Professional Documents
Culture Documents
القتل الرحيم PDF
القتل الرحيم PDF
جامعة أدرار
القتل الرحيـم
دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون
الوضعي
بحث مقدم الستكمال
/2132ـ2131م
0
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
1
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
جامعة أدرار
القتل الرحيـم
/2132ـ2131م
2
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
3
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
قبس قرآين:
﴿و َال تَ ْيأَ ُسو ْا ِمن َر ْوحِ ه ِ
اَّلل ان ه ُه َ
ِ
َال ي َ ْيأَ ُس ِمن َر ْوحِ ه ِ
اَّلل االه
ِ
الَك ِف ِر َين﴾
ال َق ْو ُم َ
[يوسف]78:
4
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
شكر وعرفان
نشكر اهلل سبحانه وتعاىل األول بال بداية واآلخر بال هناية فهو صاحب
النعم الذي هدانا لطاعته ووفقنا يف إجناز هذا البحث
والشكر موصول لكل من قدم لنا يد العون وساهم يف اجناز هذا البحث.
كما ال يفوتنا يف هذا املقام أن نتقدم خبالص الشكر والتقدير إىل األساتذة
األفاضل الذين تفضلوا بقراءة هذه الرسالة .نسأل اهلل سبحانه وتعاىل أن
جيعل ذلك يف حسناهتم يوم القيامة.
الباحثتان
5
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
اإلهداء
إىل منبع العطاء الصايف ,الوالدين الكرمين ,حفظهم اهلل تعاىل.
إىل كل ٍ
فرد من أفراد عائلتينا.
إىل معلمينا ,وأساتذتنا ,و مشاخينا ,الذين أناروا لنا معامل طريق
العلم ,جزاهم اهلل عنا خري اجلزاء
إىل كل من حيمل يف قلبه نية خالصة لطلب العلم ,واملعرفة.
إىل كل من قدم لنا يد العون يف إجناز هذا العمل من قريب أو
بعيد ,جعل اهلل هلم ذلك يف ميزان حسناهتم إن شاء اهلل تعاىل.
المقدمة
هندي هذا اجلهد املتواضع إليهم مجيعا.
سعيدة /كلثوم
6
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
المقدمة
7
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
مقدمة
إن احلمد هلل نستعينه ونستغفره ونستهديه ,ونتوب إليه ,ونعوذ باهلل من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا
من يهده اهلل فال مضل له ,ومن يضلل فال هادي له ,ونشهد أن ال إله إال اهلل وحده ال شريك له ,وأشهد أن
حممدا عبده ورسوله ,صلى اهلل عليه وسلم تسليما كثريا أما بعد:
فرغم اجلهود املبذولة يف جمال الطب ,إال أن هناك أزمات صحية يشهدها العامل ,واليت ال يرجى معها
الشفاء ,ويصعب على املريض حتمل آالمها ,مما يدفع املريض إىل طلب وضع ٍ
حد حلياته ,وهو األمر الذي يرغب
فيه حىت أفراد عائلته الذين يتحسرون و يتأملون لتأمله ,مما جيعلهم يتمنون موته ,رمحة به وشفقة عليه ,أوليست
الرمحة قيمة إنسانية مطلوبة بني البشر؟ ,أليست مربرا كافيا إلقرار دول العامل بالقتل الرحيم ؟.
ومبا أن الدين مبين على اليسر ورفع احلرج ,أال ميكن أن نرفع احلرج عن املريض ,ونرحيه من هذه األآلم
بإهناء حياته ختفيفا عليه؟.
وإذا كان املقصد والغاية من هذا القتل هو الرمحة فهل يعين ذلك جواز حتقيق املقاصد املشروعة بالوسائل
غري املشروعة ؟
وعليه فما هي الرمحة املقصودة من وراء هذا القتل؟ وكيف ظهر هذا النوع من القتل؟ وإذا كانت له
جذور فما األساس الذي استند عليه؟ هل هذا القتل فعل إنساين يرجع إىل الرمحة باملريض ,أم هو جرمية ضد
اإلنسانية؟ وهل اإلنسان ميلك حياته حىت ينهيها كيفما شاء ومىت شاء؟ .وهذه التساؤالت كلها تدور حول
إشكالية حمورية وهي:ما التكيي ـ ـ ـ ــف الشـرعـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــي والقانـ ـ ـ ـ ــونـ ــي للقتـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــل الرحي ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ـ ــم؟
ومن هذا كله ,ونظرا ألمهية املوضوع اليت تتجلى يف كونه يرتبط ارتباطا وثيقا بأمسى وأقدس شيء يف الوجود وهو
احلياة ,ارتأينا اخلوض يف غمار حبث بعنوان " :القت ـ ـ ـ ـ ــل الرحي ـ ـ ـ ــم دراسة مقارنة بين الشريع ـ ـ ـ ـ ــة اإلسالمية
والقان ـ ـ ـ ــون الوضعي"
ـ ـ كانت رغبة ناجتة عن واقع معاش ومشاهد وذلك بانتقال القتل من فعل جمرم إىل وسيلة غايتها الرمحة.
ـ ـ بيان حكم الشريعة خبصوص املوضوع ,خاصة مع تزايد األمراض وشدة اآلمها.
8
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
ـ ـ ضبط مسألة أحكام الوسائل املرتبطة مبقاصدها مع جعل املوت وسيلة للرمحة وهي مقصد شرعي ,وذلك ببيان
حكم الشرع يف استعمال وسائل غري مشروعة لتحقيق مقاصد مشروعة ,على غرار ما ذهب إليه بعض فقهاء
القانون من أن الغاية تربر الوسيلة.
ـ ـ موضوع القتل الرحيم من املواضيع احلديثة نسبيا مل يتناوله فقهاء السلف مما سبب صعوبة يف تأصيل املسألة
وربطها بأصوهلا الشرعية.
ـ ـ ـ صعوبة الربط بني األصول النظرية اليت متنع القتل وجترمه والوقائع املعاشة,اليت جتعل اإلنسان يعاين من آالم ال
يستطيع من يقف جبوار املريض حتملها ,فما بالك باملريض نفسه .مما حيتاج إىل قوة البصرية وتعمق يف الفهم
بتفصيل حكم املسألة وربط الواقع بالنص.
الدراسات السابقة:
من خالل املطالعة واستقراء املراجع املتعلقة باملوضوع وجدنا بعض الدراسات املباشرة وغري املباشرة نذكر منها ما
يلي:
ـ ـ ـ كتاب بعنوان القتل بدافع الشفقة للسيد عتيق ,تطرق يف حبثه إىل جوانب مهمة من هذا املوضوع ,إال أنه مل
يتطرق إىل األساس الفلسفي ,كما مل يلم بكل صور القتل الرحيم واليت بيناها يف حبثنا هذا.
ـ ـ كتاب أحكام التداوي واحلاالت امليؤوس منها وقضية موت الرمحة حملمد على البار ,حتدث عن هذا املوضوع
حتت عنوان موت الرمحة.
ـ ـ ـ كتاب نطاق احلماية اجلنائية للميؤوس من شفائهم واملشوهني خلقيا حملمود إبراهيم حممد مرسي ,تطرق إليه يف
الفصل الثاين يف املبحث الثالث حتت عنوان االعتداءات املختلف يف جترميها والعقاب عليها.
ـ ـ ـ كتاب اعتداء الطبيب على النفس وما دوهنا لـغادة علي حامد العمروسي.حتدثت عنه يف املبحث األول بعنوان
املوت الرحيم ,من الفصل األول.
9
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
هذه املراجع وإن كانت مهمة بالنسبة للبحث ,فإن موضوعها مل يكن خاصا بالقتل الرحيم وإمنا مت تناوله يف
جزئية .وبناء عليها ومواصلة جلهودهم البحثية ,نزيد يف تفصيل البحث من خالل ربط موضوعه بأصوله الفقهية,
ومقاصده الشرعية ,ومقارنتها باألحكام القانونية.
منهج البحث:
ـ ـ اعتمدنا املنهج اإلستقرائي واملنهج املقارن ,من خالل املقارنة املباشرة بني القانون الوضعي والشريعة اإلسالمية.
ـ ـ ذكر اآلراء القانونية مث األحكام الفقهية اإلسالمية ,ليتم بعدها ذكر نتيجة املقارنة يف آخر كل فصل.
ـ ـ ـ الرجوع إىل املصادر األصلية واملراجع القدمية واحلديثة ومجع مادة البحث من الكتب املختلفة.
ـ ـ ـ ختريج األحاديث النبوية من األمهات مع ذكر الكتاب ,والباب ,واجلزء ,والصفحة ,والرقم.
خطة البحث:
الفصل األول بعنوان :مفهوم القتل الرحيم وأساسه الفلسفي ,حتته مبحثان ,األول بعنوان :مفهوم القتل الرحيم
وتطوره التارخيي ,والثاين بعنوان:أحكام الغايات(املقاصد) ووسائلها.
والفصل الثاين :حكم القتل الرحيم وصوره,حتته مبحثان ,األول بعنوان القتل الرحيم بني اإلقرار والتجرمي ,والثاين
بعنوان :صور القتل الرحيم وأحكامها.
11
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
12
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
13
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
تمهيد:
يشهد العامل اليوم تطورا هائال يف خمتلف العلوم و امليادين بوجه عام ,ويف جمال الطب بوجه
خاص ,إال أنه و رغم كل التطور وجدت حاالت ألمراض مستعصية ,وقف الطب أمامها عاجزا,
ونظرا حلدة األمل يصل املريض إىل حالة يأس شديد ,إىل درجة متين املوت ,وكحل جلأ البعض إىل
استعمال ما يعرف بالقتل الرحيم ,والذي يثري قضية حقوق اإلنسان وحرياته من حيث أن اإلنسان
ميلك احلق يف احلياة ,وأن له احلرية يف التصرف حبياته .
وهذه الفكرة مل تكن وليدة العصر بل تعود حلقب زمنية قدمية ,وتبلورت الفكرة حىت تطورت
شيئا فشيئا على أيادي الفالسفة واملفكرين إىل أن انتقلت من فكرة إىل عملية يسهل تطبيقها على
أرض الواقع .هذا ما سنتعرف عليه يف هذا الفصل وذلك من خالل املبحثني اآلتيني:
14
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
15
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
تمهيد:
مر القتل الرحيم بعدة مراحل تارخيية أثناء ممارسته من طرف أشخاص ألغراض ختتلف من شخص
آلخر ,ومت تطبيقه من طرف عدة دول ,على عدد من األشخاص ,منهم املرضى امليؤوس من
شفائهم ,ومنهم املعوقني ذهنيا ,ومنهم املعوقني بدنيا ...فما مفهوم هذا النوع من القتل؟ وكيف كان
تطوره عرب الزمن؟ .هذا ما سنبينه يف هذا املبحث من خالل املطلبني اآلتيني املعنونني بـ:
القتل الرحيم عبارة مكونة من مصطلحني مركبني ,وحىت يتبني لنا معنىاه بشكل واضح ,البد
أن نعرف مصطلح القتل على حدى ,ومصطلح الرحيم على حدى,وصوال إىل التعريف الرتكييب .
أوال :لغة.
القتل لغة معروف بـ :قـتـله يـقتـله قـتال و تقتاال .قـتـله إذا أماته بضرب أو حجر أو سم أو علة,
1
واملنية قاتلة.
و القتل إزهاق الروح ,نقول قـتـله قـتال أي أزهق روحه فهو قتيل ,واملرأة قتيل أيضا,إذا كان وصفا ,فإذا
أحذف املوصوف جعل إمسا وأدخلت عليه اهلاء نقول:رأيت قتيلة بين فالن.2
1ـ ابن منظور ( مجال الدين حممد اإلفريقي ) :لسان العرب ,ط ,1سنة 2003م ـ 1424ه ,دار الكتب العلمية ـ ـ ـ بريوت ,اجمللد
,11ص 651ـ .652
2ـ الرازي(,حممد بن أيب بكر) :خمتار الصحاح,ط,1سنة ,1996دار عمار_ عمان,ص.208
16
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
والقتل قتله قتال أماته,و يقال قتل اهلل فالنا:دفع شره,و قتل جوعه أو عطشه:أزال أمله بطعام أو
1
شراب .وقتل غليله:شفاه.وقتل اخلمر:مزحها باملاء ليكسر من حدهتا.
ثانيا :اصطالحا.
يعرف القتل يف الشريعة اإلسالمية كما يعرف يف القوانني الوضعية بأنه فعل من العباد تزول به
احلياة ,أي :إزهاق روح ادمي بفعل ادمي آخر.
قتل حمرم و هو كل قتل بعدوان.وقتل حبق و هو كل قتل ال عدوان فيه كقتل القاتل واملرتد.2
إزهاق روح إنسان بفعل إنسان آخر بغري موجب شرعي .وباعتبار القتل ميس الكيان
االجتماعي .ومحاية حياة األفراد هي اهلدف األمسى ,فقد جرمت معظم التشريعات االعتداء على
احلق يف احلياة .وقبل ذلك كان التشريع اإلهلي قد جرم هذا الفعل ,3حيث جاء يف حمكم تنزيله قوله
س أو فس ٍاد يف األرض فكأممنا قـتل النماس مجيعا﴾ [املائدة ]32
تعاىل﴿ :من قـتل نـفسا بغري نـف ٍ
هناك مواقف يعترب القتل فيها عمدا حىت لو مل تتوافر نية القتل,كأن يقتل شخص شخصا
آخر ,بينما كان يقصد إيذاءه فقط ال أن يقتله ,أو عندما يقوم بعمل يعلم أنه قد يؤدي إىل إيذاء
شديد لشخص آخر يف هذه احلالة يعد متهما يف جرمية القتل العمد.و الشخص الذي يقدم على
ارتكاب جرمية قتل يعين أنه يتجاهل قيمة احلياة البشرية ,و هذا التجاهل حيل حمل النية احلقيقية
للقتل.1
أوال:لغة.
رحيم على وزن فعيل مبعىن فاعل,كما قالوا مسيع مبعىن سامع وكذلك رجل رحوم وامرأة
رحومة ,قال األزهري:ال جيوز أن يقال رمحان إال هلل عز وجل ,ألنه أرحم الرامحني ,و الرحيم قد يكون
لغري اهلل ,قال تعاىل ﴿ :وما أرسلناك إمال رمحة للعالمني ﴾ [األنبياء ]107 :أي عطفا وصنعا .يقال
رجل رحيم ,وال يقال رمحان ,والرحيم قد يكون مبعىن املرحوم ,و الرمحة يف بين ادم عند العرب:رقة
2
القلب وعطفه ,و رمحة اهلل عطفه و إحسانه ورزقه.
و الرمحة بالفتح الرقة ,قال سيبويه(الرقة).قال الراغب":الرمحة:رقة تقتضي اإلحسان إىل املرحوم ,و قد
يستعمل تارة يف الرقة اجملردة وتارة يف اإلحسان اجملرد ,وتارة يف اإلحسان اجملرد عن الرقة ,والرمحة من
اهلل إنعام وإفضال ,ومن اآلدميني رقة وتعطف.3
ثانيا:اصطالحا.
