‫سر الكهنوت‬

‫ّ‬
‫المق ّدمة‬

‫بسر الكهنوت‬
‫تعريف ّ‬
‫ٌ‬ ‫‪.1‬‬
‫وتدل‬
‫تعين كلمة "كاهن" يف اللغة اليونانيّ ة "‪ ،"Presbyteros‬وهذه الكلمة تعود إىل العصور األوىل ّ‬
‫رج ٍل له َم َّ‬
‫همةٌ مقدَّسة‪.‬‬ ‫على ُ‬

‫عندما ندعو كاهنً ا َمن له صفةٌ أن يقف أمام اهلل‪ ،‬أن يُكامله بدون وسيط‪ ،‬أن يُقيم داخل قدس األقداس‬
‫حبق أ ّن ذبيحة السيّد‬
‫وكل ما يف الوجود ذبيح ةً إلرادة اهلل‪ ،‬أن يعترب ٍّ‬ ‫ٍ‬
‫يدخله‪ ،‬أن يُقدِّم ذاته ّ‬‫الذي ال جيوز ألحد أن ُ‬
‫ٍ ٍ‬
‫كل َمن َّبر َرتْهُ النعم ةُ وق ّد َس ته فهو كاهن (د‬ ‫املسيح الفريدة على الصليب صارت بِعطيّة إهليّة ذبيحتَ هُ ّ‬
‫اخلاص ة‪ ،‬إذّ َاك ّ‬
‫امللوكي (‪ 1‬بط ‪ ،)9 :2‬ذلك املسيح الذي فيه كلّنا‬
‫ّ‬ ‫‪ .)2300‬يشرتك بيسوع املسيح يف كهنوت مجيع املؤمنني‬
‫وخارجا عنه ال كهنة وال ملكوت‪.‬‬
‫ً‬ ‫كهنة‬

‫وكي املش رتك حس ب إرادة اهلل (وحس ب‬

‫إمّن ا جلماع ة املؤم نني املقدَّس ة ال ذين ارت دوا ذل ك الكهن وت املل ّ‬
‫للتجس د وللص ليب ولقيام ة املس يح وهي كلّه ا أس اس النعم ة الكهنوتيّ ة) يف الكلم ة املعلَن ة ويف‬
‫ّ‬ ‫ارخيي‬
‫الط ابع الت ّ‬
‫ُ‬
‫اجتماعي‪ ،‬هيكليّة قانونيّة‪،‬‬
‫ّ‬ ‫املؤسس‪ ،‬دستور‬
‫أيضا حسب إرادة املسيح ِّ‬ ‫واجتماعي‪ .‬وهلا ً‬
‫ّ‬ ‫تارخيي‬
‫ّ‬ ‫األسرار شكل ظاهر‬
‫تؤمن يف هذه اجلماعة املقدَّسة الوحدة والنظام املنظوران‪ ،‬وذلك يف احلقيقة والعبادة واحملبّة والعمل‪.‬‬
‫لكي َّ‬

