Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 87

‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة أدرار‬

‫قسم العلوم اإلسالمية‬ ‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية والعلوم اإلسالمية‬

‫القتل الرحيـم‬
‫دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون‬
‫الوضعي‬
‫بحث مقدم الستكمال‬

‫متطلبات شهادة الماستر في الشريعة والقانون(حقوق اإلنسان والحريات العامة)‬

‫إشراف‪:‬الدكتور‪/‬‬ ‫إعداد الطالبتين‪:‬‬

‫موفق طيب شريف‬ ‫العماري كلثوم‬ ‫ـ‬

‫بن حمي سعيدة‬ ‫ـ‬

‫الموسم الجامعي‪ /3311 :‬ـ‪3313‬هـ‬

‫‪ /2132‬ـ‪2131‬م‬

‫‪0‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫‪1‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية‬

‫وزارة التعليم العالي والبحث العلمي‬

‫جامعة أدرار‬

‫قسم العلوم اإلسالمية‬ ‫كلية العلوم اإلنسانية واالجتماعية والعلوم اإلسالمية‬

‫القتل الرحيـم‬

‫دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية‬


‫والقانون الوضعي‬

‫بحث مقدم الستكمال‬

‫متطلبات شهادة الماستر في الشريعة والقانون(حقوق اإلنسان والحريات العامة)‬

‫إشراف‪:‬الدكتور‪/‬‬ ‫إعداد الطالبتين‪:‬‬

‫موفق طيب شريف‬ ‫العماري كلثوم‬ ‫ـ‬

‫بن حمي سعيدة‬ ‫ـ‬


‫الموسم الجامعي‪ /3311 :‬ـ‪3313‬هـ‬

‫‪ /2132‬ـ‪2131‬م‬
‫‪2‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫‪3‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫قبس قرآين‪:‬‬
‫﴿و َال تَ ْيأَ ُسو ْا ِمن َر ْوحِ ه ِ‬
‫اَّلل ان ه ُه‬ ‫َ‬
‫ِ‬
‫َال ي َ ْيأَ ُس ِمن َر ْوحِ ه ِ‬
‫اَّلل االه‬
‫ِ‬
‫الَك ِف ِر َين﴾‬
‫ال َق ْو ُم َ‬
‫[يوسف‪]78:‬‬

‫‪4‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫شكر وعرفان‬

‫نشكر اهلل سبحانه وتعاىل األول بال بداية واآلخر بال هناية فهو صاحب‬
‫النعم الذي هدانا لطاعته ووفقنا يف إجناز هذا البحث‬

‫ونتقدم خبالص الشكر والتقدير لألستاذ اجلليل‪ :‬أ‪,‬د‪/‬طيب موفق شريف‬


‫أستاذ الدراسات املقارنة ‪ ,‬لقبوله اإلشراف على هذه الرسالة‪ ,‬ومنحنه لنا‬
‫الكثري من وقته‪ ,‬نفعنا اهلل بتوجيهاته السديدة وأخالقه الفاضلة‪ ,‬فما خبل‬
‫علينا بوقت وال رأي وال مشورة‪ .‬فاهلل سبحانه وتعاىل نسأل أن مينحه‬
‫الصحة والعافية‪ ,‬وأن يبارك فيه وأن جيزيه عنا وعن طالب العلم خري اجلزاء‪.‬‬

‫والشكر موصول لكل من قدم لنا يد العون وساهم يف اجناز هذا البحث‪.‬‬

‫كما ال يفوتنا يف هذا املقام أن نتقدم خبالص الشكر والتقدير إىل األساتذة‬
‫األفاضل الذين تفضلوا بقراءة هذه الرسالة‪ .‬نسأل اهلل سبحانه وتعاىل أن‬
‫جيعل ذلك يف حسناهتم يوم القيامة‪.‬‬

‫الباحثتان‬

‫‪5‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬
‫اإلهداء‬
‫إىل منبع العطاء الصايف‪ ,‬الوالدين الكرمين‪ ,‬حفظهم اهلل تعاىل‪.‬‬
‫إىل كل ٍ‬
‫فرد من أفراد عائلتينا‪.‬‬
‫إىل معلمينا‪ ,‬وأساتذتنا‪ ,‬و مشاخينا‪ ,‬الذين أناروا لنا معامل طريق‬
‫العلم‪ ,‬جزاهم اهلل عنا خري اجلزاء‬
‫إىل كل من حيمل يف قلبه نية خالصة لطلب العلم‪ ,‬واملعرفة‪.‬‬
‫إىل كل من قدم لنا يد العون يف إجناز هذا العمل من قريب أو‬
‫بعيد‪ ,‬جعل اهلل هلم ذلك يف ميزان حسناهتم إن شاء اهلل تعاىل‪.‬‬

‫المقدمة‬
‫هندي هذا اجلهد املتواضع إليهم مجيعا‪.‬‬
‫سعيدة ‪ /‬كلثوم‬

‫‪6‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫المقدمة‬

‫‪7‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫مقدمة‬

‫إن احلمد هلل نستعينه ونستغفره ونستهديه‪ ,‬ونتوب إليه‪ ,‬ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا‬
‫من يهده اهلل فال مضل له‪ ,‬ومن يضلل فال هادي له‪ ,‬ونشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له‪ ,‬وأشهد أن‬
‫حممدا عبده ورسوله ‪ ,‬صلى اهلل عليه وسلم تسليما كثريا أما بعد‪:‬‬

‫فرغم اجلهود املبذولة يف جمال الطب‪ ,‬إال أن هناك أزمات صحية يشهدها العامل‪ ,‬واليت ال يرجى معها‬
‫الشفاء‪ ,‬ويصعب على املريض حتمل آالمها‪ ,‬مما يدفع املريض إىل طلب وضع ٍ‬
‫حد حلياته‪ ,‬وهو األمر الذي يرغب‬
‫فيه حىت أفراد عائلته الذين يتحسرون و يتأملون لتأمله‪ ,‬مما جيعلهم يتمنون موته‪ ,‬رمحة به وشفقة عليه‪ ,‬أوليست‬
‫الرمحة قيمة إنسانية مطلوبة بني البشر؟‪ ,‬أليست مربرا كافيا إلقرار دول العامل بالقتل الرحيم ؟‪.‬‬

‫ومبا أن الدين مبين على اليسر ورفع احلرج‪ ,‬أال ميكن أن نرفع احلرج عن املريض‪ ,‬ونرحيه من هذه األآلم‬
‫بإهناء حياته ختفيفا عليه؟‪.‬‬

‫وإذا كان املقصد والغاية من هذا القتل هو الرمحة فهل يعين ذلك جواز حتقيق املقاصد املشروعة بالوسائل‬
‫غري املشروعة ؟‬

‫وعليه فما هي الرمحة املقصودة من وراء هذا القتل؟ وكيف ظهر هذا النوع من القتل؟ وإذا كانت له‬
‫جذور فما األساس الذي استند عليه؟ هل هذا القتل فعل إنساين يرجع إىل الرمحة باملريض‪ ,‬أم هو جرمية ضد‬
‫اإلنسانية؟ وهل اإلنسان ميلك حياته حىت ينهيها كيفما شاء ومىت شاء؟‪ .‬وهذه التساؤالت كلها تدور حول‬
‫إشكالية حمورية وهي‪:‬ما التكيي ـ ـ ـ ــف الشـرعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي والقانـ ـ ـ ـ ــونـ ــي للقتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل الرحي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم؟‬

‫ومن هذا كله‪ ,‬ونظرا ألمهية املوضوع اليت تتجلى يف كونه يرتبط ارتباطا وثيقا بأمسى وأقدس شيء يف الوجود وهو‬
‫احلياة‪ ,‬ارتأينا اخلوض يف غمار حبث بعنوان‪ " :‬القت ـ ـ ـ ـ ــل الرحي ـ ـ ـ ــم دراسة مقارنة بين الشريع ـ ـ ـ ـ ــة اإلسالمية‬
‫والقان ـ ـ ـ ــون الوضعي"‬

‫أسباب اختيار الموضوع ‪:‬‬

‫ـ ـ الرتباط املوضوع بأمسى حقوق اإلنسان وهو احلق يف احلياة‪.‬‬

‫ـ ـ كانت رغبة ناجتة عن واقع معاش ومشاهد وذلك بانتقال القتل من فعل جمرم إىل وسيلة غايتها الرمحة‪.‬‬

‫ـ ـ بيان حكم الشريعة خبصوص املوضوع‪ ,‬خاصة مع تزايد األمراض وشدة اآلمها‪.‬‬

‫‪8‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫ـ ـ احلاجة إىل معرفة احلكم الشرعي ملثل هذه املسائل املستجدة‪.‬‬

‫ـ ـ ضبط مسألة أحكام الوسائل املرتبطة مبقاصدها مع جعل املوت وسيلة للرمحة وهي مقصد شرعي‪ ,‬وذلك ببيان‬
‫حكم الشرع يف استعمال وسائل غري مشروعة لتحقيق مقاصد مشروعة‪ ,‬على غرار ما ذهب إليه بعض فقهاء‬
‫القانون من أن الغاية تربر الوسيلة‪.‬‬

‫الصعوبات التي واجهت مسيرة هذا البحث‪:‬‬

‫ـ ـ موضوع القتل الرحيم من املواضيع احلديثة نسبيا مل يتناوله فقهاء السلف مما سبب صعوبة يف تأصيل املسألة‬
‫وربطها بأصوهلا الشرعية‪.‬‬

‫ـ ـ ـ صعوبة الربط بني األصول النظرية اليت متنع القتل وجترمه والوقائع املعاشة‪,‬اليت جتعل اإلنسان يعاين من آالم ال‬
‫يستطيع من يقف جبوار املريض حتملها ‪ ,‬فما بالك باملريض نفسه‪ .‬مما حيتاج إىل قوة البصرية وتعمق يف الفهم‬
‫بتفصيل حكم املسألة وربط الواقع بالنص‪.‬‬

‫الدراسات السابقة‪:‬‬

‫من خالل املطالعة واستقراء املراجع املتعلقة باملوضوع وجدنا بعض الدراسات املباشرة وغري املباشرة نذكر منها ما‬
‫يلي‪:‬‬

‫ـ ـ ـ كتاب بعنوان القتل بدافع الشفقة للسيد عتيق‪ ,‬تطرق يف حبثه إىل جوانب مهمة من هذا املوضوع‪ ,‬إال أنه مل‬
‫يتطرق إىل األساس الفلسفي‪ ,‬كما مل يلم بكل صور القتل الرحيم واليت بيناها يف حبثنا هذا‪.‬‬

‫ـ ـ كتاب أحكام التداوي واحلاالت امليؤوس منها وقضية موت الرمحة حملمد على البار‪ ,‬حتدث عن هذا املوضوع‬
‫حتت عنوان موت الرمحة‪.‬‬

‫ـ ـ ـ كتاب نطاق احلماية اجلنائية للميؤوس من شفائهم واملشوهني خلقيا حملمود إبراهيم حممد مرسي‪ ,‬تطرق إليه يف‬
‫الفصل الثاين يف املبحث الثالث حتت عنوان االعتداءات املختلف يف جترميها والعقاب عليها‪.‬‬

‫ـ ـ ـ كتاب اعتداء الطبيب على النفس وما دوهنا لـغادة علي حامد العمروسي‪.‬حتدثت عنه يف املبحث األول بعنوان‬
‫املوت الرحيم ‪,‬من الفصل األول‪.‬‬

‫‪9‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫هذه املراجع وإن كانت مهمة بالنسبة للبحث‪ ,‬فإن موضوعها مل يكن خاصا بالقتل الرحيم وإمنا مت تناوله يف‬
‫جزئية‪ .‬وبناء عليها ومواصلة جلهودهم البحثية‪ ,‬نزيد يف تفصيل البحث من خالل ربط موضوعه بأصوله الفقهية‪,‬‬
‫ومقاصده الشرعية‪ ,‬ومقارنتها باألحكام القانونية‪.‬‬

‫منهج البحث‪:‬‬

‫ـ ـ اعتمدنا املنهج اإلستقرائي واملنهج املقارن‪ ,‬من خالل املقارنة املباشرة بني القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫ـ ـ ذكر اآلراء القانونية مث األحكام الفقهية اإلسالمية ‪ ,‬ليتم بعدها ذكر نتيجة املقارنة يف آخر كل فصل‪.‬‬

‫ـ ـ ـ ركزنا يف أغلب األحيان على ذكر الراجح من األحكام الفقهية اإلسالمية‪.‬‬

‫ـ ـ ـ الرجوع إىل املصادر األصلية واملراجع القدمية واحلديثة ومجع مادة البحث من الكتب املختلفة‪.‬‬

‫ـ ـ الرجوع إىل املعاجم اللغوية لتوضيح معاين املفردات ‪.‬‬

‫ـ ـ ـ عزو اآليات إىل سورها وترقيمها بعد ذكر اآلية مباشرة‪.‬‬

‫ـ ـ ـ ختريج األحاديث النبوية من األمهات مع ذكر الكتاب‪ ,‬والباب‪ ,‬واجلزء‪ ,‬والصفحة‪ ,‬والرقم‪.‬‬

‫ـ ـ ـ ترمجة أغلب األعالم الواردة يف البحث‪.‬‬

‫ـ ـ ذيلنا البحث بفهرس‪:‬اآليات‪ ,‬األحاديث‪ ,‬املصادر واملراجع‪ ,‬املوضوعات‪.‬‬

‫خطة البحث‪:‬‬

‫قسمنا حبثنا إىل مقدمة و فصلني‪:‬‬

‫الفصل األول بعنوان‪ :‬مفهوم القتل الرحيم وأساسه الفلسفي‪ ,‬حتته مبحثان‪ ,‬األول بعنوان‪ :‬مفهوم القتل الرحيم‬
‫وتطوره التارخيي‪ ,‬والثاين بعنوان‪:‬أحكام الغايات(املقاصد) ووسائلها‪.‬‬

‫والفصل الثاين‪ :‬حكم القتل الرحيم وصوره‪,‬حتته مبحثان‪ ,‬األول بعنوان القتل الرحيم بني اإلقرار والتجرمي‪ ,‬والثاين‬
‫بعنوان‪ :‬صور القتل الرحيم وأحكامها‪.‬‬

‫وخامتة تتضمن أهم النتائج املتوصل إليها من خالل البحث‪.‬‬

‫وفيما يلي اخلطة التفصيلة للبحث‪:‬‬


‫‪10‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫الفصل األول‪ :‬مفهوم القتل الرحيم وأساسه الفلسفي‬


‫املبحث األول‪ :‬مفهوم القتل الرحيم وتطوره التارخيي‬
‫املطلب األول‪ :‬مفهوم القتل الرحيم‬
‫الفرع ألول‪ :‬تعريف القتل‬
‫الفرع الثاين‪ :‬تعريف الرحيم‬
‫الفرع الثالث‪ :‬التعريف الرتكييب للقتل الرحيم‬
‫املطلب الثاين‪ :‬التطور التارخيي للقتل الرحيم‬
‫الفرع األول‪ :‬التطور التارخيي للقتل الرحيم يف الدول الغربية‬
‫الفرع الثاين‪ :‬التطور التارخيي للقتل الرحيم يف الدول العربية‬
‫املبحث الثاين‪ :‬أحكام الغايات (املقاصد) ووسائلها‬
‫املطلب األول‪ :‬قاعدة الغاية تربر الوسيلة‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم قاعدة قاعدة الغاية تربر الوسيلة‬
‫الفرع الثاين‪ :‬إسقاطات قاعدة الغاية تربر الوسيلة على القتل الرحيم‬
‫املطلب الثاين‪ :‬ارتباط الوسائل بأحكام املقاصد‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم قاعدة الوسائل هلا أحكام املقاصد‬
‫الفصل‬ ‫الفرع الثاين‪:‬إسقاط قاعدة الوسائل هلا أحكام املقاصد على القتل الرحيم‬
‫الثاين‪ :‬حكم القتل الرحيم وصوره‬
‫املبحث األول‪ :‬القتل الرحيم بني اإلقرار والتجرمي‬
‫املطلب األول‪ :‬إقرار القتل الرحيم‬
‫الفرع األول‪ :‬إقرار القتل الرحيم يف القانون اهلولندي‬
‫الفرع الثاين‪ :‬إقرار القتل الرحيم يف القانون البلجيكي‬
‫الفرع الثالث‪ :‬إقرار القتل الرحيم يف القانون الربيطاين‬
‫املطلب الثاين‪ :‬جترمي القتل الرحيم‬
‫الفرع األول‪ :‬التجرمي القانوين للقتل الرحيم‬
‫الفرع الثاين‪ :‬التجرمي الشرعي اإلسالمي للقتل الرحيم‬
‫املبحث الثاين‪ :‬صور القتل الرحيم وأحكامها‬
‫املطلب األول‪ :‬القتل الرحيم اإلجيايب‬

‫‪11‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫الفرع األول‪ :‬مفهوم القتل الرحيم اإلجيايب‬


‫الفرع الثاين‪ :‬تطبيقات القتل الرحيم اإلجيايب وأحكامها‬
‫أوال‪ :‬طلب املريض إهناء حياته‬
‫ثانيا‪ :‬طلب املساعدة على االنتحار‬
‫املطلب الثاين‪ :‬القتل الرحيم السليب‬
‫الفرع األول‪ :‬مفهوم القتل الرحيم السليب‬
‫الفرع الثاين‪ :‬تطبيقات القتل الرحيم السليب وأحكامها‬
‫أوال‪:‬نزع أجهزة اإلنعاش عن املريض‬
‫ثانيا‪ :‬امتناع الطبيب عن القيام بالعالج للمريض‬
‫ثالثا‪ :‬امتناع املريض عن التداوي‬
‫خـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــات ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـمـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــة‬

‫‪12‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫الفصل األول‪ :‬مفهوم القتل الرحيم وأساسه الفلسفي‪.‬‬


‫المبحث األول‪ :‬مفهوم القتل الرحيم و تطوره التاريخي‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أحكام الغايات (المقاصد) ووسائلها‪.‬‬

‫‪13‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫يشهد العامل اليوم تطورا هائال يف خمتلف العلوم و امليادين بوجه عام‪ ,‬ويف جمال الطب بوجه‬
‫خاص‪ ,‬إال أنه و رغم كل التطور وجدت حاالت ألمراض مستعصية‪ ,‬وقف الطب أمامها عاجزا‪,‬‬
‫ونظرا حلدة األمل يصل املريض إىل حالة يأس شديد‪ ,‬إىل درجة متين املوت‪ ,‬وكحل جلأ البعض إىل‬
‫استعمال ما يعرف بالقتل الرحيم‪ ,‬والذي يثري قضية حقوق اإلنسان وحرياته من حيث أن اإلنسان‬
‫ميلك احلق يف احلياة‪ ,‬وأن له احلرية يف التصرف حبياته ‪.‬‬

‫وهذه الفكرة مل تكن وليدة العصر بل تعود حلقب زمنية قدمية‪ ,‬وتبلورت الفكرة حىت تطورت‬
‫شيئا فشيئا على أيادي الفالسفة واملفكرين إىل أن انتقلت من فكرة إىل عملية يسهل تطبيقها على‬
‫أرض الواقع‪ .‬هذا ما سنتعرف عليه يف هذا الفصل وذلك من خالل املبحثني اآلتيني‪:‬‬

‫املبحث األول‪ :‬مفهوم القتل الرحيم وتطوره التارخيي‪.‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬أحكام الغايات ا(املقاصد) ووسائلها‪.‬‬

‫‪14‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫المبحث األول ‪:‬مفهوم القتل الرحيم وتطوره تاريخيا‪.‬‬


‫المطلب األول ‪:‬مفهوم القتل الرحيم‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬التطور التاريخي للقتل الرحيم‪.‬‬

‫‪15‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫مر القتل الرحيم بعدة مراحل تارخيية أثناء ممارسته من طرف أشخاص ألغراض ختتلف من شخص‬
‫آلخر‪ ,‬ومت تطبيقه من طرف عدة دول‪ ,‬على عدد من األشخاص‪ ,‬منهم املرضى امليؤوس من‬
‫شفائهم‪ ,‬ومنهم املعوقني ذهنيا‪ ,‬ومنهم املعوقني بدنيا‪ ...‬فما مفهوم هذا النوع من القتل؟ وكيف كان‬
‫تطوره عرب الزمن؟‪ .‬هذا ما سنبينه يف هذا املبحث من خالل املطلبني اآلتيني املعنونني بـ‪:‬‬

‫ـ ـ مفهوم القتل الرحيم‪.‬‬

‫ـ ـ ـ التطور التارخيي للقتل الرحيم‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬مفهوم القتل الرحيم‪.‬‬

‫القتل الرحيم عبارة مكونة من مصطلحني مركبني‪ ,‬وحىت يتبني لنا معنىاه بشكل واضح ‪,‬البد‬
‫أن نعرف مصطلح القتل على حدى ‪,‬ومصطلح الرحيم على حدى‪,‬وصوال إىل التعريف الرتكييب ‪.‬‬

‫الفرع األول‪ :‬تعريف القتل‪.‬‬

‫أوال‪ :‬لغة‪.‬‬

‫القتل لغة معروف بـ‪ :‬قـتـله يـقتـله قـتال و تقتاال‪ .‬قـتـله إذا أماته بضرب أو حجر أو سم أو علة‪,‬‬
‫‪1‬‬
‫واملنية قاتلة‪.‬‬

‫و القتل إزهاق الروح‪ ,‬نقول قـتـله قـتال أي أزهق روحه فهو قتيل‪ ,‬واملرأة قتيل أيضا‪,‬إذا كان وصفا‪ ,‬فإذا‬
‫أحذف املوصوف جعل إمسا وأدخلت عليه اهلاء نقول‪:‬رأيت قتيلة بين فالن‪.2‬‬

‫‪1‬ـ ابن منظور ( مجال الدين حممد اإلفريقي )‪ :‬لسان العرب‪ ,‬ط‪ ,1‬سنة ‪2003‬م ـ ‪1424‬ه‪ ,‬دار الكتب العلمية ـ ـ ـ بريوت‪ ,‬اجمللد‬
‫‪ ,11‬ص ‪ 651‬ـ ‪.652‬‬
‫‪2‬ـ الرازي‪(,‬حممد بن أيب بكر)‪ :‬خمتار الصحاح‪,‬ط‪,1‬سنة ‪,1996‬دار عمار_ عمان‪,‬ص‪.208‬‬
‫‪16‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫والقتل قتله قتال أماته‪,‬و يقال قتل اهلل فالنا‪:‬دفع شره‪,‬و قتل جوعه أو عطشه‪:‬أزال أمله بطعام أو‬
‫‪1‬‬
‫شراب ‪.‬وقتل غليله‪:‬شفاه‪.‬وقتل اخلمر‪:‬مزحها باملاء ليكسر من حدهتا‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬اصطالحا‪.‬‬

‫يعرف القتل يف الشريعة اإلسالمية كما يعرف يف القوانني الوضعية بأنه فعل من العباد تزول به‬
‫احلياة‪ ,‬أي‪ :‬إزهاق روح ادمي بفعل ادمي آخر‪.‬‬

‫والقتل يف اإلسالم على نوعني‪:‬‬

‫قتل حمرم و هو كل قتل بعدوان‪.‬وقتل حبق و هو كل قتل ال عدوان فيه كقتل القاتل واملرتد‪.2‬‬

‫ويعرف أيضا بأنه‪:‬‬

‫إزهاق روح إنسان بفعل إنسان آخر بغري موجب شرعي‪ .‬وباعتبار القتل ميس الكيان‬
‫االجتماعي‪ .‬ومحاية حياة األفراد هي اهلدف األمسى‪ ,‬فقد جرمت معظم التشريعات االعتداء على‬
‫احلق يف احلياة‪ .‬وقبل ذلك كان التشريع اإلهلي قد جرم هذا الفعل‪ ,3‬حيث جاء يف حمكم تنزيله قوله‬
‫س أو فس ٍاد يف األرض فكأممنا قـتل النماس مجيعا﴾ [املائدة ‪]32‬‬
‫تعاىل‪﴿ :‬من قـتل نـفسا بغري نـف ٍ‬

‫هناك مواقف يعترب القتل فيها عمدا حىت لو مل تتوافر نية القتل‪,‬كأن يقتل شخص شخصا‬
‫آخر‪ ,‬بينما كان يقصد إيذاءه فقط ال أن يقتله‪ ,‬أو عندما يقوم بعمل يعلم أنه قد يؤدي إىل إيذاء‬
‫شديد لشخص آخر يف هذه احلالة يعد متهما يف جرمية القتل العمد‪.‬و الشخص الذي يقدم على‬

‫‪1‬ـ ـ جممع اللغة العربية‪ :‬املعجم الوسيط‪,‬ط‪,4‬سنة ‪2004‬م‪1420-‬ه‪,‬مكتبة الشروق الدولية_مصر‪,‬ص‪.715‬‬


‫‪ 2‬ـ عبد القادر عودة‪ :‬التشريع اجلنائي اإلسالمي مقارنا بالقانون الوضعي‪,‬ج‪,2‬بدون رقم طبعة‪ ,‬وال سنة الطبع‪,‬دار الكتاب‬
‫العريب_بريوت‪,‬ص‪.06‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ مصطفى حممد الدغيدي‪ :‬اإلثبات و خطة البحث يف جرائم القتل‪ ,‬بدون رقم طبعة‪,‬سنة‪,2007‬بدون دار نشر‪,‬ص‪.133‬‬
‫‪17‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫ارتكاب جرمية قتل يعين أنه يتجاهل قيمة احلياة البشرية‪ ,‬و هذا التجاهل حيل حمل النية احلقيقية‬
‫للقتل‪.1‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬تعريف الرحيم‪.‬‬

