Download as pdf or txt
Download as pdf or txt
You are on page 1of 16

‫ رشيد أمشنوك‬.

‫أ‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫ نموذجا‬5101-5102 ‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫ نموذجا‬5101-5102 ‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب‬
‫ رشيد أمشنوك‬.‫أ‬
‫قسم الفلسفة‬-‫المركز الدولي للدراسات واألبحاث‬
‫المغرب‬-‫والعلوم اإلنسانية‬
:‫ملخص‬
‫تهدف هذه الورقة البحثية إلى دراسة موقع الشباب املغربي في السياسات العمومية الراهنة؛ السيما إلاستراتيجية الوطنية‬
‫ كونها شكلت لحظة فاصلة بين فلسفتين في‬،‫؛ وهي مرحلة مهمة‬5102 ‫ التي صادقت عليها الحكومة سنة‬،5101-5102 ‫للشباب‬
‫ التي سادت منذ حصول املغرب على استقالله؛ بحيث كانت‬،‫ فلسفة التدبير القطاعي العمودي‬:‫تدبير املسألة الشبابية باملغرب‬
‫ وفلسفة التدبير الاستراتيجي‬،‫تنبري لها مختلف القطاعات الحكومية واملؤسسات الرسمية دون تنسيق معلن أوعمل مندمج‬
‫ بيد أن هذا‬،.‫ ومشروع مجتمعي متكامل حول قضايا الشباب وانتظاراتهم‬،‫ التي تروم بلورة رؤية جامعة ومشتركة‬،‫ألافقي املندمج‬
‫الرهان ألاخير لم يخل من عيوب ومؤاخذات جمة أهمها؛ غياب إلارادة السياسية والالتزام السياس ي الكافي الكفيل بتفعيل‬
،‫ وهذا يعني أن أزمة الشباب املغربي ال ترتبط بالبرامج والخطط والاستراتيجيات‬.‫إلاستراتيجية وتوفير الشروط املناسبة لنجاحها‬
.‫بل بالسياق السياس ي الديمقراطي املناسب لتنزيلها وتقييم فعاليتها وأثرها‬
.‫ إلارادة السياسية‬،‫ الاستراتيجية الوطنية‬،‫ السياسات العمومية‬،‫ الاندماج‬،‫ الشباب‬:‫الكلمات املفتاحية‬

Moroccan youth and the challenges of integration and public policies: National Youth
Strategy 2015-2030 as an example.

Abstract:

The aim of this paper is to study the situation of Moroccan youth within the current public policies,
especially in the National Youth Strategy 2015-2030 which was approved by the government in
2014. This strategy is considered milestone, as it constitutes a crucial moment between two
approaches in the management of the issue of youth in Morocco. First, the sectoral vertical
management -which had prevailed since the independence of Morocco- to which the various sectors
of government and official institutions had been exposed without prior coordination or integrated
work. Second, the Integrated horizontal strategic management, which seeks to form a common and
shared vision and an integrated community project on youth issues and their expectations. However,
there are some major disadvantages to be noted about the latter goal, the most important of which is
the absence of the political will and commitment sufficient to implement the strategy and provide
the appropriate conditions for its success. This means that the crisis of the Moroccan youth is not
linked to programs, plans and strategies, but to the appropriate democratic political context for their
implementation and evaluation of their effectiveness and impact.
Key terms: Youth, integration; Public policies; National strategy; political will.

66 .‫ برلني – ألمانيا‬.‫دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‬، 5102‫ تشرين الثاني‬،‫العدد التاسع‬، ‫مجلة إتجاهات سياسية‬
‫أ‪ .‬رشيد أمشنوك‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب ‪ 5101-5102‬نموذجا‬
‫استهالل‪:‬‬
‫يشكل الشباب رحى املجتمع وعماده‪ ،‬ومصدر قوته‪ ،‬وتماسك نظمه وأنساقه؛ فاملجتمعات التي تعير الاهتمام‬
‫لرعيل الشباب‪ ،‬وتنبري للذود عن حقوقه وتطلعاته وطموحاته‪ ،‬تفتح مصراعيها على عوالم الاستمرارية والتجدد‬
‫والنماء والنهضة والرقي‪ ،‬بينما التي ال تعبأ بوجوده‪ ،‬وال تكترث ألمره‪ ،‬تفرض على نفسها واقع النكوص والتفكك‬
‫والانهيار؛ فالبيت إن ضعف أساسه تالش ى وانهار‪ ،‬لكن إن صلحت دعاماته أضحى أكثر متانة وصالبة‪ ،‬وأقدر‬
‫على مواجهة عوادي الزمان وتقلباته وتحدياته‪ .‬من هذا املنطلق غدا موضوع الشباب إلاشكال الذي يقض‬
‫مضجع الحكومات‪ ،‬ويؤرق فكر الساسة واملدراء‪ ،‬ملا يتميز به من أهمية قصوى في الدفع قدما بالدول‪ ،‬وإنجاح‬
‫واقع إلاصالحات والسياسات‪ .‬فعالوة على كونه مدخال حقيقيا لتنمية املجتمعات والنهوض بشؤونها‪ ،‬يعتبر‬
‫الشباب كذلك ترياق ألازمات الاجتماعية والثقافية والاقتصادية والسياسية؛ بانخراطه الفعال في تدبير الشأن‬
‫العام‪ ،‬ومشاركته السياسية الواعية‪ ،‬وبجهوده الفكرية الحثيثة‪ ،‬وفتوته وقوته ويقظته‪ ،‬فضال عن إسهامات‬
‫أخرى في مجاالت عديدة‪ ،‬لكنه في املقابل قد يصبح عالة ومصدر إزعاج للمجتمع وعقبة في تطوره وتقدمه‪،‬‬
‫حينما تنعدم فرص اندماجه ومشاركته وانخراطه‪ ،‬أو عندما يطاله التهميش والاستبعاد الذي يجعله غريبا في‬
‫وطنه‪ ،‬مغتربا في هويته ووجوده؛ حيث ال يجد من يحتضن مواهبه‪ ،‬أو يقدر إسهاماته‪ ،‬ويوفر له البيئة املناسبة‬
‫للتعبير عن اختياراته وتصوراته وممارسة قناعاته‪ ،‬ويروي ظمأه الوجودي واملعرفي والاجتماعي‪ ،‬ويلملم جراحه‬
‫املندملة‪.‬‬
‫‪.1‬التقديم إلاشكالي واملنهجي للدراسة‪:‬‬
‫‪ 1.1‬أهمية البحث وحدوده‪:‬‬
‫تتجلى ألاهمية إلابستمولوجية لهذا البحث في تناوله ملوضوع املسألة الشبابية باملغرب من خالل دراسة‬
‫موقعها في نسق الخطة الاستراتيجية الوطنية وسياقاتها الوطنية والدولية‪ ،‬باعتبارها مؤشرا رسميا يحيل على‬
‫مرحلة جديدة في تدبير إشكاالت الشباب سيما بعد دستور ‪ 5100‬والدينامية السياسية والثقافية والفكرية التي‬
‫أعقبته‪ ،‬غير أن تحقيق هذا الرهان العلمي تحول دونه عقبات منهجية وأخرى موضوعية تتمثل في ندرة‬
‫الدراسات حول الاستراتيجة الوطنية للشباب‪ ،‬فضال عن حداثة هذه ألاخيرة‪ ،‬لذا يمكن لهذه الدراسة النظرية‬
‫الوثائقية أن ال تفي بالغرض العلمي وحدها دون الوقوف عند صالحياتها التجريبية وواقعيتها ونجاعة مداخلها‬
‫ومنطلقاتها وأهدافها املنشودة‪ ،‬لكن في نفس الوقت تعتبر أساس التحليل النظري ألاولي إلدراك موقع الشباب في‬
‫النسق السياس ي الرسمي وأدواره الطالئعية‪ .‬وهو الهدف ألاساس ي الذي تروم هذه الدراسة تحقيقه‪.‬‬
‫‪ 1.1‬إشكالية الدراسة‪:‬‬
‫يعرف املغرب في آلاونة ألاخيرة هبة ديموغرافية شبابية مهمة؛ إذ يقدر عدد الشباب بتسعة ماليين شاب‬
‫تترواح أعمارهم ما بين ‪ 02‬و‪ 52‬سنة‪ ،‬وهو مؤشر يضع الدولة على محك الاختبار التنموي الحقيقي‪ ،‬وأمام‬
‫تحدي كبير؛ إما باالنتصار للغة الشباب والتفاعل الايجابي مع جذوة الفتوة وامللفات املطلبية امللحة‪ ،‬أو التلكؤ‬

