Professional Documents
Culture Documents
الأوبئة والمجاعات فى ولاية طرابلس الغرب 1835 - 1911 م الصادر عن مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية 2006 م PDF
الأوبئة والمجاعات فى ولاية طرابلس الغرب 1835 - 1911 م الصادر عن مركز جهاد الليبيين للدراسات التاريخية 2006 م PDF
ذكرت الباحثة أن األحداث التارخيية اليت مرت إبايلة طرابلس الغرب سامهت يف حتديد مسارها
السياسي واالقتصادي واالجتماعي ،وأشارت أبن البالد شهدت موجات متواصلة من األوبئة واألمراض
وكانت الكولريا واملالراي أخطرها وأكثرها انتشارا ،خالل فرتة الدراسة ،يف معظم مناطق اإلايلة مبا فيها
املناطق اجلنوبية اليت تكثر فيها الربك واملستنقعات.
هذا إىل جانب بعض أمراض أخرى كأمراض اجلهاز اهلضمي والتنفسي والتناسلي والعيون ،وأمراض
األطفال املتمثلة يف احلصبة والسعال الديكي ،وأمراض السخانة (السمهود).
هذا الكتاب يتناول ابلدراسة والتحليل ظاهرة األوبئة واجملاعات اليت ظهرت يف والية طرابلس الغرب
خالل العهد العثماين الثاين 5155-5381وهو يتناول أحد جوانب التاريخ االجتماعي يف ليبيا الذي
ظهر االهتمام به يف الفرتة األخرية وقد قدم الكتاب الذي كان يف األساس حبثا أو أطروحة ماجستري،
قدمتها الباحثة لقسم التاريخ يف كلية اآلداب طرابلس ،وقام مركز جهاد الليبيني بنشره يف عام .6002
ذكرت الباحثة أن األحداث التارخيية اليت مرت إبايلة طرابلس الغرب سامهت يف حتديد مسارها
السياسي واالقتصادي واالجتماعي ،وأشارت أبن البالد شهدت موجات متواصلة من األوبئة واألمراض
وكانت الكولريا واملالراي أخطرها وأكثرها انتشارا ،خالل فرتة الدراسة ،يف معظم مناطق اإلايلة مبا فيها
املناطق اجلنوبية اليت تكثر فيها الربك واملستنقعات.
هذا إىل جانب بعض أمراض أخرى كأمراض اجلهاز اهلضمي والتنفسي والتناسلي والعيون ،وأمراض
األطفال املتمثلة يف احلصبة والسعال الديكي ،وأمراض السخانة (السمهود).
طرحت الباحثة عدة تساؤالت يف معاجلتها موضوع األوبئة واألمراض أمهها تركز حول الكيفية اليت
جاهبت هبا اإلدارة العثمانية املركزية وإدارة الوالية تلك األوبئة واألمراض واإلجراءات الوقائية والعالجية اليت
اختذها اجلهاز احلكومي آنذاك للقضاء على تلك األوبئة واألمراض واإلمكاانت العالجية اليت كانت متوفرة
آنذاك.
تكمن أمهية هذه الدراسة يف أهنا من بني احملاوالت القليلة اليت ركزت على موضوع اجملاعات واألمراض
بصورة منفردة ومنفصلة ،فهي حماولة لسد الفراغ يف املكتبة العربية ولو جزئيا عن هذا املوضوع.
وأشارت الباحثة إىل أهنا واجهت بعض املصاعب أو املشاكل املنهجية واملصدرية .ومنها عدم متكنها
من احلصول على إحصائيات دقيقة عن الوفيات واملصابني هبذه األمراض واعتماد املصادر سواء كانت
أولية أو اثنوية على طريقة الوصف العام مع وجود بعض املغالطات واملبالغات.
-عدم معرفة اجملال اجلغرايف الذي أصابته اجملاعات واألوبئة ،وكذلك حصر الفرتة الزمنية اليت استمر هبا
الوابء أو املرض.
قسمت الدراسة إىل مقدمة وأربعة فصول وخامتة .خصص الفصل األول لدراسة سنوات اجلذب
واجملاعات ،مركزة ابخلصوص على دميغرافية املنطقة والذي مشل وصفا عاما لإلايلة ،مث التعرض لسنوات
اجملاعة اليت عانت منها اإلايلة وبيان ألهم مظاهرها.