‫أوال‪:‬لغة‪.‬‬

‫رحيم على وزن فعيل مبعىن فاعل‪,‬كما قالوا مسيع مبعىن سامع وكذلك رجل رحوم وامرأة‬
‫رحومة‪ ,‬قال األزهري‪:‬ال جيوز أن يقال رمحان إال هلل عز وجل‪ ,‬ألنه أرحم الرامحني‪ ,‬و الرحيم قد يكون‬
‫لغري اهلل‪ ,‬قال تعاىل‪ ﴿ :‬وما أرسلناك إمال رمحة للعالمني ﴾ [األنبياء‪ ]107 :‬أي عطفا وصنعا‪ .‬يقال‬
‫رجل رحيم‪ ,‬وال يقال رمحان‪ ,‬والرحيم قد يكون مبعىن املرحوم‪ ,‬و الرمحة يف بين ادم عند العرب‪:‬رقة‬
‫‪2‬‬
‫القلب وعطفه‪ ,‬و رمحة اهلل عطفه و إحسانه ورزقه‪.‬‬

‫و الرمحة بالفتح الرقة‪ ,‬قال سيبويه(الرقة)‪.‬قال الراغب‪":‬الرمحة‪:‬رقة تقتضي اإلحسان إىل املرحوم‪ ,‬و قد‬
‫يستعمل تارة يف الرقة اجملردة وتارة يف اإلحسان اجملرد‪ ,‬وتارة يف اإلحسان اجملرد عن الرقة‪ ,‬والرمحة من‬
‫اهلل إنعام وإفضال‪ ,‬ومن اآلدميني رقة وتعطف‪.3‬‬

‫ثانيا‪:‬اصطالحا‪.‬‬

‫املعىن االصطالحي للرحيم قريب جدا من املعىن اللغوي ومن بني املعاين‪:‬‬

‫أن الرمحة هي إرادة إيصال اخلري للغري‪.4‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ املوسوعة العربية العاملية‪,‬املوقع االليكرتوين‪.www.intaaj.net :‬‬


‫‪ 2‬ـ ـ ابن منظور‪ :‬لسان العرب‪,‬اجمللد‪,12‬ص‪.269_268‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ الزبيدي(حممد مرتضى احلسيين)‪:‬تاج العروس‪,‬ط‪,1‬سنة ‪2000‬م_‪1421‬ه‪,‬اجمللس الوطين للثقافة والفنون و‬
‫اآلداب_الكويت‪ ,‬ج‪ ,32‬ص‪.225‬‬
‫‪4‬ـ ـ ـ املوقع االليكرتوين‪, www.islamselect.net:‬التاريخ‪ ,2013/03/07 :‬الساعة‪.13:25:‬‬
‫‪18‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫وهي رقمة يف القلب‪ ,‬يالمسها األمل حينما تدرك احلواس أو تدرك باحلواس‪ ,‬أو يتصور الفكر وجود‬
‫السرور حينما تدرك احلواس أو تدرك باحلواس أو يتصور الفكر‬
‫األمل عند شخص آخر‪ ,‬أو يالمسها ُّ‬
‫وجود املسرة عند شخص آخر‪.1‬‬

‫الفرع الثالث‪:‬التعريف التركيبي‪.‬‬

‫وعليه مما سبق يتبني أن القتل و الرمحة ال جيتمعان مطلقا‪ ,‬فهما مصطلحان متناقضان؛ إذ‬
‫كيف جنمع بني من حيرم اإلنسان من حقه يف احلياة‪ ,‬وبني الرقة والعطف‪ ,‬وكيف للخري أن جيتمع مع‬
‫الشر‪ ,‬ولكن ورغم التناقض احلاصل البد من وضع تعريف جامع للقتل الرحيم نظرا لتطبيقاته املعاصرة‬
‫واختاذه وسيلة بديلة عن العالج وعليه فالقتل الرحيم يعين‪:‬‬

‫‪ ,Euthanasia‬هي كلمة إغريقية األصل تتألف من مقطعني" ‪ "Eu‬وتعي احلسن ‪ ,‬أو الطيب‪,‬‬
‫أو الرحيم‪ ,‬أو امليسر " ‪"Thanasia‬و تعين املوت أو القتل‪,‬فأوتانازيا لغويا ‪:‬هي املوت أو القتل‪,‬‬
‫‪2‬‬
‫احلسن‪ ,‬أو الطيب‪ ,‬أو الرحيم‪ ,‬أو امليسر ‪.‬‬

‫فقتل الرمحة(املرمحة) هو تسهيل موت الشخص املريض امليؤوس من شفائه بناء على طلب ملح منه‬
‫مقدم للطبيب املعاجل‪.3‬‬

‫وهو أيضا فعل إجيايب أو سليب ينهي أمل مريض ال يرجى شفاءه بوضع حد حلياته رمحة به‪ .‬وهو‬
‫التعجيل بوفاة املرضى امليؤوس من شفائهم أو تيسري موت املرضى امليؤوس من شفائهم‪ ,‬وأولئك الذين‬
‫يعانون من آالم مربحة ال ينفع فيها العالج حبجة التخفيف من‬

‫‪ 1‬ـ ـ املوقع االليكرتوين‪ , www.solaim.com:‬التاريخ‪ ,2013/03/09:‬الساعة‪.8:24:‬‬


‫‪ 2‬ـ ـ حممد اهلواري‪ :‬قتل املرمحة بني الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي‪,‬بدون رقم طبعة‪,‬سنة ‪2003‬م_‪1423‬ه‪,‬اجمللس األورويب‬
‫لإلفتاء والبحوث_ستوكهومل‪,‬ص‪.02‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ حممد علي البار‪ :‬أحكام التداوي واحلاالت امليؤوس منها وقضية القتل الرحيم‪,‬ط‪,1‬سنة ‪1995‬م_‪1416‬ه‪,‬دار املنارة ـ ـ جدة‪,‬‬
‫ص‪.68‬‬
‫‪19‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫‪1‬‬
‫آالمهم وجتنُّبهم النزع الطويل‪.‬‬

‫ويعرفه يوسف القرضاوي‪:2‬بـأنه تسهيل موت الشخص بدون أمل بسب الرمحة لتخفيف معاناة املريض‬
‫‪3‬‬
‫سواء بطرق فعالة(اجيابية) أو منفعلة(سلبية)‪.‬‬

‫واملالحظ أن كل التعريفات واضحة الداللة بينة املعىن ‪,‬استطاعت أن تعطي تعريفا جامعا مانعا‪.‬‬
‫فمنهم من ركز يف تعريفه على ضرورة رضا اجملين عليه وذلك بطلب ملح منه‪ ,‬ومنهم من حصر القتل‬
‫الرحيم يف صورتني‪ :‬سلبية وإجيابية‪.‬‬

‫حيث كل التعريفات تتوافق يف‪ :‬اشرتاط أن يكون املرض ميؤوسا من شفائه‪,‬وغاية واحدة هي ختليص‬
‫املريض من آالمه املربحة‪.‬‬

‫من خالل تعريف القتل الرحيم يتبني أنه ال بد من التفرقة بينه وبني بعض املصطلحات القريبة منه‬
‫واملتمثلة يف‪:‬اإلجهاض‪ ,‬االنتحار‪.‬‬

‫ـ اإلجهاض(اإلمالص‪ ،‬السقط‪،‬الطرح)‪:‬‬

‫اإلمالص هو أن ترمي املرأة جنينها قبل وقت الوالدة‪.4‬‬

‫‪1‬ـ ـ ـ عبد املالك بن محد الفارس‪ :‬جرمية االنتحار والشروع فيه بني الشريعة والقانون‪,‬مذكرة ماجستري‪,‬سنة ‪2004‬م_‪1425‬ه‪,‬‬
‫ص‪.211‬‬
‫‪2‬ـ ـ الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ولد يف ‪9‬سبتمرب‪1929‬م مبصر عامل ومفيت معاصر له ما يزيد عن‪ 120‬مؤلف‪,‬و‪22‬‬
‫رسالة‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ يوسف القرضاوي‪ :‬من هدي اإلسالم فتاوى معاصرة‪ ,‬ط‪,1‬سنة‪2000‬م ـ ـ‪1421‬ه‪ ,‬املكتبة اإلسالمية ـ ـ ـ بريوت‪,‬ج‪, 2‬‬
‫ص‪.577‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ ابن حبان(حممد بن حبان بن معبد التميمي)‪:‬اإلحسان يف تقريب صحيح ابن حبان ‪,‬حتقيق‪ :‬شعيب األرنؤوط‪ ,‬ط‪ ,1‬سنة‬
‫‪1988‬م ـ ـ‪1408‬ه‪,‬مؤسسة الرسالة ـ ـ بريوت‪,‬ج‪,13‬ص‪.375‬‬
‫‪20‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫وهو أيضا إخراج احلمل من الرحم قبل أن يصبح قابال للحياة يف خارجه‪.1‬‬

‫واإلجهاض هبذا التعريف خيتلف متاما عن القتل الرحيم كون اإلجهاض تنعدم فيه إرادة اجملين عليه‪,‬‬
‫وعدم وجود اآلم مربحة تستدعي الرمحة‪.‬إال أنه توجد حالة يف عملية اإلجهاض شبيهة بالقتل الرحيم‬
‫من حيث الشفقة والرمحة على اجلنني املشوه خلقيا‪.‬‬

‫ـ ـ االنتحار‪:‬‬

‫هو قتل اإلنسان نفسه عن عمد وقصد‪.2‬‬

‫ي وسيل ٍة كانت‪.3‬‬
‫ويطلق االنتحار على قـتل اإلنسان نـفسه بأ ِّ‬
‫واالنتحار يكون بالفعل‪ ,‬وبالرتك أو االمتناع‪ ,‬أي إجيايب وسليب‪.4‬‬

‫من خالل التعريف يتنب أن االنتحار أكثر شبه بالقتل الرحيم من اإلجهاض فاملنتحر يقتل نفسه‬
‫مبحض إرادته ألسباب عدة أكثرها اليأس من احلياة‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ الصديق حممد األمني الضرير‪:‬أحكام اإلجهاض يف الشريعة اإلسالمية‪ ,‬جملة الفقه اإلسالمي‪,‬السنة اخلامسة‪ ,‬العدد السابع‪,‬‬
‫ص‪.252‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ املوسوعة العربية العاملية‪.‬‬
‫‪3‬ـ ـ ـ املوسوعة الفقهية الكويتية‪,‬ط‪,2‬سنة ‪2004‬م ـ ـ ‪1427‬ه‪,‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ـ ـ ـ الكويت‪,‬ج‪,6‬ص‪.281‬‬
‫‪4‬ـ ـ ـ عبد املالك بن محد الفارس‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪.26‬‬
‫‪21‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫المطلب الثاني‪:‬تطور القتل الرحيم تاريخيا‪.‬‬

‫تعود اجلذور التارخيية للقتل الرحيم إىل حقب بعيدة جدا من التاريخ حيث أن بعض املصادر‬
‫تشري إىل أن هذا النوع من القتل كان ميارس على احليوانات ‪,‬فاحليوان الذي يتوجع وال يرجى شفاءه‪,‬‬
‫وال يرجى االنتفاع به‪ ,‬يقتل راحة له من عذابه‪.1‬‬

‫مث تعدى هذا القتل هبذه الصورة ليشمل اإلنسان‪,‬حيث يوجد يف بعض اجملتمعات البدائية‬
‫كاإلسكيمو مثال‪ ,‬ظاهرة االنتحار حتت تأثري الشعور باألمل العميق وذلك بأن جيمد الشخص نفسه‬
‫عاريا حىت املوت‪.2‬‬

‫وسنبني تطوره يف الدول الغربية والدول العربية من خالل الفرعني الالحقني‪:‬‬

‫الفرع األول‪:‬تطور القتل الرحيم في الدول الغربية‪.‬‬

‫تعود فكرة القتل الرحيم يف الدول الغربية إىل فالسفة اليونان القدامى‪ ,‬فقد ذكر أفالطون‪ 3‬يف‬
‫كتابه الشهري(اجلمهورية) بأن الذين تنقصهم سالمة األجسام جيب أن يرتكوا للموت‪ ,4‬حيث قال‪:‬‬
‫"إن لكل فرد احلق يف أن يعيش يف ظل الدولة ولكن ليس له احلق أن يعيش حياته بني املرض‬
‫والعقاقري"‪,‬وبذالك فهو يدعوا إىل فكرة البقاء لألصلح ‪5‬؛ أي األصحاء جسميا‪.‬‬

‫‪1‬ـ ـ ـ املؤمتر العاملي الثالث املنعقد يف بلجيكا‪,‬يف‪ 10‬ـ ـ‪13‬أوت ‪1873‬م‪,‬ص‪.48‬‬


‫‪ 2‬ـ ـ السيد عتيق‪ :‬القتل بدافع الشفقة‪,‬بدون رقم طبعة‪ ,‬سنة‪2004‬م ـ ـ‪1425‬ه‪,‬دار النهضة العربيةـ ـ القاهرة‪,‬ص‪.23‬‬
‫‪3‬ـ ـ ـ أفالطون ‪:‬فيلسوف يوناين قدمي ولد حوايل ‪428‬ق‪.‬م‪,‬وتويف حوايل ‪347‬ق‪.‬م‪ ,‬وهو من أعظم الفالسفة الغربيني‪ ,‬من أقواله‪:‬‬
‫اجلسد قبل النفس‪,‬أن تتفلسف هو أن تتدرب على املوت‪.‬‬
‫‪4‬عبد احلق محيش‪ :‬قضايا فقهية معاصرة ‪,‬ط‪,1‬سنة ‪2011‬م_‪1432‬ه‪,‬دار قرطبة _الشارقة‪ ,‬ص‪.78‬‬
‫‪5‬جابر احلجاحجة‪ :‬القتل بدافع الشفقة‪ ,‬اجمللة األردنية يف الدراسات اإلسالمية ‪,‬اجمللد‪,05‬العدد‪/3‬أ‪,‬سنة ‪2009‬م_‪1430‬ه‪,‬‬
‫ص‪.225‬‬
‫‪22‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫وأطلق سقراط‪ 1‬على هذا الشكل من املوت اسم التدبري الذايت للموت بشرف‪.2‬‬

‫كما أن أصل مصطلح القتل بدافع الشفقة يرجع إىل الفيلسوف روجيه بيكون‪ ,3‬الذي كان يرى‬
‫أن على األطباء أن يعملوا على إعادة الصحة للمرضى وخيففوا من آالمهم ولكن إذا وجدوا أن‬
‫شفاءهم ال أمل فيه وجب عليهم أن يهيئوا هلم مكان هادئا وسهال‪.‬ويف عام ‪1823‬م عرضت أول‬
‫قضية على القضاء األمريكي خبصوص قتل الرمحة‪ ,‬حيث أقدم أب على قتل أطفاله الثالثة غرقا‬
‫ليذهبوا حسب اعتقاده إىل اجلنة مباشرة‪.4‬‬

‫وكان نيتشه ‪5‬من أنصار القضاء على املرضى والشواذ باعتبارهم جراثيم تعيش وتعبث يف‬
‫اجملتمع ويف عام‪1930‬م أنشئت اجلمعية األمريكية لقتل الرمحة‪,‬مث عدلت امسها إىل مجعية حق‬
‫اإلنسان يف املوت‪.‬كما عقدت اجلمعية الربيطانية لقتل الرمحة أول اجتماع هلا سنة ‪1936‬م‪,‬وقدمت‬
‫طلبا جمللس اللوردات حىت جيعل قتل الرمحة مباحا لكن اجمللس مل يستجب ودامت تلك احملاوالت‬
‫لسنوات عدة‪.6‬‬

‫ويعد النازي األملاين هتلر من أكثر احلكام املتأثرين بفلسفة أفالطون‪ ,‬يف مسألة البقاء لألصلح‪,‬‬
‫وطبقها على عدد من املصابني بعاهات جسدية أو عقلية صونا لصفاء العرق اجلرماين‪ ,‬حيث يف‬
‫أكتوبر‪1939‬م أصدر أمرا بالقتل اهلادئ بالنسبة للمرضى امليؤوس من شفائهم‪ ,‬وأمر بتوسيع‬
‫اختصاص بعض األطباء لكي مينحوا موتا رحيما هلؤالء املرضى و كان يقضي على املعتوهني‪,‬‬

‫‪1‬ـ ـ ـ فيلسوف ومعلم يوناين(‪469.399‬ق‪.‬م) أحد أشهر الشخصيات اليت نالت اإلعجاب يف التاريخ صرف حياته كلها يف‬
‫البحث عن اخلري واحلقيقة‪.‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ عبد احلق محيش‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪.277‬‬
‫‪3‬ـ ـ ـ هو فيلسوف إجنليزي (‪1220.1292‬م) اهتم بالرياضيات و التجارب العلمية‪.‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ املرجع نفسه‪,‬ص‪.278‬‬
‫‪ 5‬ـ ـ فريدريك نيتشه(‪1900.1844‬م)‪.‬فيلسوف أملاين‪ ,‬وشاعر وعامل كالسيكي ‪,‬من كتبه ميالد املأساة‪ ,‬أصل األخالق‪.‬‬
‫‪6‬ـ ـ حممد اهلواري‪ :‬املرجع السابق‪ ,‬ص‪.04‬‬
‫‪23‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫وعلى مرضى األعصاب يف غرف الغاز ‪.1‬‬

‫ويف عام ‪1958‬م صرح البابا بيوس الثاين عشر الكاثوليكي على موافقته على القتل الرحيم‬
‫حيث قال وبصريح العبارة ‪:‬جيوز للطبيب إعطاء املسكنات للمريض احملتضر‪ -‬بعد موافقته‪-‬كمية‬
‫لتخفيف األمل وتعجيال للموت‪.2‬‬

‫وهكذا فالقتل الرحيم ال يزال يف تزايد مستمر خاصة عند أطباء البلدان األوروبية الذين‬
‫مارسوه‪ ,‬ويف مقابل ذالك جند أن احملاكم غضت الطرف عن هذا الفعل مما شجع على انتشاره بكثرة‪,‬‬
‫إىل أن أقرت به بعض التشريعات كهولندا ‪.‬وقد حلق هذا التطور حىت أمساء اجلمعيات ‪ ,‬فمثال‬
‫‪:‬من"مجعية قتل الرمحة"إىل "مجعية حق اإلنسان يف املوت" مث إىل"حق اإلنسان يف املوت يف وقار‬
‫وإجالل"‪,‬كما تطورت األهداف من عالجية إىل وقائية‪ ,‬أي من إهناء األمل بقتل املتأمل إىل " الوقاية‬
‫من الطفولة املعوقة " واملطالبة بتشريع يبيح لألطباء قتل األطفال املعوقني خالل ( ‪ ) 72‬ساعة من‬
‫والدهتم‪.‬‬

‫ومن أسباب انتشار القتل الرحيم‪ :‬ـ ـ ـ اهتمام دوائر اإلعالم و ممارسته بشكل واسع هولندا‪.‬ـ ـ ـ وكثرة‬
‫األمراض املستعصية جدا كاإليدز والسرطان‪.‬ـ ـ ـ نشوء مجعيات وهيئات ذات التـأثري الكبري على‬
‫‪3‬‬
‫السلطات احلكومية من أجل إقرار القتل الرحيم‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬تطور القتل الرحيم في الدول العربية‪.‬‬

‫مل يعرف هذا النوع من القتل يف البلدان العربية‪ ,‬لكن هناك صورة شبيهة هلذا النوع يف العصر‬
‫ب قتلت﴾‬ ‫ي ذن ٍ‬ ‫‪1‬‬
‫اجلاهلي‪ ,‬وهي جرمية وأد البنات قال تعاىل‪ ﴿ :‬وإذا الموءودة سئلت (‪ )8‬بأ ِّ‬

‫‪ 1‬ـ ـ السيد عتيق‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪.25‬‬


‫‪ 2‬ـ ـ أمحد حممد املومين‪ :‬القتل املريح بني الشريعة والقانون‪ , ,‬اجمللة األردنية يف الدراسات اإلسالمية‪ ,‬اجمللد الرابع‪,‬العدد‪ ,03/‬سنة‬
‫‪2008‬م ـ ‪1429‬ه ‪,‬ص‪.75‬‬
‫‪3‬ـ ـ حممد اهلواري‪ :‬املرجع السابق ‪,‬ص‪.05‬‬
‫‪24‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫[التكوير‪ ]9 ,8 :‬إال أن املقصد خيتلف من شخص آلخر منهم من يئدها خشية الفقر ومنهم من‬
‫يئدها خوفا من العار و منهم من يئدها شفقة عليها من مكائد الدهر‪ ,‬وقهر زوجها هلا‪,‬و هذه‬
‫الصورة هي األقرب للقتل الرحيم التفاقها معه يف املقصد أال وهو الشفقة والرمحة‪.‬‬

‫إال أنه بعد جميء اإلسالم منع هذا السلوك ‪,‬و عاب على الناس مثل هذه العادة بل حرمها و‬
‫جعلها جرمية قتل فأحيا نفوسا كثرية وخلصها من القتل واملوت إال حبق‪,‬قال تعاىل‪ ﴿ :‬وال تـقتـلوا‬
‫النـمفس الميت حمرم اللمه إمال باحل ِّق﴾ [اإلسراء‪.]33 :‬‬

‫‪1‬ـ ـ أمحد حممد املومين‪ :‬املرجع السابق‪ ,‬ص‪.75‬‬


‫‪25‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫المبحث الثاني‪ :‬أحكام الغايات ووسائلها‪.‬‬


‫المطلب األول ‪:‬قاعدة الغاية تبرر الوسيلة‪.‬‬

‫المطلب الثاني ‪:‬ارتباط الوسائل بأحكام المقاصد‪.‬‬

‫‪26‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫رمبا يعود تربير القتل الرحيم وانتقاله من أفكا ٍر يف األذهان‪ ,‬إىل قواعد راسخة يف الكتب‪,‬‬
‫استنادا إىل قاعدة الغاية تربر الوسيلة كأساس فلسفي للقتل الرحيم‪ ,‬فيجعلهم يستعملون القتل‬
‫كوسيلة للوصول إىل غاية الرمحة أو الشفقة‪ ,‬أو رمبا يربطون بني الوسائل واملقاصد حبجة أن هناك‬
‫قاعدة شرعية تقول أن للوسائل أحكام املقاصد‪ .‬وسنبني يف املطلبني اآلتيني مفهوم كل من قاعدة‬
‫الغاية تربر الوسيلة ‪ ,‬و قاعدة للوسائل أحكام املقاصد ‪,‬و إسقاطاهتما على القتل الرحيم‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬قاعدة الغاية تبرر الوسيلة‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬مفهوم القاعدة وأصلها‪.‬‬

‫أوال‪:‬مفهوم القاعدة‪.‬‬

‫معىن قاعدة الغاية تربر الوسيلة‪ ,‬أن املقاصد إذا كانت مشروعة والغايات إذا كانت شريفة‪,‬‬
‫فيجوز لإلنسان أن يتوصل إليها بأي وسيلة‪ ,‬و إن كانت هذه الوسيلة ممنوعة يف الشرائع ‪,‬ومذمومة‬
‫يف األخالق‪.1‬‬

‫فالوسائل املوصلة للغايات احملمودة ال يعتد وال يعترب مبدى شرعيتها ‪,‬حسب هذه القاعدة هو حتقيق‬
‫الغاية املرجوة و الوصول إىل اهلدف املقصود مهما كانت هذه الوسيلة‪.‬‬

‫فالذي يريد اجلاه والغىن جيوز له أن يسرق و خيادع ‪,‬و الذي يريد جنسا صاحلا فله أن يبيد كل‬
‫األجناس الفاسدة‪ ,‬وله أن حيرق مدينة بأكملها ليستمتع بلهيبها‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ مصطفى بن كرامة اهلل خمدوم‪ :‬قواعد الوسائل يف الشريعة اإلسالمية‪ ,‬ط‪,1‬سنة‪1999‬م ـ ‪1420‬ه‪ ,‬دار اشبيليا ـ ـ الرياض‪,‬‬
‫ص‪.291‬‬

‫‪27‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫ثانيا‪ :‬أصل القاعدة‪.‬‬

‫يرجع أصل القاعدة إىل املفكر" أنقوال ميكيافلي"‪ 1‬والذي نادى هبا يف كتابه األمري وأعطاها صفة‬
‫الشرعية و بىن على هذه النظرية وصايا شيطانية منها قوله‪:‬‬

‫ـ" على األمري الذي يرغب يف احلفاظ على دولته أن يرتكب الشر أحيانا‪".‬ـ ـ ـ" من الضروري لكل أمري‬
‫يرغب يف احلفاظ على نفسه أن يتعلم كيف يبتعد عن الطيبة واخلري‪".‬‬

‫لقد قوبل الكتاب على مستوى املفكرين والفالسفة بالرفض واالستنكار‪ ,‬حىت قال بعض املؤرخني‬
‫األملان عن ميكيافلي " أنه وجد الشجاعة ليصف هلا ـ أي ايطاليا ـ ـ السم للعالج"‪.2‬‬