املعىن االصطالحي للرحيم قريب جدا من املعىن اللغوي ومن بني املعاين:
وهي رقمة يف القلب ,يالمسها األمل حينما تدرك احلواس أو تدرك باحلواس ,أو يتصور الفكر وجود
السرور حينما تدرك احلواس أو تدرك باحلواس أو يتصور الفكر
األمل عند شخص آخر ,أو يالمسها ُّ
وجود املسرة عند شخص آخر.1
وعليه مما سبق يتبني أن القتل و الرمحة ال جيتمعان مطلقا ,فهما مصطلحان متناقضان؛ إذ
كيف جنمع بني من حيرم اإلنسان من حقه يف احلياة ,وبني الرقة والعطف ,وكيف للخري أن جيتمع مع
الشر ,ولكن ورغم التناقض احلاصل البد من وضع تعريف جامع للقتل الرحيم نظرا لتطبيقاته املعاصرة
واختاذه وسيلة بديلة عن العالج وعليه فالقتل الرحيم يعين:
,Euthanasiaهي كلمة إغريقية األصل تتألف من مقطعني" "Euوتعي احلسن ,أو الطيب,
أو الرحيم ,أو امليسر " "Thanasiaو تعين املوت أو القتل,فأوتانازيا لغويا :هي املوت أو القتل,
2
احلسن ,أو الطيب ,أو الرحيم ,أو امليسر .
فقتل الرمحة(املرمحة) هو تسهيل موت الشخص املريض امليؤوس من شفائه بناء على طلب ملح منه
مقدم للطبيب املعاجل.3
وهو أيضا فعل إجيايب أو سليب ينهي أمل مريض ال يرجى شفاءه بوضع حد حلياته رمحة به .وهو
التعجيل بوفاة املرضى امليؤوس من شفائهم أو تيسري موت املرضى امليؤوس من شفائهم ,وأولئك الذين
يعانون من آالم مربحة ال ينفع فيها العالج حبجة التخفيف من
1
آالمهم وجتنُّبهم النزع الطويل.
ويعرفه يوسف القرضاوي:2بـأنه تسهيل موت الشخص بدون أمل بسب الرمحة لتخفيف معاناة املريض
3
سواء بطرق فعالة(اجيابية) أو منفعلة(سلبية).
واملالحظ أن كل التعريفات واضحة الداللة بينة املعىن ,استطاعت أن تعطي تعريفا جامعا مانعا.
فمنهم من ركز يف تعريفه على ضرورة رضا اجملين عليه وذلك بطلب ملح منه ,ومنهم من حصر القتل
الرحيم يف صورتني :سلبية وإجيابية.
حيث كل التعريفات تتوافق يف :اشرتاط أن يكون املرض ميؤوسا من شفائه,وغاية واحدة هي ختليص
املريض من آالمه املربحة.
من خالل تعريف القتل الرحيم يتبني أنه ال بد من التفرقة بينه وبني بعض املصطلحات القريبة منه
واملتمثلة يف:اإلجهاض ,االنتحار.
ـ اإلجهاض(اإلمالص ،السقط،الطرح):
1ـ ـ ـ عبد املالك بن محد الفارس :جرمية االنتحار والشروع فيه بني الشريعة والقانون,مذكرة ماجستري,سنة 2004م_1425ه,
ص.211
2ـ ـ الدكتور يوسف عبد الله القرضاوي ولد يف 9سبتمرب1929م مبصر عامل ومفيت معاصر له ما يزيد عن 120مؤلف,و22
رسالة.
3ـ ـ يوسف القرضاوي :من هدي اإلسالم فتاوى معاصرة ,ط,1سنة2000م ـ ـ1421ه ,املكتبة اإلسالمية ـ ـ ـ بريوت,ج, 2
ص.577
4ـ ـ ابن حبان(حممد بن حبان بن معبد التميمي):اإلحسان يف تقريب صحيح ابن حبان ,حتقيق :شعيب األرنؤوط ,ط ,1سنة
1988م ـ ـ1408ه,مؤسسة الرسالة ـ ـ بريوت,ج,13ص.375
20
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
وهو أيضا إخراج احلمل من الرحم قبل أن يصبح قابال للحياة يف خارجه.1
واإلجهاض هبذا التعريف خيتلف متاما عن القتل الرحيم كون اإلجهاض تنعدم فيه إرادة اجملين عليه,
وعدم وجود اآلم مربحة تستدعي الرمحة.إال أنه توجد حالة يف عملية اإلجهاض شبيهة بالقتل الرحيم
من حيث الشفقة والرمحة على اجلنني املشوه خلقيا.
ـ ـ االنتحار:
ي وسيل ٍة كانت.3
ويطلق االنتحار على قـتل اإلنسان نـفسه بأ ِّ
واالنتحار يكون بالفعل ,وبالرتك أو االمتناع ,أي إجيايب وسليب.4
من خالل التعريف يتنب أن االنتحار أكثر شبه بالقتل الرحيم من اإلجهاض فاملنتحر يقتل نفسه
مبحض إرادته ألسباب عدة أكثرها اليأس من احلياة.
1ـ ـ الصديق حممد األمني الضرير:أحكام اإلجهاض يف الشريعة اإلسالمية ,جملة الفقه اإلسالمي,السنة اخلامسة ,العدد السابع,
ص.252
2ـ ـ ـ املوسوعة العربية العاملية.
3ـ ـ ـ املوسوعة الفقهية الكويتية,ط,2سنة 2004م ـ ـ 1427ه,وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ـ ـ ـ الكويت,ج,6ص.281
4ـ ـ ـ عبد املالك بن محد الفارس :املرجع السابق,ص.26
21
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
تعود اجلذور التارخيية للقتل الرحيم إىل حقب بعيدة جدا من التاريخ حيث أن بعض املصادر
تشري إىل أن هذا النوع من القتل كان ميارس على احليوانات ,فاحليوان الذي يتوجع وال يرجى شفاءه,
وال يرجى االنتفاع به ,يقتل راحة له من عذابه.1
مث تعدى هذا القتل هبذه الصورة ليشمل اإلنسان,حيث يوجد يف بعض اجملتمعات البدائية
كاإلسكيمو مثال ,ظاهرة االنتحار حتت تأثري الشعور باألمل العميق وذلك بأن جيمد الشخص نفسه
عاريا حىت املوت.2
تعود فكرة القتل الرحيم يف الدول الغربية إىل فالسفة اليونان القدامى ,فقد ذكر أفالطون 3يف
كتابه الشهري(اجلمهورية) بأن الذين تنقصهم سالمة األجسام جيب أن يرتكوا للموت ,4حيث قال:
"إن لكل فرد احلق يف أن يعيش يف ظل الدولة ولكن ليس له احلق أن يعيش حياته بني املرض
والعقاقري",وبذالك فهو يدعوا إىل فكرة البقاء لألصلح 5؛ أي األصحاء جسميا.
وأطلق سقراط 1على هذا الشكل من املوت اسم التدبري الذايت للموت بشرف.2
كما أن أصل مصطلح القتل بدافع الشفقة يرجع إىل الفيلسوف روجيه بيكون ,3الذي كان يرى
أن على األطباء أن يعملوا على إعادة الصحة للمرضى وخيففوا من آالمهم ولكن إذا وجدوا أن
شفاءهم ال أمل فيه وجب عليهم أن يهيئوا هلم مكان هادئا وسهال.ويف عام 1823م عرضت أول
قضية على القضاء األمريكي خبصوص قتل الرمحة ,حيث أقدم أب على قتل أطفاله الثالثة غرقا
ليذهبوا حسب اعتقاده إىل اجلنة مباشرة.4
وكان نيتشه 5من أنصار القضاء على املرضى والشواذ باعتبارهم جراثيم تعيش وتعبث يف
اجملتمع ويف عام1930م أنشئت اجلمعية األمريكية لقتل الرمحة,مث عدلت امسها إىل مجعية حق
اإلنسان يف املوت.كما عقدت اجلمعية الربيطانية لقتل الرمحة أول اجتماع هلا سنة 1936م,وقدمت
طلبا جمللس اللوردات حىت جيعل قتل الرمحة مباحا لكن اجمللس مل يستجب ودامت تلك احملاوالت
لسنوات عدة.6
ويعد النازي األملاين هتلر من أكثر احلكام املتأثرين بفلسفة أفالطون ,يف مسألة البقاء لألصلح,
وطبقها على عدد من املصابني بعاهات جسدية أو عقلية صونا لصفاء العرق اجلرماين ,حيث يف
أكتوبر1939م أصدر أمرا بالقتل اهلادئ بالنسبة للمرضى امليؤوس من شفائهم ,وأمر بتوسيع
اختصاص بعض األطباء لكي مينحوا موتا رحيما هلؤالء املرضى و كان يقضي على املعتوهني,
1ـ ـ ـ فيلسوف ومعلم يوناين(469.399ق.م) أحد أشهر الشخصيات اليت نالت اإلعجاب يف التاريخ صرف حياته كلها يف
البحث عن اخلري واحلقيقة.
2ـ ـ ـ عبد احلق محيش :املرجع السابق,ص.277
3ـ ـ ـ هو فيلسوف إجنليزي (1220.1292م) اهتم بالرياضيات و التجارب العلمية.
4ـ ـ املرجع نفسه,ص.278
5ـ ـ فريدريك نيتشه(1900.1844م).فيلسوف أملاين ,وشاعر وعامل كالسيكي ,من كتبه ميالد املأساة ,أصل األخالق.
6ـ ـ حممد اهلواري :املرجع السابق ,ص.04
23
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
ويف عام 1958م صرح البابا بيوس الثاين عشر الكاثوليكي على موافقته على القتل الرحيم
حيث قال وبصريح العبارة :جيوز للطبيب إعطاء املسكنات للمريض احملتضر -بعد موافقته-كمية
لتخفيف األمل وتعجيال للموت.2
وهكذا فالقتل الرحيم ال يزال يف تزايد مستمر خاصة عند أطباء البلدان األوروبية الذين
مارسوه ,ويف مقابل ذالك جند أن احملاكم غضت الطرف عن هذا الفعل مما شجع على انتشاره بكثرة,
إىل أن أقرت به بعض التشريعات كهولندا .وقد حلق هذا التطور حىت أمساء اجلمعيات ,فمثال
:من"مجعية قتل الرمحة"إىل "مجعية حق اإلنسان يف املوت" مث إىل"حق اإلنسان يف املوت يف وقار
وإجالل",كما تطورت األهداف من عالجية إىل وقائية ,أي من إهناء األمل بقتل املتأمل إىل " الوقاية
من الطفولة املعوقة " واملطالبة بتشريع يبيح لألطباء قتل األطفال املعوقني خالل ( ) 72ساعة من
والدهتم.
ومن أسباب انتشار القتل الرحيم :ـ ـ ـ اهتمام دوائر اإلعالم و ممارسته بشكل واسع هولندا.ـ ـ ـ وكثرة
األمراض املستعصية جدا كاإليدز والسرطان.ـ ـ ـ نشوء مجعيات وهيئات ذات التـأثري الكبري على
3
السلطات احلكومية من أجل إقرار القتل الرحيم.
مل يعرف هذا النوع من القتل يف البلدان العربية ,لكن هناك صورة شبيهة هلذا النوع يف العصر
ب قتلت﴾ ي ذن ٍ 1
اجلاهلي ,وهي جرمية وأد البنات قال تعاىل ﴿ :وإذا الموءودة سئلت ( )8بأ ِّ
[التكوير ]9 ,8 :إال أن املقصد خيتلف من شخص آلخر منهم من يئدها خشية الفقر ومنهم من
يئدها خوفا من العار و منهم من يئدها شفقة عليها من مكائد الدهر ,وقهر زوجها هلا,و هذه
الصورة هي األقرب للقتل الرحيم التفاقها معه يف املقصد أال وهو الشفقة والرمحة.
إال أنه بعد جميء اإلسالم منع هذا السلوك ,و عاب على الناس مثل هذه العادة بل حرمها و
جعلها جرمية قتل فأحيا نفوسا كثرية وخلصها من القتل واملوت إال حبق,قال تعاىل ﴿ :وال تـقتـلوا
النـمفس الميت حمرم اللمه إمال باحل ِّق﴾ [اإلسراء.]33 :
26
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
تمهيد:
رمبا يعود تربير القتل الرحيم وانتقاله من أفكا ٍر يف األذهان ,إىل قواعد راسخة يف الكتب,
استنادا إىل قاعدة الغاية تربر الوسيلة كأساس فلسفي للقتل الرحيم ,فيجعلهم يستعملون القتل
كوسيلة للوصول إىل غاية الرمحة أو الشفقة ,أو رمبا يربطون بني الوسائل واملقاصد حبجة أن هناك
قاعدة شرعية تقول أن للوسائل أحكام املقاصد .وسنبني يف املطلبني اآلتيني مفهوم كل من قاعدة
الغاية تربر الوسيلة ,و قاعدة للوسائل أحكام املقاصد ,و إسقاطاهتما على القتل الرحيم.
أوال:مفهوم القاعدة.
معىن قاعدة الغاية تربر الوسيلة ,أن املقاصد إذا كانت مشروعة والغايات إذا كانت شريفة,
فيجوز لإلنسان أن يتوصل إليها بأي وسيلة ,و إن كانت هذه الوسيلة ممنوعة يف الشرائع ,ومذمومة
يف األخالق.1
فالوسائل املوصلة للغايات احملمودة ال يعتد وال يعترب مبدى شرعيتها ,حسب هذه القاعدة هو حتقيق
الغاية املرجوة و الوصول إىل اهلدف املقصود مهما كانت هذه الوسيلة.
فالذي يريد اجلاه والغىن جيوز له أن يسرق و خيادع ,و الذي يريد جنسا صاحلا فله أن يبيد كل
األجناس الفاسدة ,وله أن حيرق مدينة بأكملها ليستمتع بلهيبها.
1ـ مصطفى بن كرامة اهلل خمدوم :قواعد الوسائل يف الشريعة اإلسالمية ,ط,1سنة1999م ـ 1420ه ,دار اشبيليا ـ ـ الرياض,
ص.291
27
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
يرجع أصل القاعدة إىل املفكر" أنقوال ميكيافلي" 1والذي نادى هبا يف كتابه األمري وأعطاها صفة
الشرعية و بىن على هذه النظرية وصايا شيطانية منها قوله:
ـ" على األمري الذي يرغب يف احلفاظ على دولته أن يرتكب الشر أحيانا".ـ ـ ـ" من الضروري لكل أمري
يرغب يف احلفاظ على نفسه أن يتعلم كيف يبتعد عن الطيبة واخلري".
لقد قوبل الكتاب على مستوى املفكرين والفالسفة بالرفض واالستنكار ,حىت قال بعض املؤرخني
األملان عن ميكيافلي " أنه وجد الشجاعة ليصف هلا ـ أي ايطاليا ـ ـ السم للعالج".2
وقد صنفت روما هذا الكتاب ضمن قائمة الكتب املمنوعة يف عام ,1959وقررت إحراق مجيع
كتب ميكيافلي ,إال أن السياسة الغربية أخذت تعيد تقومي هذا الكتاب ,وجعلته كتاب السياسة لكل
3
العصور حىت صار مرجعا أساسيا ألصحاب الدراسات السياسية يف الغرب.
