Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 5

‫تشير مجموعة من الدراسات التي عنيت بإشكالية التوجيه التربوي بالمغرب بأن االمر يتعلق أساسا‪  ‬بأزمة‬

‫مركبة‪ .‬ولذلك فإنه يمكن مقاربة أزمة التوجيه ببالدنا من خالل النظر إليها من ثالث زوايا كما يراها بعض‬
‫الباحثين‪ :‬فهناك من يراها ازمة نمو وهو االتجاه الرسمي‪ ،‬وهناك من يراها أزمة هياكل ووسائل وهناك من‬
‫يراها ازمة هوية وانطالقة‪ .‬وسنحاول بيان بعض مالمح هذه العناصر الثالثه المكونة ألزمة التوجيه التربوي‬
‫ببالدنا ‪ ،‬لنختم بنقاش حول موضوع التمهين نضمنه تصورنا للوسائل الكفيلة باالرتقاء بمهام اطر التوجيه‬
‫‪.‬والتخطيط التربوي‪ ،‬لنحقق الجودة الشاملة المنشودة في منظومتنا التربوية والتكوينية‬
‫‪:‬السياق التاريخي‬
‫عرف مجال التوجيه التربوي انتقاالت وتطورات متسارعة منذ إحداثه بتاريخ ‪ 9‬ماي ‪1946‬سنة ‪1946‬‬
‫بقرار لسلطات الحماية ‪ ،‬والقاضي بخلف مراكز‪  «  ‬مراكز التوثيق والتوجيه‪ ،»  ‬التي كانت مهمتها األساسية‬
‫‪.‬تتمثل في انتقاء اليد العاملة قصد تأهيلها مهنيا في إطار سلك تكويني قصير[ ‪]1‬‬
‫وابتداء من سنة ‪ ،1947‬شرع في تطبيق التوجيه المدرسي والمهني داخل المؤسسات التعليمية ‪ ،‬حيث كانت‬
‫‪ .‬تشرف عليه‪ »  ‬مراكز التوجيه المهني‪ »  ‬المتواجدة آنذاك بالمدن الكبرى‬
‫وفي سنة ‪ 1959‬تم إحداث «‪  ‬مكتب التوثيق بوزارة التعليم‪ »  ‬الذي كان يشرف على «‪  ‬مراكز التوجيه‬
‫المهني‪ ، »  ‬ليتحول سنة ‪ 1962 -1961‬إلى «‪  ‬مصلحة التوجيه المدرسي والمهني‪ »  ‬مشكلة من أربعة‬
‫مكاتب ‪  « :‬مكتب التوجيه‪ ،‬مكتب اإلحصاء‪،‬مكتب المنح ومكتب اإلعالم والتوثيق‪ .»  ‬وفي سنة ‪1974‬‬
‫ستحمل هذه المصلحة اسم «‪  ‬مصلحة التوجيه والتخطيط والمالية‪ ،»  ‬بعد إدراج مفهوم التخطيط‪ ،‬كنتيجة‬
‫‪.‬لتزايد أعداد المتمدرسين‪ ،‬ووضوح الحاجة إلى بناء مخططات تربوية موازية للخطط االقتصادية العامة للبلد‬
‫‪:‬ومع بداية الثمانينات‪ ،‬عرف قطاع التوجيه تحوالت كبيرة من أهمها‬
‫‪‬‬ ‫االرتقاء بمصلحة التوجيه على الصعيد المركزي إلى قسم «‪  ‬اإلعالم المدرسي والتوجيه‪»  ‬‬
‫‪.‬بمصالحه الثالث (مصلحة اإلعالم‪ ،‬مصلحة التوجيه‪ ،‬مصلحة الدراسات البسيكوتقنية)‬
‫وستعرف سنة ‪ 1981‬صدور المذكرة التنظيمية رقم ‪ 18‬المنظمة لعمليات اإلعالم المدرسي والمهني‬
‫بالمؤسسات التعليمية‪ ،‬والتي أناطت مهمة اإلعالم بأساتذة مكلفين باإلعالم لمدة ساعتين في األسبوع‪ .‬لتصدر‬
‫بعدها المذكرة رقم ‪ 48‬سنة ‪ 1983‬والقاضية بإحداث مكاتب لإلعالم والتوجيه ‪ ،‬والتي أسندت لها مهام‬
‫اإلعالم والتوجيه وتدبير المنح ‪ ،‬وقد تم إلحاق هذه المكاتب بمصلحة التخطيط بمختلف نيابات التعليم ‪ .‬وفي‬
‫نهاية الثمانيات ‪ ،‬بدأ ت الوزارة الوصية في إرساء منظومة للتوجيه التربوي بمختلف بنياتها الخدماتية‬