‫وقد صنفت روما هذا الكتاب ضمن قائمة الكتب املمنوعة يف عام ‪ ,1959‬وقررت إحراق مجيع‬
‫كتب ميكيافلي‪ ,‬إال أن السياسة الغربية أخذت تعيد تقومي هذا الكتاب‪ ,‬وجعلته كتاب السياسة لكل‬
‫‪3‬‬
‫العصور حىت صار مرجعا أساسيا ألصحاب الدراسات السياسية يف الغرب‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إسقاط قاعدة الغاية تبرر الوسيلة على القتل الرحيم‪.‬‬

‫من املعروف يف احلياة أن لكل إنسان ولكل جمموعة بشرية مطالب نفسية‪ ,‬وحاجات جسدية‪.‬‬
‫وأنه البد لتحقيق أي مطلب من مطالب النفس‪ ,‬وأي حاجة من حاجات اجلسد من اختاذ وسيلة‬
‫إىل ذالك‪ .‬فهل ميكن اختاذ أي وسيلة يف الدنيا مهما كان شأهنا عظيما ألية حاجة مهما كان شأهنا‬
‫تافها وحقريا؟‬

‫فعند إسقاطنا هلذه القاعدة على القتل الرحيم جند أن الغاية هي الرمحة والشفقة على املريض للتخلص‬
‫من آالم حادة يستـعصى عالجها ‪ ,‬و الوسيلة املوصلة هلذه الغاية هي القتل‪.‬‬

‫‪1‬ـ فيلسوف ايطايل ولد سنة ‪1469‬م بفلورنسا ‪,‬وتويف سنة‪1527‬م ‪ ,‬له عدة مؤلفات منها ‪:‬األمري‪,‬فن احلرب‪...‬‬
‫‪2‬ـ ـ ـ املوقع اإلليكرتوين‪,www.alagidah.com:‬بتاريخ ‪ ,2013/03/06‬الساعة‪.22:30‬‬
‫‪3‬ـ مصطفى بن كرامة اهلل خمدوم‪ :‬املرجع السابق‪ ,‬ص‪.297 -291‬‬
‫‪28‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫وبالتايل ميكن ألي شخص أن يتخذ القتل وسيلة من أجل حتقيق الغاية املرجوة وهي الرمحة‪,‬‬
‫الشفقة‪ ,‬والتخلص من األمل احلاد‪ ,‬ولكن إذا أمعنا النظر يف هذه القاعدة يتبني أهنا قد أفسحت جماال‬
‫ينجر عنه عدة انعكاسات أمهها‪:‬‬
‫واسعا الستعمال أية وسيلة لتحقيق أية غاية‪ ,‬وهذا اإلطالق ُّ‬
‫ـ فقدان مصداقية الطب واألطباء‪ ,‬حيث كلما استعصى على األطباء من إجياد العالج الكايف والشايف‬
‫ملرضاهم إلتجؤا إىل أية وسيلة للحد من أالم املرضى‪ ,‬كإعطائهم جرعات زائدة تؤدي هبم إىل الوفاة‬
‫حتما‪ ,‬أو قتلهم مباشرة كنزع أجهزة اإلنعاش عنهم‪.‬‬

‫ـ حتول املستشفيات من وسيلة عالج إىل وسيلة إعدام‪.‬‬

‫وعليه فاألغراض الطبية ال ميكن حتقيقها إال بالوسائل الطبية وحدها‪ ,‬وال ميكن حتقيقها بالوسائل‬
‫اخلبيثة‪.‬فالقتل ال يعترب وسيلة طبية بل هو من أخبث الوسائل لتحقيق غاية أقل قيمة من متتع اإلنسان‬
‫حبياته‪ .‬وبالتايل الغاية ال تربر الوسيلة‪ ,‬ألن الوسائل اليت نستخدمها حتدد طبيعة الغاية اليت تنجم‬
‫عنها‪.‬‬

‫أما اإلسالم فإنه يرفض هذه النظرية الفاسدة‪ ,‬ويوجب على اإلنسان مشروعية الوسائل‪ ,‬فمن‬
‫راعى مقاصد الشرع دون وسائله فقد أخذ ببعض الدين‪ ,‬وترك البعض األخر‪ .‬واهلل تعاىل يقول‪:‬‬

‫ض فما جزاء من يـفعل ذلك منكم إمال خز ٌ‬


‫ي يف احلياة ُّ‬
‫الدنـيا‬ ‫﴿أفـتـؤمنون ببـعض الكتاب وتكفرون ببـع ٍ‬
‫ويـوم القيامة يـرُّدون إىل أش ِّد العذاب وما اللمه بغاف ٍل ع مما تـعملون ﴾ [البقرة‪ .]85 :‬ويف احلقيقة "أن‬
‫قاعدة الغاية تربر الوسيلة" ال ختلو من التناقض‪ ,‬ألنه يفهم اشرتاط املشروعية يف املقاصد‪ ,‬وهذا يلزم‪,‬‬
‫منه اشرتاط مشروعية الوسائل‪.1‬‬

‫إالم أن هذه القاعدة هي قاعدة مطلقة ال قيود و ال ضوابط فيها‪ ,‬فهي ال تراعي شرع‪ ,‬وال‬
‫أخالق‪ ,‬وال أعراف‪ ,‬فبإطالقها يظهر مدى خمالفتها للشرع‪ ,‬فال اعتبار كون احلالة ضرورة أم ال‪ ,‬وال‬
‫لشرعية الوسيلة‪ ,‬ومن املعلوم يف اإلسالم أن الوسيلة املمنوعة تباح فقط عند الضرورة الشديدة ‪.‬‬

‫‪1‬ـ ـ ـ مصطفى بن كرمة اهلل خمدوم‪:‬املرجع السابق‪ ,‬ص ‪.302‬‬


‫‪29‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫والضرورة هي‪:‬‬

‫اخلوف على النفس من اهلالك املتيقن أو الغالب الظن حبيث حيل له احملظور لقاعدة الضرورات تبيح‬
‫احملظورات‪ ,‬بل يصبح هذا احملظور يف حق هذا املضطر واجبا كأكل امليتة إذا مل جيد ما يغنيه‪.1‬‬

‫و ما يفرق لنا بني إباحة الوسيلة املمنوعة يف حالة الضرورة و بني الغاية تربر الوسيلة هو أن‪:‬‬

‫يف اإلسالم الشارع هو احملرم واملبيح‪ ,‬وتكون الغاية حممودة‪,‬ومصلحة حقيقية‪ ,‬والرتخيص مقيد بقيود‬
‫جيعل دائرة الضرورة ضيقة وليست عامة يف كل شيء‪ ,‬فال يتوسل بالقتل والزنا وخيانة العهود مطلقا‪.‬‬

‫أما قاعدة الغاية تربر الوسيلة‪ ,‬فأساسها األهواء واملصاحل الشخصية‪,‬و غايتها قد تكون مذمومة‪,‬‬
‫واالستباحة مطلقة وعامة حىت يف القتل والغدر‪.2‬‬

‫‪1‬ـ ـ ـ الطيب سالمة‪ :‬األخذ بالرخص وحكمه‪ ,‬جملة جممع الفقه اإلسالمي التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي جبدة‪ ,‬العدد اخلامس ‪,‬‬
‫اجمللد الثامن‪ ,‬ص‪.350‬‬
‫‪ 2‬ـ مصطفى بن كرمة اهلل خمدوم‪:‬املرجع السابق‪ ,‬ص‪.309‬‬
‫‪30‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫المطلب الثاني‪ :‬ارتباط الوسائل بأحكام المقاصد‬


‫الفرع األول‪:‬مفهوم قاعدة الوسائل لها أحكام المقاصد وأصلها‬
‫أوال‪:‬مفهوم القاعدة‬
‫هي قاعدة أصولية فقهية‪ ,1‬وتعين أن األفعال اليت تؤدي إىل املقاصد خيتلف حكمها‬
‫باختالف حكم املقاصد‪ ,‬فإن كان املقصود واجبا فوسيلته واجبة‪ ,‬وإن كان حمرما فوسيلته حمرمة‪ ,‬و‬
‫إن كان مندوبا فوسيلته مندوبة‪ ,‬و إن كان مكروها فوسيلته مكروهة‪ ,‬و إن كان مباحا فوسيلته‬
‫مباحة‪.2‬‬
‫واملقصود باملقاصد هنا هي املتضمنة للمصاحل و املفاسد يف أنفسها‪ ,‬و الوسيلة هي الطرق املفضية‬
‫إليها‪ ,3‬من حترمي أو حتليل‪ ,‬وهذا معىن خاص للمقاصد والوسائل‪ ,‬لكن ال مانع من إطالق القاعدة‪,4‬‬
‫فمىت كان الفعل وسيلة إىل مصلحة واجبة فحكمها الوجوب‪ ,‬وإىل مصلحة مندوبة فحكمها الندب‪,‬‬
‫وإىل مصلحة مباحة فحكمها اإلباحة‪ ,‬و مىت كان الفعل وسيلة إىل مفسدة حمرمة فحكمها التحرمي‪,‬‬
‫و إىل مفسدة مكروهة فحكمها الكراهة‪ .‬وعليه وسائل املصاحل جائزة‪ ,‬و وسائل املفاسد ممنوعة‪,‬و‬
‫البد من معرفة رتب املصاحل واملفاسد حىت يسهل معرفة ذلك‪.‬‬
‫والوسائل املعتربة هنا هي اليت مل ينهى عنها الشارع‪ ,‬فهي أفعال ال تقصد لذاهتا لعدم تضمنها‬
‫املصلحة واملفسدة يف ذاهتا‪ ,‬فحكمها حكم املقصود املؤدية إليه‪ .‬فال يكفي صالح املقصد وشرعيته‪,‬‬
‫وإمنا شرعية ما يفضي إليه من وسائل‪ ,‬ومنه شرعية املقصد تستلزم شرعية الوسيلة‪ ,‬فهما متالزمان‪.‬‬
‫إالم أنه قد تنفك الوسيلة يف املقصد عن احلكم‪,5‬يف حالة ‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ اليويب )حممد سعد بن أمحد بن مسعود(‪ :‬مقاصد الشريعة وعالقتها باألدلة الشرعية‪,‬ط‪,1‬سنة ‪1998‬م‪1418-‬ه‪,‬دار اهلجرة‬
‫ـ ـ الرياض‪ ,‬ص‪.458‬‬
‫‪2‬ـ ـ ـ ـ مصطفى بن كرامة اهلل خمدوم‪:‬املرجع السابق‪ ,‬ص‪.223‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ القرايف(شهاب الدين أيب العباس بن أمحد)‪ :‬الفروق‪ ,‬ط‪,1‬سنة‪1424-2003‬ه‪ ,‬مؤسسة الرسالة ناشرون‪-‬بريوت‪ ,‬ج‪, 2‬‬
‫ص‪63‬ـ ـ ـ ـ‪.64‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ مصطفى بن كرامة اهلل خمدوم ‪:‬املرجع السابق ‪ ,‬ص‪.224‬‬
‫‪5‬ـ ـ املوقع اإلليكرتوين ‪ , www.sahab.net‬التاريخ‪2013/03/16:‬م‪ ,‬الساعة ‪.19:57‬‬
‫‪31‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫‪ 1‬ـ ـ ـ كون الشيء واجب أو مباح‪,‬و وسيلته حمرمة أو مكروهة‪:‬‬


‫قال ابن القيم رمحه اهلل‪:‬ال يلزم كون الوسائل تابعة ملقصودها يف احلكم‪ ,‬فقد يكون الشيء مباحا‪,‬بل‬
‫واجبا‪ ,‬و وسيلته مكروهة‪,‬كالوفاء بالطاعة املنذورة واجب‪ ,‬مع أن وسيلته مكروهة وهي النذر‪ ,‬فقد‬
‫‪1‬‬
‫تكون الوسيلة متضمنة مفسدة تكره أو حترم ألجلها ‪ ,‬وما جعلت وسيلة إليه ليس حبرام وال مكروه‪.‬‬
‫فبيع العنب مباح يف األصل لكن عندما يعلم أن املشرتي إمنا يريده ليعصره مخرا فإن بيعه له حيرم‪,‬‬
‫وكذا احلال يف بيع السالح فإنه مباح يف األصل‪ ,‬ولكن ال جيوز أن يباع ملن يستخدمه يف قطع‬
‫الطريق‪.‬‬
‫صحيح عليها‪ ,‬مثل‪:‬‬ ‫دليل‬ ‫م‬
‫ٌ‬ ‫‪ 2‬ـ ـ ـ و تنفك الوسيلة عن حكم مقصدها إن دل ٌ‬
‫إباحة أكل امليتة لدفع مفسدة املوت‪ ,‬فدفع املوت مقصد شرعي‪ ,‬وأكل امليتة ‪-‬أصالة‪ -‬حمرٌم‬
‫السنمة‪ ,‬واإلمجاع‪ ,‬لكنه أبيح لدفع مفسدة أعظم ‪-‬وهي املوت‪ ,-‬وأل من املشقة هاهنا غري‬ ‫بالكتاب‪ ,‬و ُّ‬
‫حمتملة‪.2‬‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬وتـعاونوا على ال ِّرب والتـمقوى وال تـعاونوا على اإلمث والعدوان واتـمقوا اللمه إ من اللمه شديد‬
‫العقاب ﴾ [املائدة‪.]2 :‬‬
‫و الوسائل ال ترتبط باملقاصد من حيث احلكم فقط بل ترتبط هبا من حيثيات أخرى أيضا وهي‪:‬‬
‫ـ ـ ـ من حيث السقوط‪:‬‬
‫حبيث كلما سقط اعتبار املقصد سقط اعتبار الوسيلة‪ ,‬ألن املقصد أقوى من الوسيلة‪ ,‬حيث ال عربة‬
‫بالوسيلة إذا انتفى املقصد أو ختلف‪ ,‬فالعالقة هنا طردية‪ ,‬إذا اعترب املقصد اعتربت الوسيلة ‪,‬‬
‫والعكس‪ ,‬فالذي فاتته صالة اجلمعة‪ ,‬أو اجلماعات‪ ,‬سقط عنه السعي إليها‪.3‬‬

‫‪ 1‬ـ ابن القيم اجلوزية(حممد بن سعد مشس الدين)‪ :,‬التفسري القيم‪ ,‬حتقيق‪:‬الشيخ إبراهيم رمضان ‪,‬ط‪,1‬سنة‪1989‬م ـ ـ ‪1410‬ه‪,‬‬
‫دار ومكتبة اهلالل ـ ـ بريوت‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪.107‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ املوقع اإلليكرتوين‪ www.sahab.net , :‬يوم ‪, 2013-03-16‬على الساعة ‪19:57‬‬
‫‪3‬ـ ـ ـ عمر بن صاحل بن عمر‪ :‬مقاصد الشريعة اإلسالمية عند العز بن عبد السالم‪,‬ط‪,1‬سنة‪2003‬م‪1423-‬ه‪,‬دار النفائس ـ ـ‬
‫األردن‪ ,‬ص‪.282‬‬
‫‪32‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫يستثىن من هذا أن الناسك الذي ال شعر له‪ ,‬جيب عليه إمرار املوسى على رأسه‪ ,‬مثله مثل الذي له‬
‫شعر‪ ,‬والبديهي أن إمرار املوسى على الرأس لنزع الشعر‪ ,‬إالم أن الوسيلة مل تسقط يف هذه احلالة‪.1‬‬
‫ـ ـ من حيث الرتب‪:‬‬
‫فالوسيلة إىل أفضل املقاصد هي أفضل الوسائل‪ ,‬والوسيلة إىل أرذل املقاصد هي أرذل الوسائل‪,‬‬
‫وترتتب الوسائل برتتب املصاحل واملفاسد‪ ,2‬وتفاوت مراتب الوسائل بتفاوت مراتب املقاصد‪ ,‬مثل‬
‫ذلك النهي عن املنكر وسيلة إىل دفع وسيلة ذلك املنكر‪ ,‬فالنهي عن الكفر باهلل‪ ,‬أفضل من كل‬
‫هني يف باب النهي عن املنكر‪....‬‬
‫ـ ـ ـ من حيث الثواب‪:‬‬
‫فكلما قويت الوسيلة يف األداء إىل املصلحة عظم أجرها‪ ,‬وكلما قويت الوسيلة يف األداء إىل املفسدة‪,‬‬
‫‪3‬‬
‫عظم إمثها‪.‬‬
‫ثانيا‪:‬أصل القاعدة‬
‫يتحدث األصوليون عن هذه القاعدة بشكل أخص حتت مسالة "ما ال يتم املأمور إال به‪,‬أو‬
‫ماال يتم الواجب إال به"‪,‬هل هو مأمور به أوال‪.4‬وبشكل أخص يتحدثون عنها حتت مسألة"سد‬
‫الذرائع"‬

‫اإلمام الشافعي الذي يعترب أول من صرح مبعىن هذه القاعدة قال أن ‪":‬الذرائع إىل احلالل واحلرام‬
‫تشبه معاين احلالل واحلرام"‪.5‬‬

‫‪1‬ـ ـ ـ القرايف‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪.64‬‬


‫‪2‬ـ ـ ابن عبد السالم(أبو حممد عز الدين عبد العزيز)‪ :‬قواعد األحكام يف مصاحل األنام‪ ,‬ط‪ ,1‬سنة‪1999‬م‪1420-‬ه‪ ,‬دار‬
‫الكتب العلمية ـ ـ بريوت‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪.39‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ عمر بن صاحل بن عمر‪:‬املرجع السابق‪ ,‬ص‪.287‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ حممد سعد بن أمحد بن مسعود‪:‬املرجع السابق ‪,‬ص ‪.458‬‬
‫‪5‬ـ ـ ـ مصطفى بن كرامة اهلل خمدوم‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.223‬‬
‫‪33‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫ولقد عرب عنها اإلمام العز بن عبد السالم بقوله‪":‬للوسائل أحكام املقاصد" يف كتابه قواعد األحكام‬
‫يف مصاحل األنام‪.1‬‬

‫قال اإلمام القرايف ‪":‬حكمها حكم ما أفضت إليه"‪,2‬يعين بذالك أن للوسائل حكم ما تفضي إليه‪.‬‬

‫وهكذا سار تداوهلا بني العلماء بعبارهتا الصرحية ‪",‬الوسائل هلا أحكام املقاصد "‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إسقاط قاعدة الوسائل لها أحكام المقاصد على القتل الرحيم‬

‫عند إسقاط القاعدة على القتل الرحيم ‪,‬يتوجب علينا حتديد كل من الوسيلة واملقصد يف‬
‫عملية القتل الرحيم‪.‬‬

‫يف هذه احلالة الوسيلة هي‪ :‬القتل ‪,‬والقصد هو ‪:‬الرمحة أو الشفقة على املريض‪,‬للتخلص من آآلمه‪,‬‬
‫وحسب القاعدة (الوسيلة هلا حكم املقصد) جند أن حكم املقاصد مشروع والذي هو الرمحة أو‬
‫الشفقة على املريض‪.‬و عليه جير حكم املقصد إىل الوسيلة‪ ,‬فتصبح الوسيلة مشروعة واملتمثلة يف‬
‫القتل‪ ,‬إالم أن الوسيلة يف هذه احلالة ممنوعة بل حمرمة‪ ,‬ودليل التحرمي نص قاطع‪ ,‬واألدلة كثرية على‬
‫ذلك منها‪:‬قوله تعاىل‪﴿ :‬ومن يـقتل مؤمنا متـع ِّمدا فجزاؤه جهنمم خالدا فيها وغضب اللمه عليه ولعنه‬
‫وأع مد له عذابا عظيما﴾ [النساء‪]93 :‬‬

‫وقوله أيضا‪﴿ :‬وال تـقتـلوا أوالدكم من إمال ٍق َنن نـرزقكم وإيماهم﴾ [األنعام‪]151 :‬‬

‫وقوله أيضا‪ ﴿ :‬وال تـقتـلوا أنـفسكم إ من اللمه كان بكم رحيما﴾ [النساء‪]29 :‬‬

‫وحىت تطبق القاعدة البد من شرعية الوسائل‪,‬فال يتوسل بالوسائل املمنوعة املنهي عنها‪ ,‬ألن خمالفة‬
‫الشرع يف باب الوسائل كمخالفته يف باب املقاصد‪.‬‬

‫يم﴾ [النور‪]63 :‬‬ ‫قال تعاىل‪﴿ :‬فـليحذر المذين خيالفون عن أمره أن تصيبـهم فتـنةٌ أو يصيبـهم عذ ٌ‬
‫اب أل ٌ‬

‫‪1‬ـ ـ ابن عبد السالم(أبو حممد عز الدين عبد العزيز)‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.39‬‬


‫‪2‬ـ ـ القرايف‪:‬املرجع السابق‪ ,‬ص‪.64‬‬
‫‪34‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫أي خيالفون أمر الرسول عليه الصالة والسالم‪ ,‬أو أمره جل شأنه ﴿أن تصيبـهم﴾بسبب هذه املخالفة‬
‫﴿فتـنةٌ﴾ عذاب‪ ,‬أو زالزل وأهوال‪ ,‬أو سلطان جائر‪.1‬‬

‫فقوله عن "أمره" عام ألن النكرة املضافة تفيد العموم‪ ,‬فيشمل أمره يف باب الوسائل‪ ,‬ويف باب‬
‫املقاصد أيضا‪.‬‬

‫قال ابن تيمية رمحه اهلل‪:‬‬

‫ليس كل سبب نال به اإلنسان حاجته يكون مشروعا بل وال مباحا وإمنا يكون مشروعا إذا‬
‫غلبت مصلحته على مفسدته مما أذن فيه الشرع‪ .‬أما إذا غلبت مفسدته فإنه ال يكون مشروعا؛ بل‬
‫حمظورا وإن حصل به بعض الفائدة‪.2.‬‬

‫رمبا يقول قائل بأن العلماء جوزوا استعمال وسائل غري مشروعة لتأدية مقاصد مشروعة‪ ,‬وهذا‬
‫ما يدخل يف باب فتح الذرائع‪ ,‬وهبذا يربر مشروعية القتل الرحيم‪ ,‬وعليه سنبني مفهوم فتح الذرائع‬
‫وضوابطها من خالل اآليت حىت يتسىن لنا معرفة ما إذا كان القتل وسيلة معتربة للوصول إىل مقصد‬
‫الرمحة‪:‬‬

‫أوال‪:‬مفهوم فتح الذرائع‪.‬‬

‫الذريعة ما كان وسيلة وطريقا إىل الشيء‪.3‬‬

‫‪1‬ـ ـ ـ حممد عبد اللطيف بن اخلطيب‪ :‬أوضح التفاسري‪ ,‬ط‪ ,6‬سنة‪1964‬م ـ ـ‪1383‬ه‪ ,‬املطبعة املصرية ومكتبتها‪ ,‬ج‪ ,1‬ص‪.434‬‬
‫‪2‬ـ ـ ـ ابن تيمية(أبو العباس أمحد بن عبد احلليم احلراين)‪:‬جمموع الفتاوى‪ ,‬بدون رقم طبعة‪,‬سنة‪1995‬م ـ ـ ‪1416‬ه ج‪,27‬‬
‫ص‪.177‬‬
‫‪3‬ـ ـ ـ ابن تيمية( أبو العباس أمحد بن عبد احلليم احلراين)‪:‬الفتاوى الكربى‪,‬ط‪ ,1‬سنة‪1987‬م ـ ـ ‪1408‬ه‪ ,‬دار الكتب العلمية‪,‬دون‬
‫بلد نشر‪,‬ج‪,6‬ص‪.172‬‬
‫‪35‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫وهذا يشمل الوسيلة بنوعيها احملمود واملذموم‪,‬أيا ما كانت طريقا ووسيلة إىل املصلحة أو املفسدة‪.1‬‬

‫واملقصود بفتح الذرائع هو العمل مبا ال بد منه للحصول على مقصد شرعي من جلب مصلحة أو‬
‫دفع مفسدة‪.2‬‬

‫ثانيا‪:‬ومن بني الضوابط املهمة اليت جيب مراعاهتا عند اللجوء إىل فتح الذرائع‪ 3‬هي‪:‬‬

‫ـ ـ ـ أن تكون الوسائل قريبة من جنس الوسائل املأذون هبا شرعا ‪.‬‬

‫ـ ـ ـ أن تكون الغاية أعظم من الوسيلة يف نظر الشارع‪,‬فال ميكن التنازل عن حمرم ملندوب‪.‬‬

‫ـ ـ أن تؤدي الوسيلة إىل الغاية قطعا أو ظنا غالبا على أقل تقدير‪ ,‬وذلك للتمييز بني املتوقع واملتوهم‪.‬‬

‫ـ ـ ـ أن يتعذر الوصول إىل تلك الغايات إال عن طريق هاته الوسيلة ألن األصل هو اختاذ الوسيلة‬
‫األسهل واألقرب إىل أمر الشارع‪.‬‬

‫وانطالقا من الضوابط فاملالحظ أن الرمحة مقصد شرعي ومطلوبة بني العباد من اهلل عز وجل‪,‬‬
‫والرسول صلى اهلل عليه وسلم حث عليها يف قوله‪:‬‬

