Professional Documents
Culture Documents
AwatefMBanout 31730427 CULT200 SectionD (الاندلس) Spring2020
AwatefMBanout 31730427 CULT200 SectionD (الاندلس) Spring2020
االندلس
االندلس
كانت مساهمات المسلمين في أوروبا العصور الوسطى متعددة ،وأثرت على مجاالت
مختلفة كالفن والعمارة والطب والصيدلة والزراعة والموسيقى واللغة والتكنولوجيا .من
القرن الحادي عشر إلى القرن الثالث عشر ،نهلت أوروبا المعرفة من الحضارة
اإلسالمية ،عن طريق نقل الكالسيكيات وباألخص أعمال الفيلسوف األغريقي أرسطو،
بعد ترجمتها من العربية .كانت نقاط التواصل بين أوروبا والممالك اإلسالمية عديدة .لذا،
فقد انتقلت جوانب من العلوم اإلسالمية إلى أوروبا عن طريق صقلية واألندلس،من خالل
ترجمات جيراردو الكريموني Kبعد أن ضم اإلسبان المسيحيون المدينة عام 1085م،
بعدما ضم المسلمون الجزيرة عام 965م ،ثم استعادها النورمان عام 1091م،
فتولدت ثقافة نورمانية عربية رعاها حكام أمثال روجر الثاني ملك صقلية ،الذي كان لديه
جنود وشعراء وعلماء مسلمين في بالطه .ويعد كتاب نزهة المشتاق في اختراق
اآلفاق الذي كتبه اإلدريسي المراكشي للملك روجر من أعظم مخطوطات جغرافية في
ضا دورها في تبادل المعرفة بين أوروبا وبالد العصر الوسطي .كان للحمالت الصليبية أي ً
الشام ،وباألخص الجمهوريات البحرية التي لعبت دورها في التبادل الثقافي .كما
لعبت أنطاكية دورا في المزج بين الثقافتين العربية والالتينية .خالل القرنين الحادي عشر
والرابع عشر الميالديين ،انتقل الكثير من المسيحيين إلى األراضي اإلسالمية لطلب العلم،
أمثال ليوناردو فيبوناتشي وأديالرد أوف باث وقسطنطين اإلفريقي وغيرهم من الطلبة
األوروبيين الذين انتقلوا إلى مراكز العلم اإلسالمية لدراسة الطب والفلسفة والرياضيات
والعلوم األخرى.
وبعد الفتح اإلسالمي لمدينة األندلس في عهد الخليفة األموي الوليد بن عبد الملك ،كان هناك
توجّها ً في هذه الحقبة إلى مزيد من التوسّعات اإلسالمية ،حيث شهدت الشعوب تبادالً ثقافيا ً وتعاونا ً
بين المسلمين والمسيحيين واليهود الذين دفعوا ضريبة توفير الحماية "الجزية" ،وفي عهد الخالفة
في قرطبة كانت األندلس منارة للتعليم ،وواحدة من المراكز الثقافية واالقتصادية الرائدة في
أوروبا ،وجميع أنحاء حوض البحر األبيض المتوسط والعالم اإلسالمي
ويرجع الفضل في ذلك إلى علماء المسلمين الذين ساهموا في نقل إنجازاتهم وابتكاراتهم
واختراعاتهم إلى أوروبا -على سبيل المثال -شهدت األندلس تق ّدما ً في علم المثلثات والرياضة
على أيدي جابر بن حيان ،وفي الطب والجراحة على أيدي أبي القاسم الزهراوي ،وفي علم
الصيدلة على أيدي ابن زهر ،وغيرها من المجاالت ،حتى أصبحت األندلس مركزاً رئيسيا ً لتعليم
وتنوير أوروبا وجميع أنحاء دول البحر األبيض المتوسط ،باإلضافة إلى أنها كانت ممراً للثقافة
والعلوم بين العالم اإلسالمي والعالم المسيحي .وخالل فترة الحكم اإلسالمي ،كثير من المسيحيين
في إسبانيا استوعبوا الثقافة اإلسالمية وتعلّموا العربية ،لدرجة أن بعض النساء المسيحيات أطلقن
على أطفالهن بعض األسماء اإلسالمية ،فضالً عن ارتدائهن الحجاب.