الفرع الثاني :إسقاط قاعدة الغاية تبرر الوسيلة على القتل الرحيم.
من املعروف يف احلياة أن لكل إنسان ولكل جمموعة بشرية مطالب نفسية ,وحاجات جسدية.
وأنه البد لتحقيق أي مطلب من مطالب النفس ,وأي حاجة من حاجات اجلسد من اختاذ وسيلة
إىل ذالك .فهل ميكن اختاذ أي وسيلة يف الدنيا مهما كان شأهنا عظيما ألية حاجة مهما كان شأهنا
تافها وحقريا؟
فعند إسقاطنا هلذه القاعدة على القتل الرحيم جند أن الغاية هي الرمحة والشفقة على املريض للتخلص
من آالم حادة يستـعصى عالجها ,و الوسيلة املوصلة هلذه الغاية هي القتل.
1ـ فيلسوف ايطايل ولد سنة 1469م بفلورنسا ,وتويف سنة1527م ,له عدة مؤلفات منها :األمري,فن احلرب...
2ـ ـ ـ املوقع اإلليكرتوين,www.alagidah.com:بتاريخ ,2013/03/06الساعة.22:30
3ـ مصطفى بن كرامة اهلل خمدوم :املرجع السابق ,ص.297 -291
28
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
وبالتايل ميكن ألي شخص أن يتخذ القتل وسيلة من أجل حتقيق الغاية املرجوة وهي الرمحة,
الشفقة ,والتخلص من األمل احلاد ,ولكن إذا أمعنا النظر يف هذه القاعدة يتبني أهنا قد أفسحت جماال
ينجر عنه عدة انعكاسات أمهها:
واسعا الستعمال أية وسيلة لتحقيق أية غاية ,وهذا اإلطالق ُّ
ـ فقدان مصداقية الطب واألطباء ,حيث كلما استعصى على األطباء من إجياد العالج الكايف والشايف
ملرضاهم إلتجؤا إىل أية وسيلة للحد من أالم املرضى ,كإعطائهم جرعات زائدة تؤدي هبم إىل الوفاة
حتما ,أو قتلهم مباشرة كنزع أجهزة اإلنعاش عنهم.
وعليه فاألغراض الطبية ال ميكن حتقيقها إال بالوسائل الطبية وحدها ,وال ميكن حتقيقها بالوسائل
اخلبيثة.فالقتل ال يعترب وسيلة طبية بل هو من أخبث الوسائل لتحقيق غاية أقل قيمة من متتع اإلنسان
حبياته .وبالتايل الغاية ال تربر الوسيلة ,ألن الوسائل اليت نستخدمها حتدد طبيعة الغاية اليت تنجم
عنها.
أما اإلسالم فإنه يرفض هذه النظرية الفاسدة ,ويوجب على اإلنسان مشروعية الوسائل ,فمن
راعى مقاصد الشرع دون وسائله فقد أخذ ببعض الدين ,وترك البعض األخر .واهلل تعاىل يقول:
إالم أن هذه القاعدة هي قاعدة مطلقة ال قيود و ال ضوابط فيها ,فهي ال تراعي شرع ,وال
أخالق ,وال أعراف ,فبإطالقها يظهر مدى خمالفتها للشرع ,فال اعتبار كون احلالة ضرورة أم ال ,وال
لشرعية الوسيلة ,ومن املعلوم يف اإلسالم أن الوسيلة املمنوعة تباح فقط عند الضرورة الشديدة .
والضرورة هي:
اخلوف على النفس من اهلالك املتيقن أو الغالب الظن حبيث حيل له احملظور لقاعدة الضرورات تبيح
احملظورات ,بل يصبح هذا احملظور يف حق هذا املضطر واجبا كأكل امليتة إذا مل جيد ما يغنيه.1
و ما يفرق لنا بني إباحة الوسيلة املمنوعة يف حالة الضرورة و بني الغاية تربر الوسيلة هو أن:
يف اإلسالم الشارع هو احملرم واملبيح ,وتكون الغاية حممودة,ومصلحة حقيقية ,والرتخيص مقيد بقيود
جيعل دائرة الضرورة ضيقة وليست عامة يف كل شيء ,فال يتوسل بالقتل والزنا وخيانة العهود مطلقا.
أما قاعدة الغاية تربر الوسيلة ,فأساسها األهواء واملصاحل الشخصية,و غايتها قد تكون مذمومة,
واالستباحة مطلقة وعامة حىت يف القتل والغدر.2
1ـ ـ ـ الطيب سالمة :األخذ بالرخص وحكمه ,جملة جممع الفقه اإلسالمي التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي جبدة ,العدد اخلامس ,
اجمللد الثامن ,ص.350
2ـ مصطفى بن كرمة اهلل خمدوم:املرجع السابق ,ص.309
30
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
1ـ ـ اليويب )حممد سعد بن أمحد بن مسعود( :مقاصد الشريعة وعالقتها باألدلة الشرعية,ط,1سنة 1998م1418-ه,دار اهلجرة
ـ ـ الرياض ,ص.458
2ـ ـ ـ ـ مصطفى بن كرامة اهلل خمدوم:املرجع السابق ,ص.223
3ـ ـ القرايف(شهاب الدين أيب العباس بن أمحد) :الفروق ,ط,1سنة1424-2003ه ,مؤسسة الرسالة ناشرون-بريوت ,ج, 2
ص63ـ ـ ـ ـ.64
4ـ ـ مصطفى بن كرامة اهلل خمدوم :املرجع السابق ,ص.224
5ـ ـ املوقع اإلليكرتوين , www.sahab.netالتاريخ2013/03/16:م ,الساعة .19:57
31
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
1ـ ابن القيم اجلوزية(حممد بن سعد مشس الدين) :,التفسري القيم ,حتقيق:الشيخ إبراهيم رمضان ,ط,1سنة1989م ـ ـ 1410ه,
دار ومكتبة اهلالل ـ ـ بريوت ,ج ,1ص.107
2ـ ـ املوقع اإلليكرتوين www.sahab.net , :يوم , 2013-03-16على الساعة 19:57
3ـ ـ ـ عمر بن صاحل بن عمر :مقاصد الشريعة اإلسالمية عند العز بن عبد السالم,ط,1سنة2003م1423-ه,دار النفائس ـ ـ
األردن ,ص.282
32
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
يستثىن من هذا أن الناسك الذي ال شعر له ,جيب عليه إمرار املوسى على رأسه ,مثله مثل الذي له
شعر ,والبديهي أن إمرار املوسى على الرأس لنزع الشعر ,إالم أن الوسيلة مل تسقط يف هذه احلالة.1
ـ ـ من حيث الرتب:
فالوسيلة إىل أفضل املقاصد هي أفضل الوسائل ,والوسيلة إىل أرذل املقاصد هي أرذل الوسائل,
وترتتب الوسائل برتتب املصاحل واملفاسد ,2وتفاوت مراتب الوسائل بتفاوت مراتب املقاصد ,مثل
ذلك النهي عن املنكر وسيلة إىل دفع وسيلة ذلك املنكر ,فالنهي عن الكفر باهلل ,أفضل من كل
هني يف باب النهي عن املنكر....
ـ ـ ـ من حيث الثواب:
فكلما قويت الوسيلة يف األداء إىل املصلحة عظم أجرها ,وكلما قويت الوسيلة يف األداء إىل املفسدة,
3
عظم إمثها.
ثانيا:أصل القاعدة
يتحدث األصوليون عن هذه القاعدة بشكل أخص حتت مسالة "ما ال يتم املأمور إال به,أو
ماال يتم الواجب إال به",هل هو مأمور به أوال.4وبشكل أخص يتحدثون عنها حتت مسألة"سد
الذرائع"
اإلمام الشافعي الذي يعترب أول من صرح مبعىن هذه القاعدة قال أن ":الذرائع إىل احلالل واحلرام
تشبه معاين احلالل واحلرام".5
ولقد عرب عنها اإلمام العز بن عبد السالم بقوله":للوسائل أحكام املقاصد" يف كتابه قواعد األحكام
يف مصاحل األنام.1
قال اإلمام القرايف ":حكمها حكم ما أفضت إليه",2يعين بذالك أن للوسائل حكم ما تفضي إليه.
وهكذا سار تداوهلا بني العلماء بعبارهتا الصرحية ",الوسائل هلا أحكام املقاصد ".
الفرع الثاني :إسقاط قاعدة الوسائل لها أحكام المقاصد على القتل الرحيم
عند إسقاط القاعدة على القتل الرحيم ,يتوجب علينا حتديد كل من الوسيلة واملقصد يف
عملية القتل الرحيم.
يف هذه احلالة الوسيلة هي :القتل ,والقصد هو :الرمحة أو الشفقة على املريض,للتخلص من آآلمه,
وحسب القاعدة (الوسيلة هلا حكم املقصد) جند أن حكم املقاصد مشروع والذي هو الرمحة أو
الشفقة على املريض.و عليه جير حكم املقصد إىل الوسيلة ,فتصبح الوسيلة مشروعة واملتمثلة يف
القتل ,إالم أن الوسيلة يف هذه احلالة ممنوعة بل حمرمة ,ودليل التحرمي نص قاطع ,واألدلة كثرية على
ذلك منها:قوله تعاىل﴿ :ومن يـقتل مؤمنا متـع ِّمدا فجزاؤه جهنمم خالدا فيها وغضب اللمه عليه ولعنه
وأع مد له عذابا عظيما﴾ [النساء]93 :
وقوله أيضا﴿ :وال تـقتـلوا أوالدكم من إمال ٍق َنن نـرزقكم وإيماهم﴾ [األنعام]151 :
وقوله أيضا ﴿ :وال تـقتـلوا أنـفسكم إ من اللمه كان بكم رحيما﴾ [النساء]29 :
وحىت تطبق القاعدة البد من شرعية الوسائل,فال يتوسل بالوسائل املمنوعة املنهي عنها ,ألن خمالفة
الشرع يف باب الوسائل كمخالفته يف باب املقاصد.
يم﴾ [النور]63 : قال تعاىل﴿ :فـليحذر المذين خيالفون عن أمره أن تصيبـهم فتـنةٌ أو يصيبـهم عذ ٌ
اب أل ٌ
أي خيالفون أمر الرسول عليه الصالة والسالم ,أو أمره جل شأنه ﴿أن تصيبـهم﴾بسبب هذه املخالفة
﴿فتـنةٌ﴾ عذاب ,أو زالزل وأهوال ,أو سلطان جائر.1
فقوله عن "أمره" عام ألن النكرة املضافة تفيد العموم ,فيشمل أمره يف باب الوسائل ,ويف باب
املقاصد أيضا.
ليس كل سبب نال به اإلنسان حاجته يكون مشروعا بل وال مباحا وإمنا يكون مشروعا إذا
غلبت مصلحته على مفسدته مما أذن فيه الشرع .أما إذا غلبت مفسدته فإنه ال يكون مشروعا؛ بل
حمظورا وإن حصل به بعض الفائدة.2.
رمبا يقول قائل بأن العلماء جوزوا استعمال وسائل غري مشروعة لتأدية مقاصد مشروعة ,وهذا
ما يدخل يف باب فتح الذرائع ,وهبذا يربر مشروعية القتل الرحيم ,وعليه سنبني مفهوم فتح الذرائع
وضوابطها من خالل اآليت حىت يتسىن لنا معرفة ما إذا كان القتل وسيلة معتربة للوصول إىل مقصد
الرمحة:
1ـ ـ ـ حممد عبد اللطيف بن اخلطيب :أوضح التفاسري ,ط ,6سنة1964م ـ ـ1383ه ,املطبعة املصرية ومكتبتها ,ج ,1ص.434
2ـ ـ ـ ابن تيمية(أبو العباس أمحد بن عبد احلليم احلراين):جمموع الفتاوى ,بدون رقم طبعة,سنة1995م ـ ـ 1416ه ج,27
ص.177
3ـ ـ ـ ابن تيمية( أبو العباس أمحد بن عبد احلليم احلراين):الفتاوى الكربى,ط ,1سنة1987م ـ ـ 1408ه ,دار الكتب العلمية,دون
بلد نشر,ج,6ص.172
35
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
وهذا يشمل الوسيلة بنوعيها احملمود واملذموم,أيا ما كانت طريقا ووسيلة إىل املصلحة أو املفسدة.1
واملقصود بفتح الذرائع هو العمل مبا ال بد منه للحصول على مقصد شرعي من جلب مصلحة أو
دفع مفسدة.2
ثانيا:ومن بني الضوابط املهمة اليت جيب مراعاهتا عند اللجوء إىل فتح الذرائع 3هي:
ـ ـ ـ أن تكون الغاية أعظم من الوسيلة يف نظر الشارع,فال ميكن التنازل عن حمرم ملندوب.
ـ ـ أن تؤدي الوسيلة إىل الغاية قطعا أو ظنا غالبا على أقل تقدير ,وذلك للتمييز بني املتوقع واملتوهم.
ـ ـ ـ أن يتعذر الوصول إىل تلك الغايات إال عن طريق هاته الوسيلة ألن األصل هو اختاذ الوسيلة
األسهل واألقرب إىل أمر الشارع.
وانطالقا من الضوابط فاملالحظ أن الرمحة مقصد شرعي ومطلوبة بني العباد من اهلل عز وجل,
والرسول صلى اهلل عليه وسلم حث عليها يف قوله:
1ـ ـ ـ يوسف أمحد جممد البدوي:مقاصد الشريعة اإلسالمية عند ابن تيمية ,بدون رقم الطبعة,سنة1999م ـ ـ1419ه ,دار النفائس
ـ ـ األردن ,ص.362
2ـ ـ عبد العزيز بن عبد الرمحن بن علي بن ربيعة:علم مقاصد الشارع ,ط ,1سنة2002م ـ ـ 1423ه ,فهرسة مكتبة امللك فهد
الوطنية ـ ـ الرياض ,ص.339
3ـ ـ ـ أفلح بن أمحد اخلليلي :فتح الذرائع أدلته وضوابطه ,أحباث املؤمتر العام الثاين والعشرون ,اجمللس األعلى للشؤون اإلسالمية,
ص.106
4ـ ـ ـ الرتمذي(حممد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك) :سنن الرتمذي ,حتقيق:بشار عواد معرف ,أبواب الرب والصلة,باب
ما جاء يف رمحة املسلمني,بدون رقم طبعة ,سنة1998م ـ ـ ـ1418ه ,دار الغرب اإلسالمي ـ ـ ـ بريوت,ج,3ص ,388رقم.1924
36
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
1
وقال أيضا عليه الصالة والسالم« :إمنا يرحم اهلل من عباده الرمحاء»
وقال اهلل تعاىل ﴿ :وما أرسلناك إمال رمحة للعالمني﴾ [األنبياء ,]107 :هذا دليل على أن الرسالة اليت
جاء هبا سيد الربية كلها مبنية على الرمحة.