‫«المرامحون يـرمحهم المرمحن‪ ,‬ارمحوا أهل األرض يـرمحكم من يف ال مسماء»‪.4‬‬

‫‪1‬ـ ـ ـ يوسف أمحد جممد البدوي‪:‬مقاصد الشريعة اإلسالمية عند ابن تيمية‪ ,‬بدون رقم الطبعة‪,‬سنة‪1999‬م ـ ـ‪1419‬ه‪ ,‬دار النفائس‬
‫ـ ـ األردن‪ ,‬ص‪.362‬‬
‫‪2‬ـ ـ عبد العزيز بن عبد الرمحن بن علي بن ربيعة‪:‬علم مقاصد الشارع‪ ,‬ط‪ ,1‬سنة‪2002‬م ـ ـ ‪1423‬ه‪ ,‬فهرسة مكتبة امللك فهد‬
‫الوطنية ـ ـ الرياض‪ ,‬ص‪.339‬‬
‫‪3‬ـ ـ ـ أفلح بن أمحد اخلليلي‪ :‬فتح الذرائع أدلته وضوابطه‪ ,‬أحباث املؤمتر العام الثاين والعشرون‪ ,‬اجمللس األعلى للشؤون اإلسالمية‪,‬‬
‫ص‪.106‬‬
‫‪4‬ـ ـ ـ الرتمذي(حممد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك)‪ :‬سنن الرتمذي‪ ,‬حتقيق‪:‬بشار عواد معرف‪ ,‬أبواب الرب والصلة‪,‬باب‬
‫ما جاء يف رمحة املسلمني‪,‬بدون رقم طبعة‪ ,‬سنة‪1998‬م ـ ـ ـ‪1418‬ه‪ ,‬دار الغرب اإلسالمي ـ ـ ـ بريوت‪,‬ج‪,3‬ص‪ ,388‬رقم‪.1924‬‬
‫‪36‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫‪1‬‬
‫وقال أيضا عليه الصالة والسالم‪« :‬إمنا يرحم اهلل من عباده الرمحاء»‬

‫وقال اهلل تعاىل‪ ﴿ :‬وما أرسلناك إمال رمحة للعالمني﴾ [األنبياء‪ ,]107 :‬هذا دليل على أن الرسالة اليت‬
‫جاء هبا سيد الربية كلها مبنية على الرمحة‪.‬‬

‫والوسيلة املستعملة جللب مقصد الرمحة هي القتل وبناء على الضوابط املذكورة‪ ,‬فإن القتل ليس من‬
‫جنس الوسائل املأذون هبا شرعا‪,‬بل ممنوع لذاته‪,‬وهو مفسدة عظيمة‪ ,‬ويفضي إىل ٍ‬
‫فساد آخر‪.2‬‬

‫وكيف ميكن التنازل عن حمرم ملندوب؟ واألجدر أن يكون التنازل عن حمرم لواجب ‪,‬كفداء األسرى‪,‬‬
‫ودفع املال للعدو الذي هو حمرم‪ ,‬وختليص األسرى من العدو واجب ألنه مقصد شرعي ضروري‪.‬‬

‫ال ميكن بأن جنزم بأن وسيلة القتل تؤدي إىل املقصد املرجو ألن الرمحة شيء معنوي ويتوهم حصوهلا‪,‬‬
‫فمن يدري بأن هذه الرمحة له تكون جحيما‪ ,‬وأن بالقتل يتحقق املقصد؟‬

‫فالقتل ليس األسلوب الوحيد الذي تتحقق به الرمحة للمريض وإمنا هناك عدة سبل كتخفيف األمل‬
‫مبسكنات طبية‪ ,‬الدعاء‪ ,‬حثه على الصرب‪ ,‬رفع معنوياته‪......‬‬

‫وهل اإلنسان أرحم بأخيه اإلنسان من اهلل عز وجل؟ كال واهلل إن اهلل أرحم من رمحة األم بولدها‪,‬‬
‫والرمحة املطلوبة قد حتصل بنوع من األمل وحدة ببعض النفوس‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ املقدسي(ضياء الدين أبو عبد اهلل حممد بن عبد الواحد)‪:‬األحاديث املختارة أو املستخرج من األحاديث املختارة مما مل خيرجه‬
‫البخاري ومسلم يف صحيحهما‪ ,‬حتقيق‪ :‬عبد املالك بن عبد اهلل بن دهيش‪,‬ط‪ ,3‬سنة‪2000‬م ـ ـ ‪1420‬ه‪,‬دار خضر ـ‬
‫بريوت‪,‬ج‪,13‬ص‪.191‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ أبو سالم(مصطفى بن حممد بن سالمة)‪:‬التأسيس يف أصول الفقه على ضوء الكتاب والسنة‪ ,‬بدون رقم وبدون سنة الطبع‪,‬‬
‫مكتبة احلرمني للعلوم النافعة ‪,‬ص‪.451‬‬
‫‪37‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫حيث ورد يف األثر‪( :‬إذا قالوا للمريض اللهم ارمحه‪ ,‬يقول اهلل عز وجل‪ :‬كيف أرمحه من شيء به‬
‫أرمحه)‪.1‬‬

‫وبناء على ما تقدم ال ميكن أن نربر اختاذ القتل كوسيلة للوصول إىل مقصد الرمحة ألنه‬
‫سيؤدي إىل فوات مصلحة عظمى أال وهي حفظ النفس‪ ,‬يف مقابل جلب مصلحة حمتمل وقوعها‪.‬‬

‫وكخالصة هلذا الفصل يتبني أن القتل والرمحة مصطلحان متناقضان‪ ,‬وجند أن الغربيني اختذوا‬
‫قاعدة الغاية تربر الوسيلة كأساس فلسفي للقتل الرحيم انطالقا من نظرهتم املادية للحياة‪ ,‬وكنظري هلذه‬
‫القاعدة يف الشريعة اإلسالمية‪ ,‬جند قاعدة الوسائل هلا أحكام املقاصد‪ ,‬إال أهنا ليست على اطالقها‬
‫إذ البد من شرعية الوسائل املوصلة للمقصد‪ .‬هذا يف ما خيص مفهوم القتل الرحيم وأساسه الفلسفي‪,‬‬
‫أما فيما خيص حكم القتل الرحيم وصوره‪,‬فسنبينه يف الفصل املوايل‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ ابن تيمية( أبو العباس أمحد بن عبد احلليم احلراين )‪:‬االستقامة‪ ,‬ط‪ ,1‬سنة‪1403‬ه‪ ,‬دار جامعة الغمام حممد بن سعود ـ‬
‫املدينة املنورة‪,‬ج‪ ,1‬ص‪.440‬‬
‫‪38‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫الفصل الثاني‪ :‬حكم القتل الرحيم وصوره‪.‬‬


‫المبحث األول‪ :‬القتل الرحيم بين اإلقرار والتجريم‪.‬‬

‫المبحث الثاني‪ :‬صور القتل الرحيم وأحكامها‪.‬‬

‫‪39‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫إن انتشار ظاهرة القتل الرحيم بني األوساط البشرية‪ ,‬تعد عامل ملفت لالنتباه ‪,‬خصوصا من‬
‫طرف رجال القانون‪ ,‬وعلماء الشريعة اإلسالمية‪.‬‬

‫فمنهم من يعترب هذا الفعل حق من حقوق اإلنسان‪ ,‬ويسميه احلق يف املوت‪ ,‬فاإلنسان ميلكه كما‬
‫ميلك احلق يف احلياة‪ ,‬ومن مث يقر به‪.‬‬

‫ومنهم من يعتربه انتهاكا ألمسى حق من حقوق اإلنسان‪ ,‬وهو احلق يف احلياة‪ ,‬كما مل يفرقوا بني‬
‫القتل الرحيم و القتل العمد‪,‬لذلك جرم وأدين مرتكبه‪.‬‬

‫وكما برز عن انتشار القتل الرحيم ظهور عدة صور وأساليب ختتلف باختالف حالة الشخص‬
‫اخلاضع هلذه العملية‪.‬‬

‫وهذا كله سنحاول توضيحه أكثر من خالل املبحثني اآلتيني‪:‬‬

‫املبحث األول‪:‬القتل الرحيم بني اإلقرار والتجرمي‪.‬‬

‫املبحث الثاين‪ :‬صور القتل الرحيم وأحكامها‪.‬‬

‫‪40‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫المبحث االول‪ :‬القتل الرحيم بين اإلقرار والتجريم‪.‬‬


‫المطلب األول‪:‬إقرار القتل الرحيم‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬تجريم القتل الرحيم‪.‬‬

‫‪41‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫تمهيد‪:‬‬

‫اختلفت النصوص الدولية والقوانني الداخلية‪ ,‬منها قوانني الدول الغربية وقوانني الدول العربية‬
‫ومقر ‪,‬كل على حسب األدلة اليت بـىن عليها موقفه‪ ,‬كما‬ ‫جمرم ٍّ‬‫يف بيان موقفها من القتل الرحيم‪ ,‬بني ِّ‬
‫أن علماء اإلسالم مل يقفوا مكتويف األيدي بل اجتهدوا وبينوا وجهة نظر اإلسالم يف هذه املسألة‪,‬‬
‫واليت كانت جترمي هذا الفعل جترميا قاطعا‪ ,‬هذا ما سنتعرف عليه أكثر من خالل املطلبني التاليني ‪:‬‬

‫املطلب األول ‪:‬إقرار القتل الرحيم‪.‬‬

‫املطلب الثاين ‪:‬جترمي القتل الرحيم‪.‬‬

‫المطلب األول‪ :‬إقرار القتل الرحيم‪.‬‬

‫ذهبت بعض القوانني الغربية إىل إقرار القتل الرحيم‪ ,‬وذلك من خالل إصدار قانون خاص‬
‫يشرعه‪ ,‬ومن بني هذه القوانني‪ :‬القانون اهلولندي‪ ,‬القانون البلجيكي‪ ,‬والقانون الربيطاين‪ ,‬وهذا ما‬
‫سنوضحه من خالل الفروع اآلتية‪:‬‬

‫الفرع األول‪ :‬إقرار القتل الرحيم في القانون الهولندي‪.‬‬

‫تعد دولة هولندا من بني الدول اليت أقرت القتل الرحيم‪ ,‬وذلك بإصدار قانون جييز القتل‬
‫الرحيم‪ ,‬مبوجب قرار صادر عن جملس النواب وجملس الشيوخ بتاريخ ‪10‬أفريل‪2001‬م‪ ,‬حيث نص‬
‫القانون على شروط خاصة بالقتل الرحيم ومن أمهها‪:‬‬

‫ـ ـ أن يعاين املريض من اآلم مربحة وال حتتمل‪ ,‬و أن يطلب إهناء حياته بنفسه‪ ,‬مع ضرورة خضوع‬
‫األطباء إلشراف جلان إقليمية مؤلفة من قضاة وأطباء مكلفة بالسهر على احرتام الشروط والتأكد من‬
‫‪1‬‬
‫توافرها‪.‬‬

‫‪1‬ـ ـ املوقع اإلليكرتوين‪www.sabayamagmazine.com:‬بتاريخ‪,2013/04/12:‬الساعة‪.10:36:‬‬


‫‪42‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫إضافة للشروط أنه جيب اختاذ قرار التخلص من حياة املريض بالتنسيق مع األهل بالنسبة للشباب بني‬
‫(‪16‬و‪18‬سنة) أما بني ‪12‬و‪16‬سنة فيجب احلصول على موافقة األهل‪.‬‬

‫ودخل هذا القانون حيز التنفيذ بتاريخ ‪1‬أفريل ‪2002‬م لتصبح هولندا أول بلد يف العامل يشرع محاية‬
‫قانونية ملمارسي القتل الرحيم‪ ,‬دون التعرض ملالحقات قانونية شريطة توفر الشروط السابقة الذكر‬
‫وإال سيصبح الطبيب معرض للمساءلة القانونية‪.‬‬

‫و أثري مؤخرا جدال كبريا حول مسألة معرفة ما إذا كان ميكن اعتبار السأم من احلياة معاناة ال حتتمل‪,‬‬
‫ألن القانون مل يوضح املقصود من األمل غري احملتمل‪ ,‬ويف ‪6‬ديسمرب‪2001‬م حسمت حمكمة‬
‫استئناف أمسرتدام يف القضية‪,‬حيث اعتربت الطبيب الذي مارس القتل الرحيم على شخص سئم من‬
‫حياته أنه مذنبا‪ ,‬ألنه مل يتقيد مبعايري التشريعات املوجودة يف سنة ‪1997‬م‪ ,‬وهو التاريخ الذي بدأت‬
‫السلطات معه تتسامح مع القتل الرحيم يف هولندا‪,‬حيث يف عام‪ 2000‬م حصل ‪ 2123‬شخص‬
‫‪1‬‬
‫مريض بالسرطان على تصريح بالقتل الرحيم‪.‬‬

‫وكنموذج على إجازة القتل الرحيم‪ ,‬فقد عرضت قضية على القضاء اهلولندي يف عام‪1983‬م‬
‫وتتلخص حيثياهتا يف قيام طبيب بسلب حياة مريضه بناء على طلبه‪,‬وذلك بإعطائه حقنة مميتة‪ ,‬وبعد‬
‫النظر يف القضية حكمت احملكمة برباءة الطبيب من هتمة القتل‪ ,‬إال أنه ألغي من طرف حمكمة‬
‫االستئناف‪ ,‬وبقيت القضية تدور بني إدانة الطبيب وبراءته‪ ,‬إىل أن استقر احلكم برباءته بعدما أحيلت‬
‫القضية إىل حمكمة استئناف الهاي سنة ‪1986‬م‪ ,‬حيث أصدرت حكم بعدم وجود وجه إلقامة‬
‫الدعوى‪ ,‬العتبارها بأن القتل بدافع الشفقة مربرا كافيا للقتل‪ ,‬ومنذ ذلك احلني أصبحت عملية‬
‫االنتحار مبساعدة األطباء شيء متاح يف هولندا‪ ,2‬وتبقى خاضعة للشروط اليت نص عليها القانون‬
‫اهلولندي‪.‬‬

‫‪1‬ـ ـ املوقع اإلليكرتوين‪,www.damldubai.com:‬بتاريخ‪,2013/04/12:‬الساعة‪.10:54:‬‬


‫‪ 2‬ـ ـ السيد عتيق‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪129‬ـ ـ‪.131‬‬

‫‪43‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫وهكذا إىل أن وصل احلد يف هولندا من جراء اقتناعها التام بالقتل الرحيم‪,‬إىل وضع مستشفيات‬
‫خاصة هبذا النوع من القتل‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪ :‬إقرار القتل الرحيم في القانون البلجيكي‪.‬‬

‫تعترب دولة بلجيكا من الدول اليت أقرت القتل الرحيم إىل جانب هولندا‪ ,‬حيث يف عام‬
‫‪2002‬م قننت بلجيكا قانونا للقتل الرحيم‪.1‬‬

‫ويف نوفمرب‪2008‬م أدخل جملس الشيوخ تعديالت على هذا القانون بأن أتاح للمرضى الذين يعانون‬
‫من األآلم اليت ال شفاء منها‪ ,‬ويتوقع أال تطول أعمارهم ألكثر من ستة أشهر‪ ,‬توقيع وثيقة أمام‬
‫الشهود ووقف العالج حىت يستطيعوا املوت باختيارهم‪.2‬‬

‫وجتدر اإلشارة إىل أنه نوقش حديثا يف ‪ 6‬مارس‪2013‬م املوافق ‪ 24‬ربيع الثاين ‪1434‬ه من طرف‬
‫جملس الشيوخ البلجيكي موضوع حق اختيار إهناء احلياة للمرضى‪ ,‬حىت للذين هم دون الثامنة عشر‪,‬‬
‫واستمع اجمللس إىل آراء وشهادات أخصائيني طبيني‪ ,‬وقال بعضهم بأن القاعدة تفرض يف األساس‬
‫عمل ما ميكن لشفاء املرضى‪ ,‬ولكن عند الضرورة مننحهم حق املوت بكرامة‪.‬‬

‫وقد طرح عضو جملس الشيوخ البلجيكي "فليب ماهوه" هذا املوضوع للنقاش هبدف تعميم قانون‬
‫القتل الرحيم للقاصرين‪ ,‬فعندما متت مناقشة القانون أشار يف مناقشة أخرى إىل وجود أطفال‬
‫ومراهقني يشرفون على املوت‪ ,‬ويعانون من أوضاع صحية صعبة مثل البالغني‪ ,‬وهم واعني ملصيبتهم‬
‫كالكبار لذا جيب مراعاة إرادهتم وحقهم يف اختيار إهناء حياهتم‪.3‬‬

‫ومنذ ذلك احلني فإن عدد الذين يستعملون حق اختيار إهناء حياهتم يف ازدياد‪ ,‬وجتاوز يف عام‬
‫‪2011‬م ألفا ومئة شخص‪ ,‬كان معظمهم يعاين من مرض‬

‫‪ 1‬ـ ـ املوقع اإلليكرتوين‪.www.arabic.bayynat.org :‬بتاريخ ‪2013/04/12‬م‪,‬الساعة‪.10:48:‬‬


‫‪ 2‬ـ ـ املوقع اإلليكرتوين‪ . www.ahmadbarak.com:‬تاريخ ‪2013/04/12‬م‪,‬الساعة‪.11:03:‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ املوقع اإلليكرتوين‪ .www.arabic.bayynat.org:‬تاريخ ‪2013/04/12‬م‪,‬الساعة‪.10:48:‬‬
‫‪44‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫السرطان‪.1‬‬

‫ومن أهم القضايا اليت عرضت على القضاء البلجيكي خبصوص هذا الشأن‪ ,‬هي قضية‬
‫لينج(‪ )liege‬سنة ‪1962‬م‪ ,‬ويتلخص موضوعها يف أن ٍأم رزقت بطفل مشوه اخللقة‪ ,‬متأثرا مبا‬
‫تتعاطاه أمه من أدوية مهدئة لألعصاب أثناء احلمل‪ ,‬فقتله بالسم وذلك باتفاق مع الطبيب‪ ,‬رمحة‬
‫املروعة اليت سيتعرض هلا يف حياته‪ ,‬وأحيلت القضية على احملكمة املختصة‪ ,‬حيث‬
‫بطفلها من اآلالم ِّ‬
‫حكمت احملكمة برباءة األم والطبيب‪.2‬وهذا بالرغم من أن األسباب اليت بين عليها احلكم مل تكن‬
‫موافقة للقانون البلجيكي الذي كان يعاقب على القتل أيا كان الباعث‪.3‬‬

‫الفرع الثالث‪ :‬إقرار القتل الرحيم في القانون البريطاني‪.‬‬

‫أعلن جملس اللوردات يف إجنلرتا بتاريخ ‪04‬فيفري ‪1993‬م بأنه مل يعد هناك شيء حيول دون‬
‫أن ميوت الفرد ميتة هادئة‪ ,‬وكان ذلك مبناسبة قضية السيد ‪Tony Rand‬وهو رجل كان يعيش‬
‫يف غيبوبة دائمة منذ عدة سنوات بطرق صناعية‪ ,‬ومل يره القضاة سوى ميت على قيد احلياة‪ ,‬حيث‬
‫أوقف األطباء أجهزة اإلنعاش‪,‬وحكمت احملكمة برباءهتم وقالت هذا العمل ال ميكن تشبيهه بعمل‬
‫يتسبب يف الوفاة‪ ,‬وأيد هذا الرأي اجلمعية الربيطانية واليت قالت‪:‬أن بعض املرضى هلم احلق يف املوت‬
‫بسالم‪.4‬‬

‫وضع القانون اإلجنليزي شروطا خاصة بالقتل الرحيم جيب توافرها يف كل من الطبيب الذي يقوم‬
‫بالقتل واملريض الذي يعاين من األمل احلاد ‪,‬والتصريح الصادر من املريض‪ ,‬وهي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ أن يكون قتل الرمحة على يد طبيب مؤمهال علميا‪ ,‬ومس مجال يف نقابة األطباء·‬
‫‪ 2‬ـ أن يكون املريض عاقال بالغا سن الرشد القانوين‪ ,‬وهو ‪21‬سنة فما فوق‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ املوقع نفسه‪.‬‬


‫‪2‬ـ ـ السيد عتيق‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.128‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ املوقع اإلليكرتوين‪ ,www.arabic.bayynat.org:‬تاريخ ‪2013/04/12‬م‪,‬الساعة‪.10:48:‬‬
‫‪4‬ـ ـ السيد عتيق‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪60‬ـ ـ‪,61‬‬
‫‪45‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫‪ 3‬ـ ـ أن يكون املرض عضاال ال يرجى شفاؤه‪ ,‬ويسبب آالما مربحة للمريض·‬
‫‪ 4‬ـ ـ تقدمي املريض موافقة خطية على إهناء حياته‪ ,‬مصادق عليها من طرف أشخاص معنيني وهم‬
‫األطباء واملمرضني يف نفس املستشفى الذي يقيم به املريض‪ ,‬ويصبح التصريح نافذا بعد مرور ثالثني‬
‫يوما من إعالنه إال إذا رجع املريض عن رأيه ‪.‬‬

‫‪ 5‬ـ ـ جيب أن حيقن املريض باملخدر حىت يظل يف غيبوبة تامة‪ ,‬لكي ال يشعر باألمل الذي يقاسيه من‬
‫املرض قبل أن ينفذ عليه القتل‪.‬‬

‫وعليه عند توفر كل هذه الشروط يعترب القتل قتال رمحيا‪ ,‬وهذا هو الرأي الذي أخذ به القانون‬
‫اإلجنليزي يف إقراره للقتل الرحيم‪ ,‬بناء على طلب ورضا املريض‪.1‬وبعد عرض مناذج من القوانني اليت‬
‫تقر القتل الرحيم‪ ,‬نذكر أهم األدلة اليت اسند إليها املؤيدون للقتل الرحيم وهي‪:‬‬

‫أوال) مصلحة المريض‪.‬يرى البعض أن اللجوء إىل القتل الرحيم هو يف مصلحة املريض الذي‬
‫يعاين من األآلم اجلسـدية والنفسية اليت ال يطيق حتملها‪ ,‬وهو أمر شخصي خيص الفرد نفسه دون‬
‫غريه‪ ,‬وميكن له أن يطلب إيقاع القتل مبوجب سلطانه على ذاته ورضاه بوقوع اجلرمية عليه‪ ,‬بدليل‪:‬‬

‫حر يف تقرير مصريه‪ ,‬وله احلق يف التصرف جبسده‬‫‪ 1‬ـ حرية التقرير الذايت‪:‬يرى هؤالء بأن اإلنسان ٌّ‬
‫كيف يشاء‪ .‬ويؤكدون بأن القتل الرحيم هو نوع من املساعدة على االنتحار املشروع والذي ال‬
‫تعاقب عليه القوانني الوضعية‪ .‬ولذا ينصحون بأن يكتب املريض وصية للتصرف حبياته عند دخوله‬
‫املستشفى للمعاجلة وهو ال يزال يف كامل وعيه وقدرته على التصرف‪ ,‬فإذا ما تعرض ملرض ميؤوس‬
‫من شفائه فريى أن على الطبيب املعاجل أن يتوقف عن عالجه وأن ال حياول اإلبقاء على حياته بأي‬
‫مثن‪.2‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ حممد علي صبحي‪:‬رضا اجملين عليه وأثره على املسؤولية اجلنائية‪,‬بدون رقم طبعة‪,‬سنة‪1983‬م‪,‬ديوان املطبوعات اجلامعية ـ ـ ـ‬
‫اجلزائر‪ ,‬ص‪.136‬‬
‫‪ 2‬ـ عبد احلق محيش‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.279‬‬
‫‪46‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫‪ 2‬ـ احلقوق الذاتية ‪:‬يرى املؤيدون أن للمريض حقوقا ذاتية جيب احرتامها وتتلخص فيما يلي‪:‬‬

‫‪ -‬طاملا أن املوت أمر حمتوم ومقدر لكل إنسان‪ ,‬فلإلنسـان الذي يتعرض آلالم طويلة‪ ,‬احلـق إذن يف‬
‫أن حيـيا أو أن ميـوت بالصورة الكرمية اليت يتمناها‪.‬‬

‫‪ -‬وبناء على ذلك فله احلق يف أن يقتل إذا طلب ذلك‪ ,1‬فهم يقولون بأن اإلنسان ميلك‬
‫حياته ومن حقه إهنائها وقت ما شاء وبالطريقة اليت يراها تناسبه‪ ,‬ويدمعون بأن حرمانه من‬
‫هذا احلق‪ ,‬انتهاك حلق من حقوق اإلنسان املقررة‪.2‬‬

‫‪3‬ـ الرمحة والشفقة باملريض‪:‬يرى املؤيدون بأن من شأن القتل الرحيم أن يريح املريض وخيلصه من‬
‫املعاناة والعذاب و األآلم اليت ال يطيق الصرب عليها‪.3‬وعند اإلحساس بأمل اآلخر ومعاناته وحتقيق‬
‫رغبته يف املوت‪ ,‬يربر العطف على املريض‪.4‬‬

‫‪4‬ـ نوعية احلياة‪:‬‬

‫تقاس قيمة احلياة مبنظور املؤيدين للقتل الرحيم مبا ميكن أن يساهم اإلنسان يف اجملتمع من‬
‫إنتاج وإبداع‪ ,‬فإذا ما أصبحت احلياة تعتمد على الغري يف قضاء احلوائج وأن يصبح اإلنسان كتلة‬
‫حلمية ال نفع هلا‪ ,‬حينئذ تتساوى احلياة مع املوت ‪,‬‬