‫‪66‬‬ ‫مجلة إتجاهات سياسية ‪،‬العدد التاسع‪ ،‬تشرين الثاني‪، 5102‬دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‪ .‬برلني – ألمانيا‪.‬‬
‫أ‪ .‬رشيد أمشنوك‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب ‪ 5101-5102‬نموذجا‬
‫والتملص من املسؤولية‪ ،‬ومن ثمة سنح الفرصة ملزيد من الاحتقان الاجتماعي والحراك الشعبي‪ ،‬وتضييع فرص‬
‫التغيير الحقيقي‪.‬‬
‫إن املسألة الشبابية في السياق السياس ي املغربي رهان استراتيجي ال محيد عنه‪ ،‬وأولوية تنموية ال مناص منها‪ ،‬بيد‬
‫أن آليات تحقيق هذه الرؤية‪ ،‬وشروط نجاحها ترتبط أساسا بعوامل كثيرة؛ أهمها وأبرزها إلارادة السياسية‬
‫واملناخ الديمقراطي ‪ ،‬ثم امتالك استراتيجية وطنية تعبر عن اهتمامات الشباب‪ ،‬وتعكس مطالبهم الاجتماعية‬
‫والثقافية والسياسية‪ ،‬وتقوض دعائم التناقضات التي باتت ملمح وضعية الشباب باملغرب املعاصر‪ ،‬وتسهم في‬
‫تقلص الفوارق بين مكونات املجتمع‪.1‬‬
‫فإذا كانت السياسات الحكومية تهدف إلى وضع املعالم والتوجهات للسبل الكفيلة باالستجابة لتطلعات الشباب‬
‫ومطالبهم الثقافية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية‪ ،‬فإن محاولة أجرأتها ال تخلو من انتقادات الشباب‬
‫والساسة أنفسهم‪ ،‬وال تسلم من املساءلة والنظر والتمحيص؛ إما لكونها ال تعبر عن منتظرات الشباب‪ ،‬أو ألن‬
‫إلاطار النظري الذي يحكم سياقها ال يساير مستجدات املرحلة وتحوالتها ونسقها التغييري‪ ،‬أو ألن شروط‬
‫تطبيقها وتفعيلها لم تنضج بعد‪.‬‬
‫فما دور السياسات الرسمية في تحقيق الاندماج الاجتماعي والاقتصادي للشباب ؟ وهل إلاستراتيجية الوطنية‬
‫للشباب ‪ 5101-5102‬استجابت ملطالب الشباب وتطلعاتهم ؟ وكيف تفاعل الخطاب الرسمي مع حراك الشباب‬
‫ومطالبهم الحقوقية ؟‬
‫‪ 1.1‬أهداف الدراسة‪:‬‬
‫تهدف هذه الورقة البحثية إلى تحقيق ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬دراسة تحليلية ملوقع الشباب في السياسات العمومية‪ ،‬السيما الاستراتيجية الوطنية ‪.5101-5102‬‬
‫‪ ‬تحليل فلسفة الاستراتيجية الوطنية‪ ،‬من خالل دراسة منطلقاتها ورهاناتها التنموية وحدود فاعليتها‬
‫وتأثيرها‪.‬‬
‫‪ ‬محاولة التفكير سوسيولوجيا في املسألة الشبابية باملغرب من خالل مساءلة آثار السياسة الشبابية‬
‫الرسمية على واقع الاندماج وأبعاده الاجتماعية والثقافية والاقتصادية‪.‬‬
‫‪ ‬تحليل التحديات السياسية التي تحول دون اندماج الشباب بشكل فعال‪.‬‬
‫‪ ‬استشراف مستقبل املسألة الشبابية باملغرب‪.‬‬
‫‪ 1.1‬منهجية الدراسة‪:‬‬
‫لتحقيق الرهان العلمي لهذا البحث عملنا على تحليل مضامين الخطة الاستراتيجية الوطنية للشباب‬
‫ورهاناتها؛ من خالل الوقوف عند سياقاتها السياسية وتداعياتها على واقع الشباب وحال اندماجهم‪ ،‬واستثمرنا‬
‫في هذا املضمار جملة من التقارير الرسمية وغير الرسمية لتسليط الضوء على جملة من املتغيرات ألاساسية‬
‫والثانوية التي يحيل عليها البحث‪ ،‬من قبيل السياسات العمومية وقضايا الشباب‪ ،‬املشاريع الوطنية في صفوف‬
‫‪1‬اململكة املغربية‪ ،‬وزارة الشباب والرايضة‪ ،‬االسرتاتيجية الوطنية املندجمة للشباب ‪ ،5102 ،5101-5102‬ص‪.10‬‬

‫‪66‬‬ ‫مجلة إتجاهات سياسية ‪،‬العدد التاسع‪ ،‬تشرين الثاني‪، 5102‬دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‪ .‬برلني – ألمانيا‪.‬‬
‫أ‪ .‬رشيد أمشنوك‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب ‪ 5101-5102‬نموذجا‬
‫الشباب‪ ،‬إلارادة السياسية امللكية‪ ،‬أزمة الشباب‪ ،‬التحديات القيمية والسياسية‪ ،‬وغيرها من املواضيع التي‬
‫تفرض نفسها في تناولنا للمسألة الشبابية باملغرب‪ ،‬السيما في اللحظة السياسية الراهنة التي عرفت دينامية‬
‫سياسية وثقافية جديرة بالدراسة السوسيوسياسية ملساءلة مساراتها ورهاناتها‪.‬‬
‫لم نكتف فقط بالدراسة الوثائقية لالستراتيجية الوطنية للشباب‪ ،‬بل سعينا كذلك في طيات هذا البحث‬
‫ملساءلة مفهوم الشباب في بعض املرجعيات الرسمية للقرار التنموي في املغرب‪ ،‬ونخص بالذكر أساسا الخطب‬
‫امللكية‪ ،‬وتصريحات املسؤولين فضال عن الترسانة القانونية والتشريعية واملؤسساتية التي تعنى بقطاع الشباب‬
‫وبرامجه‪.‬‬
‫املحور ألاول ‪ :‬الشباب املغربي بين رهانات السياسات العمومية وتحدي الاندماج الاجتماعي‬
‫‪ 1‬مفهوم الشباب‪:‬‬
‫يحيل مفهوم الشباب على فئة عمرية اجتماعية‪ ،‬ويتم حصر هذه املرحلة من قبل الباحثين في الفترة ما بين ‪02‬‬
‫و‪ 52‬سنة‪ ،‬وهو املعيار نفسه الذي تبنته السنة الدولية للشباب سنة ‪ ،0892‬بينما ألامم املتحدة ّ‬
‫تعرف‬
‫"الشباب" على أنهم ألاشخاص ممن تتراوح أعمارهم بين ‪ 02‬و‪ 52‬عاما‪ ،‬وتستند جميع إحصاءاتها بشأن الشباب‬
‫إلى هذا التعريف‪ ،‬كما توضح الحولية السنوية لإلحصاءات التي تنشرها منظومة ألامم املتحدة حول‬
‫الديموغرافيا والتعليم والعمل والصحة‪.‬‬
‫نجد هذا التعريف ذاته في بعض املؤسسات الرسمية في املغرب (املندوبية السامية لإلحصاء‪ ،)5102 ،‬بينما تبنت‬
‫وزارة الشباب والرياضة في تقريرها ألاخير التعريف املوسع لفئة الشباب املمتد ما بين ‪ 02‬و‪ 58‬سنة‪ ،1‬وتجدر‬
‫إلاشارة إلى أن هذا التحديد العمري ملفهوم الشباب يكتنفه الغموض واللبس؛ ألن الظاهرة الشبابية ال ترتبط‬
‫بمحدد عمري‪ ،‬بل تحكمها معطيات أخرى؛ فيزيولوجية‪ ،‬ونفسية‪ ،‬وثقافية اجتماعية‪ ،‬وجغرافية‪ ،‬كما أن‬
‫املقاربات العلمية تختلف فيما بينها؛ فالسوسيولوجيا تؤكد على كون الشباب كغيره من الفئات ألاخرى نتاج‬
‫املجتمع وثقافته وقيمه وعقله الجمعي وأفكاره وتحوالته واملفاهيم السائدة واملرجعيات التي تحكم تصورات‬
‫مكوناته‪ ،‬ومن ثمة يتحدد مفهوم الشباب بناء على الخصائص واملعطيات السائدة في املجتمع‪ ،‬مما يعني أن لكل‬
‫مجتمع شبابه‪ ،‬ولكل شباب إشكاالته وأسئلته واحتياجاته‪ ،‬ومن وجهة نظر فيزيولوجية نفسية يتم التركيز على‬
‫املالمح والتطورات الفيزيولوجية التي تطرأ على الفرد في حياته وتبصم لحظة انتقاله من الطفولة إلى الشباب‪،‬‬
‫ومنه إلى الشيخوخة‪.‬‬
‫من هذا املنطلق يعتبر العطري أن املقاربة السوسيولوجية في تحديد مفهوم الشباب أكثر وجاهة من املقاربة‬
‫العمرية السائدة ‪ ،2‬ألنها ترهن مسألة الشباب بشروط املجتمع الذي يستمد منه قيمته الاجتماعية وهويته‬
‫الثقافية‪ ،‬ويتأثر باتجاهاته القيمية والفكرية‪ ،‬بينما دمحم شقرون يعتبر أن استبدال الشباب باملرور إلى سن الرشد‬
‫أكثر علمية وإجرائية؛ السيما في مجال الدراسات السوسيولوجية‪.3‬‬

‫‪1‬وزارة الشباب والرياضة‪.5101-5118 ،‬‬


‫‪2‬العطري‪ ،‬عبد الرحيم‪" ،‬سوسيولوجيا الشباب املغريب‪ ،‬جدل اإلدماج والتهميش" مقدمة الكتاب‪ ،‬الطبعة األوىل‪ ،‬طوب بريس‪. 5112 ،‬‬
‫‪3‬العطري‪ ،‬املرجع نفسه‪.‬‬

