntpu.edu.tw/files/event/20081127144718.pdf, 28/04/2016‬‬
‫المذكرات الجامعیة‬
‫أ‪ .‬مذكرات الماجستیر‪:‬‬
‫‪ .1‬أحمد هنیة‪ ،‬الخطأ و دوره في قیام المسؤولیة اإلداریة ‪:‬دراسة مقارنة‪ ،‬مذكرة لنیل شهادة‬
‫الماجستیر في القانون اإلداري‪ ،‬كلیة الحقوق و العلوم اإلقتصادیة‪ ،‬جامعة محمد خیضر‪،‬‬
‫بسكرة‪2002،‬‬
‫‪ .2‬عمیري فریدة‪ ،‬مسؤولیة المستشفیات في مجال الطب‪ ،‬مذكرة لنیل شهادة الماجستیر‪ ،‬فرع‬
‫قانون المسؤولیة المهنیة‪ ،‬كلیة الحقوق لعلوم السیاسیة‪ ،‬جامعة مولود معمري‪ ،‬تیزي وزو‪،‬‬
‫‪.2011‬‬
‫‪ .3‬قنوفي وسیلة‪ ،‬المسؤولیة اإلداریة للمرفق الطبي العام‪ ،‬مذكرة لنیل شهادة الماجستیر‪،‬‬
‫تخصص القانون العام ‪ ،‬كلیة الحقوق والعلوم اإلداریة‪ ،‬جامعة فرحات عباس‪ ،‬سطیف‪،‬‬
‫‪.2004‬‬
‫‪ .4‬كفیف لحسن‪ ،‬النظام القانوني للمسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ ‪ ،‬مذكرة لنیل شهادة‬
‫الماجستیر في الحقوق‪ ،‬تخصص الدولة و المؤسسات العمومیة‪ ،‬كلیة الحقوق و العلوم‬
‫اإلداریة‪ ،‬جامعة الجزائر‪2013،‬‬

‫‪121‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫ب‪ .‬مذكرات الماستر‪:‬‬


‫‪ .1‬بن مشیش محمد حسون‪ ،‬قرنین رمزي‪ ،‬الخطأ في المسؤولیة اإلداریة ‪:‬دراسة مقارنة‪،‬‬
‫مذكرة لنیل شهادة الماستر في القانون‪ ،‬كلیة الحقوق و العلوم السیاسیة‪ ،‬جامعة ‪ 08‬ماي‬
‫‪ ،1945‬قالمة‪.2014،‬‬
‫‪ .2‬صالحي عبد الفتاح‪ ،‬مسؤولیة اإلدارة عن أعمالها المادیة المشروعة‪ ،‬مذكرة لنیل شهادة‬
‫الماستر‪ ،‬تخصص قانون اإلداري‪ ،‬كلیة الحقوق و العلوم السیاسیة‪ ،‬جامعة محمد‬
‫خیضر‪ ،‬بسكرة‪.2003،‬‬
‫‪ .3‬عطیة صبرینة‪ ،‬الخطأ المرفقي في القضاء اإلداري الجزائري‪ ،‬مذكرة لنیل شهادة الماستر‬
‫في الحقوق‪ ،‬جامعة محمد خیضر‪ ،‬بسكرة‪. 2013،‬‬
‫‪ .4‬عویسي وداد‪ ،‬المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ و أهم تطبیقاتها في القضاء‬
‫الجزائري‪ ،‬مذكرة لنیل شهادة الماستر‪ ،‬تخصص قانون إداري ‪ ،‬جامعة محمد خیضر‪،‬‬
‫بسكرة‪. 2014،‬‬
‫‪ .5‬غازي فوزان ضیف هللا العدوان‪ ،‬الضرر الناشئ عن الخطأ اإلدارة و التعویض عنه‪،‬‬
‫مذكرة لنیل شهادة الماستر‪ ،‬جامعة الشرق األوسط‪.2013 ،‬‬
‫‪ .6‬لحلوح لیلى‪ ،‬براهمي ترباح‪ ،‬المسؤولیة اإلداریة للمستشفى العمومي‪ ،‬مذكرة لنیل شهادة‬
‫الماستر في الحقوق‪ ،‬كلیة الحقوق و العلوم السیاسیة‪ ،‬جامعة عبد الرحمان میرة‪ ،‬بجایة‪،‬‬
‫‪.2014‬‬