وتطرق الفصل الثاين لألوبئة واألمراض يف والية طرابلس الغرب مركزا على أهم األوبئة واألمراض اليت
شاع انتشارها يف الوالية مثل (الكولريا -الطاعون -السل -اجلدري -الرمد -الزهري) وغريها من األمراض
وذكر أسباهبا ومناطق انتشارها.
أما الفصل الثالث فيعاجل اإلجراءات الصحية الوقائية والعالجية للحد من انتشار األوبئة واألمراض،
حيث اهتمت اإلدارة العثمانية إبنشاء نظام احلجر الصحي ،إىل جانب املستشفيات اليت حاولت من
خالهلا القضاء على األمراض ،كما كان هلا اجتاه آخر متثل يف إنشاء الصيدليات ،ويربز هذا الفصل دور
الطب الشعيب مبختلف فروعه ،والدور الذي لعبه هذا الطب يف معاجلة تلك األمراض والذي اعتمد عليه
األهايل كثريا.
واختص الفصل الرابع ابحلديث عن التأثريات االجتماعية والسياسية واالقتصادية لألمراض واألوبئة
حيث ساهم انتشار األوبئة يف تغيري منط حياة األهايل ،واخنفاض عدد السكان بسبب اهلجرات سواء
أكانت داخلية أم خارجية هراب من تلك الكوارث.
أوال :املصادر األولية غري املنشورة مشلت واثئق دار احملفوظات التارخيية.
يف الفصل األول سلطت الباحثة الضوء على طبيعة احلياة العامة يف البالد وكذلك طبيعة املنطقة
اجلغرافية وأثرها يف حياة املواطنني.
الرتكيبة السكانية داخل اإلايلة بتعدد األجناس على رأسهم العرب ،واليهود ،والزنوج ،واألتراك
املتوطنون ،ابإلضافة إىل اجلالية األوروبية املتمثلة يف املالطني واإلجنليز واإليطاليني والفرنسيني ،واألسبان،
واليواننيني وغريهم.
ومع أواخر القرن التاسع عشر بدأت تتوفر بعض املعلومات متثلت يف الواثئق التارخيية وكتب الرحالة
وكتاابت أوروبية ،ساعدت على إعطاء بعض اإلحصائيات التقريبية عن تعداد السكان داخل اإلايلة فكان
عدد سكان مدينة طرابلس سنة 5806هـ املوافق 5334هو ( )61000نسمة أييت املسلمون يف املرتبة
األوىل واألجانب واليهود فيما بعد وقد أوردت الباحثة جدولني أحدمها للمباين واملنشآت داخل سور مدينة
طرابلس واآلخر خارج سور املدينة.
وتستنتج الباحثة أن التقديرات اليت دوهنا بعض الرحالة يف معرفة عدد السكان داخل الوالية تبقى جمرد
ختمينات ألهنا ال تستند على إحصائيات دقيقة ،وال ميكن أن تكون لدينا بناء على مثل هذه املعطيات إال
فكرة مبهمة عن عدد السكان ،سيما وأن التقديرات ال تشمل البوادي ،وكذلك املناطق اجلبلية إذ أن طبيعة
املنطقة اجلغرافية جعلت التمركز السكاين حمصورا يف املناطق الساحلية ،واملناطق ذات األنشطة التجارية
املختلفة كطرابلس وفزان.
هذا وأشارت الباحثة إىل حقيقة اترخيية معروفة وهي أن الطبيعة اجلغرافية للبالد جعلت السكان
يعتمدون على النشاط الزراعي الذي اعترب الركيزة األوىل حلياة أغلب السكان يف البالد وأن أهم املراكز
التجارية داخل الوالية هي مدن طرابلس واخلمس وفزان اليت اعتربت من األمهية مبكان حبيث أصبحت يف
احللقة التجارية اليت تربط بني الشمال واجلنوب.
هذا وقد استندت الباحثة يف وصف الوالية على ما كتبه الرحالة األوروبيون الذين كتب بعضهم عن
مدينة طرابلس ووصف شوارعها وأزقتها وعقد مقارانت بني تلك اآلراء.