‫‪66‬‬ ‫مجلة إتجاهات سياسية ‪،‬العدد التاسع‪ ،‬تشرين الثاني‪، 5102‬دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‪ .‬برلني – ألمانيا‪.‬‬
‫أ‪ .‬رشيد أمشنوك‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب ‪ 5101-5102‬نموذجا‬
‫‪ 1.1‬مفهوم السياسات العمومية‪:‬‬
‫إن السياسات العمومية هي مجموعة من الخطط والبرامج التي تنهجها الدولة أو إحدى إداراتها من أجل حل‬
‫مشاكلها والاستجابة للمطالب املتنوعة‪ ،‬وما يميزها هو شمولية نتائجها لشرائح واسعة من املجتمع إن لم نقل‬
‫املجتمع كله‪ ،‬ويعرفها الباحث في العلوم السياسية فانسان لوميو باعتبارها مجموعة من القرارات املترابطة التي‬
‫يقرها فاعل سياس ي أو مجموعة فاعلين سياسيين‪ .‬وتتطلب السياسة العمومية مسبقا وضع مجموعة من‬
‫ألاهداف الواض حة‪ ،‬ثم الوسائل وآلاليات الكفيلة بأجرأتها وتطبيقها‪ ،‬وتحديد مؤشرات إلانجاز والجهات‬
‫املسؤولة عن التنفيذ‪ ،‬لتسهل عملية التقييم والتتبع والتقويم‪ ،‬وتجويد ألاداء‪ ،‬ومن ثمة دراسة أثرها الاجتماعي‬
‫والثقافي والاقتصادي والبيئي‪.‬‬
‫من جهة أخرى يعرف توماس داي السياسة العمومية باعتبارها " تقديرا أو اختيارا حكوميا رسميا للفعل أو عدم‬
‫الفعل‪ ،‬كما هي توضيح ملاهية أفكار الحكومة وفلسفة عملها ورؤيتها التدبيرية"‪ ، 1‬بينما يرى كارل فردريك بأن‬
‫السياسة العامة هي " برنامج عمل مقترح لشخص أو جماعة أو حكومة في نطاق بيئة محددة لتوضيح الفرص‬
‫املستهدفة واملحددات املراد تجاوزها سعيا للوصول إلى هدف أو لتحقيق غرض مقصود"‪.2‬‬
‫إن السياسة العمومية إذن هي برنامج حكومي هادف وقاصد يروم تقديم إجابات رسمية عن جملة من ألاسئلة‬
‫التي يعج بها املجتمع‪ ،‬والتي تشمل مختلف مجاالته املتعددة‪ ،‬وكل مكوناته وأنساقه‪ .‬وبتعبير الفهداوي هي‬
‫منظومة فاعلة مستقلة متفاعلة مع محيطها واملتغيرات ذات العالقة بمجال اهتمامها‪ ، 3‬من خالل صك جملة‬
‫من البرامج والقرارات الكفيلة بمعالجة مشكالت معينة‪ ،‬أو القضاء على أزمات تقض مضجع املجتمع‪ ،‬وتهدد‬
‫بنيانه القيمي‪.‬‬
‫تجدر إلاشارة إلى أن هناك فرق بين "السياسة العامة" و"السياسات العمومية"؛ فاألولى تعبر عن التوجه‬
‫السياس ي العام للدولة والتي تهم تدبير الشأن العام الوطني واملجالي والترابي‪ ،‬بينما السياسات العمومية هي‬
‫مجاالت لتنزيل البرنامج الحكومي ومحاور السياسة العامة بهدف حل إلاشكاالت التنموية في املجاالت الاقتصادية‬
‫والاجتماعية والثقافية‪ ،‬فالسياسة العامة إذن تعبر عن املواقف السياسية والتوجهات الاستراتيجية العامة التي‬
‫تتبناها الدولة أو الحكومة‪ ،‬والسياسات العمومية تشكل مستوى من مستويات التخطيط التنموي‪ ،‬التي يتوجب‬
‫أن تكون منسجمة مع فلسفة السياسة العامة‪.‬‬
‫‪.1‬مفهوم الاندماج‪:‬‬
‫يشير لفظ الاندماج في معناه العام إلى الترابط والتماسك والانسجام والتبعية البينية بين عناصر أو وحدات‬
‫مجموع ما أو التالؤم بين مكونات النسق الاجتماعي بتعبير تالكوت بارسونز (‪ ،):Dominique Schnapper‬ويطرح‬
‫عادة كنقيض لعدم الانسجام والتفكك وإلاقصاء والاستالب والتمييز وانعدام الترابط وتالش ي أواصر التعاون‬

‫‪1‬الكبيسي‪،‬عامر‪ ،‬صنع السياسات العامة‪ ،‬عمان‪ ،‬دار املسرية‪ ،0111 ،‬ص‪.02‬‬


‫‪2‬الكبيسي‪ ،‬املرجع نفسه‪ ،‬ص‪.02‬‬
‫‪3‬الفهداوي فهمي‪ ،‬خليفة‪ ،‬السياسة العامة ‪:‬منظور كلي يف البنية والتحليل عمان‪ ،‬دار املسرية‪ ،5110 ،‬ص‪.03‬‬

‫‪67‬‬ ‫مجلة إتجاهات سياسية ‪،‬العدد التاسع‪ ،‬تشرين الثاني‪، 5102‬دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‪ .‬برلني – ألمانيا‪.‬‬
‫أ‪ .‬رشيد أمشنوك‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب ‪ 5101-5102‬نموذجا‬
‫والتضامن وهشاشة قيم التقدير والتضامن‪ 1‬ويميز الندكير بين أربعة أشكال من الاندماج‪ :‬الاندماج الثقافي‪،‬‬
‫والاندماج املعياري‪ ،‬والاندماج التواصلي‪ ،‬والاندماج الوظيفي ‪ ،2‬ونضيف في هذا السياق "اندماج الشباب"‬
‫بمفهومه الواسع الذي يشمل تطوير قدرات الشباب الفكرية والثقافية‪ ،‬وإشراكهم في مسار الدمقرطة والتنمية‪،‬‬
‫فضال عن إدماجهم في سوق الشغل‪ ،‬والنهوض بمختلف قضاياهم ومطالبهم‪.‬‬
‫يفض ي بنا الحديث عن الاندماج إلى استحضار أبعاده وتجلياته‪ ،‬وشبكة من املفاهيم املرتبطة به كاالندماج‬
‫الاقتصادي‪ ،‬واملواطنة‪ ،‬واملشاركة السياسية الفعالة‪ ،‬والحرية‪ ،‬والتماسك الاجتماعي‪ ،‬والاندماج الديمقراطي‪،‬‬
‫والحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية‪ ،‬والسياسات العادلة واملنصفة‪ ،‬فطاملا أن الاندماج الاجتماعي‬
‫يشكل واقعا مجتمعيا وحقال من القيم واملبادئ واملعايير‪ ،‬فإنه يجسد محور السياسات العادلة واملنصفة‪،‬‬
‫ومجال تأكيد الوجود الثقافي والاجتماعي‪ ،‬والتحرر من النمطية والتبعية‪ ،‬وإغناء الذات وفسح املجال ملشاركتها‪،‬‬
‫وحفظ وحدتها وتماسكها‪ ،‬وتعزيز قيمها وهويتها‪ .‬فاندماج الشباب في املجتمع قمين بشروط اجتماعية وثقافية‬
‫وسياسية مناسبة‪ ،‬تضمن لهم فضاء مالئما للتعبير عن إمكانياتهم‪ ،‬وصقل مواهبهم‪ ،‬وتطوير معارفهم ومداركهم‬
‫الثقافية‪ ،‬كما تحقق لهم مجاال قيميا يؤطر فلسفتهم في الحياة‪ ،‬ونبراسا تستنير به إرادتهم‪ ،‬وعزيمة تذلل‬
‫تحدياتهم ومشاكلهم‪.‬‬
‫‪.1‬العالقة بين املفاهيم‪:‬‬
‫تجمع بين هذه املفاهيم عالقات وطيدة تتمثل في كون الشباب يحتاج لسياسات عمومية وبرامج حكومية‬
‫وقرارات جريئة وتدابير واقعية‪ ،‬تضمن لهم حياة اجتماعية وثقافية مستقرة‪ ،‬واندماجا سياسيا مؤثرا وفعاال‪،‬‬
‫يحقق لهم مواطنة حقوقية خالقة‪ ،‬أو بتعبير آالن تورين "اندماجا ديمقراطيا"‪ 3‬يحفظ كرامتهم‪ ،‬ويصون‬
‫حريتهم‪ ،‬ويعكس مطالبهم وحقوقهم‪ ،‬ويترجم إرادتهم داخل نسق املجتمع وفي مختلف اتجاهاته وحقوله‪ .‬غير أن‬
‫املطابقة بين القيم السياسية الرسمية والواقع الاجتماعي للشباب يشكل تحديا سوسيولوجيا؛ السيما في السياق‬
‫السياس ي املغربي –مجال الدراسة‪ -‬حيث يعتبر الخطاب السياس ي الرسمي في شكله الحالي خطابا فاقدا‬
‫للمصداقية واملشروعية الاجتماعية طاملا ال يجد سبيله لواقع الشباب ومطالبهم وتطلعاتهم‪ 4‬؛ وهذا يعني أن‬
‫سياسات الاندماج الرسمية يمكن أن تكون عائقا أمام التفاعل الايجابي بين الشباب والنسق السياس ي الرسمي‪،‬‬
‫وحاجزا يحول دون بلوغ الغايات املنشودة‪.‬‬
‫يكون الشباب إذن مندمجا في املجتمع‪ ،‬حينما يكون عنصرا فاعال في نسقه الثقافي‪ ،‬متفاعال مع همومه‬
‫ومشكالته ودينامية التنمية وبنائها الاجتماعي والقيمي‪ ،‬حرا في اختياراته‪ ،‬كريما في حياته‪ ،‬مواطنا صالحا يخدم‬

‫‪1‬بوخريص‪ ،‬فوزي ‪ ،‬االندماج االجتماعي والدميقراطية‪ :‬حنو مقاربة سوسيولوجية‪ ،‬حبث حمكم‪ ،‬مؤمنون بالحدود للدراسات واألحباث‪ ،‬قسم الدين وقضااي اجملتمع الراهنة‬
‫ص‪ ..12‬اطلعت عليه ابملوقع بتاريخ ‪.5101/12/01‬‬
‫‪(1990), l’intégration sociale, in encyclopédie philosophique universelle,vol 2, les notions philosophiques‬‬ ‫‪2‬‬
‫‪Chazel.F,‬‬
‫‪.dictionnaire,Paris,éd PUF,1990,p1325‬‬
‫‪3‬‬
‫‪Touraine, Alain. Qu’est ce que la démocratie ?, Paris, éd Fayard, 1996.‬‬
‫‪4‬الزين‪ ،‬عبدالفتاح‪ .‬السياسات الشبابية والبحث العلمي‪ ،‬التقرير الرتكييب للمناظرة الوطنية حول الشباب‪ ،‬منشورات املعهد اجلامعي للبحث العلمي‪ ،‬سنة النشر غري واردة‪.‬‬