‫والتاطيرية واإلدارية‪ ،‬كنتيجة طبيعية تبررها األهمية التي أصبحت تكتسيها خدمات اإلعالم والتوجيه كجزء‬
‫هام من العملية التربوية ‪.‬حيث شهدت سنة ‪ ،1987‬بروز مفهموم القطاع المدرسي كبنية خدماتية أحدثت‬
‫بهدف تقريب خدمات اإلعالم والتوجيه من التالميذ ‪ ،‬لتظهر بعدها تباعا مجموعة من المذكرات المنظمة‬
‫لمجال االستشارة والتوجيه والمحددة لمهام وتدخالت‪  ‬اطر االستشارة والتوجيه‪ ،]2 [  ‬فمن المذكرة‬
‫‪ 56/1987‬إلى المذكرة ‪ ،192/1989‬إلى المذكرة اإلطار رقم ‪ 91‬الصادرة سنة ‪ 2005‬والتي جاءت‬
‫كإطار تنظيمي لمجال االستشارة والتوجيه انسجما مع مقتضيات الميثاق الوطني للتربية والتكوين ‪ ،‬وكذا‬
‫تنفيذا لمضامين مخطط تطوير وظائف واليات االستشارة والتوجيه للفترة ما بين ‪ 2005‬و ‪ 2010‬المنبثق‬
‫عن أشغال المناظرة الوطنية حول تطوير وظائف وآليات االستشارة والتوجيه المنعقدة يوم ‪ 9‬أبريل ‪2005‬‬
‫بالرباط‪ ،‬وهي المناظرة التي شكلت محطة حاسمة لالنتقال من مقاربة اإلعالم والتوجيه إلى مقاربة االستشارة‬
‫والتوجيه‪ .‬وختاما صدرت المذكرات ‪ 17‬و ‪18‬و ‪ 19‬فبراير سنة ‪، 2010‬وسيتم االنتقال أيضا هذه المرة من‬
‫مقاربة االستشارة والتوجيه إلى مقاربة اإلعالم والمساعدة على التوجيه‪ ،‬انسجاما مع أهداف البرنامج‬
‫االستعجالي ( ‪ )2012 -2009‬والذي أريد له أن يكون نفسا جديدة لإلصالحات التي تعرفها منظومة التربوية‬
‫‪.‬والتكوين ولمعالجة أسباب عدم تحقق األهداف التي رسمها الميثاق الوطني للتربية والتكوين‬
‫بعد جولتنا التاريخية هذه على مختلف المحطات والتطورات التي شهدها التوجيه التربوي والمغرب‪ ،‬نمر اآلن‬
‫إلى إبراز إشكالية التوجيه التربوي بالمغرب منطلقين في ذلك من مختلف الدراسات والتشخيصات التي‬
‫‪.‬أجريت في المجال‪ ،‬محاولين رصد أهم التعثرات والمشكالت التي حالت دون إرساء منظومة توجيه ناجعة‬
‫بداية ‪ ،‬وكما ال حظنا في استعراضنا للمسار الذي عرفه مجال التوجيه ببلدنا‪ ،‬نسجل غياب روية إستراتيجية‬
‫للمجال منذ انطالق العمل بالتوجيه التربوي بمفهومه العصري‪ ،‬فمنذ االستقالل وإلى غاية اليوم لم يكن‬
‫التوجيه محط نقاش عميق وتأصيل فلسفي و نظري ‪ ،‬اللهم إشارة الميثاق الوطني للتربية والتكوين في‬
‫الدعامة ‪ 6‬منه والسيما المادة ‪ 99‬إلى أن «‪  ‬التوجيه جزء ال يتجزأ من سيرورة التربية والتكوين‪  ‬بوصفه‬
‫وظيفة لمواكبة وتيسير النضج والميول وملكات المتعلمين واختياراتهم التربوية والمهنية‪،‬وإعادة توجيههم‬
‫كلما دعت الضرورة إلى ذلك‪،‬ابتداء من السنة الثانية من المدرسة اإلعدادية إلى التعليم العالي“‪ .‬وهي إشارة‬
‫ال يمكن وصفها باإلستراتيجية‪   ،‬إذ نص الميثاق ‪  ‬على أن التوجيه جزء من سيرورة التربية والتكوين ولم‬
‫ينص عل انه «‪  ‬البوصلة الموجهة لمنظومة التربية و التكوين‪ »  ‬تنظيرا وتتبعا وتقويما‪ .‬فالتوجيه يحتوي‬