‫بل إن املوت أوىل‪.5‬‬

‫‪ 1‬ـ حممد اهلواري‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.06‬‬


‫‪ 2‬ـ حلمي عبد الرزاق احلديدي‪:‬قضية القتل الرحيم‪ ,‬أحباث ووقائع العام الثاين والعشرين‪ ,‬اجمللس األعلى للشؤون اإلسالمية‪,‬‬
‫ص‪.04‬‬
‫‪ 3‬ـ عبد احلق محيش ‪ :‬املرجع السابق ‪,‬ص ‪.279‬‬
‫‪ 4‬ـ عبد احلميد الشواريب‪:‬مسؤولية األطباء والصيادلة‪ ,‬ط‪,2‬سنة‪2000‬م دار املعارف ـ اإلسكندرية‪,‬ص‪.266‬‬
‫‪ 5‬ـ حممد اهلواري‪ :‬املرجع السبق‪,‬ص‪.07‬‬
‫‪47‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫ثانيا‪:‬مصلحة اآلخرين (األقارب‪ ،‬األصدقاء‪ ،‬والمجتمع العام)‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ الرمحة والشفقة‪:‬‬

‫إذا خففنا اآلالم اجلسمية عن املريض امليؤوس من شفائه‪ ,‬فإن آالمه النفسية مستمرة لشعوره بأنه‬
‫عبءٌ ثقيل على سواه ممن يتولون رعايته من أقارب وأصدقاء‪,‬فهم يعانون نتيجة معاناة املريض‪,‬والقتل‬
‫الرحيم يضع حد هلذه املعاناة رمحة هبم‪ .1‬ومن هنا نالحظ االنتقال من الرمحة باملريض إىل الرمحة‬
‫بأقاربه‪ ,‬وأصدقائه‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ـ العامل االقتصادي‪:‬‬

‫وال شك أن وراء كل هذه احلجج واألسباب عامال يظللها مجيعا بظله‪ ,‬سواء ذكر صراحة‪ ,‬أومل يذكر‪,‬‬
‫وهو التكاليف املادية واألعباء االقتصادية اليت تتحملها األسرة أو اجملتمع‪.‬‬

‫ويف التخلص من املرضى امليؤوس من شفائهم توفري مادي على اجملتمع والدولة والعائلة‪ ,‬فهو يوفر‬
‫الكثري من األموال‪ ,‬واألجهزة اليت ميكن اإلستفاد منها يف عالج من هم يف أمس احلاجة إليها‪.2‬‬

‫وهو بدوره يقضي على الشيخوخة اليت هي يف تزايد مستمر بني الشعوب واليت تكلف اجملتمع الكثري‪,‬‬
‫فهذا املوت هو حل للمشاكل االقتصادية واملالية‪,‬وهو خري وسيلة خللق جمتمع راق ومثايل‪.3‬‬

‫‪3‬ـ ـ منطق العقوبة‪:‬يقول املؤيدون للقتل الرحيم بأنه من الواجب أن يتخلص اجملتمع من العناصر‬
‫الطفيلية والضارة يف اجملتمع‪ ,‬فمرضـى اإليدز مثال ِّ‬
‫يشكلون خطرا كبريا على اجملتمع يف إمكانية نشرهم‬
‫هلذا الوباء إضافة إىل حتمل اجملتمع نفقات معاجلتهم الباهظة‬

‫‪ 1‬ـ عبد احلق محيش‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.280‬‬


‫‪2‬ـ حلمي عبد الرزاق‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.04‬‬
‫‪ 3‬ـ السيد عتيق‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.94‬‬
‫‪48‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫واليت ال نفع يرجى منها حىت اليوم‪.1‬‬

‫أمس احلاجة إليها‪,‬‬


‫‪ 4‬ـ القتل بدافع الشفقة له فائدة كبرية يف زراعة األعضاء للمرضى الذين هم يف ِّ‬
‫حيث قال كريستان برنارد زارع أول قلب يف جنوب إفريقيا أن من يقوم بعالج من يستعجل ساعة‬
‫املوت يعد معارضا لإلرادة اإلهلية‪.2‬‬

‫ويستدلون كذلك بأن‪ :‬ـ ـ القتل الرحيم قريب الشبه باالنتحار والقانون ال يعاقب عليه‪,‬فمثال هذه‬
‫اجلرائم ال تضر بأحد غري اجلاين‪ ,‬ويطلق عليها البعض جرائم بدون جمين عليه‪ ,‬وال فرق بني من يقتل‬
‫نفسه بيده أو بطلب من آخر‪ ,‬وبني من يقوم هبذا بطلب املريض ورفقا به‪.3‬ـ ـ القتل الرحيم له‬
‫مربر‪,‬وهو اإلكراه والضغط الذي ميارسه املريض على طبيبه بتوسالته‪ ,‬وهذا من قبيل اإلكراه املعنوي‬
‫والقانون ال يعاقب على اجلرمية يف هذه احلالة‪.4‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬تجريم القتل الرحيم‪.‬‬

‫سنبني يف هذا املطلب كل من التجرمي القانوين والتجرمي الشرعي اإلسالمي يف فرعني‬


‫منفصلني‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬التجريم القانوني للقتل الرحيم ‪.‬‬

‫إ من االعتداء على النفس البشرية يعد جرمية يف األصل العام‪ ,‬وينطلق هذا األصل من مبدأ‬
‫حرمة هذه احلياة وحفظها من كل اعتداء ميكن أن يقع عليها ألي سبب من األسباب‪ ,‬لذلك فإن‬
‫قتل النفس يعد من أبشع اجلرائم املرتكبة‪ .‬وقد كفلت املواثيق و اإلعالنات الدولية احلق يف احلياة‪,‬‬

‫‪ 1‬ـ حممد اهلواري‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.07‬‬


‫‪ 2‬ـ حممود ابراهيم حممد مرسي‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.261‬‬
‫‪ 3‬ـ السيد عتيق‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.93‬‬
‫‪ 4‬ـ عبد احلميد الشواريب‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.266‬‬
‫‪49‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫وهو من أهم احلقوق املرتبطة باإلنسان‪ ,‬وتظهر مكانته من خالل املواثيق والنصوص الدولية‪ ,‬ومن‬
‫أمهها ما يلي‪:‬‬

‫ـ ـ اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان ‪ (:‬لكل فرد احلق يف احلياة وسالمة شخصه )‪.1‬‬

‫ـ ـ العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية‪ ( :‬لكل إنسان احلق الطبيعي يف احلياة‪ ,‬وال جيوز حرمان أي‬
‫فرد من حياته بشكل تعسفي )‪.2‬‬

‫ـ ـ اإلتفاقية األوربية للحقوق اإلنسان‪ ( :‬حق كل إنسان يف احلياة حيميه القانون وال جيوز إعدام أي‬
‫إنسان عمدا إال تنفيذا حلكم قضائي )‪.3‬‬

‫والقتل الرحيم قضية حساسة جدا كوهنا متس بالكيان اجلسدي لإلنسان‪ ,‬وسلبه ألهم وأقدس‬
‫احلقوق‪ ,‬لذلك مل تغفل عنه املواثيق الدولية وال القانونية الداخلية‪ ,‬فجرمت هذا الفعل وإن كانت‬
‫بعض هذه القوانني تأخذ بالباعث لتخفيف العقوبة إال أهنا جرمته‪ ,‬وسنبني موقف هذه النصوص‬
‫القانونية كاآليت‪:‬‬

‫أوال‪:‬النصوص الدولية‪:‬‬

‫‪1‬ـ ـ إعالن فيينا ‪1983‬م‪ ,‬وإعالن مدريد ‪1987‬م‪:‬‬

‫هذين اإلعالنني صادرين عن اجلمعية الطبية العاملية‪ ,‬واليت جرمت فيهما القتل الرحيم‬
‫وأكدت على أن هدف الطبيب هو حتقيق العالج للمريض‪ ,4‬وبالتايل عليه أن يسعى جاهدا لتحقيق‬
‫هذا اهلدف‪.‬‬

‫‪ 2‬ـ ـ اإلتفاقية األوروبية حلقوق اإلنسان‪:‬‬

‫‪1‬ـ ـ املادة ‪ 03‬من اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان‪.‬‬


‫‪ 2‬ـ املادة‪06‬من العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية‪.‬‬
‫‪3‬ـ ـ الفقرة ‪ 01‬يف املادة‪ 02‬من اإلتفاقية األوروبية‪.‬‬
‫‪4‬ـ ـ السيد عتيق‪:‬املرجع السابق ‪,‬ص‪.113‬‬
‫‪50‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫تنص هذه االتفاقية على ما يلي‪(:‬حيمي القانون حق أي شخص يف احلياة‪ ,‬ال ميكن التسبب‬
‫يف وفاة شخص قصدا‪ ,‬إذ املوت املريح هو أيضا مدان بشدة)‪.1‬‬

‫أكدت هذه اإلتفاقية على أن حق احلياة حممي من أي انتهاك‪ ,‬والقانون يكفل له هذه احلماية‪,‬‬
‫واعتربت القتل الرحيم انتهاكا هلذا احلق‪,‬لذلك أدانته‪.‬‬

‫‪ 3‬ـ ـ مبدأ املؤمتر الدويل للنقابات الطبية‪:‬ما جاء يف هذا املؤمتر أن من مبادئ السلوك الطيب يف أوروبا‬
‫هو أنه‪(:‬يستوجب الطب يف مجيع الظروف االحرتام الدائم للحياة االستقاللية املعنوية‪ ,‬وحرية اختيار‬
‫املريض مع ذلك يستطيع الطبيب يف مرض ميؤوس من شفائه أن يكتفي مبعاجلة اآلالم البدنية واإلبقاء‬
‫قدر املستطاع على نوعية حياة على شكل االنتهاء)‪.2‬‬

‫ثانيا‪:‬القوانين الداخلية ‪:‬سنكتفي يف هذه اجلزئية بذكر بعض النماذج من القوانني الغربية‪,‬ومناذج‬
‫أخرى من القوانني العربية‪.‬‬

‫‪1‬ـ ـ القوانين الغربية‪:‬ظهر يف أمريكا ما يعرف "بوصية احلياة"أي مشيئة احلياة والوصية البيولوجية‪,‬‬
‫وهي وثيقة يكتبها املرضى وهم يف كامل قواهم العقلية؛ و هبا يعطون تعليمات للطبيب عندما‬
‫يصبحون غري قادرين على التعبري عن إرادهتم هبدف منع إنعاش أو عالج غري نافع عند فقدان األمل‬
‫بالشفاء‪,‬؛كما ظهر كذلك ما يسمى بتفويض السلطة للغري اليت معناها السماح لوكيل باختاذ‬
‫القرارات الصحية اليت تطرأ على الشخص املفوض عندما يكون غري قادر عن التعبري عن إرادته‪ ,‬وقد‬
‫أخذت معظم الواليات املتحدة األمريكية إما بوصية احلياة أو بتفويض السلطة‪3.‬منها والية‬
‫كاليفورنيا‪ ,‬حيث يف تاريخ ‪ 30‬سبتمرب‪1976‬م أصدرت والية كاليفورنيا قانون مماثل لوصية‬

‫‪ 1‬ـ املادة ‪ 02‬من االتفاقية األوروبية حلقوق اإلنسان‪.‬‬


‫‪ 2‬ـ املادة ‪ 02‬مبادئ السلوك الطيب يف أوروبا‪,‬الصادر عن املؤمتر الدويل للنقابات‪.‬‬
‫‪ 3‬ـ السيد عتيق‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪66‬ـ ـ‪.67‬‬
‫‪51‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫احلياة‪,‬حيث نص صراحة يف املادة األوىل على‪ (:‬أنه من حق املريض االمتناع عن العالج وحقه يف‬
‫رفض استخدام أي وسيلة طبية أو جراحية من شأهنا إطالة حياته الصناعية)‪.1‬‬

‫إال أنه مؤخرا ويف سنة ‪1996‬م رفضت احملكمة العليا كل احلقوق الدستورية للمريض امليؤوس‬
‫من شفائه‪ ,‬خاصة حق االنتحار حتت إشراف طيب‪ ,‬وذلك نظرا لتضارب أحكام احملاكم األمريكية‪,‬‬
‫وسكوت القوانني‪ ,‬وعدم كفايتها إلزالة الغموض واإلهبام‪ ,‬وأهم قرار اختذته احملكمة العليا هو فتح‬
‫باب النقاش يف قوانني البالد حول القتل الرحيم أمام رجال القانون‪,2‬والذين يرون أن الظروف املخففة‬
‫يف القانون واليت تعطي القاضي احلق يف ختفيف العقوبة كافية ملعاجلة حاالت قتل الرمحة دون النص‬
‫عليها بقانون خاص ألن ذلك يصبح ذريعة الرتكاب جرائم قتل بشعة حبجة قتل الرمحة‪.3‬‬

‫أما القانون الفرنسي فهو بدوره جمرم هذا الفعل‪ ,‬لكونه مل يفرق بني القتل الرحيم و أنواع‬
‫القتل األخرى‪ ,‬وترك السلطة التقديرية للقاضي‪ ,‬إذ يأخذ بالظروف املخففة ويعتربها عند إصدار‬
‫احلكم‪ .4‬وكما عقدت عدة ندوات وحماضرات يف فرنسا هبذا الشأن‪ ,‬وأكدت على جترمي القتل الرحيم‬
‫مهما كان الباعث من ورائه‪ ,‬وأيضا جند أن قانون مهنه األطباء بفرنسا أثناء معاجلته لواجبات األطباء‬
‫جتاه املرضى قد منع قتل املرضى امليؤوس من شفائهم‪ .5‬ومبوجب املرسوم رقم‪95‬ـ ـ ـ‪ 1000‬املؤرخ يف‬
‫‪6‬سبتمرب‪1995‬م‪,‬رفض املشرع الفرنسي القتل الرحيم‪.6‬‬

‫ويرد املعارضون للقتل الرحيم على املؤيدون له بـما يلي‪:‬‬

‫‪ 1‬ـ حممود إبراهيم مرسي‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.291‬‬


‫‪2‬ـ ـ حممود إبراهيم حممد مرسي‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.292‬‬
‫‪3‬ـ ـ حممد علي البار‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.73‬‬
‫‪4‬ـ ـ حممد علي البار املرجع نفسه‪,‬ص‪.72‬‬
‫‪ 5‬ـ ـ حممد صبحي جنم‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.137‬‬
‫‪ 6‬ـ ـ سيدهم خمتار‪:‬املسؤولية اجلزائية للطبيب يف ظل التشريع اجلزائري‪,‬امللتقى الدويل حول األخطاء الطبية باجلزائر‪,‬يف‬
‫‪.2010/04/12‬‬
‫‪52‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫ـ ـ أن الذاتية واحلرية الشخصية ال تتحقق يف كثري من األحيان بسبب املرض ذاته‪,‬كونه هو الدافع‬
‫لذلك‪ ,‬أو بسبب فقدان الوعي‪,‬أو ضغوط خارجية‪.‬ـ ـ ـ أن خالص املريض من أآلمه رمحة وشفقة به‪,‬‬
‫أمر غري صحيح‪ ,‬ألنه أثبت أنه ميكن ختفيف األمل إىل حد معقول‪ ,‬بواسطة املسكنات‪,‬والعمليات‬
‫اجلراحية‪.‬ـ ـ إن املرض امليؤوس منه‪ ,‬ليس هو هناية احلياة‪ ,‬ألنه كم من مريض قال له األطباء بقي لك‬
‫شهرا وعاش حينا من الدهر‪ ,‬وأن بعض احلاالت شفيت متاما من املرض‪.‬ـ ـ أن القتل الرحيم ينفذ‬
‫أحيانا لظروف حياتية واقتصادية للمصاب‪ .‬ـ ـ أن مهنة األطباء إنفاذ حياة الناس ال إهنائها‪ ,‬والقتل‬
‫الرحيم خمالف هلذه املهنة‪.1‬‬

‫‪ 2‬ـ ـ ـ القوانين العربية‪:‬‬

‫يعترب القتل الرحيم يف التشريعات العربية قتل عمد‪ ,‬بغض النظر عن الدوافع أو البواعث سواء‬
‫نبيلة أو دنيئة‪ ,‬حيث جاء يف املادة‪21‬من نظام مزاولة املهنة الطبية يف اململكة العربية السعودية ما‬
‫يلي‪(:‬وال جيوز بأي حال من األحوال إهناء حالة مريض ميؤوس من شفائه طبيا‪ ,‬ولو كان بناء على‬
‫طلبه أو طلب ذويه)‪.2‬‬

‫هذا وتوجد بعض القوانني اجلنائية العربية اليت تنص على الظروف املخففة واليت يطبقها القاضي يف‬
‫حالة القتل بناء على رضا اجملين عليه‪ ,‬فالعقوبة ختفف إىل ما هو أقل من العقوبة املقررة للقتل العمد‪,‬‬
‫أي يضعون اعتبار للدافع على القتل‪ ,‬باعتباره خمففا للعقاب‪ ,‬ال مبيحا للقتل‪ ,‬فال يعقل أن نسوي‬
‫بني القتل انتقاما والقتل بدافع الشفقة واحلب ملريض ميؤوس من شفائه ويعاين من اآلم مربحة‪.‬‬

‫و من البلدان العربية اليت تنص على الظروف املخففة هي‪:‬سوريا‪ ,‬لبنان‪,‬السودان‪.‬‬

‫حيث جاء يف املادة ‪538‬من قانون العقوبات السوري مايلي‪(:‬يعاقب باالعتقال من عشر سنوات‬
‫على األكثر من قتل إنسانا قصدا بعامل اإلشفاق بناء على إحلاحه بالطلب)‪ ,‬انطالقا من النص‬

‫‪1‬ـ ـ حممد علي البار‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪85‬ـ ـ ‪.87‬‬


‫‪ 2‬ـ ـ املرجع نفسه ‪,‬ص‪.220‬‬
‫‪53‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫يتبني أن القانون السوري جرم هذا النوع من القتل‪ ,‬بتجرمي أخف من القتل العمد‪,‬كما بني الدافع‬
‫املخفف للعقوبة‪.‬وينطبق نفس الشيء على القانون اللبناين يف املادة‪ ,552‬والقانون السوداين يف‬
‫املادة‪.1248‬‬

‫أما غالبية الدول العربية مل تنص صراحة على ختفيف العقوبة يف حالة القتل الرحيم‪ ,‬ولكن ال مينع هذا‬
‫من أهنا تأخذ بفكرة الظروف املخففة املعروفة يف قانون العقوبات‪.2‬‬

‫أما يف اجلزائر فإن رضا اجملين عليه ال يؤثر يف اجلرائم املاسة باحلياة والصحة وسالمة اجلسم‪ ,‬حيث‬
‫تنص املادة‪273‬على أن‪(:‬كل من ساعد عمدا شخصا يف األفعال اليت تساعده على االنتحار أو‬
‫تسهله له‪ ,‬أو زوده باألسلحة والسم أو باآلالت املعدة مع علمه بأهنا سوف تستعمل يف هذا الغرض‬
‫يعاقب باحلبس ملدة سنة إىل مخس سنوات إذا نفذ االنتحار)‪.3‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬التجريم الشرعي اإلسالمي للقتل الرحيم‪.‬‬

‫مل يظهر لدى املسلمني يف تارخيهم هذا النوع من القتل ومل يكن شائعا فيما بينهم‪ ,‬بل إن‬
‫هذا القتل خروج على تعاليم اإلسالم وتوجيهاته‪ ,‬ألن تعاليم اإلسالم تعترب النفس البشرية أمانة عند‬
‫صاحبها وليست ملكا له‪ ,‬وإمنا هي ملك هلل تعاىل ينبغي احملافظة عليها‪,‬والشريعة اإلسالمية تكفلت‬
‫حبفظ احلياة البشرية‪ .‬وجعلت حفظ النفس من الضروريات اخلمس يف اإلسالم إذ حبفظ النفس‬
‫يتمكن اإلنسان من أداء األمانة اليت خلق من أجلها واليت هي اخلالفة‪ ,‬وحق احلياة حق مقدس‬
‫يستند إىل تكرمي اإلنسان انطالقا من مبدأ حرمة احلياة البشرية‪ .‬ومن أهم مظاهر تكفل الشريعة‬
‫اإلسالمية باحلياة البشرية ‪:‬‬

‫أوال‪ :‬تحريم االعتداء عل النفس‪.‬‬

‫‪1‬ـ ـ عبد امللك بن محد الفارس‪:‬جرمية االنتحار‪,‬ص‪.388‬‬


‫‪2‬ـ ـ مسرية عايد الديات‪:‬املرجع ا لسابق‪ ,‬ص‪.288‬‬
‫‪3‬ـ ـ قانون العقوبات اجلزائري‪:‬األمر رقم ‪66‬ـ ـ‪ 156‬املؤرخ يف ‪19‬صفر ‪1386‬ه املوافق ‪8‬جويلية ‪1966‬م املعدل واملتمم‬
‫يف‪.2009‬‬
‫‪54‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫حرمت الشريعة اإلسالمية االعتداء على النفس بغري وجه حق واعتربته من أكرب الكبائر بعد‬
‫الكفر‪ ,‬فاالعتداء على حياة اإلنسان هو اعتداء على بناء اهلل عز وجل ألن جسم اإلنسان وحياته‬
‫الروح من أمر رِّيب وما أوتيتم من‬ ‫الروح قل ُّ‬
‫ملك هلل تعاىل‪,‬حيث قال عز وجل‪ ﴿ :‬ويسألونك عن ُّ‬
‫العلم إمال قليال } [اإلسراء‪ .]85 :‬والتجرمي وارد يف آيات كثرية منها‪ :‬قوله تعاىل‪﴿ :‬وال تـقتـلوا النـمفس‬
‫الميت حمرم اللمه إمال باحل ِّق ﴾ [اإلسراء‪.]33 :‬وقوله أيضا‪ ﴿ :‬ومن يـقتل مؤمنا متـع ِّمدا فجزاؤه جهنمم‬
‫خالدا فيها وغضب اللمه عليه ولعنه وأع مد له عذابا عظيما ﴾ [النساء‪.]93 :‬‬

‫ثانيا‪ :‬تشريع القصاص‪.‬‬

‫شمرعت الشريعة اإلسالمية من أجل احلفاظ على النفس البشرية‪ ,‬القصاص‪ ,‬بعدما حرمت‬
‫االعتداء عليها‪ ,‬إذ كل اعتداء على النفس إال وله جزاء‪ ,‬حيث أوجب الشارع القصاص على كل‬
‫وحقن للدماء‪ ,‬وشفاءٌ للغليل‪,‬‬ ‫معتد ومنها قتل القاتل‪ ,‬ألن يف القصاص حياة وجناة ألنفس كثرية‪,‬‬ ‫ٍ‬
‫ٌ‬
‫قال تعاىل‪﴿ :‬ولكم يف القصاص حياةٌ يا أويل األلباب لعلمكم تـتـمقون﴾ [البقرة‪,]179 :‬وقال أيضا‪﴿ :‬‬
‫الس ِّن‬ ‫وكتبـنا عليهم فيها أ من النـمفس بالنـمفس والعني بالعني واألنف باألنف واألذن باألذن و ِّ‬
‫الس من ب ِّ‬
‫اص فمن تصدمق به فـهو كفمارةٌ له ومن مل حيكم مبا أنـزل اللمه فأولئك هم الظمالمون﴾‬ ‫واجلروح قص ٌ‬
‫[املائدة‪]45 :‬‬

‫ثالثا‪ :‬تحريم االنتحار‪.‬‬

‫كما بينا سابقا من أن حياة اإلنسان ملك هلل تعاىل‪ ,‬حىت اإلنسان ال ميلك حياته‪ ,‬فال حيق‬
‫له أن يعتدي عليها بأي وسيلة كانت‪,‬قال تعاىل‪ ﴿ :‬وال تـلقوا بأيديكم إىل التـمهلكة وأحسنوا إ من اللمه‬
‫ب المحسنني ﴾ [البقرة‪ ,]195 :‬وقال أيضا‪﴿ :‬وال تـقتـلوا أنـفسكم إ من اللمه كان بكم رحيما ﴾‬ ‫حي ُّ‬
‫[النساء‪,]29 :‬و عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال‪ « :‬من تردى من جبل فقتل نفسه‪ ,‬فهو يف نار‬
‫جهنم يرتدى فيها خالدا خملدا فيها أبدا‪ ,‬ومن حتسى مسا فقتل نفسه‪ ,‬فس ُّمه يف يده يتح مساه يف نار‬

‫‪55‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫جهنم خالدا خملدا فيها أبدا‪ ,‬ومن قتل نفسه حبديدة‪ ,‬فحديدته يف يده جيأ هبا يف بطنه يف نار جهنم‬
‫‪1‬‬
‫خالدا خملدا فيها أبدا»‬