المجتمع األندلسي وعالقته بالشعوب األوربية تتبع شبه الجزيرة اإليبيرية جغرافيًا لقارة
أوروبا ،وهو ما كان سببًا كافيا لتأثر الحضارة اإلسالمية في األندلس بكثير من المكونات األوربيّة
مع حفاظها على اإلرث األكبر الذي نقلته من بالد المسلمين ،وال سيما بالد المغرب وشمال إفريقيا،
وكل هذا جعل لألندلس انتما ًء مزدوجًا خلق مجتمعًا متمي ًزا ومركبًا في عالقاته ال ّداخلية
والخارجية ،وقد تك ّون المجتمع األندلسي من خليط كبير انصهر وتمازج وتعايش لسنين طويلة،
فالمك ّون العربي تش ّكل من قبائل عديدة توافدت إلى األندلس أيام الفتح وفي العصور الالحقة،
يضاف إليه المك ّون المغربي اإلفريقي المتمثل بقبائل البربر التي شاركت بالفتوح ،ثم ازدادت في
عصر المرابطين والموحدين ،وقد تمازج المسلمون عمو ًما مع المك ّون األوروبي تمازجًا كبيرًا
وفيهم اإلسبان والقوط والرومان والفاندال والجرمان ،وجماعات من اليهود ومن غير اليهود
استفادوا جميعهم من الفتح اإلسالمي الذي أعاد لهم حقوقهم التي نهبها حكام الدولة القوطية .كانت
الحضارة اإلسالمية في األندلس سببًا في دخول أعدا ٍد كبير ٍة من السّكان األصليين في اإلسالم ،فيما
بقي القسم اآلخر على النصرانية واليهوديّة تحت حماية اإلمارة اإلسالمية ،ونتج عن تزاوج العرب
باإلسبانيات عنصر جديد يدعى بالمولدين ،وقد ش ّكل مع الوقت القسم األكبر من السكان ،وقد حدث
شرخ في هذا النسيج في عهد ملوك الطوائف والعهود الالحقة حتى السقوط ،مع وجود عناصر
جديدة أخرى هم المدجنون والمستعجمون ،وهم المسلمون الذين بقوا في المدن التي حازها
اإلسبان ،فاصطبغت ثقافتهم بسمات المجتمع اإلسباني ،ومنهم من حفاظ على دينه ،ومنهم من
اعتنق المسيحية ،وكانت حصيلة هذا االندماج احتكا ًكا كبيرًا ومتمي ًزا بين العقيدتين وبين الثقافتين
والحضارتين على نح ٍو فري ٍد ليس له مثيل ،ولم تنقطع العالقات االقتصادية والسياسية واالجتماعية
بين األندلس والشعوب األوربية رغم الحروب البرية والبحرية الطويلة ،وعندما بدأت الصحوة
العلمية لدى بعض الفئات األوربية لم يجدوا غير بالد المسلمين يقصدونها لينهلوامن معين علومها
وثقافتها.
أثر الحضارة اإلسالمية األندلسية تركت الحضارة اإلسالمية في األندلس أثارًا كبيرةً في مجموع
الحياة الثقافية والعلمية األوربية مع أثرها األكبر على المستوى العقائدي اإلسالمي ،فضاًل عن
األمور اإلدارية والسياسية والعسكرية والحضارية والفنية ،وهنا ال بد من ذكر الحركة النشطة
للترجمة من العربية التي كانت لغة العلم والحضارة والثقافة في القرون الوسطى المظلمة أوربيًا،
حيث برزت في ظل الحضارة اإلسالمية في األندلس مراكز كبرى في حركة الترجمة كطليطلة
وأشبيلية ،وتأثرت اللغة الالتينية بمفرادات ال تحصى من اللغة العربية مع تعلّم عدد الكبير من
الطالب األوربيين ألصول اللغة العربية ،كما دخلت العلوم من خالل هؤالء الطالب إلى إيطاليا
وصقلية وعموم أوربا عبر فرنسا التي كانت معبر الثقافة العربية واإلسالمية إلى الشعوب
األوربية ،وهي التي تأثرت بشكل الكبير في فن العمارة اإلسالمية ،ويتضح ذلك جليًا في طريقة
بناء كثير من كنائس المدن الفرنسية.أ ّما على المستوى اإلسالمي فقد كانت األندلس سببًا من أسباب
تعرف العرب والمسلمين على العقلية األوربية المختلفة عن الطبيعة الرومانية ،حيث عرف العرب
في األندلس شعوب الفاندال والنورمان والجرمان والفايكنغ ،وكان من أثر األندلس على العالم
اإلسالمي أن خلفت إرثًا أدبيًا وفنيًا وعلميًا عظي ًما ،وبقيت بعد سقوطها جرحًا وحزنًا مؤل ًما يردد
المسلمين قصصه على م ّر التاريخ بأشعارهم وكتاباتهم حين يزورون مدنها وقصورها التي تعيد
لهم ذكرى ذلك الفردوس المفقود.
تعتبر األندلس من أهم الجسور التي ساعدت على انتقال الحضارة العربية اإلسالمية إلى
أوروبا بحكم المدة الطويلة التي حكم فيها العرب والمسلمون هده البالد والتي تجاوزت ثمانية
قرون .وتعد مدن طليطلة ,قرطبة ,قشتالة وغرناطة من أهم المراكز األندلسية التي كانت متشبعة
بمظاهر الحضارة العربية اإلسالمية ,حيث كان العديد من الطالب يفدون إليها لالطالع على
الكتب العربية خاصة المترجمة إلى الالتينية والمنقولة عن اليونان والفرس .حيث اشتهرت في هدا
المجال مدرستا برشلونة و طليطلة التي تم اتخاذها كنافدة تطل مباشرة على الحضارة العربية
اإلسالمية .
من جهة أخرى لعب التجار والمهاجرون الدين يتنقلون بين بالد األندلس ومختلف بقاع البالد
العربية اإلسالمية دورا مهما في انتقال الحضارة العربية اإلسالمية إلى باقي أنحاء أوروبا
المسيحية .هدا دون أن ننسى الدور الذي كان يلعبه السفراء والمد جنين والموريسكيين Kواليهود في
هدا المجال ووقوع بعض المدن اإلسالمية تحت الحكم المسيحي تارة وعودتها للحكم اإلسالمي
تارة أخرى أو العكس .