‫‪67‬‬ ‫مجلة إتجاهات سياسية ‪،‬العدد التاسع‪ ،‬تشرين الثاني‪، 5102‬دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‪ .‬برلني – ألمانيا‪.‬‬
‫أ‪ .‬رشيد أمشنوك‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب ‪ 5101-5102‬نموذجا‬
‫وطنه‪ ،‬ويذود عن حاضره ومستقبله‪ ،‬كما له كامل حقوقه ومستحقاته‪ .‬فاالندماج الاجتماعي إذن ليس ترفا‬
‫فكريا‪ ،‬أو نظرية سوسيولوجية حاملة بل هو مطلب واقعي ال محيد عنه‪ ،‬ليكون الشباب قيمة مضافة وقوة‬
‫اجتماعية واقتصادية وثقافية في مجاالت املجتمع؛ السيما وأن الاهتمام بهم يشكل لحظة فارقة في الرقي‬
‫والتنمية‪ ،‬وتحقيق التقدم والتغيير الحقيقي‪.‬‬
‫فإذا كانت السياسات العمومية تعكس توجهات السياسة العامة للدولة‪ ،‬وتعبر عن منطلقاتها وفلسفتها في‬
‫التدبير‪ ،‬فهل بإمكانها أن تبدد تحديات الاندماج الاجتماعي للشباب‪ ،‬وتجيب عن أسئلة واقعهم امللحة ؟‬
‫املحور الثاني ‪:‬الشباب في السياسات العمومية‪ :‬من التدبيرالقطاعي إلى الاستراتيجية الوطنية‪.‬‬
‫يحتل موضوع الشباب مكانة مهمة في مختلف البرامج والاستراتيجيات التي تصدرها القطاعات الوطنية؛ إذ ال‬
‫يمكن أن نتصفح وثيقة من وثائقها دون أن نلفي هذا املفهوم حاضرا في فصولها ومضامينها‪ ،‬ويبدو من الناحية‬
‫النظرية على ألاقل بأن فئة الشباب تحضر كأولوية وكهاجس حقيقي لدى الفاعلين السياسيين‪ ،‬وأن قضاياها‬
‫تشغل اهتمامات مختلف املتدخلين‪ :‬املؤسسة امللكية‪ ،‬الحكومة‪ ،‬املجتمع املدني‪ ،‬املؤسسات املركزية واملحلية‪. 1‬‬
‫لكن هل هذا الاهتمام الرسمي أخرج الشباب من هشاشته وحقق مطالبه وانتظاراته وأجاب عن أسئلته ؟‬
‫إن ربط الشباب برهانات التنمية وتوظيفه كقوة إيجابية وطاقة خالقة‪ ،‬يستوجب بلورة رؤية شاملة في مجاالتها‪،‬‬
‫ومتكاملة في أهدافها وغاياتها‪ ،‬واستراتيجية في أفقها‪ ،‬ومندمجة في أبعادها والقيم التي تحملها‪.‬‬
‫‪2‬‬
‫‪.1‬التدبيرالقطاعي لقضايا الشباب‪ :‬ميزة املغرب منذ الاستقالل‬
‫إن أهم ما يميز املغرب مذ حصوله على الاستقالل الرسمي سنة ‪ ،0821‬أن تدبيره للمسألة الشبابية بات محكوما‬
‫برؤية قطاعية تفتقد للشمولية والاندماج والتنسيق بين مختلف القطاعات املهتمة بشؤونهم‪ ،‬واملتدخلين في‬
‫إدارة ملفاتهم‪ ،‬مما ساهم في تعميق ألازمة الشبابية‪ ،‬وتناسل املشكالت الاجتماعية والاقتصادية والثقافية‪.‬‬
‫في هذا السياق يعتبر قطاع وزارة الشباب والرياضة(مرسوم ‪ )5.15.0.8‬أهم مجال حكومي أنيطت به العديد من‬
‫املهام أبرزها‪:‬‬
‫‪ ‬إعداد برامج اجتماعية تربوية تهدف إلى تنظيم وتأطير وحماية الشباب والطفولة واملرأة؛‬
‫‪ ‬الرفع من مستوى العمل الجمعوي وتعميمه ضمانا لحماية الشباب وإدماجه في املجتمع؛‬
‫‪ ‬تنمية ألانشطة املتعلقة بالتعاون إلاقليمي والدولي في ميدان الشباب والطفولة؛‬
‫‪ ‬دعم وتطوير السياسة الجهوية في مجال الشباب؛‬
‫‪ ‬القيام بالدراسات وألابحاث التي من شأنها أن تنعش وتساهم في تفتح الشباب والطفولة واملرأة؛‬
‫ومن بين ألانشطة التي تضطلع بها مديرية الشباب والطفولة والشؤون النسوية‪ ،‬نذكر ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬دعم جمعيات الشباب ومنظمات الشباب وتنسيق وتتبع نشاطها؛‬

‫‪1‬انظر تقرير اللجنة العليا للسكان‪.5112 ،‬‬


‫‪2‬بوعمامة‪ ،‬العريب‪ ،‬الشباب املغريب يف سلم القيم واألولوايت عند الدولة‪ ،‬دراسة ضمن كتاب "املغرب يف سنة"‪ ،‬منشورات املركز املغريب لتحليل السياسات‪ ،5102 ،‬ص‬
‫‪.071‬‬

‫‪67‬‬ ‫مجلة إتجاهات سياسية ‪،‬العدد التاسع‪ ،‬تشرين الثاني‪، 5102‬دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‪ .‬برلني – ألمانيا‪.‬‬
‫أ‪ .‬رشيد أمشنوك‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب ‪ 5101-5102‬نموذجا‬

‫‪ ‬حماية الطفولة؛‬
‫‪ ‬إعداد برامح إلعادة التربية وإدماج ألاحداث بتنسيق من الجهات املعنية؛‬
‫‪ ‬إدماج الشباب في املجاالت الثقافية والترفيهية والتربوية‪.‬‬
‫ولتحقيق هذه ألاهداف وضعت الوزارة جملة من املخططات‪ ،‬نذكر منها‪ :‬مخطط لوزارة الشباب والرياضة‬
‫(‪ ،)5105-5119‬واستراتيجية (‪.)5101-5101‬‬
‫ونجد ألامر نفسه في اختصاصات وزارة التربية الوطنية والتعليم العالي‪ ،‬بحيث تعنى بالسياسة التعليمية‬
‫والتربوية للشباب‪ ،‬ووزارة الصحة تهتم بمجال تخصصها؛ أي رعاية حقوقهم الصحية‪ ،‬ووزارة الاقتصاد تنبري‬
‫للتفكير في سياسة اقتصادية واجتماعية تستوعب مطالبهم وتستجيب النتظاراتهم في أفق تحقيق اندماج‬
‫اجتماعي يصونهم من شرور التشرد والبطالة والعطالة والتيه‪ ،‬وألامر ذاته ينسحب على كل القطاعات الوزارية‬
‫ألاخرى التي تشارك الشباب همومه وتفتح أبوابها الحتضان مشاكله وتطوير إمكانياته وتلبية حاجاته‪ .‬رغم هذا‬
‫الاهتمام الرسمي بمسألة الشباب‪ ،‬يمكن أن نعتبر أن حضوره في إلاطار القطاعي مشكلة أخرى تنضاف‬
‫ملشكالتهم وأزماتهم‪ ،‬ألن املقاربة القطاعية العمودية في تدبير املسألة الشبابية أثبتت عدم نجاعتها ووجاهتها‪،‬‬
‫كونها تفتقد للنسقية والرؤية الشاملة؛ السيما وأن مشكالت الشباب ال تقبل التجزيء والتفكيك‪ ،‬وتحقيق‬
‫اندماجهم وانتظاراتهم يتطلب نهجا تنمويا واضحا (اليونسيف‪ ،)5110،‬واستراتيجية متكاملة ومندمجة‪ ،‬تتجاوز‬
‫النظرة القطاعية‪ ،‬والرهانات السياسية الظرفية‪ ،‬والهواجس الانتخابية املرحلية‪.‬‬
‫إن املسألة الشبابية في املغرب تحتاج إلى مشروع متكامل‪ ،‬ترفده إرادة سياسية حقيقية وواعية‪ ،‬ومنفتحة على‬
‫الجميع؛ بحيث تنتصر لرهان املواطنة بمفهومها الواسع‪ ،‬وتطرد كل هاجس فكري أو سياس ي يعيق املسيرة‬
‫إلاصالحية والرهان التنموي‪.‬‬
‫‪ .1‬منطلقات الاستراتيجيات الوطنية ‪:1111-1112‬‬
‫انطلقت إلاستراتيجية الوطنية من سياق محلي وإقليمي محكوم بمجموعة من الاعتبارات والسمات نبرز أهمها‬
‫على النحو آلاتي‪:‬‬
‫هبة ديموغرافية شبابية مهمة؛ بحيث يمثل الشباب املترواحة أعمارهم بين ‪ 02‬و‪ 58‬ثلث املجتمع بنسبة ‪ 01‬في‬
‫املائة‪ .‬وهي فرصة وتحدي في آلان ذاته‪.‬‬
‫إقصاء معظم الشباب؛ فغالبيتهم ما تزال تكتوي بلظى التهميش الاجتماعي والبطالة والعطالة‪ ،‬مما أدى إلى‬
‫انتشار مختلف أشكال الانحراف الاجتماعي؛ من قبيل إلادمان على املخدرات‪ ،‬والانتحار‪ ،‬والفساد ألاخالقي‪،‬‬
‫والسرقة‪ ،‬وإلاجرام بأنواعه وتمظهراته الكثيرة‪.‬‬
‫فشل املقاربة التقليدية في تدبير قضايا الشباب ؛ ذلك أن البرامج القطاعية التي كانت موجهة للشباب لم تكن‬
‫كافية الستيعاب تحديات الشباب‪ ،‬وإلاجابة عن أسئلة واقعهم‪ ،‬ومللمة جراحاتهم الاجتماعية‪ ،‬ورأب الهوة التي‬
‫باتت تهدد مستقبلهم‪ ،‬وتنخر إرادتهم‪.‬‬