كما سجلت الباحثة بعض املالحظات عن حالة النظافة بشكل عام يف بعض املدن يف اإلايلة -
كطرابلس واخلمس وإقليم فزان وقد وجدت أهنا تتصف عموما ابإلمهال وكان تصريف املياه وانتشار
القاذورات جبوار الدور املزدمحة وانعدام وسائل التهوية الكافية ،يف البيوت األمر الذي أثر يف الصحة العامة
داخل اإلايلة.
كما تعرضت الباحثة إىل موقف اإلدارة العثمانية بشأن النظافة ،وحث البلدية على ضرورة األخذ
أبسباب النظافة ،وخاصة بعد الكوارث الوابئية اليت تعرضت هلا اإلايلة.
ويف معرض حديثها عن الطعام أو التغذية يف البالد تشري الباحثة إىل أن:
الغذاء اختلفت نوعيته ليس ابختالف املناطق فحسب بل ابختالف الوضع االقتصادي لألفراد،
وميكن القول إن الغذاء يف املنطقة بشكل عام كان يعتمد على املواد النشوية أييت يف مقدمتها اخلبز املصنوع
من القمح والشعري.
وفيما يتعلق ابستهالك اللحم فقد كان ضئيال إن مل نقل معدوما خاصة عند الفئات الفقرية.
عاشت اإلايلة فرتة جماعة وبؤس وجدب اشتدت على الناس ،وتضررت خالهلا أشد الضرر ،وخلفت
آاثرا سلبية على اجلوانب الدميغرافية واالقتصادية بشكل مباشر ،وبتواليها خلقت أرضية خصبة لظهور
األوبئة الفتاكة واألمراض املستعصية.
لقد كانت نتائج اجملاعات على العموم فرار كثري من األهايل من الريف إىل املدن للبحث عن الغذاء
مما أدى إىل اكتظاظ املدن ابألهايل واعتماد على املصادر املتوفرة ذكرت الباحثة أمثلة لسنوات اجلذب
واجلفاف وما أطلقه عليها األهايل من أمساء (عام السفناري وعام الدقيق) واختذها السكان اترخيا يؤرخون
به ملواليدهم ووفياهتم.
-مظاهر اجملاعة
املوت من أول وأهم مظاهر اجملاعة ،حيث كان األهايل يتساقطون صرعي للجوع وأبعداد كبرية.
أما املظهر الثاين فهو التسميات اليت أطلقت على سنوات اجملاعات فباإلضافة إىل ما سبق ذكره (عام
السفناري ،عام الدقيق) فقد أطلق اسم (عام الذبح) حيث ذحبت أعداد كبرية من احليواانت بسبب ضعفها
وإشرافها على النفوق بسبب ندرة املرعى واضطر األهايل إىل االكتفاء أبكل اللحوم .إضافة إىل تسميات
أخرى كعام الشر وعام اجلوع وهي تسميات شاع استخدامها بني أهايل اإلايلة ويتمثل املظهر الثالث يف
فرار الناس وتشتتهم حبثا عن ما يسد رمقهم مما أدى إىل ازدحام داخل طرابلس املركز.
وكانت حماوالت اإلدارة العثمانية لتطويق كارثة اجلوع حماوالت عاجزة ومرتدية وأن كثرة الوافدين على
مركز الوالية عكس الصورة املأساوية اليت وصلت إليها الوالية -واليت مست بصورة مباشرة احلياة االقتصادية
واالجتماعية داخلها حيث كان هناك تناسب طردي بني زايدة اجملاعة وزايدة أعداد القادمني من الدواخل
إىل مركز الوالية.
تلك احلالة من اجلوع تزامنت مع عدم متكن اإلدارة من جباية الضرائب وهو مظهر من مظاهر
اجملاعة ،خاصة ،أن الناس خالهلا عجزوا عن الدفع بسبب توقف حركة التجارة اليت أتثرت هي األخرى
حبالة اجملاعة اليت متر هبا الوالية.