والوسيلة املستعملة جللب مقصد الرمحة هي القتل وبناء على الضوابط املذكورة ,فإن القتل ليس من
جنس الوسائل املأذون هبا شرعا,بل ممنوع لذاته,وهو مفسدة عظيمة ,ويفضي إىل ٍ
فساد آخر.2
وكيف ميكن التنازل عن حمرم ملندوب؟ واألجدر أن يكون التنازل عن حمرم لواجب ,كفداء األسرى,
ودفع املال للعدو الذي هو حمرم ,وختليص األسرى من العدو واجب ألنه مقصد شرعي ضروري.
ال ميكن بأن جنزم بأن وسيلة القتل تؤدي إىل املقصد املرجو ألن الرمحة شيء معنوي ويتوهم حصوهلا,
فمن يدري بأن هذه الرمحة له تكون جحيما ,وأن بالقتل يتحقق املقصد؟
فالقتل ليس األسلوب الوحيد الذي تتحقق به الرمحة للمريض وإمنا هناك عدة سبل كتخفيف األمل
مبسكنات طبية ,الدعاء ,حثه على الصرب ,رفع معنوياته......
وهل اإلنسان أرحم بأخيه اإلنسان من اهلل عز وجل؟ كال واهلل إن اهلل أرحم من رمحة األم بولدها,
والرمحة املطلوبة قد حتصل بنوع من األمل وحدة ببعض النفوس.
1ـ ـ املقدسي(ضياء الدين أبو عبد اهلل حممد بن عبد الواحد):األحاديث املختارة أو املستخرج من األحاديث املختارة مما مل خيرجه
البخاري ومسلم يف صحيحهما ,حتقيق :عبد املالك بن عبد اهلل بن دهيش,ط ,3سنة2000م ـ ـ 1420ه,دار خضر ـ
بريوت,ج,13ص.191
2ـ ـ أبو سالم(مصطفى بن حممد بن سالمة):التأسيس يف أصول الفقه على ضوء الكتاب والسنة ,بدون رقم وبدون سنة الطبع,
مكتبة احلرمني للعلوم النافعة ,ص.451
37
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
حيث ورد يف األثر( :إذا قالوا للمريض اللهم ارمحه ,يقول اهلل عز وجل :كيف أرمحه من شيء به
أرمحه).1
وبناء على ما تقدم ال ميكن أن نربر اختاذ القتل كوسيلة للوصول إىل مقصد الرمحة ألنه
سيؤدي إىل فوات مصلحة عظمى أال وهي حفظ النفس ,يف مقابل جلب مصلحة حمتمل وقوعها.
وكخالصة هلذا الفصل يتبني أن القتل والرمحة مصطلحان متناقضان ,وجند أن الغربيني اختذوا
قاعدة الغاية تربر الوسيلة كأساس فلسفي للقتل الرحيم انطالقا من نظرهتم املادية للحياة ,وكنظري هلذه
القاعدة يف الشريعة اإلسالمية ,جند قاعدة الوسائل هلا أحكام املقاصد ,إال أهنا ليست على اطالقها
إذ البد من شرعية الوسائل املوصلة للمقصد .هذا يف ما خيص مفهوم القتل الرحيم وأساسه الفلسفي,
أما فيما خيص حكم القتل الرحيم وصوره,فسنبينه يف الفصل املوايل.
1ـ ـ ابن تيمية( أبو العباس أمحد بن عبد احلليم احلراين ):االستقامة ,ط ,1سنة1403ه ,دار جامعة الغمام حممد بن سعود ـ
املدينة املنورة,ج ,1ص.440
38
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
39
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
تمهيد:
إن انتشار ظاهرة القتل الرحيم بني األوساط البشرية ,تعد عامل ملفت لالنتباه ,خصوصا من
طرف رجال القانون ,وعلماء الشريعة اإلسالمية.
فمنهم من يعترب هذا الفعل حق من حقوق اإلنسان ,ويسميه احلق يف املوت ,فاإلنسان ميلكه كما
ميلك احلق يف احلياة ,ومن مث يقر به.
ومنهم من يعتربه انتهاكا ألمسى حق من حقوق اإلنسان ,وهو احلق يف احلياة ,كما مل يفرقوا بني
القتل الرحيم و القتل العمد,لذلك جرم وأدين مرتكبه.
وكما برز عن انتشار القتل الرحيم ظهور عدة صور وأساليب ختتلف باختالف حالة الشخص
اخلاضع هلذه العملية.
40
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
41
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
تمهيد:
اختلفت النصوص الدولية والقوانني الداخلية ,منها قوانني الدول الغربية وقوانني الدول العربية
ومقر ,كل على حسب األدلة اليت بـىن عليها موقفه ,كما جمرم ٍّيف بيان موقفها من القتل الرحيم ,بني ِّ
أن علماء اإلسالم مل يقفوا مكتويف األيدي بل اجتهدوا وبينوا وجهة نظر اإلسالم يف هذه املسألة,
واليت كانت جترمي هذا الفعل جترميا قاطعا ,هذا ما سنتعرف عليه أكثر من خالل املطلبني التاليني :
ذهبت بعض القوانني الغربية إىل إقرار القتل الرحيم ,وذلك من خالل إصدار قانون خاص
يشرعه ,ومن بني هذه القوانني :القانون اهلولندي ,القانون البلجيكي ,والقانون الربيطاين ,وهذا ما
سنوضحه من خالل الفروع اآلتية:
تعد دولة هولندا من بني الدول اليت أقرت القتل الرحيم ,وذلك بإصدار قانون جييز القتل
الرحيم ,مبوجب قرار صادر عن جملس النواب وجملس الشيوخ بتاريخ 10أفريل2001م ,حيث نص
القانون على شروط خاصة بالقتل الرحيم ومن أمهها:
ـ ـ أن يعاين املريض من اآلم مربحة وال حتتمل ,و أن يطلب إهناء حياته بنفسه ,مع ضرورة خضوع
األطباء إلشراف جلان إقليمية مؤلفة من قضاة وأطباء مكلفة بالسهر على احرتام الشروط والتأكد من
1
توافرها.
إضافة للشروط أنه جيب اختاذ قرار التخلص من حياة املريض بالتنسيق مع األهل بالنسبة للشباب بني
(16و18سنة) أما بني 12و16سنة فيجب احلصول على موافقة األهل.
ودخل هذا القانون حيز التنفيذ بتاريخ 1أفريل 2002م لتصبح هولندا أول بلد يف العامل يشرع محاية
قانونية ملمارسي القتل الرحيم ,دون التعرض ملالحقات قانونية شريطة توفر الشروط السابقة الذكر
وإال سيصبح الطبيب معرض للمساءلة القانونية.
و أثري مؤخرا جدال كبريا حول مسألة معرفة ما إذا كان ميكن اعتبار السأم من احلياة معاناة ال حتتمل,
ألن القانون مل يوضح املقصود من األمل غري احملتمل ,ويف 6ديسمرب2001م حسمت حمكمة
استئناف أمسرتدام يف القضية,حيث اعتربت الطبيب الذي مارس القتل الرحيم على شخص سئم من
حياته أنه مذنبا ,ألنه مل يتقيد مبعايري التشريعات املوجودة يف سنة 1997م ,وهو التاريخ الذي بدأت
السلطات معه تتسامح مع القتل الرحيم يف هولندا,حيث يف عام 2000م حصل 2123شخص
1
مريض بالسرطان على تصريح بالقتل الرحيم.
وكنموذج على إجازة القتل الرحيم ,فقد عرضت قضية على القضاء اهلولندي يف عام1983م
وتتلخص حيثياهتا يف قيام طبيب بسلب حياة مريضه بناء على طلبه,وذلك بإعطائه حقنة مميتة ,وبعد
النظر يف القضية حكمت احملكمة برباءة الطبيب من هتمة القتل ,إال أنه ألغي من طرف حمكمة
االستئناف ,وبقيت القضية تدور بني إدانة الطبيب وبراءته ,إىل أن استقر احلكم برباءته بعدما أحيلت
القضية إىل حمكمة استئناف الهاي سنة 1986م ,حيث أصدرت حكم بعدم وجود وجه إلقامة
الدعوى ,العتبارها بأن القتل بدافع الشفقة مربرا كافيا للقتل ,ومنذ ذلك احلني أصبحت عملية
االنتحار مبساعدة األطباء شيء متاح يف هولندا ,2وتبقى خاضعة للشروط اليت نص عليها القانون
اهلولندي.
43
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
وهكذا إىل أن وصل احلد يف هولندا من جراء اقتناعها التام بالقتل الرحيم,إىل وضع مستشفيات
خاصة هبذا النوع من القتل.
تعترب دولة بلجيكا من الدول اليت أقرت القتل الرحيم إىل جانب هولندا ,حيث يف عام
2002م قننت بلجيكا قانونا للقتل الرحيم.1
ويف نوفمرب2008م أدخل جملس الشيوخ تعديالت على هذا القانون بأن أتاح للمرضى الذين يعانون
من األآلم اليت ال شفاء منها ,ويتوقع أال تطول أعمارهم ألكثر من ستة أشهر ,توقيع وثيقة أمام
الشهود ووقف العالج حىت يستطيعوا املوت باختيارهم.2
وجتدر اإلشارة إىل أنه نوقش حديثا يف 6مارس2013م املوافق 24ربيع الثاين 1434ه من طرف
جملس الشيوخ البلجيكي موضوع حق اختيار إهناء احلياة للمرضى ,حىت للذين هم دون الثامنة عشر,
واستمع اجمللس إىل آراء وشهادات أخصائيني طبيني ,وقال بعضهم بأن القاعدة تفرض يف األساس
عمل ما ميكن لشفاء املرضى ,ولكن عند الضرورة مننحهم حق املوت بكرامة.
وقد طرح عضو جملس الشيوخ البلجيكي "فليب ماهوه" هذا املوضوع للنقاش هبدف تعميم قانون
القتل الرحيم للقاصرين ,فعندما متت مناقشة القانون أشار يف مناقشة أخرى إىل وجود أطفال
ومراهقني يشرفون على املوت ,ويعانون من أوضاع صحية صعبة مثل البالغني ,وهم واعني ملصيبتهم
كالكبار لذا جيب مراعاة إرادهتم وحقهم يف اختيار إهناء حياهتم.3
ومنذ ذلك احلني فإن عدد الذين يستعملون حق اختيار إهناء حياهتم يف ازدياد ,وجتاوز يف عام
2011م ألفا ومئة شخص ,كان معظمهم يعاين من مرض
السرطان.1
ومن أهم القضايا اليت عرضت على القضاء البلجيكي خبصوص هذا الشأن ,هي قضية
لينج( )liegeسنة 1962م ,ويتلخص موضوعها يف أن ٍأم رزقت بطفل مشوه اخللقة ,متأثرا مبا
تتعاطاه أمه من أدوية مهدئة لألعصاب أثناء احلمل ,فقتله بالسم وذلك باتفاق مع الطبيب ,رمحة
املروعة اليت سيتعرض هلا يف حياته ,وأحيلت القضية على احملكمة املختصة ,حيث
بطفلها من اآلالم ِّ
حكمت احملكمة برباءة األم والطبيب.2وهذا بالرغم من أن األسباب اليت بين عليها احلكم مل تكن
موافقة للقانون البلجيكي الذي كان يعاقب على القتل أيا كان الباعث.3
أعلن جملس اللوردات يف إجنلرتا بتاريخ 04فيفري 1993م بأنه مل يعد هناك شيء حيول دون
أن ميوت الفرد ميتة هادئة ,وكان ذلك مبناسبة قضية السيد Tony Randوهو رجل كان يعيش
يف غيبوبة دائمة منذ عدة سنوات بطرق صناعية ,ومل يره القضاة سوى ميت على قيد احلياة ,حيث
أوقف األطباء أجهزة اإلنعاش,وحكمت احملكمة برباءهتم وقالت هذا العمل ال ميكن تشبيهه بعمل
يتسبب يف الوفاة ,وأيد هذا الرأي اجلمعية الربيطانية واليت قالت:أن بعض املرضى هلم احلق يف املوت
بسالم.4
وضع القانون اإلجنليزي شروطا خاصة بالقتل الرحيم جيب توافرها يف كل من الطبيب الذي يقوم
بالقتل واملريض الذي يعاين من األمل احلاد ,والتصريح الصادر من املريض ,وهي:
1ـ ـ أن يكون قتل الرمحة على يد طبيب مؤمهال علميا ,ومس مجال يف نقابة األطباء·
2ـ أن يكون املريض عاقال بالغا سن الرشد القانوين ,وهو 21سنة فما فوق.
3ـ ـ أن يكون املرض عضاال ال يرجى شفاؤه ,ويسبب آالما مربحة للمريض·
4ـ ـ تقدمي املريض موافقة خطية على إهناء حياته ,مصادق عليها من طرف أشخاص معنيني وهم
األطباء واملمرضني يف نفس املستشفى الذي يقيم به املريض ,ويصبح التصريح نافذا بعد مرور ثالثني
يوما من إعالنه إال إذا رجع املريض عن رأيه .
5ـ ـ جيب أن حيقن املريض باملخدر حىت يظل يف غيبوبة تامة ,لكي ال يشعر باألمل الذي يقاسيه من
املرض قبل أن ينفذ عليه القتل.
وعليه عند توفر كل هذه الشروط يعترب القتل قتال رمحيا ,وهذا هو الرأي الذي أخذ به القانون
اإلجنليزي يف إقراره للقتل الرحيم ,بناء على طلب ورضا املريض.1وبعد عرض مناذج من القوانني اليت
تقر القتل الرحيم ,نذكر أهم األدلة اليت اسند إليها املؤيدون للقتل الرحيم وهي:
أوال) مصلحة المريض.يرى البعض أن اللجوء إىل القتل الرحيم هو يف مصلحة املريض الذي
يعاين من األآلم اجلسـدية والنفسية اليت ال يطيق حتملها ,وهو أمر شخصي خيص الفرد نفسه دون
غريه ,وميكن له أن يطلب إيقاع القتل مبوجب سلطانه على ذاته ورضاه بوقوع اجلرمية عليه ,بدليل:
حر يف تقرير مصريه ,وله احلق يف التصرف جبسده 1ـ حرية التقرير الذايت:يرى هؤالء بأن اإلنسان ٌّ
كيف يشاء .ويؤكدون بأن القتل الرحيم هو نوع من املساعدة على االنتحار املشروع والذي ال
تعاقب عليه القوانني الوضعية .ولذا ينصحون بأن يكتب املريض وصية للتصرف حبياته عند دخوله
املستشفى للمعاجلة وهو ال يزال يف كامل وعيه وقدرته على التصرف ,فإذا ما تعرض ملرض ميؤوس
من شفائه فريى أن على الطبيب املعاجل أن يتوقف عن عالجه وأن ال حياول اإلبقاء على حياته بأي
مثن.2
1ـ ـ حممد علي صبحي:رضا اجملين عليه وأثره على املسؤولية اجلنائية,بدون رقم طبعة,سنة1983م,ديوان املطبوعات اجلامعية ـ ـ ـ
اجلزائر ,ص.136
2ـ عبد احلق محيش:املرجع السابق,ص.279
46
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
2ـ احلقوق الذاتية :يرى املؤيدون أن للمريض حقوقا ذاتية جيب احرتامها وتتلخص فيما يلي:
-طاملا أن املوت أمر حمتوم ومقدر لكل إنسان ,فلإلنسـان الذي يتعرض آلالم طويلة ,احلـق إذن يف
أن حيـيا أو أن ميـوت بالصورة الكرمية اليت يتمناها.