‫ويتجاوز التربية‪.]3 [  ‬كما انه حدد مهام التوجيه في مواكبة المتعلمين وتيسير نضجهم المهني واختياراتهم‬
‫التربوية منذ السنة الثانية ‪ ،‬والحق أن الكثير من النظريات واألبحاث تثبت أن الميوالت تبدأ مبكرا منذ‬
‫الطفولة وبالتالي فالتوجيه ينبغي أن يواكب النمو النفسي والعقلي للتلميذ في كل مراحله العمرية‪ .‬وحتى‬
‫المقاربة التربوية التي تتبناها الرؤية المؤطرة لمجال التوجيه ‪ ،‬تبقى مقاربة من بين عدة مقاربات‪ ،‬ال يمكن‬
‫الجزم بصالحيتها المطلقة ‪ ،‬فهي تنطلق من مفهوم التوجيه المتمركز حول الفرد وحاجاته في حين تأتي‬
‫الحاجات المجتمعية في المرتبة الثانية‪ .‬فالمجتمع ينظر إليه باعتباره «‪  ‬مجتمع أفراد‪ ،]4 [»  ‬وهو مفهوم يدل‬
‫حقا على قوة االيدولوجيا المعاصرة التي تعتبر كل فرد مستقال بذاته‪ ،‬ومسؤوال وقادرا على االستقالل بالنسبة‬
‫للوضعيات الواقعية التي يجد نفسه منخرطا فيها‪ .‬إن هذا التصور‪  ‬يحيل على ما يسميه األخصائيون‬
‫أي اعتقاد يقود األفراد إلى ‪ la norme d’internalité ) )،‬النفسيون ب «‪  ‬قاعدة االستدخال‬
‫إيالء قيمة اكبر للتفسيرات السببية لألحداث السيكولوجية‪ .‬التي تقوي مسؤولية كل فرد فاعل‪ .‬إن هذا التمثل‬
‫يقود إلى اعتبار تطور الفرد كقاعدة أساسية وأخالقية يمكن إعالنها كالتالي‪»  :‬ابن نفسك بنفسك واعتمد على‬
‫‪.‬نفسك‪]5 [»  ‬‬
‫كان هذا نقاشنا حول التصورات و بعض النظريات التي ينطلق منه مفهوم التوجيه التربوي في بالدنا ‪.‬فماذا‬
‫عن الممارسات الميدانية؟‬
‫تثبت الممارسة الميدانية وجود جملة من اإلشكاالت الحقيقية‪ ،‬ال زال يتخبط فيها مجال التوجيه التربوي‬
‫‪.‬وسنحاول رصد هذه التعثرات والمشاكل من خالل تجربتا في هذا المجال واحتكاكنا المباشر في الميدان‬
‫‪1.‬‬ ‫‪:‬على مستوي بنيات التوجيه‬
‫‪1.‬‬ ‫‪:‬البنيات الخدماتية‬
‫ال زال العمل بمفهوم القطاع[ ‪  ]6‬هو الساري ‪.‬وهو ما يعكس فشل الوزارة الوصية على تحقيق تقريب خدمات‬
‫التوجيه من التلميذ ‪ ،‬قال يمكن الحديث‪ ،‬في ضل الوضعية‪  ‬الحالية‪ ،‬عن‪  ‬حق اإلعالم والتوجيه للتلميذ وال‬
‫عن حقه في االستفادة من مقاربة فردية للتوجيه واإلعالم‪ ،‬مقاربة تعتبر التلميذ كائنا فريدا يستلزم احترام‬
‫أصالته و خصوصيته وتاريخه الشخصي وحاجاته الخاصة ‪ ،‬حيث أن المعدل الوطني يناهز ‪ 1200‬تلميذ لكل‬
‫مستشار‪.‬فواقع الحال يثبت أن الذي يقدمه اطر التوجيه –في ظل هذه اإلكراهات والصعوبات –ال يعدو عن‬
‫تقديم خدمات اإلعالم‪ ،‬من خالل تدخالت‪  ‬محدودة في الزمان والمكان‪ ،‬محددة في عمليات إدارية باألساس من‬
‫مثل إعادة التمدرس والتوجيه‪ ،‬والمساهمة في المجالس التقنية ‪ .‬أما الباقي فهو حصص إعالمية جماعية‬
‫عادة ما يغيب عنها التالميذ الفتقارهم للتحفيز الكافي وللوعي بأهمية التوجيه وهو الشيء الذي ينسحب على‬