الفصل الثاني
وقد خصص لدراسة األوبئة واألمراض داخل الوالية حيث كان من الطبيعي -بعد مراحل اجلدب
واجلوع اليت شهدهتا إايلة طرابلس الغرب -أن يسيطر زخم كبري من األوبئة واألمراض ،حيث أملت هبا يف
فرتات زمنية متقاربة حينا ،ومتباعدة أحياان أخرى ،وغالبا ما يكون أصل هذه األوبئة واألمراض من خارج
اإلايلة ،فتصلها عن طريق القوافل الربية التجارية ،أو بواسطة السفن القادمة إىل موانيها من خمتلف البلدان
اجملاورة والبعيدة عنها ،وأبرز تلك األوبئة واألمراض (الكولريا -الطاعون -املالراي -اجلدري -الزهري
التيفوس -وأمراض العيون -وأمراض الصدر -وأمراض احليواانت املختلفة).
الفصل الثالث
ويتناول اإلجراءات الصحية داخل والية طرابلس الغرب ومت تقسيمه إىل أربعة مباحث هي:
-6إنشاء املستشفيات
-8أتسيس الصيدليات
إن نظام احلجر الصحي كان من أكثر األنظمة اليت أولتها اإلدارة العثمانية اهتماما خاصا ال سيما يف
السنوات اليت انتشرت فيها األوبئة الفتاكة ،وكان يطلق على احلجر الصحي يف الوالية (الكرنتينة أو كرنطني
أو كرنتة) وتعين يف اللغة اإليطالية أربعني يوما ،وهي الفرتة اليت يقضيها الوابء يف جسد اإلنسان حىت تظهر
معامله ،وسنت اإلدارة العثمانية نظام احلجر الصحي كنظام معرتف به قانوان منذ سنة .5381
ومنذ ذلك التاريخ بدأت يف فرض عقوابت على املخالفني ألنظمة احلجر الصحي ،والتشديد على
ضرورة اتباعها حبذافريها.
لقد مت إنشاء عدة حماجر صحية يف بنغازي ،اخلمس ،طربق ،غري أن أمهها هو حمجر ميناء طرابلس
مركز الوالية ،وأنشئت مبان خاصة إلدارة احلجر الصحي يف كل ميناء من املواين كان يقوم ابإلشراف على
تسيري األعمال داخله جمموعة أطباء ومساعدوهم ،كما توجد يف احلجر الصحي آالت لتبخري وتطهري
وتعقيم بضائع وحاجات الركاب القادمني من املناطق املوبوءة وكانت دوائر احلجر الصحي تكلف اإلدارة
العثمانية مبالغ طائلة من حيث رواتب العمال واألطباء ،ومصاريف التبخري والتطهري.
أما أول خطوة كاشا تقوم هبا إدارة احلجر الصحي يف مركز الوالية يف حالة ظهور علة سارية فهي
إرسال برقيات إىل دوائر احلجر الصحي داخل الوالية الربية والبحرية ألخذ احلذر.
وقد أمرت املفتشية الصحية كل املداخل البحرية منها يف مجيع األلوية داخل الوالية أن تعيد كل سفينة
مصابة ابلكولريا إىل بالدها ،كما فرضت عقوابت شديدة على املخالفني تصل إىل إصدار حكم اإلعدام.
كما خضعت احليواانت يف الوالية هي األخرى ألنظمة احلجر الصحي حيث كانت احليواانت من
الوسائل الناقلة لألمراض واألوبئة لإلنسان ،لذلك شددت اإلدارة على ضرورة الكشف عن احليواانت
اجمللوبة ،وإعطائها شهادة صحية قبل دخوهلا للوالية.
ويف بعض السنوات خاصة املوبوءة كان سكان بعض الدول كإيطاليا مثال يفرون من بالدهم خوفا من
الوابء ،وكان الكثري منهم يرى يف والية طرابلس مالذا له ،لذلك طالبت الكثري من الدول اجملاورة من إدارة
والية طرابلس تشديد احلجر الصحي على القادمني من إيطاليا.
ومل يقتصر تطبيق احلجر الصحي على احلدود الربية والبحرية بل طبق بني خمتلف املناطق الداخلية ملنع
انتشار األوبئة.