‫‪67‬‬ ‫مجلة إتجاهات سياسية ‪،‬العدد التاسع‪ ،‬تشرين الثاني‪، 5102‬دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‪ .‬برلني – ألمانيا‪.‬‬
‫أ‪ .‬رشيد أمشنوك‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب ‪ 5101-5102‬نموذجا‬
‫الحراك الاحتجاجي الشعبي املتواصل الذي يقوده الشباب‪ ،‬يعبر عن إحساسهم باإلقصاء؛ إذ إن مطالبتهم‬
‫بالديمقراطية والكرامة والعدالة الاجتماعية وحقوق إلانسان‪ ،‬يبين عدم وجاهة ونجاعة التدابير القطاعية التي‬
‫كانت تنهجها الدولة لتدبير ملفاتهم املطلبية؛ فضال عن كونها تفتقد لروح ديمقراطية عادلة تنصف واقعهم‪،‬‬
‫وتحتضن مطالبهم وتطلعاتهم‪.‬‬
‫دعوات دولية حول ضرورة تبني سياسة شبابية شاملة ومندمجة‪ ،‬تحترم إرادة الشباب‪ ،‬وتستجيب ملطالبهم‪،‬‬
‫باعتبارهم قوة إيجابية في التنمية الاجتماعية والاقتصادية‪ ،‬ورأسماال وطنيا مهما ال يمكن الاستغناء عنه لتقدم‬
‫املجتمع واستقراره‪.‬‬
‫إطالق عدد من إلاصالحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية؛ أهمها دستور ‪ ،5100‬الذي يؤكد في الفصل‬
‫‪ 00‬منه على ضرورة " توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية‬
‫للبالد‪ ،‬ومساعدة الشباب على الاندماج في الحياة النشيطة والجمعوية‪ ،‬وتقديم املساعدة ألولئك الذين‬
‫تعترضهم صعوبة في التكيف املدرس ي أو الاجتماعي أو املنهي مع تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجيا‬
‫والفن والرياضة وألانشطة الترفيهية‪ ،‬مع توفير الظروف املواتية لتفتق طاقاتهم إلابداعية الخالقة في كل هذه‬
‫املجاالت"‪ .‬وفي السياق نفسه أكد امللك دمحم السادس أنه " يجب التعامل مع الشباب كطاقة مفعلة للتنمية‪ ،‬وهو‬
‫ما يقتض ي بلورة استراتيجية شاملة‪ ،‬من شأنها وضع حد لتشتت الخدمات القطاعية املقدمة للشباب‪ ،‬وذلك‬
‫باعتماد سياسة تجمع‪ ،‬وبشكل متناغم ومنسجم جميع هذه الخدمات‪. 1"...‬‬
‫الاهتمام الحكومي بالشباب؛ حيث شكل هذا ألاخير محور التصريح الحكومي ‪ ،5105‬الذي أشار إلى جملة‬
‫إلاشكاالت التي تعيق اندماج الشباب‪ ،‬مما يفرض ضرورة تبني استراتيجية وطنية شاملة ومتكاملة تنسق وتدعم‬
‫جهود مختلف الفاعلين واملتدخلين في الشأن الشبابي‪.‬‬
‫في هذا السياق العام‪ ،‬برزت إلاستراتيجية الوطنية املندمجة للشباب (‪ )5101-5102‬تحت شعار "شبيبة‬
‫مواطنة مبادرة سعيدة ومتفتحة"‪ ،‬وهي استراتيجية أصدرتها وزارة الشباب والرياضة سنة ‪ 5102‬بتعاون مع‬
‫اللجنة املتعددة القطاعات من أجل تحقيق مجموعة من ألاهداف أهمها ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬توحيد جهود القطاعات وبناء رؤية موحدة ومنسجمة؛‬
‫‪ ‬بلورة آلاليات الكفيلة بجعل الشباب محور السياسات العمومية؛‬
‫‪ ‬توسيع وتعميم مشاركة الشباب في التنمية الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية للمغرب؛‬
‫‪ ‬مساعدة الشباب على الاندماج في سوق العمل والحياة الجمعوية؛‬
‫‪ ‬تقديم املساعدة للشباب في وضعية صعبة‪ ،‬وتوفير الظروف املناسبة الندماجهم التربوي والاجتماعي‬
‫والثقافي والسياس ي والاقتصادي؛‬
‫‪ ‬تيسير ولوج الشباب للثقافة والعلم والتكنولوجيا والفن والرياضة وألانشطة الترفيهية؛‬

‫‪1‬الخطاب امللكي‪ 51،‬غشت ‪.5105‬‬

‫‪67‬‬ ‫مجلة إتجاهات سياسية ‪،‬العدد التاسع‪ ،‬تشرين الثاني‪، 5102‬دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‪ .‬برلني – ألمانيا‪.‬‬
‫أ‪ .‬رشيد أمشنوك‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب ‪ 5101-5102‬نموذجا‬

‫‪ ‬تطوير طاقات الشباب وإمكانياتهم وقدراتهم إلابداعية في كل املجاالت‪.‬‬


‫" ال يمكن تحقيق أهداف إلادماج الاقتصادي والاجتماعي من خالل برامج معزولة أو التركيز على قطاع واحد‪.‬‬
‫لذلك‪ ،‬تقترح الاستراتيجية الوطنية إطارا مؤسساتيا سياسيا وتشريعيا‪ ،‬باإلضافة إلى حزمة من آلاليات‬
‫والتدخالت داخل مختلف القطاعات والوزارات‪ .‬ومن جهة أخرى‪ ،‬تحدد الاستراتيجية الوطنية‪ ،‬بغية اكتساب‬
‫الرؤية املشتركة‪ ،‬خمسة محاور استراتيجية منبثقة من حاجيات الشباب ودراسة الفجوات املؤسساتية‬
‫لالستجابة لهذه الاحتياجات"‪ ، 1‬وتتمثل هذه املحاور في‪:‬‬
‫‪ ‬التشغيل والرفع من الفرص الاقتصادية؛‬
‫‪ ‬الخدمات ألاساسية املقدمة للشباب؛‬
‫‪ ‬املشاركة الفعالة في الحياة الاجتماعية واملجتمع املدني؛‬
‫‪ ‬حقوق إلانسان؛‬
‫‪ ‬التواصل وإلاعالم والتقييم والحكامة‪.‬‬
‫انطالقا مما سبق ذكره‪ ،‬يمكن أن نلخص جوانب قوة الاستراتيجية الوطنية في العناصر آلاتية‪:‬‬
‫احترام املنهجية العلمية في الصياغة والبناء؛ بحيث انطلقت من املرجعيات الدولية والوطنية وتشخيص‬ ‫‪-‬‬
‫للبرامج القطاعية السابقة‪ ،‬السيما في السنوات ألاخيرة‪ ،‬ثم إنجاز دراسات استطالعية شملت عددا مهما من‬
‫الشباب‪ ،‬فضال عن عقد لقاءات تشاورية متعددة مع فاعلين ومتدخلين في الشأن الشبابي‪.‬‬
‫تجاوز التدبير القطاعي للمسألة الشبابية‪ ،‬وترسيخ فكر استراتيجي أفقي واسع ومستدام في إدارة امللفات‬ ‫‪-‬‬
‫املجتمعية‪ ،‬وعلى رأسها ملف الشباب‪.‬‬
‫التنسيق مع مختلف املتدخلين والفاعلين؛ سواء في بلورة إلاستراتيجية أو تنفيذ مقتضياتها‪ ،‬مما يرسخ روح‬ ‫‪-‬‬
‫التشارك والتشاور والعمل املندمج‪.‬‬
‫بناء إطار تشريعي خاص بالشباب ومأسسة العمل املشترك‪ ،‬من خالل خلق إطار مؤسساتي يمثل مختلف‬ ‫‪-‬‬
‫القطاعات ينبري ملتابعة قضايا الشباب ومناقشة التدابير املناسبة ملعالجة مشكالتهم وتلبية متطلباتهم‪.‬‬
‫ترسيخ قيم املساءلة واملحاسبة والتقييم املوضوعي للسياسات العمومية؛ السيما في مجال مندمج تتدخل فيه‬ ‫‪-‬‬
‫كل املجاالت القطاعية واملؤسسات الرسمية وغير الرسمية‪.‬‬
‫توسيع دائرة املشاركين في البرامج املوجهة للشباب‪ ،‬وضمان عدالة حقوقية مهمة في أوساطهم‪ ،‬فضال عن‬ ‫‪-‬‬
‫تقليص الفوارق الاجتماعية والجغرافية بينهم‪.‬‬
‫بناء على هذه املالمح ألاساسية‪ ،‬تعتبر إذن إلاستراتيجية الوطنية للشباب مدخال نحو انبثاق فلسفة جديدة‬
‫تثمن ولوج الشباب إلى مواطنة كاملة وفعالة‪ ،‬بما يفض ي إلى تغيير سلوكهم ومواقفهم والارتقاء بمقاربة قضايا‬
‫مجتمعهم‪ ،‬وهي مبادرة إيجابية مبدئيا‪ ،‬ألنها حاولت أن تتجاوز العمل القطاعي العمودي‪ ،‬عالوة على راهنيتها‬
‫وتفاعلها مع تحوالت الواقع الاجتماعي‪ ،‬والحراك الشعبي‪ ،‬فضال عن انفتاح رهاناتها على مختلف املجاالت‬