‫رابعا‪:‬إباحة المحظورات عند الضرورة ‪.‬‬

‫للحفاظ على النفس شمرعت الشريعة اإلسالمية رخصا صونا هلا من اهلالك‪ ,‬واملتمثلة يف إباحة‬
‫أكل وشرب احملرمات عند الضرورة بالقدر الذي يسد الرمق ويأمن معه املوت قال تعاىل‪﴿ :‬إممنا حمرم‬
‫عليكم الميتة والدمم وحلم اخلنزير وما أه مل به لغري اللمه فمن اضطمر غيـر ب ٍاغ وال ع ٍاد فال إمث عليه إ من‬
‫يم ﴾ [البقرة‪ ,]173 :‬فمن اآلية يتبني لنا أن حالة إباحة احملرمات من األكل والشرب‪,‬‬ ‫اللمه غف ٌ‬
‫ور رح ٌ‬
‫ال حتصل إال إلنقاذ النفس من اهلالك‪.‬هذا وقد تعاملت الشريعة اإلسالمية مع املرض واملرضى بكل‬
‫حكمة وفتحت باب األمل على مصراعيه حيث شرعت التداوي حىت ال ييأس املريض والطبيب معا‬
‫مستعص‪ .‬حيث قال صلى اهلل عليه وسلم‪ (:‬لكل داء‬ ‫ٍ‬ ‫يف الشفاء مهما طال األمد‪ ,‬من كل مرض‬
‫دواء‪ ,‬فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن اهلل عز وجل)‪ ,2‬قال ابن القيم اجلوزية يف شرح قوله صلى اهلل‬
‫عليه وسلم ‪(:‬لكل داء دواء) تقوية لنفس املريض و الطبيب‪ ,‬وحث على طلب ذلك الدواء والتفتيش‬
‫عليه‪ .3‬بل إن اإلسالم حيث املريض‪ ,‬وأهله على الصرب‪ ,‬ويعترب املرض امتحانا من اهلل تعاىل‪ ,‬يكفر‬
‫به الذنوب ويؤجر عليه املريض بأحسن اجلزاء إذا اقرتن مع الصرب‪ ,‬وهو تعبري عن رضا العبد بقضاء‬
‫اهلل وقدره ‪ ,‬وقد ضرب القرآن الكرمي مثال عليه من صرب نيب اهلل أيوب عليه السالم ‪ ,‬الذي ابتاله اهلل‬
‫وجل باملرض و األآلم املربحة لفرتة طويلة من الزمن فصرب على مرضه وآالمه حىت جاءه الفرج منه‬ ‫عمز م‬
‫ص من األموال واألنـفس‬ ‫سبحانه‪ .‬حيث قال عز وجل‪ ﴿ :‬ولنبـلونمكم بشي ٍء من اخلوف واجلوع ونـق ٍ‬
‫صابرين المذين إذا أصابـتـهم مصيبةٌ قالوا إنما للمه وإنما إليه راجعون﴾ [البقرة‪,155 :‬‬
‫والثممرات وبشِّر ال م‬
‫‪ ,]156‬و قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم‪« :‬عجبا ألمر املؤمن‪ ,‬إن أمره كله خري‪ ,‬وليس ذاك‬

‫‪1‬ـ ـ ـ رواه البخاري‪ :‬كتاب الطب‪ ,‬باب شرب السم والدواء وما خياف منه‪ ,‬ج‪ ,07‬ص‪ ,139‬رقم‪.5778‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ رواه مسلم‪ :‬كتاب اآلداب‪ ,‬باب لكل داء دواء واستحباب التداوي‪ ,‬ج‪,4‬ص‪,1729‬رقم ‪.2204‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ مشس الدين بن قيم اجلوزية‪ :‬الطب النبوي‪ ,‬حتقيق‪:‬حممد حممد بكر‪ ,‬ط‪,1‬سنة‪2004‬م ـ ـ‪1424‬ه‪ ,‬دار الدعوى ـ ـ‬
‫اإلسكندرية‪,‬ص‪.17‬‬
‫‪56‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫ألحد إال للمؤمن‪ ,‬إن أصابته سمراء شكر‪ ,‬فكان خريا له‪ ,‬وإن أصابته ضمراء صرب‪ ,‬فكان خريا‬
‫له»‪,1‬ومن هنا تظهر نعمة االبتالء لإلنسان فكلما تيقن بأن سبب ابتالئه هو حب اهلل له فسيشعر‬
‫بالسعادة حتما بدال من اليأس واحلزن‪.‬واإلسالم منع املريض وأهله من متين موته ليتخلص مما يعانيه‪,‬‬
‫وأرشدهم إىل طلب اخلري ‪ ,‬حيث كان قال تعاىل ‪ ﴿ :‬وال تـيأسوا من روح اللمه إنمه ال يـيأس من روح‬
‫ني أحدكم املوت من‬ ‫اللمه إمال القوم الكافرون ﴾ [يوسف‪ ,]87 :‬وقوله صلى اهلل عليه وسلم‪(:‬ال يتمنم م‬
‫ضر أصابه‪ ,‬فإن كان البد فاعال فليقل‪ :‬اللهم أحيين ما كانت احلياة خريا يل‪ ,‬وتوفين ما كانت الوفاة‬
‫خريا يل)‪.2‬قال يوسف القرضاوي ‪:‬فإذا كان متمنيا للموت ال حمال فليدعو هبذا الدعاء خريا له‪ ,‬أن‬
‫يطيل عمره إن كان حمسنا ازداد إحسانا‪ ,‬أو مسيئا فيتوب إىل اهلل‪ ,‬وأن مييته حىت ال يقع يف معصية‬
‫اهلل‪ .3‬والتعاليم اإلسالمية تدعو إىل زيارة املريض ومؤانسته ورعايته وأهله والدعاء له‪ ,‬وحتث على‬
‫زيادة اللجوء إىل اهلل وحده ليكشف الضر ويرفع البالء‪ ,‬حيث كان النيب صلى اهلل عليه وسلم يعود‬
‫املرضى ويقول ‪(:‬رب الناس أذهب البأس‪ ,‬اشف أنت الشايف‪ ,‬ال شفاء إال شفاؤك‪ ,‬شفاء ال يغادر‬
‫‪4‬‬
‫السوء وجيعلكم خلفاء األرض أإلهٌ مع‬ ‫سقما) ‪ ,‬وقال تعاىل‪﴿ :‬أمن جييب المضطمر إذا دعاه ويكشف ُّ‬
‫اللمه قليال ما تذ مكرون﴾ [النمل‪,]62 :‬وقال أيضا‪﴿ :‬وإذا مرضت فـهو يشفني﴾ [الشعراء‪,]80 :‬إذن‬
‫فالدعاء من أهم الوسائل العالجية للمريض‪,‬وينبغي للمسلم أن يعلق قلبه خبالقه عز وجل‪.‬وعليه فال‬
‫جيوز إهدار النفس اإلنسانية إال يف املواطن اليت حددهتا الشريعة اإلسالمية‪ ,‬وهذه املواطن خارج نطاق‬
‫املهنة الطبية‪,‬ومن هنا حيرم على الطبيب أن يهدر احلياة ولو بدافع الشفقة‪ ,5‬والقتل حمرم حترميا قاطعا‬
‫باألدلة الشرعية‪ ,‬ومسألة القتل الرحيم هي من باب القتل العمد ألنه اعتداء على حق اهلل تعاىل يف‬
‫احلياة اليت وهبها لإلنسان‪ ,‬وما القتل بدعوى الشفقة أو الرمحة يف حقيقته إال قتل مظلمة‪.‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ رواه مسلم‪ :‬باب املؤمن كله خري‪,‬ج‪ ,4‬ص‪,2295‬رقم ‪.2999‬‬


‫‪2‬ـ ـ رواه البخاري‪:‬كتاب املرضى‪ ,‬باب متين املوت‪,‬ج‪,7‬ص‪,121‬رقم ‪.5671‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ يوسف القرضاوي‪:‬فتاوى معاصرة يف العالقات االجتماعية‪ ,‬بدون رقم وال سنة الطبعة‪,‬دار الشهاب ـ ـ اجلزائر‪,‬ص‪,139‬‬
‫‪4‬ـ ـ رواه البخاري‪ :‬كتاب الطب‪,‬باب رقية النيب صلى اهلل عله وسلم‪,‬ج‪,7‬ص‪,132‬رقم‪.5743‬‬
‫‪5‬ـ ـ أىب حذيفة إبراهيم بن حممد‪:‬نفح الطيب يف آداب وأحكام الطبيب‪,‬ط‪,1‬سنة‪1990‬م ـ ـ‪1411‬ه ‪,‬دار الصحابة للرتاث ـ ـ‬
‫طنطا‪,‬ص‪.40‬‬
‫‪57‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫وهذه بعض الفتاوى خبصوص القتل الرحيم‪:‬‬

‫لجنة الفتوى باألزهر الشريف‪:‬‬

‫عرض على جلنة الفتوى باألزهر الشريف مسألة قتل الرمحة وقتل مريض اإليدز‪,‬فأجابت‬
‫اللجنة بصراحة‪:‬أن املريض أيا كان نوع مرضه‪ ,‬وكيف كانت حالة مرضه‪ ,‬ال جيوز قتله لليأس من‬
‫شفائه‪ ,‬أو ملنع انتقال مرضه إىل غريه‪ ,‬ففي حالة اليأس من الشفاء مع أن اآلجال بيد اهلل وهو‬
‫سبحانه قادر على شفائه حيرم على املريض أن يقتل نفسه وحيرم على غريه أن يقتله‪ ,‬حىت لو أذن له‬
‫يف قتله فاألول انتحار والثاين عدوان على الغري بالقتل‪ ,‬وإذنه ال حيلل احلرام فهو ال ميلك روحه حىت‬
‫يأذن لغريه أن يقضي عليها‪.1‬‬

‫المجمع الفقهي اإلسالمي‪:‬‬

‫ناقش اجملمع الفقهي اإلسالمي هذه املسألة بالتفصيل يف دورته السابعة ‪ ,‬املنعقدة يف مدينة‬
‫جدة ‪ ,‬عام ‪1992‬م ‪ ,‬وأصدر القرار ( ‪ ) 17/5/67‬الذي تضمن رفضه بشدة ملا يسمى قتل‬
‫الرمحة ‪ ,‬بأي حال من األحوال ‪ ,‬وأن العالج يف احلاالت امليئوس منها خيضع للتداوي والعالج‬
‫وجل يف الكون ‪ ,‬وال جيوز شرعا اليأس من روح اهلل ‪ ,‬أو‬ ‫واألخذ باألسباب اليت أودعها اهلل عمز م‬
‫القنوط من رمحته ‪ ,‬بل ينبغي بقاء األمل بالشفاء بإذن اهلل تعاىل ‪ ,‬وعلى األطباء وذوي املرضى تقوية‬
‫معنويات املريض ‪ ,‬ورعايته ‪ ,‬وختفيف آالمه النفسية والبدنية ‪ ,‬بصرف النظر عن توقع الشفاء أو‬
‫عدمه‪.2‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ حممود إبراهيم حممد مرسي‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.278‬‬


‫‪ 2‬ـ ـ حممد علي البار‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪.107‬‬
‫‪58‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫المبحث الثاني‪:‬صور القتل الرحيم وأحكامها‬


‫المطلب األول‪:‬القتل الرحيم اإليجابي‬

‫المطلب الثاني‪:‬القتل الرحيم السلبي‬

‫‪59‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫تمهد‪:‬‬

‫ميارس القتل الرحيم بأساليب متنوعة‪ ,‬وذلك حسب حالة املريض أو حسب رغبته‪ ,‬إما‬
‫بطلب املريض نفسه إهناء حياته‪ ,‬أو أن يطلب املساعدة على ذلك‪ ,‬أو أن ميتنع املريض عن التداوي‬
‫إىل غري ذلك‪ .....‬وكل ذلك منها ما هو سليب‪ ,‬ومنها ما هو إجيايب‪ ,‬وهذا ما سنبينه يف املطلبني‬
‫التاليني‪:‬‬

‫املطلب األول ‪:‬القتل الرحيم اإلجيايب‪.‬‬

‫املطلب الثاين‪:‬القتل الرحيم السليب‪.‬‬

‫المطلب األول‪:‬القتل الرحيم اإليجابي‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬مفهومه‪.‬‬

‫هو كل فعل إجيايب يرتكب ضد اجملين عليه يؤدي إىل وفاته‪ ,‬مبعىن إن كل فعل يسبِّب موت‬
‫املريض امليؤوس من شفاء حالته إلهناء عذابه واحتضاره‪.1‬‬

‫ويعرفه القرضاوي حتت عنوان‪:‬تيسر املوت الفعال‪:‬‬


‫ِّ‬
‫ـ ـ بأنه إجراء يتخذه الطبيب إلهناء حياة املريض‪.2‬‬

‫ويكون هذا النوع من القتل بإحدى التطبيقني التاليني املبينة يف الفرع الثاين‪.‬‬

‫‪1‬ـ ـ السيد عتيق‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪.29‬‬


‫‪2‬ـ ـ يوسف القرضاوي‪ :‬فتاوى معاصرة‪,‬ج‪,2‬ص‪.577‬‬
‫‪60‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫الفرع الثاني‪:‬تطبيقات القتل الرحيم اإليجابي وأحكامها‪.‬‬

‫أوالا‪:‬طلب المريض من الطبيب المعالج إنهاء حياته‪.‬‬

‫وفيها يقوم الطبيب املسؤول عن عالج املريض امليؤوس من شفائه بناء على طلبه الواضح‬
‫املتكرر إلهناء حياته‪1.‬و فيه يناشد املريض من ابنه أو طبيبه مثال أن يقتله‪.2‬‬

‫مثل ‪:‬مريض مصاب بالسرطان يعاين من األمل واإلغماء ويعتقد الطبيب بأنه سيموت بأي حال من‬
‫األحوال ويعطيه جرعة عالية من عالج قاتل لألمل الذي يوقف تنفسه‪.‬‬

‫وهذه احلالة تدخل ضمن مسألة رضا اجملين عليه أو جرائم اإلذن‪ ,‬وحكمها يف القانون خيتلف‬
‫باختالف القوانني‪ ,‬وبغض النظر عن القوانني املقرة للقتل الرحيم‪ ,‬وكما بينا يف املبحث األول من هذا‬
‫الفصل‪ ,‬فإن معظم القوانني اجملرمة له تأخذ بفكرة الظروف املخففة‪ ,‬هذا يعين أن رضا اجملين عليه أو‬
‫ٍ‬
‫بدرجة‬ ‫إذن املريض ظرف خمفف للعقوبة‪ ,‬وبالتايل ال تعترب هذه احلالة من قبيل القتل العمد وإمنا‬
‫أخف منه‪ .‬أما بعض الدول العربية فإهنا ال تعترب أن إذن أو رضا اجملين عليه ظرف خمفف‪ ,‬يف حالة‬
‫اجلرائم املاسة باحلياة والصحة وسالمة اجلسم‪ ,‬وتعتربها من قبيل املساعدة على االنتحار ومن بني‬
‫هذه القوانني اجلزائر وبيان ذلك يف املادة ‪ 273‬السابقة الذكر من قانون العقوبات‪.‬‬

‫أما يف الشريعة اإلسالمية فإن قتل املريض بإذنه قتل عمد يوجب القصاص عند مجهور‬
‫الفقهاء‪ ,‬أما عند بعض الفقهاء فإن اإلذن بالقتل مسقط للقصاص دون الدية‪ ,‬لتولد الشبهة املسقطة‬
‫للقصاص أال وهي اإلذن وإن كان غري جائز إال أنه يورث شبهة‪ ,‬وعند بعضهم اآلخر ـ ـ الفقهاءـ ـ ـ فال‬
‫قصاص عندهم وال دية على القاتل‪ ,‬لوجود شبهة‪ ,‬وألن املريض عفا عن دمه فتسقط الدية‪.3‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ حممد علي البار‪:‬أحكام التداوي‪,‬ص‪.68‬‬


‫‪ 2‬ـ ـ السيد عتيق‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪.29‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ حممد أبو زهرة‪:‬اجلرمية والعقوبة يف الفقه اإلسالمي(اجلرمية)‪,‬بدون رقم طبعة‪,‬سنة ‪1997‬م‪,‬دار الفكر الغريب ـ ـ القاهرة‪,‬‬
‫ص‪.389‬‬
‫‪61‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫وروى ابن سحنون عن الصقلي‪:‬أن من قال ٍ‬


‫لرجل أقتلين و لك ألف درهم فقتله فال قود عليه‬
‫أي فال دية عليه ‪,‬ويضرب مائة وحيبس عاما وال جعل له‪.1‬‬

‫رأي الشيخ أبو زهرة رمحه اهلل ‪:‬‬

‫وجوب االعتداد بالباعث على إذن اجملين عليه للغري بقتله‪ ,‬فالطبيب ال يعد جمرما إجراما‬
‫كامال‪ ,‬إذا أذن له املريض بقتله للتخلص من اآلالم املربحة ‪ ,‬لذا ال يقتص من الطبيب ويعاقب‬
‫عقوبة تعزيرية‪.2‬‬

‫والقول الراجح من بني هذه األقوال هو وجوب القصاص من الطبيب لعصمة النفس البشرية‬
‫وللحد من هذه الظاهرة‪ ,‬وحىت ال يعجز البحث العلمي ويصل إىل مرحلة اجلمود‪,‬ولقوة األدلة‬
‫القاطعة على حرمة االعتداء على النفس البشرية‪.‬‬

‫وينص امليثاق اإلسالمي العاملي لألخالقيات الطبية والصحية على أنه‪:‬‬

‫"ال جيوز للطبيب إهناء حياة املريض ولو بناء على طلبه وطلب وليه أو وصييه حىت ولو كان‬
‫مستعص ميؤوس من شفائه‪ ,‬أو آالم شديدة مربحة حىت ميكن‬‫ٍ‬ ‫السبب وجود تشوه شديد أو مرض‬
‫‪3‬‬
‫تسكينها بالوسائل املعتادة‪ .‬وعلى الطبيب أن يوصي املريض بالصرب ويذكره بأجر الصابرين"‬

‫ثانيا‪ :‬طلب المساعدة على االنتحار‬

‫هذه احلالة تكون عندما يقرر املريض إهناء حياته‪ ,‬فيطلب من الطبيب أن يرشده ويوجهه إىل‬
‫العقاقري و اليت تكون قاتلة‪ ,‬أو يزوده بدواء سام حيقق له رغبته يف املوت‪.4‬‬

‫‪1‬ـ ـ احلطاب الرعيين(حممد ابن عبد الرمحن املغريب)‪:‬مواهب اجلليل شرح خمتصر خليل ‪,‬ط‪,1‬سنة ‪1995‬م ـ ـ ‪1416‬ه‪ ,‬دار‬
‫الكتب العلمية ـ ـ لبنان‪ ,‬ج‪,8‬ص‪.297‬‬
‫‪2‬ـ ـ حممد أبو زهرة‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.289‬‬
‫‪3‬ـ ـ املادة ‪ 22‬من امليثاق اإلسالمي العاملي لألخالقيات الطبية والصحية‪,‬ص‪.07‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ حممود إبراهيم حممد مرسي‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.256‬‬
‫‪62‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫وهذه احلالة هي مسامهة يف االنتحار‪ ,‬واالشرتاك يف االنتحار غري معاقب عليه يف أغلب القوانني‪,‬ألنه‬
‫اشرتاك يف عمل ال عقاب عليه‪ ,‬والقواعد العامة يف االشرتاك تتطلب انصراف فعل االشرتاك إىل‬
‫نشاط أصلي ذي صفة إجرامية وهو ما ال يتوفر يف االنتحار وعدم العقاب على االشرتاك يف االنتحار‬
‫حمدد بشرطني‪:1‬‬

‫ـ ـ ـ أال يتعدى سلوك الشخص دائرة االشرتاك املباح وجيعل منه فاعال يف جرمية القتل ‪.‬‬

‫ـ ـ ـ أال يرقى دور املساهم يف االنتحار إىل مستوى الفاعل املعنوي حيث يكون املنتحر أداة مسخرة يف‬
‫يد من حرضه على الفعل لنقص اإلدراك أو االختيار‪.2‬‬

‫غري أن التشريعات اجلنائية والعربية خاصة ختتلف يف موقفها من التحريض واملساعدة على‬
‫االنتحار إذ يتجه أغلبها إىل معاقبة كل من محل إنسانا على االنتحار أو ساعده على ذلك ألن يف‬
‫سلوكهما مسامهة جدية يف إهدار حياة إنسان حي ‪ .‬منها القانون اجلزائري فإن املساعدة على‬
‫االنتحار تعترب جرمية يعاقب عليها باحلبس من سنة إىل مخس سنوات‪.‬و كذا القانون الكوييت‪,‬والقانون‬
‫العماين‪ ..........‬ويف الشريعة اإلسالمية األدلة واضحة وبينة على حرمة املساعد على االنتحار من‬
‫خالل قوله تعاىل‪﴿ :‬وتـعاونوا على ال ِّرب والتـمقوى وال تـعاونوا على اإلمث والعدوان واتـمقوا اللمه إ من اللمه‬
‫شديد العقاب﴾ [املائدة‪ .]2 :‬أي ال يعن بعضكم بعضا على ترك ما أمركم اهلل بفعله‪ ,‬وال أن تتجاوز‬
‫ما حد اهلل لكم يف دينكم وفرض لكم يف أنفسكم ويف غريكم‪ .3‬وقال تعاىل‪﴿ :‬وأمر بالمعروف وانه‬
‫عن المنكر﴾ [لقمان‪ ﴿ , ]17 :‬وأمر بالمعروف﴾ وهو كل ما يقره الشرع ويرتضيه‪ ,‬ويأمر به ﴿وانه‬
‫عن المنكر﴾ وهو كل ما ينكره الشرع‪ ,‬وتأباه املروءة‪ ,‬وتنبو عنه األذواق السليمة‪.4‬وإذا طبقنا هنا‬

‫‪ 1‬ـ ـ السيد عتيق‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.32‬‬


‫‪ 2‬ـ ـ السيد عتيق‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪.32‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ الطربي(أيب جعفر حممد بن جرير)‪:‬تفسري الطربي جامع البيان عن تأويل القرءان‪,‬ط‪,2‬دون سنة الطبع‪ ,‬مكتبة ابن تيمية ـ ـ‬
‫القاهرة‪,‬اجمللد‪,9‬ص‪.490‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ حممد عبد اللطيف بن اخلطيب‪:‬املرجع السابق‪ ,‬ص‪.501‬‬
‫‪63‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫قاعدة للوسائل حكم املقاصد‪ ,1‬فاملساعدة على االنتحار وسيلة إىل مقصد قتل النفس اليت حرم اهلل‬
‫إزهاقها بغري وجه حق‪,‬ومبا أن حكم املقصد حرام باألدلة القاطعة فإن حكم وسيلته واليت هي‬
‫املساعدة على االنتحار حرام‪.‬‬

‫المطلب الثاني‪:‬القتل الرحيم السلبي‪.‬‬

‫الفرع األول‪:‬مفهومه‪.‬‬

‫هو عملية تسهيل وفاة املريض امليؤوس من شفائه‪ ,‬وذلك بإيقاف أو عدم إعطاء العالج‪,2‬أو‬
‫امتناع املريض عن التداوي‪.3‬وهو قتل عن طريق االمتناع من تلقاء نفس الطبيب‪ ,‬أو بناء على طلب‬
‫وإحلاح املريض أو أسرته رأفة باملريض ويتم ذلك بأن ميتنع الطبيب عن إعطاء العالج‪ ,‬وعن استخدام‬
‫أجهزة اإلنعاش الصناعي للمريض‪ ,‬وأن يتوقف عن إعطاء املريض اخلاضع لألجهزة دون نزعها‪.4‬‬
‫ويسمي القرضاوي هذا النوع بتيسري املوت املنفعل ‪:‬حيث ال تتخذ خطوات فعالة إلهناء حياة املريض‬
‫بل يرتك للمرض أن يأخذ أدواره بدون إعطاء املريض أي عالج إلطالة حياته‪ .5‬وللقتل الرحيم السليب‬
‫ثالث تطبيقات واليت سنبينها من خالل الفرع الثاين‪.‬‬

‫الفرع الثاني‪:‬تطبيقات القتل الرحيم السلبي وأحكامها‪.‬‬

‫أوال‪:‬رفع أجهزة اإلنعاش الصناعي عن المريض الميؤوس من شفائه‪.‬‬

‫‪1‬ـ ـ ـ العز بن عبد السالم‪:‬املرجع السابق ‪,‬ص‪.39‬‬


‫‪2‬ـ ـ حممد علي البار‪:‬أحكام التداوي‪,‬ص‪.68‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ محزة عبد الكرمي محاد‪:‬قتل الرمحة رؤية فقهية مقاصدية‪ ,‬دراسات علوم الشريعة والقانون‪,‬اجمللد ‪ ,34‬العدد‪ ,2‬سنة‪2007‬م‪,‬‬
‫ص‪.397‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ عبد املالك بن محد الفارس‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.212‬‬
‫‪5‬ـ ـ ـ يوسف القرضاوي‪:‬فتاوى معاصرة‪,‬ص‪.578‬‬
‫‪64‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫‪ 1‬ـ ـ تعريف اإلنعاش‪:‬‬

‫هو املعاجلة املكثفة اليت يقوم هبا طبيب أو جمموعة من األطباء ومساعديهم ملساعدة األجهزة‬
‫احلياتية كالقلب واملخ ‪,‬حىت تقوم بوظائفها‪ ,‬أو لتعويض بعض األجهزة املعطلة قصد الوصول إىل‬
‫تفاعل منسجم بينها‪.1‬‬

‫‪ 2‬ـ ـ ـ حكم رفع أجهزة اإلنعاش عن المريض‪:‬‬

‫رفع أجهزة اإلنعاش خيتلف حكمها من حالة ألخرى‪:‬‬

‫ـ ـ ـ ففي حالة توقف القلب و اجلهاز التنفسي عن العمل‪ ,‬وقبل حدوث موت الدماغ‪ ,‬يعترب‬
‫الطبيب الذي قام بنزع األجهزة مسؤوال جزائيا عن جرمية قتل‪,‬ألن املريض يعد حيا من الناحية الطبية‬
‫والقانونية‪.2‬‬

‫ويف القانون اجلزائري ال جيوز إيقاف أجهزة اإلنعاش عن املريض إال بعد التثبت الطيب والشرعي من‬
‫حتقق الوفاة‪.3‬‬