-2إنشاء املستشفيات-:
كان من ضمن اإلجراءات العالجية اليت انلت قسطا من اهتمام اإلدارة العثمانية هي أتسيس املراكز
الصحية املتمثلة يف املستشفيات واملستوصفات العالجية يف مناطق خمتلفة حيث أنشئ املستشفى
العسكري ،ومستشفى املساجني ،ومستشفى الغرابء ،ومستشفى البلدية يف مدينة طرابلس.
وابإلضافة إىل املستشفيات اليت أنشئت يف مدينة طرابلس ،افتتح عام 5102م مستشفى يف
متصرفية اخلمس وكذلك يف منطقة فزان ومدينة بنغازي.
كما وجدت يف والية طرابلس مراكز صحية أخرى عرفت ابسم املستوصفات ،أدت دورا مهما يف
إسعاف املرضى أثناء إصابتهم ابملرض يف املراحل األوىل ،وكان من أهم املستوصفات مستوصف املسرت ريد
الذي أتسس سنة 5313م ،ومسي هبذا االسم نسبة إىل مؤسسه الطبيب ريد ،واجلدير ابلذكر أن هذا
املستوصف استمر العالج به حىت عام ،5128ومستوصف كبري مبدينة طرابلس تديره راهبات القديس
يوسف ،وعلى غراره وجد يف بنغازي مستوصف أقامته القنصلية اإليطالية غري أن األخري ال يتقاضى أجورا
عن اخلدمات الطبية املقدمة من قبله للمرضى.
-3إنشاء الصيدليات-:
كان للصيدليات دور ابرز يف التداوي والعالج ،حيث اعتربت صيدلية (كسار) أول صيدلية عرفت
يف العهد العثماين الثاين ،هذا وجيب اإلشارة إىل أن أول صيدلية عرفت يف العهد العثماين األول هي
صيدلية السرااي ،وال يزال مكاهنا قائما ابلقرب من مدرسة عثمان ابشا.
كذلك أنشئت صيدليات أخرى منها الصيدلية العثمانية واملساجني وصيدليات أخرى يف مناطق
بنغازي واخلمس ،وكانت أغلب األدوية املوجودة يف الصيدليات مستجلبة من أورواب ،وكان جزء منها يورد
من األستانة ،وغالبا ما كانت تكاليف جلبه ابهظة الثمن.
كما استعمل التلقيح ملختلف أنواع األمراض وال سيما التلقيح ضد اجلدري وكانت اإلدارة العثمانية
حتاول من جهتها لفت انتباه املسؤولني الصحيني إىل ضرورة تطبيق عملية التلقيح بطريقة صحيحة ،وابلرغم
من ذلك فقد عانت بعض مناطق الوالية من نقص حقن التطعيم.
وأوردت الباحثة جدوال يبني موظفي الصحة الذين يتقاضون رواتب من البلدية.
-4العالج الشعيب-:
كان الطب الشعيب ملجأ للكثري ممن وقع حتت سيطرة املرض ،وانقسم الطب الشعيب وطرقه يف العالج
قسمني :األول نفسي وروحي ،مت العالج فيه بطريقة تعتمد على الغيب حيث يستخدم املعاجل أمساء غري
مفهومه ،وآايت قرآنية ،وما إىل ذلك من الطرق اليت ميارسها األطباء الشعبيون.
أما الثاين فيتمثل يف الطريقة املادية حيث يستخرج العالج فيها من النبات واحليواانت حبيث ختلط
بطريقة معينة ويصنع منها دواء للعالج ،وقد أطلق على مزاول هذه املهنة (طبيب شعيب) وانل أغلبهم شهرة
واسعة إىل جانب احرتام الناس وتقديرهم.
وأشارت املصادر إىل أن اغلب املشاكل اليت واجهت الطبيب الشعيب هي مشاكل مادية حيددها
املرضى املتعاجلون .وكان سوق األعشاب من األماكن املميزة يف طرابلس ،وكان هذا السوق أشبه مبجمع
صيدليات ،ومن بني هؤالء أشخاص ذوو خربة يف جمال حتضري األدوية الشعبية ،حيث يقومون بسؤال
املريض عن مكان املرض وأعراضه فينصحونه بتناول أنواع معينة للعالج واملداواة.