‫‪1‬الاستراتيجة الوطنية ‪ ،5101-5102‬ص ‪.00‬‬

‫‪67‬‬ ‫مجلة إتجاهات سياسية ‪،‬العدد التاسع‪ ،‬تشرين الثاني‪، 5102‬دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‪ .‬برلني – ألمانيا‪.‬‬
‫أ‪ .‬رشيد أمشنوك‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب ‪ 5101-5102‬نموذجا‬
‫وألاصعدة‪ ،‬بالرغم من كونها لم تسلم من انتقادات املتتبعين والحقوقيين وألاكاديميين؛ ألن السياق السياس ي‬
‫املناسب لتطبيقها وتفعيل بنودها لم ينضج بعد؛ ذلك أن الرؤية إلاستراتيجية املتكاملة تتطلب إرادة سياسية‬
‫ليعكس الواقع فعاليتها وتأثيرها؛ فمنطلقات السياسات العمومية؛ سواء القطاعية أو إلاستراتيجية املندمجة‬
‫تستوجب نسقا قيميا ومنظومة سياسية وثقافية تفعل دور الشباب‪ ،‬وتشركهم في بلورة السياسات وإنجازها‬
‫وتقييمها وتقويم مخرجاتها‪ ،‬بيد أن حضورهم في أغلب السياسات " كفئة مستهدفة فقط"‪ ،‬يجعل الخيار‬
‫الاستراتيجي ألاول هو إشراك الشباب واستشارتهم وتوفير جميع الظروف املالئمة للتعبير عن إمكانياتهم‬
‫ومطالبهم‪ ،‬بمنأى عن أي أفق سياس ي محدود‪ ،‬أو هواجس تدبيرية مسبقة‪.‬‬
‫إن مدخل إدماج الشباب ال يكمن في بلورة الاستراتيجيات والسياسات ألافقية‪ ،‬رغم أهميتها‪ ،‬لكن كذلك‬
‫وأساسا في "حكامة ديمقراطية تشاركية حقيقية"‪ ،‬تجعل الشباب في قلب السياسات العمومية مشاركا وفاعال‬
‫ومستفيدا في سياق انتقال ديمقراطي يشيد بناءه املتين مختلف الفاعلين السياسيين والثقافيين‪ ،‬وكل مكونات‬
‫املجتمع املدني‪ ،‬وأطيافه السياسية والثقافية‪.‬‬
‫إذا كان وضع الشباب في معظم السياسات العمومية يسمه التدبير القطاعي وغياب التكامل والاندماج والتنسيق‬
‫في إدارة املسألة الشبابية‪ ،‬وانعدام الاستمرارية والتراكم في البرامج املقررة‪ ،‬فإن هذه الاعتبارات رغم وجاهتها لم‬
‫تكن كافية إلقرار استراتيجية وطنية مندمجة للشباب؛ السيما إذا كانت هذه ألاخيرة محكومة بنفس إلايقاع‬
‫السياس ي وألافق التنموي‪ .‬والشك أن نفس املقدمات تنتج عنها ذات النتائج؛ سيما إذا كانت ترعاها القناعات‬
‫السياسية نفسها‪ ،‬وتؤطرها الشروط واملنطلقات ذاتها‪.‬‬
‫‪ .1‬أزمة الشباب في املغرب‪ :‬أزمة سياسات أم أزمة مشروع قيمي‬
‫‪1‬‬
‫يقول دومنيك رينيي ‪" :‬إن املجتمعات تؤدي غاليا عندما تهمل شبيبتها " ‪ ،‬فالشباب هو الرأسمال الذي ال‬
‫يعوض‪ ،‬بل هو ألامل واملستقبل والحامل الحقيقي لهموم املجتمع‪ ،‬الناهض بشؤونه وقضاياه‪ ،‬لذلك نعتبر أن‬
‫تدبير املسألة الشبابية يستوجب مشروعا مجتمعيا متكامال‪ ،‬وليس فقط خيارا سياسيا أو استراتيجية محكومة‬
‫بإطار زمني وفلسفة حكومية محددة؛ السيما وأن إلاشكاالت السوسيولوجية للشباب ليست وليدة اليوم‪ ،‬بل هي‬
‫ذات طبيعة بنيوية وجذور تاريخية‪ ،‬وال أخال التغيير الفعلي سيتحقق‪ ،‬دون تشخيص موضوعي شامل ألصل‬
‫الداء؛ بحيث يتخلص من الاجتزاء والهواجس السياسية والرهانات املوسمية‪ .‬هذا من جهة‪ ،‬ومن جهة ثانية فإن‬
‫ت حديات الشباب في العصر الراهن ال ترتبط بضعف إلامكانيات املادية‪ ،‬والبنيات التحتية‪ ،‬وألانساق املؤسساتية‬
‫املحتضنة له فحسب‪ ،‬بل كذلك وأساسا بتحدي قيمي كبير وملح‪ ،‬ألن التحوالت القيمية والاجتماعية والثقافية‬
‫التي تمر منها املجتمعات املعاصرة بفعل التقانة والعوملة وثقافة الويب‪ ،‬اكتسحت عقول الشباب‪ ،‬وأثرت في‬
‫القيم املجتمعية ألاثيلة والبانية‪ ،‬وأفرزت واقعا اجتماعيا مختال في قيمه وثقافته ووظائف مؤسساته وأنساقه‬
‫التربوية‪ .‬إن الشباب املغربي يعرف "تغريبا الشعوريا" بتعبير الزاوي‪ ،‬وهو ما يتطلب في نظره حفرا مغايرا ونسقا‬

‫‪1‬اجلرموين‪ ،‬رشيد‪ ،‬املسألة الشبابية يف مغرب اليوم‪ ،‬مقال اطلعت عليه مبوقع ‪ pjd‬يوم ‪.5100 ،5101-15-05‬‬

‫‪66‬‬ ‫مجلة إتجاهات سياسية ‪،‬العدد التاسع‪ ،‬تشرين الثاني‪، 5102‬دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‪ .‬برلني – ألمانيا‪.‬‬
‫أ‪ .‬رشيد أمشنوك‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب ‪ 5101-5102‬نموذجا‬
‫جديدا في مقاربة مشكالته‪ ،‬وتناوال اجتماعيا ناضجا ينطلق من أرضية أولية تتفاعل مع قضايا الشباب ورهاناته‬
‫الكبرى في واقع متحول‪ ،‬متنطع من كل املقاسات والبراديغمات السوسيولوجية‪.1‬‬
‫تبين العديد من التقارير أنه يوجد في املغرب ما يربو عن ‪ 51‬باملائة من الشباب املغاربة يتعاطون للمخدرات‬
‫بشكل منتظم‪ ،‬وأن ‪ 81‬في املائة منهم تقل أعمارهم عن ‪ 52‬سنة‪ ،‬وفي دراسة علمية أخرى أنجزت لصالح جمعية‬
‫"إنصاف" حول ظاهرة "ألامهات العازبات"‪ ،‬توضح أن أكثر من ‪ 501.111‬امرأة وضعن على ألاقل أكثر من‬
‫‪ 021.111‬طفال خالل الفترة املمتدة بين ‪ .5118-5110‬وفيما يتعلق بالعالقات الجنسية مع العاهرات‪ ،‬صرح ثلثي‬
‫الشباب بقيامهم بعالقة جنسية مع عاهرات‪ 2 ،‬في املائة منهم بشكل منتظم‪ ،‬و‪ 10‬في املائة بشكل متقطع‪.2‬‬
‫توضح هذه املؤشرات الرقمية أن تحدي الشباب املغربي ال ينحصر في ما هو مادي أو اقتصادي فحسب‪ ،‬بل‬
‫يشمل أساسا "مجال القيم وألاخالق"‪ ،‬والثقافة السلوكية السائدة في أوساطهم حيث يطبعها الانحراف‬
‫والالتوازن‪ ،3‬وهذا يعني أن إصالح املنظومة الشبابية يتطلب مشروعا تغييريا يرتكز على البعد القيمي والثقافي‪،‬‬
‫من خالل إعادة الاعتبار للوظيفة التربوية للمدرسة‪ ،‬وخلق فضاءات ثقافية وتوعوية تحتضن الشباب‪ ،‬وتلبي‬
‫احتياجاتهم الروحية والوجدانية ضمن نسق انتقال ديمقراطي يعكس التحوالت الحقيقية للمسألة الشبابية‬
‫باملغرب‪ ،‬ويسائل الواقع السياس ي السائد والعقليات التدبيرية التقليدية‪.4‬‬
‫بعودتنا ملنطلقات إلاستراتيجية املندمجة نلفي أن الرهان املؤسساتي والتشريعي والتدبيري هو السمة الغالبة في‬
‫فلسفتها‪ ،‬والشك أنه رهان غير كافي لوحده‪ ،‬بالنظر ملا يعرفه الواقع الشبابي من نتوءات قيمية وثقافية يستدعي‬
‫تدخال جادا يرصد املشكل في أساسه‪ ،‬ويعري ألازمة الشبابية وتجلياتها السوسيولوجية سواء في اهتمامات‬
‫الشباب‪ ،‬أو أنظمة تفكيرهم‪ ،‬أو سلوكاتهم وأفعالهم‪ ،‬ألنها تعكس وعيهم والعقل الجمعي الذي يحدد وجودهم‪ .‬إن‬
‫املفارقات الثقافية التي ينطوي عليها واقع الشباب تسائل هوية املسألة الشبابية باملغرب‪ ،‬وتضع على محك‬
‫ّ‬
‫للشباب؛ السيما إلاستراتيجية الوطنية املندمجة‪ ،‬التي تحتاج إلى فلسفة‬ ‫الاختبار مختلف السياسات املوجهة‬
‫قيمية وسوسيولوجية واقعية تخرجها من أفقها إلاداري التدبيري‪ ،‬لتعكس حقيقة املشروع املجتمعي للشباب‪،‬‬
‫الذي ال ينفصل البتة عن مطالب كل الفئات العمرية‪ ،‬ومختلف مكونات املجتمع وأطيافه الثقافية والسياسية‪.‬‬
‫هل إلاستراتيجية الوطنية املندمجة أسست لواقع شبابي جديد أم كرست فلسفة التدبير التقليدي للمسألة‬
‫الشبابية ؟ وهل السياق السياس ي الذي برزت فيه كفيل بتحقيق أهدافها وبلوغ رهاناتها ؟ وهل الخمسة عشر‬
‫سنة املبرمجة كافية للملمة جراح وطن الشباب وترميم واقعهم؟ وكيف يمكن ضمان نجاح إلاستراتيجية في ظل‬
‫واقع سياس ي حكومي متغير ومتجدد ؟‬