‫‪122‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫‪ .7‬لحوارش یاسین‪ ،‬زغالمي رمزي‪ ،‬دعاوى القضاء الكامل‪ ،‬دعوى تعویض‪ ،‬مذكرة تخرج‬
‫لنیل‪ ،‬شهادة الماستر في القانون‪ ،‬جامعة ‪ 8‬ماي‪.2014، 1945‬‬
‫أضرر األشغال العمومیة في التشریع‬
‫ا‬ ‫‪ .8‬لوصیف أحالم‪ ،‬المسؤولیة اإلداریة الناجمة عن‬
‫الجزئري‪ ،‬مذكرة لنیل شهادة الماستر في الحقوق‪ ،‬تخصص قانون إداري‪ ،‬كلیة الحقوق و‬
‫ا‬
‫العلوم السیاسیة‪ ،‬جامعة محمد خیضر‪ ،‬بسكرة‪. 2014،‬‬
‫‪ .9‬مبروكي عبد الحكیم‪ ،‬المسؤولیة اإلداریة‪ ،‬مذكرة لنیل شهادة الماستر‪ ،‬تخصص القانون‬
‫اإلداري‪ ،‬الحقوق والعلوم السیاسیة‪ ،‬جامعة محمد خیضر‪ ،‬بسكرة‪. 2013،‬‬
‫‪ .10‬هناء نور الدین‪ ،‬المسؤولیة اإلداریة عن أعمال الشرطة‪ ،‬مذكرة لنیل شهادة الماستر‬
‫في الحقوق تخصص قانون إداري‪ ،‬كلیة الحقوق و العلوم السیاسیة‪ ،‬جامعة محمد‬
‫خیضر‪ ،‬بسكرة‪.2015،‬‬
‫‪ .11‬یوسفي ماسینیسا‪ ،‬وهاب فیصل‪ ،‬المسؤولیة اإلداریة لمرفق الشرطة‪ ،‬مذكرة لنیل‬
‫شهادة الماستر في القانون تخصص الجماعات اإلقلمیة‪ ،‬قسم القانون العام‪ ،‬كلیة الحقوق‬
‫و العلوم السیاسیة‪ ،‬جامعة عبد الرحمان میرة‪ ،‬بجایة‪2015،‬‬
‫‪ .12‬بن عدة لبنى ‪،‬بن عیسى فایزة ‪ ،‬المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ المرفقي ‪،‬‬
‫شهادة الماستر في القانون تخصص الهیئات اإلقلمیة‪ ،‬قسم القانون العام‪ ،‬كلیة الحقوق و‬
‫العلوم السیاسیة‪ ،‬جامعة عبد الرحمان میرة‪ ،‬بجایة‪2016 ،‬‬
‫مذكرت المدرسة العلیا للقضاة‪:‬‬
‫ا‬ ‫ج‪.‬‬
‫األضرر الناجمة عن األخطاء المرفقیة و الشخصیة‬
‫ا‬ ‫▪ بولطین یاسمینة‪ ،‬التعویض عن‬
‫الجزئر‪ ،‬مذكرة التخرج لنیل إجازة المدرسة العلیا للقضاء‪ ،‬المدرسة العلیا للقضاء‪،‬‬
‫ا‬ ‫في‬
‫الجزائر‪.2006،‬‬