وأشهر األعشاب املستخدمة آنذاك :الفيجل ،والكليل ،والشيح ،والروبية ،الصبار ،عصبة احلصان،
الزريقة ،الشندقورة ،املربوكة وهي عيدان لعالج السرطان.
واعترب نبات الزعفران من النبااتت اليت انلت شهرة طبية واسعة داخل الوالية وخارجها ،حيث يزرع
هذا النبات يف غراين بكثرة وكانت بعض األمراض تعاجل بطريقة الكي ابلنار واحلجامة.
وقد اعتمد املعاجلون الشعبيون يف بعض األحيان على السحر والشعوذة يف معاجلة املرضى استعمل
املعاجل يف هذا اجلانب أعشااب كثرية أمهها (البخور ،الوشق ،الفاسوخ ،احللتيت ،اللبان ،الصرب واملر،
املستكة ،املسك ،اجلاوي ،القماري ،العرضاوي).
وكان االعتقاد السائد أن هذه التمائم واألحجية قادرة على شفاء املرضى ملا هلا من قدرة على دفع
املرض...
الفصل الرابع :التأثريات االجتماعية واالقتصادية والثقافية والسياسية لألمراض واألوبئة داخل والية
طرابلس الغرب
-5التأثريات االجتماعية
-6التأثريات االقتصادية
-8التأثريات الثقافية
-4التأثريات السياسية
لقد خلف انتشار وتواتر األمراض واألوبئة خلال واضحا يف البنيتني االقتصادية واالجتماعية داخل
والية طرابلس الغرب ،وأدى إىل بروز ظواهر انعكست بشكل واضح على حياة األهايل داخل الوالية.
التأثريات االجتماعية:
تتمثل االنعكاسات االجتماعية اليت تعرضت هلا الوالية يف نقص واضح يف تعداد السكان وذلك
بسببني رئيسني مها :كرتة الوفيات من جهة ،وهجرة األهايل هراب من املرض واملوت من جهة أخرى.
حيث سجلت املصادر التارخيية املختلفة األعداد اهلائلة من الوفيات اليت أحدثتها األوبئة ،وقد أدت
تلك الظواهر إىل جتاوب أهل الرب واإلحسان وقيامهم جبمع التربعات ملساعدة األهايل القاطنني يف املناطق
اليت أصاهبا املرض والقحط.
التأثريات االقتصادية:
لقد أدى انتشار األوبئة واألمراض واجملاعات إىل هجرة األهايل وبيع التجار حمالهتم أبخبس األمثان،
ومن مل جيد مشرتاي اضطر لقفل حمله واالبتعاد عن موطن وجود املرض واملوت ،وقد أثرت اهلجرة بشكل
ملحوظ على احلركة التجارية داخل األسواق.
وقد أسهمت أنظمة احلجر الصحي وتطبيقها بشدة على السفن وخضوع البضائع املوجودة هبا
للتبخري والتطهري إىل كساد حركة السفن.
إضافة إىل ذلك كان هناك قلة يف اإلنتاج النتشار الكثري من األوبئة واألمراض اليت كانت تصيب
احليواانت يف الوالية .هذا وقد أتثر نظام جباية الضرائب يف املناطق املوبوءة حيث تعذر على جامعي
الضرائب القيام مبهامهم بسبب فرار األهايل من مناطقهم هراب من املرض واجلوع.
التأثريات الثقافية:
لقد بدأ أتثري األوبئة واألمراض واضحا ،حيث برز دور الصحف احمللية اليت أدت دورا مهما يف التنبيه
والتحذير واإلرشاد والوقاية والعالج من األمراض واألوبئة اليت كانت منتشرة حيث أفردت الصحف لذلك
أعمدة خاصة حتمل عناوين األمراض أو الوقاية منها ،ومن بني تلك الصحف (طرابلس الغرب ،الرتقي،
الرقيب ،أبو قشة).
وأخذت الصحف احمللية على عاتقها مهمة إلزام سلطة اإلدارة العثمانية بضرورة اختاذ إجراءات احلجر
الصحي.