‫ويرى علماء الشريعة اإلسالمية بأنه إذا قام الطبيب بنزع أجهزة اإلنعاش الصناعي عن املريض‬
‫الذي توقف قلبه وتنفسه ومل متت خاليا خمِّه‪ ,‬فإنه يعد قتال عمدا له‪ ,‬يستوجب القصاص من الفاعل‬
‫ألن هذه األجهزة املساعدة هي من وسائل مداوة وعالج املرضى‪ ,‬وعند قيام الطبيب حبرمان هؤالء‬
‫املرضى من الوسائل العالجية يعد حمققا جلرمية القتل العمد‪.4‬‬

‫‪1‬ـ ـ محد حممد اهلاجري‪:‬موت الدماغ بني األطباء والفقهاء‪,‬جملة كلية الشريعة للدراسات اإلسالمية‪,‬جامعة قطر‪,‬سنة ‪2006‬م ـ ـ‬
‫‪1427‬ه‪,‬العدد‪,24‬ص‪.293‬‬
‫‪2‬ـ ـ ـ مسرية عايد الديات‪:‬عمليات نقل وزرع األعضاء البشرية بني الشريعة والقانون‪,‬ط‪,1‬سنة‪1999‬م‪,‬دار الثقافة ـ ـ عمان‬
‫األردن‪,‬ص‪.281‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ بلحاج العريب‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪.22‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ حممود إبراهيم حممد مرسي‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪ 343‬ـ ـ‪.344‬‬
‫‪65‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫أما يف حالة موت الدماغ الذي يعرف بأنه‪:‬‬

‫توقف الدماغ عن العمل متاما وعدم قابليته للحياة‪.1‬‬

‫ويعرف كذلك مبوت الدماغ مبا فيه املراكز احليوية اهلامة جدا والواقعة يف جذع الدماغ فإذا‬
‫ماتت هذه املناطق‪ ,‬فإن اإلنسان يعترب ميتا‪ ,‬ألن تنفسه بواسطة اآللة(املنـفسة)مهما استمر يعترب ال‬
‫قيمة له وال يعطي احلياة لإلنسان وكذلك استمرار النبض من القلب بل وتدفق الدم يف الشرايني‬
‫واألوردة (ما عدا الدماغ) ال يعترب عالمة على احلياة طاملا أن الدماغ قد توقفت حياته ودورته الدموية‬
‫توقفا تاما ال رجعة فيه‪.2‬‬

‫ومن أسباب موت الدماغ‪:3‬‬

‫ـ ـ إصابات بالغة يف الدماغ ‪.‬‬

‫ـ ـ نزف داخلي بالدماغ‪.‬‬

‫ـ ـ أورام والتهاب وخراج الدماغ واحتشاءاته‪.‬‬

‫فحكم رفع أجهزة اإلنعاش يف هذه احلالة يكون كالتايل‪:‬‬

‫رفع أجهزة اإلنعاش عن امليت دماغيا ال يعد جرمية قتل‪ ,‬ألن من ماتت خاليا خمه فإن حياته‬
‫اإلنسانية قد انتهت وال ميكن أن تعود بأي حال‪,4‬وهذا ما استقر عليه الطب‬

‫‪ 1‬ـ ـ محد حممد اهلاجري‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.291‬‬


‫‪2‬ـ ـ ـ حممد علي البار‪ :‬املوت اإلكلينيكي واملوت الشرعي‪ ,‬جملة الفقه اإلسالمي السنة العاشرة العدد‪ ,12‬جملد‪,5‬ص‪.160‬‬
‫‪ 3‬ـ ـ حممد إبراهيم سعد النادى‪:‬موت الدماغ وموقف الفقه اإلسالمي منه دراسة مقارنة‪.‬ط‪,1‬سنة‪2010‬م ـ ـ‪1431‬ه‪,‬دار الفكر‬
‫اجلامعي ـ ـ اإلسكندرية‪,‬ص‪.23‬علي حممد علي أمحد‪:‬معيار حتقق الوفاة‪,‬ط‪,1‬سنة‪2007‬م‪,‬دار الفكر اجلامعي ـ‬
‫اإلسكندرية‪,‬ص‪68‬ـ‪.69‬‬
‫‪ 4‬ـ ـ حممود إبراهيم حممد مرسي‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪ 390‬ـ ـ ‪.391‬‬
‫‪66‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫احلديث‪,1‬وحىت تقع جرمية قتل ال بد من وجود إنسان حي وقت ارتكاب اجلرمية‪ ,2‬وهذا من الناحية‬
‫القانونية‪.‬‬

‫أما من الناحية الشرعية فإن أغلب الفقهاء يرون جبواز ر فع أجهزة اإلنعاش الصناعي عن‬
‫امليت دماغيا‪,‬حيث أصدر اجملمع الفقهي اإلسالمي املنعقد مبكة يف‪24‬صفر‪1408‬ه‬
‫ـ ـ‪17‬أكتوبر‪1987‬م قرار رقم ‪ 02‬بشأن موضوع تقرير حصول الوفاة‪,‬ورفع أجهزة اإلنعاش من جسم‬
‫املريض والذي نص على ما يلي‪:‬املريض الذي ركبت عليه أجهزة اإلنعاش جيوز رفعها ‪,‬إذا تعطلت‬
‫مجيع وظائف دماغه تعطال هنائيا‪ ,‬وقررت جلنة متكونة من ثالث اختصاصيني خرباء‪,‬أن التعطل ال‬
‫رجعة فيه‪ ,‬وإن كان القلب والتنفس ال يزاالن يعمالن آليا‪,‬بفعل األجهزة املركبة‪.‬لكن ال حيكم مبوته‬
‫شرعا إال إذا توقف التنفس والقلب‪ ,‬توقفا تاما بعد رفع هذه األجهزة‪.3‬وهذا ما ذهب إليه جممع الفقه‬
‫اإلسالمي بالكويت سنة‪1985‬م‪ ,‬وكذلك جممع الفقه اإلسالمي بعمان سنة‪1986‬م‪.4‬‬

‫واملالحظ هنا أن نزع أجهزة اإلنعاش الصناعي عن امليت دماغيا‪,‬خترج عن نطاق القتل الرحيم‪,‬ألن‬
‫هذا األخري يستوجب وجود حياة طبيعية‪ ,‬ووجود آالم مربحة‪,‬وهذا ما ينعدم عند امليت دماغيا‪.5‬‬

‫ثانيا‪:‬امتناع الطبيب عن القيام بالعالج للمريض‪.‬‬

‫هو إحجام الطبيب عن تقدمي العالج للمريض حبجة أنه يرى عدم جدوى العالج‪ ,‬وبذلك‬
‫يرتكه ليموت‪.6‬‬

‫‪1‬ـ ـ ـ غادة على حامد العمروسي‪:‬اعتداء الطبيب على النفس وما دوهنا يف ظل املقاصد الشرعية واألخالقيات الطبية‪ ,‬ط‪,1‬‬
‫سنة‪2010‬م ـ ‪1431‬ه‪,‬دار الفكر اجلامعي ـ ـ ـ اإلسكندرية‪,‬ص‪.106‬‬
‫‪2‬ـ ـ ـ عبد القادر عودة‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪.12‬‬
‫‪3‬ـ ـ ـ قرارات اجملمع الفقهي اإلسالمي مبكة‪ ,‬املنعقد يف الفرتة(‪ 1398‬ـ ـ ـ ‪1424‬ه‪ 1977,‬ـ ـ ـ‪2004‬م)‪,‬ص‪.214‬‬
‫‪4‬ـ ـ ـ محزة عبد الكرمي محاد‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪.399‬‬
‫‪5‬ـ ـ ـ أمحد شرف الدين‪:‬األحكام الشرعية لألعمال الطبية‪,‬ط‪,2‬سنة ‪1987‬م ـ ـ‪1407‬ه‪,‬بدون دار نشر‪,‬ص‪.185‬‬
‫‪ 6‬ـ ـ حلمي عبد الرزاق احلديدي‪:‬املرجع السابق‪,‬ص‪.03‬‬
‫‪67‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫يرى رجال القانون بأنه ال جيوز ألي طبيب أن ميتنع عن عالج مريض ما مل تكن حالته‬
‫خارجة عن اختصاصه‪ ,‬أو قامت لديه أسباب واعتبارات تربر هذا االمتناع‪ ,‬ولكن جيب عليه أن‬
‫يسعفه يف احلاالت الطارئة احرتاما للحياة اإلنسانية يف مجيع الظروف‪.1‬إن حالة امتناع الطبيب عن‬
‫عالج املريض أو عن التدخل يف معاجلة يف ظروف كان جيب علية وفقا للقانون أن يتدخل يف‬
‫العالج‪ ,‬تعترب مسؤولية الطبيب مسؤولية تقصريية يف هذه احلالة‪ ,‬ومثال ذلك عدم قيام الطبيب يف‬
‫قسم الطوارئ بتقدمي اإلسعافات األولية للمريض‪.2‬ويف القانون اجلزائري‪:‬يتابع جزائيا كل طبيب أو‬
‫جراح على كل تقصري‪ ,‬أو هتاون‪ ,‬أو خطأ مهين‪ ,‬يرتكبه خالل ممارسة مهامه ومبناسبة القيام هبا‪,‬‬
‫يعرض حياته للخطر‪,‬‬ ‫ويلحق ضررا بالسالمة البدنية ألحد املرضى‪ ,‬أو حيدث له عجزا مستدميا‪ ,‬أو ِّ‬
‫أو يتسبب يف وفاته‪.3‬ويدرج فقهاء الشريعة اإلسالمية هذه املسألة ضمن ما يعرف بالقتل بالتسبب‪,4‬‬
‫مكان ما ومينعه عن الطعام والشراب حىت ميوت ‪.‬فجمهور‬‫بالتسبب‪ ,4‬ومثلوا هلا مبن حيبس إنسان يف ٍ‬
‫الفقهاء يرون أن الرتك املفضي للموت قتل عمد يستوجب القصاص إن قصد القتل باملنع‪ ,5‬وعليه‬
‫فامتناع الطبيب عن أداء واجبه جتاه املريض‪,‬ومات هذا األخري من جراء ذلك‪,‬وكان الطبيب قاصدا‬
‫لذلك‪ ,‬فإنه ُّ‬
‫يعد قاتال عمدا وعليه القصاص‪.‬‬

‫ثالثا‪:‬امتناع المريض عن التداوي‪.‬‬


‫من واجب الطبيب قانونا أن يبصر املريض مبصلحته وبضرورة خضوعه للعالج ولكن ال جيوز‬
‫إجبار املريض قهرا على اخلضوع لعالج يرفضه إال يف حاالت استثنائية‪,‬‬

‫‪ 1‬ـ ـ باحلاج العريب‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪.15‬‬

‫‪ 2‬ـ ـ طبيعة املسؤولية الطبية يف القانون األردين‪، http://www.lawjo.net‬التاريخ‪,2013/04/28:‬الساعة‪.10:42:‬‬

‫‪ 3‬ـ ـ ـ القانون اجلزائري‪,‬رقم ‪,85/5‬املؤرخ يف ‪1985/02/16‬م‪,‬املتعلق حبماية الصحة‪,‬املعدل واملتمم بالقانون رقم ‪,90/17‬املؤرخ‬
‫يف‪1990/07/31‬م‪.‬‬
‫‪4‬ـ ـ ـ محزة عبد الكرمي محاد‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪.400‬‬
‫‪ 5‬ـ ـ ـ عبد القادر عودة‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪.57‬‬
‫‪68‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫كما يف األمراض النفسية ويف حالة األوبئة واألمراض املعدية فهي متس مصلحة اجملتمع‪.1‬‬
‫قبل احلكم على امتناع املريض عن التداوي يف الشريعة اإلسالمية ال بد من معرفة حكم التداوي يف‬
‫الفقه اإلسالمي حىت تتضح الصورة أكثر‪,‬فالراجح من أقوال الفقهاء هو مشروعية التداوي‪ ,‬وهذا ما‬
‫أقره اجملمع الفقهي اإلسالمي جبدة يف دورته السابعة بأن حكم التداوي يف األصل مشروع‪ ,‬ملا ورد يف‬
‫شأنه من نصوص الشريعة‪ ,‬وملا فيه من حفظ النفس الذي هو أحد املقاصد الكلية من التشريع‪,‬‬
‫وختتلف أحكام التداوي باختالف األحوال واألشخاص‪:‬‬

‫ـ ـ ـ ـ واجبا إذا كان الرتك يؤدي إىل تلف النفس أو كان املرض معدي ‪.‬‬

‫ـ ـ ـ ـ مندوبا إذا كان تركه يؤدي إىل ضعف البدن‪.‬‬

‫ـ ـ ـ مباحا إذا مل يندرج يف احلالتني السابقتني‪.‬‬

‫ـ ـ ـ مكروها إذا كان بفعل خياف منه حدوث مضاعفات أشد من العلة املراد إزالتها‪.2‬‬

‫انطالقا من هذا فإن التداوي بالنسبة للمريض امليؤوس من شفائه يكون واجبا ‪,‬ألن امتناعه عن‬
‫التداوي يف هذه احلالة سيؤدي إىل هالك نفسه‪ ,‬وهالك النفس حمرم شرعا‪.‬وهذا ما أكده يوسف‬
‫القرضاوي يف كتابه فتاوى معاصرة‪.3‬‬

‫وختاما هلذا الفصل جند أن هناك طائفة قليلة من الدول الغربية اليت أقرت بالقتل الرحيم‪ ,‬يف‬
‫حني جند أن الشريعة اإلسالمية ومعظم قوانني الدول العربية جترمه وتعاقب عليه عقوبة القتل‬
‫العمد‪.‬وأن للقتل الرحيم صورتني إجيابية وسلبية‪,‬ختتلف أحكامها من حالة ألخرى‪.‬‬

‫‪1‬ـ ـ أمري فرح يوسف‪:‬مسؤولية األطباء من الناحية املدنية واجلنائية والتأديبية‪,‬دون رقم طبعة‪,‬سنة‪2010‬م‪,‬مركز اإلسكندرية‬
‫للكتاب‪.‬ص‪.324‬‬
‫‪ 2‬ـ ـ ـ حممد بن حسني اجليزاين‪:‬فقه النوازل دراسة تأصيلية تطبيقية‪,‬ط‪ ,2‬سنة ‪2006‬م ـ ـ ‪1427‬ه‪,‬دار ابن أجلزي ـ ـ السعودية‪,‬اجمللد‬
‫الرابع‪,‬ص‪.169‬‬
‫‪3‬ـ ـ ـ يوسف القرضاوي‪ :‬املرجع السابق‪,‬ص‪.580‬‬
‫‪69‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫الخاتمة‬

‫‪70‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫خاتمة‪:‬‬

‫من خالل دراسة موضوع القتل الرحيم وتتبع جزئياته املختلفة توصلنا إىل مجلة من النتائج‬
‫سنذكر أمهها فيما يلي ‪:‬‬

‫ـ ـ القتل الرحيم ‪,‬أو املوت الرحيم ‪ ,‬أو القتل بدافع الشفقة وغريها‪ ,‬مصطلحات ملوضوع واحد ‪.‬‬

‫ـ ـ ـ القتل الرحيم هو تيسري املوت ملريض استعصى عالجه واشتدت آالمه وقاربت هنايته ‪ ,‬حبيث يكون‬
‫على رغبة ملحة منه إىل طبيبه املعاجل أو إقرار مسبق مكتوب يؤكد هذه الرغبة ‪.‬‬

‫ـ ـ ـ القتل الرحيم ناتج عن يأس املريض من الشفاء وعدم صربه على األمل‪.‬‬

‫ـ ـ ـ القتل الرحيم وإن كان ظهوره حديثا نسبيا فإن له صورا متتد جذورها إىل القدم‪.‬‬

‫ـ ـ احلياة يف بعض القوانني حق لإلنسان ميكنه التصرف فيها‪ ,‬بينما يف الفقه اإلسالمي هبة من الرمحان‬
‫وأمانة مودعة لإلنسان مسؤول عنها وعن حفظها يف الدنيا واآلخرة‪.‬‬

‫ـ ـ ـ مت إقرار القتل الرحيم يف بعض الدول الغربية كهولندا وبلجيكا وإيطاليا‪ ,‬وهو يف تزايد مستمر‪.‬‬

‫ـ ـ بررت الدول اليت أقر ت القتل الرحيم بغاية الرمحة والشفقة على املريض‪.‬‬

‫ـ ـ ـ رضا( املريض) اجملين عليه يعترب ظرفا خمففا يف جرمية القتل الرحيم لدى معظم الدول الغربية وبعض‬
‫القوانني العربية كسوريا والسودان‪.‬‬

‫ـ ـ القتل الرحيم بكل صوره جرمية يعاقب عليها الفقه اإلسالمي وأغلب القوانني الوضعية ‪.‬‬

‫ـ ـ ـ األصل يف القتل التجرمي‪ ,‬وال خالف يف ذلك بني الفقه والقانون ‪.‬‬

‫ـ ـ أن هذا النوع من القتل يف الفقه اإلسالمي ال تربره غاية أو مقصد الرمحة ألن القتل فعل حمرم لذاته‪,‬‬
‫واإلنسان ليس بأرحم من اهلل عز وجل‪ ,‬فاهلل سبحانه أرحم من األم بولدها‪.‬‬

‫ـ ـ رفع أجهزة اإلنعاش الصناعي عن امليت دماغيا ال تدخل يف صور القتل الرحيم‪.‬‬

‫‪71‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫ـ ـ احلياة هبة من اهلل تعاىل واآلالم اليت يتعرض هلا اإلنسان نتيجة األمراض‪ ,‬هي ابتالء من اهلل وكفارة‬
‫للذنوب بالنسبة للمسلم فقد سئل أحدهم وقد كان حيمل محال ثقيال على ظهره (ملا ال تسأل اهلل أن‬
‫خيفف محلك؟ قال بل أسأل اهلل أن يقوي ظهري)‪ ,‬فتخفيف األمل ليس بالقتل أو بطلب املوت‪ ,‬وإمنا‬
‫بالتضرع هلل بالشفاء و اختاذ األسباب ‪.‬‬

‫وأخريا نرجوا من اهلل تعاىل أن نكون قد وفقنا ولو بالقدر القليل يف اجناز هذا البحث‪ ,‬داعني من‬
‫املوىل عز وجل أن يتقبل منا خالص األعمال‪ ,‬وجيعلها يف ميزان حسناتنا‪ ,‬ويف ميزان حسنات كل من‬
‫ساهم يف اجناز هذا البحث‪ ,‬واحلمد هلل على التمام‪ ,‬والصالة والسالم على حممد خري األنام‪.‬‬

‫أدرار يف‪11:‬ماي‪2013‬م‪.‬‬

‫‪72‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫الفهارس‬

‫‪73‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫فهرس اآليات القرآنية‬


‫رقم‬
‫الصفحة‬ ‫اآلية‬ ‫السورة‬
‫اآلية‬
‫‪29‬‬ ‫‪85‬‬ ‫﴿أفـتـؤمنون ببـعض الكتاب وتكفرون ببـع ٍ‬
‫ض‪﴾....‬‬ ‫البقرة‬
‫﴿ولنبـلونمكم بشي ٍء من اخلوف واجلوع ونـق ٍ‬
‫ص من األموال ‪56 /155‬‬
‫‪156‬‬ ‫صابرين‪﴾...‬‬ ‫واألنـفس والثممرات وبشِّر ال م‬
‫‪55 173‬‬ ‫﴿إممنا حمرم عليكم الميتة والدمم وحلم اخلنزير‪﴾....‬‬
‫‪55 179‬‬ ‫﴿ولكم يف القصاص حياةٌ يا أويل األلباب لعلمكم تـتـمقون﴾‬
‫‪55 195‬‬ ‫﴿ وال تـلقوا بأيديكم إىل التـمهلكة﴾‬
‫‪55/34‬‬ ‫‪29‬‬ ‫﴿وال تـقتـلوا أنـفسكم إ من اللمه كان بكم رحيما﴾‬ ‫النساء‬
‫‪54/34‬‬ ‫‪93‬‬ ‫﴿ومن يـقتل مؤمنا متـع ِّمدا فجزاؤه جهنمم‪﴾....‬‬
‫‪63/32/17‬‬ ‫‪02‬‬ ‫﴿وتـعاونوا على ال ِّرب والتـمقوى وال تـعاونوا على اإلمث والعدوان﴾‬ ‫املائدة‬
‫‪32‬‬ ‫س أو فس ٍاد يف األرض‪﴾.....‬‬ ‫﴿من قـتل نـفسا بغري نـف ٍ‬
‫‪55‬‬ ‫‪45‬‬ ‫﴿وكتبـنا عليهم فيها أ من النـمفس بالنـمفس‪﴾......‬‬
‫‪34‬‬ ‫‪151‬‬ ‫﴿وال تـقتـلوا أوالدكم من إمال ٍق‪﴾...........‬‬ ‫األنعام‬
‫‪56‬‬ ‫‪87‬‬ ‫يوسف ﴿وال تـيأسوا من روح اللمه‪﴾.................‬‬
‫‪54/25‬‬ ‫‪85‬‬ ‫الروح من أمر رِّيب﴾‬
‫الروح قل ُّ‬
‫اإلسراء ﴿ويسألونك عن ُّ‬

‫‪54‬‬ ‫‪33‬‬ ‫﴿وال تـقتـلوا النـمفس الميت حمرم اللمه إمال باحل ِّق﴾‬

‫‪36/18‬‬ ‫‪107‬‬ ‫األنبياء ﴿وما أرسلناك إمال رمحة للعالمني﴾‬


‫‪34‬‬ ‫‪63‬‬ ‫﴿فـليحذر المذين خيالفون عن أمره‪﴾........‬‬ ‫النور‬
‫‪57‬‬ ‫الشعراء ﴿وإذا مرضت فـهو يشفني﴾‬
‫‪57‬‬ ‫‪62‬‬ ‫السوء‪﴾....‬‬
‫﴿أمن جييب المضطمر إذا دعاه ويكشف ُّ‬ ‫النمل‬
‫‪63‬‬ ‫‪17‬‬ ‫﴿وأمر بالمعروف وانه عن المنكر‪﴾.........‬‬ ‫لقمان‬
‫‪74‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫‪24‬‬ ‫‪9/8‬‬ ‫ي ذن ٍ‬
‫ب قتلت﴾‬ ‫التكوير ﴿وإذا الموءودة سئلت (‪ )8‬بأ ِّ‬
‫فهرس األحاديث النبوية‪:‬‬

‫الصفحة‬ ‫الراوي‬ ‫الرقم طرف الحديث‬


‫‪36‬‬ ‫املقدسي‬ ‫‪ 01‬إمنا يرحم اهلل من عباده الرمحاء‬
‫‪36‬‬ ‫الرتمذي‬ ‫‪ 02‬الرامحون يرمحهم الرمحان‬
‫‪57‬‬ ‫البخاري‬ ‫‪ 03‬ريب أذهب الباس وأشفي‬
‫‪56‬‬ ‫مسلم‬ ‫‪ 04‬عجبا ألمر املؤمن أن أمره كله خري‬
‫‪57‬‬ ‫البخاري‬ ‫‪ 05‬ال يتمنني أحدكم املوت‬
‫‪56‬‬ ‫مسلم‬ ‫‪ 06‬لكل داء دواء‬
‫‪55‬‬ ‫البخاري‬ ‫‪ 07‬من تردى من جبل‬

‫فهرس المصادر والمراجع‬

‫أوال‪ :‬المصادر والمراجع الفقهية اإلسالمية‪:‬‬

‫‪75‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫‪11‬ـ القرآن الكريم وتفاسيره ‪:‬‬

‫ـ ـ القرآن الكرمي برواية حفص‪.‬‬

‫ـ ابن القيم اجلوزية ( حممد بن سعد مشس الدين )‪ ,‬التفسري القيم ‪ ,‬حتقيق ‪ :‬الشيخ إبراهيم رمضان ‪,‬‬
‫ط‪ ,1‬سنة ‪1984‬م _ ‪1410‬ه ‪ ,‬دار مكتبة اهلالل ‪ ,‬بريوت ‪.‬‬

‫ـ الطربي ( أيب جعفر حممد بن جرير ) ‪ :‬تفسري الطربي جامع البيان عن تأويل القرءان ‪ ,‬ط‪, 2‬‬
‫بدون سنة النشر ‪ ,‬مكتبة ابن تيمية ‪ ,‬القاهرة‪.‬‬

‫ـ حممد عبد اللطيف بن اخلطيب ‪ :‬أوضح التفاسري‪ ,‬ط‪ ,6‬سنة ‪1964‬م _ ‪1383‬ه ‪ ,‬املطبعة‬
‫املصرية ومكتبتها‪.‬‬

‫‪2‬ـ الحديث وشروحه ‪:‬‬

‫ـ ابن تيمية ( أبو العباس أمحد بن عبد احلليم احلراين )‪ :‬االستقامة‪ ,‬ط‪ ,1‬سنة ‪1403‬هـ‪ ,‬دار جامعة‬
‫الغمام حممد بن مسعود ‪ ,‬املدينة املنورة‪.‬‬

‫ـ ابن حبان ( حممد بن حبان بن معبد التميمي) ‪ :‬اإلحسان يف تفريق صحيح ابن حبان ‪ ,‬حتقيق ‪:‬‬
‫شعيب األرنووط ‪ ,‬ط‪ ,1‬سنة ‪1888‬م _ ‪1408‬ه ‪ ,‬مؤسسة الرسالة ‪ ,‬بريوت‪.‬‬