‫ومبقدار ما جيب أن جند يف حضن مجاعة املؤمنني الكهنوتيّ ة حسب إرادة املسيح سلطة تستند إىل سلطة‬
‫هم ات األس رار اإلهليّ ة يف الكنيس ة لالحتف ال بالذبيح ة وملنح األس رار املقدَّس ة‪،‬‬
‫وم ّ‬
‫هم ات العب ادة َ‬
‫لتوج ه َم ّ‬
‫املس يح ّ‬
‫أيضا إيصال هذا سلطان التوجيه إىل األجيال اآلتية‪ ،‬إذّاك نستطيع أن نتكلّم على كهنوت‬
‫ومبقدار ما جيب أن جند ً‬
‫كمؤسسة وأن ندعو السلطات املتعلِّقة به سلطات كهنوتيّ ة (أي سلطات تنبع من ّ‬
‫سر الكهنوت) (عكس ما هي‬ ‫َّ‬
‫السلطة الراعويّة املعطاة لإلدارة اخلارجيّة‪ ،‬القانونيّة يف الكنيسة)‪.‬‬
‫ُ‬
‫كمؤسسة (د ‪ 966‬عقيدة إميان)‪ .‬إ ّن‬
‫َّ‬ ‫هناك درجات ثالث لالشرتاك داخل الكنيسة يف سلطتها الكهنوتيّ ة‬
‫تكون رسالة‬
‫تكونان وحدة واحدة (مع ما هناك من تب ّدل يف صالهتا املتبادلة)‪ .‬فإهّن ا لَ ِّ‬
‫هذه السلطة وسلطة اإلدارة ّ‬
 ‫امللوكي‪ .‬وإ ّن السلطات املتعلِّقة هبا (واليت تعود ّ‬
‫خاص ةً إىل ذبيحة الق ّداس‪،‬‬ ‫ّ‬ ‫يف خدمة الكنيسة وكهنوت املسيحيّني‬
‫املؤسس ة من املس يح بواس طة الس يامة أو وض ع الي د أو‬
‫إىل غف ران اخلطاي ا وإىل س ائر األس رار) يقبله ا الكهن ة يف َّ‬
‫سريّة) وليس من املؤمنني أنفسهم (د ‪ .)963‬واملسيح يُعطي هذه السلطات ألنّه يريد أن‬ ‫التتويج (كخالفة رسوليّة ّ‬
‫لم ا بأ ّن هذه السلطات هي للبناء (‬ ‫ِ‬
‫املربرين اخلارجيّ ة االجتماعيّة)‪ ،‬ع ً‬ ‫تعيش الكنيسة (أي القداسة الداخليّة ووحدة َّ‬
‫‪ 1‬ق ور ‪ ،)3 :14‬ويف خدم ة الكنيس ة كلّه ا‪ .‬ف ْليُس َم ُح لن ا هبذا التش بيه‪ :‬إ ّن أوض اع َمن هلُم ه ذه الس لطات تش به‬
‫أوض اع م وظّفني يف ن ادي الع يب الش طرنج املميَّزين‪ .‬ك ّل العب ش طرنج لن ي رى الطريق ة ال يت هبا يق وم ك ّل من‬
‫هم ات هلا غاي ةٌ واحدة‪ :‬كي يك ون اللعب يف ه ذا النادي على‬
‫كل هذه املَ ّ‬
‫الالعبني بوظيفته‪ ،‬إمّن ا يف آخ ر املطاف ّ‬
‫أحسن ما يرام‪ .‬يف هذا جيد النادي معناه وكماله‪.‬‬

‫كل أولئك الذين حيملون عالمة‬

‫َحب‪ّ ،‬‬
‫لكل َمن آمن وأ ّ‬
‫املؤسسة هو الكهنوت الشامل ّ‬
‫إ ّن غاية الكهنوت َّ‬
‫روح اهلل‪ ،‬الذين خلّصهم املسيح وبه ق ّدموا أنفسهم دون رجعة هلل‪ .‬هذا هو الكهنوت السامي إذا ما قسناه بأعلى‬
‫ب‪ ،‬إذ إنّه يقتضي‬
‫أيضا بالكاهن إىل اإلميان‪ ،‬إىل النعمة وإىل احلُ ّ‬
‫املؤسسة يعود ً‬
‫ما هناك من قياسات‪ .‬وإ ّن الكهنوت َّ‬
‫أيض ا ليُمنح بص ورة ص حيحة ال روح ال ذي أُعطي لك ّل أعض اء الكنيس ة‪ .‬ومبق دار م ا يع ود إىل الك اهن أن يش هد‬
‫ً‬
‫للمس يح كم ا جيب على ك ّل علم اينّ أن يص نع حيث م ا وج د (مبول ده‪ ،‬بعائلت ه‪ ،‬بوطن ه‪ ،‬بزمان ه‪ ،‬مبهنت ه اخلارجيّ ة‬
‫اخلاص ة بالكنيسة (مت ‪19 :28‬ي) لتنال وتبسط سلطتها‬
‫املهم ة الرمسيّة اإلرساليّة ّ‬
‫أيض ا يف ّ‬
‫العلمانيّة) وأن يشرتك ً‬
‫املؤسس ة يتطلّب‬
‫على أوض اع اإلنس ان احلياتيّ ة اجلدي دة ال يت مل تص لها بع د املس يحيّة‪ ،‬فبمق دار ذل ك أ ّن الكهن وت َّ‬
‫خاص ة ميزهتا مع ىن املس ؤوليّات والش جاعة والزه د وروح اخلدم ة والعط اء لِآلخ رين‪ ،‬وتل ك الق درة على‬ ‫عقليّ ة ّ‬
‫يتحسسها بعمق‪ ،‬يف البيئة ويف عقليّة اآلخرين‪.‬‬ ‫الولوج‪ ،‬بصورة ّ‬