التأثريات السياسية:
كان لقناصل الدول األجنبية دور ابرز يف مسالة االنعكاسات اليت أحدثتها موجة األوبئة واألمراض،
فقد تدخل بعضهم -إن مل نقل كلهم حماولني حل املشاكل املرتبطة ابلصحة ،كمشكلة نظافة الوالية
وتطهريها واالهتمام ابجلانب الصحي هلا ،وقد وجدوا يف ذلك فرصة للتدخل يف شؤون الوالية الداخلية
حىت وصل بعضهم إىل العضوية يف جملس البلدية اخلاص ابلشؤون الصحية للتدخل املباشر يف شؤون الوالية
الداخلية.
كما يظهر دور القناصل يف محايتهم لبعض املؤسسات الصحية كهيئة الصليب األمحر ،اليت أشرف
على إحضارها إىل الوالية القنصل األملاين ملساعدة هيئة اهلالل األمحر العثماين.
كما كان أتثريها واضحا من خالل وجود العديد من األقليات اليت استوطنت الوالية وعلى الرغم من
وجود الكثري منها يف الوالية مثل الزنوج ،واأللبان ،واجلاليات املالطية وغريهم إال أن اليهود اعتربوا أكثر هذه
األقليات متيزا يف الوالية حيث إهنم متازجوا مع السكان من حيث امللبس واألكل وحىت اللغة أصبحوا
جييدوهنا ،كذلك برز دورهم أثناء الفرتات املوبوءة واعترب البعض منهم أن النطاق املضروب على احلارة اليت
عرفت ابمسهم (حارة اليهود) ما هو إال اضطهاد هلم القصد منه إرغامهم على املغادرة.
اخلامتة
تستخلص الباحثة أن موجات األوبئة واجملاعات اليت منيت هبا إايلة طرابلس الغرب خالل فرتة الدراسة
قد صبغت املنطقة بصبغة املوت السريع خاصة وابء الكولريا الذي اعترب من أخطر األوبئة ،وأن عشوائية
احلجر الصحي أدت إىل انتقال األوبئة إىل الوالية خالل فرتة العهد العثماين الثاين ،حيث وقع هذا النظام
بني تالعب ابلياته عن طريق الرشوة حينا ،وبني خوف األهايل من احلصار الصحي الذي مثله هذا النظام
أحياان أخرى ،وبني األقليات األوربية اليت استغلته لتنفيذ أغراضها السياسية من جهة اثلثة.
إن من أخطر مظاهر اجملاعات واألوبئة ازدايد عدد الوفيات ،وهجرة األهايل من املناطق املصابة إىل
مناطق أخرى خالية من األمراض ،وابلتايل أثر ذلك سلبا على دميغرافية املنطقة.
ورغم التشجيع الذي قامت به حكومة الوالية لألطباء كإعفائهم من دفع الضرائب ومنحهم أجورا
مرتفعة فإن مهنة الطب يف الوالية كانت مهنة طارئة.
ومما ساهم يف تفاقم األزمة االقتصادية من جراء األوبئة واألمراض قفل إدارة الوالية لألسواق أثناء فرتة
انتشار األوبئة كإجراء وقائي فأدى ذلك إىل غالء األسعار خاصة أسعار احلبوب.
أما على الصعيد االجتماعي فكان أتثري تلك األوبئة واجملاعات يظهر يف هجرة العديد من السكان
إىل خارج الوالية اتركني وراءهم عقاراهتم وممتلكاهتم ،معرضني أنفسهم إىل أخطار الطرق املختلفة دون أن
نغفل عامل االحتكار الذي مارسه األقوايء متمثال يف التجار احملليني الذين رفعوا أسعار السلع ،وقناصل
الدول األجنبية الذين اختذوا من سنوات اجملاعات واألوبئة ذريعة للتدخل السياسي يف شؤون الوالية.
ونتيجة لغياب اإلحصائيات الدقيقة عن عدد الوفيات من جراء األوبئة واألمراض وعن ارتفاع األسعار
لذلك تشري الباحثة إىل أهنا مل تتمكن من وضع أرقام دقيقة.