‫‪123‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫المقاالت‬ ‫‪.II‬‬
‫‪ .1‬قیدار عبد القادر صالح‪ ،‬فكرة الخطأ المرفقي‪ ،‬مجلة الرافدین للحقوق‪ ،‬المجلد ‪، 10‬‬
‫العدد‪ ، 38‬سنة ‪ ، 2008‬ص ص‪.346- 311‬‬
‫‪ .2‬فریجة حسین‪ ،‬مسؤولیة اإلدارة عن أعمال موظفیها‪ ،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد‬
‫‪05‬منشورات الساحل‪ ،‬الجزائر‪ ، 2004 ،‬ص ص ‪.50- 31‬‬
‫النصوص التشریعیة و التنظیمیة‬ ‫‪.III‬‬
‫أ‪ .‬الدساتیر‬
‫▪ دستور ‪ 23‬فیفري ‪ 1989‬الصادر بموجب مرسوم الرئاسي رقم‪ ، 18- 89‬مؤرخ في‬
‫‪28‬فیفري ‪ ، 1989‬الجریدة الرسمیة عدد ‪ ، 09‬صادر في ‪ 01‬مارس‪. 1989‬‬
‫ب‪ .‬القوانین‪:‬‬
‫‪ .1‬أمر رقم‪ 58-75‬مؤرخ في ‪ 26‬سبتمبر ‪ ، 1975‬یتضمن القانون المدني‪ ،‬ج‪.‬ر‪،‬‬
‫عدد ‪،78‬صادر في ‪ ، 1975-09-27‬معدل ومتمم بالقانون رقم ‪ 05 -09-‬صادر‬
‫في‪ 27‬مؤرخ في ‪ ، 2005-06-20‬الجریدة الرسمیة عدد ‪ 44‬صادر في‪-06- 26‬‬
‫‪. 2005‬‬
‫‪ .2‬قانون رقم‪ 10- 11‬مؤرخ في ‪ 22‬جوان ‪ 2011‬المتعلق بالبلدیة‪ ،‬الجریدة الرسمیة‬
‫عدد‪ 37‬سنة‪. 2011‬‬
‫‪ .3‬قانون رقم‪ 07- 12‬مؤرخ في ‪ 21‬فیفري ‪ 2012‬المتعلق بالوالیة‪ ،‬الجریدة الرسمیة‬
‫عدد ‪ 12‬سنة‪. 2012‬‬
‫‪ .4‬قانون رقم‪ 09- 08‬مؤرخ في ‪ 25‬فبرایر ‪ ، 2008‬یتضمن قانون اإلجراءات المدنیة‬
‫اإلداریة‪ ،‬الجریدة الرسمیة عدد ‪ 21‬صادرة في ‪ 27‬أفریل ‪2008‬‬

‫‪124‬‬
‫قائمة المراجع‬

‫ت‪ .‬األوامر‬
‫‪ .1‬أمر رقم‪ 03-06‬مؤرخ في ‪ 15‬جویلیة یتضمن القانون األساسي العام المتعلق‬
‫بالوظیفة العمومیة‪ ،‬الجریدة الرسمیة عدد ‪ ، 46‬لسنة‪. 2006‬‬
‫الق اررات القضائیة ‪:‬‬ ‫‪.IV‬‬
‫▪ الغرفة اإلداریة‪ ،‬ق ارر رقم ‪ ، 007733‬بتاریخ ‪(،2003/03/11‬قضیة م‪.‬خ مستشفى‬
‫بجایة) ‪،‬مجلة مجلس الدولة‪ ،‬العدد‪،2004، 05‬ص ص ‪.211-208‬‬
‫مواقع اإللكترونیة‬ ‫‪.V‬‬
‫‪ .1‬حریر عبد الغاني‪ ،‬المسؤولیة اإلداریة لمرفق المستشفى‪،‬‬
‫‪2019/04/24 tribunalsdz.blogspot.com/2015/12/blog-post-30.html‬‬
‫‪ .2‬صالح ناصر العتبي‪ ،‬تكامل القانونین المدني و اإلداري في تطلب الخطأ لقیام‬
‫المسؤولیة‪ ،‬المدنیة للموظف العام ومدى إعتبار ذلك ضمانة وظیفیة‪ ،‬مجلة الحقوق‬
‫الفصلیة‪ ،‬عدد‪ ، 03‬الكویت‪.2004،‬‬
‫‪www.F-LAW.net/LAW/tgeads/ 11289 26/05/2019 a 09 :30h‬‬