‫‪1‬الزاوي‪ ،‬عبداحلكيم‪ ،‬الشباب واالندماج االجتماعي‪ :‬حنو حفر مغاير‪ ،‬مواضيع وأحباث سياسية‪ ،‬موقع احلوار املتمدن‪( .‬اطلعت عليه يوم ‪.5100 ،)5101/15/05‬‬
‫‪2‬شكربة إدريس‪ ،‬املغرب في سنة ‪ ،5102‬منشورات املركز املغربي للدراسات وتحليل السياسات‪ ،‬ص‪.099‬‬
‫‪3‬شكري‪ ،‬مصطفى‪" .‬القيم املهدورة يف املنظومة الرتبوية‪ :‬عرض ودراسة حلالة الرتدي األخالقي يف املدرسة املغربية"‪ ،‬من كتاب شكري مصطفى‪ ،‬املغرب يف سنة‪ ،‬ط‪،0‬‬
‫‪ ،Interpress‬منشورات املركز املغريب لتحليل السياسات‪ ،5107 ،‬ص‪.000‬‬
‫‪4‬شكري مصطفى‪ ،‬نفس املرجع‪ ،‬ص‪.0.0‬‬

‫‪66‬‬ ‫مجلة إتجاهات سياسية ‪،‬العدد التاسع‪ ،‬تشرين الثاني‪، 5102‬دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‪ .‬برلني – ألمانيا‪.‬‬
‫أ‪ .‬رشيد أمشنوك‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب ‪ 5101-5102‬نموذجا‬
‫إنها ألاسئلة التي تطرح عند كل حديث عن مآالت التدبير الاستراتيجي املندمج للمسألة الشبابية باملغرب؛ حاملة‬
‫في طياتها رؤى نقدية وجيهة حول الحقيقة السياسية لإلستراتيجية‪ ،‬وأفقها املحدود في ظل غياب نموذج تنموي‬
‫وطني متكامل‪ ،‬ال يعني الشباب فحسب‪ ،‬بل املجتمع بأسره ومختلف مكوناته‪.‬‬
‫فالشباب كما قال بيير بورديو ليس مجرد كلمة‪ ،‬بل هو نتاج تفاعل املجتمع مع التاريخ والثقافة والقيم‬
‫والسياسية‪ ،1‬وبالتالي فكل قراءة إصالحية مجتزأة ألزمة الشباب‪ ،‬ستفرز ال محالة واقعا إصالحيا متشظيا طاملا‬
‫لم تستحضر أبعاد املسألة الشبابية السوسيولوجية والثقافية والقيمية والسياسية‪ ،‬وضعها في سياقها‬
‫الصحيح؛ إذ ال يمكن فصل قضايا الشباب عن العناصر البنائية للتنمية‪ ،‬وفلسفتها الاجتماعية والثقافية‬
‫والبيئة السياسية املناسبة لتحقيقها‪.2‬‬
‫إن املسألة الشبابية في املغرب ال تحتاج إلى نظرية سياسية أو استراتيجية مشروطة بإطار زماني وأهداف مرحلية‬
‫محددة فحسب‪ ،‬بل لنظرية مجتمعية تمتح أسسها ومنطلقاتها من واقع الشباب وأسئلتهم‪ ،‬متحررة من سلطة‬
‫الزمان وهواجس السياسة والتدبير إلاداري املؤسساتي‪ ،‬ومنفتحة على مستقبل مجاالت ذات أولوية كبيرة أهمها؛‬
‫هوية الشباب‪ ،‬مسألة القيم‪ ،‬إدارة التحوالت السوسيولوجية املطردة‪ ،‬النموذج التنموي‪ ،‬مشاركة الشباب‬
‫وتفعيل أدوارهم‪...‬‬
‫من هذا املنطلق يعتبر حجازي أن أزمة الشباب هي أزمة ثقافة ومجتمع‪ ،‬أي أنها مركبة ومتداخلة العناصر‪ ،‬وأكد‬
‫أن جل الدراسات العلمية التي أنجزت حول الشباب‪3‬؛ السيما في البلدان العربية ذات رهانات سياسية‬
‫وإديولوجية‪ ،‬والنادر منها يسائل حقيقة املشكل دون أن تفصح عنه في كليته‪ .‬فهل الدراسات امليدانية التي‬
‫أشرفت عليها وزارة الشبيبة والرياضة قبل صياغة إلاستراتيجية كانت محكومة بروح علمية بحتة‪ ،‬خصوصا وأن‬
‫مجموعة من إلاجابات الجاهزة التي تضمنتها ألاطر البحثية تحيل على وجهة البحث ومساراته وتنبئ ضمنيا‬
‫بنتائجه ؟‬
‫من كل ما سبق ذكره‪ ،‬يمكن أن نستخلص أن أزمة املسألة الشبابية باملغرب ال تنحصر في غياب السياسات‬
‫وانعدام تفعيلها‪ ،‬بل كذلك في طبيعة الرؤية الرسمية املسكونة بهواجس سياسية إديولوجية‪ ،‬تروم استيعاب‬
‫الدينامية الشبابية واحتوائها بما يخدم النسق السياس ي الرسمي‪ ،‬ومعه تخبو جذوة الحراك الاحتجاجي الواعي‬
‫الذي يظهر بين الفينة وألاخرى‪.‬‬
‫خالصات الدراسة‪:‬‬
‫‪ -0‬إن الاهتمام الكبير الذي حض ي به موضوع الشباب في املغرب قبل دستور ‪ 5100‬أو بعده؛ سواء من قبل‬
‫الدولة نفسها ومختلف مكوناتها ومؤسساتها‪ ،‬أو أطياف املجتمع املدني وهيئاته الثقافية والسياسية‬

‫‪.Questions de sociologie, éditions de Minuit, 1992, p143 1 BOURDIEU, Pierre.‬‬


‫‪2‬بوعمامة العربي‪ ،‬مرجع سابق‪ ،‬ص ‪.090‬‬
‫‪3‬حجازي‪ ،‬عزت‪ ،‬الشباب العريب ومشكالته‪ ،‬سلسلة عامل املعرفة‪ ،‬الكويت‪ ،0132 .‬ص‪.507‬‬

‫‪66‬‬ ‫مجلة إتجاهات سياسية ‪،‬العدد التاسع‪ ،‬تشرين الثاني‪، 5102‬دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‪ .‬برلني – ألمانيا‪.‬‬
‫أ‪ .‬رشيد أمشنوك‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب ‪ 5101-5102‬نموذجا‬
‫وألاكاديمية‪ ،‬أنتج خطابا سياسيا آخر في التعامل مع املسألة الشبابية‪ ،‬يؤكد الدور الفاعل للشباب في‬
‫مختلف واجهات السياسات العمومية‪.‬‬
‫إن اهتمام الخطاب السياس ي الرسمي ال يكفي وحده للنهوض بقضايا الشباب‪ ،‬طاملا تؤكد مؤشرات‬ ‫‪-5‬‬
‫رقمية عديدة تنامي نسبة التهميش الذي يتعرض له الشباب‪ ،‬مما يجعل رهان تحقيق الاندماج واملواطنة‬
‫الكاملة مطمحا رسميا معاقا‪ ،‬يوسع الشرخ بين طموحات الشباب ورهانات السياسات العمومية‪ .‬وهذا‬
‫يعني أن فلسفة الاندماج سيرورة تتطلب مقومات سياسية مهمة لنجاحها أهمها؛ دمقرطة املسألة‬
‫الشبابية‪ ،‬وتبني مقاربة تشاركية في تدبيرها‪ ،‬فضال عن الالتزام املجتمعي في تتبع مسارها وتقويم عثراتها‪.‬‬
‫إذا كان التدبير القطاعي هو النمط السائد في تدبير قضايا الشباب منذ حصول املغرب على استقالله‪،‬‬ ‫‪-0‬‬
‫فإن إلاستراتيجية الوطنية ‪ 5101-5102‬شكلت مرحلة جديدة في مقاربة ملفات الشباب ومشكالتهم‬
‫وأسئلتهم امللحة‪ ،‬من خالل التنسيق املؤسساتي بين كل املتدخلين‪ ،‬وبلورة رؤية مندمجة ومتكاملة يعتبر‬
‫الشباب محورها الرئيس وأساسها وغايتها‪.‬‬
‫ال شك أن أزمة الشباب في املغرب ال تنحصر فقط في غياب اندماج اقتصادي واجتماعي مناسب‪ ،‬أو‬ ‫‪-2‬‬
‫انعدام فضاءات ثقافية وشبابية تحتضن قدراتهم وكفاءاتهم وتلبي احتياجاتهم‪ ،‬لكن كذلك في تأزم‬
‫املجتمع بأسره‪ ،‬باعتباره نسقا ثقافيا واجتماعيا يعبر عن منظومة قيمية هشة ينخرها الانحراف‬
‫وألامراض الثقافية املعوملة‪.‬‬
‫رغم أهمية العمل الاستراتيجي املندمج في تدبير امللفات املجتمعية‪ ،‬إال أن تحدياته تكون جسيمة حينما‬ ‫‪-2‬‬
‫تنعدم الشروط السياسية املناسبة لتحقيق رهاناته‪ ،‬فإذا كانت غاية الاستراتيجية الوطنية هي إدارة‬
‫القضايا الشبابية َبنفس استراتيجي مندمج‪ ،‬ووعي وطني متنطع عن كل مقاس سياس ي‪ ،‬فإن فاعاليتها‬
‫وقيمتها العملية قمينة بشكل أساس ي بوجود إرادة مجتمعية حقيقية تقودها إرادة سياسية ديمقراطية‬
‫تكفل للشباب حقهم في التعبير عن وجودهم‪ ،‬وضمان حقوقهم‪ ،‬وصقل إمكانياتهم‪ ،‬وتأكيد هويتهم‪.‬‬
‫إن الانتقال باملسألة الشبابية من التدبير القطاعي الاختزالي املجتزأ إلى التفكير الاستراتيجي املتكامل‬ ‫‪-1‬‬
‫واملندمج‪ ،‬يستدعي باملوازاة معه أو قبله انتقاال ديمقراطيا حقيقيا‪ ،‬يمثل فيه الشباب الفاعل ألاول‬
‫وألاخير‪ ،‬ليس بالنظر لقوته الديمغرافية‪ ،‬ولكن ألنه أمل الوطن ومستقبله‪ ،‬والنبراس الذي ينير له عتمة‬
‫ألازمات‪.‬‬
‫خاتمة‪:‬‬
‫إن الشباب ثروة بشرية وثقافية وفكرية واجتماعية ال ينضب معينها‪ ،‬وال ينفذ خيرها‪ ،‬وإذا كانت مبررات‬
‫الاهتمام بهذا املوضوع بديهية وواضحة‪ ،‬ألنها حقيقة حجاجية في حد ذاتها وألن املجتمع بدون شبابه معرض‬
‫لألفول والزوال‪ .‬فإن التفكير العقالني الجيد في واقع الشباب‪ ،‬والسبل الوجيهة القمينة باندماجهم الاقتصادي‬
‫والاجتماعي والثقافي‪ ،‬فضال عن بذل قصارى الجهود للنهوض بقضاياهم‪ ،‬غدا رهانا مهما وضرورة مجتمعية ال‬
‫محيد عنها في اللحظة الراهنة؛ ال سيما في خضم التحوالت السوسيولوجية التي تشهدها املسألة الشبابية‬