اعتمدت هذه الدراسة على جمموعة من املصادر واملراجع منها الواثئق وتشمل-:
وقد اعتمدت الباحثة على مصادر أولية أغلبها واثئق مل يسبق نشرها حمفوظة بدار احملفوظات التارخيية
بطرابلس ومركز جهاد الليبيني للدراسات التارخيية وبذلت جهدا يف مجع مادهتا وصياغتها ابلشكل املطلوب
وفق منهج وأسلوب اختذته لنفسها وهو أسلوب السرد والتحليل.
ومن خالل مطالعيت للكتاب أود إبداء املالحظات اليت ال تعين التقليل من مدى اجلهد الذي بذل
إلخراج هذا العمل إىل حيز الوجود.
صفحة الغالف ،اإلهداء ،شكر وتقدير ،فهرس ،احملتوايت ،املقدمة ،الفصل األول ،الفصل الثاين،
الفصل الثالث ،الفصل الرابع ،اخلامتة ،قائمة املصادر واملراجع ،املالحق ،الكشاف العام.
عدم ذكر كافة البياانت عن املصدر أو املرجع مثل صفحة 34هامش ( )4حيث ذكرت مؤيد
العظم ،رحلة يف الصحراء الكربى ...والصحيح صادق مؤيد العظم ،رحلة يف الصحراء الكربى يف
إفريقيا.
أشارت يف بعض األحيان إىل مصادر على أهنا مراجع وأحياان أخرى على أهنا مصادر وذلك كما وقع
يف الصفحات:
االكتفاء يف بعض األحيان بذكر لقب املؤلف فقط ،كما أشارت يف الصفحات :14 ،85رولفس،
20جامي 14 ،كاكيا ،86 ،61 ،ابنزة.
عدم توحيد طريقة اإلشارة إىل املراجع فأحياان تشري إىل كاتب املقال وأحياان تشري إىل اجمللة كما جاء
يف صفحات ( )15 ،36 ،44 ،48وذلك فيما خيص 48 ،سعيد داود طوقدمري ،األطباء
والصيادلة يف ليبيا منذ التاريخ القدمي إىل سنة ،5150جملة األفكار ،اجلزء األول ،طرابلس.5112 ،
-44يد داود............،
-36جملة األفكار......،
-15جملة األفكا......،
عدم اإلشارة إىل املصدر ابلطريقة الصحيحة يف بعض األحيان وذلك صفحة 80هامش ( )6حيث
ذكرت :الدجاين ،واثئق اتريخ ليبيا احلديث ،ترمجة عبد السالم أدهم ،منشورات جامعة قاريونس،
ليبيا ،5114 ،وكان جيب أن يكون على النحو اآليت-:
واثئق اتريخ ليبيا احلديث ،ترمجة عبد السالم أدهم ،مجع وترتيب أمحد صدقي الدجاين ،منشورات
جامعة قاريونس ،ليبيا 5114 ،م.
وصفحة 11هامش 6حيث ذكرت خليفة الدوييب ،الواثئق العثمانية ،اجلزء األول ،ترمجة حممد
األسطى ،مركز جهاد الليبيني للدراسات التارخيية ،طرابلس 5110 ،م.
وكان جيب أن تكون اإلشارة على النحو اآليت :الواثئق العثمانية ،اجلزء األول ،ترمجة حممد األسطى،
إعداد :خليفة حممد الدوييب ،مركز جهاد الليبيني للدراسات التارخيية ،طرابلس.5110 ،
عدم ذكر بعض املصادر اليت استمدت منها معلوماهتا يف قائمة املصادر واملراجع راجع صفحة 44
هامش ( )5جريدة الرتقي العدد 52 ،501مارس .5861
ذكر بعض أعداد الصحف يف قائمة املصادر واملراجع دون االستفادة منها واإلشارة إليها يف اهلوامش
-جريدة طرابلس الغرب األعداد (.)5563 ،5821 ،5536-5581
كان جيب وضع جريدة اطرابلس القدمية يف قائمة الصحف وليس اجملالت وهبذا آمل أن أكون قد
وفقت يف عرض هذا الكتاب مع كامل تقديري للجهد الذي بذل يف سبيل إخراجه إىل حيز الوجود.
وهللا املوفق