-وبناء على ذلك فله احلق يف أن يقتل إذا طلب ذلك ,1فهم يقولون بأن اإلنسان ميلك
حياته ومن حقه إهنائها وقت ما شاء وبالطريقة اليت يراها تناسبه ,ويدمعون بأن حرمانه من
هذا احلق ,انتهاك حلق من حقوق اإلنسان املقررة.2
3ـ الرمحة والشفقة باملريض:يرى املؤيدون بأن من شأن القتل الرحيم أن يريح املريض وخيلصه من
املعاناة والعذاب و األآلم اليت ال يطيق الصرب عليها.3وعند اإلحساس بأمل اآلخر ومعاناته وحتقيق
رغبته يف املوت ,يربر العطف على املريض.4
تقاس قيمة احلياة مبنظور املؤيدين للقتل الرحيم مبا ميكن أن يساهم اإلنسان يف اجملتمع من
إنتاج وإبداع ,فإذا ما أصبحت احلياة تعتمد على الغري يف قضاء احلوائج وأن يصبح اإلنسان كتلة
حلمية ال نفع هلا ,حينئذ تتساوى احلياة مع املوت ,
إذا خففنا اآلالم اجلسمية عن املريض امليؤوس من شفائه ,فإن آالمه النفسية مستمرة لشعوره بأنه
عبءٌ ثقيل على سواه ممن يتولون رعايته من أقارب وأصدقاء,فهم يعانون نتيجة معاناة املريض,والقتل
الرحيم يضع حد هلذه املعاناة رمحة هبم .1ومن هنا نالحظ االنتقال من الرمحة باملريض إىل الرمحة
بأقاربه ,وأصدقائه.
وال شك أن وراء كل هذه احلجج واألسباب عامال يظللها مجيعا بظله ,سواء ذكر صراحة ,أومل يذكر,
وهو التكاليف املادية واألعباء االقتصادية اليت تتحملها األسرة أو اجملتمع.
ويف التخلص من املرضى امليؤوس من شفائهم توفري مادي على اجملتمع والدولة والعائلة ,فهو يوفر
الكثري من األموال ,واألجهزة اليت ميكن اإلستفاد منها يف عالج من هم يف أمس احلاجة إليها.2
وهو بدوره يقضي على الشيخوخة اليت هي يف تزايد مستمر بني الشعوب واليت تكلف اجملتمع الكثري,
فهذا املوت هو حل للمشاكل االقتصادية واملالية,وهو خري وسيلة خللق جمتمع راق ومثايل.3
3ـ ـ منطق العقوبة:يقول املؤيدون للقتل الرحيم بأنه من الواجب أن يتخلص اجملتمع من العناصر
الطفيلية والضارة يف اجملتمع ,فمرضـى اإليدز مثال ِّ
يشكلون خطرا كبريا على اجملتمع يف إمكانية نشرهم
هلذا الوباء إضافة إىل حتمل اجملتمع نفقات معاجلتهم الباهظة
ويستدلون كذلك بأن :ـ ـ القتل الرحيم قريب الشبه باالنتحار والقانون ال يعاقب عليه,فمثال هذه
اجلرائم ال تضر بأحد غري اجلاين ,ويطلق عليها البعض جرائم بدون جمين عليه ,وال فرق بني من يقتل
نفسه بيده أو بطلب من آخر ,وبني من يقوم هبذا بطلب املريض ورفقا به.3ـ ـ القتل الرحيم له
مربر,وهو اإلكراه والضغط الذي ميارسه املريض على طبيبه بتوسالته ,وهذا من قبيل اإلكراه املعنوي
والقانون ال يعاقب على اجلرمية يف هذه احلالة.4
إ من االعتداء على النفس البشرية يعد جرمية يف األصل العام ,وينطلق هذا األصل من مبدأ
حرمة هذه احلياة وحفظها من كل اعتداء ميكن أن يقع عليها ألي سبب من األسباب ,لذلك فإن
قتل النفس يعد من أبشع اجلرائم املرتكبة .وقد كفلت املواثيق و اإلعالنات الدولية احلق يف احلياة,
وهو من أهم احلقوق املرتبطة باإلنسان ,وتظهر مكانته من خالل املواثيق والنصوص الدولية ,ومن
أمهها ما يلي:
ـ ـ اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان (:لكل فرد احلق يف احلياة وسالمة شخصه ).1
ـ ـ العهد الدويل للحقوق املدنية والسياسية ( :لكل إنسان احلق الطبيعي يف احلياة ,وال جيوز حرمان أي
فرد من حياته بشكل تعسفي ).2
ـ ـ اإلتفاقية األوربية للحقوق اإلنسان ( :حق كل إنسان يف احلياة حيميه القانون وال جيوز إعدام أي
إنسان عمدا إال تنفيذا حلكم قضائي ).3
والقتل الرحيم قضية حساسة جدا كوهنا متس بالكيان اجلسدي لإلنسان ,وسلبه ألهم وأقدس
احلقوق ,لذلك مل تغفل عنه املواثيق الدولية وال القانونية الداخلية ,فجرمت هذا الفعل وإن كانت
بعض هذه القوانني تأخذ بالباعث لتخفيف العقوبة إال أهنا جرمته ,وسنبني موقف هذه النصوص
القانونية كاآليت:
أوال:النصوص الدولية:
هذين اإلعالنني صادرين عن اجلمعية الطبية العاملية ,واليت جرمت فيهما القتل الرحيم
وأكدت على أن هدف الطبيب هو حتقيق العالج للمريض ,4وبالتايل عليه أن يسعى جاهدا لتحقيق
هذا اهلدف.
تنص هذه االتفاقية على ما يلي(:حيمي القانون حق أي شخص يف احلياة ,ال ميكن التسبب
يف وفاة شخص قصدا ,إذ املوت املريح هو أيضا مدان بشدة).1
أكدت هذه اإلتفاقية على أن حق احلياة حممي من أي انتهاك ,والقانون يكفل له هذه احلماية,
واعتربت القتل الرحيم انتهاكا هلذا احلق,لذلك أدانته.
3ـ ـ مبدأ املؤمتر الدويل للنقابات الطبية:ما جاء يف هذا املؤمتر أن من مبادئ السلوك الطيب يف أوروبا
هو أنه(:يستوجب الطب يف مجيع الظروف االحرتام الدائم للحياة االستقاللية املعنوية ,وحرية اختيار
املريض مع ذلك يستطيع الطبيب يف مرض ميؤوس من شفائه أن يكتفي مبعاجلة اآلالم البدنية واإلبقاء
قدر املستطاع على نوعية حياة على شكل االنتهاء).2
ثانيا:القوانين الداخلية :سنكتفي يف هذه اجلزئية بذكر بعض النماذج من القوانني الغربية,ومناذج
أخرى من القوانني العربية.
1ـ ـ القوانين الغربية:ظهر يف أمريكا ما يعرف "بوصية احلياة"أي مشيئة احلياة والوصية البيولوجية,
وهي وثيقة يكتبها املرضى وهم يف كامل قواهم العقلية؛ و هبا يعطون تعليمات للطبيب عندما
يصبحون غري قادرين على التعبري عن إرادهتم هبدف منع إنعاش أو عالج غري نافع عند فقدان األمل
بالشفاء,؛كما ظهر كذلك ما يسمى بتفويض السلطة للغري اليت معناها السماح لوكيل باختاذ
القرارات الصحية اليت تطرأ على الشخص املفوض عندما يكون غري قادر عن التعبري عن إرادته ,وقد
أخذت معظم الواليات املتحدة األمريكية إما بوصية احلياة أو بتفويض السلطة3.منها والية
كاليفورنيا ,حيث يف تاريخ 30سبتمرب1976م أصدرت والية كاليفورنيا قانون مماثل لوصية
احلياة,حيث نص صراحة يف املادة األوىل على (:أنه من حق املريض االمتناع عن العالج وحقه يف
رفض استخدام أي وسيلة طبية أو جراحية من شأهنا إطالة حياته الصناعية).1
إال أنه مؤخرا ويف سنة 1996م رفضت احملكمة العليا كل احلقوق الدستورية للمريض امليؤوس
من شفائه ,خاصة حق االنتحار حتت إشراف طيب ,وذلك نظرا لتضارب أحكام احملاكم األمريكية,
وسكوت القوانني ,وعدم كفايتها إلزالة الغموض واإلهبام ,وأهم قرار اختذته احملكمة العليا هو فتح
باب النقاش يف قوانني البالد حول القتل الرحيم أمام رجال القانون,2والذين يرون أن الظروف املخففة
يف القانون واليت تعطي القاضي احلق يف ختفيف العقوبة كافية ملعاجلة حاالت قتل الرمحة دون النص
عليها بقانون خاص ألن ذلك يصبح ذريعة الرتكاب جرائم قتل بشعة حبجة قتل الرمحة.3
أما القانون الفرنسي فهو بدوره جمرم هذا الفعل ,لكونه مل يفرق بني القتل الرحيم و أنواع
القتل األخرى ,وترك السلطة التقديرية للقاضي ,إذ يأخذ بالظروف املخففة ويعتربها عند إصدار
احلكم .4وكما عقدت عدة ندوات وحماضرات يف فرنسا هبذا الشأن ,وأكدت على جترمي القتل الرحيم
مهما كان الباعث من ورائه ,وأيضا جند أن قانون مهنه األطباء بفرنسا أثناء معاجلته لواجبات األطباء
جتاه املرضى قد منع قتل املرضى امليؤوس من شفائهم .5ومبوجب املرسوم رقم95ـ ـ ـ 1000املؤرخ يف
6سبتمرب1995م,رفض املشرع الفرنسي القتل الرحيم.6
ـ ـ أن الذاتية واحلرية الشخصية ال تتحقق يف كثري من األحيان بسبب املرض ذاته,كونه هو الدافع
لذلك ,أو بسبب فقدان الوعي,أو ضغوط خارجية.ـ ـ ـ أن خالص املريض من أآلمه رمحة وشفقة به,
أمر غري صحيح ,ألنه أثبت أنه ميكن ختفيف األمل إىل حد معقول ,بواسطة املسكنات,والعمليات
اجلراحية.ـ ـ إن املرض امليؤوس منه ,ليس هو هناية احلياة ,ألنه كم من مريض قال له األطباء بقي لك
شهرا وعاش حينا من الدهر ,وأن بعض احلاالت شفيت متاما من املرض.ـ ـ أن القتل الرحيم ينفذ
أحيانا لظروف حياتية واقتصادية للمصاب .ـ ـ أن مهنة األطباء إنفاذ حياة الناس ال إهنائها ,والقتل
الرحيم خمالف هلذه املهنة.1
يعترب القتل الرحيم يف التشريعات العربية قتل عمد ,بغض النظر عن الدوافع أو البواعث سواء
نبيلة أو دنيئة ,حيث جاء يف املادة21من نظام مزاولة املهنة الطبية يف اململكة العربية السعودية ما
يلي(:وال جيوز بأي حال من األحوال إهناء حالة مريض ميؤوس من شفائه طبيا ,ولو كان بناء على
طلبه أو طلب ذويه).2
هذا وتوجد بعض القوانني اجلنائية العربية اليت تنص على الظروف املخففة واليت يطبقها القاضي يف
حالة القتل بناء على رضا اجملين عليه ,فالعقوبة ختفف إىل ما هو أقل من العقوبة املقررة للقتل العمد,
أي يضعون اعتبار للدافع على القتل ,باعتباره خمففا للعقاب ,ال مبيحا للقتل ,فال يعقل أن نسوي
بني القتل انتقاما والقتل بدافع الشفقة واحلب ملريض ميؤوس من شفائه ويعاين من اآلم مربحة.