‫األطر اإلدارية والتربوية التي ال يعي اغلبها مفهوم التوجيه وال أهميته‪ .‬و لذالك ‪ ،‬في ظل الوضع الحالي‪ ،‬‬
‫يصعب الحديث عن مساهمة كل الفاعلين في التوجيه التربوي‪ ،‬وهو األمر الذي يعد أساسا في عملية‬
‫التوجيه‪  ،‬فمن األسرة لألستاذ ‪ ،‬للفاعلين االقتصاديين و الجمعويين‪ ،‬الكل ينبغي أن يعنى بعملية التوجيه التي‬
‫‪ .‬هي شان تربوي عام‬
‫‪1.‬‬ ‫‪:‬البنيات التأطيرية ‪-‬‬
‫ال زال سؤال التأطير التربوي يطرح بحدة في هذا المجال‪ ،‬فواقع الحال يثبت أن ممارسة‪  ‬هيئة التأطير لم‬
‫ترق بعد إلى المنتظر منها ‪ ،‬اللهم من نراه من‪  ‬تأطير بعض اللقاءات التربوية ‪ ،‬في حين انه كان ينبغي‬
‫توجبه هذه الطاقات إلى البحث والتجريب أساسا ‪ ،‬مما سينعكس على االرتقاء بمنظومة التوجيه والتخطيط‬
‫التربوي والمساهمة الفعالة في تذليل العقبات التي يجدها اطر التوجيه والتخطيط ميدانيا‪ ،‬ويبقى واقع الحال‬
‫وغياب اإلمكانات والوسائل الضرورية للمستشار النجاز مهامه من األسباب الرئيسة‪  ‬التي تجعل المفتش في‬
‫التوجيه أو التخطيط التربوي ينأى بنفسه عن مطالبة من يؤطر بتفعيل مقتضيات المذكرات المؤطرة للمجال ‪،‬‬
‫‪.‬إذ أن فاقد الشيء ال يعطيه‬
‫‪1.‬‬ ‫‪:‬البنيات اإلدارية ‪-‬‬
‫نالحظ في هذا الصدد عدم تفعيل مقتضيات المذكرة ‪ ، 18‬القاضية بخلق‪  ‬البنيات اإلدارية التالية (المراكز‬
‫الجهوية واإلقليمية‪  ‬لإلعالم والمساعدة على لتوجيه) إلى حيز الوجود إال في قليل من النيابات‪ ،‬بل سجلنا‬
‫إغالق بعض مراكز االستشارة والتوجيه وخاليا إنتاج الوثائق‪ ،‬وهو ما ال يسمح لكافة التالميذ باالستفادة من‬
‫هذه الخدمات ‪.‬وتبقي فعالية‪  ‬البنيات السابقة على ورود المذكرة ‪ 6 ( 18‬خاليا إلنتاج وثائق إعالمية) ‪،‬‬
‫وعلى المستوى اإلقليمي ( ‪ 52‬مركز لالستشارة والتوجيه) حسب التقرير األخير للمجلس األعلى للتعليم‪،‬‬
‫محدودة نظرا ألن وظائفها لم تتحدد بشكل واضح كما أن الموارد المخصصة لها غير كافية ‪ .‬فضال على أنها‬
‫تعاني من غياب التنسيق سواء على المستوى األفقي أي بين مختلف عناصر بنيات االستشارة والتوجيه أو‬
‫بين أطراف أخرى معنية بالتوجيه (التعليم العالي والتكوين المهني وعالم الشغل ) أو على المستوى العمودي‬
‫أي بين المركز والجهة واإلقليم والمؤسسة التعليمية ‪ .‬وهو ما جعل هذه البنيات عرضة لإلهمال والنسيان‬
‫‪.‬واالرتجال‬
‫‪2.‬‬ ‫‪:‬على مستوى تعبئة األسرة‬
‫ال زال نظامنا التربوي عموما لم يدمج األسرة المغربية بشكل فعال وواضح في العملية التعليمية‪ ،‬رغم انه‬
‫يعتبر جمعيات اآلباء باعتبارها ممثال لألسر ‪ ،‬شريكا أساسيا‪ ،‬ومنحها عضوية مجلس التدبير‪ .‬لكن واقع‬
‫الحال يبين عن اختالالت عميقة تطبع العالقة بين األسرة والمدرسة العمومية‪ .‬فمن جهة ‪ ،‬هناك أزمة ثقة‬