‫‪66‬‬ ‫مجلة إتجاهات سياسية ‪،‬العدد التاسع‪ ،‬تشرين الثاني‪، 5102‬دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‪ .‬برلني – ألمانيا‪.‬‬
‫أ‪ .‬رشيد أمشنوك‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب ‪ 5101-5102‬نموذجا‬
‫باملغرب؛ مما يتطلب ضرورة فتح نقاش مجتمعي يؤسس مليثاق وطني حول "الشباب باملغرب" يشارك فيه جميع‬
‫الفاعلين واملهتمين بالشأن الشبابي‪.‬‬
‫عالوة على ما سبق فإن الخيار الاستراتيجي في تدبير املسألة الشبابية ال يكفي وحده‪ ،‬دون التزام سياس ي ممأسس‪،‬‬
‫وإرادة ديمقراطية فاعلة تنهي زمن الركود والتيه‪.‬‬
‫وأهم التوصيات التي يمكن التأكيد عليها بناء على خالصات هذا املقال ما يلي‪:‬‬
‫‪ ‬إنجاز مشروع مجتمعي وطني يعبر عن قضايا الشباب ويعكس موقعهم في املجتمع‪ .‬وهو ما يتطلب بكل‬
‫تأكيد تضافر جهود الجميع (مكونات املجتمع املدني‪ ،‬قطاعات الدولة‪ ،‬الشباب‪.)...‬‬
‫‪ ‬إشراك الشباب في اتخاذ القرارات املصيرية التي تهم مستقبلهم‪ ،‬والتخلص من الفلسفة التدبيرية‬
‫القطاعية الاختزالية لقضاياهم‪.‬‬
‫‪ ‬توعية الفاعلين السياسيين بضرورة الاهتمام بالشباب في مشاريعهم السياسية وعدم الاكتفاء فقط‬
‫بسياسة التترس لتلبية مآربهم‪.‬‬
‫‪ ‬تفعيل مقتضيات إلاستراتيجية الوطنية‪.‬‬

‫املراجع واملصادر‪:‬‬
‫العربية‪:‬‬
‫‪.1‬الكتب‪:‬‬
‫‪ ‬الكبيس ي‪،‬عامر‪ ،)0888( .‬صنع السياسات العامة‪ ،‬عمان‪ ،‬دار املسيرة‪.‬‬
‫‪ ‬حجازي‪ ،‬عزت‪ ،)0892( .‬الشباب العربي ومشكالته‪ ،‬سلسلة عالم املعرفة‪ ،‬الكويت‪.‬‬
‫‪ ‬العطري‪ ،‬عبد الرحيم‪" ،)5112( .‬سوسيولوجيا الشباب املغربي‪ ،‬جدل إلادماج والتهميش" مقدمة‬
‫الكتاب‪ ،‬الطبعة ألاولى‪ ،‬طوب بريس ‪.‬‬
‫‪ ‬طارق‪ ،‬حسن‪ ،)5102( .‬السياسات العمومية مفاهيم و تطبيقات‪ ،‬منشورات الوسيط في الديمقراطية و‬
‫حقوق الانسان‪.‬‬
‫‪ ‬طارق‪ ،‬حسن‪ ،)5101( .‬تقرير الوسيط للديمقراطية وحقوق إلانسان‪ ،‬الشباب في السياسات العمومية‪.‬‬

‫‪.1‬أبحاث ودراسات علمية‪:‬‬


‫‪ ‬بوخريص‪ ،‬فوزي‪ ( .‬س‪.‬غ‪.‬و)‪ ،‬الاندماج الاجتماعي والديمقراطية‪ :‬نحو مقاربة سوسيولوجية‪ ،‬بحث‬
‫محكم‪ ،‬مؤمنون بالحدود للدراسات وألابحاث‪ ،‬قسم الدين وقضايا املجتمع الراهنة‪.‬‬
‫‪ ‬شكري‪ ،‬مصطفى‪" ،)510.( .‬القيم املهدورة في املنظومة التربوية‪ :‬عرض ودراسة لحالة التردي ألاخالقي في‬
‫املدرسة املغربية"‪ ،‬من كتاب شكري مصطفى‪ ،‬املغرب في سنة‪ ،‬ط‪ ،Interpress ،0‬منشورات املركز‬
‫املغربي لتحليل السياسات )‪.(174-157‬‬

‫‪67‬‬ ‫مجلة إتجاهات سياسية ‪،‬العدد التاسع‪ ،‬تشرين الثاني‪، 5102‬دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‪ .‬برلني – ألمانيا‪.‬‬
‫أ‪ .‬رشيد أمشنوك‬
‫الشباب المغربي بني تحديات االندماج ورهانات السياسات العمومية‬
‫اإلسرتاتيجية الوطنية للشباب ‪ 5101-5102‬نموذجا‬

‫‪ ‬بوعمامة‪ ،‬العربي‪ ،)5102( .‬الشباب املغربي في سلم القيم وألاولويات عند الدولة‪ ،‬دراسة ضمن كتاب‬
‫"املغرب في سنة"‪ ،‬منشورات املركز املغربي لتحليل السياسات‪.‬‬
‫‪ ‬الفهداوي فهمي‪ ،‬خليفة‪ ، )5110( .‬السياسة العامة ‪:‬منظور كلي في البنية والتحليل عمان‪ ،‬دار املسيرة‪.‬‬

‫‪.1‬مقاالت على شبكة الويب‪:‬‬


‫‪ ‬الجرموني‪ ،‬رشيد‪ ،)5100( .‬املسألة الشبابية في مغرب اليوم‪،‬مقال اطلعت عليه بموقع ‪ pjd‬يوم ‪-15-05‬‬
‫‪.5108‬‬
‫‪ ‬طارق‪ ،‬حسن‪( .‬س‪.‬غ‪.‬و)‪ ،‬تأمالت حول قضايا الشباب السياسية والانتقال الديمقراطي‪،‬‬
‫(‪)https://www.aljabriabed.net/n95_01tarik.htm‬‬
‫‪ ‬الزاوي‪ ،‬عبدالحكيم‪ ،)5101( .‬الشباب والاندماج الاجتماعي‪ :‬نحو حفر مغاير‪ ،‬مواضيع وأبحاث‬
‫سياسية‪ ،‬موقع الحوار املتمدن‪( .‬اطلعت عليه يوم ‪.)5108/15/05‬‬

‫‪.1‬نصوص ووثائق قانونية‪:‬‬


‫‪ ‬الزين‪ ،‬عبدالفتاح‪ .‬السياسات الشبابية والبحث العلمي‪ ،‬التقرير التركيبي للمناظرة الوطنية حول‬
‫الشباب‪ ،‬منشورات املعهد الجامعي للبحث العلمي‪.‬‬
‫‪ ‬اللجنة العليا للسكان‪ .‬تقرير‪ ،‬دفاتر التخطيط‪ ،‬ع‪.5112 ،0‬‬
‫‪ ‬املجلس الاقتصادي والاجتماعي‪ ،.‬تقرير حول إدماج الشباب عن طريق الثقافة‪ ،‬الدورة‪.5105 ،00‬‬
‫‪ ‬مجلس النواب املغربي‪ ،‬إلاطار املرجعي لتقييم السياسات العمومية‪ ،‬منشورات مجلس النواب‪ ،‬ع‪ ،0‬ص‬
‫‪.)02-00-05‬‬
‫‪ ‬اململكة املغربية‪ ،)5102( .‬وزارة الشباب والرياضة‪ ،‬الاستراتيجية الوطنية املندمجة للشباب ‪-5102‬‬
‫‪.5101‬‬
‫‪ ‬وزارة الشباب والرياضة‪ ،‬اختصاصاتها‪ ،‬مرسوم ‪.5.15.0.8‬‬
‫‪ ‬اليونسيف‪ ،‬حق اليافعين في املشاركة‪ ،‬سلسلة أوراق عمل‪ ،‬غشت ‪.5110‬‬

‫ألاجنبية‪:‬‬
‫‪ Chazel.F, (l’intégration sociale, in encyclopédie philosophique universelle,vol 2, les notions‬‬
‫‪philosophiques dictionnaire,Paris,éd PU, 1990.‬‬
‫‪ Dominique, Schnapper. Qu’est que l’intégration ?, Paris, éd Gallimard.2007.‬‬
‫‪ BOURDIEU, Pierre. Questions de sociologie, éditions de Minuit, 1992.‬‬

‫‪Touraine, Alain. Qu’est ce que la démocratie ?, P‬‬

‫‪67‬‬ ‫مجلة إتجاهات سياسية ‪،‬العدد التاسع‪ ،‬تشرين الثاني‪، 5102‬دورية علمية دولية محكمة تصدر عن المركز الديمقراطي العربي‪ .‬برلني – ألمانيا‪.‬‬

You might also like