‫ـ الرتمذي ( حممد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك )‪ :‬سن الرتمذي ‪ ,‬حتقيق‪ :‬بشار عواد‬
‫معروف ‪ ,‬بدون رقم طبعة ‪,‬سنة ‪1998‬م _ ‪1418‬ه ‪ ,‬دار الغرب اإلسالمي ‪,‬بريوت‪.‬‬

‫ـ املقدسي ( بن الدين أبو عبد اهلل حممد بن عبد الواحد ) ‪ :‬األحاديث املختارة أو املستخرجة من‬
‫األحاديث املختارة مما مل خيرجه البخاري ومسلم يف صحيحهما ‪ ,‬حتقيق ‪ :‬عبد املالك بن عبد اهلل بن‬
‫دهيش ‪ ,‬ط‪ , 3‬سنة ‪2000‬م _ ‪1420‬ه ‪,‬دار خضر‪ ,‬بريوت‪ ,‬ج‪.13‬‬

‫‪3‬ـ أصول الفقه وقواعده ومقاصده ‪:‬‬

‫‪76‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫ـ أبو سالم (مصطفى بن حممد بن سالمة)‪ :‬التأسيس يف أصول الفقه على ضوء الكتاب‬
‫والسنة‪,‬بدون رقم الطبعة‪,‬وبدون سنة الطبع‪ ,‬مكتبة احلرمني للعلوم النافعة‪.‬‬

‫ـ ابن عبد السالم(أبو حممد عز الدين عبد العزيز) ‪ :‬قواعد األحكام يف مصاحل األنام ‪,‬ط‪ , 1‬سنة‬
‫‪1999‬م _ ‪1420‬ه ‪,‬دار الكتب العلمية ‪ ,‬بريوت‪.‬‬

‫ـ عبد العزيز بن عبد الرمحان بن علي بن ربيعة ‪ :‬علم مقاصد الشارع‪,‬ط‪ ,1‬سنة ‪2002‬م _‬
‫‪1423‬ه ‪ ,‬فهرسة مكتبة امللك فهد الوطنية ‪ ,‬الرياض ‪.‬‬

‫ـ عمر بن صاحل بن عمر‪ :‬مقاصد الشريعة اإلسالمية عند العز بن عبد السالم ‪ ,‬ط‪ , 1‬سنة‬
‫‪2003‬م _ ‪1423‬ه‪ ,‬دار النفائس ‪ ,‬األردن ‪.‬‬

‫ـ القرايف ( شهاب الدين أيب العباس بن أمحد ) ‪ :‬الفروق ‪,‬ط‪,1‬سنة ‪2003‬م _‪1424‬ه ‪ ,‬مؤسسة‬
‫الرسالة ناشرون ‪ ,‬بريوت‪.‬‬

‫ـ اليويب (حممد سعيد بن امحد بن مسعود) ‪ :‬مقاصد الشريعة اإلسالمية وعالقتها باألدلة الشرعية ‪,‬‬
‫ط‪ ,1‬سنة ‪1998‬م _ ‪1918‬ه ‪,‬دار اهلجرة الرياض ‪.‬‬

‫ـ مصطفى ابن كرامة اهلل خمدوم‪ :‬قواعد الوسائل يف الرتبية اإلسالمية ‪ ,‬ط‪ ,1‬سنة ‪1999‬م‪1420 ,‬‬
‫ه ‪ ,‬دار شبيليا ‪,‬الرياض ‪.‬‬

‫ـ يوسف أمحد البدوي ‪ :‬مقاصد الشريعة اإلسالمية عند ابن تيمية ‪ ,‬بدون رقم طبعة ‪,‬سنة‬
‫الطبعة‪1949‬م _ ‪1419‬ه ‪ ,‬دار النفائس ‪ ,‬األردن ‪.‬‬

‫‪4‬ـ المعاجم اللغوية‪:‬‬

‫ـ ابن منظور ( مجال الدين حممد اإلفريقي) ‪ :‬لسان العرب ‪ ,‬ط‪ ,1‬سنة ‪2009‬م _ ‪1424‬ه ‪ ,‬دار‬
‫الكتب العلمية ‪ ,‬بريوت‪.‬‬

‫ـ الرازي (محد بن أيب بكر ) ‪ :‬خمتار الصحاح ‪,‬ط‪ ,1‬سنة ‪1996‬م ‪ ,‬دار عمار‪,‬عمان‪.‬‬

‫‪77‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫ـ جممع الفقه العربية‪ :‬املعجم الوسيط ‪ ,‬ط‪ , 4‬سنة ‪2004‬م _ ‪1420‬ه ‪ ,‬مكتب الشرف الدولية‬
‫‪,‬مصر ‪.‬‬

‫ـ حممد مرتضي احلسين الزبيدي ‪ :‬تاج العروس ‪ ,‬ط‪ ,1‬سنة ‪2000‬م _ ‪1421‬ه ‪ ,‬اجمللس الوطين‬
‫للثقافة والفنون واآلداب ‪ ,‬الكويت‪.‬‬

‫‪5‬ـ الفقه اإلسالمي‪:‬‬

‫ـ ابن تيمية (أبو العباس أمحد بن عبد احلليم احلراين) ‪ :‬جمموع الفتاوى ‪ ,‬دون رقم طبعة ‪ ,‬دون سنة‬
‫طبع‪ ,‬دون دار‪ ,‬ودون بلد النشر ‪ ,‬سنة ‪1995‬م _ ‪1416‬ه‪.‬‬

‫ـ حطاب الدعيسي ( حممد عبد الرمحان املقري ) ‪ :‬مواهب اجلليل شرح خمتصر خليل ‪,‬ط‪ ,1‬سنة‬
‫‪1995‬م ‪1416 -‬ه ‪,‬دار الكتب العلمية ‪,‬لبنان ‪.‬‬

‫ـ عبد احلق محيش ‪ :‬قضايا فقهية معاصرة ‪ ,‬ط‪ ,1‬سنة ‪2011‬م ‪1434 -‬ه ‪ ,‬دار قرطبة ‪ ,‬الشارقة‬
‫‪.‬‬

‫ـ علي حممد علي أمحد‪:‬معيار حتقق الوفاة وما يتعلق هبا من قضايا حديثة يف الفقه اإلسالمي‪,‬‬
‫ط‪,1‬سنة‪2007‬م‪,‬دار الفكر اجلامعي ـ اإلسكندرية‪.‬‬

‫ـ حممد أبو زهرة ‪ :‬اجلرمية والعقوبة يف الفقه اإلسالمي ( اجلرمية ) ‪ ,‬بدون رقم طبعة ‪,‬سنة ‪1997‬م ‪,‬‬
‫دار الفكر الغريب ‪ ,‬القاهرة ‪.‬‬

‫ـ حممد بن حسني اجليزاين ‪ :‬فقه النوازل دراسة تأصيلية تطبيقية ‪ ,‬ط‪, 2‬سنة ‪- 2006‬‬
‫‪1427‬ه‪,‬دار ابن اجلزي ‪ ,‬السعودية ‪.‬‬

‫ـ يوسف القرضاوي ‪ :‬فتاوى معاصرة يف العالقات االجتماعية ‪ ,‬بدون رقم طبعة ‪ ,‬بدون سنة النشر ‪,‬‬
‫دار الشهاب ‪ ,‬اجلزائر‪.‬‬

‫‪78‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫ـ يوسف القرضاوي ‪ :‬من هدى اإلسالم فتاوى معاصرة ‪,‬ط‪ ,1‬سنة ‪2000‬م ‪1421-‬ه ‪ ,‬املكتبة‬
‫اإلسالمية ‪ ,‬بريوت‪.‬‬

‫‪6‬ـ الفقه الطبي‪:‬‬

‫ـ أيب حذيفة بن حممد ‪ :‬نفح الطيب يف آداب وأحكام الطبيب ‪,‬ط‪ ,1‬سنة ‪1990‬م ‪1411-‬ه‬
‫‪,‬دار الصحابة للذات ‪,‬طنطا ‪.‬‬

‫ـ امحد شرف الدين ‪ :‬األحكام الشرعية لألعمال الطبية ‪ ,‬ط‪ ,1‬سنة ‪1987‬م ‪1407-‬ه ‪,‬بدون‬
‫دار نشر‪.‬‬

‫ـ بلحاج العريب‪:‬األحكام الشرعية والطبية للمتويف‪ ,‬شبكة األلوكة‪.www.aulouka.net ,‬‬

‫ـ مسرية عايد الديات ‪ :‬عمليات نقل وزرع األعضاء البشرية بني الشريعة والقانون ‪ ,‬ط‪ ,1‬سنة‬
‫‪1999‬م ‪,‬دار الثقافة ‪ ,‬عمان ‪ .‬األردن ‪.‬‬

‫ـ مشس الدين بن قيم اجلوزية ‪ :‬الطب النبوي ‪ ,‬حتقيق‪:‬حممد حممد بكر‪ ,‬ط‪ ,1‬سنة ‪2004‬م ‪-‬‬
‫‪1424‬ه ‪ ,‬دار الدعوى ‪ ,‬اإلسكندرية ‪.‬‬

‫ـ غادة علي حامد العمروسي ‪ :‬اعتداء الطبيب على النفس وما دوهنا يف ظل املقاصد الشرعية‬
‫واألخالقيات الطبية ‪ ,‬ط‪ ,1‬سنة ‪2010‬م ‪1431 -‬ه ‪ ,‬دار الفكر اجلامعي‪ ,‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫ـ حممد ابراهيم سعد النادي ‪ :‬موت الدماغ وموقف الفقه اإلسالمي منه دراسة مقارنة ‪ ,‬ط‪ , 1‬سنة‬
‫‪2010‬م‪1431 -‬ه ‪ ,‬دار الفكر اجلامعي ‪ ,‬اإلسكندرية‪.‬‬

‫‪ .‬عبد احلميد الشواريب ‪:‬مسؤولية األطباء والصيادلة ‪ ,‬ط‪ ,2‬سنة ‪2000‬م ‪,‬دار املعارف اإلسكندرية‬
‫‪.‬‬

‫‪ 23‬ـ حممد علي البار ‪ :‬أحكام التداوي واحلاالت امليؤوس من شفائها وقضية القتل الرحيم ‪,‬ط‪,1‬‬
‫سنة ‪1995‬م _ ‪1416‬ه ‪ ,‬دار املنارة ‪,‬جده ‪.‬‬

‫‪79‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫‪7‬ـ المجالت والمؤتمرات اإلسالمية ‪:‬‬

‫ـ أمحد حممد املومين‪ :‬القتل املريح بني الشريعة والقانون‪ , ,‬اجمللة األردنية يف الدراسات اإلسالمية‪,‬‬
‫العدد‪ ,03/‬سنة ‪2008‬م ـ ‪1429‬هـ ‪.‬‬

‫ـ أفلح بن أمحد اخلليلي‪ :‬فتح الذرائع أدلته وضوابطه‪ ,‬أحباث ووقائع املؤمتر العام الثاين والعشرون ‪,‬‬
‫اجمللس األعلى للشؤون اإلسالمية ‪.‬‬

‫ـ قرارات اجملمع الفقهي اإلسالمي مبكة ‪,‬املنعقد يف الفرتة ( ‪1424-1398‬ه ‪2004-1977,‬م )‬


‫‪.‬‬

‫ـ جابر احلجاحجة‪ :‬القتل بدافع الشفقة‪ ,‬اجمللة األردنية يف الدراسات اإلسالمية ‪ ,‬العدد ‪/3‬أ ‪ ,‬سنة‬
‫‪2009‬م‪1430-‬ه‪.‬‬

‫ـ الصديق حممد األمني الضرير‪:‬أحكام اإلجهاض يف الشريعة اإلسالمية‪ ,‬جملة الفقه اإلسالمي‪ ,‬السنة‬
‫اخلامسة ‪,‬العدد السابع ‪.‬‬

‫ـ حلمي عبد الرزاق احلديدي‪:‬قضية القتل الرحيم‪ ,‬أحباث ووقائع العام الثاين والعشرين‪ ,‬اجمللس األعلى‬
‫للشؤون اإلسالمية‪.‬‬

‫ـ حممد علي البار‪ :‬املوت اإلكلينيكي واملوت الشرعي‪ ,‬جملة الفقه اإلسالمي السنة العاشرة ‪ ,‬العدد‬
‫‪.12‬‬

‫ـ محد حممد اهلاجري‪:‬موت الدماغ بني األطباء والفقهاء‪ ,‬جملة كلية الشريعة للدراسات اإلسالمية ‪,‬‬
‫جامعة قطر ‪ ,‬سنة ‪2006‬م‪1427-‬ه ‪,‬العدد ‪. 24‬‬

‫ـ الطيب سالمة‪ :‬األخذ بالرخص وحكمه‪ ,‬جملة جممع الفقه اإلسالمي التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي‬
‫جبده ‪ ,‬العدد اخلامس‪.‬‬

‫ثانيا‪ :‬المصادر والمراجع القانونية‪:‬‬

‫‪80‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫ـ أمري فرح يوسف‪:‬مسؤولية األطباء من الناحية املدنية واجلنائية والتأديبية‪,‬دون رقم‬


‫طبعة‪,‬سنة‪2010‬م‪,‬مركز اإلسكندرية للكتاب‪.‬‬

‫ـ حممد علي صبحي ‪ :‬رضا اجملين عليه وأثره على املسؤولية اجلنائية ‪ ,‬بدون رقم طبعة ‪,‬سنة ‪1983‬م‪,‬‬
‫ديوان املطبوعات اجلامعية ‪,‬اجلزائر ‪.‬‬

‫ـ قانون العقوبات اجلزائري ‪ ,‬األمر رقم ‪ 256-66‬املؤرخ يف ‪ 19‬صفر ‪1386‬ه املوافق ل جويلية‬
‫‪1966‬م‪ ,‬املعدل واملتمم ب ‪. 2009‬‬

‫ـ القانون اجلزائري ‪ ,‬رقم‪ , 85/05‬املؤرخ يف ‪1985/02/16‬م‪ ,‬املتعلق حبماية الصحة ‪ ,‬املعدل‬


‫واملتمم بالقانون رقم ‪ , 90/17‬املؤرخ يف ‪1980/07/31‬م ‪.‬‬

‫ثالثا المصادر والمراجع المقارنة‪:‬‬

‫ـ السيد عتيق ‪:‬القتل بدافع الشفقة ‪ ,‬بدون رقم طبعة ‪ ,‬سنة الطبعة ‪2004‬م ‪1425-‬ه ‪,‬دار‬
‫النهضة العربية ‪ ,‬القاهرة‪.‬‬

‫ـ عبد القادر عودة‪ :‬التشريع اجلنائي اإلسالمي مقارنا بالقانون الوضعي ‪,‬ج‪ ,2‬ط‪,10‬‬
‫سنة‪,1989‬دار الكتاب العريب ‪ ,‬بريوت ‪.‬‬

‫ـ حممد اهلواري ‪ :‬قتل املرمحة بني الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي ‪ ,‬بدون رقم طبعة ‪ ,‬سنة ‪2003‬م‬
‫_ ‪1423‬ه ‪ ,‬اجمللس األورويب لإلفتاء والبحوث ‪ ,‬ستوكلهوم ‪.‬‬

‫‪ .‬مصطفى حممد الدغيدي ‪:‬اإلثبات وخطة البحث يف جرائم القتل ‪ ,‬بدون رقم طبعة ‪,‬سنة ‪2007‬‬
‫‪,‬بدون دار نشر ‪.‬‬

‫المجالت المقارنة‪:‬‬

‫ـ دراسات علوم الشريعة والقانون ‪,‬اجمللد‪ , 34‬العدد ‪, 2‬سنة ‪2007‬م‪.‬‬

‫‪81‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫ـ اإلعالنات والمواثيق الدولية واإلقليمية‪:‬‬

‫ـ امليثاق اإلسالمي العاملي لألخالقيات الطبية والصحية‬

‫ـ إعالن فينا‪.1983‬‬

‫ـ إعالن مدريد‪.1987‬‬

‫ـ اإلتفاقية األوروبية الصادرة عن جملس أوروبا يف ‪ 04‬نوفمرب ‪.1956‬‬

‫ـ اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان‪ ,‬اعتمد ونشر على املأل مبوجب قرار اجلمعية العامة لألمم املتحدة‬
‫‪ 217‬ألف (د‪ )3-‬املؤرخ يف ‪ 10‬كانون األول‪/‬ديسمرب ‪.1948‬‬

‫ـ العهد الدويل للحقوق املدنية و السياسية أعتمد وعرض للتوقيع والتصديق واالنضمام مبوجب قرار‬
‫اجلمعية العامة لألمم املتحدة ‪ 2200‬ألف (د ـ ـ‪ )21‬املؤرخ يف ‪ 16‬ديسمرب ‪ ,1966‬تاريخ بدء‬
‫النفاذ‪ 3 :‬يناير ‪ ,1976‬وفقا للمادة ‪.27‬‬

‫ـ امللتقى الدويل حول األخطاء الطبية باجلزائر ‪ ,‬يوم ‪2010/04/12‬م ‪.‬‬

‫ـ املؤمتر العاملي الثالث املنعقد يف بلجيكا ‪ ,‬أيام ‪ 13-10‬أوت ‪1873‬م‪.‬‬

‫المذكرات ‪:‬‬

‫ـ عبد املالك بن محد الفارس ‪ :‬جرمية االنتحار والشروع فيه بني الشريعة والقانون ‪ ,‬مذكرة ماجستري ‪,‬‬
‫سنة ‪2004‬م – ‪1425‬ه ‪,‬الرياض ‪ ,‬جامعة نايف العربية للعلوم األمنية كلية الدراسات العليا ‪,‬‬
‫قسم العدالة اجلنائية ‪.‬‬

‫الموسوعات‪:‬‬

‫ـ املوسوعة الفقهية الكويتية‪ ,‬ط‪ ,2‬سنة‪1427‬ه ـ ‪2004‬م‪ ,‬وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ـ‬
‫الكويت‪,‬ج‪.6‬‬

‫‪82‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫ـ املوسوعة العربية اإلسالمية‪www. Intaaj.net:‬‬

‫المواقع االلكترونية ‪:‬‬

‫‪– www . ahmadbarak . com‬‬

‫‪– www . arabic . bayynet .ory‬‬

‫‪– www . damldubai . com .‬‬

‫‪- www . islamseleet .net .‬‬

‫‪– www . lawjo . net .‬‬

‫‪– www . sabayamagmazine . com .‬‬

‫‪- www . sahab . net .‬‬

‫‪– www . solaim .com‬‬

‫فهرس الموضوعات‪:‬‬

‫الصفحة‬ ‫املوضوع‬

‫شكر وعرفان‬

‫اإلهداء‬

‫‪07‬‬ ‫مقدمة‬
‫‪13‬‬ ‫الفصل األول‪ :‬مفهوم القتل الرحيم أساسه الفلسفي‬
‫‪83‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫‪15‬‬ ‫املبحث األول‪ :‬مفهوم القتل الرحيم وتطوره التارخيي‬


‫‪16‬‬ ‫املطلب األول‪:‬مفهوم القتل الرحيم‬
‫‪16‬‬ ‫الفرع األول‪:‬تعريف القتل‬
‫‪16‬‬ ‫أوال‪:‬لغة‬
‫‪17‬‬ ‫ثانيا‪:‬اصطالحا‬
‫‪18‬‬ ‫الفرع الثاين‪:‬تعريف الرحيم‬
‫‪18‬‬ ‫أوال‪:‬لغة‬
‫‪18‬‬ ‫ثانيا‪:‬اصطالحا‬
‫‪19‬‬ ‫الفرع األول‪:‬التعريف الرتكييب للقتل الرحيم‬
‫‪22‬‬ ‫املطلب الثاين‪:‬التطور التارخيي للقتل الرحيم‬
‫‪22‬‬ ‫الفرع األول ‪:‬تطور القتل الرحيم يف الدول الغربية‬
‫‪24‬‬ ‫الفرع الثاين ‪:‬تطور القتل الرحيم يف الدول العربية‬
‫‪26‬‬ ‫املبحث الثاين ‪:‬أحكام الغايات ووسائلها‬
‫‪27‬‬ ‫املطلب األول ‪:‬قاعدة الغاية تربر الوسيلة‬
‫‪27‬‬ ‫الفرع األول ‪:‬مفهوم قاعدة الغاية تربر الوسيلة وأصلها‬
‫‪27‬‬ ‫أوال‪:‬مفهوم قاعدة الغاية تربر الوسيلة‬
‫‪27‬‬ ‫ثانيا أصل قاعدة الغاية تربر الوسيلة‬
‫‪28‬‬ ‫الفرع الثاين ‪:‬إسقاط قاعدة الغاية تربر الوسيلة على القتل الرحيم‬
‫‪31‬‬ ‫املطلب الثاين ‪:‬ارتباط الوسائل بأحكام املقاصد‬
‫‪31‬‬ ‫الفرع األول ‪:‬مفهوم قاعدة الوسائل هلا أحكام املقاصد وأصلها‬
‫‪31‬‬ ‫أوال‪ :‬مفهوم قاعدة الوسائل هلا أحكام املقاصد‬
‫‪33‬‬ ‫ثانيا‪:‬أصل قاعدة الوسائل هلا أحكام املقاصد‬
‫‪34‬‬ ‫الفرع الثاين‪:‬اسقاط قاعدة الوسائل هلا أحكام املقاصد على القتل الرحيم‬
‫‪35‬‬ ‫أوال‪ :‬مفهوم فتح الذرائع‬
‫‪84‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫‪36‬‬ ‫ثانيا‪:‬ضوابط فتح الذرائع‬


‫‪39‬‬ ‫الفصل الثاني ‪:‬حكم القتل الرحيم وصوره‬
‫‪41‬‬ ‫املبحث األول ‪:‬القتل الرحيم بني اإلقرار والتجرمي‬
‫‪42‬‬ ‫املطلب األول ‪:‬إقرار القتل الرحيم‬
‫‪42‬‬ ‫الفرع األول ‪ :‬إقرار القتل الرحيم يف القانون اهلولندي‬
‫‪44‬‬ ‫الفرع الثاين ‪ :‬إقرار القتل الرحيم يف القانون البلجيكي‬
‫‪45‬‬ ‫الفرع الثالث ‪ :‬إقرار القتل الرحيم يف القانون الربيطاين‬
‫‪49‬‬ ‫املطلب الثاين ‪ :‬جترمي القتل الرحيم‬
‫‪49‬‬ ‫الفرع األول ‪:‬التجرمي القانوين للقتل الرحيم‬
‫‪50‬‬ ‫أوال ‪:‬النصوص الدولية‬
‫‪51‬‬ ‫ثانيا‪:‬القوانني الداخلية‬
‫‪51‬‬ ‫‪1‬ـ ـ ـ ـ القوانني الغربية‬
‫‪53‬‬ ‫‪ 2‬ـ ـ ـ ـ القوانني العربية‬
‫‪54‬‬ ‫الفرع الثاين ‪:‬التجرمي الشرعي اإلسالمي للقتل الرحيم‬
‫‪54‬‬ ‫أوال‪ :‬حترمي االعتداء على النفس‬
‫‪54‬‬ ‫ثانيا ‪:‬تشريع القصاص‬
‫‪55‬‬ ‫ثالثا‪ :‬حترمي االنتحار‬
‫‪55‬‬ ‫رابعا ‪:‬إباحة احملظورات عند الضرورة‬
‫‪59‬‬ ‫املبحث الثاين ‪:‬صور القتل الرحيم وأحكامها‬
‫‪60‬‬ ‫املطلب األول ‪:‬القتل الرحيم االجيايب‬
‫‪60‬‬ ‫الفرع األول ‪:‬مفهوم القتل الرحيم االجيايب‬
‫‪61‬‬ ‫الفرع الثاين ‪:‬تطبيقات القتل الرحيم االجيايب وأحكامها‬
‫‪61‬‬ ‫أوال‪:‬طلب املريض من الطبيب املعاجل إهناء حياته‬
‫‪62‬‬ ‫ثانيا ‪:‬طلب املساعدة على االنتحار‬
‫‪85‬‬
‫القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي‬

‫‪64‬‬ ‫املطلب الثاين ‪:‬القتل الرحيم السليب‬


‫‪64‬‬ ‫الفرع األول ‪:‬مفهوم القتل الرحيم السليب‬
‫‪64‬‬ ‫الفرع الثاين ‪:‬تطبيقات القتل الرحيم السليب وأحكامها‬
‫‪64‬‬ ‫أوال‪ :‬رفع أجهزة اإلنعاش الصناعي عن املريض امليؤوس من شفائه‬
‫‪65‬‬ ‫‪1‬ـ ـ ـ تعريف اإلنعاش الصناعي‬
‫‪65‬‬ ‫‪ 2‬ـ ـ ـ حكم رفع أجهزة اإلنعاش عن املريض‬
‫‪67‬‬ ‫ثانيا‪:‬امتناع الطبيب عن القيام بالعالج للمريض‬
‫‪68‬‬ ‫ثالثا‪:‬امتناع املريض عن التداوي‬
‫‪70‬‬ ‫خامتة‬
‫‪73‬‬ ‫الفهارس‬
‫‪74‬‬ ‫فهرس اآليات القرءانية‬
‫‪75‬‬ ‫فهرس األحاديث النبوية‬
‫‪76‬‬ ‫فهرس املصادر واملراجع‬
‫‪84‬‬ ‫فهرس املوضوعات‬

‫‪86‬‬

You might also like