‫لدي األسر من الدور الذي يمكن أن تقوم به المدرسة في صناعة مستقبل أبنائهم ‪ ،‬ومن جهة أخرى ال زالت‬
‫اإلدارة التربوية في اغلب األحيان ترقب بحذر شديد خطوات جمعيات اآلباء ‪ ،‬بل أحيانا تضع لها سقفا مسبقا‬
‫للمشاركة والمساهمة وهو ما يدلل ‪  ‬على طابع فقدان الثقة والتوتر الذين يبقيان السمة الغالبة على طبيعة‬
‫العالقة بين الجانبين‪ .‬وبخصوص موضوع التوجيه فان الممارسة الميدانية أبانت عن وجود إشكاالت حقيقية‬
‫‪:‬على مستوى تدخل اآلباء في الموضوع ويمكن إجمال هذه االختالالت في النقاط التالية‬
‫‪1.‬‬ ‫أثبتت مجموعة من األبحاث في الموضوع أن بعض األسر تتدخل بشكل كبير في تحديد اختيارات‬
‫‪.‬ومسارات أبنائها بوعي آو بدونه بتأثير ذلك على مستقبلهم وحياتهم المدرسية‬
‫‪2.‬‬ ‫هناك اسر مستقيلة تماما من تتبع األبناء وتعتبر مسالة التوجيه شانا يخص المدرسة ويدل على ذلك‬
‫‪.‬غياب أي تواصل بينها وبين اإلدارة أو المستشار في التوجيه‬
‫‪3.‬‬ ‫هناك أسر ال تعطي التوجيه التربوي األهمية الالزمة‪ ،‬وال تعتبر ذلك ضروريا فالمهم عندها هو‬
‫‪.‬النجاح وتحقيق أعلى المعدالت‬
‫‪4.‬‬ ‫هناك اسر تدفع أبنائها دفعا باتجاه اختيار الشعب العلمية والتقنية ألنهم ال يرون للشعب األدبية فائدة‬
‫‪.‬وال إمكانية للحصول على مهنة مستقبال‬
‫‪5.‬‬ ‫هناك أسر تترك مسالة االختيار للحظ والقدر ظنا منها أننا ال نملك سلطة على المستقبل وبالتالي‬
‫‪.‬تحمل مفهوما‪  ‬خاطئا عن القدرية‪ ،‬وعن حرية اإلنسان وإرادته و التي هي أساس المساءلة شرعا وقانونا‬
‫‪6.‬‬ ‫أكدت أيضا العديد من الدراسات أن األسرة المغربية ال تذكي قيم االعتماد على النفس وبث روح‬
‫المبادرة فحسب دراسة همت عينة من خريجي الجامعات‪ ،‬تبين أن معظم الطالب المستجوبين‪  ‬يرغب ‪  ‬في‬
‫الحصول على وظائف حكومية عوض األعمال الخاصة التي تقتضي االعتماد على النفس وروح المبادرة‪]7 [.‬‬
‫‪7.‬‬ ‫هناك أيضا مشكل العنف والتوتر داخل األسرة وغياب نقاش حول مستقبل التلميذ واختياراته ‪ ،‬وكذا‬
‫غياب الشروط الضرورية للتنشئة االجتماعية الصحيحة‪ ،‬الشئ الذي‪  ‬يخلق حالة من االضطراب النفسي لدي‬
‫‪.‬التلميذ تنعكس على مستوي تحصيله وبالتالي على قراراته واختياراته‬
‫‪8.‬‬ ‫‪:‬على مستوى تأهيل الموارد البشرية‬
‫يسجل في هذا الباب ضعف كبير‪   ،‬فالـمجال يعرف ‪  ‬خصاصا كبيرا ‪  ‬في الـموارد البشرية الـمؤهلة وضعف‬
‫ف في العرض فيما يتعلق بالتكوين األساسي بمركز التوجيه‬ ‫التكوين الـمستمر المخصص لها‪ ،‬مع ضع ٍ‬
‫‪.‬والتخطيط التربوي وعدم مسايرة هذا التكوين للمستجدات التربوية الحاصلة في الـميدان‬
‫‪4.‬‬ ‫‪:‬على مستوى تدخل الفاعلين االقتصاديين واالجتماعيين‬
‫نالحظ أيضا على هذا المستوي شبه غياب لألطراف االقتصادية واالجتماعية في عملية التوجيه‪ ،‬السيما‬
‫الجماعات المحلية والمنعشين االقتصاديين ‪ ،‬وهو غياب يمكن تفسيره‪  ‬بكون الفاعلين الذين يمكنهم أن‬