‫‪125‬‬
‫فهرس‬
‫‪02‬‬ ‫المقدمة‬
‫الفصل األول‬
‫‪07‬‬ ‫اإلطار المفاهمي للخطأ المرفقي المنشئ للمسؤولیة اإلداریة‬
‫‪08‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬مفهوم الخطأ المنشئ للمسؤولیة اإلداریة‬
‫‪08‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬تعریف الخطأ المرفقي‬
‫‪09‬‬ ‫الفرع األول ‪:‬التعریف الفقهي‬
‫‪12‬‬ ‫الفرع الثاني ‪:‬التعریف التشریعي‬
‫‪12‬‬ ‫الفرع الثالث ‪:‬خصائص الخطأ المرفقي‬
‫‪13‬‬ ‫أوال ‪:‬طابع الخطأ المجهول‬
‫‪13‬‬ ‫ثانیا ‪:‬طابع الخطأ المباشر‬
‫‪14‬‬ ‫المطلب الثاني ‪:‬صور الخطأ المرفقي‬
‫‪14‬‬ ‫الفرع األول ‪:‬سوء أداء المرفق للخدمة‬
‫‪16‬‬ ‫الفرع الثاني ‪:‬عدم تقدیم المرفق للخدمة‬
‫‪18‬‬ ‫الفرع الثالث ‪:‬بطء تقدیم الخدمة‬
‫‪19‬‬ ‫المطلب الثالث ‪:‬تمییز الخطأ المرفقي عن الخطأ الشخصي‬
‫‪21‬‬ ‫الفرع األول ‪:‬أسس فكرة التفرقة بین الخطأ المرفقي والخطأ الشخصي‬
‫‪22‬‬ ‫الفرع الثاني ‪:‬معاییر التمییز بین الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي‬
‫‪22‬‬ ‫أوال ‪:‬المعاییر الفقهیة‬
‫‪26‬‬ ‫ثانیا ‪:‬المعاییر القضائیة‬
‫‪28‬‬ ‫ثالثا ‪:‬المعاییر التشریعیة‬
‫‪31‬‬ ‫الفرع الثالث ‪:‬العالقة بین الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي‬
‫‪31‬‬ ‫أوال ‪:‬مرحلة الفصل التام بین الخطأ المرفقي و الخطأ الشخصي‬
‫‪32‬‬ ‫ثانیا ‪:‬مرحلة الجمع بین الخطأین المرفقي و الخطأ الشخصي‬
‫‪36‬‬ ‫ثالثا ‪:‬نتائج الجمع‬
‫‪39‬‬ ‫المبحث الثاني ‪:‬كیفیة تقدیر الخطأ المرفقي‬
‫‪40‬‬ ‫المطلب األول ‪:‬الخطأ المرفقي في القرارات اإلداریة‬

‫‪127‬‬
‫‪40‬‬ ‫الفرع األول ‪:‬تعریف القرار اإلداري‬
‫‪41‬‬ ‫أوال ‪:‬التعریف الفقهي‬
‫‪41‬‬ ‫ثانیا ‪:‬التعریف القضائي‬
‫‪41‬‬ ‫الفرع الثاني ‪:‬تقدیر الخطأ المرفقي في القرارات اإلداریة‬
‫‪42‬‬ ‫أوال ‪:‬عیب اإلختصاص‬
‫‪42‬‬ ‫ثانیا ‪:‬عیب الشكل‬
‫‪43‬‬ ‫ثالثا ‪:‬عیب السبب‬
‫‪43‬‬ ‫رابعا ‪:‬عیب المحل‬
‫‪44‬‬ ‫خامسا ‪:‬عیب االنحراف في استعمال السلطة‬
‫‪44‬‬ ‫المطلب الثاني ‪:‬الخطأ المرفقي في األعمال المادیة‬
‫‪45‬‬ ‫الفرع األول ‪:‬تعریف األعمال المادیة‬
‫‪46‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬تقدیر الخطأ المرفقي في األعمال المادیة‬
‫‪46‬‬ ‫أوال‪ :‬مراعاة ظروف الزمان التي یؤدي فیها المرفق الخدمة‬
‫‪47‬‬ ‫ثانیا‪ :‬مراعاة ظروف المكان التي یؤدي فیها المرفق الخدمة‬
‫‪47‬‬ ‫ثالثا‪ :‬مراعاة أعباء المرفق و إمكانیاته‬
‫‪48‬‬ ‫ربعا‪ :‬مراعاة طبیعة المرفق و أهمیته اإلجتماعیة‬
‫‪49‬‬ ‫خامسا‪ :‬عالقة المضرور بالمرفق‬
‫‪50‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬إثبات الخطأ المرفقي و درجة جسامته‬
‫‪50‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬الخطأ الثابت و الخطأ المفترض‬
‫‪51‬‬ ‫أوال‪ :‬األضرار الواقعة على مستعملي المباني و األشغال العمومیة‬
‫‪52‬‬ ‫ثانیا‪ :‬األضرار التي تقع لألشخاص الخاضعین للعالج في المؤسسات اإلستشفائیة‬
‫العمومیة‬
‫‪52‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬الخطأ الجسیم و الخطأ البسیط‬
‫‪53‬‬ ‫أوال‪ :‬تعریف الخطأ الجسیم‬
‫‪53‬‬ ‫ثانیا‪ :‬مجاالت اشتراط الخطأ الجسیم‬
‫‪58‬‬ ‫خالصة الفصل األول‬