حيث جاء يف املادة 538من قانون العقوبات السوري مايلي(:يعاقب باالعتقال من عشر سنوات
على األكثر من قتل إنسانا قصدا بعامل اإلشفاق بناء على إحلاحه بالطلب) ,انطالقا من النص
يتبني أن القانون السوري جرم هذا النوع من القتل ,بتجرمي أخف من القتل العمد,كما بني الدافع
املخفف للعقوبة.وينطبق نفس الشيء على القانون اللبناين يف املادة ,552والقانون السوداين يف
املادة.1248
أما غالبية الدول العربية مل تنص صراحة على ختفيف العقوبة يف حالة القتل الرحيم ,ولكن ال مينع هذا
من أهنا تأخذ بفكرة الظروف املخففة املعروفة يف قانون العقوبات.2
أما يف اجلزائر فإن رضا اجملين عليه ال يؤثر يف اجلرائم املاسة باحلياة والصحة وسالمة اجلسم ,حيث
تنص املادة273على أن(:كل من ساعد عمدا شخصا يف األفعال اليت تساعده على االنتحار أو
تسهله له ,أو زوده باألسلحة والسم أو باآلالت املعدة مع علمه بأهنا سوف تستعمل يف هذا الغرض
يعاقب باحلبس ملدة سنة إىل مخس سنوات إذا نفذ االنتحار).3
مل يظهر لدى املسلمني يف تارخيهم هذا النوع من القتل ومل يكن شائعا فيما بينهم ,بل إن
هذا القتل خروج على تعاليم اإلسالم وتوجيهاته ,ألن تعاليم اإلسالم تعترب النفس البشرية أمانة عند
صاحبها وليست ملكا له ,وإمنا هي ملك هلل تعاىل ينبغي احملافظة عليها,والشريعة اإلسالمية تكفلت
حبفظ احلياة البشرية .وجعلت حفظ النفس من الضروريات اخلمس يف اإلسالم إذ حبفظ النفس
يتمكن اإلنسان من أداء األمانة اليت خلق من أجلها واليت هي اخلالفة ,وحق احلياة حق مقدس
يستند إىل تكرمي اإلنسان انطالقا من مبدأ حرمة احلياة البشرية .ومن أهم مظاهر تكفل الشريعة
اإلسالمية باحلياة البشرية :
حرمت الشريعة اإلسالمية االعتداء على النفس بغري وجه حق واعتربته من أكرب الكبائر بعد
الكفر ,فاالعتداء على حياة اإلنسان هو اعتداء على بناء اهلل عز وجل ألن جسم اإلنسان وحياته
الروح من أمر رِّيب وما أوتيتم من الروح قل ُّ
ملك هلل تعاىل,حيث قال عز وجل ﴿ :ويسألونك عن ُّ
العلم إمال قليال } [اإلسراء .]85 :والتجرمي وارد يف آيات كثرية منها :قوله تعاىل﴿ :وال تـقتـلوا النـمفس
الميت حمرم اللمه إمال باحل ِّق ﴾ [اإلسراء.]33 :وقوله أيضا ﴿ :ومن يـقتل مؤمنا متـع ِّمدا فجزاؤه جهنمم
خالدا فيها وغضب اللمه عليه ولعنه وأع مد له عذابا عظيما ﴾ [النساء.]93 :
شمرعت الشريعة اإلسالمية من أجل احلفاظ على النفس البشرية ,القصاص ,بعدما حرمت
االعتداء عليها ,إذ كل اعتداء على النفس إال وله جزاء ,حيث أوجب الشارع القصاص على كل
وحقن للدماء ,وشفاءٌ للغليل, معتد ومنها قتل القاتل ,ألن يف القصاص حياة وجناة ألنفس كثرية, ٍ
ٌ
قال تعاىل﴿ :ولكم يف القصاص حياةٌ يا أويل األلباب لعلمكم تـتـمقون﴾ [البقرة,]179 :وقال أيضا﴿ :
الس ِّن وكتبـنا عليهم فيها أ من النـمفس بالنـمفس والعني بالعني واألنف باألنف واألذن باألذن و ِّ
الس من ب ِّ
اص فمن تصدمق به فـهو كفمارةٌ له ومن مل حيكم مبا أنـزل اللمه فأولئك هم الظمالمون﴾ واجلروح قص ٌ
[املائدة]45 :
كما بينا سابقا من أن حياة اإلنسان ملك هلل تعاىل ,حىت اإلنسان ال ميلك حياته ,فال حيق
له أن يعتدي عليها بأي وسيلة كانت,قال تعاىل ﴿ :وال تـلقوا بأيديكم إىل التـمهلكة وأحسنوا إ من اللمه
ب المحسنني ﴾ [البقرة ,]195 :وقال أيضا﴿ :وال تـقتـلوا أنـفسكم إ من اللمه كان بكم رحيما ﴾ حي ُّ
[النساء,]29 :و عن النيب صلى اهلل عليه وسلم قال « :من تردى من جبل فقتل نفسه ,فهو يف نار
جهنم يرتدى فيها خالدا خملدا فيها أبدا ,ومن حتسى مسا فقتل نفسه ,فس ُّمه يف يده يتح مساه يف نار
55
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
جهنم خالدا خملدا فيها أبدا ,ومن قتل نفسه حبديدة ,فحديدته يف يده جيأ هبا يف بطنه يف نار جهنم
1
خالدا خملدا فيها أبدا»
للحفاظ على النفس شمرعت الشريعة اإلسالمية رخصا صونا هلا من اهلالك ,واملتمثلة يف إباحة
أكل وشرب احملرمات عند الضرورة بالقدر الذي يسد الرمق ويأمن معه املوت قال تعاىل﴿ :إممنا حمرم
عليكم الميتة والدمم وحلم اخلنزير وما أه مل به لغري اللمه فمن اضطمر غيـر ب ٍاغ وال ع ٍاد فال إمث عليه إ من
يم ﴾ [البقرة ,]173 :فمن اآلية يتبني لنا أن حالة إباحة احملرمات من األكل والشرب, اللمه غف ٌ
ور رح ٌ
ال حتصل إال إلنقاذ النفس من اهلالك.هذا وقد تعاملت الشريعة اإلسالمية مع املرض واملرضى بكل
حكمة وفتحت باب األمل على مصراعيه حيث شرعت التداوي حىت ال ييأس املريض والطبيب معا
مستعص .حيث قال صلى اهلل عليه وسلم (:لكل داء ٍ يف الشفاء مهما طال األمد ,من كل مرض
دواء ,فإذا أصيب دواء الداء برأ بإذن اهلل عز وجل) ,2قال ابن القيم اجلوزية يف شرح قوله صلى اهلل
عليه وسلم (:لكل داء دواء) تقوية لنفس املريض و الطبيب ,وحث على طلب ذلك الدواء والتفتيش
عليه .3بل إن اإلسالم حيث املريض ,وأهله على الصرب ,ويعترب املرض امتحانا من اهلل تعاىل ,يكفر
به الذنوب ويؤجر عليه املريض بأحسن اجلزاء إذا اقرتن مع الصرب ,وهو تعبري عن رضا العبد بقضاء
اهلل وقدره ,وقد ضرب القرآن الكرمي مثال عليه من صرب نيب اهلل أيوب عليه السالم ,الذي ابتاله اهلل
وجل باملرض و األآلم املربحة لفرتة طويلة من الزمن فصرب على مرضه وآالمه حىت جاءه الفرج منه عمز م
ص من األموال واألنـفس سبحانه .حيث قال عز وجل ﴿ :ولنبـلونمكم بشي ٍء من اخلوف واجلوع ونـق ٍ
صابرين المذين إذا أصابـتـهم مصيبةٌ قالوا إنما للمه وإنما إليه راجعون﴾ [البقرة,155 :
والثممرات وبشِّر ال م
,]156و قال رسول اهلل صلى اهلل عليه وسلم« :عجبا ألمر املؤمن ,إن أمره كله خري ,وليس ذاك
1ـ ـ ـ رواه البخاري :كتاب الطب ,باب شرب السم والدواء وما خياف منه ,ج ,07ص ,139رقم.5778
2ـ ـ رواه مسلم :كتاب اآلداب ,باب لكل داء دواء واستحباب التداوي ,ج,4ص,1729رقم .2204
3ـ ـ مشس الدين بن قيم اجلوزية :الطب النبوي ,حتقيق:حممد حممد بكر ,ط,1سنة2004م ـ ـ1424ه ,دار الدعوى ـ ـ
اإلسكندرية,ص.17
56
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
ألحد إال للمؤمن ,إن أصابته سمراء شكر ,فكان خريا له ,وإن أصابته ضمراء صرب ,فكان خريا
له»,1ومن هنا تظهر نعمة االبتالء لإلنسان فكلما تيقن بأن سبب ابتالئه هو حب اهلل له فسيشعر
بالسعادة حتما بدال من اليأس واحلزن.واإلسالم منع املريض وأهله من متين موته ليتخلص مما يعانيه,
وأرشدهم إىل طلب اخلري ,حيث كان قال تعاىل ﴿ :وال تـيأسوا من روح اللمه إنمه ال يـيأس من روح
ني أحدكم املوت من اللمه إمال القوم الكافرون ﴾ [يوسف ,]87 :وقوله صلى اهلل عليه وسلم(:ال يتمنم م
ضر أصابه ,فإن كان البد فاعال فليقل :اللهم أحيين ما كانت احلياة خريا يل ,وتوفين ما كانت الوفاة
خريا يل).2قال يوسف القرضاوي :فإذا كان متمنيا للموت ال حمال فليدعو هبذا الدعاء خريا له ,أن
يطيل عمره إن كان حمسنا ازداد إحسانا ,أو مسيئا فيتوب إىل اهلل ,وأن مييته حىت ال يقع يف معصية
اهلل .3والتعاليم اإلسالمية تدعو إىل زيارة املريض ومؤانسته ورعايته وأهله والدعاء له ,وحتث على
زيادة اللجوء إىل اهلل وحده ليكشف الضر ويرفع البالء ,حيث كان النيب صلى اهلل عليه وسلم يعود
املرضى ويقول (:رب الناس أذهب البأس ,اشف أنت الشايف ,ال شفاء إال شفاؤك ,شفاء ال يغادر
4
السوء وجيعلكم خلفاء األرض أإلهٌ مع سقما) ,وقال تعاىل﴿ :أمن جييب المضطمر إذا دعاه ويكشف ُّ
اللمه قليال ما تذ مكرون﴾ [النمل,]62 :وقال أيضا﴿ :وإذا مرضت فـهو يشفني﴾ [الشعراء,]80 :إذن
فالدعاء من أهم الوسائل العالجية للمريض,وينبغي للمسلم أن يعلق قلبه خبالقه عز وجل.وعليه فال
جيوز إهدار النفس اإلنسانية إال يف املواطن اليت حددهتا الشريعة اإلسالمية ,وهذه املواطن خارج نطاق
املهنة الطبية,ومن هنا حيرم على الطبيب أن يهدر احلياة ولو بدافع الشفقة ,5والقتل حمرم حترميا قاطعا
باألدلة الشرعية ,ومسألة القتل الرحيم هي من باب القتل العمد ألنه اعتداء على حق اهلل تعاىل يف
احلياة اليت وهبها لإلنسان ,وما القتل بدعوى الشفقة أو الرمحة يف حقيقته إال قتل مظلمة.
عرض على جلنة الفتوى باألزهر الشريف مسألة قتل الرمحة وقتل مريض اإليدز,فأجابت
اللجنة بصراحة:أن املريض أيا كان نوع مرضه ,وكيف كانت حالة مرضه ,ال جيوز قتله لليأس من
شفائه ,أو ملنع انتقال مرضه إىل غريه ,ففي حالة اليأس من الشفاء مع أن اآلجال بيد اهلل وهو
سبحانه قادر على شفائه حيرم على املريض أن يقتل نفسه وحيرم على غريه أن يقتله ,حىت لو أذن له
يف قتله فاألول انتحار والثاين عدوان على الغري بالقتل ,وإذنه ال حيلل احلرام فهو ال ميلك روحه حىت
يأذن لغريه أن يقضي عليها.1
ناقش اجملمع الفقهي اإلسالمي هذه املسألة بالتفصيل يف دورته السابعة ,املنعقدة يف مدينة
جدة ,عام 1992م ,وأصدر القرار ( ) 17/5/67الذي تضمن رفضه بشدة ملا يسمى قتل
الرمحة ,بأي حال من األحوال ,وأن العالج يف احلاالت امليئوس منها خيضع للتداوي والعالج
وجل يف الكون ,وال جيوز شرعا اليأس من روح اهلل ,أو واألخذ باألسباب اليت أودعها اهلل عمز م
القنوط من رمحته ,بل ينبغي بقاء األمل بالشفاء بإذن اهلل تعاىل ,وعلى األطباء وذوي املرضى تقوية
معنويات املريض ,ورعايته ,وختفيف آالمه النفسية والبدنية ,بصرف النظر عن توقع الشفاء أو
عدمه.2
59
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
تمهد:
ميارس القتل الرحيم بأساليب متنوعة ,وذلك حسب حالة املريض أو حسب رغبته ,إما
بطلب املريض نفسه إهناء حياته ,أو أن يطلب املساعدة على ذلك ,أو أن ميتنع املريض عن التداوي
إىل غري ذلك .....وكل ذلك منها ما هو سليب ,ومنها ما هو إجيايب ,وهذا ما سنبينه يف املطلبني
التاليني:
الفرع األول:مفهومه.
هو كل فعل إجيايب يرتكب ضد اجملين عليه يؤدي إىل وفاته ,مبعىن إن كل فعل يسبِّب موت
املريض امليؤوس من شفاء حالته إلهناء عذابه واحتضاره.1
ويكون هذا النوع من القتل بإحدى التطبيقني التاليني املبينة يف الفرع الثاين.
وفيها يقوم الطبيب املسؤول عن عالج املريض امليؤوس من شفائه بناء على طلبه الواضح
املتكرر إلهناء حياته1.و فيه يناشد املريض من ابنه أو طبيبه مثال أن يقتله.2
مثل :مريض مصاب بالسرطان يعاين من األمل واإلغماء ويعتقد الطبيب بأنه سيموت بأي حال من
األحوال ويعطيه جرعة عالية من عالج قاتل لألمل الذي يوقف تنفسه.
وهذه احلالة تدخل ضمن مسألة رضا اجملين عليه أو جرائم اإلذن ,وحكمها يف القانون خيتلف
باختالف القوانني ,وبغض النظر عن القوانني املقرة للقتل الرحيم ,وكما بينا يف املبحث األول من هذا
الفصل ,فإن معظم القوانني اجملرمة له تأخذ بفكرة الظروف املخففة ,هذا يعين أن رضا اجملين عليه أو
ٍ
بدرجة إذن املريض ظرف خمفف للعقوبة ,وبالتايل ال تعترب هذه احلالة من قبيل القتل العمد وإمنا
أخف منه .أما بعض الدول العربية فإهنا ال تعترب أن إذن أو رضا اجملين عليه ظرف خمفف ,يف حالة
اجلرائم املاسة باحلياة والصحة وسالمة اجلسم ,وتعتربها من قبيل املساعدة على االنتحار ومن بني
هذه القوانني اجلزائر وبيان ذلك يف املادة 273السابقة الذكر من قانون العقوبات.
أما يف الشريعة اإلسالمية فإن قتل املريض بإذنه قتل عمد يوجب القصاص عند مجهور
الفقهاء ,أما عند بعض الفقهاء فإن اإلذن بالقتل مسقط للقصاص دون الدية ,لتولد الشبهة املسقطة
للقصاص أال وهي اإلذن وإن كان غري جائز إال أنه يورث شبهة ,وعند بعضهم اآلخر ـ ـ الفقهاءـ ـ ـ فال
قصاص عندهم وال دية على القاتل ,لوجود شبهة ,وألن املريض عفا عن دمه فتسقط الدية.3
وجوب االعتداد بالباعث على إذن اجملين عليه للغري بقتله ,فالطبيب ال يعد جمرما إجراما
كامال ,إذا أذن له املريض بقتله للتخلص من اآلالم املربحة ,لذا ال يقتص من الطبيب ويعاقب
عقوبة تعزيرية.2
والقول الراجح من بني هذه األقوال هو وجوب القصاص من الطبيب لعصمة النفس البشرية
وللحد من هذه الظاهرة ,وحىت ال يعجز البحث العلمي ويصل إىل مرحلة اجلمود,ولقوة األدلة
القاطعة على حرمة االعتداء على النفس البشرية.
"ال جيوز للطبيب إهناء حياة املريض ولو بناء على طلبه وطلب وليه أو وصييه حىت ولو كان
مستعص ميؤوس من شفائه ,أو آالم شديدة مربحة حىت ميكنٍ السبب وجود تشوه شديد أو مرض
3
تسكينها بالوسائل املعتادة .وعلى الطبيب أن يوصي املريض بالصرب ويذكره بأجر الصابرين"
هذه احلالة تكون عندما يقرر املريض إهناء حياته ,فيطلب من الطبيب أن يرشده ويوجهه إىل
العقاقري و اليت تكون قاتلة ,أو يزوده بدواء سام حيقق له رغبته يف املوت.4
1ـ ـ احلطاب الرعيين(حممد ابن عبد الرمحن املغريب):مواهب اجلليل شرح خمتصر خليل ,ط,1سنة 1995م ـ ـ 1416ه ,دار
الكتب العلمية ـ ـ لبنان ,ج,8ص.297
2ـ ـ حممد أبو زهرة:املرجع السابق,ص.289
3ـ ـ املادة 22من امليثاق اإلسالمي العاملي لألخالقيات الطبية والصحية,ص.07
4ـ ـ حممود إبراهيم حممد مرسي:املرجع السابق,ص.256
62
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
وهذه احلالة هي مسامهة يف االنتحار ,واالشرتاك يف االنتحار غري معاقب عليه يف أغلب القوانني,ألنه
اشرتاك يف عمل ال عقاب عليه ,والقواعد العامة يف االشرتاك تتطلب انصراف فعل االشرتاك إىل
نشاط أصلي ذي صفة إجرامية وهو ما ال يتوفر يف االنتحار وعدم العقاب على االشرتاك يف االنتحار
حمدد بشرطني:1
ـ ـ ـ أال يتعدى سلوك الشخص دائرة االشرتاك املباح وجيعل منه فاعال يف جرمية القتل .