‫يساهموا في تكريس هذه المبادئ‪ ،‬ال يتوفرون على الكفايات والمؤهالت الضرورية لتنشيط وتحريك الوسط‬
‫‪ .‬التربوي واالجتماعي‪ ،‬فضال عن غياب أجرأة وتقنين واضحين لطبيعة التدخل المراد من هؤالء الفاعلين‬
‫لقد ‪  ‬بينا‪ ،‬من خالل ‪  ‬هذا التشخيص اإلجمالي‪ ،‬كيف أن المقاربات والمناهج المعتمدة حاليا في مجال التوجيه‬
‫التربوي لم تعط أكلها‪ ،‬ولم تحقق األهداف المعلنة عنها‪ ،‬وهو ما نعتقد أن مرده الزمة منظومة التربية‬
‫والتكوين بشكل كامل‪ ،‬الشئ الذي أكده احد الباحثين التربويين‪  ‬في كون ضعف حلقة االستشارة والتوجيه في‬
‫النظام التربوي المغربي ليس مرده فقط ألزمة وسائل أو هياكل و بنيات ‪ ،‬أو أزمة نصوص وتنظيمات‬
‫وإجراءات‪ ،‬بل هي إلى جانب كل ذلك أزمة منظومة بكاملها تتغذى من الغموض والضبابية التي تلف أهداف‬
‫قطاع االستشارة والتوجيه‪ ،‬والتي تتفاعل مع أزمة نظام التربية والتكوين وأزمة النظام السوسيومهني‪.‬‬
‫وتتفاعل هذه األزمات في إطار حلقة دائرية توفر مناخ إنتاج وإعادة إنتاج ظروف وسياق الوضع المتأزم[‬
‫‪]8 .‬‬
‫ونرى أيضا –كما أشار لذلك الباحث نور الدين الطاهري[ ‪ –]9‬إلى جانب كل ذلك ‪  ‬أن أزمة التوجيه هي أزمة‬
‫‪:‬للتوجيه بأبعاده الثالثة ‪ Paradigme  ‬هوية مرتبطة اساسا بغياب برايدم‬
‫‪‬‬ ‫حيث نسجل في هذا الباب غياب تراكم علمي ‪  le savoir théorique  ‬المعرفة النظرية‬
‫‪.‬في هذا المجال‬
‫‪‬‬ ‫ويكمن التدليل عليها بضعف العطاء على مستوى ‪le savoir-faire    ‬المعرفة العملية‬
‫‪.‬الممارسة الميدانية وعدة تحكم عدد مهم من المستشارين في الوسائل الكفيلة بإنجاز مهامهم‬
‫‪‬‬ ‫وهو ما يشير إليه الغياب التام للتراكم على مستوى ‪ le savoir-être  ‬المعرفة السلوكية‬
‫‪.‬التقاليد المهنية في مجال التوجيه‬
‫إن غياب ذلكم االنمودج االرشادي القائم الذات بأبعاده الثالثة كما رأينا ‪ ،‬الذي يعنى بمجال التوجيه‬
‫التربوي ‪،‬ويعمل في تناغم واتساق مع المشروع المجتمعي للتربية والتكوين الذي يفترض أن يكون واضح‬
‫المعالم‪ ،‬وموضع إجماع‪ ،‬ومستندا لمرجعيات تنهل من تراثنا العربي واإلسالمي ومنفتحا على التجارب‬
‫اإلنسانية الناجحة‪ ،‬لهو أحد تجليات االزمة ‪ ،‬وفي نفس الوقت احد المفاتيح الهامة إليجاد الحلول الناجعة‬
‫‪.‬إلشكالية التوجيه ‪ ،‬وهو ورش يتعين ان يتعبا الجميع حوله‬
‫‪:‬خالصة‬
‫لقد بينا فيما تقدم طبيعة ازمة االنطالقة ‪ ،‬حيث تم عزل قطاع التوجيه كبنية فرعية للنظام التعليمي وتم حصر‬
‫دور المستشار في تنظيم حمالت إعالمية لفائدة تالميذ اقسام عتبات التوجيه وحضور مجالس التوجيه‬
‫للمساهمة في تدبير تدفقات التالميذ على مختلف الشعب‪  ‬التعليمية وفق معطيات الخريطة المدرسية‪ .‬وعموما‬
‫‪.‬فالتوجيه التربوي كمفهوم يعتبر دخيال على ثقافتنا التربوية إذ يدخل في باب ما يسمى باالستيراد التربوي‬