‫‪128‬‬
‫الفصل الثاني‬
‫‪61‬‬ ‫أهم تطبیقات الخطأ المرفقي المنشئ للمسؤولیة اإلداریة و اآلثار المترتبة عنه‬
‫‪62‬‬ ‫المبحث األول‪ :‬أهم تطبیقات الخطأ المرفقي الموجب للمسؤولیة اإلداریة‬
‫‪62‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مسؤولیة مرفق المستشفى على أساس الخطأ المرفقي‬
‫‪63‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬نظام مسؤولیة مرفق المستشفى‬
‫‪64‬‬ ‫أوال‪ :‬مسؤولیة المستشفى عن العمل الطبي‬
‫‪64‬‬ ‫ثانیا‪ :‬مسؤولیة المستشفى عن العمل العالجي‬
‫‪65‬‬ ‫ثالثا‪ :‬مسؤولیة المستشفي عن أعمال التسییر‬
‫‪65‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬التمییز بین العمل الطبي و العمل العالجي‬
‫‪65‬‬ ‫أوال‪ :‬المعیار العضوي‬
‫‪66‬‬ ‫ثانیا‪ :‬المعیار المادي‬
‫‪66‬‬ ‫ثالثا‪ :‬آثار التمییز بین العمل الطبي و العمل العالجي‬
‫‪67‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مسؤولیة مرفق المستشفى على أساس الخطأ المرفقي‬
‫‪67‬‬ ‫أوال‪ :‬سوء تنظیم مرفق المستشفى‬
‫‪68‬‬ ‫ثانیا‪ :‬سوء تسییر مرفق المستشفى‬
‫‪70‬‬ ‫ثالثا‪ :‬تأخر مرفق المستشفى في آداء الخدمة‬
‫‪71‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬مسؤولیة مصالح الشرطة على أساس الخطأ المرفقي‬
‫‪72‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬نظام مسؤولیة مصالح الشرطة‬
‫‪72‬‬ ‫أوال‪ :‬نظام مسؤولیة مصالح الشرطة بسبب نشاطها التنظیمي‬
‫‪72‬‬ ‫ثانیا‪ :‬نظام مسؤولیة مصالح الشرطة بسبب نشاطها المادي التنفیذي‬
‫‪73‬‬ ‫ثالثا‪ :‬نظام مسؤولیة مصالح الشرطة في حالة رفض تنفیذ القرارات القضائیة‬
‫‪73‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬حاالت الخطأ المرفقي لمرفق الشرطة‬
‫‪74‬‬ ‫أوال‪ :‬سوء آداء مرفق الشرطة الخدمة‬
‫‪75‬‬ ‫ثانیا‪ :‬عدم آداء مرفق الشرطة الخدمة المطلوبة منه‬
‫‪75‬‬ ‫ثالثا‪ :‬تأخر مرفق الشرطة في آداء الخدمة‬
‫‪76‬‬ ‫لمطلب الثالث‪ :‬مسؤولیة البلدیة على أساس الخطأ المرفقي‬

‫‪129‬‬
‫‪77‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬مسؤولیة البلدیة عن األضرار الالحقة بمستعملي المباني و األشغال‬
‫العمومیة‬
‫‪77‬‬ ‫أوال‪ :‬عدم تسییج بركة مائیة‬
‫‪78‬‬ ‫ثانیا‪ :‬سوء تسییر و عدم صیانة منشأة مائیة‬
‫‪79‬‬ ‫ثالثا‪ :‬عدم إتخاذ اإلحتیاطات الالزمة بشأن عمود كهربائي‬
‫‪80‬‬ ‫رابعا‪ :‬سوء تثبیت حاجز حدیدي‬
‫‪81‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬مسؤولیة البلدیة بسبب نشاط مصالح مكافحة الحریق‬
‫‪83‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬مسؤولیة البلدیة بسبب نشاط المؤسسات التعلیمیة اإلبتدائیة‬
‫‪84‬‬ ‫المبحث الثاني‪ :‬اآلثار المترتبة عن األخطاء المرفقیة‬
‫‪85‬‬ ‫المطلب األول‪ :‬مفهوم دعوى التعویض الموجبة ضد األخطاء المرفقیة‬
‫‪85‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬تعریف دعوى التعویض‬
‫‪85‬‬ ‫أوال‪ :‬التعریف التشریعي‬
‫‪86‬‬ ‫ثانیا‪ :‬التعریف القضائي‬
‫‪86‬‬ ‫ثالثا‪ :‬التعریف الفقهي‬
‫‪87‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬خصائص دعوى التعویض‬
‫‪87‬‬ ‫أوال‪ :‬دعوى التعویض دعوى قضائیة‬
‫‪88‬‬ ‫ثانیا‪ :‬دعوى التعویض دعوى ذاتیة و شخصیة‬
‫‪88‬‬ ‫ثالثا‪ :‬دعوى التعویض من دعاوى القضاء الكامل‬
‫‪89‬‬ ‫رابعا‪ :‬دعوى التعویض من دعاوى قضاء الحقوق‬
‫‪90‬‬ ‫الفرع الثالث‪ :‬شروط قبول دعوى التعویض‬
‫‪90‬‬ ‫أوال‪ :‬الشروط الشكلیة لقبول دعوى التعویض‬
‫‪95‬‬ ‫ثانیا‪ :‬الشروط الموضوعیة لقبول دعوى التعویض‬
‫‪99‬‬ ‫المطلب الثاني‪ :‬الجهة المختصة في الفصل في دعوى التعویض الموجبة ضد األخطاء‬
‫المرفقیة و سلطات القاضي في تقدیر التعویض‬
‫‪99‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬الجهة المختصة في الفصل في دعوى التعویض الموجبة ضد األخطاء‬
‫المرفقیة‬