ـ ـ ـ أال يرقى دور املساهم يف االنتحار إىل مستوى الفاعل املعنوي حيث يكون املنتحر أداة مسخرة يف
يد من حرضه على الفعل لنقص اإلدراك أو االختيار.2
غري أن التشريعات اجلنائية والعربية خاصة ختتلف يف موقفها من التحريض واملساعدة على
االنتحار إذ يتجه أغلبها إىل معاقبة كل من محل إنسانا على االنتحار أو ساعده على ذلك ألن يف
سلوكهما مسامهة جدية يف إهدار حياة إنسان حي .منها القانون اجلزائري فإن املساعدة على
االنتحار تعترب جرمية يعاقب عليها باحلبس من سنة إىل مخس سنوات.و كذا القانون الكوييت,والقانون
العماين ..........ويف الشريعة اإلسالمية األدلة واضحة وبينة على حرمة املساعد على االنتحار من
خالل قوله تعاىل﴿ :وتـعاونوا على ال ِّرب والتـمقوى وال تـعاونوا على اإلمث والعدوان واتـمقوا اللمه إ من اللمه
شديد العقاب﴾ [املائدة .]2 :أي ال يعن بعضكم بعضا على ترك ما أمركم اهلل بفعله ,وال أن تتجاوز
ما حد اهلل لكم يف دينكم وفرض لكم يف أنفسكم ويف غريكم .3وقال تعاىل﴿ :وأمر بالمعروف وانه
عن المنكر﴾ [لقمان ﴿ , ]17 :وأمر بالمعروف﴾ وهو كل ما يقره الشرع ويرتضيه ,ويأمر به ﴿وانه
عن المنكر﴾ وهو كل ما ينكره الشرع ,وتأباه املروءة ,وتنبو عنه األذواق السليمة.4وإذا طبقنا هنا
قاعدة للوسائل حكم املقاصد ,1فاملساعدة على االنتحار وسيلة إىل مقصد قتل النفس اليت حرم اهلل
إزهاقها بغري وجه حق,ومبا أن حكم املقصد حرام باألدلة القاطعة فإن حكم وسيلته واليت هي
املساعدة على االنتحار حرام.
الفرع األول:مفهومه.
هو عملية تسهيل وفاة املريض امليؤوس من شفائه ,وذلك بإيقاف أو عدم إعطاء العالج,2أو
امتناع املريض عن التداوي.3وهو قتل عن طريق االمتناع من تلقاء نفس الطبيب ,أو بناء على طلب
وإحلاح املريض أو أسرته رأفة باملريض ويتم ذلك بأن ميتنع الطبيب عن إعطاء العالج ,وعن استخدام
أجهزة اإلنعاش الصناعي للمريض ,وأن يتوقف عن إعطاء املريض اخلاضع لألجهزة دون نزعها.4
ويسمي القرضاوي هذا النوع بتيسري املوت املنفعل :حيث ال تتخذ خطوات فعالة إلهناء حياة املريض
بل يرتك للمرض أن يأخذ أدواره بدون إعطاء املريض أي عالج إلطالة حياته .5وللقتل الرحيم السليب
ثالث تطبيقات واليت سنبينها من خالل الفرع الثاين.
هو املعاجلة املكثفة اليت يقوم هبا طبيب أو جمموعة من األطباء ومساعديهم ملساعدة األجهزة
احلياتية كالقلب واملخ ,حىت تقوم بوظائفها ,أو لتعويض بعض األجهزة املعطلة قصد الوصول إىل
تفاعل منسجم بينها.1
ـ ـ ـ ففي حالة توقف القلب و اجلهاز التنفسي عن العمل ,وقبل حدوث موت الدماغ ,يعترب
الطبيب الذي قام بنزع األجهزة مسؤوال جزائيا عن جرمية قتل,ألن املريض يعد حيا من الناحية الطبية
والقانونية.2
ويف القانون اجلزائري ال جيوز إيقاف أجهزة اإلنعاش عن املريض إال بعد التثبت الطيب والشرعي من
حتقق الوفاة.3
ويرى علماء الشريعة اإلسالمية بأنه إذا قام الطبيب بنزع أجهزة اإلنعاش الصناعي عن املريض
الذي توقف قلبه وتنفسه ومل متت خاليا خمِّه ,فإنه يعد قتال عمدا له ,يستوجب القصاص من الفاعل
ألن هذه األجهزة املساعدة هي من وسائل مداوة وعالج املرضى ,وعند قيام الطبيب حبرمان هؤالء
املرضى من الوسائل العالجية يعد حمققا جلرمية القتل العمد.4
1ـ ـ محد حممد اهلاجري:موت الدماغ بني األطباء والفقهاء,جملة كلية الشريعة للدراسات اإلسالمية,جامعة قطر,سنة 2006م ـ ـ
1427ه,العدد,24ص.293
2ـ ـ ـ مسرية عايد الديات:عمليات نقل وزرع األعضاء البشرية بني الشريعة والقانون,ط,1سنة1999م,دار الثقافة ـ ـ عمان
األردن,ص.281
3ـ ـ بلحاج العريب :املرجع السابق,ص.22
4ـ ـ حممود إبراهيم حممد مرسي :املرجع السابق,ص 343ـ ـ.344
65
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
ويعرف كذلك مبوت الدماغ مبا فيه املراكز احليوية اهلامة جدا والواقعة يف جذع الدماغ فإذا
ماتت هذه املناطق ,فإن اإلنسان يعترب ميتا ,ألن تنفسه بواسطة اآللة(املنـفسة)مهما استمر يعترب ال
قيمة له وال يعطي احلياة لإلنسان وكذلك استمرار النبض من القلب بل وتدفق الدم يف الشرايني
واألوردة (ما عدا الدماغ) ال يعترب عالمة على احلياة طاملا أن الدماغ قد توقفت حياته ودورته الدموية
توقفا تاما ال رجعة فيه.2
رفع أجهزة اإلنعاش عن امليت دماغيا ال يعد جرمية قتل ,ألن من ماتت خاليا خمه فإن حياته
اإلنسانية قد انتهت وال ميكن أن تعود بأي حال,4وهذا ما استقر عليه الطب
احلديث,1وحىت تقع جرمية قتل ال بد من وجود إنسان حي وقت ارتكاب اجلرمية ,2وهذا من الناحية
القانونية.
أما من الناحية الشرعية فإن أغلب الفقهاء يرون جبواز ر فع أجهزة اإلنعاش الصناعي عن
امليت دماغيا,حيث أصدر اجملمع الفقهي اإلسالمي املنعقد مبكة يف24صفر1408ه
ـ ـ17أكتوبر1987م قرار رقم 02بشأن موضوع تقرير حصول الوفاة,ورفع أجهزة اإلنعاش من جسم
املريض والذي نص على ما يلي:املريض الذي ركبت عليه أجهزة اإلنعاش جيوز رفعها ,إذا تعطلت
مجيع وظائف دماغه تعطال هنائيا ,وقررت جلنة متكونة من ثالث اختصاصيني خرباء,أن التعطل ال
رجعة فيه ,وإن كان القلب والتنفس ال يزاالن يعمالن آليا,بفعل األجهزة املركبة.لكن ال حيكم مبوته
شرعا إال إذا توقف التنفس والقلب ,توقفا تاما بعد رفع هذه األجهزة.3وهذا ما ذهب إليه جممع الفقه
اإلسالمي بالكويت سنة1985م ,وكذلك جممع الفقه اإلسالمي بعمان سنة1986م.4
واملالحظ هنا أن نزع أجهزة اإلنعاش الصناعي عن امليت دماغيا,خترج عن نطاق القتل الرحيم,ألن
هذا األخري يستوجب وجود حياة طبيعية ,ووجود آالم مربحة,وهذا ما ينعدم عند امليت دماغيا.5
هو إحجام الطبيب عن تقدمي العالج للمريض حبجة أنه يرى عدم جدوى العالج ,وبذلك
يرتكه ليموت.6
1ـ ـ ـ غادة على حامد العمروسي:اعتداء الطبيب على النفس وما دوهنا يف ظل املقاصد الشرعية واألخالقيات الطبية ,ط,1
سنة2010م ـ 1431ه,دار الفكر اجلامعي ـ ـ ـ اإلسكندرية,ص.106
2ـ ـ ـ عبد القادر عودة :املرجع السابق,ص.12
3ـ ـ ـ قرارات اجملمع الفقهي اإلسالمي مبكة ,املنعقد يف الفرتة( 1398ـ ـ ـ 1424ه 1977,ـ ـ ـ2004م),ص.214
4ـ ـ ـ محزة عبد الكرمي محاد :املرجع السابق,ص.399
5ـ ـ ـ أمحد شرف الدين:األحكام الشرعية لألعمال الطبية,ط,2سنة 1987م ـ ـ1407ه,بدون دار نشر,ص.185
6ـ ـ حلمي عبد الرزاق احلديدي:املرجع السابق,ص.03
67
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
يرى رجال القانون بأنه ال جيوز ألي طبيب أن ميتنع عن عالج مريض ما مل تكن حالته
خارجة عن اختصاصه ,أو قامت لديه أسباب واعتبارات تربر هذا االمتناع ,ولكن جيب عليه أن
يسعفه يف احلاالت الطارئة احرتاما للحياة اإلنسانية يف مجيع الظروف.1إن حالة امتناع الطبيب عن
عالج املريض أو عن التدخل يف معاجلة يف ظروف كان جيب علية وفقا للقانون أن يتدخل يف
العالج ,تعترب مسؤولية الطبيب مسؤولية تقصريية يف هذه احلالة ,ومثال ذلك عدم قيام الطبيب يف
قسم الطوارئ بتقدمي اإلسعافات األولية للمريض.2ويف القانون اجلزائري:يتابع جزائيا كل طبيب أو
جراح على كل تقصري ,أو هتاون ,أو خطأ مهين ,يرتكبه خالل ممارسة مهامه ومبناسبة القيام هبا,
يعرض حياته للخطر, ويلحق ضررا بالسالمة البدنية ألحد املرضى ,أو حيدث له عجزا مستدميا ,أو ِّ
أو يتسبب يف وفاته.3ويدرج فقهاء الشريعة اإلسالمية هذه املسألة ضمن ما يعرف بالقتل بالتسبب,4
مكان ما ومينعه عن الطعام والشراب حىت ميوت .فجمهوربالتسبب ,4ومثلوا هلا مبن حيبس إنسان يف ٍ
الفقهاء يرون أن الرتك املفضي للموت قتل عمد يستوجب القصاص إن قصد القتل باملنع ,5وعليه
فامتناع الطبيب عن أداء واجبه جتاه املريض,ومات هذا األخري من جراء ذلك,وكان الطبيب قاصدا
لذلك ,فإنه ُّ
يعد قاتال عمدا وعليه القصاص.
3ـ ـ ـ القانون اجلزائري,رقم ,85/5املؤرخ يف 1985/02/16م,املتعلق حبماية الصحة,املعدل واملتمم بالقانون رقم ,90/17املؤرخ
يف1990/07/31م.
4ـ ـ ـ محزة عبد الكرمي محاد :املرجع السابق,ص.400
5ـ ـ ـ عبد القادر عودة :املرجع السابق,ص.57
68
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
كما يف األمراض النفسية ويف حالة األوبئة واألمراض املعدية فهي متس مصلحة اجملتمع.1
قبل احلكم على امتناع املريض عن التداوي يف الشريعة اإلسالمية ال بد من معرفة حكم التداوي يف
الفقه اإلسالمي حىت تتضح الصورة أكثر,فالراجح من أقوال الفقهاء هو مشروعية التداوي ,وهذا ما
أقره اجملمع الفقهي اإلسالمي جبدة يف دورته السابعة بأن حكم التداوي يف األصل مشروع ,ملا ورد يف
شأنه من نصوص الشريعة ,وملا فيه من حفظ النفس الذي هو أحد املقاصد الكلية من التشريع,
وختتلف أحكام التداوي باختالف األحوال واألشخاص:
ـ ـ ـ ـ واجبا إذا كان الرتك يؤدي إىل تلف النفس أو كان املرض معدي .
ـ ـ ـ مكروها إذا كان بفعل خياف منه حدوث مضاعفات أشد من العلة املراد إزالتها.2
انطالقا من هذا فإن التداوي بالنسبة للمريض امليؤوس من شفائه يكون واجبا ,ألن امتناعه عن
التداوي يف هذه احلالة سيؤدي إىل هالك نفسه ,وهالك النفس حمرم شرعا.وهذا ما أكده يوسف
القرضاوي يف كتابه فتاوى معاصرة.3
وختاما هلذا الفصل جند أن هناك طائفة قليلة من الدول الغربية اليت أقرت بالقتل الرحيم ,يف
حني جند أن الشريعة اإلسالمية ومعظم قوانني الدول العربية جترمه وتعاقب عليه عقوبة القتل
العمد.وأن للقتل الرحيم صورتني إجيابية وسلبية,ختتلف أحكامها من حالة ألخرى.
1ـ ـ أمري فرح يوسف:مسؤولية األطباء من الناحية املدنية واجلنائية والتأديبية,دون رقم طبعة,سنة2010م,مركز اإلسكندرية
للكتاب.ص.324
2ـ ـ ـ حممد بن حسني اجليزاين:فقه النوازل دراسة تأصيلية تطبيقية,ط ,2سنة 2006م ـ ـ 1427ه,دار ابن أجلزي ـ ـ السعودية,اجمللد
الرابع,ص.169
3ـ ـ ـ يوسف القرضاوي :املرجع السابق,ص.580
69
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
الخاتمة
70
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
خاتمة:
من خالل دراسة موضوع القتل الرحيم وتتبع جزئياته املختلفة توصلنا إىل مجلة من النتائج
سنذكر أمهها فيما يلي :
ـ ـ القتل الرحيم ,أو املوت الرحيم ,أو القتل بدافع الشفقة وغريها ,مصطلحات ملوضوع واحد .
ـ ـ ـ القتل الرحيم هو تيسري املوت ملريض استعصى عالجه واشتدت آالمه وقاربت هنايته ,حبيث يكون
على رغبة ملحة منه إىل طبيبه املعاجل أو إقرار مسبق مكتوب يؤكد هذه الرغبة .
ـ ـ ـ القتل الرحيم ناتج عن يأس املريض من الشفاء وعدم صربه على األمل.