‫كما بينا ازمة الوسائل والهياكل والمتدخلين ‪  ‬وكذا أزمة الهوية‪ ،‬وسنحاول في الفقرة الموالية تقديم مداخل‬
‫‪.‬لحل معضلة التوجيه‬
‫‪5.‬‬ ‫‪.‬التمهين مدخل لالرتقاء بجودة التوجيه التربوي ومهام أطر التوجيه‬
‫إن مصطلح التمهين ‪  ‬يجرنا للحديث عن المهنة كمجال ذو دالالت اصطالحية‪ ،‬فبحسب كاترين براديز[‬
‫‪  ]10‬فالمهنة هي هوية تبنى‪ ،‬ووضع يدافع عنه‪ ،‬ومواقع يتعين تحصينها‪ ،‬وزبناء يتعين طمأنتهم وإرضائهم‪.‬‬
‫‪ la sociologie des‬تلكم إذا بعض التحديات التي تصدى لها علم إجتماع المهن‬
‫إن مفهوم التمهين ‪ ،‬يطرح علينا ايضا سؤال الممارسة المهنية بين ما يراد لنا ان ‪professions.‬‬
‫نكون عليه ‪ ،‬وما تنتظره منا المؤسسات الرسمية‪ ،‬وبين ما نريد ان نكون عليه بمعنى الوضع والمكانة التي‬
‫نريدها لمهنتنا‪ .‬وبين الوجهة الرسمية واإلرادة الشخصية ‪ ،‬يبرز نقاش بين قطبين اي قطب التمهين كنية‬
‫لدى المؤسسات الرسمية التي تضع معايير الولوج للمهنة وتحدد االدوار والمهام والوسائل و قطب ‪  ‬النمو‬
‫المهني لألشخاص بما هو‪  ‬هوية مهنية تتشكل تبعا للتطور النمائي والمهني لألفراد‪ .‬ومنه ينشا الصراع حول‬
‫‪ .‬المواقع بين طرفي المعادلة (الدولة والمهنيين)‬
‫‪ « ‬معنى «‪  ‬التمهين‬
‫عملية اجتماعية تنال من خاللها وظيفة ما خصوصية وموقعا )‪ (Professionalisation‬التمهين‬
‫مهنيا ‪ .‬ومعنى ذلك أنها عملية اجتماعية أي أنها تؤثر فيها التحوالت االجتماعية والتوجهات نحو األعمال‪،‬‬
‫فقد يرقى عمل ليصبح مهنة‪ ،‬وقد يحدث العكس نتيجة للمستجدات والتحوالت االجتماعية‪ .‬فعملية التمهين‬
‫‪.‬وتتأثر عملية التمهين بالثقافة وبالوقت ‪، Cheers, 2001).‬الجواد ‪ (18‬عملية اجتماعية متحركة‬
‫‪(Kelly. 1995 p. 3) .‬‬
‫‪ Kelly. 1995 p. 2‬وهذا ما قد يقود أحيانا للغموض في تحديد معنى (المهنة) وتعدد معانيها‬
‫عملية التمهين بأنها حركة في أي مجال )‪ (Sabatini, et al. 2002‬يعرف ساباتيني وزمالؤه‬
‫‪ (Shanahan, et al.‬نحو إيجاد نوع من المعايير لإلعداد والكفاءة‪ .‬ويعرفها شانهان وزمالؤه‬
‫( ‪.‬بأنها استخدام التربية واإلعداد ومنح الشهادات لتطوير جودة أداء العاملين في وظيفة معينة )‪1994‬‬
‫‪ .Kelly.‬كما يرى بعض الباحثين أن المهنية هي التقيد بميثاق أخالقي داخلي ‪ Sabatini).‬عن‬
‫فعملية التمهين هي انتقال عمل ما من مجرد عمل حرفي بسيط‪ ،‬إلى مهنة منظمة تخضع ‪1995 p. 4..‬‬
‫‪.‬لضوابط وأسس المهنة‬
‫معايير المهنة‬
‫يرى نور الدين محمد عبد الجواد في كتابه نظرية التربية المستمرة ‪ ،‬أن السمات الرئيسة الكتساب صفة‬
‫‪:‬المهنية هي اآلتي‬
‫‪‬‬ ‫للمهنة أهداف مجتمعية (تحديد الوظائف التي تقوم بها المهنة)‬
‫‪‬‬ ‫استناد المهنة إلى قاعدة علمية‬
‫‪‬‬ ‫إعداد الممارسين داخل الجامعات‬
‫‪‬‬ ‫(النمو المهني )المستمر‬