‫‪130‬‬
‫‪100‬‬ ‫أوال‪ :‬اإلختصاص النوعي‬
‫‪101‬‬ ‫ثانیا‪ :‬اإلختصاص اإلقلیمي‬
‫‪101‬‬ ‫ثالثا‪ :‬إختصاص القضاء العادي بنص القانون‬
‫‪102‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬سلطات القاضي في تقدیر التعویض‬
‫‪102‬‬ ‫أوال‪ :‬سلطة القاضي في تقییم الضرر‬
‫‪103‬‬ ‫ثانیا‪ :‬سلطة القاضي في تقدیر التعویض‬
‫‪104‬‬ ‫ثالثا‪ :‬كیفیة منح القاضي اإلداري التعویض‬
‫‪104‬‬ ‫المطلب الثالث‪ :‬طرق الطعن في األحكام اإلداریة الصادرة في دعوى التعویض الناشئة‬
‫عن المسؤولیة اإلداریة على أساس الخطأ المرفقي‬
‫‪105‬‬ ‫الفرع األول‪ :‬طرق الطعن العادیة‬
‫‪105‬‬ ‫أوال‪ :‬المعارضة‬
‫‪106‬‬ ‫ثانیا‪ :‬اإلستئناف‬
‫‪107‬‬ ‫الفرع الثاني‪ :‬طرق الطعن غیر العادیة‬
‫‪108‬‬ ‫أوال‪ :‬الطعن بالنقض‬
‫‪109‬‬ ‫ثانیا‪ :‬إلتماس إعادة النظر‬
‫‪110‬‬ ‫ثالثا‪ :‬اعتراض الغیر الخارج عن الخصومة‬
‫‪112‬‬ ‫خالصة الفصل الثاني‬
‫‪114‬‬ ‫الخاتمة‬
‫‪118‬‬ ‫قائمة المراجع‬
‫‪127‬‬ ‫الفهرس‬

‫‪131‬‬
‫مــلخص المذكرة‬
‫تلتزم اإلدارة بالتعويض عن األضرار الناجمة عن األخطاء المرفقية على اختالفها‬
‫فمنها نتيجة إهمال أو تقصير ‪.‬إ ال انه يفترض في ذللك أن تكون هذه األخطاء على قدر‬
‫معين من الجسامة حيث البد من مراعاة عنصر الزمان و المكان الذي وقع فيه الخطأ ‪.‬‬

‫و تتعدد صور األعمال الضارة التي يتجسد فيها الخطأ المرفقي حيث حصرها الفقه في‬
‫ثالثة صور و هي ‪:‬سوء أداء المرفق العام الخدمة المطلوبة منه‪ ،‬عدم تقديم المرفق العام‬
‫الخدمة‪ ،‬أو تأخر المرفق العام في أداء الخدمة ‪.‬يمكن للمضرور من أعمال اإلدارة الخاطئة‬
‫الل جوء إلى الجهات القضائية للمطالبة بتعويض الضرر الذي لحق به و ذلك بموجب رفع‬
‫دعوى تعويض‪.‬‬

‫‪/2‬اإلدارة العامة‪.‬‬ ‫‪/1:‬الخطأ المرفقي‪.‬‬ ‫الكلمات المفتاحية‬


‫‪/4‬الموظف‪.‬‬ ‫‪/3‬المرفق العام‪.‬‬
‫‪/6‬الجهات القضائية ‪.‬‬ ‫‪/5‬دعوى تعويض‬

You might also like