ـ ـ ـ القتل الرحيم وإن كان ظهوره حديثا نسبيا فإن له صورا متتد جذورها إىل القدم.
ـ ـ احلياة يف بعض القوانني حق لإلنسان ميكنه التصرف فيها ,بينما يف الفقه اإلسالمي هبة من الرمحان
وأمانة مودعة لإلنسان مسؤول عنها وعن حفظها يف الدنيا واآلخرة.
ـ ـ ـ مت إقرار القتل الرحيم يف بعض الدول الغربية كهولندا وبلجيكا وإيطاليا ,وهو يف تزايد مستمر.
ـ ـ بررت الدول اليت أقر ت القتل الرحيم بغاية الرمحة والشفقة على املريض.
ـ ـ ـ رضا( املريض) اجملين عليه يعترب ظرفا خمففا يف جرمية القتل الرحيم لدى معظم الدول الغربية وبعض
القوانني العربية كسوريا والسودان.
ـ ـ القتل الرحيم بكل صوره جرمية يعاقب عليها الفقه اإلسالمي وأغلب القوانني الوضعية .
ـ ـ ـ األصل يف القتل التجرمي ,وال خالف يف ذلك بني الفقه والقانون .
ـ ـ أن هذا النوع من القتل يف الفقه اإلسالمي ال تربره غاية أو مقصد الرمحة ألن القتل فعل حمرم لذاته,
واإلنسان ليس بأرحم من اهلل عز وجل ,فاهلل سبحانه أرحم من األم بولدها.
ـ ـ رفع أجهزة اإلنعاش الصناعي عن امليت دماغيا ال تدخل يف صور القتل الرحيم.
71
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
ـ ـ احلياة هبة من اهلل تعاىل واآلالم اليت يتعرض هلا اإلنسان نتيجة األمراض ,هي ابتالء من اهلل وكفارة
للذنوب بالنسبة للمسلم فقد سئل أحدهم وقد كان حيمل محال ثقيال على ظهره (ملا ال تسأل اهلل أن
خيفف محلك؟ قال بل أسأل اهلل أن يقوي ظهري) ,فتخفيف األمل ليس بالقتل أو بطلب املوت ,وإمنا
بالتضرع هلل بالشفاء و اختاذ األسباب .
وأخريا نرجوا من اهلل تعاىل أن نكون قد وفقنا ولو بالقدر القليل يف اجناز هذا البحث ,داعني من
املوىل عز وجل أن يتقبل منا خالص األعمال ,وجيعلها يف ميزان حسناتنا ,ويف ميزان حسنات كل من
ساهم يف اجناز هذا البحث ,واحلمد هلل على التمام ,والصالة والسالم على حممد خري األنام.
أدرار يف11:ماي2013م.
72
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
الفهارس
73
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
54 33 ﴿وال تـقتـلوا النـمفس الميت حمرم اللمه إمال باحل ِّق﴾
24 9/8 ي ذن ٍ
ب قتلت﴾ التكوير ﴿وإذا الموءودة سئلت ( )8بأ ِّ
فهرس األحاديث النبوية:
75
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
ـ ابن القيم اجلوزية ( حممد بن سعد مشس الدين ) ,التفسري القيم ,حتقيق :الشيخ إبراهيم رمضان ,
ط ,1سنة 1984م _ 1410ه ,دار مكتبة اهلالل ,بريوت .
ـ الطربي ( أيب جعفر حممد بن جرير ) :تفسري الطربي جامع البيان عن تأويل القرءان ,ط, 2
بدون سنة النشر ,مكتبة ابن تيمية ,القاهرة.
ـ حممد عبد اللطيف بن اخلطيب :أوضح التفاسري ,ط ,6سنة 1964م _ 1383ه ,املطبعة
املصرية ومكتبتها.
ـ ابن تيمية ( أبو العباس أمحد بن عبد احلليم احلراين ) :االستقامة ,ط ,1سنة 1403هـ ,دار جامعة
الغمام حممد بن مسعود ,املدينة املنورة.
ـ ابن حبان ( حممد بن حبان بن معبد التميمي) :اإلحسان يف تفريق صحيح ابن حبان ,حتقيق :
شعيب األرنووط ,ط ,1سنة 1888م _ 1408ه ,مؤسسة الرسالة ,بريوت.
ـ الرتمذي ( حممد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك ) :سن الرتمذي ,حتقيق :بشار عواد
معروف ,بدون رقم طبعة ,سنة 1998م _ 1418ه ,دار الغرب اإلسالمي ,بريوت.
ـ املقدسي ( بن الدين أبو عبد اهلل حممد بن عبد الواحد ) :األحاديث املختارة أو املستخرجة من
األحاديث املختارة مما مل خيرجه البخاري ومسلم يف صحيحهما ,حتقيق :عبد املالك بن عبد اهلل بن
دهيش ,ط , 3سنة 2000م _ 1420ه ,دار خضر ,بريوت ,ج.13
76
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
ـ أبو سالم (مصطفى بن حممد بن سالمة) :التأسيس يف أصول الفقه على ضوء الكتاب
والسنة,بدون رقم الطبعة,وبدون سنة الطبع ,مكتبة احلرمني للعلوم النافعة.
ـ ابن عبد السالم(أبو حممد عز الدين عبد العزيز) :قواعد األحكام يف مصاحل األنام ,ط , 1سنة
1999م _ 1420ه ,دار الكتب العلمية ,بريوت.
ـ عبد العزيز بن عبد الرمحان بن علي بن ربيعة :علم مقاصد الشارع,ط ,1سنة 2002م _
1423ه ,فهرسة مكتبة امللك فهد الوطنية ,الرياض .
ـ عمر بن صاحل بن عمر :مقاصد الشريعة اإلسالمية عند العز بن عبد السالم ,ط , 1سنة
2003م _ 1423ه ,دار النفائس ,األردن .
ـ القرايف ( شهاب الدين أيب العباس بن أمحد ) :الفروق ,ط,1سنة 2003م _1424ه ,مؤسسة
الرسالة ناشرون ,بريوت.
ـ اليويب (حممد سعيد بن امحد بن مسعود) :مقاصد الشريعة اإلسالمية وعالقتها باألدلة الشرعية ,
ط ,1سنة 1998م _ 1918ه ,دار اهلجرة الرياض .
ـ مصطفى ابن كرامة اهلل خمدوم :قواعد الوسائل يف الرتبية اإلسالمية ,ط ,1سنة 1999م1420 ,
ه ,دار شبيليا ,الرياض .
ـ يوسف أمحد البدوي :مقاصد الشريعة اإلسالمية عند ابن تيمية ,بدون رقم طبعة ,سنة
الطبعة1949م _ 1419ه ,دار النفائس ,األردن .
ـ ابن منظور ( مجال الدين حممد اإلفريقي) :لسان العرب ,ط ,1سنة 2009م _ 1424ه ,دار
الكتب العلمية ,بريوت.
ـ الرازي (محد بن أيب بكر ) :خمتار الصحاح ,ط ,1سنة 1996م ,دار عمار,عمان.
77
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
ـ جممع الفقه العربية :املعجم الوسيط ,ط , 4سنة 2004م _ 1420ه ,مكتب الشرف الدولية
,مصر .
ـ حممد مرتضي احلسين الزبيدي :تاج العروس ,ط ,1سنة 2000م _ 1421ه ,اجمللس الوطين
للثقافة والفنون واآلداب ,الكويت.
ـ ابن تيمية (أبو العباس أمحد بن عبد احلليم احلراين) :جمموع الفتاوى ,دون رقم طبعة ,دون سنة
طبع ,دون دار ,ودون بلد النشر ,سنة 1995م _ 1416ه.
ـ حطاب الدعيسي ( حممد عبد الرمحان املقري ) :مواهب اجلليل شرح خمتصر خليل ,ط ,1سنة
1995م 1416 -ه ,دار الكتب العلمية ,لبنان .
ـ عبد احلق محيش :قضايا فقهية معاصرة ,ط ,1سنة 2011م 1434 -ه ,دار قرطبة ,الشارقة
.
ـ علي حممد علي أمحد:معيار حتقق الوفاة وما يتعلق هبا من قضايا حديثة يف الفقه اإلسالمي,
ط,1سنة2007م,دار الفكر اجلامعي ـ اإلسكندرية.
ـ حممد أبو زهرة :اجلرمية والعقوبة يف الفقه اإلسالمي ( اجلرمية ) ,بدون رقم طبعة ,سنة 1997م ,
دار الفكر الغريب ,القاهرة .
ـ حممد بن حسني اجليزاين :فقه النوازل دراسة تأصيلية تطبيقية ,ط, 2سنة - 2006
1427ه,دار ابن اجلزي ,السعودية .
ـ يوسف القرضاوي :فتاوى معاصرة يف العالقات االجتماعية ,بدون رقم طبعة ,بدون سنة النشر ,
دار الشهاب ,اجلزائر.
78
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
ـ يوسف القرضاوي :من هدى اإلسالم فتاوى معاصرة ,ط ,1سنة 2000م 1421-ه ,املكتبة
اإلسالمية ,بريوت.
ـ أيب حذيفة بن حممد :نفح الطيب يف آداب وأحكام الطبيب ,ط ,1سنة 1990م 1411-ه
,دار الصحابة للذات ,طنطا .
ـ امحد شرف الدين :األحكام الشرعية لألعمال الطبية ,ط ,1سنة 1987م 1407-ه ,بدون
دار نشر.
ـ مسرية عايد الديات :عمليات نقل وزرع األعضاء البشرية بني الشريعة والقانون ,ط ,1سنة
1999م ,دار الثقافة ,عمان .األردن .
ـ مشس الدين بن قيم اجلوزية :الطب النبوي ,حتقيق:حممد حممد بكر ,ط ,1سنة 2004م -
1424ه ,دار الدعوى ,اإلسكندرية .
ـ غادة علي حامد العمروسي :اعتداء الطبيب على النفس وما دوهنا يف ظل املقاصد الشرعية
واألخالقيات الطبية ,ط ,1سنة 2010م 1431 -ه ,دار الفكر اجلامعي ,اإلسكندرية.
ـ حممد ابراهيم سعد النادي :موت الدماغ وموقف الفقه اإلسالمي منه دراسة مقارنة ,ط , 1سنة
2010م1431 -ه ,دار الفكر اجلامعي ,اإلسكندرية.
.عبد احلميد الشواريب :مسؤولية األطباء والصيادلة ,ط ,2سنة 2000م ,دار املعارف اإلسكندرية
.
23ـ حممد علي البار :أحكام التداوي واحلاالت امليؤوس من شفائها وقضية القتل الرحيم ,ط,1
سنة 1995م _ 1416ه ,دار املنارة ,جده .
79
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
ـ أمحد حممد املومين :القتل املريح بني الشريعة والقانون , ,اجمللة األردنية يف الدراسات اإلسالمية,
العدد ,03/سنة 2008م ـ 1429هـ .
ـ أفلح بن أمحد اخلليلي :فتح الذرائع أدلته وضوابطه ,أحباث ووقائع املؤمتر العام الثاين والعشرون ,
اجمللس األعلى للشؤون اإلسالمية .
ـ جابر احلجاحجة :القتل بدافع الشفقة ,اجمللة األردنية يف الدراسات اإلسالمية ,العدد /3أ ,سنة
2009م1430-ه.
ـ الصديق حممد األمني الضرير:أحكام اإلجهاض يف الشريعة اإلسالمية ,جملة الفقه اإلسالمي ,السنة
اخلامسة ,العدد السابع .
ـ حلمي عبد الرزاق احلديدي:قضية القتل الرحيم ,أحباث ووقائع العام الثاين والعشرين ,اجمللس األعلى
للشؤون اإلسالمية.
ـ حممد علي البار :املوت اإلكلينيكي واملوت الشرعي ,جملة الفقه اإلسالمي السنة العاشرة ,العدد
.12
ـ محد حممد اهلاجري:موت الدماغ بني األطباء والفقهاء ,جملة كلية الشريعة للدراسات اإلسالمية ,
جامعة قطر ,سنة 2006م1427-ه ,العدد . 24
ـ الطيب سالمة :األخذ بالرخص وحكمه ,جملة جممع الفقه اإلسالمي التابع ملنظمة املؤمتر اإلسالمي
جبده ,العدد اخلامس.
80
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
ـ حممد علي صبحي :رضا اجملين عليه وأثره على املسؤولية اجلنائية ,بدون رقم طبعة ,سنة 1983م,
ديوان املطبوعات اجلامعية ,اجلزائر .
ـ قانون العقوبات اجلزائري ,األمر رقم 256-66املؤرخ يف 19صفر 1386ه املوافق ل جويلية
1966م ,املعدل واملتمم ب . 2009
ـ السيد عتيق :القتل بدافع الشفقة ,بدون رقم طبعة ,سنة الطبعة 2004م 1425-ه ,دار
النهضة العربية ,القاهرة.
ـ عبد القادر عودة :التشريع اجلنائي اإلسالمي مقارنا بالقانون الوضعي ,ج ,2ط,10
سنة,1989دار الكتاب العريب ,بريوت .
ـ حممد اهلواري :قتل املرمحة بني الفقه اإلسالمي والقانون الوضعي ,بدون رقم طبعة ,سنة 2003م
_ 1423ه ,اجمللس األورويب لإلفتاء والبحوث ,ستوكلهوم .
.مصطفى حممد الدغيدي :اإلثبات وخطة البحث يف جرائم القتل ,بدون رقم طبعة ,سنة 2007
,بدون دار نشر .
المجالت المقارنة:
81
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
ـ إعالن فينا.1983
ـ إعالن مدريد.1987
ـ اإلعالن العاملي حلقوق اإلنسان ,اعتمد ونشر على املأل مبوجب قرار اجلمعية العامة لألمم املتحدة
217ألف (د )3-املؤرخ يف 10كانون األول/ديسمرب .1948
ـ العهد الدويل للحقوق املدنية و السياسية أعتمد وعرض للتوقيع والتصديق واالنضمام مبوجب قرار
اجلمعية العامة لألمم املتحدة 2200ألف (د ـ ـ )21املؤرخ يف 16ديسمرب ,1966تاريخ بدء
النفاذ 3 :يناير ,1976وفقا للمادة .27
المذكرات :
ـ عبد املالك بن محد الفارس :جرمية االنتحار والشروع فيه بني الشريعة والقانون ,مذكرة ماجستري ,
سنة 2004م – 1425ه ,الرياض ,جامعة نايف العربية للعلوم األمنية كلية الدراسات العليا ,
قسم العدالة اجلنائية .
الموسوعات:
ـ املوسوعة الفقهية الكويتية ,ط ,2سنة1427ه ـ 2004م ,وزارة األوقاف والشؤون اإلسالمية ـ
الكويت,ج.6
82
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
فهرس الموضوعات:
الصفحة املوضوع
شكر وعرفان
اإلهداء
07 مقدمة
13 الفصل األول :مفهوم القتل الرحيم أساسه الفلسفي
83
القتل الرحيم دراسة مقارنة بين الشريعة اإلسالمية والقانون الوضعي
86