‫‪‬‬ ‫(ممارسة أخالقية خاصة بالمهنة )ميثاق أخالقي للعمل‬
‫‪‬‬ ‫‪ .‬وجود رابطة )مؤسسة( مهنية‬
‫واقعنا والتمهين‬
‫من خالل دراسة معايير تمهين أطر التوجيه والتخطيط التربوي وخصائص المهنة‪ ،‬يمكن القول بأن تمهين‬
‫‪.‬مجال التوجيه ببالدنا ‪  ‬ال زال في خطواته األولى‬
‫‪:‬يتصف واقعنا فيما يتعلق بإعداد وتكوين اطر التوجيه والتخطيط التربوي بالصفات التالية‬
‫ليس هناك معايير متفق عليها ملزمة لمركز التوجيه والتخطيط التربوي بخصوص برامج التكوين والتدريب‪،‬‬
‫بل نجد أن هذه المؤسسة تجتهد لتضع برنامجها الخاص بها‪ .‬حيث تفتح المباراة لولوج هذا المركز ألساتذة‬
‫التعليم الثانوي االعدادي في سلك المستشارين‪ .‬وللمستشارين في سلك التفتيش ‪.‬وهنا يحق لنا ان نتساءل‬
‫لماذا هذه الفئة بالتحديد؟ ولماذا ال يتم مثال قبول فئات أخري مثل اساتذة التعليم االبتدائي او الثانوي او‬
‫المجازين في تخصصات قريبة‪  ‬لمجال اشتغال المستشارين؟‬
‫ثم كيف يتم إعداد اختبارات الولوج للمركز ؟ وماذا عن مستوى جودة ‪  ‬هذه االختبارات إن على مستوى‬
‫البناء أو على مستوى التطبيق‪ .‬وعلى أي اساس يتم تحديد عدد الناجحين في مباراة ولوج المركز بسلكيه؟‬
‫هل ينطلق ذلك من حاجيات المنظومة التربوية‪ ،‬ام من حسابات المناصب المالية المتوفرة؟‬
‫‪:‬معايير تمهين مجال التوجيه التربوي‬
‫إن الحديث عن تمهين مجال التوجيه التربوي‪ ،‬أو االنتقال بهذا العمل الى طور المهنة ‪   ،‬يقتضي بالضرورة‬
‫‪ :‬توفر مجموعة من المعايير ‪  ‬كما يراها بعض الباحثين‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬معايير االختيار لاللتحاق بمؤسسات إعداد المستشار او المفتش‬
‫‪‬‬ ‫معايير اإلعداد لمهنة إطار في التوجيه او التخطيط التربوي‬
‫‪‬‬ ‫معايير مزاولة المهنة(وضوح االهداف والمهام واألدوار والعالقات‪.‬وجود دليل مرجعي للكفايات‪،‬‬
‫وجود‪  ‬قانون لممارسة المهنة…)‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬معايير النمو المهني‬
‫‪‬‬ ‫‪.‬معايير التدريب و التكوين ‪  ‬والتكوين ‪  ‬المستمر‬
‫‪‬‬ ‫معايير االستقاللية‬
‫‪‬‬ ‫معايير االنتظام في هيئات مهنية منظمة قانونا‪ ،‬يكون بيدها حق منح الترخيص بمزاولة مهنة‬
‫مستشار او مفتش في التوجيه والتخطيط التربوي‪ ،‬وتنمية قيم وأخالقيا ت خاصة بالمجال‪ ،‬وتوثيق العالقة‬
‫‪.‬مع المهن االخرى وكذا تحديد الضوابط السلوكية لمزاولة المهنة‬
‫‪‬‬ ‫معايير تتعلق بضبط جودة األداء سواء على مستوى العمليات أو النتائج‪ ،‬مما يؤسس إليجاد‬
‫‪.‬محاسبية في التوجيه‬
‫خاتمة‬
‫إن التحديات التي تواجه إطار التوجيه تبقى من الحجم الكبير‪ ،‬وال تعدو هذه االرضية ان تكون دعوة لفتح ‪ ‬‬
‫نقاش عميق بشأنها عسى ذلك يصب في مصلحة منظومتنا التي نجزم أنها لن تكون متوازنة اال إذا استدمجت‬
‫كل عناصرها‬

You might also like